في اليوم الأول للتصويت
إقبال ضعيف علي الإستفتاء بالخرطوم ومخاوف من إضطهاد المسلمين في الدولة الجديدة.
الخرطوم " أفريقيا اليوم " صباح موسى [email protected]
شهدت أعمال اليوم الأول للتصويت في استفتاء تقرير مصير الجنوب السوداني إقبالا ضعيفا من الناخبين علي مراكز التصويت بالعاصمة السودانية الخرطوم ، حتي بدا أن أعداد الإعلاميين الذين يتولون تغطية عملية الاقتراع أكبر من أعداد المشاركين في التصويت ، فيما سادت حالة من الهدوء في شوارع الخرطوم .
حالة الهدوء في شوارع الخرطوم ، وكما ألقت بظلالها علي مراكز الإقتراع ، فقد ألقت أيضا بظلالها علي النخبة السياسية ، وبدا أن الخرطوم تتعامل مع الأمر وكأنه واقع معلن، حيث بات الإنفصال مؤكدا على الأرض من دون الحاجة إلي انتظار اعلان نتائج التصويت ، أو حتي من دون الحاجة إلي إجراء التصويت ذاته ، فالحركة الشعبية أعلنته وشجعت له قبل الإستفتاء، والمجتمع الدولي ساعد على ذلك، وفي اليوم الأول للتصويت حرص كل من " جون كيري" رئيس لجنة العلاقات الخارجية بالكونجرس الأمريكي، والممثل العالمي الشهير " جورج كلوني" على التواجد في الجنوب أيام الإستفتاء، لمؤازرة الجنوبيين في خطهم الذين يسعون إليه وهو الإنفصال.
وفي الشارع السياسي بعاصمة الجنوب جوبا رفع المسئولون هناك راية الإنفصال بعلانية، وتوالت التصريحات التي تحث الناس على الإنفصال.
وفي جولة ميدانية لـ " أفريقيا اليوم" www.africaalyom.com
داخل مراكز الإقتراع بالخرطوم, كان من اللافت إنتشار الشرطة السودانية في كل المراكز، وفي مركز الساحة الشعبية بوسط الخرطوم، تبين لنا أن العدد الكلي للمسجليين بالمركز 400 شخص، وقد أدلى 15 شخصا فقط منهم حتى منتصف يوم أمس من بينهم " د. لام أكول" رئيس الحركة الشعبية للتغيير الديمقراطي المنشق عن الحركة الشعبية، و" د. لوكا بيونق" وزير الرئاسة بحكومة الجنوب، وقال " أكول" لـ " أفريقيا اليوم" إن الإستفتاء يجب أن يكون عادلا ونزيها، مؤكدا أن الجنوبيين لم يجدوا مايبصرهم بمآلات الإنفصال، معبرا عن أسفه الشديد لموت مايسمى ب( مشروع السودان الجديد)، مضيفا أن الإنفصال الآن هو ضربة قاضية لهذا المشروع الذي لم ير النور، وذهب أكول إلى التأكيد علي أن الضمان الوحيد لإستقرار الجنوب هو أن تكون الحكومة في المرحلة المقبلة إنتقالية قومية ذات قاعدة عريضة، تشمل كل ألوان الطيف السياسي والعسكري بالجنوب.
وفي مركز دار السلام المغاربة بحي الحج يوسف بالخرطوم زار رئيس مفوضية الإستفتاء " محمد إبراهيم خليل" المركز، ووقف على التصويت به، وقال " خليل" إن يوم أمس هو بداية النهاية لمرحلة، وأن عملية التصويت سوف تستمر أسبوعا ، وربما تقرر المفوضية مدها إذا إحتاج الأمر لذلك، مؤكدا أن الأمور مرت بسلاسة في الشمال، وأن تقارير الجنوب تؤكد ذلك أيضا فيما عدا حالة واحدة بعيدة عن الإستفتاء بين متمرديين جنوبيين والجيش الشعبي في ولاية جنوب كردفان، وهي عملية ليس لها علاقة بالتصويت, موضحا أن أعداد الجنوبيين الذي أقبلوا على التصويت بالجنوب فاقوا طاقة المواظفيين بالمراكز، معتبرا أن هذا الإقبال هو إشارة إيجابية، وأبان " خليل" أن الذي سجل إسمه في الخرطوم لابد وأن يصوت في الخرطوم، أو في المنطقة التي سجل فيها، ويستثنى من ذلك الأماكن التي بها صعوبات بالجنوب.
