مقالات متنوعة عن الأسرة و المجتمع

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-02-2024, 11:44 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف للعام 2015م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
08-30-2015, 08:12 PM

سيف اليزل برعي البدوي
<aسيف اليزل برعي البدوي
تاريخ التسجيل: 04-30-2009
مجموع المشاركات: 18425

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات متنوعة عن الأسرة و المجتمع (Re: سيف اليزل برعي البدوي)

    تحدث (تركي) قائلاً: (استدنت من رجل مبلغ مائتي ألف ريال من أجل إتمام أحد المشاريع وبعد انتهاء المدة المحددة لإعادة المبلغ حضر الرجل للمطالبة بحقه ولكني قمت بطرده وأنكرت أنه أعطاني أي مبلغ خاصة انه لم يأخذ مني أي إثبات.

    توقف تركي ثم واصل قائلاً : لم أكن اعلم ما ينتظرني بسبب ظلمي ، فبعد مضي ثلاثة أشهر خسرت صفقة بقيمة نصف مليون ريال ومنذ ذلك اليوم والخسارة تلازمني.


    وقد نصحتني زوجتي بإرجاع المبلغ لصاحبه لأن ما يحدث لنا عقاب من الله ولكني مع الأسف لم استمع إليها وتماديت في المكابرة حتى خسرت أعز ما أملك وهم أبنائي الثلاثة في حادث سيارة اثناء عودتهم من الدمام.


    ويتابع: وأمام ذلك الحدث الرهيب قررت بدون تردد إعادة الحق لصاحبه وطلبت منه أن يسامحني حتى لا يحرمني الله من زوجتي وابني ذي السنوات السبع فهما كل ما بقي لي!


    أما(نورة) وهي استاذة جامعية ومطلقة مرتين فقالت: حدثت قصتي مع الظلم قبل سبع سنوات، فبعد طلاقي الثاني قررت الزواج بأحد اقاربي الذي كان ينعم بحياة هادئة مع زوجته وأولاده الخمسة حيث اتفقت مع ابن خالتي الذي كان يحب زوجة هذا الرجل على اتهامها بخيانة زوجها.


    وبدأنا في إطلاق الشائعات بين الأقارب ومع مرور الوقت نجحنا حيث تدهورت حياة الزوجين وانتهت بالطلاق.


    وتوقفت(نورة) والدموع في عينيها.. ثم أكملت قائلة: بعد مضي سنة تزوجت المرأة برجل آخر ذي منصب أما الرجل فتزوج امرأة غيري وبالتالي لم أحصل مع ابن خالتي على هدفنا المنشود ولكنا حصلنا على نتيجة ظلمنا حيث أصبت بسرطان الدم !


    أما ابن خالتي فقد مات حرقاً مع الشاهد الثاني بسبب التماس كهربائي في الشقة التي كان يقيم فيها وذلك بعد ثلاث سنوات من القضية.


    قصة أخرى يرويها (سعد) فيقول: كنت أملك مزرعة خاصة بي وكان بجانبها قطعة ارض زراعية حاولت كثيراً مع صاحبها أن يتنازل عنها ولكنه رفض.. ويواصل: قررت في النهاية الحصول على الارض ولو بالقوة خاصة انه لا يملك اوراقاً تثبت ملكيته للارض التي ورثها عن والده، حيث ان أغلب الأهالي في القرى لا يهتمون كثيراً بالاوراق الرسمية.


    ويواصل :أحضرت شاهدين ودفعت لكل واحد منهما ستين الف ريال مقابل الشهادة امام المحكمة انني المالك الشرعي للارض وبالفعل بعد عدة جلسات استطعت الحصول على تلك الارض وحاولت كثيراً زراعتها ولكن بدون فائدة مع ان الخبراء أوضحوا لي أنها ارض صالحة للزراعة، أما مزرعتي الخاصة فقد بدأت الآفات من الحشرات الارضية تتسلط عليها في وقت الحصاد لدرجة انني خسرت الكثير من المال


    وبعد أن تعرضت لعدد من الحوادث التي كادت تودي بحياتي قمت بإعادة الارض لصاحبها فإذا بالارض التي لم تنتج قد اصبحت أفضل انتاجاً من مزرعتي اما الحشرات فقد اختفت ولم يعد لها أي اثر.

    و يسرد (حمد) تجربته المريرة قائلاً: عندما كنت طالبا ًفي المرحلة الثانوية حدثت مشاجرة بيني وبين احد الطلاب المتفوقين فقررت بعد تلك المشاجرة أن أدمر مستقبله، ويتابع: لا يمكن ان يسقط ذلك اليوم من ذاكرتي حيث حضرت في الصباح الباكر ومعي مجموعة من سجائر الحشيش التي كنا نتعاطاها ووضعتها في حقيبة ذلك الطالب ثم طلبت من أحد أصدقائي إبلاغ الشرطة بأن في المدرسة مروج مخدرات وبالفعل تمت الخطة بنجاح، وكنا نحن الشهود الذين نستخدم المخدرات.


    ومنذ ذلك اليوم وأنا أعاني نتيجة الظلم الذي صنعته بيدي، فقبل سنتين تعرضت لحادث سيارة فقدت بسببه يدي اليمُنى. وقد ذهبت للطالب في منزله أطلب منه السماح ولكنه رفض لأنني تسببت في تشويه سمعته بين أقاربه حتى صار شخصاً منبوذاً من الجميع وأخبرني بأنه يدعو عليّ كل ليلة لأنه خسر كل شيء بسبب تلك الفضيحة.


    ولأن دعوة المظلوم ليس بينها وبين الله حجاب فقد استجاب الله دعوته ، فها أنا بالاضافة إلى يدي المفقودة اصبحت مقعداً على كرسي متحرك نتيجة حادث آخر! ومع اني اعيش حياة تعيسة فإني أخاف من الموت لاني اخشى عقوبة رب العباد.

    كل هذه القصص وردت ضمن تحقيق أجرته صحيفة (الرياض) قبل ثلاث سنوات لكنها ما زالت تنبض بالحياة!

    لا أظن أحدا يجهل عقوبة الظلم ووعد الله حين قال عن دعوة المظلوم (وعزتي وجلالي لأنصرك ولو بعد حين) ، ولكن الكثيرين ينسونها او يتناسونها ويتساهلون في ظلم غيرهم سواء كان الظلم من رئيس لموظفيه او قاض لمن اشتكى لديه! أو ابن لابنه او أبناء لوالديهم أو ظلم زميل لآخر ، أو الظلم الذي تقوم به البنوك حين تستدرج البسطاء بقروض لتفرج الضائقة التي يمرون بها فإذا بها ترميهم في السجون أو تنتهي بهم إلى فقر أشد والى أولئك الذين ظلموا أوطانهم واستحلوا سرقة العقود ومخالفة الأنظمة وتستروا على المتخلفين ليحرموا أبناء بلدهم من حقوقهم في نصيبهم من الخير الذي فيه.


    إنها رسالة بلا عنوان.. ترسل الى كل من ظلم علها توقظه فإن لم يعد الى الحق فلينتظر نصيبه من العقوبة كما حصل لهؤلاء وغيرهم كثير تعرفونهم أسأل الله تعالى أن يقيني ويقيكم شر الظلم وأهله ! ..
    والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته !
    ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

    محمد عبدالله المنصور- جريدة الرياض
                  

08-30-2015, 08:14 PM

سيف اليزل برعي البدوي
<aسيف اليزل برعي البدوي
تاريخ التسجيل: 04-30-2009
مجموع المشاركات: 18425

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات متنوعة عن الأسرة و المجتمع (Re: سيف اليزل برعي البدوي)

    لا تقل: إني شاب!!!
    هل رأى أحد منكم يوماً جنازة؟ هل تعرفون رجلاً كان إذا مشى رج الأرض، وإن تكلم ملأ الأسماع، وإن غضب راع القلوب، جاءت عليه لحظة فإذا هو جسد بلا روح، و إذا هو لا يدفع عن نفسه ذبابة، و لا يمتنع من جرو كلب؟!!!

    هل سمعتم بفتاة كانت فتنة القلب و بهجة النظر، تفيض بالجمال والشباب، و تنثر السحر والفتون، تبذل الأموال في قبلة من شفتيها المطبقتين كزر ورد أحمر، و تراق الكبرياء على ساقيها القائمتين كعمودين من المرمر، جاءت عليها لحظة فإذا هي قد آلت إلى النتن والبلى، ورتع الدود في هذا الجسد الذي كان قبلة عُبّاد الجمال، وأكل ذلك الثغر الذي كانت القبلة منه تُشترى بكنوز الأموال ؟!!

    هل قرأتم في كتب التاريخ عن جبارٍ كانت ترتجف من خوفه قلوب الأبطال، ويرتاع من هيبته فحول الرجال، لا يجسر أحد على رفع النظر إليه، أو تأمل بياض عينيه، قوله إن قال شرع، و أمره إن أمر قضاء، صار جسده تراباً تطؤه الأقدام، و صار قبره ملعباً للأطفال، أو مثابة ( لقضاء الحاجات) ؟!!!.

    هل مررتم على هذه الأماكن، التي فيها النباتات الصغيرة، تقوم عليها شواهد من الحجر، تلك التي يقال لها المقابر ؟!!.

    فلماذا لا تصدقون بعد هذا كله، أنّ في الدنيا موتاً ؟!.
    لماذا تقرؤون المواعظ، و تسمعون النذر فتظنون أنها لغيركم؟ وترون الجنائز وتمشون فيها فتتحدثون حديث الدنيا، وتفتحون سير الأمال والأماني .. كأنكم لن تموتوا كما مات هؤلاء الذين تمشون في جنائزهم، وكأن هؤلاء الأموات ما كانوا يوماً أحياء مثلكم، في قلوبهم آمال أكبر من آمالكم، ومطامع أبعد من مطامعكم ؟.

    لماذا يطغى بسلطانه صاحب السلطان، ويتكبر ويتجبر يحسب أنها تدوم له؟ إنها لا تدوم الدنيا لأحد، ولو دامت لأحد قبله ما وصلت إليه. ولقد وطئ ظهرَ الأرض من هم أشد بطشاً، وأقوى قوة، وأعظم سلطاناً؟ فما هي ... حتى واراهم بطنها فنسي الناس أسماءهم !.

    يغتر بغناه الغني، و بقوته القوي، وبشبابه الشاب، وبصحته الصحيح، يظن أن ذلك يبقى له... و هيهات..!

    و هل في الوجود شيء لا يدركه الموت ؟!
    البناء العظيم يأتي عليه يوم يتخرب فيه، ويرجع تراباً، والدوحة الباسقة يأتي عليها يوم تيبس فيه، وتعود حطباً، والأسد الكاسر يأتي عليه يوم يأكل فيه من لحمه الكلابُ، وسيأتي على الدنيا يوم تغدو فيه الجبال هباءً، وتشقق السماء، و تنفجر الكواكب، و يفنى كل شيء إلا وجهه.
    يوم ينادي المنادي: {لمن الملك اليوم}
    فيجيب المجيب: {لله الواحد القهار}

    لقد أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالإكثار من ذكر الموت.
    فاذكروا الموت لتستعينوا بذكره على مطامع نفوسكم، وقسوة قلوبكم، اذكروه لتكونوا أرق قلباً وأكرم يداً، وأقبل للموعظة، وأدنى إلى الإيمان، اذكروه لتستعدوا له، فإنّ الدنيا كفندق نزلت فيه، أنت في كل لحظة مدعو للسفر، لا تدري متى تدعى، فإذا كنت مستعداً: حقائبك مغلقة وأشياؤك مربوطة لبيت وسرت، وإن كانت ثيابك مفرقة، وحقائبك مفتوحة، ذهبت بلا زاد ولا ثياب، فاستعدوا للموت بالتوبة التي تصفي حسابكم مع الله، و أداء الحقوق، ودفع المظالم، لتصفوا حسابكم مع الناس.

    و لا تقل أنا شاب... و لا تقل أنا عظيم... و لا تقل أنا غني....

    فإن ملك الموت إن جاء بمهمته لا يعرف شاباً ولا شيخاً، ولا عظيما ولا حقيراً ولا غنياً ولا فقيراً ..

    و لا تدري متى يطرق بابك بمهمته ....!!
    الشيخ علي الطنطاوي
                  

11-07-2015, 06:01 PM

سيف اليزل برعي البدوي
<aسيف اليزل برعي البدوي
تاريخ التسجيل: 04-30-2009
مجموع المشاركات: 18425

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات متنوعة عن الأسرة و المجتمع (Re: سيف اليزل برعي البدوي)

    قصة في منتهي الروعة :-
    أخذ رجل أباه العجوز لمطعم فاخر لتناول العشاء..كان الأب كبير في سن كبيرة و يرتجف يأكل و يتناثر الطعام على الأرض وعلى ملابسه..لفت هذا كل من كان في ذلك المطعم..الرجل بقي هادئا و إنتظر إنتهاء أباه من الأكل أخذه إلى المغسلة غسل يديه فمه وجهه ثيابه ثم عاد و نظف المكان بكل هدوء...دفع الفاتوة و خرج وسط أنظار كل من كان في المطعم ..و بينما هو و أباه يهمان بركوب السيارة..لحقه رجل آخر و قال له يا سيدي ألم تنتبه إنك تركت شيئا في المطعم..قال لا..!!!!
    فرد عليه الرجل..لقد تركت درساً بليغاً لكل من كان في المطعم في بر الوالدين .
    🌹☺🌹منقول
                  

08-30-2015, 08:16 PM

سيف اليزل برعي البدوي
<aسيف اليزل برعي البدوي
تاريخ التسجيل: 04-30-2009
مجموع المشاركات: 18425

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات متنوعة عن الأسرة و المجتمع (Re: سيف اليزل برعي البدوي)

    اليوم أقلد قلمي شرف هتك الأسرار، أسرار الضياع

    لم تكن توبتي نتيجة ظروف قاسية أو محنة عارضة بل كنت انعم بكل أشكال الترف وحرية في كل شيء،وكنت أجسد العلمنة بمعناها الصحيح، وكانت أفكار الحداثيين وخططهم نهجي ودستوري، وكتبهم مرصوصة في مكتبتي، وقلمي تتلمذ على أشعار نزار قباني، ورمي الحجاب حلم يداعب خيالي،وقيادة السيارة قضيتي الأولى أنادي بها في كل مناسبة، واستغل ظروف من هم حولي لإقناعهم بضرورتها.

    تمنيت أن أكون أول من يترجم فكرة القيادة إلى واقع ملموس. ولطالما سهرت الليالي اخطط فيها لتحقيق الحلم.
    أما تحرير المرأة السعودية من معتقدات وأفكار القرون البالية وتثقيفها وزرع مقاومة الرجل في ذاتها فلقد تشربتها وتشربتها خلايا عقلي.

    وسعيت لتسليط الضوء على جبروت الرجل السعودي وأنانيته. وقدمت الرجل المتحرر على طبق من ذهب على أنه يفهم المرأة واستخراج كنوز أنوثتها وقدمها معه جنباً إلى جنب.

    وشوهت صورة الرجل المتدين على انه اكتسب الخشونة والرعونة من الصحراء وتعامل مع الأنثى كما تعامل مع نوقه وهو يسوقها بين القفار، كانت الموسيقى غذاء الروح كما كنت اسميها هي نديمي من الصباح إلى الفجر، أما الرقص بكل أنواعه فقد جعلته رياضة تعالج تخمة الهموم.

    ونظريات فرويد كنت ادعمها في كل حين بأمثلة واقعية، وانسب المشاكل الزوجية إلى الكبت، والعقد من آثار أساليب التربية القديمة التي استعملها أهلنا معنا. وكانت أفكاري تجد بين المجتمع النسائي صيتاً عالياً ومميزاً، سرت على هذا النمط سنينا عديدة.

    وفي يوم من الأيام وفي أحد الأسواق كنت جالسة في ساحته لفت نظري شاب متدين بهيئته التي تدل على التدين، ثوب قصير وسير هاديء وعيون مغضوضة أظنه في سن ما فوق العشرين يعمل أعجبني هدوؤه وراودتني بعدها أفكار غريبة _ علي جداً.

    علامات الرضى بادية على محياه خطواته ثابتة رغم أن قضيته في نظري خاسرة هو والقلة التي ينتمي إليها يتحدون مارداً جباراً (تقدم وحضارة)، ولا يزالون يناضلون سخرت بداخلي منه ومنهم، لكنني لم أنكر إعجابي بثباته، فقد كنت احترم من يعتنق الفكرة ويثبت عليها رغم الجهود المتواضعة وقلة العدد وصعوبة إقناع البشر بالكبت كما كنت اسميه.

    حاولت أن أحلل الموضوع فقلت في نفسي :
    (ربما هؤلاء الملتزمون تدينوا نتيجة الفشل فأخذوا الدين شعارات ليشار إليهم بالبنان، لكن منهم العلماء والدكاترة وماضي عريق قد ملكوا الدنيا حينا من أقصى الشرق إلى أقصى المغرب أو ربما هو الترفع عن الرغبات)

    وعند هذه النقطة بالذات اختلطت علي الأمور _ الترفع عن الرغبات معناه الكبت _ والكبت لا ينتج حضارة!

    حاولت أن أتناسى هذا الحوار مع نفسي لكن عقلي أبى علي ولم يصمت ومنذ ذلك الوقت وأنا في حيرة.

    فقدت معها اللذة التي كنت أجدها بين كتبي ومع أنواع الموسيقى والرقص ومع الناس كافة علمت أني فقدت شيئا، لكن ما هو؟؟
    لست أدري.. اختليت بنفسي لأعرف.
    طرقت أبواب الطب النفسي دون جدوى.
    فقدت الإحساس السابق بل لا أشعر بأي شيء كل شيء بلا طعم وبلا لون.

    فرجعت مرة أخرى لنقطة البداية متى كان التغير؟؟
    إنه بعد ذلك الحوار!! تساءلت كل ما أتمنى أستطيع أخذه.. ما الذي يحدث لي إذا؟!!
    أين ضحكاتي المجلجلة؟؟ وحواراتي التي ما خسرت فيها يوما؟؟ جلسات السمر والرقص؟؟ كيف ثقل جسدي بهذا الشكل؟؟

    وكلما حاولت أن أكتب أجدني أسير بقلمي بشكل عشوائي لأملأ الصفحة البيضاء بخطوط وأشكال لامعنى لها.. غير أن بداخلي إعصارا من حيرة!!

    بدأت أتساءل هذه الموسيقى المنسابة إلى مسمعي؟ لم أعد أشعر بروعتها!! لو كانت غذاء الروح لكانت روحي الآن روضة خضراء.
    وأين تلك الكتب التي احترمت كتابها وصدقتهم؟ لماذا تخذلني الآن كلماتهم ولا تشعل حماسي كما كانت؟!!

    وهنا لاح سؤال صاعق هل هؤلاء الغربيون فعلا أفضل منا؟؟
    هل هم فعلاً أفضل منا؟ وبماذا أفضل؟؟

    تكنولوجيا؟؟
    وبماذا خدمت التكنولوجيا المرأة عندهم؟؟
    خدمت الرجل الغربي، والمرأة أين مكانها؟؟ معه في العمل!! وأخرى في المرقص تتراقص على أنغام الآلات التي اخترعها الرجل!! وأخرى ساقية للخمر الذي صنعه الرجل ونوع من أسمائه!!

    اكتشفت حقيقة أمَـرََ من العلقم..
    الرجل تقدم وضمن رفاهيته وتملص من الحقوق والواجبات، حتى في جنونه جعل المرأة صالة عرض لكل ما خطر على خياله واخترع لها رقصات بكل الأشكال:
    رقصت وهي واقفة وجالسة ونائمة ومنتصبة ومقلوبة.. كما رقصت الراقصة كما اشتهاها العازف،

    اشتهاها ممثلة، فمثلت كل الأدوار التي تحاكي رغباته من اغتصاب وشذوذ، أي دور وكل دور!!

    اشتهاها عارية على الشاطئ تعرت!!

    اكتشفت الخديعة الكبرى في شعار حرية المرأة، فإذا نادى بها رجل فهو الوصول إلى المرأة،
    ثم من ماذا يريدون تحرير المرأة، من الحجاب؟؟

    لماذا الحجاب؟؟
    إنه عبادة كالصلاة والصوم.

    كنت سأحرم نفسي منه لولا أن تداركتني رحمة ربي، يريدون أن يحرروني من طاعة الأب والزوج إنهم حماتي بعد الله.

    الأب والزوج حماتي بعد الله، يريدون أن يحرروني من الكبت، كيف سميتم العفة والطهارة كبتا؟؟ كيف؟؟

    ما الذي جنوه من الحرية الجنسية؟؟
    أمراض ضياع!!
    حرروا المرأة كما يزعمون أخرجوها من بيتها تكدح كالرجل وضاع الأطفال!!
    واليوم يدرسون ضياع الأطفال

    تبا لهم وتبا لعقلي الصغير كيف صدقهم؟؟
    كيف لم أر تقدمنا والمرأة متمسكة بحجابها؟؟
    كيف كنت أنادي بالقيادة؟؟
    فمع قيادة المرأة للسيارة يسقط الحجاب فتسقط المرأة.

    بعده عرفت علتي وعلة الشباب جميعاً.
    أولاً: مشكلتنا الأساسية: أننا لا نعرف عن الإسلام إلا اسمه وعادات ورثناها عن أهلنا كأنه واقع فرض علينا.

    وثانياً: لم ندرك طريقة الغزو الحقيقية.. خدرونا بالرغبات.. شغلونا عن القرآن وعلوم الدين، فهي خطة محكمة تخدير ثم بتر، ونحن لا نعلم.

