د.النعيم يحتفل بذكرى الأستاذ محمود.. على طريقته!! بقلم خالد الحاج عبدالمحمود

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 03-19-2024, 06:30 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
03-09-2015, 06:21 PM

خالد الحاج عبدالمحمود
<aخالد الحاج عبدالمحمود
تاريخ التسجيل: 10-26-2013
مجموع المشاركات: 158

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
د.النعيم يحتفل بذكرى الأستاذ محمود.. على طريقته!! بقلم خالد الحاج عبدالمحمود

    05:21 PM Mar, 09 2015
    سودانيز أون لاين
    خالد الحاج عبدالمحمود -
    مكتبتي في سودانيزاونلاين



    بسم الله الرحمن الرحيم
    " وَمَا يَأْتِيهِم مِّن ذِكْرٍ مِّنَ الرَّحْمَنِ مُحْدَثٍ إِلَّا كَانُوا عَنْهُ مُعْرِضِينَ"
    صدق الله العظيم


    لم يتوقف د.النعيم، عن الوفاء للمانحين.. وطبيعي أن لا يتوقف المانحون، عن منحهم.. فد. النعيم قال عن واجبه المباشر: "أما في حالتي أنا فقد حرصت على مواصلة البحث في الأمور التي تهمني كمسلم وتلميذ للأستاذ محمود محمد طه، وأرى أن واجبي المباشر هو الإستفادة للدرجة القصوى الممكنة من الإمكانيات المتاحة في التمويل والدعم للبحث العلمي. " ح/2/ 60
    صفة الإسلام، وصفة التلمذة للأستاذ محمود، مفهومة عند المانحين، لأنها هي ما يريده المانحون، من د. النعيم.. من غير المقبول عند المانحين، أن يكون نقد النعيم للإسلام، بما فيه الفكرة الجمهورية، نقد معارضةٍ صريحةٍ، فهذا عندهم يقلل من قيمته، ويُنقِصه.. فالأهمية الأساسية لنقد د. النعيم، كما يريد المانحون، تأتي من أنه يأتي من داخل الإسلام.. فهم يريدونه نقد مسلم للإسلام!! يريدونه فهم مسلم لدينه، يجعل من الدين بصورة مبدئية صناعة بشرية!!
    احتفل د. النعيم بذكرى الأستاذ محمود، في ندوة قدمها بمناسبة الذكرى.. ونزلت بالشبكة، وأليكم الرابط الذي نزلت فيه:
    "https://http://http://www.youtube.com/watch?v=SkCfeAuSCX8www.youtube.com/watch?v=SkCfeAuSCX8"
    لا جديد يُذكر، فيما قدم د. النعيم، وإنما هو تكرار لما سبق أن أوردناه عنه، بصورةٍ مختلفة.. ونحن لا نحتاج إلى متابعة كل ما قاله د.النعيم.. وسنكتفي ببعض ما قاله.. ولم يعد الرد على أفتراءات د.النعيم، هو همنا الأول.. وإنما همنا الأول أن نجعل من أقوال د.النعيم، مناسبةً لشرح بعض القضايا الهامة في الفكرة الجمهورية.. وهذا هو ما نحن بصدده، في هذه المساهمة.

    الدولة الدينية ودولة المدينة:
    1/ الموضوع الأساسي، في كل طرح د. النعيم، هو الدولة المدنية.. فهو يزعم أنه لا توجد دولة دينية، لا في الماضي، ولا في الحاضر، ومن المستحيل أن تكون في المستقبل!! وهذا أمر أوردنا فيه نصوصاً عديدة لد.النعيم، منها على سبيل المثال قوله: "دولة المدينة هي دولة سياسية، وليست دينية هي معادلة سياسية بين قطاعات وقوى سياسية واجتماعية في واقع معين.. دولة أبوبكر الصديق ليست دينية.. " ح2/42
    فماذا قال في ندوته هذه الأخيرة، عن الدولة الإسلامية!؟ قال: " دولة النبي عليه السلام لا يمكن أن تتكرر لأنه النبي عليه الصلاة والسلام هو خاتم الأنبياء.. إذاً ما عندنا نبي بعد النبي عليه الصلاة والسلام، إذن لا يمكن أن تتكرر دولة المدينة، وأنا أعتقد إنه من منتهى سوء الأدب، وقلة الفهم، والحقيقة _معليش أسمحوا لي_ والصفاقة، أن يزعم إنسان بأنه عنده المقدرة، على تأسيس مجتمع وإقامة دولة كدولة النبي عليه الصلاة والسلام".. هل هذا يعني أنه عند د.النعيم، دولة النبي عليه الصلاة والسلام، كانت دينية!؟ القاريء للنص، يفهم ذلك، لأن د. النعيم، ربط بين دولة المدينة، وختم النبوة.. فدولة المدينة دولة نبي يتلقى الوحي، وبما أن النبوة قد ختمت، فمن المستحيل أن تتكرر دولة النبي.. هذه هي حجة د.النعيم من النص.. فإذا صح هذا يكون د.النعيم، قد هزم كل طرحه، الذي يقوم على أن الدولة الدينية أمر مستحيل!!
    قول د.النعيم المذكور، هو لمجرد تضليل السامع.. فدولة المدينة، عنده، كأي دولة أخرى، ليست دينية!! وقد قال ذلك بصورةٍ لا لبس فيه: "دولة المدينة هي دولة سياسية، وليست دينية.. هي معادلة سياسية بين قطاعات وقوى سياسية واجتماعية في واقع معين.. دولة أبوبكر الصديق ليست دينية"ح2/42.. أيضا يقول: " نعم أنا أقول أن دولة المدينة كانت دولة سياسية وليست دينية، وأن ذلك كان كما ينبغى أن يكون الأمر"ح2/53.
