الجوكر الالماني ... وهلاك شعب شمال السودان ؟
ثروت قاسم
[email protected]
جوته ؟
جوته .. شاعر وأديب ألمانيا العظيم ( 1749 – 1832 ) , ترك إرثاً أدبيا وثقافياً ضخماً للمكتبة الألمانية والعالمية ! خلد جوته اسطورة الجوكر صاحب المزمار , الذي يلبس ملابسأ مزركشة مختلفة الالوان , وكانها جبة درويش ! وطربوشأ طويلا زاهي الالوان !
الجوكر يعزف في مزماره , وهو يخترق شوارع وازقة القرية , يميل مع مزماره ذات اليمين , وذات الشمال ! صامت ... لا يألو علي شئ , ولا يتكلم اطلاقأ ! ويتبعه اطفال وفيران القرية , وكانهم مشدودين الي مغناطيس متحرك !
يسير الجوكر , وهو يعزف علي مزماره , واطفال وفيران القرية من خلفه , وهم مشدوهين !
يسير الي حافة النهر ! ثم يجتاز النهر وخلفه اطفال وفيران القرية ! هو لا يعرف السباحة ! وكذلك اطفال وفيران القرية !
ويموت الجوكر صاحب المزمار غرقأ ! وكذلك جميع اطفال وفيران القرية , الذين يموتون جميعهم غرقأ !
وتنتهي الاسطورة الالمانية , الني خلدها جوته العظيم !
الرئيس البشير يحاكي الجوكر صاحب المزمار !
أختطف المجتمع الدولي الرئيس البشير , وابقاه رهينة في ايادي اوكامبو ! ورهن الرئيس البشير شعب بلاد السودان , رهينة معه , يتبعه الي مصيره المشئوم !
الرئيس البشير يسير وهو يعزف علي مزماره ! ويسير خلفه شعب بلاد السودان , مشدوهين !
شعب بلاد السودان ينظر ولا يري ! يسمع ولا يعي ! يلمس ولا يحس !
يتحدث من دون تفكير ! ويأكل من دون تذوق الطعام ! يحاكون الفراش المبثوث في يوم القارعة !
تحسبهم نيامأ , وهم أيقاظ ! لو اطلعت عليهم , لوليت منهم فرارأ , ولملئت منهم رعبأ ؟
تراهم فتحسبهم سكاري ... وماهم بسكاري ؟
ولكن عذاب الانقاذ شديد !
هؤلاء واؤلئك من شعب الانقاذ , قد سكرت ابصارهم , فصاروا قوما مسحوريين ! حتي لو فتح الله سبحانه وتعالي عليهم بابأ في السماء , فظلوا فيه يصعدون !
تصدق عليهم الاية 14 والاية 15 من سورة الحجر , وكأنهما نزلتا فيهما خصيصأ :
( وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِم بَابًا مِّنَ السَّمَاءِ فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ ﴿١٤﴾ لَقَالُوا إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا ... بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَّسْحُورُونَ ﴿١٥﴾ )
( 14-15... الحجر )
تراهم يسيرون خلف الرئيس البشير عميانأ ... الي حتفهم , وهم لا يشعرون ! كما اطفال وفيران القرية وهم يتبعون الجوكر الالماني صاحب المزمار !
هؤلاء واولئك اصبحوا اسري ثقافة ال لا مبالاة ! اصبحوا سجناء ثقافة الخوف , التي زرعها فيهم نظام الانقاذ طيلة العقدين المنصرمين ! نظام الانقاذ الذي تجاهلهم , واحتقرهم , بل واضطهدهم !
الرئيس البشير من الذين تخشبوا ! وظنوا أنهم جذوع لا تهزها الأعاصير ! ولكنهم سوف يسقطون كأعجاز نخل خاوية !
فهل يصير اهل بلاد السودان الي اعجاز نخل خاوية ؟
ام هم قوم يعقلون ؟
الموقف الان ؟
اتفاقية السلام الاولي ( اديس ابابا – 1972 ) انهت الحرب الاهلية الاولي ( 1963 – 1972 ) ! وأقامت حكمأ اقليميأ ذاتيأ في الجنوب !
دام السلام بين الشمال والجنوب , وداخل الجنوب , لمدة عقد من الزمان !
وفي عام 1983 بدأت الحرب الاهلية الثانية !
