|
الحركة الشعبية لم تطرح الدولة المدنية بل العلمانية! (Re: Haydar Badawi Sadig)
|
الحركة الشعبية لم تطرح الدولة المدنية بل العلمانية!
أخي الحبيب عادل أمين تحية طيبة
Quote: اذا كان الامام يؤمن بما يكتب كان عليه ان يفصل المكتب السياسي لحزب من عباءة الانصار..ويعين بنفسه رئيس للحزب اخر ويكتفي بالامامية والقيادة الروحية للحزب ..والحزب الاتحادي الديموقراطي اكثر مرونة في ذلك من حزب الامة حيث لا يركز السيد محمد عثمان الميرغين علي الجانب التنفيذي..والحركة الشعبية اكثر تقدما ولها افضل مكتب سياسي حتى الان وقابل للتطور شرقا وغربا لاحتواء كل قوى الهامش(لقاء اركي منواي وسلفا كير الاخير في واشنطون) اما من تقديري الشخصي وبناء على تحليل الامام نفسه..احزاب السودان القديم لن تجدي في المستقبل..منفردة ..لابد ان تكون هناك تكتلات محددة..وكنت اتوقع من الدارونية السياسية ان تجعل التجمع الوطني الديموقراطي بمافيه الحركة حزب جديد....ولكن للاسف..old hapit day hard رجعنا لتشرزم وكانك يازيد ما غزيت....والحديث ذو شجون |
لقد طلب مني الحبيب دكتور حيدر أن أتناول بشفافية ما يدور داخل حزبنا المأزوم- على حد تعبيره- فرددت في مداخلتي السابقة بالآتي:ــ
Quote: أما عما يدور في دهاليز حزبنا، فإني أرى أنه بعد أن نفرغ من هذا الخيط الرائع الذي يتناول أزمة السودان الوطن يُفتح بوست آخر عن أزمة الأحزب السياسية السودانية و طرق علاجها. عندما أتناول الأحزب السياسية السودانية سوف أوضح أن حزب الأمة رغم أزماته التي سوف أتناولها بشفافية, كيف أنه أكثر تقدمية من كل الأحزاب التي تدعي التقدمية ولكن في هذا الخيط إننا نتناول أزمة السودان الراهنة و كيفية المخرج من ناحية فكرية |
أما قولك :ـ
Quote: لذلك ليس هناك اي مقارنة لفهم الحركة للدولة المدنية وفهم حزب الامة لها |
أخي الحبيب عادل إن الحركة الشعبية لم تطرح أبداً الدولة المدنية إنما طرحت سودان موحد علماني، وهي تنادي بالدولة الإشتراكية العلمانية منذ المنفستو الأول الذي صدر باللغة الإنجليزية قبل سقوط الإتحاد السوفيتي، و إن كان قد سقط عن طرحها الطرح الإشتراكي بعد ذلك، ولكن مازالت الحركة الشعبية و مناصروها يطرحون السودان الجديد العلماني . أخي الحبيب عادل إن الدولة المدنية التي يطرحها حزب الأمة هي دولة مدنية بإجتهاد جديد يراعي ظرفي الزمان و المكان ، و أن حزب الأمة ما انفك يطور أطروحاته واجتهاداته و هذا ماعنيته في أول مداخلة لي حين قلت :ـ
Quote: أما عند الحزبين الكبيرين حزب الأمة و الإتحادي الديمقراطي فكانا مشغولين بالتحرير و الإستقلال و السودنة،وكان يشغلهما النزاع الداخلي ما بين ليبراليين مؤيدين للخط العلماني ومحافظين يتطلعون للدولة الإسلامية،وكان هذا الحال في حزب الأمة حتى جاء السيد الصادق المهدي و طرح فكر الصحوة الإسلامية |
نعم حزب الأمة و هو أحد الحزبين الكبيرين طور أطروحاته فإن الحزب كان يتراوح بين ليبراليين يطرحون الدولة العلمانية و محافظين يطرحون فكرة (القرآن دستور الأمة) وكانت هذه الفكرة قد أخذت مساحة و اسعة بعد انقلاب مايو حيث كان الشعار المرفوع هو (لا سلام بدون إسلام و لاشيوعية و لا إلحاد و القرآن دستور الأمة)، فطور حزب الأمة فكره و أصبح متعايشاً مع الشيوعيين و أدرك أن القرآن وحده لايمكن أن يكون دستور لدولة متعددة الأديان لذلك طرح من خلال فكرالصحوة الدولة المدنية التي تعترف بالتعدد الديني إعترافاً حقيقياً يسمح للكل أن يمارس عباداته و طقوسه و أن يطبق قوانينه إن شاء ،ولكن دولة تسمح بممارسة العبادات و الطقوس و تحرم أغلبية مواطنيها من تطبيق قوانينهم الدينية فيهم من غير جور على الآخرين فهذه دولة أو فكر لا يؤمن إيماناً كاملاً بالتعدد الديني. أخي الحبيب عادل هذا قولي عن حزب الأمة أحد الحزبين الكبيرين، هلا حدثتنا عن توأمه الحزب الإتحادي الديمقرطي كيف طور طرحه؟ أمازال يطرح الجمهورية الإسلامية أم أنه يوافق الحركة الشعبية على طرحها السودان الجديد العلماني؟؟ أخي عادل و أحبابي المتداخلين سوف أعود لأواصل طرح حزب الأمة للدولة المدنية وفق إجتهاد جديد. لكم الود. يعقوب
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الحركة الشعبية لم تطرح الدولة المدنية بل العلمانية! (Re: yagoub albashir)
|
الاخ العزيز يعقوب تحية طيبة اولا لنصل لتعريف مشترك للعلمانية...والدولة المدنية..ساطرح لك ما افهمه عن العلمانية.. وجون قرنق شخصيا قال عايز الخرطوم تكون ذى القاهرة...وهذا يعني انه يقصد الدولة المدنية وليس العلمانية وحتى لا نخرج من اطار الموضوع عن الحركة الشعبية والمؤتمر الوطني المخاض العسير
Quote: العلمانية المفترى عليها العلمانية في الأصل مصطلح خاص بالدين المسيحي ومعناه فصل الدين عن السياسة...ولان المسيحية دين تعاليم أخلاقية وكان لا يحمل مشروع دولة وقد قال المسيح عليه السلام ما لله لله وما لقيصر لقيصر " ******* الشخص العلماني هو الشخص الذي يلغى الجانب الغيبي للعقل"عقل المعاد" ويوظف عقل المعاش فقط في خدمة الجسد وغرائزه المعروفة..وتجسده الآن الفلسفة الزرائعية /البرغماتية الأمريكية...قال الله تعالى واللذين كفرو يتمتعون ويأكلون كما تأكل الأنعام والنار مثوا لهم)سورة محمد العلماني هو الشخص الذي ينظر فقط إلى الجانب الظاهر من العلم.العلم المادي التجريبي وينفى ربطه بالغيب..قال الله تعالى(وعد الله ولا يخلف الله وعده لكن اكثر الناس لا يعلمون*يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا وهم في الآخرة هم غافلون)سورة الروم ففي هذه الآيات الكريمات..نفى الله العلم عن اكثر الناس ثم ثبت هذا العلم وجعلته الآية علم ظاهر..أي المادة كما تتراءى لحواسنا العادية..وهو علم ناقص.لان كل العلوم مظهرها مادي ومخبرها روحي..فالعالم الحقيقي من يربط بين هذه العلوم والغيب ودقائق التوحيد بينما العلماني من يردها إلى خواصها الفيزيائية والكيميائية بدون الرجوع للعلة الفاعلة التي تسيرها لذلك لا يمكننا أن نطلق كلمة علماني على شخص مسلم يؤمن بالغيب فقط تجاوز وعيه وعى التيارات الإسلامية"الأخوان المسلمين ومن لف لفهم.ثم نقتل هذه الإنسان دون وجه حق كما حدث لفرج فودا في مصر وجار الله عمر في اليمن والغريب في الأمر أن حتى العلماء القدامى الذين تستشهد بهم هذه التيارات قد اتهمو بالزندقة والكفر في اكثر عصور التاريخ الإسلامي انحطاطا والزندقة هي الكلمة الرديف للعلمانية في العصر الراهن ونحن نعيش نفس الانحطاط
*********8 واليوم عندما نقول الإسلام دين ودولة هو أن نمارس السياسة وفقا لضوابط إسلامية ..لا نكذب ...لا نفجر..لا نأكل أموال الناس بالباطل لا نقتل النفس التي حرم الله..نقيم العدل أجمالا نطبق الثوابت الشرعية التي حددها الإسلام في الكتاب والسنة للحاكم والمحكوم على حد السواء وبذلك تتحقق مرجعية الإسلام دين ودولة أما أن تحتكر الإسلام فئة محددة وتمارس السياسة كيفما اتفق بدون وازع أو أخلاق أو وليا مرشدا فانه لعمري خداع للنفس وضلال ما بعده ضلال فالإسلام عقيدة عالمية مركزها الفرد وحدودها العالم ولا يمكن تاطيرها في شخص أو حزب أو طائفة او دولة
|
والان بعد قراءة المكتوب اعلاه وبدقة وحتى نكون اكاديميين فقط..وبلغة واضحة 1- هل حزب الامة حزب ديني ام سياسي؟ 2- هل يمثل كل السودان ام الغرب والوسط؟ 3- هل هو جازب لكل السودانيين؟ ونفس الاسئلة 1- هل الحركة الشعبية حزب سياسي ام ديني؟ 2- هل يمثل الجنوب فقط ام كل السودان؟ 3- هل الحركة الشعبية جاذبة لكل السودانيين؟
ختاما العلمانية ليس فصل الدين عن السياسة بل تغييب الدين عن المجتمع..
اما عن ازمة السودان القديم واحزابه فستجدها في الرابط ادناه
وسنعود لكم بعد اسبوع لنرى اين وصلنا والحق اولى ان يتبع
سباق المسافات الطويلة(الجزء الثاني)]
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الحركة الشعبية لم تطرح الدولة المدنية بل العلمانية! (Re: adil amin)
|
الأخوين/ عادل ويعقوب سلام أولاً أتساءل عن سر إختفاء الأخ حيدر ؟ أرجو أن يكون بخير وأهله . على الرغم من محاولاتي جذب الحوار إلى زاوية توحد الرأي في أصل العلل وآليات معالجتها إلا أنني لم أوفق، وأغتنم هذه الفرصة لنفصل في أمر أظن أن الأخ عادل يوافقني عليه لأنه ورد في سياقات كثيرة من حديثه دون ترتيب أو تخصيص، كما أحب أن يوافق عليه الأخ يعقوب ثم بعد أن نفرغ منه نناقش الآليات المطلوبة لمعالجة علل الفشل المطلوبة لنجاح الجمهورية الثانية ، والتي أؤكد أننا سنتفق عليها ،ثم ننظر أي حزب يمثل ما نراه وإن لم نجد، طرحناها على أقربهم إليها، فلا الحركة الشعبية تهمنا في شيء إن لم تمثل لنا ما نريد ولا حزب الأمة يعنينا في شيء ،فأنا لا أحب حزب الأمة إلا بقدر ما يمثل لي من مصالح ونفس الرأي على الحركة. وسوف أطرح رؤيتي لموضوع العلمانية من خلال ماكتبه الأخ عادل :
Quote: 1- هل الحركة الشعبية حزب سياسي ام ديني؟ 2- هل يمثل الجنوب فقط ام كل السودان؟ 3- هل الحركة الشعبية جاذبة لكل السودانيين؟ |
Quote: العلمانية في الأصل مصطلح خاص بالدين المسيحي ومعناه فصل الدين عن السياسة...ولان المسيحية دين تعاليم أخلاقية وكان لا يحمل مشروع دولة وقد قال المسيح عليه السلام ما لله لله وما لقيصر لقيصر |
وهذا هو ما نريده بالضبط .أما لماذا؟ فذلك لسببين : الأول :لعدم وجود شكل للدولة منصوص عليه في الإسلام والسبب في ذلك هو التطور البشري المقصود والمطلوب، وقطعاً لو تم النص على ذلك لقطع علينا طريق السير إلى كمالنا ،وهو يشابه إلى حد كبير عدم تفسير الرسول (ص) للقرآن كي لا يغلق طريق التعالي بمعانيه المطلقة .وكانت كل الإجتهادات المحدودة في شأن الدولة الإسلامية والتي تجاوزها التاريخ نافعة فقط بضررها الذي بين عدم جدواها وأبرز الحاجة لإستبعادها كآلية لتسيير حياة الناس، وها نحن عاجزون عن إقناع المسلمين بتجاوز نصوص الشريعة التي هي أصلاً مرحلة تاريخية إلى نصوص الأصول المنفتحة على الإطلاق فما بالك لو كانت هناك نصوص بشكل الدولة؟ والثاني جاء في هذا السياق :
Quote: واليوم عندما نقول الإسلام دين ودولة هو أن نمارس السياسة وفقا لضوابط إسلامية ..لا نكذب ...لا نفجر..لا نأكل أموال الناس بالباطل لا نقتل النفس التي حرم الله..نقيم العدل أجمالا نطبق الثوابت الشرعية التي حددها الإسلام في الكتاب والسنة للحاكم والمحكوم على حد السواء وبذلك تتحقق مرجعية الإسلام دين ودولة |
ففي هذا الجزء الذي طلب توفره في دين الدولة، نقول أنه لا يتم تنفيذه وتطبيقه إلا وفق آليات معينة وهي ما عبر عنه بكلمة ضوابط وهي تنطبق على الدولة الدينية واللا دينية فيمكن لغير المسلم ألا يكذب ولا يأكل أموال الناس بالباطل كما هو حادث بشكل عام في الديموقراطيات الأوروبية مثلا، ويمكن للمسلم أن يكذب و يأكل أموال الناس بالباطل في غيابها بشكل خاص كما هو حادث في السودان ومصر والسعودية وسوريا..... الخ ،وأستطيع القول دون مواربة أن أكثر الأمم تعاطياً للكذب هم من يعتنقون الديانة المحمدية، فكل الناس في ظرف معين عرضة للكذب، والمسلمون معرضون الآن أكثر من غيرهم لهذا الظرف،فإن أردنا منهم ألا يكذبوا علينا تفعيل هذه الآليات لخلق ظروف مختلفة عما ألفوه منها. وجاء قول الأخ عادل :
Quote: العلماني هو الشخص الذي ينظر فقط إلى الجانب الظاهر من العلم.العلم المادي التجريبي وينفى ربطه بالغيب..قال الله تعالى(وعد الله ولا يخلف الله وعده لكن اكثر الناس لا يعلمون*يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا وهم في الآخرة هم غافلون)سورة الروم ففي هذه الآيات الكريمات..نفى الله العلم عن اكثر الناس ثم ثبت هذا العلم وجعلته الآية علم ظاهر..أي المادة كما تتراءى لحواسنا العادية..وهو علم ناقص.لان كل العلوم مظهرها مادي ومخبرها روحي..فالعالم الحقيقي من يربط بين هذه العلوم والغيب ودقائق التوحيد بينما العلماني من يردها إلى خواصها الفيزيائية والكيميائية بدون الرجوع للعلة الفاعلة التي تسيرها |
هذا كلام صحيح ولكن صاحبه لا يضيرنا في شئ في مستوى الشريعة، إنما يضار منه هو في مستوى الحقيقة متمثلاً في معرفته الناقصة وعاقبته السيئة التي ستكون سبباً في تأخر مرحلته الروحية، وسيطبق الله في حقه آجلاً أو عاجلاً ( إن علينا للهدي وإن لنا.........)،لا يضيرنا إذا كانت الآليات التي لا تمنعني أو تمنعه حقاً واحدة وتحقق ما هو مرجو منها لمعالجة جهلنا وإلتوائنا وحاجتنا. وفي رأيي أن الفكر الجمهوري قد قام بهذه المهمة من حيث جعل التدين في جانبه الإيجابي حقاً عامّاً مثل الحرية والمساواة والعدالة والإشتراكية وفي جانبه السلبي خاصاً، من مثل سيطرته على الدولة وإرغامه الآخرين على اعتناقه وترك معتقداتهم ،أعني ما يمتد من دين بعينه ليطال حقوق الآخرين من الجانب الإيجابي، تم تحجيمه بفكر يعلمه الجميع والأخ عادل قبلي ،وركز عند الفرد على إبراز تدينه لنفع الناس وجعل منه الوسيلة العملية الوحيدة الناجعة والمقنعة لأي من كان،( يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون) فليس هناك من لا يريد جلب المنفعة لنفسه بوجود أناس يقدمون له الخير ولا يقبلون له أن يكون مواطناً من الدرجة الثانية. وبناءً على ما تقدم أقترح أن يكون أول مهامنا في هذا المجال هو إبعاد الدين عن السياسة رسمياً لأنها تمثل الجانب السلبي له، وبعثه عند الأفراد لأن سيطرته على الضمير أمر إيجابي وينفع عند تواجد مسئول أو مواطن يرجو رحمة الله ويقدم جرعة من الأخلاق أرفع من مستوى القانون كإضافة لمزيد من الخير،أي بمعنى آخر يكون الدين مسئولية وعلاقة فردية تخص صاحبها وربه. وقوله هذا:
Quote: أما أن تحتكر الإسلام فئة محددة وتمارس السياسة كيفما اتفق بدون وازع أو أخلاق أو وليا مرشدا فانه لعمري خداع للنفس وضلال ما بعده ضلال |
يثبت ضرورة إستبعاد الدين أي الجانب السلبي منه عن السياسة لأنه من أنجع الوسائل لحصول الغرر والضرر . فنحن لا نملك جهازاً فاحصاً لمعرفة ضمير الإنسان إلا عندما يبرز عمله ولا أعتقد أننا نملك من الوقت ما يجعلنا نجرب كل فئة مسلمة سبعة عشر عاماً وتحضرني عبارة جميلة للكدكتور حيدر ابراهيم قال فيها : إن الضابط الوحيد لقياس صحة فكر الجماعات الإسلامية هو تطبيقه ليست لأنه فكر معقد أو صعب على الإدراك ولكن بسبب أنه يتمتع بقدر كبير من المرونة الإنتهازية. وقول الأخ عادل أدناه أيضاً يثبت ما أنا بصدده ولا أعتقد أننا مختلفان في ذلك، فقط كان من الممكن ترتيب هذه الأفكار على مراحل كما اقترحت سابقاً :
Quote: فالإسلام عقيدة عالمية مركزها الفرد وحدودها العالم ولا يمكن تاطيرها في شخص أو حزب أو طائفة او دولة |
أتمنى أن نتابع أبوحمد
| |
|
|
|
|
|
|
Re: نحو جمهورية سودانية ثانية: الحركة الشعبية والمؤتمر الوطني وآلام المخاض (Re: kamalabas)
|
أحبابي المتداخلين والقراء الكرام،
غبت عنكم، لا عن كلالة، ولكن لانشغالي بالسفر إلى واشنطن للمشاركة في احتفالات الذكرى الأولى لاستشهاد الدكتور جون قرنق دي مابيور. وقد وفقت أيضاً في المشاركة في ندوة عقدت بمناسبة زيارة مني أركو مناوي، رئيس حركة تحرير السودان، الجناح الموقع للاتفاق مع الحكومة. (تمت زيارة السيد مناوي ووفده لواشنطن بدعوة من الرئيس الأمريكي. وعقدت الندوة لتنوير السودانيين في أمريكا بنتائج الزيارة وبتصور الحركة لحاضر ومآلات الأمور).
أشكر كل من سأل عني شكراً وافراً. وأشكر بصورة خاصة من تؤرقهم آلام مخاضنا لميلاد جمهورية سودانية ثانية تأريقا مسهداً، حتى صاغوا تلك المخاصات كلمة كلمة لتنويرنا هنا. هؤلاء المتداخلون هم حقاً من حملة مشاعل التنوير في بلادي، عرفهم الناس أم لم يعرفوهم. قلوبهم العامرة بحب بلادي، وعقولهم التي تسعي لتصفية الكدر الطاغي على رؤيتنا لماضينا وواقعنا ومستقبلنا، تدك حصون القديم لتبني الجديد لبنة لبنة لبنة، ليعود السودان رائداً بين الشعوب.
علي أن أنجز أمراً أسرياً الآن!
وسأعود!!!!
| |
|
|
|
|
|
|
كعب أخيل البوست (Re: Haydar Badawi Sadig)
|
كتب الحبيب عثمان عبد القادر:-
Quote: على الرغم من محاولاتي جذب الحوار إلى زاوية توحد الرأي في أصل العلل وآليات معالجتها إلا أنني لم أوفق، وأغتنم هذه الفرصة لنفصل في أمر أظن أن الأخ عادل يوافقني عليه لأنه ورد في سياقات كثيرة من حديثه دون ترتيب أو تخصيص، كما أحب أن يوافق عليه الأخ يعقوب ثم بعد أن نفرغ منه نناقش الآليات المطلوبة لمعالجة علل الفشل المطلوبة لنجاح الجمهورية الثانية ، والتي أؤكد أننا سنتفق عليها ،ثم ننظر أي حزب يمثل ما نراه وإن لم نجد، طرحناها على أقربهم إليها، فلا الحركة الشعبية تهمنا في شيء إن لم تمثل لنا ما نريد ولا حزب الأمة يعنينا في شيء ،فأنا لا أحب حزب الأمة إلا بقدر ما يمثل لي من مصالح ونفس الرأي على الحركة |
و كتب الحبيب د . حيدر :ـ
Quote: ألهمت الفكرة الجمهورية و الحركة الشعبية كل الهوامش، في المركز وفي الريف، لتثورعلى القوى التقليدية. وساهمت هاتان الحركتان في تفعيل الإسناد المعنوي لحركات ثورية شمالية متعددة، منها حركة القوى الجديدة "حق،" التي تشرفت بالمساهمة في تأسيسها. |
وكتب الحبيب عادل أمين:ـ
Quote: المشكلة اوضح من الشمس السودان بين وعيين 1-وعي السودان القديم وليس هو المؤتمر الوطني فقط... انها الجبهة الوطنية 2006 واليسار البائس المتحالف معها وليس اشخاص بل ايدولجية 2- وعي السودان الجديد الحركة لشعبية+ الجمهوريين+ القوى الديموقراطية الحقيقة(جلهم مستقلين قد تجاوزو انتماءتهم القديمة)+ الحزب الاتحادي ان اختار الاستيقاظ والاصطفاف خلف حليفته الحركة الشعبية ومشروعها..وكلهم كده(الجبهة الديموقراطية المتحدة |
كما كتب الحبيب د. حيدر:ـ
Quote: عزيزي عادل أمين، أشكرك وافر الشكر على المساهمة العميقة. دوما تنفذ إلى جوهر ما أقصد. إطلاعك على الفكر الجمهوري وعلى تجربة الأستاذ الشهيد محمود محمد طه، وعلى طرح شهيدنا الراحل الدكتور جون قرنق، إضافة إلي تجاربك السياسية الخصيبة، مثير لإعجابي، بشكل لا أستطيع التعبير عنه. كنت أفكر في تنبيهك لا ستهلالي لهذا الخيط ولدعوتك للمساهمة فيه. ولكنك سبقتني لأنك سريع النهمة الفكرية |
ثم كتب الحبيب د. حيدر :ـ
Quote: الحركة الشعبية هي ملاذ السودان الوحيد لغدٍ مشرق. شئنا أم أبينا، هذا ما تؤكده الوقائع على الأرض، |
ثم كتبت أنت أخي عثمان عبد القادر:ـ
Quote: فأنا ألحظ أمرين في غاية الأهمية في موقف السيد الصادق،الأول هو إدراكه التام بأنه لا يملك القوة لتغيير هذا الإتفاق ومعرفته يقيناً بأنه لا يتم إلا بالتوازن وليست بالميثولوجيةالحالمة، والثانية أخلاق الفهلوية التي أظهرها تبنيه لهذا الإعتراض والسبب في ذلك ظرفه الخاص كأقوى حزب في آخر إنتخابات جرت في السودان وخاصة بعد إنقسام الحركة الإسلامية وفشلها الأخلاقي بعد أن كانت البعبع الذي يقض مضجعه وينزل عليه الرعب ليل نهار. إذن موقف السيد الصادق أملته مصلحته الخاصة وليست مصلحة السودان وهذا حقه الطبيعي، وطبعه البشري،لأن مصلحة السودان كانت تقتضي وجوده في داخل التجمع بعد تسجيل إعتراضه، ووضع قوته الشعبية مع قوة الحركة الشعبية لأعتقادي بأن السيد الميرغني كان في حالة إنسجام مع الحركة قبل انقلاب الجبهة،ومع معرفتنا لهذا الأمر نحن في حاجة إلى قوة الصادق لإضافتها لجماع الشعب كما نادي بذلك الأخ محمد أحمد . هل نحن مستعدون لنعطي الصادق أو غيره من قادة الأحزاب والقوى مصالحهم التي يسعون إليها فنحقق نحن بذلك مصالحنا التي نراها في الوحدة والمساواة والتنمية ؟ إقتراحي ورؤيتي الشخصية نعم ،ولكن بشروط الديمقراطية حتى نهاياتها، فلا فرق عندي بين الصادق والبشير وغازي صلاح الدين فكلهم بشر تساووا في المعطيات فليس بينهم من لا يحب المال حباً جما، ومن لا يحب السلطة والجاه ولا تأمره نفسه باتباع الهوى، فشروط العقد واضحة، نحقق لك طموحك وتحقق لنا ما نريد بآليات دفع تضمن لنا أنك تحت تصرفنا وليس العكس. |
أخي الحبيب عثمان هل الفكرة هنا قائمة علي أساس البحث عن معالجة مشاكل السودان ثم النظر في أي حزب يمثلها أو أي حزب أقرب إليها؟ أم أن النقاش قائم هنا على تمجيد حزب بعينه و تمجيد فكره و إدانة آخر وفكره؟ أعتقد أن طريقة النقاش أعلاه كانت كعب أخيل هذا البوست رغم ذلك فلا مانع لدي من التعاطي مع ما طرحت في مداخلة قادمة
| |
|
|
|
|
|
|
Re: نحو جمهورية سودانية ثانية: الحركة الشعبية والمؤتمر الوطني وآلام المخاض (Re: Haydar Badawi Sadig)
|
الاخ العزيز حيدر بدوي والاخوان والاخوات كل عام وانتم بخير
اتخيل يا اخي حيدر انك بدير هذا البوست عبر برنامج تلفزيوني باسم(ركن النقاش) عبر فضائية السودان الجديد من امريكاNEWSUDAN-TV ومعك بعض الضيوف من الاخوان...ونحن نكون بتاعين المداخلات التلفونية او قول اذاعة حتى...
