لقاء أمينة المرأة بحركة التحرير والعدالة
الأستاذة: عازة الرشيد آدم
حاورها/النعيم موسى – الدوحة قطر
ساهمت المرأة السودانية على مر العصور بأدوار عظيمة في شتى مناحي الحياة وما زالت. المرأة الدارفورية لها بالطبع نصيبها المقدر من العطاء, فهي عماد الأسرة في مجتمعات الريف تتفانى للقيام بدورها التقليدي وأيضا اقتحمت كل المجلات العصرية فالمرأة في دارفور اليوم معلمة,طبيبة, مهندسة بالإضافة إلى تواجدها في كافة قطاعات الخدمة المدنية في مختلف الوظائف.
الثورة المسلحة في دارفور استنفرت كافة الفئات الاجتماعية بما فيها المرأة. لقاءنا اليوم بالسيدة الشابة عازة الرشيد آدم, إحدى الثائرات اللائي ولجن باب الثورة مقاتلات في الميدان بدارفور. مسقط رأس عازة الرشيد هو مدينة زالنجي بغرب دارفور. حائزت على بكلاريوس العلوم السياسية من جامعة النيلين وهي اليوم إحدى القيادات الفذة لحركة التحرير والعدالة كأمينة لأمانة المرأة والطفل وعضو وفد الحركة المفاوض بالعاصمة القطرية الدوحة. التقيناها اليوم في العاصمة القطرية الدوحة لتسجل لنا انطباعاتها عن تداعيات انفصال الجنوب المرتقب وقضايا أخرى.
فإلى مضابط الحوار:
- ما هي نظرتك أستاذة عازة للواقع الذي يمر به السودان اليوم في ظل استفتاء الجنوب؟
الاستفتاء سيفضي حتما إلى الانفصال وذلك يعني أن الساسة الذين أداروا الوطن منذ الاستغلال فشلوا ليس فقط في إدارة التنوع الثقافي والاثني بل في إدارة الموارد أيضا. تلك الموارد كان يمكن أن تضع السودان في مصاف الدول الغنية, لكن ما العبرة؟
المشكلة الكبرى إن ذهاب الجنوب سيفتح الباب على مصراعيه لحلول مماثلة في الهامش وخصوصا دارفور. الانفصال سيفرز حتما واقع سياسي معقد, إذ كيف سيسكت الشعب على هذا الأمر الجلل. عمليا بدأت أشكال للتحالفات السياسية بمختلف المسميات كلها تهدف لإسقاط هذا النظام , ستكون هنالك تداعيات اقتصادية أيضا بذهاب البترول بالإضافة إلى الموارد الطبيعية التي يذخر بها الجنوب. اجتماعيا تعايشنا مع أشقاءنا الجنوبيين ونشأت أواصر وعلاقات اجتماعية كلها ستذهب, انه أمر يفطر الوجدان.
- ما هي تداعيات انفصال الجنوب على دارفور؟
في عام 1947 طالب الجنوبيون بالفدرالية وهاهم يذهبون لتعنت الحكومات المتعاقبة ورفضها منحهم ذلك الحق. في دارفور أيضا يتعقد الأمر, المطالب كانت بسيطة في المحطة الأولى ابشي وبعدها تزداد تعقيدا في كل مرحلة : انجمينا, اديس أبابا, ابوجا وأخيرا الدوحة. الانفصال درس لمن يعتبر ونتمنى أن تكون له إسهاماته الايجابية و تعترف الحكومة باستحقاقات أهل دارفور. السيناريو الآخر والذي لا نستبعده, ونحن ندري عقلية النظام جيدا, هو أن تدفع الحكومة بآليتها العسكرية التي أدارتها في الجنوب لأكثر من عشرون عام نحو دارفور, إذ أن إستراتيجية الحكومة للسلام من الداخل تقوم أساسا على الحل الأمني بافتراض أن الحركات المسلحة مجرد عصابات للنهب وليس لديهم قضية. القوات المرابطة في الجنوب ستكون بلا مهام وسيتم حشدها لقمع الثورة في دارفور.
- هل سيكون هنالك أثر للانفصال على العملية التفاوضية الجارية الآن بالدوحة؟
بالطبع! الانفصال يستدعي تغيير الدستور لأن هنالك بنود كثيرة مرتبطة باتفاقية بنيفاشا. معيار السكان الذي أرسته التحرير والعدالة لاقتسام السلطة والثروة سيتغير لان نسبة سكان دارفور لكافة سكان السودان ستتغير وستتغير وفقا لذلك سقوف المطالب بشكل طردي في كافة مستويات الحكم وفي اقتسام الثروة.منصب النائب الأول لرئيس الجمهورية سيكون شاغرا وهو نصب أعيينا.
