رياح التغيير تهب من ميدان التحرير!
فجأة أصبح ميدان التحرير المصري، الكائن في قلب القاهرة ، أشهر ميدان على وجه الكرة الأرضية في هذه الأيام ، فقد صار أشهر من ميدان الطرف الأغر اللندني ، وميدان الكونكورد الفرنسي وميدان تيان آن مين الصيني بعد أن احتلت صور الميدان المصري كل شاشات التلفزة العالمية الناطقة بكل اللغات ، ومن المؤكد أن سبب هذه الشهرة العالمية المفاجئة التي حظي بها ميدان التحرير هي أن الميدان يشهد في الوقت الراهن معركة كسر الارادات بين نظام يتشبث بالسلطة حتى الرمق الأخير وشعب متظاهر يرغب بشدة في التغيير ، فرأس النظام يرفض الدعوات الشعبية والمناشدات الدولية التي تطالبه بالتنحي بحجة أن تنحيه سيتسبب في خلق فوضى في مصر وكأن حواء المصرية لم تنجب غيره، وأغلبية الشعب قد اجبرت الشرطة على الاختفاء وراحت تحفظ أمنها بنفسها وقررت الاعتصام بميدان التحرير إلى حين حدوث التغيير!
ولعل أشهر الصور التلفزيونية الواردة من ميدان التحرير ، والتي ستبقى في ذاكرة شعوب العالم إلى الأبد ، هي تلك الصورة السيريالية الممعنة في الشذوذ والغرابة والمتمثلة في قيام بعض أعوان النظام المصري المسلحين بالأسلحة البيضاء وبقنابل المولوتوف بالهجوم على المتظاهرين العزل في ميدان التحرير وهم على ظهور الخيول الجامحة والجمال الهائجة بقصد ترويع المتظاهرين وإجبارهم على الفرار من الميدان، وتلك الصورة المروعة التي التقطتها قناة الجزيرة القطرية لتلك العربة العسكرية التي اندفعت إلى قلب ميدان التحرير بسرعة هائلة ساحقةً أفراداً من المتظاهرين تحت عجلاتها دون رحمة ومع سبق الإصرار والترصد ، بينما اكتفى معظم جنود الجيش المصري القابعين على ظهور الدبابات بالفرجة على الاشتباكات العنيفة التي وقعت بين أنصار التغيير وأصحاب الحصان والبعير والتي نتج عنها استشهاد بعض المتظاهرين وإصابة عدد كبير منهم بجراح!
من المؤكد أن رياح التغيير السياسي في مصر تهب بقوة من ميدان التحرير وأن قيام البلطجية بضرب المشاركين في المظاهرات السلمية وضرب الصحفيين الأجانب بغرض منعهم من تصوير الأحداث في ميدان التحرير ونقلها للعالم الخارجي لم يوقف عصف تلك الرياح بل زادها عصفاً بدليل ازدياد عدد المتظاهرين في ميدان التحرير وارتفاع سقف مطالبهم السياسية فأسلوب قمع المظاهرات السلمية يثبت إفلاس بنك القمع الحكومي ويؤدي إلى نتائج عكسية ، ولعل الجميع قد لاحظوا أن بعض الفضائيات العربية الرازحة تحت سيطرة بعض الأنظمة العربية الاستبدادية تتجاهل عن عمد ما يجري من صراع سياسي هائل في ميدان التحرير خوفاً من انتقال عدوى المطالبات الشعبية إلى بلادها ولا يملك المرء إلا أن يردد على مسامع هؤلاء المثل السوداني الذي مفاده إذا حُلقت رأس أخيك ، فبل رأسك واستعد للحلاقة!
فيصل علي سليمان الدابي/المحامي/الدوحة/قطر
[email protected]
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات ,الاخبار و البيانات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام
أعلى الصفحة