انظر حجم النقلة في الوعي التي سيتاثر بها مشاهدين البرنامج من سوادنيين وغيرهم عبر العالم عبر العالم من كتابات الاخوان الثرة في هذا الخيط
فوق
الم اقول لك يبدا الحل بوجود فضائية حرة ؟
| |
|
|
|
|
|
|
Re: Salam (Re: Mutwakil Mustafa)
|
أرجو أن أتمكن قبل نهاية اليوم من إنجاز الحلقة الثالثة من السلسلة. كما أرجو من المتداخلين الكرام، مجددا، عدم التقيد بحضوري ههنا. فإن المهم هو أن نتقدم في أطروحاتنا لنصل إلى خلاصات يمكن تفعيلها، عبر مرحلتها من الفكر إلى القول، ثم إلى العمل.
فلنستمر في التثاقف الحر!
| |
|
|
|
|
|
|
Re: Salam (Re: Haydar Badawi Sadig)
|
الحبيب د. حيدر دعوتك فى خيطى وعرجت على الصديق الشايقى وقرأت مداخلتك مع العزيز أدروب . وأتيت هنا بحث عنكما . وسأظل هنا فى الإنتظار . أدروب مكسب ولن أزيد. أخوك رأفت
| |
|
|
|
|
|
|
Re: Salam (Re: Haydar Badawi Sadig)
|
الأخ د.حيدر والأخوة المتداخلين فكرتم وقلتم وبقي العمل. كان الأستاذ محمود يفكر كما يريد ويقول كما يفكر ويعمل كما يقول ثم لا تكون نتيجة كل ذلك إلا خير وبر بالأحياء والأشياء وفوق ذلك فقد كانت إرادته- الغير متقدمة على إرادة الله- وفكره- النابع من تلك الإرادة- وقوله وعمله كل ذلك كان يمارسه من داخل السودان وملتصق بشعبه مما جعل الأثر واضحا في كشف مزيفي الدين بغرض الوصول إلى السلطة. وأدلل على ذلك ما حدث لإتحاد طلاب جامعة الخرطوم في العام 1984م بسبب وعي الطلاب حينها ويعود الفضل لأركان النقاش التي تقام بصورة شبه يومية (القراي ودالي). إضافة إلى ذلك فقد كان الأستاذ يدعو بلسان حاله مثلما يدعو بلسان مقاله مما أعطاه المصداقية من جمهور عريض وسط المثقفين وطلاب الجامعات حتى الذين يختلفون معه. هذه الأخلاق الربانية والسماحة المتأصلة أدت إلى قيام مجتمع صغير كان نموذجا للأخلاق الصوفية السمحة . وهذه هي النقطة التي ركز على غرسها الأستاذ وذلك حين قال: (الأزمة أزمة أخلاق). لكن تأزمت الأخلاق وتدحرجت الكرة وكان الطوفان. إذن ما الحل؟ الحل هو الفكر والقول والعمل. ولكن العلة في ذلك أن هذا الفكر والقول موجه إلى بعضنا البعض ولم ينفذ إلى الداخل (داخل السودان) ويصبح عملا, فإن نفذ إلى الداخل سيأتي أكله. لذا أطالب- ما أمكن- د.حيدر أحد مؤسسي حركة حق لتتبنى تكوين جبهة تضم جميع الفعاليات السياسية (حزب الأمة القومي, الحزب الاتحادي, الحركة الشعبية, الحزب الشيوعي وجميع حركات دارفور ) للقيام بالتغيير المنشود بالوسائل السلمية وإلا بأي وسيلة أخرى تؤدي للتغيير, يجمعنا في ذلك حبنا لإنسان الوطن والحرية والديمقراطية كأساس للحكم. وحينها- عند انبلاج الفجر- يجب على الحكومة العمل على توفير حاجيات الإنسان الأساسية حتى يسمع لمثل هذه التبصرة. عزيزي د.حيدر أكرر أن هذه الجمهورية الثانية - في اعتقادي- تبدأ بتوحيد تلك الفعاليات للهزيمة المؤكدة لتيار الظلام بكل الوسائل والرضي بخيار الشعب ثم نفكر وتقول ونعمل وفق القول من خلال هذه الحكومة الديمقراطية لتوعية الناس حتى لا يكون هنالك –كما قال الأستاذ المربي الرباني-: (قصور تجربتنا مرده الأساسي قصور الوعي. وعي الشعب. ووعي القلة التي تحكم) ولكن قبل الوعي يجب أن يطعموا من جوع ويأمنوا من خوف.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: نحو جمهورية سودانية ثانية: الحركة الشعبية والمؤتمر الوطني وآلام المخاض (Re: abubakr)
|
سلامي إلى الجميع،
وشكراً جزيلاً للأخ والصديق الحبيب عجب الفيا، والذي نتوقع أن تكون مساهماته عجباً لنا. ونتوقع أيضاً المشاركة من قريبي ونظيري المعز الجمري أبو نورة، وكذلك نتوقع مساهمة الأخ الفاضل الأستاذ عبد الرحمن محمد الحسن وزوجته تلك المباركة دكتورة أسماء الدروبي، المرأة التي تملك رصانة الفهم وثقافة الحرف.
هذه الدعوة مفتوحة عامة لكل من يجد في نفسه أو نفسها هم أو اهتمال بأمر السودان، لأننا لان نضيق بأنماط السلوك المختلفة. ولأننا أيضاً نحاول أن نجعل من هذا البوست تجربة لما قد يعيشه الناس في واقعهم اليومي. لا نحب أن يكون هذا البوست فقط للتحليل السياسي الأكاديمي التنظيري، إنما يجب يكون حواراً بين الأشخاص الأحرار، الذين ينتمون إلى فهم عام يعين على تركيب وتكوين مجتمع أفضل.
سلامي إلى هادف حيدر بدوي!
| |
|
|
|
|
|
|
Re: نحو جمهورية سودانية ثانية: الحركة الشعبية والمؤتمر الوطني وآلام المخاض (Re: Mutwakil Mustafa)
|
يجب أن نؤكد توكيداً قاطعاً أن مشروعنا هذا هو مشروع دستور (لاصفحة فيه لأي دين بعينه، حيث كل الناس سواء، لأن هذا هو مطلوب كل الأديان وكل عقائد الناس ومفاهيم الإنسان جملة وإن اختلفت التفاصيل). والدستور هو محاولة لتطوير فهمنا اللواقع. وهكذا يجب أن يكون مشروعنا هذا هو مشروع لدستور سوداني حي متجدد دوماً، وليس دائماً. فالدستور الدائم هو حلم البشرية، وهو لم يأت بعد، ولن يأتي، فإنما يظهر منه لنا أمر التطور. الدستور هو محاولة الأفراد والجماعات في إقرار ما يعرفونه من الحق، وصياغته في شكل نسبي يجعل الحياة مطية للسعادة بواسطة العدل والحرية والمساواة. الدستور الدائم هو مشروع لم يتم، ولن يكون التمام منه مطلقاً، لأنه هو مشروع تطور الإنسان وهو مفتوح على الإطلاق. ذلك لأنه جدل العقل مع النقل بين الماضي الواقع والمستقبل.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: نحو جمهورية سودانية ثانية: الحركة الشعبية والمؤتمر الوطني وآلام المخاض (Re: Mutwakil Mustafa)
|
عزيزي متوكل،
أشكرك وافر الشكر على إجلاسي في صحن المعبد. نعم، هذا هو صحن المسجد. الدستور الدائم، ولا دائم إلا الله، المطلق، هو الشأن الذي يجب أن يشغلنا. وقد نبهتني لديباجة دستور السودان التي وضعها الأستاذ محمود قبيل استشهاده مباشرة. وربما كان هذا هو المقام المناسب لطرحهاهنا. وستكون الحلقة الثالثة في السلسلة عن هذا الأمر.
أشكرك، مجدداً، شكراً، وافرا. ترقب الحلقة الثالثة قبل نهاية اليوم.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: نحو جمهورية سودانية ثانية: الحركة الشعبية والمؤتمر الوطني وآلام المخاض (Re: Haydar Badawi Sadig)
|
الاعزاء لاحظت في مداخلات اشارة الي " علمانية " او دولة علمانية وحتي يكون السجال متسقا ارجو ان يتكرم الاعزاء بتوضيح ذلك تفاديا للخلط : هل علمانية بمعني لا انتماء او ارتباط بدين او عقيدة اي ان ياتي دستور لا اشارة فيه لدين او عقيدة روحانيةاو اعراف ؟ هل علمانية بمعتي فصل كامل بين السلطة والدين ولكنه مضمن في الدستور من خلال الاشارة الي الدين او الاديان والاعراف كمعاون او مؤشر للعلاقات
هل هناك دساتيير لمجتمعات شبيهة لا ذكر فيها لعقيدة روحانية او اعراف بحيث تغيب تماما حتي شكلا فلا نجد مثلا الرئيس يؤدي قسم الولاء امام رجل دين او واضعا يده علي كتاب مقدس
ودمتم
| |
|
|
|
|
|
|
Re: نحو جمهورية سودانية ثانية: الحركة الشعبية والمؤتمر الوطني وآلام المخاض (Re: abubakr)
|
نحو جمهورية سودانية ثانية: الحركة الشعبية والمؤتمر الوطني وآلام المخاض
الجمهورية السودانية الثانية التي نعنيها ههنا هي جمهورية جديدة تقوم على أنقاض الجمهورية السودانية الأولى. والجمهورية السودانية الأولى بدأت منذ أن نال السودان الاستقلال وإلى يوم الناس هذا. وهي ليست جمهورية إلا بالإسم، حيث أصبحنا "جمهورية السودان،" دو أن نمارس الحكم الجمهوري بالمعنى السامي الذي طرحته الثورة الفرنسية. فقد عجزنا عن تطبيق النظام الجمهوري، بمثلما عجزت الثورة الفرنسية نفسها عن تطبيقه، مع الفارق بين التجربتين.
الجمهورية السودانية الأولى اتسمت بالحكم الدكتاتوري. ذلك لأن السودان أدارته، منذ استقلاله وحتى اليوم، حكومات مدنية دكتاتورية في الجوهر(وإن كنت قد انتخبت بواسطة صناديق الاقتراع)، أوحكومات عسكرية دكتاتورية محضة (تدعي الديمقراطية، زوراً وبهتاناً). أما الجمهورية السودانية الثانية، المرجوة، فهي جمهورية قد برئت من الطائفية ومن الهوس الديني، ومن أطماع الصفوة في السلطة والثروة. وهي جمهورية تقوم على مفاهيم السودان الجديد كما طرحها الأستاذ محمود محمد طه والدكتور جون قرنق دي مابيور.
الأستاذ محمود محمد طه هو صاحب فكرة مشروع الجمهورية السودانية، بلا منازع. فقد بشر بها منذ فجر مقاومته الباسلة للاستعمار. ذلك قبل أن يصبح السودان "جمهورية!" فكان أن نشأ الحزب "الجمهوري" تحت رعايته، قبل أن ينال السودان استقلاله. وظل الأستاذ محمود يبشر بالجمهورية السودانية الثانية ويدعو لها، بعد أن فشلت تجربة الجمهورية السودانية الأولى، مروراً بالطائفية البغضاء، وانتهاء بالهوس الديني الماحق.
وفي ذلك قال الأستاذ محمود محمد طه، في أبدع وثيقة كتبها، عنا نحن السودانيين، أننا بلونا أسوأ ألوان الحكم النيابي، في محاولتنـا في بدء الحكــم الوطني وبعـد ثورة أكتوبر 1964. هذه الوثيقة التي وضع لها الأستاذ عنوان "ديباجة الدستور،" كتبت في فترة اعتقاله المطولة بواسطة جهاز الأمن السوداني في منزل حكومي كان يسكن فيه بونا ملوال إبان الحكم المايوي. فترة الإعتقال تلك تطاولت لمدة ثمانية عشرة شهراً. وقد سمح طولها للأستاذ محمود بتكثيف التأمل، تأمل الشهيد، الواسع، الخبير، في الشأن السوداني. وقد تمخضت عن ذلك التأمل وثيقة "ديباجة الدستور،" التي لم تنشر على الملأ حتى الآن. ولا نريد هنا نشرها كاملة، ولكنا سنقتبس منها ماشاء لنا الله الاقتباس، مما تستوجبه المعاني والأفكار التي نريد موالاة طرحها في سياق حديثنا عن مشروع الجمهورية السودانية الثانية.
يقول الأستاذ محمود محمد طه في "ديباجة الدستور،" أن أحزابنا السياسية كانت طائفية الولاء، طائفيـة الممارسـة. فهي لم تكن تملك مذهبيــة في الـحكم. و الطائفية نقيض الديمقراطية. ففي حين تقوم الديمقراطية علي توسيـع وعي المواطنين، تقوم الطائفية علي تجميد وعيهم. وفي حين أن الديمقـراطية تكون خدمة مصلحة الشعب، فان الطائفية تخدم مصلحتها هي، ضد مصلحـة الشعب. و من ههنا جاء فساد الحكم النيابي الأول عندنا. فكانت أصوات الناخبين توجه بالإشارة من زعيم الطائفة، كما كانت تشتري!! وكـان النـواب يشترون أيضا!! وذلك في جـو مـن الصـراع الحزبي الطاحن علي السلطة أدي إلي تهديد سيادة البلاد واستقلالها. فقد قامت حكومة ائتلافية بين حزب الأمة، و حزب الشعب (حزبـي الطائفتين ذواتي الخصومة التقليدية، طائفة الأنصار، وطائفة الختمية) ودخلت البلاد في أزمة سياسية من جراء عدم الانسجام في الوزارة، وبروز الاتجاه للالتقاء بين الحزب الوطني الاتحادي، الذي كان في المعارضة، وحزب الشعب، عن طريق وساطة مصر. فسافر رئيسا الحزبين، السيد إسماعيل الأزهري، والسيد علي عبد الرحمن، إلي مصر، لهذا الغرض.
يستمر الأستاذ محمود في سياق تناوله لفشل الجمهورية السودانية الأولى ليقول بأنه قد نسب لرئيس الوطني الاتحادي تصريح ، بمصر، يعترف فيه باتفاقية 1929، التي كانت حكومة السودان الشرعية قــد ألغتها .. (وهي الاتفاقية التي أُبرمت في الماضي بين دولتي الحكم الثنائي، بريطانيا، و مصر، بينما كان السودان غائبا، تحت الاستعمار، فأعطت السودان نصيبا مجحفا من مياه النيل، بالنسبة لنصيب مصر). و كان ذلك الاعتراف بالاتفاقية بمثابة مساومة مع مصر لتعين الحزب علي العودة للحكم. كما صرح رئيس حزب الشعب، بمصر، بأن حزبه يقف في المعارضة ! ! (أنباء السودان 15/11/1958، الرأي العام 9/11/195.
في هــذا الجو السيـاسي الذي يهدد استقـلال البلاد، و سيادتـها، بالتدخـل الأجنبي، يقول الأستا ذ محمود، سلم السيد عبد الله خليل رئيس الـوزراء، الحكــم للجيش. فكان انقلاب 17 نوفمبر 58 بمثابة إنقاذ للبلاد. واستمر الحكم العسكـري ست سنوات، صادر فيها الحريات وقوض الديمقراطية. و برغم انه حقق شيئا من التنمية الاقتصادية، إلا انه آل إلى صور من العجز عن الإصلاح، وفي الفساد، أدت إلى قيام ثورة 21 أكتوبر 1964.
وفي تقويمه لثورة أكتوبر، يقول الأستاذ محمود أنها مثلت الإرادة الشعبيـة، السلمية، وإجماع الشعب السوداني الكامل علي الرغبة في التغيير، وإن لم يكن يملك المعرفة بطريقة التغيير. فتخطي الشعب الولاءات الطائفية، وهو ينادي بعدم العودة لماضي الحزبية الطائفية. ولكـن سرعان ما أجهضت الأحزاب الطائفية تـلك الثورة، و صفـــت مكتسباتها. فقــد ضغطت، بالإرهـاب السياسي، علي رئيس حكومة أكتوبر الثورية حتى استقال، و شكل حكومة حزبيـة برئاستـه. ثم عادت الأحزاب الطائفية للسلطة، عن طريق الأغلبية الميكانيكيـة الطائفيـة فـي الانتخابات. وهذا ما سميته في افتتاح هذه الحلقة بالدكتاتورية المدنية.
حسب الأستاذ محمود في "ديباجة الدستور،" قامت حكومة ائتلافية من حزب الأمة والوطني الاتحادي. و تعرضت الديمقراطية في هذه التجربة النيابية الثانية لأسـوأ صـــور المسـخ، عــلاوة علــي المسـخ الذي تعرضت له الديمقراطيـة من جراء فسـاد القلة، ومـن جراء قصــور وعـي الشعب. فقد عُدل الدستور مرتين للتمكين للحكم الطائفي في الاستمرار: مرة ليتمكن أزهري من أن يكون رئيسا دائما لمجلس السيادة، في إطار الاتفاق بين الحزبين علي اقتسام السلطة. ومرة أخري لحل الحزب الشيوعي، و طرد نوابه من الجمعية التأسيسية.. فقد عدلت الجمعية التأسيسية المادة 5/2 من الدستور، و التي تعد بمثابة روح الدستور.. و هي المادة التي تنص علي الحقوق الأساسية، كحق التعبير، وحق التنظيم.. و لما حكمت المحكمة العليـا بعدم دستورية ذلك التعديــل (مجلة الأحكام القضائية، 196 أعلن رئيس الوزراء آنذاك، السيد الصادق المهدي، "أن الحكومة غير ملزمـة بأن تأخذ بالحـكم القضائـي الـخاص بالقضيــة الدستورية" (الرأي العام 13/7/1966). وذلك عرض القضاء السوداني لتحقيـر لم يتعـرض لـه في تاريخه قط!!
ولما رفعت الهيئة القضائية مذكرة إلى مجلس السيادة تطلب فيها تصحيح الوضع بما يعيد للهيئة مكانتها (الرأي العام، 27/12/1966)، وصف مجلـس السيادة حكم المحكمة العليا بالخطأ القانوني (الأيام، 20/4/1967) فاستقال رئيس القضاء السيد بابكر عوض الله. وجاء في الاستقالة "إنني لم أشهد في كل حياتي القضائية اتجاها نحو التحقير من شأن القضاء، و النيل من استقلاله كما أري اليوم. إنني أعلم بكل أسف تلـك الاتجاهات الخطـيرة عنـد قــادة الحكم اليـوم، لا للحـد مـن سلطـات القضـاء في الدستـور فحسب، بل لوضعـه تحت إشـراف الهيئة التنفيذية..."
هذه صورة لفشل التجربة الديمقراطية النيابية في بلادنا، مما حولها إلى دكتاتورية مدنية، هددت الاستقرار السياسي، حتى جاءت حكومة مايو الدكتاتورية بمثابة إنقاذ آخر للبلاد!! وهنا يقول الأستاذ محمود بأن بأن قصور تجربتنا الديمقراطية مرده الأساسي إلى قصور الوعي، وعي الشعب، ووعي القلة التي تحكم الشعب، مما أفرغ مدلول كلمة الديمقراطية من محتواها. هذا الحال لم يكن بمعزل عن فشل الديمقراطية في ظل البلاد المتخلفة. حيث أدى التخلف إلي الانقلابات العسكرية، في كل مكان، في النصف الأخير من القرن المنصرم. وليس في الانقلابات العسكرية حل، كما بينت التجربة القاسية مع حكم مايو، والتجربة المريرة الباطشة مع حكومة الهوس الديني.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: نحو جمهورية سودانية ثانية: الحركة الشعبية والمؤتمر الوطني وآلام المخاض (Re: Haydar Badawi Sadig)
|
الأخ /د.حيدر المتداخلون والقراء أجمل التحايا والود أجد نفسي مرة أخري راغباً في الضغط بقوة على مابدأت به حديثي في أول مداخلة لي في هذا الخيط وتكرر بصور مختلفة تقريباً في جل ما كتبته وقد حفزني على ذلك ما جاء في حديث الأخ حيدر وعدم ورود أي إشارة في كل ما جاء من أحاديث الإخوة المتداخلين لمقترحات حول معالجة هذه المسألة والتي تمثل في رأيي منطلقاً مهماً وأولياً نحو الجمهورية الثانية لأنها معقدة وتاريخية ،بل أخشى إن لم نأخذها مأخذ الجد الإنزلاق و الغوص في نفس المستنقع الآسن الذي نجهد أنفسنا للخروج منه. يقول الأخ حيدر:
Quote: عــلاوة علــي المسـخ الذي تعرضت له الديمقراطيـة من جراء فسـاد القلة، ومـن جراء قصــور وعـي الشعب. |
وهنا لا يخطئ القاريء المستبصر إدراك الإختلال الحادث في ميزان القوة لصالح القلة بسبب نقص الوعي عند الشعب، مما أدى إلى فساد القلة، والقوة بلا دفع مماثل ،سلطة مطلقة، التي هي مفسدة مطلقة وهو أمر تهيأنا له جميعاً بحكم الطبع البشري الذي سبق الحديث عنه بصفتي الجهل والإلتواء الذي تمثله النفس الأمارة. ثم يمضي قائلاً:
Quote: وهنا يقول الأستاذ محمود بأن بأن قصور تجربتنا الديمقراطية مرده الأساسي إلى قصور الوعي، وعي الشعب، ووعي القلة التي تحكم الشعب، مما أفرغ مدلول كلمة الديمقراطية من محتواها. |
إن القلة التي تحكم الشعب هي مجموع النخب المتعلمة التي وجدت في الطائفية أيسر السبل والوسائل لتحقيق رفاهيتها وأطماعها الشخصية وهذا ما ظللت أنعته بفهلوة المتعلمين ،وقد إستعاض البعض عن الطائفية بوسيلة الإثنية أوالجهوية أوالآيدولوجية، وكلها وسائل أوردتنا موارد الهلاك ،ولا يفوتني أن أنبه كما أسلفت الذكر طبيعية هذا الأمر وواقعيته كي لا ننجذب إلى أحلام طوباوية تبعدنا عن الواقع فالإنسان هو الإنسان المعطى الذي يمسي وهو مؤمن ويصبح وهو كافر،حسب الظرف الذي يكون فيه، أما نحن فنريد ظرفاً يجعل الحاكم مؤمناً في الليل والنهار وإن كفر ففي سره ويؤذي نفسه ولا يطال الآخرين، وذلك يكون بالدفع الذي توفره الشفافية والحرية وسيادة القانون وكلها موجودة في النظام الديموقراطي الذي نحن بصدده في الجمهورية الثانية ،أما وسيلتنا هذه المرة فعقيدة جديدة، إسمها الوطن الصالح الذي يوفر لنا المأوى والخبز والأمن والحرية والمساواة والعدالة والعزة، وهي وسيلة تحتاج قدراً كبيراً من إشاعة الوعي الذي يحتاج بدوره إلى آليات جديدة وجهد، وهو الطريق الذي بدأه الأستاذ محمود ، ليقيم به الإختلال في ميزان القوة لصالح الحاكم والمحكوم، ومازلنا نحتاجه بقدر أعلى مما كان فهو أحد أهم معوقات الديموقراطية الحقيقية ففي أدنى الدرجات عند نقصه لا يستطيع المحكوم من الإستفادة مما توفره له الديموقراطية من حقوق ،فيطغى بسبب ذلك الحاكم ويجهل ،فظروف تطور النظم الإجتماعية في أوروبا إلى الديموقراطية والتي تطور معها إنسانها سيراً في التاريخ، غير ظرف السودان الحالي فنحن مقلدون وهم أصلاء صعدوا السلم درجة درجة وهذه الحالة تشبه إلى حد كبير تلميذ وصل إلى الصف السادس وهو لا يتقن القراءة فإن أردنا معالجة أمره لا بد من أن نعيده إلى المربع الأول لأن التعليم مبني على التراكم ،والوعي مبني على المعرفة والمعرفة تتولد عن الخبرة فكيف السبيل إلى فك هذا الطلسم مع ملاحظة أننا لا نريد قضاء نفس الفترة التاريخية التي أمضتها أوروبا لتصل لهذا المستوى!!!؟ إقترح الأخ عادل قناة تلفزيونية وأيدته أنا في ذلك ،وأبدى الأخ حيدر عدم رفضه للفكرة من حيث المبدأ ولكنه أمسك لمعوقات لم يفصح عنها وأنا أدعوه كما أدعو الجميع لإبداء أرآئهم ومقترحاتهم في هذا الشأن إذا كانوا مؤمنين بأن الوعي من أهم متطلبات المرحلة لإقامة جمهورية الثانية وحسن التصرف فيما توفره من حقوق والتي يتمتع حكامها ومواطنيها بأقل قدر من معايب السلوك الغليظة .
نتابع إذا كان للعمر بقية أبوحمد
| |
|
|
|
|
|
|
Re: نحو جمهورية سودانية ثانية: الحركة الشعبية والمؤتمر الوطني وآلام المخاض (Re: عثمان عبدالقادر)
|
ضد سلطة الإرهاب والتعذيب : المجد للمواطنة عائشة النسيم ...قبضة الجلادين السفلة
دكتور حيدر بدوي
هذا اهداء لك.....
فعندما يتحدث مثقفي السودان ويتناولون تعاطي الشأن العام بكثير من النفس الطويل
تكون امرأه مثل عائشه نسيم قد ماتت تحت التعذيب....