    اتجهت إلى الإسلام من أول نقطة من كتب التوحيد إلى الفقه ومع كلمات ابن القيم عدت إلى الله، ومع إعجاز القرآن اللغوي والتصويري والعلمي والفلكي ووو… ندمت على كل لحظة ضيعتها أقلب فيها ناظري في كتب كتبتها عقول مسحها الله وطمس بصيرتها.

    كانت معجزة أمامي هو القرآن الكريم، لم أحاول يوما أن أفهم ما فيه أو أحاول تفسيره، أخرجت من منزلي ومن قلبي كل آلات الضياع والغفلة، وعندما خرج حب اللحن من قلبي، وجدت حلاوة الشهد تنبع من قراءة آيات القرآن، وعرفت أعظم حب: أحببت الله تعالى لبست الحجاب الإسلامي الصحيح بخشوع وطمأنينة واقتناع بعد تسليم أشعر معه رضا الله عني، وعرفت معه قول الله تعالى (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون) في سكناتي وحركاتي وطعامي وشرابي استشعر معناه العظيم.

    بت انتظر الليل بشوق إلى مناجاة الحبيب أشكو إليه أشكو إليه شدة شوقي إلى لقائه، وإلى لقاء المصطفى محمد صلى الله عليه وسلم، وحنيناً إلى صحابته الكرام، ونساءه الطاهرات.

    وأخيرا كلمة إلى كل من سمع قصتي:
    لا ترفضوا دينكم قبل أن تتعرفوا عليه جيداً لأنكم إذا عرفتموه لن تتخلوا عنه، فداه الأهل والمال والبنون والنفس.
    ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
    الكاتبة: مشاعل العيسى
                  

08-30-2015, 08:18 PM

سيف اليزل برعي البدوي
<aسيف اليزل برعي البدوي
تاريخ التسجيل: 04-30-2009
مجموع المشاركات: 18425

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات متنوعة عن الأسرة و المجتمع (Re: سيف اليزل برعي البدوي)

    الغرب.. نظرة جديدة للاختلاط
    أعتقد جازماً أنَّ الغرب لا يُقدِّم للمسلمين نموذجاً في الجانب الاجتماعي يُحتذى به، أو يُقتفى أثره، بل الحديث عن موت الغرب بات أمراً يُتحدث فيه بين الغربيين أنفسهم، ولكن الميزة لدى كثير منهم أنَّهم يقومون بدراسات تمحيصيَّة لواقعهم وما يمكن تجديده وتهذيبه، ومن ذلك قرارات كثيرة صدرت عنهم بضرورة الفصل بين الجنسين (الذكور والإناث) وخصوصاً في المؤسسات التعليميَّة.

    وفي الوقت الذي يدور فيه خصام شديد وحوار مستديم بين الإسلاميين والتغريبيين في موضوع الاختلاط بين الرجال والنساء بين التحريم والجواز!! فهنالك من بني جلدتنا من لا يزال يغرس لدى متابعي مقالاته وأفكاره شيئاً ممَّا امتصَّه من قيح الغرب وصديدهم المنتشي بالفساد.

    وبقدر ما تحدثت به عن تطرفهم الأخلاقي فإنَّ المتتبع لهم يجدهم يُراجعون أنفسهم ويحاولون الانعتاق من عنق زجاجة الانحراف والضياع والمجون التي عاشوا فيها، فلم يروا المصائب التي يقترفونها في حق الإنسانيَّة إلاَّ بعد أن رأوا النتائج السيئة التي قعَّدوا لها.

    وعن الواقع التغريبي العلماني الفج في البلاد الإسلاميَّة يمكن الاستشهاد على ذلك بمثال على ما يقوله أحدهم المدعو:(.... وهابي) حين يدعو بكل صفاقة ووقاحة إلى الاختلاط بين الجنسين (في مقال له بعنوان مخاطر الفصل بين الجنسين في المدارس الابتدائية) وليته يقتصر على هذه المهلكة، بل يزيد مقاله ضغثَّا على إبّالة وبليَّة على بليَّة حين يدَّعي أنَّ (الفصل يضعف حصانة المرأة والرجل عند الالتقاء في أماكن العمل, وقد يؤدي إلى انفلات العواطف والغرائز غير المنضبطة, وخاصة في الأجواء غير السليمة!!).

    وينتهي قائلاً : (فالاختلاط السليم يهذب فينا ما هو حسي ليرتقي بنا في إنضاج عواطفنا الإنسانية, ويجنبنا مزالق الشطط, فالمنحرفون بشتى صنوفهم تجدهم حسيون..).

    ولم يدر هذا المنحرف فكرياً أنَّ الغرب نفسه يُكَذَّبُ دعاويه، ويبين أنَّ ما يقوله إنما هو مجرد هراء.

    إنَّني سأتحدث بعد قليل عن أخبار وحوادث وقعت من مراكز وشخصيات غربيَّة في محاربة الاختلاط الذي يدعو إليه هذا الكاتب المتفرنج العلماني، فلن أذكر ذلك عن عالم دين مسلم؛ لكي لا يقول هذا الدعي إنما هي شنشنة المتدينين، بل إنَّما خرجت هذه الآراء والأقوال من أفواه الغربيين أنفسهم...

    فها هو الدكتور الفلسطيني "وجيه حمد عبد الرحمن" يقدِّم للقارئ العربي كتاباً يترجمه لنا بعنوان "الغرب يتراجع عن الاختلاط" للمؤلف: "بفرلي شو"، حيث يذكر فيه أن الفطرة البشرية السليمة تؤكد على ضرورة فصل الرجال عن النساء، خاصة في المؤسسات التعليمية، مشيرا إلى أن "العرف قد جرى في كثير من بلدان العالم بغض النظر عن معتقداتها على عملية الفصل، وكان هذا هو النظام المعمول به في بريطانيا حتى ستينات القرن الماضي!" أهـ.

    ونلحظ أيضاً أنَّ مدينة كشيكاغو يعيش فيها من السكان قرابة ثمانية ملايين نسمة، قد قاموا بتأسيس مدرسة خاصة للفتيات، وذلك للقلق الذي يساور الآباء والأمهات إزاء ما قد يعترض فتياتهم من تحرشات مختلفة من قبل الفتيان.

    بل جعل ذلك بعض النساء اللواتي كنَّ يطالبن بالدمج والمزج بين الجنسين من الرجال والنساء بحجة الحرية والمساواة منذ ربع قرن تختلف نظرياتهنَّ إلى المطالبة بعكس ما كُنَّ يسعين إليه، والرغبة بسن القانون وتفعيله على أرض المدارس، وكذا الحال في في "جافرسن" وهي إحدى ضواحي مدينة "لوس أنجلوس" حيث توجد مدرسة منفصلة يصل قسطها إلى (1000) دولار في الشهر وهذا مكلف بالنسبة للأسر، ومع ذلك يحرصون على تسجيلهم فيها لنجاح المنهجية التعليمية لكلا الجنسين، والحفاظ على بناتهم من التحرش الجنسي.

    معاناة خطيرة
    لقد عانى الغربيون من بلاءات الاختلاط ، ومصائب النظرة المكارثيَّة التي أسهمت في العملية التربوية حينما جاء في الإعلان العالمي للتربية ما نصُّه: (ينبغي القضاء على كل القوالب الفكرية الجامدة, والقائمة على الفصل بين الجنسين في مجال التربية والتعليم )، لكنَّ كثيراً من الغربيين أدركوا سخافة ووقاحة من كتب مثل ذلك ، فهذا هو الرئيس الأمريكي السابق كنيدي عام 1962م يتحدث عن الأضرار المترتبة على عدم تطبيق نظام الفصل بين الجنسين في قوله: (إن الشباب الأمريكي مائع ومترف وغارق في الشهوات، ومن بين كل سبعة شباب يتقدمون للتجنيد يوجد منهم ستة غير صالحين، وذلك لأننا سعينا لإباحة الاختلاط بين الجنسين في الجامعة بصورة مستهترة مما أدى إلى إنهاكهم في الشهوات) .

    وفي عام 1998م قدمت السيناتور الأمريكية "كي بيلي" قانون المدارس والجامعات غير المختلطة، ومما قالت فيه : "أداء الأولاد يكون جيداً في البيئة التي يوجد فيها الأولاد وحدهم، وذلك نتيجة لعدم انشغالهم بالبنات، وبنفس القدر يكون أداء البنات جيداً وتزداد ثقتهن بأنفسهن".

    وبناء على مثل هذه الدراسات، وتلبية لمطالب المجتمع الأمريكي خصصت إدارة الرئيس جورج بوش عام 2002م ما يزيد عن (300) مليون دولار لتشجيع التعليم غير المختلط، وإنشاء مدارس خاصة بالبنين وأخرى للبنات، وتطبيقاً لتلك الإستراتيجية بلغ عدد المدارس الحكومية غير المختلطة في عام 2005م (223) مدرسة بمعدل زيادة سنوية قدرها (300%) ، وبلغ عدد الولايات الأمريكية التي تقدم تعليماً غير مختلط (32) ولاية.

    وفي بريطانيا أشارت دراسة أجرتها النقابة القومية للمدرسين البريطانيين إلى أن التعليم المختلط أدى إلى انتشار ظاهرة الطالبات الحوامل وأعمارهن أقل من ستة عشر عاماً، كما أثبتت الدارسة تزايد معدل الجرائم الجنسية والاعتداء على الفتيات بنسب كبيرة.

    ونقلت الأخبار أنَّ الكونجرس الأمريكي وافق في عهد الرئيس بوش على مشروع تطبيق عدم الاختلاط بين الجنسين في المدارس، وكان الكونجرس الأمريكي أعطى توجيهات إلى وزير التربية والتعليم "رود بيج" ببحث سبل توسيع نطاق الخيارات المتاحة أمام زيادة عدد الفصول التي يتم من خلالها تطبيق عدم الاختلاط بين الجنسين. وكانت قد تقدمت بهذا المشروع السيناتور الديمقراطي هيلاري كلينتون وزميلتها الجمهورية "كاي بيلي هوتشون" وقالت الأخيرة: "إن نظام عدم الاختلاط موجود في المدارس الخاصة منذ عدة سنوات وحان الوقت لتعميم هذا النظام على المدارس الحكومية العامة".

    ولعل في هذا ردا على الكاتب المدعو والذي نثرت شيئاً من هرائه قبل سطور، والذي يدَّعي أنَّ المجتمع المنغلق يكون فيه الفساد الأخلاقي أكثر من المجتمع الإباحي والمنفتح، وأنَّ المجتمع المختلط لا يكون فيه شيء من الفساد الأخلاقي، بل إنَّه على لغته النزقة يقول أنَّ هذا الاختلاط يسبِّبُ تهذيب الأخلاق، وكذب، ولكنَّه كما قال تعالى: ( فإنَّها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور).

    المختلطة وغير المختلطة
    لقد جاءت اعترافات من قِبَلِ المجتمع الغربي تؤكد فيه على ضمان المنهج الإسلامي لمحاولات التحرش الجنسي بسبب الاختلاط، وفي هذا المجال تقول "راشيل بريتشرد" والتي كانت غير مسلمة ثم أسلمت لما رأته في دين الإسلام من سمو العقيدة وحماية الأعراض: "التعليم المختلط يشجع على العلاقات بين الأولاد والبنات، وإذا أُحصي عدد المراهقات الحوامل من مدارس مختلطة ومن مدارس بدون اختلاط (خصوصاً المدارس الإسلامية) لوجدنا في الغالب أن النسبة في المدارس المختلطة تكون 57% على الأقل مقارنة بالمدارس التي تطبق الفصل بين الجنسين بنسبة لعلها تقترب من 5% (في حين ستجد أن النسبة في المدارس الإسلامية هي الصفر)، كما أنني أعتقد أن اختلاط الجنسين يؤدي إلى عدم تركيزهم من الناحية الدراسية؛ لأن اهـتمامهم سيكون موجهاً للجنس الآخر"(ندوة بعنوان "واقع المرأة في الغرب)، هذا ما قاله من عرفهم، وصدقتهم إحصائياتهم (فاعتبروا يا أولي الأبصار) [الحشر:2].

    وهنالك دراسة أجرتها النقابة القومية للمدرسين البريطانيين أكدت فيها أن التعليم المختلط أدى إلى انتشار ظاهرة التلميذات الحوامل سفاحاً وأعمارهن أقل من ستة عشر عاماً، كما أثبتت الدراسة تزايد معدل الجرائم الجنسية والاعتداء على الفتيات بنسب كبيرة، وفي أمريكا بلغت نسبة التلميذات الحوامل سفاحاً (48%) من تلميذات إحدى المدارس الثانوية.

    وإلى كتاب فرنسى حديث بعنوان: «مصائد المدارس المختلطة» نشرتها صحيفة لاكسبريس الفرنسية أعلن عالم الاجتماع الفرنسي ميشال فيز - الباحث بالمركز القومي للدراسات الاجتماعية بفرنسا - أن الاختلاط في المدارس الأوروبية لا يدعم المساواة بين الجنسين، ولا المساواة في الفرص.

    وقد صدق الإمام ابن القيم - رحمه الله – القائل في كتابه الطرق الحكمية: ( ولا ريب أن تمكين النساء من اختلاطهن بالرجال أصل كل بلية وشر، وهو من أعظم أسباب نزول العقوبات العامة، كما أنه من أسباب فساد أمور العامة والخاصة، واختلاط الرجال بالنساء سبب لكثرة الفواحش والزنا، وهو من أسباب الموت العام والطواعين المتصلة)(ص407).
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
    المصدر: خباب الحمد
                  

08-30-2015, 08:22 PM

سيف اليزل برعي البدوي
<aسيف اليزل برعي البدوي
تاريخ التسجيل: 04-30-2009
مجموع المشاركات: 18425

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات متنوعة عن الأسرة و المجتمع (Re: سيف اليزل برعي البدوي)

    كيف حال قلبك مع الله؟
    صلاح أحوال الناس في دنياهم وآخرتهم إنما يكون بصلاح علاقتهم بربهم سبحانه، كما أن فساد دنياهم وآخرتهم سببه فساد الصلة بينهم وبين الله كما قال سبحانه: "وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفوا عن كثير"(الشورى:30 )

    وقال للمؤمنين يوم أحد: "أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ)(آل عمران: 165)

    وهذه الصلة مع الله إنما يكون صلاحها وفسادها بحسب صلاح القلب وتعلقه بالله وفساده وبعده عنه، فالقلوب هي مفتاح كل خير إذا صلحت وباب كل شر إذا فسدت.. قال النبي صلى الله عليه وسلم :"ألا إن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب" (متفق عليه).

    فمتى أحسست بضيق في صدرك أو قلة في رزقك أو هم أو غم في نفسك فقل "هو من عند أنفسكم"

    وإذا تغيرت عليك الزوجة، وعصاك الولد، وفسدت السيارة، وتشتت بك الآراء، وتشعبت بك الأهواء، فقل "هو من عند أنفسكم".

    وإذا رأيت تسلط الأعداء، وتحكم الأمراء، وانقلاب حال الأحبة والأصدقاء، فقل "هو من عند أنفسكم".

    لما دخل سفيان الثوري إلى الحرم فوجد الشرطة ـ ولم يكونوا يتواجدون فيه من قبل ـ بكى وقال: إن ذنوبا ولَّت علينا هؤلاء إنها لذنوب جسام.

    وعندما طغى الحجاج وبغى قال أصحاب الحسن البصري له: ألا نخرج فنغير بالسيف، قال: إن الحجاج عقوبة من الله، ولن تغير عقوبة الله بالسيف، ولكن توبوا إلى ربكم: "إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم"

    إن الإسلام لم يهتم بشيء في الإنسان بقدر ما اهتم بقلبه، فقد جعل هذه المضغة الصغيرة هي بيت الإيمان وموقع الصدق ومحلة الإخلاص، بل وكل أعمال الإيمان من خوف ورجاء وإنابة وتوكل ومحبة وإخبات إنما محلها القلب.

    وجعل الله قبول الأعمال وتفاضلها بحسب ما في القلوب من صدق وإخلاص؛ فإذا فرغ القلب عن ذلك وفسد ردت الأعمال على أصحابها، فعند ذلك كم من قائم ليس له من قيامه إلا طول السهر، وكم من صائم ليس له من صيامه إلا الجوع والعطش، وكم من قتيل بين الصفين الله أعلم بحاله.

    كيف حال قلبك مع الله؟
    ومن هنا وجب على كل مسلم واعٍ يريد النجاة أن يهتم بقلبه اهتماما خاصا بل وخاصا جدا فيسأل نفسه دائما: كيف حال قلبك مع الله ؟

    هذا السؤال الذي قلما يسأله الإنسان لنفسه أو يسأله أحدنا لأخيه بل تجد الواحد منا يلقى أخاه فيسأله عن بيته وسيارته وعمله وأولاده وربما سأل عن الخادمة والسائق، يسأل كل شيء ولكنه لا يسأل عن أهم شيء ألا وهو كيف حالك وحال قلبك مع الله؟

    لقد كان حال سلفنا غير حالنا: كانوا إذا تلاقوا سألوا أول ما يسألون عن الإيمان؛ حتى أصبح معلوما عندهم أنه إذا سأل أحدهم أخاه عن حاله إنما يريد حال قلبه مع ربه. ودليل هذا في الحديث الذي في صحيح مسلم عن أبي ربعي حنظلة بن الربيع الأسيدي قال: لقيني أبو بكر فقال: كيف أنت؟ يا حنظلة! قال قلت: نافق حنظلة. قال: سبحان الله! ما تقول؟ قال قلت: نكون عند رسول الله صلى الله عليه وسلم. يذكرنا بالنار والجنة. حتى كأنا رأي عين. فإذا خرجنا من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، عافسنا الأزواج والأولاد والضيعات. فنسينا كثيرا. قال أبو بكر: فوالله! إنا لنلقى مثل هذا. فانطلقت أنا وأبو بكر، حتى دخلنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم. قلت: نافق حنظلة. يا رسول الله! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "وما ذاك؟" قلت: يا رسول الله! نكون عندك. تذكرنا بالنار والجنة حتى كأنا رأى عين فإذا خرجنا من عندك، عافسنا الأزواج والأولاد والضيعات نسينا كثيرا. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "والذي نفسي بيده! إن لو تدومون على ما تكونون عندي وفي الذكر لصافحتكم الملائكة على فرشكم وفي طرقكم. ولكن ياحنظلة! ساعة وساعة" ثلاث مرات.

    فانظر كيف كان حنظله يراقب قلبه في كل حال وعند كل موقف يراقبه وهو عند رسول الله فيحس حالة من الإيمان عالية كأنه يرى الجنة والنار أمام عينيه ويراقبه عندما يرجع بيته فيعافث الزوجة ويلاعب الأولاد وينشغل ببعض أمور الدنيا الواجبة عليه فيحس بتغير في القلب فيظن ذلك نفاقا فيسارع إلى رسول الله ليطمئن على قلبه.

    وهذا لم يكن حال حنظله وحده وإنما كان حال كل أصحاب رسول الله؛ فقد سأل عمر حذيفة رضي الله عنهما: هل سماني رسول الله في المنافقين؟ فقال لا ولا أؤمن أحدا بعدك.

    فمن أين تعلموا ذلك؟

    لقد تعلموه من نبيهم صلوات الله وسلامه عليه فإنه كان يتعهدهم بالسؤال عن أحوالهم وإيمانهم ويعلمهم أن قلب العبد وإيمانه هو رأس ماله الذي يجب أن يحافظ عليه ويوليه أعظم اهتماماته فيقول لهم:
    "إن الله لا ينظر إلى صوركم وأموالكم. ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم" (رواه مسلم)

    ويقول: "إن قلوب بني آدم كلها بين إصبعين من أصابع الرحمن كقلب واحد يصرفه حيث يشاء. (رواه مسلم). وفي رواية عند ابن أبي حاتم قال "إن شاء أن يزيغه أزاغه وإن شاء أن يقيمه أقامه".

    وقال أيضا: " التقوى ههنا، ويشير إلى صدره ثلاث مرات." (رواه مسلم والترمذي )

    ويا طالما سمعوه يدعو ويقول: "يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك". رواه الترمذي وحسنه

    فلما سمعوا ذلك منه ورأوا حاله عظم اهتمامهم بقلوبهم وكثر كلامهم عنها:

    يقول ابن مسعود رضي الله عنه: اطلب قلبك في ثلاثة مواطن: عند سماع القرآن، وعند الخلوة، وفي مجالس الذكر فإن لم تجده في هذه المواطن فسل الله أن يمن عليك بقلب فإنه لا قلب لك.

    ودخل عليه ناس من الدهاقين فجعل الناس يتعجبون من صحة أجسامهم وغلظ رقابهم فقال ابن مسعود: إنكم تجدون الكافر من أضح الناس جسما وأمرضهم قلبا وتجدون المؤمن من أصح الناس قلبا وأمرضهم جسما، وأيم الله لو صحت أجسامكم ومرضت قلوبكم لصرتم أهون على الله من الجعلان.

    وكان أبو الدرداء يقول: اللهم إني أعوذ بك من شتات القلب. قيل: وما شتات القلب؟ قال: أن يكون لك بكل واد مال.

