الأم العربية المثالية سودانية.. قصة أمرأة تفوقت على نفسها .
الصحفية عايدة عبد الحميد في حوار شامل :
الحاح أبنتي وثقتي بنفسي دفعاني لدخول المنافسة
المثالية عندي لها معنى مختلفا بحكم تجربتي التراكمية
عشت حياة مليئة بالتحديات والمعوقات والنجاحات .. وانتصرت
القوة ليست قوة الشخصية فحسب وانما قوة الارادة نفسها
أحد تحقيقاتي الصحفية جمع شمل أسرة بعد 25 عاما من الفراق
حوار : خضر عطا المنان
*
مقدمة :
اذا كانت المستشارة الألمانية ( أنجيلا ميركل ) قد تم اختيارها عام 2008 و للسنة الثالثة على التوالي كـ (أقوى امرأة في العالم ) بعد تصدرها للقائمة السنوية التي تعدها مجلة ( فوربز ) الاقتصادية الأمريكية منذ خمس سنوات لأعظم النساء نفوذا وأكثرهن تأثيرا في هذا العالم الفسيح , فقد كان هناك ثلاث سيدات عربيات أيضا تقاسمن معها هذا اللقب وهن على
التوالي : ( هند بوحية) المدير العام لبورصة الدار البيضاء بالمغرب
واحتلت المركز التاسع والعشرين , و( مها الغنيم ) المدير العام لمؤسسة دار الاستثمار العالمي بالكويت وكانت مرتبتها التاسعة والثمانين , والثالثة هي ( الملكة رانيا عبد الله ) ملكة الأردن وأحتلت المركز السادس والتسعين .. وقد كانت أهم معايير الاختيار هنا هي الصورة العامة للشخصية المختارة كما تستقى من الاعلام , فضلا عن الوزن المالي بما يتصل بالمسؤوليات والخبرة السابقة والأموال التي بحوزتها وأوجه التصرف فيها .
ذلك على ما كان على الصعيد الاقتصادي كما نرى ولكن هناك من هن نساء/ أمهات قويات أيضا وفقا لمعايير مختلفة وعلى صعيد مختلف .. انها الأم المثالية .. وتلك معركة أخرى لها سلاحها وساحة غمارها دون شك .
لجأت للقاموس العربي بحثا عن المعنى الدقيق لكلمة ( مثالي ) علني أستقى معنى أقف عند شطه لمعرفة ما هو مثالي وما هو خلاف ذلك , فوجدت معنى ( مثالي ) وصف لكل ما هو كامل في بابه .. كالخلق المثالي أو اللوحة المثالية .....الخ , الا أن لـضيفتنا هنا ( عايدة ) رأي آخر أو معنى آخر لفكرة المثالية تستند فيها على تجربتها التراكمية كما تقول .. وهي السعي بجد ومثابرة وايمان وثقة لبلوغ مرحلة ما من مراحل الكمال رغم أن أمر يستحيل تحقيقه وما الكمال الا لله وحده .. كما أضافت .
*
صحفية الخبرات والمهارات
عايدة عبد الحميد علي أحمد صحافية سودانية وأم لبنت( مروة 20 عام ) وولد ( مروان 14 عاما) .. حاصلة على بكالوريوس الآداب ( قسم الاجتماع ) من جامعة القاهرة فرع الخرطوم
كما أنها حاصلة على دبلوم في الدراسات الاعلامية .. شاركت في أكثر من 40 دورة تدريبية وتأهيلية في السودان, مصر, دولة الإمارات العربية المتحدة,
دولة الكويت, اليمن,والنمسا
في مجالات الإعلام والسياسة والاقتصاد والرياضة والسياحة والبيئة والمرأة وذوي الاحتياجات الخاصة وصحة الأمومة والطفولة ومكافحة المخدرات وحقوق الإنسان .. فضلا عن عديد المهارات والخبرات التي تتمتع بها كالتصوير الفوتوغرافي وغيره . ولكن عايدة اليوم فوق كل هذا وذاك هي
امرأة يشار اليها بالبنان بعد أن حصلت علي جائزة الأم العربية المثالية ضمن جائزة الأسرة العربية المثالية المقدمة ضمن مهرجان دبي للتسوق 2009 الذي انطلقت فعالياته في الخامس عشر من يناير الماضي تحت شعار ( عالم واحد .. عائلة واحدة ).. وهو المهرجان الذي بدأ العام 1996 , وقد شارك في ( مسابقة الأم المثالية) أمهات من مختلف أنحاء العالم العربي .
