|
Re: ضد المدعــو " نيفاشــا " وضــد تقسيم الســودان . (Re: عبدالله الشقليني)
|
الباب التاسع: القوات المسلحة، أجهزة تنفيذ القانون , والأمن الوطني
(93) الفصل الأول
القوات المسلحة القومية
وضع القوات المسلحة
144ـ (1) تظل القوات المسلحة السودانية والجيش الشعبي لتحرير السودان منفصلة وتكون قوات مسلحة نظامية واحترافية وغير حزبيه وتُعامل معاملة متساوية باعتبارها القوات المسلحة القومية السودانية.
(2) تكون مهمة القوات المسلحة القومية السودانية حماية سيادة البلاد، وتأمين سلامة أراضيها، والمشاركة في تعميرها، والمساعدة في مواجهة الكوارث القومية وذلك وفقاً لهذا الدستور. يبين القانون الظروف التي يجوز فيها للسلطة المدنية الاستعانة بالقوات المسلحة في المهام غير العسكرية.
(3) تدافع القوات المسلحة القومية السودانية والوحدات المشتركة / المدمجة عن النظام الدستوري واحترام سيادة حكم القانون والحكم المدني والديمقراطية وحقوق الإنسان الأساسية وإرادة الشعب, وتحمل مسئولية الدفاع عن البلاد في مواجهة التهديدات الخارجية والداخلية في مناطق انتشارها وتشرك في التصدي لحالات الطوارئ المحددة دستورياً.
(4) ينظم القانون الخدمة العسكرية والمحاكم العسكرية والخدمات القانونية العسكرية للقوات المسلحة السودانية والجيش الشعبي لتحرير السودان والوحدات المشتركة / المدمجة.
الوحدات المشتركة / المدمجة
145ـ (1) تشكل وحدات مشتركة / مدمجة تتكون من أعداد متساوية من القوات المسلحـة السودانية والجيش الشعبي لتحرير السودان؛ وتشكل الوحدات المشتركة / المدمجة النواة لقوات السودان في مرحلة ما بعد الاستفتاء إذا ما أكدت نتيجته الوحدة؛ وإلا فيتم حلها وتلحق العناصر المكونة لها بقواتها الأصلية.
(2) تحكم اتفاقية السلام الشامل طبيعة ومهام وحجم وإعادة انتشار الوحدات المشتركة/ المدمجة .
القيادة والسيطرة على الوحدات المشتركة / المدمجة
والتنسيق بين القوات المسلحة
146ـ (1) تكون القيادة والسيطرة على الوحدات المشتركة \ المدمجة بوساطة مجلس الدفاع المشترك الذي يتم تشكيله وفقاً لما أُقر في اتفاقية السلام الشامل.
(2) يتولى مجلس الدفاع المشترك مهمة التنسيق بين القوات السودانية المسلحة والجيش الشعبي لتحرير السودان.
الوقف الدائم لإطلاق النار
147ـ (1) ينفذ الوقف الدائم لإطلاق النار، المنصوص عليه في اتفاقية السلام الشامل, تنفيذاً تاماً.
(2) يُراقب الوقف الدائم لإطلاق النار دولياً ويكون ملزماً إلزاماً كاملاً لكل السودانيين.
الفصل الثاني
أجهزة تنفيذ القانون
الشرطة
148- (1) الشرطة قوة نظامية خدمية مهمتها تنفيذ القانون وحفظ النظام، والانتماء لها مكفول لكل السودانيين بما يعكس تنوع وتعدد المجتمع السوداني, وتؤدى واجباتها بكل حيدة ونزاهة وفقاً للقانون والمعايير القومية والدولية المقبولة.
(2) تتكون الشرطة لا مركزياً وفقاً لاتفاقية السلام الشامل وذلك حسب المستويات التالية:
(أ) المستوى القومي, ويحدد القانون اختصاصاته ومهامه وفقاً لهذا الدستور,
(ب) مستوى جنوب السودان, ويحدد الدستور الانتقالي لجنوب السودان والقانون اختصاصاته ومهامه,
(ج) المستوى الولائي، وتُحدِد اختصاصاته ومهامه الدساتير الولائية والقانون.
(3) تنسق الشرطة القومية وشرطة جنوب السودان والشرطة الولائية وتتعاون فيما بينها ويساعد بَعضها بعضاً في أداء مهامها، ولتحقيق هذه الغاية توصي لرئاسة الجمهورية, عبر سلطاتهم المختصة, بإنشاء الآليات المناسبة.
خدمات السجون والحياة البرية
149ـ (1) (أ) تنشأ على المستوى القومي وعلى مستوى جنوب السـودان والولايات خدمة للسجون, ويحدد القانون مهامها وشروط خدمتها،
(ب) السجن تأديب وتهذيب ويحظر القانون المعاملة القاسية أو المهينة أو التي تتنافى مع الكرامة الإنسانية أو تعرض صحة السجناء للخطر، ويعاقب عليها القانون.
(2) تنشأ على المستوى القومي ومستوى جنوب السودان والولايات وفقاً للمادة 11(2) من هذا الدستور، خدمة لحماية الحياة البرية، ويحدد القانون مهامها وشروط الخدمة فيها.
الفصل الثالث
الأمن الوطني
مجلس الأمن الوطني
150ـ (1) يُنشأ على المستوى القومي مجلس للأمن الوطني, ويحدد قانون الأمن الوطني تكوينه ومهامه.
(2) يحدد مجلس الأمن الوطني استراتيجية الأمن الوطني بناءً على تحليل أي مهددات لأمن السودان .
(3) تنشأ على مستوى حكومة جنوب السودان والولايات لجان للأمن الوطني، ويحدد قانون الأمن الوطني تكوينها ومهامها.
جهاز الأمن الوطني
151ـ (1) يُنشأ جهاز للأمن الوطني يختص بالأمن الخارجي والداخلي، ويحدد القانون رسالته وواجباته ومهامه وشروط خدمته.
(2) تكون خدمة جهاز الأمن الوطني ممثلة لكل أهل السودان وبوجهٍ خاصٍ يُمثل فيها جنوب السودان تمثيلاً عادلاً.
(3) تكون خدمة الأمن الوطني خدمةً مهنيةً وتركز في مهامها على جمع المعلومات وتحليلها وتقديم المشورة للسلطات المعنية.
(4) تنشأ مكاتب للأمن الوطني في كل أنحاء السودان.
(5) يكون جهاز الأمن الوطني تحت إشراف رئاسة الجمهورية
.
(عدل بواسطة عبدالله الشقليني on 02-12-2011, 12:37 PM)
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ضد المدعــو " نيفاشــا " وضــد تقسيم الســودان . (Re: عبدالله الشقليني)
|
(95)
Quote: عائلات دون مأوى أو في مراكز الإيواء العائدون إلى جنوب السودان يواجهون الواقع المرّ المصدر: جوبا ــ د.ب.أالتاريخ: 26 يونيو 2011 العائدون من الخرطوم ومدن حديثة لن يقبلوا بمكان لا توجد به مدرسة لأطفالهم ولا خدمات. غيتي
على ضفتي نهر النيل رست سفن الشحن المحملة بالغذاء وجميع أنواع البضائع القادمة من شمال السودان إلى جوبا عاصمة جنوب السودان، التي ستصبح دولة مستقلة بشكل رسمي بعد أيام قليلة.
وعلى إحدى ضفتي النيل، جلست إليزابيث ماديت (27 عاما) وعائلتها، لتستظل بالأشجار القائمة على جانب النهر، وتتخذ منها ملاذا في آخر محطة لها برحلتها صوب الجنوب.
لقد حل موسم الأمطار في جوبا ولم يعد الوقت مناسبا لأناس لا يملكون مأوى يقيهم أمطار السماء، لم تكن ماديت تتخيل أن تكون عودتها هكذا إلى الجنوب الذي فرت منه طفلة مع والديها، لقد كان الجنوب دوما رمزا للأمل عند الكثير من أهله المغتربين في الخرطوم.
ويتوقع أن يعود ما يصل إلى 120 ألف شخص لهذه الدولة الجديدة بنهاية العام الجاري. الكثير منهم يعلقون آمالا كبيرة على البلد الذي أجبروا على الفرار منه خلال الحرب الأهلية الدامية.
أما نونا كليمنتاين (24 عاما)، وهي واحدة ممن أعيد توطينهم من الشمال إلى الجنوب، فقد نقشت رسوما بالحناء على ذراعيها قبل أسابيع عدة، عند مغادرتها الخرطوم، لقد تلاشت أنماط الحياة المرفهة تلك في الوقت الحالي.
تقول كليمنتاين: «أعتقد أن الأمر سيكون مختلفا، لقد عدنا ويحدونا أمل في الاستقرار وفي حياة أفضل في السودان، لكن بدلا من ذلك هانحن نجلس هنا وسط الأوحال».
وعلى الرغم من أن مانحي المساعدات في الأمم المتحدة قدموا الخيام للعائدين، لكن المطلوب أكثر من المعروض. على الطرف الآخر من المدينة حيث يوجد مركز الإيواء الوضع أفضل، إذ تتم عملية تسجيل الوافدين الجدد.
المكان لا يخلو من الناس إلا بعد نقل اللاجئين إلى أماكن إقامتهم، ولايزال الناس يتوافدون من الشمال، فبحلول التاسع من يوليو المقبل سيتم التعامل معهم على أنهم أجانب. لقد التحفوا بكل آمالهم في بداية جديدة في بلدهم القديم، هي آمال يكادون يعرفونها.
أحد هؤلاء روبرت انينكي، الذي ظل مسافرا لأشهر عدة، يقول «غادرنا يوم الثالث من ديسمبر الماضي، كنا نريد أن نصل إلى الجنوب في الوقت المحدد للتصويت على استفتاء الانفصال».
وعندما أجري الاستفتاء التاريخي في يناير الماضي، كانت قافلة الحافلات التي تقل انينكي وثمانية من أقربائه لاتزال عالقة في الشمال.
يضيف انينكي «كانت هناك تأخيرات مستمرة، السيارات تتعطل كانت تتقطع بنا السبل عند حواجز الطرق ولم يكن معنا المال لدفع ثمن بقية الرحلة، لم يتمكن الجميع من الوصول فكبار السن والأطفال ماتوا في الطريق ولم يكن أمامنا خيار سوى أن ندفنهم على جانب الطريق».
على الرغم من أن المهجرين عادوا إلى جوبا، إلا أن هذا لا يعني أنها نهاية الطريق بالنسبة لهم، فالسلطات في الجنوب تريد أن تسكن كل الأشخاص القادمين من الشمال في قراهم القديمة، لكن خلال الحرب الأهلية التي انتهت عام ،2006 فر سكان الولايات المضطربة على الحدود بين الشمال والجنوب، والتي ابتليت حاليا بتجدد القتال، إلى الشمال، ويثور الشك في مدي امكانية عودتهم بأمان فى الوقت الحالي.
ويقول بوكاي دينغ، الذي يعمل لمصلحة منظمة إغاثة «جوعى العالم» الألمانية العاملة في جوبا إن الكثير من المهجرين العائدين لا يأملون أن يعيشوا في القرى النائية التي تعاني ضعف أو انعدام البنية التحتية.
ويضيف «هم سكان مدن عاشوا في الخرطوم ومدن حديثة أخرى في الشمال، لن يقبلوا بمكان لا توجد به مدرسة لأطفالهم ولا مياه صالحة للشرب أو رعاية صحية».
لكن الذين رفضوا الانتقال إلى المكان الذي عرض عليهم تركوا لتصريف أمورهم بأنفسهم.
حاليا، العديد من العائلات العائدة إما دون مأوى أو تعيش في أماكن إيواء مؤقتة.
|
*http://www.emaratalyoum.com/politics/reports-...11-06-26-1.405824[/B]
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ضد المدعــو " نيفاشــا " وضــد تقسيم الســودان . (Re: عبدالله الشقليني)
|
كتبت وقلت في اكثر من محفل وفي هذا المنبر وكل المنابر التي تطالها يدي لا اتفق ولا اوافق ولا اقف مع سلام لا يأتي من خلال منبر ديمقرطي شريكي الحكم يمثلون اقلية ويقررون باسم الشعب الانفاصل قاب قوسين وادنى والقوى السياسية في خمول وخنوع ونوم عميق لا يحرك فيها انهيار البلد المحتوم شي
اسفي عليك اسفي عليك كيف سيكون رسمك واسمك السودان للذي يعرفه
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ضد المدعــو " نيفاشــا " وضــد تقسيم الســودان . (Re: عبدالله الشقليني)
|
مافي شي "مع تقسيم السودان" أكتر من شعار "ضد نيفاشا" ...
لقد كانت "نيفاشا" آخر فرصة للعلمانية في سودان موحّد ...
وأضعنا هذه الوحدة وجعلناها غير جاذبة بهذا الموقف المتصلّب "ضد نيفاشا" ...
ضاعت الوحدة ... ولن نكرر الخطأ بإضاعة العلمانية ....
مع نيفاشا .... ومع اتفاق أديس ابابا الإطاري ... ضد الوهم .... وانشالله المرّة دي المداخلة ما تنشطب ...
... المهم ....
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ضد المدعــو " نيفاشــا " وضــد تقسيم الســودان . (Re: تبارك شيخ الدين جبريل)
|
Quote: مافي شي "مع تقسيم السودان" أكتر من شعار "ضد نيفاشا" ...
لقد كانت "نيفاشا" آخر فرصة للعلمانية في سودان موحّد ...
وأضعنا هذه الوحدة وجعلناها غير جاذبة بهذا الموقف المتصلّب "ضد نيفاشا" ...
ضاعت الوحدة ... ولن نكرر الخطأ بإضاعة العلمانية ....