    إن مما يجعل المسلم دائما مراقبا لقلبه في كل لحظة أن هذا القلب يتقلب في اللحظة الواحدة مرات ومرات ولا يثبت على حال كما قال النبي عليه الصلاة والسلام: "للقلب أشد تقلبا من ريشة في فلاة تقلبها الريح ظهرا إلى بطن" (صححه الألباني في كتاب السنة)

    وقال: "للقلب أشد تقلبا من القدر إذا استجمعت غليانا" حسنه ابن تيمية لغيره

    ولهذا كان النبي عليه صلوات الله وتسليماته يكثر من الدعاء: "يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك" (رواه الترمذي وحسنه)

    وكذلك قسم الله القلوب إلى مريض وسليم وميت وأخبر أن النجاة في الآخرة إنما تكون لصاحب القلب السليم كما قال سبحانه على لسان إبراهيم "يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم" (الشعراء 88، 89)

    وإذا كانت النجاة في الآخرة متوقفة على سلامة القلوب، فينبغي أن تكون مقامات الناس في الدنيا أيضا على حسب ما في قلوبهم من الإيمان والتقوى فليست قيمة المرء بقدر ماله أو بحسن ثوبه أو بنوع تجارته ولا حتى بالجاه والمنصب وإنما كما قال تعالى " إن أكرمكم عند الله أتقاكم"، فحسب المؤمنين ونسبهم التقوى وهكذا ينبغي أن يوزن بها الناس لا بأعراف الجاهلية والأعراض الدنيوية وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يعلم أصحابه ذلك أن قيمة الإنسان بقيمة ما في قلبه من الإيمان.

    ففي صحيح البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "مر رجل على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ما تقولون في هذا؟ قالوا: حري إن خطب أن ينكح، وإن شفع أن يشفع، وإن قال أن يسمع. قال: ثم سكت، فمر رجل من فقراء المسلمين، فقال: ما تقولون في هذا. قالوا: حري إن خطب أن لا ينكح، وإن شفع أن لا يشفع، وإن قال أن لا يسمع. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هذا خير من ملء الأرض مثل هذا.

    فما رفع المسكين إلا قلبه، وما وضع ذاك المختال إلا قلبه، فسلوا الله قلبا سليما لعل الله يرزقنا به النجاة " يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم".
    اسلام ويب
                  

08-30-2015, 08:23 PM

سيف اليزل برعي البدوي
<aسيف اليزل برعي البدوي
تاريخ التسجيل: 04-30-2009
مجموع المشاركات: 18425

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات متنوعة عن الأسرة و المجتمع (Re: سيف اليزل برعي البدوي)

    حين يثار الحديث حول التغريب تأتي قضية المرأة في قائمة مداخل التغريب ووسائله، ولا تزال هذه القضية حية رغم مرور عقود على مشاريع تغريب المرأة المسلمة وتغييب هويتها.

    وما فتئ الغيورون من أهل العلم والدعاة إلى الله ـ عز وجل ـ يذبّون عن حياض الشريعة، ويقفون في وجه الفساد والتغريب.

    ومن هنا لقيت قضية المرأة قدراً من الاهتمام والعناية. والمكتبة الإسلامية ناطقة بنتاج ثري منذ عقود يعكس قدر الاهتمام بقضية المرأة والدفاع عنها.

    ولعل أبرز جهد قُدِّم اليوم للمرأة المسلمة يتثمل في مجالين رئيسين:
    الأول: ماسبقت الإشارة إليه من مواجهة المؤامرات والتغريب.

    والثاني: ذلك الجهد الموجه للفتاة المتدينة؛ والذي يتمثل في البرامج العلمية والتربوية، ومؤسسات تحفيظ القرآن الكريم وتوجيه الفتاة.
    وكلاهما أدى ثمرات مهمة تستحق الرعاية والاعتناء.

    إلا أن ثمة ثغرة مهمة لا زالت تفتقر إلى اهتمام ورعاية:
    فمن يتأمل الخطاب الموجه للمرأة المسلمة اليوم يجد أن التحذيرَ، والحديثَ عن المؤامرات، والدعوةَ إلى صيانة المرأة وحفـظ عفـافـها، يحـتـل مساحة واسعة، بل يكاد يغلب على ما يوجه للمرأة المسلمة.

    ورغم أهمية هذا اللون من الخطاب إلا أنه لا بد من التوازن والاعتدال، ولا بد من السؤال المهم: هل رسمنا خارطة واضـحـة لاحتـياجات المـرأة المسـلـمة وأعطـينا كـل جـانـبٍ ما يستحقه من الاهتمام والاعتناء؟

    إن من أهم المساحات التي تعاني فقراً في العطاء، والتي لا زالت تعاني من هوة واسعة بين الحاجة والجهد المبذول: مساحة البناء والتربية وتنمية شخصية المرأة المسلمة.

    فعلى الرغم مما حققته المؤسسات والجهود التربوية من نجاح ونتاج مثمر إلا أنها لا زالت تتحرك في دائرة محدودة؛ تتـحرك في دائرة بناء التدين في شخصية الفتاة؛ وهو أمر له أهميته وضرورته ولا يمكن التهوين من شأنه، لكنه وحده لا يكفي.

    إن المؤامرات التي توجه للمرأة المسلمة اليوم ضخمة، وتزداد وتتنوع أدواتها يوماً بعد آخر، وهي تتطلب تأهيل المرأة لتواجه هذا السيل الجارف، وليكون لها دور بارز.

    وهذا التـأهيل لا يتـم بمجـرد التـحذير من المؤامرات، ولا بمجـرد الوعـظ والرقائق، ولا بالتأكيد على مسائل العفة؛ رغم أهمية ذلك كله.

    إنه يحـتاج مـع هـذا لصـياغة شخـصـيـة المـرأة المسـلـمة لتكون فاعلة.

    يحـتاج إلى بنـاء قدراتها العقلـية وتنـمية مـهـارات التفكير لديها.

    ويحتاج إلى إكسابها أدوات الوعي والقدرة على التعامل مع القضايا الفكرية المعاصرة.

    ويحتاج إلى تنمية الإيجابية، والمبادرة، وإدارة الذات، والتكيف، والمرونة، والثقة بالنفس.

    ويحتاج إلى أن تمتلك المهارات العالية في التربية وبناء الأجيال؛ التربية بمفومها الواسع والإيجابي.

    لا زال الجهد المبذول لبناء المرأة يدور في مساحة محدودة لا تكفي لإعداد المرأة الفاعلة.

    ولا زال العمق في شخصية المرأة الداعية ـ فضلاً عمّن دونها ـ أقل بكثير من تحديات الواقع.

    إننا بحاجة إلى الجمع بين حماية المرأة من المؤمرات، وتأكيـد معاني العـفة والسـتر، وبناء شخصيتها؛ لتكون إيجابية فاعلة.
    ـــــــــــــــــــــــــــ
    الشيخ محمد الدويش
                  

08-30-2015, 11:16 PM

سيف اليزل برعي البدوي
<aسيف اليزل برعي البدوي
تاريخ التسجيل: 04-30-2009
مجموع المشاركات: 18425

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات متنوعة عن الأسرة و المجتمع (Re: سيف اليزل برعي البدوي)

    الوقار والرزانة والسمت الحسن من الصفات النبيلة التي ينبغي أن يتميز بها القدوات من العلماء والدعاة وأهل الرأي. وهي من المحاسن التي تدفع الناس إلى الاقتداء بهم والاطمئنان إلى منهاجهم، وتأمَّل معي قول الحارث بن عمرو السهمي – رضي الله عنه -: (أتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو بمنى أو بعرفات، وقد أطاف به الناس. قال: فتجيء الأعراب، فإذا رأوا وجهه قالوا: هذا وجه مبارك)[صحيح أبي داود].

    وقد كان النبي - صلى الله عليه وسلم - حريصاً على أن يتميَّز الصحابة – رضي الله عنهم – بأبهى صورة، وأجمل هيئة، ويقول لهم: «إنكم قادمون على إخوانكم فأصلحوا رحالكم، وأصلحوا لباسكم، حتى تكونوا كالشامة في الناس؛ فإن الله لا يحب الفحش ولا التفحش»[أخرجه أحمد وأبو داود وحسنه ابن حجر].

    وإذا كان حُسْن السمت الظاهر مما ينبغي التواصي به، فإن خُلُق الإنسان الذي يمشي به بين الناس من باب أَولَى، وقد ثبت من حديث عبد الله بن عباس – رضي الله عنهما – أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إن الهدي الصالح، والسمت الصالح، والاقتصاد، جزء من خمسة وعشرين جزءاً من النبوة»[أخرجه أحمد وحسنه الألباني].

    والوقار صفة تبعث على التزام السكينة والوداعة، ويقال في اللغة: رجل وقور؛ أي: ذو حلم ورزانة[لسان العرب 15 /365].

    وينبغي لمن تربى في محاضن العلم والدعوة، أن تزكو نفسه، وتسمو همومه وطموحاته، وأن يظهر أثر هذه التربية في حياته كلها، كما قال الحسن البصري: (قد كان الرجل يطلب العلم، فلا يلبث أن يُرى ذلك في تخشُّعه، وهديه، ولسانه وبصره، وبِرِّه)[شعب الإيمان: 2 /291]. ونحوه قول الإمام مالك: (إنَّ حقاً على طالب العلم أن يكون له وقار وسكينة وخشية، وأن يكون متبعاً لأثر من مضى قبله)[ الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع:1/156].

    وعندما تتأمل سير العلماء تقف على نماذج مشرقة من حُسنِ السمت والوقار والرزانة؛ فها هو ذا أبو داود السجستاني (صاحب السنن المشهورة) يقول عن شيخه الإمام أحمد: (لقيت مائتين من مشايخ العلم، فما رأيت مثل أحمد بن حنبل؛ لم يكن يخوض فيما يخوض فيه الناس من أمر الدنيا، فإذا ذُكِر العلم تكلم)[ حلية الأولياء: 9 / 164].

    وهذا الوقار الذي عُرِف به الإمام أحمد جعل شيوخه يجلُّونه ويهابونه ويقدِّرون مكانته، ومما ينبغي أن يتأمَّله الدعاة والمصلحون قول خلف بن سالم: (كنا في مجلس يزيد بن هارون، فمزح يزيد مع مستمليه، فتنحنح أحمد بن حنبل، فضرب يزيد بيده على جبينه، وقال: ألا أعلمتموني أن أحمد ها هنا حتى لا أمزح)[ وسير أعلام النبلاء11 /194].

    وكان أحد المحدِّثين عند شيخه إسماعيل بن عليَّة، فتكلم إنسان، وضحك بعضهم، وثَمَّ أحمد بن حنبل، فأتوا إسماعيل فوجدوه غضبان، فقال: (أتضحكون وعندي أحمد ابن حنبل؟)[مناقب الإمام أحمد:68].

    فإذا كان هذا التقدير من شيوخه، فإن تقدير تلاميذه، وعامة الناس من حوله من باب أَوْلى.

    ومع ذلك فإن الحسنة منزلة بين السيئتين؛ فليس الوقار المقصود يعني الفظاظة والغلظة وجفاء الطبع، وأن يكون العالم أو الداعية عابس الوجه مقطِّب الجبين؛ إذ ليس ذلك من محاسن الأخلاق، ولا من علامات الشرف والسؤدد الذي ينبغي أن يتحلى به الدعاة؛ وإنما المقصود الترفع عن الفحش والبذاءة، والبعد عن الخفة والسفه وقد كان النبي- صلى الله عليه وسلم - يضحك، ويمازح أصحابه – رضي الله عنه - لكنه لا يقول إلا حقاً[الترمذي وقال: حسن صحيح].

    ذلك أن الوقار يُقصَد به ترفع الداعية عن اللهو وسفساف الأمور، والمزاح العابث، والاشتغال بما لا فائدة فيه: كالاشتغال بتوافه الأمور، والإفراط في التنزه، والسمر، واتباع الصيد، والتشجيع الرياضي، والتعصب القَبَلي... ونحوها.

    وإني – والله – لأعجب أشد العجب من صاحب رسالة يُقتَدَى به كيف تطيب نفسه بهدر أوقات طويلة في تلك الأمور التي أقل ما يقال عنها: إنها لا تليق بالرواد المصلحين.

    وقد رأيت بعض فضلاء الدعاة إذا خَلَوا بخواصهم أو أقرانهم توسعوا في الضحك، والممازحة؛ حتى يبلغ بهم الأمر أحياناً إلى الخروج عن حدِّ الوقار والاعتدال، ولعل الحافظ ابن الجوزي يشير إلى أمثال هؤلاء بقوله: (رأيت مشايخ كانت لهم خلوات في انبساط ومزاح، فراحوا عن القلب، وبدَّد تفريطهم ما جمعوا من العلم، فقلَّ الانتفاع بهم في حياتهم، ونُسُوا بعد مماتهم، فلا يكاد أحد أن يلتفت إلى مصنفاتهم)[ صيد الخاطر: 144].

    وأحسب أن التوازن والاعتدال في شخصية الداعية يحفظ له هيبته وقدره عند الناس، ويزيد من بركته وفضله في دعوته.

    إن مشروع النهضة والتجديد الذي يحمله الدعاة والمصلحون يُعرَف من خلال سيرتهم العملية؛ فالواقع الشخصي الذي يشاهده الناس هو عنوان ذلك المشروع، وهو الذي يعبِّر بجلاء عن صفائه واستقامته، ولهذا كان أسـمى ما يرتديه الداعية أمام نفسه وأمام الناس رداءَ الصدق والوقار.
    اسلام ويب
                  

08-31-2015, 01:10 AM

سيف اليزل برعي البدوي
<aسيف اليزل برعي البدوي
تاريخ التسجيل: 04-30-2009
مجموع المشاركات: 18425

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات متنوعة عن الأسرة و المجتمع (Re: سيف اليزل برعي البدوي)

    جعل الله ـ عز وجل ـ المراهقة مرحلة انتقالية بين الطفولة والرشد، ولهذا فإن أحد مفاتيح فهم شخصية المراهق يتمثل في إدراك الأنشطة والمواقف التي يحاول المراهق من خلالها أن يُثبت لنفسه ولمن حوله بأنه جدير بالاحترام، وجدير بأن يعامَل على أنه شخص كامل الأهلية وذو رأي ناضج ومعبر عن خبرة وتجربة .... مساعي المراهق للاستقلال كثيرا ما تتجلى في مجادلة والديه وإخوته في أمور تافهة وصغيرة، وهو حين يجادل لا يشك في أن رأيه صواب، وأن رأي غيره خاطئ مئة في المئة.
    في يوم من الأيام دخل أحد المراهقين إلى بيت أهله وهو غاضب، وحين سألته والدته عن سبب غضبه أبى أن يتكلم، وبعد إلحاح شديد قال: إن خالي أهانني إهانة شديدة، وذلك أني ألقيت عليه السلام مرتين، ولم يرد عليّ، وأخذ الفتى يتحدث بصوت مرتفع مع شيء من الهياج عن أن رد السلام واجب، ولو كان الذي يلقي السلام صغير السن، ثم شرع يذكر لوالدته سبب عدم رد خاله للسلام، وأنه يكمن في أن علاقته ـ أي الخال ـ مع أبيه ليست جيدة بسبب نزاع على ملكية إحدى الأراضي، فأحب أن يتجاهله، ويُعرِض عنه، وقد حاولت والدته إقناعه بأن ذلك لم يكن مقصودا، وأن خاله لم يسمع بالتأكيد سلامه، لكن الفتى كان يرفض ذلك بشدة، ويرد على والدته كل كلمة تقولها، وكل احتمال تسوقه، قالت والدته: سوف أسأل خالك عن هذا، وأحاول أفهم أسباب ما جرى، وكان رد الفتى: أن لا فائدة من ذلك لأن خاله لن يقول الحقيقة! وحين سألت الأم أخاها عن ذلك أقسم يميناً مغلّظة أنه لم ير ابن أخته، ولم يسمع تسليمه، وأنه كان وقت مرور ابن أخته في حالة سيئة جدا بسبب ما سمعه عن طلاق ابنته من زوجها.... ومع هذا فإن الفتى لم يقتنع!
    إن الطفل يقول: أنت، وإن المراهق يقول: أنا، أما الراشد فإنه يقول: نحن، هكذا هي مرحلة المراهقة ، إنها مرحلة اعتزاز بالذات وبناء الاستقلالية.
    في بعض الأحيان يتجلى سعي المراهق إلى الاستقلال في إغلاق باب غرفته عليه دون أي سبب يدعو إلى ذلك، إنه يريد أن يؤكِّد أن هذه المساحة من المنزل له وحده، ولا ينبغي اقتحامها إلا بإذنه، لكن الأهل يستنكرون ذلك أشد الاستنكار، وكثيرا ما يثير ذلك في نفوسهم الشك والريبة، ولهذا فإنهم يحذّرونه مئات المرات من إقفال الباب على نفسه، وهو مصرٌّ على القيام بذلك من أجل توكيد معنى الخصوصية والانعتاق من التبعية.
    كثرة الخروج من المنزل تعبير آخر عن الاستقلال، فالمراهق يدرك أنه ما دام داخل المنزل، فإن عليه أن يتلقى الأوامر، ويسمع ويطيع، ويرضخ لسلطة الكبار في المنزل، أي أن استقلاله وهو في بيته يكون دائما منقوصا. ويكثر خروج المراهقين من منازلهم في أيام الإجازات، حيث لا يكون للبقاء في المنزل أي معنى، وقد كانت إحدى الأمهات تداعب ابنها إذا عاد من اللعب مع أصدقائه بقولها: لا بد أنك الآن جائع، ولولا ذلك لما عدتَ إلى المنزل!.
    لكن هذا مؤقت، وحين يكبر المراهق، ويدخل في مرحلة الشباب، فإن الحس الجماعي سينمو لديه، ومع نموه سوف يتعلم كيف يتقبل الآخرين، وكيف يعذرهم، و كيف يعايشهم.
    د. عبد الكريم بكار-اسلام ويب
                  

08-31-2015, 01:13 AM

سيف اليزل برعي البدوي
<aسيف اليزل برعي البدوي
تاريخ التسجيل: 04-30-2009
مجموع المشاركات: 18425

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات متنوعة عن الأسرة و المجتمع (Re: سيف اليزل برعي البدوي)

    تهادت الفتاة في ثقة، لتقتحم القاعة رافعة الرأس.

    التفتت إليها العيون في حسد وانبهار، فأدارت عينيها في الجمع بنظرة قوية وقد اتسعت ابتسامتها في غرور. ثم اختارت مكاناً عالياً لتجلس فيه واضعة ساقاً فوق أخرى...

    فهل كانت جميلة؟

    سؤال محير حقاً؛ فملامحها عادية وقد تبدو للمتأمِّل قبيحة؛ لكنها كانت ترتدي ثوباً رائعاً من الحرير المرصع بالجواهر التي تلألأت تحت الأضواء، وقد تحلَّت بالذهب والماس وتضوعت بالعطر الثمين.

    فهل أثَّر المظهر في الجوهر؟

    ترددت في مشيتها عندما وقعت عيناها على تلك الفخامة التي غرقت فيها القاعة الفسيحة.

    كانت تود لو تنشق الأرض فتحتويها وتخفيها عن تلك العيون التي تطلعت إليها في عدم اكتراث ثم مرت من فوقها كأنها لا شيء.

    كانت بارعة الجمال بكل المقاييس؛ ولكن تلك البراعة اختفت لشدة سطوع الأضواء المبهرة التي راحت تعبث هنا وهناك لتتألق فقط على أسطح اللآلئ الثمينة.

    رداؤها الرخيص والحليُّ المتآكل بفعل الصدأ ساهما في جعل جمالها شحوباً ورشاقتها ترهلاً. فخفضت بصرها لتدس النقود في يد العامل وتتناول ما اشترته في سرعة لتغادر المكان غير معقبة.

    فهل أثر المظهر في الجوهر؟

    إنهما (مظهر وجوهر)، وكلاهما يؤثر في الآخر تأثيراً واضحاً يراه كل من ألقى البصر وهو شهيد؛ فالشعور بالثقة أو الغرور أو الدونية أو المرح أو الحزن... إلخ لا ينشأ منفصلاً عن مظهرنا الخارجي، كما أن مظهرنا الخارجي لا ينفصل عن تلك المشاعر الداخلية؛ فمن شعر بشيء من الضيق أو الحزن فقام واغتسل وتعطر وارتدى ملابس فضفاضة يشعر بأن تلك المشاعر خفتت قليلاً، بل قد تذهب تماماً بهـذه الأفعـال البسيطة، كمـا أن مـن يرتدي ملابـس جديدة وأنيقة لا ريب أنه سيشعر ولو بشيء من السعادة والمرح.

    وقـد أباح الإسـلام حُسْــن المظهـر؛ بل حـث عليـه بلا إسـراف ولا تَعَدٍّ. قال النبي صلى الله عليه وسلم: «لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر. قال رجل: إن الرجل يحب أن يكون ثوبه حسناً ونعله حسناً. قال صلى الله عليه وسلم: إن الله جميل يحب الجمال. الكبر بطر الحق وغمط الناس»[رواه مسلم]. وقال صلى الله عليه وسلم: «البسوا ثياب البياض؛ فإنها أطهر وأطيب»[صحيح ابن ماجة].

    وقال صلى الله عليه وسلم: «عشر من الفطرة: قص الشارب، وإعفاء اللحية، والسواك، واستنشاق الماء، وقص الأظفار، وغسل البراجم، ونتف الإبط، وحلق العانة، وانتقاص الماء. قال زكرياء: قال مصعب: ونسيت العاشرة. إلا أن تكون المضمضة»[رواه مسلم]. ولا يخفى أن كل هذه التوجيهات متعلقة بنظافة المظهر.

    هناك كثير من التشريعات الإسلامية المتعلقة بالمظهر مثل الأمر باللحية للرجال.

