صوت من لا صوت له وطن من لا وطن له
الصفحة الرئيسية  English
المنبر العام
اخر الاخبار
اخبار الجاليات
اخبار رياضية و فنية
تقارير
حـــوار
أعلن معنا
بيانات صحفية
مقالات و تحليلات
بريـد القــراء
ترجمات
قصة و شعر
البوم صور
دليل الخريجين
  أغانى سودانية
صور مختارة
  منتدى الانترنت
  دليل الأصدقاء
  اجتماعيات
  نادى القلم السودانى
  الارشيف و المكتبات
  الجرائد العربية
  مواقع سودانية
  مواضيع توثيقية
  ارشيف الاخبار 2006
  ارشيف بيانات 2006
  ارشيف مقالات 2006
  ارشيف اخبار 2005
  ارشيف بيانات 2005
  ارشيف مقالات 2005
  ارشيف الاخبار 2004
  Sudanese News
  Sudanese Music
  اتصل بنا
ابحث

مقالات و تحليلات : قصة و شعر English Page Last Updated: Jul 11th, 2011 - 15:37:55


قصة قصيرة بائعة الكسرة/هلال زاهر الساداتي
Sep 5, 2007, 10:28

سودانيزاونلاين.كوم Sudaneseonline.com

ارسل الموضوع لصديق
 نسخة سهلة الطبع

قصة قصيرة

بائعة الكسرة

 

ذبالة المصباح تتمايل كأرجوحة للصغار ولا يكاد ضوءها يبين في احتضاره عبر زجاجة المصباح المكسورة فيلقى ظلالاً كئيبة على جدران الحجرة العارية من الأثاث عدا ثلاث عنقريبات بائسة فرشها من ملاءات مهترئة , ويرقد على واحد منها الأم ست أبوها وفي الاثنين الآخرين ابنتاها مريم وحليمة , وكان زفيف الهواء عبر كوتين في أعلا جدار الحجرة أتخذا كنافذتين لها يكون مع صرير الصراصير في الأركان أنغاماً مزعجة ولكن قاطني الحجرة تعودوا على هذه الأصوات المنفرة وربما استعذبوا النوم على إيقاعاتها القبيحة .. وربما أضافوا إليها من حين لآخر أصوات شخيرهم المتقطع , فهم يرقدون كالأموات جراء السعى المجهد و الكدح المتواصل بالنهار في سبيل توفير لقمة العيش . وما أن يسفر الصبح عن وجه النهار أو قبيل ذلك عندما يصيح منبه الفقراء الديك رافعاً عقيرته بالزعيق تهب الأم من مرقدها وتصيح في البنتين ليستيقظا وتسمعها تقول : ( يا فتاح يا عليم يا رزاق يا كريم , يا بنات قومن الواطة أصبحت , يا مريم ولعي النار تحت ( الدوكة ) , وسوي لينا كباية شاي , وأنت يا حليمة لخي العجين وحضري الطبق , ولكن البنت الصغرى حليمة تتلكأ وتتقلب في الفراش حتى يجيئها صوت أمها الغاضب (( انت يا بت , اللكاعة والكسل ده ما دايره تخلي , قومي تقوم قيامتك . )) , وتقوم البنت متكاسلة وهي تبرطم , ويتكرر هذا المشهد في مطلع كل يوم جديد .. وتجلس الأم إلى الدوكة وتشرع في عمل الكسرة طرقة طرقة وتلقي بها في الطبق إلى أن تفرغ جرة العجين من محتوياتها وإلى أن يمتلىء الطبق أو يكاد , وصهد النار المتأججة من الحطب المشتعل تحت صاج الدوكة يلفح وجه الأم وساقيها , فيدر العرق من وجهها المعروق ويسيل على صفحتي وجهها المتغضن الذي حفر الدهر مع الفقر شوارعاً فيه صارت الان مجارى للعرق المتدفق , وهذا الوجه نفسه يسيل عليه الدمع في نفس المجاري عند الحزن أو موت قريب أو عزاء في ميت وكأن صاحبته تندب سواد حظها في الدنيا .. وعندما تفرغ من عمل الكسرة تضع كل طرقتين في كيس من البلاستيك وترصها فوق بعضها البعض وتضعها في قفة لتحملها إلى السوق وذلك بعد أن تضع بعض الكسرة جانباً لغذائها هي والبنتين , فيفطرن بقليل منها بعد عجنها بالماء ووضع شيء من الملح عليها , أو إذا تيسر لها بعض الطماطم مع ( الدكوة ) , وربما توفر الأم هذه الوجبة للغذاء , وبعد ذلك تتوجه الأم و معها ابنتها الصغرى من منزلهم  الصغير الحقير في أطراف المدينة والذي يسمونه السكن العشوائي , الأولى إلى السوق والثانية إلى مدرستها , واما البنت الكبرى فقد اكتفت الأم بإكمالها مرحلة الأساس وأبقتها في المنزل بعد أن عجزت عن تدبير مصاريفها الدراسية , مع أنها كانت تتلقى العلم في مدرسة حكومية مجانية , ولكن القائمين على أمر هذه المدرسة ونظيراتها كانوا يطالبون بمساهمات مالية بشتى المعاذير لا يقدر على دفعها المساكين , فيكفي مريم ما تلقته من تعليم إلى أن يفتح الله عليها بابن الحلال الذي يتخذها زوجة له .. وكان الحمل الثقيل قد حط بغتة على كاهل الأم كصاعقة اصابت شجرة وعرتها من أوراقها بعد حرقها , وذلك بعد أن تلقت نعي زوجها الجندي الذي لاقى منيته في حرب الجنوب وترك لها بنتين في ميعة الصبا .. و أحتارت ماذا تفعل ولا معين لها من أهل الزوج أو من أهلها فكلاهما سواء في الفقر والمسكنة وكلاهما في حاجة إلى من يعينهما في زمن بلغت المعيشة فيه حد الكرب , وعزت فيه لقمة العيش وحبة الدواء بل جرعة الماء في أحيان كثيرة .. وفي غمرة أحزانها حدثت ست أبوها نفسها قائلة :

