هل يأتي الدور علي دارفور بعد الجنوب ؟
تتسارع الأمور في هذه البلاد وهي تسير إلي المجهول وقادة البلاد في غيهم يترددون ، هاهو الجنوب يذهب إلي حال سبيله والحكومة وحزبها الحاكم لايزرفون الدموع علي هذا الفراق والشعب المسكين المقهور في حيرة من أمره وقد نزلت عليه البلايا حكومة لا ترعي عهداً ولا ذمة وتفتقر إلي رؤية ثاقبة لا خراج البلاد من مآزقها لا هم لها إلاّ الاحتفاظ بكرسي السلطة الثابت الوحيد الذي دونه المهج و الأرواح ، حكومة لا تأبه لذهاب أكثر من ثلث السودان وما يشكله ذلك من تحديد مباشر لمصالح الأمة ومستقبلها لما تبقي من السودان و في الوقت الذي أنصرف قادة الجنوب إلي ترتيب أوضاعهم وضم صفوفهم لهدفهم المنشود ، أقامة دولة الجنوب المستقلة وبالمقابل ذهبت حكومتنا توسع من دائرة الخلاف في الشمال وهي تلعن القوي السياسية وتصفها بأقبح الأوصاف بل تعتبرها عديمة الفائدة ، وحتى الشعب المسكين الذي صبر علي الفقر والمسغبة سنين طوالاً هذا الشعب الذي يستحق التكريم من الحكومة قلب له الحكومة ظهر المجن بإجراءاتها الاقتصادية البائسة التي وقعت علي الشعب كالصاعقة وفي هذا الوقت بالذات فكيف لهذا الشعب المغلوب علي أمره والذي ضربته الحكومة بالضرائب والرسوم والأتاوات التي ما أنزل الله بها من سلطان!! ولا أحد يدري أين ذهبت الأموال التي توفرت لهذه البلاد من البترول والذهب وغيرهما!! حتما ذهبت لجيوب أنصار الحكومة فهم يستمتعون بها ، قصور وشركات وسيارات وعمولات وهلمجرا...... كيف لهذا الشعب أن يحيا حياة كريمة.
كان الأولي بالحكومة أن كانت جادة ورشيدة في تقويم الاقتصاد المعوج أن تقدم إلي تقليل الصرف البذخي للحكومة مع المحاسبة الدقيقة ومحاصرة الفساد وتسريح جيش السياسين من الوزراء والمستشارين والمساعدين ووزراء الدولة ومعتمدين وآخرين وترتيب أولويات الصرف ومن ثم تقدم علي زيادة أسعار السلع غير الضرورية ولكن كدأب الحكومات الفاشلة والفاسدة أقدمت علي الطريق السهل بتحميل المواطن المسكين أخفاقات الحكومة وسوء سياستها وبهذه التصرفات الرعناء وغير المسئولة فقدت حكومة الشمال القوي السياسية والشعب فماذا بقي لها !! والعاقل من أتعز بغيره وما سقوط الحكومات السابقة ببعيدة عن الأذهان ,الحمقي وحدهم يظنون باستدامة الحكم الذي يحرسه قوي الأمن !! وهذا وهم كبير يعشعش في عقول كهنة النظام الحاكم!!!
أما القضية الكبرى التي تواجهها شمال السودان بعد انفصال الجنوب هي قضية دارفور هذه القضية التي تجاوزت الحدود بل أصبحت محلاً لمحاكمات جنائية دولية واحتلت موقعا متقدماً في أجندة و أولويات مجلس الأمن الدولي هذه القضية مرتبطة بصورة قوية بحال السودان الشمالي استقراراً وانهياراً وهذا الأمر يدركه كل من يتعاطي السياسة ، بل يدركه المواطن العادي ، فهل غاب علي المصطفين من أمثال نافع وصحبه ، كان الظن وأن بعض الظن أثم أن تقدم الحكومة علي طي صفحة هذه القضية قبل أوان الاستفتاء وذلك أمر ميسور لمن كان له قلب أو القي السمع وهو شهيد , الأمر في غاية اليسر أعطاء أهل دارفور حقوقهم كاملة غير منقوصة بل زيادة كان ذلك مدعاة لسلام مستدام ينزل برداً وسلاماً علي أهل السودان بل العالمين وماذا يضير بقية السودان أن تأخذ دارفور حقها من دون إنقاص حقوق الآخرين والتعدي عليهم أم أن هذه الحقوق أصبحت ملكاً خاصاً لفئة من أهل السودان أو لجهة مسيطرة علي مفاصل الحكم ، أليس في الحكومة والمؤتمر الوطني والمتحالفين معه والسائرين في ركبه رهبة أو رغبة ، أليس فيهم رجل رشيد أو أمرآة رشيدة ؟ أيحسبون أن إعطاء أهل دارفور حقهم يعد إنتقاصاً من حقوقهم ؟ أم أن العنصرية بلغت مداها بحيث أصبحت البلاد والعباد ملكاً لجهة بحق وضع اليد!! أليس الأمر يدعو إلي الدهشة بل إلي فقع المرارة!