    ومن التشريعات التي تظهر فيها علاقة الظاهر بالباطن: حجاب المرأة المسلمة؛ فقد أمر الله - تعالى - النساء بالحجاب ونهاهُنَّ عن إبداء الزينـة، وذلكما الأمـر والنهي متعلقان بالمظهـر. وبيَّن الله - تعالى - أن علة هذا الأمر طهارة القلب للرجال والنساء وهو من شؤون الباطن، فقال - عز وجل -: {وَإذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ} [الأحزاب: ٣٥].

    ومما يؤسَف له في الواقع شعور بعض الناس بالحرج والضيق من الحجاب، وإن دل هذا على شيء فإنما يدل على خللٍ في القلب؛ لأن هذا الترابط القوي بين المظهر والجوهر يستلزم لمن شعر بالمحبة والرضا والقبول بما أمر الله - تعالى - به، أن يشعر بالفرح والسرور والفخر عند تطبيقه الأمر فيسارع للطاعة محبة لله وشوقاً لما عنده - سبحانه - مثلما فعلت نساء الأنصار على عهد النبي صلى الله عليه وسلم؛ فعن أم سلمة - رضي الله عنها - قالت: «لما نزلت {يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلابِيبِهِنَّ}، خرج نساء الأنصار كأنَّ على رؤوسهن الغربان من الأكسية»[صحيح أبي داود].

    فيقول المؤمن بلسان حاله ومظهره:
    وممـا زادنـي فخـراً وتيـــــهاً .. .. وكدت بأخمصي أطأ الثريا
    دخولي تحت قولك: يا عبادي .. .. وأن صـيرت أحمدَ لي نبيا

    وقد اهتم الإسلام بتمييز الشخصية المسلمة في مظهرها عن غيرها؛ فأمر النبي صلى الله عليه وسلم قائلاً: «إن اليهود والنصارى لا يصبغون، فخالِفُوهم»[متفق عليه]، وقال صلى الله عليه وسلم: «جزوا الشوارب وأرخوا اللحى، خالفوا المجوس»[رواه مسلم].

    فنجد أن مبدأ مخالفة الكفار في الأعمال الظاهرة أصبح من شعائر الإسلام؛ فمثلاً حين صام رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم عاشوراء وأمر بصيامه، قالوا: يا رسول الله! إنه يوم تعظمه اليهود والنصارى. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «فإذا كان العام المقبل - إن شاء الله - صمنا اليوم التاسع». قال ابن عباس راوي الحديث: فلم يأتِ العام المقبل، حتى توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم [رواه مسلم].

    وروى أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم: «لا يزال الدين ظاهراً ما عجل الناس الفطر؛ لأن اليهود والنصارى يؤخرون»[صحيح أبي داود].

    وقال صلى الله عليه وسلم: «إن تسوية القبور من السُّنة، وقد رفعت اليهود والنصارى فلا تشبهوا بهما»[صححه الألباني].

    وقـال صلى الله عليه وسلم: «خالفـوا اليهـود؛ فإنهـم لا يصلـون في نعالهـم ولا خفافهم»[صحيح الجامع].

    وأهل السُّنة المتبِعون للعقيدة الإسلامية الصافية التي اغترفوها من ينابيعها الأصلية عن سادات الصحابة والتابعين ومن اتبعهم بإحسان إلى يوم الدين من العلماء الربانيين، يعتقدون أن الإيمان عِلْم القلب وعمله، وقول اللسان، وعمل الجوارح، ويستدلون بالظاهر على الباطن ويجعلون الظاهر أمارة على ما في الباطن: إن كان خيراً في باطنه فلا بد من خير في ظاهره، وإن كان غير ذلك فلا بد أن ينضح على الظاهر ويُرى أثره. [الإيمان لابن تيمية].

    ومما يدل على تأثير الباطن في الظاهر والعكس، ما كان فيه المنافقون على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فقد كانوا يشهدون الصلاة خلفه صلى الله عليه وسلم تقيَّة ونفاقاً، فما تزيدهم صلاتهم إلا كفراً وإعراضاً، وكان سماعهم للقرآن غضاً طرياً من فم النبي صلى الله عليه وسلم لا يزيدهم إلا عمىً. قال - تعالى -: {وَإذَا مَا أُنزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُم مَّن يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ إيمَانًا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إيمَانًا وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ . وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْسًا إلَى رِجْسِهِمْ وَمَاتُوا وَهُمْ كَافِرُونَ} [التوبة: ٤٢١ - ٥٢١]، وقال - تعالى -:{وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا أَعْجَمِيًّا لَّقَالُوا لَوْلا فُصِّلَتْ آيَاتُهُ أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ وَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى أُوْلَئِكَ يُنَادَوْنَ مِن مَّكَانٍ بَعِيدٍ}. [فصلت: ٤٤].

    فكان لا بد أن ينفلت منهم بعضُ ما يخفون. قال - تعالى -: {وَإذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإذَا خَلَوْا إلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إنَّا مَعَكُمْ إنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ} [البقرة: ٤١] كما لم يكن سمتهم فيما يأتون من الخيرات مشابهاً ولا حتى مقارباً لسمت المؤمنين. قال - تعالى - فيهم: {وَمَا مَنَعَهُمْ أَن تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إلاَّ أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ وَلا يَأْتُونَ الصَّلاةَ إلاَّ وَهُمْ كُسَالَى وَلا يُنفِقُونَ إلاَّ وَهُمْ كَارِهُونَ} [التوبة: ٤٥]، وكانت لهم صفات يُعرفُون بها، منها ما جاء في قوله - تعالى -: {يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ} [المنافقون: ٤]، وقال - تعالى -:{وَمِنْهُم مَّن يَقُولُ ائْذَن لِّي وَلا تَفْتِنِّي أَلا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا وَإنَّ جَهَنَّمَ لَـمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ} [التوبة: ٩٤]، وقال - تعالى -: {الْـمُنَافِقُونَ وَالْـمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُم مِّنْ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْـمُنكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْـمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ إنَّ الْـمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} [التوبة: ٧٦]، وقال - تعالى -: {وَمِنَ النَّاسِ مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْـحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْـخِصَامِ صلى الله عليه وسلم٤٠٢صلى الله عليه وسلم) وَإذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْـحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الْفَسَادَ} [البقرة: ٤٠٢ - ٥٠٢]، فحتى في نفاقهم ما استطاعوا أن يُحْكِموا التظاهر؛ لأن الباطن ينفلت مما شُدَّ عليه. بخلاف من امتلأ قلبه محبة لله ورسوله؛ فإنه لا بد أن يظهر ذلك في سمته وهديه الظاهر ولا تصح دعوى المحبة بغير ذلك. قال - تعالى -: {قُلْ إن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} [آل عمران: ١٣]؛ لأنه من المحال أن يمتلئ قلـبٌ محبـة وقبـولاً وخضوعاً؛ ولا يترجم كل ذلك إلى أفعال بلا عذر؛ فكما يقال: الصب تفضحه عيونه.

    فمن اتبع السنن النبوية الظاهرة رغبة فيما عند الله وجد لذلك حلاوة الإيمان في القلب وازداد إيمانه فيزيد في عمله واتِّباعِهِ فيزداد إيمانه وهكذا؛ فإن زلَّ في ما نهى الله عنه بقلبه أو جوارحه تأثَّر إيمانه فيجد فتوراً في العمل.

    فإذا ظهر خلل في السـلوك فذاك صـادر عن خلل في الباطن بلا ريب؛ لأن القلب ينضح بما امتلأ به؛ كما يفوح وكاء المسك عطراً ويفوح غيره بما يفوح؛ فاللسان والجوارح مغرفة القلب، وكذلك إن شعر المرء بالوحشة وفقد حلاوة المناجاة وإخبات القلب لله فإن ذلك لم يحدث إلا لافتقاد القلب لما يتغذى به من القربات الظاهرة، وكلنا مقصِّرون في الطاعات وكلنا ذوو أخطاء؛ وخير الخطائين التوابون؛ لكن إذا أردت أن تعرف: هل يزيد إيمانك أم ينقص؟ انظر إلى قلبك وعملك وقولك؛ فإن وجدت خيراً فأنت في ازدياد، وإن وجدت خللاً فاعلم أنه لم ينشأ من عدم.

    فإذا أراد المرء الفلاح في الدارين فَلْيتعاهد ظاهره وباطنه بالتقوى وَلْيكن مع مراد الله الشرعي منه كما قال ابن القيم: (فأشرف الأحوال ألا تختار لنفسك حالة سوى ما يختاره لك ويقيمك فيه فكن مع مراده منك ولا تكن مع مرادك منه). قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إن الله لا ينظر إلى صوركم وأموالكم، ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم»[رواه مسلم].
    ــــــــــــــــــــــــ
    سارة بنت محمد حسن
                  

08-31-2015, 01:17 AM

سيف اليزل برعي البدوي
<aسيف اليزل برعي البدوي
تاريخ التسجيل: 04-30-2009
مجموع المشاركات: 18425

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات متنوعة عن الأسرة و المجتمع (Re: سيف اليزل برعي البدوي)

    قصيدة أبي عمران الأندلسي في مدح أم المؤمنين عائشة

    ما شَانُ أُمِّ المُؤْمِنِينَ وَشَانِي *** هُدِيَ المُحِبُّ لها وضَلَّ الشَّانِي

    إِنِّي أَقُولُ مُبَيِّناً عَنْ فَضْلِه *** ومُتَرْجِماً عَنْ قَوْلِها بِلِسَانِي

    يا مُبْغِضِي لا تَأْتِ قَبْرَ مُحَمَّدٍ *** فالبَيْتُ بَيْتِي والمَكانُ مَكانِي
    إِنِّي خُصِصْتُ على نِساءِ مُحَمَّدٍ *** بِصِفاتِ بِرٍّ تَحْتَهُنَّ مَعانِي
    وَسَبَقْتُهُنَّ إلى الفَضَائِلِ كُلِّه *** فالسَّبْقُ سَبْقِي والعِنَانُ عِنَانِي
    مَرِضَ النَّبِيُّ وماتَ بينَ تَرَائِبِي *** فالْيَوْمُ يَوْمِي والزَّمانُ زَمانِي
    زَوْجِي رَسولُ اللهِ لَمْ أَرَ غَيْرَهُ *** اللهُ زَوَّجَنِي بِهِ وحَبَانِي
    وَأَتَاهُ جِبْرِيلُ الأَمِينُ بِصُورَتِي *** فَأَحَبَّنِي المُخْتَارُ حِينَ رَآنِي
    أنا بِكْرُهُ العَذْراءُ عِنْدِي سِرُّهُ *** وضَجِيعُهُ في مَنْزِلِي قَمَرانِ
    وتَكَلَّمَ اللهُ العَظيمُ بِحُجَّتِي *** وَبَرَاءَتِي في مُحْكَمِ القُرآنِ
    واللهُ خَفَّرَنِي وعَظَّمَ حُرْمَتِي *** وعلى لِسَانِ نَبِيِّهِ بَرَّانِي
    واللهُ في القُرْآنِ قَدْ لَعَنَ الذي *** بَعْدَ البَرَاءَةِ بِالقَبِيحِ رَمَانِي
    واللهُ وَبَّخَ مَنْ أَرادَ تَنَقُّصِي *** إفْكاً وسَبَّحَ نَفْسَهُ في شَانِي
    إنِّي لَمُحْصَنَةُ الإزارِ بَرِيئَةٌ *** ودَلِيلُ حُسْنِ طَهَارَتِي إحْصَانِي
    واللهُ أَحْصَنَنِي بخاتَمِ رُسْلِهِ *** وأَذَلَّ أَهْلَ الإفْكِ والبُهتَانِ
    وسَمِعْتُ وَحْيَ اللهِ عِنْدَ مُحَمَّدٍ *** مِن جِبْرَئِيلَ ونُورُهُ يَغْشانِي
    أَوْحَى إلَيْهِ وَكُنْتُ تَحْتَ ثِيابِهِ *** فَحَنا عليَّ بِثَوْبِهِ خَبَّاني
    مَنْ ذا يُفَاخِرُني وينْكِرُ صُحْبَتِي *** ومُحَمَّدٌ في حِجْرِهِ رَبَّاني؟
    وأَخَذْتُ عن أَبَوَيَّ دِينَ مُحَمَّدٍ *** وَهُما على الإسْلامِ مُصْطَحِبانِ
    وأبي أَقامَ الدِّينَ بَعْدَ مُحَمَّدٍ *** فالنَّصْلُ نَصْلِي والسِّنانُ سِنانِي
    والفَخْرُ فَخْرِي والخِلاَفَةُ في أبِي *** حَسْبِي بِهَذا مَفْخَراً وكَفانِي
    وأنا ابْنَةُ الصِّدِّيقِ صاحِبِ أَحْمَدٍ *** وحَبِيبِهِ في السِّرِّ والإعلانِ
    نَصَرَ النَّبيَّ بمالِهِ وفَعالِهِ *** وخُرُوجِهِ مَعَهُ مِن الأَوْطانِ
    ثانِيهِ في الغارِِ الذي سَدَّ الكُوَى*** بِرِدائِهِ أَكْرِمْ بِهِ مِنْ ثانِ
    وَجَفَا الغِنَى حتَّى تَخَلَّلَ بالعَبَ *** زُهداً وأَذْعَنَ أيَّمَا إذْعانِ
    وتَخَلَّلَتْ مَعَهُ مَلاَئِكَةُ السَّمَ *** وأَتَتْهُ بُشرَى اللهِ بالرِّضْوانِ
    وَهُوَ الذي لَمْ يَخْشَ لَوْمَةَ لائِمٍ *** في قَتْلِ أَهْلِ البَغْيِ والعُدْوَانِ
    قَتَلَ الأُلى مَنَعوا الزَّكاةَ بِكُفْرِهِمْ *** وأَذَلَّ أَهْلَ الكُفْرِ والطُّغيانِ
    سَبَقَ الصَّحَابَةَ والقَرَابَةَ لِلْهُدَى *** هو شَيْخُهُمْ في الفَضْلِ والإحْسَانِ
    واللهِ ما اسْتَبَقُوا لِنَيْلِ فَضِيلَةٍ *** مِثْلَ اسْتِبَاقِ الخَيلِ يَومَ رِهَانِ
    إلاَّ وطَارَ أَبي إلى عَلْيَائِه *** فَمَكَانُهُ مِنها أَجَلُّ مَكَانِ
    وَيْلٌ لِعَبْدٍ خانَ آلَ مُحَمَّدٍ *** بِعَدَاوةِ الأَزْواجِ والأَخْتَانِ
    طُُوبى لِمَنْ والى جَمَاعَةَ صَحْبِهِ *** وَيَكُونُ مِن أَحْبَابِهِ الحَسَنَانِ
    بَيْنَ الصَّحابَةِ والقَرابَةِ أُلْفَةٌ *** لا تَسْتَحِيلُ بِنَزْغَةِ الشَّيْطانِ
    هُمْ كالأَصَابِعِ في اليَدَيْنِ تَوَاصُل *** هل يَسْتَوِي كَفٌّ بِغَيرِ بَنانِ؟!
    حَصِرَتْ صُدورُ الكافِرِينَ بِوَالِدِي *** وقُلُوبُهُمْ مُلِئَتْ مِنَ الأَضْغانِ
    حُبُّ البَتُولِ وَبَعْلِها لم يَخْتَلِفْ *** مِن مِلَّةِ الإسْلامِ فيهِ اثْنَانِ
    أَكْرِمْ بِأَرْبَعَةٍ أَئِمَّةِ شَرْعِنَ *** فَهُمُ لِبَيْتِ الدِّينِ كَالأرْكَانِ
    نُسِجَتْ مَوَدَّتُهُمْ سَدىً في لُحْمَةٍ *** فَبِنَاؤُها مِن أَثْبَتِ البُنْيَانِ
    اللهُ أَلَّفَ بَيْنَ وُدِّ قُلُوبِهِمْ *** لِيَغِيظَ كُلَّ مُنَافِقٍ طَعَّانِ
    رُحَمَاءُ بَيْنَهُمُ صَفَتْ أَخْلاقُهُمْ *** وَخَلَتْ قُلُوبُهُمُ مِنَ الشَّنَآنِ
    فَدُخُولُهُمْ بَيْنَ الأَحِبَّةِ كُلْفَةٌ *** وسِبَابُهُمْ سَبَبٌ إلى الحِرْمَانِ
    جَمَعَ الإلهُ المُسْلِمِينَ على أبي *** واسْتُبْدِلُوا مِنْ خَوْفِهِمْ بِأَمَانِ
    وإذا أَرَادَ اللهُ نُصْرَةَ عَبْدِهِ *** مَنْ ذا يُطِيقُ لَهُ على خِذْلانِ؟!
    مَنْ حَبَّنِي فَلْيَجْتَنِبْ مَنْ َسَبَّنِي *** إنْ كَانَ صَانَ مَحَبَّتِي وَرَعَانِي
    وإذا مُحِبِّي قَدْ أَلَظَّ بِمُبْغِضِي *** فَكِلاهُمَا في البُغْضِ مُسْتَوِيَانِ
    إنِّي لَطَيِّبَةٌ خُلِقْتُ لِطَيِّبٍ *** ونِسَاءُ أَحْمَدَ أَطْيَبُ النِّسْوَانِ
    إنِّي لأُمُّ المُؤْمِنِينَ فَمَنْ أَبَى *** حُبِّي فَسَوْفَ يَبُوءُ بالخُسْرَانِ
    اللهُ حَبَّبَنِي لِقَلْبِ نَبِيِّهِ *** وإلى الصِّرَاطِ المُسْتَقِيمِ هَدَانِي
    واللهُ يُكْرِمُ مَنْ أَرَادَ كَرَامَتِي *** ويُهِينُ رَبِّي مَنْ أَرَادَ هَوَانِي
    واللهَ أَسْأَلُهُ زِيَادَةَ فَضْلِهِ *** وحَمِدْتُهُ شُكْراً لِمَا أَوْلاَنِي
    يا مَنْ يَلُوذُ بِأَهْلِ بَيْتِ مُحَمَّدٍ *** يَرْجُو بِذلِكَ رَحْمَةَ الرَّحْمانِ
    صِلْ أُمَّهَاتِ المُؤْمِنِينَ ولا تَحِدْ *** عَنَّا فَتُسْلَبَ حُلَّةَ الإيمانِ
    إنِّي لَصَادِقَةُ المَقَالِ كَرِيمَةٌ *** إي والذي ذَلَّتْ لَهُ الثَّقَلانِ
    خُذْها إليكَ فإنَّمَا هيَ رَوْضَةٌ *** مَحْفُوفَةٌ بالرَّوْحِ والرَّيْحَانِ
    صَلَّى الإلهُ على النَّبيِّ وآلِهِ *** فَبِهِمْ تُشَمُّ أَزَاهِرُ البُسْتَانِ
    اسلام ويب
                  

08-31-2015, 01:19 AM

سيف اليزل برعي البدوي
<aسيف اليزل برعي البدوي
تاريخ التسجيل: 04-30-2009
مجموع المشاركات: 18425

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات متنوعة عن الأسرة و المجتمع (Re: سيف اليزل برعي البدوي)

    ولآمرنهم.. فليغيرن خلق الله
    مسلسل انفراط العقد وهبوط خط الانحراف العقدي الذي تعاني منه الأمة الإسلامية، والتي يحاول الإصلاحيون بشتى جهودهم مجابهة نموه وأطواره المتجددة والتي تظهر لنا كل يوم بثوب جديد، من عبادة الشيطان للمثلية الجنسية للزواج السري، والآن ظاهرة جديدة انتشرت في بعض دول العالم العربي هي ظاهرة المسترجلات من النساء والمخنثين من الرجال والتي تنم عن جهل مفرط ممزوج بترف مغرق، وإنا لله وإنا إليه راجعون .

    تقول إحدى الفتيات واصفة تصرفات زميلاتها المسترجلات: "هناك تصرفات غريبة للفتيات المسترجلات حيث يتصنعن الكلام والتصرفات والشكل وطريقة اللباس حيث يرتدين القمصان الرجالية ويلجأن إلى تصرفات عنيفة قد تصل إلى الضرب وافتعال المشاكل بالتحرش بالأخريات ".

    وتصف أخرى: أن كل شيء رجولي فيهن ابتداء من العبارات الرجالية "لا أدري من أين حصلن على تلك الألفاظ والعبارات، إضافة إلى ذلك نرى أنهن يصاحبن بعضهن كما لو أنهن شبابا ".

    ويزداد حزن الفتيات، وحزننا معهن، على ما وصل إليه حال زميلاتهن المسترجلات ويصفن حالهن :

    يلاحظ العطر الرجولي ينتشر في تجمعاتهن، وطريقة المشي العشوائية التي تتعمد خلالها الفتاة إظهار الخشونة، يكملها القميص الرجالي وقصة الشعر "الرجالية"، وبالتأكيد كان الحذاء الرجولي حاضرا في المشهد .

    تأنيث الرجال!!
    وعلى العكس تماماً من المثال السابق نجد بعض شباب الإسلام يقبل أن يستبدل رجولته بطبائع النساء حتى وصل الحال ببعضهم إلى التحول الكامل، وكثيراً ما نرى شباب أنعم من النساء بداية من قصات الشعر، مروراً بالنعومة في الكلام وطريقة المشي والحركات.. ولا غرابة أن يصل الحال بمثل هؤلاء إلى الشذوذ والمثلية الجنسية .

