الحـل الأمثـل لمشكلـة العطالـة
حسب تعريف منظمة العمل الدولية فإن العطالة هي حالة الفرد القادر على العمل ، الراغب في العمل والباحث عن فرصة عمل دون أن يجدها وليس له أي مورد للتعيش، ويجب دائماً عدم الخلط بين العطالة والبطالة ، فالعاطل هو القادر على العمل والباحث عنه دون أن يجده بينما المتبطل هو القادر على العمل لكنه لا يرغب في ممارسة أي عمل، وغني عن القول إن هناك عدة أسباب متداخلة تؤدي إلى نشوء ظاهرة العطالة منها على سبيل المثال لا الحصر انعدام أو ضعف التخطيط الاقتصادي وعدم ربط المناهج الدراسية باحتياجات سوق العمل وتقديم بعض الأولويات الأخرى على حساب أولويات العمل ووجود مفاهيم اجتماعية خاطئة تعلي من شأن العمل المكتبي وتحتقر العمل اليدوي، وحسب التقارير الصادرة من منظمة العمل الدولية في عام 2010 ، فإن عدد العاطلين عن العمل في العالم يقدر بمائة وستة وثمانين مليون عاطل وأن عدد العاطلين عن العمل في العالم العربي يقدر بخمسة وعشرين مليون عاطل عن العمل!
من المؤكد أن مشكلة العطالة هي من أخطر المشاكل الاجتماعية في العالم العربي ، وأن أكبر تحدي يواجه الاقتصادات العربية في الوقت الراهن هو ايجاد حلول جذرية لمشكلة العطالة وخلق فرص عمل جديدة على المديين القريب والبعيد، فالتقارير الصحية تؤكد أن العطالة تخلق مشاكل نفسية خطيرة للعاطلين عن العمل مثل الشعور بالنقص وعدم تقدير الذات والاحساس بالظلم الاجتماعي والعداء للمجتمع، والتقارير الاقتصادية تثبت أن العطالة تخلق مشاكل تنموية كبيرة كالهدر الوظيفي وضعف الانتاج القومي ، والتقارير الاجتماعية تؤكد أن العطالة هي السبب الرئيسي في تفشي ظاهرة العنوسة وتأخر سن الزواج وانتشار العلاقات غير الشرعية كما أنها مسؤولة بشكل مباشرعن ظاهرة هجرة العقول والسواعد العربية إلى خارج الوطن العربي ، أما التقارير الجنائية فتثبت أن العطالة تتسبب في ارتكاب الكثير من جرائم المخدرات والسرقة والعنف والاغتصاب ولعل تصاعد ظاهرة قيام عدد من الشبان العرب مؤخراً بحرق أنفسهم في عدد من البلدان العربية احتجاجاً على العطالة يُثبت بما لا يدع مجالاً للشك أن العطالة قد أصبحت تشكل خطراً جسيماً يهدد استقرار وأمن الحكومات والشعوب على السواء!
من المؤكد أن الحل الأمثل لمشكلة العطالة يكمن في تبني عدة معالجات منها على سبيل المثال لا الحصر (1) تخصيص النسبة الأكبر من الميزانية العامة لخلق وظائف جديدة في القطاعين العام والخاص فالتركيز على خلق وظائف جديدة هو الضمانة الكبرى لتحقيق الاستقرار السياسي والاجتماعي (2) تشجيع الصناعات المتوسطة والصغيرة عبر مختلف أشكال الدعم بغرض تشغيل أكبر قدر من الباحثين عن العمل(3) تغيير مفاهيم إدارات الموارد البشرية في الوطن العربي التي تتشبث دائماً بشرط الخبرة قبل التعيين ، فالخبرة تكتسب من خلال العمل وليس قبل الحصول على العمل، لذلك يجب تعيين الخريجين الجدد أولاً ثم اكسابهم الخبرات من خلال العمل فليس من المعقول تجميد الطاقات الانتاجية بسبب هكذا تخلف إداري (4) تشجيع الشباب من الجنسين على تنفيذ المشاريع الفردية عبر الدعم الحكومي للمشاريع الفردية الصغيرة (5) تقديم إعانات للعاطلين عن العمل على غرار ما يحدث في بعض الدول الغربية (6) تكثيف التوعية الإعلامية للقضاء على مفهوم الوظيفة الكتابية المحترمة والعمل اليدوي غير المحترم لأن كل الأعمال محترمة طالما كانت نافعة للبشر فيجب تشجيع العمل اليدوي أياً كان نوعه وعلى الشباب عدم الترفع عن العمل اليدوي وممارسة أي عمل متاح بدلاً من انتظار وظيفة مكتبية قد تأتي أو لا تأتي على الإطلاق!
فيصل علي سليمان الدابي/المحامي
[email protected]
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات ,الاخبار و البيانات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام
أعلى الصفحة