بسم الله الرحمن الرحيم
حقائق تاريخية عن تفكيك الدولة السودانية
حسن الطيب / بيرث
كل الشعوب الحية تحاكم تاريخها، ولا يهرب من محاكمة تاريخه إلا المهزوم الذي يفزع من مواجهة حقائق التاريخ، هذه الصفحات نستعرض فيها أدوار كل من مصر وأمريكا وإسرائيل في السودان.
ماسبق ذكرة جاء ضمن مقدمة المقال الذي كتب يوم الجمعة 12 نوفمبر 2010 في موقع مفكرة الإسلام بعنوان (أدركوا السودان قبل أن يضيع) بقلم. م/ فتحي شهاب الدين, ونسبة لطول المقال ساكتفي بما قل ودل علي دور مصر وأمريكا وإسرائيل.
ذكرت الكثير من الدراسات أن النظام الناصري كان أول من سلّح الحركات الجنوبية ضد الشمال السوداني، نكاية فيه وعقابًا له على تعاطفه مع نجيب والإخوان المسلمين ورفضه الوحدة مع مصر تحت حكم العسكر ومنذ ذلك الحين أخذت السياسة المصرية تنحو منحى التجاهل تجاه السودان ثم جاءت هزيمة 1967 لتنكفئ مصر على ذاتها وليتحول اهتمام القيادات المصرية إلى أولوية تحرير الأرض بالحرب أو التفاوض.
عهد السادات:-
تطور الأمر على نحو أكثر إيجابية في عهد الرئيس السادات الذي توصل إلى اتفاق مع الرئيس جعفر نميري (1978-1985) حول صيغة "التكامل" التي أقامت مؤسسات عدة للتعاون بين البلدين، ولكن حكومة "الصادق المهدي" التي جاءت بعد ذلك ألغت التكامل وتبنت ما سمى في حينه بـ "ميثاق الإخاء" الذي كان بمثابة نكوص أدى إلى تراجع العلاقات خطوات إلى الوراء.
عهد مبارك:-
كان السودان طوال تلك الفترة يمر بتحولات خطيرة وكانت القوى الاستعمارية تدفع الأمور فيه باتجاه التقسيم والتفتيت ، ومع تأرجح العلاقات المصرية السودانية خلال فترة الحكم الحزبي الأخير (1986-الصادق المهدي) حتى (1989-البشير) تم الانهيار الكبير لهذه العلاقات خلال العقد الأول من حكم الرئيس السوداني عمر البشير وتورطت مصر بشكل علني في أزمة جنوب السودان، وانخرطت في تقديم المساعدات للحركة الشعبية لتحرير السودان، وجناحها العسكري (الجيش الشعبي) وأصبح جون قرنق ضيفًا دائمًا على مصر واحتضنت مصرالتحالف الشمالي المعارض للخرطوم في إطار المواجهة مع النظام السوداني ووصل الأمر إلى حد اتهام النظام المصري لنظيره السوداني بدعم أعمال العنف والإرهاب التي وقعت في مصر في عقد التسعينيات الماضية ووصل الأمر إلى حافة الحرب بين البلدين ، وكانت قاصمة الظهر في العلاقات المصرية السودانية هي اتهام مصر للنظام السوداني بالضلوع في محاولة الإغتيال الفاشلة للرئيس مبارك في العاصمة الأثيوبية أديس أبابا في عام 1995م، والتي اندلع على أثرها سجال إعلامي حاد بين الطرفين كاد يتحول إلى حرب مسلحة، وظلت العلاقة بين الجانبين في حيز القطيعة والتدهور حتى أطاح الرئيس "البشير" برفيقه في إنقلاب يونيو 89 الدكتور حسن الترابي زعيم جبهة الإنقاذ في ديسمبر من عام 1999 ووضعه قيد الإقامة الجبرية ثم الاعتقال الصريح ، وعند ذلك بدأ تيار من الدفئ يسري في أوصال العلاقات بين الجانبين.