    لا أحد من المسلمين، بمختلف طوائفهم، ومذاهبهم، لا يعلم أن النبوة قد ختمت.. فهذا أمر ليس فيه خلاف بين المسلمين.. ومعنى ختم النبوة ببساطة، هو أن ملك الوحي، جبريل عليه السلام، لن يتصل ببشر بعد محمد صلى الله عليه وسلم، ويلقى عليه وحياً جديداً.. فكل الوحي قد اكتمل بين دفتي المصحف.. هذا ما عليه جميع المسلمين، ما عدا د.النعيم!! فد.النعيم على خلاف جميع المسلمين، لا يرى أن حكمة ختم النبوة، هي أن ما أراد الله أن يوحيه لعبيده، قد اكتمل، بنزول القرآن.. فهو يرى أن الوحي عن طريق الملك جبريل ـ ذلك الوحي الذي كان للأنبياء فقط ـ لا يختلف عن الوحي لجميع الخلائق!! اسمعه يقول: "فكرة أخرى أود أن أقدمها هنا، هي أن الله خلق العالم أيضا!! وعلى هذا أيا كان العالم ‏الآن، فهو خلقُ الله، وبالتالي هو جزء لا يتجزأ من الوحي. لهذا: الوحي ليس فقط في ‏الكتب السماوية. الوحي في حياتنا! وهذا هو السبب الذي أقول به إن الوحي يجب فهمه ‏باستمرار من المنظور التاريخي، عبر الزمن، وليس كشيء (مجرد) خارج حياتنا. إن ‏الوحي في الحقيقة محايث، وجزء لا يتجزأ من الحياة كما نعرفها، ونمارسها. وعليه، ‏عالمنا المتغير هذا هو من الله، بنفس القدر الذي به الوحي من الله! وهنا أيضا، فيما أعتقد، ‏تتواصل المفارقة، أو العبارة الموهمة للتناقض"..ح4/2.. لكن هل د.النعيم مسلم كبقية المسلمين!؟ قطعاً لا!! هذا ليس قولي أنا، وإنما هو قوله هو!! فهو قد قال: "عندما أقول ديني، وهو الإسلام، فإني لا أتحدث عن الإسلام بصورة عامة، أو الإسلام بالنسبة للمسلمين الآخرين، وإنما أتحدث عن الإسلام الشخصي. ذلك أنه بالنسبة لي الدين يجب أن يكون ذاتيا. لا يمكن له أبدا أن يكون غير ذاتي. لا يمكن للدين أبدا أن يكون غير التجربة الفردية والشخصية للإنسان"ح2/9.. فعند د.النعيم أساساً لا يوجد إسلام عام، يمكن أن تشترك فيه جماعة.. فهو القائل: "أعتقد أن صياغة السؤال بهذه الطريقة باطلة من حيث المفهوم، نظراً لأن السؤال يفترض أن هنالك شيء قابل للتعريف، ومتماسك اسمه "الإسلام"، يمكن مقارنته بتعريف ثابت وراسخ لحقوق "الإنسان"..ح2/1.. والقائل: "أصر وأؤكد أنه لا أحد _مسلم أو غير مسلم_ يمكنه أن يعرّف بصورة محددة، وشاملة، الإسلام "ح2/2.. وإسلام د.النعيم، الذي يختلف فيه مع بقية اللمسلمين، هو إسلام علماني!! فهو يقول عن الإسلام والدين بصورةٍ عامة: "كمسلم، فأنا دائما أطلق التقرير (الهرطقي) أن الدين علماني، وهذا القول ربما يبدو متناقضاً، في العبارة. ولكن واقع الأمر هو، أنه ليس لنا من سبيل لأن نعتنق الدين، أو نعقله، ونتأثر به، أو نؤثر فيه، إلا عبر الواسطة البشرية. فواسطتنا، كبشر، هي العامل الحاسم في تحديد، وتعريف، ديننا. وبهذا المعنى فإن الدين علماني.. الدين من صنع البشر.. وموقفي هنا، هو أن أؤكد علمانية الدين، هذه، التي أتحدث عنها، حيث يمكن، من هذا المنطق، إخضاع الدين للسياسة، أي جعله عنصراً، وذخراً، سياسياً.. وهذا المفهوم ينطبق، بنفس المستوى، على الثقافة.. فأنا، عندما أتحدث عن الدين والثقافة، إنما أتحدث عنهما بنفس المعنى، أي بمعنى أن كلاهما من صنع البشر، وأن كلاهما يمكن إعادة صنعه، من قبل البشر".. ح2/5.
    فإسلام د.النعيم هذا، الذي هو علماني، مثله مثل أي ثقافة بشرية أخرى، هو من صنع البشر، قطعاً ليس هو إسلام عامة المسلمين، كما قال!! ولو كان د.النعيم وفياً لمبدئه هذا، عن الذاتية، والنسبوية، لما ناقش إسلام الآخرين، ولكن د.النعيم ليس وفياً إلا للمانحين!! وما يتصور أنهم يريدونه من تشويه للإسلام.
