فات أوان الوحدة يا المؤتمر الوطني
جرت مياه كثيرة تحت جسر قضايا البلاد الشائكة وها نحن علي أعتاب انفصال الجنوب ولا يعلم إلا الله العلي القدير ما ينتظره الشمال بعد ذهاب الجنوب إلي حال سبيله !! ومع أن انفصال الدول ليس بجديد والتجارب ما ثلة في العالم وأن حق الشعوب في تقرير مصائرها حق كفله المواثيق الدولية والمعاهدات ولكن الجديد في أمر السودان بؤس السياسة وافتقار القادة للرؤية الإستراتجية الكفيلة بالحفاظ علي وحدة وتماسك البلاد تراضيا بين أهلها ومكوناتها ، صحيح أن حق تقرير المصير لأهل الجنوب وافقت عليه كل القوي السياسية الحية في البلاد كحق أصيل لأهل الجنوب وبالتالي فأن موافقة المؤتمر الوطني علي ذلك في إطار اتفاقية السلام الشاملة لا تعد خروجا علي الإجماع الوطني ولكن العيب ليست في الاتفاقية رغم ما بها من قصور في ثنائيتها ، الاتفاقية تحدثت عن الوحدة الجاذبة كخيار أول وكانت الفرصة متاحة خلال السنوات الخمس للاتفاقية بجعل وحدة هذه البلاد جاذبة لكل أهلها ومللها وتنوعها ولكن الممسكين بمفاصل البلاد كانوا في هم لا علاقة له بوحدة هذه البلاد ورتقها نسيجها الأجتماعي وتجاوز مرارات الماضي بل سعت المجموعة الحاكمة بكل ما أوتيت من قوة وحيلة إلي تكريس السياسات القديمة المورثة من الاستعمار , المركزية القابضة , تهميش الأطراف , العنصرية والتي أطلت برأسها كاشفة عن سوءاتها بينما كانت في الماضي تمارس علي استحياء وفي الخفاء وهكذا مرت السنوات الخمس شاهدنا خلالها ممارسات تباعد بين أهل السودان ليس الجنوب وحده بل الغرب والشرق وحتى الشمال الأقصى ، لم يشعر المواطن في الجنوب خلال سنوات الاتفاقية أنه تساوي مع بقية أهل السودان في الحقوق والواجبات ولم يحس أن تغييراً قد طرأ لا علي حياته المعيشية ولا علي الخدمات التي تقدمها الدولة لمواطنيها وهو يسمع ويري بأم عينيه أن بترولا قد تدفق في البلاد وحتى الحرب الذي أهلك الحرث النسل لم يتوقف كلية ،المليشيات المدعومة من أطراف الاتفاقية والخلافات القبلية والتنازع حول السلطة أقض مضجع المواطن الذي كان يحلم بالاستقرار والسلام والتنمية ونبذ الاحتراب ، فكانت سنين الاتفاقية كسني يوسف عليه السلام شدة ، أصبح الإحباط يخيم علي الوضع تماماً في السودان كله ، المصير المجهول والمستقبل القاتم !! نسأل الله أن يلطف بعباده !!
تمر البلاد بأزمة حادة خلقتها الحكومة البائسة المتسلطة علي رقابنا فهذه الحكومة كالمنبت لا أرضا قطع ولا ظهراً أبقي حكومة غير جديرة بإدارة أمر البلاد !! إلاّ ترون كيف يتصرف قادتها والبلاد علي شفا انهيار ، استمعوا لتصريحات قادة النظام ، يتصرفون كالأطفال ويطلقون التصريحات المسمومة بالعنصرية البغيضة فالناطق الرسمي ووزير الإعلام يصرح علي الملأ أنه في حل انفصال الجنوب فأن الشمال لا يقدم علي أعطاء الجنوبي المقيم حتى حقنة العلاج ماذا أصاب الرجل !! الذي تربي في حضن الحركة إسلامية التي تؤمن وتدعوا إلي عالمية الإسلام وتسعي لنشر دعوته في العالمين ! ومعلوم للكافة أن الإسلام ينظر إلي الإنسان كونه إنسانا
فالناس أما أخو لك في الدين أو نظير لك في الخلق نحن في حيرة من الجاهلية التي تتلبس هؤلاء الذين أنسلوا منقيمهم الدينية والإنسانية انسلال الشعرة من العجين سبحان الله مغير الأحوال ( وأتلوا عليهم نبأ الذي آتيناه أياتنا فاسلخ منها فاتبعه الشيطان فكان من الغاوين ولو شئنا لرفعناه بها ولكنه أخلد إلي الأرض واتبع هواه فمثله كمثل الكلب أن تحمل عليه يلهث أ و تتركه يلهث)لم يقف الأمر عند هذا الشخص بل تبعه أكبر منه مقاما في الحزب والدولة في مقولة السوء التي تباعد ولا تقارب وحتى رئيس المجلس الوطني سار علي ذات الدرب ، فهؤلاء الشرذمة سبب البلاء في بلادنا والعجيب أن ثلة منهم يذرفون الدموع علي الوحدة التي ذهبت ونقضت غزلها يوم أن طمع الرجال في السلطة والمال ، عجيب أمر هؤلاء لم يكتشفوا خطورة الانفصال إلا في الساعات الأخيرة وهم في شغل شاغل عن الوحدة خلال خمس سنوات لم تورثنا فيها الحكومة إلا البلاوي في دارفور وفي الشرق وفي الشمال قتلا وسحلا وتدميراً للاقتصاد وبثاً للفرقة والشتات فها هي اليوم تحصد ما زرعتها بنفسها وعلي نفسها جنت براقش ، فأول المتضررين من انهيار هذه البلاد هم أصحاب السلطة والقصور والضياع وهلمجرا.........
الناظر للساحة السياسية لا يري بارقة أمل في الخروج من المأزق ولو بأقل الخسائر فأهل السلطة متمترسون بالكراسي ولمصالح يريدون استدامتها وهي محال في أقدار الله لمن يعتبر !!ليس من الحكمة في شئ تاجيج النفوس ودغدغتها بالعواطف السالبة في هذا الوقت فنحن أحوج ما نكون إلي التسامح وإلي كبح جماح الأقلام التي تقطر دماً وفتنة فالفراق بالحسنى أفضل , لا سيما أن علاقات الجيرة وتبادل المصالح يصعب قطعها ، إلا من عاقل في القوم يكفهم عن سفاسف الأمور !!! الايتقون ولا حول ولا قوة الا بالله العظيم .
بارود صندل رجب
المحامي
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات ,الاخبار و البيانات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام
أعلى الصفحة