Quote: هل ينجح أمن الأنقاذ فيما فشل فيه الجنود الأمريكان بالعراق
حامد بشرى
هذه رسالة الى أمرأة لم اتشرف برؤيتها او الحديث اليها ولا حتى بمعرفة عنوانها أو مكان سكنها . كلما أعرفه عنها أنها من عامة النساء ولم تكن فى يوم من الأيام من علية القوم أو المشاهير . لم أطلع على أسمها فى قائمة نساء وطنى اللائى شاركن فى العمل العام ، لم تكن خطيبة فى الندوات أوعضوة قيادية فى حزب سياسى أو من الناشطات فى مجال حقوق المرأة وقد تكون حتى لا تجيد القراءة والكتابة كغالبية نساء السودان .
تعرفت عليها الأسبوع الماضى عندما قرأت أسمها فى النشرة الألكترونية للمنظمة السودانية لضحايا التعذيب . كل التعريف الذي ورد في سيرتها الذاتيه قبل الأربعاء 14-06- 2006 أنها عائشة النسيم الطاهر و تبلغ من العمر ثلاثة وثلاثين عاماً ، ربة منرل ، متزوجة و أم لطفلين . تم اعتقالها من منزلها يوم الأربعاء الساعة 4 صباحاً بواسطة أجهزة الأمن و رُحلت الي مدينة تندلتي علي بعد 80 كيلومتر من كوستي . عزيزتي عائشة ، اعتقال نساء وطني بدعة لأول مرة أسمع بها أيام السفاح حينما أوحى اليه مستشاره و شريكه في الجريمة و عراب حكومة الأنقاذ الحالية شيخ حسن بتطبيق ما اصطلح علي تسميته بقوانين سبتمبر . بدعة اعتقال الأمهات بدأت بصانعات الخمور البلدية ثم شمل الهوس اعتقال المناضلات أو العكس ثم عادت هذه الجريمة اللا انسانية و المناهضة لحقوق الانسان للظهور في ظل النظام الحالي وأتسع نطاقها لتشمل ربات البيوت ، أسر شهداء رمضان ، الأمهات اللائي سيرن المظاهرات ضد تجنيد الأطفال و القصر وارسالهم الي محرقة الحرب ، مظاهرات الأمهات بعد مجزرة العيلفون . كذلك شمل الاعتقال أخواتك الذين قادوا المعركة ضد سياسات مجذوب الخليفة الذي أراد أن يحرم حق العمل للنساء عندما كان والياً علي الخرطوم .
لا ينكر الأ مكابر أن الأنقاذ أهانت النساء والأمهات وفلذات الأكباد حيث تم جلدهن بالسياط وحلاقة شعر الرأس لبعضهن ، وصل الجرم حد اطلاق الرصاص عليهن وسقطن شهداء . السجل المخزي تجاه انتهاكاتها المتكررة لحقوق الانسان شمل ترحيل المعارضين السياسين الي سجون السودان المختلفة بشالا و بورتسودان و دبك ، الأّ أن حالتك يا عائشة هي الأولي حيث يتم ترحيل معتقلة الي مدينة اخرى وليت الخبر ينتهي عند هذه الكارثة التي ستدخل موسوعة جينيز السياسية لحكومة الانقاذ.
بمدينة تندلتى تم استجوابك وسؤالك عن مكان تواجد عمك آدم وبما أنك لا تدرين أين آدم تم تحويلك الي قسم آخر بالمبني برفقة الضابط وليد . وفي هذا القسم سقط قناع حكومة الوحدة الوطنية و تم فضح اتفاقيات نيفاشا وأبوجا والقاهرة وبقية العقد الفريد فيما يتعلق بملف حقوق الانسان واشاعة الديمقراطية . مُورست ضدك أبشع أنواع التعذيب التي قام بها معتوهي أمن النظام وليد وجلال بحضور السفلة الآخرين السنوسي أبوطالب ومحمد دود . تم تقييد يديكي و رجليكي ثم بعد ذلك أدخلوا الجسم الصلب بين فخذيكي ، استخدموا نفس هذه الآلة الصلبة لتعليقك حيثوا جعلوا الرأس الي اسفل وباقي الجسد الي أعلي ، لم يكتفوا بهذا وأنما عصبوا عينيكي ومارسوا الضرب علي قدميكي بواسطة خراطيش المياه . تفتقت عبقرية الساقطين حينما فكوا رباط الرجلين وارادوا أن تمارسي مشي الأرنب بعد أن أدموا القدمين . بعد كل هذه الممارسات الوحشية التي لا تمت للأخلاق ولا الانسانية ولا السلوك السوداني بصلة ، لم يستطيعوا انتزاع اعتراف منك بجريمة لم تقترفيها أو حقيقة لم تشاهديها .هذا التعذيب والتنكيل ضد امرأة لم تقترف ذنب أوترتكب جريمة أو مارست عمل سياسي محظور وانما جريرتها الوحيدة أنها لم تستطع أن تتحول الي " شاهد ما شافش حاجة ".
حكومة الانقاذ تريد من المواطن في شخصك الكريم أن يهدم النسيج الاجتماعي والأرث الأسري ، وأن يشهد ضد اخيه وأمه وأبيه ، عصابة الانقاذ تريد أن تقيم الساعة قبل ميقاتها . ضابط الأمن جلال الذي تعوذ ضميره الأنسانية والرحمة وكأنه لم تلده سودانية لم يكتف بأبشع ما مارس ضدك وانما جعل من التعذيب هواية وحرفة ، اتى بالمحلول الحارق وأراد أن يصبه في رحمك . هذا الساقط عميان البصر والبصيرة اراد أن يحول تندلتى الي أبوغريب . أذا وجدنا العذر للجنود الأمريكان في جهلهم عن اين تقع العراق أهي بالقرب من استراليا أم فرنسا ناهيك عن الشعب العراقي وما قدم للانسانية هل لنا أن نجد أي عذر لصلاح قوش أو عاصم كباشي في ممارسة ما لم يخطر علي قلب بشر ضد بني جلدته وحقيقة ضد أخته وأمه . هذا عقوق بالوالدين والوطن والمواطنة . روت لي جدة أبنائي وهي التي مكثت بمعسكرات النازية ما يزيد عن العامين ان الجنود الألمان كانت تصدر لهم تعليمات وأوامر واضحة بعدم التعرض للنساء بالمعسكر بل يجب مساعدتهن خاصة الحوامل و المرضعات ، وأذا ماتم انتهاك لذلك يعاقب المجرم امام ضحيته . وبعد مضي أكثر من نصف قرن علي نهاية الدولة الفاشية يتضح ان هتلر الذي أدانته البشرية أكثر انسانية ورحمة من حكومة الانقاذ التي أتت لتطبيق شرع الله ورفع شأن الدين الاسلامي .
ياشعب السودان ، الحديث عن لجنة مصالحة ودفع الضرر أو عفو عام علي غرار لجنة الحقيقة و المصالحة التي تمت بجنوب افريقيا لن يجدي مع هؤلاء . بنفس المنطق الذي اعادونا فيه للقرون الوسطي سنحتكم الي قوانين القرون الوسطي العين بالعين والسن بالسن والجسم الصلب بالجسم الصلب والبادئ أظلم .
يا عائشة ، نومي قريرة العين ، واحكي لأبنائك بكل كبرياءٍ ما قدمتيه تجاه الوطن وانا لفخورون بك .
حامد بشرى
|
وهذا ما كتبته انا كتعليق على هذه الفظاعه:
Quote: محلول حارق في الرحم اي تم العبث بالمهبل اولا تخيلوا؟؟؟؟؟؟
هذه قمة الفظاعه
ولم تتم على اي سياسيه من الوسط او متعلمه!!!!!!
اذن زاد التعذيب لانها امرأه بسيطه ومن الهامش وليس وراها اسره متعلمه او (واصله)
شكرا للمنظمه السودانيه لضحايا التعذيب
اشكر الاخ حامد بشرى لنقل هذا المقال لنا
واشكر ابو ساندرا لتسليط الضؤ
ولكن كل هذا يؤكد لنا ان ما يحدث في هوامش السودان هو افظع مائة
مرة عن ما يحدث في العاصمه ووسط المتعلمين...
تم تعذيب مثل هذا لرجال من الوسط ,لكنه لم يحدث لنساء....
سامع يا دكتور حيدر بدوي صديق
يا ايها المتهم لخالد كودي بالعنصريه
عرفت لماذا كان لابد لخالد وغيره ان يكتبوا بخناجرهم وليس باقلامهم؟؟؟؟؟
تراجي. |
لم اقرأ بوستك بعد
ولكني اوضح لك كم نحن مشغولين بامور بسيطه مثل هذه الفظاعه
لكنها توضح الهم اليومي لاهل الهامش.
تراجي.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: sudan (Re: Mutwakil Mustafa)
|
حسنين لـ: (أخبار اليوم) نعتزم تكوين جبهة عريضة شريطة أن لا يكون فيها متحالف أو متعاون مع حكومة المؤتمر الوطني !! Aug 9, 2006, 23:46
سودانيزاونلاين.كوم Sudaneseonline.com
ارسل الموضوع لصديق نسخة سهلة الطبع
اعترف بوجود (مهرولين) فى الحزب الاتحادي نحو الشراكة مع الحكومة !!
حسنين لـ: (أخبار اليوم) نعتزم تكوين جبهة عريضة شريطة أن لا يكون فيها متحالف أو متعاون مع حكومة المؤتمر الوطني !!
القاهرة .. أخبار اليوم .. نادية عثمان مختار
شهدت فيلا مولانا السيد محمد عثمان الميرغني بشارع الخرطوم فى حي مصر الجديدة أحد ارقي أحياء القاهرة خلال اليومين الماضيين أكثر الاجتماعات الاتحادية (سخونة) حيث التقى القادة الاتحاديين بزعيم حزبهم السيد الميرغني فى لقاء عاصف حضره عدد من القيادات الاتحادية التي تصادف وجودها بعضها فى القاهرة وجاء البعض الأخر بدعوة من الميرغني والبعض جاء من تلقاء نفسه بعدما أزعجته الأخبار التي تسربت من القاهرة بشأن (الشراكة الاستراتيجية ) بين حزب الحكومة والحزب الاتحادي الديمقراطي !!
وفى تصريحات لـ : (أخبار اليوم) اعترف على محمود حسنين نائب رئيس الحزب الاتحادي بان فى حزبهم من اسماهم (بالمهرولين) نحو الشراكة مع الحكومة ، وقال إنهم سيظلون يهرولون إلا أن يسقطوا وأكد إن سقوطهم وخروجهم من الحزب الاتحادي لن يضعف الحزب ، وإنما يقوى مركزه ، ويؤكد احتفاظه بإرثه النضالي والتاريخي .
وكشف حسنين عن اعتزام الحزب تكوين جبهة عريضة شريطة أن لا يكون فيها من هو متحالف أو متعاون مع حكومة المؤتمر الوطني ، ووصف حزبه وحزب الحكومة بانهما على طرفي نقيض وشريطي قطار لا يمكن أن يلتقيا لا قبل ولا بعد الانتخابات ، وذلك بحسبان إن حزبه هو حزب الوسطية والتعددية بينما حزب المؤتمر الوطني هو حزب شمولي ورافضا للأخر بحسب قوله !!
وقال حسنين إن هناك ترتيبات للقاء رئاسي يجمع بين رئيس الحزب ونائبيه فى القريب العاجل للتشاور بشأن بعض الأمور الداخلية فى الحزب .
وجدد حسنين تهديده بالاستقالة من الحزب فى حال حدوث اى تراجع عن مواقف الحزب المبدئية الرافضة للمشاركة مع الحكومة ، واتهم حزب المؤتمر الوطني بأنه يسعى بين الأحزاب ، والقوى السياسية لإضعافها ، وتقوية نفسه !!
وأكد انه سيقدم استقالته من البرلمان فى حال عدم تحقيق أهداف المعارضة من المشاركة فيه ، مذكرا بان هذه الأهداف مكونة من عشرين نقطة معلومة ، وأوضح إن اجتماعا تقييمي سيعقد قريبا ليتقرر على ضوئه استمرارهم فى البرلمان أو الانسحاب منه .
واعتبر حسنين إن قيادة الحزب الاتحادي وإدارته ليست بالأمر السهل ، مشيرا إلى ما يلاقيه من معاناة فى هذا الصدد وقال (أنا أخوض معارك تحتاج إلى فرسان ، والحزب الاتحادي به الكثير من الفرسان لولا بعدهم من التركيبة الحزبية ، وحزبنا لا يقوده إلا الفرسان من الملتزمين بمبادئه وارثه النضالي )
وحول الخلافات الدائرة بين قيادات الحزب وبعضهم قال حسنين انه يعمل وفقا للمؤسسية الحزبية ، مشددا على انه لا يخرج مطلقا على دستور الحزب ولوائحه التي اعتبر إنها المرجعية والفيصل لحسم كافة الخلافات.
ومن جانبه أكد القيادي الاتحادي ميرغنى مساعد إن الاجتماع كان بشأن تطوير الأداء الحزبي والعمل على ترتيب البيت الاتحادي من الداخل بما يتواكب مع الراهن السياسي فى السودان حاليا .
© Copyright by SudaneseOnline.com
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات ,الاخبار و البيانات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام
| |
|
|
|
|
|
|
Re: sudan (Re: adil amin)
|
أحبتي،
تحياتي وأشواقي، بلا حدود!
تغيبت، لا عن كلالة، أو مرض، أو شغل عنكم، أو ملالة. شاركت وأخي الدكتور الباقر العفيف في مؤتمر الدراسات السودانية في مدينة بروفيدنس، بولاية رود أيلاند، بورقة يترجم عنوانها بالعربية "الهوية والسلام في السودان: نجاحات الجمهوريين." كلل المؤتمر بنجاح كبير، وجهد مقدر من جميع المشاركين. وقوبلت مساهمتنا فيه بحماس كبير ومشاركات حية، فاعلة، مفيدة. أرجو أن يسمح تسلسل الحوار هنا بعرض أطروحاتنا في الورقة عن أثر أزمة الهوية في تاريخ السودان المعاصر (متناولين مساهمة الجمهوريين الفكرية والعملية فيه).
ويرجو أخي متوكل أن تعذره بسبب تأخره في الرد على الأسئلة الجادة التي طرحت عن العلمانية وموضوع الدستور. وسيأتي لمعالجتها لاحقاًً.
نعود، والعود أحمد!
| |
|
|
|
|
|
|
Re: sudan (Re: abubakr)
|
أخي الكريم أبوبكر،
تحيتي وتقديري،
أشكرك على مداخلتك الصريحة. وأعدك وعداً قاطعاً بأني سأتناول،بإذن الله، موضوع العلمانية في الحلقة القادمة من السلسلة بتفصيل أرجو أن تجده وافياً. أوافقك بأننا كان يجب أن نتناول سؤالك ونوفيه حقه. كما أوافقك بأننا لم نتعامل معه وفق ما عرف عنا في إيلاء السائلين ما يستحقونه من اهتمام وسعة وحسن طوية كللت كل مناشط ومكاره الجمهوريين في عملهم العام. ولكني، مع ذلك، أرجو أن تتفهم بأن طبيعة الحوار في المنبر تجعل المواكبة اليومية صعبة للغاية. فالأخ متوكل، مثلاً، تشغله وتحد من مساهماته ظروف شتى، هذا ليس مقام الحديث عنها. أما الظرف الذي جعلني أتغيب عنكم لأيام معدودات، فقد شرحته في مداخلتي الأخيرة. وعلى الرغم من عديد المشاغل إلا أننى ما زلت عند وعدي بأن أتناول خلاصات كل المتداخلين في استخلاصات تحليلية تستحق وقتك وجهدك في القراءة والتداخل.
أشكرك مجدداً، فإن مداخلتك فيها جرعة من الصدق والصراحة تشحذ الهمة وتحفز على الخير وتنير الطريق. والله نسأل أن نكون دوماً عند حسن ظنك، أيها الصادق الكريم!
| |
|
|
|
|
|
|
Re: sudan (Re: Haydar Badawi Sadig)
|
عزيزي حيدر مسكاقامي
لست مطالبا برد فوري وعليم بمشاغل الدنيا ومطالبها التي لا تنته ... ما ازعجني هو الاتي والذي جاءني ردا علي سؤالي او اسئلتي ثم تعقيب اخ اخر بانهاvery good
Quote: الكلام ده وتعريف العلمانية وازالة اللبس عنها مشروح اعلاه في المداخلات الاولى وقد اقتبسته من ديباجة الدستور(اخر كتاب للاستاذ محمود لم يطبع بعد) |
اي ان علي السائل ان يستقي اجابته من مجمل مداخلات ..اي يترك الامر علي السائل في استنباط اجاباته وليس ان يتلقي اجابة وانت مدرس وتعرف جيدا الفرق بين الاثنتين .. كان يمكنني ان افعل واكون اجابة ربما راقت لي-ولكل منابعض من شئ في نفسه- وليست هي في كبد فكر الجمهوريين ثم اتي مناقشا ومصرا علي رؤاي وهنا يتشعب الموضوع الي من هو اصح فيما يقول فاذا اختلف الناس في بعض من تفسير المنزل من العلي القدير فكيف في ما خطه البشر ؟ .. الاجابات الواضحة المباشرة حتي ولو كانت قاسية هي صادقة لا لبس فيها ودمتم ابوبكر سيداحمد
| |
|
|
|
|
|
|
Re: sudan (Re: abubakr)
|
العزيز دكتور حيدر عودا حميدا على حسب واقع نيفاشا -المفروض- علينا، نحن على اعتاب ديمقراطية اخرى، ولكن هذه الديمقراطية القادمة لن تكون افضل من الديمقراطيات المتقطعة اللائ سبقنها لان الدستور/الدساتير التى تمخضت عنها نيفاشا لم ترضى طموحات شعب حر يريد ان يبنى دولة وامة. لو رجعنا لتاريخ الديمقراطية فى الولايات المتحدة لوجدنا الكثير المثير حولها وهو كفيل بوأدها كتجربة حكم حينها، ولكن الديمقراطية كما نعلم تطور نفسها بالمزيد منها وشتان ما بين الديمقراطية وحقوق الانسان فى القرن الماضى واليوم..لن نبدا من حيث بدا من سبقونا فى الديمقراطية ولن نبدأ ايضاً من حيث هم عليه الآن، ولكن سوف نبدأ من هذا الواقع الذى وضعتنا فيه الجبهة الاسلامية والحركة الشعبية. حتما سوف تنجب الديمقراطية القادمة نموذج شائه، ولكنه سيكون أفضل من حكم العسكر وحكم الفرد.. وحينها هل سنصبر عليها حتى تتطور ديمقراطيتنا بالتوعية الجماهيرية والضغط اكثر على الجهات التى تمعن فى تغييب الحريات حتى نصل للنموذج المنشود، ام سوف ننقلب عليها بزريعة عدم الديمقراطية نفسها ونعود لذاك الحلقة المُفْرغة؟؟؟
| |
|
|
|
|
|
|
Re: sudan (Re: Yassir Tayfour)
|
أخ د. حيدر تحياتي وجدت هذا المقال بموقع sudanile أقترح , وبما أنك عضو مؤسس بحركة حق, أن ينشر هذا المقال بأحد الصحف السودانية لتعم الفائدة ما أمكنك ذلك خاصة صحيفة الصحافة.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: نحو جمهورية سودانية ثانية: الحركة الشعبية والمؤتمر الوطني وآلام المخاض (Re: kamalabas)
|
سلام للجميع غيبنا كد الحياة.
وما زال ذلك السؤال الحائر يعبث بفكر جان فالجان : هل صحيح أن هذا هو الناموس؟ أم أنها أسماء سميناها نحن وآباؤنا وما أنزل الله بها من سلطان !!!!!!؟. وما زال ذلك النزيل في سجن الإليكتراز الذي قتل أحد الحراس بعد أن أمضى سنة كاملة لا يرى غير الظلمة وخيال فكره المحبوس معه في زنزانة لا تسمح له بالوقوف، يردد : جرمي ثلاثة دولارات ،أخذتها لأعالج أختي المريضة التي لم يكن لها أحد غيري في هذا العالم !!!!!!!؟
أبو حمد
| |
|
|
|
|
|
|
Re: نحو جمهورية سودانية ثانية: الحركة الشعبية والمؤتمر الوطني وآلام المخاض (Re: Haydar Badawi Sadig)
|
الدكتور حيدر لك التحيه نجد ان نيفاشا كانت المحطه الاخيره لقطار الازمة الوطنيه الشامله الحركه الشعيبه والمؤتمر الوطني هما طرفا نيفاشا... فنيفاشا ليست مقدسه بل بها كثير من العيوب والنواقص ففكريا تخلت الحركه الشعبيه عن المشروع العلماني الافريغاني حسب منفستو الحركه وتخلي المؤتمر الوطني عن اوهام دوله الخلافه الرؤاشده.... اما سياسيافغياب الاجماع الوطني تغييب القوي السياسيه يعد من مظاهر الاستعلاء الذي تميزت به الاتفاقيه... وايضا يمكن ان نخلص الي ان توازن الضعف بين النظام والمعارضه هو الذي افرز هذه الاتفاقيه.... اما المنهج الذي استخدمته الاتفاقيه في اعتبار ان الصراع في السودان بين شمال عربي مسلم مع جنوب افريقي مسيحي منهج معيوب اظهر بان الصراع في السودان عقائدي (ديني عنصري) لذلك لم تخاطب نيفاشا قضايا التحول الديمقراطي والحريات العامه .... فكانت هذه هي تحفظات معظم القوي السياسيه وموقفها من نيفاشا ... التجمع الوطني كانت تحفظاته علي نيفاشا اهمالها لقضايا التحول الديمقراطي فاتي منبر القاهره معتبرا نيفاشا اساسا للتفاوض بالاضافه الي اتفاق جده الاطاري محاولا اكمال نواقص نيفاشا مسلطا الضوء علي ما سكتت عنه نيفاشا عن عمد مثل قضايا التحول الديمقراطي وقضايا المفصوليين من الخدمه المدنيه واعاده هيكلتها ومجموعه من القضايا وتزامن انطلاق منابر ابوجا ومن بعده اسمرا وتعتمد علي نيفاشا اساس للتفاوض لتشابه قضاياها مع البروتوكولات المنفصله لابيي والنيل الازرق في اطار نيفاشا... كانت هذه ابرز ملامح المشهد السياسي ارتباطا بنيفاشا والتي احدثت اختراقا للازمه وتكاد تكون تطورا ملحوظا في حل الازمه رغم التحفظات المذكوره لان بالامكان تطويرها ولكن توجد مجوعه من التحديات فالعقبه الكؤود في طريق الانتقال الي فضاء ديقراطي هو المؤتمر الوطني الطرف الرئيسي في نيفاشا فعدم التزامه بتنفيذ اتفاقيات السلام ونقضه للعهود والمواثيق واصراره المستمر للرجوع للمربعات الاولي للدوله الشموليه تظل هي كبري العقبات في طريق الانتقال.... فوضح بعد مروراكثر من عام علي نيفاشا ومع استمرار الجدل الدائر حول عدم اتفاق الشريكيين حتي الان في قضايا الطاقه وترسيم الحدود ان تطبيق الاتفاقيه والالتزام ببنودها هو الامتحان الحقيقي.. فالي الان لم تتغير القوانين ولم تتحول وفقا للدستور.. وايضا استفراد المؤتمر الوطني الشريك الرئيسي بالقرار السياسيمع انحسار دور الحركه الشعبيه وغضها للطرف ... فمثلا الخارجيه كانت من نصيب الحركه الشعبيه فالملاحظ ان السيد مصطفي عثمان اسماعيل مستشار الرئيس يشغل منصبه ويتحرك كانه وزيرا للخارجيه مع قبول الدكتور لام بالدور البروتكولي المحدود التحرك وفي الجانب الاخر تقف القوي المعارضه لحكومة الوحدة الوطنيه التي تتشكل الان من (الحركة الشعبيه والمؤتمر الوطني والتجمع الوطني الديمقراطي وحركه تحرير السودان وفي الطريق جبهه الشرق)..وتقف قوي المعارضه التي تمثلها احزاب الامه والمؤتمر الشعبي... وفي ظل استمرار هذا الوضع الانتقالي تطل علينا انتخابات وفقا لدستور نيفاشا ومن بعدها ياتي تقرير المصير لجنوب السودان فهل ياتري الدكتور حيدر ستكون الجمهوريه الثانيه كما ذكرتها اساسا متينا لسودان موحد ديمقراطي تعددي لامركزي ...ام ستكون مدخلا للتشظي وظهور دويلات جديده؟ مع تقديري للجميع
| |
|
|
|
|
|
|
Re: نحو جمهورية سودانية ثانية: الحركة الشعبية والمؤتمر الوطني وآلام المخاض (Re: Haydar Badawi Sadig)
|
بسم الله الرحمن الرحيم
أخي الحبيب حيدر بدوي،
ما أحوجنا اليوم لمثل هذا الطرح لفهم سليم لمعنى الحكم وفهم الدساتير والقوانين التي بها يتم تحقيق حكومة الأفراد الراشدين لأنفسهم بأنفسهم. وما أحوجنا اليوم لوضع هذا النموذج في الصورة العلمية والعملية الموفقة بين حاجة الفرد للحرية الفردية المطلقة وحاجة الجماعة للعدالة الإجتماعية الشاملة.
لابد من طرح بديل متكامل في الفكر والعمل يعين السودانيين على تجاوز مرحلة العقيدة من الدين إلى مرجلة العم منه. حيث أن الدين إلتزام وليس إلزاماًُ، ينجب الفرد الحر، الذي يعلم جيداً بأن حريته تنتهي حيثما تبدأ حرية الآخرين.
أشكر الأخ بكري أبوبكر على تكرمه لنا بهذا المنبر العامر الذي سماه لنا بإسم "السودأنيين!"
وشكراً لك على طرح هذا الأمر الهام، الذي تدلل الاستجابة الكبيرة للمثقفين السودانيين له على الحاجة الماسة إليه. كما تدلل على المقدرة العالية للمشاركين والمشاركات من السودانيين على إدراك أهمية التغيير والاستجابة لمتطلباته العمية والعملية. هذا الحوار سيبلور فكرة التغيير. عندها يجب على هذه الكوادر المؤهلة وضع الفكر في حيز التطبيق. إذ بدون تطبيق يصبح كل هذا الحديث ترفاً فكرياً.