    ولقد سبق لنا أن أوردنا قول د.النعيم الذي يقول فيه: "نقطتي هي أن أي مسألة تتعلق بسياسة الدولة، سواء كانت تشريعا أو سياسة، يجب أن تتم عبر المنطق المدني، وليس من أي منظور ديني أو مرجعية دينية. مثلا، موضوع الحدود، وأنا أعارض أيضا فرض الحدود من قبل الدولة، فسواء كان الموضوع يتعلق بالحدود أو العلاقات الجنسية، أو أي موضوع آخر، يجب علينا أن نناقش الموضوع ونضع أسباب تكون قابلة للنقاش أو القبول دون أي مرجعية للدين أو العقيدة الدينية".. ح2/32.. وهو منذ البداية ينادي بعدم الرجوع إلى المرجعية الدينية، والاعتماد على المنطق المدني ـ منطق د.النعيم..
    عندما قال د.النعيم في النص المذكور، أن دولة المدينة لا يمكن أن تتكرر، على من يرد بقوله هذا!؟ هو لم يورد أي نص لفرد أو جماعة يقولون بتكرار دولة المدينة.. ولكنه قطعاً يعني شخصاً بعينه، وجماعة بعينها.. نأتي للسباب والشتم الوارد في نص د.النعيم.. فهو يقول: "منتهى سوء الأدب، وقلة الفهم، والحقيقة _معليش أسمحوا لي_ والصفاقة، أن يزعم إنسان بأنه عنده المقدرة، على تأسيس مجتمع وإقامة دولة كدولة النبي عليه الصلاة والسلام"!! هل يمكن أن يكون د.النعيم، يعني أمكانية قيام دولة أفضل من دولة المدينة!! بالطبع هذا مستحيل.. فإذا كان من يقول أن دولة المدينة يمكن أن تتكرر، يستحق الأوصاف المرذولة، التي وصفه بها د.النعيم، فكيف الحال بمن يقول بأن هنالك دولة إسلامية أرقى من دولة المدينة، ويبشر بهذه الدولة!؟ فكل من سمع بدعوة الأستاذ محمود، يعلم أنها تقوم على الدعوة للرسالة الثانية.. وهي أكمل من الرسالة الأولى
    بين رسالتين:
    ببساطة شديدة، دعوة الإسلام كما جاء بها محمد صلى الله عليه وسلم، وكما هي في القرآن، تقوم على مستويين: مستوى قرآن المدينة، ومستوى قرآن مكة.. أو الأصول والفروع.. ومستوى الفروع هو ما قامت عليه الشريعة، ومستوى الأصول هو مستوى السنة.. المستوى الأول تم تطبيقه في القرن السابع الميلادي، وقامت عليه الأمة المؤمنة.. أما الأصول ـ السنة ـ فقد عاشها النبي صلى الله عليه وسلم في خاصة نفسه.. الفروع هي مستوى الشريعة مستوى الرسالة، لعامة المؤمنين.. والسنة هي مستوى النبوة، وقد عاشها النبي في خاصة نفسه، ولم يشرع منها للجماعة إلا ما هو مشترك.. فالإسلام رسالتان بهذا المعنى.. وقد جاء كتاب "الرسالة الثانية من الإسلام" ليفصل الاختلاف بين الرسالتين.
    دعوة الأستاذ محمود، للرسالة الثانية ـ الأصول ـ وليست للشريعة التي قامت عليها دولة المدينة، ومجتمعها.. فأي دعوة دينية إنما تخاطب الناس على قدر عقولهم، وحسب طاقتهم.. والفرق شاسع جداً بين القرن السابع الميلادي، الذي خاطبه الإسلام بالشريعة، والقرن العشرين.. من أهم سمات الرسالة الثانية، التي يدعو لها الأستاذ محمود:
    1/ تقوم على أصول القرآن، وعلى سنة النبي صلى الله عليه وسلم، وهي عمله في خاصة نفسه.. هذا في حين أن الرسالة الأولى قائمة على ما تنزل إلى طاقة الأمة في القرن السابع ـ الشريعة..
    2/ الرسالة الثانية هي خطاب القرآن للإنسانية جمعاء، وهذا هو مستوى الأصول.. في حين أن رسالة الشريعة خطاب للمؤمنين، وتدعوهم للإيمان "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ آمِنُواْ بِاللّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِيَ أَنزَلَ مِن قَبْلُ وَمَن يَكْفُرْ بِاللّهِ وَمَلاَئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلاَلاً بَعِيدًا".
    3/ الرسالة الأولى للأمة المؤمنة والرسالة الثانية للأمة المسلمة، وبها يدخل سائر البشر، مرحلة الإسلام الأخير، الذي لم يتفق في التاريخ إلا للأنبياء.
    4/ الرسالة الأولى قامت على الوصاية: وصاية النبي صلى الله عليه وسلم، على عامة المؤمنين.. ووصاية الرجال على النساء، ووصاية المسلمين على غير المسلمين.. وليس في الوصاية مساواة.. أما الرسالة الثانية، فتقوم على المساواة التامة بين الناس كافة، مسلمين وغير مسلمين، رجالاً ونساءاً، لا تفريق بين الناس بسبب العقيدة أو الجنس.
    وأوضح مثال للاختلاف بين الرسالتين، قوله تعالى للمؤمنين: "فَإِذَا انسَلَخَ الأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُواْ الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُواْ لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ وَآتَوُاْ الزَّكَاةَ فَخَلُّواْ سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ".. وتقابلها من آيات الأصول، قوله تعالى: "وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ فَمَن شَاء فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاء فَلْيَكْفُرْ".. نحن لا نحتاج إلى التفصيل هنا، فمن شاء أن يلم بالتفاصيل والحكمة، والسند النصي، يستطيع أن يرجع إلى كتاب (الرسالة الثانية).