    تتجلى قضية الشباب المخنث بوضوح في موقف حدث مع الداعية الكويتي نبيل العوضي في مقال كتبه بعنوان (هل أغض بصري عنه ؟؟) يقول فيه:

    اتصل عليَّ شاب يريد مقابلتي، فدعوته إلى المسجد حيث إنني سأجلس بين المغرب والعشاء فيه، فاعتذر لعدم استطاعته دخوله!! فكان الموعد بعد العشاء في مواقف السيارات، حضر الشاب بسيارته فخرج منها لتكون المفاجأة!!

    إي والله مفاجأة ما كنت أتوقعها!!

    الشاب بهيئة فتاة كاملة!! إي نعم فتاة كاملة! بكل ما تعنيه هذه الكلمة من معنى!!.. الشعر والجسم والوجه واللباس!!! سلم عليَّ فرددت السلام، وكنت مذهولا مما أرى، هل هذه حقيقة أم حلم؟! سألته عن تحوله إلى هذا "الجنس" هل هو في الظاهر فقط أم تحول كامل؟ فأخبرني بأنه تحول تحولا كاملا!! سألته عن العمليات التي أجراها أين كانت؟ فاخبرني انه أجراها في تايلند!!

    أنا أعلم أن الأمر مزعج لمن يقرأه ويسمعه وقد سألته هل يوجد آخرون مثلك؟ فأخبرني بأنهم مجموعة ويتزايدون، وعرفت منه مع من يجلسون ومن من"الكبار" يشجعهم ويمدهم بالأموال!!

    والغريب أن هذا "الجنس المتحول" جاء إلي يريد فتوى تفيده بتحوله إلى هذا "الجنس المسخ" فأخبرته أن ما صنعته يعرضك لـ "لعنة الله".. نعم.. "لعنة الله"، وأنت آثم ومخطئ خطأ كبيراً، ويجب عليك التوبة والرجوع إلى فطرتك السليمة، فلم يعجبه حديثي ولا كلامي.

    المشكلة تكمن في أن هذا الفعل الذي قام به هذا الشاب لا يعاقب عليه القانون!! والأشخاص الذين سيقومون بفعلته لن يردعهم شيء لأن القانون معهم!!

    أنا اعلم أن هناك قانوناً في مجلس الأمة ينتظر دوره لإقراره يجرم هذا الفعل، ولكن هل من نائب "شهم غيور" يستعجل إقراره فيحفظ أجيالا قادمة من هذا المرض الخبيث.

    مشكلة تشبه أحد الجنسين بالآخر، أو المثلية الجنسية، أو الشذوذ في العلاقات الجنسية، تحتاج في علاجها إلى علماء النفس والتربية والشريعة، وتحتاج إلى قوة القانون، وتوجيه الإعلام توجيها صحيحا.

    كانت وزارة التربية في الفترة الماضية ترفض التحدث عن مشكلة "المسترجلات" في مدارسها بحجة عدم وجود هذه الظاهرة، والآن وبعد أن استفحل المرض وانتشر حتى وصل إلى الثانويات والمتوسطات وسمعت بها مدارس الابتدائي!! بدأت وزارة التربية بتدارك الأمر. ورجال الداخلية في جوازات المطار يشتكون بمرور فتيات بكامل زينتهن عليهم وعندما يفتح الجواز يكتشف رجل الأمن أن صاحب الجواز رجل!! يا الله!! والله مصيبة وخسارة على شباب ورجال ذهبوا ضحية إعلام فاسد، وتربية سيئة وقانون ناقص!!

    أرجو من كل قلبي ألا يخرج علينا أحد الليبراليين ويقول هذه حقوق وحرية شخصية، كل إنسان يختار الجنس الذي يريد، ويعاشر الجنس الذي يختاره، لأنني سأصاب بعدها بالغثيان.

    أكثر سؤال حيرني وأنا كنت انصح الشاب "المسخ"، وأذكره بالله وأخوفه منه، هل يجب عليَّ أن "أغض بصري عنه" ؟!!! أ.هـ. كلام الشيخ نبيل العوضي.

    شباب الإسلام:
    كان المنتظر منكم أن تحملوا هموم أمتكم وأن تحاولوا رفع رايتها وإخراجها مما هي فيه، وليس أن تكونوا أنتم أنفسكم هماً من همومها، أو عيباً تعير به .

    حمل هم الإسلام قبلكم ثلة من الشباب أخذوا ما آتاهم ربهم بقوة، وحملوا هَم دعوتهم بصدق، فنجحوا في حمل الأمانة، وإيصال رسالتهم التي بعثهم الله بها للخلق أجمع، فالأمة كلها مبعوثة للناس بما بعث به نبيها صلى الله عليه وسلم، تأمل في ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم للصحابة «فإنما بعثتم ميسرين ولم تبعثوا معسرين».

    نجح أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في إقامة الدولة وفتح الفتوح ونشر الإسلام، ولازالت الأمة ولادة حتى جاء دوري ودورك لنكمل العقد الفريد ونوصل رسالة الحق لأبنائنا ومن بعدهم، فالعيب أن تكون أو أكون حجر عثرة في طريق من يريد السير لإيصال الأمانة في وقت يجب أن يكون الحمل فيه مشتركا.

    أختي التي تخلت عن أنوثتها وغيرت خلق بارئها وتود لو تحولت رجلاً: مهلا فوالله، ثم والله.. ليست القوة فيما تفعلين وإنّما هو الضعف عين الضعف أن تتنكري لجنسك وتخرجي من جلدك، والقوة أن تثبتي جدارتك من خلال شخصيتك السوية وعملك وعقيدتك وتفانيك لتكوني شمعة تضيء الظلام، وكم أثبتت نساء أنّهن أفضل من آلاف الرجال، والتاريخ والعصر الحديث ملئ بالأمثلة المشرفة للمرأة المسلمة، في مجال العلم والدعوة بل حتى مجال الجهاد لم تتركه المرأة المسلمة ولك في أمهات المؤمنين قديما وأخواتك في فلسطين والشيشان وغيرها حديثا خير مثال.

    وأختم حديثي معك أيها الشاب المسكين ولك أيتها المسترجلة المخدوعة بآيات وأحاديث تدلك على شناعة ما فعلت بنفسك:

    روى الإمام البخاري حديث عبد الله بن عباس، رضي الله عنهما حيث قال : «لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم المتشبهين من الرجال بالنساء، والمتشبهات النساء بالرجال».

    وعن ابن عباس أيضاً في البخاري: «لعن النبي صلى الله عليه وسلم المخنثين من الرجال، والمترجلات من النساء».

    والله عز وجل قد نهى النساء المسلمات أن يتمنين أن يكنّ كالرجال، وكذا نهى الرجال عن تمني ما للنساء، فقال تعالى: {وَلاَ تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا}[النساء : 32] .

    و قال تعالى حاكيا عن قول إبليس اللعين{ وَلأُضِلَّنَّهُمْ وَلأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذانَ الأَنْعَامِ وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ وَمَنْ يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُبِينًا} [النساء:119] .

    وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
    محمد أبو الهيثم
                  

08-31-2015, 01:21 AM

سيف اليزل برعي البدوي
<aسيف اليزل برعي البدوي
تاريخ التسجيل: 04-30-2009
مجموع المشاركات: 18425

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات متنوعة عن الأسرة و المجتمع (Re: سيف اليزل برعي البدوي)

    الجدال بين المسلمين وأهل الكتاب جدال قديم، والمناظرات والمحاورات بدأت مع بعثة النبي صلى الله عليه وسلم حين بدأ أهل الكتاب يطعنون في الدين والرسالة وصاحبها، وكان الله يتولى الرد تارة بالقرآن وتارة بالوحي إلى رسوله بالسنة.. ومحاورات وفد نجران مع المصطفى صلى الله عليه وسلم سطَرها القرآن وهي خير دليل على ما نقول.

    ولم يقف الأمر بعد هذا أبدا، بل ما زال النصارى يجادلون ويحاولون الطعن.. وفي كل زمان يقف لهم الجهابذة من العلماء للرد عليهم وإفحامهم ورد كيدهم في نحورهم.

    ومع حركات الاستشراق في القرون الأخيرة، وتزايد الحملة الصليبية، واستشراء المطاعن على الإسلام وزيادة الحقد في قلوب الصليبيين نحو الإسلام ورسوله زادت الهجمة الصليبية خصوصا مع قلة العلماء الموسوعيين، وإن كان الزمان لا يخلو من قائم لله بحجة، وإن كان هناك متخصصون نذروا أنفسهم للذود عن دينهم ودحر الكافرين.

    غير أنه قد ولج في هذا الباب جماعة من شباب المسلمين، ربما أخذتهم الحمية للدين، أو حملهم موقف تعرضوا فيه لإحراج فانتبهوا بعد غفلة، لكنهم ولجوه من غير سلاح العلم الشرعي ودون معرفة ضرورية بأساسيات الإسلام فعرضوا أنفسهم لخطر عظيم. فكان لابد من توجيه نصيحة لهم صيانة لدينهم وحفظا لعقيدتهم.

    وهذه النصيحة وجهها رجل متخصص في هذا الباب نقلتها بحذافيرها (من موقع حراس العقيدة).. نصيحة لإخواني الشباب عسى أن تكون فيها منفعة لهم وتنويرا للطريق أمامهم..يقول الشيخ:

    نصيحة جليلة فاقبلها:
    الحمد لله وكفي .. وسلام على عباده الذين اصطفي .. ثم أما بعد ..
    أول خطوة لك أخي الكريم في دراسة مقارنة الأديان: أن تمتنع عن قراءة أي كتاب أو مقال في مقارنة الأديان، وأن تلجم نفسك عن قراءة المكتوب في منتديات مقارنة الأديان !

    والخطوة الثانية أن تأخذ نصيبك من الميراث الذي تركه لك محمد عليه الصلاة والسلام. فتتعلم قراءة القرآن كما كان يقرأه محمد عليه الصلاة والسلام، وتحفظ ما استطعت منه. ثم تأخذ بطرف صالح من العقيدة والفقه والحديث والتفسير واللغة والسيرة والرقائق وباقي العلوم الضرورية.

    والثالثة أن تتوسع أكثر في دراسة العقيدة، فتتعمق أكثر في مسائل العقيدة وتفاصيلها، وتتعرف بشكل أوسع على الفرق والأديان والمذاهب.

    والرابعة أن تدرس أمهات الكتب في مجال دعوة أهل الكتاب، وعلى رأسها الجواب الصحيح لابن تيمية، وإظهار الحق لرحمة الله هندي.

    والخامسة الاطلاع على الكتاب المسمى بالمقدس، وأمهات كتب القوم.

    هذا وإلا:
    فإن شقّ عليك ذلك الطريق، وطال وصعب في ناظريك، وأصررت على الدخول في هذا المعترك من غير ما سبق.. فاسمع ما أقوله لك :

    اعمد إلى مواقع الإنترنت ومنتدياتها، وأهدر من وقتك ما استطعت، واقرأ نتفـًا من هنا وهناك، حتى إذا عرفت بعض المطاعن في الكتاب "المقدس"!!، فاذهب إلى منتديات النصارى، وطارحهم الجدل والجدال، وبادلهم السب والسباب، ثم قل في نفسك: قوم لا عقول لهم! .. فارجع إلى منتدى الجامع أو غيره من المنتديات، واحرص لنفسك في كل يوم على مشاركة تضعها فيه، لا تزيد عن اقتباس فقرة من الكتاب المقدس، وتهكم عليها واسخر منها، وانتظر تهنئة إخوتك لك على رائع تهكمك وعظيم سخريتك، فبادلهم التهاني، وتعجب من حال النصارى الذي لا يعقلون! .. وأنت في كل ذلك حريص على إهدار أوقاتك، وربما إضاعة صلواتك! .. وتمر عليك السنون والسنون، ولم تعرف من الإسلام أكثر مما عرفت حتى اليوم!.. وهذا إن تغمدك الله برحمته، ولم تنكت بعض الشبه في قلبك نكتـًا سوداء، ولم يصر قلبك من عدم الإنكار كالكوز مجخيًا والعياذ بالله !

    وأنت في ذلك الطريق السهل تتعلم الإسلام أيضـًا!.. لكنك تتعلمه عن طريق الشبهات!.. فينحصر علمك بدينك في ردود الشبهات. فلو وقفت في الصلاة بين يدي ربك، وقرأت: (واستغفر لذنبك)، لم يقع في قلبك إلا أن هنا شبهة حول خطايا النبي صلى الله عليه وسلم، والرد عليها كذا!.. وإذا قرأت: (سنقرئك فلا تنسى إلا ما شاء الله)، لم تستحضر في قلبك إلا شبهة كذا والرد عليها كذا!.. وإذا قرأت (يا أخت هارون)، لم تجد في بالك إلا إجابة السؤال: كيف تكون مريم أخت هارون؟!.. وهكذا يصير علمك بدينك مجرد ردود على شبهات.. أو قل بلا مواربة: يصير دينك عندك شبهات مردود عليها!

    أخي الحبيب ..
    حبك لدعوة أهل الكتاب لا بأس فيه. ولكنك مسلم قبل أن تكون محاورًا مجادلاً. وإسلامك يطالبك بتعلم دينك أولاً، بصرف النظر عن تخصصك في مجادلة أهل الكتاب فيما بعد أم لا.

    وكيف تشرح للنصارى محاسن شرعة الإسلام وأنت لم تدرس متنـًا فقهيـًا للمبتدئين؟!!
    وكيف تقرب النصارى إلى القرآن العظيم وأنت لا تحسن تلاوته ولم تقرأ تفسيرًا مختصرًا لآياته ولم تتقن لغته؟!!
    وكيف تحبب النصارى في محمد عليه الصلاة والسلام وأنت لا تعرف نسبه ولا سيرته ولا أخلاقه ولا شمائله؟

    وأعود فأقول: حتى ولو لم تتصد لجدال أهل الكتاب فأنت كمسلم مطالب بمعرفة عقيدتك وكتابك ونبيك وشريعتك، بحسب ما آتاك الله من وقت وجهد وذكاء، ولا يكلف الله نفسـًا إلا وسعها.

    وطائفة من المسلمين كانوا لاهين عن الدين، فلما جادلهم النصارى وأرادوا اغتيالهم عن دينهم، رجعوا إلى الإسلام، فبحثوا عن إجابات لشبه النصارى.

    ولا اعتراض على ما حدث لتلك الطائفة، فقد كان خارجـًا عن مقدورهم. ولا اعتراض على بحثهم عن الإجابات، فلا مفر من ذلك بعد حلول الشبه.
    لكن الاعتراض كل الاعتراض أن تواصل هذه الطائفة تعلم دينها على أيدي النصارى!.. الخطر كل الخطر أن تدرس الإسلام عن طريق الشبهات وردها!

    والواجب على هذه الطائفة أن تحمد ربها أن أفاقها من غفلتها، وأن تنتهي عن التعرض للشبه، وأن تمتنع عن الولوغ في المواقع والمنتديات التي تنشر هذه القاذورات دون رد، بل عليهم عدم الانشغال بالمنتديات الإسلامية التي ترد وتدعو وتجادل. وإنما الواجب عليهم بالدرجة الأولى تعلم دينهم، كلٌ بحسبه، ولا يكلف الله نفسـًا إلا وسعها.

    أخي الحبيب ..
    لا أريدك بعد سنتين من الآن أن تكون عالمـًا بحال يسوع الأناجيل وجاهلاً بحال نبيك.

    لا أريدك أن تكون حافظـًا للجمل الكثيرة من الكتاب المقدس وناسيـًا لأكثر آيات الذكر الحكيم.

    لا أريدك أن تكون واعيـًا بقبائح الشريعة النصرانية وغافلاً عن مزايا الشريعة الإسلامية.

    فليراجع كلٌ منا نفسه .. وليختر لنفسه الطريق التي يحب أن يراه الله فيها.
    اسلام ويب
                  

08-31-2015, 01:24 AM

سيف اليزل برعي البدوي
<aسيف اليزل برعي البدوي
تاريخ التسجيل: 04-30-2009
مجموع المشاركات: 18425

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات متنوعة عن الأسرة و المجتمع (Re: سيف اليزل برعي البدوي)

    احذروا.. السيئات الجارية
    يقول الله سبحانه وتعالى: (إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ ) [يس : 12] ...
    الناس بعد الممات ينقسمون إلى قسمين باعتبار جريان الحسنات والسيئات عليهم:
    القسم الأول: من يموت وتنقطع حسناته وسيئاته على السواء، فليس له إلا ما قدَّم في حياته الدنيا.

    القسم الثاني: من يموت وتبقى آثار أعماله من حسناتٍ وسيئاتٍ تجري عليه، وهذا القسم على ثلاثة أصناف:

    الأول: من يموت وتجري عليه حسناته وسيئاته، فمثل هذا يتوقف مصيره على رجحان أيٍ من كفتي الحسنات أم السيئات.

    الثاني: من يموت وتنقطع سيئاته، وتبقى حسناته تجري عليه وهو في قبره، فينال منها بقدر إخلاصه لله تعالى واجتهاده في الأعمال الصالحة في حياته الدنيا، فيا طيب عيشه ويا سعادته.

    الثالث: من يموت وتنقطع حسناته، وتبقى سيئاته تجري عليه دهراً من الزمان إن لم يكن الدهر كله، فهو نائم في قبره ورصيده من السيئات يزداد يوماً بعد يوم، حتى يأتي يوم القيامة بجبال من السيئات لم تكن في حسبانه، فيا ندامته ويا خسارته.

    إنَّ الحديث عن الحسنات والسيئات أمرٌ لا مفرَّ منه، لأنَّ الحساب يوم القيامة يكون بالموازين، يقول الله تعالى: ( وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ ) [الأنبياء: 47] ...

    كثيرٌ من الناس يغفلون عن مسألة السيئات الجارية وخطورة شأنها، لأنَّ من السيئات ما إذا مات صاحبها فإنها تنتهي بموته، ولا يمتد أثر تلك السيئات إلى غير صاحبها، ولكنْ من السيئات ما تستمر ولا تتوقف بموت صاحبها، بل تبقى وتجري عليه، وفي ذلك يقول أبو حامد الغزالي: " طوبى لمن إذا مات ماتت معه ذنوبه، والويل الطويل لمن يموت وتبقى ذنوبه مائة سنة ومائتي سنة أو أكثر يعذب بها في قبره ويسئل عنها إلى آخر انقراضها " ( إحياء علوم الدين 2/74 ) ...

    وقد جاءت النصوصُ الشرعيةُ محذِّرة من هذا النوع من السيئات، منها قوله تعالى: ( لِيَحْمِلُوا أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلا سَاءَ مَا يَزِرُونَ ) [النحل : 25] ، وقوله r : ( مَنْ دَعَا إِلَى ضَلاَلَةٍ كَانَ عَلَيْهِ مِنَ الإِثْمِ مِثْلُ آثَامِ مَنْ تَبِعَهُ لاَ يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ آثَامِهِمْ شَيْئًا ) صحيح مسلم برقم (6980) ، وفي رواية: ( وَمَنْ سَنَّ فِى الإِسْلاَمِ سُنَّةً سَيِّئَةً كَانَ عَلَيْهِ وِزْرُهَا وَوِزْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا مِنْ بَعْدِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أَوْزَارِهِمْ شَىْءٌ ) صحيح مسلم برقم (2398)، وقد رُوِي: ( الدال على الشر كفاعله ) أخرجه أبو منصور الديلمي في مسند الفردوس من حديث أنس بإسناد ضعيف جداً ...

    وبما أننا نعيش في عصرٍ تيسَّرتْ فيه وسائل الاتصالات ونقل المعلومات أصبح من الأهمية بمكان التذكير بشناعة السيئات الجارية ومدى خطورتها على صاحبها، فكم من إنسان أهلك نفسه وحمَّل كاهله سيئاتٍ لم تكن محسوبة عندما نصَّب نفسه داعياً إلى الضلال وناشراً إلى المنكر من حيث يشعر أو لا يشعر ...
    وبالتالي فإنه بسبب ما نشهده من تقدم وتطور في سائر نواحي الحياة لا سيما في مجال نقل المعلومات كانت صور السيئات الجارية متعددة، لعل من أبرزها ما يلي:
    القنوات الفضائية:
    حيث يشاهدها الملايين في سائر أنحاء العالم، والأثر المتعدي لهذه القنوات فوق مستوى الخيال، ويمكن إجمال صور السيئات الجارية في هذه الوسيلة فيما يلي:
    - إنشاء القنوات الفاسدة التي تبث الأفكار المخالفة للإسلام وتروج للأخلاق المنحرفة كقنوات أهل البدع وقنوات الأفلام الهابطة والأغاني الماجنة، فأصحاب تلك القنوات والمساهمين فيها مادياً ومعنوياً يتحملون آثام هذه القنوات وآثارها السيئة، وهم فتحوا على أنفسهم باباً لا يكاد يُغلق من السيئات الجارية إلا أن يتويوا.

    - إرسال الرسائل النصية (SMS) لكي تظهر على الشاشة، فإذا كانت الرسائل تحتوي على كلامٍ بذيء أو دعوةٍ إلى الشر فإنَّ ذلك يدخل في باب السيئات الجارية، لأنَّ مُرسِل تلك الرسائل قد يسهم في نشر شرٍ يجهله الناس، فيكون بذلك معلماً للشر ناشراً له.

    - الإسهام في القنوات الفضائية الفاسدة ودعمها بأي صورة من الصور ودلالة الناس عليها يندرج في باب السيئات الجارية.