مع نيفاشا .... ومع اتفاق أديس ابابا الإطاري ... ضد الوهم .... وانشالله المرّة دي المداخلة ما تنشطب ... |
الشكر الجزيل لتبارك شيخ الدين ، وأملي أن يتم الإطلاع على الملف الدراسي لنيفاشا من أول الملف ، وقد أوردنا معظم الثقوب التي أسست للحكم الديني في الشمال ، وتركت للجنوب الباب موارباً للخروج بدولة وليدة بيد من بيتوا النية ليكون الجنوب وطناً لم يستفتوا فيه أحد . وأمامنا الملف ، ونصوص الدستور 2005الذي ننقله تباعاً.. ونواصل :
*
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ضد المدعــو " نيفاشــا " وضــد تقسيم الســودان . (Re: عبدالله الشقليني)
|
(106)
Quote:
مسألة جنوب السودان في سياق تاريخي: 1899 – 1986م (7) .. بقلم: د. فيصل عبدالرحمن علي طه
السبت, 03 كانون1/ديسمبر 2011
(7)
[email protected] الطريق إلى مؤتمر المائدة المستديرة 1- إنقلاب 17 نوفمبر 1958 والجنوب في صباح يوم 17 نوفمبر 1958 أعلن إبراهيم عبود القائد العام للقوات المسلحة تسلم الجيش للسلطة في السودان. ومن ثم أصدر الأمر الدستوري رقم (1) الذي نص على الآتي: 1- المجلس الأعلى للقوات المسلحة هو السلطة الدستورية العليا في السودان. 2- المجلس الأعلى للقوات المسلحة هو السلطة التشريعية العليا في السودان. 3- المجلس الأعلى للقوات المسلحة هو السلطة القضائية العليا والسلطة التنفيذية العليا في السودان وتؤول إليه القيادة العليا للقوات المسلحة السودانية. 4- خول المجلس الأعلى لرئيسه (إبراهيم عبود) جميع السلطات التشريعية والقضائية والتنفيذية وقيادة القوات المسلحة السودانية. ونص الأمر رقم (3) على تعطيل دستور السودان المؤقت لسنة 1956 وعلى حل البرلمان القائم وحل جميع الأحزاب القائمة وعلى عدم قيام أي حزب سياسي جديد. زاد انقلاب عبود مسألة الجنوب تعقيداً. فقد إتهم بعض دعاة الحكم الفيدرالي الأحزاب الشمالية بأنها دبرت الانقلاب لإحباط محاولة الجنوب إقامة حكم فيدرالي. ومما قوى هذا الاتهام أن حكومة عبود إحتضنت سانتينو دينج وغيره من العناصر الجنوبية التي كانت تدعو لوحدة الشمال والجنوب في إطار نظام لامركزي. حري بالذكر أن سانتينو دينج حصل على حقيبة الثروة الحيوانية في أول حكومة شكلها إبراهيم عبود. وباستيلاء عبود على السلطة تعطلت المنابر الديمقراطية التي كان ينطلق منها الصوت الجنوبي. وقُرعت طبول الحرب. فقد اعتبرت فلول الفرقة الاستوائية التي تمركزت في الاقطار الافريقية المجاورة أن موقف الشمال من قضية الجنوب منذ فجر الاستقلال وحتى انقلاب 17 نوفمبر كان بمثابة هزيمة للصفوة السياسية الجنوبية. لذلك دعت إلى مواصلة الكفاح المسلح الذي بدأ عام 1955 لتحقيق أهداف أبناء الجنوب. وبفضل التدريب والتسليح الأجنبي استطاعت بقايا الفرقة الاستوائية والعناصر النظامية التي لحقت بها أن تكون في عام 1963 تنظيم الانيانيا. وكلمة «الانيانيا» تعني بلغات المورو والمادي السم الذي لا علاج له. وعبر الكثير من السياسيين وبعض رجال الشرطة والادارة والطلاب الحدود الدولية إلى الدول الافريقية المجاورة وإلى دول أوربا الغربية. وكان في طليعة هؤلاء بعض نواب الاتجاه الفيدرالي الذي كان يقوده في برلمان عام 1958 الأب ساترنينو لاهوري. وقد شكل هؤلاء بالتعاون مع آخرين في عام 1962 بالكونغو ليوبولدفيل الاتحاد الوطني لمناطق السودان الافريقية المغلقة والذي تحول في عام 1963 إلى الاتحاد الوطني السوداني الافريقي (سانو) واتخذ من كمبالا مقراً له. وكان من أبرز قادته جوزيف أُدوهو ووليم دينق وأقري جادين. نادى حزب سانو بانفصال الجنوب عن الشمال باعتباره السبيل الوحيد المتاح بعد إخفاق مطالبة الجنوب بالحكم الفيدرالي. هكذا يمكن القول إنه إبان حكم عبود إتخذت مسألة جنوب السودان بعداً إقليمياً. كما أسهمت المواجهة بين نظسام عبود والهيئات التبشيرية المسيحية بقدر كبير في تدويل القضية. ففي عام 1962 أصدرت حكومة عبود قانوناً جديداً لتنظيم نشاط الهيئات التبشيرية الأجنبية العاملة في جنوب السودان. وأتبعته في نفس العام بقرار طرد المبشرين الأجانب من جنوب السودان. اتهمت حكوة عبود الهيئات التبشيرية بأنها تعمل لتقويض الأمن والاستقرار الداخلي. وأنها تبذر بذور العداء في نفوس الجنوبيين ضد إخوانهم الشماليين وذلك بغرض تشجيع إقامة دولة سياسية منفصلة مما يعرض وحدة السودان للخطر. ومن النقد الذي وجه لحكم عبود أنه حاول التقريب بين الشمال والجنوب وجدانياً وثقافياً فقام من وراء الستار بتشجيع محاولات للتبشير الاسلامي غير مدروسة. ورد هذا في تقرير لجنة تقصي الحقائق عن المديريات الجنوبية التي شكلتها الجمعية التأسيسية في عام 1966. وقد كانت برئاسة محمد يوسف محمد (دوائر الخريجين)، وعضوية بدر الدين يوسف هباني (الدويم الخامسة)، وعبدالله محمد أحمد (دار حامد والبديرية)، وحسن حامد مهدي (الأبيض)، وقمر حسين رحمة (تقلي الجنوبية)، وأحمد محمد عواص (ريف كسلا). إستثمر المبشرون الإجراءات المتقدمة داخلياً وإقليمياً ودولياً. فداخلياً أعطت هذه الإجراءات المبشرين دليلاً على صدق ما كانوا يقولونه للجنوبيين من أن الشمال سيمحو مسيحيتهم وسيرغمهم على الاسلام. أما دولياً فقد استند المبشرون على تلك الاجراءات لتصوير ما يجري في الجنوب على أنه حرب دينية عنصرية بين العرب المسلمين والزنوج المسيحيين الأمر الذي أكسب التنظيمات الجنوبية في الخارج عطف ودعم المسيحية الإقليمية والدولية. وقد كان إخفاق حكومة عبود في معالجة مسألة الجنوب أحد أسباب إندلاع ثورة 21 أكتوبر 1964. فإزاء تصاعد العمليات العسكرية في الجنوب واستنزافها لموارد البلاد المادية والبشرية ومناداة الرأي العام في الشمال بالحل السلمي للقضية، قررت حكومة عبود تشكيل لجنة لتقصي الحقائق حول مسألة الجنوب، وأعلنت عن ترحيبها بتلقي أي مقترحات أو آراء بشأن تسوية المسألة. وما كانت حكومة عبود تدري أنها بذلك مهدت لثورة 21 اكتوبر. ففي الندوات التي أقيمت في جامعة الخرطوم وجامعة القاهرة (فرع الخرطوم) إتفق المتحدثون على أن قضية الجنوب ليست مسألة أمنية عادية يمكن حلها بالعنف والقوة، وطالبوا بالحل السلمي. ولكنهم أعربوا عن شكوكهم في أن يتوفر الحل السلمي في غياب الديمقراطية في الشمال والجنوب. وتواترت نفس الآراء في الندوة التي أقامها إتحاد طلاب جامعة الخرطوم وهي الندوة التي حاولت قوات الأمن تفريقها بقوة السلاح فسقط شهداء وجرحى وتفجرت ثورة 21 اكتوبر 1964 التي أطاحت بنظام انقلاب 17 نوفمبر. 2- حكومة اكتوبر الانتقالية والجنوب أقامت ثورة 21 اكتوبر 1964 وضعاً انتقالياً مؤقتاً وفقاً لاحكام دستور عام 1956 المؤقت. نص على ذلك الميثاق الوطني الذي أعلنه رئيس وزراء الحكومة الانتقالية سر الختم الخليفة في 30 اكتوبر 1964. ونص الميثاق كذلك على أن الوضع الانتقالي ينتهي بإجراء انتخابات حرة عامة تشرف عليها لجنة مستقلة في تاريخ لا يتعدى شهر مارس من عام 1965 لقيام جمعية تأسيسية يقع على عاتقها وضع الدستور الدائم وإقراره وقيام حكومة يختارها الشعب. وضُمنت في الميثاق المبادئ الذي تم الاتفاق عليها بين ممثلي الجبهة القومية الموحدة وممثلي القوات المسلحة وقد كانت كما يلي: أولاً: تصفية الحكم العسكري الحالي. ثانياًً: إطلاق الحريات العامة، كحرية الصحافة والتعبير والتنظيم والتجمع. ثالثاً: رفع حالة الطوارئ وإلغاء جميع القوانين المقيده للحريات في المناطق التي لا يخشى فيها من اضطراب الأمن. رابعاً: تأمين استقلال القضاء. خامساً: تأمين استقلال الجامعة. سادساً: اطلاق المعتقلين السياسيين والمسجونين من المدنيين في قضايا سياسية. سابعاً: أن ترتبط الحكومة الانتقالية بانتهاج سياسة خارجية ضد الاستعمار والاحلاف. ثامناً: تكوين محكمة استئناف من عدد من القضاة لا يقل عن خمسة تؤول إليها سلطات رئيس القضاء، القضائية منها والإدارية. تاسعاً: أن تكون لجنة لوضع قوانين تتمشى مع تقاليدنا. كما سبقت الإشارة أعاد الميثاق الوطني العمل بدستور عام 1956 المؤقت وأُدخلت عليه تعديلات اقتضى بعضها الوضع الانتقالي ليصبح دستور السودان المؤقت المعدل سنة 1964. وقد كان من بين ما أستحدث من مواد المادة 108 التي أعفت رجال وهيئات إنقلاب 17 نوفمبر من المحاكمة أمام أي محكمة جنائية أو مدنية أو إدارية بشأن أي حكم أو أمر أو فعل صدر «أثناء تأدية الواجب أو بغرض حماية القانون والنظام أو حفظ الأمن وفقاً لأي تكليف من القوات المسلحة السودانية على أي صورة عسكرية كانت أم مدنية». ويبدو أن استحداث هذه المادة قد جاء تنفيذاً لاتفاق تم بين ممثلي الجبهة القومية وممثلي القوات المسلحة. في أول خطاب له في 10 نوفمبر 1964 عن قضيــة الجنــوب، أعلن سر الختم الخليفة رئيس وزراء حكومة اكتوبر الانتقالية أن حكومته تعتقد إعتقاداً راسخاً أن القوة ليست حلاً لمشكلة الجنوب، وتشعر بأن استعمال القوة قد زادها تعقيداً. ثم قال إن حكومته «تعترف بكل شجاعة ووعي بفشل الماضي وتواجه صعوباته، كما أنها تعترف بالفوارق الجنسية والثقافية بين الشمال والجنوب التي تسببت فيها العوامل الجغرافية والتاريخية». وعلى أساس الاعتراف بمثل هذه العناصر في المشكلة، أعلن رئيس الوزراء أن حكومته تنوي اتخاذ سياسة تهدف إلى إعادة الثقة في الجنوب، وستأخذ بعين الأعتبار آراء المثقفين من أبناء الجنوب. من ثم فتحت حكومة اكتوبر الانتقالية قنوات اتصال مع القيادات الجنوبية بالخارج وأعلنت في 10 ديسمبر 1964 العفو عن جميع السودانيين الذين هاجروا للخارج من أول يناير 1955. وتبنت الحكومة الانتقالية إقتراح حزب سانو بالدعوة إلى مؤتمر مائدة مستديرة للنظر في موضوع العلاقة الدستورية بين الشمال والجنوب. ولكن قبل الاسترسال في الحديث عن مؤتمر المائدة المستديرة، نرى أنه من الاوفق أن نتناول بعض العوامل التي طرأت خلال تلك المرحلة داخلياً وإقليمياً والتي نعتقد أنها أثرت بقدر أو آخر في توجيه قضية جنوب السودان. 3- العوامل الإقليمية أ- في نوفمبر 1959 وقعت حكومة 17 نوفمبر مع الحكومة المصرية إتفاقاً بشأن الانتفاع الكامل بمياه نهر النيل. ولم تدع دول الهضبة الاستوائية ولا اثيوبيا للمشاركة في المفاوضات أو التوقيع على الاتفاقية. ولا حاجة بنا للتذكير بأن الهضبة الاثيوبية ترفد نهير النيل بحوالي 85 في المائة من ايراده السنوي وذلك عبر النيل الازرق ونهر سوباط ونهر عطبرة. وفور إبرام اتفاقية عام 1959 تلقت حكومة السودان والحكومة المصرية مذكرة من الحكومة البريطانية باعتبارها المسؤولة آنذاك عن كينيا ويوغندا وتنجانيقا. حددت بريطانيا في تلك المذكرة الاحتياجات المائية آنذاك لدول شرق افريقيا النيلية واحتفظت بالحق في المطالبة بالمزيد إذا نشأت الحاجة إلى ذلك مستقبلاً. وخلال المفاوضات السودانية - المصرية التي سبقت اتفاقية عام 1959 بعثت اثيوبيا في 23 سبتمبر 1957 بمذكرات إلى كل من مصر والسودان عبرت فيها عن تحفظاتها بشأن تلك المفاوضات الثنائية، وأكدت حقوقها في المياه التي تنبع في إقليمها. كما أشارت إلى أنه بعد استيفاء الاحتياجات القومية من الموارد المائية الموجودة في إقليمها، فإنها - أي اثيوبيا - ستساهم في رفاهية سكان الدول النيلية المجاورة. وخشي البعض آنذاك أن تكون اثيوبيا قد قصدت بتلك المذكرات التحلل من الاتفاقيات التي تقيد إستخدامها للأنهار التي تنبع في إقليمها. ومن هذه الاتفاقيات اتفاقية 15 مايو 1902 بين الامبراطور منليك الثاني وبريطانيا والتي تلزم اثيوبيا بعدم القيام أو الإذن بإقامة أية أعمال على النيل الأزرق أو بحيرة تانا أو على السوباط إلا بعد الاتفاق مع الحكومة البريطانية وحكومة السودان. ب- في النصف الأول من الستينيات انتقل الشعب الارتيري إلى مرحلة الكفاح المسلح لتحقيق المصير والاستقلال. وذلك بعد أن ألغت اثيوبيا في 15 نوفمبر 1962 المؤسسات الفيدرالية وضمت اريتريا إلى اثيوبيا. ونذكر هنا بأن الأمم المتحدة كانت قد اتخذت في 2 ديسمبر 1950 قراراً بأن تصبح اريتريا وحدة متمتعة بحكم ذاتي في إطار اتحاد فيدرالي مع اثيوبيا تحت سيادة التاج الاثيوبي. أيدت الولايات المتحدة ودول الحلف الغربي الاتحاد الفيدرالي. ولكن الاتحاد السوفييتي عارضه بحجة أنه يتجاهل حق الشعب الأريتري في تقرير المصير. ج- في مايو 1963 أعلن رؤساء الدول والحكومات الافريقية - وكان إبراهيم عبود بضمنهم - في أديس أبابا عن مولد منظمة الوحدة الافريقية. أثار قيام المنظمة تساؤلاً حول مفهومها لمبدأ حق تقرير المصير. يبدو أن المنظمة بإعلانها مبدأ احترام سيادة كل دولة وسلامة أراضيها واستقلالها، وإبقائها على الحدود القائمة وقت استقلال الدول الافريقية، قد استبعدت من مبدأ حق تقرير المصير حق الأقليات العرقية أو الدينية أو اللغوية في الانفصال عن دولة قائمة. وذلك لأن حق الانفصال هذا يتعارض مع تطلعات افريقيا للوحدة، ولأن تطبيقه سيؤدي في نهاية الأمر إلى تفتيت القارة إلى دويلات تعوزها المقومات السياسية والاقتصادية. ونورد هنا أن منظمة الوحدة الافريقية لم تعترف بمحاولة بيافرا الانفصال عن نيجيريا في 20 مايو 1967 كممارسة لحق تقرير المصير. ففي قرار إتخذه مؤتمر رؤساء الدول والحكومات الافريقية في سبتمبر 1967 أكد المؤتمر تمسكه بمبدأ إحترام سيادة كل دولة وسلامة أراضيها. وكرر استنكاره للانفصال في أي من الدول الأعضاء واعتبر الوضع الناشئ عن محاولة بيافرا الانفصال من الشؤون الداخلية لنيجيريا. يتفق التفسير المتقدم مع مفهوم الأمم المتحدة لمبدأ تقرير المصير. فعند دراسات الحالات التي طبق فيها مبدأ حق تقرير المصير في ظل الأمم المتحدة وقرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة، نجد أن حق تقرير المصير قد طبق في نطاق