    ختم النبوة:
    بنى د.النعيم، زعمه الفاسد بعدم أمكانية قيام دولة مثل دولة المدنية، على ختم النبوة.. فهو يريد أن يقول أن تكرار دولة النبي أمر مستحيل، أذ لا نبي بعد محمد صلى الله عليه وسلم.. فأي دعوة إسلامية لا يمكن أن تكون مثل دولة المدينة ومجتمعها.. فهو هذه المرة لم يكتف بإستحالة الدولة الإسلامية، فأضاف أستحالة المجتمع الإسلامي أيضاً، فهو قد قال: "إذن لا يمكن أن تتكرر دولة المدينة، وأنا أعتقد إنه من منتهى سوء الأدب، وقلة الفهم، والحقيقة _معليش أسمحوا لي_ والصفاقة، أن يزعم إنسان بأنه عنده المقدرة، على تأسيس مجتمع وإقامة دولة كدولة النبي عليه الصلاة والسلام".. فهو يتحدث عن عدم إمكانية "تأسيس مجتمع وإقامة دولة كدولة النبي عليه الصلاة والسلام"، وليس إقامة دولة فحسب.. فالعبارات المذكورة يريد د.النعيم أن يظهر بمظهر من له غيرة على النبي صلى الله عليه وسلم، ويستفزه الزعم بأن هنالك من يقيم مجتمع أو دولة كدولة النبي صلى الله عليه وسلم.. ولأن الأمر هو مجرد أنفعال زائف، وكاذب، هو ينسى الله، وينسى النبي، الذي يفتعل الغيرة عليه.. الله تعالى عنده أفضل مما حدث في القرن السابع بكثير جداً، ومن يقول أن قدرته تعالى قد أستنفدت في مجتمع المؤمنين، ودولة المدينة، هو فاسد العقيدة، وليس له حظ من الدين.. ومن يزعم أن قصارى ما يقدمه محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم للإنسانية، هو ما تم في مجتمع المؤمنين، ودولة المدينة، هو لا يعرف للنبي صلى الله عليه وسلم بعض قدره، ويجهل حكمة ختم النبوة.
    من الأسباب الظاهرة لختم النبوة، أن النبوة ختمت لأن كل ما أراد الله تعالى، أن يوحيه للبشر، استقر بين دفتي المصحف، فلا حاجة لأرسال جبريل بوحي لأحد من البشر.. وهذا لا يقفل باب الصلة بالله، كما يفيد قول د.النعيم، وإنما على العكس من ذلك تماماً، هو يفتح باب الصلة بالله لكل البشر، وقد أصبح رسولهم، الذي يصلهم بالله، هو منهم ـ محمد بن عبدالله عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم ـ فكل من يريد أن يتلقى من الله، يستطيع أن يتلقى من الله، عن طريق القرآن، الذي هو كلامه تعالى.. ومفتاح القرآن هو محمد صلى الله عليه وسلم.. وهذه معاني وردت في الفكرة الجمهورية بوضوح.. فقد جاء عن حكمة ختم النبوة مثلاً، من كتاب الرسالة الثانية، ما نصه: "ولكن هناك شيئا قد جد في الأمر كله، ذلك هو معرفة الحكمة وراء ختم النبوة بمعناها المألوف.. لماذا ختمت النبوة؟؟ أول ما تجب الإشارة إليه هو أن النبـوة لم تختم حتى استقر، في الأرض، كل ما أرادت السماء أن توحيه، إلى أهل الأرض ، من الأمر.. وقد ظل هذا الأمر يتنزل على أقساط، بحسب حكم الوقت، من لدن آدم وإلى محمد.. ذلك الأمر هو القرآن.. واستقراره في الأرض هو السبب في ختم النبوة.. وأما الحكمة في ختم النبوة فهي أن يتلقى الناس من الله من غير واسطة الملك، جبريل - أن يتلقوا عن الله كفاحا - ذلك أمر يبدو غريبا، للوهلة الأولى، ولكنه الحق الذي تعطيه بدائه العقول، ذلك بأن القرآن هو كلام الله، ونحن كلما نقرؤه إنما يكلمنا الله كفاحا، ولكنا لا نعقل عنه.. السبب؟ أننا عنـه مشغـولون.. قال تعالى في ذلك: (( كلا!! بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون * كلا!! إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون )).. وإنما جاء القرآن بمنهاج شريعته، ومنهاج طريقته، وبأدبه في كليهما، ليرفع ذلك الريـن، حتى نستطيع أن نعقل عن الله ما يحدثنا في القرآن"..