اتفاقية السلام الثانية ( نيفاشا – 2005 ) انهت الحرب الاهلية الثانية ( 1983 – 2005 ) ! ومهدت لانفصال الجنوب عن الشمال , وتكوين دولة جنوب السودان الجديدة في يوم السبت 9 يوليو 2011 !
ماهي فرص استدامة السلام داخل دولة جنوب السودان الجديدة , وداخل دولة شمال السودان الاسلاموية العروبية ؟ , وبين الدولتين ؟ خصوصا خلال فترة الستة شهور الانتقالية العصيبة من يوم الاحد 9يناير الي يوم السبت 9 يوليو 2011 ؟
نستعرض الموقف في ثلاثة محاور , كما يلي :
المحور الأول : فرص استدامة السلام داخل دولة جنوب السودان الجديدة ؟
تم عقد تراضي ومصالحة جنوبية- جنوبية ( جوبا – اكتوبر 2010 ) بين الحركة الشعبية من جانب , وباقي الاحزاب والفصائل الجنوبية المعارضة من الجانب الاخر ! وتم الاتفاق علي كتابة مسودة دستور دائم لدولة جنوب السودان , وتكوين حكومة قومية كالية لتنفيذ برنامج وطني يؤدي الي انتخابات ديمقراطية , وبرلمان قومي يجيز الدستور الدائم , ويكون الحكومة الديمقراطية التي يرتضيها شعب دولة جنوب السودان !
كلام زي السكر والعسل ! ولكن علي الورق للاسف ؟
دعنا نستصحب معنا , في هذا السياق , تنبؤات دينس بلير ! علنا نجد فيها نارأ نهتدي بها في ظلمة ليلنا البهيم ؟
دينس بلير ؟ وما ادراك ما دينس بلير ؟
هذا الرجل يتربع علي عرش وكالة المخابرات الوطنية الامريكية , بميزانية سنوية تفوق ال60 مليار دولار ! وعناصر , ومخبرين , وجواسيس , وعملاء دائمين يفوق عددهم الميلون في رياح الدنيا الاربعة !
كل هؤلاء , ومثلهم معهم . من شياطين الانس والجن , يغوصون لهذا الرجل , وياتونه بما دون ذلك , قبل ان يرتد اليه طرفه !
تنبأ الرجل , بأنه بأختفاء العدو الشمالي المشترك بعد يوم السبت 9 يناير 2011 , وحتي في حالة عدم نشوب حرب اهلية بين الدولتين , فأن الاضطرابات الاثنية - العنصرية - القبلية بين قبائل دولة جنوب السودان الجديدة , سوف تشعل نيران ابادات جماعية من الضراوة بمكان , ان الابادات الجماعية في دارفور تظهر , بالمقارنة معها , وكانها نزهة علي شاطئ النيل !
وسوف تتضاعف حدة هذه الابادات الجماعية في حالة نشوب حرب بين دولة جنوب السودان ودولة شمال السودان ! لمقدرة الاخيرة في أذكاء وتحميس طار هكذا ابادات جماعية , داخل دولة جنوب السودان الوليدة !
دينس بلير ليس بعنقالي ! ولا يتكلم كلامأ خشبيأ ساكتأ ! ثم يمضي لحاله !
ارجوك لا تخلط كلام دينس بلير , بكلام ياسر عرمان , الذي ما انزل الله به من سلطان , والذي لا يساوي دقائق استماعك له , بعد ان اصبح ياسر عرمان خارج الشبكة !
لقد كان دينس بلير يدلي بشهادته الرسمية امام اعضاء الكونغرس الامريكي !
وهو ادري ؟
الله يكضب الشينة في دولة جنوب السودان الجديدة !
المحور الثاني : فرص استدامة السلام داخل دولة شمال السودان ؟
رفض الرئيس البشير اقتراح المعارضة الشمالية بتشكيل حكومة قومية , لأجراء انتخابات جديدة , وكتابة دستور جديد , مبني علي الدولة المدنية الديمقراطية , والمواطنة اساسا للحقوق والواجبات , في دولة شمال السودان , بعد انفصال الجنوب !
بل وعلي العكس تمامأ , أكد الرئيس البشير تعديل الدستور الانتقالي لجعل الشريعة المرجعية القانونية الحصرية , واللغة العربية اللغة الرسمية الحصرية , وعدم الاعتراف بالتعددية الاثنية , والدينية , اللغوية , والثقافية في دولة شمال السودان !