تصفية الاستعمار، وأن الشعوب المستعمرة كان لها أن تختار بين الاستقلال أو الاتحاد أو الاندماج مع دولة قائمة، ولكنه لا يعطي الأقليات العرقية أو الدينية أو القبلية الموجودة داخل دولة قائمة حق الانفصال. وقد نصت الفقرة السادسة من إعلان تصفية الاستعمار الذي أصدرته الجمعية العامة في ديسمبر 1960 على أن كل محاولة تستهدف التقويض الجزئي أو الكلي للوحدة القومية أو سلامة إقليم أي بلد تعتبر منافية لاهداف ميثاق الأمم المتحدة ومبادئه. خلاصة القول إنه ما لم يكن هناك اتفاق بين الأطراف المعنية على خلاف ذلك، فإنه لا القانون الدولي ولا الممارسة الدولية تعترف للكيانات داخل الدول بحق الانفصال سواء كان ذلك بإعلان آحادي الجانب أو بأي طريق آخر. فتقرير المصير للشعوب أو الجماعات المقيمة داخل دولة يتم عبر تقرير المصير الداخلي، وذلك بالمشاركة الفعالة في النظام السياسي لتلك الدولة. ولا جدال في أن المشاركة لن تكون فعالة إلا إذا كان هذا النظام يقوم على مبادئ الديمقراطية التعددية، وحكم القانون، واحترام حقوق الانسان وحرياته الأساسية. سنلاحظ عندما نعرض لمؤتمر المائدة المستديرة أن المذكرة التي قدمتها الأحزاب السياسية الشمالية للمؤتمر قد تأثرت بمفاهيم الأمم المتحدة ومنظمة الوحدة الأفريقية لتقرير المصير. د- باندلاع الكفاح المسلح للشعب الاريتري وقيام حركة الأنيانيا بدأ التوتر والتأزم في العلاقات السودانية - الاثيوبية. إتهمت اثيوبيا السودان بمساندة حركة تحرير اريتريا. وبالمقابل إتهم السودان اثيوبيا بإيواء ودعم حركة الأنيانيا والسماح لها بممارسة نشاطها ضد السودان من داخل الأراضي الاثيوبية. ومن خلال دعمها لحركة الانيانيا ومطالبتها بالسيادة على إقليمي الفشقة وأم بريقة السودانيين، مارست اثيوبيا ضغطاً على السودان لسحب مساندته لحركات التحرير الاريترية وإغلاق حدوده أمام الأسلحة والمؤن التي ترد إلى تلك الحركات عبر السودان. وتدريجياً تحولت قضية جنوب السودان وقضية اريتريا إلى عنصري مساومة ومقايضة في العلاقات السودانية - الاثيوبية. وللتدليل على ذلك نسوق بعض الأمثلة. ففي إطار ثورة أكتوبر، قام وفد سوداني برئاسة رئيس الوزراء آنذاك محمد أحمد محجوب بزيارة اثيوبيا لشرح التغييرات التي حدثت في السودان بعد ثورة اكتوبر وشرح سياسة السودان الخارجية. وفي البيان المشترك الذي صدر في 29 يوليو 1965 أعلن الطرفان تمسكهما بالمبادئ الخاصة بالمحافظة على الوحدة والسلامة الاقليمية للبلدين وأدانا الأعمال التي من شأنها تهديد وحدة البلدين. واتفقا على الأتي: (1) حظر الدعاية المضادة ونقل الأسلحة والذخائر للمتمردين أو الانفصاليين في البلد الآخر، وكذلك حظر الأعمال الانفصالية والتخريبية الموجهة ضد البلد الآخر. (2) إغلاق أي مراكز تدريب إنفصالية، وأي مكاتب تباشر أعمالاً تخريبية ضد البلد الآخر. (3) إبعاد أي لاجئ يقوم بأعمال تخريبية ضد بلده. وفي مارس 1971 إتفق وزيرا خارجية اثيوبيا والسودان على تحريم كل أنشطة المنظمات التخريبية، وعلى تجريد العناصر المتمردة من أسلحتها، وإزالة معسكراتها، وطرد كل المتمردين، وقادة المعارضة، واتخاذ الاجراءات اللازمة لمنع عودتهم. وإبان عهد حكومة انتفاضة ابريل 1985 الانتقالية، أعلن وزير الخارجية إبراهيم طه أيوب في مستهل عام 1986 أن السودان يعترف بالنظام القائم في اثيوبيا، ولم يحدث أن اعترف بأن اريتريا شئ منفصل ومستقل. ومضى للقول إن قضية اريتريا قضية داخلية في اثيوبيا مثلما الجنوب قضية داخلية في السودان. 4- العوامل الداخلية أ- طالبت أقاليم دارفور والبجة وجبال النوبة بالتعبير عن ذواتها وتطلعاتها في إطار نظام إقليمي. فقد أفضى التخلف والإهمال والتوزيع غير المتوازن للسلطة والثروة إلى قيام جبهة تنمية دارفور واتحاد جبال النوبة ومؤتمر البجة. وسنرى من بعد أن الافكار التي طرحتها هذه الكيانات قد وجدت تعبيراً في المذكرة التي قدمتها الأحزاب السياسية الشمالية إلى مؤتمر المائدة المستديرة. ب- طُرحت خلال المرحلة التي نحن بصددها بصورة أكثر جدية وأكثر تحديداً من ذي قبل مسألة العلاقة بين الدين والدولة. وبدأ الحوار حول علمانية أو إسلامية الدستور. فبعد ثورة 1964 أعلنت الأحزاب السياسية الرئيسية أنها تسعى لإقرار دستور إسلامي. كما برزت إلى حيز الوجود جبهة الميثاق الاسلامي كتنظيم يدعو إلى إقامة جمهورية إسلامية على أساس دستور إسلامي. ج- أدركت الحكومات الوطنية في السودان أن صعوبة التحكم في التسلل من وإلى السودان عبر حدود اثيوبيا مع المديريات الجنوبية يعود إلى طبيعة الحدود نفسها. فخلال مفاوضات تحديد حدود السودان مع اثيوبيا اتفق الامبراطور منليك الثاني مع ممثل بريطانيا على مراعاة الوحدة القبلية. وبالفعل نلاحظ أن الحدود التي اتفق عليها بموجب معاهدة 15 مايو 1902 تابعت شمال خط عرض 9 درجة شمال خط الجرف الاثيوبي بقصد فصل القبائل التي تقطن السهول السودانية من القبال التي تسكن الهضبة الاثيوبية. ولكن جنوب خط عرض 9 درجة شمال انحرفت الحدود عن الجرف الاثيوبي وتابعت أنهر بارو وبيبور وأكوبو مكونة بذلك بروزاً أو نتوءً Salient داخل السهول السودانية التي تقطنها قبائل النوير والأنواك النيلية. ومن المعلوم أن قبيلة النوير تقضي ثلثي العام في الجانب السوداني من الحدود، ومنذ أمد بعيد إعتادت النزوح إلى نتوء البارو - أي إلى إثيوبيا - في فترة الجفاف. بل إن أجزاء من النوير إستقرت في نتوء البارو داخل الأراضي الاثيوبية. وبالنسبة للانواك فإن اتفاقية 15 مايو 1902 تركت ثلثي القبيلة في اثيوبيا والتلث الآخر في السودان. وفي مارس 1939 بدأت بريطانيا مفاوضات مع الحكومة الإيطالية بشأن تعديل الحدود الاصطناعية في هذه المنطقة بحيث تُدخل كل مراعي النوير في السودان وتُضم كل قبيلة الأنواك للسودان. ولكن نشوب الحرب العالمية الثانية حال دون استمرار تلك المفاوضات. ويبدو أنه في مقابل ذلك كانت الحكومة البريطانية مستعدة للتنازل لإيطاليا عن الإقليم الواقع جنوب نتوء بارو ويشمل ذلك هضبة بوما. لا غرابة إذن في أول عمل عسكري قامت به حركة الأنيانيا في سبتمبر 1963 كان الهجوم على مركز للشرطة والجيش في فشلا على الحدود السودانية - الاثيوبية. وورد في تقرير لجنة تقصي الحقائق التي شكلتها الجمعية التأسيسية في عام 1966 وسبقت الإشارة إليها ما نصه: «أما في حدودنا مع اثيوبيا خاصة مراكز الناصر وأكوبو والبيبور فإن المتمردين أقاموا معسكراتهم في الأراضي الاثيوبية ويجدون الحماية من مراكز البوليس الاثيوبي». وورد في التقرير أيضاً أن بعض القساوسه الذين طُردوا من مراكز الناصر وأكوبو حصلوا على تصديقات بإقامة مراكز نشاطهم في الحدود المتاخمة لحدود المراكز السودانية.
http://www.sudaneseonline.com/2008-05-19-17-39-36/9...--1986-7-------.html |
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ضد المدعــو " نيفاشــا " وضــد تقسيم الســودان . (Re: عبدالله الشقليني)
|
سلام عبد الله وضيوفه المتداخلين
النداء الاخير والاخير قبل انفصال جنوب السودان الى الموتمر الوطنى
من المسؤول عن نفصال جنوب السودان
لاتبكى يا صديقي على اللبن المسكوب لا تبــكى لنا يفيد شيء أنا قلت وحقول الف مرة دارفور سينفصل ثم جبال النوبة والنيل الازرق وأقصى الشمال وشرق السودان، وسيتحول السودان الى الاتحاد السوفيتى ليس ثمة شك في أن بلاد السودان مقبلة على كابوس مثير للقلق والأرق، وقد بات حتمياً - تداعياته على أرجاء البلاد، خصوصاً التي تشهد اضطرابات دامية، مثل جبال النوبة والنيل الازرق ودارفور، التي اعترف الرئيس عمر البشير في خطاب جماهيري بأن عدد قتلاها على يد قوات الجيش والمليشيا الموالية للحكومة لا يقل عن 10 آلاف قتيل. والعاقل في أهله من يستعد من الآن لما سيحدث بعد ان انفصال الجنوب ذلك أن أيلولة النزال بين حكومة الجبهة الإسلامية القومية والفصائل السياسية السودانية إلى طلاق بالحسنى قد فتح باب التفكير في مصائر الأقاليم الأخرى، وهذا يفضح ادعاء المجموعة الخماسية المتطرفة التي اختطفت أقدار البلاد ومقدراتها بأن الحكومة تحظى بتأييد الشعب وإجماعه على سياساتها واستراتيجياتها. لقد قرر الجنوب الذهاب بسبب إرث العداء وإساءة المعاملة والحرب الأهلية، وهي ضغائن تراكمت وتضخمت إلى مستوى غير مسبوق بفعل سياسات المجموعة المتظاهرة بالإسلام، التي بلغت في فجور الخصومة مبلغ تجييش أفراد الشعب ونقلهم قسراً إلى أراضي الجنوب وجبال النوبة والنيل الازرق لـ «الجهاد» ضد الكافرين. حتى ولايات الشمال الواقعة على ضفتي نهر النيل تظهر فيها أصوات رافضة للهيمنة التي تتخفى تحت دثار الدين، وتسرق ثروات الولايات لمصلحة الخزانة المركزية، ومنها إلى خزانة التنظيم بواجهاته الأخطبوطية المتعددة. هل يبقى الشرق؟... الأمل ضعيف جداً في بقائه إلا بشروط صعبة، أقلها منح الإقليم حكماً ذاتياً فضفاضاً، وأقصاها الانفصال الذي يخشاه كثيرون إلى درجة عدم التصديق بأن ذلك أمر يمكن حدوثه، انفصل الجنوب، فلماذا لا تنفصل دارفور ثم جبال النوبة والنيل الازرق وأقصى الشمال وشرق السودان، بحثاً عن السيادة والحرية والاستقلال، لتضع حداً لاستئثار فئة باغية بالأموال والأسلحة لمصلحة أجندتها الشيطانية المتخلقة في رحم جماعة الإخوان المسلمين ومنظمات التطرف الإسلامي المنبثقة منها؟ يختصر السودانيون على أنفسهم كثيراً من الوقت والجهد والدم لو تداعوا للتفكير في الخيارات المتاحة أمام أوطانهم الصغيرة بعد تشظي البيت السوداني الكبير.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ضد المدعــو " نيفاشــا " وضــد تقسيم الســودان . (Re: عبدالله الشقليني)
|
(112)
Quote: الدكتور غازي العتباني: مسؤولية انفصال جنوب السودان واستنساخ نيفاشا. بقلم: د. سلمان محمد أحمد سلمان
الأحد, 27 أيار/مايو 2012
1.من التوجيهات المبدئية والأولية التي يتلقّاها طلّاب دراسة علم التاريخ هي توخي الحذر والحيطة في كتابات الأشخاص الذين هم طرفٌ في الأحداث موضوع المقال أو الكِتاب. فهؤلاء الكُتّاب قد يرتكبون واحداً أو أكثر من ثلاثة أخطاء هي: أولاً تضخيم دورهم الإيجابي، وثانياً عدم ذكرأيٍ من الأخطاء التي وقعت، أو التعرض لها بصورةٍ غير متكاملة، وثالثاً تقديم التبريرات غير السليمة أو الصحيحة للأخطاء، إذا تمّ التعرض لها. طرق ذهني هذا التوجيه بشدّةٍ وأنا أقرأ مقال الدكتور غازي صلاح الدين العتباني بعنوان "قرار الاتحاد الأفريقي استنساخ للإيقاد ثم نيفاشا جديدة". وقد وصلني المقال عبر بريدي الالكتروني عدّة مراتٍ من مجموعةٍ من الأصدقاء، وأوضح الكاتب أنه قد تمّ نشر المقال في ثلاث صحفٍ هي الانتباهة والسوداني والرأي العام في 29 أبريل عام 2012. افتتح الدكتور غازي مقاله بالآتي "بين حين وآخر أستصوب ألا تنحصر نصيحتي في دوائر الاستشارة الضيقة التي يفرضها المنصب الرسمي. ويكون ذلك عندما أرى أن موضوع النصح جدير بأن يتفاعل معه الرأي العام بحسبانه أمراً يتعلق بالحقوق الوطنية التي تهم جميع المواطنين، وهو ما يحدث كلما مرت البلاد بمنعطف مصيري." وهكذا أوضح لنا الدكتور غازي أن دوره ينحصر فقط في تقديم النصيحة في دوائر الاستشارة الضيقة. ثم يواصل الدكتور غازي "في سبتمبر من عام 1994 انتُدبت لقيادة وفد مباحثات السلام في كينيا بدلاً من الرئيس السابق للوفد. كان ذلك التكليف لمرة واحدة فقط، وكانت المهمة التي أوكلت إليّ واحدة ومحددة للغاية وهي إلغاء إعلان مبادئ مبادرة الإيقاد الذي صاغه الوسطاء أو إلغاء مبادرة الإيقاد من أساسها..... أدى الوفد مهمته بكفاءة عالية، إذ دام الاجتماع حوالى خمس وثلاثين دقيقة فقط. رفض الوسطاء، الذين نصبوا أنفسهم قضاة في ذات الوقت، تعديل إعلان المبادئ فكان البديل هو أن تموت مبادرة الإيقاد التي أصبحت بالفعل بعد ذلك الاجتماع العاصف كبيت مهجور تخرقه الأنواء من كل جانب.... بصفتي رئيس الوفد في تلك المهمة الفريدة تعرضتُ لهجمة شرسة من الإعلام الغربي وُصفت فيها بأسوأ النعوت ومن بينها بالطبع أنني شخص متطرف، لكنني على الصعيد الشخصى لم أنم أقرّ عيناً ولا أشفى صدراً من نومي في تلك الليلة." ويواصل الدكتور غازي مقاله فيتعرض بالشرح والنقد للقرار الصادر عن مجلس السلم والأمن الافريقي بشأن السودان وجنوب السودان في الرابع والعشرين من شهرأبريل ويختتم مقاله بمجموعة من النصائح من بينها "على الصعيد السياسي ينبغي إشراك كل القوى والشخصيات السياسية السودانية والخبراء والمختصين في صياغة قراءة موحدة للأزمة ومن ثم سياسة وطنية موحدة تجاهها.... . وسيكون من المفيد أن تشارك في هذه الحملة كل القوى السياسية والمؤسسات القومية والشخصيات السودانية ذات العلاقات الإقليمية والدولية." نكتفي بهذا الاقتباس من مقال الدكتور غازي. 2 اندهشت كثيراً وأنا أقرأ مرةً بعد الأخرى مقال الدكتور غازي. فقد اختزل الدكتور غازي كل دوره في عملية السلام في الغاء إعلان مبادئ مبادرة الإيقاد، وهي المهمة التي قال أنه قد أدّاها بكفاءة عالية تسببت في وصفه بواسطة أجهزة الإعلام الغربية بأنه شخص متطرف. لم يتطرق الدكتور غازي إلى دوره في بروتوكول مشاكوس ولم يذكر أنه كان رئيس الوفد الذي فاوض على هذا البروتوكول وأنه هو الذي وقّع نيابةً عن حكومة السودان مع السيد سلفا كير على بروتوكول مشاكوس في 20 يوليو عام 2002. كما لم يذكر للقارئ من أين جاءت مبادرة الايقاد التي قام بإلغائها وما هي أوجه الشبه بينها وبين إعلان فرانكفورت، وكيف تختلف عن بروتوكول مشاكوس الذي فاوض ووقّع عليه. سوف نقوم في تعقيبنا على مقال الدكتور غازي بإثارة مجموعةٍ من الأسئلة والرد عليها. 3 ما هي مبادرة الايقاد ومن أين أتت؟ الايقاد منظمة تم إنشاؤها عام 1986 بواسطة دول شرق افريقيا (اثيوبيا وجيبوتي وكينيا ويوغندا والسودان والصومال) لمواجهة التصحر والجفاف في الاقليم. وقد عدّلت هذه المنظمة أهدافها لِتُركّز على التنمية، وقد انضمت لها اريتريا عام 1993، ثم دولة جنوب السودان في العام الماضي. وليس لهذه المنظمة دورٌ أو انجازٌ يُذكر سوى اتفاقية السلام الشامل السودانية والتي جرّها للعمل فيها ما سُمّي بمجموعة شركاء الايقاد من الدول الغربية والتي دفعت جلّ تكاليف المفاوضات من فنادق وطعام وشراب وسفر ومطبوعات. في مايو عام 1991 سقط نظام منقستو هايلي مريم الحليف الرئيسي للحركة الشعبية. وفي أغسطس من نفس العام انشقّ كلٌ من الدكتور لام أكول والدكتور رياك مشار عن الحركة الشعبية وكوّنا جناح الناصر (أو الجناح المتّحد) وأعلنا مطالبتهما بانفصال جنوب السودان. في سبتمبر عام 1991 اجتمعت الحركة الشعبية الأم في توريت وتبنّت (فيما يبدو أنه رد فعلٍ لهذين التطورين) خيار تقرير المصير فيما عرف بمقررات مؤتمر توريت، سبتمبر عام 1991. في 25 يناير عام 1992، وفيما يبدو أنه رد فعلٍ لكل هذه التطورات، حدث أكبر وأخطر تطور في تاريخ العلاقات بين شمال وجنوب السودان. فبعد أربعة أيامٍ من الاجتماعات التي بدأت في 22 يناير أصدر الدكتور علي الحاج والدكتور لام أكول إعلان فرانكفورت. وقد وافقت حكومة السودان بمقتضى الفقرة الثالثة من ذلك الإعلان على الآتي "بعد نهاية الفترة الانتقالية يُجرى استفتاء عام في جنوب السودان لاستطلاع آراء المواطنين الجنوبيين حول نظام الحكم الذي يناسب تطلعاتهم السياسية دون استبعاد أي خيار." وهكذ وببساطةٍ شديدةٍ ومتناهية وافقت حكومة السودان ولأول مرةٍ في تاريخ السودان على حق جنوب السودان في تقرير مصيره دون استبعاد أي خيار. لم يكن ذلك الإعلان شأناً خاصاً بالدكتور علي الحاج أو الحزب الحاكم. فقد نصّت الديباجة على أن الوفدين اللذين أصدرا ذلك الإعلان هما حكومة السودان واللجنة التنفيذية الوطنية الانتقالية للحركة الشعبية لتحرير السودان. عليه فقد فتح إعلان فرانكفورت صندوق بندورا وخرج الجنّيُ ولم يعد بإمكان أحدٍ إعادته إلى مكانه. لم يعد حق تقرير المصير بعد 25 يناير عام 1992 جُرماً يُعاقِب القانون من يتبناه، بل أصبح حقاً لشعب جنوب السودان بمقتضى اتفاقٍ وقّع عليه أحد كبار المسؤولين السودانيين في الدولة والحزب الحاكم، وتمّ التوصل إليه في دولةٍ أوروبيةٍ دون وسيطٍ أو طرفٍ ثالث يمكن أن يُتهم بأنه مارس ضغطاً ً على الطرفين، أو على أحدهما. اتفق الطرفان على اللقاء في أبوجا في مارس عام 1992، وقد تمّ ذلك اللقاء وتواصلت الاجتماعات والمفاوضات في عام 1993 ولكنها ركّزت على مسألة الدين والدولة ولم تتوصل إلى نقاط التقاء، فانفضّ المفاوضون وفقدت نيجريا حماسها للوساطة بعد أن انتهت فترة رئاسة السيد ابراهيم بابنجيدا. قفزت دول شرق افريقيا إلى داخل حلبة النزاع السوداني وقررت أن تملأ الفراغ الذي خلّفته نيجريا. عرضت هذه الدول باسم منظمة الايقاد وساطتها التي قبلها الطرفان. والوساطة أمرٌ لايتم بدون الرضا التام والصريح للطرفين، ويحق لأيٍ من الطرفين إنهاء الوساطة في أي وقت. إنّها مهمةٌ سياسيةٌ مبنيةٌ على التوافق وليست إجراءاً قانونيا يُفْرض على الطرفين أو أحدهما. وافق السودان وكذلك الحركة الشعبية على وساطة منظمة الايقاد ورحبا بدورها. ولكن الايقاد فاجأت السودان بتقديمها إعلان المبادئ في 20 يوليو عام 1994 والذي تضمّن حق تقرير المصير لشعب جنوب السودان. أبدى السودان دهشته ورفضه الكامل لإعلان المبادئ ذاك. ولكن منظمة الايقاد (أو من يقف خلفها) ذكّرت السودان بإعلان فرانكفورت وأنه يتضمن حق تقرير المصير أيضاً. وأوضحّ عرّابو الايقاد أن مبادئ الايقاد لم تأتِ بجديد، وأصرّوا عليها. بالإضافة إلى حق تقرير المصير فقد نصّ إعلان الايقاد صراحةً وفي مادةٍ منفصلةٍ على علمانية الدولة السودانية. هنا جاءت المهمة التي تحدث عنها الدكتور غازي وهي إلغاء إعلان مبادئ مبادرة الإيقاد أو إلغاء مبادرة الإيقاد من أساسها، والتي قام وفده بأدائها بكفاءةٍ عالية كما ذكر. لكنّ هذه مهمةٌ لم تكن لتتطلّب أكثر من تسليم خطابٍ رسميٍ بواسطة أحد دبلوماسيي السفارة السودانية بنيروبي أو جيبوتي لمكتب الايقاد هناك معلناُ انتهاء المبادرة. ولكن دعونا نتوقف عند الكلمة التي ألقاها الدكتور غازي في ذلك الاجتماع في يوم 22 سبتمبر عام 1994 مع ممثلي الايقاد. فقد بدأها بالقول: "بالنسبة لحق تقرير المصير فإن مصير السودان كان قد تحدد في عام 1956 عندما نال السودان استقلاله." وأوضح أن جنوب السودان لم يحدث أن تمّ التعامل معه ككيانٍ سياسيٍ منفصل بل إن الحركة الشعبية – حركة التمرد – اشتهرت بنهجها الوحدوي وأن تبنيها مؤخراً خيار الانفصال هو تكتيكٌ تفاوضي. (تناسى أو تجاهل الدكتور غازي مقررات مؤتمر توريت الصادرة في سبتمبر عام 1991). أشار الدكتور غازي إلى أن حق تقرير المصير لجنوب السودان سوف يكون له رد فعلٍ كبيرٍ سيؤثّر على كل افريقيا، وأوضح أن ذلك يتعارض مع مقررات منظمة الوحدة الافريقية التي أكّدت على ضرورة الإبقاء على الحدود الموروثة من الاستعمار. وختم الدكتور غازي كلمته بأن "حكومة السودان ملزمةٌ بتسليم نفس السودان للأجيال القادمة، وأن حق تقرير المصير تحت أية مسميات قد تؤدي إلى الانفصال أمرٌ غير وارد، وأن الحكومة غير مستعدة للتباحث حوله." ما الذي حدث لإعلان فرانكفورت الذي صدر قبل عامين ونصف؟ ألم توافق الحكومة بمقتضاه على استفتاءٍ عام في جنوب السودان لاستطلاع آراء المواطنين الجنوبيين حول نظام الحكم الذي يناسب تطلعاتهم السياسية دون استبعاد أي خيار؟ 4 واصلت الخرطوم موقفها الرافض لإعلان مبادئ الايقاد حتى عام 1996 عندما بدأت التفاوض مع الدكتور رياك مشار ووقّعت معه الميثاق السياسي ذاك العام، ثم اتفاقية الخرطوم عام 1997 والتي انضم إليها الدكتور لام أكول فيما بعد بمقتضى اتفاقية فشودة. وقد نصّ الميثاق السياسي واتفاقية الخرطوم على حق تقرير المصير لشعب جنوب السودان. وكمدخلٍ ونتيجةٍ لاتفاقية الخرطوم فقد وافق السودان رسمياً في نفس العام (1997) على إعلان المبادئ الذي صدر من الايقاد في يوليو عام 1994 متضمناً حق تقرير المصير والذي كان الدكتور غازي قد رفضه باسم الحكومة في سبتمبر عام 1994. وصدر دستور السودان لعام 1998 وتضمّنت المادة 139 منه نصّاً صريحاً على حق تقرير المصير لشعب جنوب السودان. بالطبع فقد سهّل إعلان فرانكفورت مهمة الدكتور رياك مشار والدكتور لام أكول. كما ذكرنا فقد تضمّن إعلان الايقاد مسألة علمانية الدولة السودانية أيضاً. ما الذي حدث لخطاب الدكتور غازي ومهمته التي أداها بكفاءةٍ في سبتمبر عام 1994؟ بل ما الذي حدث لوعده وتصميمه أن يسلّم السودان كاملاً للأجيال القادمة؟ وماذا عن تأكيده أن حق تقرير المصير تحت أية مسميات قد تؤدي إلى الانفصال أمرٌ غير وارد، وأن الحكومة غير مستعدة للتباحث حوله؟. في يناير عام 2002 اجتمعت دول منظمة الايقاد في الخرطوم. عرضت كينيا إحياء مبادرة الايقاد بعد أن وافق السودان عليها، واقترحت بدء المفاوضات في نيروبي. رحّب السودان بالفكرة ووافق عليها، ووافقت عليها أيضاً الحركة الشعبية. بعد المشاورات الداخلية تمّ اختيار الدكتور غازي العتباني رئيساً للوفد المفاوض وعضوية كلٍ من السادة ادريس محمد عبد القادر، ويحيى حسين بابكر، ومطرف صديق، وسيد الخطيب. وقامت الحركة الشعبية باختيار السيد نيال دينق رئيساً لوفدها وعضوية السيد دينق ألور والدكتور جستين ياك والسيد سامسون كواجي. ضم كلٌ من الوفدين مجموعةً أخرى من الأعضاء السياسيين والفنيين. بدأت المفاوضات في ناكورا في كينيا في مايو عام 2002، ثم انتقلت إلى مشاكوس في 17 يونيو عام 2002. وشارك في المفاوضات شركاء الايقاد ممثلين بالولايات المتحدة وبريطانيا والنرويج (والتي سُمّيت بمجموعة الثلاثة أو الترويكا) مع مجموعة كبيرة من الفنيين والقانونيين من عدّة دول من بينها جنوب افريقيا وسويسرا. وقد لعب الجنرال الكيني لازاروس سومبييو والوزيرة النرويجية السيدة هيلدي جونسون دوراً فاعلاً خلال المفاوضات كوسيطين، وأصدر كلٌ منهما فيما بعد كتاباً عن المفاوضات (كتاب السيدة هيلدي عنوانه اندلاع السلام وهي ترجمة غير موفّقة، وعنوان كتاب الجنرال لازاروس هو الوسيط). وقد استندنا على هذين الكتابين ومجموعة من التقارير التي صدرت عن مفاوضات اتفاقية السلام الشامل كبعض المصادر لكتابة هذا المقال. 5 لايمكن بأي حالٍ من الأحوال تلخيص ما دار في تلك المفاوضات الصعبة في مقالٍ صحفيٍ قصيرٍ مثل هذا. غير أن المفاوضات انتقلت من فكرة "دولة واحدة بنظامين" إلى مسألة الدين والدولة ونظام الحكم في السودان وتعثّرت كثيراً في هذين الأمرين. فجأةً أصرّت الحركة الشعبية على أن يتم نقاش مبدأ تقرير المصير والاتفاق عليه قبل معالجة الأمور الأخرى. رفض الوفد السوداني في بداية الأمر مسألة تقرير المصير ولكنّ الوسطاء الأوربيين والأمريكيين والأفارقة ذكّروا الوفد السوداني بإعلان فرانكفورت والميثاق السياسي واتفاق الخرطوم ودستور السودان لعام 1998 والتي تضمنت كلها مبدأ حق تقرير المصير لشعب جنوب السودان، وحذروا الوفد أنه لايمكن النكوص عن تلك الالتزامات. وافق الوفد الحكومي إثر هذا على مبدأ تقرير المصير لشعب جنوب السودان، وطلب الدكتور غازي (حسب كتاب الوسيط) التركيز على نقاطٍ أربع هي أسبقية الوحدة مع الاعتراف بالتعددية، احترام إرادة الشعب السوداني والاتفاق على إجراءاتٍ دستورية. ولكنّ الوفدين اختلفا في مدة الفترة الانتقالية التي تسبق إجراء الاستفتاء. فقد أصرّ الوفد الحكومي على أن تكون الفترة عشر سنوات بينما أصرّت الحركة على مدة عامين فقط. قام الوسطاء بجمع الرقمين واستخراج المتوسط وهو الرقم ست سنوات التي تضمّنتها اتفاقية السلام الشامل فيما بعد. صاغ الوسطاء في 19 يوليو 2002 ما أسموه بـ "الوثيقة الإطارية للتفاوض" والتي تضمّنت حق تقرير المصير لشعب جنوب السودان بما في ذلك حق الانفصال بعد فترةٍ انتقالية مدتها ست سنوات، مع الإبقاء على تطبيق الشريعة في شمال السودان. وقد أوضحت السيدة هيلدي جونسون أن الوثيقة هي مختصر لاتفاقية الخرطوم للسلام. ومنحَ الوسطاءُ الوفدين مدة ساعةٍ لقبول أو رفض الوثيقة، مع التهديد بإنهاء الوساطة إذا رفض الطرفان أو أحدهما الوثيقة. قبِل الطرفان هذا الإجراء واختار الوفد الحكومي السيدين يحيى حسين وسيد الخطيب بينما اختارت الحركة الشعبية السيدين نيال دينق ودينق ألور لمناقشة الوثيقة معاً. طلب الوفدان مزيداً من الوقت ووافق الوسطاء على ذلك، وبعد أربع ساعاتٍ من النقاش خرج الطرفان باتفاقٍ تمت صياغته النهائية والتوقيع عليه في 20 يوليو عام 2002 تحت مُسمّى "بروتوكول مشاكوس" الذي قنّن وأطّر مبدأ حق تقرير المصير لشعب جنوب السودان. وقد قام الدكتور غازي العتباني والسيد سلفا كير بالتوقيع على بروتوكول مشاكوس في مساء يوم 20 يوليو 2002 بالقصر الرئاسي في نيروبي بحضور الرئيس الكيني السيد دانيال أراب موي وعددٍ من أعضاء السلك الدبلوماسي والوسطاء. وقد أصدر مجلس الأمن بياناً رحب فيه بالاتفاق، وفعلت ذات الشئ مجموعةٌ من الحكومات من بينها الامريكية والبريطانية والنرويجية والايطالية. كما تناولت الصحف ووكالات الأنباء العالمية خبر الاتفاق وأشادت بإنجاز الوفدين. وكانت هناك إشادة خاصة بالدكتور غازي والسيد سلفا كير وتمّ وصفهما بواسطة القادة الغربيين والصحف الغربية بأنهما رجلا دولة يتميزان بالحكمة والمسؤولية. 6 أشارت السيدة هيلدي جونسون في كتابها إلى رأي الدكتور غازي في بروتوكول مشاكوس ودوره في التفاوض والتوقيع عليه. وأوضحت أنه ذكر لها أنه لم يكن هناك تطابقٌ في الآراء حول بروتوكول مشاكوس داخل الحكومة، ولكنه تشاور مع أعضاء الوفد واتصل بالسيد رئيس الجمهورية وكبار المسؤولين قبل التوقيع عليه. وأضاف "بالنسبة لي فقد كانت هذه فرصة العمر التي لايمكن إضاعتها. لقد كان أمامي في تلك اللحظة بالذات مستقبل السودان. إنه لا يمكن لقائدٍ يملك عقلاً سوياً إضاعة تلك الفرصة." تواصل التفاوض حول قضايا الثروة والسلطة والإجراءات الأمنية والتي أصبحت بعد موافقة الحكومة الرسمية على حق تقرير المصير تفاصيل لا أكثر ولا أقل. وظل الدكتور غازي رئيساً لوفد التفاوض حتى 29 نوفمبر عام 2003 حيث حلّ محله النائب الأول الأستاذ علي عثمان محمد طه رئيساً لوفد التفاوض. وهذا يعني أن الدكتور غازي ترأّس وفد السودان لمفاوضات السلام لمدة عامٍ ونصف (مايو 2002 حتى نوفمبر 2003) تم خلالها اتخاذ أهم وأخطر قرارٍ في تاريخ السودان. 7 لقد خرج اتفاق نيفاشا (الذي بُني على بروتوكول مشاكوس) من رحم مبادئ الايقاد كما أشار الدكتور غازي. ولكن مبادئ الايقاد نفسها خرجت من رحم إعلان فرانكفورت والذي عرضته الحكومة نفسها على الدكتور لام أكول، ووقّعت عليه دون وساطةٍ أو إكراهٍ أو تهديد. لقد اقترح الدكتور غازي "إشراك كل القوى والشخصيات السياسية السودانية والخبراء والمختصين في صياغة قراءة موحدة للأزمة ومن ثم سياسة وطنية موحدة تجاهها." وأضاف "وسيكون من المفيد أن تشارك في هذه الحملة كل القوى السياسية والمؤسسات القومية والشخصيات السودانية ذات العلاقات الإقليمية والدولية" حتى يمكننا تفادي استنساخ الايقاد ثم نيفاشا في جنوب كردفان والنيل الأزرق ودارفور. إنني آمل أن يتبنى الدكتور غازي بنفسه هذا الاقتراح ويخرجه إلى حيّز التنفيذ، فنطاق عمله ليس محصوراً في دوائر الاستشارة الضيقة كما ذكر في مقاله. إنه شخصٌ نافذٌ وقياديٌ بارزٌ ومسؤول في الحزب الحاكم كما ذكر هو بنفسه للسيدة هيلدي جونسون.