الثورة الثقافية كما عرفها الأستاذ محمود محمد طه هي التقاء الفكر بالواقع. وهي تبدأ بالأفراد وتنتهي إليهم. أرجو أن يعيننا هذا الخيط على وضع فكرة التغيير في حيز التنفيذ، بحيث تتم بلورة فكرة التغيير هتا بالحوار.
أعتذر عن الاختصار الشديد في هذه العجالة.
وسأعود بإذن الله!
| |
|
|
|
|
|
|
Re: نحو جمهورية سودانية ثانية: الحركة الشعبية والمؤتمر الوطني وآلام المخاض (Re: Haydar Badawi Sadig)
|
كتب د حيدر Quote: يفرق الأستاذ محمود محمد طه بين مفهوم العلمانية والعلمية. العلمانية عنده هي السعي لتحقيق الرفاه المادي بوسائل الحكم المعاصرة |
عزيزي دكتور حيدر تحياتي أن الدعوة لفصل الدين عن السياسة أو عدم ذج الدين في السياسة ....ليست رديفا للالحاد ولاتسعي لألغاء الدين من حياة الفرد والمجتمع بل بالعكس من.ذلك أنها تحقق أعادة القدسية للدين وأبعاده عن أن يكون مطية للوصول للسلطة أنه تعيد للدين قدسيتها التي أنتهكها تجار الدين ...... تثمن الصيغة التي طبقناها في العهودالديموقراطية علي دور الدين وقيمه في حياة الفرد والمجتمع ...... 0000 والان دعنا وبعد هذه المقدمة التو ضحية دعنا نضع هذه المعطيات ولنقراء رأئك فيها خلافا أو أتفاقا....... 00 صيغة فصل الدين عن السياسة تدعو لتطبيق قوانين بنفس الشكلية التي كانت مطبقة في العهود الديموقراطيةتقريبا,,,,بدلا عن الصيغ التي تتاجر بالدين وتطرح الشريعة وتحديدا الحدود...... 00 وتطرح صيغة دستور المواطنة مقابل الصيغ الاسلاموية التي تقصر الرئاسة مثلا علي الذكور المسلميين..... 00الصيغة التي تساوي بين كل الناس غض النظر عن دينهم أو عرقهم أو منحدراتهم الجهوية أو الوان بشرهم أو نوعهم بديلا للصيغ الاسلاموية التي تميز بين الناس علي أساس النوع والدين..... 000 الصيغة التي تتماشي مع حقوق الانسان ومبادئي الديموقراطية مقابل مقابل الصيغ الثيقوراطية السؤال يا دكتور حيدر ماهو مأخذك علي صيغنا الدستورية والقانونية التي كانت مطبقة في العهود الديموقراطية أو التي أقرتها القوي السياسية بما فيها الحركة الشعبية 1995 أو مجمل الصيغ التي تقوم علي فصل الدين عن السياسة ?وما هو بديلك في حال الخلاف معها? كمال
| |
|
|
|
|
|
|
Re: نحو جمهورية سودانية ثانية: الحركة الشعبية والمؤتمر الوطني وآلام المخاض (Re: Haydar Badawi Sadig)
|
عزيزي كمال،
أشكرك على المداخلة القيمة، التي تكمل ما أردت أن أقوله بصياغة أفضل. الحلقة الرابعة من السلسلة لم تعالج مفهوم العلمانية بالفهم السائد اليوم، وإنما حاولت أن تقارب الأزمة التي يمر بها هذا المصلطح. نعم مصطلح علمانية يمر بأزمة تحول في معناه، بحيث أصبح رديفاً للإلحاد. تعلم أن معنى أي كلمة خاضع للسياق التاريخي والاجتماعي الذي تستخدم فيه. وقد مرت بعض الكلمات بدورات أصبحت فيها تعنى معانٍ مغايرة تماماً لمعاني استخدمت للدلالة عليها في سياقات سابقة. كلمة علمانية، شئنا أم أبينا، أصبحت رديفة للإلحاد عند بعض الدوائر المحافظة. وربما كان ذلك بسبب أن مستخدميها من المفكريين التاريخيين كانوا من الماديين الذين كانوا يرون أن الدين معوق لمسيرة التاريخ البشري.
صحيح أن العلمانية بفهما التاريخي تتيح للدين التعايش معها، وصحيح أن المحافظين، المتهوسيين، من المتدينين، لا تتسع صدورهم للعلمانية. ولكن صحيح أيضاً أننا يجب أن ندخل في حوار حول الفهم التاريخي للعلمانية، وجدواه في تفسير الظواهر الجديدة في وقتنا الحاضر، وقدرة ذلك المصطلح على مجاراة الواقع الذي تتهدده القوى المتهوسة من كل حدب وصوب. وبالمتهوسين هنا لا أعنى الإسلامويين لوحدهم بل أعنى كل المتهوسيين في الغرب والشرق على حدٍ سواء.
( مثلاً،الإدارة الأمريكية في الوقت الراهن، يسيطر عليها اليمين المتهوس بصورة لا تختلف عن سيطرة الهوس على الحكومة في السودان إلا في المقدار. وهناك قضايا كبرى تناقش في الولايات المتحدة اليوم عن تهديد المتهوسيين للحقوق الدستورية التي اكتسبها المواطن الأمريكي عبر صراعه الطويل مع الظلم والطغيان الرأسمالي الذي ما زال جاثماً على صدره وعلى صدر العالم قاطبة. وفي هذا السياق تناقش علاقة الدين بالدولة بحرارة في قضايا وأحداث داخليه تثيرها مجموعات الهوس الديني في أمريكا. وهي كثيرة ولا تخفى عليك، وأنت المقيم في الولايات المتحدة منذ أمد ليس بالقصير!)
محاولتي في الحلقة الرابعة من السلسلة لم تتجاوز كونها محاولة شاقة في شرح فهم الأستاذ محمود لأصول مصطلح العلمانية وعلاقته الحميمة بالفسلفات المادية. كما لم تتجاوز محاولة شاقة أيضاً لشرح مفهوم "العلمية،" كبديل لمصطلح العلمانية. ومفهوم العلمية والعلمانية يزاوج بين الدين والعلم، وبالتالي الدين والسياسية، دون أن يسمح للدولة بأن تصبح دولة دينية قهرية متجبرة. عند الأستاذ محمود مفهوم الدين نفسه يتجاوز المعنى المألوف عن الأديان.
عند الأستاذمحمد الدين في معناه العام غير الدين في معناه الخاص. وهو في أصوله، يتسع لكل أنماط الفكر والقول والعمل، بغض الطرف عن التباينات الدينية والعرقية والنوعية، وغيرها، في إطار قانون دستوري يضمن الحرية والعدالة والمساواة للجميع. وقد شرح الأستاذ هذا الفهم عن الدين في كتابيه "الإسلام،" و"الرسالة الثانية من الإسلام،" بما يغني عن الإفاضة ههنا. أرجو أن تعود فتقرأ هذه المفاهيم مرة أخرى على ضوء ما استجد بيننا من حوار. وستجد أن المعاني المقروءة عن الأستاذ محمود تتجدد كل حين بجديد من الزهر العلمي، وجديد من الثمر المعرفي. وستجد كتبنا في موقعنا: www.alfikra.org
أما بخصوص سؤالك:
Quote: ....ماهو مأخذك علي صيغنا الدستورية والقانونية التي كانت مطبقة في العهود الديموقراطية أو التي أقرتها القوي السياسية بما فيها الحركة الشعبية 1995 أو مجمل الصيغ التي تقوم علي فصل الدين عن السياسة ?وما هو بديلك في حال الخلاف معها? |
فإن العبرة ليست بالصيغ القانونية والدستورية. العبرة باستعداد المكان والزمان لتطبيقها. أعنى أن العبرة كامنة في الاستعداد التاريخي للشعب وصفوته في النهوض بمتطلبات روح النص الدستوري والقانوني. وهذا الاستعداد آخذ في الإتيان بحالة جديدة من الوعي التاريخي تتراكم لخلق واقع جديد. بهذا يمكننا القول بأن واقع الشعب السوداني وواقع صفوته بدأ يقترب من روح تلك النصوص بفضل الله، ثم بفضل التجارب المريرة التي خاضها مع الهوس الديني.
ولا يجب أن يغيب عن بالنا بأننا مازلنا، منذ الاستقلال، تحت وطأة الدكتاتورية، عسكرية كانت أو مدنية. ولا يجب أن يغيب عن بالنا بأن الأستاذ محمود محمد طه حوكم بالردة في زمن حكومة "منتخبة!" وكذلك طرد نواب الحزب الشيوعي من البرلمان "المنتخب!" هنا يتضح لك بأن العبرة ليست في وجود النص، وإنما في ارتفاع الواقع الاجتماعي والسياسي لملاقاة النص الرفيع لتخليق واقع أرفع وأخصب يرعى إبداع الفرد الحر وعطاء المجتمع الصالح.
ما أعنيه، يا عزيزي، بالجمهورية السودانية الأولى هو ماكنا، وما زلنا، عليه منذ الاستقلال. وهي جمهورية زائفة لأنها تنكرت للمعنى البديع لكلمة "جمهورية،" التي ابتدعتها الثورة الفرنسية. وعماد ذلك المعنى كان التأسيس لقيم الحرية والعدالة والمساوة والإخاء. بهذا المعنى فقد كانت "جمهورية" السودان الأولى مزيفة، لأنها لم تفلت من الحكم الدكتاتوري، مدنياً كان أو عسكرياً.
وقد آن لنا أن نبدأ في الإعداد لجمهورية سودانية ثانية بمفاهيم جديدة لم يعرفها التاريخ البشري برمته. ذلك لأننا أمام حالة تاريخية جديدة في السودان، تتطلب نحتاً جديداً، رشيقاً، رفيقاً، أنيقاً، لمعاني لم يألفها التاريخ المعرفي القديم ولا المعاصر! وربما كان مفهوم العلمية الذي طرحه الأستاذ محمود، والذي يزاوج بين الدين والعلم، أحد هذه المفاهيم! وربما وجدنا فيه مخرجاً من المأزق المصطلحي الذي تمر به كلمة "علمانية!"
وما اتفاقيات السلام إلا خلاصات نحو تلك الغاية، التي ما زال أمامنا الكثير من العمل لنصل إليها. وخيطنا هذا بسبيل من العمل الفكري المؤدي إليها مع مجمل مجهودات الأحرار الأبرار، أمثالك، من بني وطني. أنت يا عزيزي، متمكن، ربما أكثر مني، من فهم العلمانية بتجلياتها المصطلحية الراهنة وتطبيقاتها في الواقع السوداني. أكون شاكراً لو أجريت محاولة لمضاهاة هذا الفهم بفهم الأستاذ محمود لها ولمفهوم الدين نفسه في الكتابين المذكورين أعلاه.
لا أشك عندي بأنك ستؤدي ذلك أفضل مني باعتبارك قارئ للفكر الجمهوري من خارج سياق الجمهوريين، بالمعنى التاريخي لذلك السياق. (وأعني به هنا المعنى التنظيمي.) ذلك لأننا كثيراً ما تعمينا -كجمهوريين- "أدلجة" أفكار الأستاذ وتحجيرها وتزييفها بحيث تخدم أغراضنا الحوارية "الإفحامية" دون النفاذ إلى جواهرها وسعتها الواسعة!
| |
|
|
|
|
|
|
Re: نحو جمهورية سودانية ثانية: الحركة الشعبية والمؤتمر الوطني وآلام المخاض (Re: Haydar Badawi Sadig)
|
الأخوة د.حيدر ،كمال ،المتداخلون والقراء
سلام لكم جميعاً وسلام خاص للأخ مختار بعد 23 سنة غياب (شديد الأسف لأني كتبت هذه المداخلة قبل مداخلة الأخ حيدر ولم أتمكن من وضعها في الخيط لظروف لذلك لم تأخذ في الإعتبار ماورد فيها)
الفكر الجمهوري لا يقر التوسل للدنيا بالدين ولكن العكس عنده هو الصحيح فالعبارة النبوية ( الدنيا مطية الآخرة )تعني فيما تعني أيضاً (من عمل بما علم أورثه الله علم ما لم يعلم)(وإن لم تخطئوا وتستغفروا فسيأتي الله بقوم يخطئون ويستغفرون فيغفر لهم )، وأن الدنيا (الظاهر) مادة، والدين (الباطن) روح،وبهذا يكون أساس المنهج للعروج أن الظاهر وسيلة للباطن،والمادة وسيلة للروح ،والروح هو الجوهر المطلوب النفاذ إليه عبر هذه المادة،وبهذا المعنى تكون المادة روح وجوهر في درجة كثيفة جداً، كلما أكتشفت منها باطناً أصبح عندك ظاهراً قادك إلى باطن آخر، ليصبح بدوره ظاهراً،وهكذا في رحلة يسيرها آدم الفرد وآدم البشرية من كثيف إلى لطيف في رحلة سرمدية لأن في نهاية هذا التدرج المستمر من الظاهر الكثيف إلى الباطن اللطيف الدين المطلق وهوالروح والجوهر المطلق وهو الله تعالى، وهذا ما يهدف الأستاذ إلى معرفته إبتداءً وإلا دخلت من الباب الخطأ ودرت في متاهة لا تعرف منها مخرجاً ،وبغير معرفة معراجك من الكثيف إلى اللطيف ستضل عن هذا المعراج وستتوقف عند أول باطن يظهر لك كما حدث لماركس والوهابيين والإسلامويين وقعدوا بذلك ملومين محسورين مع البواطن المعرفية التي جاءت تترى ومنها ما تساءل عنه الأخ كمال، لذلك جاء قوله تعالي ( يعلمون ظاهراً من الحياة الدنيا وهم عن الآخرة هم غافلون) وهذا ما حدا بالأستاذ للتمييز بين العلمانية بالمفهوم السائد والعلمية المطلوبة ولأن كل عمل لا تدخل فيه الروح أي الباطن كغاية يحبط وينبت وتم التحفيز لذلك بالآية ( ياأيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون*كبر مقتاً عندالله أن تقولوا ما لا تفعلون) وبالحديث ( من عمل بما علم)،أما العلمانية التي قصدها الأخ كمال بما أورده من تساؤلات في رأيي أن الفكر الجمهوري هو أول من توصل إلى الفهم المتغير للدين بالشرح أعلاه ونادى بعدم تطبيق القوانين التي كانت سائدة في القرن السابع ودعا إلى دستور يتماشى مع الباطن الجديد، يساوي بين الجميع في الحقوق والواجبات دون تمييز بين المسلم وغير المسلم أو المرأة والرجل ويتماشى تماماً مع صيغ حقوق الإنسان والديموقراطية بل يفوقها بحمل الروح المنفذة لهذه الصيغ ،بعبارة ثانية أن الأستاذ أدخل على العلمانية هذه الروح التي كانت تفتقدها ولكنه لم يسلب منها ما ذكرت وأطلق على هذا الوليد إسم العلمية كي يميزها عن الفهم السائد المسلوب الروح. والصورة أعلاه تنطبق على البراجماتية تماماً لأن آباؤها المؤسسون بيرس ووليام جيمس وجون ديوي لم يهدفوا من ورائها إلى إتخاذ كل ذريعة بغض النظر عن أخلاقية هذه الذريعة من عدمه،بل كانوا متدينين جداً ووليام جيمس على وجه الخصوص كان أكثرهم تديناً ودعوتهم إلى إتخاذ الواقع العملي كأداة هي ما دعا إليه الرسول (ص) بالحديثين الوارد ذكرهما أعلاه وأكدها أكثر جون ديوى في فلسفة الخبرة بقوله أن المعرفة تأتي عن طريق الخبرة وليس العقل كما يعتقد في العموم( يا أيها الذي آمنوا لم.....الآية) و(إن لم تخطئوا وتستغفروا.........) فأنت لن تعلم الصواب أي الباطن إلا إذا مارست الظاهر المدرك وهو بصورة ما يمثل الواقع أيضاً ،ولن تمارس شيئاً لا تستطيعه وهذه هي العملية ،وعند الممارسة تتعلم الصواب ويخزن في الذاكرة كخبرة وعند مجابهتك لأمر جديد تتذكر الخبرة السابقة وتحاول الربط بينهما فيتولد التفكير الذي هو أهم الوسائل وأقربها للغاية،فالذي حدث للبراجماتية كمن إستغل المورفين المستخدم في عمليات الجراحة لإذهاب عقله بالإدمان،ولا يفوتني أن أنبه على أن الله سبحانه وتعالي براجماتي (ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين .........الآية) والرسول (ص) تبعاً لذلك براجماتي فقد إتخذ وسائل عملية للوصول إلى أهدافه وغاياته وقال ( نحن معاشر الأنبياء أمرنا أن نخاطب الناس على قدر عقولهم ) وهي قمة العملية أي البراجماتية وهو في تحوله بالأمر الإلهي من القرآن المكي إلى القران المدني كان عملياً أخذ مجتمعه مما لا يطيق إلى ما يطيق وهذا توسل بأمور عملية واقعية من صميم معارف المرحلة وليست ميثولوجيا وطوباوية،وهذا في زعمي ما يرمي إليه الأستاذ أيضاً بعودة الروح إلى العمل كي لا يحبط ويتوه في دائرة وإنما يصعد في الطريق اللولبي الذي يحمل شكل الدائرة لأن فيه الخبرة وهي تكرار التجربة، ولكنه صاعد باللولبية التي يمثلها تولد الفكر من هذه الدائرةأي الخبرة . أرجو أن يكون في ذلك إجابة تفيد الأخ كمال عن تساؤلاته . أبوحمد
| |
|
|
|
|
|
|
Re: نحو جمهورية سودانية ثانية: الحركة الشعبية والمؤتمر الوطني وآلام المخاض (Re: رؤوف جميل)
|
الأخت الكريمة غادة، شكراً وافراً على الزيارة وعلى الاهتمام والمتابعة. سوف نتوقع عودتك الموعودة!
الأخ الكريم عثمان، تفاعلك مع مادة هذا الخيط تثلج الصدر وتنبئ بأننا مقبلين على عهد جديد فيه تجويد لأدوات طرح الفكرة الجمهورية. يشرفني حضورك الفكري الحاشد، اللطيف، هنا. معالجتك لموضوع العلمانية والعلمية، ثم لموضوع البراجماتية، يصب في صميم اهتماماتنا هنا، وهو لا بد معين للأخ كمال ولنا جميعنا في الوصول إلى مفاهيم تعيينا على تنزيل الفكر للواقع.
الأخ الكريم رؤوف، مرحباً بك وبطلتك البهية. نعم، يستخدم الأستاذ محمود عبارة الدين ليدلل بها على معنى أشمل من معنى العقيدة. ممارسة الأديان السماوية الثلاث من تابعيها حسب هذا الفهم مازال يقع في مرحلة العقيدة. وقد آن للناس أن ينتقلوا إلى مرحلة العلم حيث يتسع معنى كلمة دين ليشمل كل ما يصب في خدمة كرامة الإنسان وتصالحه مع بيئتيه الاجتماعية والطبيعية واستئناسه واستمتاعه بهما. ذلك لأن الأكوان مظهر المكون، مظهر الله. والتصالح مع الأكوان في حقيقته تصالح مع الله. أن نفعل ذلك ببصيرة وعلم وتدبر هو نفعله بعلمية وعملية مفضيه إلى الله. أرجو مراجعة كتاب "الإسلام" و كتاب "الرسالة الثانية من الإسلام" في موقعنا www.alfikra.og للإطلاع على المزيد من التفصيل.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: نحو جمهورية سودانية ثانية: الحركة الشعبية والمؤتمر الوطني وآلام المخاض (Re: Haydar Badawi Sadig)
|
أخ د. حيدر سلان قولا من رب رحيم تحياتي الغالية وهو كذلك كماقلت (الأكوان مظهر المكون). نعم الأستاذ لم يترك صغيرة أو كبيرة إلا ووضعها لناليبصرنابطريق الرجعي . ولكي يتنزل هذا الفكر في أرض الواقع لا بد أن نخاطب به أهل الداخل -رغم عالميته - كما فعل صاحبه الذي قدم نفسه فداءا له وللشعب العملاق الذي رشحه لأستاذية الشعوب.وعند ذلك سنتعامل جميعنا مع الأحياء والأشياء ببر وخير. وأنا متاكد أن ما ينفع الناس سيمكث في الأرض أرض النفوس وأرض الآفاق.فشكرا لإيضاحك وإخلاصك للفكر والفكرة.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: نحو جمهورية سودانية ثانية: الحركة الشعبية والمؤتمر الوطني وآلام المخاض (Re: Haydar Badawi Sadig)
|
أخ د. حيدر سلان قولا من رب رحيم تحياتي الغالية وهو كذلك كماقلت (الأكوان مظهر المكون). نعم الأستاذ لم يترك صغيرة أو كبيرة إلا ووضعها لناليبصرنابطريق الرجعي . ولكي يتنزل هذا الفكر في أرض الواقع لا بد أن نخاطب به أهل الداخل -رغم عالميته - كما فعل صاحبه الذي قدم نفسه فداءا له وللشعب العملاق الذي رشحه لأستاذية الشعوب.وعند ذلك سنتعامل جميعنا مع الأحياء والأشياء ببر وخير. وأنا متاكد أن ما ينفع الناس سيمكث في الأرض أرض النفوس وأرض الآفاق.فشكرا لإيضاحك وإخلاصك للفكر والفكرة.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: نحو جمهورية سودانية ثانية: الحركة الشعبية والمؤتمر الوطني وآلام المخاض (Re: Haydar Badawi Sadig)
|
أهيل المدام سلام
يقول جبران في ثورته على الظلم الاجتماعي الذي تستغل فيه الشريعة لتبرير هذا الظلم : ( الشريعة ،وما هي الشريعة ؟ من رآها نازلة مع نور الشمس من أعماق السماء؟وأي بشري رأي قلب الله ،فعلم مشيئته في البشر؟وفي أي جيل من الأجيال سار الملائكة بين الناس قائلين: أحرموا الضعفاء من نور الحياة ‘وأفنوا الساقطين بحد السيف،ودوسوا الخطاة بأقدام من حديد؟ ثم يمضي مكملاً ثورته على المقلدين المتشبثين بموروث بالي فيقول : (وأغرب ما لقيت من أنواع العبوديات وأشكالها، العبودية العمياء،وهي التي توثق حاضر الناس بماضي آبآئهم ،وتنيخ نفوسهم أمام تقاليد جدودهم ،وتجعلهم أجساداً جديدة لأرواح عتيقة، وقبوراً مكلسة لعظام بالية ).
أبوحمد
| |
|
|
|
|
|
|
Re: نحو جمهورية سودانية ثانية: الحركة الشعبية والمؤتمر الوطني وآلام المخاض (Re: عثمان عبدالقادر)
|
نحو جمهورية سودانية ثانية: الحركة الشعبية والمؤتمر الوطني وآلام المخاض (5)
يشرح الأستاذ محمود محمد طه كلمة الديمقراطية في آخر مؤلفاته "ديباجة الدستور،" فيشير إلى أنها كلمة يونانية يدل بها علي "حكم الشعب بواسطة الشعب، لمصلحة الشعب." وقد تطور مدلولها بتطور مدلول كلمة الشعب. فإن كلمة "الشعب" كانت تضيق، علي عهد اليونان، فلا تشمل النساء، ولا العبيد. ثم أخذ معناها يتسع، علي مر الزمان، بفضل الله، ثم بفضل يقظة المستضعفين في الأرض، حتى أصبح ، في آخر القرن الماضي، يشمل المواطنين جميعا من الرجال البالغـين سن الرشد. ثــم تداعـي التطور بكلمة الشعب هذه حتى أصبـح، في القـرن الحاضـر، عند البــلاد التي تــمارس الديمقراطية، يعني كل المواطنين، من الرجال والنساء البالغين.
ويسترسل الأستاذ محمود قائلا بأنه لما كان حكم الشعب، بواسطة الشعب، من الناحية العملية، مستحيلا، فقد جاء الحكم النيابي، ونشأت الأحزاب السياسية. وفي الحكم النيابي قلة قليلة جدا هي التي تباشر، نيابة عن الشعب، السلطة التشريعيـة، والسلطة القضائية، والسلطة التنفيذية. والمفترض أن الشعب يراقب هذه القلة حتى يطمئن إلى أنها، إنما تدير دولاب السلطة لمصلحته هو، لا لمصلحتها هي. وهذا يقتضي وعي الشعب، و يقتضي وعي القلة التي تباشر السلطة أيضا. إلى أن يقول : "وليس هناك شعب من الشعــوب، إلى وقتنا الحاضر، استطاع أن يكون في مستوي الوعي الذي يمكنـه من مراقـبة أداء من يتولـون، نيابة عنه، إدارة مرافقه بصورة تقرب، و لو من بعيد من مستوي الحكم الديمقراطي بمعني هذه الكلمة.. و ليست هناك، إلى وقتنا الحاضر، قلــة، في شعب من شعوب الأرض، استطاعت أن ترتفع فوق مطامعها، و أنانيتها، و جهلـها، لتحكم شعبهـا حكمـا ديمقراطيـا صحيحا.. فالقلة إنما تحكم الشعب لمصلحتها هي، لا لمصلحته هو.." إنتهى.
ويذهب الأستاذ محمود ألى القول بأن مطلوب الإنسان المعاصر هو الديمقراطية والإشتراكية معاً. إذ لا حرية مع الفقر، ولا فقر مع المعنى الحقيقي للحرية. ثم يذهب إلى تقويم التجربتين الماركسية والرأسمالية في إدعائها لتطبيق الديمقراطية. ويرى بأن الماركسية زيفت الديمقراطية، حيث سيطرت الصفوة على السلطلة باسم ديكتاتورية البروليتاريا وصادرت الحريات. وأما النظـام الرأسـمالي الغربـي فانه يمارس الديمقراطية، و لكنه يتسـم بقصور الممارسة، حيث تسعي القلة الرأسمالية للسيطرة علي السلطة، حتى تخدم مصالحها الرأسمالية ضد مصلحة طبقات الشعب الاخري. فلا تتحقق الديمقراطية مع الرأسماليه..