    الانترنت ( الشبكة العنكبوتية ):
    وهي لا تقل خطورة عن القنوات الفضائية إذا استخدمت في الشر، وخاصةً أنَّ الانترنت يُعد مكتبة متنقلة يمكن الاستفادة منها في أي وقت، فكل ما يُنشر في هذه الشبكة يمكن استعادته والرجوع إليه فضلاً عن سرعة انتشار المعلومة فيها، ولعل من أبرز الاستخدامات التي تندرج في باب السيئات الجارية ما يلي:
    - إنشاء المواقع والمنتديات الفاسدة والضارة كالمواقع الإباحية ومواقع أهل الفسق والضلال، وهذه المواقع ثبتت أضرارها وآثارها الخطيرة على المجتمعات الغربية قبل المسلمة.

    - الدلالة على تلك المواقع السيئة ورفعها على بقية المواقع عن طريق التصويت لها.
    - نشر مقاطع الفيديو المخلة والمحرمة في المواقع المشهورة كاليوتيوب وغيره.
    - تعليم الآخرين طريقة فتح المواقع المحجوبة السيئة واختراق البروكسي.
    - وضع صور سيئة كخلفية لمنتدى أو موقع معين أو على هيئة توقيع عضو.
    - إنشاء المجموعات البريدية من أجل نشر المواد والمقاطع السيئة.
    - الإسهام في نشر الشبه والأفكار المنحرفة عن طريق المشاركة في المنتديات.

    هواتف الجوال:
    وهي كذلك وسيلة تتطور يوماً بعد يوم بتطور تقنيات الهواتف، وأصبح من السهل عن طريق هذا الجوال أن ترسل ما تشاء إلى من تشاء، وذلك عن طريق الرسائل النصية (SMS) والرسائل المتعددة الوسائط (MMS) والبلوتوث وغيرها من التقنيات المتقدمة، فكل إسهام عن طريق الجوال في نشر الشر والفساد يندرج في باب السيئات الجارية.

    الكتابة والتأليف:
    وهي وسيلة ليست جديدة بالمقارنة مع ما سبق، إلا أن المؤلفات والكتب أصبحت تُطبع بأعداد كبيرة في وقت وجيز، وأصبح كل من هب ودب كاتباً ومؤلفاً، بالإضافة إلى سهولة انتشار الكتب عن طريق دور النشر والمعارض الدولية، فضلاً عن تنزيل الكتب في شبكة الانترنت.
    فالكتابة والتأليف أصبحت أداةً خطيرةً إذا سُخِّرت في ترويج الأفكار المنحرفة عن الإسلام، فكل كلمة يكتبها المؤلف فهو مرهون بها ويتحمل تبعاتها يوم الحساب.

    هذه بعض صور السيئات الجارية في عصرنا الحاضر، والمتأمل في آثارها يعرف مدى خطورتها في إضلال الناس وإفسادهم نسأل الله السلامة والعافية.
    فلا أظن عاقلاً إلا ويبادر إلى غلق باب الشر هذا عليه قبل فوات الأوان، ويستبدله بفتح الجانب الآخر المعاكس له وهو الحسنات الجارية، وذلك عن طريق تسخير تلك الوسائل في الخير وفيما ينفع الناس، وفي ذلك فليتنافس المتنافسون، قال تعالى ( وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ ) [سورة التوبة: 105].
    ــــــــــــــــــــ
    إبراهيم الدحيم (البيان: 243)
                  

08-31-2015, 01:25 AM

سيف اليزل برعي البدوي
<aسيف اليزل برعي البدوي
تاريخ التسجيل: 04-30-2009
مجموع المشاركات: 18425

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات متنوعة عن الأسرة و المجتمع (Re: سيف اليزل برعي البدوي)

    تميز عصرنا الحاضر بارتفاع أصوات المنافقين والمنافقات في أنحاء العالم الإسلامي، فأفردت لهم الصفحات، وتصدروا المنتديات، واحتفلت بهم التجمعات، وسيطروا على كثير من وسائل الإعلام كما يلاحظه القاصي والداني لفشو الأمر وظهوره.

    وحال المنافقين ليس بجديد على أمة الإسلام.. فهم أعداء ألداء لهذا الدين منذ بعثة محمد عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم . يكيدون ويدبرون ويخططون وينفذون، وقد وصفهم الله عز وجل في سبعة وثلاثين موضعاً من القرآن، وسميت سورة كاملة باسم "المنافقون"، وأفاضت السنة النبوية المطهرة في توضيح ذلك الأمر العظيم وإجلائه.

    وفي خضم هذا السيل الجارف من أهل النفاق حري بأهل الإسلام ممن يحملون رايته ويحترقون شوقاً لرفعته أن يسارعوا إلى فضح المنافقين وهتك أستارهم وكشف مخططاتهم وتتبع أرائهم وأفكارهم والتصدي لها والرد عليها وابتداء ذلك بتحصين أنفسهم وأبنائهم ونسائهم من شبههم ودعواتهم .

    وأعظم أمر يدخل الغيظ على قلوب المنافقين ويؤرق مضاجعهم نشر العلم الشرعي الذي يبدد نوره ظلاماً يتسللون في دهمائه!

    أما الالتصاق بالدعاة والعلماء فهو خنجر مسموم في نحورهم ولهذا يسعون إلى مقولة متكررة فحواها أن من حمل راية رسول الله صلى الله عليه وسلم وميراثه متخلف متحجر بعيد عن الانفتاح والتطور ومجاراة الواقع. والنفاق أجيالُ متوارثة فقد قالوا تلك المقالة في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم .

    ومن درء خطرهم منعهم من تسيد المجالس وتسويد الصحف والمجلات قدر المستطاع.. ومما يعين على ذلك متابعة خططهم وطروحاتهم، والرد عليها، والرفع لأصحاب الاختصاص بمقالاتهم وكتاباتهم.. ومن أعد نصائح منفردة ورسائل خاصة فيها التخويف بالله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فإن ذلك من دعوتهم إلى الرجوع إلى الدين ومفارقة أرض النفاق.

    ولا يعجز مسلم من الدعاء عليهم ورفع يديه إلى الملك الجبار بأن يشغلهم بأنفسهم وأهليهم.

    ولا تزال بؤرة النفاق يرتفع شعارها المعروف :{وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ قَالُواْ إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ * أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَـكِن لاَّ يَشْعُرُونَ}.

    وفي هذه الفترة بالذات يجب على كل مسلم القيام بواجبه نحو رد كيد الأعداء ومجاهدة أهل الزيغ والضلال، وليتفقد كل فرد منا ـ ذكراً أو أنثى ـ أمجاهد هو أم قاعد؟! فليأتين زمان نبكي فيه على ترك الأمر بالمعروف والتصدي للمنافقين، ولا تبرأ الذمة بأن نقف متفرجين على أعمالهم ومخططاتهم ولا يحرك ذلك ساكناً في قلوبنا وأعمالنا !

    والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون .
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
    عبد الملك القاسم
                  

08-31-2015, 01:28 AM

سيف اليزل برعي البدوي
<aسيف اليزل برعي البدوي
تاريخ التسجيل: 04-30-2009
مجموع المشاركات: 18425

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات متنوعة عن الأسرة و المجتمع (Re: سيف اليزل برعي البدوي)

    نعمة الستر
    في إحدى سفرياتي نفذت كالعادة من ذلك الجهاز الكاشف، الذي يصيح إذا مسح في الجيب شيئًا معدنيًّا، ففزعت إذ أخذ يصرخ بشكل مزعج، فمددت يدي لأجد بجيبي الأيسر نصف ريال (عملة معدنية)، فأخرجته ونحيته عني، وأردت أن أنفذ مرة ثانية فإذا به يصيح، فأحسست بالانزعاج، وتصببت عرقًا من الحياء، ومددت يدي لأجد في الجيب الآخر مفتاحًا، فتوقفت، ودققت في استخراج كل ما في جيوبي، لأنفذ بعد ذلك بسلام، وأنا غير مستريح؛ إذ انتابني إحساس أن الناس كلهم ينظرون إلى، ولأنني مسلم ملتحٍ فربما شكوا أنني أحمل في جيبي طائرة أباتشي، أو راجمة صواريخ، أو أخبئ في حقيبتي مفاعلاً نوويًّا أو نحوه!

    عندها راودتني فكرة جعلتني أرتعب، إذ قال لي خيالي المتمرد: تخيل لو أن الله تعالى وضع في بدنك جهازًا يصرخ هكذا كلما ارتكبت ذنبًا، أو اجترأت على معصية، يا خبر! ستكون مصيبة، سيظل يرن طول النهار، لأنني من بني آدم الخطائين!



    وتماديت في خيالي أكثر، ماذا لو كان هذا الجهاز في أجساد الناس كلهم!؟

    كيف سيكون حال الشارع والبيت، ومكان العمل، والأصوات تخرج في وقت واحد من مائة شخص، من ألف، من مليون، من مليار، من أهل الأرض جميعًا هل ستكون الحياة على ظهر الأرض ممكنة؟! أظن أننا سنهلك من أول نصف ساعة، بل من أول دقيقة، من أصوات المعصية التي تصرخ، وتزعج، وتملأ الأجواء كلها، فالصوت طاقة مدمرة، قادرة على إبادة الكون كله بمجراته!

    ثم تمادى خيالي الحرون، فتخيلت ما تخيله الشاعر أبو العتاهية قبلي، حين حمد الله أنه ليس للذنوب رائحة منتنة تصدر عن فاعليها:

    كيف إصلاح قلوبٍ.... إنما هُـنَّ قروح
    أحسـن الله بـنا.... أن الخطايا لا تفوح
    فإذا المستـور منا.... بين ثوبـيه فَضوح

    وافترضت معه: لو أن أحدنا كلما اقترف ذنبًا خرجت عنه بالذنب رشة رائحة عفنة فكيف سيكون الحال؟ وأمسكت بطني، لأنني وحدي – بالتأكيد - سأملأ الدنيا عفنًا قبل آخر النهار، لكثرة ذنوبي، فكيف لو خرجت ريح الذين أعرفهم، والذين لا أعرفهم: مائة شخص، ألف، مليون، مليار، أهل الأرض جميعًا كيف ستكون الأرض؟ مزبلة مقززة؟ مرحاضًا كبيرًا؟ كوكبًا متعفنًا؟ شيئًا لا يطاق أن يعيش فيه المرء دقيقة واحدة؟

    وسألت نفسي: هل تعرف نعمة ستر الله عليك يأيها المذنب الغارق في خطاياك؟ وهل تقدرها؟ وهل تشكر ربك الحليم الستير عليها؟!

    يااااااااااه ما أحلمك ربي وأكرمك! ما أصبرك وأسترك!

    الحمد لله على الإسلام، وعلى نعمة الستر، وعلى نعمة العافية!

    اللهم أدمها علينا دنيا وأخرى يا كريم.

    أتعرف قارئي الحبيب، أن نعمة الستر هذه ليست مجرد نعمة مفردة؛ بل هي مجموعة نعم متداخلة نترجمها نحن - لقصورنا – في نعمة واحدة!؟

    احسب معي كم في نعمة الستر من نعم باطنة، وتعجب، وسبح بحمد ربك واستغفره:

    إنه يعرف ما أنوي قبل أن أقع في المعصية، ويعرف أنني أخطط لها، وأرتب نفسي لئلا يراني أحد، فيحلم عليّ، ولا يفضحني..

    وهو سبحانه يضع في طريقي مذكرات: كلمة/ آية/ موقفًا/ نصيحة عابرة/ شيئًا يلفت نظري لأتعظ.. ومخي غبي وشيطاني عنيد، فيصبر سبحانه علي..

    ثم في سعيي للمعصية يراني ويطلع علي، ويحلم، فلا يرسل إلى سيارة تدهسني، ولا بلطجيًّا يصفعني، ولا شرطيًّا يوقفني، ويأمر ملك الحسنات الذي على كتفي رفيقه ملك السيئات ألا يكتب المعصية، وأن يمهلني لعلي أفيق وأتوب!

    ثم عند الارتكاس في المعصية هو يراني، ويعلم حالي، ويحلم ويستر!

    ثم إنه سبحانه إذا أفقت من معصيتي، إذا علم مني خيرًا أعانني على الاستغفار والتوبة.. فإذا استغفرت غفر لي وكأني لم أذنب، ولم أتعد حدودي، وأجترئ على حرمات ربي..

    بل ربما مدحني الناس، وظنوا أنني بلا ذنوب، وأنني مثال للعبد التقي النقي الخفي!



    يااااه.. ما أعظم ربي وأحلمه! اقرأ هذه:

    ذكر الإمام ابن قدامة في التوابين أن بني إسرائيل لحقهم قحط على عهد سيدنا موسى عليه السلام، فاجتمع الناس إليه، فقالوا: يا كليم الله: ادع لنا ربك أن يسقينا الغيث. فقام معهم موسى عليه السلام، وخرجوا إلى الصحراء - وهم سبعون ألفًا أو يزيدون - فقال عليه السلام: إلهي: اسقنا غيثك، وانشر علينا رحمتك، وارحمنا بالأطفال الرضع، والبهائم الرتع، والمشايخ الركع؛ فما زادت السماء إلا تقشعًا، والشمس إلا حرارة!

    فقال موسى عليه السلام: إلهي اسقنا!

    فقال الله عز وجل: كيف أسقيكم؟ وفيكم عبد يبارزني بالمعاصي منذ أربعين سنة؟ فناد في الناس حتى يخرج من بين أظهركم؛ فبه منعتكم المطر، وابتليتكم بالقحط والجفاف!

    فصاح عليه السلام في قومه: يأيها العبد العاصي الذي يبارز الله منذ أربعين سنة: اخرج من بين أظهرنا؛ فبك منعنا المطر..

    فنظر العبد العاصي ذات اليمين وذات الشمال، فلم ير أحدًا خرج، فعلم أنه المطلوب، فقال في نفسه: إن أنا خرجت من بين هذا الخلق افتُضحت على رؤوس بني إسرائيل، وإن قعدت معهم مُنعوا لأجلي. فانكسرت نفسه، ودمعت عينه، فأدخل رأسه في ثيابه نادمًا على فعاله، وقال: إلهي وسيدي: عصيتك أربعين سنة، وأمهلتني. وقد أتيتك طائعًا فاقبلني، وأخذ يبتهل إلى الخالق تبارك وتعالى، فلم يستتم الكلام حتى ارتفعت سحابة بيضاء، فأمطرت كأفواه القِرب - أي انهمر منها الماء مدرارًا - فعجب موسى عليه السلام وقال: إلهي: سقيتنا، وما خرج من بين أظهرنا أحد، فقال الله تبارك وتعالى: يا موسى سقيتكم بالذي به منعتكم!

    فقال موسى عليه السلام: إلهي أرني هذا العبد الطائع!
    فقال تعالى وجل وعز: يا موسى إني لم أفضحه، وهو يعصيني، أفأفضحه وهو يطيعني!؟
    الشيخ عبدالسلام البسيوني
                  

08-31-2015, 01:29 AM

سيف اليزل برعي البدوي
<aسيف اليزل برعي البدوي
تاريخ التسجيل: 04-30-2009
مجموع المشاركات: 18425

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات متنوعة عن الأسرة و المجتمع (Re: سيف اليزل برعي البدوي)

    اغتنم شبابك قبل هرمك
    الشباب هو زمن العمل، لأنه فترة قوة بين ضعفين، ضعف الطفولة وضعف الشيخوخة، فمن ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " اغتنم خمسا قبل خمس: شبابك قبل هرمك، وصحتك قبل سقمك، وغناك قبل فقرك، وفراغك قبل شغلك، وحياتك قبل موتك" (رواه الحاكم وصححه)، قال الإمام أحمد: " ما شبهتُ الشباب إلا بشيء كان في كُمِّي فسقط".

    إن الشباب هو وقت القدرة على الطاعة، وهو ضيف سريع الرحيل فإن لم يغتنمه العاقل تقطعت نفسه بعدُ حسرات:
    ما قلت للشباب: "في كنف الله .. .. ولا حِفْظِه" غــداةَ استقلاّ
    ضيف زارنا أقام عندنا قليلا .. .. سوّد الصحف بالذنوب وولى

    فمن ثم يسأل الله عز وجل كل عبد من عباده عن نعمة الشباب كيف صرّفه، وبم أبلاه، قال صلى الله عليه وسلم: " لا تزول قدما ابن آدم يوم القيامة من عند ربه، حتى يُسأل عن خمس: عن عمره فيم أفناه؟ وعن شبابه فيم أبلاه؟ وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه؟ وماذا عمل فيما علم؟".(رواه الترمذي وصححه الألباني).

    وعدّ صلى الله عليه وسلم في السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله: " شابا نشأ في عبادة الله".

    وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: " ما آتى الله عز وجل عبدا علما إلا شابا، والخير كله في الشباب، ثم تلا قوله عز وجل: "قالوا سمعنا فتى يذكرهم يقال له إبراهيم"، وقوله تعالى: "إنهم فتية آمنوا بربهم وزدناهم هدى" ، وقوله تعالى: "وآتيناه الحكم صبيا".

    قالت حفصة بنت سيرين: "يا معشر الشباب اعملوا، فإنما العمل في الشباب"، وقال الأحنف بن قيس: " السودد مع السواد".
    (أي: من لم يسد في شبابه لم يسد في شيخوخته).

    وهل كان صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم الذين آمنوا به وعزروه ونصروه واتبعوا النور الذي أنزل معه إلا شبابا؟!.
    وهذا أسامة بن زيد رضي الله عنهما أمّره صلى الله عليه وسلم على الجيش وكان عمره ثماني عشرة سنة، وهذا عتّاب بن أسيد استعمله النبي صلى الله عليه وسلم على مكة لما سار إلى حنين وعمره نيف وعشرون سنة، إلى نماذج أخرى كثيرة لشباب أبلوا أحسن البلاء في حمل رسالة الإسلام، ونشر نوره في العالمين.

    وقال يحيى بن معين لأحمد بن حنبل وقد رآه يمشي خلف بغلة الشافعي: "يا أبا عبدالله تركت حديث سفيان بعلوّه، وتمشي خلف بغلة هذا الفتى وتسمع منه؟ فقال له أحمد: لو عرفت لكنت تمشي من الجانب الآخر، إن علم سفيان إن فاتني بعلوّ أدركته بنزول، وإن عقل هذا الشاب إن فاتني لم أدركه بعلو ولا نزول".

    قدم وفد على عمر بن عبد العزيز من العراق، فنظر إلى شاب منهم يتحوّز يريد الكلام، فقال عمر: كبّروا كبروا.. فقال الفتى: "يا أمير المؤمنين إن الأمر ليس بالسن، ولو كان كذلك كان في المسلمين من هو أسنُّ منك. قال: صدقت، فتكلم".

    وحكى المسعودي في " شرح المقامات" أن المهدي لما دخل البصرة رأى إياس بن معاوية وهو صبي، و خلفه أربعمائة من العلماء وأصحاب الطيالسة، وإياس يقدمهم، فقال المهدي: "أما كان فيهم شيخ يتقدمهم غير هذا الحدث؟ ثم إن المهدي التفت إليه، وقال: كم سنك يا فتى؟ فقال: سني ـ أطال الله بقاء الأمير ـ سن أسامة بن زيد بن حارثة لما ولاه رسول الله صلى الله عليه وسلم جيشا فيهم أبو بكر وعمر. فقال له: "تقدم بارك الله فيك".

    وذكر الخطيب في "تاريخ بغداد": أن يحيى بن أكثم ولي قضاء البصرة وسنُّه عشرون سنة أو نحوها، فاستصغروه، فقالوا: كم سن القاضي؟ فقال: "أنا أكبر من عتّاب بن أسيد الذي وجه به رسول الله صلى الله عليه وسلم قاضيا على أهل مكة يوم الفتح، وأنا أكبر من معاذ بن جبل الذي وجه به رسول الله صلى الله عليه وسلم قاضيا على أهل اليمن، وأنا أكبر من كعب بن سويد الذي وجه به عمر بن الخطاب قاضيا على البصرة، فجعل جوابه احتجاجا له.

    وقال أبو اليقظان: ولّى الحجاج محمد بن القاسم بن محمد بن الحكم الثقفي قتال الأكراد بفارس، فأباد منهم، ثم ولاه السند فافتتح السند والهند، وقاد الجيوش وهو ابن سبع عشرة سنة، فقال فيه الشاعر:
    إن السماحة والمروءة والـندى .. .. لمحمــد بن القاسم بن محمد
    قاد الجيوش لسبع عشرة حِجة .. .. يا قرب ذلك سُوددا من مولد!

    ويروى : يا قرب ذلك سُورة من مولد، والسُورة: المنزلة الرفيعة.

    ولما جيء بـ"حطيط الزيات" إلى الحجاج قال له الحجاج: أنت حطيط؟ قال: نعم ..سل ما بدا لك فإني عاهدت الله عند المقام على ثلاث خصال: "إن سئلت لأصدقن، وإن ابتليت لأصبرن، وإن عوفيت لأشكرن" ، فقال الحجاج: فما تقول فيّ؟ قال حطيط: أقول: إنك من أعداء الله في الأرض، تنتهك المحارم، وتقتل بالظنة. قال الحجاج: فما تقول في أمير المؤمنين عبد الملك بن مروان؟ قال: أقول: إنه أعظم جرما منك، وإنما أنت خطيئة من خطاياه.

    فأمر الحجاج بتعذيبه، حتى انتهى به العذاب إلى أن يشقق له القصب، ثم جعلوه على لحمه وشدوه بالحبال، ثم جعلوا يمدون قصبة قصبة حتى انتحلوا لحمه، فما سمعوه يقول شيئا، ولا بدا عليه جزع أو ضعف.