    من له المقدرة على تأسيس مجتمع، واقامة دولة أفضل وأكمل، من مجتمع المدينة، هو محمد صلى الله عليه وسلم نفسه، في رسالته الثانية ـ الرسالة الأحمدية.. يقول الأستاذ محمود: "محمد، بن عبد الله، بن عبد المطلب، النبي الأمي، المبعوث من قريش في الأميين منذ القرن السابع، والذي ختم الله به النبوة، وأنزل عليه القرآن المقروء اليوم، والمحفوظ بين دفتي المصحف، لا يعرفه المسلمون وإن ظنوا جهلا أنهم يعرفونه ".. ويواصل فيقول: "ومن أجل التعريف بمحمد ينبغي تدقيق النظر في كلمته آنفة الذكر، وهي قوله : (قولي شريعة، وعملي طريقة، وحالي حقيقة ) فإنها تشير إلى مراتب مقامه الثلاث: مرتبة الرسالة، ومرتبة النبوة، ومرتبة الولاية.. فأما مرتبة النبوة فإنها الأصل، وهي وسط بين طرفين: من أعلاها الولاية، ومن أسفلها الرسالة.. ذلك بأن النبوة عندما استوت انبثقت منها الرسالة كوظيفة.. ثم هي كلما زادت استواء تسامت إلى مراتب الولاية، في الفينة بعد الفينة.. هذا ما من أجله قررنا أن النبوة أصل ..وإنما بالنبـوة بـدأ الوحي ".. " هذا باعتبار النبوة منذ المولد، وفي الحق، أن نبوة نبينا أزلية، وقد بدأ بروزها، في عالم المحسوس، وهو في خلوة الرحم، ثم أخذ بروزها الحسي يظهر، ويزداد ظهورا، في أطوار شبيبه المختلفة، حتى إذا ما اعتزل المجتمع، وآوى إلى غار حراء، كان أول أطوار نضجها قد بـدأ، ثم هي لم تلبث أن انبلج فجرها، بعد خمس عشرة سنة من التحنث، والتخضع، وذلك ببدء نزول القرآن ..وعن أزلية نبوته قال المعصوم : (كنت نبياً وآدم بين الماء والطين) ومعنى هذه العبارة أنه كان نبياً ، عالماً بنبوته ، في الأزل . وقد ظهر مصداق ذلك عندما برز إلى عالم الأجساد".. محمد صلى الله عليه وسلم هو أول الأنبياء وخاتمهم.. ومن نبوته الأولى، أخذت كل النبوات مددها.. والولاية هي مقام قربه من ربه، وعن قمة هذا المقام، قال المعصوم: "لي ساعة مع الله لا يسعني فيها ملك مقرب ولا نبي مرسل".
    في الإسلام (الذات المحمدية) هي أول قابل لتجليات (الذات الألهية).. وأليها الإشارة بقول المعصوم، في حديث جابر بن عبدالله الأنصاري، قلت: "يا رسول الله بأبي أنت وأمي، أخبرني عن أول شيء خلقه الله.. قال: أول ما خلق الله نور نبيك يا جابر".. والذات المحمدية قمتها ولاية، وقاعدتها نبوة.. فالذات المحمدية هي أصل جميع النبوات والرسالات، من لدن آدم، وإلى محمد، عليهم جميعاً أفضل الصلاة وأتم التسليم.. فهذه النبوات والرسالات، جميعها كانت أقباساً من (الذات المحمدية) تنزلت حسب حكم الوقت ـ طاقة الناس وحاجتهم ـ ولم يبقَ سوى تنزل المرحلة الأخيرة، التي ما المراحل السابقة إلا أعداد لها.. وهذه المرحلة هي التي بها يكتمل الوعد العظيم، الذي ورد في قوله تعالى: "وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً".. فالخليفة، المعرف بالألف واللام، هو الذات المحمدية، مقام الاسم (الله)، وهو المسيح المحمدي الموعود، الذي به تتوج رسالات السماء جميعها، ويدخل كافة أهل الأرض في الإسلام، ويطاع الله، كما في السماء، كذلك في الأرض.. وإلى هذا المجيء الإشارة بقوله تعالى: "هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ أَن يَأْتِيَهُمُ اللّهُ فِي ظُلَلٍ مِّنَ الْغَمَامِ وَالْمَلآئِكَةُ وَقُضِيَ الأَمْرُ وَإِلَى اللّهِ تُرْجَعُ الامُورُ".
    هذه هي رسالة الإسلام الأصلية.. وهي من أجل قيام (أمة المسلمين).. فجميع الأمم السابقة، تقع في منطقة الإيمان، ولم يدخل مرحلة الإسلام الأخير منها سوى الأنبياء.. وأمة المسلمين هي الأمة التي تقوم حياتها على أصول القرآن.. والمسلمون هم (الأخوان) في حين أن المؤمنين هم (الأصحاب).. ومحمد صلى الله عليه وسلم هو رسول الأمتين.. وقد جاء عن هذا الأمر من كتاب (طريق محمد)، القول: " فقد روي عنه أنه قال ذات يوم : (واشوقاه لإخواني الذين لما يأتوا بعد!! قالوا أو لسنا إخوانك يا رسول الله؟ قال: بل أنتم أصحابي.. واشوقاه لإخواني الذين لما يأتوا بعد!! قالوا أو لسنا إخوانك يا رسول الله؟ قال: بل أنتم أصحابي.. واشوقاه لإخواني الذين لما يأتوا بعد!! قالوا من إخوانك يا رسول الله؟ قال: قوم يجيئون في آخر الزمان، للعامل منهم أجر سبعيـن منكم!! قالوا: منا، أم منهم؟ قال: بل منكم ! قالوا: لماذا؟ قال: لأنكم تجدون على الخير أعوانا، ولا يجدون على الخير أعوانا).. وروح هذا الحديث في التفريق بين الأصحاب والأخوان.. فقد كان المؤمنون أصحابه، ولم يكونوا إخوانه.. وإنما إخوانه المسلمون، وهم لم يكونوا حاضريه يومئذ وإنما كان هو فرطهم. وقد عبر عنهم بقوله: (الذين لما يأتوا بعد ) وحديثه عنهم، وتعبيره، مأخوذان من قول الله تعالى في الآيات الكريمات التي صدرنا بها هذه المقدمة، وذلك قوله: (وآخرين منهم لما يلحقوا بهم وهو العزيز الحكيم) فبعد أن تحدث عن الأميين الذين بعث فيهم نبينا: (هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم، يتلو عليهم آياته، ويزكيهم، ويعلمهم الكتاب، والحكمة، وإن كانوا، من قبل، لفي ضلال مبين ).. جاء ليقول: (وآخرين منهم لما يلحقوا بهم وهو العزيز الحكيم ).. فالأولون هم الأصحاب، والآخرون هـم الأخوان الذين قال عنهم نبينا في حديثه (الذين لما يأتوا بعد ) أخذا من عبارة القرآن: (لما يلحقوا بهم ).. وعبارة النبي ( للعامل منهم أجر سبعين منكم ) مأخوذة من القول الكريم: (ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، والله ذو الفضل العظيم) ويؤخـذ من دقائـق حقائق الدين أن نبينا رسول الأمتين: الأمة المؤمنة ـ الأصحاب ـ .. والأمة المسلمة ـ الأخوان ـ .. وأنه بذلك صاحب رسالتين: الرسالة الأولى محمدية ، والرسالة الثانية أحمدية .. أو قل الرسالة الأولى الشريعة التي فصلها للأمة، والرسالة الثانية السنة التي أجملها ، ولم يفصلها إلا في معنى ما مارسها، وعاشها دما ولحما ..وهو قد قال: ( بدأ الإسلام غريبا، وسيعود غريبا كما بـدأ، فطوبى للغرباء! قالوا: من الغرباء، يا رسول الله؟ قال: الذين يحيـون سنتي بعـد اندثارها ).. وهو حديـث قد أشرنا إليه من قبل في كتابـنا ( لا إله إلا الله )، ولفتنا الانتباه إلى أنـه لم يقـل يحـيـون شـريعتي، وإنما قال: ( يحيون سنتي ).. ولا بد لمن يريد أن يعرف دقائق الدين أن يملك المقدرة على التمييز بين الشريعة والسنة ، وذلك أمر يقصر فيه كثير من الناس ، ممن يتصدون للحديث عن الدين ، إن لم نقل كلهم .. وفي قول الله تعالى: (وإذ قال عيسى بن مريم يا بني إسرائيل إني رسول الله إليكم ، مصدقا لما بين يدي من التوراة ، ومبشرا برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد، فلما جاءهم بالبينات قالوا : هذا سحر مبين * ومن أظلم ممن افترى على الله الكذب ، وهو يدعى إلى الإسلام ؟ والله لا يهدي القوم الظالمين ).. إشارة لطيفة إلى الأحمدية والمحمدية .. فإنه قد جاء محمد بنبوة أحمدية، ورسالة محمدية .. فكان أحمد المشار إليه من وجه، ولم يكنه من وجه.. فدعا إلى الإيمان تفصيلا، ولم يدع إلى الإسلام إلا إجمالا، في معنى ما بلغ القرآن، وفي معنى ما سار السيرة.. وقد استجابت له أمة المؤمنين.. وسيجئ محمد بنبوة أحمدية، ورسالة أحمدية، فيدعو أمة المؤمنين، ويدعو غيرها من سائر الأمم إلى الإسلام، ويفصل، في التشريع، وفي التفسير، ما أجمل في القرن السابع . وسيستجاب له استجابة مستفيضة ، ذلك بأن وعيد الله يومئذ سيستعلن .. وذلك حيث يقول جل من قائل: ( ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه ، وهو في الآخرة من الخاسرين ).. ووعد الله سيتحقـق ، وذلك حيث يقول ، تبارك من قائل : (اليوم أكملت لكم دينكم ، وأتممت عليكم نعمتي ، ورضيت لكم الإسلام دينا .) ولما كانت البشرية، على عهد الجاهلية الأولى ـ جاهلية القرن السابع ـ متخلفة، وساذجة، وجاهلة، فقد اقتضى حكم الوقت تنزل المحمدية عن الأحمدية تنزلا كبيرا، وذلك حتى تخاطب الناس على قدر عقولهم، وحتى تشرع لهم في مستوى حاجتهم، وهي حاجة بسيطة.. وكان هذا التنزل من مستوى آيات الأصول في القرآن، إلى آيات الفروع.. وأصبحت بذلك آيات الفروع صاحبة الوقت ، واعتبرت ناسخة ، فيما يخـص التشريـع ، لآيات الأصول والآن، وفي النصف الثاني من القرن العشرين، والبشرية تعيش الجاهلية الثانية ـ جاهلية القرن العشرين ـ وهي جاهلية أرفع، بما لا يقاس، عن مستوى جاهلية القرن السابع، فقد أصبحت الأرض مهيئة لتتلقى عن الأحمدية، وتعي، أكثـر مما تلقى، ووعى، أسلافها، وكذلك جاء وقت الرسالة الأحمدية.. والرسالة الأحمدية تطوير للرسالة المحمدية.. وذلك ببعث آيات الأصول التي كانت في عهد المحمدية منسوخة لتكون هي صاحبة الوقت في القرن العشرين، وتكون هي عمدة التشريع الجديد، ولا يقتضي كل أولئك إلا فهما للقرآن جديدا، به تحيا السنة بعد اندثارها.."