ويضرب الأستاذ مثلاً بأمريكا، أقوي وأغني دول العالم. ويؤكد بأن تجربة الديمقرطية النيابية فيها تعتبر فاشلة، إذا ما قورنت بالمرجو منها. وما ذاك إلا لأن القلة التي تتولى السلطة لا تستطيع أن ترتفع فوق أنانيتها، وطمعها، وإثرتها. فهـي تحكم الشعـب لمصلحتها هي، لا لمصلحته هو. مثال ذلك ما جري في السبعينات من الرئيس ريتشارد نيكسون فيما سمي بفضيحة ووترقيت. فقد مارس الرئيس بالتواطؤ مع كبار موظفي إدارته عملية تجسس، وسطو علي مقر الحزب الديمقراطي، بفندق ووترقيت. وذلك لجمع معلومات عن هذا الحزب لمعركة انتخابات الرئاسة. فلما كشف أمر النائب العام، وكبار الموظفين المتورطين في العملية، بادرت الإدارة الجمهورية باتهام صحيفة الواشنطن بوست، التي كشفت العملية، بالعمل لحساب الحزب الديمقراطي، ووصفت الاتهامات بالسخف.
ثم أخذت خيوط المؤامرة تتكشف، حيث أثبتت تحقيقات المحكمـة العليا، أن النائب العام، و بعض معاوني الرئيس، قد أعدوا، وأشرفوا علي العملية. ولم يجد نيكسون حيلة فاتهم بعض هؤلاء المعاونين بتعطيل العدالة، و خاطب الرئيس نيكسون الشعب الأمريكي بان هناك تقدما ملحوظا نحو كشـف الحقائق حول القضية، وكأنه غير ضالع فيها!! ثم قبل استقالة أعوانه المتورطين معه في القضية. .وخاطب الشعب الأمريكي، مرة أخري بأن هناك محاولات لإخفـاء الحقيقة عنه هو، وعن الشعب، من قبل بعض معاونيه!!
وأخــذ تـورط الرئيس يتضـح جليـا مـع استمرار التحقيقات فلما طلبت المحكمة منه الشرائط التي سجلت عليها محادثاته في مكتبه، سلم بعضها و أخفي بعضها. فلما كشف عن التسجيلات المفقودة وجد أنها مسحت. فاستقال الرئيس نيكسون، تجنبا للمحاكمة، وخلفه جيرالد فورد. وهكذا حاول الرئيس نيكسون ممارسة الكذب، و تضليل الشعب، حتى انكشف أمره، وحوصر، واضطر إلى الاستقالة، من أقوي منصب تنفيذي في العالم.
ولا يغيب عن بال حصيف بأن الكذب والتضليل ظل يهيمن على تحريك دواليب العمل السياسي في الولايات المتحدة. وعهد الرئيس الحالي يضج بالأمثلة على ذلك. وما التلفيق للحقائق الذي أدى إلى غزو العراق إلا نموذجاً واحداً من دلائل التلفيق والتضليل من أجل ممارسة السلطة والإبقاء عليها، في خدمة الأقلية على حساب الأغلبية. ويقوم بالتلفيق والتضليل لأجل الكسب السياسي أناس متمرسون مثل كارل رووف مستشار الرئيس الأمريكي جورج بوش للشؤون السياسية. وقد وصف الرئيس الأمريكي كارل رروف يوم فوزه بالمهندس "المعماري،" يعني أنه هندس العمل السياسي لمعركته الانتخابية بحيث ضمن له الفوز في انتخابات الرئاسة. ومعلوم بأن رووف هو الذي حشد اليمين المسيحي لتأييد بوش، ومارس أبشع صور تشويه السمعة للخصوم السياسيين حتى يضمن تفوق جورج بوش عليهم. ويدلل فوز الرئيس الحالي نفسه على أن الآلة الانتخابية الأمريكية، المعتمدة على تأييد أصحاب رأس المال في الأساس، هي التي تصنع رئيساً من شخص متواضع القدرات مثل جورج بوش الإبن. فلم يعد التأهيل الأخلاقي والفكري والقدرات القيادية هي السبيل للفوز بالرئاسة، وإنما الأموال المتوفرة للدعاية الانتخابية ودعم أولى النفوذ المالي والسياسي.
وهكذا تفقد الممارسة الديمقراطية معناها في أرقى البلاد التي تدعي ممارستها. ذلك بأن مفهوم "حكم الشعب بواسطة الشعب لمصلحة الشعب" يصبح غائباً تماماً. وما ذاك إلا لكون القلة الثرية والمتنفذة هي التي تتحكم في سير العملية السياسية، ومن ثم دفة الحكم في السلطات الثلاث التنفيذية والتشريعية والقضائية. وهناك الكثير من الأمثلة عن بيع الذمم لقاء تبرعات للدعاية الانتخابية أو رشوات للتصويت لصالح صناعات أو مجموعة خدمات معينة، مثل صناعة التأمين مثلاً. الخلاصة ههنا هي أن الولايات المتحدة الأمريكية قاصرة أشد القصور عن ممارسة الديقمراطية في معناها الحقيقي "حكم الشعب بواسطة الشعب لمصلحة الشعب." ويقول الأستاذ محمود في ذلك:
"نحن لا نسوق هذا لندلل به علي فشل الديمقراطيـة، وإنما لندلل به علي فشل الممارسات القواصر، مما يوجب علينا تطوير، و تسديد، ممارستنا، في سبيل تحقيق الديمقراطيه.. و يجب أن يكون واضحا، فإن الديمقراطية بمعني حكـم الشعب، بواسطة الشعب، لمصلحة الشعب، لاتفشل.. فهي الحكم الباقي الذي تتطور المجتمعات في تجويـده، وفي الارتفاع به، حتى تكون الشعوب هي الوالدِين الشرعيـين للأفراد الأحرار حرية فردية مطلقة.. و لقـد تطـورت الديمقراطيـة، في معني ما تطور مدلول كلمة الشعب، حتى أصبحت تشمل كل المواطنين، من نساء، ورجال، منذ أن يبلغوا سن الرشد .. وأصبح علينا الآن أن نطـور مدلـول هـذه الكلمـة - كلمة الشعـب - لندخـل بها مجـال “الـنـوع” بعـد أن فرغنـا من مجال “الكـم”. ذلك بان الشعوب الواعية، وحدها، هي التي تستطيع تحقيق الديمقراطية الشعبية.. و للوصول لتوعية الشعوب لا بد من إعادة التعليم، في جميع صوره، فإن فشل البشرية المعاصـرة، إنما هو فشــل منهاج التعليم في كل بلد." إنتهى.
نواصل...
| |
|
|
|
|
|
|
Re: نحو جمهورية سودانية ثانية: الحركة الشعبية والمؤتمر الوطني وآلام المخاض (Re: Haydar Badawi Sadig)
|
الإخوة ركاب الباخرة (السودان) سلام لكم جميعاً يقول جبران على لسان النبي : (وكما أن ورقة واحدة على الشجرة لا تصفرّ إلا بمعرفة الشجرة كلها ،كذلك لا يستطيع المجرم أن يقترف جرماً إلا بالإرادة الخفية التي هي إرادتكم كلكم . إنكم تمشون موكباً واحداً نحو ذاتكم الإلهية .أنتم الطريق ، وأنتم السالكون فيه . وعندما يسقط أحدكم فإنما يسقط نذيراً للماشين خلفه بوجود عثرة فى الطريق . أجل.وهو يسقط في سبيل الذين تقدموه كذلك .لأنهم وإن كانوا أثبت منه قدماً وأوسع خطىً ،إلا أنهم لم يرفعوا حجر العثرة من الطريق . وأقول لكم كذلك وإن ثقلت كلماتي على قلوبكم : إن القتيل ليس بغير مسؤول عن قتله ،وإن المسلوب ليس بغير ملوم في سلبه ،وإن الصدّيق ليس بريئاً من صنائع الشرير ،ولا أبيض اليدين غير ملوث بقذارة المجرم . أجل.كثيراً ما يكون المجرم ضحية من وقعت عليه جريمته،وكثيراً ما يكون المدان حاملاً لأثقال الذين لم يدانوا قط ولا ألتصقت بهم تهمة . إنكم لا تستطيعون أن تفرقوا بين العادلين وغير العادلين،ولا بين الصالحين والطالحين. فجميعهم يمثلون معاً أمام عين الشمس،وينسجمون إنسجام الخيط الأبيض والخيط الأسود في النسيج الواحد. حتى إذا انقطع الخيط الأسود توقف الحائك عن عمله فتفحص النسيج كله،وتفقد النول كذلك.) إنتهى
مرة أخرى تلك المقولة القمة للأستاذ محمود: (المجتمع الصالح أفضل وسيلة لإنتاج الفرد الصالح ). وهي مقولة ذوقية عرفانية لأنها تحمل سر الفعل الإلهي الذي أدركه أهل العلم من خبرتهم بأن الشقاء يكمن في هوى النفس، والجهل بأن كل السعد في ترك هذا الهوي الذي كنا مهيئين له وعدم التمادى فيه، وتحمل فيما حملت من معاني دعوة لمن أراد لنفسه صلاحاً ونجاةً أن يخالف هوى نفسه ويستشعر مسئوليته في صلاح ونجاة المجتمع وألا يدخر جهداً في أيجاد الآليات للتعامل مع هذه المعطيات السالفة ليحقق بها هذا الصلاح وهذه النجاة، فكلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته، لأننا في هذا السفين جميعاً وهو يمخر بنا عباب بحر هائج متلاطم الأمواج ،ولنا غاية واحدة نؤمن بها جميعاً وعلينا العمل من أجلها جميعاً ،هي الوصول إلي اليابسة الآمنة،فلا أتوقع أن يكون بيننا من لا يحب الحرية والعدل والعيش الكريم،وخلافنا دائماً ما يكون في وسائل التحقيق الذي غالباً ما تضيع معه الغاية ويوشك السفين على الغرق ونحن في هذا الخلاف .فنحن لا نستطيع حمل الآخرين على الإقتناع بفكرنا الذي نطرحه لإنقاذ السفين،وليس من المعطيات أن نرمي بهم في اليم ونتخلص من عيوبهم وخلافهم، ولكننا نستطيع التعامل مع وجودهم معنا وإقناعهم بضبط هذا الخلاف لأن في تطوره إلى النهايات الغليظة هلاكنا جميعاً،ومن أفضل الآليات التي توصل إليها الفكر البشري المعاصر لضبط وإدارة الخلافات آلية الديموقراطية ،ولا يكفي أن نتجنب حجار العثرة في الطريق ولكن علينا أن نبعد هذه العثرات عن طريق الآخرين،وننشر المعرفة بهذه الآلية وكيفية إستخدامها ومعوقاتها على الجميع لأننا نمثل ذلك النسيج الذي يحمل لون الطيف الأبيض الذي يخفي خلفه تمايز الألوان التي فيها جمال هذا الثوب وقبحه في آن معاً،وإلا فنحن الطغاة المستكبرين،والأزلام المستضعفين .
أبوحمد
| |
|
|
|
|
|
|
Re: نحو جمهورية سودانية ثانية: الحركة الشعبية والمؤتمر الوطني وآلام المخاض (Re: عثمان عبدالقادر)
|
Quote: إنكم تمشون موكباً واحداً نحو ذاتكم الإلهية .أنتم الطريق ، وأنتم السالكون فيه . وعندما يسقط أحدكم فإنما يسقط نذيراً للماشين خلفه بوجود عثرة فى الطريق . |
Quote: مرة أخرى تلك المقولة القمة للأستاذ محمود: (المجتمع الصالح أفضل وسيلة لإنتاج الفرد الصالح. |
Quote: جميعاً،ومن أفضل الآليات التي توصل إليها الفكر البشري المعاصر لضبط وإدارة الخلافات آلية الديموقراطية ،ولا يكفي أن نتجنب حجار العثرة في الطريق ولكن علينا أن نبعد هذه العثرات عن طريق الآخرين،وننشر المعرفة بهذه الآلية وكيفية إستخدامها ومعوقاتها على الجميع لأننا نمثل ذلك النسيج الذي يحمل لون الطيف الأبيض الذي يخفي خلفه تمايز الألوان التي فيها جمال هذا الثوب وقبحه في آن معاً،وإلا فنحن الطغاة المستكبرين،والأزلام المستضعفين . |
صح لسانك، يا أبو حمدّ!
| |
|
|
|
|
|
|
Re: نحو جمهورية سودانية ثانية: الحركة الشعبية والمؤتمر الوطني وآلام المخاض (Re: Haydar Badawi Sadig)
|
الاخ العزيز حيدر بدوي ولحدت ما تجي
Quote: لجان من الحركة و الاتحادي لتطوير التحالف الاستراتيجي البشير يدعو الميرغني للعودة الخرطوم: اسمرا: مزدلفة محمد عثمان تشرع لجان مشتركة من الحركة الشعبية والحزب الاتحادي في الترتيب لتطوير التحالف الاستراتيجي ، الذي اقره اجتماع اسمرا ، الملتئم بين سلفاكير ميارديت ومحمد عثمان الميرغني اخيرا . واجري الرئيس عمر البشير الليلة قبل الماضية اتصالا هاتفيا مع الميرغني ، حثه خلاله على تعجيل العودة ، لكن الاخير تمسك بالمكوث في الخارج لحين اكمال ما اسماه بالمهام الوطنية . وقال بيان صادر عن الحزب الاتحادي تلقت « الصحافة » نسخة منه امس ، ان البشير اتفق مع الميرغني على ضرورة السعي لنسج اجماع وطني يوحد الجبهة الداخلية. واضاف بان الرئيس ونائبه الاول اظهرا حرصا على ضرورة عودة الميرغني للسودان ، الا انه ابلغهما بعزمه الرجوع عقب اكمال مهامه الوطنية واستكمال ترتيبات العودة . واوضح المتحدث باسم التجمع حاتم السر لـ « الصحافة » امس ، ان العودة مرهونه باغلاق ملفي دارفور وشرق السودان، الى جانب الفراغ من وضع التحضيرات الجدية لعودة الميرغني ، والتي تشترك فيها كل القوي والاحزاب السياسية لتلبس ثوبا قوميا يليق بمقام زعيم الحزب الاتحادي . الى ذلك ، تشرع لجان مشتركة من الحركة الشعبية والحزب الاتحادي في الترتيب لتطوير التحالف الاستراتيجي . وقال السر ، ان زعيم التجمع ، ورئيس الحركة الشعبية ، اتفقا على تعزيز التحالف الاستراتيجي بينهما ، سيما وانه ضارب في القدم ، على ان تستمر آلىات التنسيق المشترك على مستوي المكاتب السياسية والنقابات والطلاب . وتوقع السر انخراط لجان مشتركة في الترتيب للعمل خلال الىومين المقبلين ، على ان يشكل الميرغني وكير بعد التشاور آلىة التنسيق لاعلان انطلاق العمل في الداخل .
|
والتحية المبجلة للسيد محمد عثمان الميرغني رجل المواقف الثابتة... عودة المرحوم طيب الله ثراه حركت 3مليون في الخرطوم ونشوف التسونامي الثاني ان شاء الله ودعك من المستكعين السياسيين في البورد واصل معنا في هذا الخيط...الامر اضحى اوضح من الشمس وماشي باستمرار كما كان يقول العزيز الدالي
| |
|
|
|
|
|
|
Re: نحو جمهورية سودانية ثانية: الحركة الشعبية والمؤتمر الوطني وآلام المخاض (Re: adil amin)
|
عزيزي عادل أحيي معك السيدين محمد عثمان الميرغني وسالفا كير ميارديت على هذه الخطوة المباركة بإذن الله. سيكون التحالف الاستراتيجي بين الحركة الشعبية والحزب الاتحادي أقوى أثراً لو اندمج الكيانان في حزب سياسي واحد، وانفتحا على كل القوى الجديدة الواعدة لتساهم في تطوير الكيان الجديد. الحزبان يحتاجان لهذه الكوادر حاجة ماسة، إذ وضح جلياً بأن هذه الحزبين بهما أزمة طاحنة في الكوادر الشابة المؤهلة لتفعيل ثورة فكرية وثقافية حقيقية.
يبدو لي أن الاتجاه العام في السياسة السودانية آيل إلى تكوين تيارين قويين. وقد كتبت عن ذلك في العام 1998 في ورقة بعنوان "تفكيك التنظيم وتنظيم التفكيك: نحو رؤى جديدة لسودان جديد" نشرت في مجلة منارات، التي صدرت عن الحركة الشعبية. ويبدو لي كذلك الآن بأن حركة التفككات في آواخر مراحلها، إذ بدأت كل الكيانات تشعر بالحاجة لإعادة تركيب تشققاتها على أسس جديدة.
لك شكري الوافر على ردي للتواصل في هذا الخيط بنصحي بألا أشتت جهودي والقارئ. سأعمل بنصحك يا صديقي الوفي، راجياً أن تستمر في إعانتي بنضير أرائك وبالجديد من الأخبار.
والتحية مجدداً لقادة الحركة الشعبية والحزب الاتحادي على السير في طريق تدعيم التحالف الاستراتيجي.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: نحو جمهورية سودانية ثانية: الحركة الشعبية والمؤتمر الوطني وآلام المخاض (Re: Haydar Badawi Sadig)
|
لعلك قد حلقت بنا في عوالم الرسالة الثانية للشيخ الشهيد تلك هي عوالم الديمومة ان الثبات والديمومة للفكرة النيرة ولو اختلفت معايير الثبات فإستطالت أمد الهوس ساهم فيه تغرب المعنيون بأمر الفكر وهو تغرب قسري وتظل الانبعاثة الثانية بتوثيق هذه المرحلة ورفدها من معين الافكار الجيدة ومساهمات المستنيرين من مفكري الوطن الخصب, تختلف الرؤى ويظل الصراع بين الحقيقة والظلام دمت دكتور حيدر ناصع ثاقب الرؤى ولكل من مد في ضوء هذا الخيط الذي سيشرق صبحه قريبآكما نراه لنا عودات حيث نستضئ من خلال تواصل الكثيرون هموا هنا وهناك .
| |
|
|
|
|
|
|
Re: نحو جمهورية سودانية ثانية: الحركة الشعبية والمؤتمر الوطني وآلام المخاض (Re: الرفاعي عبدالعاطي حجر)
|
شكرا على رفع الخيط، أعزائي عادل، وهالة، ورفاعي.
نعم، يا رفاعي الاختلاف الرصين على الأراء المتباينة هو موقد نار الفكر، والحوار الهادف المزدان بآداب الاختلاف هو نوره. وليس لنا هنا غير أجر المناولة لما تعلمناه من المعلم الأوحد، الله في عليائه، الذي بعث لنا معلمين مستضيئين بأقباس منه، جل شأنه، وهو القائل "يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وبث منهما رجالاً كثيراً ونساء وجعلكم شعوباً وقبائل لتعارفوا." الحكمة من الأختلاف هي أن نتعارف، ثم نتوحد، بعد اختلاف، بحيث ندرك طعم التوحد بمقارنته بضده. وبضدها تتميز الأشياء.
شغلتني شواغل جمة عن مواصلة السلسلة. من هذه الشواغل بداية العام الدراسي، حيث الإعداد للمقررات وللمواد الدراسية والكتب المتعلقة بها، والاجتماعات، والأنشطة السابقة لكل ذلك. أرجو أن أجد من نعمة الوقت ما سيمكنني من الاستمرار هنا، بعد أن تستقر الأمور على نسق أسبوعي منتظم. مع ذلك، فإني لن انقطع إنقطاعاً تاماً بل سأساهم بما تيسر ما وسعني الوسع، راجياً أن تعينوني في رفع الخيط ورفده بالجديد ما وسعكم الوسع.
أشكركم مجدداً.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: نحو جمهورية سودانية ثانية: الحركة الشعبية والمؤتمر الوطني وآلام المخاض (Re: Haydar Badawi Sadig)
|
تــنــــــويــــــــــــــــــــــه هـــــــــــــام (للمتابعين لهذا الخيط من القراء والمتداخلين الكرام)
نسبة لتضخم هذا الخيط، وغزارة المساهمات القيمة فيه، وحرصاً على تيسير القراءة، فإني قررت أن افترع خيطاً جديداً أقوم فيه بطرح عصارة الناتج من هذا الخيط، مع الاستمرار في التسلسل المنطقي لمؤديات هذا الخيط. وسيكون الخيط الجديد بعنوان: "أزمة الحركة الشعبية بين الشعب والشريك المخادع: نحو جمهورية سودانية ثانية"
وسأتناول في الخيط الجديد معنى الاغتيال الأليم للاخ المغدور محمد طه محمد أحمد كتعبير عن أزمة الحكم في السودان. إذ يشكل محمد طه واحداً من صناع حكومة الانقاذ، باعتباره كان من أهم كوادر تيار الهوس الديني في جامعة الخرطوم، حيث استحصدت قوة تنظيم الاتجاه الإسلامي. وبنماء قوة التنظيم أصبح اقناع نميري بتمرير قوانين سبتمبر ممكنا. وبفرض قوانين سبتمر أصبح نجاح الحركة الشعبية كتنظيم عسكري معارض ممكنا. وهكذا إلى أن أصل إلى أزمة الحركة الشعبية المستحكمة بين متطلبات المساهمة في تصريف شؤون الحكم و متطلبات المعارضة الفاعلة لسياسات القهر التي تؤدي إلى ذبح الآخر، ولو كان ذا قربى. يجب إلا ننسى أن أحداث الإثنين والثلاثاء المشؤومة بينت قبل ذبح محمد طه بفترة بأن الذبح قد يصبح ظاهرة في ا لخرطوم. يجب إلا ننسى دماء الأبرياء من أهلنا الجنوبيين الذين ذبحوا في الخرطوم. من المؤسف أن كثير من النائحين على روح المغفور له، بحول الله، محمد طه، لم يحركوا ساكناً يوم ذبح العشرات من إخواننا الجنوبيين في الخرطوم، مقعد "حكومة الوحدة الوطنية!"
ذبح محمد طه، يا سادتي،ً استمرار لهدر دم الملايين في جنوب السودان وشماله وشرقه وغربه. ولا يجب أن تعلو قيمة حياة أي سوداني على سوداني آخر، مهما كان حسبه ونسبه!! ولن يكون للسودان شأن بين الأمم قبل أن تتساوى فيه حياة محمد أحمد الصادق بحياة دينق مجاك ألور! هذا هو الطريق الأوحد لجمهورية سودانية ثانية مزدهرة نامية، معطاءة، معلمة لشعوب الأرض!!
ألا تذكروا بولاد الذي أهرق إخوانه دمه؟ وهل يؤتمن وطن على حياة من قتل رفيق دربه ذاك؟ ألم يكن قتله واحد من شرارات ثورة دارفور المباركة بإذن الله؟ لدي حدس يقول لي بأن محمد طه اختطف يوم الثلاثاء وذبح يوم الأربعاء حتى تجهض المظاهرات. فإن فعلاً كهذا من شأنه أن يشغل الرأي العام، وأن يرهب الناس، بحيث ينشل تفكيرهم. ثم إن حرص الحكومة على الظهور بمظهر المشارك في الأحزان والتغطية الإعلامية المكثفة لذلك، تشي بالكثير. فهل كان الذبح مدبراً ليصب في صالح الحكومة في يوم قررت فيه قطاعات هامة من الشعب السوداني أن تتظاهر ضدها؟ وإذا كان كذلك فمن دبره؟ هل هي قوى داخل الحكومة؟ أم خارجها؟ أم هي قوى خارج الحكومة وأعانتها أجهزة الحكومة؟
بهذه الأسئلة لا أريد أن أوحي بشئ، بقدرما أريدأن أقول بأن قتل محمد طه له دلالات عميقة تتعلق بأزمة الحكم في السودان. لهذا فإني ساستناوله من هذا الباب في الخيط المقترح.
وسوف أركز في الخيط الجديد على أزمة الحركة الشعبية الداخلية بدرجة كبيرة، وعلى أزمة المؤتمر الداخلية بدرجة أقل، وأثر الأزمتين على مجمل الأزمة السودانية. كما سأبين ما أراه مخرجاً منها يؤدي إلى حقن الدماء، وإلى "جمهورية سودانية ثانية" تتسع لجيمع السودانيين، وتعلم الإنسانية جمعاء، وهي الحائرة، الضاربة في التيه، في زمن صار فيه الهوس الديني المحرك الأول للأحداث في كل أرجاء العالم!!.
ما رأيكم، دمتم، ودام فضلكم؟
| |
|
|
|
|
|
|
Re: نحو جمهورية سودانية ثانية: الحركة الشعبية والمؤتمر الوطني وآلام المخاض (Re: Haydar Badawi Sadig)
|
قرائي الكرام،
يعتورني شعور بالتقصير الشديد، يقارب الإحساس بالعجز، بسبب عدم قدرتي على الوفاء بالتزاماتي في متابعة موضوعات هذا الخيط إلى نهاياتها، إن كانت هناك نهايات (بالمعنى الفلسفي للكلمة). وما زلت أقلب الرأي في المنهجية التي بها استخلص الخلاصات واستنتج النتائج وأوصي بتوصيات. ولم تجد حيلة افتراع خيط جديد نتج عن تداعيات مقتل الأخ محمد طه محمد أحمد كأمر يدلل على أزمة السودان كأبلغ ما يكون التعبير.
ما زال أملى كبيراً في زملائي المتداخلين الكرام أن يتملكوا هذا الخيط تملكاً تاماً، خاصة وأنني كنت ومازلت منذ افتراع الخيط أنظر لنفسي باعتباري شخصاً يلتمس عوناً كبيراً في الاستنارة بالآخرين. ما زال طمعي في أن نستمر في تخليق وعي جمعي يعيننا على فهم انفسنا ويعين ساستنا على تلمس هذا الوعي الجمعي وترجمته إلى ما ينفع الصالح العام.
