ضد المدعــو " نيفاشــا " وضــد تقسيم الســودان .

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-27-2024, 05:03 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الثالث للعام 2013م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
01-22-2011, 08:31 PM

عبدالله الشقليني
<aعبدالله الشقليني
تاريخ التسجيل: 03-01-2005
مجموع المشاركات: 12736

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ضد المدعــو " نيفاشــا " وضــد تقسيم الســودان . (Re: عبدالله الشقليني)
                  

01-23-2011, 04:59 PM

عبدالله الشقليني
<aعبدالله الشقليني
تاريخ التسجيل: 03-01-2005
مجموع المشاركات: 12736

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ضد المدعــو " نيفاشــا " وضــد تقسيم الســودان . (Re: عبدالله الشقليني)



    (91)



    الباب السادس: النيابة العامة والمحاماة



    النيابة العامة

    133ـ (1) تتبع لوزير العدل القومي النيابات العامة والمستشارون القانونيون للدولة وذلك لتقديم النصح وتمثيل الدولة في الإدعاء العام والتقاضي والتحكيم واتخاذ إجراءات ما قبل المحاكمة, ولهم التوصية بمراجعة القوانين والسعي لحماية الحقوق العامة والخاصة وتقديم النصح بشأن المسائل القانونية وتقديم المساعدة القانونية.

    (2) وزير العدل القومي هو المستشار القانوني الأول للحكومة القومية ويتولى سلطة الادعاء العام على المستوى القومي وبالولايات الشمالية ويؤدي أي مهام أخرى ذات طبيعة قانونية وفقاً لما ينص عليه القانون.

    (3) يؤدي المستشارون القانونيون للدولة واجباتهم بصدق وتجرد وفقاً لهذا الدستور والقانون.

    (4) يتم تحديد مهام وحصانات ومخصصات وشروط خدمة المستشارين القانونيين وفقاً للقانون.

    (5) تنسق وزارة العدل القومية ووزارة الشئون القانونية والدستورية لجنوب السودان فيما بينهما وتتعاونان وتتساعدان في الوفاء بمهامهما، وذلك لمصلحة العدالة وضماناً للفاعلية في تنفيذ واجباتهما القانونية؛ ويجوز لهما, لتحقيق هذه الغاية، إنشاء الآليات والقنوات اللازمة للتنفيذ.

    المحاماة

    134ـ (1) المحاماة مهنة خاصة ومستقلة ينظمها القانون.

    (2) تُعلى المحاماة الحقوق الأساسية للمواطنين وتحميها وترقيها. ويعمل المحامون لدفع الظلم والدفاع عن الحقوق والمصالح القانونية لموكليهم ويسعون للصلح بين الخصوم، ويجوز لهم تقديم العون القانوني للمحتاجين وفقا للقانون.
                  

01-23-2011, 05:03 PM

عبدالله الشقليني
<aعبدالله الشقليني
تاريخ التسجيل: 03-01-2005
مجموع المشاركات: 12736

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ضد المدعــو " نيفاشــا " وضــد تقسيم الســودان . (Re: عبدالله الشقليني)



    (92)

    الباب السابع: الخدمة المدنية القوميةالخدمة المدنية القومية





    135ـ (1) تشمل الخدمة المدنية القومية العاملين في مستوى الحكم القومي ويجب عليهم التزام الحيدة في أداء المهام الموكلة إليهم بموجب القانون،

    (2) يحدد القانون شروط خدمة العاملين في الخدمة المدنية القومية.



    موجهات للاستيعاب في الخدمة المدنية القومية

    136ـ تكون الخدمة المدنية القومية, في مستوياتها العُليا والوسيطة, ممثلةً للشعب السوداني؛ ولتحقيق ذلك يجب مراعاة المبادئ والموجهات التالية:

    (أ) معالجة المفارقات وعدم التكافؤ في التعيين،

    (ب) أهمية الكفاءة وضرورة التدريب،

    (ج) عدم ممارسة أي مستوي للحكم التمييز ضد أي سوداني مؤهل على أساس الدين أو العرق أو الإقليم أو النوع،

    (د) التنافس النزيه على الوظائف،

    (هـ) استخدام التمييز الايجابي والتدريب الوظيفي لتحقيق أهداف الاستيعاب المنصف خلال مدى زمني محدد،

    (و) توفير فرص تدريب إضافية للمتأثرين بالنزاع.

    المفوضية القومية للخدمة المدنية

    137ـ(1) تنشأ مفوضية قومية للخدمة المدنية وتتكون من أشخاص يتميزون بالكفاءة والخبرة والنزاهة والتجرد.

    (2) تتولى مفوضية الخدمة المدنية إسـداء النصح للحكومة القومية حول وضع وتطبيق السياسات ذات الصلة بالتوظيف في الخدمة العامة وبالعاملين.

    (3)تعالج المفوضية القومية للخدمة المدنية المفارقات في الخدمة المدنية القومية بغرض غرس الشعور بالانتماء القومي.

    المهام الانتقالية للمفوضية القومية للخدمة المدنية

    138ـ تكون للمفوضية القومية للخدمة المدنية المهام التالية:ـ

    (أ) وضع سياسات للتدريب والتعيين في الخدمة المدنية القومية تهدف إلي تخصيص نسبة من عشرين بالمائة إلي ثلاثين بالمائة من الوظائف للمؤهلين لها من مواطني جنوب السودان، على أن تُؤكد هذه النسبة وفقاً لنتيجة التعداد السكاني المشار إليه في هذا الدستور،

    (ب) التأكد من شغل ما لا يقل عن عشرين بالمائة من الوظائف في المستويات الوسيطة والعُليا في الخدمة المدنية القومية، بما فيها وظائف الوكلاء، بأشخاص مؤهلين من جنوب السودان خلال السنوات الثلاث الأولي من الفترة الانتقالية، وتصل هذه النسبة إلي خمسة وعشرين بالمائة خلال خمس سنوات على أن تتحقق النسبة الأخيرة المشار إليها في الفقرة (أ) خلال ست سنوات،

    (ج) تقويم ما نتج من تقدم في تنفيذ تلك السياسات المقرة بعد انقضاء السنوات الثلاث الأولي من بداية الفترة الانتقالية، ووضع أهداف وغايات جديدة حسبما تقتضيه الضرورة مع أخذ نتائج الإحصاء السكاني في الاعتبار.

    ديوان العدالة القومي للعاملين

    139ـ (1) ينشأ ديوان العدالة القومي للعاملين بالخدمة المدنية بقانون و يتكون من رئيس وأعضاء يتميزون بالكفاءة والخبرة والنزاهة والتجرد.

    (2) يختص الديوان بالنظـر والفصل في تظلمات العاملين بالخدمة المدنية القومية وذلك دون المساس بالحق في اللجوء للمحاكم.

    (3) يشرف رئيس الجمهورية على ديوان العدالة القومي ويعين رئيسه.



    *
                  

01-28-2011, 12:17 PM

عبدالله الشقليني
<aعبدالله الشقليني
تاريخ التسجيل: 03-01-2005
مجموع المشاركات: 12736

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ضد المدعــو " نيفاشــا " وضــد تقسيم الســودان . (Re: عبدالله الشقليني)





    الباب التاسع: القوات المسلحة، أجهزة تنفيذ القانون , والأمن الوطني


    (93)
    الفصل الأول

    القوات المسلحة القومية

    وضع القوات المسلحة

    144ـ (1) تظل القوات المسلحة السودانية والجيش الشعبي لتحرير السودان منفصلة وتكون قوات مسلحة نظامية واحترافية وغير حزبيه وتُعامل معاملة متساوية باعتبارها القوات المسلحة القومية السودانية.

    (2) تكون مهمة القوات المسلحة القومية السودانية حماية سيادة البلاد، وتأمين سلامة أراضيها، والمشاركة في تعميرها، والمساعدة في مواجهة الكوارث القومية وذلك وفقاً لهذا الدستور. يبين القانون الظروف التي يجوز فيها للسلطة المدنية الاستعانة بالقوات المسلحة في المهام غير العسكرية.

    (3) تدافع القوات المسلحة القومية السودانية والوحدات المشتركة / المدمجة عن النظام الدستوري واحترام سيادة حكم القانون والحكم المدني والديمقراطية وحقوق الإنسان الأساسية وإرادة الشعب, وتحمل مسئولية الدفاع عن البلاد في مواجهة التهديدات الخارجية والداخلية في مناطق انتشارها وتشرك في التصدي لحالات الطوارئ المحددة دستورياً.

    (4) ينظم القانون الخدمة العسكرية والمحاكم العسكرية والخدمات القانونية العسكرية للقوات المسلحة السودانية والجيش الشعبي لتحرير السودان والوحدات المشتركة / المدمجة.

    الوحدات المشتركة / المدمجة

    145ـ (1) تشكل وحدات مشتركة / مدمجة تتكون من أعداد متساوية من القوات المسلحـة السودانية والجيش الشعبي لتحرير السودان؛ وتشكل الوحدات المشتركة / المدمجة النواة لقوات السودان في مرحلة ما بعد الاستفتاء إذا ما أكدت نتيجته الوحدة؛ وإلا فيتم حلها وتلحق العناصر المكونة لها بقواتها الأصلية.

    (2) تحكم اتفاقية السلام الشامل طبيعة ومهام وحجم وإعادة انتشار الوحدات المشتركة/ المدمجة .

    القيادة والسيطرة على الوحدات المشتركة / المدمجة

    والتنسيق بين القوات المسلحة

    146ـ (1) تكون القيادة والسيطرة على الوحدات المشتركة \ المدمجة بوساطة مجلس الدفاع المشترك الذي يتم تشكيله وفقاً لما أُقر في اتفاقية السلام الشامل.

    (2) يتولى مجلس الدفاع المشترك مهمة التنسيق بين القوات السودانية المسلحة والجيش الشعبي لتحرير السودان.

    الوقف الدائم لإطلاق النار

    147ـ (1) ينفذ الوقف الدائم لإطلاق النار، المنصوص عليه في اتفاقية السلام الشامل, تنفيذاً تاماً.

    (2) يُراقب الوقف الدائم لإطلاق النار دولياً ويكون ملزماً إلزاماً كاملاً لكل السودانيين.



    الفصل الثاني

    أجهزة تنفيذ القانون

    الشرطة

    148- (1) الشرطة قوة نظامية خدمية مهمتها تنفيذ القانون وحفظ النظام، والانتماء لها مكفول لكل السودانيين بما يعكس تنوع وتعدد المجتمع السوداني, وتؤدى واجباتها بكل حيدة ونزاهة وفقاً للقانون والمعايير القومية والدولية المقبولة.

    (2) تتكون الشرطة لا مركزياً وفقاً لاتفاقية السلام الشامل وذلك حسب المستويات التالية:

    (أ) المستوى القومي, ويحدد القانون اختصاصاته ومهامه وفقاً لهذا الدستور,

    (ب) مستوى جنوب السودان, ويحدد الدستور الانتقالي لجنوب السودان والقانون اختصاصاته ومهامه,

    (ج) المستوى الولائي، وتُحدِد اختصاصاته ومهامه الدساتير الولائية والقانون.

    (3) تنسق الشرطة القومية وشرطة جنوب السودان والشرطة الولائية وتتعاون فيما بينها ويساعد بَعضها بعضاً في أداء مهامها، ولتحقيق هذه الغاية توصي لرئاسة الجمهورية, عبر سلطاتهم المختصة, بإنشاء الآليات المناسبة.

    خدمات السجون والحياة البرية

    149ـ (1) (أ) تنشأ على المستوى القومي وعلى مستوى جنوب السـودان والولايات خدمة للسجون, ويحدد القانون مهامها وشروط خدمتها،

    (ب) السجن تأديب وتهذيب ويحظر القانون المعاملة القاسية أو المهينة أو التي تتنافى مع الكرامة الإنسانية أو تعرض صحة السجناء للخطر، ويعاقب عليها القانون.

    (2) تنشأ على المستوى القومي ومستوى جنوب السودان والولايات وفقاً للمادة 11(2) من هذا الدستور، خدمة لحماية الحياة البرية، ويحدد القانون مهامها وشروط الخدمة فيها.


    الفصل الثالث

    الأمن الوطني

    مجلس الأمن الوطني

    150ـ (1) يُنشأ على المستوى القومي مجلس للأمن الوطني, ويحدد قانون الأمن الوطني تكوينه ومهامه.

    (2) يحدد مجلس الأمن الوطني استراتيجية الأمن الوطني بناءً على تحليل أي مهددات لأمن السودان .

    (3) تنشأ على مستوى حكومة جنوب السودان والولايات لجان للأمن الوطني، ويحدد قانون الأمن الوطني تكوينها ومهامها.

    جهاز الأمن الوطني

    151ـ (1) يُنشأ جهاز للأمن الوطني يختص بالأمن الخارجي والداخلي، ويحدد القانون رسالته وواجباته ومهامه وشروط خدمته.

    (2) تكون خدمة جهاز الأمن الوطني ممثلة لكل أهل السودان وبوجهٍ خاصٍ يُمثل فيها جنوب السودان تمثيلاً عادلاً.

    (3) تكون خدمة الأمن الوطني خدمةً مهنيةً وتركز في مهامها على جمع المعلومات وتحليلها وتقديم المشورة للسلطات المعنية.

    (4) تنشأ مكاتب للأمن الوطني في كل أنحاء السودان.

    (5) يكون جهاز الأمن الوطني تحت إشراف رئاسة الجمهورية



    .

    (عدل بواسطة عبدالله الشقليني on 02-12-2011, 12:37 PM)

                  

01-29-2011, 06:26 PM

عبدالله الشقليني
<aعبدالله الشقليني
تاريخ التسجيل: 03-01-2005
مجموع المشاركات: 12736

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ضد المدعــو " نيفاشــا " وضــد تقسيم الســودان . (Re: عبدالله الشقليني)

    ونواصل
                  

02-12-2011, 12:38 PM

عبدالله الشقليني
<aعبدالله الشقليني
تاريخ التسجيل: 03-01-2005
مجموع المشاركات: 12736

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ضد المدعــو " نيفاشــا " وضــد تقسيم الســودان . (Re: عبدالله الشقليني)

    ضد المدعــو " نيفاشــا " وضــد تقسيم الســودان .



                  

02-17-2011, 09:35 AM

عبدالله الشقليني
<aعبدالله الشقليني
تاريخ التسجيل: 03-01-2005
مجموع المشاركات: 12736

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ضد المدعــو " نيفاشــا " وضــد تقسيم الســودان . (Re: عبدالله الشقليني)

    ضد المدعــو " نيفاشــا " وضــد تقسيم الســودان .
                  

04-21-2011, 04:57 AM

عبدالله الشقليني
<aعبدالله الشقليني
تاريخ التسجيل: 03-01-2005
مجموع المشاركات: 12736

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ضد المدعــو " نيفاشــا " وضــد تقسيم الســودان . (Re: عبدالله الشقليني)



    (94)


    الصمتُ على ما يجري بدأ يُغير واقعنا



    وليست الأعياد إلا لنستريح بين عُمر الصحو و بُرهة الغياب . فدفاتر الوطن تخمَّر في تسنامي غضبها الفاجر ما لم تحسب له الظنون من مآل . كل الذين جلسوا إلى الموائد من أبناء الوطن لم يعرفوا وطنهم خير عرفانه . كل الذين قرروا بشأن الوطن وانكسار أحلامه الوريقة باليباس .
    من وراء الذين كتبوا " مشاكوس" " ونيفاشا" يدٌ تعرف كيف تصنع من معركة الخلاف التاريخ فسيلة مآرب يأتي زمن قطافها ولو ن بعد حين .
    يقولون في عام سبعة وأربعين وثمانمائة وألف ، بدأت قصة اللغة الإنجليزية في أحراش وقرى جنوب الوطن وقراه الكبيرة والصغيرة . على يد المُبشرين كان يسوع الرب يخطو خطواته الأولى . الخبز الجاف جسده ، والنبيذ دمه الأحمر المُراق . في بيئة " البدائي النبيل " كانت المزرعة الأولى لكيف اقتسم يسوع مع " الكُجور " ضيعة الوجدان . من إفريقيا بدأت الحياة الأولى ، وقف الإنسان على رجلين ومشى . سافر وأرتحل.
    نعرف من المسئول عما حدث ، ومن وضع الأفعى وسط كومة القش التي ينام عليها من التعب إنسان دقيق الملامح . لا تعقيد في حياته . يجرى في زحام قطيع يهوى الجماعة . أحزانها وأفراحها وغضبها والأسى .
    ليس من السهل الحفر في جينات تآلفت منذ زمان بعيد . حملت بعضها ملامح ثراء كان من الممكن أن تكون دوحة وارفة الظلال لو كان الذين اعتلوا سدة الحُكم عنوة أو بنثر سِحر الطائفة واللعب بشغاف القلوب أن الذين بينهم وبين البسطاء سولجان السلطة أكثر حكمة وأكثر رأفة بالوطن ومواطنيه ،لما عرفت الحرب طريقاً ولا الموت سبيلاً للصعود من رعايا إلى مواطنين .
    ليست الرؤيا وحدها ، بل الرؤيا مع القوة التي تأخذ بشتات الجميع إلى حِزمة واحدة ، هي الأمل .
    أنفقت الدولة التي تحكم الشمال وشبه الدولة في طفولتها التي تحكم الجنوب كل مال الدولة لمآرب لا علاقة لها بالوطن ولا بالوطنية . صارت أيقونة " الديمقراطية " عُملة زائفة يُمكن للمال أن يصنع تميمة سحر يُسكِت الذين جاءت بهم مصالحهم ليقتسموا ثروات الوطن .
    سكت إعلام الكون عن المهزلة ، سعياً للوصول إلى الجائزة وهي أن يكون الوطن سهام متفرقة يسهُل كسرها . فأول السيل قطرات مطر :
    " جئنا للتنمية " ...
    ثم يتم زرع فسيلة المصالح هنا ، وهناك . لا أحد يبالي . يلتّف العامة وراء طائفتي كرة القدم ولا أحد يعرف أي وطن غطت عليه خيمة مُبالاة لا حدود لسقفها .

    21/4/2011

    *

    (عدل بواسطة عبدالله الشقليني on 04-21-2011, 05:01 AM)

                  

05-22-2011, 03:58 PM

عبدالله الشقليني
<aعبدالله الشقليني
تاريخ التسجيل: 03-01-2005
مجموع المشاركات: 12736

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ضد المدعــو " نيفاشــا " وضــد تقسيم الســودان . (Re: عبدالله الشقليني)
                  

06-18-2011, 02:54 PM

عبدالله الشقليني
<aعبدالله الشقليني
تاريخ التسجيل: 03-01-2005
مجموع المشاركات: 12736

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ضد المدعــو " نيفاشــا " وضــد تقسيم الســودان . (Re: عبدالله الشقليني)
                  

07-06-2011, 04:48 PM

عبدالله الشقليني
<aعبدالله الشقليني
تاريخ التسجيل: 03-01-2005
مجموع المشاركات: 12736

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ضد المدعــو " نيفاشــا " وضــد تقسيم الســودان . (Re: عبدالله الشقليني)

    (95)


    Quote: عائلات دون مأوى أو في مراكز الإيواء
    العائدون إلى جنوب السودان يواجهون الواقع المرّ
    المصدر: جوبا ــ د.ب.أالتاريخ: 26 يونيو 2011

    العائدون من الخرطوم ومدن حديثة لن يقبلوا بمكان لا توجد به مدرسة لأطفالهم ولا خدمات. غيتي

    على ضفتي نهر النيل رست سفن الشحن المحملة بالغذاء وجميع أنواع البضائع القادمة من شمال السودان إلى جوبا عاصمة جنوب السودان، التي ستصبح دولة مستقلة بشكل رسمي بعد أيام قليلة.

    وعلى إحدى ضفتي النيل، جلست إليزابيث ماديت (27 عاما) وعائلتها، لتستظل بالأشجار القائمة على جانب النهر، وتتخذ منها ملاذا في آخر محطة لها برحلتها صوب الجنوب.

    لقد حل موسم الأمطار في جوبا ولم يعد الوقت مناسبا لأناس لا يملكون مأوى يقيهم أمطار السماء، لم تكن ماديت تتخيل أن تكون عودتها هكذا إلى الجنوب الذي فرت منه طفلة مع والديها، لقد كان الجنوب دوما رمزا للأمل عند الكثير من أهله المغتربين في الخرطوم.

    ويتوقع أن يعود ما يصل إلى 120 ألف شخص لهذه الدولة الجديدة بنهاية العام الجاري. الكثير منهم يعلقون آمالا كبيرة على البلد الذي أجبروا على الفرار منه خلال الحرب الأهلية الدامية.

    أما نونا كليمنتاين (24 عاما)، وهي واحدة ممن أعيد توطينهم من الشمال إلى الجنوب، فقد نقشت رسوما بالحناء على ذراعيها قبل أسابيع عدة، عند مغادرتها الخرطوم، لقد تلاشت أنماط الحياة المرفهة تلك في الوقت الحالي.

    تقول كليمنتاين: «أعتقد أن الأمر سيكون مختلفا، لقد عدنا ويحدونا أمل في الاستقرار وفي حياة أفضل في السودان، لكن بدلا من ذلك هانحن نجلس هنا وسط الأوحال».

    وعلى الرغم من أن مانحي المساعدات في الأمم المتحدة قدموا الخيام للعائدين، لكن المطلوب أكثر من المعروض. على الطرف الآخر من المدينة حيث يوجد مركز الإيواء الوضع أفضل، إذ تتم عملية تسجيل الوافدين الجدد.

    المكان لا يخلو من الناس إلا بعد نقل اللاجئين إلى أماكن إقامتهم، ولايزال الناس يتوافدون من الشمال، فبحلول التاسع من يوليو المقبل سيتم التعامل معهم على أنهم أجانب. لقد التحفوا بكل آمالهم في بداية جديدة في بلدهم القديم، هي آمال يكادون يعرفونها.

    أحد هؤلاء روبرت انينكي، الذي ظل مسافرا لأشهر عدة، يقول «غادرنا يوم الثالث من ديسمبر الماضي، كنا نريد أن نصل إلى الجنوب في الوقت المحدد للتصويت على استفتاء الانفصال».

    وعندما أجري الاستفتاء التاريخي في يناير الماضي، كانت قافلة الحافلات التي تقل انينكي وثمانية من أقربائه لاتزال عالقة في الشمال.

    يضيف انينكي «كانت هناك تأخيرات مستمرة، السيارات تتعطل كانت تتقطع بنا السبل عند حواجز الطرق ولم يكن معنا المال لدفع ثمن بقية الرحلة، لم يتمكن الجميع من الوصول فكبار السن والأطفال ماتوا في الطريق ولم يكن أمامنا خيار سوى أن ندفنهم على جانب الطريق».

    على الرغم من أن المهجرين عادوا إلى جوبا، إلا أن هذا لا يعني أنها نهاية الطريق بالنسبة لهم، فالسلطات في الجنوب تريد أن تسكن كل الأشخاص القادمين من الشمال في قراهم القديمة، لكن خلال الحرب الأهلية التي انتهت عام ،2006 فر سكان الولايات المضطربة على الحدود بين الشمال والجنوب، والتي ابتليت حاليا بتجدد القتال، إلى الشمال، ويثور الشك في مدي امكانية عودتهم بأمان فى الوقت الحالي.

    ويقول بوكاي دينغ، الذي يعمل لمصلحة منظمة إغاثة «جوعى العالم» الألمانية العاملة في جوبا إن الكثير من المهجرين العائدين لا يأملون أن يعيشوا في القرى النائية التي تعاني ضعف أو انعدام البنية التحتية.

    ويضيف «هم سكان مدن عاشوا في الخرطوم ومدن حديثة أخرى في الشمال، لن يقبلوا بمكان لا توجد به مدرسة لأطفالهم ولا مياه صالحة للشرب أو رعاية صحية».

    لكن الذين رفضوا الانتقال إلى المكان الذي عرض عليهم تركوا لتصريف أمورهم بأنفسهم.

    حاليا، العديد من العائلات العائدة إما دون مأوى أو تعيش في أماكن إيواء مؤقتة.




    *http://www.emaratalyoum.com/politics/reports-...11-06-26-1.405824[/B]
                  

07-06-2011, 05:12 PM

Tarig Sidahmed
<aTarig Sidahmed
تاريخ التسجيل: 08-22-2004
مجموع المشاركات: 587

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ضد المدعــو " نيفاشــا " وضــد تقسيم الســودان . (Re: عبدالله الشقليني)

    كتبت وقلت في اكثر من محفل وفي هذا المنبر وكل المنابر التي تطالها يدي
    لا اتفق ولا اوافق ولا اقف مع سلام لا يأتي من خلال منبر ديمقرطي
    شريكي الحكم يمثلون اقلية ويقررون باسم الشعب
    الانفاصل قاب قوسين وادنى والقوى السياسية في خمول وخنوع
    ونوم عميق لا يحرك فيها انهيار البلد المحتوم شي

    اسفي عليك اسفي عليك
    كيف سيكون رسمك واسمك
    السودان للذي يعرفه
                  

07-07-2011, 05:19 PM

عبدالله الشقليني
<aعبدالله الشقليني
تاريخ التسجيل: 03-01-2005
مجموع المشاركات: 12736

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ضد المدعــو " نيفاشــا " وضــد تقسيم الســودان . (Re: Tarig Sidahmed)



    (96)

    سعادة السفير الدكتور على حمد إبراهيم يتحدث من قلب مفطور :
    Quote:

    السابع من يوليو : يوم خيبتنا الكبرى ! د.على حمد ابراهيم
    03/07/2011 11:28:00

    كان سامر الحى حتى وقت قريب ، كان يغنى فرحا جزلا لوثباتنا الكبرى فى يناير واكتوبر وابريل ، تلك الشهور التى ارتبطت بانجازات وطنية عظيمة حققها شعبنا . ففى يناير 1956 انتزع شعبنا استقلاله من فكى الاسد ، و نعنى بذلك دولتى الحكم الثنائى ، بريطانيا ومصر . وفى اكتوبر 1964 وابريل 1985 انتزع شعبنا حرياته السياسية من نظامين دكتاتوريين باطشين هما نظام الفريق عبود والفريق نميرى على التوالى . كانت تلك امجاد خلدها شعراء السودان وكتابه ومؤرخوه . احد اعظم الشعراء الذين صدحوا بتلك الامجاد كان شاعر السودان الملهم محمد المكى ابراهيم ، الشاعر السفير الفذ ، والقانونى الضليع . غنى لاكتوبر الاخضر ، فاسكر الطير فى اغصانها :
    باسمك الاخضر يا اكتوبر الارض تغنى
    الحقول اشتعلت قمحا ووعدا وتمنى
    والكنوز انفتحت فى باطن الارض تنادى
    باسمك الشعب انتصر
    حائط السجن انكسر
    والقيود انسدلت جدلة عرس فى الايادى
    كان اكتوبر فى وقفتنا الاولى مع المك النمر ،
    كان اسياف العشر ،
    ومع الماظ البطل ،
    وبجنب القرشى حين دعاه القرشى
    حتى انتصر .
    لقد انجذب السودانيون بحب وطنهم الناهض الذى كان من اوائل الدول التى حققت استقلالها بدون الدخول فى حرب مع مستعمريها لأن قادته فى ذلك الزمن قد نجحوا فى ادارة معركة سياسية قوية ضد مستعمريهم فى المحافل الدولية لم يلبثوا ان جنوا ثمارها استقلالا كاملا غير منقوص فى وقت كانت فيه معظم شعوب المنطقة ترزح تحت استعمار ثقيل ، عربية كانت هذه الشعوب ، او افريقية او اسيوية . وقد ولد ذلك النجاح الباكر لدى الانسان السودانى ، ولد قدرا كبيرا من الزهو والفخار الوطنى جعله يباهى الدنيا من حوله ويخبرها بأنه سودانى . هذا هو شاعر الامة السودانية محمد المكى ابراهيم ، يفاخر الدنيا بجيله و بوطنه و بالمجد الذى ارساه وطنه فى الديار ، حتى صار سلفا ومثلا :
    من غيرنا يعطى لهذا الشعب
    معنى ان يعيش وينتصر
    من غيرنا ليقرر التاريخ والقيم الجديدة والسير
    من غيرنا لصياغة الدنيا وتركيب الحياة القادمة
    جيل العطاء المستجيش ضراوة ومصادمة
    المستميت على المبادئ مؤمنا
    جيلى انا
    جيل العطاء لك البطولات الكبيرة
    والجراح الصادحة
    ولكن لوحة شاعرنا الدبلوماسى المفوه محمد المكى ابراهيم هذه ، و التى كانت زاهية حتى الامس القريبب ، اعتاشها التغبيش فى هذه الايام . فلم تعد اللوحة هى اللوحة ، ولم يعد النشيد هو النشيد ، ولا الفخار هو الفخار ، منذ ان نزلت بساحات السودان النازلات الكبرى التى لم تترك شيئا اتت عليه حتى جعلته رميما ، او كالرميم . ففى ذلك الصبح الغشيم ، صبح الجمعة بالتحديد ، كان شعبنا على موعد مع حدث جلل ، عندما دخل عليه الريح الاصفر من النافذة ، ومع الريح الاصفر دخل الحفاة العراة من أى ابداع ، واعلنوها حروبا مستحيلة على كل شئ ، حتى على القاب لاعبى كرة القدم بحجة الرجوع الى الاصالة ! لقد ارادوا اعادة صياغة الانسان السودانى بنقله من المجسم الذى وجدوه عليه الى مجسم جديد تخيلوه فى اذهانهم العاطلة من أى ابداع . مثلما غيروا دورة ذراعة القطن الى دورة لزراعة القمح فى مناخ غير موات لزراعة القمح . وكانت النتيجة هى موت دنيا الزراعة فى السودان بكاملها ، تلك الدنيا التى كان العالم يرشحها لأن تكون سلة غذا العالمين العربى والافريقى . فانتهى امر السودان المنكوب بجهل حكامه وهوسهم ، انتهى الى حال المنبت الذى لا ارضا قطع و لا ظهرا ابقى. بل وجد السودان نفسه وهو يقبض السراب البلقع الذى حسبه حكامه المهووسون ماءا حتى اذا اتوه لم يجدوه شيئا . ودعاء المظلومين الذى لا يفتر هو ان يجدوا الله عنده غدا فيحاسبهم حسابا عسيرا على ما ذرعوا فى حياة الناس من جوع وفقر ومرض وهزال يعلمه الله ويراه ويجازى عليه . محن كثيرة تعاقبت وتواترت على انسان السودان منذ ان دخل عليه الريح الاصفر من النافذة فى ذلك الصبح الغشم ، صبح الجمعة بالتحديد. لعل اعظمها كان اعلان الجهاد الدينى ضد ابناء الوطن الواحد . حتى اذا اسفر الصبح لم يجد السودانيون وطنهم الذى كانوا يعرفونه وكانوا مستعدين للموت فى سبيله باعتباره وطنا للجميع يجاهدون من دونه جهادا حقا وهم راضون. على نقيض من ذلك وجد رئيس ما كان يعرف بجمهورية السودان وجد نفسه مدعوا لكى يشهد عملية ذبح ذلك الوطن التليد الذى كان ممتدا مثل سجادة التاريخ ، و لكى يتسلم علم السودان القديم بعد ان اصبح السودان القديم نسيا منسيا. ويبدو ان التاريخ اعاد ونفسه وكرر لنا مشهدا كا محل فخارنا ، وذلك حين سلم السيد اسماعيل الازهرى علم دولتى الحكم الثنائى لسفيرى مصر وبريطانيا بعد ان تم انزالهما من جوف سماء السودان ليغنى سامر الحى السودانى :
    يلا يا دخيل بلدك
    اما فى حالتنا الراهنة ، فقد تسلم رئيسنا علمنا ملفوفا بالحزن والعار . عار التفريط فى وطن حدادى مدادى ، بلغة اهله الدارجة المحببة والاثيرة لديهم .
    كان محزنا لجميع افراد الشعب السودانى . وكان باعثا على التأسى . ماعدا حكام السودان الذين اجترجوا جرح الانفصال الاليم . فهم من خجلتهم الكبرى يصورون الامر هذه الايام وكأنه نزهة ربيعية كان يمشيها الشعبان ثم قررا الافتراق بعد ان جهدهما السير الطويل والطريق الشاق .وكأن شيئا لم يحدث . بل ان رئيسه المغلوب على امره يفاخر الدنيا بأنه سيكون اول المهنئين . وأن سفارته ستكون السفارة الاولى والاكبر. وكم كنت اتمنى أن يضيف من عنده القول المأثور " مكره أخاك لا بطلا "
    . أخ . . . يا بلد القمارى !

    *
                  

07-09-2011, 10:20 AM

عبدالله الشقليني
<aعبدالله الشقليني
تاريخ التسجيل: 03-01-2005
مجموع المشاركات: 12736

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ضد المدعــو " نيفاشــا " وضــد تقسيم الســودان . (Re: عبدالله الشقليني)

    9 يوليو : حزن على خيانة وطن في الهواء الطلق!!!
                  

07-10-2011, 09:04 PM

عبدالله الشقليني
<aعبدالله الشقليني
تاريخ التسجيل: 03-01-2005
مجموع المشاركات: 12736

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ضد المدعــو " نيفاشــا " وضــد تقسيم الســودان . (Re: عبدالله الشقليني)

    ضد نيفاشا وضد تقسيم السودان
                  

10-07-2011, 01:41 PM

عبدالله الشقليني
<aعبدالله الشقليني
تاريخ التسجيل: 03-01-2005
مجموع المشاركات: 12736

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ضد المدعــو " نيفاشــا " وضــد تقسيم الســودان . (Re: عبدالله الشقليني)




    (97)



    الباب العاشر: العاصمة القومية

    العاصمة القومية

    152ـ تكون الخرطوم العاصمة القومية لجمهورية السودان, وتكون رمزاً للوحدة الوطنية وتعكس التنوع في البلاد.

    إدارة العاصمة القومية

    153ـ (1) يُرَاعى التمثيل في إدارة العاصمـة القومية، ويُمَثِّل فيها طرفا اتفاقية السلام الشامل تمثيلاً كافياً.

    (2) يُحَدَد التمثيل الكافي بوساطة رئاسة الجمهورية بالتشاور مع والي الخرطوم.

    احترام حقوق الإنسان في العاصمة القومية

    154ـ تُكفل حقوق الإنسان والحريات الأساسية التي حددها هذا الدستور بما في ذلك احترام كل الأديان والعقائد والأعراف، وتكون واجبة النفاذ في العاصمة القومية التي تكتسب أهمية خاصة باعتبارها رمزاً للوحدة الوطنية.

    أجهزة تنفيذ القانون في العاصمة القومية

    155ـ تُشَكل أجهزة تنفيذ القانون في العاصمة القومية على أساس تمثيلي لكل سكان السودان وتكون مدربة تدريباً كافياً بحيث تستشعر التنوع الثقافي والديني والاجتماعي في السودان .

    تصريف العدالة في العاصمة القومية

    156- دون المساس بصلاحية أي مؤسسة قومية في إصدار القوانين، يسترشد القضاة وأجهزة تنفيذ القانون عند تطبيق العدالة وتنفيذ أحكام القوانين السارية في العاصمة القومية بالآتي:ـ

    (أ) يكون التسامح أساساً للتعايش بين السودانيين على اختلاف ثقافاتهم وأديانهم وأعرافهم،

    (ب) يعتبر السلوك الناشئ عن الممارسات الثقافية والأعراف، الذي لا يسبب إخلالاً بالنظام العام واحتقاراً لأعراف الآخرين ولا تكون فيه مخالفة للقانون، ممارسة للحريات الشخصية في نظر القانون،

    (ج) لا يجوز انتهاك خصوصية الأشخاص ولا تقبل أمام المحاكم البينة المتحصل عليها بانتهاك هذه الخصوصية،

    (د) تراعي المحاكم عند ممارسة سلطاتها التقديرية في توقيع العقوبات على غير المسلمين، المبدأ الراسخ في الشريعة الإسلامية أن غير المسلمين من السكان لا يخضعون للعقوبات الحدية المفروضة وتُطبق عليهم عقوبات تعزيرية وفقاً للقانون،

    (هـ) الرأفة وتفسير الشك لصالح المتهم مبدآن قانونيان مطبقان على نطاق العالم ومطلوبان في ظروف السودان.

    المفوضية الخاصة لحقوق غير المسلمين

    157ـ (1) تنشئ رئاسـة الجمهورية مفوضية خاصـة لحقوق غير المسلمين بالعاصمة القومية وتختص بالآتي:

    (أ) التأكد من أن حقوق غير المسلمين محمية طبقاً للمبادئ العامة المنصوص عليها في المادتين 154 و 156 من هذا الدستور،

    (ب) التأكد من أن غير المسلمين لا يتضررون من جراء تطبيق الشريعة الإسلامية بالعاصمة القومية،

    (2) ترفع المفوضية الخاصة ملاحظاتها وتوصياتها لرئاسة الجمهورية.

    آليات الضمانات

    158ـ تنشأ آليات لضمان إعمال أحكام المادة 156 من هذا الدستور، وتشمل:ـ

    (أ) منشورات قضائية لإرشاد المحاكم إلى كيفية مراعاة المبادئ المذكورة أعلاه،

    (ب) إنشاء محاكم متخصصة لإجراء المحاكمات وفقاً للمبادئ المذكورة أعلاه،

    (ج) إنشاء نيابات متخصصة تتولى التحريات وإجراءات ما قبل المحاكمة وفقاً للمبادئ المذكورة أعلاه.
                  

10-08-2011, 07:14 PM

عبدالله الشقليني
<aعبدالله الشقليني
تاريخ التسجيل: 03-01-2005
مجموع المشاركات: 12736

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ضد المدعــو " نيفاشــا " وضــد تقسيم الســودان . (Re: عبدالله الشقليني)



    (98)

    الباب الحادي عشر: حكومة جنوب السودان

    الفصل الأول:

    إنشاء حكومة جنوب السودان

    أجهزة حكومة جنوب السودان

    159ـ تنشأ حكومة في جنوب السودان بحدوده في الأول من يناير 1956 تعرف بحكومة جنوب السودان وتتكون من أجهزة تشريعية وتنفيذية وقضائية.

    الدستور الانتقالي لجنوب السودان

    160ـ (1) تعمل حكومة جنوب السودان وفق أحكام الدستور الانتقالي لجنوب السودان الذي يتعين أن تعده لجنة صياغة يُراعى فيها التمثيل الواسع، ويجيزه المجلس المؤقت لجنوب السودان بأغلبية ثلثي جميع أعضائه، ويكون متسقاً مع هذا الدستور.

    (2) يجوز للمجلس التشريعي لجنوب السودان تعديل الدستور الانتقالي لجنوب السودان بأغلبية أصوات ثلثي جميع أعضائه.

    اختصاصات حكومة جنوب السودان

    161ـ تكون اختصاصات حكومة جنوب السودان وفقاً للجدولين (ب) و (د) مقروءين مع الجدولين (هـ) و (و) من هذا الدستور والدستور الانتقالي لجنوب السودان واتفاقية السلام الشامل.

    المسئوليات الأساسية لحكومة جنوب السودان

    162ـ تكون مسئوليات حكومة جنوب السودان الأساسية هي ترقية الحكم الراشد والتنمية والعدالة وممارسة السلطة فيما يتعلق بجنوب السودان وولاياته، وتشكيل حلقة وصل بين الحكومة القومية وولايات جنوب السودان، وحماية حقوق أهل جنوب السودان وتأمين مصالحهم.



    الفصل الثاني

    الجهاز التنفيذي لجنوب السودان

    رئيس حكومة جنوب السودان

    163ـ (1) ينتخب رئيس حكومة جنوب السـودان مباشرة من قبل مواطني جنوب السـودان وفقاً للدستور الانتقالي لجنوب السودان، وتُجري الانتخابات وفقاً للأحكام المقررة من قبل المفوضية القومية للانتخابات .

    (2) يكون أجل ولاية رئيس حكومة جنوب السودان خمس سنوات تبدأ من تاريخ توليه مهام منصبه، ويجوز إعادة انتخاب ذات الرئيس لولاية ثانية فحسب .

    (3) في حالة خلو منصب رئيس حكومة جنوب السودان، ولحين اختيار رئيس آخر عن طريق انتخابات تُجرى خلال ستين يوماً، وأدائه اليمين، يتولى نائب رئيس حكومة جنوب السودان مهام رئيس حكومة جنوب السودان لحين شغل المنصب.

    نائب رئيس حكومة جنوب السودان

    164ـ يُعين نائب رئيس حكومة جنوب السودان وفقاً للدستور الانتقالي لجنوب السودان.

    مجلس وزراء جنوب السودان

    165ـ (1) ينشأ مجلس وزراء لجنوب السودان يعينه رئيس حكومة جنوب السودان بالتشاور مع نائبه ويوافق عليه المجلس التشريعي لجنوب السودان مع وضع الاعتبار الكافي للحاجة إلى توسيع المشاركة القائمة على احترام التنوع الإثني والديني ودور المرأة .

    (2) يكون رئيس ونائب رئيس حكومة جنوب السودان أعضاء في مجلس وزراء جنوب السودان .
    مساءلة مجلس وزراء جنوب السودان

    166ـ يكون مجلس وزراء جنوب السودان مسئولاً أمام رئيس حكومة جنوب السودان والمجلس التشريعي لجنوب السودان عن أداء مهامه وتجوز إقالته باقتراح يؤيده ثلثا جميع أعضاء المجلس التشريعي لجنوب السودان.

    الالتزامات الخاصة لحكومة جنوب السودان

    167ـ تؤدي حكومة جنوب السودان واجباتها وتمارس اختصاصاتها وفق نصوص هذا الدستور والدستور الانتقالي لجنوب السودان واتفاقية السلام الشامل وأي اتفاقية أخرى تتعلق بإعادة التعمير والتنمية في جنوب السودان .

    المؤسسات والمفوضيات المستقلة بجنوب السودان

    168ـ (1) تنشئ حكومة جنوب السودان مؤسسـات مستقلة وفقاً لاتفاقية السلام الشامل وهذا الدستور والدستور الانتقالي لجنوب السودان، وتكون لها صلاحية إنشاء مفوضيات ومؤسسات أخرى وفقاً لسلطاتها وحسبما تراه ضرورياً لتحقيق رفاهية مواطنيها وإقامة العدل والحكم الراشد.

    (2) دون إخلال بعموم النص الوارد في البند (1) أعلاه, تُنشأ على مستوى جنوب السودان لجنة للخدمة المدنية لجنوب السودان وديوان للمظالم والتعويضات وديوان العدالة للعاملين، وينظم القانون مهام هذه المؤسسات وشروط الخدمة فيها.



    الفصل الثالث

    الجهاز التشريعي لجنوب السودان

    إنشاء المجلس التشريعي لجنوب السودان

    169ـ (1) ينشأ المجلس التشريعي لجنوب السـودان وفقاً للدستور الانتقالي لجنوب السودان.

    (2) يُشكل قبل الانتخابات، وفقاً للمادة 176 (4) من هذا الدستور, مجلس تشريعي مؤقت لجنوب السودان لإجازة الدستور الانتقالي، ويتحول بعد الفراغ من مهمته ليكون المجلس التشريعي لجنوب السودان.

    تخويل الاختصاصات إلى حكومة جنوب السودان

    170ـ يخول المجلس التشريعي الانتقالي لجنوب السودان عند وضع الدستور الإنتقالى لجنوب السودان الاختصاصات المنصوص عليها في الجدولين (ب) و (د) مقروءين مع الجدولين (هـ) و (و) إلى حكومة جنوب السودان.

    اختصاصات المجلس التشريعي لجنوب السودان

    171ـ (1) تسند السلطـة التشريعية في جنوب السودان للمجلس التشريعي لجنوب السودان، وذلك باستثناء التشريعات القومية السارية حول المسائل التي تقع حصراًَ تحت سلطة الحكومة القومية، وفق ما هو مبين في الجدول (أ).

    (2) يحدد المجلس التشريعي لجنوب السودان قواعد إجراءاته وينتخب رئيسه ونائبه وشاغلي المناصب الأخرى وفقاً لما ينص عليه الدستور الانتقالي لجنوب السودان.



    الفصل الرابع

    الجهاز القضائي لجنوب السودان

    هيكل السلطة القضائية لجنوب السودان

    172ـ (1) يُسند الاختصاص القضائي في جنوب السودان لمؤسسـة مستقلة تسمى "السلطة القضائية لجنوب السودان".

    (2) يكون القضاء في جنوب السودان مستقلاً عن السلطتين التنفيذية والتشريعية .

    (3) تتكون السلطة القضائية في جنوب السودان على الوجه التالي:ـ

    (أ) المحكمة العليا لجنوب السودان،

    (ب) محاكم الاستئناف،

    (ج) أي محاكم أخرى أو مجالس قضائية تدعو إليها الضرورة وتنشأ وفق الدستور الانتقالي لجنوب السودان والقانون.

    المحكمة العُليا لجنوب السودان

    173ـ (1) يضمن في الدستور الانتقالي لجنوب السودان نصُ بإنشاء المحكمة العليا لجنوب السودان كأعلى محكمة في جنوب السودان.

    (2) ترفع للمحكمة العليا لجنوب السودان الإستئنافات ضد الأحكام الصادرة من محاكم جنوب السودان والمحاكم الولائية أو أي محاكم أخرى في جنوب السودان بشأن المسائل الواقعة تحت القوانين القومية أو المتعلقة بها أو بشأن قوانين جنوب السودان أو قوانين الولايات، وذلك وفقاً لما يقرره الدستور الانتقالي لجنوب السودان والقانون.

    صلاحيات المحكمة العليا لجنوب السودان

    174ـ تكون للمحكمة العليا لجنوب السودان الصلاحيات الآتية :ـ

    (أ) الفصل بصفة نهائية في أي دعوى مدنية أو جنائية بموجب قانون جنوب السودان أو قانون أي من الولايات الجنوبية، ويشمل ذلك التشريع والعرف، على أن تخضع أي أحكام صادرة منها بموجب القوانين القومية للمراجعة والفصل من قبل المحكمة القومية العليا،

    (ب) الفصل بصفة ابتدائية في أي نزاعٍ ينشأ عن الدستور الانتقالي لجنوب السودان ودساتير ولايات جنوب السودان، وذلك بناءً على طلب من الأفراد أو الشخصيات الاعتبارية أو الحكومة،

    (ج) الفصل في دستورية القوانين وإلغاء أو إعلان بطلان القوانين أو مواد القوانين التي تتعارض مع الدستور الانتقالي لجنوب السودان أو دساتير ولايات جنوب السودان،

    (د) إعادة النظر ونقض الأحكام الجنائية والمدنية التي تنشأ عن قوانين جنوب السودان أو بموجبها،

    (هـ) الاختصاص الجنائي في مواجهة رئيس حكومة جنوب السودان ونائبه ورئيس المجلس التشريعي لجنوب السودان،

    (و) مراجعة أحكام الإعدام التي تصدرها المحاكم بجنوب السودان بموجب قوانين جنوب السودان،

    (ز) أي صلاحيات أخري يحددها الدستور الإنتقالى لجنوب السودان أو اتفاقية السلام الشامل أو القانون.

    قضاة محاكم جنوب السودان

    175ـ (1) قضاة محاكم جنوب السودان مستقلون ويؤدون مهامهم دون تدخل ويقيمون العدل ويطبقون القانون دون خشية أو محاباة، ويحمي استقلالهم الدستور الانتقالي لجنوب السودان والقانون.

    (2) يضع المجلس التشريعي لجنوب السودان أحكاماً للتعيين وشروطاً للخدمة والإعفاء بالنسبة للقضاة المعينين بجنوب السودان.



    الفصل الخامس

    أحكام انتقالية لجنوب السودان

    176ـ يعمل بالتدابير التالية قبل إجراء الانتخابات:ـ

    (1) يكون رئيس الحركة الشعبية لتحرير السودان، أو من يخلفه، رئيساً لحكومة جنوب السودان وقائداً عاماً للجيش الشعبي لتحرير السودان.

    (2) على الرغم من أحكام المادة 163(3)، إذا خلا منصب رئيس حكومة جنوب السودان يُشغل المنصب بمرشح الحركة الشعبية لتحرير السودان خلال أسبوعين.

    (3) يكون التمثيل في حكومة جنوب السودان على النحو التالي :ـ

    (أ) تُمثل الحركة الشعبية لتحرير السودان بنسبة سبعين بالمائة،

    (ب) يُمثل حزب المؤتمر الوطني بنسبة خمسة عشر بالمائة،

    (ج) تُمثل القوي السياسة الجنوبية الأخرى بنسبة خمسة عشر بالمائة.

    (4) يكون المجلس التشريعي الانتقالي لجنوب السودان مجلساً تشريعياً تأسيسياً وجامعاً، ويتكون من مائة وسبعين عضواً يعينهم رئيس حكومة جنوب السودان بعد التشاور العام مع القوى السياسية المعنية على النحو التالي:ـ

    (أ) تُمثل الحركة الشعبية لتحرير السودان بنسبة سبعين بالمائة،

    (ب) يُمثل حزب المؤتمر الوطني بنسبة خمسة عشر بالمائة،

    (ج) تُمثل القوي السياسية الجنوبية الأخرى بنسبة خمسة عشر بالمائة .
                  

10-16-2011, 05:42 PM

عبدالله الشقليني
<aعبدالله الشقليني
تاريخ التسجيل: 03-01-2005
مجموع المشاركات: 12736

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ضد المدعــو " نيفاشــا " وضــد تقسيم الســودان . (Re: عبدالله الشقليني)

    ونواصل
                  

10-16-2011, 06:04 PM

تبارك شيخ الدين جبريل
<aتبارك شيخ الدين جبريل
تاريخ التسجيل: 12-04-2006
مجموع المشاركات: 13936

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ضد المدعــو " نيفاشــا " وضــد تقسيم الســودان . (Re: عبدالله الشقليني)

    مافي شي "مع تقسيم السودان" أكتر من شعار "ضد نيفاشا" ...

    لقد كانت "نيفاشا" آخر فرصة للعلمانية في سودان موحّد ...

    وأضعنا هذه الوحدة وجعلناها غير جاذبة بهذا الموقف المتصلّب "ضد نيفاشا" ...

    ضاعت الوحدة ... ولن نكرر الخطأ بإضاعة العلمانية ....




    مع نيفاشا .... ومع اتفاق أديس ابابا الإطاري ... ضد الوهم .... وانشالله المرّة دي المداخلة ما تنشطب ...





    ... المهم ....
                  

10-16-2011, 06:26 PM

عبدالله الشقليني
<aعبدالله الشقليني
تاريخ التسجيل: 03-01-2005
مجموع المشاركات: 12736

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ضد المدعــو " نيفاشــا " وضــد تقسيم الســودان . (Re: تبارك شيخ الدين جبريل)

    Quote: مافي شي "مع تقسيم السودان" أكتر من شعار "ضد نيفاشا" ...

    لقد كانت "نيفاشا" آخر فرصة للعلمانية في سودان موحّد ...

    وأضعنا هذه الوحدة وجعلناها غير جاذبة بهذا الموقف المتصلّب "ضد نيفاشا" ...

    ضاعت الوحدة ... ولن نكرر الخطأ بإضاعة العلمانية ....

    مع نيفاشا .... ومع اتفاق أديس ابابا الإطاري ... ضد الوهم .... وانشالله المرّة دي المداخلة ما تنشطب ...

    الشكر الجزيل لتبارك شيخ الدين ،
    وأملي أن يتم الإطلاع على الملف الدراسي لنيفاشا من أول الملف ، وقد أوردنا معظم الثقوب التي
    أسست للحكم الديني في الشمال ، وتركت للجنوب الباب موارباً للخروج بدولة وليدة بيد من بيتوا النية
    ليكون الجنوب وطناً لم يستفتوا فيه أحد . وأمامنا الملف ، ونصوص الدستور 2005الذي ننقله تباعاً..
    ونواصل :

    *
                  

10-23-2011, 07:49 PM

عبدالله الشقليني
<aعبدالله الشقليني
تاريخ التسجيل: 03-01-2005
مجموع المشاركات: 12736

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ضد المدعــو " نيفاشــا " وضــد تقسيم الســودان . (Re: عبدالله الشقليني)

    ونواصل
                  

10-23-2011, 07:55 PM

عبدالله الشقليني
<aعبدالله الشقليني
تاريخ التسجيل: 03-01-2005
مجموع المشاركات: 12736

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ضد المدعــو " نيفاشــا " وضــد تقسيم الســودان . (Re: عبدالله الشقليني)


    (99)

    Quote:
    الباب الثامن: المؤسسات والمفوضيات المستقلة

    المفوضية القومية للمراجعة الدستورية

    140ـ (1) تستمر المفوضية القومية للمراجعة الدستورية في أداء أعمالها حسبما حددته اتفاقية السلام الشامل.

    (2) يجوز لرئاسة الجمهورية إعادة النظر في تكوين ومهام المفوضية.