عايدة تعمل حاليا بصحيفة ( الخليج ) بدولة الامارات العربية المتحدة .. ولكنها – عقب ذلك الفوز - لفتت الأنظار اليها وحاورتها العديد من الصحف والمجلات .. فضلا عن فضائيات واذاعات عربية مختلفة .. وتسارعت جهات عدة لتكريمها كان آخر تلك الجهات المكتب النسائي برابطة الشباب السوداني بدولة قطر وذلك خلال حفل حضره لفيف من السودانيات والسودانيين وجاء تحت عنوان ( كل أم في الدينا مثالية ) .
تقول عايدة عن هذا الفوز بأنه كان التاج الذي حلمت به يضئ على رأسها منذ أن أخذت على عاتقها تربية ابنيها ( مروة ) و ( مروان ) في غياب والديهما مما جعل منها أما وأبا في آن .
وتضيف عايدة قائلة : ( ان عملية الترشح للجائزة جاءت بالحاح من ابنتها .. وان السبب وراء الفوز بها كان ذلك الأسلوب المرن بين اللين والشدة في تربية أبنائي حفاظا على مصلحتهما وتميزهما على المستويين الدراسي والاجتماعي , الأمر الذي قاد – في نهاية
المطاف – الى حصول ابنتي ( مروة ) على المرتبة الأولى في الثانوية العامة فضلا عن ممارستها لهواياتها كمقدمة برامج بتلفزيون امارة الشارقة في حين تألق ابني ( مروان ) في فن المسرح عبر مهرجانات الأطفال بالامارات ) .
وتشدد عايدة على أن هذا الفوز شكل نقطة تحول في حياتها , وقد أهدته الى روح والديها وكل الأمهات في العالم قاطبة وبخاصة وطنها السودان , مشيرة الى أن كلا من جائزة (الأم العربية المثالية) و( الأسرة المثالية) على حدا تبلغ قيمتها عشرة آلاف دولار أمريكي وهو الأمر الذي بدأ بتطبيقه منذ الدورة الخامسة لمهرجان دبي للتسوق العام 2000 وذلك بمبادرة شخصية من (سمو الشيخ محمد بن راشد) نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي وذلك حرصا وتشجيعا منه لرفع القيمة الانسانية للأمومة وتكريم الأمهات اللائي ساهمن ويساهمن في بناء مجتمع مثالي وتعزيز مختلف أواصر المحبة والتعاون بين كافة أفراد الأسرة والتي هي نواة المجتمع الكبير .
وتضيف عايدة بأن المسابقة – في تجلياتها عامة – ترتكز على جملة معايير منها ما هو نفسي تظهر فيه الأم قدراتها وامكاناتها الذاتية وثقتها بنفسها وعطائها المتواصل فضلا عن المعيار الاجتماعي الذي يمكن أن يبرز قدرتها على التعامل المتميز مع من حولها بدءا بأفراد بيتها وعائلتها الكبيرة مرورا بالجيران وزملاء العمل وليس انتهاءا بمن تعرف من الناس عامة . وذلك زيادة على المعيار الثقافي وتسخير هذا الجانب لديها لخدمة أسرتها ومجتمعها العريض والمساهمة من خلاله في زرع بذور الثقافة الواعية والفكر المستنير في نفوس أبنائها مما ينعكس ايجابا على سلوكياتهم وتعاملهم مع الآخرين ومستواهم الدارسي ودرجة وعيهم المبكر .
وتعرج بنا عايدة ثانية على الحديث عن هذه الجائزة وتقول ان ما حفزها – فضلا عن الحاح أبنتها مروة – هو التحدي الكبير الذي يمكن أن تواجهه أي أم تود الدخول مضمار السباق نحو التتويج .. خاصة وأن هذه المسابقة قد اكتسبت أهمية كبرى على مستوى المنظمات ومؤسسات المجتمع المدني وهو أمر وقفت عليه بنفسها وظلت تتابعه منذ انشائها – أي هذه المسابقة -
من خلال عملها كصحافية مما دفعها – بالتالي – للمشاركة فيها على المستوى الأسري اعتمادا – بعد الله – على ثقتها بنفسها .. فكان أن حققت ما جعلها أما مثالية .. وهو أمر تحلم به وتطلع اليه دون شك كل أم في هذا العالم الذي تتجاذبه مشكلات شتى وتعددت دروب الأماني فيه .