وكان عدد الجنوبيين الذين سجلوا أسمائهم بالشمال قد بلغ 115 ألف نسمة، ويشير مراقبون إلي أن أكثر من نصف هذا العدد قد عاد إلى الجنوب وفق برنامج العودة الطوعية التي تبنته جوبا، كما أن المتبقين بالخرطوم سيكونوا بين أمرين أحلاهما مر فلو صوتوا للإنفصال ففي تصورهم أنهم سوف يضطهدون من الشمال، وسوف يحرمون من الجنسية المزدوجة التي يرغبون فيها، ولو صوتوا للوحدة فإنهم يخشون من بطش الحركة الشعبية بهم، ولذلك سوف يمتنع غالبيتهم عن التصويت، ويوتقع خبراء ألا تزيد نسبة المشاركين في التصويت بالخرطوم عن 30 ألفا على مدى الأسبوع لتكون المحصلة في النهاية إقبالا ضعيفا للغاية، ومن خلال رصدنا وجدنا أن أكبر مركز بالعاصمة به مسجلين هو مركز شرق النيل والذي تقدر أعداد المسجليين به حوالي 1000 شخص، وباقي المراكز تتفاوت أعدادها ما بين 300 إلى 400 شخص.
وفي مركز " دار السلام المغاربة" بالخرطوم قالت ميريت لـ " أفريقيا اليوم" أنا من مدينة ياي بالجنوب أتيت إلى الخرطوم منذ 17 عاما، ولي أبناء بالجامعات بالشمال، ولا يمكنني العودة للجنوب الآن حتى ينتهوا من دراستهم، مؤكدة أنه رغم المضايقات المعلنة إلا أن حالة الإرتباط والمحبة بيننا وبين الشماليين قد زادت، مضيفة : إذا حدث انفصال ندعو الحكومتين بأن يكون إنفصالا ناعما يحافظ علينا كمواطنين, ونحن كأفراد نريد بلد موحدا.
وفي إتصال هاتفي مع "حبيبة لادو" مسئولة المرأة بالمجلس الإسلامي بالجنوب، قالت لـ " أفريقيا اليوم" سوف نذهب للتصويت اليوم الإثنين، مؤكدة أن مسلمي الجنوب مع الوحدة، وأنه رغم تطمينات الحركة الشعبية بعدم المساس بهم، إلا أن الشارع الجنوبي يستنكر الوقوف مع الوحدة، موضحة أن هناك أعداد كبيرة من المسلمين بالجنوب، وأن الخرطوم هي التي تدعم المجلس الإسلامي هناك، وقالت لو حدث انفصال ووجدنا إضطهادا لنا فسوف ننزح إلى الشمال، لافتة إلي أن المجتمع الدولي يتجاهل ما يحدث لهم بالجنوب، وقالت جلسنا مع مسئولي الأمم المتحدة، وأطلعناهم على أحوالنا، ولم يصدقوا كلامنا، ولم يفعلوا شيئا من أجلنا.
وفي جوبا تم رصد العديد من المخالفات, حيث شوهد شخصان أحدهما مجنونا والآخر سكرانا ، وقد أدليا بصوتيهما، كما شوهد أشخاص ليس لديهم بطاقات تسجيل، وإملاءات داخل اللجان بالتصويت للانفصال، وجري رصد كفيف بدون مرافق ذهب هو الآخر للتصويت.
وأعلن وزير الداخلية في حكومة الجنوب أن الإشتباكات التي دارت بين المتمردين والجيش الشعبي بولاية الوحدة ليس لها أي علاقة بالإستفتاء، موضحا أن هناك معارك بين المسيرية ودينكا نقوك في منطقة أبيي، ولم يحدد المسئول الجنوبي ميعادا للتصويت حول أبيي، وبدا الوزير غير مهتم بهذه الاشتباكات لعدم تسليط الضوء عليها.
من جانبها نفت مفوضية الإستفتاء بالجنوب ماتردد من أن هناك توجيه للأشخاص داخل اللجان لصالح الانفصال، مشيدة بالروح التي سادت اليوم الأول، وكثافة أعداد الناخبين.
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات ,الاخبار و البيانات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام
أعلى الصفحة