الدور الإسرائيلي:
جاء في الكتاب الذي اصدره مركز ديان لابحاث الشرق الاوسط وافريقيا والتابع لجامعة تل ابيب حول " اسرائيل وحركة تحرير السودان " الذي كتبه ضابط الموساد السابق العميد متقاعد "موشي فرجي" والذي اوضح فيه استراتيجية اسرائيل تجاه السودان ، والتي تتلخص في السياسة التي اسمتها( شد الاطراف ثم بترها) علي حد تعبيرهم بمعني مد الجسور مع الاقليات وجذبها خارج النطاق الوطني ثم تشجيعها علي الانفصال وهذا هو المقصود بالبتر لاضعاف العالم العربي وتفتيته وتهديد مصالحه في الوقت ذاته وفي اطار تلك الاستراتيجية قامت عناصر الموساد بفتح خطوط اتصال مع تلك الاقليات والتي في المقدمة منها الاكراد في العراق والموارنة في لبنان والجنوبيين في السودان ، وكانت جبهة السودان هي الاهم لاسباب عدة في مقدمتها انها تمثل ظهيرا وعمقا استراتيجيا لمصر اكبر دولة عربية ،لذلك انتشرت في قلب افريقيا( في الفترة من عام 56 الي عام 77 حيث اقامت علاقات مع 33 دولة افريقية) لكي تحيط بالسودان وتخترق جنوبه وكيف انتقت من زعماء الحركة الانفصالية واختارت "جون قرنق" فاعدته وساندته لكي يتحدي حكومة الخرطوم ويفرض نفسه عليها، وبدأت الاتصالات مع الجنوبيين من القنصلية الإسرائيلية في أديس أبابا وكانت الشركات الإسرائيلية التي أنشأت في أثيوبيا هي الواجهة التي استخدمت تلك الإتصالات وكان"أشير ناتان" رجل الموساد النشط الذي أصبح يدير شركة "أنكودا" هو أول من قام بالاتصال بالزعماء الجنوبيين ، وبعد الدراسة لأوضاع الجنوب وقع الاختيار على قبيلة "الدينكا" أقوى قبائل المنطقة لكي تكون الباب الذي تتسلل منه إسرائيل إلى الجنوب وتتغلغل في شرايينه ، أما الذي قام بالدور البارز في توسيع نطاق الاتصالات وتوثيقها فقد كان "دافيدكيمحي" رجل المهمات الخاصة في الموساد الذي عُين مديرًا عاما لوزارة الخارجية الإسرائيلية.
ومنذ عقد الخمسينيات ركزت إسرائيل على أمرين: أولهما تقديم المساعدات الإنسانية للجنوبيين والأدوية والمواد الغذائية والأطباء) ، وثانيهما استثمار التباين القبلي بين الجنوبيين أنفسهم وتعميق هوة الصراع بين الجنوبيين والشماليين.
وفي الستينيات: بدأت صفقات الأسلحة الإسرائيلية تتدفق على جنوب السودان عبر الأراضي الأوغندية، وكانت أول صفقة عام 1962م ومعظمها من الأسلحة الروسية الخفيفة التي غنمتها إسرائيل من مصر في عدوان 56 بالإضافة إلى الرشاش الإسرائلي عوزي، وقد اتسع نطاق تدريب الميليشيات الجنوبية في كل من أوغندا وأثيوبيا وكينيا وكانت أثيوبيا أكبر قاعدة لإيصال الأسلحة والذخائر إلى جنوب السودان، كما اتسع نطاق تزويد الجنوبيين بالسلاح من الدول المجاورة وحينما تولى "أوري لوبراني" مهندس عملية التطوير والاختراق منصب سفير إسرائيل في أوغندا ثم في أثيوبيا تطور ذلك الدعم إلى حد أن بعض ضباط القوات الإسرائيلية الخاصة كانوا ينتقلون لتدريب الانفصاليين في مناطق جنوب السودان.
وفي عام 1990 وحتي الآن وصل الدعم الإسرائيلي لجيش تحرير السودان وقائده جون قرنق ذروته وأصبحت كينيا هي جسر الاتصال بين الطرفين بدلا من أثيوبيا وقد أغرقت خلالها إسرائيل (جيش التحرير) بالأموال والسلاح لتعزيز موقف الحركة التفاوضي مع حكومة الشمال حتى أصبح ندًا عنيدًا لها بل وأقوى منها عكسريًا الأمر الذي أوصل الحركة إلى نقطة مخيرة فيها بين الانفصال أو الذهاب إلى أبعد وفرض شروطها على حكومة الخرطوم وقد نجحت في تحقيق الخيار الثاني بحيث مدت نفوذها من جوبا عاصمة الجنوب إلى الخرطوم عاصمة البلد كله، وكانت إسرائيل تدفع مرتبات قادة وضباط جيش (تحرير السودان) ، وقدرت مجلة (معرجون) العسكرية أن مجموع ماقدمته إسرائيل لجيش تحرير السودان 500 مليون دولار، قامت الولايات المتحدة بتغطية الجانب الأكبر منه.
