تقرير المراجع العام والمجلس الوطني
تتزاحم الأحداث في البلاد ولا نكاد نعرف من أين نبدأ و أي الأحداث أولي بالكتابة والتحليل و في ظل هذه التداعيات التي تغشي البلاد دعونا نجوس خلال التقرير الذي قدمه المراجع العام للمجلس الوطني الموقر هذا التقرير لم يجد حظه من المناقشة بعد مع خطورته , كنا نظن وان بعض الظن أثم أن الحكومة والمجلس الوطني سوف يعلنان حالة طوارئ و يستنفران كل قواهما لإعلان الحرب علي الفساد والمفسدين ولكن لا حياة لمن تنادي، المجلس الموقر المنتخب من الشعب السوداني في انتخابات وصفت بأنها كانت حرة ونزيهة وشفافة وغير مزورة!! لا يملك إلاّ التهديد بتجميد ميزانية الوحدات المتهربة من المراجعة فقد صرح الفاتح عز الدين القيادى بالمجلس بأن المجلس المحترم يقوم بملاحقة كل المؤسسات والوحدات التي تتهرب من المراجعة وكشف عن اتجاه لتجميد نشاط كل الوحدات التي ترفض المراجعة عبر الموازنة الجديدة لحين رضوخها ويتخوف هذا البرلماني أن تنتشر هذه التفلتات لمؤسسات أخرى وقال(إذا انتشرت ما في داعي لوزارة مالية ) مسكين هذا البرلمان فهو لا يملك من أمره شئ ولا يستطيع فعل شئ وهو الذي يتلقي الهبات من وزير المالية ومن الرئيس أي من السلطة التنفيذية وهذه أيام عيد لا يجرؤ هذا البرلمان علي إغضاب السلطة التنفيذية , هذا البرلمان والسادة الأعضاء الموقرين لم يكلفوا أنفسهم بالاطلاع علي قانون ديوان المراجع العام القومي لسنة 2007م فضلا عن الإطلاع علي القانون الجنائي لسنة 1991م وكذلك قانون الإجراءات المالية والحسابية لسنة 2007م فهذه القوانين المنسية تعاقب بالسجن عشر سنوات وأكثر لمجرد الصرف علي غير الأوجه المحددة للصرف أو الصرف بإهمال أو التأخير غير المبرر في توريد المتحصلات لخزائن ومصارف أجهزة الدولة أو تأخير قفل الحسابات اليومية أو الشهرية أو السنوية وكذلك ارتكاب جرائم الاعتداء علي المال العام بجميع أنواعها , تجنيب الإيرادات أو تحصيلها بنماذج غير الأصولية إذن أمام المجلس خيارات قانونية ولكن اللجوء إليها ربما يقود اغلب المسئولين في البلاد الي السجون ، المخالفات الواردة في التقرير تكفي لإدانة معظم الوزراء ومديري الوحدات الحكومية ونورد بعض الأمثلة ، صيانة العربات التي تم تمليكها للعاملين ويتم تحميل الوحدة بتكلفة الصيانة بدلا من أن يتحملها العاملون ، عدم سداد أقساط العربات مع تأخير سداد الكثير منها في بعض الوحدات ، الجمع بين وظيفتين لعدم تقديم استقالات من قبل بعض العاملين من وحداتهم قبل صدور قرار التعيين ، الجمع بين السكن المجاني وبدل السكن ، تعديل أو فرض رسوم دون موافقة وزارة المالية ، عدم الالتزام بقواعد وأسس شراء السلع والخدمات وإجراءات التعاقد , عدم الالتزام بالسقف المالي المحدد لهاتف السيار ....الخ
كل هذه المخالفات وغيرها كثير ولا يملك المجلس إلاّ التهديد بتجميد ميزانية هذه الوحدات!!
