|
بخيتة امين |
رحلة امرأة “ د. “
من مجلة مريود .. لكلية جامعية تصنع وتوطن الصحافة الاستقصائية والطباعة الرقمية بتكنلوجيا حديثة
· تقودني الاقدار السنة الماضية ان اشهد بدايات حفريات ولواري طوب واسمنت وحديد وسط كتاحة واشجار تنضرب وضريس ليكون المولود الجديد للدكتورة بخيته امين اسماعيل الذي رفع عنه الستارة بالامس القريب وإن كانت مجلة مريود في الثمانيات ولدت في بهو ما كان يعرف بدار الصحافة للطباعة والنشر الواقعة في شارع علي عبداللطيف ناحية المقرن بالخرطوم ما بين منعرج ادارة الحركة المرور وجامعة النيلين “ القاهرة فرع الخرطوم “ وليس بعيدا عن قلب السوق العربي فان كلية الصحافة والتكنولوجيا ولدت في مبنى شامخ بحي الروضة بامدرمان ..
· عمودان عاليان لا تكاد تخطيهم العين المجردة “ هل جال بخاطر مصمم المبنى المهندس مصباح ان يماثلاهما بالثنائي الاعلامي “ د. ابراهيم دقش ونصفه اللامع د. بخيته “ كصنوان للاعلام والحديث الفصيح العارف ببواطن الامور على المدخل تتراصص شجيرات النخيل والتي قدر لي ان اسقيها حافية القدمين مرة وثلاثة ورباع وسط هجير نهار جعل اوراقها عصعصا لاجده في زيارتي الاخيرة مخضرا ألم يأتي بكتابنا الكريم “ وهزي اليك بجذع النخلة تساقط عليك رطبا جنيا “ سورة مريم ( 24) ..
·
· ان شاء لكم زيارة كلية امدرمان للصحافة وتكنولوجيا الطباعة للدراسة او للمعرفة لا محال ستتنازعكم المسارات من أين المبتدأ هل ندلف لتلك “ القطية “ التي شهد ظلها ونسائمها هواء عليل مطعم برائحة تراب الارض ونحن نرشرش حبات الرمل لجل المناقشات ومراجعة مسارات مراحل البناء والتعمير والتأثيث ووضع المناهج والمقررات واختيار المعلمين والدارسين الخ .. وإن عرجت يمينا مرورا بالكافتيريا والتي رسم بها ان تكون قاعة لحوارات طلابية مفيدة وكوب عصير يرؤي ظمأ ولقمة خبز على سريع لا يكون بعدها اغفاءة بل يكفي ما يسد رمق الجوع وفي البهو الارضي “ جاليري “ علق على حيطانه صورة لكل أم ساهم “ أبنها بنتها “ في هذا المشروع بحفنة تراب او خرسانة طوب أنها حجرة بطعم الامهات المكرمات وهو الجناح الذي حلق بمشروع بناء هذه الكلية الطموحة وسيقود نجاحاتها للامام .
· تقول بخيته والفرحة تشع من عينيها وذات حلمها الذي احتضنته لاكثر من عشرين عاما بنته طوبه طوبه ان كل “ جنى امه راضية عنه وبدور يطبع قبلة على جبينها إكراما واجلالا “ لانها ارضعته حليبا طيبا حلالا .. أم كافحت عاست الكسرة ام رمت اللقيمات .. سوت الشاي .. باعت الطلح ولبان البخور .. خيطت الطواقي ..كل أم ساهرت الليالي وهدهدت وليدها فرحت بنجاحه وزيرا ومدرسا مزارعا سائق ركشة او تاجر بقالة ترزي او نساج او صحافي وبت حلال امها ربتها على الفضيلة والكفاح نهلت العلم ..وربت العيال و و
· كلية الصحافة وتكنولوجيا الطباعة في مبنى زاوج بين العصرية والتراث دهنت حيطانه بخلطة سودانية مبتكرة ذات لون اقرب للون الترابي ترمي قربا اكثر للون الاصفر انه لون متوهج تتكسر على صفحاته اشعة الشمس وقاعات الكلية شامخة في صفين يطلان على ساحة المسرح المفتوح والقاعة الكبرى اكتملت المباني وتاثثت لطابقين نسجت اسقفها باعمدة حديد محدودبة ونوافذ عالية تتيح للقاعات تهوية صحية محتفظة ببرودة نسبية عازلة لاي ضوضاء لتتيح للطلبلة اجواء الانصات الكامل و التبحر في الشبكة العنكبوتية حيث القاعات مجهزة بأجهزة حاسوبية حديثة .
