صوت من لا صوت له وطن من لا وطن له
الصفحة الرئيسية  English
المنبر العام
اخر الاخبار
اخبار الجاليات
اخبار رياضية و فنية
تقارير
حـــوار
أعلن معنا
بيانات صحفية
مقالات و تحليلات
بريـد القــراء
ترجمات
قصة و شعر
البوم صور
دليل الخريجين
  أغانى سودانية
صور مختارة
  منتدى الانترنت
  دليل الأصدقاء
  اجتماعيات
  نادى القلم السودانى
  الارشيف و المكتبات
  الجرائد العربية
  مواقع سودانية
  مواضيع توثيقية
  ارشيف الاخبار 2006
  ارشيف بيانات 2006
  ارشيف مقالات 2006
  ارشيف اخبار 2005
  ارشيف بيانات 2005
  ارشيف مقالات 2005
  ارشيف الاخبار 2004
  Sudanese News
  Sudanese Music
  اتصل بنا
ابحث

مقالات و تحليلات : قصة و شعر English Page Last Updated: Jul 11th, 2011 - 15:37:55


الرّقصُ في الشّوارِعْ*/Ibrahim Jaffar
Nov 27, 2007, 10:06

سودانيزاونلاين.كوم Sudaneseonline.com

ارسل الموضوع لصديق
 نسخة سهلة الطبع

الرّقصُ في الشّوارِعْ*

 

حرارة الإيقاع وحرارة الطرب الحية في قلوب الناس البسطاء استيقظت.  تزامنت حرارة الإيقاع مع رقة إيناس الطرب في توافقٍ جميلْ. 

 

كان آدم موجة رقص حينما برى، فهو يرقص كأنما تقمصته روح زوربا اليوناني، يرقص رغم طول الصفّ وسكّر التموين وامتلاء السوق ببضاعة "مافِي" الجديدة.  يرقص رغم زمان "الندرة". 

 

وفي الشارع كانت العربات ترسل أبواقها عالية الدّويّ ووجوه أصحابها المتكبرة في حقارتها المتسخة المتعالية تُحدّجهُ بسياطِ نظراتٍ محتقرة.  كان يرقص رغم نظرات "ملاك الحديد" المحتقرة.  تتقلص وجوههم، يرسمون عليها افتراءً، يبصقون في عيونه الضاحكةِ بالرقصِ فيرقص!  لا تثنيهِ عن إيقاعهِ عينٌ مزدريةٌ وموسومةٌ بترفِ النعمةِ الأعظم وسأمها الذي يطلّ من وجوهِ أوليائها السمينةِ شحماً و"ورماً". 

 

جرجر آدم، شيح الفقر الراقص هذا، قدميه الثقيلتين بهمّ اللقمةِ نحو أحد الأندية الشعبية.  طالعت عيناه صور أساتذة متأنقين يثرثرون في التلفاز.  تملكته حمى الرقص ورشقت عيناه كجناحي ملاك.  اهتزت أطرافه رقصاً (هل طرباً؟).  مرةً أخرى صادفته، آن خروجه من النادي، دوامة الدوي ومجد الحديد "السّنين" وراكبيه الألقي الوجوه والثياب رغم حقول الغبار الشارعيِ الكثيف الملوثة لكلّ شيءٍ حتى السماء وفي "رَقَبَةِ" عرق الساعين جرياً وراء مضغة خبزٍ و"بوكسيّاً". 

 

ذهب من هناك إلى النهر، إلى رصيفه الحجريِّ وخضرته المحتفلة.  قابلته طفلةُ شمسٍ ترقص.  قبّلها، توحّد معها، فني فيها.  لكنه نُبذَ، مرّةً أخرى، إلى سُوحٍ ضاجّةٍ بالعناءِ صارت فيها الزهرةُ قطعة بلاستيكٍ بارد وارتفعت مكان العشب الفاني عنها مدن الحديد والدخان.  رقصت عيناه واهتزت أعضاء جسده بعنفٍ حيٍّ مُوقّع..  رقصت عيناهُ. 

