جدل واسع في الساحة السياسية السودانية بعد لقاء " البشير –المهدي "
أنباء عن تشكيل حكومة جديدة بالخرطوم وتوقعات بخروج علي عثمان طه .
الخرطوم "أفريقيا اليوم " صباح موسى [email protected]
آثار اللقاء الذي دار بين الرئيس السوداني " عمر البشير" وزعيم المعارضة " الصادق المهدي" جدلا واسعا على الساحة السياسية السودانية, فالأخير كان له مطالب موحدة مع المعارضة, وكان ينوي معها تحريك الشارع بإنتفاضة لخلع النظام في الخرطوم ... لكن الرجل فاجأ الجميع ولبى دعوة البشير وتفاوض مع حزبه بمعزل عن المعارضة ، بل وتم الاتفاق على تشكيل لجنة مشتركة بينهما تبدأ العمل خلال الأيام القليلة المقبلة للنظر في وضع حلول عاجلة للقضايا السياسية المطروحة بالساحة السودانية , كما تناول اللقاء الأجندة الوطنية التي طرحها المهدي على النظام من قبل, وشدد " المهدي في اللقاء على حاجة البلاد لإتفاق بين جميع الأحزاب السياسية للخروج من هذه المرحلة الحرجة التي تمر بها البلاد .
اللقاء أصاب المعارضة بحالة من الذهول, ورفض تحالف قوى الاجماع الوطني السوداني اللقاءات الثنائية واشترط العلم المسبق لكل الأطراف بها ومعرفة أجندة الحوار به، وأكد التحالف أن لقاء «البشير المهدي» كان مفاجئا لجميع فصائل المعارضة ، واعتبر "إبراهيم السنوسي" مساعد الأمين العام لحزب المؤتمر الشعبي السوداني أن اللقاء استهدف اختراق المعارضة وشل حركتها ، خاصة وأن المؤتمر الوطني يشعر بهلع وخوف جراء ثورة تونس.
وأشار السنوسي إلى أن المؤتمر الوطني يريد من هذا اللقاء إطلاق أنشطة منافسة للأجندة الوطنية بجانب تمزيق المعارضة وإضعافها وشق حزب الأمة نفسه، كما يريد الوطني إطالة بقائه في السلطة.
" كمال عمر" الأمين السياسي لحزب المؤتمر الشعبي السوداني أرجأ تعليقه على اللقاء بعد مناقشته في أول إجتماع لتحالف المعارضة, وقال لـ " أفريقيا اليوم " : www.africaalyom.com
ينبغي أن يكون الرأي موحدا حول هذا اللقاء ، مضيفا ليس لدينا اعتراض في تفويض حزب الامة لتمثيل التحالف والحوار مع المؤتمر الوطني, مشيرا إلي أن الأمة لديه تجارب سابقة كان ينبغي الإتعاظ بها ، فيما تحفظ " مكي علي بلايل" رئيس حزب العدالة السوداني على لقاء البشير المهدي, وقال لـ " أفريقيا اليوم" نحن في الحزب نتحفظ على هذا اللقاء, ونرى أن حزب الأمة لم يكن موفقا فيه, فلدينا تحالف مشترك في المعارضة, وكان ينبغي مناقشته قبل اتمام اللقاء, مضيفا أرى أن نتائجه ستكون تحصيل حاصل, فهناك اتفاقيات بين المهدي والمؤتمر الوطني من قبل ولم تفضي إلى شئ, وانسحب منها المهدي.
الصادق المهدي من جانبه ينفي ماتفكر فيه المعارضة, ويقول أنه حدد يوم 26 الجاري وهو( تاريخ تحرر الخرطوم بيدي قوات المهدية) للموافقة على أجندة وطنية تحوي تكوين حكومة قومية, وعقد اتفاق توأمة مع الجنوب, وحل أزمة دارفور, وإشاعة الحريات وحقوق الإنسان ، ويضيف في حال عدم الإستجابة فإن حزب الأمة سوف يبحث خياراته, أما هو فسيبقى لديه خياران إما اعتزال السياسة أو الإنضمام لمعسكر مواجهة النظام, مؤكدا أن لقائه بالبشير ماهو إلا خطوة فيما خطط له, فإما أن يقبل المؤتمر الوطني بأجندته الوطنية أو سيكون لديه خيارات أخرى.