· نحن الان في الجناح اليساري هذا ان اختار احدكم ان يصوب وجهه ناحية المكتبة التي تراصصت حوامل الكتب و تتراصصت عليها كل ما كتبه الرواد السودانيين في علم السياسة والاجتماع الشعر والتاريخ الانساب والرؤايات الغزل والاخوانيات من المفترض ان هذه المكتبة ستقف كباحة ثرية تمد الدارسين من بطون امهات الكتب ما يرؤي شغفهم ويرضي طموحاتهم هي ايضا يمكنها ان تعين الباحثين على مبتغاهم في والدراسة والتنقيب ..
· لابد للطلبة ان يدلفوا لمكتب المسجل وليس بعيدا من قاعة الاجتماعات الكبرى وليس بعيدا ايضا من مكتب رئيس الجامعة ومجلس الامناء والادارات الجامعية والتي صممت مكاتبهم بحيث لا مجال فيها لمضيعة الوقت “ الوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك “ ان تكنلوجيا الصحافة ستوطن لطباعة الكتاب والارشفة الحديثة وتقانة المعلومات والكلية ستخرج صحافي .. اعلامي .. يصيغ الخبر ويستقصي الحقائق ويجري التحقيقات الميدانية ليبثها لصحيفته متزامنا والتقاطه للخبر .. ستؤهل الكلية طلبتها على احدث تقنيات التصوير ليس هذا فحسب فمن المؤمل ان يقف الطلبة على لمحات تاريخية عن فن الجمع اليدوي العريقة والتصوير الفوتغرافي وتطوراته من المفترض ان يتلقى الطلبة دروس تؤهلهم لحمل الكاميرا والقلم وان يبث اخباره وكل ما في جعبته عبر الاجهزة الحاسوبية ويبحر في الشبكة العنكبوتية ليوثق وينقب ويقود فكرا مستنيرا .
· بخيته امين حفرت الصخر لتحقق حلمها في توثيق سيرة مدينة امدرمان تريد من خلال حلمها ان تعيد لامدرمان احد حبات العقد فجيد “ ام در “ به حبات من العقيق .. مبدعين رواد الشعر والنثر والدوبيت وغنى البنات وابطال استقلال السودان واغاني الحقيبة والنساجون وستات الشاي والطعمية والسكي سيد السمك ومنهم جكسا وعلي قاقرين ان امدرمان لوحة فنية بطعم خاص وقوس قزح متعدد الالوان انها نكهة السودان المتصالح مع نفسه المعبقة برائحة البخور وطعم النبق وسدرة المنتهى ..
· ان بخيته تحقق طموحاتها التي حملتها على اكتافها لترى جيل من الاعلاميين المؤهلين بالعلم والمعرفة ومدبجين بسلاح التكنولوجيا لغة العصر والثورة الاتصالاتية التي قفزت للامام بدول كانت صغيرة لكنها كبرت لانها أولت امر الاعلام الاولوية القصوى كدولة قطر التي نقيم بها وها هي “ بت حرم “ تأتي بما لم يأتي به الرجال دقش واخوانه ورصفائه المعتقين د. علي شمو الخبير المعلم والوزير الهمام كمال عبداللطيف وفضل الله محمد الشاعر المهلم ونورالدين مدني سيد كلام الناس وغيرهم مما لا تتيح المساحة لذكرهم منهم من امسكوا بكلتا قبضتيهم بمفاصل الاعلام والذي لم يغادر القلم والورقة لكن حواء السودان كعهدنا بها وقامة رفعت الستارة من العدم عن مبنى يلوح لك من على البعد بحي الروضة بامدرمان شامخا بين اروقته طلبة صحافة ومعرفة باحدث ما وصلت اليه تكنلوجيا الطباعة والمعرفة ان امدرمان موعودة بان تكون قبلة لطلبة علوم الصحافة من دول الجوار ومن الدول العربية ..
· ود. بخيته ستعيد بهذا الصرح وهجا لامدرمان اصلا لم يغادرها وان كان احدى حباته ستزداد وهجا في دنيا الاعلام فحين رجعت من رحلتها الدراسية لانجلترا كانت تحزم مع الشهادة فوق الجامعية التي حصدتها مشروع لمولود جديد “ مريود “ مجلة لاطفال السودان واذكر ان المرحوم الاستاذ الجدامعي والمؤرخ المفكر موسى المبارك رئيس مجلس ادارة دار الصحافة كان راجعا من رحلة عمل للمملكة المتحدة في مسعاه لاستجلاب اجهزة الجمع التصويري وتدريب خمسة ثلاثة شباب وفتحية عبدالله وعوالي عطا على فن الجمع التصويري في نقلة كانت الاحدث في ذلك الوقت في مجال الجمع الطباعي وهاتفني من المنزل ليبلغني أن استقبل الاستاذة بخيته امين ونوفر لها كل معينات العمل وان تستغل مكتبه .