وتقول الدراسات إن " قرنق" بدأ يميل إلى الوحدة مع الشمال مما دعا بإسرائيل إلى التخلص منه عن طريق تحطيم الطائرة التي كانت تحمله.
الدور الأمريكي:
لقد دخل مخطط تقسيم العالم العربي الذي وضعه المستشرق الإنجليزي برنارد لويس حيزً التنفيذ في ثمانينيات هذا القرن حيث بدأ بالعراق واتهمه بحيازة الأسلحة النووية ثم مقاطعته وحصاره ثم ضربه وتقسيمه ، أما السودان فقد كانت البداية لانطلاق مخطط التقسيم في أغسطس 1994 في المؤتمر الأفريقي السابع الذي انعقد بكمبالا بأوغندا وبإدارة مساعد وزير الخارجية الأمريكي الأسبق للشئون الأفريقية "كوهين" والذي عرف باسم وثيقة كمبالا حيث تم التخطيط لتقسيم السودان إلى أربع دويلات دارفور (غرب) والبجا (شرق) وجنوب السودان ، أما الرابعة فهي دويلة الشمال العربية والسودان في هذه الوثيقة هي الدولة الأفريقية الوحيدة التي نالها التقسيم بل والتقطيع ، وتم استبعاد السوادان من جهة الشرق عن تجمع دول منطقة القرن الأفريقي بينما استبعد من ناحية الغرب عن تجمع دول الحزام السوداني وبذلك يتم تجريد السودان من كل مقوماته الحضارية والاقتصادية مع إبعاد حدوده عن مناطق السيطرة على منابع النيلين الأبيض والأزرق وبذلك لن تصلح أرض السودان إلا أن تكون تابعة للدول المحيطة به مثل (مصر) و(أثيوبيا) و(أوغندا) ويعود وسط السودان المعزول باقتصاده الزراعي والرعوي المتخلف المحدود بعد السيطرة على مياه النيل إلى العصور الوسطى ، لذلك لم يكن إصدار المحكمة الجنائية الدولية أمر قضائي باعتقال الرئيس السوداني عمر البشير بتهمة ارتكاب جرائم تطهير عرقي في دارفور مفاجأة للمتطلعين على نوايا أمريكا تجاه السودان فقد باشرت أمريكا ضغوطها مستغلة الأحداث الجارية بما فيها قضية دارفور للضغط على حكومة السودان للتوقيع على اتفاق مشاكوس ثم نيفاشا والتي نجحت في إعطاء حق تقرير المصير للجنوب السوداني وبتوقيع تلك الاتفاقية تكون الإدارة الأمريكية قد حسمت المعركة لصالح سياسة تفكيك الدولة السودانية وعلى دفعه لتوقيع اتفاقات سلام مماثلة ومتعددة مع حركات التمرد في الشرق والغرب ثم في الشمال..).
الحرب الأهلية:
يقول الامام الصادق المهدي ، الحرب الأهلية في السودان تنطلق من وجود تباين ديني وإثني وثقافي في البلاد غذاه الاستعمار عن طريق سياسة المناطق المقفولة ما خلق استقطابا في البلاد.
هذا الاستقطاب خلق مرارة في النفوس ما يفسر حوادث أغسطس 1955م ، التي تمردت فيها كتيبة جنوبية وانطلقت هاجمة على الشماليين الذين في الجنوب قتلا لهم على الهوية، ولكن تلك الأحداث التي وثق لها تقرير القاضي توفيق قطران ، وقد كانت سلسلة اغتيالات ليست حربا أهلية، وقد حوكم الجناة وانتهت الحادثة تماما وقد طفت وأنا طالب مع وفد حزب الأمة الجنوب مدينة مدينة بعدها وكان آمنا، كذلك انخرطت الأحزاب السياسية الجنوبية كلها في العملية السياسية وكان الجنوبيون ممثلين في رئاسة الدولة، وفي مجلس الوزراء، وفي البرلمان، واجمعوا مع النواب الآخرين على إعلان الاستقلال من داخل البرلمان في 19 ديسمبر 1955م، وكان المطلب الوحيد الخاص بهم هو أن تكون علاقة الجنوب بالشمال في الدستور الدائم المزمع علاقة فدرالية.
روى السيد ستنسلاوس عبدالله في مذكراته إن قيادات الحكومة القومية كلهم ذهبوا بعد الاستقلال لمقابلة الإمام عبد الرحمن المهدي مع نخبة من زعماء الجنوب فسأله الإمام ، ما الذي يريده الجنوب؟ فقال ستنسلاوس: "الجنوب لا يريد أكثر من أن يحكم نفسه بنفسه في ظل سودان موحد".