ونسي الرئيس البشير ان ذلك ( عدم أعترافه بالتعددية ) كان السبب الحصري وراء انفصال جنوب السودان ! وقطعا سوف يدفع ذلك الموقف الاستفزازي , جنوب كردفان , وجنوب النيل الازرق , وربما دارفور , للمطالبة بالانفصال , أسوة بجنوب السودان !
أعتقال الشيخ الترابي ( الثلاثاء – 18 يناير 2011 ) , كان اشارة من الرئيس البشير لقادة المعارضة الشمالية , ولبعض قادة حزبه العقلانين ... اشارة بان موضوع الملاسنات قد دخل الحوش !
أشارة الي أن الرئيس البشير قد أوقف التعامل , مع معارضيه , حسب مبدأ معاوية ابن ابي سفيان :
( لا نحول بين الناس وألسنتهم , ما لم يحولوا بيننا وبين ملكنا ) .
وسوف يتعامل الرئيس البشير , مع معارضيه حسب مبدأ نافع :
( الحكومة لن تدير خدها الأيمن , إذا ما صفعت على الأيسر ! والبادي اظلم ! والبشاكل مابقول عورتني ! )
وقد اعذر من انذر !
بعد الرفض والتصلب الانقاذي , يبقي امام المعارضة الشمالية خياران , لا ثالث لهما :
الخيار الاول ان تبدأ المعارضة الشمالية المقاومة الناعمة ( الجهاد المدني ... اضرابات , مسيرات , اعتصامات ) , وكذلك المقاومة الخشنة ( الحركات الحاملة للسلاح في دارفور وجنوب كردفان وجنوب النيل الازرق ) للاطاحة بالنظام الانقاذي !
ويفور التنور ... وتهب العجاجة ! التي ترمي بشرر كالقصر ! كأنه جمالات صفر !
الخيار الثاني ان يتكلف الجميع العمل بالحلم ( كلمة الدلع للخوف والجبن ؟ ) خوفأ علي بلاد السودان واهل بلاد السودان , من نتائج المواجهات ( ناعمة أو خشنة ) ضد نظام الانقاذ المجنون !
في هذا الخيار يربع الجميع اياديهم , ويتمحنوا في انتظار الفرج من السماء التي تمطر كلاشات ؟ وربما في انتظار ان يلين قلب الرئيس البشير لهم وعليهم ؟
في هذا الخيار , يلحق مولانا بحواره فتحي شيلا , ويصبح أنقاذيأ علي السكين ؟
في هذا الخيار يمكن لبني السودان الشمالي ان يستمروا في سكرتهم ... فهم قوم مسحورون !
دارفور ؟
قرر الرئيس البشير العمل باستراتجية سلام دارفور الجديدة ! والتفاوض مع ممثلي شعب دارفور ( مواليد انتخابات ابريل 2010 ) في المجالس النيابية الولائية , ونواب دارفور الكبري في المجلس التشريعي القومي , والولاة المنتخبون , وبعض منظمات المجتمع المدني الدارفوري في الداخل الدارفوري ( كلها منظمات انقاذية ؟ ) , للنظر في امكانية قبول او رفض ( نعم أو لا ؟ ) مسودة الاتفاق التي قدمتها الوساطة القطرية – الاممية , والتي قبلتها حركة التحرير والعدالة , مكرهة لا بطلة ! ودون فتح باب التفاوض حول بنود مسودة الاتفاق !
كما قرر الرئيس البشير مطوحة حركة العدل والمساواة , وترك مفاوضيها عالقين في الدوحة , يقضمون في اصابعهم ! وتدمير معاقلها في دارفور وجنوب السودان , وقتل واسر قادتها !
يذكر ان الرئيس البشير قد سحب وفده المفاوض من الدوحة ! في صفعة مؤلمة لجهود السلام في دارفور ! ورفض الرئيس البشير وجود هوية لدارفور داخل الهوية السودانية !
وفي هذا السياق , اقترح السناتور جون كيري منبرا اخر , اكثر جاذبية من منبر الدوحة , لاكمال مفاوضات سلام دارفور ! وفي المقابل , بلعت حركة العدل والمساواة دعوتها لاعادة تاهيل منبر الدوحة , كون الوساطة القطرية منحازة للمؤتمر الوطني !
حركة التحرير والعدالة , وحركة العدل والمساواة , تنتظران في الدوحة ان يتكرم , عليهما , المؤتمر الوطني بكلمة ! وان يرق قلبه لهما وعليهما ! وأن يرمي لهما حتي بفتات من موائده !
