لأجل إحتفال نزيه بعيد الإستقلال المجيد
مصعب المشـرّف:
صبيحة كل عام ميلادي جديد تمر ذكرى يوم استقلال السودان (1/1/1956م) مرور الكرام وعبثا دون طعم ولون ورائحة ما بين إهمال أجهزة الإعلام الحكومي وسهرات الإحتفال بقدوم العام الميلادي الجديد ....... وبالأمس كنا نظن أن الأنظمة الشمولية السابقة وهي نظامي عبود 1958م – 1964م و نظام جعفر نميري 1969م – 1985م .... كنا نظن أن هذه الأنظمة تتعمد تجاهل الإحتفال الذي يليق بشرف ومكانة هذا الحدث البارز في تاريخ السودان الحديث .. وأن أسباب تجاهل هذه الأنظمة الشمولية لعيد الإستقلال سببه الأول أن هذا الإنجاز التاريخي قد جاء على يد الأحزاب السياسية والتنظيمات المدنية وفي ظل نظام سياسي ديمقراطي ليبرالي حقيقي ؛ بعيد كل البعد عن زيف الدعاية الشمولية التي تحاول بلا جدوى إقناع طوب الأرض بأنها لم تستولى على السلطة بالقوة إلا لأجل تعزيز الديمقراطية.
على اية حال ؛ فلسنا هنا في مناط التنقيب في رؤوس البعض عن أين توجد "بطحة الرأس" ، أو تحليل وإثبات أن هناك حرج وحساسية لدى الأنظمة الديكتاتورية والشمولية فيما يتعلق بالإحتفال اللائق بعيد الإستقلال المجيد وتسليط الأضواء على منجزات رموز الحضارة الديمقراطية في السودان وأبطاله القوميين من أمثال إسماعيل الأزهري وزخم رموزه الكرام المعاصرين للحدث وعلى رأسهم السيدان عبد الرحمن المهدي وعلي الميرغني الراعيان التقليديان لحزبي الأمة والوطني الإتحادي وقتها.
ولكن ربما يكون الأجدر وتجاوزا لهذه الحساسيات أن تعمد الأجهزة المعنية في النظام الحاكم إلى إبتكار أساليب وطرق جديدة ومعاني نزيهة للإحتفال الحقيقي الصادق والهادف بعيد إستقلال السودان المجيد. وعلى نحو تستمر فيه الإحتفالات مدة أطول من مجرد إفراد بضعة سويعات من فترة البث الإذاعي والتلفزيوني في اليوم الأول من كل شهر يناير والسلام.
في الخطاب الذي ألقاه رئيس الجمهورية السيد عمر البشير إحتفالا بعيد الإستقلال المجيد لاحظنا مروره مرور الكرام على منجزات أبطالنا عبر العصور في النضال ضد الإستعمار ولأجل تحقيق حرية السودان وإكتفائه بسرد منجزات ثورة الإنقاذ والأمنيات بمستقبل السودان بعد إستفتاء تقرير المصير في الجنوب.
وفي ساعات البث الصباحية فوجئنا بإعادة برنامج عن إستقلال السودان تقدمه مذيعة تتحدث اللهجة السودانية بلكنة مصرية واضحة دون الأخذ في الإعتبار مدى الحساسية التي يمكن أن يسببها حديث بلكنة مصرية عن إستقلال السودان من هيمنة التاج المصري أو إحترام لمشاعر دعاة وحماة الإستقلال من الأغلبية السودانية الساحقة.
على اية حال فإننا ومن جانبنا لا نزعم أننا نتوقع من البعض المهيمن على السلطة أن يكونوا ملائكة ورسل وأنبياء أو حتى من أولياء الله الصالحين فيقارنوا لنا على نحو من الشفافية والصدق كيف كان صناديد السودان وكيف كانت نزاهتهم ونظافة يدهم وتعففهم وترفعهم عن العمولات والرشاوي والمال العام ومخابرة ألـ CIA وكيف أصبحنا من بعدهم؟ وكيف سلموا لنا الراية خفاقة ولماذا أضعنا هيبة الوطن؟
المطلوب فقط وهو أضعف الإيمان وفي مصلحة الجميع .... المطلوب فقط هو إنصاف أبطالنا والرموز الوطنية الذين لم يبخلوا على تراب هذا الوطن بالدم والعرق والدموع ولو من جهة نضالهم العسكري والسياسي لا غير.
لماذا إذن لا يتغير مفهوم الإحتفال بعيد الإستقلال إلى طرق آفاق جديدة أهمها تكريس كل مناسبة سنوية لعيد الإستقلال لتمجيد ذكرى بطل من أبطالنا القوميين الذين ساهموا في وضع الأسس واللبنات الأولى لهذه الأمة وكذلك من حققوا الإستقلال لبلادنا ؟..... وهؤلاء الأبطال كثر وربما نحتاج لمئات الأعوام من مثل هذه المناسبة لإعطائهم حقهم من التمجيد اللائق بهم وبعظمتهم .... والقائمة فيها أكثر من بطل وعبقري كبعنخي وترهاقا وأماني وعبد الله دنقس وعبد الله جماع وبادي أبو شلوخ والسلطان تيراب والمك نمر ومهيرة بنت عبود ومحمد أحمد المهدي عليه السلام والخليفة عبد الله التعايشي وعبد الرحمن النجومي وعثمان دقنة وود حبوبة وحمدان أبو عنجة والزاكي طمل وعثمان أبو قرجة وإسماعيل الأزهري .... وغيرهم ممن لا يمكن حصره هنا.
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات ,الاخبار و البيانات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام
أعلى الصفحة