(كلام عابر)
الشيخ عوض عمر الإمام
شاهدت برنامجا في القناة الفضائية السودانية يوم الجمعة الماضي عن مولانا الشيخ عوض عمر الإمام طيب الله ثراه تحدث فيه بعض أفراد أسرته ومعارفه وسلطوا الضوء على جوانب من سيرته وحياته . والشيخ عوض عمر كما هو معروف وقد لا يكون معروفا للأجيال الجديدة كان إمام المسج الكبير في أم درمان وأول من قرأ القرآن الكريم في الإذاعة السودانية عام 1942م وكان أحد أهم معالم مدينة أم درمان ، كان يتلو القرآن الكريم بطريقة مميزة غير مسبوقة تثير في النفس الشجن وتستدر دموع أشد القلوب قسوة حتى يجيء ختام التلاوة الختام بتلك الخاتمة التي استقرت في وجدان الناس والأجيال "آمنت بالله صدق الله العظيم" ..كان في مجمله رجلا من أهل الله انفلت كالسهم من عصور الصحابة والتابعين ليستقر في قلب الحاضر يسبغ عليه من طهر وسمو تلك الأزمنة القديمة.
ورغم الجهد الطيب المبذول من كل المشاركين في ذلك البرنامج حسب إطاره العام المحدد له، إلا أن البرنامج أخفق أو ما كان في وسعه أصلا التطرق لأهم مميزات وصفات الشيخ عوض عمر وهي التسامح والمحبة، فقد كان يمثل روح الاسلام الحقيقية في تعامله مع الناس بدءا من داخل الأسرة الصغير وانتهاء بالمجتمع العريض جاعلا من نفسه قدوة للجميع ونموذجا لسماحة الدين والدعوة له بلا إكراه ولا تنفير ولا إقصاء، ومجتمعنا اليوم في حاجة لنموذج مولانا الشيخ عوض عمر يبعث من جديد بدل ما نشاهده من تنفير يمارس على جميع المستويات في كل يوم وفي كل منبر.
قبل نحو أربعة عقود من الزمان كنت شاهدا على واقعة من وقائع سماحته التي كانت سمة كل يومه حينما جاءه شاب زائرا لداره وانتظر ذلك الشاب فترة طويلة من الوقت حتى أتيحت له الفرصة أن يتحدث إلى الشيخ في شيء من الخصوصية ومثل هذه الخصوصية مع الشيخ لا تتوفر بالكامل لمن ينشدها لأن الدار لا تخلو على الإطلاق من الزائرين والمحبين المحيطين بشيخهم. كان الشاب هاويا لفن الغناء ويطمع في أن يقدم له الشيخ عوض عمر المساعدة ويتوسط له لدى لجنة الأصوات الجديدة في الإذاعة السودانية حتى تجيز اللجنة صوته مطربا. سأل الشيخ ونفس الابتسامة الوضيئة تغطي وجهه عن نشاطه الغنائي وإن كان يغني الغناء الحديث أم غناء الحقيبة حتى طاب خاطر الشاب واطمأنت نفسه ثم قال له قولا حسنا ووعده خيرا. لو كان من متنطعي هذا الزمان الأغبر لزجر الشاب ورده ردا غير كريم ثم لأفتى بكفره مرة واحدة. ولهذا كانت دار شيخنا قبلة الشباب والشيوخ على حد سواء وملاذ الحائرين يجدون فيها السماحة والسلوى التوجيه بالكلمة الحسنة. أين نحن في هذا الزمان الأغبر وحمى الطالبانية والتفيقه ونيران الكراهية من هذا الداعية الصالح؟
رحم الله الرجل الصالح مولانا الشيخ عوض عمر الإمام.
(عبدالله علقم)
[email protected]
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات ,الاخبار و البيانات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام
أعلى الصفحة