· وصلت صباحا هذه “ البخيته ” تقود سيارة فيات فيروزية اللون وشعر مسبسب وثوب رسالة لندن كامل النعومة والجمال وللحقيقة لم يكن ترحيبنا بها بأحسن من ترحيبنا بالمبدع “ عمك تنقو “ فنان الجاز المشهور شرحبيل احمد والمصمم المبدع المرحوم جلي والاستاذ عصام حسون الذي أفشل خططنا لاستفزاز مشاعره بأن “ رئستهم السيدة بخيتة “ اصدرت تعليمات بأنه غير مسموح للشباب “ غالبيتهم رسم الزمن خطوطه على جبينهم وزحف الشيب لما تبقى من شعيرات “ بتناول الفول في الافطار ..
· وإمعانا من الشاب “ حسون “ بأن رئيسته المرأة لن تحد مهما اوتيت من علم ودهاءمن رغبتهم تناول الفول فكان يخرج من الاجتماعات المتواصلة وهم يرسمون ما حزمته في حقيبتها من افكار لاستصدار مجلة لاطفال السودان ويترك “ ساندوتشات السمك “ جانبا ليلتهم الفول في” صحن الطشت “ الذي ظبطه بزيت السمسم “ يويا عامل البوفي الفهيم “ بتلذذ في نهارات صيف الخرطوم والساعة تشير للثانية بعد الظهر .
· صدرت “ مريود “ وسط ترحيب كبير ولولا مسارات السياسة وبعض منحنياتها الرعناء والتي تقتال احيانا مواليد قبل ان يكتمل نموءهم لكان ذلك “ المريود “ اليوم شابا مفتول العضلات نابه الفكر قوي العزيمة واضح الرؤية فليس احسن من ثقافة تغذي بها اطفالا رضعا من نبعك ومعينك .. فتوقفت مجلة مريود للاطفال وبقرار سياسي مجحف ذلك لانها قامت بزيارة تعريفية لاحدى الدول العربية الشقيقة والتي كانت علاقتها بالسودان في ذلك الوقت تشوبها فتور وقطيعة ..
·
· و “ مريود “ لم يكن الحلم الوحيد لهذه البخيتة حفظها الله ورعاها من شر حاسدا اذا حسد التي اختزنته في فجاج ذاكرتها وبين تلابيب عزيمتها التي لا تعرف المستحيل وهي التي رضعت من ثدي الكلمة “ أقرأ “ والقلم أكتب منذ نعومة اظافرها بدأت حياتها معلمة وشقت لنفسها مسارات في دروب الاعلام اذاعية وصحافية ومتحدثة استاذة جامعية لها مؤلفات وابحاث منشورة باللغتين العربية والانجليزية وليس ذلك بمستغرب وهي التي ترعرعت في حوش ود البنا القريب من سوق الشجرة ودواعيسها وازقتها في اسرة اعلامية لكنها اثبتت ان نون النسوة ليس تابعا وان عزيمتها لا تكل ولا تمل فهي تصنع الابداع لذلك كان مشروع كلية الصحافة و تكنلوجيا الطباعة الذي رفعت الستارة عنه بعد استصدار وزارة التعليم العالي لتصديق العمل مع بداية العام الدراسي وسط حضور متميز بينهن نجوى وهويدا وكرار وعفاف بت فطون وليس بعيدا عنهن دقش “ زوج الهناء “ بافكاره وقفشاته وتلميحاته بان خلف كل امرأة رجل ناجح كالدكتور كامل ادريس المرشح الرئاسي سابقا ووالي كرري كمال محمد عبدالله وغيرهم .
· وان كان القدر اتاح لي حضور مخاض ولادة مريود فان اجمل الايام قضيتها وانا اضع طوبة طوبة وانفض غبار واعلق لوحة واسقى شجيرات النخيل والتي نؤمل ان تسقط رطبا شهيا عاقدين العزم ألا يعطش للعلم زولا او يجوع طالب طالما نساء السودان شامخات كأمنا بخيته بت حرم .. التي عقدت العزم بان تدرس الكلية ما يعرف بالملكية الفكرية ومقررات الامم المتحدة وتجويد اللغات والطباعة الحاسوبية والصحافة الاستقصائية وعلم المعرفة وغدا لناظره قريب .. ومبروك أم هيثم ومبروك “ دقش “ عشا البايتات ..
·
عواطف عبداللطيف awatifderar [email protected]
اعلامية مقيمة بقطر
همسة : ان كان الناس في زماننا هذا ينحازون لمصالحهم الذاتية فبخيتة انحازت بكل قدراتها لأجل وطن نريده ينهل من العلم والمعرفة ولا يجوع ابناءه فحيوا معي هذه “ الشابة الابنوسية “ .
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات ,الاخبار و البيانات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام
أعلى الصفحة