معتصم كدكي
اوراق مبعثرة
نضال
غاية ما أعرفه عن السياسة, التنزه في الحدائق احتفالاً بعيد "الاستغلال" وعيد " الأم". ومبلغ علمي ب"ماركس" لا يتجاوز معرفة الصينيون بفقه " ابن حنبل" غير أني وجدت نفسي ساكنا مقيما في معتقلات النظام. بعد زمن غير قصير أخبروني أن اسمي "نضال" وأنني أقطن حي "الثورة" وأمارس كرة القدم في فريق "الكفاح".
خوف
أخاف كثيراً التحقيقات الرسمية.جملي وتعابيري لابد أن تكون دقيقه .سألني القاضي وابتسامه صفراء تتدلي من شفتيه ما اسمك؟ أجبت ثم أضفت هذا وفقاً للأوراق الرسمية.فابتسم مرة أخري وسألني وماذا بشان الأوراق غير الرسمية.فقلت أبناء الحي يطلقون علي "كوكي" والصديقات ينادونني ب"ميدو".غضب القاضي وقال أنني اهزأ بالمحكمة وجلدوني عقاباً علي ذلك .فقررت أن لا أقول شيئاً في الجلسات التالية.
همس
أخاف كثيراً التحقيقات الرسمية ومرأى الشرطة في الطرقات.لست لصاً ولا أتعاطي المسكرات ومنذ شهر استخرجت بطاقة هوية.لست شيوعياً ولا أعارض النظام الحاكم.لكني أريد أن اهمس لها بكلمة لا ترصدها "الداخلية".
شوق
العزيزة/ سلمي
اشتاق إليك كثيراً والي شكواك العذبة وأفكارك المجنونة.لكني أخاف التحقيق معي بدعوي جرائمي البريئة والسجن لأنني مارست فرحا طفولياً في زمن الغمامات السوداء.فعفوا عزيزتي إن حدقت فيك وحلقت بعيدا عنك وتبخر نبض الكلام.إنني أخاف أن تصادر الأنظمة الصفراء شوقي إليك وتلقائية الحديث.
حرية
بالأمس أطلقوا سراحي بعد أن قضيت عاماً في السجن.في محاكمتي ذكر القاضي أنني بريئاً وحالماً وعبيطاً،احمل جرثومة المرح في خلايا جسدي مما أهلني لارتكاب جريمة الحب في الزمن الحرام.وحينما لملمت أدوات انتظاري فرحاً بإنعتاقي، كتبت تعهداً أن لا اخلف القوانين السائدة.
وجوه في الظلام
كان مساءً حالما وساحراً.تبادلنا حديثاً رائعاً.وفي آخر اللقاء عرضت عليها أن تسكن قلبي .لمحت البهجة تتراقص في عينيها.في سعادة وحبور صحبتها في طريقنا إلي الدواخل،يغلف سمائنا دفء المحبة وحلو المشاعر.وعندما طرقت باب قلبي رفض الساكن القديم أن يغادر.
إنكسار
كان شاباً صغيراً عندما أحب للمرة الأولي.خلدها بقصيدة رائعة نشرتها أكثر الصحف انتشاراً وتنبأ له الأديب الكبير بمستقبل عظيم.فجأة وجد نفسه في الطريق بدونها.أحس بالمرارة تجتاح كيانه و أظلمت حياته، تقوقع داخل نفسه وأيقن أنه لن يكتب حرفا واحدا بدونها.
ذات مساء كان الشيب قد غزا رأسه عندما عاد بشريط حياته إلي الوراء وضحك ضحكة عاتية.كان قد كتب أكثر من قصيدة وأصبح شاعرا مجيداً.
تعبير
طلب المدرس من تلاميذه الصغار أن يكتبوا موضوعاً من الواقع.فكتبوا عن الحرب والسلام، الفقر و الفساد.في الدرس التالي جاء ثائراً لأنهم تناولوا السياسة.ثم طلب منهم أن يكتبوا في الدرس الجديد عن أحلامهم الصغيرة فكتبوا عن الحرية.
الخرطوم -1997
© Copyright by SudaneseOnline.com
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات ,الاخبار و البيانات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام
أعلى الصفحة
الأخبار و الاراء المنشورة لا تعبر بالضرورة
عن رأي الموقع