أرجو تعضيد هذا الخيط بالمزيد من المساهمات، ولو كان ذلك بتلخيص ما تداولناه ههنا، أو بالاستنتاجات المختصرة. ذلك حتى نسهل على أنفسنا الوصول إلى توصيات يكون لها مدلولات عملية. لتسهيل هذه المهمة ربما كان مناسباً أن ندمج الخيط الجديد مع هذا.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: نحو جمهورية سودانية ثانية: الحركة الشعبية والمؤتمر الوطني وآلام المخاض (Re: Salah Musa)
|
الأخ د.حيدر كل عام وأنت وأهلك بخير تقول: . Quote: ما زال طمعي في أن نستمر في تخليق وعي جمعي يعيننا على فهم انفسنا ويعين ساستنا على تلمس هذا الوعي الجمعي وترجمته إلى ما ينفع الصالح العام. |
- عندما كتب الدكتور منصور خالد كتابه حوار مع الصفوة في العام 1968 كان يتصور إمكانيّة أن تعي النخبة المؤثّرة والفاعلة في تاريخ السودان الدور المنوط بها والوصول لكومبرومايس بعيداً عن العامّة، تقوم بموجبه بإدارة الحياة السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، لإحداث التغيير وتجنب مشروطيّة الصراع والتجارب المريرة اللازمة له والتي خاضتها اوروبا حتى وصلت إلى ما هي عليه الآن،وهو أمر طيّب لو حدث أو كانت فرصته عالية في النجاح، ويشابه هذا التمنِّي أو الحلم ما قاله الأستاذ محمود عن حكم الفرد الرشيد والديمقراطيّة فالأول أفضل من الثاني ولكن فرصة نجاحه ضئيلة والثاني أدنى من الأول ولكن فرصة نجاحه واسعة. ومن هنا جاء قول مارسيل موس: ( الأفكار لا تقود العالم إلا في حالات نادرة أو لحظات إستثنائيّة)، فإستقلاليّة العقل شرط لقبول ما يطرح عليه من فكر جديد والأخيرة مرهونة بالمشروطيّة الاقتصاديّة والاجتماعيّة كما قال ماركس ومرة أخرى عبارة العارف: ( المجتمع الصالح أفضل وسيلة لإنتاج الفرد الصالح) وعلاقتها الجدليّة بالمشروطيّات آنفة الذكر. وأزعم أن الأيّام قد أثبتت طوباوية تصور الدكتور منصور وعدم واقعيّته مما دفع به هو نفسه إلى تغييره ،فلا بد مما ليس منه بد. يقول بول ريكور أعظم فلاسفة الغرب المعاصرين: (إن المجتمعات الأرثوذوكسيّة في الشرق لم تجرِّب إلى الآن عملية التنوير والصِّراع الجدلي الخلاّق بين العقل الديني والعقل الفلسفي،بمعنى أن أزمة الحقيقة المطلقة لم تحصل إلى الآن في الشرق والعالم الإسلامي). فمن خلال قراءاتي لكثير من الحداثيين والليبرالين العرب أستطيع القول بإجماعهم على ضرورة تطوير علم الدين( اللاهوت) لأن أزمة المجتمعات العربيّة أزمة فكريّة روحيّة أولاً ثم تنمويّة ماديّة ثانياً، ولمعالجة الأولى لابد من الإنخراط في الصراع الذي بدأه الأستاذ محمود ووصل به إلى نهاياته، لأن بدايته الفكرية والتنويريّة لخلق الفكر النقدي الحر محققة للشرط وكانت تشبه إلى حدٍّ ما، ما فعله اسبينوزا في القرن السابع عشر وبداية عصر الأنوار خاصة بعد كتابه( مقالة في اللاهوت والسياسة)،على أن تكون الخطوة الأولي الوعي الخاص ثم يليه العام وذلك بتغيير الفهم الملتبس الذي انطبع في أذهان الكثيرين من تلاميذه عن فكره العملي وأنتج لديهم خمولاً حركيّاً وفكريّاً حتى يتمكنوا من أخذ زمام المبادرة ،وأنا على يقين أنه كان يريد لهم المضيّ في نفس الطريق الذي سار فيه بلسان حاله،وهو طريق الجهاد والمنازلة والصراع وعدم الركون إلى تداعي الزمن وانتظار أن تتحقق الأشياء بالتلقائيّة، فقط عليهم الإفادة مما لم يتوفر له في عصره ومن ثم تغيير الآليات والوسائل فهذا هو الشرط اللازم لرسوخ الفكر واستقراره في واقع الناس وخلق الوعي اللازم الذي يعيننا ويعين ساستنا لإيجاد نظام اجتماعي فاعل نقبل به ويقوم بإحداث التغيير الذي ننشده.
أبوحمد
| |
|
|
|
|
|
|
Re: نحو جمهورية سودانية ثانية: الحركة الشعبية والمؤتمر الوطني وآلام المخاض (Re: Haydar Badawi Sadig)
|
الأخ/ د. حيدر سلام أود في هذه المداخلة البسيطة أن أنقل نصّّاً لتوبي.أ.هفّ من كتابه فجر العلم الحديث (الإسلام-الصين-الغرب) لصلته بالمعاني القرآنيّة والفكر الجمهوري الذي تولّد عنها لخلق الوعي اللازم لحملته أولاً ثم لأهل السودان ثانيّاً وللناس كافّة أخيراً. يقول توبي: إن نهضة القرن الثاني عشر في أوروبا أرست أسس برنامج البحث العلمي الذي تحوّر وتطوّر فيما بعد،وقد طوّرت هذا البرنامج النٌّخبة ((((الدينيّة)))))) التي هيمنت على الحياة((((الفكريّة))))، وهو برنامج تضمن المسلّمات التالية في رأي تينا ستيفل:- *إن دراسة الطبيعة دراسة عقلانية موضوعيّة لفهم كيفية عملها أمر ممكن ومرغوب فيه. * أن العالم يجب ألا يصغي للأصوات المرجعيّة والتراث ورأي العامّة حول الأمور المتعلقة بكيفية عمل الطبيعة إلا في حدود كون المعلومات المستقاة من الأصوات قابلة للتحقق من صحتها. *أن العالم يجب أن يمارس الشك المنظم وأن يحتمل أحياناً فترات طويلة من عدم اليقين في سعيه المنظم لفهم ظواهر الطبيعة. *إن دراسة كهذه قد تستخدم أساليب الرياضيات والإستدلال المنطقي. *أن عليها أن تسلك المنهج الأمبريقي ،أي أن تلجأ إلى الأدلة المستقاة من الحواس حيثما أمكن ذلك .
أبوحمد
| |
|
|
|
|
|
|
Re: نحو جمهورية سودانية ثانية: الحركة الشعبية والمؤتمر الوطني وآلام المخاض (Re: Haydar Badawi Sadig)
|
الأخ/د.حيدر تقول:
Quote: . وفي هذا يستعصم الخفاء الإلهي، وفي هذا التنوع في الوحدة، والوحدة في التنوع، سر عظمة النظام الديمقراطي. ذلك بأن الله يسير الكون، بالكون، في أبعاده المتعددة التي ندركها والتي لا ندركها، من خلف العقل البشري. فلا يشعر البشر، في نطاق حركتهم فيه، إلا بأنهم فاعلين بإرادة حرة. |
وأقول: ليت أهلي يأتون بلطائف الإحسان حتى يجنَِّّبوا سلاسل الإمتحان فيدركوا أن الوحدة لا تعني خلق أجيال من الستيريو تايب أو نسخةٍ بالرونيو ل (الحبر الراكب أم سبيب)، فالله تعالي لم يبق على الحياة لتكرارها وإنما ليرقي خليفته الدرجات في معراج سيرورته اللانهائي، ومن معطياته وهداه في مرحلته، لا من معطيات وهدي غيره في مرحلة سابقة، لتمضي قافلة الحياة في نجديها الواحد إلى لا منتهاها، ونحن في مرحلتنا لنا معطياتنا وهدانا الذي كسبناه بما خبرنا من معارف معاصرة وتراكم حصلناه بتسيير اللطيف الخبير فانكشفت لنا بذلك حجب كانت ستراً على هدى غيرنا ،ومما كشف لنا عن ستره، أننا لا نستطيع تغيير خصائص العناصر إلا إذا أدخلنا عليها عناصر جديدة، وأن كل الناس على حق وهدى بما فطروا عليه خَلقاً وبما كسبوه معاشاً، فيعملوا بهداهم، هذا الذي تم لهم في مرحلتهم التاريخيّة ليحققوا تقواهم، فعجزهم عن تغيير الخصائص يفرض عليهم قبولها كما هي،وما أتيح لهم من حرية بالمعرفة لإدخال عناصر جديدة تقوم بعملية التغيير،فيبعدوا عنهم الفجور ويمارسوا تقواهم بالعمل بما علموا، ويستنّوا قوانينهم الضابطة لتوجد لكل فرد مداره الذي يدور فيه بناءً على هدي هذه المعرفة،ويفعِّلوا تدافعهم الذي يحدٌّ من هوى نفوسهم ورغبتها في التطاول على مدارات الآخرين، فيقوم بزجرها وضبطها كي لا تخرج عن مدارها الذي حدِّد لها في فلك المجتمع ،فالضِّيق بأنماط السلوك والعقائد المختلفة ووجهات النظر المتباينة لا يُدفع نحو الإنبساط والقبول إلا بقوة موازية فليتنا نقبلها مدنيّة بالفكر ونتجنبها عسكريّة بالمبارزة، وعندما يولد خلق القبول بالآخر المختلف تولد الحاجة للضوابط المنظِّمة بما يؤكد تفهم الإختلاف وهو التسامح الموحِّد لمظهرٍ من مظاهر التعدّد وهو المطلوب لقيام نظام ديمقراطي مستقر في بلادنا. وفرصتنا في الوقت الراهن محدودة بخيارين إلى الآن،الأول هو قيام النظام الحالي بتصفية نفسه فيعود بالأمر إلى أهل السودان،وهذا أمر مستبعد من الطبع البشري دون تدخل عنصر جديد،والثاني هو الإفادة مما وفرته نيفاشا على علاّتها كعنصر للتغيير وتفعيل مبدأ المصلحة الآجلة والقبول بالخسارة العاجلة حتى لمن يعتقد أن فرصته أكبر في الكسب من كل القوى السياسيّة والتحالف لتغيير النظام ورموزه عقاباً لهم بإخراجهم من الحياة السياسيّة كتنظيم وقبولهم كأفراد في أي تنظيمات أخرى تؤمن بهذا التسامح المطلوب للسودان الجديد،إذن الإنتخابات القادمة هي المعطي العملي المتوافر لدينا كبداية على طريق التغيير ولكن يلزم الكثير من التوعية له بإستخدام كافة الوسائل الإعلامية المتاحة في الوقت الراهن من صحف وندوات ومنابر إسفيريّة، وأنا على يقين من أننا لو قمنا بهذه الوحدة الآن وبوعي وإدراك لما نقوم به لن يجرؤ أحد على القيام بإنقلاب عسكري مرة أخرى.
أبوحمد
| |
|
|
|
|
|
|
Re: نحو جمهورية سودانية ثانية: الحركة الشعبية والمؤتمر الوطني وآلام المخاض (Re: Haydar Badawi Sadig)
|
لفت انتباهي تناول أستاذي الدكتور الواثق كمير لمصطلح "الجمهورية الثانية،" الذي ظللنا ندفع به لساحة الحوار، في واحدة من مساهماته الأخيرة التي حملها لنا هذا المنبر. وقد ورد المصطلح في سياق الاقتباس الآتى:
Quote: الحركة الشعبية لتحرير السودان هي التي تقدمت برؤية السودان الجديد. ولكن، مثلما أن السودان القديم يتعرض لتغيّرات جذرية في مسيرة انتقاله نحو السودان الجديد فإن الحركة الشعبية لتحرير السودان نفسها لابد أن ينالها التطوير وتخضع بذلك لتحولات أساسية. ورغم أن الحركة ظلت تحتفظ بمضمونها الرئيسي، إلا أنها شهدت تحولات عبر السنين، وفي غضون تلك التحولات بدت الحركة مختلفة في المراحل المختلفة للكثير من الناس وجماعات المهتمين مما يفسر اللبس- القائم عند البعض- حول طبيعة ومضمون الحركة الشعبية. إن اتفاقية السلام الشامل، والتي أفضت إلى أكثر التحولات الدستورية جذرية بعد الاستقلال، قد أدخلت الحركة الشعبية لتحرير السودان في مرحلة جديدة (جمهورية ثانية) تتسم بالعديد من حالات الانتقال وما تستدعيه من إدارة فاعلة لهذه التحولات. فبانتقالها من مربع الحرب للسلام فان الحركة الآن مواجهة بإدارة تحول دقيق ثلاثي المسارات: أي من تنظيم سياسي-عسكري إلى حركة سياسية، ومن حركة إقليمية إلى حركة قومية ، ومن خانة المعارضة إلى الشراكة في الحكومة. أضف إلى كل هذا الرحيل المفجع والمفاجئ لزعيمها والذي بلا شك قد زاد وضاعف من أعباء الحركة في التعامل مع هذه التحوّلات المتعددة. |
أرجو أن يستمر الدفع بهذا المصطلح للساحة العامة من كافة القوى الفكرية والسياسية، لعله يكون مخرجاً للكل من دائرة الصراع العنيف إلى دائرة الصراع الرؤيوي السلمي.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: نحو جمهورية سودانية ثانية: الحركة الشعبية والمؤتمر الوطني وآلام المخاض (Re: Haydar Badawi Sadig)
|
الأخ/د.حيدر الحمد لله على السلامة
أضحكتني عبارتك الأخيرة، وأرجو أن يفتح الله علينا وعلى أهل السودان بما يزيح عنهم هذا الكابوس الذي جثم على صدورهم قرابة العقدين من الزمان. بعد التوقيع على إتفاقية السلام في نيفاشا وتحديداً في 30/5/2005 أجرى التلفزيون السوداني نقلاً مباشراً للقاءٍ جمع بين الدكتور جون قرنق من رمبيك ونائب رئيس الجمهورية على عثمان من الخرطوم وفي إجابة الأخير علي سؤال توجه به إليه الصحفي عثمان ميرغني أجاب السيد على عثمان بما يلي: ( Quote: الديمقراطية مسؤولية وطنية ودائماً تضيع الديمقراطية بالمزايدة على من هو أحق بحماية الديمقراطية إذا أردنا نجاح التجربة القادمة التي كتبت بدماء وتشريد كثير من المواطنين من مواقعهم ،ولذلك لابد أن تأخذ التجربة القادمة قدراً من المسؤولية الوطنية من قبل المواطن والمنظمات والقوى السياسية ،إن صاحب العربة الذي في الطريق دون أن يراعي حق الآخرين الذين يستخدمون الطريق العام فقد يتسبب في حوادث. مسألة تطبيق القانون ضروريّة وكذلك الرقابة الدستوريّة على تصرفات الحكومة وفي المرحلة القادمة ستكون كل القرارات والإجراءات التي تتخذها الأجهزة خاضعة للرقابة قضائيّة ودستوريَة |
) .
يا أيها الملأ أفتوني في رؤياي إن كنتم للرؤيّا عالمين!!!؟ ولا حظوا معي أن هذه الرؤيا لم ير فيها نائب رئيس الجمهورية حكومته التي اصطدمت بكل الشاحنات وأربكت حركة المرور وتسببت في موت الألآف من مستخدمي الطريق!!كماأنه لم يرها كي يأمرها بتحمل المسئولية أيضاً مع بقية القوى!!!!!
أبوحمد
| |
|
|
|
|
|
|
Re: نحو جمهورية سودانية ثانية: الحركة الشعبية والمؤتمر الوطني وآلام المخاض (Re: عثمان عبدالقادر)
|
أخي الكريم عثمان،
أشكرك على المثابرة. وقد أضحكني ضحكك علي حين قلت.
Quote: أضحكتني عبارتك الأخيرة، وأرجو أن يفتح الله علينا وعلى أهل السودان بما يزيح عنهم هذا الكابوس الذي جثم على صدورهم قرابة العقدين من الزمان. |
تجدني في هذه الأيام قليل الحيلة، لا أقوى إلا على القليل في شأن التفاعل مع القضايا العامة. ولا أملك إلا أن أقول "الحرف" ليهو رافع!! وغالباً ماأكتفي بالقراءة والتهاني والتعازي في زياراتي للمنبر. فعذراً إن تأخرت عليك وعلى القراء الكرام.
أطربني تصويرك البديع في قولك:
Quote: يا أيها الملأ أفتوني في رؤياي إن كنتم للرؤيّا عالمين!!!؟ ولا حظوا معي أن هذه الرؤيا لم ير فيها نائب رئيس الجمهورية حكومته التي اصطدمت بكل الشاحنات وأربكت حركة المرور وتسببت في موت الألآف من مستخدمي الطريق!!كماأنه لم يرها كي يأمرها بتحمل المسئولية أيضاً مع بقية القوى!!!!! |
| |
|
|
|
|
|
|
Re: نحو جمهورية سودانية ثانية: الحركة الشعبية والمؤتمر الوطني وآلام المخاض (Re: Haydar Badawi Sadig)
|
في المقال أدماه تناول الأستاذ عبد العزيز حسين الصاوي الكثير من النقاط المشتركة التي تهم قراء هذا الخيط والمتداخلين فيه. ومن هنا أحيي الأستاذ عبد العزيز على التناول العميق لأصل الأزمة التي تجابها في ترسيخ أسس الوحدة والسلام والرفاهية في السودان. (المقال منقول من سودانايل.) *****************************
مرحبا بالحركة الشعبية ... الي قلب الازمة السودانيه عبد العزيز حسين الصاوي الانباء المتواترة عن فتح مكاتب للحركة الشعبية في الخرطوم وغيرها مدعاة للترحيب الحار لكون توسع الحركة شماليا ترياق مضاد لتصدعات الوحدة الوطنيه المتكاثره ولكن هناك سبب اضافي لهذا الترحيب وهو ان هذه الانباء تطرح واحدا من الاسئلة الكثيرة التي تواجه اسلوب عمل التجمع- حزب الامه وتفسر التناقض بين كونه افضل صيغ المعارضة السودانية للانظمة الانقلابية علي الاطلاق وعجزه عن الارتفاع بمستوي ضغوطه الداخليه الي الحد الذي يعطيه وزنا في تراجعات العهد الانقلابي الثالث اكبر من وزن الضغوط الامريكية - الاوروبيه. السؤال هو : لماذا لم تفكر قيادة التجمع، بما فيها قيادة الحركة الشعبيه نفسها، في استثمار خصوصيات ظروف قضية السودان الجنوبيه في اطار القصية السودانية العامه لهز القاعدة الحقيقيه وبالتالي الاساسيه لقوة سلطة الاسلاميين الحكومبه؟ قوة هذه السلطة المجسدة بوضوح في بقائها المستريح من اي معارضة شارعية تذكر رغم سجلها الحافل بالاخفاقات العظيمه وانشقاقها، مستمدة من قوة قبضة سلطة التدين الخام علي التركيبة النفسية والذهتية للمدينة السودانيه من الفاشر والابيض وحتي بورتسودان مرورا بالخرطوم وامدرمان وعطبره وكريمه، حتي قبل ان تتحول الي حكومه .. اسقاط زعيم الاسلاميين الترابي في انتخابات عام 86 اقتضي تحالف كافة احزاب الوسط واليسار ليتحقق .. مع ذلك لم تنتبه نخبها القيادية الي ان الوجه الاخر لهذا ( الانتصار ) هو دلالته الصارخه علي مبلغ تدهور وزن التدين المستنير في المجتمع من القمة التي كان قد وصلها في السبعينيات بعد بدايته مع جمعيات القراءه في العشرينات. مع هذه الغفله لم يكن غريبا ان تفوت فرص كثيرة علي هذه النخب لتجفبف منابع قوة نظام انقلاب الاسلاميين بالدخول في معارك صغيره في مبناها وقابلة للكسب ولكنها كبيرة في مغزاها اذا قيست بهذ المعيار الحقيقي بدلا من التصدي للمعارك الكبيرة المبني التي تعودنا عليها ازاء الدكتاتوريتين السابقتين عندما كان المجتمع المدني السياسي الحزبي وغير السياسي النقابي حيا وغير قابل للترويع والارباك بالشعارات والافكار الدينية التقليديه. ومن الانصاف الموضوعي عند هذه النقطة الاشارة الي ان مقولات مثل الاقتلاع من الجذور التي تنسب للسيد مجمد عثمان كان تعكس هذا التصور المشترك وقتها بين جميع القوي المعارضه وليس رأيه وحده.
احدي المعارك ذات المواصفات المطلوبه من حيث المغزي وقابلية الكسب في الصراع مع سلطة الانقلاب كانت التفكير في، والعمل علي، تحقيق شكل من اشكال الوجود السياسي للحركة الشعبية في الشمال. يد الاسلاميين الحكومية كانت مغلولة نسبيا في هذه المعركة لاسيما بعد ولوجهم مرحلة التراجع عن شعارات وسياسات المتاجرة التعبوية بمحاربة امريكا ثم اضطرارهم قبول اعلان مبادئ الايقاد في سياق اضطرارهم الاعم للاستجابة الي الضغوط الاوروبية اولا ثم الامريكيه بعد قرار ادارة بوش الخوض في الشأن السوداني الجنوبي اكثر من أي وقت مضي نتيجة غزوة بن لادن ( الاسلامية ) لامريكا في 11 سنتمبر مدعوما بتأثير علاقاتها الايدولوجية والسياسية الوثيقة مع اللوبي المسيحي....... في الان نفسه احد انجح تكتيكات الحركة الاسلامية في السيطرة علي العواطف والافهام الشماليه كان دائما المبالغة في الخطر الجنوبي ( الافريقي المسيحي ) علي الهوية الدينية الاسلامية للشمال وقوميته العربيه، والاخيرة كانت الحركة الاسلامية قد اضافتها الي ترسانة اسلحتها للسيطره علي المجتمع بعد ان ظلت طوال عمرها تعتبر العروبة عنصرية قومية معادية لصميم الدين. وبما ان مرد نجاح هذا التكتيك كان أفتقار الرأي العام الشمالي الي معرفة حقيقية عن قرب بالحركة الشعبية لتحرير السودان، اضافة طبعا الي مقولات العنصرية المضادة التي درج بعض المثقفين الجنوبيين علي تردادها، فأن تواجد الحركة شماليا بشكل ما كان سيساهم في الحد من فعالية هذا التكتيك لاسيما وان تعاملها المباشر مع الواقع الشمالي كان سيساهم ايضا في تصفية عقليتها من ترسبات النظرة الجنوبية التقليدية للعروبة والاسلام المستفزة شماليا ويقوي حوافزها لتطوير رؤية فكريه وسياسيه متكاملة سودانيا بدل الانشداد الي ماتسميه الهامش والاطراف ( ضد المركز العربي المسلم ).
تطبيق هذه الفكره عمليا كان يقتضي بطبيعة الحال ابتكار صيغة مناسبه تسهل علي الاهتمام الامريكي- الاوروبي الاستثنائي بقضية الجنوب تجريعها للسلطه بوصفة الجزرة والعصا التي استخدمتها وتستخدمها معها بنجاح كبير. عدد من التجارب العالمية كان مفتوحا امام التجمع في هذا الخصوص فالفكرة كانت تحقيق وجود غير رسمي للحركه عبر حزب سياسي في الشمال يتخلي نظريا وعمليا عن العنف وليست له علاقة ظاهرة بالحركة الشعبيه الا من حيث اطروحاته العامه علي غرار مابحدث في الديموقراطيات الغربية وغير الغربيه. ففي بريطانيا لم تمنع الصلة الثابتة لدي الحكومه والرأي العام مع الجيش الجمهوري الايرلندي المسلح من السماح لحزب ال " شين فين " من العمل العلني ( الرجل الثاني في الحزب اعترف بعد التوصل لاتفاق مؤخرا بأنه كان عضوا في هيئة اركان الجيش الجمهوري) وكذلك الامر في اسبانيا بالنسبة لحركة اياتا الاتفصاليه وحتي في سريلانكا، حيث تتعايش الديموقراطية مع الحرب الاهليه بعكس ماتحاول الاتقاذ السودانية وشبيهاتها العربيات اقناعنا به، فأن ل " نمور التاميل " وجودا شرعيا من خلال حزب ذي صلة معروفة بهم. بالاضافة الي تجريد حركة اسلام السياسة الحاكمة وغير الحاكمه ( كلاهما حاكم في عقول الناس ونفسياتهم من جامعة الخرطوم نزولا وصعودا ) من احد اسلحتها في تخدير الحس النقدي تجاه الاسلام التقليدي فأن مثل هذه القنوات الشرعية ابقت احتمالات الحل السلمي حية في عز المواجهات المسلحة بين الحكومات والحركات المسلحه مما سهل الوصول الي الحل التفاوضي عندما تهيأت ظروفه وقللت من الحاجة الي التدخل الخارجي بأجندته الخاصة حتي لو توافق مرحليا مع المصلحة الوطنيه.
في الحالة السودانيه كان غياب مثل هذه الصيغه عاملا اساسيا في اهدار الجهود والامكانيات والدماء من زاوبة اخري ايضا. فغياب التصور الداعي الي اختيار معارك صغيرة المبني من هذا النوع كوسيلة فعاله لتغيير تدريجي للواقع العيني الماثل من حيث ميلان توازن القوي الاجتماعي وبالتالي السياسي بوضوح ومنذ زمن لمصلحة النظام الاسلامي، دفع قيادات سياسية شمالية جديده ومجموعات كبيرة من الشباب الي تبني اسلوب العمل المسلح ظنا بأن المشكله هي مشكلة اسلوب. وهكذا حظيت قوات التحالف السودانية بأقبال منقطع النظير عندما ابتدرت العمل المسلح حتي ان الادارة الامريكيه استقبلت زعيمها عبد العزيز خالد بأعتباره بديلا للقيادات السودانية المعروفه ولكن هذا الاقبال لم يلبث ان يدأ يتبخر تدريجيا ثم بسرعة قياسيه عندما اصطدمت التضحيات الكبيرة والمواهب القياديه بصخرة الواقع في سودان اليوم. ومن ابسط التحليلات الممكنة لهذا المصير الذي طال محاولات لاحقه لاتقل اهمية في جديتها مثل حركة حق، ان المجتمع السوداني الحضري كان قد كف منذ فتره عن كونه بيئة صالحة لاحتضان تيارات التقدم والاستناره حتي في شكلها السلمي ناهيك عن المسلح الاقدر علي استثارة نوازع العنف السلطوي، بما يجعلها اكثر حاجة للحمايه من القمع اليومي تخفيفا للخسارات ثم تعويضا لها علي المدي الابعد، بالرفد المستمر لطاقة هذه التيارات علي النمو الافقي والرأسي من منابع حية ومتجدده كانت في الواقع قد شبعت جفافا.