    فأخبر الحجاج بأمره، وأنه في الرمق الأخير، فقال: أخرجوه فارموا به في السوق" ، ووقف عليه رجل وهو بين الحياة والموت يسأله: ألك حاجة؟ فما كان من "حطيط" إلا أن قال: "ما لي من حاجة في دنياكم إلا شربة ماء" ، فأتوه بشربة شربها، ثم مات، وكان ابن ثماني عشرة سنة.

    وولي عبد الله بن زياد خراسان وهو ابن ثلاث وعشرين سنة، وليها لمعاوية رضي الله عنه ـ وولي معاذ اليمن وهو بن أقل من ثلاثين سنة.
    وحمل أبو مسلم أمر الدولة والدعوة وهو بن إحدى وعشرين سنة.
    وحمل الناس عن إبراهيم النخعي وهو ابن ثماني عشرة سنة.
    ومات سيبويه إمام النحو، وحجة العرب ، وله من العمر اثنتان وثلاثون سنة.

    قال البحتري:
    لا تنظرن إلى العباس من صغر في السن، وانظر إلى المجد الذي شادا
    إن النجود نجومَ الأفق أصغرُها في العين أذهبُها في الجو إصعادا

    إن الشباب هم الشريحة الفعالة في الأمة، وهم عمودها الفقري، وجهازها العضلي، وروحها الحية، وطليعتها الوثابة، ولا يتصور نجاح دعوة أو حركة لا تقوم على حماس الشباب وقوته.
    ــــــــــــــــ
    من كتاب "علو الهمة" للشيخ محمد إسماعيل المقدم
                  

08-31-2015, 01:32 AM

سيف اليزل برعي البدوي
<aسيف اليزل برعي البدوي
تاريخ التسجيل: 04-30-2009
مجموع المشاركات: 18425

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات متنوعة عن الأسرة و المجتمع (Re: سيف اليزل برعي البدوي)

    فُتح على بعض الناس باب تصعيب دخول الجنة على عباد الله، فكأن مفاتيح الجنة في جيبه يُدخل من يشاء ويمنع من يشاء، وكأن صكوك الغفران في يده، يرحم من يشاء ويعذب من يشاء.

    فإذا وجد العصاة بشّرهم بالنار، وأقسم عليهم أن لا يدخلوا الجنة، وإذا ذُكر له الطائعون، شكك في طاعتهم وذكر عيوب أعمالهم، وإذا سمع نصوص الرحمة، لم يمرها على ظاهرها وإنما يؤولها، حتى إني سمعت بعضهم يشرح أحاديث تكفير الذنوب، مثل قوله صلى الله عليه وسلم: «مَن قال سبحان الله وبحمده في يوم مائة مرة غُفرت ذنوبه وإن كانت كزبد البحر»، فقال معلّقا على الحديث: الحديث ليس على ظاهره، ولا تكفّر كل الذنوب ولا الكبائر، وهناك شروط في تكفير الذنوب لم تذكر في الحديث ؛ وكأنه يرد على رسول الله صلى الله عليه وسلم .

    ولما ذكر حديث «مَن قال لا إله إلا الله مخلصا من قلبه دخل الجنة»، قال معلّقا: الحديث ليس على ظاهره، وهناك شروط وفرائض وموانع لا بد من اجتماعها حتى يُجرى الحديث على ظاهره ؛ وقائل الحديث هو النبي المعصوم بأبي هو وأمي صلى الله عليه وسلم، أعْرَفُ الناس بمدلول اللغة، وأعلم الناس بمراد ربه عز وجل، وأتقى الناس وأخشاهم لمولاه تقدس اسمه.

    وهكذا تستمر هذه الطائفة لتصعيب دخول الجنة، حتى لا يثق الطائع بطاعته، ولا يتوب العاصي من معصيته، فلا يذكّرونه بالتوبة ولا برحمة أرحم الراحمين، فإن جاء نص في الوعيد أجروه على ظاهره، وزادوا عليه كقوله صلى الله عليه وسلم: «لا يدخل الجنة نمام»، قالوا: معنى الحديث أن النمام خالد في النار محرم عليه دخول الجنة، وهذا ليس مقصود الحديث.

    وإذا أتت بشرى بالمغفرة والرحمة في آية أو حديث، غيّروا المعنى وأفسدوا الفرحة بالبشرى، وهذا المسلك الخطير في تصعيب دخول الجنة يورث اليأس والقنوط والإحباط عند كثير من الناس، حتى يقول بعضهم: ما دام أننا إذا تبنا لا يُقبل منا، وأن أعمالنا الصالحة مدخولة بالرياء والسمعة، فما الفائدة من طاعتنا إذا كنا هالكين أصلا؟

    وجدت شبابا محبطا، صعّب عليهم بعض الوعّاظ التوبة ودخول الجنة، فأصبحوا يرددون: ما الفائدة من دعائنا ومن صلاتنا وقد تلوثنا بالخطيئة وتلطخنا بالذنب؟

    ووجدنا من أصابه الوسواس من كثرة خوفه، لأنه استمع إلى مواعظ قاتلة، وخطب تهديدية حماسية تتوعد العصاة بنار تلظى، ولا تفتح لهم باب الأمل ولا الرجاء برحمة الله.

    والسؤال: مَن الذي رشح هذه الطائفة المتعنـّتة في الدين، المتنطعة في الشريعة، لتحكم على الناس بدخول الجنة أو الحرمان بدخولها؟ مَن الذي فوّضهم بتفريغ النصوص من محتواها ؟ فنصوص الرحمة عندهم لها معنى آخر غير مراد من ظاهرها، ولها باب باطن تدل عليه نصوص أخرى، ونصوص العذاب والوعيد تُجرى على ظاهرها، ويزاد عليها، ويُجمع معها نصوص أشد منها، فإذا ذكرتهم بالحديث الصحيح عند مسلم، " عن أبي ذر أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال له: « بشرني جبريل أنه من مات من أمتك يشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله فهو من أهل الجنة»، قال أبو ذر: وإن زنا وإن سرق ؟ قال صلى الله عليه وسلم: وإن زنا وإن سرق، قال أبو ذر: وإن زنا وإن سرق ؟ قال: وإن زنا وإن سرق، قال أبو ذر: وإن زنا وإن سرق؟ فقال صلى الله عليه وسلم: وإن زنا وإن سرق على رغم أنف أبي ذر" ؛ فإذا سمعوا هذا الحديث جعلوا له تأويلا يخالف ظاهره.

    لماذا لا نكون مع نصوص الكتاب والسنّة بين الخوف والرجاء؟ ولماذا لا نكون على ما قاله أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه حيث قال: « الفقيه كل الفقيه مَن لم يؤمِّن الناس من مكر الله، ولم يقنّطهم من رحمة الله»؟ وهذا هو منهج أهل العلم والإيمان، فإن الله جمع في كتابه بين الخوف منه والرجاء في رحمته فقال: « نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (49) وأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الأَلِيمَ (50) » (الحجر 49 – 50 ).
    الشيخ عائض القرني
                  

08-31-2015, 01:35 AM

سيف اليزل برعي البدوي
<aسيف اليزل برعي البدوي
تاريخ التسجيل: 04-30-2009
مجموع المشاركات: 18425

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات متنوعة عن الأسرة و المجتمع (Re: سيف اليزل برعي البدوي)

    عجــز المؤمن.. وجلد الفاجـر
    في الأصل هي مقولة لأمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه، ولكنها واقع نعيشه، وشاهد نحياه.. إنها ظاهرة انصراف أهل الحق عن الدعوة للحق الناصع الذي بين أيديهم وعدم إظهاره للناس وبذله لهم، والركون إلى الاعتقاد بأنه طالما هو الحق فإنه منتصر في النهاية لا محالة.. وهي كلمة حق أريد بها باطل؛ فهي في حقيقتها تبرير لخذلاننا للحق وعدم تحركنا من أجل نصرته، والضن بالوقت والجهد أن يبذل في سبيل رفع رايته وانتصار كلمته.

    في الوقت الذي نشاهد فيه احتراق أهل الباطل من أجل رفعة باطلهم وإيصاله إلى الناس في أبهى حلة وأزهى صورة لعلمهم بأنه باطل لو ترك دون زينه تلبس على الناس لانصرف الناس عنه فطرة وعقلا.. فالحق أبلج والباطل لجلج.

    ونظرة في حالنا وواقع الناس من حولنا ندرك مدى تقصيرنا في نصرة الحق وجهد غيرنا في نصرة الباطل.. ذكر الشيخ عبد الحميد البلالي في كتابه "المصفى من صفات الدعاة 2/174"، عن الدكتور عبد الودود شلبي قوله: (اذكر أنني ترددت كثيرا على مركز من مراكز إعداد المبشرين في مدريد وفي فناء المبنى وضعوا لوحة كبيرة كتبوا عليها: (أيها المبشر الشاب نحن لا نعدك بوظيفة أو عمل أو سكن أو فراش وثير.. وإننا نذكرك بأنك لن تجد في عملك التبشيري إلا التعب والمرض.. كل ما نقدمه لك هو العلم والخبز والفراش الخشن في كوخ صغير.. أجرك كله ستجده عند الله.. إذا أدركك الموت وأنت في طريق المسيح كنت من السعداء).

    قال الشيخ البلالي معلقا على ما مضى: هذا يقال لمن هم على الباطل وليس لعملهم مهما كثر إلا النار.. ومع هذا كله فإن هذا الكلام قد حرك المئات من المبشرين من أنحاء العالم من حملة شهادات الطب والصيدلة.. للذهاب إلى الصحاري القاحلة والتي لا توجد فيها إلا الخيام والمستنقعات المليئة بالنتن والمكروبات والمكوث هناك السنين الطوال دون راتب ودون منصب، ولو أراد الواحد منهم العمل بمؤهله لربح مئات الآلاف من الدولارات، ولكنه ضحى بكل هذا من أجل الباطل الذي يعتقد صحته. أيجوز بعد هذا أن يتذرع بعض من لم تسر الدعوة في عروقه مسرى الدم وهو متكئ على أريكته بالحديث الضعيف [روحوا القلوب ساعة فساعة] "ضعفه الألباني" متخذا من هذا الحديث عذرا له للتخلف عن الركب؟!).

    أذكر أنني قرأت إبان مشكلة المسجد البابري في الهند أن عاملا هنديا ترك مزرعته التي كان يعمل بها وجعل يطيف بأرجاء المملكة من أجل أن يجمع التبرعات من الهنود وأعداء الله من أجل هدم المسجد وإعادة بناء المعبد البابري عليه. ونسي في غمرة قضيته سبب مجيئه إلى المملكة للعمل ليعيل أسرته.

    ذكر الشيخ الدكتور محمد إسماعيل المقدم في كتابه الرائع "علو الهمة" قال: "حكى لي بعض الشباب المسلمين في (ألمانيا) أنه منذ الصباح الباكر ينتشر دعاة فرقة (شهود يهوه) في الشوارع وينطلقون إلى البيوت، ويطرقون الأبواب للدعوة إلى عقيدتهم.

    وحدثني أحدهم أن فتاة ألمانية منهم طرقت بابه في السادسة صباحاً، فلما علم أن غرضها دعوته إلى عقيدتها، بين لها أنه مسلم، وأنه ليس في حاجة إلى أن يستمع منها.. فظلت تجادله وتلح عليه أن يمنحها ولو دقائق (من أجل المسيح)! فلما رأى إصرارها أوصد الباب في وجهها، ولكنها أصرت على تبليغ عقيدتها، ووقفت تخطب أمام الباب المغلق قرابة نصف ساعة تشرح له عقيدتها، وتغريه باعتناق دينها!!

    فما بالنا معشر المسلمين يجلس الواحد منا شبعان متكئاً على أريكته، إذا طلب منه نصرة الحق، أو كلف بأبسط المهام، أو عوتب لاستغراقه في اللهو والترفيه، انطلق كالصاروخ مردداً قوله صلى الله عليه وسلم: (يا حنظلة ساعة وساعة) كأنه لا يحفظ من القرآن والسنة غيره.(علو الهمة 296)

    وفي كتاب المنطلق للأستاذ محمد أحمد الراشد (ص61ـ63) قال: "يقف الداعية يؤذن في الناس، ولكن أكثر الناس نيام، ويرى جلد أصحاب الباطل وأهل الريبة وتفانيهم لإمرار خطتهم، فإذا التفت رأى الأمين المسلم سادرا غافلا، إلا الذين رحمهم ربهم ، وقليل ماهم ، ويعود ليفرغ حزنه في خطاب مع نفسه:
    تبلد في الناس حس الكفاح.. .. ومالـوا لكسبٍ وعيشٍ رتيب

    يكــاد يزعــزع من همــتي .. .. سدور الأمين وعزم المريب

    إن دعوة لا يعطيها أصحابها إلا فضول أوقاتهم دعوة ميتة لا ثمرة فيها كما قال الأستاذ الراشد حفظه الله : ( والله لا نجاح في الدعوة إن أعطيناها فضول أوقاتنا ولم ننس أنفسنا وطعامنا)

    وذكر عن الإمام أحمد أنه كان "إذا بلغه عن شخص صلاح أو زهد سال عنه وأحب أن يعرف عن أحواله.. ولم يكن بالمنعزل الهارب من الناس ولا يكون داعية اليوم إلا من يفتش عن الناس ويبحث عنهم ويرحل للقائهم ويزورهم في مجالسهم.. ومن انتظر مجيء الناس إليه في بيته فان الأيام تبقيه وحيدا ويتعلم فن التثاؤب... الإسلام اليوم لا يحتاج مزيدا من البحوث في جزيئات الفقه بقدر ما يحتاج إلى دعاة يتكاتفون" (المنطلق 120)

    ويؤكد ذلك ابن الجوزي رحمه الله فيقول: "ألست تبغي القرب منه؟ فاشتغل بدلالة عباده عليه، فهي حالات الأنبياء عليهم السلام، أما علمتَ أنهم آثروا تعليم الخلق على خلوات التعبد، لعلمهم أن ذلك آثر عند حبيبهم؟

    إن انتصار الداعية في أن تعاف نفسه ما لا يؤثر في تـقدم دعوته، وإن غفلة الداعية محنة لأنها صرفته عن نصر ممكن يحققه له الجد والعمل الدائب، وعن أجر وثواب أخروي ليس له من مقدمة إلا هذا الجد، وسيظل اسمنا مكتوباً في سجل الغافلين الفارغين ما دمنا لا نعطي للدعوة إلا فضول أوقاتـنا، وما دمنا لا نشغفها حباً ولا نتخذها حرفة .

    فيا محنة الحسناء تهدى إلى امرئ .. .. ضرير وعنين من الوجد خاليا
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
    ـ علو الهمة للشيخ محمد إسماعيل
    ـ المصفى من صفات الدعاة للبلالي
    ـ المنطلق لمحمد أحمد الراشد
                  

08-31-2015, 01:36 AM

سيف اليزل برعي البدوي
<aسيف اليزل برعي البدوي
تاريخ التسجيل: 04-30-2009
مجموع المشاركات: 18425

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات متنوعة عن الأسرة و المجتمع (Re: سيف اليزل برعي البدوي)

    الشباب هم قوة الأمـم في حاضـرها ومسـتقبلها، وكمـا قيل: يا معشر الشباب اعملوا! فإني رأيت العمل في الشباب هو القوة؛ فالشمس لا تملأ النهار في آخره كما تملؤه في أوَّله. هذه حقيقة نراها وكأنها تصـف لنا الإنسـان وتبيِّن أحواله وما يمر به: الشمس تبدأ أشعتها أول اليوم ضعيفة كإنسان في طفولته، فإذا انتصف اليوم اشتدت أشعتها كحال الشباب، ومع الغروب صارت كشيخ أوشك على الرحيل فضعفت أشعتها كما يضعف بنيان جسد الشيخ، ويؤكد القرآن الكريم هذا المعنى بقوله - تعالى -: {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ} [الروم: ٤٥].
    ولقد بيَّن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أهمية النشأة الصحيحة للشباب وفضلَها، فقال: «سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله» وذكر منهم: «شاب نشأ في عبادة ربه»."رواه البخاري"

    حقيقة المرحلة الشبابية:
    المرحلة الشبابية هي فترة ما بين الصِّبا أو الطفولة وبين بلوغ الأشُد، وهي تتكون من المراهقة وبلوغ السعي، وهي أيضاً مرحله تحدث فيها تغيرات كثيرة، منها: البلوغ، وظهور الشخصية وتكوينها وسعي الإنسان لكي يتعامل مع المحيطين به على أنه رجل وأن يتوقفوا عن معاملته على أنه صغير، ويبدأ في هذه المرحلة السعي نحو تكوين الصداقة.
    وفي هذه المرحلة تظهر تغيُّرات وقدرات كبيرة لدى الشباب: بدنية وجسدية وفكرية وسلوكية ونفسية وتديُّنية. وهذه القدرات الهائلة التي تنمو وتزداد سريعاً في فترة الشباب تتأثر كثيراً بالثقافة التي تسيطر عليها والعادات والتقاليد والبيئة التي ينمو فيها الشاب؛ لذا كان من الضرورة بمكان أن نهتم بعلاقة الشباب بالثقافة.

    ما الثقافة؟
    طالما أن موضوع هذه المقـالة هـو الشـباب والثقافة فلا بد من تعريف الثقـافة حتى يمكننا تحديد المطلوب وما نهدف إليه، وفي الواقع فإن تعريف الثقافة من أعقد التعريفات، فالدكتور محمد عمارة يعرِّفها بأنها: «جماع المهارات التي تثمر عمران النفس الإنسانية وتسهم في تهذيبها وارتقائها على درب الـمُثُل والمقاصد والنماذج التي صاغتها وتصوغها العقائد والفلسفات التي يؤمن بها هذا الإنسان.

    وبذلك نلاحظ اتساع دائرة مفهوم الثقافة حتى كأنها الهواء المعرفي والسلوكي، والمهني والبيئي، والشعوري وغير الشعوري، والخلقي والاجتماعي، والمتوارث والمكتسب والتراكمي. أقول: كأنها الهواء الذي يحوي هذا كله فيستنشقه الإنسان مع صفاته وأوصافه الشخصية فنراه على الحال التي تظهر لنا ويمكن تقسيم الثقافة من حيث الاتساعُ فنجد أن هناك:
    - ثقافة بيئية محدودة تتميز بها كل مجموعة متقاربة من الناس يعيشون في مكان واحد.
    - ثقافة عربية أو إسلامية، وهي التي تتصف بصفات عامة مستمَدة من البيئة العربية أو الإسلامية.
    - ثقافة العولمة، وهي الآخذة في الانتشار السريع وراحت تفرض نفسها نتيجة للسماء المفتوحة لنقل المعلومات والسلوكيات من خلال القنوات الفضائية والشبكة الإلكترونية، ولم تؤثر هذه الثقافة في الجانب الأخلاقي فقط بل في النمط الاقتصادي والترفيهي كذلك، ونمط الملابس في كثير من بلدان العالم.

    كيف تتكون الثقافة؟
    باختصار، فإن الثقافة تتكون من كل ما يحيط بالإنسان: من بيئةٍ، وأهلٍ، وسماعٍ، ورؤى، وخبرات في الحياة مندمجةٍ مع صفاته وسلوكياته؛ ولذلك فإن قدرتنا على توجيه وتنقية مدخلات الثقافة هامة جداً؛ لإيجاد السلوك الصحيح للإنسان، خاصة في زمن هذا الصراع الذي نعيش فيه.

    الإسلام دين ثقافة متكاملة:
    ولعلنا لا نجد ثقافة متكاملة في مجالاتها المختلفة، وحقائقها العالية، تتعامل مع أطوار الإنسان، وتراعي بيئته، وتسمو بأخلاقه، وتعالج أمراضه، وترتقي بسلوكه، وغير ذلك من أوصافٍ أخرى عالية، إلا في الإسلام؛ وذلك لخصائصَ تميَّز بها: من الربانية والشمول والواقعية والمرونة؛ فهو يتعامل مع الإنسان باعتباره روحاً ومادةً، ويشرِّع له ما يناسبه فى كل أحواله (فرداً ومجتمعاً ودولة).

    الثقافة الإسلامية:
    في وسط الثقافات المختلفة التي تموج في هذه الحياة الدنيا، تقف الثقافة الإسلامية شامخة الرأس في حقيقتها وواقعها؛ فهي تشتمل على الجوانب الإيمانية والتعبدية في مجال المعاملات في الحياة كلها وفي الجانب الأخلاقي؛ فمثلاً لو لم ينزل من القرآن في الجانب الأخلاقي سوى قوله - تعالى -: {إنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإحْسَانِ وَإيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْـمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ * وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إذَا عَاهَدتُّمْ وَلا تَنقُضُوا الأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً إنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ} [النحل:90- 91]، لكان في ذلك كفاية؛ فهي جامعةٌ لأُسس الخير: (العدل، والإحسان، وإيتاء ذي القربى، والوفاء بالعهد) محذرةٌ من جوانب الشر: (الفحشاء، والمنكر، والبغي، ونقض الأيمان). وكذلك الجانب التعبدي الذي يشتمل على الصلاة والزكاة والصوم والحج، وكذلك الدعاء والتفكر والذكر ومراقبة الله في كل الأمور: من الأنكحة والبيوع وطلب العلم... وغير ذلك.