    المفوضية القومية للانتخابات

    141ـ (1)تنشأ خلال شهر واحد من إجازة قانون الانتخابات القومية مفوضية قومية للانتخابات تتكون من تسعة أشخاص مشهود لهم بالاستقلالية والكفاءة وعدم الانتماء الحزبي والتجرد، ويُراعى في اختيارهم اتساع التمثيل. ويتم اختيارهم وتعيينهم بوساطة رئيس الجمهورية وفقاً لأحكام المادة 58 (2) (ج) من هذا الدستور.

    (2)تكون المفوضية القومية للانتخابات الجهة الوحيدة التي تتولى المهام التالية:ـ

    (أ) إعداد السجل الانتخابي العام ومراجعته سنوياً،

    (ب) تنظيم انتخابات رئيس الجمهورية ورئيس حكومة جنوب السودان والولاة والهيئة التشريعية القومية ومجلس جنوب السودان والمجالس التشريعية الولائية والإشراف عليها وفقاً للقانون،

    (ج) تنطيم أي استفتاء وفقاً لهذا الدستور والإشراف عليه, دون المساس بأحكام المادتين 183(3) و 220 (2) من هذا الدستور,

    (د) أداء أي مهام انتخابية أخرى ذات صلة يحددها القانون.

    (3) يحدد قانون الانتخابات القومية القواعد العامة والإجراءات التي تحكم الانتخابات وكذلك مهام وشروط خدمة العاملين في المفوضية القومية للانتخابات.

    مفوضية حقوق الإنسان

    142ـ (1) ينشئ رئيس الجمهورية بعد التشاور في رئاسة الجمهورية مفوضية لحقوق الإنسان تتكون من خمسة عشر عضواً من المشهود لهم بالاستقلالية والكفاءة وعدم الانتماء الحزبي والتجرد، ويراعى اتساع التمثيل في اختيارهم وتكون مستقلة في اتخاذ قراراتها.

    (2) يشارك ممثلون للأجهزة الحكومية ذات العلاقة في مداولات المفوضية بصفة استشارية.

    (3) تراقب المفوضية تطبيق الحقوق والحريات الواردة في وثيقة الحقوق وتتلقى الشكاوى حول انتهاكات الحقوق والحريات.

    (4) يجوز للمفوضية إبداء الرأي وتقديم النصح لأجهزة الدولة بشأن أي مسألة تتعلق بحقوق الإنسان.

    (5) يحدد القانون مهام واختصاصات وإجراءات المفوضية وشروط الخدمة فيها.

    ديوان المظالم العامة

    143ـ (1) تُنشأ هيئة مستقلة تسمى ديوان المظالم العامة، يرشح رئيس الجمهورية رئيسها وأعضاءها من ذوي الكفاءة والاستقامة ويعتمدهم المجلس الوطني. يكون الديوان مسئولاًً لدي رئيس الجمهورية والمجلس الوطني.

    (2) دون المساس بنهائية الأحكام القضائية، ينظر الديوان في الشكاوى المتعلقة بمظالم المواطنين من مؤسسات الدولة, ولا يجوز للديوان أن ينظر في أي تظلمات إلاّ بعد أن يستنفد الشاكي كل طرق ومراحل التقاضي.

    (3) على الديوان أن يقدم توصيات أو يقترح التعويض لرئاسة الجمهورية. ومع ذلك يجوز للديوان من تلقاء نفسه أن يوصي لرئاسة الجمهورية أو للمجلس الوطني بإجراءات يراها ملائمة لضمان الفاعلية والعدالة والاستقامة في أداء مؤسسات الحكومة القومية وذلك بالتنسيق مع مختلف أجهزة الدولة.

    (4) ينظم القانون مهام وإجراءات وشروط خدمة أعضاء الديوان والعاملين فيه.

    *
                  

10-24-2011, 12:41 PM

عبدالله الشقليني
<aعبدالله الشقليني
تاريخ التسجيل: 03-01-2005
مجموع المشاركات: 12736

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ضد المدعــو " نيفاشــا " وضــد تقسيم الســودان . (Re: عبدالله الشقليني)

    (100)

    Quote:


    مسألة جنوب السودان في سياق تاريخي 1899 – 1986م18/10/2011
    فيصل عبدالرحمن علي طه



    (1)

    مدخل

    في اكتوبر من عام 1986 طلبت مني أمانة منتدى الاثنين بالمركز الاجتماعي الثقافي السوداني في أبوظبي إلقاء محاضره عن المراحل التاريخية التي عبرتها قضية جنوب السودان. وكما أُبلغت عندئذ فقد كان الغرض من ذلك هو التعرف على جذور القضية قبل أن يحتشد المنتدى للنقاش الموضوعي لمختلف جوانبها. ومع أن المحاضرة سبق أن نُشرت في حينها في ثلاث حلقات في صحيفة «الخليج» التي تصدر في إمارة الشارقة، إلا أن بعض الأصدقاء ألحوا علي إعادة نشرها بغرض التوثيق في الشبكة العنكبوتية وكذلك إصدارها في كتيب. فمع أن الجنوب قد انفصل وأعلن في 9 يوليو 2011 عن قيام جمهورية جنوب السودان، إلا أنه كان من رأي هؤلاء الأصدقاء أن النشر سيكون مفيداً للأجيال القادمة وللأجيال التي لم تعاصر المنعطفات الكثيرة التي مرت بها مسألة جنوب السودان.

    ويتعين على التنويه إلى أنني قد أضفت لاحقاً إلى المحاضرة بعض المواد التي لم تتوفر لي في تاريخ إعدادها.

    1- المرحلة من إتفاقية الحكم الثنائي الموقعة في 19 يناير 1899 بين مصر وبريطانيا وحتى إنعقاد مؤتمر جوبا الأول في يونيو 1947

    لم تُخضع إدارة السودان البريطانية الجنوب إلى سيطرتها التامة إلا في عام 1932. وكان ذلك بعد حملات تأديبية مكثفة إستهدفت بصفة رئيسة قبائل الدينكا والنوير والتبوسا.

    وحتى منتصف الأربعينيات كانت السياسة البريطانية ترمي بوجه عام إلى إغلاق الجنوب أمام تيار المؤثرات الإسلامية: اللغة والدين والزي. فقد كانت الصحة وكذلك التعليم في قبضة الهيئات التبشرية المسيحية. كما كانت الإعانات التي تمنحها حكومة السودان إلى الإرساليات المسيحية هي جملة ما تنفقه على الصحة والتعليم. ويبدو أن التعليم التبشيري قد أفلح في بث الكراهية الدينية والعنصرية ضد الشماليين. ولكنه أخفق في إعداد كوادر مقتدرة للانخراط في العمل التنفيذي والإداري. فالتعليم التبشيري لا يعدو أن يكون وعاءً لتلقي العقيدة الدينية المراد نشرها.

    ومنعاً لإسلام الجنوب أو استعرابه بعوامل الاتصال والاختلاط، أصدرت حكومة في سنة 1922 قانون الجوازات والتصاريح. منح هذا القانون الحاكم العام سلطة إعلان أي منطقة من السودان «منطقة مغلقة» كلياً أو جزئياً سواء للسودانيين أو لغيرهم. وأن يعلن أي منطقة من السودان «منطقة مغلقة» للتجارة إلا بالنسبة لسكانها. ومنحه كذلك سلطة منع انتقال العمالة داخل أو خارج السودان. وبمقتضى هذا القانون أصدر الحاكم العام أمر المناطق المغلقة لسنة 1922 وأمر رخص الاتجار لسنة 1928. بموجب الأمر الأول أُعلنت المديريات الجنوبية «منطقة مغلقة». أما الأمر الثاني فقد وضع بعض القيود على دخول التجار الشماليين للمديريات الجنوبية. وقد قال جيمس روبرتسون إن هذه القوانين كانت ترمي إلى الحد من عدد التجار الشماليين في المديريات الجنوبية وتقييد تنقل التجار «الجلابة» فيها. وقال أيضاً إنه بالرغم من أن المواطن الشمالي العادي كان خارج نطاق تطبيق هذه القوانين، إلا أن السلطات الإدارية لم تكن تشجعه على زيارة الجنوب. ومضى روبرتسون للقول إن هذه القوانين قصد بها إقامة حاجز لحماية الجنوبيين من استغلال الشماليين ولمنع استمرار الكراهية بين الشمال والجنوب. ثم قال إنه كان من المأمول أن يتطور أبناء الجنوب خلف هذا الحاجز حتى يصلوا إلى مستوى الشمال ولكن ذلك لم يحدث حتى نشوب الحرب العالمية الثانية.

    أُعيدت صياغة سياسة الإدارة البريطانية تجاه الجنوب في المذكرة التي وجهها في 25 يناير 1930 السكرتير الإداري آنذاك هارولد ماكمايكل إلى الإداريين البريطانيين العاملين بالجنوب وإلى رؤساء الدوائر الحكومية. أكدت المذكرة أن سياسة الحكومة في الجنوب ترمي إلى قيام وحدات عرقية وقبلية مستقلة يقوم تركيبها على العادات المحلية والعرف والمعتقدات القبلية. وقررت المذكرة أن الإجراءات المطلوبة لتنفيذ هذه السياسة هي:

    (أ) تهيئة كادر من العاملين - إداريين وكتبة وفنيين - لا يتحدث اللغة العربية.

    (ب) الحد من استخدام اللغة العربية في الجنوب.

    (ج) الحد من هجرة التجار الشماليين إلى الجنوب وتشجيع هجرة التجار السوريين واليونانيين.

    (د) استخدام اللغة الإنجليزية حيث يتعذر التخاطب باللهجة المحلية.

    وفي الفقرات الختامية للمذكرة أشار السكرتير الإداري إلى أنه بالرغم من أن الحد من استخدام اللغة العربية عنصر أساسي في السياسة الجنوبية إلا أن استخدامها سيضمحل تدريجياً لأنها ليست لغة الحاكمين أو المحكومين. ثم نبه إلى ضرورة محاربة الاعتقاد السائد في أوساط الجنوبيين بأن اللغة العربية هي اللغة الرسمية.

    وحتى انعقاد مؤتمر جوبا الأول في يونيو 1947 لم نجد ما ينبئ بوجود تداخل وتفاعل سياسي بين الشمال والجنوب. ولكن يبدو أن هذا التداخل والتفاعل حدث في الشمال بين العناصر ذات الأصول الزنجية والعناصر ذات الأصول العربية العاملة في الوحدات السودانية التابعة للجيش المصري. وأثمر ذلك عن انتفاضة سنة 1924.

    أهتم مؤتمر الخريجين الذي أسس عام 1938 بالجنوب. وكان على دراية وإلمام بالسياسة البريطانية في الجنوب ومرامي هذه السياسة. وحاول إيجاد صلة مع المتعلمين الجنوبيين وكانوا قلة آنذاك. فقد احتفى المؤتمر باستانسلاوس عبدالله بياساما عند زيارته للخرطوم في سنة 1940. وسيرد من بعد أن استانسلاوس أصبح عضواً بالجمعية التشريعية عن مديرية بحر الغزال وزعيماً للمعارضة بمجلس الشيوخ ثم نائباً بآخر مجلس للنواب قبل انقلاب 17 نوفمبر 1958.

    وذكر إسماعيل الازهري في مذكراته أن مؤتمر الخريجين كتب إلى الحاكم العام يطلب التصديق بإرسال بعثة تبشيرية إسلامية للجنوب ولكن الحكومة اعتذرت بسبب ظروف الحرب العالمية الثانية. وقالت إن الجنوب قُسم إلى مناطق نفوذ مسيحية وأن أي محاولة لإدخال بعثة إسلامية ربما تثير الجمعيات التبشيرية المسيحية.

    لم تغفل مطالب الخريجين في 3 ابريل 1942 الجنوب. ففي المذكرة التي رفعها إلى الحكومة بإسم رئيسه إبراهيم أحمد، وردت المطالب التالية فيما يتصل بالجنوب:

    أ- إلغاء القوانين الخاصة بالمناطق المغلقة ورفع الحواجز والحدود عن التجارة وعن انتقال السودانيين وتحركاتهم داخل حدود السودان.

    ب- إلغاء الإعانات التي تصرفها الحكومة لمدارس المبشرين وتوحيد مناهج الدراسة في مدارس الشمال ومدارس الجنوب.

    إتخذت السياسة البريطانية تجاه الجنوب بعداً جديداً في عام 1943. ففي ذلك العام أنشأت الإدارة البريطانية المجلس الاستشاري لشمال السودان. وأُعلن أن الغرض من إنشاء المجلس تمكين الحاكم العام في ما يتعلق بإدارة السودان الشمالي من استشارة أشخاص لهم صفة تمثيلية وليوضح لأولئك الأشخاص أي اتجاه عام أو خاص لسياسة حكومة السودان إزاء شمال السودان.

    وكما هو ظاهر من اسمه فقد كانت سلطات المجلس إستشارية ولم تكن تشمل جنوب السودان. وقد عزا السكرتير الإداري دوجلاس نيوبولد ذلك إلى أن أهل الجنوب ليسوا مؤهلين بعد للتمثيل في المجلس.

    قاطعت الاتجاهات الاتحادية المجلس واعتبرت قصر سلطاته على الشمال مظهراً من مظاهر فصل الجنوب عن الشمال. وشاركت الأحزاب الاستقلالية في المجلس لتتخذه نواة للعمل السياسي الإيجابي. ولكن كان من رأى هذه الأحزاب أن قصر سلطات المجلس على الشمال يدل على سوء القصد.

    مبررات السياسة الجنوبية

    يلاحظ المتفحص للوثائق البريطانية أن أهم المبررات للسياسة الجنوبية كانت حماية الجنوبيين من استغلال الشماليين ومن تجار الرقيق الشماليين. فمثلاً قال الاسكندر كادوقان ممثل بريطانيا في مجلس الأمن في عام 1947 إن التمييزات الإدارية التي اختطتها الإدارة البريطانية فيما مضى بين الجنوب وبقية أجزاء البلاد أملتها الضرورة الإنسانية لحماية شعب بدائي أعزل من استغلاله بواسطة إخوانه الأكثر تقدماً حتى يحين الوقت الذي يستطيع أن يقف فيه على قدميه . وذكر كادوقان أن شعب الجنوب لا يدين بالدين الإسلامي ولا يتكلم اللغة العربية ولم ينطق بها قط وليس بينه وبين الشمال أي صلة عنصرية. وذكر أيضاً أنه قبل أن يصل البريطانيون إلى السودان كان أهل الشمال يغيرون على سكان الجنوب ويأخذونهم عبيداً.

    وكان الممثل البريطاني يرد بذلك على اتهام رئيس وزراء مصر محمود فهمي النقراشي أن بريطانيا اتخذت التدابير لفصل جنوب السودان عن شماله وضمه إلى إفريقيا الشرقية البريطانية. وضرب النقراشي مثلاً لتلك التدابير بمحاربة اللغة العربية وتحريم الزواج بين أهل الشمال وأهل الجنوب وإنشاء مجلس استشاري لشمال السودان.

    ويبدو أنه حتى عام 1945 لم تتخذ حكومة السودان رأياً قاطعاً حول مصير جنوب السودان: هل يُلحق بالشمال أو يضم إلى شرق أفريقيا؟ كل ما كان يهمها هو أن يتطور الجنوب في اتجاه حضاري مغاير للنمط العربي الإسلامي القائم في الشمال. ويظهر ذلك جلياً في الخطاب الذي بعث به الحـــــاكم العـــــام إلى المنــــدوب الســــامي البريطــــاني في القـــاهرة في 4 أغسطس 1945. ففي هذا الخطاب قال الحاكم العام : «إن السياسة المقررة هي العمل على حقيقة أن أهالي جنوب السودان يتميزون بأنهم أفارقة وزنوج. ولذلك فإنه يتعين علينا المضي قدماً بأسرع ما نستطيع نحو تنميتهم اقتصادياً وتعليمياً على أساس أنماط تنموية أفريقية وزنجية وليس على أساس الأنماط الشرق أوسطية والعربية التي تلائم شمال السودان. فالتنمية الاقتصادية والتعليمية هي السبيل الوحيد لتأهيل الجنوبيين للاعتماد على أنفسهم في المستقبل سواء كان مصيرهم مرتبطاً بشمال السودان أو بشرق أفريقيا. ففي الحالة الأولى فإنه يجب عليهم كأقلية كبيرة متقدمة ومترابطة أن يقاوموا السلوك التسلطي الذي لا يزال يمارسه الشمال العربي. وأما في الحالة الثانية فإنه سيتعين عليهم القيام بقفزات ضخمة من أجل اللحاق بالمناطق الأسرع تقدماً في شرق أفريقيا».

    مؤتمر إدارة السودان

    يعد مؤتمر إدارة السودان الذي دعا إليه الحاكم العام في عام 1946 أول خطوة في طريق العدول عن السياسية الجنوبية. فقد أعلن الحاكم العام عند افتتاح الدورة الخامسة للمجلس الاستشاري في 17 إبريل 1946 أن مؤتمراً سيعقد في نهاية دورة المجلس ليدرس الخطوات اللازمة لإشراك السودانيين بشكل أوسع في إدارة بلادهم. وبمناسبة إنعقاد المؤتمر كتب عبدالله خليل سكرتير عام حزب الأمة إلى السكرتير الإداري يسأل عن المقصود بكلمة «السودان». وطلب أن يوضح بطريقة مقنعة ربط الشمال والجنوب لكي يعرف رجل الشارع أن المراد هو السودان بحدوده الجغرافية شماله وجنوبه. ثُم ذكر أن قصر المجلس الاستشاري على شمال السودان أوجد كثيراً من الريبة في نفوس الناس.

    انعقد مؤتمر ادارة السودان في 22 باريل 1946 برئاسة السكرتير الإداري جيمس روبرتسون وشارك فيه حزب الأمة وحزب الأحرار وحزب القوميين وبعض المستقلين. وجاء في تقرير المؤتمر أنه طُلب إلى الأحزاب الأخرى وإلى مؤتمر الخريجين أن ينتدبوا ممثلين ولكنهم لم يجيبوا الطلب. لم يشارك في المؤتمر أي أعضاء من السودانيين الجنوبيين. وعزا السكرتير الإداري ذلك إلى طول المسافة التي كان عليهم أن يقطعوها للوصول من أماكن إقامتهم ولأن أغلبهم لم يألف بعد الإشتراك في اجتماعات كبيرة.

    اعتبر المؤتمر المجلس الاستشاري الخطوة الأولى نحو الحكم الذاتي المسؤول . ولكن المؤتمر انتقد المجلس من ثلاثة وجوه: أن اختصاصه كان قاصراً على المديريات الشمالية الست، وكانت وظيفته استشارية محضة ومحدودة المدى، ولم يكن في وسع أعضائه أن يدعوا أنهم يمثلون الشعب تمثيلاً صحيحاً رغم أن بعضهم من أكفأ رجالات البلاد وأوفرهم تجارباً.

    واتفق المؤتمر عى أن أمثل طريقة لتحسين المجلس الاستشاري وجعله أكثر تمثيلاً لرغبات الشعب وإعطائه قدراً أوفر من المسؤولية، هي تشكيل جمعية تشريعية تتألف من أعضاء سودانيين منتخبين ليمثلوا السودان بأكمله وتكون ذات وظائف تشريعية ومالية وإدارية تؤديها بالاشتراك مع مجلس تنفيذي يتم إنشاؤه ليحل محل مجلس الحاكم العام.

    وأوصى المؤتمر بأن يعاد تشكيل مجلس الحاكم العام ليكون مجلساً تنفيذياً وبأن يشمل عدداً من السودانيين لينالوا التدريب ويساهموا في المسؤولية حيث أنهم بهذه الطريقة لا يتدربون على أعلى وظائف الحكم فحسب بل يتاح لهم الاشتراك في رسم السياسة العامة لحكم بلادهم.

    وأوصى المؤتمر بأن يُتخذ في الحال قرار ينص على إدارة السودان كقطر واحد لأن مستقبل السودان يتوقف على دمج أهاليه ليكونوا شعباً واحداً. وقد أجمعت الآراء في المؤتمر على أن سلطات الجمعية التشريعية يجب أن تشمل القطر بأكمله من شأنه توحيد السودان، ذلك التوحيد الذي تعتمد عليه رفاهية السودانيين كلهم في النهاية. وأشار المؤتمر إلى أنه مع ان المديريات الجنوبية ليست عربية الأصل شأنها في ذلك شأن أجزاء كثيرة من السودان الشمالي. إلا أنها لن تحصل على التقدم الاقتصادي والاجتماعي إلا إذا اتجهت نحو أجزاء السودان الأخرى.

    وسجلت أغلبيــة المؤتمر رأيـــــاً مؤداه أن إلغاء أمر رخص الاتجار لسنة 1928، واتباع سياسة واحدة للتعليم في السودان كله، وتعليم اللغة العربية في مدارس الجنوب، وتحسين طرق المواصلات بين جزئي السودان، وتشجيع تنقلات الموظفين السودانيين بين الشمال والجنوب، وتوحيد نظام درجات الموظفين سيساعد كثيراً في توحيد السودانيين.

    مؤتمر جوبا الأول: 12 يونيو 1947

    لاستطلاع وجهة نظر الجنوبيين والإداريين البريطانيين العاملين في الجنوب، عُرضت توصيات مؤتمر إدارة السودان المتعلقة بجنوب السودان على مؤتمر عقد في جوبا في 12 يونيو 1947. شارك في المؤتمر مارود مدير الاستوائية وكنجدن مدير أعالي النيل وأوين نائب مدير بحر الغزال. وشارك في المؤتمر سبعة عشر جنوبياً اختارهم مديرا الاستوائية وأعالي النيل كممثلين لبعض قبائل الجنوب والطبقة المتعلمة من السودانيين الجنوبيين. وقد كان من بين هؤلاء كلمنت امبورو، وفليمون ماجوك، وحسن فرتاك، وجيمس طمبره، وشير ريحان، ولوليك لادو، وبوث ديو، وسيرسرو إيرو. وشارك في المؤتمر من الشماليين محمد صالح الشنقيطي، وإبراهيم بدري، وحسن أحمد عثمان (الكد)، وسرور رملي، وحبيب عبدالله.

    حُددت صلاحيات مؤتمر جوبا في النقاط التالية:

    (أ) النظر في توصيات مؤتمر إدارة السودان المتعلقة بالجنوب.

    (ب) النظر فيما إذا كان من الصائب تمثيل الجنوب في الجمعية التشريعية المقترحة.

    (ج) النظر في إدخال ضمانات في قانون الجمعية التشريعية تكفل أن جنوب السودان بما هو عليه من اختلافات في اللغة والعرق والتقاليد والأعراف والتطلعات لا يتعرض لما يعيق تقدمه السياسي والاجتماعي.

    (د) النظر في إنشاء مجلس استشاري لجنوب السودان لمعالجة شؤون الجنوب ويُنتخب نواب الجنوب في الجمعية التشريعية من بين أعضائه.

    (هـ) النظر في توصيات مؤتمر إدارة السودان المتعلقة بتوحيد سياسة التعليم وتعليم اللغة العربية وإلغاء أمر رخص الاتجار لعام 1928 وتحسين المواصلات وتوحيد درجات الموظفين وتشجيع تنقلات الموظفين بين الشمال والجنوب.

    وفي الكلمة التي افتتح بها المؤتمر، قال جيمس روبرتسون إن سلطات المجلس الاستشاري لم تكن تشمل الجنوب كما لم يكن الجنوب ممثلاً فيه. وقال إن مؤتمر إدارة السودان أوصى بأن يمثل الجنوب في الجمعية التشريعية المزمع إنشاؤها، فقد رؤى أنه بالرغم من أن السودان بلد شاسع إلا أن ثرواته ضئيلة وعدد سكانه قليل ولا يمكن أن يحكم ذاتياً أو يعتمد على نفسه إذا قُسم إلى وحدات صغيرة وضعيفة. وذكر روبرتسون أن الشماليين يأملون بإخلاص في أن تساعد مشاركة الجنوبيين في الجمعية التشريعية في الإسراع بتوحيد شطري البلاد. وأكد روبرتسون أن الدوافع وراء هذه التوصيات نبيلة وأنها لا ترمي إلى استغلال قبائل الجنوب.

    وأوضح روبرتسون في كلمته أمام المؤتمر أن سياسة الحكومة في عام 1945 كانت تهدف إلى ترقية الجنوبيين اقتصادياً وتعليمياً ليعتمدوا عى أنفسهم في المستقبل سواء قرروا في النهاية الانضامام إلى شمال السودان أو إلى شرق أفريقيا كلياً أو جزئياً. ولكنه أضاف أن التطورات الاقتصادية والتعليمية التي حدثت في الجنوب منذ عام 1945 حتمت أن يتجه الجنوب نحو الشمال وليس إلى يوغندا أو الكونغو مما استتبع إعادة صياغة سياسة الحكومة بشأن جنوب السودان لتكون كالآتي: «إن سكان جنوب السودان يتميزون بكونهم أفارقة وزنوجاً. ولكن بحسب ما يمكن استشرافه في المستقبل، فإن عوامل الجغرافيا والاقتصاد تجعل تطورهم في المستقبل مرتبطاً ارتباطاً لا فكاك منه مع الشرق الأوسط وعرب شمال السودان. وبذلك يُضمن إعدادهم عبر التطورات التعليمية والاقتصادية ليتبوأوا مواقعهم في سودان المستقبل كأنداد لرفقائهم في الشمال اجتماعياً واقتصادياً».

    وفي أول جلسة لمؤتمر جوبا أكد الجنوبيون وحدة السودان ولكنهم آثروا إنشاء مجلس استشاري للجنوب قبل أن ينضموا للجمعية التشريعية وتعللوا بضعف التعليم وقلة الخبرة بشؤون الإدارة والحكم. ولكن في الجلسات التالية حدث تحول كبير في وجهة النظر الجنوبية وانتهى المؤتمر إلى أن الجنوب يرغب في سودان موحد ويرغب كذلك في المشاركة في الجمعية التشريعية. وقد قالت صحيفة النيل: «إنه بهذا القرار يسدل الستار على الماضي بشكوكه ومخاوفه وتنقشع الغمامة التي رانت على القلوب في اليومين الماضيين ويشرق عهد جديد في سودان جديد تزول فيه الفوارق والسدود بين الأخوين، ويرتفع إلى الأبد سيف ديموقليس الذي سلطته السياسة الاستعمارية نصف قرن على وشائج الدم والقرابة».

    ولم يعترض الجنوبيون الذين شاركوا في مؤتمر جوبا على مبدأ توحيد السياسة التعليمية في الشمال والجنوب أو تدريس اللغة العربية في مدارس الجنوب. ولكن ثار خلاف حول بعض المسائل التفصيلية مثل المرحلة التي ينبغي أن تدرس فيها اللغة العربية.

    وقد طالب بوث ديو بالإسراع في تدريس اللغة العربية في المدارس حتى يلحق الجنوب بالشمال. وأشار لوليك لادو إلى أن الكاثوليك والبروتستانت ربما لا يتعاونون في الأمر مما قد يثير بعض الصعوبات.

    إجازة توصيات مؤتمر إدارة السودان

    أجاز المجلس الاستشاري توصيات مؤتمر إدارة السودان في دورته السابعة التي بدأت في 20 مايو 1947 وطلب من الحكومة أن تعد تشريعاً وفقاً لهذه التوصيات في أقرب وقت ممكن. وأجاز مجلس الحاكم العام التوصيات من حيث المبدأ في 29 يوليو 1947 وقرر أن ترفع إلى الحكومتين المصرية والبريطانية للنظر فيها من حيث المبدأ. وبالطبع فقد كان من بين توصيات مؤتمر إدارة السودان التي أجازها مجلس الحاكم العام التوصية بأن تقوم الجمعية التشريعية بالتشريع للسودان كله شماله وجنوبه. وقد وافق المجلس «على أن تقرر ضمانات في التشريعات التي سيقوم عليها الدستور الجديد تكفل إطراد التقدم والفائدة لأهالي الجنوب».

    وكان جيمس روبرتسون السكرتير الإداري قد قدم مذكرة إلى مجلس الحاكم العام طالب فيها بضمانات لحماية الهوية الاجتماعية والثقافية لجنوب السودان ضد التسلط وسوء الإدارة من قبل حكومة مكونة بصفة رئيسة من شماليين. وبدون هذه الضمانات توقع روبرتسون أن يتحول الجنوب إلى مجتمع من الخدم لقطع الحطب وجلب الماء للارستقراطية الشمالية. ولذلك اقترح روبرتسون كضمان للجنوب أن يحتفظ الحاكم العام بسلطة إيقاف تطبيق أي تشريع أو أمر إداري على الجنوب إذا رأى أن تطبيقه سيحدث ضرراً بالجنوب وذلك حتى يتسنى لمجالس المديريات مناقشة التشريع أو الأمر الإداري.

    ويبدو أن المادة 54 (ج) من مشروع قانون المجلس التنفيذي والجمعية التشريعية قد قُصد بها توفير الضمانات المطلوبة. فقد اعتبرت مركز الأقليات الدينية والعنصرية موضوعاً خاصاً لا يتقدم العضو بتشريع بخصوصه إلا بعد موافقة المجلس التنفيذي.

    *

    http://www.sudaneseonline.com/arabic/index.ph...0%93-1986%D9%85.html
                  

11-06-2011, 12:06 PM

عبدالله الشقليني
<aعبدالله الشقليني
تاريخ التسجيل: 03-01-2005
مجموع المشاركات: 12736

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ضد المدعــو " نيفاشــا " وضــد تقسيم الســودان . (Re: عبدالله الشقليني)

    (101)

    Quote:


    مسألة جنوب السودان في سياق تاريخي: 1899 – 1986م (2)
    دكتور فيصل عبدالرحمن علي طه
    24/10/2011

    2- المرحلة من قيام الجمعية التشريعية في عام 1948 وحتى إعداد مشروع قانون الحكم الذاتي في مايو 1952 صدر قــانون المجلـــس التنفيــذي والجمعيـــة التشــريعية في 19 يونيو 1948. قاطعت الأحزاب الاتحادية الجمعية التشريعية والمجلس التنفيذي وأعلنت رفضها لهما رفضاً باتاً مبدأ وأساساً، جملة وتفصيلاً واعتبرتهما خطوة رجعية قُصد بها خدمة المصالح البريطانية. وشارك التنظيم الشيوعي السري الذي كان يعرف آنذاك بالحركة السودانية للتحرر الوطني (حستو) بفاعلية في التعبئة الجماهيرية لمقاطعة الجمعية التشريعية. وبالرغم من تعاونها مع الأحزاب الاتحادية في العمل المناهض للجمعية التشريعية، إلا أن الحركة السودانية للتحرر الوطني لم ترفع شعار وحدة وادي النيل أي شعار الأحزاب الإتحادية، بل تبنت شعار الحركة الشيوعية المصرية التي كانت تعرف آنذاك بالحركة الديمقراطية للتحرر الوطني (حدتو). إذ كانت (حدتو) تدعو للكفاح المشترك للشعبين المصري والسوداني وحق الشعب السوداني في تقرير مصيره. أما الحركة الاستقلالية التي كان يقودها حزب الأمة، فبالرغم من أنها أقرت بأن الجمعية التشريعية لم تستوف شروط النيابة والتمثيل الكامل وفقاً للنظم الديمقراطية الحديثة، إلا أنها اعتبرتها خطوة نحو تحقيق هدفها الأسمى وهو استقلال السودان التام من كل سيطرة أجنبية. واللافت أن موقف بعض أقطاب طائفة الختمية من الجمعية التشريعية والمجلس التنفيذي كان مرناً. إذ لم يعترضوا عليها من حيث المبدأ، وإنما من حيث التكوين وطريقة الانتخاب والسلطات. لا مكان هنا لبسط القول حول الجمعية التشريعية، ما يهمنا هو أنه بقيامها بدأت مرحلة جديدة في تاريخ العلاقات بين الشمال والجنوب. فقد وفرت الجمعية التشريعية لأول مرة المنبر الذي انطلق منه الرأي والصوت الجنوبي في كثير من القضايا التي طُرحت فيها. وفي هذا الصدد قال محمد عمر بشير في كتابه عن جنوب السودان (1968) إن إنشاء جمعية تشريعية لكل السودان تضم في عضويتها ثلاثة عشر عضواً جنوبياً مثّل بداية الوحدة السياسية بين الشمال والجنوب، وبداية لفترة من التقدم الإقتصادي والإداري والتعليمي في جنوب السودان. ففي المجال الإقتصادي بدأ العمل في مشروع تنموي في منطقة الزاندي وأُنشئت وظائف جديدة لتعيين وترفيع أبناء الجنوب، وأُزيلت إلى حد كبير الفوارق في شروط الخدمة والرواتب بين الشمال والجنوب. إعتماد العربية لغة للتفاهم والتعليم فـي عام 1949 قرر المجلـس التنفيذي بناء على توصية عبدالرحمن علي طه وزير المعارف آنذاك أن تكون اللغة العربية لغة التفاهم العامة فـي سـائر أنحاء البلاد. وبناء على ذلك أصدر عبدالرحمن علي طه في 10 أغسطس 1949 بوصفه وزيراً للمعارف توجيهاً قال فيه إن قرار المجلس يُلزم وزارة المعارف بأن تعمل كل ما في وسعها لتنفيذ هذه السياسة، وأن تتخذ الخطوات العاجلة المناسبة لإدخال اللغة العربية مادة أساسية في مدارس المديريات الجنوبية بأسرع ما يمكن. وفي بيان ألقاه في 1 نوفمبر 1949 في الجمعية التشريعية بعد زيارة قام بها للمديريات الجنوبية إستغرقت ستة أسابيع، نوه عبدالرحمن علي طه بالخطوط الرئيسة لخطة التعليم في تلك المديريات. وقد كان بضمنها ما يلي:
    (أ) بما أن السودان قطر واحد تشترك جميع أجزائه في مؤسسات سياسية واحدة، فإن أول ما يجب عمله هو أن تكون للبلاد لغة واحدة يفهمها ويتحدث بها جميع أبنائها، ولا يمكن أن تكون هذه اللغة غير العربية. ولذلك ينبغي أن تُدرس اللغة العربية في جميع مدارس السودان. وأكد الوزير أن انتهاج هذه السياسة ليس المقصود منه تدبير حملة ضد اللغات المحلية المستخدمة في كثير من أنحاء البلاد والتي تشكل جزءً متمماً لتقاليد السكان الذين يتحدثون بها.
    (ب) توحيد مناهج التعليم في جميع مدارس السودان مع الإحتفاظ بالمرونة التي تقتضيها طبائع الأقاليم المحلية.
    (ج) إيفاد موظفين مدربين من مكتب النشر بالخرطوم إلى مكتب النشر بجوبا ليعملوا على توفير الكتب العربية المناسبة.
    (د) إنشاء وظيفة مفتش منطقة سوداني للمديريات الجنوبية، وسيكون عمله زيادة على واجبات المفتش العادي مراقبة تعليم اللغة العربية وتوحيد المناهج. وقد كان سر الختم الخليفة أول من اختاره الوزير لشغل هذا المنصب.
    وجد جعل اللغة العربية لغة للتفاهم في سائر ارجاء البلاد الترحيب والتأييد من ممثلي الجنوب في الجمعية التشريعية. فقد قال استانسلاوس بياساما إن واجب الجمعية أن توافق على التوجيه لأن مصلحة سكان المديريات الجنوبية أن يتعلموا اللغة العربية، كما أنه يجب على وزارة المعارف أن تعاون الجمعيات التبشيرية في إيجاد المدرسين لتعليم تلك اللغة. وأبدى سيرسيو إيرو إطمئنانه لأن الوزير قد أوضح أن تعليم اللغة العربية لن يؤدي إلى فناء اللغات المحلية. وذكر بوث ديو أن اللغة العربية كانت دائماً لغة التفاهم في السودان، وأشار إلى أن بعض زملائه أبدوا مخاوفهم من فناء اللغات المحلية. ولكن هناك مخاوف أخرى لم يتطرقوا لها وهي أن المدرسين الشماليين الذين سيُعلّمون اللغة العربية قد يصبحوا دعاة لنشر الإسلام وهذا ما لا يريده الناس لأنهم قد صاروا مسيحيين صادقين. غير أن الوزير أكد لممثلي الجنوب أن الغرض الأساسي هو تعليم الجنوبيين تحدث وقراءة وكتابة اللغة العربية ليكونوا قادرين على أخذ مواقعهم في أجزاء القطر المختلفة. كما أكد لهم أن وزارة المعارف لا تهدف إلى قتل اللغات المحلية وستواصل تعليمها في سني الدراسة الأولى في المناطق التي بها لغة تُقرأ وتُكتب.
    في 13 نوفمبر 1950 قدم عبدالرحمن علي طه للجمعية التشريعية خطة خمسية (1951 - 1956) للتوسع في التعليم وتحسين نظمة في المدريات الجنوبية. وفي تقديمه للخطة قال الوزير إنها جزء متمم للخطة التي رُسمت لتوسع التعليم في السودان كله، وأن الغاية المنشودة هي توحيد النظامين التعليميين القائمين توحيداً تاماً. لا يتسع المجال هنا لبيان تفاصيل هذه الخطة. يكفي أن نذكر أن الخطة وجدت التأييد والإشادة من قبل أعضاء الجمعية التشريعية وبوجه خاص من ممثلي الجنوب. فقد قال بنجامين لوكي إنه يشعر بالسعادة لأنه رأى أخيراً مشروعاً للتعليم في الجنوب بعد مضي خمسين عاماً كانت تناضل فيها مدارس الإرساليات منفردة بمساعدة ضئيلة من الحكومة أو بدونها. وحيا استانسلاوس بياساما وزير المعارف على برنامجه ووصفه بالشمول، ووصف مقترحات التعليم الصناعي بأنها باهرة. وعبر عن أمله في أن يكون نتاج تعليم البنات إمرأة فاهمة أكثر من إمرأة حاملة شهادات. لكن استانسلاوس أبدى أن الارساليات لا تلقى معاملة حسنة ودعا الحكومة للاستفادة من مدارس الإرساليات الموجودة وتوسيعها. وهنأ بوث ديو الوزير على خطته وهنأ الحكومة على توفيرها المال اللازم لتنفيذ الخطة. إعانات الإرساليات تتسبب في مشادة كلامية في البيان الــذي أدلى به وزير المعارف في الجمعيــة التشـــريعيــة في 1 نوفمبر 1949 ذُكر أن التعليم خلال فترة الخمسين سنة الماضية كان كله تقريباً تحت إشراف الجمعيات التبشيرية، وأن المدارس الحكومية لم تُنشأ إلا في السنوات القليلة الماضية، وأن الحكومة بدأت تقدم لمدارس الإرساليات إعانات مالية متزايده منذ عام 1927. وذُكر أيضاً أن سكان المديريات الجنوبية في الأصل وثنيون وأن الجمعات التبشيرية نجحت في إنشاء هيئات مسيحية كبيرة وقوية في بعض المناطق الجنوبية، وأن المدارس التابعة لهذه الإرساليات مدارس مسيحية. وأضاف الوزير أن نظام التعليم الذي نشرته الإرساليات منذ زمن بعيد لا يمكن تجاهله «وعلى هذا فإننا وإن إتجهنا لتحسينه او حتى إلى تغييره في بعض الوجوه، إلا أننا لا يمكن أن نتجاهله، بل لا بد أن نعيره كل اعتبار عندما نضع خطط المستقبل». وفي مداولات ومنابر مختلفة أوجز الوزير سياسة وزارته تجاه مدارس الإرساليات في النقاط التالية:
    (أ) إن الوزارة لا تمنح إعانات لمدارس الإرساليات التي تحصر نشاطها في التعليم الديني.
    (ب) إن الوزارة تمنح إعانات لمدارس الإرساليات التي تعلم تعليماً مدنياً والتي تلتزم بمناهج الوزارة وتخضع لتفتيشها.
    (ج) أن تقتصر مدارس الإرساليات على تدعيم ورفع مستوى المدارس التي لديها. وبعد أن يتم هذا التدعيم فليس لها أن تفتح مدارس جديدة إلا إذا وافق على ذلك وزير المعارف.
    وصرح الوزير بأنه قد أمر بتدريس الدين الإسلامي في أي مدرسة حكومية يكون بها أي عدد من التلاميذ المسلمين الجنوبيين. كما أعلن الوزير في الجمعية التشريعية أن مجال التبشير مفتوح للراغبين في نشر الدعوة الإسلامية في المديريات الجنوبية وفي جبال النوبة وفي أي مكان آخر دون الحاجة إلى ترخيص من أي جهة. ووعد أي هيئة تبشيرية إسلامية بالدعم المالي إذا أفلحت في إنشاء مدارس على أسس سليمة لتدريس العلوم الدينية والدنيوية.
    وفي هذا السياق نورد وقائع مشادة كلامية حدثت في الجمعة التشريعية بشأن الإعانات التي تُدفع لمدارس الإرساليات. فقد ذكر محمد احمد محجوب الذي كان عضواً معيناً في الجمعية التشريعية أن الإرساليات لا تعمل للتعليم أو نشر الدين، بل إن عملها الرئيس هو إثارة البغضاء والريبة بين الشمال والجنوب، وهي بعملها هذا تقوم بهدم وحدة البلاد، ويجب ألا تُعطى إعانة، وأن يتسع نطاق التعليم في الجنوب بكل الوسائل، ولكن ليس عن طريق الإرساليات. عبر إستانسلاوس بياساما عن استغرابه للاتهامات التي وجهها المحجوب للإرساليات وقد إتفق في العام الماضي على أن الإرساليات تؤدي أعمالاً نافعة. ######ر بياساما من الرأي القائل بأن الإرساليات تعمل لفصل الجنوب عن الشمال. كما استنكر المطالبة بإقصاء الإرساليات عن إنشاء المدارس في الجنوب. ثم قال إن الأعضاء الذين كثيراً مادعوا إلى كفالة حرية الفكر وحرية التعبير يجب أن يدعوا أيضاً إلى كفالة حرية العبادة حيث أن الكثير من الجنوبيين لا يجدون عملاً في الشمال إلا إذا اعتنقوا الإسلام. وفي دفاعه عن الإرساليات ذكر بنجامين لوكي أن الأعضاء الجنوبيين في الجمعة تلقوا تعليمهم في مدارس الإرساليات وأنه شخصياً كان يعمل في إحداها ولم يسمع في الاجتماعات الخاصة أو العامة من ينادي بفصل الجنوب عن الشمال لأن الإرساليات لا تشتغل بالسياسة. لكن رجالها كانوا رواداً للتعليم في الجنوب، الأمر الذي أكسبهم تقدير جميع الطبقات. وأضاف بنجامين لوكي أن الجنوبيين سيكونون مسيحيين صادقين كما سيكونون سودانيين صالحين. وأثنى عبدالله آدم (ممثل بحر الغزال) على الإرساليات لما تبذله من مجهودات لرفع مستوى الجنوبيين وما أنفقته من مال على التعليم، وتعليم الديانة المسيحية. وفي تعليقه على ما تقدم قال عبدالرحمن علي طه إنه لا يعتقد أن محمد أحمد محجوب يهدف باقتراحه إلى وقف الإعانات التي تقدم للإرساليات. وأعرب عن سروره لأن الأعضاء الجنوبيين قد عبروا بصراحه عن مخاوفهم وشكوكهم حتى يمكن التعرف عليها وإزالتها ليتحقق التفاهم المشترك. وأضاف أن الصراحة هي السبيل الوحيد للوحدة الحقيقية. الأعضاء الجنوبيون يعارضون اقتراح الحكم الذاتي في 13 ديسمبر 1950 تقدم أحد أعضاء الجمعية التشريعية المنتمين إلى حزب الأمة (محمد حاج الأمين) باقتراح بأن يمنح السودان الحكم الذاتي قبل نهاية الدورة الثالثة للجمعية الأولى، وأن تُجرى الانتخابات القادمة على هذا الأساس.
    سبب هذا الاقتراح حرجاً شديداً لحكومة السودان خاصة وأن المباحثات المصرية - البريطانية بشأن مسألتي الجلاء والسودان كانت لا تزال مستمرة في لندن. لذلك بذل جيمس روبرتسون السكرتير الإداري قصارى جهده لإقناع قادة حزب الأمة بسحب الاقتراح. وعندما أخفق سعى إلى تأجيل المداولة فيه، ثم عمد لإسقاطه بعد أن هُزم اقتراحه بالتأجيل مستخدماً في ذ لك زعماء العشائر وممثلي الجنوب في الجمعية. وقد قام موظفو القسم السياسي بمكتب السكرتير الاداري بدور كبير في التأثير على الجنوبيين وعلى زعماء العشائر. فقد روج هؤلاء وغيرهم حججاً كثيرة ضد إقتراح الحكم الذاتي. وقد كان من بين هذه الحجج أن السودان لم ينضج للحكم الذاتي لأن الجنوب لم يتطور بعد إلى مستوى الشمال. على أية حال، عارض الجنوبيون إقتراح الحكم الذاتي وهددوا بالإنسحاب دون تردد إذا أُجيز. فقد قال بوث ديو إنهم لن يقبلوا الحكم الذاتي مالم يصل الجنوب إلى مرتبة الشمال في التقدم. وقال أيضاً إنه إذا قرر الشمال تطبيق الحكم الذاتي الآن، فإن علاقة الجنوب بالشمال يجب أن تكون على أساس فيدرالي. وأبدى بنجامين لوكي عدم موافقته على تطبيق الحكم الذاتي الآن في السودان لأن أجزاء كبيرة من البلاد في مقدمتها الجنوب لا تزال متأخرة. واستطرد قائلاً إن الجمعية التشريعية هي أول مؤسسة حققت وحدة البلاد، وأنها تسير في طريق النهوض بالأجزاء المتأخرة، ولكن إلى الآن لم يحدث أي شيء عملي. علقت صحيفة «الرأي العام» على أحاديث بوث ديو وبنجامين لوكي وغيرهم من ممثلي الجنوب في الجمعية التشريعية بقولها: «يبدو أنهم عدنما يتحدثون عن الشمال يقصدون العاصمة المثلثة وبعض جهات القطر التي أصبها رشاش من الحضارة، ويهملون شرق السودان وغربه، وهي الجهات التي قعد بها الإستعمار عن اللحاق بموكب الحضارة». واعتبرت «الرأي العام» تعليق الحكم الذاتي على شرط وصول الجنوب إلى مستوى الشمال ضرباً من التعجيز، لأنه لا يمكن أن يتحقق «مهما صرفنا على الجنوب. ولا يمكن أن نعطل سير الحضارة الطبيعي في جزء من أجزاء السودان وبذلك يتم التعجيز الذي هدف إليه أعضاء الجنوب». أجازت الجمعية التشريعية إقتراح الحكم الذاتي بأغلبية صوت واحد. ومن ثم قدم رئيس الجمعية محمد صالح الشنقيطي وزعيمها عبدالله خليل في 20 ديسمبر 1950 قرار الجمعية بشأن الحكم الحكم الذاتي إلى الحاكم العام، وطلبا منه رفعه إلى دولتي الحكم الثنائي مصر وبريطانيا. ويبدو أنه لم يفعل ذلك بسبب معارضة دولتي الحكم الثنائي خاصة الحكومة المصرية، فقد كانت حكومات الأحزاب في مصر الملكية ترفض الحكم الذاتي وتقرير المصير للسودان إلا إذا كان في إطار وحدة وادي النيل تحت التاج المصري. ولكن سيرد لاحقاً أن الحاكم العام لم يتجاهل القرار عند تشكيل لجنة لتعديل قانون المجلس التنفيذي والجمعية التشريعية وتحديد اختصاصاتها. الجنوب في مداولات لجنة تعديل الدستور شكل الحاكم العام لجنة تعديل الدستور في 29 مارس 1951 إستجابة لقراري الجمعية التشريعية في 6 نوفمبر و 9 ديسمبر 1950. القرار الأول يطلب من الحاكم العام تعيين لجنة لتعيد النظر في الدوائر الحالية وطرق الانتخاب المنصوص عليها في قانون المجلس التنفيذي والجمعية التشريعية لعام 1948 وتتقدم بتوصيات بشأنها. القرار الثاني طلب من الحاكم العام تعيين لجنة يكون نصف أعضائها من السودانيين لتعيد النظر في جميع نصوص قانون المجلس التنفيذي والجمعية التشريعية التي لا تختص بانتخابات الجمعية، وأن تقدم توصياتها لتعديلها بما يرفع شأن الجمعية والمجلس، ويزيد في نفوذهما كآداة فعالة ديمقراطية ذات رقابه برلمانية كاملة في نطاق الإتفاقيات الدستورية القائمة.
    بإستثناء رئيس اللجنة القاضي إستانلي بيكر كان كل أعضاء اللجنة من السودانيين. مُثلت في عضوية اللجنة الجبهة الوطنية (حزب بعض أقطاب طائفة الختمية)، وحزب الإتحاديين، وحزب الأمة، وبعض المستقلين. مثّل بوث ديو الجنوب. أما باقي الأعضاء فقد كانوا : عبدالله خليل، وعبدالرحمن علي طه، ومحمد أحمد أبو سن، والدرديري محمد عثمان، وعبدالماجد أحمد، وميرغني حمزة، وحسن عثمان إسحق، وعبدالفتاح المغربي، ومحمد أحمد محجوب، وإبراهيم بدري، وإبراهيم قاسم مخير، وعبدالله ميرغني. ونص أمر تشكيل اللجنة على أن ينضم إلى عضويتها عندما تناقش قواعد الإنتخابات يوسف إدريس هباني، ويوسف العجب، وبنجامين لوكي، واستانسلاوس بياساما. ويُلاحظ أن أمر تشكيل اللجنة لم يشر صراحة إلى القرار الذي أصدرته الجمعية التشريعية في 15 ديسمبر 1950 بشأن الحكم الذاتي. ولكن هذا لا يعني أن الحاكم العام قد تجاهل هذا القرار أو لم يعمل به. فقد نصت صلاحيات اللجنة بالإضافة إلى النظر في قراري الجمعية بتاريخ 6 نوفمبر و 9 ديسمبر 1950، على التقدم للحاكم العام بتوصيات حول الخطوات القادمة التي تُتخذ للتقدم الدستوري إلى الحكم الذاتي الكامل. عقدت لجنة تعديل الدستور أول اجتماع لها في 22 أبريل 1951 حيث استقر رأي الأغلبية على أن تنظر اللجنة في سمات الدستور قبل المسائل المتعلقة بالانتخابات. وفي الاجتماع الثاني الذي عقد في 9 مايو 1951 قبلت اللجنة مسودة دستور تقدم بها بعض الأعضاء كأساس للنقاش. وبحلول 18 يونيو 1951 كانت اللجنة قد غطت كل سمات الدستور المقترح، وكان هناك اتفاق على معظمها. ولكن ثمة مسائل أثارت بعض الصعوبات ولذلك خولت اللجنة رئيسها استانلي بيكر أن يستشير بشأنها أحد الخبراء في الشؤون الدستورية أثناء قضاء عطلته الصيفية في إنجلترا. وقد وقع اختيار استانلي بيكر على فنسينت هارلو أستاذ تاريخ الامبراطورية البريطانية بجامعة اكسفورد الذي رفع إلى اللجنة مذكرة اشتملت على تعليقاته واقتراحاته حول المسائل التي أحيلت إليه وحول توصيات اللجنة الأولية بشكل عام. ولكن إلغاء الحكومة المصرية في أكتوبر 1951 لاتفاقيتي 1899 ومعاهدة سنة 1936 تسبب في اضطراب أعمال لجنة الدستور وأدى إلى حلها في 26 نوفمبر 1951. فقد أخفق أعضاء اللجنة في تجاوز الخلاف الذي نشب بينهم حول مسألة أيلولة السيادة على السودان بعد إلغاء مصر للاتفاقيتين والمعاهدة. ورد في التقرير الذي أعده استانلي بيكر عن عمل لجنة الدستور حتى تاريخ حلها أن أعضاء اللجنة أولووا اهتماماً كبيراً لوضع الجنوب فيما يتعلق بتطور المؤسسات الديمقراطية في السودان. فقد أُشير إلى أن الجنوبيين يختلفون عن الشماليين في الدين واللغة والثقافة والتطور، ولم يبلغوا بعد المرحلة التي يتمكنون فيها من تمثيل أنفسهم في نمط حكم ديمقراطي. وقد عرّف عضو اللجنة إبراهيم بدري الجنوب تعريفاً موسعاً بحيث لا يقتصر على سكان المديريات الجنوبية الثلاث بل يشمل سكان جنوب الفونج ومديرية النيل الأزرق وبعض سكان دارفور وجبال النوبة بمديرية كردفان. وذكر إبراهيم بدري أن «كل أولئك الناس لا يدينون بالإسلام، ولا يتحدثون العربية، وبالكاد يستطيعون التفاهم مع بعضهم البعض. ولا توجد أي روابط تقليدية دينية أو لغوية أو ثقافية تربط بينهم وبين الشماليين. والرابطة الوحيدة هي الرابطة الجغرافية والتي ترجع جذورها إلى الفتح المصري عام 1820». وتسآءل إبراهيم بدري: «فأي ضمانات وضعنا من اجل استمرار الاستقرار وكفالة الحريات وحق تقرير المصير لأولئك الناس مع العلم بأن الرابط الوحيد بيننا وبينهم هو الفتح المصري للسودان؟» ورد في تقرير استانلي بيكر أن بوث ديو وأعضاء آخرين في اللجنة أشاروا إلى أن الجنوبيين لا يزالون يتشككون في نوايا الشماليين ولا يرغبون في أن يعهدوا إليهم بإدارة شؤونهم بدون ضمانات كافية للمصالح الجنوبية المشروعة. ولذلك ستكون مثل هذه الضمانات ضرورية إلى أن يحين الوقت الذي يكون فيه الجنوب في وضع يمكنه من ترقية مصالحه من خلال التمثيل الديمقراطي العادي سواء كان ذلك في نظام موحد أو نظام فيدرالي.
    وقد اقترح هارلو في تقريره نظاماً للضمانات للجنوب يتمثل في إنشاء وزارة لشؤون الجنوب يعين لها وزير جنوبي يكون مسؤولاً في مجلس الوزراء وفي الجمعية عن ترقية وتقديم تدابير لتحسين الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية لأهالي الجنوب. ولمساعدة الوزير في ذلك، اقترح هارلو تشكيل مجلس استشاري لشؤون الجنوب يختاره الوزير بالتشاور مع مديري المديريات الثلاث. وضُمّن اقتراح هارلو هذا في التوصيتين رقم 9 و 22 من توصيات لجنة تعديل الدستور ومن المهم ان نذكر هنا أن حزب الأمة اعترض لاحقاً على التوصيتين رقم 9 و 22 وطالب بإلغاء ما ورد فيهما بشأن الوزير الجنوبي لشؤون الجنوب، فقد قال في هذا الصدد: «من رأي الحزب أن يضم مجلس الوزراء وزيراً أو أكثر من المديريات الجنوبية. وليس من رأينا الأخذ بتوصية لجنة الدستور القائلة بتخصيص وزارة للجنوب يعين لها وزير جنوبي. فالسودان شماله وجنوبه قطر واحد يتساوى أبناؤه في الحقوق والواجبات والفرص، ولس من مصلحة البلاد أن يشمل الدستور نصوصاً تشتم منها رائحة التفرقة العنصرية والجغرافية بين أبناء الوطن الواحد». وفي إطار ضمانات الجنوب أيضاً اقترح هارلو إعطاء الحاكم العام سلطة حجب الموافقة عن أي تشريع يرى أنه سيكون ضاراً بمصالح أو رفاهية أهالي الجنوب. وقد ضُمن هذا الاقتراح مع إدخال بعض التعديل عليه في التوصية رقم 22 من توصيات لجنة الدستور وأصبح المادة 100 من مشروع قانون الحكم الذاتي الذي أجازته الجمعية التشريعية ورفع إلى دولتي الحكم الثنائي في 8 مايو 1952. وسيرد لاحقاً أن بعض الأحزاب السياسية الشمالية قد قبلت بموجب الاتفاقيات التي وقعتها في القاهرة في أكتوبر ونوفمبر 1952 مع حكومة ثورة 23 يوليو حذف المادة 100 من مشروع قانون الحكم الذاتي مما أثار ردود فعل جنوبية غاضبة. وسيرد أيضاً أن مسألة ضمانات الجنوب كانت واحدة من المسائل التي تعثرت بسببها المفاوضات المصرية - البريطانية التي سبقت إبرام اتفاقية 12 فبراير 1953 بشأن الحكم الذاتي وتقرير المصير للسودان.

