|
|
Last Updated: Dec 25th, 2010 - 19:47:32 |
العدالة – الفريضة الغائبة
مازلنا نردد أن سيادة حكم القانون هي أساس النجاح في أي دولة بل في أي منظومة بشرية وبغيابها تنهار الدول وتعم الفوضي وتعني سيادة حكم القانون أن يلتزم الجميع بالقانون الساري وينزل الجميع عند حكم القانون فلا أحد فوق القانون فالذي لا يعجبه القانون الساري فعليه أن يسعي إلي تعديله وليس تجاوزه . والحكومة التي تضع القوانين هي الأولي باحترام القانون وقد عانينا كثيراً في هذه البلاد من تجاوز المؤسسات الرسمية للقانون، وبل ضربها عرض الحائط كثيرة هي مظاهر خروج المؤسسات علي القانون ونشقق علي السيد/ وزير العدل ونتمنى له النجاح في سعيه لسيادة حكم القانون فنحن نشد من عضده ونقف معه في تحقيق قوله (أن عدم الالتزام بالقانون يؤدي إلي فساد العدالة ويقود إلي خسارة الدولة مادياً كما يترتب عليه أيضا الظلم وعدم العدالة ولذلك نريد أن نفعل هذا الدور من خلال وجودنا في مؤسسات الدولة )ياحبذا لو أن هذا القول والفهم ينزلان إلي الواقع اليوم قبل الغد .... أن خارطة الطريق للخروج من مآزقنا هو حسن تطبيق القانون ، لا أحد يتحدث عن العدالة المطلقة فتلك محال ولكننا نريد العدالة التي يحس المواطن بها فلا يكفي الحديث عن العدالة بل يجب أن يحس بها الناس عامة الناس!!
قضايا العدالة في هذه البلاد شائكة وبعضها آخذ يرقاب بعض قضايا الفساد هذا الغول الذي أطل برأسه وله جيش وخيل ونفوذ ينخر في عظام الأمة المنهكة أصلاً وهذا الفساد يمد لسانه ساخراً من القوانين واللوائح التي تحاربه فهل أعدّ الوزير عدته وعتاده لخوض هذه المعركة والذين سبقوه لم يجرؤا علي محاربته أليس من العيب وفي ظل حكومة المشروع الحضاري أن تأتي البلاد في مقدمة الدول الأكثر فساداً في العالم ..... ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم !!
أما قضية دارفور فهي أم القضايا في هذه البلاد بل في العالم كله ، وقد جرت مياه كثيرة تحت جسر هذه القضية إلي الدرجة أن أصبحت البلاد كلها متهمة بارتكاب جرائم فظيعة في دارفور وأن العالم يطالب بإجراء محاكمات دولية غير مسبوقة وفي ظل هذه التداعيات سعت الوزارة ومنذ سنين إلي إجراء تحقيقات جنائية للوصول إلي الحقيقة أولاً وإلي تقديم الجناة إلي العدالة ثانياً ولكن هذه التحقيقات تسير بسرعة السلحفاة فاللجان التي تكونت منذ سنين ونسمع عنها بين الحين والآخر أنها تجري تحريات ولم تصل بعد إلي أي نتائج ملموسة وسرعان ما تنفض لجان لتكون أخري والمحصلة مزيد من الضبابية وعدم المصداقية فيما تقوم بها الجهات المختصة ! هذه القضية من الأهمية بمكان بحيث تفرد لها الوزارة جهداً أكبر وتستنفر كل قواها في القيام بواجباتها الدستورية والقانونية ، مقارنة بسيطة لعلها تبين لنا سوء حالنا وقلة حيلتنا ، في عام 2004م أصدر مجلس الأمن قراراً بتكوين لجنة دولية للتحقيق حول مزاعم ارتكاب جرائم ضد الإنسانية في دارفور من أطراف الصراع العسكري هذه اللجنة برئاسة قاضي إيطالي تحركت في دارفور وفي غير دارفور وخلال فترة وجيزة لم تتجاوز شهور معدودات أعدت تقريراً بتحقيقاتها وتوصلت لنتائج مذهلة بموجبها تم تحويل قضية دارفور إلي المحكمة الجنائية الدولية والتي جرت علي البلاد البلاوي !! وقبل هذه الجنة أصدر رئيس الجمهورية قراراً بتشكيل لجنة وطنية للتحقيق حول تلك المزاعم برئاسة مولانا دفع الله الحاج موسي رئيس القضاء الأسبق وعضوية الأستاذ/ عمر شمبنا المحامي