ويؤكد الأمين العام لحزب الأمة القومي الفريق " صديق اسماعيل" أنه ليس هناك إتفاق خلف الأبواب المغلقة مع الوطني، رافضا دخول حزبه مع المؤتمر الوطني في شراكات ثنائية أوالإستجابة لبعض المحاصصات الوزارية، معتبرا أن الاتهامات الموجهة لحزبه بالدخول في حوار ثنائي ليست سوي «عبارات فضفاضة متداولة للإستهلاك السياسي». وقال إنهم نقلوا للحزب الحاكم ضرورة التوافق, وإجراء المزيد من التوافق السياسي ووضع برنامج وطني متفق عليه دون إقصاء الآخرين.
ويرى المحلل السياسي السوداني " محمد الأسباط" أن كلا من المؤتمر الوطني وحزب الأمه القومي كانا في حاجة إلى هذا اللقاء, فالوطني يريد شخصية بحجم الصادق المهدي وحزبه لتواجه معه تحديات المرحلة المقبلة, ويكون بذلك قد كسب جزء كبيرا من المعارضة والشارع أيضا, أما الصادق المهدي فلديه مشاكل تنظيمية ومالية في حزبه, وهذا الإتفاق سيمهله الوقت لترتيب الحزب من الداخل, وأيضا سيحقق له المال, فبالتأكيد سيكون هناك عائد من هذه الصفقة مع الحزب الحاكم, ويقول " الأسباط" لـ " أفريقيا اليوم" أن فكرة إعتزال المهدي سياسيا كانت ستجعل من صعود مبارك الفاضل سلفا قويا له في رئاسة الحزب, الأمر الذي سيعزز إنتفاضة أو إنقلاب على النظام, وهذه محاولة غير محسوبة العواقب, وسوف تسجل في تاريخ المهدي السياسي, ولذلك أراد أن يخرج من هذا المأزق بإتفاق مع الوطني يضمن له اشياء أخرى آمنه.
من ناحية أخري سرت أنباء واسعة في الخرطوم أمس أن البشير بدأ بالفعل في إجراء مشاورات لتشكيل حكومة موسعة «ذات قاعدة عريضة»،بينما أقرت لجنة كلفتها قيادة الدولة بإعادة الهيكلة وتقليص الجهاز التنفيذي ومراجعة الهيئات والمؤسسات وإجراء تغييرات جذرية فيها ، وقالت مصادر مطلعة إن اللجنة المكلفة بإعادة هيكلة الدولة أوصت بتقليص عدد الوزارات الاتحادية من 34 وزارة إلى 18-20 وزارة، بدمج بعض الوزارات وإلغاء أخرى، وتقليص عدد وزراء الدولة من نحو أربعين إلى عدد محدود،ويتجه قادة الحكم إلى تغييرات واسعة في مجلس الوزراء ومراجعة شاملة في المؤسسات والهيئات العامة ، وتجرى الاتصالات الآن لإحتواء حزبي الأمة والإتحادي واللذان يشكلان جوهر المعارضة السودانية.
وتوقعت مصادر مسئولة لـ " أفريقيا اليوم" أن يشهد التشكيل الجديد للحكومة السودانية خروج " علي عثمان محمد طه" نائب الرئيس البشير ، حيث لوحظ في الفترة الأخيرة وجود تقليص واضح لدوره في مثل هذه المرحلة الخطرة التي يمر بها السودان, على عكس ماهو معروف عنه, فهو رجل الأزمات الصعبة في البلاد, الأمر الذي يراه المراقبون تقليص متعمدا لدوره, تمهيدا للإطاحة به.
وهنا يبقى السؤال هل هذا الأمر ممكنا مع شخصية داهيه مثل " طه" والذي يعتبر هو الرجل الفعلي في حكومة الإنقاذ؟ سؤال سوف تكشف عن إجابته الأيام القليلة القادمة, فيما استبعد فريق آخر من المراقبين خروج" طه" من الوزارة السودانية الجديدة, وتوقعوا أن يكون للرئيس فيها ثلاث نواب سيكون طه نائبا أول فيها بعد خروج سلفاكير ميارديت الذي سيكون رئيسا لدولة الجنوب بعد إنفصالها.
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات ,الاخبار و البيانات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام
أعلى الصفحة