|
|
Last Updated: Jul 11th, 2011 - 15:37:55 |
أسطورة خالدة
إلى روح الشهيد الدكتور جون قرنق
من تلك الظلمات ..
أماكن ميلاد الأساطير العريقة..
من تلك الظِلال القاتمة..
وخيوط شعاع الشمس الذهبي..
المُتخلل لغابات أشجار الأبنوس..
من تلك الغابات،
بعوالمها البريئة..
حيث مشاعية الوجود..
الإنسان مثلما هو ذاته الإنسان..
بطهره ونقائه وتلقائيته..
بلا أحقاد..
بلا أطماع..
بلا ضغائن..
هنالك إنبثقت أسطورة..
تكوينٌ.. ميلادٌ.. أحلامٌ..
تكوين
من ضباب جمال الليل..
عندما كانت المياه تغمر وجه الأرض..
وأرواح الآلهة ترفرف في الفضاء..
الريح كانت تدفع بأبخرة المياه المتصاعدة..
على سطح ذاك النيل الزاحف..
وقتها تلاشى الزمان..
الأشياء أضحت أطيافٌ وأشباح..
الوجود صار بكله خلفية لمسرح،
تلك الأسطورة..
على المكان أطبق الصمت..
لا حِراك ..
إلا ضبابٌ حالمٌ بأن يكون مطراً واعداً..
في رهبة تلك الأثناء..
كان ( بانثيون ) الآلهة يجتمع..
آلهة أُمنا إفريقيا.. كانوا يجتمعون..
شيءٌ ما كان قد تقرر..
لأجل الكادحين..
المهملين عن حق وجودهم..
المُنزوين في أركان الطُرقات..
المنسيين على أرصفة المدائن..
*** *** *** ***
ميلاد
فجأةً..
زمجرت رعود السماوات..
برقٌ خاطف يضرب وسط الغابات..
خُطِفت الأبصار .. ذُهِلت الأنفس..
حريقٌ في رحم الأرض..
طينٌ حامي، ملتهبٌ من صلصال..
خارجاً منه عملاقٌ بطولِ غابات الأبنوس..
كانت الثورة والحلم يسكنان عينيه..
إبتسامته كانت رسالة سلم وأمل..
نعشه كان يحمله على كتفيه..
لقد كان مُرسلاً..
لقد كان عابراً..
كان عليه إبلاغ شيءً ما..
كان يعلم إنه لن يبقى طويلاً..
أحلام
هاهو أبن الشمس آتٍ..
هاهو قرنق آتً..
قادماً إلينا من عمق الحقيقة..
من عمق آلامنا ..
من عمق أحزاننا..
بقامته الفارعة تلك، هو آتً..
من غابات ومياه التكوين..
جاء إلى حيث أطراف المدينة يسعى..
شامخاً كان هو..
كل شيءً كان يراه تحته..
حكامٌ مفسدون..
سدنةٌ يطبلون..
تجارٌ سارقون..
أما إخوته وأبنائه..
بالأقدام كانوا يركلون..
في زنازين الجلاد جاثمون..
هرباً من الجوع لبطونهم يربطون..
الموت كان مخرجهم لما هم فيه غارقون..
*** *** *** ***
ملء عينيه حزناً وحسرة..
نحو الشمس رفع يده اليسرى..
قابضاً إياها، فأعادها..
وهبنا منها لهيب ثورة..
ونحو القمر الفضي، رفع يده اليمنى..
ممسكاً به، فأعاد يده..
أهدانا منه حلماً جميلاً..
أعطانا خبزاً ومانجو..
فأكلنا جميعاً..
من ماء النيل غرف لنا،
فشربنا وروينا..
ثم قال:
هاأنتم قد أكلتم خبزاً وملحاً..
من عرق هذه الأرض شربتم..
في ذاك وحدتكم..
في ذاك مِنعتكم..
فأنجزوا حاضركم..
وارسوا مستقبل أولادكم..
فقلنا له:
ما أجمل المجد في عينيك النبيلة يا قرنق..
لوّح لنا بيده، وطار مُحلِقاً نحو الشمس..
المحمرة من البكاء عليه..
حلّق بعيداً حتى ذاب في،
شمسه....
إهداء : لزوجته المناضلة ربيكّا قرنق وذريته وكل من يدرك قيمته.
محمد عثمان عوض
امستردام- 28-07-2007
السبت الساعة 23:43
© Copyright by SudaneseOnline.com
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات ,الاخبار و البيانات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام
أعلى الصفحة
الأخبار و الاراء المنشورة لا تعبر بالضرورة
عن رأي الموقع