المعروف وآخرين وتمكنت هذه اللجنة وفي ظل الظروف غير المواتية في دارفور من الوصول إلي نتائج في تقريرها الذي سلم للسيد رئيس الجمهورية الذي وعد بإنفاذ ما ورد في هذا التقرير ولكن وبعد كل هذه السنين لم ير التقرير النور مازال يرقد في أدراج السلطة قرير العين وفي رأينا المتواضع لو أن الحكومة نفذت عشر ما ورد في تقرير اللجنة الوطنية لتجاوزت كثير من المأسي والكوارث التي حلت بالبلاد، صحيح من الناحية الموضوعية فأن وزارة العدل لا تملك الإمكانيات المادية والبشرية توازي ما كانت تملكها لجنة القاضي الإيطالي كما وإنها تتحرك في إطار السياسة العامة للبلاد ولا تستطيع الخروج عليها ورغم كل هذه القيود وغيرها كثير إلاّ أن تحركها كان بطيئا إلي درجة لا يمكن قبولها البتة وكما قال الوزير الحالي عقب إعادة تشكليه لللجنة المختصة فأن الاستعجال المخل سوف يضر بالقضية ولكن وبالمقابل فأن البطء الشديد يؤدي إلي العدالة العرجاء وفقدان المصداقية هذا من جانب ومن جانب آخر ماذا فعلت اللجان السابقة وما هي محصلة عملها وانجازاتها لابد للناس من معرفة الجهد الذي بذل وما هي المسافة التي قطعت للوصول إلي الحقيقة لا يكفي إسباغ الشكر الجزيل للجنة السابقة وعلي ما قامت بها وإحلال لجنة أخري لتواصل العمل نحن لا نشكك في كفاءة وخبرة المستشارين ولكننا نشكك في وجود رغبة حقيقية من أعلي سلم السلطة في السير بهذه التحقيقات إلي وجهتها الصحيحة بمعني أن الوزارة تحرث في البحر وتعرض نفسها لامتحان عسير .... أليس من المدهش أن التحقيقات لم تسفر بعد عن وجود بينات مبدئية تشير إلي ضلوع أي مسئول كبير فيما جرت ويجري في دارفور ، سبق لوزير العدل السابق الأستاذ/سبدارت أن صرح أن الوزارة اتخذت إجراءات في مواجهة المدعو علي كوشيب واوضعته الحراسة هذا الكلام قبل أكثر من أربع سنوات ولم نسمع بعد ذلك لا همسا ولا ركزاً أين كوشيب هل مازال بالحراسة ولم يقدم للمحاكمة بعد؟ أم أن النيابة شطبت البلاغ في مواجهته وأطلق سراحه ، أم ماذا جري ؟
أي بؤس قانوني هذا وكيف ترضي الوزارة لنفسها أن تخوض في موضوع كهذا تتحدث عن سيادة حكم القانون وعن قدرة مؤسسات العدالة في البلاد ورغبتها في تحقيق العدالة، نخشي أن تقيد البلاغات أن وجدت ضد مجهول لا يعلم ولا يعرف من ارتكب الجرائم في دارفور أوأن الإدعاء بوقوع جرائم في دارفور مجرد فرية وتضليل من الأعداء اليهود والنصارى والعملاء وهلمجرا.........
نري أن وزير العدل في موقف لا يحسد عليه فهل يستطيع أن يعبر بالوزارة إلي بر الأمان أداءاً لو اجباتها الدستورية والقانونية في منظومة دولة تسعي إلي تلمس طريق العدالة ننتظر... لنري والله المستعان.
بارود صندل رجب المحامي
مقالات سابقة
بقلم : بارود صندل رجب
ارشيف الاخبار ,البيانات , مقالات و تحليلات من 14 مايو 2010 الى 05 سبتمبر 2010
ارشيف الاخبار ,البيانات , مقالات و تحليلات من 14 سبتمبر 2009 الى 14 مايو 2010
ارشيف الاخبار ,البيانات , مقالات و تحليلات من 16 ابريل 2009 الى 14 سبتمبر 2009
ارشيف الاخبار ,البيانات , مقالات و تحليلات من 24 نوفمبر 2008 الى 16 ابريل 2009
ارشيف الاخبار ,البيانات , مقالات و تحليلات 2007
© Copyright by SudaneseOnline.com
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات ,الاخبار و البيانات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام
أعلى الصفحة
الأخبار و الاراء المنشورة لا تعبر بالضرورة
عن رأي الموقع