    *
    http://www.sudaneseonline.com/arabic/index.ph...8A-%D8%B7%D9%87.html
                  

11-06-2011, 12:15 PM

عبدالله الشقليني
<aعبدالله الشقليني
تاريخ التسجيل: 03-01-2005
مجموع المشاركات: 12736

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ضد المدعــو " نيفاشــا " وضــد تقسيم الســودان . (Re: عبدالله الشقليني)

    (102)

    Quote:


    مسألة جنوب السودان في سياق تاريخي: 1899 – 1986م
    (3) / دكتور فيصل عبدالرحمن علي طه

    31/10/2011



    3- المرحلة من إعداد مشروع قانون الحكم الذاتي في مايو 1952 إلى توقيع اتفاقية الحكم الذاتي وتقرير المصير في 12 فبراير 1953
    قبل أن تدلي مصر وبريطانيا برأي حول مشروع الحكم الذاتي إستولى الجيش المصري على السلطة في 23 يوليو 1952. أحدثت ثورة 23 يوليو تحولاً مهماً في السياسة المصرية تجاه السودان. إذ أسقطت المطالبة بالسيادة على السودان، وقبلت الفصل بين مسألتي الجلاء والسودان، واعترفت بحق الشعب السوداني في تقرير مصيره وذلك إما باختيار الاستقلال التام أو الارتباط مع مصر. كما وافقت على أن يكون مشروع قانون الحكم الذاتي أساساً لمفاوضاتها مع الأحزاب السودانية ومع الحكومة البريطانية. ولكن ثورة 23 يوليو لم تسقط شعار وحدة وادي النيل أو تسلم بفصل السودان عن مصر، وإنما راهنت على قدرتها في التأثير على الرأي العام السوداني والقوى السياسية السودانية لاختيار الارتباط مع مصر.

    انتهجت حكومة اللواء محمد نجيب أسلوباً جديداً لمعالجة مسألة السودان. فدعت خلال الربع الأخير من عام 1952 إلى القاهرة وفوداً تمثل الأحزاب السياسية الشمالية للتباحث حول مصير السودان. شملت الدعوة الحركة الاستقلالية والحزب الجمهوري الاشتراكي والأحزاب الاتحادية الخمسة وحزب الوطن الذي كان يرعاه آل الشريف الهندي. ولم يُدع أحد ليمثل وجهة النظر الجنوبية مما ترتب عليه الكثير من التعقيدات التي سنعرض لها من بعد.
    كان أساس المباحثات مشروع قانون الحكم الذاتي. وانتهت المباحثات بالتوقيع على اتفاقيات مع ممثلي هذه الأحزاب على أساس مشروع قانون الحكم الذاتي والتعديلات التي اقترحتها الحكومة المصرية. لم توقع الأحزاب الاتحادية على اتفاقية مفصلة مع الحكومة المصرية. ولكن في بيان قصير أصدرته الأحزاب الاتحادية في 1 نوفمبر 1952 أعلنت قبولها بالأسس التي وردت في اتفاقية الجبهة الاستقلالية مع الحكومة المصرية باعتبارها الحد الأدنى لما يمكن أن تقبله الحكومة المصرية في مفاوضاتها المقبلة مع الحكومة البريطانية.
    وبما أن مذكرة الحكومة المصرية إلى الحكومة البريطانية في 2 نوفمبر 1952 أُسست على اتفاقها مع الحركة الاستقلالية، سنتناول هنا بعض بنود هذا الاتفاق مع بيان النقاط التي يختلف فيها مع الاتفاق الذي وقعته الحكومة المصرية مع الحزب الجمهوري الاشتراكي خاصة فيما يتعلق بالجنوب.
    رحبت مصر في ديباجة الاتفاق بممارسة أهالي السودان الحكم الذاتي التام، وصرحت بأنها تحتفظ للسودانيين بحقوقهم في السيادة على بلادهم إلى أن يقرروا مصيرهم بأنفسهم، وإذا ما قرروا مصيرهم في حرية تامة أن تحترم قرارهم.
    اتفق الطرفان كذلك على أن يقرر السودانيون مصيرهم في حرية تامة إما بإعلان استقلال السودان عن كل من مصر وبريطانيا وأي دولة أخرى، أو الارتباط مع مصر على أن يسبق ذلك قيام الحكم الذاتي الكامل في السودان فوراً. كما اتفقا على أن تكون هناك فترة انتقال تهدف إلى غرضين: تمكين السودانيين من ممارسة حكم ذاتي كامل، وتهيئة الجو الحر المحايد الذي لا بد منه لتقرير المصير.
    أبقى الاتفاق على الحاكم العام كالسلطة الدستورية العليا خلال فترة الانتقال التي حُددت بثلاثة أعوام على أن تعاونه لجنة خماسية مكونة من سودانيين إثنين وبريطاني ومصري وعضو محايد من الهند أو باكستان. استبعد الاتفاق من اختصاصات لجنة الحاكم العام ثلاث مسائل ليعالجها مع دولتي الحكم الثنائي وهي: الشؤون الخارجية، وأي تعديل يقترح البرلمان إدخاله في قانون الحكم الذاتي، وأي قرار تتخذه اللجنة ويرى الحاكم العام أنه يتعارض مع مسؤولياته.
    واتفق الطرفان كذلك على تشكيل لجنة للسودنة تتكون من مصري وبريطاني تعينهما حكوماتهما وثلاثة سودانيين يعينهم الحاكم العام بناءً على نصيحة رئيس الوزراء للإسراع في سودنة الإدارة والبوليس وأي وظائف أخرى حتى يتسنى للسودانيين تقرير مصيرهم في حرية تامة. وحدد الاتفاق ثلاث سنوات كحد أقصى لإنجاز مهام لجنة السودنة.
    وافق الاستقلاليون في اتفاقهم مع الحكومة المصرية على أن تحذف من المادة 100 من مشروع قانون الحكم الذاتي سلطة الحاكم العام المتعلقة بالجنوب. نعيد التذكير بأن المادة 100 كانت تنص على أن تكون للحاكم العام مسؤولية خاصة عن المديريات الجنوبية، وأن يكون من واجبه كفالة معاملة منصفة عادلة للمديريات الجنوبية لحماية مصالحها الخاصة. وأجازت المادة 100 للحاكم العام رفض الموافقة على أي مشروع قانون يرى أنه سيؤثر على أداء هذا الواجب. كما أجازت له إصدار الأوامر التي يرى أنها ضرورية لأداء هذا الواجب. وسيرد لاحقاً أن حذف سلطة الحاكم الخاصة بالجنوب من المادة 100 أثار سخط الجنوبيين. كما أثار جدلاً حاداً بين الحكومتين البريطانية والمصرية إبان المفاوضات التي جرت بينهما في نهاية عام 1952 بشأن الحكم الذاتي وتقرير المصير للسودان.
    يختلف اتفاق الحزب الجمهوري الاشتراكي مع الحكومة المصرية عن اتفاق الاستقلاليين في ثلاث مسائل جوهرية، فاتفاق الحزب الجمهوري يبقى على سلطات الحاكم العام الخاصة المتعلقة بالجنوب والمضمنة في المادة 100 من مشروع قانون الحكم الذاتي. وفي تبريره لذلك ذهب الحزب الجمهوري الاشتراكي إلى أنه الحزب الوحيد الذي يضم في عضويته جنوبيين ولذلك يتعين عليه الإصرار على الإبقاء على المادة 100 لأن ذلك يؤمن مصالح الجنوبيين. كما ادّعى الحزب الجمهوري أن الإبقاء على المادة 100 مهم للحفاظ على الوحدة بين الشمال والجنوب، لأن الجنوبيين كانوا معزولين عن الشمال لسنوات عديدة، وليس لديهم ثقة في الشماليين، ولذلك فإن النص في الدستور على أن للحاكم العام مسؤوليات خاصة تجاه الجنوب خلال الفترة الانتقالية هو السبيل الوحيد لإبقاء الجنوبيين متحدين مع الشمال، ولضمان مشاركتهم في مؤسسات الحكم الذاتي.
    وينص اتفاق الحزب الجمهوري الاشتراكي كذلك على أن تكون الانتخابات مباشرة في كافة أنحاء السودان طالما كان ذلك ممكناً وعملياً. فقد كان من رأي الحزب أن درجة الوعي في بعض مناطق شمال السودان لا تسمح بإجراء انتخابات مباشرة. ولم يرَ الحزب الجمهوري سبيلاً لإجراء انتخابات مباشرة في أي جزء من جنوب السودان بما في ذلك عواصم المديريات الثلاث.
    وبينما ينص اتفاق الاستقلاليين على أن تكمل لجنة السودنة مهمتها في ثلاث سنوات كحد أقصى، ينص اتفاق الحزب الجمهوري الاشتراكي على أن تكمل لجنة السودنة مهمتها في اسرع وقت ممكن مع الحفاظ على كفاءة المستوى الإداري الحالي.
    يبدو واضحاً مما تقدم أن الجنوب أُهمل ولم يدع للمشاركه في مفاوضات القاهرة لا من قبل الحكومة المصرية ولا من قبل الأحزاب الشمالية. وحتى الحزب الجمهوري الاشتراكي الذي كان يدعي تمثيل الجنوب، كان وفده مكوناً من ثلاثة شماليين. صحيح أنه لم تكن آنذاك أحزاب جنوبية، ولكن كان من الممكن دعوة أعضاء الجمعية التشريعية أو زعماء القبائل أو نفر من المتعلمين الجنوبيين.

    الجنوبيون يعترضون على اتفاقيات القاهرة
    في بيان صدر في ديسمبر 1952، اعترضت جماعة أطلقت على نفسها «لجنة جوبا السياسية» على التعديلات التي أدخلتها اتفاقيات القاهرة على مشروع قانون الحكم الذاتي. وقد تكونت هذه اللجنة من 36 شخصاً يمثلون مراكز جوبا وتوريت وييي والزاندي. وكانت تضم أيضاً أشخاصاً من مديريتي أعالي النيل وبحر الغزال. وكان معظم أعضاء اللجنة من الموظفين الجنوبيين. كما كان من بين أعضائها عضوان سابقان بالجمعية التشريعية واثنان من رؤساء القبائل. وقد تزامن صدور هذا البيان مع الإعلان بأن صلاح سالم سيزور الجنوب لاستطلاع آراء أهله. كما كانت المفاوضات المصرية - البريطانية بشأن الحكم الذاتي وتقرير المصير للسودان تمر آنذاك بأزمة خطيرة. وسنرى لاحقاً أنه كان من بين أسباب هذه الأزمة الخلاف حول سلطات الحاكم العام الخاصة المتعلقة بالجنوب والمضمنة في المادة 100 من مشروع قانون الحكم الذاتي.
    تَشكك بيان «لجنة جوبا السياسية» في حسن نية قادة الأحزاب السياسية الشمالية وذلك لإبرامهم اتفاقيات مع محمد نجيب بدون استشارة الجنوب، وبدون اعتبار للاتفاق الذي توصلوا إليه مع الجنوب في عام 1947 وتم التعبير عن ذروته المنطقية في قانون الحكم الذاتي.
    وأكد البيان تمسك الجنوبيين بقانون الحكم الذاتي كما أقرته الجمعية التشريعية، وأنهم لن يقبلوا أية تعديلات تُدخل عليه بدون موافقة جهاز تمثيلي ديمقراطي على هذه التعديلات. واعترض البيان على رأي أهل الشمال بإجراء تقرير المصير خلال ثلاثة أعوام لأن الجنوب «ليس بعد في وضع يؤهله للدخول في اتحاد حر وديمقراطي مع الشمال. فالجنوب متخلف عن الشمال في الوقت الحاضر في مستوى التعليم وفي كل مجالات التطور. إن الجنوبيين يرغبون في بقاء الخدمة المدنية الحالية التي ساهمت بشكل رئيسي في مستوى التطور الذي بلغه الشمال لتقوم بتوجيه الجنوبيين نحو نفس الهدف». وغني عن القول فإن الخدمة المدنية التي طالب البيان ببقائها في الجنوب هي الخدمة المدنية البريطانية.
    وانتهى بيان «لجنة جوبا السياسية» إلى أن الجنوبيين يتطلعون إلى اليوم الذي سيتمكنون فيه من الانضمام إلى الشمال في سودان حر ومتحد ومستقل «ولكنهم يشعرون بأن هذا لن يتم إلا حينما يصبحون في نفس مستوى الشمال. ولذلك ينبغي ألا تكون هناك فترة محددة لتقرير المصير».

    ضمانات الجنوب في مفاوضات دولتي الحكم الثنائي
    بدأت المفاوضات المصرية - البريطانية بشأن الحكم الذاتي وتقرير المصير للسودان في 20 نوفمبر 1952 ولكنها سرعان ما تعثرت بسبب الخلاف الذي نشب بين الجانبين حول سلطات الحاكم العام الخاصة بشأن الجنوب ومسألة السودنة. ففي اجتماع عقد في 24 نوفمبر 1952 اقترح السفير البريطاني رالف استيفنسن إعادة إدراج المادة 100 في مشروع قانون الحكم الذاتي لتصبح مسؤولية الحاكم العام الخاصة بشأن الجنوب ضمن سلطاته التقديرية. وفي معرض تبريره لذلك قال السفير البريطاني إنه بالرغم من أنه سيكون «للجنوب وزيران من بين خمسة عشر وزيراً فليس هذا بالكثير، ومن السهل أن يتغلب عليهما الشماليون. وذكريات الماضي كثيرة وهي توحي بأن الجنوبيين يخامرهم الشعور بتحسن حالهم لو أُسندت إلى الحاكم العام مسؤؤلية خاصة». وعبَّر السفير البريطاني عن اعتقاده بأن اضطرابات قد تقع إذا لم يكن للحاكم العام بعض السلطات لحماية الجنوب.
    وقال المفاوض البريطاني باروز إن على بريطانيا مسؤولية تجاه الجنوب ومن واجبها حمايته بقدر المستطاع من أن يكون ضحية الشماليين. وحذر باروز من أن أهل الجنوب إذا استشعروا بأن القانون الجديد فيه مساس بهم فسيلجأون إلى وسائل بدائية لا إلى وسائل دستورية لكي يرفعوا ما حاق بهم. وذكر باروز أن السكرتير الإداري لحكومة السودان جيمس روبرتسون أبلغه بأن زعماء الجنوب قد هددوا بإحراق البلاد إذا أُهملت مطالبهم.
    وفي الاجتماع الذي عقد في 9 ديسمبر 1952 قال السفير البريطاني رالف استيفنسن إن سلطات الحاكم العام الخاصة بشأن الجنوب تستهدف تحقيق غرضين هما ضمان انضمام الجنوب إلى باقي السودان في المرحلة القادمة والتأكد من أن الجنوب سيمنح ثقته للشمال أثناء فترة الانتقال. وقال السفير البريطاني كذلك إن بلاده تريد توحيد السودان. ولكنه نبه إلى أن هذا التوحيد لن يتحقق إلا عن طريق القضاء على مخاوف الجنوبيين واستعادة ثقتهم بالشماليين.
    وفي معرض رده على الطرح البريطاني بشأن الجنوب شدد الجانب المصري خلال اجتماعي 24 نوفمبر و9 ديسمبر 1952 على أنه يجب ألا تكون هناك تفرقة بين أهالي السودان. أو أن تذكر كلمة «شمال» و«جنوب» في مشروع قانون الحكم الذاتي، لأن السودان كان ولا يزال دائماً كلاً لا يتجزأ. وأعلن الجانب المصري أنه لن يقبل أي اقتراح يعرض وحدة السودان للعبث، أو يفهم منه الفصل بين الشمال والجنوب. وذهب المفاوض المصري حامد سلطان إلى أن الحكومة المصرية تعد وحدة السودان وديعة مقدسة، وتتعهد باحترام هذه الوحدة والاحتفاظ بها سليمة للشعب السوداني.

    اتفاق الأحزاب الشمالية في 10 يناير 1953 يتجاهل الجنوبيين
    عندما رفعت المفاوضات المصرية - البريطانية في 22 ديسبمر 1952 كان الجدل لا يزال قائماً حول سلطات الحاكم العام الخاصة بشأن الجنوب، وربط تقرير المصير بالسودنة، وبعض المسائل الأخرى. ولدحض وجهة النظر البريطانية بشأن مسألتي الجنوب والسودنة رأت الحكومة المصرية أن تستشير الأحزاب السودانية، وزعماء القبائل الجنوبية، وأعضاء الجنوب السابقين في الجمعية التشريعية. ولهذا الغرض سافر إلى السودان في 21 ديمسبر 1952 صلاح سالم يرافقه وزير الأوقاف المصري أحمد حسن الباقوري.
    تمكن صلاح سالم والباقوري من زيارة عواصم المديريات الجنوبية الثلاث وبعض المدن الرئيسية حيث التقوا بزعماء القبائل والسلاطين وبعض أعضاء الجمعية التشريعية السابقين. وفي نادي جوبا ألقى الباقوري محاضرة عن الإيمان قال فيها إن الإرساليات التبشيرية تبث روح الكراهية بين أبناء الوطن الواحد من شماليين وجنوبيين. وقال أيضاً إن الاسلام مجد المسيحية ومجد رسولها السيد المسيح وأمه مريم في أكثر من موضع في القرآن. وانتهى الباقوري إلى أن الإيمان يقتضي الحرية وفي مقدمتها حرية الأديان.
    عند عودته من الجنوب إجتمع صلاح سالم بممثلي أحزاب الأمة والوطني الإتحادي والوطن والجمهوري الاشتراكي حيث اطلعهم على نتائج رحلته للجنوب، وعلى الوثائق التي سيواجه بها الطرح البريطاني بشأن الضمانات اللازمة لحماية الجنوب ومسألة سودنة الإدارة. وخلال هذا الاجتماع أفلح صلاح سالم في توحيد مواقف الأحزاب الشمالية من كل النقاط المختلف عليها بين دولتي الحكم الثنائي وهي الجنوب ولجنة الحاكم العام والسودنة والانتخابات وجلاء القوات الأجنبية وضُمن ذلك في الاتفاق التاريخي الذي وقعته الأحزاب الشمالية في 10 يناير 1953. وأجمعت تلك الأحزاب على أن تكون بنود الاتفاق أساساً لدستور الحكم الذاتي واتفقت على مقاطعة أي انتخابات تجرى في ظل دستور آخر.
    وهكذا ارتكبت الأحزاب الشمالية والحكومة المصرية خطأ آخر، إذ لم يؤخذ رأي الجنوب في المسائل المختلف عليها علماً بأن إحدى هذه المسائل تخص الجنوب.

    استئناف المفاوضات المصرية - البريطانية
    عند استئناف المفاوضات المصرية - البريطانية في 12 فبراير 1953 لاحظ السفير البريطاني عدم تمثيل الجنوب في اتفاق الأحزاب السياسة السودانية. فرد صلاح سالم بأن هذه الأحزاب لا تمثل شمال السودان فحسب بل تمثل شمال وجنوب السودان معاً. وأضاف أنه يوجد في كل حزب من هذه الأحزاب أعضاء من الجنوب. فبعض زعماء الدينكا والباريا في الحزب الوطني الإتحادي والبعض الآخر في حزب الأمة وكذلك في الحزب الجمهوري الاشتراكي!
    ولكن السفير البريطاني أعلن أن حكومته لا تقبل التخلي عن الضمانات اللازمة للجنوب المنصوص عليها في المادة 100 من مشروع قانون الحكم الذاتي. وأكد أن حكومته لا تنوي فصل الجنوب عن بقية السودان، وأن سلطات الحاكم العام بشأن الجنوب لن تُستخدم على أي صورة تتعارض مع سياسة الوحدة. ولتجاوز الخلاف حول هذه المسألة، إقترحت الحكومة البريطانية أن تبقى المادة 100 كما هي في مشروع قانون الحكم الذاتي ولكن تعمم سلطات الحاكم العام الخاصة لتشمل كل مديريات السودان. لذا وبموجب الملحق الرابع لاتفاقية 12 فبراير 1953 بشأن الحكم الذاتي وتقرير المصير للسودان نصت المادة 100 (1) على أن تكون للحاكم العام مسؤولية خاصة ليكفل معاملة جميع سكان مختلف مديريات السودان معاملة عادلة منصفة. وبموجب نفس الملحق عُدلت المادة 12 من قانون الحكم الذاتي لتنص ضمن أمور أخرى على أنه يتعين على الحاكم العام الحصول على موافقة سابقة من لجنة الحاكم العام عند ممارسته لسلطاته التقديرية المخولة له بمقتضى المادة 100.
    وحتى لا يستغل الحاكم العام المادة 100 لتقويض وحدة السودان. فقد نصت المادة 5 من الاتفاقية على أنه لما كان الاحتفاظ بوحدة السودان كإقليم واحد مبدأً أساسياً للسياسة المشتركة للحكومتين المصرية والبريطانية ، فقد إتفقتا على ألا يمارس الحاكم العام سلطاته بموجب المادة 100 من قانون الحكم الذاتي على أية صورة تتعارض مع هذه السياسة.

    تكوين أحزاب جنوبية
    نصت المادة 7 من اتفاقية الحكم الذاتي وتقرير المصير للسودان لعام 1953 على تشكيل لجنة دولية للانتخابات من سبعة أعضاء: ثلاثة منهم من السودانيين يعينهم الحاكم العام بموافقة لجنته، وعضو مصري، وعضو من المملكة المتحدة وعضو من الولايات المتحدة الأمريكية، وعضو هندي تعينهم حكوماتهم على أن يكون العضو الهندي رئيساً للجنة.
    أجريت انتخابات مرحلة الانتقال واكتمل إعلان نتائجها في 13 ديسبمر 1953. وبدعم مصر المالي والإعلامي، إستطاع الحزب الوطني الاتحادي أن يحقق نصراً كاسحاً ويشكل الحكومة برئاسة إسماعيل الأزهري. وفي يناير 1954 شهد الحاكم العام كتابة بحلول اليوم المعين وبداية فترة الانتقال المحددة بثلاثة أعوام. ففي ذلك التاريخ تم تكوين مؤسسات الحكم الذاتي وهي مجلس الوزراء ومجلس النواب ومجلس الشيوخ.
    لم تُشكل أحزاب سياسية في الجنوب إلا قبل انتخابات مرحلة الحكم الذاتي التي أُجريت بموجب المادة 7 من الاتفاقية وملحقها الثاني. وفي يناير 1954 أي بعد الانتخابات اندمج الحزب الجنوبي المتحد والرابطة الجنوبية السياسية ليكونا معاً حزب الأحرار. وقد وقع على إعلان قيام هذا الحزب 23 عضواً من أعضاء البرلمان: 16 من مجلس النواب و7 من مجلس الشيوخ. جاء في الإعلان أن الحزب أُسس لحماية مصالح الجنوب وتجنب الدخول في الصراع الطائفي. وجاء فيه كذلك أن الحزب يؤمن باستقلال السودان التام وسيعمل مع أي أحزاب شمالية تشاركه هذا الرأي.
    أمن حزب الأحرار على الحاجة لقيام علاقات طيبة مع مصر والدول الأخرى. ولكنه أعلن معارضته القوية لأي شكل من الاتحاد مع مصر أو لأي سيطرة أجنبية على السودان. وأعلن كذلك أنه يهدف للتنمية الاجتماعية والاقتصادية للمناطق المتخلفة والتي تشمل الجنوب والنوبة والفور والفونج.
    أُسندت رئاسة الحزب لبنجامين لوكي واختير استانسلاوس بياساما نائباً للرئيس وبوث ديو سكرتيراً عاماً وباولو لوقالي أميناً للصندوق. كما ضمنت لجنة الحزب في مواقع أخرى غردون أيوم وألفريد أُلودو.
    سيرد من بعد أن حزب الأحرار تبنى الدعوة لعقد مؤتمر جوبا الثاني في 18 اكتوبر 1954، وأن المؤتمر صوت لقيام إتحاد فيدرالي بين شمال السودان وجنوبه. وسيرد أيضاً أن دائرة إهتمام المشاركين في المؤتمر إتسعت لتشمل الفور والفونج والنوبة والسود في الشمال.

    *
    http://www.sudaneseonline.com/arabic/index.ph...8A-%D8%B7%D9%87.html
                  

11-26-2011, 12:41 PM

عبدالله الشقليني
<aعبدالله الشقليني
تاريخ التسجيل: 03-01-2005
مجموع المشاركات: 12736

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ضد المدعــو " نيفاشــا " وضــد تقسيم الســودان . (Re: عبدالله الشقليني)

    (103)

    Quote:



    مسألة جنوب السودان في سياق تاريخي: 1899 – 1986م (4)/دكتور فيصل عبدالرحمن علي طه

    14/11/2011


    4- مؤتمر جوبا الثاني: 18 أكتوبر 1954
    في 20 فبراير 1954 عين الحاكم العام أعضاء لجنة السودنة. وقد كانوا: عبدالحميد داود مرشح مصر وبيرنت مرشح بريطانيا واختار من قائمة رئيس الوزراء عثمان يوسف أبو عكر وإبراهيم يوسف سليمان ومحمود الفضلي. وكما سبق أن ذكرنا فإن لجنة السودنة كانت مكلفة بسودنة الإدارة والبوليس وقوة دفاع السودان وغيرها من الوظائف التي تؤثر على حرية السودانيين عند تقرير المصير. وحُددت فترة ثلاثة أعوام كحد أقصى لإتمام أعمال لجنة السودنة. وسيرد من بعد عندما نعرض لتمرد الفرقة الإستوائية في توريت في 18 أغسطس 1955، أن اللجنة التي شُكلت للتحقيق في أسباب الاضطرابات التي ترتبت على هذا التمرد قد ذكرت كواحد من هذه الأسباب خيبة أمل الجنوبيين في نتائج السودنة والخوف من سيطرة الشماليين.
    إذ بدأت فجوة عدم الثقة بين الشمال والجنوب تتسع عندما تعاملت لجنة السودنة مع السودنة بالمعايير التقليدية: الأقدمية والمؤهل ولم تفطن للمعيار السياسي التي كانت ظروف السودان تحتم تطبيقه. فكانت النتيجة أن استيقظ أهل الجنوب ذات صباح ليجدوا أن كل المناصب الرفيعة في الإدارة والجيش والشرطة قد استحوذ عليها الشماليون. فمن بين أكثر من 800 وظيفة تمت سودنتها كان نصيب الجنوب أربع وظائف أرفعها كانت برتبة مساعد مفتش. وقال أهل الجنوب يومئذ إن ما حدث لم يكن سودنة بل «شملنة» وأن كل ما أصابوه من السودنة كان استبدالاً لسيد بسيد. ومن الطبيعي في مثل هذه الظروف أن تزداد قابلت الجنوب للتدخل الخارجي فنشطت الهيئات التبشيرية المسيحية، ونشط بعض قدامى الاداريين البريطانيين الذين عادوا للخدمة في الدول الأفريقية المجاورة.
    على أية حال في أكتوبر 1954 دعا حزب الأحرار الجنوبي إلى عقد مؤتمر في جوبا ليناقش المسائل التالية:
    (1) موقف الحكومة الحالية من جنوب السودان.
    (2) إمكانية تشكيل كتلة جنوبية متحدة في البرلمان.
    (3) مستقبل السودان.
    انتقدت صحيفة الأيام فكرة المؤتمر ووصفتها بالعنصرية الصارخة لأن المؤتمر لا يضم غير الجنوبيين، ولأن أغراضه كلها تهدف للعناية بأمر الجنوب وحده، وكأنما الجنوب والشمال لا يؤلفان قطراً واحداً، وكأنما أمر الشمال لا يهم الجنوبيين في قليل أو كثير.
    وتوقعت «الأيام» أن تكون من بين أغراض المؤتمر الضغط على الحكومة الحاضرة أو أي حكومة تقوم في السودان لتعامل الجنوبيين معاملة تختلف عن معاملة الشماليين خاصة في مجال الخدمة المدنية. ثم قالت إن الجنوبيين يريدون أن تُسودن المناصب الإدارية في الجنوب بإداريين منهم. ورأت «الأيام» في ذلك تقويضاً للمبادئ التي تقوم عليها الخدمة المدنية في السودان. لأن الإداريين من شماليين وجنوبيين يضمهم كشف واحد، والأسس التي تؤخذ في الاعتبار عند ترفيع الموظفين هي الجدارة والإستحقاق والأقدمية. وحذرت «الأيام» من أن إدخال فوارق عنصرية في الخدمة المدنية يعرضها للخطر والانهيار.
    الحكومة تستبق نتائج المؤتمر
    في 13 أكتوبر - أي قبل بضعة أيام من انعقاد مؤتمر جوبا الثاني وقبل يومين من بدء زيارته الأولى للمديريات الجنوبية، وجه رئيس الوزراء إسماعيل الأزهري من خلال إذاعة أم درمان بياناً للجنوبيين. قال أزهري في بيانه إن حكومته قد وضعت منذ مجيئها للسلطة من بين أهدافها الرئيسية إجراء إصلاحات أساسية لرفع مستوى المناطق المتخلفة نسبياً، خاصة المدريات الجنوبية الثلاث وجبال النوبة. وأضاف أن هذه المناطق لم تحصل على ما تستحقه من رعاية وعناية مما أدى إلى الفروقات الحالية في مستوى المعيشة وفي الرواتب وفئات الأجور في المديريات الشمالية والجنوبية. ومضى للقول إنه من واجب أي حكومة تدرك مسؤولياتها إزالة عدم التساوي هذا لأجل تحقيق الوحدة والتماسك في البناء الإجتماعي والثقافي والفكري للأمة.
    واقتطف رئيس الوزراء فقرة وردت في الرسالة التي وجهها في 14 يوليو 1954 للرؤساء والسلاطين. أكد أزهري في تلك الرسالة أن حكومته تستنكر كافة أشكال التفرقة العنصرية، وتعتبر كل الشماليين والجنوبيين إخوة مواطنين متساوين في الحقوق والواجبات. وذكر فيها أيضاً أن المزايا والمؤهلات والمقدرات هي العوامل الحاسمة التي تحدد توظيف المواطن سواء كان شمالياً أو جنوبياً. وللتدليل على أن المواطنين الجنوبيين قد منحوا نصيباً عادلاً في تحمل مسؤوليات الحكم، طلب أزهري أن يُنظر بموضوعية إلى تشكيل حكومته. ثم أكد تصميم حكومته على تصحيح أخطاء الماضي حتى يتمكن الجنوب من اللحاق بالشمال بأسرع ما يمكن.
    وللوفاء بما وعد به السلاطين والرؤساء في يوليو 1954 وتنفيذاً للسياسة التي أعلنتها حكومته قبل ذلك، عدد أزهري القرارات التي اتخذها مجلس الوزراء في اجتماعه في 12 أكتوبر 1954. اشتملت تلك القرارات ضمن أمور أخرى على ما يلي:
    (أ) أن يعامـل خريجو مدارس جنوب السودان ممن لهم مؤهلات تعادل مؤهلات رصفائهم في الشمال نفس المعاملة وأن تُعدل رواتبهم على هذا الأساس.
    (ب) معاملة الضباط التنفيذيين الجنوبيين ونواب المآمير نفس معاملة رُصفائهم الشماليين.
    (ج) زيادة رواتب الرؤساء ونوابهم ورؤساء المحاكم وكتبة المحاكم بنسبة 50 في المائة.
    (د) مساواة رواتب الجنوبيين الذين يعملون في الشرطة وقوة دفاع السودان برواتب رُصفائهم في الشمال.
    (هـ) أن يكون الحد الأدنى للاجور في الجنوب على النحو التالي:
    - في الزاندي ومريدي 150 قرشاً في الشهر.
    - في بحر الغزال والاستوائية (باستثناء الزاندي ومريدي) 205 قرشاً في الشهر.
    - في أعالي النيل 250 قرشاً في الشهر.
    (و) إنشاء ثلاث وظائف لمساعدي مفتشي مراكز وثلاث للمآمير في المديريات الجنوبية الثلاث.
    (ز) تمثيل مديرية أعالي النيل في لجنة مراقبة طلمبات مياه النيل.
    (ح) تحسين أجور عمال مشروع الزاندي الذي عينتهم لجنة مشاريع الإستوائية بحيث يصبح الحد الأدنى للأجر اليومي خمسة قروش. وزيادة 45 قرشاً للذين يتقاضون أجراً شهرياً يتراوح بين 130 و270 قرشاً، وزيادة 60 قرشاً للذين يتقاضون أجراً شهرياً يتراوح بين 270 قرشاً و7 جنيهات.
    تعرض بيان رئيس الوزراء لنقد شديد لأنه لم يعرض لمسألة التنمية في الجنوب وخطط الحكومة في هذا الصدد. إزاء ذلك أصدر وزير المالية بياناً ورد فيه أن بيان رئيس الوزراء إقتصر على الأمور التي تحتاج إلى معالجة عاجلة وأما التخطيط للتنمية فإنه يحتاج إلى تفكير متأنٍ. كما أن تنمية الجنوب ينبغي أن تدرس في إطار اقتصاد السودان ككل. وورد في بيان الوزير كذلك أن التنمية في الجنوب لم تهمل حيث وفرت الحكومة للجنة مشاريع الاستوائية مبلغ مليون جنيه. وقد شجع قسم الإنتاج باللجنة زراعة القطن بأرض الزاندي وأقام مصانع الغزل والنسيج والسكر والزيت والصابون مما شكل بداية للتنمية الصناعية في الجنوب. وأوضح البيان أن سياسة الحكومة تهدف إلى مراجعة أهداف وأنشطة هذا المشروع وتوجيهها لتحقيق مستوى معيشة أعلى لسكان تلك المنطقة.
    وذكر الوزير في بيانه أنه بخلاف لجنة مشاريع الاستوائية فهناك عمل تجريبي واسع يتم بموجب برامج التنمية في السودان للفترة 1946/1951 و1951/1956. والغرض من هذه التجارب التعرف على إمكانية زراعة الأرز في ملكال وأويل والسكر في منقلا وسابوري والبن والتبغ في أمادي. وأما السياسة البعيدة من ورائها فهي تحديد المحاصيل الأكثر مناسبة لزراعتها بنجاح لزيادة الإنتاج والدخل القومي.
    ونوه الوزير إلى أن فريق تقصي التنمية الجنوبي على وشك الفراغ من إعداد تقرير أولي بشأن الموارد الطبيعية في جنوب السودان. وعبر عن أمله في أن يفيد التقرير في تحديد إتجاهات التنمية في الجنوب.
    لم يعط الوزير إجمالي المبلغ الذي أُنفق على التنمية في الجنوب واكتفى بالقول إنه قد يبلغ ملايين الجنيهات وسيزيد عندما تُعرف إمكانات الجنوب.

    قرارات مؤتمر جوبا الثاني
    دُعي لمؤتمر جوبا الثاني ممثلون للمديريات الجنوبية الثلاث وبعض الرؤساء والسلاطين. كما دُعي إليه نفر من الجنوبيين المقيمين في الخرطوم. وجدير بالذكر أن أحد المشاركين في المؤتمر ويدعى موسى بشير قد وُصف في وقائع المؤتمر بأنه ممثل السود بالخرطوم وأوضح هو نفسه في مداخلته في الجلسة الثالثة للمؤتمر بأنه لا يمثل قبيلة وإنما يمثل اللون وأنه يتحدث بإسم 25 ألفاً من الجنوبيين في الشمال وأن ذلك يشمل النوبة والفور والفونج الذي يؤيدون فكرة الفيدرالية.
    عقد المؤتمر أربع جلسات كانت الأولى في 18 أكتوبر والختامية في 21 أكتوبر 1954. الجلسة الأولى كانت إجرائية حيث انتخب فيها بنجامين لوكي رئيساً للمؤتمر ودينق شول نائباً للرئيس وماركو مورغان سكرتيراً. وعُين مترجمون للغة العربية ولغات الباري واللاتوكا والزاندي والدينكا.
    إشتمل جدول أعمال المؤتمر على المسائل التالية:
    (1) المستقبل السياسي للسودان ككل.
    (2) المستقبل السياسي للجنوب في ظل السودان الواحد.
    (3) الاتحاد مع مصر الذي يدعو له الحزب الوطني الإتحادي.
    (4) الاقتصاد والتعليم في الجنوب.
    إختار المؤتمر استقلال السودان والجمهورية نظاماً للحكم ولم يصوت أحد للإتحاد مع مصر. وعندما أُجري التصويت على مستقبل الجنوب السياسي صوت 217 من المشاركين في المؤتمر لصالح الفيدرالية في إطار السودان الموحد ولم يصوت أحد ضدها. وامتنع عن التصويت 7 نواب من الحزب الوطني الاتحادي.
    حفلت الجلسة التي أُقرت فيها الفيدرالية بالعديد من المداخلات ولكننا سنعرض هنا لمداخلتين إحداهما لفحل يوكاندا أحد ممثلي مديرية بحر الغزال والأخرى للرئيس عبدالله ممثل توريت - كاتري.
    قال فحل يوكاندا إنه في مؤتمر جوبا الأول في عام 1947 اتفق الشمال والجنوب على وحدة السودان وعلى المساواة بين الشماليين والجنوبيين في التعليم والتدرييب والرواتب. ولكن منذ ذلك التاريخ لم يُدرب جنوبيون لشغل وظائف في الإدارة والصحة والتعليم والجيش والزراعة والوظائف الفنية. وقال أيضاً إن سبب عقد مؤتمر جوبا الثاني هو فشل الشماليين في تحقيق ما طالب به الجنوبيون في مؤتمر جوبا الأول. فقد أُهمل الجنوبيون ولم يقلدوا أي مسؤوليات في إدارة بلادهم.
    وأوضح يوكاندا أن من بين أسبابه لتأييد الفيدرالية اتفاقية القاهرة في عام 1953 التي لم يستشر الجنوبيون بشأنها وأدت إلى قيام الحكومة الحالية. وجاء في مداخلة يوكاندا كذلك قوله: «إن سيل الشماليين يتدفق نحو الجنوب ليسرقوا أرضنا.. نيابة عن بحر الغزال أنا أرفض هذه السياسة التي تستبدل المسؤولين الأجانب بالشماليين لأنها لا تؤدي إلا للاضطرابات والفوضى في الجنوب. ولانقاذ السودان يجب أن يحصل الجنوب على حكم فيدرالي». وطالب يوكاندا بالانفصال إذا رُفضت الفيدرالية لأن الجنوب سيضيع بدونها.
    وقال الرئيس عبدالله في مداخلته إن دولتي الحكم الثنائي قد فشلتا في تنمية الجنوب وان مطالبة الشماليين بالحكم الذاتي كانت بغرض السيطرة على الجنوبيين وليكونوا أسياداً عليهم بدلاً من أن يكونوا إخوة لهم. أيد الرئيس عبدالله الفيدرالية وطالب بها لانقاذ رفاقه السود في الشمال. وأضاف أن السود في كل السودان يمرون بمرحلة حاسمة في ظل النظام القائم، وبما أن الجنوبيين قد صححوا أوضاعهم، فإنه ينبغي عليهم انقاذ الآصدقاء المساكين أي النوبة والفور والفونج.
    خصصت الجلسة الختامية للمؤتمر لمناقشة مسألتي الاقتصاد والتعليم. وفي بدايتها قال رئيس المؤتمر إن الحكم الثنائي لم يقدم شيئاً للجنوب في مجال التعليم، وأنه فضل الشمال وقدم له تعليماً أحسن. وقال أيضاً إن الحكومة الحالية قد أخطأت خطأً فادحاً بضم الجنوب للمناطق المتخلفة في الشمال لأن الجنوب أكثر تقدماً ولا مجال لمقارنته بقبائل البجا والهدندوة والبقارة. ولذلك يجب أن تُعامل قضيته معاملة منفصلة.
    لم يتطرق أي من المشاركين في المؤتمر للشأن الاقتصادي وتناولت مداخلات قليلة مسألة التعليم. وقد ورد في بعضها أن المدارس القائمة لا تفي بالحاجة وأن قلة قليلة من مخرجات التعليم الجنوبي تلتحق بكلية الخرطوم الجامعية. وطالب أحد المتحدثين بتعيين وزير للتعليم في الجنوب. ودعا آخر للاهتمام بالتعليم الفني.
    إبلاغ قرار الفيدرالية للحكومات المعنية
    بعد انفضاض مؤتمر جوبا الثاني، بعث رئيس المؤتمر بنجامين لوكي برسالة إلى وزيري خارجية بريطانيا ومصر وإلى الحاكم العام وإلى رئيس وزراء السودان يبلغهم بأن المؤتمر قد صوت لصالح قيام اتحاد فيدرالي بين جنوب السودان وشماله.
    دعا بنجامين لوكي في رسالته الشماليين للاعتراف بالفوارق الإثنية والثقافية والدينية بين الشمال والجنوب. وقال إن على الشماليين أن يدركوا أن هذه الفوارق الطبيعية والجوهرية لا تفضي إلا إلى واحد من أمرين: قيام اتحاد فيدرالي بين الشمال والجنوب، وإذا لم يكن ذلك مقبولاً للشماليين يقسم السودان إلى دولتين مستقلتين تماماً عن بعضهما البعض مثلما انشطرت باكستان عن الهند.
    وعبر بنجامين لوكي في رسالته عن رغبة الجنوبيين إنهاء الحكم الثنائي بنفس القدر الذي يرغبون فيه إيقاف الزحف الشمالي الاستعماري نحو الجنوب الذي أصبح واضحاً. كما أكد عدم التزام الجنوبيين بوحدة السودان المنصوص عليها في دستور الحكم الذاتي لأن الشماليين أدخلوا تعديلات على هذا الدستور في القاهرة دون أن يأخذوا وجهة نظر الجنوب. وأضاف أن دستور الحكم الذاتي لا يعبر بالكامل عن طموح الجنوبيين وأن دخولهم البرلمان لا يغير أو يضعف وجهة نظهرهم بعدم عدالة هذا الدستور. فقد دخلوا البرلمان بإرادتهم وبإمكانهم كذلك أن يختاروا الخروج منه.
    في ختام رسالته قال بنجامين لوكي إن الجنوبيين يؤمنون إيماناً جازماً بحقهم كعنصر مختلف عن شعب السودان. ولذلك ينبغي أن يقرروا مستقبل الجنوب بالطريقة التي تناسب أهدافهم، وإذا نشأ وضع أُنكر فيه على الجنوبيين حقهم في تقرير مصيرهم، فإن من حقهم حينئذ أن يطلبوا سماعاً دولياً.
    جنوبيون يطالبون بارتباط دستوري مع مصر
    عند توقيع اتفاقية الحكم الذاتي وتقرير المصير للسودان في فبراير 1953، كان الحزب الوطني الاتحادي هو الحزب السوداني الوحيد الذي كان يدعو للاتحاد مع مصر. جاء مولد هذا الحزب ثمرة لجهد قام به محمد نجيب رئيس وزراء مصر وصلاح سالم عضو مجلس قيادة ثورة 23 يوليو 1952 ووزير الارشاد القومي والدولة لشؤون السودان فيما بعد. شمل هذا الجهد إجراء وساطة وعقد مصالحات بين الأحزاب الاتحادية المختلفة بغرض توحيدها في حزب واحد. إذ أن حكومة ثورة 23 يوليو كانت تعتقد أن هذا التوحيد سيحسم معركة تقرير المصير لصالح خيار ارتباط السودان بمصر الذي نصت عليه المادة 12 من الاتفاقية. شمل التوحيد حزب الأشقاء (جناح أزهري)، وحزب الأشقاء (جناح نور الدين)، وحزب الأحرار الاتحاديين، والجبهة الوطنية، وحزب الاتحاديين، وحزب وحدة وادي النيل.
    نص دستور الحزب الوطني الاتحادي على أن هدف الحزب هو إنهاء الوضع الحاضر، وجلاء الإستعمار الأجنبي، وقيام حكومة سودانية ديمقراطية في إتحاد مع مصر. وتُحدد قواعد هذا الإتحاد بعد تقرير المصير. من الواضح أن الدستور تجنب تحديد نوع الاتحاد المنشود بل أجل ذلك إلى ما بعد تقرير المصير لأن الأحزاب التي انضوت تحت لواء الحزب الوطني الاتحادي كانت تدعو لانماط مختلفة من الوحدة أو الاتحاد تتراوح بين الانصهار التام والاتحاد الكنفيدرالي. ولم تفلح إطلاقاً في بلورة رؤية متجانسة للاتحاد أو الوحدة التي تنشدها مع مصر.
    وفي اجتماع عقدته اللجنة التنفيذية للحزب الوطني الاتحادي في يومي 8 و 9 أبريل 1955، وعلى ضوء توصيات لجنة العشرة (خمسة نواب وخمسة وزراء)، تقرر أن يكون تفسير مبدأ الاتحاد مع مصر وتعريفه هو : أن يكون السودان جمهورية مستقلة كاملة السيادة، وأن يكون هناك تنسيق للمصالح المشتركة بين مصر والسودان وهي: الدفاع، والسياسة الخارجية، والسياسة الاقتصادية، ومياه النيل. أي أن الاتحاد مع مصر لا يعني سوى التعاون بين ندين في إطار المصالح المشتركة.
    أصابت قرار الحزب الوطني الاتحادي بالتحول إلى الاستقلال التام صلاح سالم وزير الارشاد القومي ووزير الدولة لشؤون السودان بصدمة شديدة فبذل أقصى الجهود لإضعاف مركز إسماعيل الازهري وتقوية مركز نائبه محمد نور الدين في رئاسة الحزب الوطني الاتحادي واستخدم في ذلك عدة أسلحة. السلاح الرئيس كان الرشوة لشق الحزب الوطني الاتحادي وتأليب الجنوبيين، وتشجيع النزعات الانفصاليه في أوساطهم.
    ففي الأسبوع الأول من أبريل 1955 أصدر الأعضاء الجنوبيون في الحزب الوطني الاتحادي وكان بضمنهم بولين ألير وزير الثروة الحيوانية، بياناً قالوا فيه إن ظنهم قد خاب تماماً في زملائهم في الحكومة وبرروا ذلك بما يلي:
    أ- إن السودنة بالرغم من كل نضال وضغط الأعضاء الجنوبيين على الحكومة لم يفد منها جنوبي واحد في الخدمة المدنية.
    ب- إن رئيس الوزراء وأقرانه قد تعمدوا الإحجام عن التنمية الاقتصادية. مما يعني إعطاء الأسبقية للتنمية الاقتصادية الشمالية تاركين الجنوب تحت رحمة المشاريع الخاصة.
    ج- تعمد عدم الأخذ في الاعتبار وجهات النظر الجنوبية السياسية بل تجاهلها دائماً.
    د- لما تقدم فإن الأعضاء الجنوبيين في الحزب الوطني الاتحادي يطالبون بالفيدرالية بين الشمال والجنوب وأن تعلن هذه الفيدرالية كسياسة السودان المستقبلية.
    هـ- إن الارتباط مع مصر أفضل كثيراً من استمرار الأوضاع الحالية.
    وفي الأسبوع الثاني من شهر أبريل 1955 بعث 11 من نواب حزب الأحرار رسالة إلى إسماعيل الأزهري قالوا فيها إن شمال السودان قد أصاب قسطه من التقدم في النواحي الاقتصادية والثقافية والاجتماعية بفضل المعونات التي أمدته مصر مباشرة بالجزء الأكبر منها. ثم أبدوا استعدادهم لمؤازرة الحكومة إذا وضعت برنامجاً اقتصادياً وثقافياً حاسماً. وطلبوا من الحزب الوطني الاتحادي عندما يضع الخطط لمستقبل السودان ككل لا يتجزأ، أن يقرر بوضوح أنه سوف ينص ضمن الروابط التي تربطه بمصر على ما يضمن تطور المديريات الجنوبية الثلاث. وشددوا على أنهم لن يستريحوا لوجود هذا الضمان إلا إذا وضع به دستور خاص للمصالح المشتركة بين مصر والسودان.
    وتأسيساً على ما تقدم أعلن نواب حزب الأحرار الذين وقعوا على الرسالة عدم موافقتهم على القرارات التي أصدرتها لجنة العشرة في 6 إبريل 1955 لأنها لا تلزم البلدين بكفالة مصالحهم وعبروا عن أملهم في أن يراجع الحزب الوطني الاتحادي هذه القرارات.
    وقد كان من أبرز الموقعين على الرسالة بوث ديو (نائب وادي الزراف)، وجوشوا ملوال (نائب غرب النوير)، وإيليا كوزي (نائب الزاندي شرق)، ومحمد نجومي (نائب نهر الجور جنوب)، ولينو تومبي لاكو (نائب جوبا)، وإدوارد أدوك (نائب الشلك). وقد سبق أن ذكرنا أن مؤتمر جوبا الثاني الذي عقد في أكتوبر 1954 وشارك فيه كل نواب حزب الأحرار كان قد قرر استقلال السودان ورفض الاتحاد مع مصر.
    مؤتمر جوبا الثالث 6-7 يوليو 1955
    ترأس بنجامين لوكي في يوليو 1955 مؤتمراً ثالثاً عقد في جوبا وحضره معظم أعضاء البرلمان من مديريتي أعالي النيل والإستوائية. انتقد المؤتمر الأحزاب السياسة الرئيسة وقرر أن يساند الجنوبيون الحزب الشمالي الذي يقدم لهم أفضل صفقة، وأن يحافظوا على تماسكهم ليكون صوت الترجيح في البرلمان في قبضتهم. وقرر المؤتمر أيضاً إرسال وفد إلى الخرطوم برئاسة بنجامين لوكي. وقد فوض المؤتمر الوفد وضع خطة محددة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية والتعليمية للمديريات الجنوبية، وإعداد ميثاق وطني جنوبي بشأن المستقبل السياسي لجنوب السودان.
    وفي تقييمه للمؤتمر ذكر المفوض التجاري البريطاني أن المؤتمر مر دون أن يحدث هزة كبيرة. ولم يعلق المفوض أهمية على قرار تشكيل كتلة جنوبية لتسيطر على صوت الترجيح في البرلمان لأن مثل هذا الحديث قد قيل من قبل ولم يتمخض عنه شيء. ولكنه ذكر أن الحكومة والمعارضة تعهدنا لمؤيديها من النواب الجنوبيين بإعطاء الاعتبار لأي خطة تنمية يضعونها.
    قرار تقرير المصير (الجلاء)
    في بداية جلسة مجلس النواب التي عقدت في 16 أغسطس 1955 أبلغ رئيس المجلس بابكر عوض الله المجلس بالقرار الذي اتخذته لجنة السودنة في 2 أغسطس 1955 والذي نص على أن اللجنة قد أنجزت عملية السودنة. أعقب ذلك تقديم رئيس الوزراء إسماعيل الأزهري لأقتراح بموجب المادة 9 من اتفاقية عام 1953 بحيث يعرب فيه المجلس عن رغبته في الشروع في اتخاذ التدابير لتقرير المصير فوراً، ويطلب من الحاكم العام إخطار الحكومتين المصرية والبريطانية بذلك فوراً. تنص المادة 9 على أنه مع مراعاة إتمام السودنة، فإن فترة الانتقال تنتهي عندما يصدر البرلمان السوداني قراراً يعرب فيه عن رغبته إتخاذ التدابير للشروع في تقرير المصير وإخطار الحكومتين المصرية والبريطانية بذلك.
    أُجيز اقتراح الأزهري بالاجماع، وترتب عليه إعمال المادة 11 التي تنص على انسحاب القوات العسكرية المصرية والبريطانية من السودان في فترة لا تتعدى ثلاثة أشهر. لذلك يشار عادة في أدبيات السياسة السودانية إلى قرار تقرير المصير بالجلاء.
    إشترك في المداولة في اقتراح رئيس الوزراء عدد من النواب. ولكننا نرى أن هناك أهمية خاصة لحديث بوث ديو الذي قال إنه يتوقع أن تقوم الحكومات الوطنية في المستقبل على المبادئ الديمقراطية. وعبر عن أمله في أن يجد أهل الجنوب في العهد الجديد إستجابة كاملة لمصالحهم المشروعة. وأيضاً إلى تنبيه حسن الطاهر زروق (نائب الجبهة المعادية للاستعمار - واجهة الحزب الشيوعي)، فقد قال إن في المديريات الجنوبية تجمعات قبلية قهرها الاستعمار، وتركها في وضع متأخر بدائي ظالم. ودعا إلى تخليصهم من هذا التأخر والقهر وإلى إعطائهم حقهم في وضع نظمهم المحلية، وتنظيم وضعهم الخاص في نطاق وحدة البلاد ومصلحتها العليا.
    سيرد لاحقاً أنه بعد يومين فقط من اتخاذ قرار تقرير المصير وبالتحديد في 18 أغسطس 1955 تمردت الفرقة الاستوائية في توريت.