    قلنا أن محمد صلى الله عليه وسلم، في رسالته الأحمدية، هو رسول أمة المسلمين، وقد كان في رسالته المحمدية هو رسول أمة المؤمنين.. وهذه الرسالة الثانية هي غاية جميع الرسالات السابقة لها، وتتويج لتلك الرسالات.. وهي التي يتحقق بها وعد خلافة الأرض.. وتتحقق إنسانية الإنسان.. فالإسلام عائد، عما قريب أن شاء الله، فقد قال تعالى: "هو الذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا".. ولما يظهر الإسلام على الدين كله، وأنما ظهوره أمامنا، ذلك وعد غير مكذوب.. وقال المعصوم: "بدأ الإسلام غريبا، وسيعود غريبا كما بـدأ، فطوبى للغرباء! قالوا: من الغرباء، يا رسول الله؟ قال: الذين يحيـون سنتي بعـد اندثارها".. الإسلام عائد ما في ذلك أدنى ريب.. وستصحب عودته الغرابة، كما صحبت بدءه.. وذلك لأن عودته ستكون عن طريق بعث (لا إله إلا الله) من جديد، قوية خلاقة في صدور الرجال والنساء، كأول العهد بها، باختلاف واحد، هو أن عمود التوحيد ستكون له قمة جديدة، أعلى مما كانت عليه في العهد الأول، وذلك أمر يقتضيه حكم الوقت الحاضر، كما يقتضيه محض الفضل الإلهي، المحكي في الآية الكريمة: "كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ".. وإنما من أجل هذه العودة أخرجنا هذا الكتيب (طريق محمد) وقمنا بالدعوة إليه".. هذا بعض ما ورد في كتاب (طريق محمد).
    وعودة الإسلام، مربوطة بعودة محمد صلى الله عليه وسلم، في تجليه الأخير على الأرض، وعودته في صورة المسيح المحمدي.. وهذه العودة هي المشار إليها في الآية التي سبق ذكرها: "هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ أَن يَأْتِيَهُمُ اللّهُ فِي ظُلَلٍ مِّنَ الْغَمَامِ وَالْمَلآئِكَةُ وَقُضِيَ الأَمْرُ وَإِلَى اللّهِ تُرْجَعُ الامُورُ".. وهي المشار إليها في قوله تعالى: "إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ".. وقد جاء عن أبن عباس قوله: "عجبت لمن ينتظر عودة عيسى ولا ينتظر عودة محمد"!! على كلٍ، العودة مبشر بها في: اليهودية، والمسيحية، والإسلام.. والكثيرون من أصحاب الأديان الثلاثة، ينتظر مسيحه، بالصورة التي يراها!! في الإسلام العقيدة في المسيح المنتظر، هي نفس العقيدة في (الخليفة)، الوارد في قوله تعالى: "وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً".. وقد جاء عدد من (الخلفاء) تمهيداً لظهور (الخليفة).. ويوم ظهوره تقوم دولة الإسلام في الأرض، ولأول مرة.. فكل ما قام في هذا الصدد، بما فيه دولة العلمانية، هو دول إيمان ـ إيمان بالله، وإيمان بغير الله ـ ودولة الإسلام تقوم على العلم بالله، الذي به يكون الإسلام الأخير ـ إسلام الأنبياء ـ ويجيء الأخوان، الذين هم "ليسو بأنبياء ولا شهداء، ويغبطهم الأنبياء" كما ورد عن المعصوم.. وبهذه الدولة تتحقق جنة الأرض، الواردة في قوله تعالى: "وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاء فَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ.. هذه الدولة هي ما يبشر به الأستاذ محمود، ويؤكد أن وقتها قد أظل، فمن أقواله في هذا الصدد: "إن دولة القرآن قد أقبلت، وقد تهيأت البشرية لها بالمقدرة عليها وبالحاجة إليها، فليس عنها مندوحة.. وهذا يلقي على عاتق المسلمين المعاصرين واجبا ثقيلا، وهو واجب لن يحسنوا الاضطلاع به إلا إذا جعلوا محمدا، وحده إمامهم ووسيلتهم إلى الله".
    ودولة القرآن هذه تأخذ كل تشريعها الفردي والجماعي، من القرآن ـ من أصول القرآن ـ فالقرآن هو دستور للفرد، ودستور للجماعة، في آن معاً.. وكدستور للجماعة هو يقيم حكومة القانون على مستوى الدولة.. وكدستور للفرد يقيم حكومة القانون ـ الأخلاق ـ على مستوى الفرد.. وبين الفرد والجماعة علاقة تكامل.. ودولة القانون لا يمكن أن تقوم على مستوى الجماعة وحدها، بل أقامتها على مستوى الأفراد هو الشرط الضروري، الذي في غيابه يستحيل أن تقوم.. يقول الأستاذ محمود عن دستور القرآن: "ليحقق دستورنا كل الأغراض آنفة الذكر، فانا نتخذه من (القرآن) وحده: لا سيما وأن (القرآن) لكونه في آن معا، دستورا للفرد ودستورا للجماعة قد تفرد بالمقدرة الفائقة على تنسيق حاجة الفرد إلى الحرية الفردية المطلقة، وحاجة الجماعة إلى العدالة الاجتماعية الشاملة، تنسيقا يطوع الوسيلة لتؤدي الغاية منها أكمل أداء".
    اعتقد أن كون الرسالة الثانية ـ رسالة الأصول ـ أكبر وأكمل من الرسالة الأولى ـ رسالة الفروع ـ أمر واضح جداً، وقد قال عنه الأستاذ محمود: "ومحمد هو رسول الأمة المسلمة، صاحب رسالة أكبر منه وهو رسول الأمة المؤمنة..".
    أن دستور القرآن وحده هو (الدستور)، لأنه يقوم على القانون الأساسي الذي يسير الوجود ـ القانون الطبيعي ـ وهو قانون الإرادة الإلهية المتفردة بالفاعلية.. وكل دستور سوى هذا الدستور، يقوم على افتراض وجود قانون أساسي ـ مجرد افتراض!! فالاختلاف بين دستور القرآن، وأي دستور آخر هو الفرق بين القانون الأساسي، الذي يقوم على الإرادة الإلهية، وبين الافتراض البشري بأن هنالك قانون أساسي دون معرفة محددة لهذا القانون.
