هل يُمكن حبس مارد ثورة المعلومات في قمقم؟!
يلاحظ المهتمون بعالم الانترنت وثورة المعلومات والاتصالات أن الانترنت والهاتف الجوال قد صارا يشكلان قوة أعلامية شعبية لا يستهان بها على الإطلاق في مواجهة الاحتكار الاعلامي الحكومي الذي تمارسه بعد الحكومات المعادية للحريات العامة والتي يطلق عليها البعض "أعداء الانترنت" والتي لا تريد أن يرى العالم الخارجي مشاهد احتجاجات شعوبها ضد الفقر والقمع وخنق الحريات وكأن لسان حالها الفرعوني يقول للعالم الخارجي : لا أريكم إلا ما أرى!
ورغم أن بعض وجهات النظر التقليدية تسخر من الامكانات الثورية الهائلة الكامنة في الانترنت والهاتف الجوال ، وتطلق على ثوار الانترنت مسميات من قبيل "مناضلو الكيبورد" فإن ما قامت به حكومات تونس ومصر أثناء الانتفاضتين التونسية والمصرية من قطع لخدمة الانترنت وخدمة الهاتف الجوال بعد أن اتضح لها نفوذ ثوار المدونات ومناضلي الفيس بوك يثبت بصورة حاسمة أن عهد السيطرة الاعلامية الرسمية المحكمة قد ولى إلى الأبد وأن مارد ثورة المعلومات لا يُمكن حبسه في أي قمقم رسمي أياً كان نوعه!
ويبدو أن الذين لا يفهمون إلا بعد فوات الأوان ما زالوا يتشبثون بوجهات النظر القديمة بدليل قيام أعوان الحكومات التي انتفضت شعوبها في وجهها بضرب بعض المراسلين الصحفيين ومصادرة كاميراتهم أو منع بعضهم من دخول البلاد أو التشويش على الارسال التلفزيوني على غرار ما حدث لقناة الجزيرة القطرية حينما حاولت تغطية أحداث الانتفاضتين الشعبيتين في تونس ومصر وكأن هؤلاء قد ضمنوا أن العالم الخارجي لن يرى شيئاً من داخل البلاد بعد قيامهم بقطع خدمتي الانترنت والهاتف الجوال!
إن السؤال الذي يطرح نفسه هو هل ينجح إجراء قطع خدمة الانترنت وخدمة الهاتف الجوال في إخفاء حقائق وصور الأحداث عن العالم الخارجي ابان الانتفاضات الشعبية الكبرى؟! من المؤكد أن الاجابة على هذا السؤال هي بالنفي بدليل أن القنوات الفضائية المحظورة من قبل بعض الحكومات المعادية لحرية الاعلام تواصل كشف الحقائق وتنقل صور الأحداث الساخنة على مدار اللحظة ، فكما يعلم خبراء الانترنت، هناك ألف وسيلة ووسيلة الكترونية للتحايل على قطع خدمتي الانترنت والهاتف الجوال ، وهناك الكثير من البدائل التقنية القادرة على نقل الصور والأصوات في لحظة وقوع الاحداث ، فمتى يفهم أعوان الحكومات الاستبدادية أن ثورة المعلومات قد أصبحت حليفاً قوياً للثورات العادلة التي تقودها الشعوب المضطهدة وأن الاستهانة بهذه الثورة الالكترونية الخفية قد يشكل خطراً داهماً على صورة الحكومة في نظر شعبها وفي نظر العالم الخارجي؟! فهلا سارعت الحكومات المغضوب عليها إلى تحسين صورتها في عيون الجميع عبر تحقيق العدالة الاجتماعية والسياسية بدلاً من محاولات إخفاء الحقائق والوقائع بوسائل تقليدية أكل عليها الدهر وشرب؟!
فيصل على سليمان الدابي/المحامي
[email protected]
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات ,الاخبار و البيانات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام
أعلى الصفحة