    http://webcache.googleusercontent.com/search?...&hl=ar&ct=clnk&gl=ae
                  

11-26-2011, 12:50 PM

عبدالله الشقليني
<aعبدالله الشقليني
تاريخ التسجيل: 03-01-2005
مجموع المشاركات: 12736

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ضد المدعــو " نيفاشــا " وضــد تقسيم الســودان . (Re: عبدالله الشقليني)

    (104)

    Quote:


    مسألة جنوب السودان في سياق تاريخي: 1899 – 1986م (5)/دكتور فيصل عبدالرحمن علي طه



    5- تمرد الفرقة الاستوائية في توريت
    بينما كان الحاكم العام الاسكندر نوكس هيلم يقضي إجازة في اسكتلندا، تلقى في 18 أغسطس 1955 عبر وزارة الخارجية البريطانية برقية من وليام لوس مستشاره للشؤون الدستورية والخارجية يطلب منه العودة إلى الخرطوم بأسرع ما يمكن لأن الوضع الراهن في السودان خطير للغاية. أورد لوس في صدر برقيته تفاصيل الوضع الخطير الذي طرأ في السودان فقال: «لقد أبلغني رئيس وزراء السودان للتو أن سريتين من الفرقة الاستوائية في توريت قد تمردتا هذا الصباح وقامتا بالاعتداء على ضباطهما فقُتل ضابط وجُرح إثنان، وهناك سبعة في عداد المفقودين. ومنذ هذا الصباح قُطعت الإتصالات مع توريت والوضع هناك غير معروف. ولكن من المؤكد أن حياة الموظفين الشماليين والتجار في خطر. وينبغي أن يُتوقع أيضاً تمرد السرية الموجودة في كبويتا».
    بناءً على طلب رئيس الوزراء إسماعيل الأزهري أعلن وليام لوس بموجب قانون دفاع السودان لعام 1939 حالة طوارئ في المديريات الجنوبية الثلاث ولم يعلن حالة طوارئ دستورية بمقتضى المادة 102 (2) من دستور الحكم الذاتي لأن ذلك يتطلب التشاور مع لجنة الحاكم العام.
    لبسط القول عن تمرد الفرقة الجنوبية والاضطرابات التي ترتبت عليه سنعول بصفة رئيسة على تقرير اللجنة التي شكلتها الحكومة في 8 سبتمبر 1955 بموجب قانون لجان التحقيق لعام 1954 للتحقيق في الاضطرابات التي حدثت في الجنوب ورفع تقرير عنها وعن الأسباب التي أدت إلى حدوثها. شُكلت اللجنة برئاسة القاضي الفلسطيني الأصل توفيق قطران وعضوية خليفة محجوب مدير عام مشاريع الإستوائية ولوليك لادو رئيس (Chief) ليريا. أنجزت اللجنة ما كُلفت به ورفعت تقريرها إلى وزير الداخلية علي عبدالرحمن في 18 فبراير 1956 ونشر التقرير باللغتين العربية والإنجليزية.
    الاضطرابات في المديريات الثلاث
    ورد في تقرير لجنة التحقيق أن الاضطرابات الأكثر خطورة حدثت في المديرية الاستوائية وتأثرت بها كل المدن والقرى في المديرية وسادت حالة من الفوضى التامة وعدم النظام الشامل لمدة أسبوعين كان لقوى الفوضى خلالهما اليد العليا. ترتب على ذلك قطع طرق المواصلات وتوقف الخدمات العامة وإغلاق دواوين الحكومة والهجوم على الشماليين وعلى ممتلكاتهم وقد اشترك في جرائم القتل وحرق المنازل والممتلكات والنهب والسلب الجنود ورجال الشرطة والسجون والأهالي الجنوبيون.
    وجدت اللجنة أنه لم يحدث أي قتل في واو عاصمة مديرية بحر الغزال وأن أنباء تمرد الفرقة الجنوبية لم تنتشر في واو إلا في صباح يوم 19 أغسطس. وفي 21 أغسطس قام الجنود ورجال الشرطة والسجون بكسر مخازن الأسلحة والذخيرة وشرع بعضهم في إطلاق النار في الهواء. أرجعت اللجنة ذلك إلى خوفهم من أن القوات الشمالية التي طُلب حضورها إلى واو قادمة لقتلهم والرغبة الطبيعية في الدفاع عن أنفسهم. وقالت إنه مهما بلغ الشعور الطيب نحو الجنوبيين فإنه لم يكن بالإمكان إقناعهم في تلك الأيام بأن القوات الشمالية قادمة لحفظ النظام والقانون. إزاء ذلك قرر مدير المديرية داود عبداللطيف ونائبه وقائد البلك رقم 3 الموجود هنالك محمد أحمد عروة وغيرهم من كبار الموظفين الشماليين الذين كانوا قد تجمعوا في منزل المدير أن الموقف حرج للغاية وأن خير ما يفعلوه هو مغادرة واو. وفي مساء يوم 21 أغسطس نفسه إستقلوا الباخرة «دال» واتجهوا صوب ملكال.
    تساءلت لجنة التحقيق عما كان يمكن أن يحدث لو بقي المدير وكبار الموظفين الآخرين في مواقعهم. ثم قالت: «إن الإجابة على هذا السؤال ستظل دائماً موضوعاً للتخمين. ولكن يمكن القول بأن النظام والقانون اللذين هما أساس كل الحكومة قد إختفيا وإنه لم يكن في إمكان المدير ورفاقه تصريف أعمالهم. ومن المؤكد أن سفرهم المفاجئ كان له أثر في تهدئة الموقف الذي كان مليئاً بالخطر ومفعماً بالمصائب».
    في مديرية أعالي النيل وبناءً على تعليمات وردت إليه، تمكن قائد البلك رقم 4 من الفرقة الجنوبية الذي كان معسكراً في ملكال بعد جهد وعناء من تأمين سفر البلك بالباخرة إلى الخرطوم في مساء يوم 18 أغسطس بدلاً من يوم 19 أغسطس كما كان مقرراً.
    أشاد التقرير بسلطات أعالي النيل لأنها عالجت الموقف بمقدرة وبعد نظر وأن البلك الشمالي الذي كان تحت تصرفها قد قام بعمل عظيم. كما كان مفتشو المراكز يعملون بسرعة في مناطقهم لطمأنة الرؤساء Chiefs والأهالي. وذُكر في التقرير أنه باستثناء ملكال فقد كان رجال الشرطة خاصة الذين ينتمون للقبائل النيلية مخلصين على وجه العموم.
    أوردت اللجنة أن 336 من الشماليين قد قتلوا رمياً بالرصاص أو بالحراب أو بالحرق. وكان من بين هؤلاء ضباط وصف ضباط، وجنود، وإداريون، ومدرسون، وملاحظو طرق وغابات، وزراعيون، وفنيون، وتجار، وعمال، ونساء، وأطفال. ولاحظت اللجنة أن المتمردين من الجنود ورجال الشرطة والسجون كانوا ينتقون فرائسهم فلم تمس أرواح وممتلكات الأجانب إلا في حالتين شاذتين. وفي كل الحالات كان الأقباط والسوريون والمصريون والبريطانــيون يفرزون بدقــة ويطلق سراحهم. وقتل 75 من الجنوبيين وقد لقي 55 من هؤلاء حتفهم غرقاً في نهر كنيتي.
    أسباب الاضطرابات
    نبهت لجنة التحقيق إلى أنه لفهم أسباب الاضطرابات فإن هناك نقاطاً ينبغي أن تكون عالقة بالذهن وهي:
    (أ) إن الأشياء المشتركة بين الشماليين والجنوبيين قليلة جداً.
    (ب) لأسباب تاريخية يعتبر الجنوبيون الشماليين أعداءهم التقليدين.
    (ج) كانت سياسة الإدارة البريطانية حتى عام 1947 ترمي لترك الجنوبيين ليتطوروا على النمط الأفريقي والزنجي.
    (د) لأسباب مالية واقتصادية وجغرافية تقدم السودان الشمالي في ميادين كثيرة بينما تخلف الجنوب. وقد خلق هذا التباين في التطور شعوراً لدى الجنوبيين بأنهم يُخدعون ويُستغلون ويسيطر عليهم.
    (هـ) لم تخلق النقاط المتقدمة لدى الجنوبيين الشعور بقومية مشتركة مع الشماليين وظل ولاء الجنوبي العادي منحصراً في نطاق قبيلته. وعندما بدأ الوعــي الســياسي بين الجنوبيــين أخــذ الشعور السياسي طابعاً إقليمياً لا قومياً.
    ومن ثم أوردت اللجنة ما يلي كأسباب للتمرد:
    أولاً: البرقية المزورة المنسوبة لإسماعيل الأزهري:
    وزعت في يوليو 1955 برقية نُسبت زوراً لرئيس الوزراء إسماعيل الأزهري وقد جاء فيها:
    «إلى كل رجال إدارتي في المديريات الجنوبية الثلاث. لقد وقعت الآن على وثيقة لتقرير المصير. لا تستمعوا لشكاوى الجنوبيين الصبيانية وضايقوهم وعاملوهم معاملة سيئة بناءً على تعليماتي. وكل إداري يفشل في تنفيذ أوامري سيكون عرضة للمحاكمة وبعد مضي ثلاثة أشهر ستأتون وتجنون ثمار ما قمتم به من أعمال».وقد نسخت البرقية المختلقة على ورق حكومي ووزعت على نطاق واسع في كل أنحاء المديرية الاستوائية فوصلت نسخ منها إلى توريت ويا مبيو ومريدي وأنزارا وياي. وأرسلت نسخ منها إلى مختلف الكتبة من ذوي الميول السياسية وإلى ضباط ورجال الشرطة الجنوبيين. كما تلقى نسخة منها سترلينو أبويو الذي كان يشغل رتبة بلك أمين بالفرقة الجنوبية ولكنه غير «إلى رجال إدارتي في المديريات الجنوبية» إلى «ضباطي الشماليين في الفرقة الجنوبية». ومن ثم دعا إلى اجتماع حضره الملازم ثاني تفنق لادونقي وعدد من ضباط الصف.
    مع أن البرقية وزعت على نطاق واسع، إلا أن اللجنة لاحظت أن سلطات الشرطة لم تسمع بها إلا في السابع من أغسطس ولم تبذل أي مجهود لاكتشاف مصدرها. ولاحظت أيضاً أن بعض رجال الإدارة قد سمع بالبرقية بينما لم يسمع بها البعض الآخر إلا بعد وقوع الاضطرابات. كما وجدت اللجنة أنه لم تتخذ أي إجراءات إيجابية لدحض فحوى البرقية ولإزالة الخوف أو الفكرة الخاطئة التي أوجدتها في أذهان الجنوبيين.
    ثانياً: تدخل بعض الإداريين في الإستوائية في الشؤون السياسية
    سبق أن ذكرنا أن مؤتمراً ثالثاً قد عقد في يوليو 1955 في جوبا وحضره معظم أعضاء البرلمان من مديريتي أعالي النيل والاستوائية لمتابعة مطالب الجنوبيين وتأييد أي حزب شمالي يكون مستعداً لتلبيتها. وبما أن الدعوة للمؤتمر قد شملت أعضاء البرلمان الجنوبيين الذين ينتمون إلى الحزب الوطني الاتحادي حاولت الحكومة إفشال المؤتمر. وقد ورد في تقرير اللجنة أن جهة حكومية لم تستطع التعرف عليها قد أوعزت لبعض الإداريين من ذوي الميول السياسية ليقوموا بما يلزم لإرسال برقيات إلى الخرطوم تستنكر عقد مؤتمر جوبا الثالث وتؤيد الحكومة. وقد طاف مفتش مركز يامبيو ومساعده في أنحاء المركز للحصول على توقيعات الرؤساء Chiefs لتأييد الحكومة واستخدما في ذلك كل أنواع الضغط بما في ذلك الخداع. واستدعى مساعد المفتش بعض الرؤساء لمكتبه وأرسل برقية تأييد باسمه نيابة عن ثلاثة عشر رئيساً. وقد أُذيعت البرقية مراراً من محطة أم درمان. وقد كان الغرض من ذلك بيان تأييد الناس للحكومة والتوضيح لنواب الحكومة الذين بدأ ولاؤهم للحزب الوطني الاتحادي في التزعزع بأن أعضاء حزب الأحرار لا يمثلون إلا أنفسهم.
    انتقدت اللجنة تدخل مساعد مفتش يا مبيو في السياسة بتلك الطريقة وقالت إن واجب الإداري الأول هو رفاهية المجتمع الذي يخدمه، وأنه من الخطأ أن يسمح الإداري لولائه الحزبي أن يصرفه عن أداء واجبه لأنه سيترتب على ذلك فقدان ثقة الجمهور في حيدته. ووجدت اللجنة من الأسباب مايدعو للاعتقاد بأن مدير الإستوائية ونائبه كانا على علم بنشاط مرؤوسيهم. وخلصت إلى أن تدخل الإداريين فيما لا يعنيهم قد أثار شعور الأهالي العدائي نحو الشماليين. ومع أن اللجنة لم تتعرف كما سبق أن ذكرنا على الجهة الحكومية التي أوعزت لبعض الإداريين بالعمل لاحباط مؤتمر جوبا الثالث، إلا أنها شددت على أن مثل هذه الأساليب من شأنها أن تؤدي في النهاية إلى إفساد جهاز الخدمة المدنية كله.
    ثالثاً: محاكمة النائب إيليا كوزي في 25 يوليو 1955
    كان إيليا كوزي نائب الزاندي شرق موجوداً في دائرته الانتخابية عندما بعث مساعد مفتش مركز يامبــيو برقية التأييد للحكــومة وتم بثها من إذاعــة أم درمان. أثار ذلك إيليا كوزي فشن هجوماً على الإدارة في منطقته واستنكر تصرف الرؤساء الذين قبلوا التوقيع على بيان التأييد للحكومة. ثم نظم إجتماعاً في 7 يوليو 1955 حضره حشد قدر بحوالي 300 شخص. قرر المجتمعون أن إيليا كوزي هو الشخص الذي يحق له أن يتكلم بالنيابة عنهم وكان ينبغي استشارته قبل إرسال برقية التأييد. وقرروا كذلك أنهم لا يريدون أن يحكمهم الشماليون واعتبروا تصرف مساعد مفتش المركز تدخلاً في السياسة وطالبوا بعزل الرؤساء الذين وقعوا على بيان التأييد.
    إستاء الرؤساء من القرار الذي طالب بعزلهم، وتقدموا بشكوى ضد إيليا كوزي الذي مثل وبعض أعوانه أمام محكمة الرؤساء بتهمة الإرهاب الجنائي بموجب المادة 441 من قانون عقوبات السودان. حكمت المحكمة على إيليا كوزي وآخرين بالسجن لمدة عشرين عاماً. ولكنها خفضت المدة إلى عامين عندما أبلغها مفتش المركز بأن عامين هي أقصى عقوبة حددها القانون لتلك الجريمة.
    وصفت اللجنة محاكمة إيليا كوزي بأنها كانت مهزلة وانتهاكاً لحرمة القضاء وأبدت لذلك عدة أسباب كان بضمنها أن بعض أعضاء المحكمة كانوا الشاكين في القضية ومع ذلك جلسوا كقضاة لمحاكمة قضيتهم، وأن قانون محاكم الرؤساء قد قصد به محاكمة المجرمين العاديين وفقاً للقانون الأهلي والعرف ولم يقصد به إطلاقاً محاكمة المجرمين السياسيين.
    وأخذت اللجنة على الإدارة عدم تقديرها للشعور العام لأنها في سبيل فرض سلطاتها وهيبتها ساهمت فيما ترتب عليه لاحقاً الفقدان التام للسلطة والهيبة. وانتقدت اللجنة مدير ونائب مدير الاستوائية لأنهما سمحا باستمرار محاكمة إيليا كوزي مع أنهما قاضيان من الدرجة الأولى وعلى اطلاع بالقانون والإجراءات.
    رابعاً: الحوادث التي وقعت في أنزارا في 26 يوليو 1955
    في تاريخ ما في شهر يوليو 1955 فصلت لجنة مشاريع الاستوائية التي كانت تدير مشروع الزاندي 300 عامل. وقد اعتبرت لجنة التحقيق ذلك خطأً عظيماً لأنه تم في زمن إزداد فيه عدد الفنيين الشماليين في المشروع بسبب السودنة ولم يؤخذ في الاعتبار رد الفعل الذي سيحدثه نتيجة للجو السياسي السائد في تلك الأيام، وقد فسره الجنوبيون بأنه إجراء مقصود من الإدارة الشمالية لحرمانهم من مصدر رزقهم وجلب شماليين ليحلوا محلهم.
    وفي 26 يوليو 1955 طالب عمال مصانع النسيج والغزل بزيادة أجورهم وأعطوا الإدارة إنذاراً بالاضراب إبتداء من الأول من أغسطس. وفي نفس التاريخ أي 26 يوليو سار العمال في تظاهرة إلى سوق أنزارا حيث انضم إليهم عدد من الأهالي المسلحين بالحراب والنشاب والأقواس. ولم يكن في أنزارا آنذاك سوى ثلاثة من رجال الشرطة الذين عجزوا عن إعادة النظام والتصدي لحشد يتراوح بين سبعمائة وألف شخص.
    لمعالجة الموقف وصل إلى أنزارا مساعد مفتش مركز يامبيو وضابط من قوة دفاع السودان يرافقهما بعض الشرطة والجنود. وفي تعليقها على ذلك قالت اللجنة إنه من الواضح أن الأحد عشر جندياً من قوة دفاع السودان والخمسة من رجال الشرطة لم يكونوا بالعدد الكافي الذي يستطيع إعادة النظام بالطرق السلمية. وقالت أيضاً إن مساعد المفتش وضابط قوة دفاع السودان كانا صغيرين في السن وتنقصهما التجربة وربما أرعبهما مشهد حشد كبير متحفز فاضطرا إلى اللجوء إلى أساليب ربما لم تكن متمشية مع القانون. إذ استُخدمت القنابل المسيلة للدموع وحدث إطلاق نار وقتل ستة من الزاندي وأصيب آخرون بجروح. وخلصت اللجنة إلى أنه سواء عولج الموقف بحكمة أم لا فإن أثر الحادث نفسه على عقول الجنوبيين كان سيئاً إذ اعتبروه بداية الحرب. وإن كان ثمة بقية ثقة في الإدارة فقد قضى عليها ذلك الحادث قضاء تاماً.
    بالرغم من وجود نشاط شيوعي في أنزارا، إلا أن اللجنة قضت بأن حوادث 26 يوليو 1955 لم تكن بإيعاز من الشيوعيين، ولكن القلق الذي ساد الوسط الصناعي نتيجة لفصل العمال بالجملة، بالإضافة إلى الجو السياسي المتوتر آنذاك تسببا فيما حدث. ولاحظت اللجنة أن الأهالي الجنوبيين لم يفهموا أو يهتموا بأفكار ماركس ولينين، وأن الطبقة المتعلمة لم تهتم بالنظريات الشيوعية ولكن الحديث عن قوة الإضرابات الجماعية للعمال عند المطالبة بزيادة الأجور، والشعارات التي تنادي بالأجر المتساوي للعمل المتساوي، والتي تدعو إلى حكم محلي للجنوب داخل سودان موحد قد أثارت إهتمامهم.
    خامساً: عدم اتخاذ ما يلزم من إجراءات عند اكتشاف المؤامرة
    تقرر في اجتماع عقد في الخرطوم في 23 يوليو 1955 لقـواد فرق قوة دفاع السودان تكوين حامية للخرطوم بعد جلاء القوات المصرية والبريطانية عن السودان. وتقرر كذلك تكوين الحامية من بلكات تسحب من فرق قوة دفاع السودان الخمس وأن يشارك في التكوين البلك رقم 2 من القيادة الجنوبية.
    في 6 أغسطس 1955 أطلق وكيل بلك أمين سترلينو أبويو نشاباً على مساعد وكيل البريد الشمالي ولكن النشاب أخطأه وأصاب جندياً جنوبياً. وقد اعترف سترلينو عند التحقيق معه أنه كان يقصد نائب قائد القيادة الجنوبية. وعند تفتيش منزله وجدت عنده وثائق كشفت عن مؤامرة للتمرد في الفرقة الجنوبية شملت معظم كبار صف الضباط.
    جاء في تقرير اللجنة أن السلطات أبدت ضعفاً عظيماً ولم تلق القبض على أي من رجال قوة دفاع السودان في الحال ولكنها ألقت القبض على أثنين من المدنيين في جوبا بتهمة الضلوع في مؤامرة التمرد. وعلى أثر ذلك حدثت تظاهرة أمام مركز جوبا طالب إبانها المتظاهرون بإطلاق سراح المتهمين وحاولوا الإعتداء على مفتش المركز ولكنهم تفرقوا بعد استخدام الغاز المسيل للدموع.
    وفي 7 أغسطس 1955 قرر اجتماع للقيادات المدنية والعسكرية في المديرية الاستوائية سفر البلك رقم 2 إلى الخرطوم حفاظاً على هيبة وكرامة قوة دفاع السودان. وفي 14 أغسطس أعطيت أوامر شفوية للبلك رقم 2 للسفر للخرطوم للاشتراك في عرض عسكري بمناسبة الجلاء وأُعطيت لهم الأوامر كتابة في 16 أغسطس من قبل قائد الفرقة الجنوبية. ولم يكن جنود وصف ضباط البلك راضين عن السفر ولم يخفوا استياءهم. وورد في تقرير اللجنة أن ضباطهم كانوا يعلمون أن الجنوبيين شديدو التعلق بأسرهم ودلت التجارب السابقة مع الفرقة الجنوبية أنهم يمقتون العمل خارج مناطقهم.
    قررت لجنة التحقيق أن أسلم شيء كان ينبغي فعله في تلك الظروف هو إلغاء سفر البلك رقم 2 فوراً. وانتقدت اللجنة إصرار قيادة الفرقة الجنوبية على سفر البلك رقم 2 حفاظاً على هيبتها وكرامتها، في الوقت الذي كان معلوماً لديها ولكل شخص آخر في الاستوائية أن البلك سيرفض إطاعة الأوامر ويتمرد. يضاف إلى ذلك أن القوة الوحيدة التي كان يمكن التعويل عليها آنذاك لحفظ الأمن والنظام وحماية الأرواح والممتلكات، كانت تتكون من بلك قوامه 200 جندي من الهجانة تنقصهم المعدات ووسائل النقل ومدافع المورتر في مديرية تعادل إيطاليا في مساحتها.
    سادساً: خيبة الأمل في نتائج السودنة والخوف من سيطرة الشماليين
    وجدت لجنة التحقيق أن السودنة لم تؤثر على الجنوبيين إلا قليلاً لأنه كانت تنقصهم الأقدمية والخبرة والمؤهلات، فلم يترفع إلا بضعة جنوبيين لتقلد وظائف ذات مسؤولية في خدمة الحكومة. وكانت أعلى وظيفة تقلدوها هي وظيفة مساعد مفتش مركز. وذكرت لجنة التحقيق أنه فيما يتعلق بشغل الوظائف الشاغرة فإن لجنة الخدمة المدنية كانت مقيدة باللوائح والنظم ولم يكن في مقدورها تجاوزها إلا عبر تدخل الحكومة لترقية جنوبيين لأسباب سياسية. غير أن لجنة التحقيق أقرت بأن الترقيات لأسباب سياسية كانت ستفضي إلى تقويض وتحطيم الخدمة المدنية التي يُعتبر استقلالها أساساً للحفاظ على الحكم الصالح.
    من ثم خلصت اللجنة إلى أن ما أصاب العلاقات بين الشمال والجنوب بضرر لا يمكن إصلاحه كان نتيجة للوعود التي اتسمت بالتهور وعدم المسؤولية والتي قطعها سياسيو الحزب الوطني الاتحادي أثناء حملتهم الانتخابية في جنوب السودان. إذ تبين من بعد أن تلك الوعود لا يمكن تحقيقها، الأمر الذي جعل الإدارة الشمالية الجديدة في الجنوب موضع غضب الجنوبيين الرئيس لأن الجنوبي العادي لا يميز بين الحكومة والإدارة. فنظرة الجنوبي للأمور، كما أوضحت اللجنة، إقليمية وليست قومية ويسترعي مفتش المركز الذي يراه اهتمامه أكثر من الفكرة الباهتة التي يكونها عن ممثله في البرلمان أو عن الحكومة القائمة بعيداً عنه في الخرطوم.
    سابعاً : إنتشار الإشاعات الكاذبة
    سجلت اللجنة في تقريرها الغياب التام لوجود وسائل للدعاية الحكومية بجنوب السودان. وقد ترتب على ذلك أن الإشاعات الكاذبة كانت تتناقلها الألسن دون أن تكون هناك وسائل لدحضها وإزالة سوء الفهم. وذكرت اللجنة أنه عندما يكثر تكرار كذبة فإن الناس في المجموعات البدائية قد يعتبرونها حقيقة جازمة. ولاحظت اللجنة أن الإذاعة موجهة لخدمة الشماليين وحدهم، وحتى في الجنوب نفسه لم يفكر أي من الإداريين في القيام بحركة للتعليم العام عبر برامج الإذاعة أو نشر الأخبار ذات الأهمية المحلية.
    مسائل خلقت الشعور السيء وفقدان الثقة في الإدارة
    أوردت لجنة التحقيق في تقريرها بعض المسائل التي لم تعتبرها من الأسباب المباشرة للإضطرابات، ولكنها رأت أن الواجب يحتم عليها أن تلفت إليها النظر لأنها تتسبب في خلق الشعور السيء وفقدان الثقة في الإدارة. وهذه المسائل هي:
    1- إن سلوك بعض التجار الشماليين (الجلابة) في المدن الكبيرة قد أفسد صلاتهم مع الجنوبيين. وأوردت اللجنة نماذج لذلك السلوك مثل:
    (أ) إن الكثير من الشماليين خاصة غير المتعلمين يعتبرون الجنوبيين من سلالة أدنى مرتبة منهم. ويشترك الجلابة مع غيرهم من الشماليين في هذه النظرة وكثيراً ما يسمونهم «عبيداً». إن إطلاق كلمة «عبيد» منتشر في المديريات الجنوبية الثلاث، فهي بلا شك كلمة تدل على الامتهان. كما تذكر الناس بأيام تجارة الرقيق الغابرة. تلك الأيام التي يود جميع الناس أن ينسونها. لقد خلق استخدام هذه الكلمة شعوراً بغيضاً لدى الجنوبيين.
    (ب) إن الجلابة كانوا يتدخلون في أعمال الإدارة في بعض المديريات خاصة الاستوائية، ولا يمكن الادعاء بأنه لم يكن لهم نفوذ سياسي هنالك. وعلاوة على ذلك فإن الإداريين في المديرية الاستوائية يعطونهم حماية أكثر من المواطنين الآخرين إما لخوفهم منهم أو لعطفهم عليهم. ويبدوأن الاداريين كانوا يعولون عليهم كمخبرين أكثر من بقية السكان.
    2- ذُكر للجنة في إحدى الشهادات أنه في أحد المراكز لم ير الأهالي مفتشهم، الجديد أبداً. وذُكر لها كذلك أنه في مراكز أخرى كثيراً ما يشاهد مفتش المركز وهو يلعب الورق في أحد المتاجر. وفي تعليقها على ذلك، قالت لجنة التحقيق إن مفتش المركز ينظـر إليه فــي هـذه المناطق كإله صغير demi-god. فسلوكه الشخصي يشكل جزءً من أداء واجبه مثله مثل عمله في المكتب. لذلك فإن سلوكه يجب أن يكون مثالياً من جميع النواحي.
    3- مما ساعد في تحطيم الثقة عند الجنوبيين محاولة بعض الشماليين أن يغيروا عادة رأت اللجنة أن تغييرها يحتاج لعدد من السنين - أي عادة العري. لقد خلقت هذه المحاولة شعوراً بالعداء لدى الجنوبيين. إن ما تعتبره أغلبية الجنس البشري عادة مخجلة، يظنه الجنوبيون أساس الرجولة.
    صلاح سالم يطلب تدخلاً مصرياً - بريطانياً في الجنوب
    في العاشرة من ليلة 22 أغسطس 1955 إستقبل السفير البريطاني في القاهرة همفري تريفليان بصفة عاجلة صلاح سالم وزير الإرشاد القومي ووزير الدولة لشؤون السودان. أبلغ صلاح سالم السفير بأنه قدم إليه بعد التشاور مع رئيس الوزراء جمال عبدالناصر وأنه نظراً للموقف المتدهور في الجنوب والمصادمات المستمرة بين الشماليين والجنوبيين، فإن الحكومة المصرية ترى أن دولتي الحكم الثنائي ينبغي أن تتخذا إجراءً مشتركاً لمنع المزيد من سفك الدماء وإعادة النظام. وكان رد تريفليان أن المعلومات التي لدى الحكومة البريطانية على النقيض مما ذكر صلاح سالم، فهي توحي بأن الوضع قد هدأ أثناء النهار. ولكن صلاح سالم أبدى بإصرار أنه ينبغي على الحكومة المصرية أن تصدر بياناً في تلك الليلة عن رغبتها في اتخاذ إجراء مشترك لإعادة الوضع إلى ما كان عليه بالاتفاق مع الحكومة البريطانية. وقال صلاح سالم كذلك إن الأمر لايمكن أن ينتظر لأن المصريين متهمون بأنهم قد أثاروا الاضطرابات في الجنوب بغرض إيقاف عملية تقرير المصير. وأضاف أن التراخي المصري قد قورن بالمساعدات التي قدمتها الحكومة البريطانية، وأن الجو قد أصبح ملتهباً وأرواح المصريين في الخرطوم في خطر.
    إقترح تريفليان على صلاح سالم أن تقتصر الحكومة المصرية على القول في البيان الذي تزمع إصداره بأنها بالتضامن مع الحكومة البريطانية مستعدة لإعطاء حكومة السودان المساعدة التي قد تحتاجها لإعادة الوضع في المديريات الجنوبية إلى ما كان عليه. رفض صلاح سالم الإشارة إلى حكومة السودان لأنها قد تفسر بأن مصر مستعدة لمساعدة الشمال ضد الجنوب. وبعد جدل طويل وافق صلاح سالم على قبول هذه الصيغة على أن يذكر الحاكم العام بدلاً عن حكومة السودان.
    بعد ذلك اقترح صلاح سالم أن تتدخل الحكومتان بوضع قوات بريطانية بين القوات الشمالية والمتمردين الجنوبيين لمنع الاشتباكات بين الطرفين وإيقاف سفك الدماء. نصح تريفليان صلاح سالم بألا يذكروا شيئاً عن التدخل في الوقت الحاضر. ثم قال له إن حكومة السودان تستطيع أن تتصرف بدون مساعدة خارجية، وإذا أرادت مساعدة عسكرية مباشرة من دولتي الحكم الثنائي، فإنها ستطلبها عبر الحاكم العام وعلى الحكومتين إنتظار مبادرة منه.
    ويبدو أن صلاح سالم كان يرى أن الأوضاع تستوجب إعلان حالة طوارئ دستورية. فقد أشار وهو يغادر مقر السفير البريطاني إلى المادة 102 (2) من دستور الحكم الذاتي التي تعطي الحاكم العام سلطة إعلان حالة طوارئ دستورية لمدة 30 يوماً بدون موافقة سابقة أو لاحقه من لجنته. وسبق أن ذكرنا في مســتهل هــذا الفصل أن ما أعلنه الحاكم العام كان حالة طوارئ عادية في المديريات الجنوبية الثلاث بموجب قانون دفاع السودان لعام 1939.
    من المهم أن نذكر هنا أن صلاح سالم قدم لأنتوني نتبخ وزير الدولة للشؤون الخارجية البريطانية في 21 اكتوبر 1954 وبحضور جمال عبدالناصر تقييماً شاملاً للأوضاع في السودان. وخلال هذا التقييم ذكر صلاح سالم أنه يتوقع فوضى وإراقة دماء في السودان بعد ستة أو سبعة أشهر. وهنا يثور تساؤل عما إذا كان تمرد الفرقة الاستوائية والاضطرابات التي نتجت عنه هي ما كان يتوقعه صلاح سالم!
    بقي أن نذكر أن حكومة جنوب السودان أعلنت يوم 18 أغسطس من كل عام «يوم ثورة ثوريت». وعندما مخاطبته الاحتفال الذي أقيم في جوبا بهذه المناسبة في 18 أغسطس 2008، قال سلفا كير إن ثورة توريت تمثل البداية الحقيقية للحركة السياسية في جنوب السودان.

    *
    http://www.sudaneseonline.com/2008-05-19-17-39-36/3...99--1986-------.html
                  

11-30-2011, 06:31 PM

عبدالله الشقليني
<aعبدالله الشقليني
تاريخ التسجيل: 03-01-2005
مجموع المشاركات: 12736

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ضد المدعــو " نيفاشــا " وضــد تقسيم الســودان . (Re: عبدالله الشقليني)

    (105)
    Quote:


    مسألة جنوب السودان في سياق تاريخي: 1899 – 1986م -6- .. بقلم: دكتور فيصل عبدالرحمن علي طه
    السبت, 26 تشرين2/نوفمبر 2011

    (6)

    الاستقلال وشرط الفيدرالية
    1- الاستفتاء بدلاً عن الجمعية التأسيسية
    طبقاً لاتفاقية الحكم الذاتي وتقرير المصير لعام 1953 فإن فترة الانتقال تنتهي عندما يتخذ البرلمان قراراً يعرب فيه عن رغبته في اتخاذ التدابير لتقرير المصير، ويخطر الحاكم العام الحكومتين المصرية والبريطانية بذلك. وفور اتخاذ هذا القرار يبدأ إجلاء القوات المصرية والبريطانية عن السودان، و تعهدت الحكومتان المصرية والبريطانية بإتمامه خلال ثلاثة أشهر. وتقوم الحكومة القائمة آنذاك بوضع مشروع قانون لانتخاب جمعية تأسيسية يقره البرلمان، ويوافق عليه الحاكم العام بالاتفاق مع لجنته - أي لجنة الحاكم العام.
    وأخضعت الاتفاقية التدابير التفصيلية لتقرير المصير بما في ذلك الضمانات التي تكفل حيدة الانتخابات وأية تدابير أخرى تهدف إلى تهيئة الجو الحر المحايد لرقابة دولية. والتزمت الحكومتان المصرية والبريطانية بقبول توصيات أي هيئة دولية تُشكل لهذا الغرض.
    أوكلت المادة 12 من الاتفاقية للجمعية التأسيسية القيام بواجبين: أن تقرر مصير السودان كوحدة لا تتجزأ، وأن تضع دستوراً يتواءم مع القرار الذي يتخذ في هذا الصدد. ونصت المادة 12 على أن مصير السودان يتقرر إما بأن تختار الجمعية التأسيسية ارتباط السودان بمصر على أية صورة، وإما بأن تختار الجمعية التأسيسية الاستقلال التام. وقد التزمت الحكومتان المصرية والبريطانية باحترام قرار الجمعية التأسيسية فيما يتعلق بمستقبل السودان واتخاذ جميع الإجراءات اللازمة لتنفيذه.
    سبق أن ذكرنا أن الفترة الانتقالية قد انتهت في 16 أغسطس 1955. ولكن قبل هذا التاريخ طُرحت فكرة الاستفتاء الشعبي لتقرير المصير بدلاً عن الجمعية التأسيسية. نشأت فكرة الاستفتاء الشعبي العام لتقرير مصير السودان في صفوف المعارضة. إذ أن التدخل المصري السافر بالمال والإعلام في انتخابات عام 1953 وتحولات بعض النواب بتأثير الرشا السخية التي كانت تدفع لهم قد أثار الخوف من تعرض إرادة الشعب السوداني للتزييف إذا تُرك للجمعية التأسيسية أن تختار بين الارتباط مع مصر أو الاستقلال التام وفقاً للمادة 12 من اتفاقية الحكم الذاتي وتقرير المصير لعام 1953. ونجد تعبيراً عن ذلك في البيان الذي أصدرته الجبهة الاستقلالية في فبراير 1955 .
    حذرت الجبهة الاستقلالية من أن وضع تقرير المصير في أيدي أعضاء الجمعية التأسيسية سيجعل نشاط أعداء حرية البلاد يتركز حول كسب هؤلاء الأشخاص. لأن أشخاصاً معدودين يمكن كسبهم بشتى الطرق غير الشريفة كما حدث في انتخابات عام 1953. ولكن مئات الألوف من الشعب ذات المصلحة الحقيقية في الاستقلال الوطني لا يمكن استمالتها. لذلك دعت الجبهة الاستقلالية لإصدار قرار من البرلمان بتعديل اتفاقية عام 1953 ليكون تقرير المصير عن طريق استفتاء شعبي.
    تلقى مطلب الاستفتاء دفعة قوية عندما أبلغ السيد علي الميرغني وليام لوس في 16 يوليو 1955 بأنه يؤيد فكرة أن يكون تقرير المصير عن طريق الاستفتاء وليس عبر الجمعية التأسيسية. لأنه ليس من المعقول وضع مصير 10 ملايين سوداني في أيدي جهاز صغير من الرجال بعد أن اتضح خلال العامين الماضيين أنه يمكن التأثير بسهولة على الأفراد في السودان. وفي بيان أصدره في 15 أغسطس 1955 نصح السيد علي الشعب السوداني والأحزاب والهيئات أن يتخذوا الاستفتاء الشعبي في جو حر محايد لاختيار الوضع الذي يرتضونه لبلادهم بدلاً من انتخاب جمعية تأسيسية لهذا الغرض. تجاوبت الهيئة العامة للحزب الوطني الاتحادي مع نصح السيد علي وقررت في 26 أغسطس 1955 تأييد إقتراح السيد علي بشأن الاستفتاء الشعبي.
    صدر قرار مجلس النواب المرتقب بشأن الاستفتاء في 29 أغسطس 1955. بمقتضى هذا القرار عبر المجلس عن رأيه بأن الاستفتاء الشعبي هو أنجع الوسائل للتحقق من رغبة السودانيين الحقيقية. وطلب المجلس من حكومة السودان إتخاذ كل الاجراءات لإبلاغ ذلك إلى حكومتي مصر وبريطانيا. ولاحقاً وقعت دولتا الحكم الثنائي مصر وبريطانيا في القاهرة بتاريخ 3 ديسمبر على ثلاث وثائق. فبموجب مذكرات متبادلة عُدلت المواد 10 و12 و13 من اتفاقية عام 1953 بحيث يكون تقرير المصير بالاستفتاء وليس عبر الجمعية التأسيسية. وتم التوقيع كذلك على اتفاق إضافي بشأن إنشاء وتشكيل اللجنة الدولية التي ستشرف على عملية تقرير المصير. وأُلحق بالاتفاق كجزء لا يتجزأ منه ملحق يتضمن مهام وسلطات اللجنة الدولية.
    على أية حال تجاوز الحراك السياسي المتسارع كل هذه الوثائق لأن خيار الاستقلال التام أصبح هو الراجح. ففي 17 أغسطس 1955 صرح السيد عبدالرحمن المهدي بأن الخطوة الصحيحة بعد أن أجمع السودانيون على الاستقلال هو ان تقتنع مصر وبريطانيا بهذه الرغبة الشعبية الواضحة فتعلنا استقلال السودان التام وحينئذ يتفادى الناس إجراء تقرير المصير عن طريق الاستفتاء الذي لم يعد أمراً هاماً بعد الإجماع على الاستقلال.
    ومن جانبها إستصوبت الحكومة البريطانية إختصار إجراءات تقرير المصير لذلك اقترحت على جمال عبدالناصر في أول أكتوبر 1955 قبول مبدأ استقلال السودان والسماح للبرلمان القائم بوضع الدستور. رفض عبدالناصر ذلك الاقتراح، ورفض اقتراحاً آخر بأن يقرر البرلمان القائم مصير السودان رغم اعترافه بأن احتمالات الوحدة قد انتهت وأن البرلمان القائم يؤيد استقلال السودان. وقال عبدالناصر في تبرير ذلك إنه لا يستطيع التخلي علناً عن السودانيين الذين لا يزالون يؤيدون الارتباط بمصر.
    ولكن بعد إبرام مصر لصفقة الأسلحة التشيكية في سبتمبر 1955 قررت الحكومة البريطانية أن يكون زمام المبادرة بيد السودانيين، واقترحت على اسماعيل الأزهري رئيس الوزراء بأن يقرر البرلمان القائم مصير السودان. ولــولا اختلاف الحكومــة والمعارضــة كـــان من الممكن أن يـتم ذلــك في 3 نوفمبر 1955.
    2- الفيدرالية في اجتماعات الحكومة والأحزاب المؤتلفة
    في يوم الخميس 10 نوفمبر 1955 هُزمت حكومة الأزهري في التصويت على القراءة الثانية للميزانية، ثم عادت إلى الحكم في 15 نوفمبر ولكن أغلبيتها تقلصت إلى صوتين. وفي 6 ديسمبر 1955 وبسبب الضغوط التي تعرضت لها الحكومة، قرر مجلس الوزراء دعوة الأحزاب المؤتلفة للتفاوض بشأن قيام حكومة قومية. عُقد أول اجتماع بين ممثلي الحزب الحاكم (الحزب الوطني الاتحادي) وممثلي الأحزاب المؤتلفة في 8 ديسمبر 1955. حضر الاجتماع عن الحزب الوطني الاتحادي مبارك زروق، وعلي عبدالرحمن، ومحمد أمين السيد، وإبراهيم المفتي، وخضر حمد، وحضره عن حزب الأمة عبدالله خليل، وعن حزب الاستقلال الجمهوري ميرغني حمزة، وعن حزب الأحرار بنجامين لوكي، وعن الجبهة الاتحادية محمد نور الدين، وعن الحزب الجمهوري الإشتراكي يوسف العجب، وعن الجبهة المعادية للإستعمار حسن الطاهر زروق، واتفق المجتمعون على أن يقوم محمد عامر بشير (فوراوي) بتسجيل مداولات وقرارات الاجتماعات.
    اتفق في الاجتماع الأول الذي عقد في 8 ديسمبر والثاني الذي عقد في 10 ديسمبر 1955 - ضمن أمور أخرى - على قيام حكومة قومية، ومن ثم يطلب من دولتي الحكم الثنائي أن يُعلن البرلمان استقلال السودان وتنتهي مهمة الحاكم العام فور إعلان الاستقلال.
    يُلاحظ أن بنجامين لوكي ممثل حزب الأحرار لم يحضر الإجتماع الثاني. ولكن عبدالله خليل ذكر في هذا الاجتماع أن الجنوبيين أوكلوا إليه إبلاغ الإجتماع بأنهم قد لا يوافقون على أن يُعلن الاستقلال من داخل البرلمان، لأنهم بعيدون عن الاتصال بناخبيهم لغيابهم عن دوائرهم مدة طويلة، وليسوا على ثقة بأن أولئك الناخبين يوافقون على الإجراء المقترح.
    شارك بنجامين لوكي في الإجتماع الثالث الذي عقد في 12 ديسمبر 1955 وقال في إحدى مداخلاته إن حزبه يؤيد قيام حكومة قومية لأنه توجد مشكلتان إحداهما تخص البلاد بأسرها والأخرى تخص الجنوب. وقال أيضاً إن مثل هذه المباحثات ذات فائدة لأنها قد تساعد على إعادة الثقة في ذلك الجزء من البلاد. ثم طرح ما يبدو أنه كان شرطاً، فقد قال: «وإذا أراد المجتمعون أن يُعلن الاستقلال بواسطة البرلمان فلا بد من الموافقة على قيام اتحاد فيدرالي بين الشمال والجنوب داخل السودان الموحد بحدوده الحالية».
    نوقش موضوع الاتحاد الفيدرالي في الاجتماعين الثالث والرابع. وقد كان من رأي كثير من الأعضاء أن يترك هذا الموضوع ليُبحث عند وضع الدستور الجديد بعد الاستقلال. وفي الاجتماع الرابع أوضح بنجامين لوكي أنه لا يقصد فكرة الاتحاد الفيدرالي بالمعنى المتبادر، ولكنه يقترح تكوين لجنة من الشماليين والجنوبيين لتدرس موضوع تنسيق العلاقات بين الشمال والجنوب. قبل المجتمعون بالإجماع هذا الاقتراح ووافقوا على أن يُرفع كتوصية للحكومة القومية.
    عندما انعقد الاجتماع الرابع في 13 ديسمبر 1955، كانت الحكومة البريطانية قد أعلنت في 12 ديسمبر أن الحاكم العام قد استقال، وأنها لا ترغب في ترشيح بريطاني آخر ليحل محله. في تقديرنا أن الحكومة البريطانية عمدت إلى إخلاء منصب الحاكم العام لسببين: كان أولهما تهيئة المسرح للسودانيين لإعلان إستقلالهم من داخل البرلمان. أما ثانيهما فقد كان سد الذرائع المصرية بأن الحكومة البريطانية ترمي من إعلان الاستقلال من داخل البرلمان إلى مد فترة عمل الحاكم العام في السودان بعد الاستقلال، وخلال فترة إعداد الدستور، وإبقاء القيادة العليا للقوات المسلحة السودانية في يده.
    مما يجدر ذكره أن المفوض التجاري البريطاني في الخرطوم إعتبر بيان الحكومة البريطانية بإخلاء منصب الحاكم الحدث الحاسم الذي عجل إلى درجة كبيرة بعملية تقرير المصير، لأنه حفز السودانيين على التركيز على مستقبـلهم الدسـتوري، وليس على المكائد الداخلية من أجل المنصب والسلطة.
    تعثرت إجتماعات الحزب الحاكم والأحزاب المؤتلفة بسبب الخلاف حول تشكيل الحكومة القومية ورئاستها. ففي اجتماع يوم 15 ديسبمر 1955 قبل ممثلو الحزب الوطني الاتحادي اقتراح عبدالله خليل بشأن نسب تمثيل الاحزاب في الحكومة القومية ولكنهم علقوا قبولها بشرط إسناد الرئاسة لإسماعيل الازهري. وهكذا انفض الاجتماع بدون اتفاق وحُدد يوم السبت 17 ديسمبر 1955 تاريخاً لاستئناف الاجتماعات. ولكن بينما كان اجتماع يوم 15 ديسمبر منعقداً بقاعة اللجان بمجلس الشيوخ، فجر اسماعيل الازهري في مجلس النواب مفاجأة أذهلت الجميع بمن فيهم أكان حزبه.
    سبق أن ذكرنا أن حكومة الأزهري عادت إلى السلطة في 15 نوفمبر بأغلبية صوتين، ومع ذلك لم يبد أزهري حماسة لقيام حكومة قومية قد لا يكون هو رئيسها وبذلك يُحرم من أن يكون على منصة الشرف في اليوم المشهود. وفي هذا السياق قال جون دنكان أحد مساعدي وليام لوس: «إن هزيمة الحزب الوطني الاتحادي أصبحت مسألة وقت. ولكن أزهري كان مصمماً على أن يقف وحده على رأس الحكومة في يوم استقلال بلاده، وأن ينسب الفضل لحزبه».
    لما تقدم، قرر أزهري أن يلعب الورقة الأخيرة فصرح في مجلس النواب في الوقت المخصص للأسئلة وبدون سابق إنذار أنه سيتقدم في يوم الإثنين 19 ديسمبر باقتراح لإعلان إستقلال السودان. فقد قال: «إن مهمة حكومتي محددة في إتمام السودنة وقد تمت، وإتمام الجلاء وقد تم، ثم جمع كلمة السودانيين حول الاستقلال التام وقد تم هذا أيضاً، ولم يبق إلا إعلانه من داخل هذا المجلس يوم الإثنين القادم إنشاء الله. وأرجو ألا يفوت حضرات نواب هذا المجلس الموقر حكومة ومعارضة قطاف هذه الثمار الدانية».
    على أية حال، بهذا الإجراء تفوق أزهري على المعارضة. وفي تعليقه على ذلك قال آدمز عضو البعثة الديبلوماسية للمملكة المتحدة: «فلربما كان في إمكانهم أن يتفوقوا على الأزهري في التصويت في مجلس النواب، ومن المحتمل أنهم كانوا يأملون هزيمته مرة أخرى في أثناء مناقشة الموازنة. غير أنه لم يكن في استطاعتهم أن يصوتوا ضد الاقتراح الذي يزمع طرحه. لقد أمسك أزهري بزمام المبادرة، ولم يعد بحاجة إلى إئتلاف مع أي حزب معين لتحقيق هدفه المباشر، وهو بزوغ فجر سودان مستقل».
    3- قرار الفيدرالية
    قُدمت باتفاق الحكومة والمعارضة إلى جلسة مجلس النواب في يوم الاثنين 19 ديسمبر 1955 مشروعات لأربعة قرارات صيغت باللغتين الإنجليزية والعربية. شارك في الصياغة والترجمة وليام لوس، ومساعده جون دنكان، والمستشار القانوني لمكتب الحاكم العام جاك مفروقورادتو وبعض قادة الأحزاب، وكاتب مجلس النواب محمد عامر بشير. وباتفاق الحكومة والمعارضة أيضاً تناوب أعضاء من الصفوف الخلفية للحكومة والمعارضة في تقديم وتثنية مشروعات القرارات. تتعلق المشروعات الأربعة بمسألة الفيدرالية، وإعلان الاستقلال، وقيام رأس دولة سوداني، وقيام جمعية تأسيسية منتخبة لوضع واقرار الدستور النهائي.
    أعطيت الأسبقية في التقديم لمشروع قرار الفيدرالية لضمان تصويت نواب حزب الأحرار مع قرار إعلان الاستقلال. قدم مشروع القرار النائب ميرغني حسين زاكي الدين (دار البديرية). وقد كان نصه: «نحن أعضاء مجلس النواب في البرلمان مجتمعاً نرى أن مطالب الجنوبيين لحكومة فيدرالية للمديريات الجنوبية الثلاث ستُعطى الاعتبار الكافي بواسطة الجمعية التأسيسية». قال مقدم الاقتراح: «أما وقد أبدى إخواننا الجنوبيون لبعض الاسباب الرغبة في حكومة فيدرالية للمديريات الجنوبية، وحرصاً منا على تمتين الرابطة والصلة بين الشمال والجنوب أرجو من الأعضاء المحترمين تأييد هذا الاقتراح تأييداً إجماعياً لأنه يهدف إلى تحقيق رغبة اخواننا الجنوبيين ويطمئن نفوسهم».
    ثنى الاقتراح بنجامين لوكي (نائب ياي) وقال: «عندما بدأ السودانيون يتجمعون ليتشاوروا في شئون بلادهم رأى الجنوبيون أن أنجع طريقة للتشاور هي أن تكون للجنوب حكومة فيدرالية. وكلنا يسعى ويهدف لأن يكون السودان وحدة لا تتجزأ. وإنني أقول إن هذا الهدف لن يتحقق إلا إذا كانت هناك حكومة فيدرالية للمديريات الجنوبية الثلاث».
    وفي تعقيبه على المداولة قال زعيم المعارضة محمد أحمد محجوب: «يوجد الآن من بين أعضاء هذا المجلس من يريدون حكماً فيدرالياً للمديريات الجنوبية الثلاث، وهم يقولون إنهم حريصون على وحدة السودان ولا يريدون الحكم الفيدرالي كأساس لانفصال جزء من السودان عن بقية القطر». ثم أضاف أن مكان مناقشة هذا الرأي هو الجمعية التأسيسية ووقتها يحين عندما يتحقق الاستقلال التام.
    لم يرد تعبير «فيدرالية» في تعقيب مبارك زروق زعيم الأغلبية فقد قال: «إن السودان إذ يقرر مصيره كوحدة مكتملة إنما يريد من كل أبنائه أن يتقاسموا خيره وأن يشتركوا في الحقوق والواجبات الأمر الذي لا يتعارض مع خلق نظام لامركزي بتدعيم الحكومة المحلية وخلق المجالس ورفع مستواها والسير بها في الطريق الديمقراطي الصحيح». ثم قال إن الجمعية التأسيسية التي ستضع الدستور ستعطي مطالب الجنوب الحقة المشروعة كل عناية وتقدير ما دام كيان السودان قائماً ووحدته ثابتة. فهل حدث هذا؟ نترك الإجابة على هذا السؤال إلى الجزء الذي سنورد فيه موقف اجتماع الجمعية التأسيسية الأول في 22 مايو 1958 وموقف مشروع دستور عام 1958 من مطلب الفيدرالية.
    4- إجازة الدستور المؤقت
    في جلسة مشتركة في يوم السبت 31 ديسمبر 1955 أجاز مجلسا النواب والشيوخ دستوراً مؤقتاً للسودان. وعن الظروف التي أدت إلى تقديم دستور مؤقت، قال مبارك زروق إن ثمة عوامل أدت إلى ذلك كان أولها ملء الفراغ الدستوري الناتج عن إنتهاء فترة الإنتقال. أما ثانيها فقد كان الإسراع بالحصول على اعتراف مصر وبريطانيا باستقلال السودان. وعن مصدر الدستور المؤقت أوضح مبارك زروق أن أقصر الطرق في ظل هذه الظروف كان تعديل قانون الحكم الذاتي بما يتسق مع قيام جمهورية ديمقراطية ذات سيادة في السودان فحلت لجنة السيادة محل الحاكم العام، واستُبعدت السلطات غير الديمقراطية، وأُجريت بعض التعديلات الطفيفة التي يستلزمها الحكم الديمقراطي. وأوضح مبارك زروق كذلك أن التعديلات التي ربما تكون محل خلاف قد تُركت لتدرسها الجمعية التأسيسية.
    كان من بين المتحدثين عند مناقشة مشروع الدستور المؤقت زعيم المعارضة في مجلس الشيوخ استانسلاوس بياساما الذي قال إن دعوة الاستقلال تحمل بين طياتها الاتحاد الفيدرالي عند نظر دستور الجمعية التأسيسية، ذلك الاتحاد الذي طالما عمل له أبناء الجنوب.
    5- مشروع دستور أبريل 1958
    في 7 يوليو 1956 تشكلت حكومة إئتلافية بين حزب الأمة وحزب الشعب الديمقراطي الذي أُعلن تأسيسه في يونيو 1956. وفي عهد هذه الحكومة التي كان يرأسها عبدالله خليل تم تكوين لجنة قومية من 46 عضواً لوضع الدستور الدائم للبلاد. ضمت اللجنة في عضويتها بعض المتخصصين في القانون الدستوري، والشخصيات العامة، وممثلين للأحزاب السياسية، واتحادالعمال، واتحاد مزارعي الجزيرة، ونقابة المحامين، واتحاد الصحافة، وخريجي الجامعات والغرفة التجارية. أُختير بابكر عوض الله رئيس مجلس النواب رئيساً للجنة القومية للدستور وأحمد خير رئيساً مناوباً. عقدت اللجنة أول اجتماع لها في 22 سبتمبر 1956. وقد خاطب الاجتماع عبدالله خليل رئيس الوزراء وزيادة أرباب وزير العدل. أبلغ وزير العدل الإجتماع بأن البرلمان القائم سيستمر حتى نهاية عام 1956، وأنه من المأمول أن تُجرى في مارس 1957 الانتخابات للجمعية التأسيسية.
    6- مسودة دستور أبريل 1958 أمام الجمعية التأسيسية
    وضع وزير العدل مسودة دستور أبريل 1958 على منضدة الجمعية التأسيسية في اجتماعها الأول في 22 مايو 1958. لا مجال هنا لعرض شامل لفصول مسودة هذا الدستور. ولكننا نورد أن الفصل الأول منه «الدولة السودانية» نص على ما يلي:
    1- السودان دولة موحدة وهو جمهورية ديمقراطية برلمانية.
    2- السيادة في الجمهورية السودانية للشعب الذي يمارسها وفق أحكام هذا الدستور.
    3- تسود أحكام هذا الدستور على جميع القوانين القائمة أو المستقبلة.
    4- اللغة الرسمية للدولة هي اللغة العربية.
    5- الإسلام هو دين الدولة الرسمي.
    ونصت المادة 36 من الفصل الثالث «المبادئ الموجهة لسياسة الدولة» على أن «تستوحي مصادر التشريع السوداني الأساسية مبادئ ونظريات الإسلام والعادات الحسنة التي لا تتعارض مع قواعد الانصاف والعدل الفطري والضمير السليم».
    لم يرد في مشروع دستور عام 1958 أي نص يحدد العلاقة بين المركز والإقليم. غير أن المادة 35 من المبادئ الموجهة لسياسة الدولة نصت على أن «تعمل الدولة على تعميم نظام الحكومات المحلية». هذا مع ملاحظة أن المادة 20 تنص على أن مواد الفصل الثالث «المبادئ الموجهة لسياسة الدولة» «غير ملزمة دستورياً ومع ذلك فإن المبادئ التي تضمنتها تعتبر أساسية في إدارة البلاد وينبغي مراعاتها عند سن القوانين».
    أجازت الجمعية التأسيسية ستة قرارات قدمتها الحكومة والمعارضة بالاتفاق. وقد كان من ضمنها القرار بأن تنظر الجمعية التأسيسية في مسودة الدستور التي أعدتها اللجنة القومية للدستور والتي وضعها وزير العدل على المنضدة في يوم الخميس 22 مايو 1958. وأيضاً القرار بأن تحال المسودة إلى لجنة الدستور للنظر فيها وإعداد تقرير عنها في أقصر وقت ممكن. علماً بأن لجنة الدستور الأخيرة هذه شُكلت من أربعين عضواً من أعضاء الجمعية التأسيسية.
    إعترض ممثلو الجنوب في الجمعية التأسيسية على مسودة الدستور لأنها لم تنص على موضوع الفيدريشن وطالبوا بتضمينه. وهنا أوضح محمد أحمد محجوب زعيم الأغلبية أن هناك سوء فهم وأن المسودة يمكن تعديلها أو رفضها أو إستبدالها. فللجمعية مطلق الحرية في هذا الأمر. فإذا وضعت اللجنة (يقصد اللجنة الأربعينية) تقريراً عن الفيدريشن، فإنه سيقدم للجمعية لتقبله أو ترفضه إذا كانت مصلـحة البـلاد العليا تقتـضي أحد الأمرين، والرأي للأغلبية.
    رفض فرانكو وول قرنق النائب عن الدائرة 15 (واو) إجازة الدستور بالأغلبية وقال: «مادامت الشمس تشرق من الشرق فإن الجنوبيين لن يكونوا أغلبية. وإذا كانت هذه المسودة هي أساس النقاش فلا شأن لنا بها لأنها أهملت مطلب الجنوب الأساسي. وإنني أقرر هنا أن استقلال السودان لن يستقر إذا لم يستقم الوضع في الجنوب.... إننا لا نضمر شراً لاستقلال السودان ونحبه ونحرص عليه كأي شخص آخر منكم. ولكننا نريد أن يكون هذا الاستقلال حقيقياً لا ملوناً، وإننا نريد أن ننال حقوقنا كأمة في السودان المستقل».
    وقال النائب قرنق في ختام حديثه «إننا نقف الآن على شفا حفرة، وموضوع الفيدريشن موضوع حساس. وإذا لم يُستجب له فلربما يطلب الجنوبيون أشياء أخرى لم تكن هناك حاجة لها».
    ورفض الأب ساترنينو لوهوري نائب الدائرة 80 (توريت لاتوكا) القول بأن مباركة أعمال اللجنة القومية للدستور كانت اجماعية. وأوضح أنه كان يمثل كتلة الأحرار في اجتماعات اللجنة ولم يوافق على ما توصلت إليه الحكومة والمعارضة، وطلب منهم إدخال تعديل ينص على الفيدريشن ولما رفضوا ذلك انسحب هو وزملاؤه. وأضاف أن الجنوبيين قاطعوا لجنة الدستور، لذلك فإن العمل الذي تم قام به جزء من أعضاء اللجنة لا كلها.
    ومضى ساترنينو للقول: «إن اجتماع لجنة الدستور المقترح (يقصد اللجنة الأربعينية) سيتعرض لإمتحان قاسٍ عندما يجىء الجنوبيون ويطالبون بالفيدريشن فيرفض طلبهم، ولن يكون أمامهم إلا الانسحاب، ولن يكون إقرار الدستور عند ذلك الوقت عملاً قانونياً، وسيبحث الجنوبيون عن طريق آخر لتحقيق مطالبهم .. لقد تعبنا من كلمتي (الاعتبار الكافي) اللتين وردتا في قرار البرلمان السابق. وقد كثرت الوعود للمناقشة في هذا الأمر. إن تعديل هذه المسودة لا يجدي، بل علينا أن نبحث أولاً عن نوع الحكم الذي نريده: هل هو حكم لسودان موحد أم نوع من الحكومة الفيدرالية؟»
    واستطرد ساترنينو قائلاً: «إن للجنوب قضية وقضية عادلة .... لأنه يريد أن يدير شؤونه المحلية بنفسه بعد أن فشلت الإدارة الشمالية التي حلت محل الحكم البريطاني، ولم تستطع القيام بالعمل... وإن أوضح دليل على موقف الجنوب هو ذلك التمرد الذي وقع قبل ثلاثة أعوام. فقد كان الجنوبيون غير راضين عن حالتهم فحاولوا الحصول على حقوقهم بالطريقة التي رأوها. وفي ساعة غضب وإصرار وقع التمرد. ولكني أؤمن أن هناك طرقاً مشروعة وقانونية لتحقيق أي هدف. ولذلك فإنني لا أقر التمرد. لقد اكتُشف مؤخراً أن من أسباب التمرد تصرفات التجار والموظفين الشماليين الذين وضعت في يدهم المسؤولية فلم يحسنوا إدارتها. فكان أن وقع التمرد وتطور لثورة كان نتيجتها أن فقد كثير من الشماليين الأبرياء أرواحهم نساءً وأطفالاً ورجالاً. إن هذا وجه للمشكلة، والوجه الآخر هو أن الجنوبيين قُدموا للقضاء الذي كان مكوناً من شماليين مائة في المائة. وكانت النتيجة أن فقد عدد كبير من الجنوبيين أرواحهم وسيق عدد ضخم منهم للسجون».
    وختم الأب ساترنينو حديثه بالقول: «إذا كنا سنعتمد على مسألة الأغلبية والجنوبيون قلة، فلن نحل مشكلة الجنوبيين أبداً».
    إنسحب الأعضاء الجنوبيون بعد ذلك من اجتماع الجمعية التأسيسية. ثم أصدروا بياناً قالوا فيه إنه كان على الجمعية التأسيسية أن تنظر أولاً في مسألة الإتحاد الفيدرالي بين الجنوب والشمال حسب قرار البرلمان السابق في 19 ديسبمر 1955. وقالوا أيضاً إنهم لا يريدون وضع عراقيل، ولكنهم لن يبحثوا أو ينظروا في أي مسودة دستور، أو يوافقوا على دستور لا يقوم على أساس الاتحاد الفيدالي.

