سلفاكير.. طموحات أحلام
د. ياسـر محجوب الحسين / رئيس تحرير صحيفة الرائد
هناك من يفسر مواقف سفاكير ميارديت رئيس الحركة الشعبية من الانفصال، بأنها (طموح) شخصي، وأنه يظن أو يزيّن له بأن فرصة (تاريخية) أمامه ليعلن دولة جديدة، وليظهر بمظهر (البطل) الذي حقق (الاستقلال) لشعبه.. قالوا له أنت الوحيد الباقي على قيد الحياة من مؤسسي الحركة التاريخيين حيث كان عضواً لهيئة القيادة التي تكونت من (14) شخصاً قتل معظم أفرادها في ظروف غامضة أوفى الاقتتال الداخلي بين أجنحة الحركة مثل وليم نون، وكاربينو كوانين بول.. قالوا له كذلك ستكون شانانا غوسماو الذي تسبب بدعم أمريكي صريح في فصل تيمور الشرقية عن جسدها الجغرافي والسياسي والحضاري وهو إندونيسيا في مايو من العام 2002م.. نموذج تيمور ألقى ضوءا كاشفا على الخطة الأمريكية والغربية المعتمدة كسياسة كونية تستهدف تفتيت الدول الأخرى.. الأهمية الإستراتيجية لتيمور الشرقية كـ(شوكة حوت) لأندونيسيا أكبر الدول الاسلامية سكانا، فسّر الجهود الغربية الكثيفة لفصلها عن إندونيسيا وجعلها دولة تحت السيطرة الغربية الكاملة.. نعود لسلفاكير ونسأل هل استطاع الرجل خلال السنوات الماضية أن يتقمص صفة رجل الدولة بعد سنوات التمرد في الغابات؟!.. الواقع يؤكد أن الشكوك والهواجس والخواطر ظلت باقية في رأسه دوامات ورياحا ومطرا.. سلفا رجل يحب الميل إلى العزلة والغموض، ولا يمكن لأي شخص مهما أوتي من فراسة أن يخرج بأي انطباع في حالة تعمّد قراءة تقاسيم وجهه الجامدة والصارمة فهو بخيل بإبداء أي مشاعر لمحدثه فلا يمكن أن تعرف ما إذا كان سعيدا أو غاضبا، يوافقك القول أو يعارضك.
اليوم الآمال تكسّرت أمام صخرة شعور الحركة بالنقص واهتزاز ثقتها في قدرتها على لعب دور سياسي نظيف مع منافسيها فضلا عن تحكم أصحاب الأجندة الشيوعية والرغبة الأمريكية الجامحة لفصل الجنوب.. الأجندة الحمراء دفعت الحركة لتبني مواقف سياسية تتناقض مع كونها شريك أساسي في الحكم ولم يعد يميز المرء بين كونها جزء من الحكومة أم أنها جزء من المعارضة.. تصريحات وزيرة الخارجية الأمريكية الأخيرة بأن انفصال الجنوب (أمر محتوم) كانت القشة التي قصمت ظهر بعير الوحدة.. سلفاكير ظلت تحاصره أيضا محاولات باقان أموم وياسر عرمان للتقليل من مقدراته، وكذا نظرتهم إليه باعتباره قائدا (طارئا) وجد نفسه في صدارة الأحداث دون سابق إنذار بسبب الغياب المفاجئ لقائدها السابق د. جون قرنق.. كانت تحركات أولاد قرنق دائما مضادة لمزاج سلفاكير وينصبون أنفسهم أوصياء عليه، فهم يعتبرون أنفسم أكثر دراية بلعبة السياسة من سلفاكير الذي كان في أغلب الأوقات في أدغال غابات الجنوب لا يتعاطى السياسة إطلاقا بينما كان قرنق في المقابل منفتح على عالم السياسة بالاضافة إلى قبضته العسكرية ولذا يجزمون أن قرنق كان يتمتع بخبرة سياسية مرفودة بقدرة ما على المناورة، بينما سلفاكير لم تترك له الغابة وأدغالها أي فرصة ليكتسب أي خبرة سياسية.. فهل وقع سلفاكير في مصيدة ثالوث الأجندة الشيوعية، والأطماع الأمريكية، ورغائب أولاد قرنق؟.
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات ,الاخبار و البيانات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام
أعلى الصفحة