الموردة وقدامى لاعبيها
( صلاح شكوكو )
يعرف الإحباط بأنه حالة تنتاب النفس البشرية عندما لا تستطيع بلوغ هدف معين.. بصرف النظر عن نوعية هذا السعي والهدف، وهل هو سعي واع أم غير ذلك.. فقد جرى العرف بين الناس على أن يطلق لفظ الإحباط مرادفا لحالة الأسف.. لكنه حالة تعقب الأسف والخيبة.. وعلى كل فإن الإحباط حالة مرتبطة الى حد كبير بحالة الإخفاق في الوصول الى هدف معين.
والإحباط عموما حالة نفسية مليئة بالتوتر وشحنات القلق، مع الشعور بالخيبة والخسران وكدر النفس.. ولعل هـذه المشاعر في أحايين تقعد النفس عن المسير، وتسد الطريق في وجهها، وتحيل بينها وبين ما تصبو إليه.
والإحباط من وجهة النظر العلمية هو تعطيل الإشباع بسبب خارجي أو داخلي.. فعندما لا تكون البيئة مهيأة لإشباع الدوافع الملحة.. فإن (الأنا) يقوم بإستبعاد هذه الدوافع وتأجيل إشباعها، الى أن تتغير الظروف وتحين الفرصة من جديد .
لكن حال الموردة وإحباطاتها، شأن يستحق منا التوقف والتأمل، ذلك أن الموردة ناد له جذور تاريخية حية، وميراث رائع ضارب في التاريخ والجغرافية، لكن ما أصابها الآن لتبقى قلة العزائم وكثرة الهزائم هي المنوال، فما الذي جعلها على هذا الحال والمآل والإحباط؟.
رغم أن هذا الحال قد ينطبق على أندية أخرى، تلكم التي تقهقرت وتاهت في خضم الإحباط ، مما يجعل الأوبة الى مدارج التوازن طريقا شاقا يصعب الوصول اليه.. لكن المشكلة الأكثر تعقيدا تكون حينما ينفض الجميع عن النادي، ويبقى الذين يمسكون جمرة الإرتباط.
فمن دواعي التحلق دعونا نصوب نحو قدامى اللاعبين الذين إنزوا عن الواجهة وآثروا الإبتعاد، لأن هذا الإنزواء سببه الى حد كبير ان النادي نفسه يفتقد المؤسسية التي تجعله قدرا على إستيعاب قدرات قدامى اللاعبين وربطهم به، بسبب الإحساس الخاطيء بأن هؤلاء ليسوا قادرين على إفادة النادي بعد أن أفل نجمهم وخارت قواهم .
لكن هذا الأمر ليس شأنا خاصا بالموردة.. فكل أنديتنا تجيد التصفيق للاعبين الحاليين وتغفل دور اللاعبين السابقين، الذين هم في حقيقة الأمر يعتبرون الرصيد الحقيقي والجسر الذي تتحرك عليه عربة النادي، بل هم والقوة الدافعة خارج الملعب.
لكنني لست هنا معنيا بأمر تحميل المسؤولية بقدر ما أريد أن أعين على التجاوز، فكثيرا ما نسمع من قدامى اللاعبين، أنهم زاروا النادي مرات عدة، لكنهم لم يجدوا الإهتمام أو حتى من يتعرف عليهم، لكنني في ذات الأوان أعتقد أن البعد سبب من أسباب هذا النسيان، وأن هذا السبب ليس كافيا للإنقطاع عن ناد إرتبطنا به رياضيا ووجدانيا حتى أصبحنا الى حد كبير جزءا منه.
لكننا في ذات الأوان يجب أن نعترف بأن قدامي اللاعبين وحدهم لن يعيدوا للنادي هيبته ، ذلك أن الكرة أصبحت نشاطا إجتماعيا فاعلا.. وصناعة تحتاج الى المال كي تؤدي دورها، فالنصر والبطولات منتوج يحتاج الى قدر عال من الجودة، من خلال توظيف رؤوس الأموال عبر فكر عال ومن خلال طاقة محركة مستمرة ومتجددة وعناصر ماهرة تصنع المنتوج، وربما بمساعدة خارجية في شكل خبراء أو محترفين يسهمون في هذه الجودة سواء كان ذلك ممارسة أو عبر الأجهزة الفنية .
ليبقى السؤال.. هل تفتقد الموردة للرجال والمال؟ لا أعتقد أن الموردة تفتقد هذه العناصر الهامة، لكنها في حقيقة الأمر تفتقد لروح التحلق حول ناديها، ليسهم الجميع في حركة التغيير الضرورية للعودة بالنادي الى مدارج الريادة، ولينداح عبر مساحة الوطن الكبير، وليخرج من إطاره وحيزه الضيق.
فنادي الموردة بتاريخه التليد والناصع، هو جزء من تاريخ السودان، وبأفول نجمه يمكن أن تتغيّر صورة الحاضر، فالنادي هو أقدم ألأندية تأسيسا في السودان، لكنه إن تدنى الى الأسفل فأول المتضررين هم قدامي اللاعبين الذي سيكون تاريخهم قد تدنى مع هبوط ناديهم. ولهذا كانوا أولى من غيرهم ليكونوا في مقدمة الصفوف، منخرطين في الأجهزة الفنية وغيرها .
إنها دعوة حقيقة من قلبي اوجهها لجيلي من اللاعبين الرائعين الذين توهتهم الأيام في دروبها، أن يعودوا الى أروقة النادي دون أن ننتظروا دعوة من أحد، صحيح أن كل منا يحمل بعض مرارة في الخاطر للجفاء الذي لقيه عند مغادرة النادي، لكن هذا لا يرقى لأن يكون سببا كافيا للعن التاريخ.
والدعوة هنا أوجهها لأخي عزالدين الصبابي بصبابته المعهودة.. ولعوض دوكا وكمال محمد على وكمال الشقي ومحمد جمعه (جومو) ومحمود وأحمد أبو كدوك وجمال فؤاد وصديق العربي ومجدى (أبوسعد) واسامة (أبوسعد) ونصرالدين (ابوسعد) وأحمد حامد وشاكر ومبارك ويوسف (نيالا) وشعبان (مدني) وبرهان تيه ودفع السيد (مانغستو) وعمر ودالحاجة وعبد النور وبكري (ضيق) وعبد المنعم (الصياد) والريح مدني وبريش وعصام عباس ومغربي ومحمد حامد والجقر.. وكل الذين سقطوا من الحصر سهوا .. بل كل الذين عطروا سوح العطاء الطيب قبلنا وبعدنا .
الشكر والتقدير للأخ الأستاذ / قسم خالد الذي ظل دوما يستوصيني بالموردة خيرا، ويدعونا للتحلق حولها، والتحية للأستاذ الفاضل / قمر الدولة الفكي الذي يحمل الموردة نقشا في فؤاده الذهبي .
..............
ملء السنابل تنحني بتواضع .... والفارغات رؤوسهن شـــوامخ
..............
صلاح محمد عبدالدائم ( شكوكو)
[email protected]
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات ,الاخبار و البيانات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام
أعلى الصفحة