    *
    http://www.sudaneseonline.com/2008-05-19-17-39-36/9...--1986-6-------.html
                  

12-03-2011, 05:18 PM

عبدالله الشقليني
<aعبدالله الشقليني
تاريخ التسجيل: 03-01-2005
مجموع المشاركات: 12736

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ضد المدعــو " نيفاشــا " وضــد تقسيم الســودان . (Re: عبدالله الشقليني)



    (106)
    Quote:


    مسألة جنوب السودان في سياق تاريخي: 1899 – 1986م (7) .. بقلم: د. فيصل عبدالرحمن علي طه

    السبت, 03 كانون1/ديسمبر 2011

    (7)

    [email protected]

    الطريق إلى مؤتمر المائدة المستديرة
    1- إنقلاب 17 نوفمبر 1958 والجنوب
    في صباح يوم 17 نوفمبر 1958 أعلن إبراهيم عبود القائد العام للقوات المسلحة تسلم الجيش للسلطة في السودان. ومن ثم أصدر الأمر الدستوري رقم (1) الذي نص على الآتي:
    1- المجلس الأعلى للقوات المسلحة هو السلطة الدستورية العليا في السودان.
    2- المجلس الأعلى للقوات المسلحة هو السلطة التشريعية العليا في السودان.
    3- المجلس الأعلى للقوات المسلحة هو السلطة القضائية العليا والسلطة التنفيذية العليا في السودان وتؤول إليه القيادة العليا للقوات المسلحة السودانية.
    4- خول المجلس الأعلى لرئيسه (إبراهيم عبود) جميع السلطات التشريعية والقضائية والتنفيذية وقيادة القوات المسلحة السودانية.
    ونص الأمر رقم (3) على تعطيل دستور السودان المؤقت لسنة 1956 وعلى حل البرلمان القائم وحل جميع الأحزاب القائمة وعلى عدم قيام أي حزب سياسي جديد.
    زاد انقلاب عبود مسألة الجنوب تعقيداً. فقد إتهم بعض دعاة الحكم الفيدرالي الأحزاب الشمالية بأنها دبرت الانقلاب لإحباط محاولة الجنوب إقامة حكم فيدرالي. ومما قوى هذا الاتهام أن حكومة عبود إحتضنت سانتينو دينج وغيره من العناصر الجنوبية التي كانت تدعو لوحدة الشمال والجنوب في إطار نظام لامركزي. حري بالذكر أن سانتينو دينج حصل على حقيبة الثروة الحيوانية في أول حكومة شكلها إبراهيم عبود.
    وباستيلاء عبود على السلطة تعطلت المنابر الديمقراطية التي كان ينطلق منها الصوت الجنوبي. وقُرعت طبول الحرب. فقد اعتبرت فلول الفرقة الاستوائية التي تمركزت في الاقطار الافريقية المجاورة أن موقف الشمال من قضية الجنوب منذ فجر الاستقلال وحتى انقلاب 17 نوفمبر كان بمثابة هزيمة للصفوة السياسية الجنوبية. لذلك دعت إلى مواصلة الكفاح المسلح الذي بدأ عام 1955 لتحقيق أهداف أبناء الجنوب. وبفضل التدريب والتسليح الأجنبي استطاعت بقايا الفرقة الاستوائية والعناصر النظامية التي لحقت بها أن تكون في عام 1963 تنظيم الانيانيا. وكلمة «الانيانيا» تعني بلغات المورو والمادي السم الذي لا علاج له.
    وعبر الكثير من السياسيين وبعض رجال الشرطة والادارة والطلاب الحدود الدولية إلى الدول الافريقية المجاورة وإلى دول أوربا الغربية. وكان في طليعة هؤلاء بعض نواب الاتجاه الفيدرالي الذي كان يقوده في برلمان عام 1958 الأب ساترنينو لاهوري. وقد شكل هؤلاء بالتعاون مع آخرين في عام 1962 بالكونغو ليوبولدفيل الاتحاد الوطني لمناطق السودان الافريقية المغلقة والذي تحول في عام 1963 إلى الاتحاد الوطني السوداني الافريقي (سانو) واتخذ من كمبالا مقراً له. وكان من أبرز قادته جوزيف أُدوهو ووليم دينق وأقري جادين. نادى حزب سانو بانفصال الجنوب عن الشمال باعتباره السبيل الوحيد المتاح بعد إخفاق مطالبة الجنوب بالحكم الفيدرالي.
    هكذا يمكن القول إنه إبان حكم عبود إتخذت مسألة جنوب السودان بعداً إقليمياً. كما أسهمت المواجهة بين نظسام عبود والهيئات التبشيرية المسيحية بقدر كبير في تدويل القضية. ففي عام 1962 أصدرت حكومة عبود قانوناً جديداً لتنظيم نشاط الهيئات التبشيرية الأجنبية العاملة في جنوب السودان. وأتبعته في نفس العام بقرار طرد المبشرين الأجانب من جنوب السودان. اتهمت حكوة عبود الهيئات التبشيرية بأنها تعمل لتقويض الأمن والاستقرار الداخلي. وأنها تبذر بذور العداء في نفوس الجنوبيين ضد إخوانهم الشماليين وذلك بغرض تشجيع إقامة دولة سياسية منفصلة مما يعرض وحدة السودان للخطر.
    ومن النقد الذي وجه لحكم عبود أنه حاول التقريب بين الشمال والجنوب وجدانياً وثقافياً فقام من وراء الستار بتشجيع محاولات للتبشير الاسلامي غير مدروسة. ورد هذا في تقرير لجنة تقصي الحقائق عن المديريات الجنوبية التي شكلتها الجمعية التأسيسية في عام 1966. وقد كانت برئاسة محمد يوسف محمد (دوائر الخريجين)، وعضوية بدر الدين يوسف هباني (الدويم الخامسة)، وعبدالله محمد أحمد (دار حامد والبديرية)، وحسن حامد مهدي (الأبيض)، وقمر حسين رحمة (تقلي الجنوبية)، وأحمد محمد عواص (ريف كسلا).
    إستثمر المبشرون الإجراءات المتقدمة داخلياً وإقليمياً ودولياً. فداخلياً أعطت هذه الإجراءات المبشرين دليلاً على صدق ما كانوا يقولونه للجنوبيين من أن الشمال سيمحو مسيحيتهم وسيرغمهم على الاسلام. أما دولياً فقد استند المبشرون على تلك الاجراءات لتصوير ما يجري في الجنوب على أنه حرب دينية عنصرية بين العرب المسلمين والزنوج المسيحيين الأمر الذي أكسب التنظيمات الجنوبية في الخارج عطف ودعم المسيحية الإقليمية والدولية.
    وقد كان إخفاق حكومة عبود في معالجة مسألة الجنوب أحد أسباب إندلاع ثورة 21 أكتوبر 1964. فإزاء تصاعد العمليات العسكرية في الجنوب واستنزافها لموارد البلاد المادية والبشرية ومناداة الرأي العام في الشمال بالحل السلمي للقضية، قررت حكومة عبود تشكيل لجنة لتقصي الحقائق حول مسألة الجنوب، وأعلنت عن ترحيبها بتلقي أي مقترحات أو آراء بشأن تسوية المسألة. وما كانت حكومة عبود تدري أنها بذلك مهدت لثورة 21 اكتوبر.
    ففي الندوات التي أقيمت في جامعة الخرطوم وجامعة القاهرة (فرع الخرطوم) إتفق المتحدثون على أن قضية الجنوب ليست مسألة أمنية عادية يمكن حلها بالعنف والقوة، وطالبوا بالحل السلمي. ولكنهم أعربوا عن شكوكهم في أن يتوفر الحل السلمي في غياب الديمقراطية في الشمال والجنوب. وتواترت نفس الآراء في الندوة التي أقامها إتحاد طلاب جامعة الخرطوم وهي الندوة التي حاولت قوات الأمن تفريقها بقوة السلاح فسقط شهداء وجرحى وتفجرت ثورة 21 اكتوبر 1964 التي أطاحت بنظام انقلاب 17 نوفمبر.
    2- حكومة اكتوبر الانتقالية والجنوب
    أقامت ثورة 21 اكتوبر 1964 وضعاً انتقالياً مؤقتاً وفقاً لاحكام دستور عام 1956 المؤقت. نص على ذلك الميثاق الوطني الذي أعلنه رئيس وزراء الحكومة الانتقالية سر الختم الخليفة في 30 اكتوبر 1964. ونص الميثاق كذلك على أن الوضع الانتقالي ينتهي بإجراء انتخابات حرة عامة تشرف عليها لجنة مستقلة في تاريخ لا يتعدى شهر مارس من عام 1965 لقيام جمعية تأسيسية يقع على عاتقها وضع الدستور الدائم وإقراره وقيام حكومة يختارها الشعب.
    وضُمنت في الميثاق المبادئ الذي تم الاتفاق عليها بين ممثلي الجبهة القومية الموحدة وممثلي القوات المسلحة وقد كانت كما يلي:
    أولاً: تصفية الحكم العسكري الحالي.
    ثانياًً: إطلاق الحريات العامة، كحرية الصحافة والتعبير والتنظيم والتجمع.
    ثالثاً: رفع حالة الطوارئ وإلغاء جميع القوانين المقيده للحريات في المناطق التي لا يخشى فيها من اضطراب الأمن.
    رابعاً: تأمين استقلال القضاء.
    خامساً: تأمين استقلال الجامعة.
    سادساً: اطلاق المعتقلين السياسيين والمسجونين من المدنيين في قضايا سياسية.
    سابعاً: أن ترتبط الحكومة الانتقالية بانتهاج سياسة خارجية ضد الاستعمار والاحلاف.
    ثامناً: تكوين محكمة استئناف من عدد من القضاة لا يقل عن خمسة تؤول إليها سلطات رئيس القضاء، القضائية منها والإدارية.
    تاسعاً: أن تكون لجنة لوضع قوانين تتمشى مع تقاليدنا.
    كما سبقت الإشارة أعاد الميثاق الوطني العمل بدستور عام 1956 المؤقت وأُدخلت عليه تعديلات اقتضى بعضها الوضع الانتقالي ليصبح دستور السودان المؤقت المعدل سنة 1964. وقد كان من بين ما أستحدث من مواد المادة 108 التي أعفت رجال وهيئات إنقلاب 17 نوفمبر من المحاكمة أمام أي محكمة جنائية أو مدنية أو إدارية بشأن أي حكم أو أمر أو فعل صدر «أثناء تأدية الواجب أو بغرض حماية القانون والنظام أو حفظ الأمن وفقاً لأي تكليف من القوات المسلحة السودانية على أي صورة عسكرية كانت أم مدنية». ويبدو أن استحداث هذه المادة قد جاء تنفيذاً لاتفاق تم بين ممثلي الجبهة القومية وممثلي القوات المسلحة.
    في أول خطاب له في 10 نوفمبر 1964 عن قضيــة الجنــوب، أعلن سر الختم الخليفة رئيس وزراء حكومة اكتوبر الانتقالية أن حكومته تعتقد إعتقاداً راسخاً أن القوة ليست حلاً لمشكلة الجنوب، وتشعر بأن استعمال القوة قد زادها تعقيداً. ثم قال إن حكومته «تعترف بكل شجاعة ووعي بفشل الماضي وتواجه صعوباته، كما أنها تعترف بالفوارق الجنسية والثقافية بين الشمال والجنوب التي تسببت فيها العوامل الجغرافية والتاريخية». وعلى أساس الاعتراف بمثل هذه العناصر في المشكلة، أعلن رئيس الوزراء أن حكومته تنوي اتخاذ سياسة تهدف إلى إعادة الثقة في الجنوب، وستأخذ بعين الأعتبار آراء المثقفين من أبناء الجنوب.
    من ثم فتحت حكومة اكتوبر الانتقالية قنوات اتصال مع القيادات الجنوبية بالخارج وأعلنت في 10 ديسمبر 1964 العفو عن جميع السودانيين الذين هاجروا للخارج من أول يناير 1955. وتبنت الحكومة الانتقالية إقتراح حزب سانو بالدعوة إلى مؤتمر مائدة مستديرة للنظر في موضوع العلاقة الدستورية بين الشمال والجنوب. ولكن قبل الاسترسال في الحديث عن مؤتمر المائدة المستديرة، نرى أنه من الاوفق أن نتناول بعض العوامل التي طرأت خلال تلك المرحلة داخلياً وإقليمياً والتي نعتقد أنها أثرت بقدر أو آخر في توجيه قضية جنوب السودان.
    3- العوامل الإقليمية
    أ- في نوفمبر 1959 وقعت حكومة 17 نوفمبر مع الحكومة المصرية إتفاقاً بشأن الانتفاع الكامل بمياه نهر النيل. ولم تدع دول الهضبة الاستوائية ولا اثيوبيا للمشاركة في المفاوضات أو التوقيع على الاتفاقية. ولا حاجة بنا للتذكير بأن الهضبة الاثيوبية ترفد نهير النيل بحوالي 85 في المائة من ايراده السنوي وذلك عبر النيل الازرق ونهر سوباط ونهر عطبرة. وفور إبرام اتفاقية عام 1959 تلقت حكومة السودان والحكومة المصرية مذكرة من الحكومة البريطانية باعتبارها المسؤولة آنذاك عن كينيا ويوغندا وتنجانيقا. حددت بريطانيا في تلك المذكرة الاحتياجات المائية آنذاك لدول شرق افريقيا النيلية واحتفظت بالحق في المطالبة بالمزيد إذا نشأت الحاجة إلى ذلك مستقبلاً.
    وخلال المفاوضات السودانية - المصرية التي سبقت اتفاقية عام 1959 بعثت اثيوبيا في 23 سبتمبر 1957 بمذكرات إلى كل من مصر والسودان عبرت فيها عن تحفظاتها بشأن تلك المفاوضات الثنائية، وأكدت حقوقها في المياه التي تنبع في إقليمها. كما أشارت إلى أنه بعد استيفاء الاحتياجات القومية من الموارد المائية الموجودة في إقليمها، فإنها - أي اثيوبيا - ستساهم في رفاهية سكان الدول النيلية المجاورة. وخشي البعض آنذاك أن تكون اثيوبيا قد قصدت بتلك المذكرات التحلل من الاتفاقيات التي تقيد إستخدامها للأنهار التي تنبع في إقليمها. ومن هذه الاتفاقيات اتفاقية 15 مايو 1902 بين الامبراطور منليك الثاني وبريطانيا والتي تلزم اثيوبيا بعدم القيام أو الإذن بإقامة أية أعمال على النيل الأزرق أو بحيرة تانا أو على السوباط إلا بعد الاتفاق مع الحكومة البريطانية وحكومة السودان.
    ب- في النصف الأول من الستينيات انتقل الشعب الارتيري إلى مرحلة الكفاح المسلح لتحقيق المصير والاستقلال. وذلك بعد أن ألغت اثيوبيا في 15 نوفمبر 1962 المؤسسات الفيدرالية وضمت اريتريا إلى اثيوبيا. ونذكر هنا بأن الأمم المتحدة كانت قد اتخذت في 2 ديسمبر 1950 قراراً بأن تصبح اريتريا وحدة متمتعة بحكم ذاتي في إطار اتحاد فيدرالي مع اثيوبيا تحت سيادة التاج الاثيوبي. أيدت الولايات المتحدة ودول الحلف الغربي الاتحاد الفيدرالي. ولكن الاتحاد السوفييتي عارضه بحجة أنه يتجاهل حق الشعب الأريتري في تقرير المصير.
    ج- في مايو 1963 أعلن رؤساء الدول والحكومات الافريقية - وكان إبراهيم عبود بضمنهم - في أديس أبابا عن مولد منظمة الوحدة الافريقية. أثار قيام المنظمة تساؤلاً حول مفهومها لمبدأ حق تقرير المصير. يبدو أن المنظمة بإعلانها مبدأ احترام سيادة كل دولة وسلامة أراضيها واستقلالها، وإبقائها على الحدود القائمة وقت استقلال الدول الافريقية، قد استبعدت من مبدأ حق تقرير المصير حق الأقليات العرقية أو الدينية أو اللغوية في الانفصال عن دولة قائمة. وذلك لأن حق الانفصال هذا يتعارض مع تطلعات افريقيا للوحدة، ولأن تطبيقه سيؤدي في نهاية الأمر إلى تفتيت القارة إلى دويلات تعوزها المقومات السياسية والاقتصادية. ونورد هنا أن منظمة الوحدة الافريقية لم تعترف بمحاولة بيافرا الانفصال عن نيجيريا في 20 مايو 1967 كممارسة لحق تقرير المصير. ففي قرار إتخذه مؤتمر رؤساء الدول والحكومات الافريقية في سبتمبر 1967 أكد المؤتمر تمسكه بمبدأ إحترام سيادة كل دولة وسلامة أراضيها. وكرر استنكاره للانفصال في أي من الدول الأعضاء واعتبر الوضع الناشئ عن محاولة بيافرا الانفصال من الشؤون الداخلية لنيجيريا.
    يتفق التفسير المتقدم مع مفهوم الأمم المتحدة لمبدأ تقرير المصير. فعند دراسات الحالات التي طبق فيها مبدأ حق تقرير المصير في ظل الأمم المتحدة وقرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة، نجد أن حق تقرير المصير قد طبق في نطاق تصفية الاستعمار، وأن الشعوب المستعمرة كان لها أن تختار بين الاستقلال أو الاتحاد أو الاندماج مع دولة قائمة، ولكنه لا يعطي الأقليات العرقية أو الدينية أو القبلية الموجودة داخل دولة قائمة حق الانفصال. وقد نصت الفقرة السادسة من إعلان تصفية الاستعمار الذي أصدرته الجمعية العامة في ديسمبر 1960 على أن كل محاولة تستهدف التقويض الجزئي أو الكلي للوحدة القومية أو سلامة إقليم أي بلد تعتبر منافية لاهداف ميثاق الأمم المتحدة ومبادئه.
    خلاصة القول إنه ما لم يكن هناك اتفاق بين الأطراف المعنية على خلاف ذلك، فإنه لا القانون الدولي ولا الممارسة الدولية تعترف للكيانات داخل الدول بحق الانفصال سواء كان ذلك بإعلان آحادي الجانب أو بأي طريق آخر. فتقرير المصير للشعوب أو الجماعات المقيمة داخل دولة يتم عبر تقرير المصير الداخلي، وذلك بالمشاركة الفعالة في النظام السياسي لتلك الدولة. ولا جدال في أن المشاركة لن تكون فعالة إلا إذا كان هذا النظام يقوم على مبادئ الديمقراطية التعددية، وحكم القانون، واحترام حقوق الانسان وحرياته الأساسية.
    سنلاحظ عندما نعرض لمؤتمر المائدة المستديرة أن المذكرة التي قدمتها الأحزاب السياسية الشمالية للمؤتمر قد تأثرت بمفاهيم الأمم المتحدة ومنظمة الوحدة الأفريقية لتقرير المصير.
    د- باندلاع الكفاح المسلح للشعب الاريتري وقيام حركة الأنيانيا بدأ التوتر والتأزم في العلاقات السودانية - الاثيوبية. إتهمت اثيوبيا السودان بمساندة حركة تحرير اريتريا. وبالمقابل إتهم السودان اثيوبيا بإيواء ودعم حركة الأنيانيا والسماح لها بممارسة نشاطها ضد السودان من داخل الأراضي الاثيوبية. ومن خلال دعمها لحركة الانيانيا ومطالبتها بالسيادة على إقليمي الفشقة وأم بريقة السودانيين، مارست اثيوبيا ضغطاً على السودان لسحب مساندته لحركات التحرير الاريترية وإغلاق حدوده أمام الأسلحة والمؤن التي ترد إلى تلك الحركات عبر السودان. وتدريجياً تحولت قضية جنوب السودان وقضية اريتريا إلى عنصري مساومة ومقايضة في العلاقات السودانية - الاثيوبية. وللتدليل على ذلك نسوق بعض الأمثلة.
    ففي إطار ثورة أكتوبر، قام وفد سوداني برئاسة رئيس الوزراء آنذاك محمد أحمد محجوب بزيارة اثيوبيا لشرح التغييرات التي حدثت في السودان بعد ثورة اكتوبر وشرح سياسة السودان الخارجية. وفي البيان المشترك الذي صدر في 29 يوليو 1965 أعلن الطرفان تمسكهما بالمبادئ الخاصة بالمحافظة على الوحدة والسلامة الاقليمية للبلدين وأدانا الأعمال التي من شأنها تهديد وحدة البلدين.
    واتفقا على الأتي:
    (1) حظر الدعاية المضادة ونقل الأسلحة والذخائر للمتمردين أو الانفصاليين في البلد الآخر، وكذلك حظر الأعمال الانفصالية والتخريبية الموجهة ضد البلد الآخر.
    (2) إغلاق أي مراكز تدريب إنفصالية، وأي مكاتب تباشر أعمالاً تخريبية ضد البلد الآخر.
    (3) إبعاد أي لاجئ يقوم بأعمال تخريبية ضد بلده.
    وفي مارس 1971 إتفق وزيرا خارجية اثيوبيا والسودان على تحريم كل أنشطة المنظمات التخريبية، وعلى تجريد العناصر المتمردة من أسلحتها، وإزالة معسكراتها، وطرد كل المتمردين، وقادة المعارضة، واتخاذ الاجراءات اللازمة لمنع عودتهم.
    وإبان عهد حكومة انتفاضة ابريل 1985 الانتقالية، أعلن وزير الخارجية إبراهيم طه أيوب في مستهل عام 1986 أن السودان يعترف بالنظام القائم في اثيوبيا، ولم يحدث أن اعترف بأن اريتريا شئ منفصل ومستقل. ومضى للقول إن قضية اريتريا قضية داخلية في اثيوبيا مثلما الجنوب قضية داخلية في السودان.
    4- العوامل الداخلية
    أ- طالبت أقاليم دارفور والبجة وجبال النوبة بالتعبير عن ذواتها وتطلعاتها في إطار نظام إقليمي. فقد أفضى التخلف والإهمال والتوزيع غير المتوازن للسلطة والثروة إلى قيام جبهة تنمية دارفور واتحاد جبال النوبة ومؤتمر البجة. وسنرى من بعد أن الافكار التي طرحتها هذه الكيانات قد وجدت تعبيراً في المذكرة التي قدمتها الأحزاب السياسية الشمالية إلى مؤتمر المائدة المستديرة.
    ب- طُرحت خلال المرحلة التي نحن بصددها بصورة أكثر جدية وأكثر تحديداً من ذي قبل مسألة العلاقة بين الدين والدولة. وبدأ الحوار حول علمانية أو إسلامية الدستور. فبعد ثورة 1964 أعلنت الأحزاب السياسية الرئيسية أنها تسعى لإقرار دستور إسلامي. كما برزت إلى حيز الوجود جبهة الميثاق الاسلامي كتنظيم يدعو إلى إقامة جمهورية إسلامية على أساس دستور إسلامي.
    ج- أدركت الحكومات الوطنية في السودان أن صعوبة التحكم في التسلل من وإلى السودان عبر حدود اثيوبيا مع المديريات الجنوبية يعود إلى طبيعة الحدود نفسها. فخلال مفاوضات تحديد حدود السودان مع اثيوبيا اتفق الامبراطور منليك الثاني مع ممثل بريطانيا على مراعاة الوحدة القبلية. وبالفعل نلاحظ أن الحدود التي اتفق عليها بموجب معاهدة 15 مايو 1902 تابعت شمال خط عرض 9 درجة شمال خط الجرف الاثيوبي بقصد فصل القبائل التي تقطن السهول السودانية من القبال التي تسكن الهضبة الاثيوبية. ولكن جنوب خط عرض 9 درجة شمال انحرفت الحدود عن الجرف الاثيوبي وتابعت أنهر بارو وبيبور وأكوبو مكونة بذلك بروزاً أو نتوءً Salient داخل السهول السودانية التي تقطنها قبائل النوير والأنواك النيلية.
    ومن المعلوم أن قبيلة النوير تقضي ثلثي العام في الجانب السوداني من الحدود، ومنذ أمد بعيد إعتادت النزوح إلى نتوء البارو - أي إلى إثيوبيا - في فترة الجفاف. بل إن أجزاء من النوير إستقرت في نتوء البارو داخل الأراضي الاثيوبية. وبالنسبة للانواك فإن اتفاقية 15 مايو 1902 تركت ثلثي القبيلة في اثيوبيا والتلث الآخر في السودان.
    وفي مارس 1939 بدأت بريطانيا مفاوضات مع الحكومة الإيطالية بشأن تعديل الحدود الاصطناعية في هذه المنطقة بحيث تُدخل كل مراعي النوير في السودان وتُضم كل قبيلة الأنواك للسودان. ولكن نشوب الحرب العالمية الثانية حال دون استمرار تلك المفاوضات. ويبدو أنه في مقابل ذلك كانت الحكومة البريطانية مستعدة للتنازل لإيطاليا عن الإقليم الواقع جنوب نتوء بارو ويشمل ذلك هضبة بوما.
    لا غرابة إذن في أول عمل عسكري قامت به حركة الأنيانيا في سبتمبر 1963 كان الهجوم على مركز للشرطة والجيش في فشلا على الحدود السودانية - الاثيوبية. وورد في تقرير لجنة تقصي الحقائق التي شكلتها الجمعية التأسيسية في عام 1966 وسبقت الإشارة إليها ما نصه: «أما في حدودنا مع اثيوبيا خاصة مراكز الناصر وأكوبو والبيبور فإن المتمردين أقاموا معسكراتهم في الأراضي الاثيوبية ويجدون الحماية من مراكز البوليس الاثيوبي». وورد في التقرير أيضاً أن بعض القساوسه الذين طُردوا من مراكز الناصر وأكوبو حصلوا على تصديقات بإقامة مراكز نشاطهم في الحدود المتاخمة لحدود المراكز السودانية.

    http://www.sudaneseonline.com/2008-05-19-17-39-36/9...--1986-7-------.html
                  

12-16-2011, 08:05 AM

عبدالله الشقليني
<aعبدالله الشقليني
تاريخ التسجيل: 03-01-2005
مجموع المشاركات: 12736

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ضد المدعــو " نيفاشــا " وضــد تقسيم الســودان . (Re: عبدالله الشقليني)

    (107)
    Quote:



    مسألة جنوب السودان في سياق تاريخي: 1899 – 1986م (8) .. بقلم: د. فيصل عبدالرحمن علي طه


    الإثنين, 12 كانون1/ديسمبر 2011



    (8)

    مؤتمر المائدة المستديرة ومشروع دستور 1968
    1- مؤتمر المائدة المستديرة
    عُقد مؤتمر المائدة المستديرة في الخرطوم في 16 مارس 1965 برئاسة مدير جامعة الخرطوم النذير دفع الله. حضر المؤتمر مراقبون من سبع دول افريقية هي الجزائر وكينيا ويوغندا ومصر ونيجيريا وغانا وتنزانيا. شارك في المؤتمر من الشمال حزب الشعب الديمقراطي، والحزب الوطني الاتحادي، وحزب الأمة، والحزب الشيوعي، وجبهة الميثاق الاسلامي، وجبهة الهيئات. ومثلث الجنوب في المؤتمر جبهة الجنوب، وحزب سانو، وشارك في المؤتمر بصورة غير مباشرة حزب الوحدة السوداني.
    قدمت الأحزاب الشمالية مشروعاً مشتركاً لتسوية قضية الجنوب. ولكن الأحزاب الجنوبية لم تطرح تصوراً موحداً لمستقبل العلاقات الدستورية بين الشمال والجنوب. فحزب سانو (جناح أقري جادين) دعا للانفصال التام، وسانو (جناح وليام دينق) طالب بقيام إتحاد فيدرالي بين الشمال والجنوب. أما جبهة الجنوب فقد اقترحت تسوية قضية الجنوب في إطار حق تقرير المصير. وسيرد من بعد أن حزب سانو (جناح وليم دينق) وجبهة الجنوب قدما في بعض مراحل المؤتمر مقترحات مشتركة.
    رفضت الأحزاب الشمالية النظام المركزي أو الفيدرالي أو الانفصال كأساس لتسوية مسألة الجنوب، وأكدت على أن المبادئ التي ينبني عليها نظام الحكم ينبغي أن تضمن بقاء السودان كدولة موحدة. وكما سيتضح، فان الطرح الشمالي كان يدعو للأخذ بنظام اللامركزية الإدارية في ظل دولة بسيطة موحدة Unitary تقوم على المركزية السياسية.
    لم تجد الأحزاب الشمالية مبرراً لمطلب الانفصال لأن علاقات الشمال والجنوب لا تقوم على أساس الإستقلال أو الاستعمار. وبالنظر إلى العلاقات الانسانية والاقتصادية والجغرافية التي تربط الشمال بالجنوب، فإن الانفصال ستترتب عليه مشاكل سياسية واقتصادية تقعد بالشمال والجنوب وتزيد من فرص التدخل الأجنبي. وهذا فضلاً عن أنه لا يتفق مع توجهات افريقيا الوحدوية.
    وفي تفسيرها لحق تقرير المصير، ذهبت الأحزاب الشمالية إلى أنه ليس حقاً مطلقاً يجوز لأي جماعة أن تستخدمه دون مراعاة لمصلحة الجماعة الدولية وبطريقة ضارة بالأمن والسلم.
    وتخوفت الأحزاب الشمالية من أي يكون النظام الفيدرالي خطوة في طريق الانفصال. واستندت في رفضها له لغياب مقومات نجاحه فالنقلة من النظام المركزي إلى النظام الفيدرالي ليست بالأمر اليسير. كما أن النظام الفيدرالي يتطلب موارد اقتصادية وبشرية لا قبل للجنوب أو للسودان بها.
    إعترفت الأحزاب الشمالية بعدم ملائمة النظام المركزي القائم لتباينات تركيبة السودان. وكبديل اقترحت أن يبني النظام الإداري للسودان على الأساس الجغرافي الذي يضمن للجنوب حكومة إقليمية تناسب ظروفه. كما يضمن للأقاليم الأخرى درجات من الحكم الاقليمي تتناسب مع ظروف كل منها. تتكون الحكومة الاقليمية من مجلس تشريعي إقليمي ومجلس تنفيذي ومحافظ يرأس المجلس التنفيذي. وحددت مقترحات الأحزاب الشمالية وظائف وسلطات المجلسين.
    واشتملت مقترحات الأحزاب الشمالية على ضمانات دستورية تكفل حرية العقيدة وحرية العمل التبشيري للمواطنين السودانيين. وتكفل أيضاً المساواة في فرص العمل وفي الأجور على ألا يكون هناك تمييز بسبب الدين أو العرق أو اللغة.
    ولتحقيق مشاركة الجنوب في السلطة القومية إقترحت الأحزاب الشمالية الآتي:
    (أ) يكون تمثيل الجنوب في البرلمان حسب نسبة سكانه إلى سكان السودان.
    (ب) يكون للجنوب وضعاً خاصاً في رئاسة الدولة بحيث يكون أحد أبناء الجنوب نائباً للرئيس.
    (ج) يكون في الوزارة ثلاثة وزراء من الجنوب.
    إقترحت الأحزاب الشمالية كذلك مبادئ للسياسة القومية غطت مجالات التعليم والاقتصاد والخدمة العامه واستثمار الأراضي. من هذه المبادئ إنشاء جامعة في الجنوب، وإنشاء لجنة فرعية بالجنوب للجنة الخدمة المدنية، وانشاء مجلس قومي للتنمية الاقتصادية على أن تكون له وكالة فرعية بالجنوب، وتوزيع النشاط الاقتصادي بطريقة تسرع بالتنمية الاقتصادية للأقاليم المتخلفة خاصة الجنوب. وكإجراء عاجل إقترحت الأحزاب الشمالية «جنوبة» الإدارة في المديريات الجنوبية بجنوبيين مؤهلين.
    إبان المؤتمر قدم حزب سانو وجبهة الجنوب مشروعاً لتقرير مستقبل الجنوب على أساس إستفتاء للتحقق من رغبة أغلبية أهل الجنوب. في هذا الاستفتاء تُطرح على الجنوبيين ثلاثة خيارات: النظام الفيدرالي، أو الوحدة مع الشمال، أو الانفصال عن الشمال. اقترح المشروع إجراء الاستفتاء خلال شهرين. كما اقترح أيضاً بعض الإجراءات لضمان حيدة الاستفتاء. ومن هذه الإجراءات أن تشرف على الاستفتاء هيئة محايدة، وأن تُرفع حالة الطوارئ، وأن تعود قوات الجيش إلى ثكناتها في الشمال، وأن تعمل جبهة الجنوب وحزب سانو على إيقاف القتال في الجنوب بمناشدة المقاتلين.
    رفضت الأحزاب الشمالية هذا المشروع ورأت فيه محاولة خفية لتطبيق حق تقرير المصير دون أن تتوفر شروط تطبيقه. يضاف إلى هذا أنه صور علاقة الشمال بالجنوب كعلاقة مستعمر (بكسر الميم) ومستعمر (بفتح الميم).
    ورفضت الأحزاب الشمالية مشروعاً آخر تقدم به حزب سانو وجبهة الجنوب في 24 مارس 1965. دعا هذا المشروع إلى تقسيم السودان إلى إقليمين. يكون لكل إقليم السيطرة على الشؤون الخارجية والشؤون المالية والتخطيط الاقتصادي والقوات المسلحة والأمن الداخلي. وحدد المشروع خدمات مشتركة يقوم بتنظيمها مجلس وزراء مكون من 12 وزيراً من كل إقليم. وتكون لمجلس الوزراء أمانة عامة لتنفيذ القرارات. وتشمل الخدمات المشتركة المعنية حركة البضائع والمواصلات والعمل ورقابة النقد والتعليم العالي ومكافحة الأمراض الوبائية والبحث الطبي.
    ولا خفاء أن هذا المشروع كان يرمي في التحليل الأخير إلى فصل الجنوب عن الشمال وإقامة دولة مستقلة في الجنوب لا يربط بينها وبين الشمال سوى جهاز لتنسيق الخدمات. أو بمعنى آخر صياغة العلاقة بين الشمال والجنوب على أساس كونفيدرالي.
    لم يتمكن مؤتمر المائدة المستديرة من الوصول إلى قرار إجماعي بشأن النظام الإداري والدستوري للسودان. لذلك قرر تشكيل لجنة مكونة من إثني عشر عضواً لمواصلة بحث هذا الموضوع.، وفي البيان الختامي الذي أصدره المؤتمر، أكد ممثلو الأحزاب والهيئات على حتمية المصالحة الوطنية، وعبروا عن اقتناعهم بأن الأختلافات في وجهات النظر يمكن تسويتها بالوسائل السلمية. وجاء في البيان أيضاً أن المؤتمر نجح في تهيئة الفرصة للزعماء السياسيين للإلتقاء لأول مرة منذ سنوات في جو ودي لتبادل وجهات النظر حول قضية جنوب السودان. كما نجح في تبديد الشكوك والريب بين زعماء الشمال والجنوب وفي خلق أساس متين للتفاهم والتعاون.
    وتبنى المؤتمر بالإجماع سياسات تهدف إلى تطوير الجنوب وتطبيع الأحوال فيه. ومن هذه السياسات كفالة حرية العقيدة، والمساواة في فرص العمل، وتدريب الجنوبيين على التخصصات الفنية والإدارية والعسكرية، و«جنوبة» الإدارة والشرطة والسجون والإعلام، وإنشاء جامعة في الجنوب، وإنشاء مجلس قومي للتخطيط تكون له وكالة فرعية في الجنوب.
    يثور هنا تساؤل عن أسباب إخفاق مؤتمر المائدة المستديرة في الوصول إلى صيغة دستورية لتحديد العلاقة بين الشمال والجنوب. يرد تيم نبلوك المحاضر السابق بشعبة العلوم السياسية بجامعة الخرطوم ذلك إلى عدة أسباب نجملها في الآتي:
    أ- إن القوى التي تحمل السلاح وتحارب وبوجه خاص الانيانيا لم تدع للمشاركة في المؤتمر.
    ب- إن الأحزاب الجنوبية التي شاركت في المؤتمر لم يكن لها نفوذ يذكر على الانيانيا ولذلك لم تكن في وضع يمكنها من إبداء تنازلات أو إجراء مساومات.
    ج- عدم اتفاق رؤية الحركة السياسية الجنوبية على العلاقة الدستورية بين الشمال والجنوب.
    د- عدم وجود وسيط قادر على بسط نفوذه على طرفي النزاع.
    يبدو أن الوسيط الذي افتقده نبلوك في مؤتمر المائدة المستديرة قد ظهر خلال رئاسة الصادق المهدي للحكومة. ففي ديسمبر 1966 زارت السودان بدعوة من الحكومة بعثة من مجلس كنائس عموم افريقيا، ناقشت البعثة مع رئيس الوزراء، الأسلوب الذي يمكن إتباعه للوصول إلى تسوية سلمية لقضية الجنوب وتم الاتفاق على الآتي:
    أ- تشكيل لجنة من شماليين وجنوبيين لإجراء مفاوضات مع قادة الأنيانيا بحضور مراقبين من ثلاث من الدول الافريقية المجاورة.
    ب- ضمان سلامة قادة الأنيانيا الذين سيشاركون في المفاوضات.
    ج- وقف إطلاق النار فور بدء المفاوضات.
    ويقول نبلوك إن تقرير بعثة مجلس كنائس عموم افريقيا انتقد الانيانيا لمحاولتهم حسم القضية باللجوء للقوة، ودحض الروايات التي تتحدث عن وجود إضطهاد ديني في جنوب السودان.
    إن سقوط حكومة الصادق المهدي في فبراير 1967 وتصعيد حكومة خلفه محمد احمد محجوب للعمليات العسكرية ضد الأنيانيا حال دون تنفيذ الاتفاق مع مجلس كنائس افريقيا. ولكن سيرد لاحقاً أن مجلس كنائس عموم افريقيا وبوجه خاص سكرتيره الليبيري القس برغس كار قد لعب دوراً بارزاً في تحقيق إتفاقية أديس أبابا 1972.
    2- لجنة الاثني عشر
    كلف مؤتمر المائدة المستيديرة لجنة الاثني عشر بدراسة الهيكل الدستوري والإداري الذي يكفل المصلحة الخاصة للجنوب وكذلك المصلحة العامة للسودان. وبالإضافة إلى ذلك منح المؤتمر اللجنة الصلاحيات التالية:
    1- متابعة تنفيذ الخطوات والسياسات التي أُتفق عليها في المؤتمر.
    2 - وضع الخطط لتطبيع الأحوال في الجنوب والنظر في خطوات رفع حالة الطوارئ وإقرار القانون والنظام.
    وأورد محمد عمر بشير في كتابه عن مسألة جنوب السودان أن مؤتمر المائدة المستديرة كان قد توصل في جلسة مغلقة إلى اتفاق سري يقضي بألا تشمل صلاحيات لجنة الاثني عشر بحث أي مشروع ينطوي على فصل الجنوب عن الشمال أو يؤدي إلى الإبقاء على النظام القائم - أي النظام المركزي. بمعنى أن أي صيغة تتوصل إليها اللجنة يجب أن تكون في إطار السودان الموحد.
    بعد جهود مضنية رفع رئيس لجنة الاثني عشر يوسف محمد علي تقرير اللجنة إلى رئيس الوزراء الصادق المهدي في 26 يونيو 1966 وقد وقعت على التقرير جبهة الجنوب، وحزب سانو، وحزب الأمة، والحزب الوطني الاتحادي، وجبهة الميثاق الاسلامي، وجبهة الهيئات. وكان حزب الشعب الديمقراطي والحزب الشيوعي قد إنسحبا من اللجنة بحجة إستمرار أعمال العنف في الجنوب.
    اتفقت لجنة الاثني عشر على تبني النظام الإقليمي كنظام للحكم في السودان وعلى أن يكون لكل إقليم مجلس تشريعي ومجلس تنفيذي وحاكم. ولكن اللجنة اختلفت حول التحديد الجغرافي للاقليم. فبينما كانت الأحزاب الشمالية ترى أن يقسم السودان إلى تسعة أقاليم على أساس حدود المديريات القائمة آنذاك، كانت الأحزاب الجنوبية ترى أن تكون المديريات الجنوبية الثلاث إقليماً واحداً. واختلفت اللجنة حول طريقة إختيار حاكم الاقليم وحول العلاقة المالية بين الحكومة المركزية والحكومة الإقليمية.