http://www.sudaneseonline.com/2008-05-19-17-39-36/9...-05-27-19-54-27.html * |
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ضد المدعــو " نيفاشــا " وضــد تقسيم الســودان . (Re: عبدالله الشقليني)
|
(113)
Quote: تأملات امريكي سوداني (2): "نيويورك تايمز" وتقسيم السودان .. واشنطن: محمد علي صالح
في الحلقة الاولى من هذه التأملات، كتبت الأتي: "بعد ثلاث سنوات، احس ان وقوفي امام البيت الابيض صار مثل "عيادة نفسية". احس براحة نفسية، ويخف حزني، ويخف غضبي. لكن، كان يوم السبت الماضي يوم الحزن والغضب الاكبرين: حزن لان وطني الاول، السودان، تقسم. وغضب لان وطني الثاني، امريكا، لعب دورا كبيرا في تقسيمه." وكتبت: "خلال السنوات التي اعقبت اتفاقية السلام، بدا الرئيس السابق بوش، وقادة كنائس، ويهود، وسود في الكونقرس يميلون نحو تقسيم السودان. وكان من اسباب ذلك هجوم 11 سبتمبر، واعلان ما تسمى "الحرب ضد الارهاب"، وظهور "اسلاموفوبيا" (الخوف من الاسلام والمسلمين) التي يبدو، اسفا، انها ستبقى في امريكا لفترة طويلة." وكتبت: "اولا: طلب فرانكلين قراهام، من اهم المسيحيين في امريكا، من الرئيس بوش "يجب ان تتذكر السودان دائما". والد فرانكلين، بيلي قراهام، هو الذي الهم بوش بان "يعود الى المسيحية" بعد سنوات الطيش والسكر والعربدة. ثانيا: ارسل عشرون من قادة الكنائس خطابا الى بوش باهمية "وقف مذبحة واسترقاق المسيحيين في جنوب السودان." ثالثا: ارسل قسيس بوش الخاص، قسيس كنيسة ميدلاند (ولاية تكساس) خطابا الى الرئيس البشير حذره فيه من "ان تتحدانا، وتتحدى الحكومة الامريكية." رابعا: كتب السناتور جون دانفورث، مبعوث الرئيس بوش الى السودان، بان الجنوب يجب ان ينفصل عن الشمال لحماية المسيحيين، وهو نفسه قسيس.” --------------------------------- ومؤخرا، كتبت صحيفة "نيويورك تايمز": "في مكتب القنصل الامريكي في جوبا (الان مكتب السفير الامريكي)، توجد صورة فيها القنصل والممثل السينمائي الامريكي جورج كلوني. كلوني ظل، منذ ايام الرئيس السابق بوش، يقود حملة ضد حكومة السودان. قال القنصل: عندما تتعاون مع شخص مثل جورج كلوني، لا تحتاج لان تتعاون مع غيره. جورج كلوني عنده قوة كبيرة... هل كان يمكن فصل الجنوب بدون المشاهير ونجوم السينما؟ اعتقد انهم لعبوا دورا كبيرا... عندما يرسل الملايين خطابات انترنت الى الرئيس الاميركي، لابد ان يؤثر هذا." وكتبت الصحيفة: "تعاونت شخصيات امريكية مشهورة مع جمعيات مسيحية امريكية وسياسيين امريكيين لمساعدة حركة ضعيفة على تحقيق ما فشلت حركات انفصالية في دول اخرى تحقيقه، وهو الانفصال... ظل السودان هاجساً للغرب لأكثر من مائة سنة. أنها مسألة تدعو للتساؤل. لماذا كل هذا الاهتمام بجنوب السودان؟ لماذا من دون مناطق الحرب الاخرى في العالم؟ لماذا من دون ما تشهد أفريقيا من حمامات دم في ليبيريا والصومال وغيرهما؟" وكتبت الصحيفة: "السودان، الذي اصبح سودانيين، دولة واسعة ومعقدة، وفيه كمية مذهلة من التنوع. لكن، فيه خط تقسيم واضح بين الجنوب، واغلبيته مسيحيين ووثنيين، والشمال واغلبيته مسملين، ويسيطر عليه العرب. ودعم الاستعمار البريطاني خط التقسيم هذا. وفي القرن التاسع عشر، بدأت بعثات تبشيرية غربية تدعم قضية الجنوب ... وفي سنة 2001، وجدت منظمات مسيحية امريكية صديقا في البيت الأبيض. وذلك عندما ضغط الرئيس بوش الابن على المتمردين الجنوبيين والحكومة المركزية في السودان للتوقيع على اتفاق سلام شامل، والتي وقعت في 2005. وضمنت للجنوبيين حق الانفصال... هذا النجاح السياسي كان واحدا من اهم انجازات الرئيس بوش الابن." وكتبت الصحيفة: "لكن، لسنوات، انشغل بوش بمشكلة دارفور التي بدأت سنة 2003، عندما هاجم متمردون قوات الحكومة... لكن، لأن كل شخص في دارفور مسلم، لم تنجح محاولة النظر الى المشكلة من زاوية الحروب الصليبية." واختتمت الصحيفة بقولها: "في الوفد الامريكي لاحتفالات استقلال جنوب السودان، كان هناك عضوان غير رسميان: كولن باول، وزير الخارجية ايام بوش (اشرف على التوقيع على اتفاقية السلام سنة 2005)، وكين هاكيت، مدير خدمات الإغاثة الكاثوليكية الامريكية." ------------------------------------ وكتبت صحيفة "بوسطن قلوب" الامريكية: "يوم احتفال استقلال جنوب السودان، جاءت صفوف سيارات مرسيدس جديدة، تحمل القادة الأفارقة: روبرت موغابي، رئيس زمبابوي. جاكوب زوما، رئيس جنوب أفريقيا. ميليس زيناوي رئيس وزراء إثيوبيا. تيودورو اوبيانج رئيس غينيا الاستوائية. مواي كيباكي، رئيس كينيا. يوري موسيفيني، رئيس يوغندا، وغيرهم... لكن، عندما جاء الرئيس السوداني عمر البشير، ولسبب غير مفهوم، صفق له الجنوبيون كثيرا، وهو الذي اعلن لسنوات حربا شرسة، ولمنع انفصال الجنوب." وكتبت الصحيفة: "ظلت الجماعات المسيحية تناصر السودانيين الجنوبيين منذ القرن التاسع عشر. وفي سنة 2000، أثمرت جهودهم عندما انتخب جورج بوش رئيسا للولايات المتحدة. ورفع السودان إلى اعلى جدول أهتماماته الخارجية. وفي سنة 2005، ضغطت الحكومة الأمريكية على المتمردين الجنوبيين والحكومة المركزية للتوقيع على اتفاق سلام، هي التي ضمنت للجنوبيين الحق في الانفصال..." ----------------------------- وكتبت دورية "فورين بوليسي اسوشييشون" (جمعية السياسة الخارجية الامريكية) في واشنطن: "اثارت صحيفة نيويورك تايمز نقطة هامة عن سر اهتمام امريكا بالسودان. لقد وجد هذا البلد الكبير اهتماما امريكيا اكثر من الدول الاخرى التي مزقتها الحروب. مثل الكونغو، حيث قتلت الحروب الاهلية خمسة مليون شخص تقريبا. في الحقيقة، كان الصراع في السودان بين الشمال العربي المسلم والجنوب المسيحي سبب اهتمام جمعيات مسيحية في الولايات المتحدة. وخلال عشرات السنين، ظلت هذه الجمعيات تريد الاستقلال لجنوب السودان. وفي سنة 2000، وضع الرئيس جورج بوش السودان في قمة اهتماماته الخارجية. وساعد، وهو الرئيس المسيحي المشهور، على التوقيع على اتفاقية سنة 2005 التي وعدت بتقسيم السودان." ---------------------------------- (يتبع) [email protected] |
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ضد المدعــو " نيفاشــا " وضــد تقسيم الســودان . (Re: عبدالله الشقليني)
|
(114)
Quote: دور امريكا في تقسيم السودان (3): فطور مع قادة الحركة الشعبية .. واشنطن: محمد علي صالح
هذه هي الحلقة الثالثة من سلسلة غير منتظمة عن دور امريكا في تقسيم السودان. وهذه ثلاث نقاط من الحلقة الاولى (التي نشرت في صحيفة "نيويورك تايمز" وصحيفة "انترناشونال هيرالد تربيون"): اولا: "بعد ثلاث سنوات، احس ان وقوفي امام البيت الابيض صار مثل "عيادة نفسية". احس براحة نفسية، ويخف حزني، ويخف غضبي. لكن، كان يوم السبت الماضي (يوم تقسيم السودان) يوم الحزن والغضب الاكبرين: حزن لان وطني الاول، السودان، تقسم. وغضب لان وطني الثاني، امريكا، لعب دورا كبيرا في تقسيمه." ثانيا: "خلال السنوات التي اعقبت اتفاقية السلام، بدا الرئيس السابق بوش، وقادة كنائس، ويهود، وسود في الكونقرس يميلون نحو تقسيم السودان. وكان من اسباب ذلك هجوم 11 سبتمبر، واعلان ما تسمى "الحرب ضد الارهاب"، وظهور "اسلاموفوبيا" (الخوف من الاسلام والمسلمين) التي يبدو، اسفا، انها ستبقى في امريكا لفترة طويلة." ثالثا: "طلب فرانكلين قراهام، من اهم المسيحيين في امريكا، من الرئيس بوش "يجب ان تتذكر السودان دائما". والد فرانكلين، بيلي قراهام، هو الذي الهم بوش بان "يعود الى المسيحية" بعد سنوات الطيش والسكر والعربدة. وهو الذي ارسل، مع عشرين من قادة الكنائس، خطابا الى بوش باهمية "وقف مذبحة واسترقاق المسيحيين في جنوب السودان." وارسل قسيس بوش الخاص، قسيس كنيسة ميدلاند (ولاية تكساس) خطابا الى الرئيس البشير حذره فيه من "ان تتحدانا، وتتحدى الحكومة الامريكية." وكتب السناتور جون دانفورث، مبعوث الرئيس بوش الى السودان، بان الجنوب "يجب ان ينفصل عن الشمال لحماية المسيحيين". وهو نفسه قسيس كبير.
الحلقة الثانية:
في الحلقة الثانية، مقتطفات من انطباعات صحافيين اميركيين حضروا احتفالات استقلال الجنوب في جوبا. ومنهم مراسل صحيفة "نيويورك تايمز"، ومما كتب الأتي: اولا: "في مكتب القنصل الامريكي في جوبا (الان مكتب السفير الامريكي)، توجد صورة فيها القنصل والممثل السينمائي الامريكي جورج كلوني. كلوني ظل، منذ ايام الرئيس السابق بوش، يقود حملة ضد حكومة السودان. قال القنصل: عندما تتعاون مع شخص مثل جورج كلوني، لا تحتاج لان تتعاون مع غيره. جورج كلوني عنده قوة كبيرة... هل كان يمكن فصل الجنوب بدون المشاهير ونجوم السينما؟ اعتقد انهم لعبوا دورا كبيرا... عندما يرسل الملايين خطابات انترنت الى الرئيس الاميركي، لابد ان يؤثر هذا." ثانيا: "تعاونت شخصيات امريكية مشهورة مع جمعيات مسيحية امريكية وسياسيين امريكيين لمساعدة حركة ضعيفة على تحقيق ما فشلت حركات انفصالية في دول اخرى تحقيقه، وهو الانفصال... ظل السودان هاجساً للغرب لأكثر من مائة سنة. أنها مسألة تدعو للتساؤل. لماذا كل هذا الاهتمام بجنوب السودان؟ لماذا من دون مناطق الحرب الاخرى في العالم؟ لماذا من دون ما تشهد أفريقيا من حمامات دم في ليبيريا والصومال وغيرهما؟"
الحلقة الثالثة:
في هذه الحلقة الثالثة، وثيقة من وثائق موقع "ويكيليكس" في الانترنت. ارسلتها السفارة الامريكية في الخرطوم بتاريخ 29-1-2006 (بعد اكثر من سنة من توقيع اتفاقية السلام، وبعد اغتيال الزعيم الجنوبي جون قرنق). في ذلك الوقت، كانت جنداي فريزر، السوداء، مساعدة لوزيرة الخارجية كونداليزا رايس، السوداء، للشئون الافريقية. وكانت المرأتان تنفذان سياسة الرئيس بوش واللوبيات المسيحية المتطرفة، واليهودية المتطرفة، والبلاك كوكس (اعضاء الكونغرس السود). عنوان الوثيقة هو "فطور مع قادة الحركة الشعبية". هذه مقتطفات من الوثيقة: "يوم 26 يناير، اجتمعت مساعدة الوزيرة جنداي فريزر، وروجز وينتر (مبعوث خاص من الخارجية الاميركية للسودان) والقائم بالاعمال، مع ثلاثة من قادة الحركة الشعبية لتحرير السودان: ياسر عرمان، رئيس نواب الحركة الشعبية في المجلس الوطني. مالك عقار، وزير الاستثمار في الحكومة الوطنية، ودينق الور، وزير شئون الوزارة في الحكومة الوطنية (في وقت لاحق، وزير خارجية). قالوا ان الحركة الشعبية تتدهور بسبب سلفاكير، نائب الرئيس في الحكومة الوطنية، ورئيس حكومة الجنوب. وقالوا ان سلفاكيرهو الوحيد الذي يقدر على قيادة الحركة، لكنه لا يمثل التيار الرئيسي. وحذروا من ان الحركة يمكن ان تنهار إذا لم يتحرك سلفاكير. وايضا، قالوا ان حزب المؤتمر الوطني الحاكم يحاول تقسيم وخصي ممثلي الحركة في الحكومة الوطنية. وقال الور أن سلفاكير ورث السلطة المطلقة، ولكنه غير قادر على ادارتها. وان عدد من قادة الحركة الذين كانوا مقربين من قرنق ناقشوا هذا التدهور في وضع الحركة مع سلفاكير، وكان ذلك يوم 9 يناير في جوبا، وكانوا هم: عرمان، وعقار، ودينق. وقال الور ان الاجتماع كان ايجابيا. وان الموالين لقرنق طمأنوا سلفاكير بانهم لا يريدون اقالته. في نفس الوقت، وافق سلفاكير على إنشاء هيئة مؤقتة لادارة الحركة . وحسب كلام الور، كان سلفاكير يتلقى نصائح رديئة من بونا ملوال (مستشار الرئيس البشير لسنوات قليلة)، ولام اكول (وزير الخارجية في الحكومة الوطنية لسنوات قليلة)، مما تسبب في فوضى في الحركة. وهدد بتقسيمها. وطلب الثلاثة (عرمان، وعقار، والور) مساعدة الولايات المتحدة في هذا الموضوع، والالحاح على سلفاكير باهمية وحدة الحركة الشعبية. وكانوا طلبوا نفس الشئ من قادة افارقة. وردت مساعدة الوزيرة فرايزر بأن مصلحة الولايات المتحدة هي تحويل طريقة حكم السودان ("قفرننانس"، طريقة الحكم، لا "قفرنمنت" الحكومة). وان على ممثلي الحركة في الحكومة الوطنية ادارة وزاراتهم بما يحدث هذا التغيير. وتحدث عرمان عن مشاكل بين جون قرنق وسلفاكير سنة 2004. وقال ان بونا ملوال، ولام اكول وقفا الى جانب قرنق. وان سلفاكير ورث عن قرنق حركة شعبية يسيطر عليها انصار قرنق. لكنه تحرك لوضع رجاله مكان رجال قرنق. وبدأ بوزارة الخارجية (حل الور محل اكول). وقال عرمان ان هذا، لسوء الحظ، جاء لصالح حزب المؤتمر الوطني وقادة القوات المسلحة والامن في الشمال. وسارع حزب المؤتمر لاستغلال التغييرات في قيادة الحركة الشعبية. وارسل صلاح غوش، مدير الاستخبارات ، تقريرا سريا الى سلفاكير عن مؤامرة داخل الحركة الشعبية للتخلص منه، وان الاميركيين لا يريدونه. وقال الور أن حزب المؤتمر الوطني أيضا غير سعيد لان القادة الافارقة بدأوا يتفاوضون مع قادة الحركة. وان صلاح غوش دخل أحد الاجتماعات للاتحاد الافريقي كان يتحدث فيه سلفاكير ليسمع ماذا يقول. وان الحركة الشعبية كانت وراء رفض الاتحاد الافريقي اختيار الرئيس البشير رئيسا له لدورة جديدة. وقال الثلاثة (عرمان، وعقار، والور) انهم سعداء لان البشير فشل في ان يكون رئيسا للاتحاد الافريقي. وقال الور ان حزب المؤتمر الوطني يريد فصل الجنوب حتى ينفرد بحكم الشمال. وقال عرمان ان على فريزر اقناع سلفاكير بان يسير على خطى جون قرنق بتاسيس سوادان واحد، رغم ان مواقف سلفاكير عن الانفصال معروفة. وان يوغندا، وجنوب افريقيا، واثيوبيا يمكن ان تساعد في هذا الموضوع. وردت فريزر بان كثيرين في الولايات المتحدة يعتقدون ان كثيرا من الجنوبيين لا يؤيدون الوحدة. وحقيقة ان غياب قرنق احدث فراغا في قيادة الحركة، لكن على الحركة ان تواصل العمل الدؤوب، وان كل واحد من القادة يقدر على ملء مقعد قرنق. وقالت فريزر ان الصداقة بين الولايات المتحدة وقادة الحركة الشعبية هامة، لكن مصالح الولايات المتحدة تعلو على كل شئ. وهي تمثل مصالح الولايات المتحدة. وقالت ان لابد من تغيير نظام الحكم في السودان، ولابد من اضعاف حزب المؤتمر الوطني. لكن، اي ضعف في الحركة الشعبية يعرقل تنفيذ هذه الاهداف. وان وزراء الحركة في الحكومة الوطنية يجب الا يكون هدفهم هو المناصب فقط. ويجب ان يزيدوا قوتهم داخل الحكومة الوطنية (لتحقيق الاهداف السابقة)."