امتداد الحركة الشعبية شماليا الان سيضعها وجها لوجه مع قضية تشخيص ومعالجة مصدر قوة النظام الحقيقيه فالانباء التي تتحدث عن اقبال كبير علي مكاتب الحركه صحيحة بالتأكيد ولكنها من نفس نوع الاقبال علي قوات التحالف وحق في بداية حياتهما. وبعد زمان يطول او يقصر ستجد الحركة نفسها اكثر جنوبية مما هي عليه الان لسببين الاول هو ان الكوادر الشمالية الملتحقة والتي ستلتحق بها ستكتشف ان الامال التي علقتها عليها لمواجهة سيطرة اسلام السياسه المعنوية والماديه علي المجتمع غير قابلة للتحقيق كما ان الحركة ستضطر للمضي ابعد وابعد عن الهموم السودانية العامه تحت ضغط قاعدتها الجنوبية التي تتركز همومها حصرا، وعن حق، علي اعادة اعمار الجنوب. وواقع الامر ان هذا واضح منذ الان في المقولة التي يرددها جون قرنق بأستمرار من انهم لايستطيعون خوض معركة الشريعه انابة عن الاحزاب الشماليه، فهذه طريقة مهذبة في الاشارة الي ضعف وزن التجمع- حزب الامه، ولكنها تشير ايضا الي ازمة مشنركة بين الاطراف السياسية السودانية كافة لان انتاج الحركة الشعبية الفكري والسياسي لايكشف عن ادراك للبؤرة الحقيقة لهذا الضعف.
مع انتفاء هذا الادراك اهدرت جهود وتضحيات كثيرة وغاليه في محاولات تنظيم الاضرابات والمظاهرات تحضيرا للانتفاضة الشعبيه العتيده السلميه طورا والمحمية طورا اخر والمسلحة زحفا من الريف طورا ثالث دون ان تواكب ذلك أي خطط قصيرة الاجل او طويلته للتعاطي مع ازمة غياب وغيبوبة قوة الدفع التغييري في مراكزها الحضريه القادرة وحدها علي القيام بهذه المهمه، كما اثبتت التجارب في ثورة اكتوبر 64 وانتفاضة 85. وهذا مايفسر التناسب العكسي بين امعان الاسلاميين في الانفراد بالسلطه وممارسة اقسي ضروب العنف عندما تستدعي الحاجه ذلك وتضاؤل هذه الحاجة بمرور الوقت بسبب اضمحلال المعارضه. حتي بعد تفاقم ازماتها الداخليه ووصول الضغط الحارجي الي اقصي مدي بالدخول الامريكي علي خط الايقاد ظلت سلطة الاسلاميين قادرة علي اقصاء التجمع – حزب الامه كما ظهر في اتفاقيات نايفاشا وليس هناك مايدعو للاعتقاد انها ستفشل انتخابيا بعد سنوات اربع في ابقائه بحدود ال14% التي تنص عليهاالاتفاقيه او اقل لانها ستستثمر هذه الفسحة الزمنية لشحذ المهارات التي اكتسبتها من وجودها الطويل في السلطه في كيفية ادارة اجهزة الدوله وامكانياتها لهذا الغرض بينما تفتقد الاحزاب الكبيرة انتخابيا مثل هذه الخبرات فضلا عن اراضيها التقليديه في الغرب والشرق وربما الشمال الاقصي مع النمو السريع لقوي الحلول الجهويه..
اذا اضاف هذا التصور للامور الي حيزه القول بأن المدخل الاهم لمعالجة ازمة قوي التحضير والاستناره هو التغيير الجذري للمناهج التعليمية بكافة مستوياتها والبيئة التعليمية عموما فأن مايترتب علي ذلك هو ان استعادة التوازن لمصلحة هذه القوي سيستغرق عقدين من الزمان علي الاقل، وهذا لو بدأنا اليوم قبل الغد. والامكانية الوحيدة لتقصير هذا المدي الزمني، الذي يمكن خلاله ان يكتمل تمزق السودان شرقا وغربا وشمالا، هي مسارعة التجمع-حزب الامه بأعادة صياغة التحالف مع الحركة الشعبيه بحيث يحتل هدف تثوير المنظومة التعليمية المركز الاهم في شراكتها مع الاسلاميين الي جانب تأسيس علاقة مع الشريك الاهم غير الظاهر في السلطه،وهو امريكي – بريطاني اساسا، وادارتها بما يعزز هذا المسار. وهذه قضية قد نعود اليها بتفصيل اكبر قريبا يكفي القول هنا ان فك هيمنة الاسلاميين علي مناهج هذه المنظومه،ومعها المنظومة الاعلامية والثقافيه الرسميه، وسياساتها العامه معركة سيخوضها الاسلاميون بكل مايملكون من قوه لانهم يعرفون قيمة هاتين المنظومتين في ادامة سلطتهم الرسمية وغير الرسميه مما يتطلب تحشيد كافة القوي الذاتية وغير الذاتيه... خميرة تيارات التحديث والاستناره ولدت مع تأسيس التعليم النظامي العصري مناهجا ومؤسسات لذلك فأن دينامية انحسار هذه التيارت بدات مع العبث المايوي بالمنظومة التعليميه منذ الستينيات وبدون تركيز ناجز وشامل علي اصلاح هذا الخلل ستجد الحركة الشعبية نفسها امام مهمة مستحيله هي تخليق سودان جديد دون وجود سودانيين جدد.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: نحو جمهورية سودانية ثانية: الحركة الشعبية والمؤتمر الوطني وآلام المخاض (Re: Haydar Badawi Sadig)
|
Quote: لسودان الجديد: نحو بناء دولة المواطنة السودانية د. الواثق كمير
[email protected]
مقدمـة: هناك من بين السودانيين، خاصة في الشمال، من يعتبر أن السودان الجديد مفهوم مبهم أو أحجية غامضة، وربما يعنى أشياء مختلفة لأناس مختلفين. وهناك من انتقد الفكرة ابتداء كفكرة عنصرية ذات توجه معادي للإسلام وتهدف في نهاية الأمر إلى محو الهوية العربية-الإسلامية وإحلال الهوية الأفريقية مكانها. كما يرى فيها آخرون دعوةً مقنعة للانفصال وإقامة دولة جنوب السودان المستقلة. وهنالك أيضا من أدان الرؤية دون تحفظ لمجرد صدورها ممن لم تألفه أفئدتهم وأذهانهم. وهذا ما جعلني أرجح أن اختيار الأستاذ كمال الجزولي لشخصي تحديداً لمناقشة هذا الموضوع مرده موالاتي للحركة الشعبية لتحرير السودان، التي كان زعيمها الراحل عراب مشروع السودان الجديد والمروج له والمنافح عنه. ولئن كان لا اعتراض لدى على حكمة هذا الاختيار، لكنى كنت أعتقد أنه ربما حققنا قيمة إضافية للحوار لو أن كاتباً آخر (أو كاتبة) من غير المنتسبين (أو المنتسبات) للحركة الشعبية قد دعي لعرض وجهة نظره (أو نظرها) حول رؤية السودان الجديد من منظور مختلف. وقد يكون غريبا أن أثير هذه النقطة! ولكن من الفرضيات الأساسية لهذه الورقة أن ما صاحب رؤية السودان الجديد من سؤ فهم و ما اكتنفها من غموض ولبس عند البعض يعود بقدر كبير إلى الخلط بين السودان الجديد كإطار مفهومي والحركة الشعبية كمروج للمشروع وكتنظيم سياسي بادر في لحظة تاريخية معينة، لتحويل الرؤية إلى واقع ملموس. فعدم الانتماء إلى الحركة الشعبية، بالمعنى التنظيمي، لا يتناقض بأي حال من الأحوال مع اعتناق الرؤية أو الاعتقاد فيها. وحقيقة، أجازف بالقول بأن كل المؤمنين بالرؤية هم "حركة شعبية" بيد أنه ليس كل من هو "حركة شعبية" يؤمن بها!
تهدف هذه المساهمة المتواضعة إلى إذكاء وإثارة النقاش والحوار حول مفهوم السودان الجديد في محاولة لإزالة سؤ الفهم الذي شاب الرؤية وذلك بتسليط الضوء على نشأة الفكرة وأصول تكوينها وتطورها، ورغم ما يعتو رني من شعور قوي بأن الكثير من المجتمعين هنا يقرونها ويؤيدونها. إذ خلافاً لما قد يعتقد المنتقدون والمتشككون فإن مفهوم السودان الجديد لا ينطوي بأي حال على مضامين عرقية أو عنصرية أو إنفصالية. بل هو بالأحرى إطار لمشروع قومي يستهدف بناء دولة المواطنة الحقة والمستدامة والقادرة على استيعاب المجتمع السوداني بكافة تنويعاته العديدة والمختلفة. فالمفهوم يدلّل على إطار مرجعي ذو طبيعة عالميه يتعدى السودان ويمكن تطبيقه في مناطق نزاعات أخرى شبيهة داخل وخارج القارة الأفريقية، مع الأخذ بعين الاعتبار خصوصية كل حالة وفق شروطها الموضوعية. فوق كل ذلك يجب أخذ المشروع في الأساس على أنه إسهام فكري ضمن أدبيات الخطاب السياسي السوداني المستجد والجدل المحتدم في شأن إعادة بناء الدولة السودانية. رؤية السودان الجديد: الأصول والنشأة كان وراء فكرة السودان الجديد اهتمام الراحل د. جون قرنق بأزمة الحكم في السودان والحرب الأهلية في الجنوب إلى جانب سعيه الحثيث وبحثه الصادق من أجل الوصول إلى سلام دائم وعادل. وكان إخفاق اتفاقية أديس أبابا، التي كان الراحل د. جون قرنق من ألدّ وأشرس معارضيها، لكونها لا تحقق السلام والازدهار لجنوب السودان، هو الذي دفعه إلى التمحيص وإعادة النظر في طرق وأساليب التعامل مع الأزمة السودانية. ولعله تساءل: لماذا يتمادى السودانيون في الاقتتال فيما بينهم إن لم تكن القضايا المتنازع عليها بالغة الخطورة وترقى إلى هذا الحد من الخصومة؟ وخلص إلى أن التهميش بكل أشكاله والظلم والتفرقة والتبعية تشكل جذور المشكلة وهي الأسباب الرئيسية للنزاع، والتي لا يمكن التعامل معها باجتزاء وبأسلوب منح الصدقات وتقديم التنازلات لصالح المتمردين أو الثوار الساخطين كلما اشتعل النزاع في إقليم معين. فللسودانيين مشاكل في الشرق وفي الغرب وفي الوسط وفي أقصى الشمال. أن تعريف المشكلة بأنها "مشكلة الجنوب" تعد في حد ذاتها دعوة للتهميش! اجتهاد جون قرنق قاده لإعادة تعريف المشكلة على أنها "مشكلة السودان" وليست "مشكلة الجنوب" كما دأبت الأنظمة المتعاقبة على الحكم في الخرطوم تقليديا في الترويج لها. إن الدولة السودانية متمثلة في هيكل السلطة في المركز هي التي تحتاج لإعادة هيكلة جذرية حتى تتمكن من استيعاب الأشكال المتعددة للتنوع السوداني والتعامل مع كافة أشكال الإقصاء والتهميش لشعوبها. فالسمكة تتعفن من رأسها لا من ذيلها! لم يكن قرنق سياسياً ومقاتلاً من أجل الحرية فحسب بل كان باحثاً ومفكراً عالمياً يسعى لتحقيق نظام دولي جديد. وإلى ذلك فهو لم يكن بمعزل عن التأثر بكل نظريات العالم الكبرى واتجاهات الفكر وعلم الثورات، وعليه فإن مفهوم السودان الجديد يأخذ بقليل من قبس الماركسية ومختلف مدارس الاشتراكية، كما يدين بصورة كبيرة للتراث الفكري الإنساني. فضلاً عن أنه يستصحب بشكل كبير تجارب مشابهة في تكوين الأمم وبناء الدول في كل من أمريكا الشمالية واللاتينية. لا غرو إذن أن البدايات الأولى لرؤية د. قرنق للسودان الجديد كان يشوبها بعض النزوع للاشتراكية. وكان الرأي آنذاك بأن الحل الوحيد لعلل البلاد يكمن في إطار سودان موحد تحت مظلة نظام اشتراكي يراعي الحقوق الإنسانية لجميع القوميات ويكفل الحريات لكل الأديان والمعتقدات والرؤى. وعلى كلِ، فإن الإتكاء على الإشتراكية لا يقدح في ولا ينتقص من مرتكزات مفهوم السودان الجديد. مع ذلك فقد أقر الراحل د. قرنق وشدد بأن مضمون هذه الإشتراكية لا يجوز تقريره ميكانيكياً. بالأحرى فإن "تمثّل وتنزيل الإشتراكية" في السودان سينجلي وتتضح معالمه في سياق تاريخي، ومع استمرار الكفاح من أجل التغيير وتطبيق برنامج التنمية الاقتصادية الاجتماعية أثناء الحرب وبعدها، ووفقاً لشروط السودان الموضوعية. إلى جانب ذلك، فإن آخر ذكر للاشتراكية فيما يتعلق بالسودان الجديد كان في معرض حديث قائد الحركة الشعبية لتحرير السودان في 3 مارس 1984. فالاشتراكية كانت إلهام دفعت به الظروف الموضوعية التي كان لا بد من التفاعل معها والمحيط االسياسى الذي كان قرنق يعمل في إطاره، وهي على أي حال لا تلقى بأي ظلال أيديولوجية على رؤية السودان الجديد.
اعتبارات منهجية: مصدر اللبس والتشويش الإخفاق في التمييز منهجياً بين رؤية السودان الجديد من جانب، والحركة الشعبية (على المستوى التنظيمي، والمستويين الاستراتيجي والتكتيكي) ومتطلبات العملية السياسية لبناء السودان الجديد في مسيرة الكفاح ( سياسياً وعسكرياً وتفاوضياً)، من جانب آخر؛ يشكل أحد الأسباب الرئيسة في إرباك المفهوم. فبعض المنتقدين والمتشككين دأبوا على الانشغال، ومنذ أن طرح الراحل زعيم الحركة الشعبية فكرة السودان الجديد في النصف الأول من الثمانينات، بتساؤلات حول أصل وبذور تكوين الحركة الشعبية ومكوناتها العرقية وأدائها السياسي والعسكري بينما أولوا قليلا من الاهتمام، إن لم يهتموا أصلا، لاختبار الحركة بشكل موضوعي أو تمحيص ما ظلت تبشر به وتدعو له من رؤية.
فالوحدة مثلاً، في ذاتها قيمة جوهرية تتكامل تماما مع، ولا تنفصل عن رؤية السودان الجديد‘ كما هي هدف كبير تطمح فيه وتتطلع إليه قطاعات عريضة من المجتمع السوداني في كل أنحاء البلاد. هذه الدعوة الأصيلة، على أي حال، لم تجد حظها من القبول الجاد كونها صادرة عن "جنوبي" بل تم ازدرائها وتحقيرها ربما لحين ظهور د.قرنق في الخرطوم ثم رحيله المفاجئ والمأساوي. ورغم أن حق تقرير المصير أصبح مطلباً للحركة الشعبية لتحرير السودان فقط في 1991 تجاوباً مع شروط موضوعية في الخرطوم والجنوب، إلا أنه غالباً ما يتم تصويره وكأنه دليل دامغ على الميول الانفصالية للحركة الشعبية وقائدها. وحقيقة، يجب أن ينظر إلي حق تقرير المصير باعتباره وسيلة أو آلية لتحقيق الوحدة الطوعية في ظل بيئة غير مؤتية وعدائية، فهو ليس من المبادئ الأساسية للسودان الجديد. و هذا ببساطة ما يفسر عدم ظهوره في أدبيات الحركة إلا بعد 9 سنوات من تأسيسها وفي لحظة تاريخية من العملية السياسية للصراع من أجل بناء السودان الجديد[1].
كما إن فصل الدين عن الدولة هو أيضا أمر جوهري في بناء دولة المواطنة وجزء لا يتجزأ من رؤية السودان الجديد. وهذا بدوره قد شابه الالتباس مع الإستراتيجية السياسية للحركة الشعبية، وبمعنى آخر تم خلط الرؤية مع العائد السياسي للمفاوضات. ربما لذلك استشعر بعض الناس أن الحركة الشعبية بقبولها لمسألة الإبقاء على، وتطبيق الشريعة في الشمال قد ارتدّت عن موقفها فيما يختص بالعلاقة بين الدين والدولة. ولكن، لابد أن ندرك أنه في سياق الظروف التي كانت تحيط بالمفاوضات كان هناك اختياران فقط على الحركة الأخذ بأحدهما. أحد الخيارات كان أن تتمسك الحركة بفصل الدين عن الدولة في جميع أنحاء السودان مما سيؤدي إلى تجميد أو انهيار المفاوضات، ولم يكن ذلك ليبدو سائغاً لقواعد الحركة في الجنوب أو مقبولا للشعب السوداني ولا للوسطاء. أسوأ من ذلك أنه كان ممكناً أن يعود بالبلاد إلى دائرة الاحتراب. الخيار الثاني يتمثل في السعي من أجل الوصول إلى حلول عملية من شأنها إنهاء الحروب دون التفريط في حقوق المواطنة لغير المسلمين، ليس في الجنوب فقط، إنما في عموم السودان. لذلك فإن ما تم إنجازه عبر التفاوض كان مجرد خطوة للأمام في العملية السياسية الطويلة والشائكة لبناء السودان الجديد.
وكما ألمحنا أعلاه، فإن نموذج الدولة الواحدة بنظامين كان رد فعل مباشر لموقف الحكومة المتشدّد حول فصل الدين عن الدولة. وقام النموذج على مقترح الترتيبات الكونفدرالية الذي طرحته الحركة منذ بداية المفاوضات، والتفكير الذي ساور البعض بأن النموذج صنيعة أمريكية أو أجنبية فيه مجافاة للحقيقة ومطاوعةً للظنون. ولذلك استهدف المقترح تأكيد الوحدة الوطنية دون الحط من قدر غير المسلمين وتحويلهم إلى مواطنين من الدرجة الثانية في وطنهم. والواقع أن مقترح الكونفدرالية كان يمثل النموذج الثاني من النماذج الخمسة المطروحة في ورقة (وسائل حلّ النزاع السوداني) التي قدمها زعيم الحركة في عام 1993 أثناء مفاوضات أبوجا. ولم يكن د. قرنق تحت تأثير أي وهم بأن النموذج الثاني (دولة واحدة بنظامين)- والذي تمخض عن اتفاقية السلام الشامل- يمثل أو يرقى إلى السودان الجديد الذي تصبوا إليه الرؤية. ولذلك أطلق على هذا النموذج (السودان الجديد في حدّه الأدنى) ويستند إلى فرضية أن الترتيبات الكونفيدرالية ستوفر مساحة لتطوير وتعزيز رابطة سودانية جامعة خلال فترة انتقالية قد تقود إلى (سودان متحّول ديمقراطيا) كما يشير (النموذج الأول) أو إلى تقسيم البلاد إلى دولتين مستقلتين ( النموذج الخامس). أما النموذج الثالث فيقوم على فرضية سودان عربي إسلامي يسيطر على الجنوب (وضعية ما قبل اتفاقية السلام الشامل) والذي يفضي بالتأكيد إلى انفصال الجنوب. و(النموذج الرابع) هو نموذج نظري بحت يقوم على افتراض سيطرة دولة علمانية افريقية محلية تؤدي إلى تكوين دولة مستقلة في الشمال. أما الطريقة المثلي للمحافظة على الوحدة فتتمثل في التحول مباشرة من النموذج الثالث (السودان القديم) إلى النموذج الأول (سودان متحّول ديمقراطيا)، وهذا لا يمكن تحقيقه إلا بهزيمة نظام السودان القديم المسيطر هزيمة حاسمة ونهائية. وعلى أي حال، إن لم يكن ذلك ممكناً واختارت الحركة المفاوضات كطريق تسوية النزاع، فإن الخيار الأفضل الثاني يتمثل في التوجه نحو السودان الجديد عن طريق النموذج الثاني (السودان الجديد في حده الأدنى، الكونفيدرالي) أو نموذج (دولة واحدة بنظامين). والواضح أن هذا الخيار يعني القبول بمخاطرة احتمال الانزلاق نحو النموذج الخامس (الانفصال) باعتباره مساوياً لتكلفة فشل القوى الداعية لسودان جديد وديمقراطي في تحقيق انتصار حاسم ونهائي على النظام. وهذا بالتأكيد ليس خياراً انفصاليا. ولكن السير إلى نهاية الطريقً حتى يتحقق السودان الجديد فليس بمسئولية الحركة الشعبية بمفردها ولوحدها، وإنما يمثل تحدياً لكل قوى التغيير الأخرى، خصوصا في شمال السودان‘ والتي يفترض أن تقوم بكل ما هو ضروري وأن تلعب الدور المطلوب لتحريك الأوضاع من النموذج الثاني إلى النموذج الأول، بدلاً من السماح لها بالانحدار نحو النموذج الخامس. وهذه كلها عملية سياسية في سياق الصراع من أجل التغيير ويجب أن لا نخلط بينها وبين رؤية السودان الجديد.
هناك اعتبار منهجي آخر تجدر ملاحظته وهو أن السودان الجديد ليس بنقيض للسودان القديم، كما أن الرؤية لا تهدف إلى هدم السودان القديم كليةً وبناء سودان جديد على أنقاضه. فبناء السودان الجديد هو بالأحرى عملية "تحويلية" قوامها إحداث تغييرات اقتصادية واجتماعية جوهرية وإعادة هيكلة سياسية تستصحب كل العناصر الإيجابية في السودان القديم مسترشدة بكل تجاربنا التاريخية والمعاصرة، ومدركة بل ومؤهلة لمجابهة التحديات الضخمة للقرن الحادي والعشرين. وستكون مهمة الحركة الشعبية وقوى التغيير الأخرى، خصوصاً في الشمال، والتي نشأت وترعرعت في السودان القديم نفسه، الأخذ من أفضل مكوناته وأكثرها إيجابية ورقيا في سياق التجارب الخاصة لكل من هذه القوى لقيادة عملية التحوّل صوب سودان جديد.
من جانب آخر، فهنالك بعض القوى التي استفادت ومازالت تستفيد من السودان القديم وهي تعي جيداً أن في السودان الجديد تهديدا لمصالحها سواء كانت تلك القوى في سدة الحكم أم كانت معارضة له. وهذه القوى ماضية في عزمها على تضليل قواعدها وبث الخوف في صفوفها بأن مفهوم السودان الجديد ما هو إلا اسم مستعار وتجميل لفكرة تكرّس دولة إفريقية مسيحية مناهضة للإسلام والعروبة وتعمل بالتنسيق مع الصهيونية على استبدال الهوية الأسلاموعربية للسودانيين (خصوصاً في الشمال). إن هذه الادّعاءات غير المؤسسة والتي تذكي جذوتها النعرة العنصرية والهوس الديني قد تم التصدّي لها بصلابة في أماكن أخرى وتجاوزها الزمن تماماً؛ وحتى في ورقة (وسائل حلّ النزاع السوداني) التي طرح فيها زعيم الحركة الشعبية نماذج الحل الخمسة في عام 1993 أثناء مفاوضات أبوجا، أكّد الراحل على أن النموذج 4 (حيث السيادة لدولة أفريقية علمانية) هو نموذج افتراضي ونظري بحت. وفى حقيقة الأمر، إذا كان النموذج الأول، سودان ما قبل اتفاقية السلام الشامل (السودان العربي-الاسلامى) تستحيل استدامته فكيف يستقيم عقلا أن يفكر صاحب هذه الرؤية الثاقبة في سودان على (النموذج 4) غير قابل للحياة، على حد سواء!
ومثال صارخ للالتباس والخلط بين رؤية السودان الجديد والحركة الشعبية، كتنظيم سياسي، مقال نشر مؤخرا في صحيفة "سودان تريبيون"[2] والذي اعتبر خطأ استخدام عبارة "السودان الجديد" لوصف المناطق الواقعة تحت سيطرة الجيش الشعبي في الجنوب، جبال النوبة والانقسنا، وكأنها تتطابق مع تعريف جغرافي لمفهوم السودان الجديد من قبل الحركة الشعبية. وبالطبع ليس هذا بصحيح ومن السذاجة بمكان أن يصدر من حركة ظلت تقاتل أكثر من عقدين من الزمان من أجل التغيير.