وفي 17 نوفمبر 1958م أي بعد ثلاثة أعوام من هدوء تام في الجنوب وقع الانقلاب العسكري الأول بما صحبته من ملابسات. الحكم العسكري لم يأبه بإجراءات اتخذها أشعلت الحرب الأهلية الأولى هي:-
1. حل الأحزاب وحل البرلمان غيب الرأي الجنوبي الذي لم يمثل في مؤسسات الحكم الأخرى ، وأدى لتشريد القيادات السياسية الجنوبية مع عدم وجود مصادر دخل بديل. هذه المظالم حولت الكادر السياسي الجنوبي لجماعة احتجاج ومقاومة، لاجئين إلى المنافي بتسهيلات من معارفهم ومن الكنائس أذكر منهم: السادة: ساترنينو لاهور- فريدناند أدينانق- بنكر أسيواو شانق-جيمس دول- أكوت أتيم- الكسس مابالي يانجو- فيليب باداك ليث- أقرى جادين-ناتانيال أوديت. وغيرهم وكلهم نواب سابقون في البرلمان المطرود. هؤلاء تجمعوا أولا في مدينة ليوبولد فيل في الكنغو. ثم انتقلوا إلى مدينة كمبالا في يوغندا وكونوا حزب سانو مع جماعات أخرى من الجنوبيين الذين ضاقوا ذرعا بالسياسات الإقصائية أمثال السيد وليم دينق.
2.إجراءات تعريب وأسلمة إدارية أكثرها رمزا للبرنامج تغيير يوم العطلة في الجنوب من الأحد للجمعة والأحد عند المسيحيين شعيرة دينية في حد ذاته مما أثار حفيظة ومعارضة الإرساليات المسيحية التي صارت متوغلة في النسيج الاجتماعي الجنوبي كما في كل أفريقيا جنوب الصحراء منذ تطبيق سياسة المناطق المقفولة في عام 1922م.
3.الجنود الذين اشتركوا في تمرد عام 1955م سرحوا من الخدمة وبعضهم حوكم وسجن. وفي عام 1963م قرر الفريق إبراهيم عبود إصدار عفو عام عن المحبوسين منهم فأطلق سراحهم دون أية خطة لاستيعابهم في أعمال مدنية. هؤلاء استقطبهم الساسة وكونوا حركة أنيانيا (سم الأفعى) وحصلوا على السلاح من مصادر كنسية وإسرائيلية. هكذا اشتعلت الحرب الأهلية الأولى.
وفي أكتوبر 1964م انطلقت انتفاضة أطاحت بالنظام الاستبدادي الأول. وأعقب ذلك فترة انتقالية انتهت بانتخاب حكومة الديمقراطية الثانية.
الحكومة الانتقالية والحكومة الديمقراطية التي أعقبتها نظمتا مؤتمر المائدة المستديرة، ولجنة الاثنى عشر، ومؤتمر الأحزاب ما أدى لمشروع سلام يقيم في الجنوب حكما ذاتيا إقليميا ولكن قبل تنفيذ ذلك وقع الانقلاب الثاني الذي أقام النظام الشمولي الأول في 25 مايو 1969م.
هذا النظام اقتبس شعارات شيوعية وانتمى للمعسكر الشرقي في الحرب الباردة. ولكن تفجرت فيه خلافات داخلية وبعد محاولة انقلاب يوليو 1971م بطش بالحزب الشيوعي واتجه إلى التعاون مع المعسكر الغربي الذي كافأه بالتوسط عبر مجلس الكنائس الأفريقي والحكومة الأثيوبية أي الإمبراطور هيلاسلاسي مع قيادة حركة أنيانيا ما أدى لإبرام اتفاقية أديس أبابا في 1972م.الاتفاقية تأسست على تحضيرات الديمقراطية الثانية التي أطاح بها الانقلاب. سلام اتفاقية أديس أبابا استمر حوالي عشرة أعوام وفي مايو 1983م اندلعت الحرب الأهلية الثانية بقيادة الحركة الشعبية لتحرير السودان. إدارة القيادة السياسية الجنوبية للحكم الذاتي الإقليمي تعثرت ووقعت خلافات بين قادتها واتهمت بالخضوع لهيمنة قبيلة الدينكا. هنالك إجراءات اتخذها نظام الشمولية الأولى بقيادة جعفر نميري أدت لاندلاع الحرب الأهلية الثانية بصورة أضخم وأخطر من الحرب الأولى هي:-
1.خرق اتفاقية السلام بالتدخل في صلاحيات المجلس التنفيذي العالي وبتقسيم الجنوب إلى ثلاث ولايات دون إتباع الآلية الدستورية المنصوص عليها.