 

فيما هو راجعٌ، تحت ستر الليلِ، إلى مسكنهِ صدمتهُ أصواتُ الخارجينَ من الطّرقِ السريّةِ تفوحُ منهم رائحةُ الخمرِ الرّخيصِ ويعلو فيهم صوتٌ مغنّياً "ظلموني الناس وتجنّوا عليّا".  يُُضيءُ الحرقةَ فيهِ ذاك الصوتُ المطعونُ المجروحُ أسىً..  سكيّنٌ حادٌّ يخترقهُ فينفذُ فيه الجّرحُ، ينفذُ فيه الصوتُ الأسيان، الجّرح الاسيان يتدفّقُ بوحاً بمخاضِ أساهِ في الطّرقِ السّريّة "ظلموني الناس وتجنّوا عليّا"..ت

 

 

لكن هل يمنع نصل "ظلموني الناس وتجنّوا عليّا" الفتّاك اهتزاز جسده بالرقص، هل يقمعُ فيهِ زاراً حبشيّاً يتلبّسهُ وثباً، إيقاعاً وتفجّر؟!  أنّى له ذلك فالرّقصُ، أبيتُ اللعنِ، يُشفّفهُ فتُولدُ فيهِ فتاةٌ من حزنٍ، نغمٍ وعنادٍ لا تؤسسهُ غير حقيقة أنه "هنا"، حيّاً إحساساً وتنفّسْ..  هل يفهمُ حكمة أنّ الرقصَ ليس أكيداً يتجذّرُ طَرَبَاً وثمالةَ كأسٍ  تتدفّقُ في العظم- العرقِ الصّخّاب، بل أيضاً قد "يُبدعُهُ" قسريّاً طيرٌ مذبُوحٌ لوليمةِ موتٍ تُحيينا؟!

 

لم يتساءل أبداً عن هذا.  لا وقتَ ولا نَفَسَ لديهِ كي يمنحهما قرباناً للعقلِ "ذباب الفلسفةِ الطّنّانْ":- لا يعنيه هاملت!

 

العربة الطويلةُ الفارهةُ الإستفزاز تجري طاحونةَ ضجيجٍ على إسفلتٍ لامعٍ بسوادٍ صلدٍ، قاسٍ كقشرةِ جوزٍ مسطّحةٍ ومطليّةٍ بدقيقِ كربونٍ جامدٍ وكثيفْ..  فاجأ الزئيرُ أذنه الساهية وبعثر أحلامها الموسيقية الراقصةَ على دوزنةٍ خاصّةٍ بذاتها وواجدةٍ لذاتها..  الزئيرُ يعلو بوقاً من نحاسٍ في قريةٍ أفريقيّةٍ قديمة..  يحتدّ..  يحتدُّ..  يتكوّرُ أبخرةً من ضبابٍ أغبشٍ أمام عيني آدم الصافيتين فيكويهما بعمىً عصريٍّ واختلاطٍ من شهواتٍ زائفةٍ مزوذقةٍ و"حضاريّةْ"..  بدأ يُرينُ على قلبهِ ثقلٌ لا تعرفه خفّته الراقصة الجيّاشةْ..  أهو الموت..  أهو الدمجُ العصريُّ الذّكيُّ في إغراءِ أناقتِهِ البرجوازيّة؟..  اهتزّ الجسد الراقص مقاوماً، عتيّاً ونافضاً لما نازَعَهُ من خواطرِ نفسٍ على مشارفِ خطرٍ "مادّيٍّ أو رُوحيٍّ" ما..  غنّى في حركته الأوبراليّة الصاعدة نحو مقامٍ صوتيٍّ لم يعهدهُ أبداً قبلاً..  التوتُّرُ العصبيُّ ينخره حتى في أتونِ غنائه الملحميِّ ويشكّلُ نبرةً حادّةَ العاطفيّة ومُنذِرَةً بفناءٍ، غيابٍ، عدمٍ ما..  يشتدّ زئيرُ العربة..  تقدّمُ منزلقةً كصابونةٍ ملساء على سطحِ حمّامٍ رخاميٍّ سينمائيٍّ (هوليوديٍّ) في فخامته (أو في بذاءتهِ!) المتعجرفة.  آدمُ يركضُ لاهثاً في رقصٍ لحياةٍ تثوشكُ أن تُؤخذَ منهُ.  لا..  لا..  لا مهرب..  لا..  حُمَّ قضاءٌ والشّللُ النّصفيُّ حجّرَ آدمَ في منتصفِ الدربِ الصاعدِ (أو الهابطِ) نحو الجّبِّ، الذّئبِ، جوفِ الحوتِ، يُونَسَ والغيبةِ أو نُوحٍ والطُّوفانْ.