تعليقات:
اولا: في هذه الوثيقة، ليست جديدة الاختلافات والمشاكل وسط الجنوبيين. وليست جديدة توسلات الجنوبيين (والشماليين: عرمان، وعقار، والحلو، ومنصور خالد) للامريكيين بالتدخل لحل مشاكلهم الداخلية، او مشاكلهم مع حكومة السودان. لسنوات كثيرة، كانوا يأتون الى واشنطن ليحل لهم الاميركيون مشاكلهم. ثانيا: الجديد في هذه الوثيقة هو قول فريزر ان هدف امريكا هو تغيير نظام الحكم، وليس الحكومة ("قفرننس" وليس "قفرنمنت"). وكانت فريزر تنقل هدف لوبيات المسيحيين المتطرفين، واليهود المتطرفين، واعضاء الكونغرس السود. هدف هؤلاء كان، ولا يزال، القضاء على ما يسمونها "سيطرة القبائل العربية على حكم السودان". وابعاد السودان عن الدول العربية والاسلامية. ووقف زحف الثقافة الاسلامية والعربية في جنوب السودان، كجزء من الهدف الاكبر وهو وقف زحف الاسلام الى افريقيا جنوب الصحراء. ثالثا: شئ آخر جديد في هذه الوثيقة، وهو قول فريزر ان المصالح الاميركية اهم من صداقة اميركا للجنوبيين. وحسب الوثيقة، لم يعلق اي واحد من الحاضرين على ذلك، ناهيك عن رفضه. رابعا: الاحداث منذ تاسيس "دولة الجنوب المسيحية": زيارة سلفاكير لاسرائيل. وتعيين مدير استخبارات اسرائيلي سابق سفيرا لاسرائيل في الجنوب. وارسال قوات مارينز اميركية الى الجنوب. وارسال اسلحة امريكية الى الجنوب. وتهديد جنوبيون بغزو الخرطوم. خامسا: بعون من الله، كما اعلنت قبل اربع سنوات، انوى ان اقف امام البيت الابيض، حتى يتوافني الله، صامتا، وحيدا، وارفع لافتة عملاقة تسأل الاميركيين، في جانب: "ما هو الاسلام؟" وفي الجانب الآخر: "ما هو الارهاب؟" وايضا بعون من الله، انوى ان ابحث، حتى يتوفاني الله، عن وثائق تثبت دور امريكا في تقسيم السودان. [email protected]
|
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ضد المدعــو " نيفاشــا " وضــد تقسيم الســودان . (Re: عبدالله الشقليني)
|
(115)
Quote: دور امريكا في تقسيم السودان (5): لوبي الدولة الفاشلة .. واشنطن: محمد علي صالح هذه هي الحلقة الخامسة من حلقات غير منتظمة عن دور الولايات المتحدة في تقسيم السودان. كانت الحلقة الاولى مباشرة بعد انفصال الجنوب: راي كتبته انا، ونشرته صحيفتا "نيويورك تايمز" و "انترناشونال هيرالد تربيون" تحت عنوان: "دور وطني الثاني في تقسيم وطني الاول". وكانت الحلقة الثانية تقرير جفري قيتلمان، مراسل صحيفة "نيويورك تايمز"، بعد ان حضر حفل استقلال الجنوب في جوبا. ومما كتب: "تعاونت شخصيات امريكية مشهورة مع جمعيات مسيحية امريكية، وسياسيين امريكيين، لمساعدة حركة ضعيفة على تحقيق ما فشلت حركات انفصالية في دول اخرى تحقيقه، وهو الانفصال ... ظل السودان هاجساً للغرب لأكثر من مائة سنة. أنها مسألة تدعو للتساؤل. لماذا كل هذا الاهتمام بجنوب السودان؟ لماذا من دون مناطق الحرب الاخرى في العالم؟ لماذا من دون ما تشهد أفريقيا من حمامات دم في ليبيريا والصومال وغيرهما؟" وكانت الحلقة الثالثة وثيقة من وثائق موقع "ويكيليكس" في الانترنت. ارسلتها السفارة الاميركية في الخرطوم سنة 2006 الى واشنطن عن اجتماع في الخرطوم لقادة الحركة الشعبية مع جنداي فريزر، السوداء، مساعدة الشئون الافريقية لوزيرة الخارجية الاميركية كونداليزا رايس، السوداء ايضا. ومما جاء في الوثيقة، قالت فريزر لياسر عرمان، ومالك عقار، ودينق الور، عندما تحدثوا عن ان جون قرنق كان يريد الوحدة، ان الاميركيين لا يريدون الوحدة. وقالت ان هدف الولايات المتحدة هو تغيير الحكم في السودان، وليس فقط تغيير الحكومة ("قفرننس" وليس "قفرنمنت"). وقالت ان المصالح الاميركية اهم من صداقة اميركا للجنوبيين. وحسب الوثيقة، لم يعلق اي واحد من الثلاثة على هذا، ناهيك عن رفضه. وكانت الحلقة الرابعة تقريرا ارسله من الجنوب الان بوسيل، صحافي امريكي يعيش في نيروبي، ويزور الجنوب من وقت لآخر. ويعمل مع مجموعة صحف شركة "ماكلاتشي" الاميركية، ويكتب في صحف امريكية اخرى. عنوان التقرير: "جيش جنوب السودان الذي تسانده الولايات المتحدة هو جزء من المشكلة هناك." وهذه الحلقة الخامسة ايضا تقرير كتبه بوسيل، بمناسبة مرور سنة على استقلال جنوب السودان. وعنوانه: "لوبي الدولة الفاشلة في واشنطن". هذه مقتطفات من التقرير:
تحالف الحزبين الامريكيين: "... في جوبا، في جنوب السودان، يتفق الحزبان الامريكيان الجمهوري والديمقراطي ربما مثلما لا يتفقان حول اي مكان أخر. قبل سنة، في احتفالات استقلال جنوب السودان، حضرت سوزان رايس، السفيرة الامريكية في الامم المتحدة، بالنيابة عن الرئيس باراك أوباما (الديمقراطي). وجلست الى جوار كولن باول، وزير خارجية الرئيس السابق بوش الابن (الجمهوري). وكان هناك القس فرانكلين غراهام (من قادة المسيحيين المتطرفين). ورغم انه يظل ينتقد الحزب الديمقراطي، في ذلك اليوم، هنأ حكومة الحزب الديمقراطي لانها "حققت نجاحا كبيرا في السياسة الخارجية: ميلاد دولة جنوب السودان المستقلة ... " في ذلك اليوم، ولدت معجزة جنوب السودان بفضل السياسة الامريكية، في جو من التفاؤل الكبير. ولدت تتويجا لإكثر حملة اميركية خارجية فعالة خلال العشرين سنة الماضية. بدات هذه الحملة الاميركية عندما اغدق اثنان من اعضاء الكونقرس تأييدا بلا حدود للحركة الشعبية بقيادة جون قرنق: النائب الجمهوري فرانك وولف، والنائب الديمقراطي دونالد بين. وفي جوبا، يوم استقلال جنوب السودان، قابلت النائب بين. وقال لي أنه زار جنوب السودان اول مرة في عام 1989. وخلال زيارة اخرى سنة 1993، قابل سالفا كير اول مرة، وكان قائدا للمتمردين داخل الاحراش. وقال لي النائب بين (توفي قبل ثلاثة شهور): "بدات اجند المؤيدين لجنوب السودان داخل الكونقرس مع نواب من مختلف الاتجاهات السياسية. منهم الذين لم اعرفهم كثيرا، ومنهم الذين لم اتفق معهم في الرأي. خرجت من نطاق "بلاك كوكس" (مجموعة النواب السود). وجمعت مؤيدين من الحزبين الديمقراطي والجمهوري. وخلال ثلاثة رؤساء (كلنتون، وبوش، واوباما). هذا الجهد هو الذي حقق هذا الاستقلال... "
خيبة الامل:
"... اليوم، مع عيد الاستقلال الاول، الاحظ شيئين: اولا: بدون الدعم الامريكي العملاق، ما كان جنوب السودان سيصبح مستقلا. ثانيا: يبدو ان الحب الامريكي لجنوب السودان سينتهي بخيبة امل. اليوم، اكتب من جوبا، والاحظ اختفاء الابتهاج الذي رافق استقلال جنوب السودان. والاحظ ان سجل السنة الاولى كان كارثة، بكل المقاييس، حتى لو استعملنا ادني المقاييس. صحيح، لم يحدث شيئان: اولا: لم يتحارب الجنوب والشمال حربا شاملة. ثانيا: لم ينقسم الجنوب ويتشتت. لكن، حتى الأن .... حتى الأن، حدث الأتي: اولا: لاول مرة، يواجه جنوب السودان تهديدا بعقوبات صارمة من مجلس الامن بسبب عدوانه العسكري على الشمال (عدوان هجليج). ثانيا: سقط الاف الضحايا من الجنوبين بسبب الحروبات الداخلية. ثالثا: توقف انتاج البترول، المصدر الوحيد لعائدات جنوب السودان. رابعا: في كل البلاد طريق اسفلت بري واحد، وثلاثة ارباع المواطنين اميون، والفقر المدقع في كل مكان. لهذا، اقول ان جنوب السوداني يحتاج الى قيادة حكيمة ... "
سرقة اربعة مليارات دولار:
"... صحيح، لا تتحمل الحركة الشعبية كل مسئولية هذا السجل المؤسف، لانها ورثت (من الشمال) مشاكل كثيرة. لكن، لم تستفد الحركة الشعبية من الامكانيات الداخلية والخارجية التي وجدتها عندما تسلمت الحكم. في الحقيقة، من الناحية المالية، لم يستقل جنوب السودان في السنة الماضية. استقل منذ اتفاقية السلام سنة 2005، وصار يدير شئونه المالية والاقتصادية. وخلال هذه السنوات، نهبت الحركة الشعبية خزينة الجنوب، واثرى قادتها، ولم يتركوا دولارا واحدا لمشاريع التنمية. قبل شهرين، اعترفت حكومة جنوب السودان بان المسئولين الجنوبيين "سرقوا" اربعة مليارات دولار. يساوى هذا عائد سنتين كاملتين لخزينة البلاد. اسوأ من ذلك: هذه السرقة حدثت تحت سمع ونظر المنظمات الدولية. بالنسبة للحكومة الامريكية، طبعا تدين الفساد، لكنها لا تفعل اكثر من الادانة. ولا ننسى ان الحكومة الامريكية سلحت قوات جنوب السودان بما جملته ثلاثمائة مليون دولار منذ اتفاقية السلام سنة 2005. لكنها لا تملك خطة تجعل القادة الجنوبيين يغيرون سلوكهم ... "
مشكلة اوباما وسلفاكير:
"... وهناك المشكلة بين الرئيس اوباما ورئيس جنوب السودان سلفاكير. ليس سرا ان علاقتهما متوترة. وقال مسئولون: "ربما ليس في الامكان اصلاحها." وهناك اكثر من مثال: اولا: في سبتمبر الماضي، تاخر سلفاكير نصف ساعة لاجتماع مع الرئيس اوباما على هامش اجتماعات الامم المتحدة في نيويورك. ثانيا: في بداية هذه السنة، انكر سلفاكير في اتصال تلفوني مع اوباما ان جنوب السودان يساعد الحركات المسلحة في الشمال، رغم ان الاستخبارات الامريكية قالت عكس ذلك. ثالثا: قبل ثلاثة شهور، تعهد سلفاكير للرئيس اوباما بان قواته لن تحتل هجليج. وبعد ايام قليلة، غزت القوات الجنوبية هجليج مع نفس الحركات المسلحة التي كان سلفاكير نفى انه يساعدها. رغم هذا، لا تتوقعوا ان اوباما سيتشدد نحو سلفاكير. لماذا؟ لان اوباما لن يكسب شيئا اذا اغضبه. تظل علاقتنا مع السودان لا تعتمد على مصالح امنية، ولكن على مثالية اخلاقية. تحمسنا بالا تكرر مذبحة رواندا في السودان. وضغطنا على حكومة الخرطوم حتى لا يحدث ذلك. وتحالفت منظمات حقوق الانسان الامريكية مع الكنائس المسيحية الامريكية. وقالوا ان قادة حكومة الخرطوم هم الشياطين انفسهم. لكن، اخطأت هذه المنظمات خطأ كبيرا عندما اعتقدت بان قادة الحركة الشعبية هم الملائكة. لكن، رغم كل هذا، تظل الحركة الشعبية هي طفل امريكا المدلل. يؤيدها البيت الابيض، والكونقرس، ومراكز الرأي، والاعلام. ولم تتتمتع حركة افريقية بمثل هذا التأييد ... "
برندرقاست وكلوني:
" ... من اهم اصدقاء الحركة الشعبية في واشنطن: جون برندرقاست، وجيل سميث، اللذان عملا في ادارة الرئيس السابق كلنتون، ثم اسسا مركز "ايناف" (كفاية) التابع لمعهد "اميركان بروقريس" (التقدم الامريكي) في واشنطن. وبسبب شعار "مقاومة الابادة"، صار المركز مصدر عطف وثقة في الاعلام الامريكي. وصار الاعلام يستشهد بما يقولون وكانه حقائق مسلم بها. لكن، هذه "النشاطات الاخلاقية" تخفى اجندة سياسية واضحة. رغم اعترافهم بالفساد في جنوب السودان، تظل حكومة الخرطوم هدف الادانات والعقوبات. وحتى مع غزو هجليج ومساعدة الحركات المسلحة في الشمال، طالبوا بان تمد الحكومة الامريكية جيش الجنوب بصواريخ مضادة للطائرات. (في قمة حرب دارفور، كانت سوزان رايس اقترحت ان تقصف القوات الاميركية الخرطوم، وان تعلن منطقة خالية من الطيران، كما حدث في العراق، تمهيدا لغزو الخرطوم، واسقاط حكومتها). ولا يذكر برندرقاست، الا ويذكر الممثل جورج كلوني الذي جعل من الرئيس السوداني عمر البشير عدوا شخصيا. خلال السنتين الماضيتين، زار كلوني جوبا ثلاث مرات. بل صرف من ماله الخاص لمشروع التقاط صور من اقمار فضائية تتجسس علنا على السودان. لكن، صارت لهذا الصور اجندة خاصة. انظر الى الصور، واقرأ التقارير التي تنشر معها، وتلاحظ انها تركز على حشود القوات السودانية قرب الحدود، ولا تشير بنفس المستوى الى ما تفعل الحركة الشعبية.، حتى اذا خرقت القوانين الدولية، وعبرت الحدود (هجليج). ولان كلوني نجم سينمائي مشهور، يقدر على ان يفعل اي شئ، وينشره الاعلام، ويصوره. وايضا، لانه صديق للرئيس اوباما. وايضا، لان اوباما يحتاج الى تبرعات نجوم ونجمات السينما والتلفزيون في هوليوود ... "
ونتر وكاقني:
" ... يشمل لوبي الحركة الشعبية في واشنطن آخرين: اولا: روجر ونتر: عمل في وكالة التنمية الدولية الامريكية (يو اس ايد). وكان مبعوث وزارة الخارجية الى السودان. وبعد ان تقاعد، ذهب الى جوبا، مستشارا للحركة الشعبية. ثانيا: تيد كاقني (امريكي اثيوبي): كان يعمل خبيرا في الشئون الافريقية في الكونقرس. واليوم، يعمل مستشارا للرئيس سلفاكير في جوبا. وتراه احيانا يكتب البيانات الصحافية بالنيابة عن سلفاكير. وهناك أخرون يدافعون عن الحركة الشعبية. وكما قال الكس دي وال (بريطاني متخصص في السودان، وهو الأن مستشار للاتحاد الافريقي): "تأييد الولايات المتحدة القوي للحركة الشعبية يجعل الحركة الشعبية غير مسئولة. تعتقد ان القوانين الدولية لا تنطبق عليها." حتى بعد غزو هجليج، والادانات الدولية، استغربت الحركة الشعبية، وكانها لم تفعل شيئا. ماذا يريد لوبي الحكومة الفاشلة في واشنطن؟ قال لي بندرقاست: "لم يفعل اوباما ما فيه الكفاية لعزل حكومة الخرطوم كما يريد اعضاء في الكونقرس، وكما تريد منظمات حقوق الانسان. ولا يبدو اوباما انه صديق قوي لحكومة الجنوب. اذا الحكومة الامريكية جادة، يجب ان تساعد المتمردين في السودان ... "
ماذا عن المستقبل؟
" ... مع مظاهرات الطلاب في الخرطوم ضد حكومة البشير، توقعوا ان يرفع لوبي الحركة الشعبية في واشنطن شعار تغيير النظام، وشعار تسليح الحركات المتمردة في السودان. ولا يهم اذا فاز الرئيس اوباما في الانتخابات في نوفمبر، او لم يفز، تتمتع الحركة الشعبية بتاييد الحزبين الجمهوري والديمقراطي. لكن، اذا فاز ميت رومني الجمهوري، ستزيد المشاكل. اقرأوا برنامج رومني عن السودان. كان الحركة الشعبية هي التي كتبته، وفيه ألأتي: "رغم ان اوباما بادر وساعد جنوب السودان لتحقيق الاستقلال، فشل اوباما في تقوية التحالف مع جنوب السودان." اذا فاز رومني، سيعلوا نجما مستشاريه الحاليين: ريتش وليامسون (كان مبعوث الرئيس السابق بوش الابن للسودان). وديفيد راد (كان مسئول السودان في الخارجية الامريكية. ثم مستشار الحركة الشعبية). وباعتراف موقع رومني، يتعاون راد مع شركات امريكية تعمل في جنوب السودان في مجالات التعدين، والاخشاب، والامن. في المستقبل، ربما لن يقل التاييد الامريكي لجنوب السودان، ان لم يزد. لكن، هناك غير امريكيين فقدوا الامل في جنوب السودان. منهم، جيرار برونييه، الخبير الفرنسي الذي استقال كمستشار لحكومة جنوب السودان. وقال لي: "لا اريد ان اكون مذنبا بصلتي بهؤلاء. هؤلاء بلهاء. انهم فاسدون حتى النخاع." واخيرا، إذا تأمل الحكومة الامريكية في انقاذ سفينة جنوب السودان التي تغرق، يجب ان تتخلي عن اخلاقيات اقناع نفسها، ويجب ان توقف الضرر الذي يسببه جنوب السودان، قبل فوات الاوان... " ------------------------------------ [email protected] |
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ضد المدعــو " نيفاشــا " وضــد تقسيم الســودان . (Re: عبدالله الشقليني)
|
http://www.nytimes.com/2008/06/15/magazine/15...?pagewanted=all&_r=0 (116)
The Man for a New Sudan
By ELIZA GRISWOLD Published: June 15, 2008