*
بلوغ المثالية
ثم تتوقف بنا ( عايدة) عند هدفها الأساسي في حياتها كان بلوغ المثالية عبر بناء الذات واصرار على مواجهة الواقع لا الهروب منه كما يفعل الكثيرون .. وهذا ما دفعها – كما تقول - للارتقاء بنفسها ومحاسبتها بصفة دائمة لمعرفة الخطأ من الصواب من خلال معركة تفاصيل الحياة اليومية على كافة الأصعدة الدينية والأسرية والعملية والاجتماعية حتى تحس بأنها راضية عن والرضا عن النفس ليس دائما أمرا سهلا .. وهذا كله تطلب منها الكثير كالحرص على أشياء بعينها منها :
·
ترسيخ الوازع الديني لدى أبنائها وذلك بتحفيزهم على تعاليم الاسلام والتقيد بما ورد فيه وأن يكونان صديقين حميمين .
·
الايمان والصبر وقوة التحمل عند الشدائد والمحن .
·
عدم التعجل في اتخاذ القرارات وبخاصة المصيرية منها وما يتعلق بالحياة الأسرية وتربية الأبناء ودعمهم وتشجيعهم على الاهتمام بالتحصيل الدراسي وتنميةمواهبهم وقدراتهم وملكاتهم الذاتية.
·
الثقة بالنفس والشجاعة والحوار مع الآخر مهما صغر شأنه
.
*
زواج التقليدي
تقول عايدة : " تزوجت زواجا تقليديا لا مشورة فيه ولا أخذ برأي .. وانما تم عبر أحد معارفي دون سابق معرفة لأي منا بالآخر خاصة واني كنت صغيرة على ادراك معنى أن تعيشين زوجة وفي بيت منفصل وتتحملين مسؤولية أسرة .. فضلا عن غياب والدتي المبكر .. وقد استمر هذا الزواج نحو ثلاثة عشر عاما لأحل بعدها محل الأم والأب معا بسبب الانفصال لعدم التوافق .. وهذا وضع فرض علي كثيرا من المسؤوليات و الأعباء الأسرية حملتها على ظهري وتجولت بها
وحدي في أكثر من بلد عربي بحثا عن وضع اقتصادي أفضل ( اليمن , مصر , الامارات ) .. وفي كل بلد من هذه البلدان كنت أجهد وبرفقتي أولادي كي أوفر لقمة العيش الشريف من خلال عملي كصحافية تنوعت في ساحتها أشكال عطائي من تحقيقات ولقاءات .. كان أبرزها ذلك التحقيق الشامل الذي كان سببا في جمع شمل أسرة تفرقت بهم سبل الحياة لمدة خمس وعشرين سنة .. وكان دائما نصب أعيني ضرورة نجاح ابنائي لأن ايماني بأنهم هم من هم من سيحمل الرسالة من بعدي للمساهمة ايجابيا في المجتمع العريض .. كما كان حرصي – بذات القدر- على خلق علاقات جوار وعمل تقوم على الاحترام المتبادل سواء في المهجر الذي عشت فيه نحو أربعة عشر عاما أو داخل وطني السودان .. خاصة وانني استقي معظم أدوات حياتي من خلفيتي الأسرية حيث ولدت وعشت بين سبعة صبيان من أب مكافح ختم حياته موظفا بالسكك الحديدية وأم كانت من أعز صديقاتي ومنها تعلمت الصبر على المكاره وقوة العزيمة وكانت موصيتي بكل ماهو خير وكلماتها لا تزال برن بأذني حتى اللحظة .
*
مأساة مروة
وقد ولدتها وأنا مصابة بداء السكري وعبر ولادة متعثرة للغاية جاءت على اثرها ( مروة ) حيث تم استخدام نوع من القوة في ولادتها أدت بدورها الى اصابة بالغة في الضفيرة العضدية نتج عنه شلل تام
في اليد اليمنى .. بعدها جبت بها أكثر من بلد عربي بحثا عن العلاج منها ( الكويت ) و( اليمن ).
الا انها تحدت لاحقا هذه الاعاقة وبرزت كطالبة متفوقة على قريناتها لتصبح حاليا كاتبة قصة وخريجة جامعية ومقدمة لبرنامج ( ستديو الجامعة )على فضائية (الشارقة) .
*
سفاح صنعاء
وعند سؤالي لها عن أهم الأعمال أو المحطات الصحافية في حياتها قالت ( عايدة ) كانت هي ابان فترة عملي بمجلة ( سيدتي ) من خلال حوار جرئ ومغامر مع الرجل الذي أرعب المجتمع اليمني وسمي وقتها
بـ ( سفاح صنعاء ) وبعده تلقيت تهديدا بالقتل من قبل جهات مجهولة اذا ما توقفت عن مواصلة الحوار مع هذا الرجل الذي تم اعدامه لاحقا .
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات ,الاخبار و البيانات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام
أعلى الصفحة