    3- مؤتمر الأحزاب السياسية
    بمبادرة من رئيس الوزراء آنذاك الصادق المهدي عُقد في اكتوبر 1966 مؤتمر للأحزاب السياسية برئاسة محمد صالح الشنقيطي. وقد تمكن المؤتمر من الوصول إلى صيغة توفيقية فيما يتعلق بالتحديد الجغرافي للإقليم. تقضي هذه الصيغة بتقسيم السودان إلى تسعة أقاليم يعاد النظر فيها بعد خمس سنوات ودون أن يمنع ذلك إنشاء وحدات إدارية مشتركة بين إقليمين أو أكثر. وتوصل المؤتمر أيضاً إلى اتفاق بشأن طريقة اختيار حكام الأقاليم.
    بمقتضى البيان الختامي لمؤتمر المائدة المستديرة كان من المفروض دعوة المؤتمر للانعقاد مرة أخرى، ولكن الأحزاب الشمالية والجنوبية إتفقت على أنه لا ضرورة لذلك وقررت رفع تقرير لجنة الاثني عشر ونتائج أعمال مؤتمر الأحزاب السياسية إلى اللجنة القومية للدستور التي بدأت أعمالها في فبراير 1967 وتمكنت من الفراغ من مهمتها ووضع مشروع دستور السودان الدائم أمام الجمعية التأسيسية في 15 يناير 1968.
    4- مشروع الدستور الدائم لسنة 1968
    ليس من أغراضي هنا الدخول في تحليل تفصيلي لمشروع دستور 1968، أو أن أتناول بالدراسة خصائص المشروع الموضوعية. سأكتفي بإلقاء الضوء على موقف المشروع إزاء ثلاث من القضايا التي كانت مطروحة آنذاك في إطار علاقة شمال السودان وجنوبه.
    (أ) مشروع دستور 1968 يتبنى اللامركزية اللإدارية
    لتحديد العلاقة بين المركز والإقليم تبنى مشروع دستور 1968 لا مركزية إدارية موســعة في إطار سودان موحد. فقد نص المشروع في المادة 2 على أن Œجمهورية السودان دولة موحدة ذات سيادة على جميع الأقاليم الواقعة داخل حدودها الدولية. وقسمت المادة 178 السودان إلى تسعة أقاليم وفقاً لحدود المديريات السائدة عند إجازة الدستور. ولكن المادة 179 أجازت Œلإقليمين أو أكثر إنشاء وحدة إدارية مشتركة تشرف على أي من الخدمات الواقعة في نطاق سلطة الإقليم ويكون ذلك بمقتضى قرار يجيزه كل مجلس إقليم معني بأغلبية جميع أعضائه. كما نصت المادة 238 على أن يعاد النظر في وضع تقسيم الأقاليم وحدودها بعد مضي خمس سنوات من بدء تطبيق النظام الإقليمي. ويبدو أن المادتين 179 و238 قد قُصد بهما مقابلة مطلب الأحزاب الجنوبية بأن تكون المديريات الجنوبية الثلاث إقليماً واحداً.
    أنشأ مشروع دستور 1968 مجلساً تشريعياً لكل إقليم ينتخب بالاقتراع المباشر، ومجلس تنفيذي يختاره مجلس الإقليم ويرأسه محافظ. وقد حدد المشروع طريقة اختيار المحافظ واختصاصات الأجهزة الإقليمية وعلاقتها بالأجهزة القومية.
    خولت المادة 168 من المشروع مجلس الإقليم سلطة التشريع في المجالات التالية:
    - الإدارة الإقليمية والمحلية.
    - إنشاء وإدارة المؤسسات التعليمية حتى المرحلة الثانوية وفقاً للسياسة التعليمية التي تضعها السلطة القومية.
    - رعاية صحة البيئة والصحة المدرسية وصحة الأمومة والطفولة.
    - تنظيم الصناعات المحلية.
    - خدمات الإعلام الإقليمية.
    - تطوير السياحة.
    - التنقيب عن الآثار دون المساس بحق السلطات القومية في هذا المجال.
    - إنشاء الطرق المحلية وصيانة الطرق المركزية.
    - تطوير اللغات والثقافة.
    - أي مجال آخر تفوضه إليه الجمعية الوطنية بقانون.
    وعهدت المادة 175 إلى المجلس التنفيذي بسلطة تنفيذ القوانين الإقليمية التي يسنها مجلس الإقليم. كما عهدت إليه بمباشرة بعض الشؤون وفقاً للقوانين والسياسة القومية. وتشمل هذه الشؤون على سبيل المثال:
    - تجنيد البوليس المحلي واستخدامه بما لا يتعارض مع أعمال البوليس القومي أو مع حق السلطات القومية في وضع جميع قوات الأمن تحت إشرافها المباشر.
    - تطبيق السياسة التعليمية القومية على مؤسسات التعليم الإقليمية.
    - إنشاء المستشفيات الإقليمية وإدارتها بأذن السلطات القومية وتحت رقابتها.
    - التعمير الزراعي واستغلال الأراضي وفق خطة التنمية التي تضعها السلطات القومية.
    - تطبيق سياسة العمل التي تضعها السلطات القومية.
    وحدد الفصل الثالث من مشروع دستور 1968 العلاقة بين السلطات القومية والإقليمية. فقد نصت المادة 176 من المشروع عى أن كل سلطة لم ينص صراحة على منحها لجهاز إقليمي تستقل بها الأجهزةالقومية بما في ذلك السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية. ومنحت المادة 177 (1) الجمعية الوطنية السيادة التشريعية الكاملة وذلك لأجل حماية المصالح القومية للبلاد وضمان التنسيق بين القوانين الإقليمية وكفالة القيادة والمبادرة. وتقضي الفقرة (2) من نفس المادة بإجراء مشاورات مع الأقاليم المعنية عندما تقدم مشروعات قوانين قومية تلغي القانون الإقليمي أو تدخل في نطاق السلطات الإقليمية. بينما تقضي الفقرة (3) ببطلان كل قانون إقليمي يعارض قانوناً قومياً سابقاً أو لاحقاً وذلك بالقدر الذي يزيل ذلك التعارض.
    (ب) مشروع دستور 1968 وقضية الدين
    نص مشروع دستور 1968 في باب الد ولة على أن الإسلام دين الدولة الرسمي (المادة 3). ولكنه كفل في باب الحقوق والحريات الأساسية حر ية الدين والفكر والضمير وحق ممارسة الشعائر الدينية وحق الآباء تنشئة أولادهم على الدين الذي يرتضونه (المادة 32). وجاء في المشروع أيضاً أن السودان جمهورية ديمقراطية اشتراكية تقوم على هدى الإسلام (المادة 1). ولم يأخذ المشروع بالاقتراح الذي تقدمت به بعض الأحزاب الشمالية بأن يوصف السودان بأنه جمهورية إسلامية. ومع ذلك فقد خطا مشروع الدستور خطوات بعيدة في الاتجاه الإسلامي عندما قرر الآتي:
    المادة 113: الشريعة الإسلامية هي المصدر الأساسي لقوانين الدولة.
    المادة 114: يعتبر باطلاً كل نص في أي قانون يصدر بعد إجازه هذا الدستور ويكون مخالفاً لأي حكم من أحكام الكتاب والسنة إلا إذا كانت تلك المخالفة قائمة في جوهرها قبل إجازة الدستور.
    المادة 115: على الدولة أن تصدر من التشريعات ما تعدل به جميع القوانين التي تعارض أي حكم من أحكام الكتاب والسنة وما تنفذ به أحكام الشريعة التي كانت معطلة على أن تصدر كل التشريعات بالتدرج الذي تقتضيه الضرورة وفق ما يرى المشرع.
    المادة 142: إذا لم يجد القاضي نصاً تشريعياً يستنبط أصول أحكامه من مبادئ الشريعة الإسلامية ونظرياتها العامة ومما لا يعارضها من قواعد العدالة والوجدان السليم.
    (ج) مشروع دستور 1968 ومسألة الانتماء القومي
    نص مشروع دستور 1968 في باب الدولة على أن اللغة العربية هي لغة الدولة الرسمية (المادة 3). وجاء في باب الحقوق والحريات الأساسية أن الدولة تكفل للأقليات حرية استعمال لغتها وتطوير ثقافتها دون مساس بحق الدولة في فرض استعمال لغة البلاد الرسمية في معاهد الدولة ودواوين الحكومة (المادة 39).
    وفي باب الدولة أيضاً نص المشروع على أن السودان جزء من الكيان العربي والإسلامي والافريقي (المادة 5).
    ونص المشروع في باب المبادئ الموجهة لسياسة الدولة على أن تعمل الدولة لتدعيم وحدة الأمة العربية وتعزيز روابط الاخوة الإسلامية وتحرير القارة الافريقية وتحقيق وحدتها ومناصرة الحركات العاملة للتحرر من النفوذ الاستعماري والقهر والظلم السياسي.
    (د) مشروع دستور 1968 والعلاقة الاقتصادية والمالية بين السلطات القومية والإقليمية
    لتحقيق التوازن التنموي نص مشروع الدستور في المادة 180 على أن تقوم في كل إقليم وكالة فرعية لأي مجلس اقتصادي قومي ينشأ لشؤون التنمية أو التخطيط.
    أما سلطات الإقليم المالية وسلطات الإقليم في مجال الخدمة المدنية والعلاقة بين السلطات الإقليمية والقومية في مجال الشؤون المالية وشؤون الخدمة المدنية فقد ترك مشروع الدستور تنظيمها للقانون القومي (المادة 181 والمادة 182).
    سبق أن ذكرنا أن مشروع دستور عام 1968 قد وضع أمام الجمعية التأسيسية في 15 يناير 1968، ولكن الجمعية لم تناقش المشروع بسبب القرار الذي أصدره مجلس السيادة في مساء 7 فبراير 1968 بحلها بعد أن قدم تسعون عضواً استقالاتهم. وفي تبريره لقرار الحل ذهب مجلس السيادة إلى أن الجمعية لم تعد تملك Œصلاحية وضع الدستور الدائم، والذي يشترط لإقراره توافر أغلبية ثلثي أعضاء الجمعية˜.
    غير أن السبب الحقيقي للاستقالات والحل كان إنقاذ حكومة محمد أحمد محجوب من السقوط. وكانت تلك الحكومة إئتلافية بين حزب الأمة (جناح الإمام الهادي) والحزب الاتحادي الديمقراطي.
    بعد انتخابات الجمعية التأسيسية التي جرت في ابريل 1968 تم تكوين لجنة جديدة للدستور. وقد باشرت اللجنة مهامها في أكتوبر 1968 على أساس مشروع لجنة عام 1967 والذي عرضنا لبعض مواده في الفقرات الفائتة. وخلال اجتماعات اللجنة تقدم ابيل الير المتحدث باسم أحزاب الجنوب وعبد الخالق محجوب ممثل الاشتراكيين بتعديلات لبعض مواد المشروع. وإزاء عدم تبني اللجنة للتعديلات التي اقترحاها، انسحب ابيل الير من اللجنة ثم لحق به عبد الخالق محجوب.
    ووصف أبيل ألير مسودة دستور 1968 بأنها أدخلت عنصراً جديداً في الساحة وهو الدستور القائم على التفرقة الدينية والعنصرية. وقال إنه وبوصفه المتحدث باسم أحزاب الجنوب أبلغ اللجنة بأن مشروع الدستور ليس مقبولاً للجنوب لأنه يفرق بين المواطنين على أساس الدين والعنصر: فهو دستور إسلامي لأمة عربية.
    تتعين الإشارة هنا إلى أن Œلجنة العلماء الدولية التي زارت السودان في ديسمبر 1986 لإعداد تقرير عن قوانين سبتمبر الإسلامية قد اعتبرت مشروع دستور 1968 إسلامياً. فقد ورد في تقرير اللجنة «Œأن التوجه الإسلامي لم يخب بانتهاء السيادة السياسية للدولة المهدية، وظلت الجذوة الخيرة في النفوس، فاجتمعت كلمة القوى السياسية فور الاستقلال على التوجه الإسلامي، وظهر أثر ذلك في مشروع دستور 1968 الذي لم يصدر بسبب انقلاب مايو».


    http://www.sudaneseonline.com/2008-05-19-17-39-36/9...--1986-8-------.html

    *
                  

12-16-2011, 09:23 AM

يحي ابن عوف
<aيحي ابن عوف
تاريخ التسجيل: 05-25-2002
مجموع المشاركات: 6335

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ضد المدعــو " نيفاشــا " وضــد تقسيم الســودان . (Re: عبدالله الشقليني)

    سلام عبد الله وضيوفه المتداخلين

    النداء الاخير والاخير قبل انفصال جنوب السودان الى الموتمر الوطنى


    من المسؤول عن نفصال جنوب السودان

    لاتبكى يا صديقي على اللبن المسكوب لا تبــكى لنا يفيد شيء
    أنا قلت وحقول الف مرة

    دارفور سينفصل ثم جبال النوبة والنيل الازرق وأقصى الشمال وشرق السودان، وسيتحول السودان الى الاتحاد السوفيتى ليس ثمة شك في أن بلاد السودان مقبلة على كابوس مثير للقلق والأرق، وقد بات حتمياً - تداعياته على أرجاء البلاد، خصوصاً التي تشهد اضطرابات دامية، مثل جبال النوبة والنيل الازرق ودارفور، التي اعترف الرئيس عمر البشير في خطاب جماهيري بأن عدد قتلاها على يد قوات الجيش والمليشيا الموالية للحكومة لا يقل عن 10 آلاف قتيل. والعاقل في أهله من يستعد من الآن لما سيحدث بعد ان انفصال الجنوب ذلك أن أيلولة النزال بين حكومة الجبهة الإسلامية القومية والفصائل السياسية السودانية إلى طلاق بالحسنى قد فتح باب التفكير في مصائر الأقاليم الأخرى، وهذا يفضح ادعاء المجموعة الخماسية المتطرفة التي اختطفت أقدار البلاد ومقدراتها بأن الحكومة تحظى بتأييد الشعب وإجماعه على سياساتها واستراتيجياتها. لقد قرر الجنوب الذهاب بسبب إرث العداء وإساءة المعاملة والحرب الأهلية، وهي ضغائن تراكمت وتضخمت إلى مستوى غير مسبوق بفعل سياسات المجموعة المتظاهرة بالإسلام، التي بلغت في فجور الخصومة مبلغ تجييش أفراد الشعب ونقلهم قسراً إلى أراضي الجنوب وجبال النوبة والنيل الازرق لـ «الجهاد» ضد الكافرين.
    حتى ولايات الشمال الواقعة على ضفتي نهر النيل تظهر فيها أصوات رافضة للهيمنة التي تتخفى تحت دثار الدين، وتسرق ثروات الولايات لمصلحة الخزانة المركزية، ومنها إلى خزانة التنظيم بواجهاته الأخطبوطية المتعددة. هل يبقى الشرق؟... الأمل ضعيف جداً في بقائه إلا بشروط صعبة، أقلها منح الإقليم حكماً ذاتياً فضفاضاً، وأقصاها الانفصال الذي يخشاه كثيرون إلى درجة عدم التصديق بأن ذلك أمر يمكن حدوثه، انفصل الجنوب، فلماذا لا تنفصل دارفور ثم جبال النوبة والنيل الازرق وأقصى الشمال وشرق السودان، بحثاً عن السيادة والحرية والاستقلال، لتضع حداً لاستئثار فئة باغية بالأموال والأسلحة لمصلحة أجندتها الشيطانية المتخلقة في رحم جماعة الإخوان المسلمين ومنظمات التطرف الإسلامي المنبثقة منها؟ يختصر السودانيون على أنفسهم كثيراً من الوقت والجهد والدم لو تداعوا للتفكير في الخيارات المتاحة أمام أوطانهم الصغيرة بعد تشظي البيت السوداني الكبير.
                  

12-16-2011, 04:10 PM

عبدالله الشقليني
<aعبدالله الشقليني
تاريخ التسجيل: 03-01-2005
مجموع المشاركات: 12736

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ضد المدعــو " نيفاشــا " وضــد تقسيم الســودان . (Re: يحي ابن عوف)




    (108)

    Quote: يختصر السودانيون على أنفسهم كثيراً من الوقت والجهد والدم لو تداعوا للتفكير في الخيارات المتاحة أمام أوطانهم الصغيرة بعد تشظي البيت السوداني الكبير.


    الأكرم : يحي بن عوف
    تحية واحتراماً

    تأبى الرماح اذا اجتمعت تكسرا ً واذا افترقت تكسرت آحادا
    ليس بالتفتيت يحيا أي وطن ، كان الاتحاد السوفيتي السابق مجموعة جمهوريات كاملة ، بقومياتها وكذلك كانت يوغسلافيا السابقة ، إلا أن السودان وطن يختلف عن تلك النماذج ، وتفتيته يعني إغراء دول الجوار ولا سيما مصر بالتمدد لتبتلع شمال السودان بعد أن يتفتت الوطن ، فلن يجد اصحاب الدويللات الصغيرة مكاناً في هذا العالم البشع .
    لقد أسهم أهل الإنقاذ ودعاة الانفصال في تفتيت السودان ، والجميع يذكر كيف استولت مصر على حلايب التي تعادل في مساحتها مجموع :
    البحرين ولبنان وجزر القمر والفاتيكان
    أخذتها عنوة وضمتها لمصر في حين كان المستشار الذليل يتحدث عن حلايب كمنطقة تكامل .
    هذا زمن صعب من يفرط في وطنه يتم ابتلاعه كما ابتلعت إسرائيل فلسطين!!!


    *

    (عدل بواسطة عبدالله الشقليني on 12-16-2011, 04:12 PM)

                  

12-18-2011, 04:14 PM

عبدالله الشقليني
<aعبدالله الشقليني
تاريخ التسجيل: 03-01-2005
مجموع المشاركات: 12736

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ضد المدعــو " نيفاشــا " وضــد تقسيم الســودان . (Re: عبدالله الشقليني)



    (109)

    دور إسرائيل في تفتيت السودان :





    *
                  

12-19-2011, 09:01 AM

عبدالله الشقليني
<aعبدالله الشقليني
تاريخ التسجيل: 03-01-2005
مجموع المشاركات: 12736

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ضد المدعــو " نيفاشــا " وضــد تقسيم الســودان . (Re: عبدالله الشقليني)

    (110)

    Quote:


    مسألة جنوب السودان في سياق تاريخي: 1899 – 1986م .. بقلم: د. فيصل عبدالرحمن علي طه


    السبت, 17 كانون1/ديسمبر 2011
    (9)

    إتفاقية أديس أبابا فبراير 1972
    عند حدوث إنقلاب 25 مايو 1969 كان الجدل لا يزال محتدماً بين أنصار الدستور الإسلامي وأنصار الدستور العلماني. وكان القتال قد تصاعد في الجنوب. ولكن كان هناك شبه إجماع على قبول الحكم الذاتي الإقليمي كنظام للحكم في السودان.
    في صباح يوم 25 مايو 1969 أصدر مجلس «الثورة» الأمر الجمهوري رقم (1). بموجب هذا الأمر تم إيقاف العمل بدستور السودان المؤقت المعدل لسنة 1964 وحل مجلس السيادة ومجلس الوزراء والجمعية التأسيسية ولجنة الخدمة العامة ولجنة الانتخابات. وبمقتضى نفس الأمر حُلت كل الأحزاب السياسية وحُظر قيام أي تشكيل سياسي أو أي تنظيم يحتمل أن يستغل لأغراض سياسية إلا بإذن من مجلس الثورة. كما نص الأمر على أنه لمباشرة السلطتين التنفيذية والتشريعية يعين مجلس الثورة مجلساً للوزراء يكون مسؤولاً بالتضامن أمام مجلس الثورة.
    1- إعلان 9 يونيو 1969
    في 9 يونيو 1969 - أي بعد حوالي اسبوعين من توليه السلطة - أعلن النميري سياسة حكومته إزاء قضية الجنوب. قال نميري إن الحكومة لا تتهيب الاعتراف بالواقع وتدرك وجود فوارق تاريخية وثقافية بين الشمال والجنوب. وحمل الاستعمار مسؤولية التطوير غير المتكافئ بين شقي البلاد في الشمال والجنوب. كما اتهم نميري معظم القادة الجنوبيين بالتحالف مع القوى الرجعية في الشمال ومع الدول الاستعمارية سعياً وراء الكسب الشخصي.
    أكد نميري في بيانه على حق الجنوب في أن يبني ويطور ثقافاته وتقاليده في نطاق سودان اشتراكي موحد، وأعلن ان حكومته قررت العمل على إنشاء الحكم الذاتي الاقليمي في نطاق السودان الموحد. ومن أجل الاعداد لليوم الذي يتمكن فيه الجنوب من ممارسة حقه في الحكم الاقليمي، قررت الحكومة أيضاً الآتي:
    1- استمرار ومد فترة العفو العام.
    2- وضع برنامج اقتصادي اجتماعي ثقافي للجنوب.
    3- تعيين وزير لشؤون الجنوب.
    4- تدريب كادر متمرس لتولي المسؤولية.
    ولرفع مستوى الجنوب حتى يقف على قدميه في وقت قريب أعلن نميري عن انشاء لجنة خاصة للتخطيط الاقتصادي في الجنوب وإعداد ميزانية خاصة بالجنوب.
    ولما كان تنفيذ إعلان 9 يونيو يتطلب استتباب الأمن والسلام في الجنوب، فقد طالب نميري الجنوبيين بالتعاون والمحافظة على الأمن. وناشد الجنوبيين المقيمين في الخارج بالعودة الى السودان والتعاون لتحقيق غايات إعلان 9 يونيو.
    لم يجد اعلان 9 يونيو استجابة فورية من القيادات الجنوبية بالخارج. كما لم تتحمس له القيادات الجنوبية الموجودة داخل السودان. وقد أرجع الباحثون ذلك إلى عدد من الأسباب نجملها في الآتي:
    1- عدم اطمئنان القيادات الجنوبية لوزير شؤون الجنوب جوزيف قرنق بسبب خلفيته العقائدية وعدم ارتباطه بالتيار العام للحركة السياسية الجنوبية. هذا مع ان الحزب الذي كان ينتمي إليه جوزيف قرنق أي الحزب الشيوعي كان من أوائل الاحزاب الشمالية التي نادت بمنح الجنوب حكماً ذاتياً اقليمياً. سبق أن ذكرنا أنه عند مناقشة قرار تقرير المصير (الجلاء) في مجلس النواب في 16 أغسطس 1955 قال حسن الطاهر زروق (الجبهة المعادية للاستعمار) إن في المديريات الجنوبية تجمعات قبلية قهرها الاستعمار، وتركها في وضع متآخر بدائي ظالم. ودعا إلى تخليصهم من هذا التأخر والقهر وإلى إعطائهم حقهم في وضع نظمهم المحلية ، وتنظيم وضعهم الخاص في نطاق وحدة البلاد ومصلحتها العليا. وعند تمرد الفرقة الاستوائية في توريت في 18 أغسطس 1955 طالب إتحاد العمال الذي كانت تسيطر عليه قيادة شيوعية البرلمان بأن يعلن حق المديريات الجنوبية في الحكم الداخلي تحت إطار السودان الموحد في الدستور الجديد وذلك «كحق طبيعي للقوميات الجنوبية ولإشاعة الثقة لدى الجنوبيين واحترام إرادتهم».
    2- لم تطرح الحكومة تصورها الكامل للحكم الذاتي الاقليمي بالسرعة المطلوبة. إذ لم يصدر هذا التصور إلا بعد تولي أبيل الير لوزارة شؤون الجنوب في اغسطس 1971.
    3- يبدو أن القيادات الجنوبية بالخارج كانت تفكر في ما هو اكثر من الحكم الذاتي الاقليمي فخلال استعداد حركة تحرير السودان «الانيانيا الأولى» لمفاوضات اديس ابابا كلف مادينج دي قرنق ممثل الحركة في لندن احد القانونيين البريطانيين بصياعة مشروعين لتحديد العلاقة الدستورية بين الشمال والجنوب. المشروع الأول يقضي بتقسيم السودان إلى ولايتين: شمالية وجنوبية يجمع بينهما اتحاد فيدرالي. بينما يقضي المشروع الثاني بتقسيم السودان إلى أربع ولايات: شمالية وجنوبية وشرقية وغربية يضم بينها إتحاد فيدرالي.
    4- الانقسام في الحركة السياسية والعسكرية الجنوبية. في الواقع انه لم يتم توحيد الحركة الا بانقلاب قاده جوزيف لاقو على قائده ايميلو تافنق في النصف الثاني من عام 1970. أسس لاقو بعد ذلك حركة تحرير السودان لتعمل تحت قيادة قوات الانيانيا المسلحة. ومن بين أهداف الحركة المعلنة توحيد قبائل الجنوب في قومية واحدة والدفاع عن التراث والقيم الافريقية للسودانيين الجنوبيين ضد محاولات تعريب الجنوب. ثم الحصول على حق تقرير المصير للجنوب: إما بالبقاء كاقليم مستقل في سودان موحد وإما بالانفصال.
    5- النهج غير المتوازن لسياسة السودان الخارجية وتأخذ القيادات الجنوبية على حكومة نميري في تلك الفترة انها أهملت انتماء السودان الافريقي واتجهت إلى توثيق علاقتها مع الدول العربية وذلك بإدخال السودان في اتحاد ثلاثي مع الدولتين العربيتين المجاورتين أي مصر وليبيا.
    2- مفاوضات أديس أبابا
    لعب مجلس الكنائس العالمي ومجلس كنائس عموم افريقيا دوراً بارزاً في توفير قنوات الاتصال بين حكومة السودان وحركة تحرير السودان وفي الاعداد لمفاوضات اديس ابابا. وتضافرت عدة عوامل داخلية واقليمية ودولية في تهيئة مناخ سياسي ملائم ساعد في بدء المفاوضات وفي نجاحها. ومن هذه العوامل نذكر الآتي:
    1- بعد محاولة الانقلاب الشيوعي في يوليو 1971 وانقضاض نميري على اليسار السوداني وتردي علاقاته مع الاتحاد السوفييتي، حظى نظام نميري بتأييد وعطف دول الحلف الغربي. وقد لعبت بعض هذه الدول دوراً مؤثراً في جذب حركة تحرير السودان إلى مائدة المفاوضات.
    2- التحسن في العلاقان السودانية - الاثيوبية. سبق ان ذكرنا ان وزيرا خارجية السودان واثيوبيا اتفقا في مارس 1971 على تحريم كل انشطة المنظمات التخريبية وعلى تجريد العناصر المتمردة من أسلحتها وطرد كل المتمردين وقادة المعارضة واتخاذ الاجراءات اللازمة لمنع عودتهم. وقد تأكد هذا الاتفاق في البيان المشترك الذي صدر في أعقاب زيارة نميري لاثيوبيا في نوفمبر 1971. بموجب هذا البيان اتفق الطرفان على التنفيذ السريع لكل الاتفاقيات بين السودان واثيوبيا وأكدا على ضرورة اتخاذ كل الاجراءات اللازمة حتى لا تستخدم اراضي أي من الطرفين لأعمال موجهة ضد الوحدة الوطنية أو السلامة الاقليمية للطرف الآخر.
    بدأت المفاوضات بين حكومة السودان وحركة تحرير السودان في أديس أبابا في فبراير 1972 تحت رعاية الامبراطور هيلاسلاسي، ترأس ابيل الير نائب رئيس الجمهورية ووزير شؤون الجنوب وفد الحكومة. وضم الوفد وزراء الخارجية والداخلية والحكومات المحلية والخدمة والاصلاح الاداري. وقاد وفد حركة تحرير السودان ازبوني منديري وضم الوفد أيضاً: مادينق دي قرنق، ولورنس ول، واوليفر البينو، وفريدريك ماقوت وآخرين. وحضر المفاوضات بصفة مراقب ممثل الامبراطور هيلاسلاسي وممثلون لمجلس الكنائس العالمي ومجلس كنائس عموم افريقيا ومجلس كنائس السودان. وكان في اديس ابابا اثناء المفاوضات كمستشار قانوني لوفد حركة تحرير السودان القانوني البريطاني المعروف سير دنقل فوت.
    اتفق الطرفان على أن يقوم القس الليبيري برغس كار سكرتير مجلس كنائس افريقيا بدور الوسيط اثناء المفاوضات. على كل حال تمكن الطرفان من الوصول إلى اتفاق وتوقيعه في اديس ابابا في 27 فبراير 1972. تتكون اتفاقية اديس اباب من العناصر التالية:
    1- مشروع قانون أساسي لتنظيم الحكم الذاتي الاقليمي في مديريات السودان الجنوبية وألحق بالمشروع الآتي:
    ملحق أ: ويشتمل على الحقوق الأساسية والحريات.
    ملحق ب: ويشتمل على مشروع قانون بشأن بنود الايرادات.
    2- اتفاقية بشأن وقف اطلاق النار في الاقليم الجنوبي.
    3- بروتوكولات بشأن التدابير المؤقتة. وتعالج هذه البروتوكولات مسألة العفو العام والترتيبات القضائية واعادة التوطين والترتيبات الادارية وتشكيل وحدات قوات الشعب المسلحة في الاقليم الجنوبي.
    3- بنود الاتفاقية
    ضُمن مشروع القانون الاساسي لتنظيم الحكم الذاتي الاقليمي في مديريات السودان الجنوبية الذي اتفق عليه في اديس ابابا في قانون الحكم الذاتي الاقليمي للمديريات الجنوبية الذي بدأ العمل به في 3 مارس 1972. وبما أنني سأعرض بنود الاتفاقية على أساس القانون. فإن الإشارة للقانون تعني أيضاً الاشارة إلى الاتفاقية.
    جعل القانون من المديريات الجنوبية للسودان اقليماً واحداً يتمتع بالحكم الذاتي الاقليمي في نطاق جمهورية السودان الديمقراطية ويعرف «بإقليم جنوب السودان». وحدد جوبا عاصمة للاقليم. وجاء في القانون أن «المديريات الجنوبية للسودان» تعني مديرية بحر الغزال والمديرية الاستوائية ومديرية أعالي النيل بحدودها التي كانت قائمة في اليوم الأول من يناير 1956 وأية مناطق أخرى كانت جغرافياً وثقافياً جزءاً من الكيان الجنوبي حسبما يقرر بموجب استفتاء.
    نص القانون على أن اللغة الرسمية للسودان هي اللغة العربية. وتعتبر اللغة الانجليزية لغة رئيسية لاقليم جنوب السودان وذلك مع عدم المساس باستعمال أية لغة أو لغات أخرى قد تخدم ضرورة عملية أو تساعد على أداء المهام التنفيذية والادارية بطريقة فعالة وعاجلة.
    كفل القانون لكافة المواطنين المقيمين بإقليم جنوب السودان الفرصة المتكافئة في التعليم والتخديم والتجارة ومباشرة أي مهنة مشروعة دون تمييز بسبب العنصر أو الأصل القبلي أو الدين أو مكان الميلاد أو الجنس. وكفل كذلك حرية التنقل في داخل وخارج اقليم جنوب السودان لكافة المواطنين ولكنه جوز تقييد أو منع التنقل بالنسبة لأي مواطن أو مجموعة من المواطنين لأسباب تتعلق بالصحة العامة أو النظام العام فحسب.
    نص القانون على أن تعديله يتطلب الحصول على أغلبية ثلاثة أرباع مجلس الشعب القومي وموافقة أغلبية ثلثي مواطني اقليم جنوب السودان في استفتاء عام يجري في الاقليم.
    عهد القانون بسلطة التشريع في الاقليم إلى مجلس منتخب. يمارس المجلس هذه السلطة لحفظ النظام العام والأمن الداخلي في إقليم جنوب السودان ولادارته بطريقة رشيدة ولتنميته في الميادين الثقافية والاقتصادية والاجتماعية. فبالإضافة إلى مجالات الصحة والتعليم والزراعة والغابات والمراعي واستثمار الأراضي والثروة الحيوانية وغيرها، منح القانون مجلس الشعب الإقليمي السلطات الآتية:
    1- تطوير واستخدام الموارد المالية لتنمية وإدارة إقليم جنوب السودان.
    2- التشريع فيما يتعلق بالعرف والعادات.
    3- تطوير اللغات والثقافات المحلية.
    4- التعدين والتحجير مع عدم المساس بحقوق الحكومة المركزية عند اكتشاف الغاز الطبيعي والمعادن.
    5- التجنيد لخدمات الشرطة والسجون وتنظيمها وإدارتها وفقاً للسياسات والمستويات القومية.
    حظر القانون على مجلس الشعب الاقليمي إصدار تشريع أو ممارسة آية سلطات بشأن المسائل ذات الطابع القومي، وحصرتها الاتفاقية في عشر مسائل من بينها الدفاع الوطني، والشؤون الخارجية، والجنسية والهجرة، والعمل والنقد، والتخطيط للتنمية الاقتصادية، والتخطيط التربوي.
    أعطى القانون رئيس الجمهورية حق الاعتراض على أي مشروع قانون اقليمي يرى أنه يتعارض مع الدستور، على أنه يجوز لمجلس الشعب الإقليمي بعد اطلاعه على وجهة نظر رئيس الجمهورية ان يعيد عرض مشروع القانون مرة أخرى.
    منح القانون مجلس الشعب الإقليمي حق طلب تأجيل العمل بالقوانين القومية وكذلك حق طلب سحب مشروعات القوانين القومية المعروضة أمام مجلس الشعب القومي اذا رأى مجلس الشعب الاقليمي ان هذه القوانين أو مشروعات القوانين تمس رفاهية أو حقوق المواطنين في اقليم جنوب السودان. اذ تجوز المادة 13 من القانون لمجلس الشعب الاقليمي بأغلبية ثلثي أعضائه أن يطلب إلى رئيس الجمهورية تأجيل العمل بأي قانون يمس في نظر الأعضاء رفاهية ومصالح المواطنين في إقليم جنوب السودان. ويجوز للرئيس، إذا رأى ذلك مناسباً ان يستجيب للطلب. وجوزت المادة 14 لمجلس الشعب الاقليمي بأغلبية اعضائه أن يطلب إلى رئيس الجمهورية سحب أي مشروع قانون معروض أمام مجلس الشعب القومي إذا كان في نظره أن هذا القانون يمس رفاهية أو حقوق أو مصالح المواطنين في إقليم جنوب السودان. وذلك لحين ابلاغ وجهة نظر مجلس الشعب الاقليمي. وإذا استجاب رئيس الجمهورية لهذا الطلب فيجب على مجلس الشعب الاقليمي أن يبدي وجهة نظره خلال خمسة عشر يوماً من الاستجابة للطلب. ويقوم رئيس الجمهورية بإبلاغ وجهة نظر مجلس الشعب القومي مصحوبة بملاحظاته الخاصة إذا رأى ضرورة لذلك.
    منح القانون مجلس الشعب الاقليمي سلطة فرض رسوم وضرائب اقليمية بالإضافة إلى الرسوم والضرائب المركزية والمحلية. كما جوز له إصدار التشريعات والأ وامر اللازمة لتحصيل جميع الأموال العامة على مختلف المستويات ونص القانون على أن مصادر إيرادات الاقليم الجنوبي تتكون مما يأتي:
    1- الضرائب الاقليمية المباشرة وغير المباشرة.
    2- مساهمات مجالس الحكم الشعبي المحلي.
    3- الايرادات المتحصل عليها من المشاريع التجارية والصناعية والزراعية بالاقليم وفقاً للخطة القومية.
    4- الأموال التي تعتمدها الخزانة المركزية للخدمات القائمة.
    5- الأموال التي يعتمدها مجلس الشعب القومي وفقاً لحاجيات جنوب السودان للتنمية وذلك في نطاق خطة التنمية الاقليمية.
    6- ميزانية التنمية الخاصة بإقليم جنوب السودان حسبما يقدمها مجلس الشعب الاقليمي وذلك للأسراع بالتطوير الاقتصادي والاجتماعي للاقليم وفقاً لما نص عليه اعلان 9 يونيو 1969.
    7- الايرادات التي تحدد في جدول خاص يصدر به قانون مالي. وهي الايرادات المنصوص عليها في الملحق أ من الاتفاقية وقد صدر بها قانون.
    اسند القانون السلطة التنفيذية في الاقليم إلى مجلس تنفيذي عال يباشرها نيابة عن رئيس الجمهورية. يعين رئيس الجمهورية ويعفي رئيس المجلس التنفيذي العالي بناء على توصية من مجلس الشعب الاقليمي. وكذلك يعين ويعفى اعضاء المجلس التنفيذي العالي بناء على توصية من رئيس المجلس التنفيذي العالي.
    4- الاتفاقية وتشكيل القوات المسلحة
    عالج القانون مسألة تشكيل قوات الشعب المسلحة واستخدامها في الجنوب فنص على أن يشكل مواطنو اقليم جنوب السودان نسبة من مجموعة قوات الشعب المسلحة وذلك باعداد تتناسب والحجم السكاني لاقليم جنوب السودان. وعلى أن يخضع استعمال قوات الشعب المسلحة التي في داخل اقليم جنوب السودان في مسائل تخرج عن إطار الدفاع الوطني لاشراف رئيس الجمهورية بناء على نصيحة رئيس المجلس التنفيذي العالي.
    ونص القانون أيضاً على أن يُعمل بالتدابير المؤقتة المتعلقة بتشكيل وحدات قوات الشعب المسلحة في اقليم جنوب السودان. تقضي هذه التدابير وهي مضمنة في الباب الثاني من البروتوكولات بأن تتكون قوات الشعب المسلحة في اقليم جنوب السودان من 12000 ضابط وفرد يكون 6000 منهم من اقليم جنوب السودان و6000 من خارج الاقليم. وتقضي كذلك بتشكيل لجنة عسكرية مشتركة من الجانبين للقيام بمهمة تجنيد واستيعاب ابناء اقليم جنوب السودان في قوات الشعب المسلحة. وأتفق على أن تكون هذه التدابير سارية لمدة خمسة أعوام إلا انه يجوز لرئيس الجمهورية اعادة النظر فيها بناء على طلب رئيس المجلس التنفيذي العالي وبموافقة مجلس الشعب الاقليمي.
    وقبل ان انتقل إلى جزء آخر ينبغي التنويه إلى انه بعد خمسة أشهر من التوقيع على الاتفاق مع حركة تحرير السودان، تبادل وزير خارجية السودان منصور خالد ووزير خارجية اثيوبيا مناسلي هايلي في يوليو 1972 مذكرات لتسوية نزاع الحدود بين البلدين. بمقتضى هذه المذكرات اعترفت اثيوبيا بسيادة السودان على مثلثي ام بريقة والفشقة.
    5- دستور السودان الدائم لسنة 1973
    اجاز مجلس الشعب الأول دستور السودان الدائم في 11 ابريل 1973 ووافق عليه رئيس الجمهورية في 8 مايو 1973. وعلى ضوء ما تقدم سنحاول التعرف على الطريقة التي عالج بها الدستور الدائم لسنة 1973 قضية العلاقة بين الدولة والدين وقضية العلاقة بين المركز والاقليم ثم قضية انتماء السودان القومي.
    أولاً: العلاقة بين الدين والدولة:
    لم ينص الدستور على الدين في باب السيادة والدولة بل في باب المقومات الاساسية للمجتمع السوداني. نصت المادة 16 من هذا الباب على الآتي:
    أ- في جمهورية السودان الديمقراطية الدين الاسلام ويهتدى المجتمع بهدي الاسلام دين الغالبية وتسعى الدولة للتعبير عن قيمه.
    ب- والدين المسيحية في جمهورية السودان الديمقراطية لعدد كبير من المواطنين ويهتدون بهديها وتسعى الدولة للتعبير عن قيمها.
    ج- الاديان السماوية وكذلك المعتقدات الروحية للمواطنين لا يجوز الاساءة إليها أو تحقيرها.
    د- تعامل الدولة معتنقي الديانات وأصحاب كريم المعتقدات الروحية دونما تمييز بينهم فيما يخص حقوقهم وحرياتهم المكفولة لهم في هذا الدستور كمواطنين. ولا يحق للدولة فرض أية موانع على المواطنين أو على مجموعات منهم على أساس العقيدة الدينية.
    هـ- يحرم الاستخدام المسيء للاديان وكريم المعتقدات الروحية بقصد الاستغلال السياسي. وكل فعل يقصد به أو يحتمل أن يؤدي إلى تنمية مشاعر الكراهية أو العداوة أو الشقاق بين المجموعات الدينية يعتبر مخالفاً لهذا الدستور ويعاقب قانوناً. وكريم المعتقدات الواردة في هذه المادة يقصد بها معتقدات غير المسلمين والمسيحيين.
    وفي باب الحريات والحقوق والواجبات كفل الدستور حرية العقيدة والتعبد وأداء الشعائر. وفي باب السيادة والدولة نص الدستور على أن الشريعة الاسلامية والعرف مصدران رئيسيان للتشريع والأحوال الشخصية لغير المسلمين يحكمها القانون الخاص بهم.
    وقد رفض مجلس الشعب الأول اقتراحاً بأن توصف الدولة بأنها دولة اسلامية واقتراحاً آخر يدعو إلى اعتبار الاسلام ديناً رسمياً للدولة واقتراحاً ثالثاً بأن ينص على أن الاسلام دين الدولة. وفي معرض تعليقه على هذه الاقتراحات أوضح رائد المجلس أن نظام الحكم يقوم على أساس المواطنة فالانتماء الأول للوطن السودان على اختلاف الاديان واللغات. وقال أيضاً إن أساس الدولة هو المواطنة لا الدين. لأن الدولة اذا جعلت لنفسها ديناً معيناً فإنها تكون قد انحرفت عن ارتباطها الأصلي بجديد لا يجمع كل السودانيين سواء كانوا مسلمين أو غير مسلمين.
    وحري بالذكر ان نواب الجنوب احبطوا في مجلس الشعب في عام 1984 محاولة نميري تعديل مواد الدستور التي تحدد العلاقة بين الدين والدولة وغيرها من مواد الدستور لتلائم توجه النظام الاسلامي. فمثلاً اقترح نميري بأن يوصف السودان بأنه «جمهورية اسلامية موحدة ذات سيادة المسلمون والمسيحيون وغيرهم فيها أمة واحدة».
    ثانياً: العلاقة بين المركز والاقاليم:
    جاء في باب السيادة والدولة ان جمهورية السودان الديمقراطية جمهورية ديمقراطية اشتراكية موحدة واشتمل الدستور في نفس الباب على المواد التالية التي تتناول علاقة المركز بالاقاليم:
    المادة 6 : تدار جمهورية السودان الديمقراطية على نظام اللامركزية وفقاً لما يحدده القانون.
    المادة 7: تقسم جمهورية السودان الديمقراطية بقصد تحقيق المشاركة الشعبية في الحكم وتطبيق اللامركزية إلى وحدات ادارية يحدد القانون عددها وحدورها واسماءها.
    المادة 8: يقوم نظام للحكم الذاتي الاقليمي في الاقليم الجنوبي على أساس السودان الموحد وفقاً لقانون الحكم الذاتي الاقليمي للمديريات الجنوبية لسنة 1972 والذي يعتبر قانوناً أساسياً لا يجوز تعديله إلا وفقاً للنصوص الواردة فيه.
    ثالثاً: إنتماء السودان القومي:
    نص دستور سنة 1973 في باب السيادة والدولة على أن اللغة العربية هي اللغة الرسمية لجمهورية السودان الديمقراطية. وفي قانون الحكم الذاتي الاقليمي للمديريات الجنوبية لسنة 1972 اعتبرت اللغة الانجليزية لغة رئيسية لاقليم جنوب السودان.
    ونص دستور سنة 1973 في باب السيادة والدولة أيضاً على أن جمهورية السودان الديمقراطية «جزء من الكيانين العربي والافريقي». وبالمقارنة مع مشروع دستور سنة 1968 نلاحظ أن دستور سنة 1973 أسقط كلمة «إسلامي» ويكون بذلك قد تبنى الصيغة التي اقترحتها جبهة الجنوب خلال اعداد مشروع دستور سنة 1968 - مع اختلاف في الترتيب - بأن يوصف السودان بأنه «جزء من الكيانين الافريقي والعربي». وهي الصيغة التي رفضتها اللجنة القومية للدستور آنذاك.
    6- الضمان الدستوري للحقوق والحريات
    عدد الملحق «أ» من اتفاقية اديس أبابا الحقوق الاساسية والحريات التي ينبغي أن يضمنها دستور جمهورية السودان الديمقراطية وتشمل - ضمن حقوق وحريات أخرى - الآتي:
    1- المساواة بين المواطنين في الحقوق والواجبات دون تمييز بسبب اللغة أو الدين أو العرق أو المركز الاقتصادي أو الاجتماعي.
    2- حرية العقيدة والضمير وحرية ممارسة الشعائر الدينية.
    3- حظر السخرة والعمل الاجباري.
    4- حق الأجر المتساوي للعمل المتساوي.
    5- حق استعمال الاقليات للغاتها وتطوير ثقافاتها.
    وبالفعل كفل دستور سنة 1973 كل هذه الحقوق والحريات في المواد 38 و47 و52 و56. وسبق أن ذكرنا ان سلطات مجلس الشعب الاقليمي التشريعية، بمقتضى قانون الحكم الذاتي الاقليمي للمديريات الجنوبية تشمل تطوير اللغات والثقافات المحلية.

    http://www.sudaneseonline.com/2008-05-19-17-39-36/9...9--1986--------.html

    *
                  

12-23-2011, 10:59 AM

عبدالله الشقليني
<aعبدالله الشقليني
تاريخ التسجيل: 03-01-2005
مجموع المشاركات: 12736

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ضد المدعــو " نيفاشــا " وضــد تقسيم الســودان . (Re: عبدالله الشقليني)

    (111)

    Quote:



    مسألة جنوب السودان في سياق تاريخي: 1899 – 1986م (10) .. بقلم: د. فيصل عبدالرحمن علي طه


