(كلام عابر)
مستثمـرون عـقــاريون
قبل فترة قليلة جاء إلى الخرطوم رجل أعمال عربي متوسط الثراء وليس من الأسماء الكبيرة في دنيا الأعمال في بلده وذكر في بعض الصحف التي أولته اهتمامها أنه سيستثمر في عدة مجالات ومن بينها المجال العقاري، وما أن اسمع كلمة الاستثمار في المجال العقاري ترد على لسان مستثمر، وهي بالضرورة تشمل إقامة الإنشاءات والمجمعات السكنية والتجارية، ما إن أسمع هذه الكلمة حتى أتوجس في نفسي خيفة وذلك من واقع التجارب غير الحميدة التي ابتليت بها بلادنا دون أن تثير انتباه أحد.قبل بضع سنوات حضرت في مدينة عربية لقاءا ضم بعض رجال الأعمال من الدرجة الثالثة والرابعة ووقف متحدثا فيهم رجل أعمال كان اسمه لامعا لفترة من الوقت في الصحافة السودانية حاثا الحاضرين على الاستثمار في السودان ، وأشار إلى بعض المميزات التي تتوفر في السودان وقال إن الدولة السودانية توفر للمستثمر الأرض بسعر رمزي وبعد ذلك يمكن للمستثمر أن يحدث في الأرض بعض عمليات التطوير التي تكلف قليلا من المال، وهي عمليات ،كما ذكر، لا يقومون بها عادة "أو لا يعرفونها" في السودان، وبعد ذلك يعاد بيع نفس الأرض بعد تجزئتها إلى مساحات أصغر ويحقق ذلك أضعاف ثمن الشراء . وهناك مستثمر آخر اشترى مساحات من الأراضي السكنية في مدينة أم درمان باسم مواطن سوداني ثم قام بتجزئتها إلي مساحات أقل وباعها بأضعاف ثمنها الأصلي. ولا أدري كيف تمنح الدولة السودانية الأراضي لهذا النوع من المستثمرين ثم تسمح لهم بالمتاجرة فيها رغم أن قوانين الاستثمار السودانية تمنح الأرض للمستثمر الأجنبي لغرض استثماري معين ولا يسمح له ببيع هذه الأرض أو تغيير الغرض الذي منحت من أجله ،وفي حالة المخالفة تنزع الأرض الممنوحة للمستثمر الذي يفترض أنه قد جاء للسودان مستثمرا وليس مضاربا في الأراضي.
النوع الآخر من المستثمرين العقاريين هم الذين شيدوا مجمعات سكنية ولم يتاجروا في الأراضي التي خصصت لهم ولكن سعر البيع الوحدة الواحدة في مجمعاتهم السكنية خرافي ويضارب أسعار مثيلاتها في طوكيو ونيويورك ومؤخرا موسكو التي انضمت لقائمة العواصم التي ترتفع فيها تكلفة السكن بشكل غير مألوف. المجمعات السكنية الجديدة التي أقيمت في الخرطوم أسطورية التكلفة ولا زبائن لها إلا قلة من الأثرياء والمتمكنين، ولا تعتبر إضافة إلى الاقتصاد الوطني، ووجودها في حد ذاته مستفز أيما استفزاز.
الاستثمار الحقيقي النافع هو الذي يوجه نحو المشاريع الإنتاجية، الصناعي منها على وجه الخصوص، الذي يضيف للاقتصاد ويوفر فرص العمل للمواطن، وليس ذلك الذي ينصرف للمتاجرة في الأراضي أو الاستثمار في البصات السياحية أو محلات الحلاقة والشاورما والمعجنات،التي تطالعك لافتاتها المستفزة وهي تمد لسانها لأكثر من 90% من القابعين تحت خط الفقر.
ليت الأبواب توصد نهائيا في وجوه هؤلاء الطفيليين، صغارهم وكبارهم.
(عبدالله علقم)
[email protected]
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات ,الاخبار و البيانات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام
أعلى الصفحة