جهال النظام يحلفون بأغلظ الأيمان وبالطلاق وبحاجات تانية بأنهم لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يسمحوا لأهل دارفور بإقامة إقليم واحد في دارفور !! وأن لا يسمحوا أيضا أن يتبؤا أحد أنباء دارفور منصب نائب الرئيس !! أي بؤس يعيشه النظام الحاكم أي عقلية هي التي تسيطر علي هؤلاء حتى المجانين لا يمكن أن يفكروا بهذه الطريقة والجنون فنون ولله في خلقه شئون ، طريقة انسحاب الحكومة من مفاوضات الدوحة افتقرت حتى الي اللباقة الدبلوماسية ووجدت الاستهجان من الجميع حتى الوساطة أصيبت بخيبة أمل كبيرة ، أما تصرفات مفكر النظام أمين حسن عمر سوميت فقد أغضبت حتى أنصار الحكومة من دارفور فهذا الرجل التبس عليه الأمور، وتلبسه الغرور والكبرياء فهو يتحدث عن قضية دارفور كما لو أنه يتحدث عن قضية في بلاد الواق الواق ويتعامل مع أهل دارفور من انصار حزبه وفيهم من يفوقه علماً وخبرة وتجربة ودربة بالأمور كأنهم مجرد رعاع ورجرجة في حضرة سعادته !!
حتى النواب المنتخبون من شعب دارفور في انتخابات حرة ونزيهة شهد بها العالم كما درج علي تذكيرنا بذلك السيد/ أحمد إبراهيم الطاهر رئيس المجلس الوطني حتى هؤلاء يتعامل معهم أمين حسن عمر سوميت تعاملا يفتقر حتى إلي المجاملة الزائفة !! وبالمقابل لا حيلة لأبناء دارفور في المؤتمر الوطني إلا السكوت ( ولا ينسب لساكت قول) خوفاً من بطش هذا الحزب الذي يسيطر عليه المصطفون الأخيار الحاكمين بأمر الله , فيد هذا الحزب مقبوضة عن الذين يخرجون عن الحظيرة والمثل يقول قطع الرقاب ولا قطع الأرزاق وبهذه التصرفات البائسة أصبحت قضية دارفور تراوح مكانها ويذهب أغلب المحللون إلي القول بأن وتيرة العنف سوف تزداد في دارفور بعد انفصال الجنوب وتلقي بظلالها علي مجمل الأوضاع في شمال السودان.
هل تدرك الحكومة تبعات ذلك ؟ أم أنها مشغولة بتداعيات أخري تحجب عنها الرؤية !! أن استمرار قضية دارفور بدون حل عاجل وشامل سوف يقود إلي التدخلات الدولية السافرة وأن الأصوات الخافضة المنادية بتقرير مصير دارفور سوف تعلو وتعلو ونجد أنفسنا أمام معضلة وطنية أخري وهي شديدة التعقيد و كفيلة بذهاب ريح هذا الوطن أو ما تبقي منه فانفصال دارفور ليس كانفصال الجنوب , أهل دارفور يمثلون أكبر كتلة سكانية في السودان بعد انفصال الجنوب وأن دارفور ليست جغرافياً فقط ، فأهل دارفور يشكلون أغلبية في معظم مناطق السودان وأن تأثيرهم يتجاوز تأثير أي ولاية في شمال السودان سلباً وايجاباً علي الأوضاع في البلاد واللبيب بالإشارة يفهم ، فهل يعي أهل السلطان ما ينتظرهم من تحديات جسام أم يدفنون رؤوسهم في التراب وهم يعيشون الهرج والمرج ، اللهم أحفظ هذه البلاد وجنبها الفتن وولي أمرها من يصلح ......
بارود صندل رجب
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات ,الاخبار و البيانات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام
أعلى الصفحة