(كلام عابر)
بنغــاليون في حـياتنا
في العشر الأواخر من الشهر الفضيل كان لي لقاء مع السيد والي ولاية القضارف اجريت خلاله حوارا نشرته على صفحات الخرطوم، وقد كان الرجل كريما معي ،أحسن استقبالي واستضافتي بما هومعروف عنه من سماحة وبساطة في التعامل ، وبعد اللقاء اتخذت طريقي من المكتب الفخيم إلى خارج مبنى حكومة الولاية ، الذي يماثل في فخامته وفخامة أثاثه أفخم البنايات الحكومية في الدول الخليجية ، وقد لفت نظري ، كما ذكرت في الحوار الذي نشر، وجود عدد من عمال النظافة البنغاليين في المبنى منهمكين في التنظيف والتلميع ويرتدون أزياء جميلة نوعا ما، لا تتوفر لمن يقومون بمثل هذا العمل في بلادنا، و كتبت في هذه المناسبة أني حمدت الله الذي مد في أيامي لأرى القضارف وهي تستورد أو تستقدم عمال النظافة من خارج الحدود بعد أن كانت المهنة موطنة بنسبة مائة بالمائة. أقف اليوم مرة أخرى عند ظاهرة "الكناسين" أو عمال النظافة الذين يستقدمون من بنغلاديش وربما سيتم استقدامهم في مرات قادمة من نيبال وسيريلانكا تماما كما تفعل الدول الخليجية التي أنعم الله عليها بالثروة . حكومة ولاية القضارف لم تبتدع مبدأ استقدام عمال النظافة لكنها جرت على نهج من سبقوها في مدن أخرى، ومن قال إن القضارف لا تساير أحدث الموضات؟ ولكن من المستبعد أن يكون والي القضارف الحالي هو الذي استقدم هؤلاء العمال لأن برنامجه الانتخابي كان يتركز في وقف الصرف الباذخ من أموال الدولة ومحاربة كل أنواع الفساد الإداري والمالي، رغم أن البرامج والشعارات عادة ما تكون وقتية.
وما دامت الأحوال الاقتصادية في بلادنا لا تسير للأحسن (والغريق لي قدام) وصدرت لمعالجتها حزمة فطيرة من القرارات الاقتصادية وستعقبها حزم أخرى بلا شك، لوضع مزيد من القيود على الاستيراد والصرف، فمن باب أولى إيقاف هذا النوع من الصرف التفاخري الذي لا يعكس واقع حالنا وليتوقف استقدام عمال النظافة البنغاليين فبديلهم موجود في السودان منذ أن خلق الله السودان، ويمكن أن يرتدي العامل السوداني نفس زي العامل البنغالي، استكمالا لجمال المنظر، وأن نوفر لها المزايا الموفرة للبنغالي، والعامل السوداني لن يقوم بتحويل دولار أو جنيه واحد من راتبه لخارج الحدود .
أتمنى على السيد والي القضارف أن يصرف هؤلاء البنغاليين فوجودهم مستفز ومتناقض مع واقع الحال ، وواقع الحال يقول أن الناس هناك يقضون حاجتهم في العراء على بعد خطوات قليلة من ذات المبنى الفخم.
(عبدالله علقم)
[email protected]
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات ,الاخبار و البيانات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام
أعلى الصفحة