( والله كان نأكلها بموية ما بمد يدي لزول وطول ما فوقي عافية إن شاء الله أشيل المونة وأعيش نفسي وبناتي ) , وصارت ست أبوها تشتري الذرة وتصنع منها الكسرة , واتخذت لها موقعاً في السوق الكبير تبيعها فيه , ولكن في كل بضعة أسابيع أو أشهر صار ثمن الذرة يرتفع ويزداد ثمن الوقود من حطب وفحم مما يزيد تكلفة الكسرة , وتضطر إلى رفع ثمنها , ولكن الناس رغم حبهم وتفضيلهم للكسرة يجدون أن ثمن خبز القمح ارخص ثمناً منها فيتحولون إليه , واضطرت ست أبوها مرة اثر أخرى إلى تقليل ما تصنعه من الكسرة حتى لا تبور وتزيد خسارتها , وقل العائد من بيع الكسرة .. وسألتها ابنتها الصغرى بإمتعاض :

( يا أمي ليه بتقللي العجين في كل مرة ؟ تعبتي من العواسة ولا شنو ؟ ) , و أجابتها بنبرة حزينة : ( أنا ما فيني عوجه لكن العيش و الحاجات البنعمل بيها الكسرة غلت شديد ) .

طيب يا أمي ما تشتكوا للحكومة عشان ترخس ليكم الحاجات .

وأجابتها الأم وفي صوتها رنة يأس : (( والله يا بنتي شكينا لمن حسنا أنقرش ومافي زول جايب خبرنا .. بس الله لينا وهو العالم بحالنا )) , واستفهمت البنت محتجة : (( لكن يا أمي الناس ديل ما بياكلوا كسرة ولا بياكلوا عيش فينو وباسطة ؟! ))

وردت عليها بغضب ممزوج بضيق عديم الحيلة العاجز : (( يا بتي ديل دنيتهم دنيا ثانية , ديل ما عايشين معانا , الله يلطف بينا ويورينا فوقهم يوم .. كدي خلي الكلام وقومي لخي العجين )) . واضطرت ست أبوها إلى تقليل ما تصنعه من الكسرة مرة أخرى , وقل ما يأكلونه منها ولكنها أبت أن تمد يدها وأصبحت هي وأبنتاها يتقوتون بالكسرة والماء والملح وحسب .

 

هلال زاهر الساداتي               


© Copyright by SudaneseOnline.com


ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات ,الاخبار و البيانات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام

أعلى الصفحة



الأخبار و الاراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

قصة و شعر
  • حسن ساتي و سيناريو الموت.. بقلم - ايـليـا أرومـي كـوكـو
  • قصة قصيرة " قتل في الضاحية الغربية" بقلم: بقادى الحاج أحمد
  • عصفور يا وطن د.امال حسان فضل الله
  • حيرة/أحمد الخميسي
  • لغة العيون/ هاشم عوض الكريم
  • أحلام يقظه/هاشم عوض الكريم – بورتسودان
  • صديقي المصاب بمرض الايدز سيظل صديقي بقلم / ايليا أرومي كوكو
  • مشتاق/محمد حسن إبراهيم كابيلا
  • شكل الحياة/ ياسر ادم( أبو عمار )
  • قصة قصيرة " شجرة اللبخ تحاكى النحل " بقلم: بقادى الحاج أحمد
  • المفلسون بقلم الشاعر السوداني/ حسن إبراهيم حسن الأفندي
  • بدرويش توفي ألف شاعر/كمال طيب الأسماء
  • انهض بقلم الشاعر السوداني / حسن إبراهيم حسن الأفندي
  • لو بتحب بلادك جد!/الفاضل إحيمر/ أوتاو
  • قراءةُ اللّون إلى:- أحمد عبد العال/شعر:- عبد المنعم عوض
  • عايز أقول أنو الكلام القلتو دا/د. شهاب فتح الرحمن محمد طه
  • قصة قصيرة " الجــمـــــــــل " بقلم: بقادي الحاج أحمد
  • غــانــدى/أشرف بشيرحامد
  • ما أظنو ../محمد حسن إبرهيم كابيلا 30
  • دموع طفلة بريئة- أنوريوسف عربي