ابراهيم ساعد يكتب 

من الدامر الشمالية إلى الخرطوم

النيل يجري جنوباً

ليت الأيام امتدت بالأستاذة الراحلة آمنة الصادق لترى بعينها ثمار غرسها الطاهر وتفرح مع تلميذتها الغالية حنان صلاح الدين التي ارتبط النيل باسمها منذ ثلاثة عقود من الزمان .. حنان النيل التي ترجع الفضل من بعد الله سبحانه وتعالى إلى هذه المعلمة الفاضلة التي وقفت بجانبها وساعدتها منذ لحظة قبولها بمدرسة الدامر الشمالية الابتدائية آنذاك وهي بعد طفلة في العام السادس من عمرها.

وتعهدتها بالرعاية مع بقية معلمات المدرسة وعلى رأسهن الأستاذة فاطمة الأزرق حتى وصلت إلى نهاية الصف الخامس وكان ترتيبها الثانية وهنا لجأت الراحلة آمنة الصادق مديرة المدرسة إلى مكتب التعليم بالدامر لتتدبر لحنان الجلوس لامتحان الشهادة الابتدائية سيما وأنها من المتفوقات فكانت الصدمة لها أنهم لم يجدوا لها أي مخرج بل نصحوها أن تكتفي هذه النابغة بما تلقته من علم حتى السنة الخامسة ولكنها لم تيأس وتعلق آمالها العراض في حنان على شماعة اللوائح فقررت أن تعيد حنان السنة الخامسة مرة أخرى ريثما تجد حلاً وفعلاً تفوقت حنان وكانت الأولى على رفيقاتها، أما المديرة فقد توجهت إلى الخرطوم حيث أن الامتحانات كانت مركزية ورجعت وهي تحمل البشارة لحنان أنها ستجلس للامتحان أسوة بطلاب الصف السادس في أرجاء البلاد فقط ستختلف الطريقة من الامتحان الشفهي إلى طريقة أخرى وهي أن يتم اختيار طالبة من الصف الخامس وتكتب ما تمليه عليها حنان من الإجابات في وجود المراقب وفعلاً تم ذلك وكان هذا المشرف من نصيب الطالبة عائشة أحمد عثمان "خريجة اقتصاد الخرطوم الآن" وفي حضور الأستاذة آمنة الصادق مراقباً وكانت المحصلة أن أحرزت حنان "220" درجة من المجموع الكلي "260"وكان ذلك في العام 1976م.

وتكرر المشهد في امتحان المتوسطة والذي نالت شرف كتابة أجوبة حنان الطالبة سلمى جمال من بنات حي الموظفين بالدامر وأحرزت فيه "178" درجة من مجموع "240".

وفي امتحان الشهادة السودانية جاءت مرة أخرى عائشة  أحمد عثمان وأحرزت حنان نسبة 68.7%.

ومن الأسماء التي رسخت في ذاكرة حنان في المرحلة الابتدائية من المعلمات آمنة الصادق وفاطمة الأزرق ومن الزميلات فادية مصطفي وهي من أسرة البروفيسور عبد الله الطيب وفي المتوسطة الأستاذة مريم ميرغني معلمة اللغة الإنجليزية التي كانت تسجل الحصص لحنان وتحرص على والدها أن يقوم بتحفيظها وتتعامل معها مثل رفيقاتها دون تمييز في الثواب والعقاب ومن زميلاتها نايلة كرار ابنة آل كرار وهي أسرة عريقة من البشاريين بمربع "8" بالدامر ولم تنقطع زمالتها حتى في الدامر الثانوية وفي المرحلة المتوسطة تقول حنان ان من حبب إليها اللغة العربية وشجعها على التفوق فيها هي الأستاذة الجليلة فاطمة إدريس شاويش "عضو مجلس تشريعي نهر النيل الآن" وفي الثانوي واصلت حنان اهتمامها بهذه اللغة وقد وجدت مربي الأجيال وأستاذ العربية المتميز عبد القادر الفاضلابي والذي لم يقصر معها أبداً وأولاها اهتماما كبيراً وقد أتاح لها بعد فترة وهي في الجامعة وحضرت في إجازة لأسرتها بالدامر فرصة تدريس حصة لغة عربية  بنفس مدرستها السابقة تقديراً لنبوغها وتفوقها، ومن الأسماء في ذاكرة حنان أيضاً معلمة اللغة الانجليزية أسماء الشيخ وهي من قرية العالياب.

وتخرجت حنان من معهد الموسيقى والمسرح في العام 1989م، بمرتبة الشرف وكانت الثاني على دفعتها بدرجة ممتاز.

ونالت درجة الماجستير في اللغة العربية عام 1999م بتقدير جيد جداً تحت إشراف البروفيسور عبد الباقي عبد الغني عن رسالتها "تعليم النحو العربي باستخدام الدراما الإذاعية بالسودان" ومن الأسماء التي وقفت معها في فترة الماجستير المذيعة أحسان عبد الماجد وهي أستاذة جامعية الآن بالسعودية ومبارك محمد الحسن وهو الآن بالصين الشقيقة. كذلك تجيد حنان استخدام الحاسوب عبر البرنامج المخصص للمكفوفين (إبصار) بصورة ممتازة بل وتقوم بتدريب المكفوفبن عليه

ـــــــ

محطات

-اسم حنان النيل أطلقه عليها المشرفون والطلاب في الدورة المدرسية عام 1981م، بمدينة ود مدني وشاركت بعد ذلك في دورتي الأبيض عام 82م، والخرطوم 83م وكان المشرف علي البعثة الثقافية الأستاذ خضر محمد عثمان "فنون.

-من أصعب المواقف التي مرت بها هو قرار الأسرة الانتقال من الدامر إلى الخرطوم وقالت في ذلك أنها تحفظ البيت القديم بمربع2 بكل تفاصيله وتعتبره مع المدرسة الابتدائية أحب الأماكن إلى قلبها على الإطلاق.

-كانت تحرص على الذهاب لمسجد السهيلى الذي يفتح مباشرة على باب منزلهم خاصة لصلاة الجمعة والتراويح في رمضان وتواظب على حولية الشيخ المجذوب السنوية.

-تتمنى أن تلتقي برفيقة الصبا فادية مصطفى وأن تخلد ذكرى معلمتها آمنة الصادق بمشروع خيري بالدامر.

-عاصرت بزوغ نجم الكرة السودانية الأسطورة حامد بريمة الذي بدأت مسيرته من الدامر وتابعت أخباره.

-أحبت السفر بالقطار أيام الجامعة وعايشت العصر الذهبي لمحطتي الدامر وعطبرة.

-حرصت على التواصل مع معلمتها آمنة الصادق إلى أن فارقت هذه الدنيا وكانت لا تنقطع عنها في أي زيارة للدامر .... ختاما بعد هذه المسيرة الشاقة للاستاذة حنان النيل في تحدي فقدان نعمة البصر ومواصلة التعليم هل يكون جزاءها الفصل من كلية كمبيوترمان لانها كفيفة ؟