    الجمعة, 23 كانون1/ديسمبر 2011

    تقويض اتفاقية اديس ابابا
    1- مسؤولية نميري
    تتهم القيادات السياسية الجنوبية نميري بتقويض اتفاقية اديس ابابا ولتأييد هذا الاتهام تستند هذه القيادات إلى التالي:
    1- أحدث نميري تغييراً في تركيبة إقليم جنوب السودان وذلك بتقسيمه إلى ثلاثة أقاليم دون اتباع الاجراءات التي حددتها اتفاقية اديس ابابا وضُمنت في المادة 34 من قانون الحكم الذاتي الاقليمي للمديريات الجنوبية لسنة 1972. وقد اعُطي هذا القانون ضماناً دستورياً. فقد اعتبرته المادة 8 من دستور سنة 1973 قانوناً اساسياً لا يجوز تعديله إلا وفقاً للنصوص الواردة فيه.
    وطبقاً للقانون يتطلب التعديل أغلبية ثلاثة أرباع مجلس الشعب القومي وموافقة أغلبية ثلثي مواطني اقليم جنوب السودان في استفتاء عام يجرى في ذلك الاقليم. فلماذا تغاضى نميري عن هذه ا لاجراءات؟ ولماذا تجنب الاستفتاء؟
    في مقابلة اجرتها صحيفة الصياد مع نميري في 23 مايو 1984 قال نميري: «لم اتجنب إجراء الاستفتاء وكان هذا ما أريد القيام به، كما جاء في الدستور. ولكن كما قلت إنه في كثير من الأحيان، ما يأتي في الدستور أو ما يأتي في أية اتفاقية، يمكن التغاضي عنه إذا كان هناك شيء أفضل. لقد ذهبت إلى الجنوب في رحلة سياسية ووجدت في مقابلات مع مختلف المواطنين أنهم يطالبون وبشدة بالتقسيم، حتى أنهم وقفوا أمام عربتي في الشوارع ولم يبتعدوا عنها إلا بعد أن قلت نعم سأقوم بالتقسيم». وقال نميري في نفس المقابلة إن مطلب التقسيم لم يأت من الاستوائية وحدها «لأن هناك أعداداً كبيرة جداً في ملكال وواو تطالب بالشيء نفسه».
    ومضى نميري للقول إنه إذا أوقف العمل في تقسيم الجنوب إلى ثلاث أقاليم فسوف تشتعل حرب أهلية تقضي على الأخضر واليابس «لأنه في الجنوب إما ان تتبنى رأيهم أو يدخلوا الغابة».
    2- حاول نظام نميري تعديل حدود اقليم جنوب السودان بالمخالفة لاتفاقية اديس ابابا لضم مناطق البترول والمناطق الزراعية والمناطق الغنية بالمعادن إلى الشمال. من هذه المناطق بانتيو وحفرة النحاس ومنطقة الكرمك ومنطقة الرنك. في الواقع أنه في نهاية عام 1980 نشب نزاع بين مجلس الشعب القومي ومجلس الشعب الاقليمي بشأن الخريطة الملحقة بلائحة حدود الأقاليم والتي يبدو انها أدخلت بعض هذه المناطق في الاقاليم الشمالية المتاخمة وهي كردفان ودارفور والأوسط.
    3- تصرفت الحكومة المركزية في الموارد الطبيعية لاقليم جنوب السودان دون إعطاء أي اعتبار أو وزن لرأى الاجهزة الاقليمية. ومن ذلك قرار إنشاء قناة جنقلي وقرار اقامة مصفاة البترول في كوستي بدلاً من بانتيو حيث يوجد الحقل المكتشف. ثم استبدال المصفاة بخط انابيب لنقل البترول رأساً من بانتيو إلى ميناء بورتسودان. وكان مجلس الشعب الاقليمي قد دعا إلى إقامة المصفاة في بانتيو لأن ذلك سيسهم في تنمية المنطقة إقتصادياً.
    4- انتهاك نميري للحقوق الأساسية والحريات التي نصت عليها اتفاقية اديس ابابا في الملحق «أ» وكفلها فيما بعد دستور السودان الدائم لسنة 1973. وذلك بإصدار قوانين الشريعة الاسلامية في سبتمبر 1983. ترى القيادات الجنوبية أن هذه القوانين أقامت درجات متفاوته من المواطنة وجعلت من الجنوبيين مواطنين من الدرجة الثانية. وقد أثار هذه المسألة جوزيف لاقو نائب رئيس الجمهورية في مذكرته بتاريخ 6 مارس 1985 إلى نائب الرئيس الامريكي جورج بوش أثناء زيارته للسودان قبيل سقوط نظام نميري. قال لاقو: «في اتفاقية اديس ابابا وضع شرط لتطوير ثقافات وعادات شعب الجنوب. والاجراء الأخير لادخال الشريعة لكي تحكم الحياة السياسية والاجتماعية والثقافية لشعب السودان، قد أدى إلى إحتقار الجنوبيين ووضعهم في مستوى سكان من الدرجة الثانية. وبالتأكيد فإن هذا غير مقبول لديهم. وكذلك فانهم لن يقبلوا وضع الأقلية مع العلم أنهم يشكلون ثلث السكان، ويقطنون المساحة الجغرافية لجنوب السودان وبالنسبة لهم فإن القيادة في الشمال ليست جادة نحو وحدة البلاد طالما يكون بامكانهم إدخال قضايا تميل إلى تعقيد الأمور».
    5- خرق نميري التدابير المؤقتة المتفق عليها بشأن تشكيل وحدات قوات الشعب المسلحة في إقليم جنوب السودان. تقضي هذه التدابير كما سلفت الاشارة بأن تُشكل هذه القوات من 12000 ضابط وجندي 6000 منهم من الاقليم الجنوبي و 6000 من خارج الاقاليم. ولكن خلال عامي 1982 و1983 بدأت حكومة نميري اجراءات لنقل الـ 6000 ضابط وجندي من قوات الانيانيا المستوعبة في القوات المسلحة إلى الشمال. قاومت بعض الكتائب قرار النقل وتمردت. وكان من بينها الكتيبة 104 والكتيبة 105. وبعد أن اقتحمت قوات الشعب المسلحة مقار الكتيبتين فر أفرادهما عبر الحدود إلى اثيوبيا. وفر مع الكتيبة 105 قائدها السابق جون قرنق الذي كان في اجازة في مسقط رأسه بور - مقر الكتيبة 105. ومن ثم أنشأ مع آخرين الحركة الشعبية والجيش الشعبي لتحرير السودان. وأصدت الحركة في 31/7/1983 ما نيفستو يحدد أهدافها وتصورها لمسقبل السودان.
    إن تدابير تشكيل القوات المسلحة في إقليم جنوب السودان المنصوص عليها في اتفاقية اديس ابابا قصد بها أن تكون مؤقتة وليست دائمة وحُددت فترة سريانها بخمسة أعوام. وكان من المفروض أن يتم خلال هذه الفترة الصهر أو التذويب التدريجي لقوات الانيانيا في القوات المسلحة وإعدادها للعمل في مناطق السودان المختلفة. ولكن الذي حدث أن قوات الانيانيا المستوعبة تُركت تخدم في الجنوب لفترة قاربت العشرة أعوام. وعندما صدر قرار نقلها للشمال تم ذلك بصورة فجائية وجماعية وفي ظروف سياسية وأمنية بالغة التعقيد مما أفسح المجال للريب والظنون.
    2- مسؤولية القيادات الجنوبية
    ولكن هناك من يرى أن مسؤولية ما حدث لا تقع على عاتق نميري وحده وأن القيادات السياسية الجنوبية ينبغي أن تتحمل جزءاً من اللوم. فهذه القيادات هيأت لنميري الظروف والسبل التي مكنته من خرق الاتفاقية وإلغاء دور الاجهزة الاقليمية وحكم الجنوب مركزياً.
    وبالرغم من الامكانات المادية التي تم توفيرها للجنوب والسلام النسبي الذي ساده لحوالي عقد من الزمان، إلا ان القيادات السياسية الجنوبية اخفقت في إنقاذ الجنوب من وهدة التخلف وعجزت حتى عن توفير القوت الضروري والخدمات الأساسية لأهل الجنوب.
    وفي مقال نُشر بصحيفة الشرق الاوسط اللندنية بتاريخ 19 يونيو 1985 قال وزير الزراعة الاسبق علي التوم إنه قبل ادانة نميري على تحطيم اتفاقية اديس ابابا لا بد من توجيه اللوم للقيادات الجنوبية «التي أعطته الفرصة باخطائها الكثيرة في حق الجنوب قبل الشمال. فهي أولاً لم تحافظ على وحدتها كقيادة سياسية واجتماعية. وانصرفت إلى الصراعات الشخصية والشللية والانحيازات. وهي أيضاً سمحت وفي كل الحكومات الاقليمية المتعاقبة لحفنة من الوزراء والقياديين بانتهاج اساليب انانية وفاسدة، فاهتمت تلك القيادات بالعمولات وبناء البيوت والعمارات، وأهملت العمل من أجل التقدم والتنمية. لقد استغل نميري تلك السلبيات وخاصة الخلافات الشخصية إلى أبعد الحدود».
    يضاف إلى هذا أن المطالبة بتقسيم الجنوب إلى ثلاثة أقاليم والتي تفجر بسببها فيض من المشاكل قد جاءت من الجنوب نفسه. وكان على رأس المطالبين بالتقسيم جوزيف لاقو قائد الانيانيا الاولى ومؤسس حركة تحرير السودان والطرف الآخر في اتفاقية اديس ابابا. ففي مذكرة بعنوان «اللامركزية ضرورة قصوى لمديريات السودان الجنوبية» قال لاقو إن المطالبة بالتقسيم تستند إلى المادتين 6 و7 من دستور سنة 1973 حيث نص فيهما على ان يحكم السودان لامركزياً. وقال أيضاً إن التقسيم لا يتعارض مع اتفاقية اديس ابابا. وعلى كل حال فقد كان المبرر الرئيسي للمطالبة بالتقسيم هو أن الاقليم الواحد يكرس هيمنة قبلية الدينكا على أجهزة الحكم الاقليمي. ونعيد إلى الاذهان أن جوزيف لاقو عندما أنشأ حركة تحرير السودان في صدر السبعينيات أعلن كواحد من أهداف حركته توحيد قبائل الجنوب في قومية واحدة.
    3- مانيفستو الحركة وقوانين سبتمبر 1983
    شهد النصف الثاني من عام 1983 حدثان زادا الحرب الأهلية شراسة وأضعفا كثيراً من إحتمال إحداث توازن بين الالتزام الإسلامي والوحدة الوطنية. الحدث الأول كان المانيفستو الذي أصدرته الحركة الشعبية والجيش الشعبي لتحرير السودان في 31 يوليو 1983. لا تعترف الحركة بتصنيف «شمال» و«جنوب» وتجعل من الجنوب نقطة إنطلاق لتحرير السودان وكسر احتكار القوى التقليدية في الوسط للسلطة وإقامة نظام علماني إشتراكي.
    جاء في الفقرة (1) من المانيفستو أن «ما يسمى بمسألة الجنوب هي في الحقيقة مسألة السودان عامه. إنها بشكل عام مسألة مناطق متخلفة في كل البلاد، عَيّنها وفاقمها في الجنوب حكم طغم الأقلية في الخرطوم».
    ونصت الفقرة (21) على أن الهدف الأساسي للحركة والجيش ليس هو فصل الجنو ب. فالجنوب جزء لا يتجزأ من السودان وقد تم تجزئة افريقيا بما فيه الكفاية بواسطة الاستعمار. وذُكر في الفقرة 24 (ج) أنه في ظل حكومة تحرير شعب السودان سيتم فصل الدولة عن المسجد والكنيسة وسيكون لكل المعتقدات الدينية في البلاد الحرية الكاملة لممارسة شعائرها بدون إعاقة أو تهديد بشرط ألا يُساء استخدام هذه الحرية أو تستخدم لأغراض سياسية، وسيكون يوم الأحد عطلة ويوم عبادة في الجنوب بينما سيكون يوم الجمعة عطلة ويوم عبادة في شمال السودان. وفي الفقرة (26) عبرت الحركة عن عزمها تحويل الحركة الجنوبية من حركة رجعية إلى حركة تحرير شعبية أصيلة ستقود مرحلة التحول الاشتراكي في السودان بداية بالجنوب حيث أضعف حلقات التنمية الهامشية وانطلاقاً إلى كل أنحاء البلاد.
    أما الحدث الثاني فقد كانت تفجير ثورة نميري الإسلامية في سبتمبر 1983. ففي عامي 1983 و1984 أصدر نميري عدداً من القوانين المستمدة من الشريعة الإسلامية وشملت القانون الجنائي لعام 1983 وقانون الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لسنة 1983 وقانون أصول الأحكام القضائية لسنة 1983 وقانون المعاملات المدنية لسنة 1984. وفي منتصف عام 1984 طرح نميري على مجلس الشعب تعديلات لأكثر من مائة من مواد الدستور الدائم لسنة 1973. تجعل هذه التعديلات من السودان جمهورية إسلامية وتسند السيادة لله وتؤسس حاكمية الشريعة الإسلامية وذلك بالنص على أنها المصدر الأساسي للتشريع. وتقترح التعديلات أن يكون رئيس الجمهورية قائداً للمؤمنين ورأس الدولة وإمامها، وأن تبدأ رئاسته من تاريخ البيعة ولا تكون محدد بمدة زمنية محددة. ويمنح التعديل المقترح للمادة 113 رئيس الجمهورية - نميري آنذاك - حق تسمية خليفته في كتاب مختوم وموقع عليه بخط يده ويودع لدى الأمانة العامة لمجلس الشورى ولا يفض إلا بعد اعتماد خلو منصب رئيس الجمهورية بواسطة المحكمة العليا.
    4- ماذا بقي من اتفاقية اديس ابابا؟
    إن قانون الحكم الذاتي الاقليمي للمديريات الجنوبية لسنة 1972 والمتضمن لمشروع القانون الأساسي الذي اتفق عليه في اديس ابابا ظل ساريا بعد انتفاضة ابريل 1985. وقد أُعطي ضماناً دستورياً جديداً. بمقتضى الدستور الانتقالي لسنة 1985. تنص المادة 16 (1) من الدستور الانتقالي على ان تدار الأقاليم الخمسة الشمالية والعاصمة القومية على أساس الحكم اللامركزي وفقاً لاحكام القانون. وتنص المادة 16 (2) على ان يقوم الحكم الذاتي الاقليمي في الاقليم الجنوبي على أساس السودان الموحد وفقاً لقانون الحكم الذاتي الاقليمي للمديريات الجنوبية لسنة 1972.
    ولكن جون قرنق قال في مقابلة نُشرت في صحيفة الاتحاد الظبيانية بتاريخ 5 مارس 1986 إن اتفاقية اديس ابابا قد ماتت «وعندما تموت البقرة فتلك هي النهاية فليس بالامكان إحياء بقرة ميتة». ومضي للقول إن الزمن تجاوز اتفاقية اديس اباب فهي غير قابلة للاحياء في اطار الحلول العامة لمسألة اللامركزية وتوزيع السلطة. لان مشكلة السودان لم تعد علاقة الشمال بالجنوب أو كيف يمكن احتواء الجنوب في السودان العربي بل هي أكبر من ذلك بكثير».
    أما جوزيف لاقو قائد حركة الانيانيا الاولى والطرف الآخر في اتفاقية اديس ابابا فقد قال في المذكرة التي رفعها إلى نائب الرئيس الامريكي جورج بوش في 6 مارس 1985 إن نظام اللامركزية يقلل مناطق الاحتكاك والشقاق لأنه في داخل الجنوب نفسه مشاكل عرقية لم تعالجها اتفاقية اديس ابابا. ولكنه يعتقد أن الطريقة التي طبقت بها اللامركزية في السودان قد أدت إلى تآكل اتفاقية اديس ابابا. فالترتيب الذي تم التوصل إليه في اديس ابابا في عام 1972 يبدو أكثر ديمقراطية من ذاك الذي ظهر في قانون الحكم الاقليمي لسنة 1980 «والجنوبيون يفضلون الالتزام بما كان مرتباً لهم وان يحصلوا على اللامركزية الناتجة عنه».
    وتذهب بعض الآراء إلى أن الحكم الذاتي الاقليمي لم يعد سواء في الشمال أو الجنوب الصيغة الملائمة لاستيعاب تعددية السودان العرقية والدينية والقبلية واللغوية والثقافية. ومنذ التوقيع على اتفاقية اديس ابابا في سنة 1972 وتطبيق النظام الاقليمي في مديريات السودان الشمالي قد طرأت الكثير من المتغيرات التي لا يعالجها النظام الاقليمي. فتجربة قوانين سبتمبر 1983 الاسلامية طرحت من جديد مسألة العلاقة بين الدين والدولة وكيفية التوفيق بين تطلعات المسلمين وحقوق غير المسلمين. كما أن تجربة استيعاب قوات الانيانيا في القوات المسلحة والمحاولات الانقلابية العرقية أبرزت أهمية القضاء على الاقليمية والعنصرية في القوات المسلحة وإعادة بنائها على أسس قومية، وأثار اكتشاف البترول في بعض أقاليم السودان مسألة التوزيع العادل لعائده وعائد أي ثروة طبيعية قد تكتشف مستقبلاً. فالتاريخ الافريقي المعاصر ينبئ بأن الاكتشافات النفطية والمعدنية في إقليم ما تثير الرغبة في الانفصال عن المركز.
    وتطرح بعض القوى السياسية في الشمال والجنوب النظام الفيدرالي كصيغة بديلة للتعامل مع تعددية السودان. ويبدو أن رسالة جون قرنق لرئيس وزراء الحكومة الانتقالية في 1 سبتمبر 1985 تطرح النظام الفيدرالي كصيغة محتملة لتحديد العلاقية بين المركز والاقليم. إذ ورد في الرسالة «أن المؤتمر الوطني الذي سيناقش مشكلة السودان ينبغي أن يناقش أولا ً القضايا الوطنية الأساسية (مثل نظام الحكم في الخرطوم .. الخ) وثانياً مشكلة الحكومات الاقليمية (اتحادات فيدرالية او استقلالات ذاتية اقليمية) باعتبارها انعكاسات لبنية السلطة في الوسط».
    وهناك من يرى في النظام الفيدرالي الحل الجذري لمسألة تطبيق الشريعة الاسلامية. ففي مقابلة اجرتها معه مجلة الكفاح العربي في 6 مايو 1985 قال منصور خالد إن النظام الفيدرالي يوفر للاقليم الجنوبي سلطات أكبر من السلطات التي يملكها حالياً. فاتفاقية اديس ابابا تعطي الجنوب سلطة التشريع في ميادين عديدة ليس من بينها العقوبات. ولكن النظام الفيدرالي سيعطيه سلطة التشريع في مجال العقوبات.
    ويعتقد علي عثمان محمد طه عضو الجبهة القومية الاسلامية وزعيم المعارضة في الجمعية التأسيسية آنذاك أن النظام الفيدرالي هو الاطار المناسب لاحتواء التعددية بما في ذلك التعددية الدينية. أعلن علي عثمان في صحيفة الخليج بتاريخ 30 يونيو 1986 أن تصورهم المطروح لحل قضية الجنوب هو أن يقسم السودان إلى ولايات فيدرالية ليصبح النظام في السودان اتحاد فيدرالي. ودعا إلى تطوير الحكم الاقليمي إلى نظام اتحادي فيدرالي «يكفل وحدة البلاد ويضمن التعايش في اطار التباين الثقافي والعرقي ويجعل لكل الفرصة في ان يلتزم احكام شرعه ودينه ويعبر عن هويته الحضارية ويعيش جنباً إلى جنب مع بقية اخوانه في البلاد».
    5- مخاطر الفيدرالية
    يبدو مما تقدم أن الفيدرالية طُرحت كصيغة توفيقية بين الانفصال والوحدة. تمثل الفيدرالية نمطاً من أنماط اللامركزية السياسية وتهدف إلى تحقيق الوحدة في مجتمع متباين الأعراق والأديان والثقافات.
    تنشأ الفيدرالية بموجب دستور وليس بمقتضى قانون عادي. فالدستور باعتباره الوثيقة الأساسية التي تبين نظام الحكم وكيفية ممارسة السيادة في الدولة هو الذي يضمن الفيدرالية ويحميها. هذا بالطبع إذا كان الدستور نفسه مؤسساً على الفكر الديمقراطي الليبرالي. فالفيدرالية لن تزدهر في بيئة استبدادية لأنها في واقع الأمر عبارة عن ديمقراطية بين ولايات الدولة الواحدة دون طغيان الحكومة المركزية على الولايات، أو تسلط ولاية على الأخرى.
    إن المال هو عصب اللامركزية في كافة تطبيقاتها. فاللامركزية السياسية لا تنشأ بمجرد النص عليها في الدستور وأصدار القوانين وخلق الأجهزة وتحديد المهام، وإنما بالاستقلال المالي. بالطبع لا يتوقع أحد أن تباشر الولايات المهام المنوطة بها بمواردها الذاتية ولكن الاعتماد الكلي على الحكومة المركزية سيجردها من الاستقلال ويخلع عنها صفة اللامركزية.
    إن تطبيق الفيدرالية باهظ التكاليف بسبب ما سيترتب عليها من تعدد الهيئات الحاكمة طبقاً لعدد الولايات. وفي بلد فقير كالسودان فإنها ستؤدي إلى زيادة كبيرة في النفقات العامة وبالتالي إلى فرض ضرائب ورسوم وبذلك تصبح عبئاً مالياً يتحمله المواطن.
    إن من محاسن الفيدرالية أنها قد تحقق الوحدة المنشودة، وإذا واكبتها تنمية اقتصادية واجتماعية شاملة فإنها قد تزيل كل مظاهر الفروقات الحضارية. ولكنها تنطوي أيضاً على مخاطر: فلربما تكرس الانقسام أو الجهوية أو القبلية وتشجع على الانفصال.


    http://www.sudaneseonline.com/2008-05-19-17-39-36/9...-1986-10-------.html
    *

                  

04-27-2012, 10:29 AM

عبدالله الشقليني
<aعبدالله الشقليني
تاريخ التسجيل: 03-01-2005
مجموع المشاركات: 12736

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ضد المدعــو " نيفاشــا " وضــد تقسيم الســودان . (Re: عبدالله الشقليني)

    أثبت فشل نيفاشا وتقسيم السودان أنه من جلب أزمة الحاضر وبؤسها .
                  

05-29-2012, 09:30 PM

عبدالله الشقليني
<aعبدالله الشقليني
تاريخ التسجيل: 03-01-2005
مجموع المشاركات: 12736

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ضد المدعــو " نيفاشــا " وضــد تقسيم الســودان . (Re: عبدالله الشقليني)

    ها هي أبيي تحولت من بروتوكول إلى أمر متنازع عليه وفق قرار مجلس الأمن الأخير
    بدلاً عن أيلولتها التاريخية لكردفان منذ 1905 إلى متنازع عليه !!!!!!!
                  

05-31-2012, 09:46 AM

عبدالله الشقليني
<aعبدالله الشقليني
تاريخ التسجيل: 03-01-2005
مجموع المشاركات: 12736

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ضد المدعــو " نيفاشــا " وضــد تقسيم الســودان . (Re: عبدالله الشقليني)

    (112)
    Quote: الدكتور غازي العتباني: مسؤولية انفصال جنوب السودان واستنساخ نيفاشا. بقلم: د. سلمان محمد أحمد سلمان

    الأحد, 27 أيار/مايو 2012

    1.من التوجيهات المبدئية والأولية التي يتلقّاها طلّاب دراسة علم التاريخ هي توخي الحذر والحيطة في كتابات الأشخاص الذين هم طرفٌ في الأحداث موضوع المقال أو الكِتاب. فهؤلاء الكُتّاب قد يرتكبون واحداً أو أكثر من ثلاثة أخطاء هي: أولاً تضخيم دورهم الإيجابي، وثانياً عدم ذكرأيٍ من الأخطاء التي وقعت، أو التعرض لها بصورةٍ غير متكاملة، وثالثاً تقديم التبريرات غير السليمة أو الصحيحة للأخطاء، إذا تمّ التعرض لها.
    طرق ذهني هذا التوجيه بشدّةٍ وأنا أقرأ مقال الدكتور غازي صلاح الدين العتباني بعنوان "قرار الاتحاد الأفريقي استنساخ للإيقاد ثم نيفاشا جديدة". وقد وصلني المقال عبر بريدي الالكتروني عدّة مراتٍ من مجموعةٍ من الأصدقاء، وأوضح الكاتب أنه قد تمّ نشر المقال في ثلاث صحفٍ هي الانتباهة والسوداني والرأي العام في 29 أبريل عام 2012.
    افتتح الدكتور غازي مقاله بالآتي "بين حين وآخر أستصوب ألا تنحصر نصيحتي في دوائر الاستشارة الضيقة التي يفرضها المنصب الرسمي. ويكون ذلك عندما أرى أن موضوع النصح جدير بأن يتفاعل معه الرأي العام بحسبانه أمراً يتعلق بالحقوق الوطنية التي تهم جميع المواطنين، وهو ما يحدث كلما مرت البلاد بمنعطف مصيري." وهكذا أوضح لنا الدكتور غازي أن دوره ينحصر فقط في تقديم النصيحة في دوائر الاستشارة الضيقة. ثم يواصل الدكتور غازي "في سبتمبر من عام 1994 انتُدبت لقيادة وفد مباحثات السلام في كينيا بدلاً من الرئيس السابق للوفد. كان ذلك التكليف لمرة واحدة فقط، وكانت المهمة التي أوكلت إليّ واحدة ومحددة للغاية وهي إلغاء إعلان مبادئ مبادرة الإيقاد الذي صاغه الوسطاء أو إلغاء مبادرة الإيقاد من أساسها..... أدى الوفد مهمته بكفاءة عالية، إذ دام الاجتماع حوالى خمس وثلاثين دقيقة فقط. رفض الوسطاء، الذين نصبوا أنفسهم قضاة في ذات الوقت، تعديل إعلان المبادئ فكان البديل هو أن تموت مبادرة الإيقاد التي أصبحت بالفعل بعد ذلك الاجتماع العاصف كبيت مهجور تخرقه الأنواء من كل جانب.... بصفتي رئيس الوفد في تلك المهمة الفريدة تعرضتُ لهجمة شرسة من الإعلام الغربي وُصفت فيها بأسوأ النعوت ومن بينها بالطبع أنني شخص متطرف، لكنني على الصعيد الشخصى لم أنم أقرّ عيناً ولا أشفى صدراً من نومي في تلك الليلة."
    ويواصل الدكتور غازي مقاله فيتعرض بالشرح والنقد للقرار الصادر عن مجلس السلم والأمن الافريقي بشأن السودان وجنوب السودان في الرابع والعشرين من شهرأبريل ويختتم مقاله بمجموعة من النصائح من بينها "على الصعيد السياسي ينبغي إشراك كل القوى والشخصيات السياسية السودانية والخبراء والمختصين في صياغة قراءة موحدة للأزمة ومن ثم سياسة وطنية موحدة تجاهها.... . وسيكون من المفيد أن تشارك في هذه الحملة كل القوى السياسية والمؤسسات القومية والشخصيات السودانية ذات العلاقات الإقليمية والدولية." نكتفي بهذا الاقتباس من مقال الدكتور غازي.
    2
    اندهشت كثيراً وأنا أقرأ مرةً بعد الأخرى مقال الدكتور غازي. فقد اختزل الدكتور غازي كل دوره في عملية السلام في الغاء إعلان مبادئ مبادرة الإيقاد، وهي المهمة التي قال أنه قد أدّاها بكفاءة عالية تسببت في وصفه بواسطة أجهزة الإعلام الغربية بأنه شخص متطرف.
    لم يتطرق الدكتور غازي إلى دوره في بروتوكول مشاكوس ولم يذكر أنه كان رئيس الوفد الذي فاوض على هذا البروتوكول وأنه هو الذي وقّع نيابةً عن حكومة السودان مع السيد سلفا كير على بروتوكول مشاكوس في 20 يوليو عام 2002. كما لم يذكر للقارئ من أين جاءت مبادرة الايقاد التي قام بإلغائها وما هي أوجه الشبه بينها وبين إعلان فرانكفورت، وكيف تختلف عن بروتوكول مشاكوس الذي فاوض ووقّع عليه.
    سوف نقوم في تعقيبنا على مقال الدكتور غازي بإثارة مجموعةٍ من الأسئلة والرد عليها.
    3
    ما هي مبادرة الايقاد ومن أين أتت؟
    الايقاد منظمة تم إنشاؤها عام 1986 بواسطة دول شرق افريقيا (اثيوبيا وجيبوتي وكينيا ويوغندا والسودان والصومال) لمواجهة التصحر والجفاف في الاقليم. وقد عدّلت هذه المنظمة أهدافها لِتُركّز على التنمية، وقد انضمت لها اريتريا عام 1993، ثم دولة جنوب السودان في العام الماضي. وليس لهذه المنظمة دورٌ أو انجازٌ يُذكر سوى اتفاقية السلام الشامل السودانية والتي جرّها للعمل فيها ما سُمّي بمجموعة شركاء الايقاد من الدول الغربية والتي دفعت جلّ تكاليف المفاوضات من فنادق وطعام وشراب وسفر ومطبوعات.
    في مايو عام 1991 سقط نظام منقستو هايلي مريم الحليف الرئيسي للحركة الشعبية. وفي أغسطس من نفس العام انشقّ كلٌ من الدكتور لام أكول والدكتور رياك مشار عن الحركة الشعبية وكوّنا جناح الناصر (أو الجناح المتّحد) وأعلنا مطالبتهما بانفصال جنوب السودان. في سبتمبر عام 1991 اجتمعت الحركة الشعبية الأم في توريت وتبنّت (فيما يبدو أنه رد فعلٍ لهذين التطورين) خيار تقرير المصير فيما عرف بمقررات مؤتمر توريت، سبتمبر عام 1991.
    في 25 يناير عام 1992، وفيما يبدو أنه رد فعلٍ لكل هذه التطورات، حدث أكبر وأخطر تطور في تاريخ العلاقات بين شمال وجنوب السودان. فبعد أربعة أيامٍ من الاجتماعات التي بدأت في 22 يناير أصدر الدكتور علي الحاج والدكتور لام أكول إعلان فرانكفورت. وقد وافقت حكومة السودان بمقتضى الفقرة الثالثة من ذلك الإعلان على الآتي "بعد نهاية الفترة الانتقالية يُجرى استفتاء عام في جنوب السودان لاستطلاع آراء المواطنين الجنوبيين حول نظام الحكم الذي يناسب تطلعاتهم السياسية دون استبعاد أي خيار." وهكذ وببساطةٍ شديدةٍ ومتناهية وافقت حكومة السودان ولأول مرةٍ في تاريخ السودان على حق جنوب السودان في تقرير مصيره دون استبعاد أي خيار. لم يكن ذلك الإعلان شأناً خاصاً بالدكتور علي الحاج أو الحزب الحاكم. فقد نصّت الديباجة على أن الوفدين اللذين أصدرا ذلك الإعلان هما حكومة السودان واللجنة التنفيذية الوطنية الانتقالية للحركة الشعبية لتحرير السودان.
    عليه فقد فتح إعلان فرانكفورت صندوق بندورا وخرج الجنّيُ ولم يعد بإمكان أحدٍ إعادته إلى مكانه. لم يعد حق تقرير المصير بعد 25 يناير عام 1992 جُرماً يُعاقِب القانون من يتبناه، بل أصبح حقاً لشعب جنوب السودان بمقتضى اتفاقٍ وقّع عليه أحد كبار المسؤولين السودانيين في الدولة والحزب الحاكم، وتمّ التوصل إليه في دولةٍ أوروبيةٍ دون وسيطٍ أو طرفٍ ثالث يمكن أن يُتهم بأنه مارس ضغطاً ً على الطرفين، أو على أحدهما.
    اتفق الطرفان على اللقاء في أبوجا في مارس عام 1992، وقد تمّ ذلك اللقاء وتواصلت الاجتماعات والمفاوضات في عام 1993 ولكنها ركّزت على مسألة الدين والدولة ولم تتوصل إلى نقاط التقاء، فانفضّ المفاوضون وفقدت نيجريا حماسها للوساطة بعد أن انتهت فترة رئاسة السيد ابراهيم بابنجيدا.
    قفزت دول شرق افريقيا إلى داخل حلبة النزاع السوداني وقررت أن تملأ الفراغ الذي خلّفته نيجريا. عرضت هذه الدول باسم منظمة الايقاد وساطتها التي قبلها الطرفان. والوساطة أمرٌ لايتم بدون الرضا التام والصريح للطرفين، ويحق لأيٍ من الطرفين إنهاء الوساطة في أي وقت. إنّها مهمةٌ سياسيةٌ مبنيةٌ على التوافق وليست إجراءاً قانونيا يُفْرض على الطرفين أو أحدهما. وافق السودان وكذلك الحركة الشعبية على وساطة منظمة الايقاد ورحبا بدورها. ولكن الايقاد فاجأت السودان بتقديمها إعلان المبادئ في 20 يوليو عام 1994 والذي تضمّن حق تقرير المصير لشعب جنوب السودان. أبدى السودان دهشته ورفضه الكامل لإعلان المبادئ ذاك. ولكن منظمة الايقاد (أو من يقف خلفها) ذكّرت السودان بإعلان فرانكفورت وأنه يتضمن حق تقرير المصير أيضاً. وأوضحّ عرّابو الايقاد أن مبادئ الايقاد لم تأتِ بجديد، وأصرّوا عليها. بالإضافة إلى حق تقرير المصير فقد نصّ إعلان الايقاد صراحةً وفي مادةٍ منفصلةٍ على علمانية الدولة السودانية.
    هنا جاءت المهمة التي تحدث عنها الدكتور غازي وهي إلغاء إعلان مبادئ مبادرة الإيقاد أو إلغاء مبادرة الإيقاد من أساسها، والتي قام وفده بأدائها بكفاءةٍ عالية كما ذكر. لكنّ هذه مهمةٌ لم تكن لتتطلّب أكثر من تسليم خطابٍ رسميٍ بواسطة أحد دبلوماسيي السفارة السودانية بنيروبي أو جيبوتي لمكتب الايقاد هناك معلناُ انتهاء المبادرة. ولكن دعونا نتوقف عند الكلمة التي ألقاها الدكتور غازي في ذلك الاجتماع في يوم 22 سبتمبر عام 1994 مع ممثلي الايقاد. فقد بدأها بالقول: "بالنسبة لحق تقرير المصير فإن مصير السودان كان قد تحدد في عام 1956 عندما نال السودان استقلاله." وأوضح أن جنوب السودان لم يحدث أن تمّ التعامل معه ككيانٍ سياسيٍ منفصل بل إن الحركة الشعبية – حركة التمرد – اشتهرت بنهجها الوحدوي وأن تبنيها مؤخراً خيار الانفصال هو تكتيكٌ تفاوضي. (تناسى أو تجاهل الدكتور غازي مقررات مؤتمر توريت الصادرة في سبتمبر عام 1991). أشار الدكتور غازي إلى أن حق تقرير المصير لجنوب السودان سوف يكون له رد فعلٍ كبيرٍ سيؤثّر على كل افريقيا، وأوضح أن ذلك يتعارض مع مقررات منظمة الوحدة الافريقية التي أكّدت على ضرورة الإبقاء على الحدود الموروثة من الاستعمار. وختم الدكتور غازي كلمته بأن "حكومة السودان ملزمةٌ بتسليم نفس السودان للأجيال القادمة، وأن حق تقرير المصير تحت أية مسميات قد تؤدي إلى الانفصال أمرٌ غير وارد، وأن الحكومة غير مستعدة للتباحث حوله."
    ما الذي حدث لإعلان فرانكفورت الذي صدر قبل عامين ونصف؟ ألم توافق الحكومة بمقتضاه على استفتاءٍ عام في جنوب السودان لاستطلاع آراء المواطنين الجنوبيين حول نظام الحكم الذي يناسب تطلعاتهم السياسية دون استبعاد أي خيار؟
    4
    واصلت الخرطوم موقفها الرافض لإعلان مبادئ الايقاد حتى عام 1996 عندما بدأت التفاوض مع الدكتور رياك مشار ووقّعت معه الميثاق السياسي ذاك العام، ثم اتفاقية الخرطوم عام 1997 والتي انضم إليها الدكتور لام أكول فيما بعد بمقتضى اتفاقية فشودة. وقد نصّ الميثاق السياسي واتفاقية الخرطوم على حق تقرير المصير لشعب جنوب السودان. وكمدخلٍ ونتيجةٍ لاتفاقية الخرطوم فقد وافق السودان رسمياً في نفس العام (1997) على إعلان المبادئ الذي صدر من الايقاد في يوليو عام 1994 متضمناً حق تقرير المصير والذي كان الدكتور غازي قد رفضه باسم الحكومة في سبتمبر عام 1994. وصدر دستور السودان لعام 1998 وتضمّنت المادة 139 منه نصّاً صريحاً على حق تقرير المصير لشعب جنوب السودان. بالطبع فقد سهّل إعلان فرانكفورت مهمة الدكتور رياك مشار والدكتور لام أكول. كما ذكرنا فقد تضمّن إعلان الايقاد مسألة علمانية الدولة السودانية أيضاً.
    ما الذي حدث لخطاب الدكتور غازي ومهمته التي أداها بكفاءةٍ في سبتمبر عام 1994؟ بل ما الذي حدث لوعده وتصميمه أن يسلّم السودان كاملاً للأجيال القادمة؟ وماذا عن تأكيده أن حق تقرير المصير تحت أية مسميات قد تؤدي إلى الانفصال أمرٌ غير وارد، وأن الحكومة غير مستعدة للتباحث حوله؟.
    في يناير عام 2002 اجتمعت دول منظمة الايقاد في الخرطوم. عرضت كينيا إحياء مبادرة الايقاد بعد أن وافق السودان عليها، واقترحت بدء المفاوضات في نيروبي. رحّب السودان بالفكرة ووافق عليها، ووافقت عليها أيضاً الحركة الشعبية. بعد المشاورات الداخلية تمّ اختيار الدكتور غازي العتباني رئيساً للوفد المفاوض وعضوية كلٍ من السادة ادريس محمد عبد القادر، ويحيى حسين بابكر، ومطرف صديق، وسيد الخطيب. وقامت الحركة الشعبية باختيار السيد نيال دينق رئيساً لوفدها وعضوية السيد دينق ألور والدكتور جستين ياك والسيد سامسون كواجي. ضم كلٌ من الوفدين مجموعةً أخرى من الأعضاء السياسيين والفنيين. بدأت المفاوضات في ناكورا في كينيا في مايو عام 2002، ثم انتقلت إلى مشاكوس في 17 يونيو عام 2002. وشارك في المفاوضات شركاء الايقاد ممثلين بالولايات المتحدة وبريطانيا والنرويج (والتي سُمّيت بمجموعة الثلاثة أو الترويكا) مع مجموعة كبيرة من الفنيين والقانونيين من عدّة دول من بينها جنوب افريقيا وسويسرا. وقد لعب الجنرال الكيني لازاروس سومبييو والوزيرة النرويجية السيدة هيلدي جونسون دوراً فاعلاً خلال المفاوضات كوسيطين، وأصدر كلٌ منهما فيما بعد كتاباً عن المفاوضات (كتاب السيدة هيلدي عنوانه اندلاع السلام وهي ترجمة غير موفّقة، وعنوان كتاب الجنرال لازاروس هو الوسيط). وقد استندنا على هذين الكتابين ومجموعة من التقارير التي صدرت عن مفاوضات اتفاقية السلام الشامل كبعض المصادر لكتابة هذا المقال.
    5
    لايمكن بأي حالٍ من الأحوال تلخيص ما دار في تلك المفاوضات الصعبة في مقالٍ صحفيٍ قصيرٍ مثل هذا. غير أن المفاوضات انتقلت من فكرة "دولة واحدة بنظامين" إلى مسألة الدين والدولة ونظام الحكم في السودان وتعثّرت كثيراً في هذين الأمرين. فجأةً أصرّت الحركة الشعبية على أن يتم نقاش مبدأ تقرير المصير والاتفاق عليه قبل معالجة الأمور الأخرى. رفض الوفد السوداني في بداية الأمر مسألة تقرير المصير ولكنّ الوسطاء الأوربيين والأمريكيين والأفارقة ذكّروا الوفد السوداني بإعلان فرانكفورت والميثاق السياسي واتفاق الخرطوم ودستور السودان لعام 1998 والتي تضمنت كلها مبدأ حق تقرير المصير لشعب جنوب السودان، وحذروا الوفد أنه لايمكن النكوص عن تلك الالتزامات.
    وافق الوفد الحكومي إثر هذا على مبدأ تقرير المصير لشعب جنوب السودان، وطلب الدكتور غازي (حسب كتاب الوسيط) التركيز على نقاطٍ أربع هي أسبقية الوحدة مع الاعتراف بالتعددية، احترام إرادة الشعب السوداني والاتفاق على إجراءاتٍ دستورية.
    ولكنّ الوفدين اختلفا في مدة الفترة الانتقالية التي تسبق إجراء الاستفتاء. فقد أصرّ الوفد الحكومي على أن تكون الفترة عشر سنوات بينما أصرّت الحركة على مدة عامين فقط. قام الوسطاء بجمع الرقمين واستخراج المتوسط وهو الرقم ست سنوات التي تضمّنتها اتفاقية السلام الشامل فيما بعد.
    صاغ الوسطاء في 19 يوليو 2002 ما أسموه بـ "الوثيقة الإطارية للتفاوض" والتي تضمّنت حق تقرير المصير لشعب جنوب السودان بما في ذلك حق الانفصال بعد فترةٍ انتقالية مدتها ست سنوات، مع الإبقاء على تطبيق الشريعة في شمال السودان. وقد أوضحت السيدة هيلدي جونسون أن الوثيقة هي مختصر لاتفاقية الخرطوم للسلام. ومنحَ الوسطاءُ الوفدين مدة ساعةٍ لقبول أو رفض الوثيقة، مع التهديد بإنهاء الوساطة إذا رفض الطرفان أو أحدهما الوثيقة. قبِل الطرفان هذا الإجراء واختار الوفد الحكومي السيدين يحيى حسين وسيد الخطيب بينما اختارت الحركة الشعبية السيدين نيال دينق ودينق ألور لمناقشة الوثيقة معاً. طلب الوفدان مزيداً من الوقت ووافق الوسطاء على ذلك، وبعد أربع ساعاتٍ من النقاش خرج الطرفان باتفاقٍ تمت صياغته النهائية والتوقيع عليه في 20 يوليو عام 2002 تحت مُسمّى "بروتوكول مشاكوس" الذي قنّن وأطّر مبدأ حق تقرير المصير لشعب جنوب السودان.
    وقد قام الدكتور غازي العتباني والسيد سلفا كير بالتوقيع على بروتوكول مشاكوس في مساء يوم 20 يوليو 2002 بالقصر الرئاسي في نيروبي بحضور الرئيس الكيني السيد دانيال أراب موي وعددٍ من أعضاء السلك الدبلوماسي والوسطاء. وقد أصدر مجلس الأمن بياناً رحب فيه بالاتفاق، وفعلت ذات الشئ مجموعةٌ من الحكومات من بينها الامريكية والبريطانية والنرويجية والايطالية. كما تناولت الصحف ووكالات الأنباء العالمية خبر الاتفاق وأشادت بإنجاز الوفدين. وكانت هناك إشادة خاصة بالدكتور غازي والسيد سلفا كير وتمّ وصفهما بواسطة القادة الغربيين والصحف الغربية بأنهما رجلا دولة يتميزان بالحكمة والمسؤولية.
    6
    أشارت السيدة هيلدي جونسون في كتابها إلى رأي الدكتور غازي في بروتوكول مشاكوس ودوره في التفاوض والتوقيع عليه. وأوضحت أنه ذكر لها أنه لم يكن هناك تطابقٌ في الآراء حول بروتوكول مشاكوس داخل الحكومة، ولكنه تشاور مع أعضاء الوفد واتصل بالسيد رئيس الجمهورية وكبار المسؤولين قبل التوقيع عليه. وأضاف "بالنسبة لي فقد كانت هذه فرصة العمر التي لايمكن إضاعتها. لقد كان أمامي في تلك اللحظة بالذات مستقبل السودان. إنه لا يمكن لقائدٍ يملك عقلاً سوياً إضاعة تلك الفرصة."
    تواصل التفاوض حول قضايا الثروة والسلطة والإجراءات الأمنية والتي أصبحت بعد موافقة الحكومة الرسمية على حق تقرير المصير تفاصيل لا أكثر ولا أقل. وظل الدكتور غازي رئيساً لوفد التفاوض حتى 29 نوفمبر عام 2003 حيث حلّ محله النائب الأول الأستاذ علي عثمان محمد طه رئيساً لوفد التفاوض. وهذا يعني أن الدكتور غازي ترأّس وفد السودان لمفاوضات السلام لمدة عامٍ ونصف (مايو 2002 حتى نوفمبر 2003) تم خلالها اتخاذ أهم وأخطر قرارٍ في تاريخ السودان.
    7
    لقد خرج اتفاق نيفاشا (الذي بُني على بروتوكول مشاكوس) من رحم مبادئ الايقاد كما أشار الدكتور غازي. ولكن مبادئ الايقاد نفسها خرجت من رحم إعلان فرانكفورت والذي عرضته الحكومة نفسها على الدكتور لام أكول، ووقّعت عليه دون وساطةٍ أو إكراهٍ أو تهديد.
    لقد اقترح الدكتور غازي "إشراك كل القوى والشخصيات السياسية السودانية والخبراء والمختصين في صياغة قراءة موحدة للأزمة ومن ثم سياسة وطنية موحدة تجاهها." وأضاف "وسيكون من المفيد أن تشارك في هذه الحملة كل القوى السياسية والمؤسسات القومية والشخصيات السودانية ذات العلاقات الإقليمية والدولية" حتى يمكننا تفادي استنساخ الايقاد ثم نيفاشا في جنوب كردفان والنيل الأزرق ودارفور. إنني آمل أن يتبنى الدكتور غازي بنفسه هذا الاقتراح ويخرجه إلى حيّز التنفيذ، فنطاق عمله ليس محصوراً في دوائر الاستشارة الضيقة كما ذكر في مقاله. إنه شخصٌ نافذٌ وقياديٌ بارزٌ ومسؤول في الحزب الحاكم كما ذكر هو بنفسه للسيدة هيلدي جونسون.

    http://www.sudaneseonline.com/2008-05-19-17-39-36/9...-05-27-19-54-27.html
    *
                  

07-18-2012, 11:18 AM

عبدالله الشقليني
<aعبدالله الشقليني
تاريخ التسجيل: 03-01-2005
مجموع المشاركات: 12736

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ضد المدعــو " نيفاشــا " وضــد تقسيم الســودان . (Re: عبدالله الشقليني)

    (113)
    Quote: تأملات امريكي سوداني (2): "نيويورك تايمز" وتقسيم السودان .. واشنطن: محمد علي صالح


    في الحلقة الاولى من هذه التأملات، كتبت الأتي:
    "بعد ثلاث سنوات، احس ان وقوفي امام البيت الابيض صار مثل "عيادة نفسية". احس براحة نفسية، ويخف حزني، ويخف غضبي. لكن، كان يوم السبت الماضي يوم الحزن والغضب الاكبرين: حزن لان وطني الاول، السودان، تقسم. وغضب لان وطني الثاني، امريكا، لعب دورا كبيرا في تقسيمه."
    وكتبت:
    "خلال السنوات التي اعقبت اتفاقية السلام، بدا الرئيس السابق بوش، وقادة كنائس، ويهود، وسود في الكونقرس يميلون نحو تقسيم السودان. وكان من اسباب ذلك هجوم 11 سبتمبر، واعلان ما تسمى "الحرب ضد الارهاب"، وظهور "اسلاموفوبيا" (الخوف من الاسلام والمسلمين) التي يبدو، اسفا، انها ستبقى في امريكا لفترة طويلة."
    وكتبت:
    "اولا: طلب فرانكلين قراهام، من اهم المسيحيين في امريكا، من الرئيس بوش "يجب ان تتذكر السودان دائما". والد فرانكلين، بيلي قراهام، هو الذي الهم بوش بان "يعود الى المسيحية" بعد سنوات الطيش والسكر والعربدة. ثانيا: ارسل عشرون من قادة الكنائس خطابا الى بوش باهمية "وقف مذبحة واسترقاق المسيحيين في جنوب السودان." ثالثا: ارسل قسيس بوش الخاص، قسيس كنيسة ميدلاند (ولاية تكساس) خطابا الى الرئيس البشير حذره فيه من "ان تتحدانا، وتتحدى الحكومة الامريكية." رابعا: كتب السناتور جون دانفورث، مبعوث الرئيس بوش الى السودان، بان الجنوب يجب ان ينفصل عن الشمال لحماية المسيحيين، وهو نفسه قسيس.”
    ---------------------------------
    ومؤخرا، كتبت صحيفة "نيويورك تايمز":
    "في مكتب القنصل الامريكي في جوبا (الان مكتب السفير الامريكي)، توجد صورة فيها القنصل والممثل السينمائي الامريكي جورج كلوني. كلوني ظل، منذ ايام الرئيس السابق بوش، يقود حملة ضد حكومة السودان. قال القنصل: عندما تتعاون مع شخص مثل جورج كلوني، لا تحتاج لان تتعاون مع غيره. جورج كلوني عنده قوة كبيرة... هل كان يمكن فصل الجنوب بدون المشاهير ونجوم السينما؟ اعتقد انهم لعبوا دورا كبيرا... عندما يرسل الملايين خطابات انترنت الى الرئيس الاميركي، لابد ان يؤثر هذا."
    وكتبت الصحيفة:
    "تعاونت شخصيات امريكية مشهورة مع جمعيات مسيحية امريكية وسياسيين امريكيين لمساعدة حركة ضعيفة على تحقيق ما فشلت حركات انفصالية في دول اخرى تحقيقه، وهو الانفصال... ظل السودان هاجساً للغرب لأكثر من مائة سنة. أنها مسألة تدعو للتساؤل. لماذا كل هذا الاهتمام بجنوب السودان؟ لماذا من دون مناطق الحرب الاخرى في العالم؟ لماذا من دون ما تشهد أفريقيا من حمامات دم في ليبيريا والصومال وغيرهما؟"
    وكتبت الصحيفة:
    "السودان، الذي اصبح سودانيين، دولة واسعة ومعقدة، وفيه كمية مذهلة من التنوع. لكن، فيه خط تقسيم واضح بين الجنوب، واغلبيته مسيحيين ووثنيين، والشمال واغلبيته مسملين، ويسيطر عليه العرب. ودعم الاستعمار البريطاني خط التقسيم هذا. وفي القرن التاسع عشر، بدأت بعثات تبشيرية غربية تدعم قضية الجنوب ... وفي سنة 2001، وجدت منظمات مسيحية امريكية صديقا في البيت الأبيض. وذلك عندما ضغط الرئيس بوش الابن على المتمردين الجنوبيين والحكومة المركزية في السودان للتوقيع على اتفاق سلام شامل، والتي وقعت في 2005. وضمنت للجنوبيين حق الانفصال... هذا النجاح السياسي كان واحدا من اهم انجازات الرئيس بوش الابن."
    وكتبت الصحيفة:
    "لكن، لسنوات، انشغل بوش بمشكلة دارفور التي بدأت سنة 2003، عندما هاجم متمردون قوات الحكومة... لكن، لأن كل شخص في دارفور مسلم، لم تنجح محاولة النظر الى المشكلة من زاوية الحروب الصليبية."
    واختتمت الصحيفة بقولها:
    "في الوفد الامريكي لاحتفالات استقلال جنوب السودان، كان هناك عضوان غير رسميان: كولن باول، وزير الخارجية ايام بوش (اشرف على التوقيع على اتفاقية السلام سنة 2005)، وكين هاكيت، مدير خدمات الإغاثة الكاثوليكية الامريكية."
    ------------------------------------
    وكتبت صحيفة "بوسطن قلوب" الامريكية:
    "يوم احتفال استقلال جنوب السودان، جاءت صفوف سيارات مرسيدس جديدة، تحمل القادة الأفارقة: روبرت موغابي، رئيس زمبابوي. جاكوب زوما، رئيس جنوب أفريقيا. ميليس زيناوي رئيس وزراء إثيوبيا. تيودورو اوبيانج رئيس غينيا الاستوائية. مواي كيباكي، رئيس كينيا. يوري موسيفيني، رئيس يوغندا، وغيرهم... لكن، عندما جاء الرئيس السوداني عمر البشير، ولسبب غير مفهوم، صفق له الجنوبيون كثيرا، وهو الذي اعلن لسنوات حربا شرسة، ولمنع انفصال الجنوب."
    وكتبت الصحيفة:
    "ظلت الجماعات المسيحية تناصر السودانيين الجنوبيين منذ القرن التاسع عشر. وفي سنة 2000، أثمرت جهودهم عندما انتخب جورج بوش رئيسا للولايات المتحدة. ورفع السودان إلى اعلى جدول أهتماماته الخارجية. وفي سنة 2005، ضغطت الحكومة الأمريكية على المتمردين الجنوبيين والحكومة المركزية للتوقيع على اتفاق سلام، هي التي ضمنت للجنوبيين الحق في الانفصال..."
    -----------------------------
    وكتبت دورية "فورين بوليسي اسوشييشون" (جمعية السياسة الخارجية الامريكية) في واشنطن:
    "اثارت صحيفة نيويورك تايمز نقطة هامة عن سر اهتمام امريكا بالسودان. لقد وجد هذا البلد الكبير اهتماما امريكيا اكثر من الدول الاخرى التي مزقتها الحروب. مثل الكونغو، حيث قتلت الحروب الاهلية خمسة مليون شخص تقريبا. في الحقيقة، كان الصراع في السودان بين الشمال العربي المسلم والجنوب المسيحي سبب اهتمام جمعيات مسيحية في الولايات المتحدة. وخلال عشرات السنين، ظلت هذه الجمعيات تريد الاستقلال لجنوب السودان. وفي سنة 2000، وضع الرئيس جورج بوش السودان في قمة اهتماماته الخارجية. وساعد، وهو الرئيس المسيحي المشهور، على التوقيع على اتفاقية سنة 2005 التي وعدت بتقسيم السودان."
    ----------------------------------
    (يتبع)
    [email protected]
                  

07-18-2012, 11:20 AM

عبدالله الشقليني
<aعبدالله الشقليني
تاريخ التسجيل: 03-01-2005
مجموع المشاركات: 12736

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ضد المدعــو " نيفاشــا " وضــد تقسيم الســودان . (Re: عبدالله الشقليني)



    (114)

    Quote: دور امريكا في تقسيم السودان (3): فطور مع قادة الحركة الشعبية .. واشنطن: محمد علي صالح


    هذه هي الحلقة الثالثة من سلسلة غير منتظمة عن دور امريكا في تقسيم السودان.
    وهذه ثلاث نقاط من الحلقة الاولى (التي نشرت في صحيفة "نيويورك تايمز" وصحيفة "انترناشونال هيرالد تربيون"):
    اولا: "بعد ثلاث سنوات، احس ان وقوفي امام البيت الابيض صار مثل "عيادة نفسية". احس براحة نفسية، ويخف حزني، ويخف غضبي. لكن، كان يوم السبت الماضي (يوم تقسيم السودان) يوم الحزن والغضب الاكبرين: حزن لان وطني الاول، السودان، تقسم. وغضب لان وطني الثاني، امريكا، لعب دورا كبيرا في تقسيمه."
    ثانيا: "خلال السنوات التي اعقبت اتفاقية السلام، بدا الرئيس السابق بوش، وقادة كنائس، ويهود، وسود في الكونقرس يميلون نحو تقسيم السودان. وكان من اسباب ذلك هجوم 11 سبتمبر، واعلان ما تسمى "الحرب ضد الارهاب"، وظهور "اسلاموفوبيا" (الخوف من الاسلام والمسلمين) التي يبدو، اسفا، انها ستبقى في امريكا لفترة طويلة."
    ثالثا: "طلب فرانكلين قراهام، من اهم المسيحيين في امريكا، من الرئيس بوش "يجب ان تتذكر السودان دائما". والد فرانكلين، بيلي قراهام، هو الذي الهم بوش بان "يعود الى المسيحية" بعد سنوات الطيش والسكر والعربدة. وهو الذي ارسل، مع عشرين من قادة الكنائس، خطابا الى بوش باهمية "وقف مذبحة واسترقاق المسيحيين في جنوب السودان." وارسل قسيس بوش الخاص، قسيس كنيسة ميدلاند (ولاية تكساس) خطابا الى الرئيس البشير حذره فيه من "ان تتحدانا، وتتحدى الحكومة الامريكية." وكتب السناتور جون دانفورث، مبعوث الرئيس بوش الى السودان، بان الجنوب "يجب ان ينفصل عن الشمال لحماية المسيحيين". وهو نفسه قسيس كبير.