When Roger Winter’s single-engine Cessna Caravan touched down near the Sudanese town of Abyei on Easter morning, a crowd of desperate men swamped the plane. Some came running over the rough red airstrip. Others crammed into a microbus that barreled toward the 65-year-old Winter as he climbed down the plane’s silver ladder. Some Sudanese call Winter “uncle”; others call him “commander.” On this day, angry and anxious, the people of Abyei wanted Winter’s help in averting a return to civil war between the predominantly Arab north and the black south — a decades-long conflict, claiming more than two million dead, that Winter helped to end with his work on the Comprehensive Peace Agreement of 2005.
Related Times Topics: Sudan
Enlarge This Image J Carrier for The New York Times Winter meets a Darfur rebel, Minni Minawi, in Juba, Sudan.
Enlarge This Image J Carrier for The New York Times The town of Abyei before it was virtually destroyed by northern military forces in May. Winter blinked in the flat light. It was 9 a.m., and the Caravan’s fuselage cast the only shadow. Abyei is 600 miles north of the equator, and this was the height of the dry season. The sun sucked the color from everything; alongside the airstrip a herd of gaunt cows licked at the last remnants of mud. The cows would head back north when the rains returned. The people who tend them, the Arab tribe called Misseriya, would then be gone for the season, and northern forces, guided by the national government in Khartoum, would feel free to swoop down and force the Ngok Dinka farmers farther south. Burning villages, killing young men, raping and abducting women and children: this creates ethnic facts on the ground to justify pushing the border south and increasing the north’s control of a territory rich in oil. From Easter until May was not much time to forestall the attack, and Winter knew it.
For the past quarter century — as head of a nongovernmental organization called the U.S. Committee for Refugees, as an official at the federal Agency for International Development and, most recently, as a special representative to the State Department for Sudan, a post created for him — Winter has fought in the back rooms of Washington and in the African bush to bring peace to Sudan. It’s not evenhandedness that makes him effective; it’s his total commitment to the people of south Sudan and a conviction, which has only grown with the years, that the government in Khartoum is, in essence, a brutal cabal. After two decades of fighting for their rights at negotiating tables, he has gained the southerners’ complete trust. “He’s simple and clear,” Edward Lino, the southern government’s chairman in Abyei, told me. “He doesn’t mince words. He’s a great man” who also “has great, great push.”
His stamina is also legendary. Once, during an all-night meeting on the 2005 agreement, a snake bit Winter as he raced through tall grass to present an amended paragraph for the south’s approval. Intent on striking a deal, he thought he had run into a rock until a colleague pointed out fang marks in his leg the next day. Senator Jack Danforth, the Bush administration’s special envoy to Sudan from 2001 to 2004, calls him “a saint,” an “excellent, excellent human being,” whose “soulfulness” inspires trust in those he serves. According to Danforth, Winter’s intense attachment to the southern side was an asset in the context of a larger diplomatic offensive. “The same person,” Danforth notes, “doesn’t have to talk to everybody.” Winter’s bond with the south is such that, since retiring in August 2006, he has worked pro bono as an adviser to the government of southern Sudan, a government he helped to build following the 2005 agreement.
The Comprehensive Peace Agreement — which ended the north-south war but did nothing to stop the conflict to the west in Darfur— was among the Bush administration’s few major foreign-policy successes. Now it’s coming undone, and the collapse is beginning in Abyei, a hot little village built up into a town by oil companies. The population grew to 30,000 from 5,000 as its residents returned after two decades of war. Around a buzzing market of tin-roofed lean-tos and U.N. food warehouses, people were building huts and hanging up tarps. But on the main road, the armies of north and south were mobilizing T-72 tanks and amassing more soldiers.
Abyei is at the southern edge of arid land and the beginning of sub-Saharan jungle — even the soil changes from barren sand to rich laterite loam. From the north comes the influence of the Arab world; the south, partly because of the war, has far stronger ties to the West and Christianity. Here, two worlds collide and two governments compete for territory inch by inch; under that ground lies as much as half of Sudan’s estimated five billion barrels of oil. In many ways, Abyei is a microcosm for the entire country. As Winter put it, “The future of Abyei is the future of all Sudan.”
Winter wore black Rockports and brown socks. He carried a nylon briefcase in one hand and a blue plastic shopping bag in the other. Inside it were bug spray, a shaving kit, a change of clothes and “An Army at Dawn,” a history of World War II in Africa. As an architect of the failing peace, Winter came to see what might be done to avert the potential slaughter.
As activists and journalists in recent years focused attention on Darfur, Winter argued, they and the Bush administration have neglected the push for comprehensive peace in the rest of the country. Although both north and south signed the peace accord more than three years ago, little has changed. Without international pressure sufficient to slow the process, both sides were starting to play a very dangerous game of chicken in Abyei.
“I hope you’ve done some homework in the United States,” Chol Changoth, a member of the Sudan People’s Liberation Movement (S.P.L.M.), which dominates Sudan’s south, said as someone handed Winter a sweating bottle of orange Fanta. “Are the people of the United States taking Abyei into consideration?” He scanned Winter’s face for any flicker of hope.
Although, technically, north and south share a unified government, the National Congress Party of the north and the Sudan People’s Liberation Movement of the south are mostly at odds. Between them, politics become a zero-sum game. The 2005 peace agreement calls for a nationwide census, which, despite flaws, has finally started. The accord also calls for a 2009 national election, which Winter and others say Khartoum may try to delay. Above all, peace means that in 2011, the south is counting on a referendum on whether or not to stay with the north.
The question of Abyei was so contested during negotiations for the Comprehensive Peace Agreement that it got its own protocol, one that the United States — with Winter on the negotiating team — agreed to in order to save the peace process as a whole. The U.S. drafted the protocol, pushed both sides to sign it and, according to Winter, then walked away. “We did a good thing and a bad thing,” as he explained to the crowd at the airport. “The good thing is the Abyei Protocol. The bad thing is we went home.” Now Winter is watching his old adversary, President Omar Hassan al-Bashir, play familiar tricks. “Bashir knows he’s looked the whole international community right in the eyes,” Winter said. “He says yes, yes, yes to the protocol, and then he says no. . . . And what happened? Nothing. So he’s learned a lesson, and you can see the lesson even in Darfur because the United Nations says a hybrid force should come and he says no, and what happens? Nothing. So it’s very, very, very dangerous, this pattern.”
At its core, the fight over Abyei raises the question of whether Sudan will remain a single country and how a fissure might be averted. As Alex de Waal, a longtime observer of Sudanese politics, told me, “Abyei is the cockpit of Sudan where the two parties are testing each other’s readiness to go to war again.”
ON THE SURFACE, two different people, the ethnic Ngok Dinka linked to the south and the Arab Misseriya of the north, vie over who has rights to the land. With the added pressure of desertification, the Arab nomads need the greener pastures of Abyei more than ever to graze and water their cattle. They are also being pushed south by the pressures of commercial farming. “In this belt north of the 10th parallel, land that used to be common access has been leased out to mechanized farming schemes,” Douglas H. Johnson, a member of the Abyei Boundaries Commission, said. To settle the problem, after the 2005 agreement Johnson and an international team drew a shared border along the 10th parallel, but the north rejected their solution and, on the ground, there was only mounting tension. With so much to lose, the Misseriya and Dinka were growing more anxious as May loomed ahead.
And in this standoff President Bashir has done what he always does: endorsed Arab militias who carry out Darfur-style scorched-earth tactics. In the late 1980s, when Bashir was the general in charge of Abyei, the militias chased the Dinka off their land. Just last year, Bashir called on the militias “to open their camps and gather the mujahedeen.” Salva Kiir, the president of south Sudan, said, “The guns the Misseriya are using are military weapons.” According to Kiir, who is also first vice president in the somewhat notional united Sudanese government, the militias are supported by Khartoum.
The similarities between Darfur’s attacks and those around Abyei are no coincidence. They betray war’s grander pattern in Sudan, the largest country in Africa. As Winter says: “You have to connect the dots. You connect the dots, you see a pattern. A pattern means intent.” All of Sudan’s wars involve the handiwork of a small group in the center waging campaigns against those who live at the periphery. To hold onto power and resources, the center fights its own edge. Marginalization, Winter said, meant perpetual warfare. “Unless you really have engaged in Sudan, you don’t get to that point of thinking,” he said.
Winter got to that point of thinking some time ago. His colleague Susan Rice, a former U.S. assistant secretary of state for African affairs under President Bill Clinton, watched Winter’s views evolve. “I’ve seen him be an advocate when I was a policy maker, and when I was on the outside, he was somebody on the inside we could trust to do the right thing,” she told me. “Roger has been a consistent, passionate, principled advocate at a time when we had reason to doubt that the Bush administration was really engaged in these issues.” On Sudan, she added, “people of all political, religious and racial stripes view Roger as the compass’s true north.” In this case, true south is more apt. For Winter’s part, he has watched many an American offer “carrots,” as he says, to Khartoum. That practice “can be deadly,” he told me. “You go to Khartoum, they treat you very nicely, they’re very presentable, they’re indefatigably hospitable, but their approach to governance is murderous,” he said.
It’s this murderous governance that Winter is determined to end. “I’m not opposed to engagement,” he said. “The problem is the way we’re doing this and the atmosphere which surrounds it.” In Sudan, he argues, “there’s a good guy and a bad guy.” As he sees it, he sides with the good guys. He doesn’t hang out in the middle. “I guess there’s a role for that,” he said. “It’s just not mine.”
Taking sides can be dangerous, Andrew Natsios, who served as U.S. special envoy to Sudan from 2006 to 2007, argues. “We don’t need rallying cries,” he said. “A big advocacy campaign right now could be really destructive to the possibility of peace.”
Winter argues that the Bush administration’s pressure for comprehensive peace in Sudan is flagging, in part because America’s wars in Iraq and Afghanistan have hamstrung its ability to call Khartoum on its myriad abuses against its own people. The U.S. government also seems to be moving toward strengthening relations with Khartoum, which Winter vehemently opposes. But Natsios believes that right now, with the likelihood of a tougher American administration taking over in January, there’s a critical window to engage Khartoum. “The north badly wants to normalize relations with the U.S. during the Bush administration,” he said. Natsios envisions “a grand deal,” including an exchange of oil for land in which the north cedes Abyei to the south (as it already is supposed to do under the Abyei Protocol) in exchange for a percentage of southern oil revenue.
