الحـركة في الملعـب
( صلاح شكوكو )
يندهش بعضنا وهم يشاهدون كأس العالم ويتأملون تحركات لاعبي كرة القدم في أرجاء الملعب المختلفة بالكرة أو بدونها .. هذه التحركات التي تتسم بالرشاقة والخفة والتلقائية .. وهي تأتي كرد فعل طبيعي ، لحركة الكرة داخل الملعب وكتوقعات افتراضية لمسارات الكرة واتجاهاتها ، وفي أحايين كثيرة تكون تكون هذه التحركات مجرد مناورات يشغل بها اللاعب الطرف الآخر .
بعض الناس يعتقدون أن هذه الحركات تحدث دون أي جهد ذهني أو تفكير عقلاني .. وكأن كل تلك العمليات التحليلية تأتي من باب التلقائية اللاواعية … وهذا بالطبع خطأ كبير ، ذلك أن هذه الحركة ما هي إلا جهد عضلي وعصبي وذهني يقوم به اللاعب لتحقيق أكبر قدر من التفاعل في أرجاء الملعب المختلفة .
وهناك فرق كبير في الحركة بين لاعبينا وغيرهم .. فبيما يتسم أداء لاعبينا بالبطء والرتابة ، فإن مميزات الكرة الحديثة مبنية بدرجة كبيرة على السرعة والمباغتة و المفاجأة وإستغلال السوانح والبناء التكتيكي الرأسي .
والتحرك في الملعب يعتبر جزءً من المهارة التي تقتضي نوعاً من الانتباه والتركيز ، حيث يدخل فيها التحليل العقلي بدرجة كبيرة .. ومعلوم بداهة أن اللاعب الذي يقف في مكان سليم هو الذي يقود زميله الذي يمتلك الكرة … بتوفير فرص المناولة والتحرك ، ومعلوم كذلك ، ان الذي يمتلك الكرة لاعب ميت ويحتاج الى زميل يعينه على فك الحصار والتقدم التبادلي للأمام .
إذن .. ما الذي يقود تحركات اللاعب داخل الملعب ؟؟؟
الإجابة على هذا السؤال ليست سهلة.. ذلك أن هناك موجهات كثيرة ومتداخلـة تقـود حركة اللاعب أولها الصورة البصرية التي تنشأ عند متابعة اللاعب لمجريات اللعب حيث يستخدم اللاعب كلتا عينيه بمركباتهما المختلفة بدءًا بالعدسة وانتهاءًا ، بالشبكية لرسم صورة خيالية متعددة يختار منها أنسب الاحتمالات والفرضيات، وفق موازنة عقلية خاصة تقوده لتوقع مكان الكرة ، وتتيح له فرصة المناورة بالكرة وبدونها .
كذلك هناك العصب اللا إرادي الذي يعطي اللاعب إشارات تلقائية تأتي من خارج دائرة الإدراك ، بحيث تجعل اللاعب في أحايين كثيرة ، بل في جزء من الثانية يتحرك في اتجاه معّين ، وهذه الصورة تكون اكثر وضوحا في حالات حراس المرمى الذين يواجهون ضربات الجزاء أو الضربات الترجيحية ، حيث يحاولون قراءة الموقف من خلال إتجاه الخصم وزاوية التوجه والإندفاع ، ثم إتجاه التصويب .
أما اللاعب المهاجم الذي يحاول أن يختار بين التسديد أوالتمرير أوالمراوغة ، وفق انحرافات مفاجئة ، فإنه يحاول استغلال أنسب البدائل المتاحة لإنجاح هجمته مستصحبا معه قراءة الخصوم ومدى تغطيتهم وآليات استعدادهم لإفساد هجمته .
وأخيرا نجد ملكة التخيل الذهني التي تندرج تحتها كل تلك العناصر التي ذكرناها .. حيث يقوم اللاعب بعدة عمليات تحليلية بصرية وعصبية وفكرية قبل أن تصل الكرة إليه ، فيجهز لنفسه ، بعدة سيناريوهات محتملة .. وهذه تعرف باللياقة الذهنية وهذه لا تتأتى إلا في وجود لياقة بدنية جيدة وجرعات تدريبية متناسقة … وحتى نتصور أداءً رياضيا مثاليا لا بد من وجود موهبة فطرية وبنيان جسماني سليم ، يكمل الجانب الفني ويجعل الأداء متناسقا .
وهكذا تصبح حركة اللاعب في الملعب ، خليطا بين الحركة بالكرة وبدونها وفي كلتا الحالتين يحتاج اللاعب إلى لياقـة بدنية وذهنية عالية ، تقوده للقراءة السليمة والتوقع الذي يقترب من الواقع ، كما أن التمركز الصحيح للاعب يعتبر تكنيكا ، يعبر عن مدى حضور البديهة التوقعية عنده .
أما المدرب فإن دوره ينتهي في خط التماس ، بعدها يبدأ اللاعب منفردا في إستخدام مهاراته العقلية ، مستصحبا معه توجيهات المدرب ، حيث يختار الأنسب من بين البدائل المطروحة ، وفق الخطة العامة التي خطها المدرب ذلك أن المدرب ومهما أوتي من البراعة وسعة الأفق فإنه لن يحيط بمجريات اللعب ، وما سيحدث في الملعب من سجال .
لكننا نستطيع أن نحدد بعض الأشياء والممارسات التي تؤثر سلبا على أداء اللاعب وحركته في الملعب و منها :-
عدم ممارسة التمارين بانتظام وجدية .
عدم المحافظة على اللياقـة البدنية .
عدم أخذ جرعات كافيـة من الراحة والاستجمام .
عدم الاهتمام بالتغذية السليمة .
تعاطي المواد التي تؤثر على العقل والأعصاب والجسم بصورة عامة .
نقل المشكلات والأزمات الاجتماعية للملعب .
التمرد أوالتوقف عن اللعب لفترات طويلة .
الإصرار على اللعب في ظل الإصابة .
------------------
ملء السنابل تنحني بتواضع ... والفارغات رؤوسهن شوامخ
-----------------
صلاح محمد عبد الدائم ( شكوكو )
shococo@hotmail.com
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات ,الاخبار و البيانات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام
أعلى الصفحة