فحالتهما اصبحت لا تسر حتي العدو!
ولكن المؤتمر الوطني يتمنع , بعد ان شم دمهما !
أوصل المؤتمر الوطني الجميع الي طريق دارفوري مسدود ... وربما الي ما بعد انتهاء الفترة الانتقالية في يوم السبت 9 يوليو 2011 !
وبعدها ... وفقط بعدها تفتح ادارة اوباما ملف دارفور ! وتبدأ الكلاب الصهيونية في واشنطون في التنطيط , والنباح , والخربشة , والعض !
انتظروا !
أنا لمنتظرون !
المحور الثالث : فرص استدامة السلام بين دولة جنوب السودان الجديدة ودولة شمال السودان الاسلاموية العروبية ؟
يمكن الاشارة في هذا المحور الي اهم مكوناته ... الخاصة بجهود امبيكي !
في سياق هذا المحور , يعكف امبيكي , ( بالتنسيق مع أدارة أوباما ) , علي بلورة خطة طريق مبنية علي امرين :
اولأ :
+ الصفقة الشيطانية بين الرئيس البشير وادارة اوباما , التي تلزم الرئيس البشير بتسهيل ميلاد والاعتراف بدولة حنوب السودان , مقابل تجميد امر قبض الرئيس البشير !
وثانيأ :
+ تؤامة بين دولة جنوب السودان الوليدة , ودولة شمال السودان الاسلاموية العروبية ! وحسب مبادرة السيد الامام !
بالمناسبة امبيكي متخصص في تبني مبادرات السيد الامام , ولكن علي استحياء , وبالمغتغنت !
تهدف خطة طريق امبيكي الي حلحلة جميع المشاكل العالقة , خصوصا مشكلة ابيي , خلال فترة الستة شهور الانتقالية المنتهية في يوم السبت 9 يوليو 2011 ! وذلك مقابل بعض المحفزات والسكريات الامريكية !
بعدها تصبح العلاقة بين دولة شمال السودان ودولة جنوب السودان عسل ولبن وسمن ... كما العلاقة بين جمهورية جنوب افريقيا ومملكة سوازيلاند !
هذه الاحتمالية السعيدة ليست حلم ليلة صيف ! وانما تحتمها مصالح البلدين الاستراتيجية , ومبدا الاعتماد المتبادل !
ويحلم امبيكي , في نهاية مطاف خطته , الي قيام اتحاد كونفدرالي وسوق مشتركة ( عربية – افريقية ) من القامشلي الي راس الرجاء الصالح !
تجذب دولة شمال السودان الاسلاموية العروبية , لهذ الاتحاد , الدول العربية ! وتجذب دولة جنوب السودان , لهذا الاتحاد , الدول الافريقية !
أحلام زلوط ؟
ربما ؟
هناك معوقات كثيرة ومتعددة , يتحتم علي امبيكي تجاوزها , خلال الستة اشهر القادمة , وقبل ان يحلم بتحقيق حلمه الكبير !
نوجز خمسة منها أدناه , علي سبيل المثال , لا الحصر :
+ حل مشكلة ابيي , ومشكلات ترسيم الحدود الاخري , حلأ توافقيأ , مقبولا لجميع الاطراف !
+ الامتناع المتبادل ( المؤتمر الوطني والحركة الشعبية ) عن دعم حركات التمرد ضد الطرف الاخر !
+ تنفيذ المشورة الشعبية , المضمنة في اتفاقية السلام الشامل , بما يرضي مواطني جنوب كردفان وجنوب النيل الازرق !
+ حل مشكلة دارفور حلأ جذريأ , برضاء جميع الحركات الدارفورية الحاملة للسلاح !
+ حسم بقية المسائل الخلافية العالقة بين الدولتين , مثلأ : البترول , توفيق اوضاع الشماليين والجنوبين المتواجدين في الدولة الاخري !
كل واحدة من المسائل الخمسة المذكورة اعلاه تمثل لوحدها جلمود صخر سيزيف الاغريقي !
ولكن ينوي امبيكي ان يضغط , اكثر , علي دولة جنوب السودان الجديدة , ويطلب منها , ان تضحي هي الاخري وتقدم تنازلات , في كل نقطة من النقاط المذكورة اعلاه , كما ضحت دولة شمال السودان , بفقدان كل الجنوب , برضاء وبدون اكراه ؟
قووود لااااااك ( حظأ سعيدأ ) ... امبيكي !
|