“Quite frankly, to make progress in Sudan, you have to engage all parties,” Jendayi Frazer, assistant secretary of state for African affairs, told me. “Our vision has been a unified government, which is something Roger himself worked for, so we can’t not engage the government.” Regime change has not been part of American policy in Sudan, and while the United States has kept Khartoum under sanctions, put pressure on it at the United Nations, acquiesced in the referral by the Security Council of Darfur prosecutions to the International Criminal Court (which the Bush administration otherwise opposes) and led several large-scale diplomatic initiatives to push for peace in the region — not least the initiatives in which Winter played a key role — Washington has nonetheless always accepted Khartoum as a partner of sorts. According to Frazer, the United States offered as recently as last December to mediate the north-south conflict over Abyei, but the southern government, led by the S.P.L.M., said it preferred to handle the negotiations with Khartoum itself. “You can’t really criticize us for dealing with President Bashir when the S.P.L.M. themselves are saying that’s their partner and that’s who they want to negotiate on Abyei,” Frazer told me.
Richard Williamson, the American negotiator appointed by President Bush, has come under fire for his talks with Bashir. “Our president’s commitment to the humanitarian crisis in Sudan is deep,” Williamson said. “His support for our efforts is unwavering. He looks at me, and I can’t come up with a key. Some of my critics have criticized me for engaging. But given the level of suffering, it’s worth engaging. It’s not enough to criticize. It may make you feel better, but people are still suffering.” Danforth told me: “Roger is more principled than I am. He definitely sees engagement as more of a moral issue.” But there’s a practical aspect, too, to negotiation. After all, Danforth points out, the north did sign a peace agreement. “It has lasted nearly four years,” he said. “A lot of lives, I think, have been saved.”
WINTER DUCKED INTO a thatched hut in the front-line village of Todaj, a few miles north of Abyei. On the roof were a wooden cross and book-size solar panels, which were charging a satellite phone. Inside, the air was close. Several days earlier, this entire village — 150 Dinka families — fled south to the safety of Abyei on foot. Now only a handful of elders and a chief, Nyol Paduot, his salt-and-pepper hair and beard unkempt, his eyes baggy with lack of sleep, had returned to safeguard their land.
Having been run off the land three times — in 1991, 1997 and 2000 — the elders knew the lethal pattern by heart. “We know that when they burn our village, they want the land,” Paduot said. “That’s why we come back.”
The elders of Todaj refused to be pushed farther south by Arab militias camping nearby or by the government (northern) soldiers who built barracks at the village’s edge. Under the peace deal, the soldiers of Sudan’s 31st Brigade stationed here were supposed to withdraw from Todaj, but they have not. As Winter drove past the barracks in a silver S.U.V., one shirtless soldier doing laundry stood up and took a long look. The S.U.V. belonged to their rival, the S.P.L.M., for whom Winter was working. Winter passed what looked like a huge white circus tent, which was labeled I.O.M. in U.N. blue, for International Organization for Migration: a way station for displaced people. It stood dusty and empty. The U.N. had judged it too risky to stay in Todaj.
“It’s a long war,” the chief told Winter. “Peace came, and no one helped us implement it, and it’s become a problem.” He went on: “I have a question for you who’ve come from America. In Abyei, we don’t know if it’s war or peace. When will the intervention come? When the fighting has started again?” The hut grew quiet. A fly buzzed; a pair of baby goats bleated in the corner. Cooking pots clanged next door. “All that’s happening in Darfur,” the chief said, “happened here in Abyei.”
The main differences between Darfur and Abyei were religion and oil. Khartoum’s troops hit Todaj because they claimed many people there had left Islam, becoming apostate. They justified their actions as jihad against infidels. But in Darfur, government troops attacked fellow Muslims. “That surprised us,” the chief said. Besides religion and oil — which Darfur does not have — there was nothing to separate Abyei from Darfur. “Todaj is very strategic for the 31st Brigade to coordinate all their activities for the oil fields,” Paduot added. “They bring their supplies from the oil fields here, and this is where they come to distribute ammunitions.”
He ran his finger north along the white space of a tattered map. According to the boundaries commission’s recommendation, this land — up to the line of latitude at 10 degrees 10 minutes — belonged to the Dinka, although the Misseriya were free to use it for grazing. The global-positioning-system reading off the satellite phone put Todaj, the last and northernmost Dinka settlement, at 9 degrees 43 minutes, more than 30 miles south inside where the Dinka had the right to be. “This is our land,” the chief said. His own village lay in Block Four of an oil concession operated by the Greater Nile Petroleum Operating Company (G.N.P.O.C.) — pronounced gin-pock. The oil was right under us, Paduot said, but no Dinka he knew — or Misseriya for that matter — worked in the oil fields.
Suddenly, a group of men in ragtag fatigues arrived outside the mud hut. They sat with their backs against the wall, where they could hear everything going on inside. Sure enough, it was the government forces, and it was time to go. Winter clasped the chief’s hand, and then quickly took his leave.
Not all of the Dinka were as lucky as those of Todaj. Days earlier, many who had been working as goatherds at Misseriya cattle camps were forced to leave everything behind for good and flee south to the relative safety of Abyei. Because the large white tents near Todaj were too risky to use, about 400 survivors were camped in Abyei, using water from a nearby swamp.
“We refused to leave without our goats,” Ayii Dut Dut, one of the displaced goatherds, told me. Among the herders in the camp, about half a dozen were abducted years earlier, then taken north to work for the Misseriya. But most were there voluntarily as shepherds and sharecroppers after the 1988 famine sent them searching for work. In recent skirmishes between the Arab militias and the southern forces, many Arabs were killed. As a result, when the militias returned to their cattle camps after fighting, they wanted their Dinka workers to leave — immediately. But the Dinka said they wouldn’t go without the goats, which represented all their wealth in the world.
So that night, riding camels and horses, Arabs attacked their camp. Most escaped, but not all. After hiding in the nearby bush, Dut said he returned to the deserted camp at dawn to find three children — ages 5, 5 and 3 — who had been shot. He buried them and left without his goats, he said as he squatted in the shade of a single acacia tree near 200 other displaced people.
If Darfur is a land grab, then Abyei is an oil grab. Last year, an estimated $529 million of oil revenue came from the region, according to the International Crisis Group, an independent, nonprofit political-analysis group. Khartoum has used the south’s oil to build the north’s infrastructure. A combination of war, sanctions and public outcry forced Western companies to abandon Sudan’s oil over the past decade, and China, among others, stepped in.
Without knowing what to look for, the signs of oil excavation around Abyei aren’t so easy to see. You can drive for hours and see nothing but fishermen searching in ponds for Nile perch and mudfish. The roadside is lined with long brown braids of dried fish for sale. “They are some of the poorest people in the world,” Edward Lino, the southern government’s chairman for Abyei, told me as we drove through the wasteland. “They have this rich land that’s being robbed from them, and they don’t know what to do.”
Suddenly, a series of white pipes with red knobs appeared in a clearing along the telltale hummock covering the pipeline itself, which was built in 2003. Beginning in the 1980s, many of the fishermen were forced to resettle in much the same way the people returning to Todaj were being threatened this year. To survive, they depended on a battery of international aid agencies as oil was pumped out from beneath them.
One afternoon, I visited a field office of the Greater Nile Petroleum Operating Company. The company is a consortium in which 40 percent of the investment is Chinese, 30 percent Malaysian, 25 percent Indian and 5 percent Sudanese. International workers in red, green and beige jumpsuits scurried through the waiting room, where a sign read, “Use the waiting time to ask for forgiveness.” Outdoors, Chinese workers in red jumpsuits worked alongside Sudanese. The Great Wall Drilling Company was “rigging up”: preparing to drill in the next few days, a supervisor, Mohamed Idris, said. He sat behind a door that read “Company Man,” while soap operas flickered on flat-screen televisions in the air-conditioned dark. The fishermen living outside the facility have no electricity at all.
THE RELATIONSHIP between the Ngok Dinka and the Arab Misseriya is more complex than it looks at first glance. They share a way of life in what John Ryle of the Rift Valley Institute calls “an intimate enmity.”
One evening, Winter attended a feast in his honor at the home of the paramount Dinka chief, Kuol Deng Kuol, a towering, soft-spoken man. The large mud greeting room, hung with red-flowered bedsheets, was full of Dinka and Misseriya elders. Winter was eating wild honey and bread when two anxious Misseriya leaders, wearing white turbans, approached him. Each was the head of at least 2,000 Misseriya — they were the “cornerstone” of the Arabs in Abyei — and none of them wanted war. Conflict would mean their cows could no longer come south into Dinka land, and they would die. Already under pressure from farming and other nomads to the north, they couldn’t risk being squeezed out of the south too. “About this peace, we don’t want to lose it,” Deng Bilial Bachar, a blustery leader, told Winter. “We’re holding it very tightly and very hard.”
Recently, the two elders told Winter, government-backed militias had gathered at the edge of town. They were going to attack Abyei. “Three days I was talking night and day to make people go back,” Bachar said. Both the Misseriya Arabs and the Dinka were simply pawns in a larger battle playing out between north and south over politics and oil, he said. If north or south wanted to return to war, let them do it somewhere else. “We don’t want war, 100 percent,” he said. “You have to convey this message clearly.”
Next to Bachar, with clear blue eyes and a deeply creased face, was Shogar Muhammad Mahmud, who had come from his cattle camp next to the village of Todaj. “The water on that side,” he said, indicating the north where he’d come from, “has become so few — little — like drought. Just allow our cattle to graze and get water because there’s no water in our side. Just allow us to come through.” The Abyei Protocol safeguarded Misseriya migration routes, but Mahmud didn’t know this. Critics like Winter argue that Khartoum manipulates the Misseriya by not explaining that peace protects their rights. “It is too easy for those who wish to undermine the C.P.A. to exploit the fear on the part of the Misseriya that ceding Abyei to the south would cut them off from access to dry-season grazing,” Ryle told me, referring to the Comprehensive Peace Agreement. “And the fear of Ngok Dinka in the S.P.L.M. that they might once more be cheated of the chance for self-determination means that they also are in no mood to compromise.”
The north argues that Abyei isn’t simply a matter of maps. Culturally, Abyei has always been part of the Arab north, they say. “Even during World War II, Abyei was supporting the Middle East by sending cows,” the chairman of the National Congress Party in Abyei, Zachariah Atem Payin, said. As a Dinka man who supports Khartoum, Payin exemplifies the complexities of identity in Abyei. He was also among Winter’s many detractors. “I’ve heard he’s very difficult, very hard,” Payin said. “He’s the one who caused all this confusion in Sudan.” By confusion, he meant war. “It’s because of Roger Winter supporting the S.P.L.M. that they won’t listen.”
WINTER GAZED AT the sun-bleached photo and the artificial flowers that marked the grave of his friend, Dr. John Garang, in the southern capital, Juba. The leader of the south’s liberation movement, Garang was killed in a helicopter crash three years ago. Many, including Winter, saw his death as an enormous setback to durable peace. Winter and Garang were extremely close. “He loved to tell jokes, he loved to tell stories,” Winter said. Tears gathered on his white eyelashes. “He never lost his focus and basically his focus was a new Sudan, a totally new country, whether it was in one piece or two.” Later, Winter sat by the Nile drinking a Bell, a Ugandan beer. The moon was heavy and full, bright enough to see the river eddy as it passed. He spied a baby crocodile splash off the bank. “Look!” he said gleefully, seeming much more like a boy adventurer than an elder statesman.
Winter’s new role as an adviser to the southern government set off a political storm in Khartoum. In a cable, the U.S. Embassy took note of what one northern paper said: “Winter’s appointment ‘shows that the S.P.L.M. is a farce . . . a movement that suckles the breasts of the U.S.’ ” Frazer, the assistant secretary of state for African affairs in the State Department, insisted that Winter’s advocacy for the south shouldn’t bother people (“It doesn’t me,” she said) because he no longer has any official American role.
His activism began when he was in his 20s in Hartford, where he worked for the Salvation Army. He went on to resettle refugees arriving in America from the world’s worst conflict zones, beginning with Southeast Asia after the Vietnam War. But it was his experience working with Tutsis displaced from Rwanda — before the genocide began — that made him move on to the conflict zones themselves. Soon he was riding on the front lines in Rwanda in 1994 with the Rwandan Patriotic Front led by Paul Kagame. During the genocide, he flew home every few weeks to brief the U.S. government on what he witnessed firsthand. President Clinton’s later statements that he had not been fully aware of what was happening caused Winter, he says, to leave the Democratic Party.
Winter told the people in Abyei: “Honestly, the people that have your interests at heart are you, really only you. The Americans can be O.K. now, but next year they may be not so O.K. But it’s your place, it’s your life, it’s your future.” Now that he’s out of the American government, Winter makes no bones about what he is: an advocate. His job is to shout himself hoarse until someone listens to what he’s saying about the worsening crisis in Abyei and the failure to do enough about it. “That’s what an advocate does,” he said. “No matter how good the government does, you’re always goosing them to do better. Otherwise, why does anybody need you?”
Sometimes neutrality is just not the right answer, and on Sudan, he thinks neutrality is practically and morally bankrupt. “I’m an evangelist,” he said, only half joking. “I preach the gospel of Sudan.”
ABYEI BURNED TO the ground when the rains began in May. As Winter predicted, once the Misseriya cattle were safely out of the south, the north attacked the town. The violence began with the kind of small skirmish that had been occurring for months: policemen from the south and soldiers from the north got into a fight a few miles from Todaj. There was a shootout, and when a northern soldier died in the hospital, his colleagues shot up the ward. Within hours, the 31st Brigade was firing mortars and rocket-propelled grenades into the heart of Abyei. The United Nations evacuated most of its nonessential staff by helicopter. Tens of thousands of Dinka fled south. The Arabs took over the town. The ethnic facts that favored Khartoum now existed on the ground. “Mainly women and children are uprooted again from their houses and are now in open areas under heavy rains with no shelter, food and water,” the south’s president, Salva Kiir, said in a speech late last month. “This human tragedy is caused unfortunately by Sudan Armed Forces Brigade 31 that is illegally present in Abyei town and against the provisions of the C.P.A.”
As usual, Winter was close by. He flew in the next day from Juba. He organized the first convoy into town after the attack. “Some of the buildings and vehicles are still smoking,” he told me by satellite phone. Then he was caught in a sandstorm. “I can’t see squat and I can’t open my eyes,” he said, as he spat sand through his teeth. “The U.N. is buttoned up behind barricades again,” he added. “There are almost no people.” Later, Winter sent me photographs: the market’s stalls were incinerated. Lines of white ash marked where the walls had been. Hospitals and schools were shelled. The U.N. warehouses were destroyed. Terrified people were still streaming south. The U.N. first estimated that 50,000 people were displaced, but Winter, in the road among them, thought the number looked much higher.
“This didn’t have to happen,” Winter shouted over the wind.
Kuol Deng Kuol, the gentle Dinka chief who had held the feast in Winter’s honor six weeks earlier, was now destitute and staying in huts with dozens of family members. “My people are living under trees,” he said by phone from a camp south of town. The American negotiator, Richard Williamson, flew to the town. “I’ve been to Bosnia and Kosovo and I’ve never seen anything like Abyei,” he told me. “At least 95 percent of the homes were destroyed” — even those 25 feet from the United Nations base. When U.S.-led talks between north and south over Abyei turned to bickering, Williamson walked out. “I’m not going to give any legitimacy of U.S. participation to name-calling,” he said. The next day, amid reports of troops massing at Abyei, the United Nations Security Council met with both sides, who agreed to international arbitration, as they have many, many times before. “We need terms of arbitration — specifics,” Williamson said. “If 50,000 people who’ve had their lives shattered isn’t enough for you to take responsibility for your own solution, then the U.S. cannot impose one.” Disgusted, he told both sides, “If you think I’m a junkyard dog, wait until January.”
Eliza Griswold is a New America Foundation fellow. Her book, “The 10th Parallel: Where Christianity and Islam Collide in Africa and Asia,” is due out next year. *
| |
|
|
|
|
|
|
|