- البعض يرى أن الأسرة الدولية ستدفع أكثر بقضية دارفور خصوصا أمريكا التي يتوقع البعض أنها ستمارس ضغط أكبر على حكومة السودان فما رأيكم في ذلك؟
إسهامات الأسرة الدولية كثيرة ومقدرة سواء في الشكل الإنساني بتوفير الإغاثة, أو القوات الإفريقية ومن بعدها الأممية التي ساهمت في التقليل من الانتهاكات ضد إنسان دارفور. أيضا قدمت الدعم القانوني الذي تمخض عنه توجيه تهم الإبادة الجماعية وجرائم الحرب لرأس النظام وكبار معاونيه, لكن رهاننا الأول ينبغي أن يكون على ذاتنا وعلى أهل دارفور لأن الدول أيضا لها مصالحها ونحن ندري نظامنا جيدا, قد يتنازل بلا حدود من أجل تلبية مصلحة ما لدولة ما ولكنه لا يتنازل عن الحقوق المشروعة لأهل دارفور. التحرير والعدالة واعية بذلك الواقع لذلك استنفرت كل أهل دارفور للعملية التفاوضية الجارية الآن. إن ما ننادي به سيكون مطلب لكل نازح ولاجئ, سيكون مطلب المجتمع المدني الدارفوري والساسة من أبناء دارفور ذلك هو رهاننا.
- حسم البشير الأمر بعد انفصال الجنوب بتطبيق الشريعة وفرض شكل ثقافي محدد في الشمال في خطابه بمدينة القضارف مشيرا الى حادثة جلد الفتاة السودانية, ما رأيك في ذلك؟
ورد في الدستور الانتقالي الذي أتت به نيفاشا إن التنوع الثقافي والاجتماعي لشعب السودان هو أساس للتماسك القومي وينبغي تعزيزه وتنميته وإدارته كي يعكس وحدة الوطن وتنوع شعب السودان. ما قاله البشير تنكر لوثيقة الحريات والدستور. سيذهب هذا النص وتذهب معه الانفراجة السياسية النسبية وكذلك هامش الحريات التي جلبتها اتفاقية السلام الشامل, لكن التجربة أبانت أن القبضة الحديدية لا تفلح مع التنوع. انظر كيف تناثرت أشلاء قوميات الاتحاد السوفياتي في يوغسلافيا, صربيا كرواتيا البوسنة كسوفوا بل في روسيا نفسها. على النقيض أبقت الديمقراطية والشفافية واحترام حقوق الإنسان الأمم متماسكة في أوروبا الغربية.
- لكن تم جلد الفتيات في جوبا أيضا !
العقوبات ذات الطابع البدني مهينة لآدمية الإنسان لكنها متفشية في كل دول العالم الثالث وخصوصا إفريقيا حيث أن القانون هو مزاج الحاكم أو حتى مزاج رجل الشرطة العادي. الجنوب ليس استثناء وقد يكون الأمر مرده للعدوى الثقافية التي انتقلت لإخوتي رجال الشرطة في الجنوب من نظرائهم في الشمال.
- المرأة في دارفور مرت بظروف قاسية من جراء الحرب, ما هو برنامجكم للنهوض بالمرأة في المرحلة المقبلة بعد انجاز السلام؟ وما هي رسالتك الأخيرة للمرأة في دارفور خصوصا والسودان عموما عبر هذا الحوار؟
على مستوى دارفور شاركت المرأة في كافة أشكال العمل الثوري بما فيها المسلح ونشارك الآن في مفاوضات الدوحة بتمثيل مقدر في الوفد التفاوضي. بالإضافة إلى بنود الاتفاق العامة جاهدنا أن تكون هنالك نصوص خاصة بالمرأة وقد نجحنا في ذلك. الاتفاق بشكله هذا إن قدر له أن يتم سيسهم بشكل كبير في رفع الظلم عن المرأة ويخفف من ألامها.
سوف لن نفصل نضالنا بالطبع عن الكفاح المستمر للمرأة السودانية وسنكون إضافة حقيقيه له. لقد حققت المرأة السودانية الكثير من الحقوق وكانت سباقة في كافة الأصعدة, وهنالك رائدات كثر نكن لهن كل الاحترام ونستلهم منهن التجارب ونستمد العزم والقوة. نحن نعي بأن الكثير لم يتحقق بعد للمرأة حتى في الدول المتقدمة ناهيك عن السودان أو دارفور, إذن فالدرب طويل وشاق ويستدعي النضال المضني والعمل الدءوب, ليل نهار, كي نرى المرأة السودانية ندا لنظيراتها في بقاع العالم المتقدم , تلك هي رسالتي لأخواتي في دارفور والسودان.
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات ,الاخبار و البيانات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام
أعلى الصفحة