ماذا يفعل المجلس الوطني مع الوزارات التي ترفض تقديم مستندات للمراجعة مثل وزارة الدفاع والداخلية !! فقد ذكر المراجع العام أن (14) وحدة حكومية لديها تجاوزات مالية تمت عن طريق تجنيب الإيرادات أبرزها وزارة الدفاع والعدل والتعليم العالي أما تجاوزت منح البدلات فذهبت إلي وزارة الشئون البرلمانية ووزارة التجارة وتجاوزات كذلك في المجلس الوطني ووزارة التجارة الخارجية والثقافية والإعلام بالعموم فأن التجاوزات شملت كل الوزارات والوحدات تقريبا بما فيه المجلس الوطني نفسه ففاقد الشئ لا يعطيه ، وإذا كان رب البيت بالدف ضارب فما شيمة أهل البيت إلاّ الرقص . الرقص...هذا التقرير يمثل كارثة وطنية يستحق النظر إليه بجدية بحسبان أن الفساد قد أستشرى بصورة مخيفة ، الأعجب من هذا والذي يفقع المرارة علي قول الطيب مصطفي ويفلق الرأس هو ما ورد في التقرير بشأن عدم الالتزام بالسقف المحدد للهاتف السيار بكل من المجلس الوطني والمجلس القومي للذكر والذاكرين فلندع المجلس الوطني وشأنه فقد عرفنا أمره وهوانه ، ولندلف للمجلس القومي للذكر والذاكرين ماذا يفعل هذا المجلس وما علاقته بالحكومة وما هي الواجبات والمهام الملقاة علي عاتقه ، الم يكن هذا المجلس من ضمن منظمات المجتمع المدني (NGOS) كنا نعتقد أن هذا المجلس يضم مجموعة من العابدين الصالحين الذاكرين الله كثيرا يجتمعون لذكر الله بنيات خالصة ويدعون الله العلي القدير أن يحفظ البلاد والعباد.يبتغون الأجر من عند الله العلي القدير وهي ظاهرة لم يكتشفها المؤتمر الوطني ولا دهاقنة الحكومة والدجالين ولكنها موجودة منذ بزوغ فجر الإسلام وفي السودان خاصة فأن الطرق الصوفية تكفلت بهذا الجانب من الذكر لوجه الله لا يريدون جزاءاً ولا شكوراً إلاّ ما تجود بها النفوس الذكية عن رضاء وطيب خاطر ، و لكن ها نحن اليوم في زمان بئيس كل شئ بمقابل مادي حتي الذكر ولا حول ولا قوة إلاّ بالله العلي العظيم , المجلس القومي للذكر والذاكرين يتجاوز السقف المسموح به للهاتف السيار يبدو أن الذكر يتم بواسطة الاتصال التلفوني لكن مع من ؟ الأمر ليست نكتة عابرة !!! من أنشأ هذا المجلس ولأي مهام فهذا المجلس أكيد لديه مقر وموظفين وسيارات وهلمجرا...... إلا يكفي المساجد المبثوثة في هذه البلاد مقاراً لهذه الجماعة حقا الاختشوا ماتوا ماذا لو إننا طلبنا فتوى طازة من هيئة العلماء التي يرأسها العلامة أحمد علي الإمام مستشار التأصيل نستفتي عن هذا المجلس وعن الأموال التي تذهب إليه من الخزينة العامة للدولة أكيد هنالك الذكر فأين الذاكرين !!!وأنا يستجاب لهذا الذكر ؟ ، أما الهيئة نفسها (علماء السودان) فهل تمت مراجعة حسابات هذه الهيئة ؟ الامر كله بؤس في بؤس فتقارير المراجع العام تتوالي عاما بعد عام ولكن لا حياة لمن تنادي ! أنظر إلي الموقف العدلي لقضايا جرائم المال العام فمن بين (65) حالة لم تبت المحاكم سوي في قصية واحدة وأن تسعة تهم أمام المحاكم وسبعة وعشرون أمام النيابة العامة وأثنين وعشرين تهمة مازالت أمام رؤساء الوحدات وتهمة واحد تم حفظها وخمسة تهم شطبت !
والمراجع يقدم التوصيات المناسبة التي تساعد في سد الثغرات وتفعيل النظم الرقابية ومن ثم تحجيم ومحاربة هذه الظاهرة ولكن.................
لسنا في حالة مثالية إلي درجة تدفعنا إلي قطع دابر الفساد ، فأي نظام مها أدعي من نزاهة وطهارة يد فان بعض الفساد لا يخلو منه وإلاّ لما احتاجت الدول إلي مؤسسات تراجع الأداء المالي للحكومات وإلي نظم رقابية تحد من ظاهرة الفساد ، ولكن الذي يدهشنا أن هذه المؤسسات عاجزة عن فعل شئ وحتى المواطن العادي لا يستنكر الفساد الظاهر الذي لا يحتاج إلي دليل أو برهان أصبح أمر الفساد يهدد البلاد والعباد ، الكل أصبح غارق في الفساد فرئيس مفوضية الاستفتاء البروفسير خليل الطاعن في السن والقادم من أمريكا والقانوني الضليع قام بتعيين كريمته مديراً تنفيذياً للمفوضية من دون بنات السودان وحين استنكر عليه ذلك بحسبان أن الأمر فيه محسوبية رد ببساطة ماذا في ذلك ! بالله عليكم أي جرأة يملكها هذا الرجل وأين وصلنا في ظل حكومة المشروع الحضارى !! ليس في الأمر شئ أن يعين ابتنه وعشيرته وأهله ومحبيه ومريده ومطبليه في هذه المؤسسة والذي لا يعجبه ذلك فليشرب من النيل ماءا أو طينا !!
ولا حول ولا قوة إلاّ بالله العلي العظيم ... أبقي في هذه البلاد رجل أو أمراة لم يخوض في الفساد ........ اللهم أنا لا نسألك رد القضاء ولكن نسألك اللطف فيه.
بارود صندل رجب &Times New Roman">