السودان الجديد: إطار قومي لإعادة بناء الدولة السودانية السودان القديم: ما خطبه؟
اتساقاً مع تعريف الأزمة السودانية بأنها "مشكلة السودان" وليست "مشكلة الجنوب" فحسب، فإن تصور الحل يكمن في تحوّل السودان ككل، وذلك بعد إجراء تحليل متعمق ودراسة متأنية للسودان القديم. ويتجلى المدخل لهذا الحل في تكشّف أزمة الهوية الوطنية التي أفرزتها أطر الحكم بعد الاستقلال في أغلب أنحاء القارّة الأفريقية. فأزمة الهوية هي نتاج لتطوُّر تاريخي. فقد تشكلت الدولة الأفريقية (أو السودانية) تاريخياً من عدة عناصر وتنويعات إثنية وعرقية وثقافية وسمتها بتركيبة تعدّدية. فكانت الدولة الأفريقية، ولا تزال، تتألّف من وحدات عرقية متمايزة، لدرجة أنه كان من الممكن لغالبيتها أن تزعم إبان الاستعمار بأنها قومياتٌ قائمةٌ بذاتها. وفيما درجت السلطات الاستعمارية على تطبيق سياسات تفاضلية تمايز سياسياً واقتصادياً بين المجموعات والأقاليم المختلفة، لازم تلك التعددية تفاوتاً كبيراً في صوغ معادلة السلطة وتقسيم الثروات القومية والخدمات الاجتماعية وفرص التنمية. وأفضى هذا التنوع الغزير مقروناً مع تلك التباينات الشديدة إلى زرع بذور النزاع والشقاق بين العناصر المكونة لهذا التنوع. وبدلا عن أن تنشد حلولا بعينها لمعالجة هذه التباينات عبر انتهاج نظام تمثيل عادل وتوزيع منصف للثروات، فإن غالبية حكومات ما بعد الاستقلال آثرت فقط الركون مجملاً إلى تبنّي الأنماط الدستورية التي خلّفها المستعمر. وباتّخاذها ذاك المنحى أرست تلك الحكومات مفاهيم أحادية جامدة للوحدة تمّخض عنها قمع أشكال التنوّع العديدة، منتقصةً بذلك حقوق العديد من الأفارقة، تاركةً إيّاهم بلا حول ولا قوة، يتطلعون ليس فقط للاعتراف بخصوصية هوياتهم إزاء هيمنة الأغلبية بل لتمثيل كياناتهم عبر الأطر الدستورية وأنظمة الحكم في الدول التي يعيشون في كنفها. أفضت هذه السياسات في العديد من الأقطار الأفريقية إلى النزاع المسلح والمطالبة بحق تقرير المصير بشتى الصيغ والدرجات[3].
لا يستثنى السودان من هذا الواقع، إذ أن القطر عانى طيلة سبعة عشر عاماً حرباً انفصالية اشتعل فتيلها قبل أربعة شهور فقط من الاستقلال. توقفت تلك الحرب مؤقتا نتيجة لاتفاقية سلام هشة دامت عقدا من الزمان اشتعلت بعده الحرب مجددا بسبب نقض الحكومة، من جانب واحد، للاتفاقية. ومن هنا جاءت تساؤلات الراحل قرنق حول كنه المشكلة ولماذا يعرض أي مجتمع نفسه لأجيال من المعاناة والاقتتال على امتداد البلاد؟ إن محاولات الأنظمة المتعاقبة على الحكم في الخرطوم منذ 1956 إقامة وحدة تقتصر على اثنين فقط من مكونات التنوع التاريخى والمعاصر مع إقصاء محددات التنوع الأخرى لهو أساس مشكلة السودان الذي ينبغي تعريف الأزمة السودانية على ضوئه. هكذا عمدت الدولة السودانية إلى إقصاء الغالبية العظمى لأهل السودان من المشاركة في الحكم وبالتالي تهميشها في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية مما حرض المهمشين للجوء إلى المقاومة. ولطالما كان السودان ولا يزال يرزح تحت نير الحروب، كما برهن على ذلك مؤخراً النزاع المسلح والاقتتال الدائر في دارفور وشرق السودان. ومرد ذلك ببساطة هو أن الأغلبية في السودان لم تعد مشاركة أو صاحبة حق في حكومات يفترض أنها تمثلها. ويكمن الحل لهذه المشكلة الأساسية في بناء دولة سودانية تسع الجميع بلا استثناء؛ أي دولة مواطنة حقة وإدارة حكم سياسية جديدة يتساوى فيها السودانيون في الحقوق والوجبات بغض النظر عن الدين والأصل والعرق والقبيلة والنوع. دعائم السودان الجديد
خلافا للإستراتيجية السياسية والمواقف التفاوضية للحركة الشعبية لتحرير السودان، فإن المرتكزات النظرية للسودان الجديد المفصلة في مارس 1985 ظلت ثابتة لم تتغير، وإنما استفيض في بيانها وتفصيلها، نورد حيثياتها فيما يلي.
بلورة الهوية السودانية
بلا شك أن السودان مجتمع متعدد الأعراق والثقافات. وإن إحدى مشاكل السودان القديم أنه كان، وما زال، يبحث عن ذاته ويطرح تساؤلات مضنية حول هويته الحقيقية، فنحن قطر عربي كما أننا قطر أفريقي، ولكن هل نحن هجين؟ هل نحن عرب أم أفارقة؟ فمن نحن؟ وحينما نفشل في تعريف هويتنا، بسبب أننا لا نبحث عنها داخل السودان بل نبحث عنها بالخارج، "يلوذ البعض بالعروبة وإذ يخفقون في ذلك يلجأون إلى الإسلام كعامل موّحد، بينما يصيب الإحباط البعض الآخر حال إخفاقهم في إدراك كيف يكونون عرباً بينما اقتضت مشيئة الخالق خلاف ذلك؛ فيلجأون للانفصال". أما السودان الجديد فتتساوى في الإنتماء إليه كل القوميات التي تقطنه الآن؛ وما تاريخه وتنوعه وثرواته إلاّ تراثاً مشتركاً بينها. إذن فلن يصح تعريف الهوية السودانية وفقاً لعاملين اثنين فقط (العروبة والإسلام) مع استبعاد بقية المحددات الجوهرية المتجذرة في تنوع السودان التاريخي والمعاصر. لذلك فإن عملية البناء الوطني تستوجب إمعان النظر داخل القطر واستصحاب تجارب الآخرين وصولاً لتكوين أمة سودانية متفردة. وهناك العديد من الأقطار والشعوب والأمم ممن فعل ذلك. "فقد هاجر الإنجليز إلى أمريكا وأنشئوا ثلاثة عشر مستعمرة، ولكن ظلوا كما هم ذات الإنجليز يتحدثون الإنجليزية ويدينون بالمسيحية كما اضطروا إلى محاربة إنجلترا لنيل استقلالهم. وهاهم الآن الولايات المتحدة الأمريكية، ولا يدّعون أنهم إنجليز رغم تحدّثهم بالإنجليزية. الإنجليزية هي لغة أمريكا ولكن تلك البلاد هي أمريكا وليست إنجلترا. مثال آخر جيد ساقه البرتغاليون والأسبان. والأسبانية هي لغة الأرجنتين وبوليفيا وكوبا، مع ذلك يظلون نفس الدول وليس أسبانيا. وبالمثل لا يمكن الزعم بأن العربية في السودان هي لغة العرب وإنما لغة السودان وأهل السودان"[4].
الوحدة على أسس جديدة
أن الوحدة التي تأسس عليها السودان القديم ليست حيوية وغير قابلة للبقاء أو الاستدامة. فهذه الوحدة متجذرة في الهيمنة السياسية والثقافية والاقتصادية لبعض النخب والمجموعات بينما أستبعدت مجموعات أخرى أساسية من عملية صياغة أسس المجتمع السوداني وتم عزلها عن المشاركة الفاعلة في السلطة السياسية وعن التعبير عن هوياتها القومية والثقافية وعن قسمة نصيبهم في الثروة القومية، وتم كل ذلك في إطار نموذج تنمية غير متكافئة. إن للسودان تاريخ عريق وغني منذ أيام الحضارة الكوشية التي ترجع إلى آلاف السنين قبل ميلاد المسيح، وهذا ما نعته الراحل قرنق بالتنوع التاريخي. بينما يشكل سودان اليوم محصلة ناقصة ونتاج غير مكتمل لعملية تفاعلات وتحولات تاريخية طويلة ومعقدة أنتجت هذا المزيج المتنوع عرقيا وثقافيا ودينيا ولغويا واقتصاديا وجغرافيا. وتمثل هذه التشكيلة التنوع المعاصر للسودان. اقتصر السودان القديم وحدة البلاد على محددات وعناصر انتقائية من المجموع الكلي للعناصر التي تشكل جميعها التنوع التاريخي والمعاصر للسودان، بينما تم إهمال وتجاهل مكونات حيوية ومفتاحيه أخرى.
إن الوحدة التي تأسست على هذه المكونات الجزئية وما صاحبها من تبعات سياسية واقتصادية واجتماعية ستظل دوما هشة وغير قابلة للاستمرار. فلابد للترتيبات الدستورية والمؤسسية وبرامج وسياسات السودان الجديد من أن تعكس هذين النوعين من التنوع التاريخى والمعاصر. وهذا من المتطلبات الضرورية لبناء أمة عظيمة موحدة طوعيا في تنوعها بدلا عن أمة منقسمة على نفسها بسبب التنوع. بل إن الإصرار والمثابرة على تماثل دين واحد مع الدولة، وبالتالي إقامة دولة دينية لا يقود إلا لإحداث شروخ عميقة في نسيج المجتمع السوداني مفضيا في آخر الأمر إلى تشظى البلاد وتفسخ الدولة السودانية. ومرد ذلك ليس فقط لأن كل السودانيين لا يدينون بالإسلام، بل لا يوجد إجماع حول قوانين الشريعة حتى وسط المسلمين أنفسهم. ولذلك يجب أن لا نسيء تفسير المقصود بفصل الدين عن الدولة، سواء كان ذلك عمدا أو عن جهل، ليعنى إبعاد الدين عن الحياة والمجتمع ولو بأي شكل من الأشكال. فهذا ليس بممكن لأن الدين جزء أصيل من الإنسانية. علاوة على أن كل السودانيين لهم معتقداتهم، سواء كانوا مسلمين أو مسيحيين أو يعتقدون في الديانات الأفريقية التقليدية. فكل ما تقترحه رؤية السودان الجديد هو أن الدين ينظم العلاقة بين البشر وخالقهم وهى علاقة بطبيعتها محكومة بالتشريعات الدينية في المجال الخاص. بينما الدولة مؤسسة اجتماعية وسياسية استنبطها البشر وينتمي إليها الجميع بغض النظر عن معتقداتهم الدينية المختلفة. ولهذا كان الراحل د. قرنق يتساءل في تعجب: لماذا نغرق أنفسنا في خلط المواضيع و نفرق بين شعبنا فينقسم الناس ويحصدون الشقاق نتيجة لذلك[5]!!
إعادة هيكلة السلطة
وهذا يعنى ابتداء إعادة هيكلة السلطة المركزية بصورة تضع في الاعتبار مصالح كل المناطق والقوميات المهمشة، سواء أولئك الذين حملوا السلاح أو الذين ظلوا يعارضون بصبر وفى صمت. وهذه هي الطريقة الوحيدة لإنهاء احتكار السلطة في يد فئة قليلة أيما كانت خلفياتهم وسواء جاءوا في زى الأحزاب السياسية أو أسر حاكمة أو طوائف دينية أو ضباطا في الجيش. فقد كان تمثيل الجنوبيين والمجموعات المهمشة الأخرى في الحكومات المركزية دائما رمزيا وبدون استشارة أو مشاركة فعالة في عملية تكوين هذه الحكومات، فغالبا ما تتم دعوة هذه المجموعات للانضمام إلى الحكومات "الوطنية" كطفيليين أو متفرجين وليس كشركاء متساوين وأصليين. وقد دفع هذا الإقصاء بالنخب والمتطلعين إلى السلطة في هذه المناطق للرجوع إلى، والاتكاء على قواعدهم الاثنية والإقليمية والى تكوين حركات وتنظيمات سياسية إقليمية. وهذا ما وصفه الراحل قرنق "بالصدف التي لا تحدث صدفة!" إذ دائما ما تنتهي السلطة بيد مجموعة أو مجموعات معينة من شمال السودان. وثانيا، التشديد على لامركزية السلطة وذلك بإعادة تعريف العلاقة بين المركز في الخرطوم والأقاليم ومنح سلطات أوسع لهذه الأقاليم في شكل فدرالي أو حكم ذاتي، أين ومتى ما كان ذلك ضروريا، حتى تتمكن الجماهير، وليس النخب الإقليمية، في ممارسة سلطات حقيقية من أجل التنمية الاقتصادية والاجتماعية وترويج وتطوير ثقافاتهم المختلفة.
الحكم الديموقراطى وحقوق الإنسان
وما يجب التطلع إليه والترويج له وحمايته هو سودان جديد ديموقراطى لا تكون فيه المساواة والحرية والعدالة الاقتصادية والاجتماعية مجرد شعارات بل واقعا ملموسا يعيشه الناس. فالديمقراطية في السودان الجديد ليست هي ديمقراطية الماضي الصورية والإجرائية والتي كانت بمثابة تمويه لإدامة المصالح المكتسبة لبعض المجموعات. فقد خضعت الحقوق المدنية في تلك الديمقراطية الصورية لأهواء الحكام، بينما ظلت الأغلبية في الأقاليم على هامش السلطة المركزية والتي تعاملت معها وكأنها تابع يسهل التخلص منه أو مناورته بالتحايل والنفاق السياسي. يمثل التحول الذي تنشده رؤية السودان الجديد نقلة في المنظور الاقتصادي والاجتماعي يستلزم الاعتراف بالتنوع السياسي وذلك بضمان الحرية الكاملة للتعددية السياسية. وهذا بالضرورة يستدعى تعميق حقوق الإنسان وكافة الحقوق الدستورية واحترام استقلال القضاء، بما في ذلك محكمة دستورية لا تنتهك حرمتها والالتزام بحكم القانون من قبل الحكومة والمحكومين وتأسيس خدمة مدنية ذات كفاءة واستقلال حقيقي على كل مستويات الحكم. كما تسعى رؤية السودان الجديد إلى إعادة صياغة النظام التشريعي بأسلوب يضمن تحقيق التوازن والضبط ويكفل السلطات الممنوحة للأقاليم لكي لا يتم سحبها أو إضعافها بواسطة مراكز السلطة الأخرى. فيجب أن لا تؤخذ الديمقراطية كوسيلة للصراع من أجل السلطة واستحقاقاتها فحسب، بل لابد من فهمها كنظام تنافسي لترسيخ الحكم الراشد وضمان توفير وتطوير الخدمات الاجتماعية ووصولها لأهلنا في كل أنحاء السودان بدون الخدش في كرامتهم أو الانتقاص من قيمتهم الإنسانية.
التنمية المتوازنة والمستدامة
لا يكتمل مشروع السودان الجديد بدون تطوير منظومة اقتصادية يتم من خلالها الاستخدام العقلاني والرشيد لموارد البلاد الطبيعية والبشرية الوفيرة لوقف التنمية غير-المتكافئة ولوضع حد لكل أشكال التهميش والحرمان وللتوزيع العادل لثمار النمو والتنمية. ويمثل الاقتسام الملائم والعادل للثروة بين شعوب وقوميات السودان المختلفة جزءا لا يتجزأ من منظومة التنمية المتوازنة.
خاتمة
إن الأزمة الوطنية التي أبتلى بها السودان منذ استقلاله في 1956 هي في الأساس أزمة هوية أساسها عجز السودانيين عن التصالح مع واقعهم الثقافي والاثنى والذي يجعل منهم أمة. فجاءت رؤية السودان الجديد في جوهرها كإطار قومي ورابطة اقتصادية واجتماعية وسياسية متجذرة في ومستوعبة للتنوع المتعدد الذي يتميز به السودان. فهي، إذن، إطار لإعادة تشكيل كل السودان وصوغ الديمقراطية وتحقيق المساواة والحرية والتقدم، وهذه كلها مكونات أساسية للاستقرار والديمقراطية الحقيقية. وهذا بالتحديد ما يميز السودان الجديد عن السودان القديم والذي تأسس على عنصرين فقط من مكونات التنوع التاريخى والمعاصر للسودانيين. فجوهر الرؤية هو الإدارة العادلة للتنوع واحترام هويات وثقافات كل المجموعات القومية. وبالرغم عن أن السودان هو منطلق وبؤرة اهتمام رؤية السودان الجديد إلا انه يمكن تطبيقها عالميا في الدول والمناطق الأخرى التي تمزقت أوصالها بسبب التنوع والتباين العرقي والاثنى والثقافي والديني. وبذلك، فان الرؤية ليست بعقيدة أو أيديولوجية للحركة الشعبية، ومن ثم يجب أن لا نخلط بينها وبين الهيكل التنظيمي للحركة أو استراتيجياتها وتكتيكاتها وما يصاحبها من عمليات سياسية تهدف إلى تحقيق الرؤية، ولو أن كل هذه مواضيع مشروعة للنقاش والحوار والتقييم النقدي.
توسيع دائرة الحوار
إن حالفني التوفيق في توضيح رؤية السودان الجديد من خلال هذا العرض، فإن قاعدة إتحاد الكتاب السودانيين وكل المشاركين في هذا المؤتمر العام سيوافقونني الرأي على الآتي:
· هذه الرؤية هي بمثابة مشروع قومي لبناء سودان موحّد وقابل للحياة يجنّب البلاد خطري التفكك والانشطار. فالرؤية للسودان القديم المنافسة في كلتي نسختيه، منذ الاستقلال وحتى 1989 ومن 1989 إلى 2005، قد أخفقت في صون وحدة البلاد واستدامتها؛ بينما رؤية السودان الجديد ترتكز على مفهوم المواطنة الذي لا شك عندي أن غالبية الحضور في هذا المؤتمر يساندونه.
· الحركة الشعبية لتحرير السودان هي التي تقدمت برؤية السودان الجديد. ولكن، مثلما أن السودان القديم يتعرض لتغيّرات جذرية في مسيرة انتقاله نحو السودان الجديد فإن الحركة الشعبية لتحرير السودان نفسها لابد أن ينالها التطوير وتخضع بذلك لتحولات أساسية. ورغم أن الحركة ظلت تحتفظ بمضمونها الرئيسي، إلا أنها شهدت تحولات عبر السنين، وفي غضون تلك التحولات بدت الحركة مختلفة في المراحل المختلفة للكثير من الناس وجماعات المهتمين مما يفسر اللبس- القائم عند البعض- حول طبيعة ومضمون الحركة الشعبية. إن اتفاقية السلام الشامل، والتي أفضت إلى أكثر التحولات الدستورية جذرية بعد الاستقلال، قد أدخلت الحركة الشعبية لتحرير السودان في مرحلة جديدة (جمهورية ثانية) تتسم بالعديد من حالات الانتقال وما تستدعيه من إدارة فاعلة لهذه التحولات. فبانتقالها من مربع الحرب للسلام فان الحركة الآن مواجهة بإدارة تحول دقيق ثلاثي المسارات: أي من تنظيم سياسي-عسكري إلى حركة سياسية، ومن حركة إقليمية إلى حركة قومية[6]، ومن خانة المعارضة إلى الشراكة في الحكومة. أضف إلى كل هذا الرحيل المفجع والمفاجئ لزعيمها والذي بلا شك قد زاد وضاعف من أعباء الحركة في التعامل مع هذه التحوّلات المتعددة.
· رؤية السودان الجديد ليست برنامجاً تحتكره الحركة الشعبية وحدها أو أي كيان سياسي آخر منفرد، وإنما كما قدمنا، هي إطار قومي من شأن الأحزاب والتنظيمات السياسية وضع سياساتها وبرامجها الخاصة على ضوئه.
· كان الراحل زعيم الحركة الشعبية لتحرير السودان مدركاً منذ تأسيس الحركة أنها لن تكون قادرة بمفردها على تحقيق التحوّل من السودان القديم صوب السودان الجديدً. لذلك، كان الراحل حريصاً منذ البداية على خلق صلات مع ومد يديه إلى مختلف القوى السياسية والاجتماعية في الشمال. كما كان له دورا محوريا في جمع هذه القوى في وقت مبكر في كوكا دام-إثيوبيا في مارس 1985. كما كانت الحركة الشعبية عضوا فاعلا في التجمع الوطني الديموقراطى وتبوأ قائدها رئاسة القوات المشتركة للتجمع. وهكذا، فإن الحركة الشعبية أقامت تحالفات مع جميع القوى السياسية الحديثة والتقليدية بغرض المضي قدماً بعملية البناء الوطني. ورغم أن أوضاع ما بعد اتفاقية السلام الشامل قد خلقت واقعا سياسياً جديداً إلاّ أن الحركة الشعبية عازمة على التفاعل مع القوى السياسية الأخرى بإقامة تحالفات تخدم أهداف ومرامي السودان الجديد.
إن منظمي هذا المؤتمر جديرون بالثناء لطرحهم رؤية السودان الجديد للمناظرة والنقاش في هذا المنبر المعتبر. ولكن من الأهمية بمكان أن نمضي قدما بهذا المجهود وذلك بتوسيع دوائر الحوار عن طريق الدراسات والأبحاث الجادة وبإشراك كل قوى التغيير، خصوصا في الشمال.
أولاً: من المهم تحديد المواضيع والقضايا الملحة التي طرحتها الرؤية وما تستدعيه من بيان وتفصيل. إن قائمة مختصرة بهذه القضايا تشمل ضمن أخريات: ثنائيات السودان القديم/الجديد، الحداثة/التقليد، مفهوم التهميش، قضية العرق والطبقة، التعددية الديمقراطية والثقافية، قضايا المرأة والحقوق المتساوية، الديمقراطية وحقوق الإنسان، الدستور وحكم القانون، الثقافة ووسائل الإعلام، اقتصاد السوق وتطوير القطاع الخاص.
ثانياً: يبدو أن الوقت قد حان بأن تدخل قوى التغيير والسودان الجديد في الشمال والحركة الشعبية في حوار صريح وبناء حول الانتقال نحو السودان الجديد في سياق اتفاقية السلام الشامل. في هذا السياق يبرز سؤال هام حول كيف لنا أن نوظف الوضع الجديد الذي أرست قواعده اتفاقية السلام الشامل لصالح الدفع بمشروع السودان الجديد إلى الأمام، وهو سؤال يشكل في حد ذاته مجالا خصبا للبحث والتفاعل والحوار. فان كان البعض يرى بأن الحركة الشعبية قد تراجعت عن رؤية السودان الجديد وتقزمت إلى محض حركة إقليمية جنوبية فما هو موقف قوى التغيير الأخرى في الشمال؟ إن السؤال الذي يغلب تأطيره بشكل خاطئ في الشمال حول مصير الشماليين في الحركة بعد رحيل د. قرنق يجب إعادة صياغته ليكون: ما هو مصير كل الشماليين وليس فقط المنتسبين للحركة إذا تراجعت إلى كيان سياسي جنوبي؟ هل لهذه القوى أي مشروع بديل لرؤية السودان الجديد؟ أليس من صميم مصلحة السودانيين في الشمال، خصوصا المتطلعين إلى سودان جديد موحد، مؤازرة الحركة عبر المشاركة الفاعلة في تحولها إلى حركة سياسية قومية وذلك باعتبارها الضمان الوحيد لمحاصرة الأجندة الانفصالية والاتجاهات القائمة على الانتماءات الضيقة للتيارات المنكفئة على ذاتها؟ كيف يمكن مناقشة ومعالجة كافة هذه القضايا المطروحة؟ ومن ناحية أخرى، إذا أخفقت الحركة الشعبية في تحويل نفسها إلى حركة قومية قوية، فالتنظيمات السياسية ليست بمعصومة عن الفشل، فما هي الإستراتيجية- فكريا وتنظيميا- التي أعدتها (أو ستقوم بإعدادها) قوى التغيير في الشمال لتحقيق أهداف السودان الجديد- أو لنقل أهداف التحول الديموقراطى؟ ففي سياق تطورها طرحت الحركة "مشروعا وطنياً ديمقراطياً" هو الوحيد، في رأي، القابل للتطور والتطبيق. ويحمل هذا المشروع كل ما هو ايجابي وثمين في تجربة الحركة الشعبية، كما يأخذ من قوى السودان الجديد في شمال السودان أرقى وأكثر مكونات تجاربها السابقة ايجابيةً، إضافة إلى العناصر الايجابية للسودان القديم. إذن، فالسؤال الأهم الذي يطل برأسه (سؤال المليون دولار): ما هي الاستراتيجيات بعيدة المدى لقوى التغيير في الشمال إذا صوت الجنوبيون لصالح الانفصال في الاستفتاء المقرر بنهاية الفترة الانتقالية؟ وما هي طبيعة "دولة شمال السودان" التي يطمحون لبنائها؟ أوليس ذلك احتمال يلوح في الأفق؟
-------------------------------------------------------------------------------- [1] ولنكن أكثر دقة، فقد كان للحركة موقفا مبدئيا يقضى بالتأكيد على توسيع حق تقرير المصير على أساس الفدرالية، الحكم الذاتي الخ.. ليشمل كل قوميات السودان. إعلان مبادئ الايقاد، مايو 1994 [2] James A. Agany, “The New Sudan: How New is New?”, Sudan Tribune, 21 August 2006. [3] Francis Deng, The John Garang Center: An Institution Dedicated to the Promotion of Peace and Unity, Equality and Dignity in Africa, Unpublished Memo.
[4] خطاب د. جون قرنق في الجلسة الافتتاحية للحوار التمهيدي بين الحركة الشعبية لتحرير السودان والتجمع الوطني للإنقاذ الوطني، والذي عقد بكوكا دام، إثيوبيا، 20 مارس 1986.
[5] وفى كلمات مشهورة لجون قرنق "لم أر أبدا دولة- الدولة التي أصفها بالمؤسسة الاجتماعية - مجرد كيان، تذهب للكنيسة في يوم الأحد، فالفرد هو الذي يذهب للكنيسة يوم الأحد. كذلك لم أر مطلقا دولة تذهب للجامع في يوم الجمعة، فالفرد هو الذي يفعل ذلك. لم أر أبدا دولة تذهب إلى مكة لأداء فريضة الحج، فالأفراد هم الذين يحجون. و عندما نموت و نقابل الخالق، فالفرد هو الذي يقف أمام ربه و يتم حسابه وفق ما أقترفه من أفعال في دنياه و ليس على ما فعلته الدولة".
[6] هذا لا يعنى بأي حال من الأحوال التشكيك في التوجه الوحدوي للحركة الشعبية، بل مجرد التشديد على أن الحركة بعد اتفاقية السلام لشامل قد دخلت جمهورية ثانية تتطلب من الحركة أن تقوم بواجبها ككيان قومي تنطلق من الخرطوم لتستوعب تنظيميا قواعدها العريضة في كل أنحاء السودان. |
| |
|
|
|
|
|
|
|