    الحلقة الثانية:

    في الحلقة الثانية، مقتطفات من انطباعات صحافيين اميركيين حضروا احتفالات استقلال الجنوب في جوبا. ومنهم مراسل صحيفة "نيويورك تايمز"، ومما كتب الأتي:
    اولا: "في مكتب القنصل الامريكي في جوبا (الان مكتب السفير الامريكي)، توجد صورة فيها القنصل والممثل السينمائي الامريكي جورج كلوني. كلوني ظل، منذ ايام الرئيس السابق بوش، يقود حملة ضد حكومة السودان. قال القنصل: عندما تتعاون مع شخص مثل جورج كلوني، لا تحتاج لان تتعاون مع غيره. جورج كلوني عنده قوة كبيرة... هل كان يمكن فصل الجنوب بدون المشاهير ونجوم السينما؟ اعتقد انهم لعبوا دورا كبيرا... عندما يرسل الملايين خطابات انترنت الى الرئيس الاميركي، لابد ان يؤثر هذا."
    ثانيا: "تعاونت شخصيات امريكية مشهورة مع جمعيات مسيحية امريكية وسياسيين امريكيين لمساعدة حركة ضعيفة على تحقيق ما فشلت حركات انفصالية في دول اخرى تحقيقه، وهو الانفصال... ظل السودان هاجساً للغرب لأكثر من مائة سنة. أنها مسألة تدعو للتساؤل. لماذا كل هذا الاهتمام بجنوب السودان؟ لماذا من دون مناطق الحرب الاخرى في العالم؟ لماذا من دون ما تشهد أفريقيا من حمامات دم في ليبيريا والصومال وغيرهما؟"

    الحلقة الثالثة:

    في هذه الحلقة الثالثة، وثيقة من وثائق موقع "ويكيليكس" في الانترنت. ارسلتها السفارة الامريكية في الخرطوم بتاريخ 29-1-2006 (بعد اكثر من سنة من توقيع اتفاقية السلام، وبعد اغتيال الزعيم الجنوبي جون قرنق). في ذلك الوقت، كانت جنداي فريزر، السوداء، مساعدة لوزيرة الخارجية كونداليزا رايس، السوداء، للشئون الافريقية. وكانت المرأتان تنفذان سياسة الرئيس بوش واللوبيات المسيحية المتطرفة، واليهودية المتطرفة، والبلاك كوكس (اعضاء الكونغرس السود).
    عنوان الوثيقة هو "فطور مع قادة الحركة الشعبية".
    هذه مقتطفات من الوثيقة:
    "يوم 26 يناير، اجتمعت مساعدة الوزيرة جنداي فريزر، وروجز وينتر (مبعوث خاص من الخارجية الاميركية للسودان) والقائم بالاعمال، مع ثلاثة من قادة الحركة الشعبية لتحرير السودان: ياسر عرمان، رئيس نواب الحركة الشعبية في المجلس الوطني. مالك عقار، وزير الاستثمار في الحكومة الوطنية، ودينق الور، وزير شئون الوزارة في الحكومة الوطنية (في وقت لاحق، وزير خارجية).
    قالوا ان الحركة الشعبية تتدهور بسبب سلفاكير، نائب الرئيس في الحكومة الوطنية، ورئيس حكومة الجنوب. وقالوا ان سلفاكيرهو الوحيد الذي يقدر على قيادة الحركة، لكنه لا يمثل التيار الرئيسي. وحذروا من ان الحركة يمكن ان تنهار إذا لم يتحرك سلفاكير. وايضا، قالوا ان حزب المؤتمر الوطني الحاكم يحاول تقسيم وخصي ممثلي الحركة في الحكومة الوطنية.
    وقال الور أن سلفاكير ورث السلطة المطلقة، ولكنه غير قادر على ادارتها. وان عدد من قادة الحركة الذين كانوا مقربين من قرنق ناقشوا هذا التدهور في وضع الحركة مع سلفاكير، وكان ذلك يوم 9 يناير في جوبا، وكانوا هم: عرمان، وعقار، ودينق.
    وقال الور ان الاجتماع كان ايجابيا. وان الموالين لقرنق طمأنوا سلفاكير بانهم لا يريدون اقالته. في نفس الوقت، وافق سلفاكير على إنشاء هيئة مؤقتة لادارة الحركة .
    وحسب كلام الور، كان سلفاكير يتلقى نصائح رديئة من بونا ملوال (مستشار الرئيس البشير لسنوات قليلة)، ولام اكول (وزير الخارجية في الحكومة الوطنية لسنوات قليلة)، مما تسبب في فوضى في الحركة. وهدد بتقسيمها.
    وطلب الثلاثة (عرمان، وعقار، والور) مساعدة الولايات المتحدة في هذا الموضوع، والالحاح على سلفاكير باهمية وحدة الحركة الشعبية. وكانوا طلبوا نفس الشئ من قادة افارقة.
    وردت مساعدة الوزيرة فرايزر بأن مصلحة الولايات المتحدة هي تحويل طريقة حكم السودان ("قفرننانس"، طريقة الحكم، لا "قفرنمنت" الحكومة). وان على ممثلي الحركة في الحكومة الوطنية ادارة وزاراتهم بما يحدث هذا التغيير.
    وتحدث عرمان عن مشاكل بين جون قرنق وسلفاكير سنة 2004. وقال ان بونا ملوال، ولام اكول وقفا الى جانب قرنق. وان سلفاكير ورث عن قرنق حركة شعبية يسيطر عليها انصار قرنق. لكنه تحرك لوضع رجاله مكان رجال قرنق. وبدأ بوزارة الخارجية (حل الور محل اكول).
    وقال عرمان ان هذا، لسوء الحظ، جاء لصالح حزب المؤتمر الوطني وقادة القوات المسلحة والامن في الشمال. وسارع حزب المؤتمر لاستغلال التغييرات في قيادة الحركة الشعبية. وارسل صلاح غوش، مدير الاستخبارات ، تقريرا سريا الى سلفاكير عن مؤامرة داخل الحركة الشعبية للتخلص منه، وان الاميركيين لا يريدونه.
    وقال الور أن حزب المؤتمر الوطني أيضا غير سعيد لان القادة الافارقة بدأوا يتفاوضون مع قادة الحركة. وان صلاح غوش دخل أحد الاجتماعات للاتحاد الافريقي كان يتحدث فيه سلفاكير ليسمع ماذا يقول. وان الحركة الشعبية كانت وراء رفض الاتحاد الافريقي اختيار الرئيس البشير رئيسا له لدورة جديدة.
    وقال الثلاثة (عرمان، وعقار، والور) انهم سعداء لان البشير فشل في ان يكون رئيسا للاتحاد الافريقي.
    وقال الور ان حزب المؤتمر الوطني يريد فصل الجنوب حتى ينفرد بحكم الشمال.
    وقال عرمان ان على فريزر اقناع سلفاكير بان يسير على خطى جون قرنق بتاسيس سوادان واحد، رغم ان مواقف سلفاكير عن الانفصال معروفة. وان يوغندا، وجنوب افريقيا، واثيوبيا يمكن ان تساعد في هذا الموضوع.
    وردت فريزر بان كثيرين في الولايات المتحدة يعتقدون ان كثيرا من الجنوبيين لا يؤيدون الوحدة. وحقيقة ان غياب قرنق احدث فراغا في قيادة الحركة، لكن على الحركة ان تواصل العمل الدؤوب، وان كل واحد من القادة يقدر على ملء مقعد قرنق.
    وقالت فريزر ان الصداقة بين الولايات المتحدة وقادة الحركة الشعبية هامة، لكن مصالح الولايات المتحدة تعلو على كل شئ. وهي تمثل مصالح الولايات المتحدة.
    وقالت ان لابد من تغيير نظام الحكم في السودان، ولابد من اضعاف حزب المؤتمر الوطني. لكن، اي ضعف في الحركة الشعبية يعرقل تنفيذ هذه الاهداف. وان وزراء الحركة في الحكومة الوطنية يجب الا يكون هدفهم هو المناصب فقط. ويجب ان يزيدوا قوتهم داخل الحكومة الوطنية (لتحقيق الاهداف السابقة)."

    تعليقات:

    اولا: في هذه الوثيقة، ليست جديدة الاختلافات والمشاكل وسط الجنوبيين. وليست جديدة توسلات الجنوبيين (والشماليين: عرمان، وعقار، والحلو، ومنصور خالد) للامريكيين بالتدخل لحل مشاكلهم الداخلية، او مشاكلهم مع حكومة السودان. لسنوات كثيرة، كانوا يأتون الى واشنطن ليحل لهم الاميركيون مشاكلهم.
    ثانيا: الجديد في هذه الوثيقة هو قول فريزر ان هدف امريكا هو تغيير نظام الحكم، وليس الحكومة ("قفرننس" وليس "قفرنمنت"). وكانت فريزر تنقل هدف لوبيات المسيحيين المتطرفين، واليهود المتطرفين، واعضاء الكونغرس السود.
    هدف هؤلاء كان، ولا يزال، القضاء على ما يسمونها "سيطرة القبائل العربية على حكم السودان". وابعاد السودان عن الدول العربية والاسلامية. ووقف زحف الثقافة الاسلامية والعربية في جنوب السودان، كجزء من الهدف الاكبر وهو وقف زحف الاسلام الى افريقيا جنوب الصحراء.
    ثالثا: شئ آخر جديد في هذه الوثيقة، وهو قول فريزر ان المصالح الاميركية اهم من صداقة اميركا للجنوبيين. وحسب الوثيقة، لم يعلق اي واحد من الحاضرين على ذلك، ناهيك عن رفضه.
    رابعا: الاحداث منذ تاسيس "دولة الجنوب المسيحية": زيارة سلفاكير لاسرائيل. وتعيين مدير استخبارات اسرائيلي سابق سفيرا لاسرائيل في الجنوب. وارسال قوات مارينز اميركية الى الجنوب. وارسال اسلحة امريكية الى الجنوب. وتهديد جنوبيون بغزو الخرطوم.
    خامسا: بعون من الله، كما اعلنت قبل اربع سنوات، انوى ان اقف امام البيت الابيض، حتى يتوافني الله، صامتا، وحيدا، وارفع لافتة عملاقة تسأل الاميركيين، في جانب: "ما هو الاسلام؟" وفي الجانب الآخر: "ما هو الارهاب؟" وايضا بعون من الله، انوى ان ابحث، حتى يتوفاني الله، عن وثائق تثبت دور امريكا في تقسيم السودان.
    [email protected]


                  

07-18-2012, 11:23 AM

عبدالله الشقليني
<aعبدالله الشقليني
تاريخ التسجيل: 03-01-2005
مجموع المشاركات: 12736

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ضد المدعــو " نيفاشــا " وضــد تقسيم الســودان . (Re: عبدالله الشقليني)

    (115)

    Quote: دور امريكا في تقسيم السودان (5): لوبي الدولة الفاشلة .. واشنطن: محمد علي صالح
    هذه هي الحلقة الخامسة من حلقات غير منتظمة عن دور الولايات المتحدة في تقسيم السودان.
    كانت الحلقة الاولى مباشرة بعد انفصال الجنوب: راي كتبته انا، ونشرته صحيفتا "نيويورك تايمز" و "انترناشونال هيرالد تربيون" تحت عنوان: "دور وطني الثاني في تقسيم وطني الاول".
    وكانت الحلقة الثانية تقرير جفري قيتلمان، مراسل صحيفة "نيويورك تايمز"، بعد ان حضر حفل استقلال الجنوب في جوبا. ومما كتب: "تعاونت شخصيات امريكية مشهورة مع جمعيات مسيحية امريكية، وسياسيين امريكيين، لمساعدة حركة ضعيفة على تحقيق ما فشلت حركات انفصالية في دول اخرى تحقيقه، وهو الانفصال ... ظل السودان هاجساً للغرب لأكثر من مائة سنة. أنها مسألة تدعو للتساؤل. لماذا كل هذا الاهتمام بجنوب السودان؟ لماذا من دون مناطق الحرب الاخرى في العالم؟ لماذا من دون ما تشهد أفريقيا من حمامات دم في ليبيريا والصومال وغيرهما؟"
    وكانت الحلقة الثالثة وثيقة من وثائق موقع "ويكيليكس" في الانترنت. ارسلتها السفارة الاميركية في الخرطوم سنة 2006 الى واشنطن عن اجتماع في الخرطوم لقادة الحركة الشعبية مع جنداي فريزر، السوداء، مساعدة الشئون الافريقية لوزيرة الخارجية الاميركية كونداليزا رايس، السوداء ايضا. ومما جاء في الوثيقة، قالت فريزر لياسر عرمان، ومالك عقار، ودينق الور، عندما تحدثوا عن ان جون قرنق كان يريد الوحدة، ان الاميركيين لا يريدون الوحدة. وقالت ان هدف الولايات المتحدة هو تغيير الحكم في السودان، وليس فقط تغيير الحكومة ("قفرننس" وليس "قفرنمنت"). وقالت ان المصالح الاميركية اهم من صداقة اميركا للجنوبيين. وحسب الوثيقة، لم يعلق اي واحد من الثلاثة على هذا، ناهيك عن رفضه.
    وكانت الحلقة الرابعة تقريرا ارسله من الجنوب الان بوسيل، صحافي امريكي يعيش في نيروبي، ويزور الجنوب من وقت لآخر. ويعمل مع مجموعة صحف شركة "ماكلاتشي" الاميركية، ويكتب في صحف امريكية اخرى. عنوان التقرير: "جيش جنوب السودان الذي تسانده الولايات المتحدة هو جزء من المشكلة هناك."
    وهذه الحلقة الخامسة ايضا تقرير كتبه بوسيل، بمناسبة مرور سنة على استقلال جنوب السودان. وعنوانه: "لوبي الدولة الفاشلة في واشنطن".
    هذه مقتطفات من التقرير:

    تحالف الحزبين الامريكيين:

    "... في جوبا، في جنوب السودان، يتفق الحزبان الامريكيان الجمهوري والديمقراطي ربما مثلما لا يتفقان حول اي مكان أخر.
    قبل سنة، في احتفالات استقلال جنوب السودان، حضرت سوزان رايس، السفيرة الامريكية في الامم المتحدة، بالنيابة عن الرئيس باراك أوباما (الديمقراطي). وجلست الى جوار كولن باول، وزير خارجية الرئيس السابق بوش الابن (الجمهوري). وكان هناك القس فرانكلين غراهام (من قادة المسيحيين المتطرفين). ورغم انه يظل ينتقد الحزب الديمقراطي، في ذلك اليوم، هنأ حكومة الحزب الديمقراطي لانها "حققت نجاحا كبيرا في السياسة الخارجية: ميلاد دولة جنوب السودان المستقلة ... "
    في ذلك اليوم، ولدت معجزة جنوب السودان بفضل السياسة الامريكية، في جو من التفاؤل الكبير. ولدت تتويجا لإكثر حملة اميركية خارجية فعالة خلال العشرين سنة الماضية.
    بدات هذه الحملة الاميركية عندما اغدق اثنان من اعضاء الكونقرس تأييدا بلا حدود للحركة الشعبية بقيادة جون قرنق: النائب الجمهوري فرانك وولف، والنائب الديمقراطي دونالد بين.
    وفي جوبا، يوم استقلال جنوب السودان، قابلت النائب بين. وقال لي أنه زار جنوب السودان اول مرة في عام 1989. وخلال زيارة اخرى سنة 1993، قابل سالفا كير اول مرة، وكان قائدا للمتمردين داخل الاحراش.
    وقال لي النائب بين (توفي قبل ثلاثة شهور): "بدات اجند المؤيدين لجنوب السودان داخل الكونقرس مع نواب من مختلف الاتجاهات السياسية. منهم الذين لم اعرفهم كثيرا، ومنهم الذين لم اتفق معهم في الرأي. خرجت من نطاق "بلاك كوكس" (مجموعة النواب السود). وجمعت مؤيدين من الحزبين الديمقراطي والجمهوري. وخلال ثلاثة رؤساء (كلنتون، وبوش، واوباما). هذا الجهد هو الذي حقق هذا الاستقلال... "

    خيبة الامل:

    "... اليوم، مع عيد الاستقلال الاول، الاحظ شيئين:
    اولا: بدون الدعم الامريكي العملاق، ما كان جنوب السودان سيصبح مستقلا.
    ثانيا: يبدو ان الحب الامريكي لجنوب السودان سينتهي بخيبة امل.
    اليوم، اكتب من جوبا، والاحظ اختفاء الابتهاج الذي رافق استقلال جنوب السودان. والاحظ ان سجل السنة الاولى كان كارثة، بكل المقاييس، حتى لو استعملنا ادني المقاييس.
    صحيح، لم يحدث شيئان:
    اولا: لم يتحارب الجنوب والشمال حربا شاملة.
    ثانيا: لم ينقسم الجنوب ويتشتت.
    لكن، حتى الأن ....
    حتى الأن، حدث الأتي:
    اولا: لاول مرة، يواجه جنوب السودان تهديدا بعقوبات صارمة من مجلس الامن بسبب عدوانه العسكري على الشمال (عدوان هجليج).
    ثانيا: سقط الاف الضحايا من الجنوبين بسبب الحروبات الداخلية.
    ثالثا: توقف انتاج البترول، المصدر الوحيد لعائدات جنوب السودان.
    رابعا: في كل البلاد طريق اسفلت بري واحد، وثلاثة ارباع المواطنين اميون، والفقر المدقع في كل مكان.
    لهذا، اقول ان جنوب السوداني يحتاج الى قيادة حكيمة ... "

    سرقة اربعة مليارات دولار:

    "... صحيح، لا تتحمل الحركة الشعبية كل مسئولية هذا السجل المؤسف، لانها ورثت (من الشمال) مشاكل كثيرة. لكن، لم تستفد الحركة الشعبية من الامكانيات الداخلية والخارجية التي وجدتها عندما تسلمت الحكم.
    في الحقيقة، من الناحية المالية، لم يستقل جنوب السودان في السنة الماضية. استقل منذ اتفاقية السلام سنة 2005، وصار يدير شئونه المالية والاقتصادية. وخلال هذه السنوات، نهبت الحركة الشعبية خزينة الجنوب، واثرى قادتها، ولم يتركوا دولارا واحدا لمشاريع التنمية.
    قبل شهرين، اعترفت حكومة جنوب السودان بان المسئولين الجنوبيين "سرقوا" اربعة مليارات دولار. يساوى هذا عائد سنتين كاملتين لخزينة البلاد. اسوأ من ذلك: هذه السرقة حدثت تحت سمع ونظر المنظمات الدولية.
    بالنسبة للحكومة الامريكية، طبعا تدين الفساد، لكنها لا تفعل اكثر من الادانة.
    ولا ننسى ان الحكومة الامريكية سلحت قوات جنوب السودان بما جملته ثلاثمائة مليون دولار منذ اتفاقية السلام سنة 2005. لكنها لا تملك خطة تجعل القادة الجنوبيين يغيرون سلوكهم ... "

    مشكلة اوباما وسلفاكير:

    "... وهناك المشكلة بين الرئيس اوباما ورئيس جنوب السودان سلفاكير. ليس سرا ان علاقتهما متوترة. وقال مسئولون: "ربما ليس في الامكان اصلاحها." وهناك اكثر من مثال:
    اولا: في سبتمبر الماضي، تاخر سلفاكير نصف ساعة لاجتماع مع الرئيس اوباما على هامش اجتماعات الامم المتحدة في نيويورك.
    ثانيا: في بداية هذه السنة، انكر سلفاكير في اتصال تلفوني مع اوباما ان جنوب السودان يساعد الحركات المسلحة في الشمال، رغم ان الاستخبارات الامريكية قالت عكس ذلك.
    ثالثا: قبل ثلاثة شهور، تعهد سلفاكير للرئيس اوباما بان قواته لن تحتل هجليج. وبعد ايام قليلة، غزت القوات الجنوبية هجليج مع نفس الحركات المسلحة التي كان سلفاكير نفى انه يساعدها.
    رغم هذا، لا تتوقعوا ان اوباما سيتشدد نحو سلفاكير. لماذا؟ لان اوباما لن يكسب شيئا اذا اغضبه.
    تظل علاقتنا مع السودان لا تعتمد على مصالح امنية، ولكن على مثالية اخلاقية. تحمسنا بالا تكرر مذبحة رواندا في السودان. وضغطنا على حكومة الخرطوم حتى لا يحدث ذلك. وتحالفت منظمات حقوق الانسان الامريكية مع الكنائس المسيحية الامريكية. وقالوا ان قادة حكومة الخرطوم هم الشياطين انفسهم. لكن، اخطأت هذه المنظمات خطأ كبيرا عندما اعتقدت بان قادة الحركة الشعبية هم الملائكة.
    لكن، رغم كل هذا، تظل الحركة الشعبية هي طفل امريكا المدلل. يؤيدها البيت الابيض، والكونقرس، ومراكز الرأي، والاعلام. ولم تتتمتع حركة افريقية بمثل هذا التأييد ... "

    برندرقاست وكلوني:

    " ... من اهم اصدقاء الحركة الشعبية في واشنطن: جون برندرقاست، وجيل سميث، اللذان عملا في ادارة الرئيس السابق كلنتون، ثم اسسا مركز "ايناف" (كفاية) التابع لمعهد "اميركان بروقريس" (التقدم الامريكي) في واشنطن. وبسبب شعار "مقاومة الابادة"، صار المركز مصدر عطف وثقة في الاعلام الامريكي. وصار الاعلام يستشهد بما يقولون وكانه حقائق مسلم بها.
    لكن، هذه "النشاطات الاخلاقية" تخفى اجندة سياسية واضحة. رغم اعترافهم بالفساد في جنوب السودان، تظل حكومة الخرطوم هدف الادانات والعقوبات. وحتى مع غزو هجليج ومساعدة الحركات المسلحة في الشمال، طالبوا بان تمد الحكومة الامريكية جيش الجنوب بصواريخ مضادة للطائرات.
    (في قمة حرب دارفور، كانت سوزان رايس اقترحت ان تقصف القوات الاميركية الخرطوم، وان تعلن منطقة خالية من الطيران، كما حدث في العراق، تمهيدا لغزو الخرطوم، واسقاط حكومتها).
    ولا يذكر برندرقاست، الا ويذكر الممثل جورج كلوني الذي جعل من الرئيس السوداني عمر البشير عدوا شخصيا. خلال السنتين الماضيتين، زار كلوني جوبا ثلاث مرات. بل صرف من ماله الخاص لمشروع التقاط صور من اقمار فضائية تتجسس علنا على السودان.
    لكن، صارت لهذا الصور اجندة خاصة. انظر الى الصور، واقرأ التقارير التي تنشر معها، وتلاحظ انها تركز على حشود القوات السودانية قرب الحدود، ولا تشير بنفس المستوى الى ما تفعل الحركة الشعبية.، حتى اذا خرقت القوانين الدولية، وعبرت الحدود (هجليج).
    ولان كلوني نجم سينمائي مشهور، يقدر على ان يفعل اي شئ، وينشره الاعلام، ويصوره. وايضا، لانه صديق للرئيس اوباما. وايضا، لان اوباما يحتاج الى تبرعات نجوم ونجمات السينما والتلفزيون في هوليوود ... "

    ونتر وكاقني:

    " ... يشمل لوبي الحركة الشعبية في واشنطن آخرين:
    اولا: روجر ونتر: عمل في وكالة التنمية الدولية الامريكية (يو اس ايد). وكان مبعوث وزارة الخارجية الى السودان. وبعد ان تقاعد، ذهب الى جوبا، مستشارا للحركة الشعبية.
    ثانيا: تيد كاقني (امريكي اثيوبي): كان يعمل خبيرا في الشئون الافريقية في الكونقرس. واليوم، يعمل مستشارا للرئيس سلفاكير في جوبا. وتراه احيانا يكتب البيانات الصحافية بالنيابة عن سلفاكير.
    وهناك أخرون يدافعون عن الحركة الشعبية. وكما قال الكس دي وال (بريطاني متخصص في السودان، وهو الأن مستشار للاتحاد الافريقي): "تأييد الولايات المتحدة القوي للحركة الشعبية يجعل الحركة الشعبية غير مسئولة. تعتقد ان القوانين الدولية لا تنطبق عليها." حتى بعد غزو هجليج، والادانات الدولية، استغربت الحركة الشعبية، وكانها لم تفعل شيئا.
    ماذا يريد لوبي الحكومة الفاشلة في واشنطن؟
    قال لي بندرقاست: "لم يفعل اوباما ما فيه الكفاية لعزل حكومة الخرطوم كما يريد اعضاء في الكونقرس، وكما تريد منظمات حقوق الانسان. ولا يبدو اوباما انه صديق قوي لحكومة الجنوب. اذا الحكومة الامريكية جادة، يجب ان تساعد المتمردين في السودان ... "

    ماذا عن المستقبل؟

    " ... مع مظاهرات الطلاب في الخرطوم ضد حكومة البشير، توقعوا ان يرفع لوبي الحركة الشعبية في واشنطن شعار تغيير النظام، وشعار تسليح الحركات المتمردة في السودان.
    ولا يهم اذا فاز الرئيس اوباما في الانتخابات في نوفمبر، او لم يفز، تتمتع الحركة الشعبية بتاييد الحزبين الجمهوري والديمقراطي.
    لكن، اذا فاز ميت رومني الجمهوري، ستزيد المشاكل. اقرأوا برنامج رومني عن السودان. كان الحركة الشعبية هي التي كتبته، وفيه ألأتي: "رغم ان اوباما بادر وساعد جنوب السودان لتحقيق الاستقلال، فشل اوباما في تقوية التحالف مع جنوب السودان."
    اذا فاز رومني، سيعلوا نجما مستشاريه الحاليين: ريتش وليامسون (كان مبعوث الرئيس السابق بوش الابن للسودان). وديفيد راد (كان مسئول السودان في الخارجية الامريكية. ثم مستشار الحركة الشعبية). وباعتراف موقع رومني، يتعاون راد مع شركات امريكية تعمل في جنوب السودان في مجالات التعدين، والاخشاب، والامن.
    في المستقبل، ربما لن يقل التاييد الامريكي لجنوب السودان، ان لم يزد. لكن، هناك غير امريكيين فقدوا الامل في جنوب السودان. منهم، جيرار برونييه، الخبير الفرنسي الذي استقال كمستشار لحكومة جنوب السودان. وقال لي: "لا اريد ان اكون مذنبا بصلتي بهؤلاء. هؤلاء بلهاء. انهم فاسدون حتى النخاع."
    واخيرا، إذا تأمل الحكومة الامريكية في انقاذ سفينة جنوب السودان التي تغرق، يجب ان تتخلي عن اخلاقيات اقناع نفسها، ويجب ان توقف الضرر الذي يسببه جنوب السودان، قبل فوات الاوان... "
    ------------------------------------
    [email protected]
                  

11-28-2012, 09:14 PM

عبدالله الشقليني
<aعبدالله الشقليني
تاريخ التسجيل: 03-01-2005
مجموع المشاركات: 12736

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ضد المدعــو " نيفاشــا " وضــد تقسيم الســودان . (Re: عبدالله الشقليني)

    15sudan.3-650sudan1sudan.jpg Hosting at Sudaneseonline.com


    http://www.nytimes.com/2008/06/15/magazine/15...?pagewanted=all&_r=0
    (116)

    The Man for a New Sudan


    By ELIZA GRISWOLD

    Published: June 15, 2008


    When Roger Winter’s single-engine Cessna Caravan touched down near the Sudanese town of Abyei on Easter morning, a crowd of desperate men swamped the plane. Some came running over the rough red airstrip. Others crammed into a microbus that barreled toward the 65-year-old Winter as he climbed down the plane’s silver ladder. Some Sudanese call Winter “uncle”; others call him “commander.” On this day, angry and anxious, the people of Abyei wanted Winter’s help in averting a return to civil war between the predominantly Arab north and the black south — a decades-long conflict, claiming more than two million dead, that Winter helped to end with his work on the Comprehensive Peace Agreement of 2005.




    Related
    Times Topics: Sudan

    Enlarge This Image

    J Carrier for The New York Times

    Winter meets a Darfur rebel, Minni Minawi, in Juba, Sudan.


    Enlarge This Image

    J Carrier for The New York Times

    The town of Abyei before it was virtually destroyed by northern military forces in May.

    Winter blinked in the flat light. It was 9 a.m., and the Caravan’s fuselage cast the only shadow. Abyei is 600 miles north of the equator, and this was the height of the dry season. The sun sucked the color from everything; alongside the airstrip a herd of gaunt cows licked at the last remnants of mud. The cows would head back north when the rains returned. The people who tend them, the Arab tribe called Misseriya, would then be gone for the season, and northern forces, guided by the national government in Khartoum, would feel free to swoop down and force the Ngok Dinka farmers farther south. Burning villages, killing young men, raping and abducting women and children: this creates ethnic facts on the ground to justify pushing the border south and increasing the north’s control of a territory rich in oil. From Easter until May was not much time to forestall the attack, and Winter knew it.

    For the past quarter century — as head of a nongovernmental organization called the U.S. Committee for Refugees, as an official at the federal Agency for International Development and, most recently, as a special representative to the State Department for Sudan, a post created for him — Winter has fought in the back rooms of Washington and in the African bush to bring peace to Sudan. It’s not evenhandedness that makes him effective; it’s his total commitment to the people of south Sudan and a conviction, which has only grown with the years, that the government in Khartoum is, in essence, a brutal cabal. After two decades of fighting for their rights at negotiating tables, he has gained the southerners’ complete trust. “He’s simple and clear,” Edward Lino, the southern government’s chairman in Abyei, told me. “He doesn’t mince words. He’s a great man” who also “has great, great push.”

    His stamina is also legendary. Once, during an all-night meeting on the 2005 agreement, a snake bit Winter as he raced through tall grass to present an amended paragraph for the south’s approval. Intent on striking a deal, he thought he had run into a rock until a colleague pointed out fang marks in his leg the next day. Senator Jack Danforth, the Bush administration’s special envoy to Sudan from 2001 to 2004, calls him “a saint,” an “excellent, excellent human being,” whose “soulfulness” inspires trust in those he serves. According to Danforth, Winter’s intense attachment to the southern side was an asset in the context of a larger diplomatic offensive. “The same person,” Danforth notes, “doesn’t have to talk to everybody.” Winter’s bond with the south is such that, since retiring in August 2006, he has worked pro bono as an adviser to the government of southern Sudan, a government he helped to build following the 2005 agreement.

    The Comprehensive Peace Agreement — which ended the north-south war but did nothing to stop the conflict to the west in Darfur— was among the Bush administration’s few major foreign-policy successes. Now it’s coming undone, and the collapse is beginning in Abyei, a hot little village built up into a town by oil companies. The population grew to 30,000 from 5,000 as its residents returned after two decades of war. Around a buzzing market of tin-roofed lean-tos and U.N. food warehouses, people were building huts and hanging up tarps. But on the main road, the armies of north and south were mobilizing T-72 tanks and amassing more soldiers.

    Abyei is at the southern edge of arid land and the beginning of sub-Saharan jungle — even the soil changes from barren sand to rich laterite loam. From the north comes the influence of the Arab world; the south, partly because of the war, has far stronger ties to the West and Christianity. Here, two worlds collide and two governments compete for territory inch by inch; under that ground lies as much as half of Sudan’s estimated five billion barrels of oil. In many ways, Abyei is a microcosm for the entire country. As Winter put it, “The future of Abyei is the future of all Sudan.”

    Winter wore black Rockports and brown socks. He carried a nylon briefcase in one hand and a blue plastic shopping bag in the other. Inside it were bug spray, a shaving kit, a change of clothes and “An Army at Dawn,” a history of World War II in Africa. As an architect of the failing peace, Winter came to see what might be done to avert the potential slaughter.

    As activists and journalists in recent years focused attention on Darfur, Winter argued, they and the Bush administration have neglected the push for comprehensive peace in the rest of the country. Although both north and south signed the peace accord more than three years ago, little has changed. Without international pressure sufficient to slow the process, both sides were starting to play a very dangerous game of chicken in Abyei.

    “I hope you’ve done some homework in the United States,” Chol Changoth, a member of the Sudan People’s Liberation Movement (S.P.L.M.), which dominates Sudan’s south, said as someone handed Winter a sweating bottle of orange Fanta. “Are the people of the United States taking Abyei into consideration?” He scanned Winter’s face for any flicker of hope.

    Although, technically, north and south share a unified government, the National Congress Party of the north and the Sudan People’s Liberation Movement of the south are mostly at odds. Between them, politics become a zero-sum game. The 2005 peace agreement calls for a nationwide census, which, despite flaws, has finally started. The accord also calls for a 2009 national election, which Winter and others say Khartoum may try to delay. Above all, peace means that in 2011, the south is counting on a referendum on whether or not to stay with the north.

    The question of Abyei was so contested during negotiations for the Comprehensive Peace Agreement that it got its own protocol, one that the United States — with Winter on the negotiating team — agreed to in order to save the peace process as a whole. The U.S. drafted the protocol, pushed both sides to sign it and, according to Winter, then walked away. “We did a good thing and a bad thing,” as he explained to the crowd at the airport. “The good thing is the Abyei Protocol. The bad thing is we went home.” Now Winter is watching his old adversary, President Omar Hassan al-Bashir, play familiar tricks. “Bashir knows he’s looked the whole international community right in the eyes,” Winter said. “He says yes, yes, yes to the protocol, and then he says no. . . . And what happened? Nothing. So he’s learned a lesson, and you can see the lesson even in Darfur because the United Nations says a hybrid force should come and he says no, and what happens? Nothing. So it’s very, very, very dangerous, this pattern.”

    At its core, the fight over Abyei raises the question of whether Sudan will remain a single country and how a fissure might be averted. As Alex de Waal, a longtime observer of Sudanese politics, told me, “Abyei is the cockpit of Sudan where the two parties are testing each other’s readiness to go to war again.”

    ON THE SURFACE, two different people, the ethnic Ngok Dinka linked to the south and the Arab Misseriya of the north, vie over who has rights to the land. With the added pressure of desertification, the Arab nomads need the greener pastures of Abyei more than ever to graze and water their cattle. They are also being pushed south by the pressures of commercial farming. “In this belt north of the 10th parallel, land that used to be common access has been leased out to mechanized farming schemes,” Douglas H. Johnson, a member of the Abyei Boundaries Commission, said. To settle the problem, after the 2005 agreement Johnson and an international team drew a shared border along the 10th parallel, but the north rejected their solution and, on the ground, there was only mounting tension. With so much to lose, the Misseriya and Dinka were growing more anxious as May loomed ahead.

    And in this standoff President Bashir has done what he always does: endorsed Arab militias who carry out Darfur-style scorched-earth tactics. In the late 1980s, when Bashir was the general in charge of Abyei, the militias chased the Dinka off their land. Just last year, Bashir called on the militias “to open their camps and gather the mujahedeen.” Salva Kiir, the president of south Sudan, said, “The guns the Misseriya are using are military weapons.” According to Kiir, who is also first vice president in the somewhat notional united Sudanese government, the militias are supported by Khartoum.

    The similarities between Darfur’s attacks and those around Abyei are no coincidence. They betray war’s grander pattern in Sudan, the largest country in Africa. As Winter says: “You have to connect the dots. You connect the dots, you see a pattern. A pattern means intent.” All of Sudan’s wars involve the handiwork of a small group in the center waging campaigns against those who live at the periphery. To hold onto power and resources, the center fights its own edge. Marginalization, Winter said, meant perpetual warfare. “Unless you really have engaged in Sudan, you don’t get to that point of thinking,” he said.

    Winter got to that point of thinking some time ago. His colleague Susan Rice, a former U.S. assistant secretary of state for African affairs under President Bill Clinton, watched Winter’s views evolve. “I’ve seen him be an advocate when I was a policy maker, and when I was on the outside, he was somebody on the inside we could trust to do the right thing,” she told me. “Roger has been a consistent, passionate, principled advocate at a time when we had reason to doubt that the Bush administration was really engaged in these issues.” On Sudan, she added, “people of all political, religious and racial stripes view Roger as the compass’s true north.” In this case, true south is more apt. For Winter’s part, he has watched many an American offer “carrots,” as he says, to Khartoum. That practice “can be deadly,” he told me. “You go to Khartoum, they treat you very nicely, they’re very presentable, they’re indefatigably hospitable, but their approach to governance is murderous,” he said.

    It’s this murderous governance that Winter is determined to end. “I’m not opposed to engagement,” he said. “The problem is the way we’re doing this and the atmosphere which surrounds it.” In Sudan, he argues, “there’s a good guy and a bad guy.” As he sees it, he sides with the good guys. He doesn’t hang out in the middle. “I guess there’s a role for that,” he said. “It’s just not mine.”

    Taking sides can be dangerous, Andrew Natsios, who served as U.S. special envoy to Sudan from 2006 to 2007, argues. “We don’t need rallying cries,” he said. “A big advocacy campaign right now could be really destructive to the possibility of peace.”

    Winter argues that the Bush administration’s pressure for comprehensive peace in Sudan is flagging, in part because America’s wars in Iraq and Afghanistan have hamstrung its ability to call Khartoum on its myriad abuses against its own people. The U.S. government also seems to be moving toward strengthening relations with Khartoum, which Winter vehemently opposes. But Natsios believes that right now, with the likelihood of a tougher American administration taking over in January, there’s a critical window to engage Khartoum. “The north badly wants to normalize relations with the U.S. during the Bush administration,” he said. Natsios envisions “a grand deal,” including an exchange of oil for land in which the north cedes Abyei to the south (as it already is supposed to do under the Abyei Protocol) in exchange for a percentage of southern oil revenue.

    “Quite frankly, to make progress in Sudan, you have to engage all parties,” Jendayi Frazer, assistant secretary of state for African affairs, told me. “Our vision has been a unified government, which is something Roger himself worked for, so we can’t not engage the government.” Regime change has not been part of American policy in Sudan, and while the United States has kept Khartoum under sanctions, put pressure on it at the United Nations, acquiesced in the referral by the Security Council of Darfur prosecutions to the International Criminal Court (which the Bush administration otherwise opposes) and led several large-scale diplomatic initiatives to push for peace in the region — not least the initiatives in which Winter played a key role — Washington has nonetheless always accepted Khartoum as a partner of sorts. According to Frazer, the United States offered as recently as last December to mediate the north-south conflict over Abyei, but the southern government, led by the S.P.L.M., said it preferred to handle the negotiations with Khartoum itself. “You can’t really criticize us for dealing with President Bashir when the S.P.L.M. themselves are saying that’s their partner and that’s who they want to negotiate on Abyei,” Frazer told me.

    Richard Williamson, the American negotiator appointed by President Bush, has come under fire for his talks with Bashir. “Our president’s commitment to the humanitarian crisis in Sudan is deep,” Williamson said. “His support for our efforts is unwavering. He looks at me, and I can’t come up with a key. Some of my critics have criticized me for engaging. But given the level of suffering, it’s worth engaging. It’s not enough to criticize. It may make you feel better, but people are still suffering.” Danforth told me: “Roger is more principled than I am. He definitely sees engagement as more of a moral issue.” But there’s a practical aspect, too, to negotiation. After all, Danforth points out, the north did sign a peace agreement. “It has lasted nearly four years,” he said. “A lot of lives, I think, have been saved.”

    WINTER DUCKED INTO a thatched hut in the front-line village of Todaj, a few miles north of Abyei. On the roof were a wooden cross and book-size solar panels, which were charging a satellite phone. Inside, the air was close. Several days earlier, this entire village — 150 Dinka families — fled south to the safety of Abyei on foot. Now only a handful of elders and a chief, Nyol Paduot, his salt-and-pepper hair and beard unkempt, his eyes baggy with lack of sleep, had returned to safeguard their land.

    Having been run off the land three times — in 1991, 1997 and 2000 — the elders knew the lethal pattern by heart. “We know that when they burn our village, they want the land,” Paduot said. “That’s why we come back.”

    The elders of Todaj refused to be pushed farther south by Arab militias camping nearby or by the government (northern) soldiers who built barracks at the village’s edge. Under the peace deal, the soldiers of Sudan’s 31st Brigade stationed here were supposed to withdraw from Todaj, but they have not. As Winter drove past the barracks in a silver S.U.V., one shirtless soldier doing laundry stood up and took a long look. The S.U.V. belonged to their rival, the S.P.L.M., for whom Winter was working. Winter passed what looked like a huge white circus tent, which was labeled I.O.M. in U.N. blue, for International Organization for Migration: a way station for displaced people. It stood dusty and empty. The U.N. had judged it too risky to stay in Todaj.

    “It’s a long war,” the chief told Winter. “Peace came, and no one helped us implement it, and it’s become a problem.” He went on: “I have a question for you who’ve come from America. In Abyei, we don’t know if it’s war or peace. When will the intervention come? When the fighting has started again?” The hut grew quiet. A fly buzzed; a pair of baby goats bleated in the corner. Cooking pots clanged next door. “All that’s happening in Darfur,” the chief said, “happened here in Abyei.”

    The main differences between Darfur and Abyei were religion and oil. Khartoum’s troops hit Todaj because they claimed many people there had left Islam, becoming apostate. They justified their actions as jihad against infidels. But in Darfur, government troops attacked fellow Muslims. “That surprised us,” the chief said. Besides religion and oil — which Darfur does not have — there was nothing to separate Abyei from Darfur. “Todaj is very strategic for the 31st Brigade to coordinate all their activities for the oil fields,” Paduot added. “They bring their supplies from the oil fields here, and this is where they come to distribute ammunitions.”

    He ran his finger north along the white space of a tattered map. According to the boundaries commission’s recommendation, this land — up to the line of latitude at 10 degrees 10 minutes — belonged to the Dinka, although the Misseriya were free to use it for grazing. The global-positioning-system reading off the satellite phone put Todaj, the last and northernmost Dinka settlement, at 9 degrees 43 minutes, more than 30 miles south inside where the Dinka had the right to be. “This is our land,” the chief said. His own village lay in Block Four of an oil concession operated by the Greater Nile Petroleum Operating Company (G.N.P.O.C.) — pronounced gin-pock. The oil was right under us, Paduot said, but no Dinka he knew — or Misseriya for that matter — worked in the oil fields.

    Suddenly, a group of men in ragtag fatigues arrived outside the mud hut. They sat with their backs against the wall, where they could hear everything going on inside. Sure enough, it was the government forces, and it was time to go. Winter clasped the chief’s hand, and then quickly took his leave.

    Not all of the Dinka were as lucky as those of Todaj. Days earlier, many who had been working as goatherds at Misseriya cattle camps were forced to leave everything behind for good and flee south to the relative safety of Abyei. Because the large white tents near Todaj were too risky to use, about 400 survivors were camped in Abyei, using water from a nearby swamp.

    “We refused to leave without our goats,” Ayii Dut Dut, one of the displaced goatherds, told me. Among the herders in the camp, about half a dozen were abducted years earlier, then taken north to work for the Misseriya. But most were there voluntarily as shepherds and sharecroppers after the 1988 famine sent them searching for work. In recent skirmishes between the Arab militias and the southern forces, many Arabs were killed. As a result, when the militias returned to their cattle camps after fighting, they wanted their Dinka workers to leave — immediately. But the Dinka said they wouldn’t go without the goats, which represented all their wealth in the world.

    So that night, riding camels and horses, Arabs attacked their camp. Most escaped, but not all. After hiding in the nearby bush, Dut said he returned to the deserted camp at dawn to find three children — ages 5, 5 and 3 — who had been shot. He buried them and left without his goats, he said as he squatted in the shade of a single acacia tree near 200 other displaced people.

    If Darfur is a land grab, then Abyei is an oil grab. Last year, an estimated $529 million of oil revenue came from the region, according to the International Crisis Group, an independent, nonprofit political-analysis group. Khartoum has used the south’s oil to build the north’s infrastructure. A combination of war, sanctions and public outcry forced Western companies to abandon Sudan’s oil over the past decade, and China, among others, stepped in.

    Without knowing what to look for, the signs of oil excavation around Abyei aren’t so easy to see. You can drive for hours and see nothing but fishermen searching in ponds for Nile perch and mudfish. The roadside is lined with long brown braids of dried fish for sale. “They are some of the poorest people in the world,” Edward Lino, the southern government’s chairman for Abyei, told me as we drove through the wasteland. “They have this rich land that’s being robbed from them, and they don’t know what to do.”

    Suddenly, a series of white pipes with red knobs appeared in a clearing along the telltale hummock covering the pipeline itself, which was built in 2003. Beginning in the 1980s, many of the fishermen were forced to resettle in much the same way the people returning to Todaj were being threatened this year. To survive, they depended on a battery of international aid agencies as oil was pumped out from beneath them.

    One afternoon, I visited a field office of the Greater Nile Petroleum Operating Company. The company is a consortium in which 40 percent of the investment is Chinese, 30 percent Malaysian, 25 percent Indian and 5 percent Sudanese. International workers in red, green and beige jumpsuits scurried through the waiting room, where a sign read, “Use the waiting time to ask for forgiveness.” Outdoors, Chinese workers in red jumpsuits worked alongside Sudanese. The Great Wall Drilling Company was “rigging up”: preparing to drill in the next few days, a supervisor, Mohamed Idris, said. He sat behind a door that read “Company Man,” while soap operas flickered on flat-screen televisions in the air-conditioned dark. The fishermen living outside the facility have no electricity at all.

    THE RELATIONSHIP between the Ngok Dinka and the Arab Misseriya is more complex than it looks at first glance. They share a way of life in what John Ryle of the Rift Valley Institute calls “an intimate enmity.”

    One evening, Winter attended a feast in his honor at the home of the paramount Dinka chief, Kuol Deng Kuol, a towering, soft-spoken man. The large mud greeting room, hung with red-flowered bedsheets, was full of Dinka and Misseriya elders. Winter was eating wild honey and bread when two anxious Misseriya leaders, wearing white turbans, approached him. Each was the head of at least 2,000 Misseriya — they were the “cornerstone” of the Arabs in Abyei — and none of them wanted war. Conflict would mean their cows could no longer come south into Dinka land, and they would die. Already under pressure from farming and other nomads to the north, they couldn’t risk being squeezed out of the south too. “About this peace, we don’t want to lose it,” Deng Bilial Bachar, a blustery leader, told Winter. “We’re holding it very tightly and very hard.”

    Recently, the two elders told Winter, government-backed militias had gathered at the edge of town. They were going to attack Abyei. “Three days I was talking night and day to make people go back,” Bachar said. Both the Misseriya Arabs and the Dinka were simply pawns in a larger battle playing out between north and south over politics and oil, he said. If north or south wanted to return to war, let them do it somewhere else. “We don’t want war, 100 percent,” he said. “You have to convey this message clearly.”

    Next to Bachar, with clear blue eyes and a deeply creased face, was Shogar Muhammad Mahmud, who had come from his cattle camp next to the village of Todaj. “The water on that side,” he said, indicating the north where he’d come from, “has become so few — little — like drought. Just allow our cattle to graze and get water because there’s no water in our side. Just allow us to come through.” The Abyei Protocol safeguarded Misseriya migration routes, but Mahmud didn’t know this. Critics like Winter argue that Khartoum manipulates the Misseriya by not explaining that peace protects their rights. “It is too easy for those who wish to undermine the C.P.A. to exploit the fear on the part of the Misseriya that ceding Abyei to the south would cut them off from access to dry-season grazing,” Ryle told me, referring to the Comprehensive Peace Agreement. “And the fear of Ngok Dinka in the S.P.L.M. that they might once more be cheated of the chance for self-determination means that they also are in no mood to compromise.”

    The north argues that Abyei isn’t simply a matter of maps. Culturally, Abyei has always been part of the Arab north, they say. “Even during World War II, Abyei was supporting the Middle East by sending cows,” the chairman of the National Congress Party in Abyei, Zachariah Atem Payin, said. As a Dinka man who supports Khartoum, Payin exemplifies the complexities of identity in Abyei. He was also among Winter’s many detractors. “I’ve heard he’s very difficult, very hard,” Payin said. “He’s the one who caused all this confusion in Sudan.” By confusion, he meant war. “It’s because of Roger Winter supporting the S.P.L.M. that they won’t listen.”

    WINTER GAZED AT the sun-bleached photo and the artificial flowers that marked the grave of his friend, Dr. John Garang, in the southern capital, Juba. The leader of the south’s liberation movement, Garang was killed in a helicopter crash three years ago. Many, including Winter, saw his death as an enormous setback to durable peace. Winter and Garang were extremely close. “He loved to tell jokes, he loved to tell stories,” Winter said. Tears gathered on his white eyelashes. “He never lost his focus and basically his focus was a new Sudan, a totally new country, whether it was in one piece or two.”

    Later, Winter sat by the Nile drinking a Bell, a Ugandan beer. The moon was heavy and full, bright enough to see the river eddy as it passed. He spied a baby crocodile splash off the bank. “Look!” he said gleefully, seeming much more like a boy adventurer than an elder statesman.

    Winter’s new role as an adviser to the southern government set off a political storm in Khartoum. In a cable, the U.S. Embassy took note of what one northern paper said: “Winter’s appointment ‘shows that the S.P.L.M. is a farce . . . a movement that suckles the breasts of the U.S.’ ” Frazer, the assistant secretary of state for African affairs in the State Department, insisted that Winter’s advocacy for the south shouldn’t bother people (“It doesn’t me,” she said) because he no longer has any official American role.

    His activism began when he was in his 20s in Hartford, where he worked for the Salvation Army. He went on to resettle refugees arriving in America from the world’s worst conflict zones, beginning with Southeast Asia after the Vietnam War. But it was his experience working with Tutsis displaced from Rwanda — before the genocide began — that made him move on to the conflict zones themselves. Soon he was riding on the front lines in Rwanda in 1994 with the Rwandan Patriotic Front led by Paul Kagame. During the genocide, he flew home every few weeks to brief the U.S. government on what he witnessed firsthand. President Clinton’s later statements that he had not been fully aware of what was happening caused Winter, he says, to leave the Democratic Party.

    Winter told the people in Abyei: “Honestly, the people that have your interests at heart are you, really only you. The Americans can be O.K. now, but next year they may be not so O.K. But it’s your place, it’s your life, it’s your future.” Now that he’s out of the American government, Winter makes no bones about what he is: an advocate. His job is to shout himself hoarse until someone listens to what he’s saying about the worsening crisis in Abyei and the failure to do enough about it. “That’s what an advocate does,” he said. “No matter how good the government does, you’re always goosing them to do better. Otherwise, why does anybody need you?”

    Sometimes neutrality is just not the right answer, and on Sudan, he thinks neutrality is practically and morally bankrupt. “I’m an evangelist,” he said, only half joking. “I preach the gospel of Sudan.”

    ABYEI BURNED TO the ground when the rains began in May. As Winter predicted, once the Misseriya cattle were safely out of the south, the north attacked the town. The violence began with the kind of small skirmish that had been occurring for months: policemen from the south and soldiers from the north got into a fight a few miles from Todaj. There was a shootout, and when a northern soldier died in the hospital, his colleagues shot up the ward. Within hours, the 31st Brigade was firing mortars and rocket-propelled grenades into the heart of Abyei. The United Nations evacuated most of its nonessential staff by helicopter. Tens of thousands of Dinka fled south. The Arabs took over the town. The ethnic facts that favored Khartoum now existed on the ground. “Mainly women and children are uprooted again from their houses and are now in open areas under heavy rains with no shelter, food and water,” the south’s president, Salva Kiir, said in a speech late last month. “This human tragedy is caused unfortunately by Sudan Armed Forces Brigade 31 that is illegally present in Abyei town and against the provisions of the C.P.A.”

    As usual, Winter was close by. He flew in the next day from Juba. He organized the first convoy into town after the attack. “Some of the buildings and vehicles are still smoking,” he told me by satellite phone. Then he was caught in a sandstorm. “I can’t see squat and I can’t open my eyes,” he said, as he spat sand through his teeth. “The U.N. is buttoned up behind barricades again,” he added. “There are almost no people.” Later, Winter sent me photographs: the market’s stalls were incinerated. Lines of white ash marked where the walls had been. Hospitals and schools were shelled. The U.N. warehouses were destroyed. Terrified people were still streaming south. The U.N. first estimated that 50,000 people were displaced, but Winter, in the road among them, thought the number looked much higher.

    “This didn’t have to happen,” Winter shouted over the wind.

    Kuol Deng Kuol, the gentle Dinka chief who had held the feast in Winter’s honor six weeks earlier, was now destitute and staying in huts with dozens of family members. “My people are living under trees,” he said by phone from a camp south of town. The American negotiator, Richard Williamson, flew to the town. “I’ve been to Bosnia and Kosovo and I’ve never seen anything like Abyei,” he told me. “At least 95 percent of the homes were destroyed” — even those 25 feet from the United Nations base. When U.S.-led talks between north and south over Abyei turned to bickering, Williamson walked out. “I’m not going to give any legitimacy of U.S. participation to name-calling,” he said. The next day, amid reports of troops massing at Abyei, the United Nations Security Council met with both sides, who agreed to international arbitration, as they have many, many times before. “We need terms of arbitration — specifics,” Williamson said. “If 50,000 people who’ve had their lives shattered isn’t enough for you to take responsibility for your own solution, then the U.S. cannot impose one.” Disgusted, he told both sides, “If you think I’m a junkyard dog, wait until January.”




    Eliza Griswold is a New America Foundation fellow. Her book, “The 10th Parallel: Where Christianity and Islam Collide in Africa and Asia,”
    is due out next year.
    *
                  

07-10-2013, 07:49 AM

بكرى ابوبكر
<aبكرى ابوبكر
تاريخ التسجيل: 02-04-2002
مجموع المشاركات: 18727

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ضد المدعــو andquot; نيفاشــا andquot; وضــد تقسيم الســودان . (Re: عبدالله الشقليني)

    5
                  

07-10-2013, 08:26 AM

أحمد التجاني ماهل
<aأحمد التجاني ماهل
تاريخ التسجيل: 07-26-2008
مجموع المشاركات: 882

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ضد المدعــو andquot; نيفاشــا andquot; وضــد تقسيم الســودان . (Re: بكرى ابوبكر)

    الرائع دوما المهندس بيكاسو
    لك التحية والتقدير على هذا الجهد وحقا بوست كبير يستحق الوقوف عنده كثيرا. والآن تتجدد القراءة لهذا البوست للتحقق عن ماذا تحقق من الاتفاقية وما لم ولن يتحقق منها.
    ألف شكر
    أحمد
                  

07-13-2013, 03:42 PM

عبدالله الشقليني
<aعبدالله الشقليني
تاريخ التسجيل: 03-01-2005
مجموع المشاركات: 12736

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ضد المدعــو andquot; نيفاشــا andquot; وضــد تقسيم الســودان . (Re: أحمد التجاني ماهل)





    دوماً استاذ أحمد التجاني من وراء كل عمل ثقافي حر ...
    لك الشكر الجزيل


    *
                  

07-13-2013, 03:39 PM

عبدالله الشقليني
<aعبدالله الشقليني
تاريخ التسجيل: 03-01-2005
مجموع المشاركات: 12736

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ضد المدعــو andquot; نيفاشــا andquot; وضــد تقسيم الســودان . (Re: بكرى ابوبكر)

    75>


    لك من الشكر أجزله أخي الأكرم : الأستاذ بكري ابوبكر

    *
                  


[رد على الموضوع] صفحة 3 „‰ 3:   <<  1 2 3  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de