    هذا ما أردنا قوله في هذه المساهمة، وربما تكون لنا عودة للحديث عن الأصول والفروع، بصورةٍ أكثر تحديداً، وأكثر تفصيلاً.. والله المستعان

    خالد الحاج عبدالمحمود
    رفاعة في 9 مارس 2015



    مواضيع لها علاقة بالموضوع او الكاتب

  • د. النعيم وأسس نقض الدين/خالد الحاج عبدالمحمود 06-30-14, 08:43 PM, خالد الحاج عبدالمحمود
  • د. النعيم وأسس نقض الدين/خالد الحاج عبدالمحمود 06-28-14, 10:40 PM, خالد الحاج عبدالمحمود
  • الموقف من د.النعيم 5 /خالد الحاج عبدالمحمود 05-08-14, 03:26 PM, خالد الحاج عبدالمحمود
  • 4/ الندوة العجيبة!!/خالد الحاج عبدالمحمود 05-05-14, 03:32 PM, خالد الحاج عبدالمحمود
  • 3/ موقف د.النعيم من الأستاذ محمود محمد طه/خالد الحاج عبدالمحمود 05-02-14, 04:38 PM, خالد الحاج عبدالمحمود
  • الحلقة الثانية، اكاديمية النعيم -خالد الحاج عبدالمحمود 04-29-14, 06:09 PM, خالد الحاج عبدالمحمود
  • (د. النعيم وجائزة (المعلم العالم)-1/خالد الحاج عبدالمحمود 04-25-14, 06:09 PM, خالد الحاج عبدالمحمود
  • الحلقة الثالثة من أقوال النعيم المفارقة/الاستاذ خالد الحاج عبد المحمود 03-03-14, 06:10 AM, خالد الحاج عبدالمحمود
  • الحلقة الثانية من أقوال د. النعيم المفارقة/خالد الحاج عبدالمحمود 02-28-14, 03:55 PM, خالد الحاج عبدالمحمود
  • الحلقة الأولى من أقوال النعيم (نشرت فى يناير 2012)/ خالد الحاج عبد المحمود 02-26-14, 03:40 PM, خالد الحاج عبدالمحمود
  • تابع للخاتمة الدعوة للحزب الجمهوري مفارقة في المحتوى والشكل والأسلوب:/خالد الحاج عبدالمحمود 02-12-14, 02:43 PM, خالد الحاج عبدالمحمود
  • 15/ الخاتمة/خالد الحاج عبدالمحمود 02-09-14, 06:18 PM, خالد الحاج عبدالمحمود
  • 14 التغيير بين الأستاذ محمود وأسماء وحزبها/خالد الحاج عبدالمحمود 02-04-14, 03:20 PM, خالد الحاج عبدالمحمود
  • تمويل منظمة الند 13 / خالد الحاج عبدالمحمود 01-31-14, 00:42 AM, خالد الحاج عبدالمحمود
  • 12 ما يسمى بـ"مركز الأستاذ محمود" والتمويل الأجنبي/خالد الحاج عبدالمحمود 01-26-14, 05:50 PM, خالد الحاج عبدالمحمود
  • الحلقة 11 مخالفة المرشد خالد الحاج عبد المحمود 01-21-14, 05:49 AM, خالد الحاج عبدالمحمود
  • 10 إبعاد الأستاذ محمود من أن يكون المرجعية لدعوته مخالفة المرشد 1/ العلمانية/خالد الحاج عبدالمحمود 01-16-14, 03:05 PM, خالد الحاج عبدالمحمود
  • 9/ التحول في المواقف /خالد الحاج عبدالمحمود 01-12-14, 07:35 PM, خالد الحاج عبدالمحمود
  • 8/ الوصل والفصل بين الإسلام والعلمانية/خالد الحاج عبدالمحمود 01-08-14, 05:55 PM, خالد الحاج عبدالمحمود
  • الحلقة السابعة من كتابات الاستاذ خالد الحاج عبد المحمود بعنوان الشأن الوطني 01-05-14, 06:16 PM, خالد الحاج عبدالمحمود
  • 6/العلمانية، الحوار، والإنتظار المؤجل/خالد الحاج عبدالمحمود 01-02-14, 05:50 PM, خالد الحاج عبدالمحمود
  • 5/ التغيير بين الدين والعلمانية بقلم خالد الحاج عبدالمحمود 12-31-13, 05:39 AM, خالد الحاج عبدالمحمود
  • 4/ انتصار الإسلام حتمي/ خالد الحاج عبدالمحمود 12-28-13, 06:53 PM, خالد الحاج عبدالمحمود
  • 3/ بين الصدق والكذب/خالد الحاج عبدالمحمود 12-28-13, 00:06 AM, خالد الحاج عبدالمحمود
  • 3/ بين الصدق والكذب/خالد الحاج عبدالمحمود 12-26-13, 04:18 PM, خالد الحاج عبدالمحمود
  • خالد الحاج عبدالمحمود/(2) التعقيب على البيان الثاني 12-24-13, 10:42 PM, خالد الحاج عبدالمحمود
  • (1) حول بيان "ما بعد الطوفان"/خالد الحاج عبدالمحمود 12-22-13, 06:04 PM, خالد الحاج عبدالمحمود
  • فتوى د. النعيم وفتواه التطبيقية/خالد الحاج عبدالمحمود 09-07-13, 03:17 AM, خالد الحاج عبدالمحمود























                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>

تعليقات قراء سودانيزاونلاين دوت كم على هذا الموضوع:
at FaceBook




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de