 

قالوا- من شهدوا الحادث:- كانت زهراتُ الدمِ الحمراء تتفتّح..  تخرجُ من جسدهِ وتغنّي في الشّارعِ، في الطّرقاتِ وفي السّينماتْ..  ترقصُ..  منها تثولدُ موسيقى، مارشالاتُ ومتاريس، تروبادوراتُ، مواويلُ حُسينٍ غائب، إنذاراتٌ وبِشارةْ. 

 

قالوا:- "هذا الراقصُ من أهلِ الله!"

قالوا:- "إنّ الخشضرَ الرّاقصَ سَاكَنَ هذا الجّسدَ الرّاقصَ فيهِ!"

 

صمتُوا..  غرقُوا في اللّجّةِ..  ناح الكلبُ المسعورُ ثلاثاً شيطانيّاتْ..  لم تهدأ عيون النّسوة..  ما قامتْ في الأحياءِ المنسيّةِ في تلك الأرضِ الموؤودةِ أنوارُ العرسِ ولا "بَقَّ"، في صفحةِ ماءِ النّهرِ، نشيدُ حياةْ. 

 

أواخر سبتمبر 1980.

 

 

 

* من مسودة مجموعتي القصصية المسماة "كيف أنامُ وفي دمي هذي العقارب؟!".


© Copyright by SudaneseOnline.com


ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات ,الاخبار و البيانات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام

أعلى الصفحة



الأخبار و الاراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

قصة و شعر
  • حسن ساتي و سيناريو الموت.. بقلم - ايـليـا أرومـي كـوكـو
  • قصة قصيرة " قتل في الضاحية الغربية" بقلم: بقادى الحاج أحمد
  • عصفور يا وطن د.امال حسان فضل الله
  • حيرة/أحمد الخميسي
  • لغة العيون/ هاشم عوض الكريم
  • أحلام يقظه/هاشم عوض الكريم – بورتسودان
  • صديقي المصاب بمرض الايدز سيظل صديقي بقلم / ايليا أرومي كوكو
  • مشتاق/محمد حسن إبراهيم كابيلا
  • شكل الحياة/ ياسر ادم( أبو عمار )
  • قصة قصيرة " شجرة اللبخ تحاكى النحل " بقلم: بقادى الحاج أحمد
  • المفلسون بقلم الشاعر السوداني/ حسن إبراهيم حسن الأفندي
  • بدرويش توفي ألف شاعر/كمال طيب الأسماء
  • انهض بقلم الشاعر السوداني / حسن إبراهيم حسن الأفندي
  • لو بتحب بلادك جد!/الفاضل إحيمر/ أوتاو
  • قراءةُ اللّون إلى:- أحمد عبد العال/شعر:- عبد المنعم عوض
  • عايز أقول أنو الكلام القلتو دا/د. شهاب فتح الرحمن محمد طه
  • قصة قصيرة " الجــمـــــــــل " بقلم: بقادي الحاج أحمد
  • غــانــدى/أشرف بشيرحامد
  • ما أظنو ../محمد حسن إبرهيم كابيلا 30
  • دموع طفلة بريئة- أنوريوسف عربي