2.اضطراب برنامج إدماج قوات أنيانيا في القوات المسلحة السودانية وحدوث توتر في تصرفات بعض العسكريين الجنوبيين ما أدى لتمرد في الكتيبة (105)
3. نظام الشمولية الأولى واصل الانتماء للمعسكر الغربي وأبرم مع مصر اتفاقية دفاع مشترك تحت مظلة المعسكر الغربي. وكانت أثيوبيا بعد انقلابها تحت قيادة ماركسية وكذلك اليمن الجنوبية وكانت ليبيا متحالفة مع المعسكر الشرقي. لذلك كونت هذه الدول حلف عدن في أوائل الثمانينات من القرن الماضي. هذا الحلف تلقف القيادات الجنوبية العسكرية التي لجأت للخارج بعد ما وقع من اختلافات.كون هؤلاء بقيادة د. جون قرنق الحركة الشعبية لتحرير السودان ووجدوا رعاية تامة من حلف عدن: تدريبا، وتسليحا، وتمويلا، وأرض معسكرات.
4. وفي سبتمبر 1983م أعلن النظام ما سماه ثورة تشريعية لتطبيق الشريعة الإسلامية في كل البلاد ما أعطى المقاومة الجنوبية بعدا جديدا وزاد من قاعدة تأييدها.
وبعد الإطاحة بنظام الشمولية الأولى في أبريل 1985م اجتهدت الحكومة الانتقالية المكونة بإجماع القوى السياسية والنقابية لإنهاء الحرب. ولكن الحركة الشعبية كانت متحالفة مع نظام منقستو في أثيوبيا الذي حال دون تجاوبها بالقدر الكافي مع مبادرات الحكومة الانتقالية ومبادرات حكومة الديمقراطية الثالثة وذلك على حد تعبير وزير خارجية أثيوبيا لي: ("قرنق هبة السماء لنا وإن لم يوجد لكان علينا اختراعه) ونحن لن نسمح بسلام في السودان ما لم يقايض السودان معنا تحقيق سلام في أثيوبيا وإنهاء الحرب مع الإريتريين."المطلوب مقايضة سلام جنوبكم بسلام شمالنا".
لذلك تقلب مشروع السلام إلى أن وصل مرساه في عام 1989م واتفق على عقد مؤتمر قومي دستوري في 18 سبتمبر 1989م لإبرام اتفاقية سلام ولم يكن حينها دور لجهات أجنبية ولم يكن تقرير المصير مطروحا حينها. ولكن انقلاب يونيو في ذلك العام قوض عملية السلام. وباسم الجهاد زادت كثافة الحرب الأهلية وزادت التدخلات الخارجية فيها.
وانتهى الأمر إلى إبرام اتفاقية سلام نيفاشا يناير 2005م. ولكن قبل إبرام اتفاقية السلام اشتعلت حرب أهلية جديدة في 2002م في دارفور.).
وفي رائي سبب ذلك (الرؤوس المؤدلجة) التي لعبت على وتر التمايز العرقي والديني في السودان وألبست قضايا الظلم الاجتماعي وتوزيع الثروة لباسا جعل العرق الأفريقي والبعد الديني سببا يقف وراء إلمطالبة بالانفصال. لذلك يقول العالمين ببواطن الامور سوف تنشأ في 9/1/2011 دولة جديدة صهيونية الهوى صليبية الهوية كما قامت إسرائيل من قبل لتكون خنجرًا في قلب الأمة العربية والإسلامية، وفاصلاً بين شرق العالم الإسلامي وغربه، كذلك دولة الجنوب يراد لها أن تفصل العالم العربي والإسلامي عن محيطة الأفريقي لتكتمل خطة حصار النفوذ العربي الإسلامي ومنع امتداده جنوبًا حيث مراكز السيطرة الغربية والتنصير.ورغم ذلك مازلت متفائلآ بوحدة الأمة السودانية لأن العلاقات التاريخية بين عامة المواطنين في الشمال والجنوب مازالت راسخة رغم ما شابها من تشوهات بفعل السياسة الأحادية.
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات ,الاخبار و البيانات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام
أعلى الصفحة