    ثم تأتي أهم الأسئلة:
    - ما هو دور البيئة في ثقافة الشباب ومدى التزام هذه البيئة بالأمور الشرعية؟
    - ما مدى تأثُّر شبابنا بالثقافات الواردة من الخارج من خلال السماء المفتوحة ( قنوات فضائية، إنترنت )، وكذلك من خلال الأسفار؟
    - ما مدى تأثُّر شبابنا بما يستهدفه أعداء الأمة من إشاعة المخدرات وما يلحق بها؛ لهدم قوة الأمة من خلال هدم الشباب؟

    إن هذه الأسئلة تعطينا صورة عامة للحال الذي نحن فيه، ومن ثَمَّ يمكننا تحديد المستهدَف الذي نتمناه، ويترتب على ذلك وضع صورة صحيحة لأسلوب التعامل مع الشباب؛ لتحقيق الهدف السامي المرجو لأمتنا.

    نظرة عامة إلى الثقافة المنتشرة في أمتنا:
    إننا إذا نظرنا إلى عموم المجتمع العربي والإسلامي سنجد ثقافات وعادات وسلوكيات تنافي الإسلام في جميع المجالات. ولسنا هنا في مقام الحصر ولكن نضرب الأمثلة:

    في مجال العقيدة:
    نجد فـي معظـم الـدول الإسـلاميـة – إلا مـا رحـم ربي – انتشارَ ظاهـرة سـؤال المقبـورين والطـواف حــول قبـورهـم والنذر لها واعتقاد أنهم يعينون في أمر النفع وجَلْب الخير، ومثل هذه الأمور منافية لحقيقة التوحيد.

    في مجال التشريع:
    ترى العداء السافر للشريعة الإسلامية؛ من حيث إنها مصدر التشريع ومن حيث ما يُسَن من قوانين في معظم البلدان إلا ما رحم ربي؛ فهم يجعلون من القوانين الفرنسية أو الإنجليزية المصدر الأساسي لسنِّ القوانين، كما نرى الجرأة الشديدة في بعض البلدان مثل:
    - قوانين تحريم تعدد الزوجات.
    - جعل ميراث المرأة كالرجل.
    - قوانين تبيح (الربا)، بل تُلزِم بها.
    بالإضافة إلى الحريات الضائعة والكرامة المهدرة وغير ذلك من أمور تخالف الشريعة الإسلامية.

    في مجال السلوكيات والعلاقات الاجتماعية:
    ظهرت سلوكيات لم تكن الأمة الإسلامية تعرفها من قبل، مثل: سفور النساء، والاختلاط الفاسد، وعقوق الوالدين، وزنا المحارم، وانتشار الفاحشة، والعلاقات المحرمة، وضعف صلة الأرحام، وأصبح الاحترام له علَّته المصلحية، وشكلاً لا تأثير له في النفوس، وإضاعة الوقت على المقاهي وغيرها، بل ظهر التعصب لأمور باطلة ولعل ما حدث بين مصر والجزائر بسبب لعبة كرة القدم يكشف عن مدى التعصب الجاهلي الذي أصاب أجزاءً من أمتنا.

    في مجال العبادات:
    قلَّ رواد المساجد، وأصبح بعض الناس - خاصة في المدن الكبرى - يجهر بالفطر في رمضان، وشحَّت أيدي الأغنياء عن مساعدة الفقراء.

    في مجال المعاملات:
    ظهر الكثير من المفاسد في العلاقات الأسرية، وكثر الطلاق، وسوء معاملة الآباء للأبناء (خاصة البنات)، بل بلغ أيضاً حدَّ منعِهن من الزواج من أجل مظاهر لا قيمة لها، وبعيداً عن مراعاة حاجة الفتاة إلى زوج تَسعَد معه. وهبطت روح الجهاد في الأمة، وضعف الإحساس بالمجاهدين.

    وأخطر ما نراه:
    غلبة الحياة المادية على المجتمع كله وعلى الشباب خاصة؛ حتى أصبح (موديل) السيارة، والموبايل أمراً أساسياً في معرفة قيمة الفرد، وصار المظهر لا المخبر هو الجاذب والهدف، وسعى المجتمع لذلك ولو على حساب كثير من القيم والمبادئ.

    الصورة ليست قاتمة:
    ولكن وسط هذا كله نجد أملاً في بعض القنوات الفضائية ذات التوجه الإسلامي، وانتشار الجمعيات الخيرية الإسلامية، واتساع نطاق المحجبات وغير ذلك من مظاهر التمسك بالإسلام.

    قضية فلسطين:
    وإذا أخذنا قضية فلسطين مقياساً لمدى ثقافة الشباب فسنجد عجباً في هذا الأمر؛ فرغم الإعلام المدوي لهذه المسألة، ورغم شدتها وشدة آلامها ترى الآتي:
    - انتشار عدم المبالاة بين الشباب في أخطر قضايا الأمة، وهي فلسطين.
    - معرفة الكثير من الشباب للاعبي الكرة في دولته أو غيرها أكثر من معرفته بحقائق بيت المقدس وتاريخه، وأرض فلسطين وقادتها وشهدائها.
    - عدم الإيجابية أو التفاعل مع هذه القضية الخطرة.

    الشباب والثقافة: مشاكل وحلول:
    ولعل المدرسة أو الجامعة والمنزل ووسائل الإعلام لها دور كبير في نشر الثقافة بنوعيها: الفاسدة والصالحة، ولو قامت كل مؤسسة بدورها المطلوب، وحدَّثت من وسائلها وصارت جاذبة موجِّهة مقنعة لكان لها أثر كبير، كذلك الدولة والمنظمات العربية والإسلامية.

    إننا عندما نلحظ الآثار الإيجابية الناتجة عن بعض هذه المؤسسات سوف نشعر بكثير من الأمل، خاصة مع السماء المفتوحة والعالم الذي أصبح كقرية واحدة. وأملنا كبير أن يردَّ الله مجتمعنا وشبابنا إليه رداً جميلاً.
    والله من وراء القصد.
    ـــــــــــــــــ
    البيان: عبد الخالق الشريف
                  

08-31-2015, 01:37 AM

سيف اليزل برعي البدوي
<aسيف اليزل برعي البدوي
تاريخ التسجيل: 04-30-2009
مجموع المشاركات: 18425

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات متنوعة عن الأسرة و المجتمع (Re: سيف اليزل برعي البدوي)

    فارق كبير بين الشاب العامل والشاب الخامل، وفارق كبير بين الشاب الذي له هدف وبين ذلك الذي يعيش بلا هدف، كما أنه فارق كبير جدا بين من يطلب معالي الأمور ومن لا يرى إلا سفاسفها.

    وقصص النجاح للشباب الذي ينفع نفسه ودينه، أو وطنه ومجتمعه كثيرة.. كما أن قصص الفشل ربما كانت أكبر وأكثر والفارق في رأيي هو الهمة وتحديد الهدف وبذل الجهد لتحقيقه.

    من قصص النجاح التي خلدها التاريخ قصة هيوستن المحامي الأمريكي الذي استطاع بمفرده أن يجعل ولاية تكساس ولاية أمريكية بعد أن كانت تابعة للمكسيك.

    ومنها أيضا قصة الشاب الياباني "أوساهيرا" الذي نقل تكنولوجيا محركات الغرب إلى اليابان فاستطاعت بعد أن تنافس الغرب وتغزوه بصناعاتها.. وهي قصة تستحق القراءة لما فيها من عبر واجتهاد وتعب وكد تلاه نجاح فائق غيّر كثيرا من واقع اليابان والعالم.

    وقصة أوساهير ذكرها الشيخ محمد إسماعيل المقدم في كتابه علو الهمة نقلا عن مجلة المجتمع عدد 998، وقد ذكرت أيضا في كتاب" الهمة طريق إلى القمة"

    يقول أوساهير الذي بعثته حكومته للدراسة في المانيا" :لو أنني اتبعت نصائح أستاذي الألماني الذي ذهبت لأدرس عليه في جامعة هامبورج لما وصلت إلى شي، كانت حكومتي أرسلتني لأدرس أصول الميكانيكا العلمية، وكنت أحلم بأن أتعلم كيف أصنع محركا صغيرا.

    كنت أعرف أن لكل صناعة وحدة أساسية، أو مايسمى موديل هو أساس الصناعة كلها، فإذا عرفت كيف تصنعه وضعت يدك على سر هذه الصناعة كلها، وبدلاً من أن يأخذني الأساتذة إلى معمل أو مركز تدريب عملي أخذوا يعطونني كتبا لأقرأها.. وقرأت حتى عرفت نظريات الميكانيكا كلها ولكنني ظللت أمام المحرك - أيا كانت قوته- وكأنني أقف أمام لغز لا يحل.

    وفي ذات يوم، قرأت عن معرض محركات ايطالية الصنع، كان ذلك أول الشهر وكان معي راتبي، وجدت في المعرض محركاً قوة حصانين، ثمنه يعادل مرتبي كله، فأخرجت الراتب ودفعته، وحملت المحرك، وكان ثقيلاً جداً، وذهبت إلى حجرتي، ووضعته على المنضدة وجعلت أنظر إليه، كأنني أنظر إلى تاج من الجوهر ـ وقلت لنفسي: هذا هو سر قوة أوربا، لو استطعت أن أصنع محركاً كهذا لغيرت تاريخ اليابان!!

    وطاف بذهني خاطر يقول: إن هذا المحرك يتألف من قطع ذات أشكال وطبائع شتى، مغناطيس كحدوة الحصان، وأسلاك، واذرع دافعه وعجلات، وتروس وما إلى ذلك لو أنني استطعت أن أفكك قطع هذا المحرك وأعيد تركيبها بالطريقة نفسها التي ركبوها بها، ثم شغلته فاشتغل، أكون قد خطوة خطوة نحو سر “موديل” الصناعة الأوربية.

    وبحثت في رفوف الكتب التي عندي، حتى عثرت على الرسوم الخاصة بالمحركات وأخذت ورقاً كثيراً، واتيت بصندوق أدوات العمل، ومضيت أعمل، رسمت المحرك، بعد أن رفعت الغطاء الذي يحمل أجزاءه، ثم جعلت أفككه قطعة قطعة، وكلما فككت قطعة، رسمتها على الورقة بغاية الدقة وأعطيتها رقما.. وشيئا فشيئاً فككته كله ثم أعدت تركيبه، وشغلته فاشتغل.. كاد قلبي يقف من الفرح، استغرقت العملية ثلاثة أيام، كنت آكل في اليوم وجبه واحدة، ولا أصيب من النوم إلا ما يمكنني من مواصلة العمل.

    وحملت النبا إلى رئيس بعثتنا، فقال : حسناً ما فعلت، الآن لا بد أن اختبرك، سآتيك بمحرك متعطل، وعليك أن تفككه وتكشف موضع الخطأ وتصححه، وتجعل هذا المحرك العاطل يعمل، وكلفتني هذه العملية عشرة أيام، عرفت أثناءها مواضع الخلل، فقد كانت ثلاث من قطع المحرك بالية متآكلة، صنعت غيرها بيدي، صنعتها بالمطرقة والمبرد.!!

    بعد ذلك قال رئيس البعثة، والذي كان يتولى قيادتي روحياً قال: عليك الآن أن تصنع القطع بنفسك، ثم تركبها محركاً.. ولكي أستطع أن أفعل ذلك التحقت بمصانع صهر الحديد، وصهر النحاس والألومنيوم بدلاً من أن أعد رسالة الدكتوراه كما أراد مني أساتذتي الألمان، تحولت إلى عامل ألبس بدلة زرقاء وأقف صاغراً إلى جانب عامل صهر المعادن.. كنت أطيع أوامره كأنه سيد عظيم حتى كنت أخدمه وقت الأكل مع أنني من أسرة ساموراي ـ ولكنني كنت أخدم اليابان وفي سبيل اليابان يهون كل شيء.

    قضيت في هذه الدراسات والتدريب ثماني سنوات كنت أعمل خلالها ما بين عشر وخمس عشرة ساعة في اليوم.. وبعد انتهاء يوم العمل كنت آخذ نوبة حراسة وخلال الليل كنت أراجع قواعد كل صناعة على الطبيعة .

    وعلم الميكادو الحاكم الياباني بأمري، فأرسل لي من ماله الخاص خمسة آلاف جنيه إنجليزي ذهب اشتريت بها أدوات مصنع محركات كاملة وأدوات وآلات، وعندما أردت شحنها إلى اليابان كانت نقودي قد فرغت فوضعت راتبي وكل ما ادخرته.. وعندما وصلت إلى ”نجازاكي" قيل: إن الميكادو يريد أن يراني!! قلت: لن استحق مقابلته إلا بعد أن أنشئ مصنع محركات كاملاً.

    استغرق ذلك تسع سنوات.. وفي يوم من الأيام حملت مع مساعدي عشرة محركات، ”صنع في اليابان” قطعة قطعة، حملناها إلى القصر ودخل ميكادو وانحنينا نحييه ،وابتسم، وقال: هذه أعذب موسيقى سمعتها في حياتي صوت محركات يابانية خالصة، هكذا ملكنا "الموديل" وهو سر قوة الغرب، نقلناها إلى اليابان، نقلنا قوة أوربا إلى اليابان، ونقلنا اليابان إلى الغرب .

    هذه كانت قصة نجاح دولة وليست قصة جهاد طالب أو دارس.. وكم من أبنائنا من يبتعثون إلى نفس تلك البلاد أو غيرها ليتعلموا فيها فلا يكون هم أحدهم ولا همته إلا تحصيل الشهادة ليرجع صاحب لقب دون تأثير حقيقي في حياة أمته.. وفي اعتقادي أن السبب الرئيس هو الهمة والمقصد والنية والجهد.

    نقل الشيخ محمد إسماعيل عن الشيخ محمد أحمد الراشد من كتاب صناعة الحياة.. قال: "شفعت مرة لداعية أن يقبلة الأستاذ فؤاد سزكين طالبا بمعهده في فرانكفورت معهد تاريخ العلوم الإسلامية، فاشترط الأستاذ سزكين أن يشتغل الطالب ست عشرة ساعة يوميا، فرفض الطالب، ثم أراني الأستاذ سزكين من بعد عددا من الطلاب اليابانيين في معهده ، وقد انكبوا على المخطوطات العربية يدرسونها ، ويبعثونها إلى الحياة ، وقد رضوا بهذا الشرط ، فتأمل).
    اسلام ويب
                  

08-31-2015, 01:40 AM

سيف اليزل برعي البدوي
<aسيف اليزل برعي البدوي
تاريخ التسجيل: 04-30-2009
مجموع المشاركات: 18425

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات متنوعة عن الأسرة و المجتمع (Re: سيف اليزل برعي البدوي)

    مراقبة الله في الخلوات
    من السهل بمكان أن يحسن الإنسان في الجلوات، وأن يتجمل أمام نواظر الناس، وأيا ما كان الباعث نفاقا، أو رياءً، أو حفظ عرض، أو صيانة لوجاهة، اودرءًا لألسنة الخلق، أو حفظا للمروءة ، .. البواعث كثيرة وهي بلا شك معينات للمرء على ذلك ما دام عنده عقل راجح.

    لكن أعظم من حفظ الجلوات حفظ الخلوات، وأجمل من الإحسان في الظاهر الإحسان في الباطن، وأكبر من أن تحفظ ما بينك وبين الناس أن تحفظ ما بينك وبين الله حيث لا يراك غيره ولا يطلع عليك سواه.

    وهذا أمر عظيم وخطب جليل، وشيء عزيز بين الناس، بل هو أعز الأشياء، كما قال الإمام الشافعي – رحمه الله -: أعز الأشياء ثلاثة: الجود من قلة، والورع في خلوة، وكلمة الحق عند من يرجى ويخاف".

    ويكفي أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يسأله ربه ويقول: "وأسألك خشيتك في الغيب والشهادة".

    وقد أوصى بذلك أبا ذرٍ رضي الله عنه حين قال له: "أوصيك بتقوى الله في سر أمرك وعلانيته". ووصى جميع المؤمنين برعاية خلواتهم وجلواتهم فقال عليه الصلاة والسلام : " اتق الله حيثما كنت".

    وبهذه الوصية كان يوصي السلف بعضهم بعضًا: كتب ابن سماك لأخ له: أما بعد.. فأوصيك بتقوى الله الذي هو نَجيُّك في سريرتك، ورقيبك في علانيتك، فاجعل الله منك على بال في كل حال في ليلك ونهارك، وخف الله بقدر قربه منك وقدرته عليك، واعلم أنك بعينه ليس تخرج من سلطانه إلى سلطان غيره، ولا من ملكه إلى ملك غيره، فليعظم منه حذرك، وليكثر منه وجلك.. والسلام .

    وقال أبو الجلد: أوحى الله إلى نبي من أنبيائه: قل لقومك ما بالكم تسترون الذنوب من خلقي وتظهرونها لي؟! إن كنتم ترون أني لا أراكم فأنتم مشركون بي، وإن كنتم ترون أني أراكم فلم تجعلوني أهون الناظرين إليكم ؟!

    ولذلك لما قال رجل لوهيب ابن الورد : عظني ، قال : اتق الله أن يكون أهون الناظرين إليك.

    يا عبد الله إنك إذا خلوت بمعصية الله فما أنت إلا أحد رجلين: إما رجل يعلم أن الله لا يراه ولا يعلم بحاله، فهذا كافر بالله العظيم لإنكاره علم الله تعالى المحيط بكل شيء، وإما أنك تعلم أنه يراك ومع هذا تجترئ على معصيتك فأنت والله جرئ.

    وقد أخبرك الله أنه معك ومطلع عليك وشاهد على ما ترى وتسمع وتقرأ وتفعل لا يغيب عنه شيء من أمرك في سر أو علن أو ظاهر أو باطن، وإنما أخبرك بذلك ليكون عونا لك على مراقبته قال تعالى: {مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ إِلاَّ هُوَ رَابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلاَّ هُوَ سَادِسُهُمْ وَلا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُواثم ينبئهم بما عملوا يوم القيامة إن الله بكل شيء عليم}(المجادلة:7)، وقال: (يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لا يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطاً)(النساء:108)، (يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً) (طـه:110) ، (يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُسِرُّونَ وَمَا تُعْلِنُونَ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ)(التغابن:4) .. وقال في سورة الحديد: {وهو معكم أين ما كنتم والله بما تعملون بصير}، وفي سورة النساء: {إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً}(النساء:1)، وفي سورة الممتحنة: {وأنا أعلم بما أخفيتم وما أعلنتم}.. إلى آخر هذه الآيات. كل هذا لتخافه بالغيب وتستشعر معيته لك فتصون خلوتك كما تصون جلوتك..

    سئل الجنيد: بم يستعان على غض البصر؟ قال: بعلمك أن نظر الله إليك أسبق من نظرك إلى ما تنظر إليه.

    كان الإمام أحمد ينشد :
    إذا ما خلوت الدهر يومًا فلا تقل .. .. خلوت ولكن قل علي رقيب
    ولا تحسبن الله يغـــفل ســــاعـة .. .. ولا أن ما تخفيه عنه يغيب

    وكان ابن السماك يقول :
    يا مدمن الذنب أما تستحي .. .. والله في الخلوة ثانيكا
    غــرك من ربك إمهـاله .. .. وستره طول مساويكا

    فمن تحقق له هذا المقام وصار له حالاً دائمًا وغالبًا، كان من المحسنين الذين يبدون الله كأنهم يرونه، وصار من المحسنين (الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الأِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلا اللَّمَمَ)(لنجم:32) .

    وصار من المحسنين، الذين يستحقون أن يكون الله معهم بمعيته الخاصة . فـ {إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون}.
    اسلام ويب
                  

08-31-2015, 01:43 AM

سيف اليزل برعي البدوي
<aسيف اليزل برعي البدوي
تاريخ التسجيل: 04-30-2009
مجموع المشاركات: 18425

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات متنوعة عن الأسرة و المجتمع (Re: سيف اليزل برعي البدوي)

    حدث في ليلة الزفاف
    قبل أن تقرأ مقالي أرجو أن تقرأ هذا السؤال الذي سأطرحه عليك، وأن تمعن النظر، وأن تجيب عليه إجابة واضحة ـ ولو اضطرك أن تفكر قليلا قبل أن تستأنف القراءة.

    ماذا ستفعل ليلة الزفاف؟ وما الذي يشغل بالك عندما تفكر في هذه الليلة؟

    هذا إن كنت لم تتزوج بعد، فأما إن كنت قد تزوجت فالسؤال: في أي شيء كنت تفكر ليلة دخلتك؟ وما أهم ما كان يشغل فكرك؟.

    لقد حملني على الكتابة تحت هذا العنوان أنني قرأت مساجلات الشباب وتعليقاتهم حول هذا الموضوع على شبكة الانترنت، وقرأت كذلك ما ذكره بعضهم من مواقف حدثت له أو نقلها عن غيره في تلك الليلة مما استحسنه أو رآه عجبا.... وحاولت أن أتعرف على اهتمامات إخوتي وأخواتي الشباب، وما يشغلهم، وما الذي يدور في مخيلتهم وأفكارهم حول هذا الأمر.

    حتى لا يكون عبثا:
    وحتى لا يكون الموضوع مجرد عبث أو مضيعة للوقت أقول:
    إن الكتابات والتعليقات تدل على الاهتمامات والعقليات وطرق التفكير، كما تدل على واقع الحال أيضا، وهو ما يمكن أن يستنتج الإنسان منه مستقبل أمته من خلال اهتمامات شبابها.

    لا أبالغ إن قلت إن الكثرة الكاثرة قد جعلت عقلها على السرير (وآسف جدا لهذا اللفظ) وكأن الأمر لا تعلق له إلا بهذه الغريزة التي فطرت عليها المخلوقات كلها ـ بما فيها بنو آدم ـ، هذه تنبيهات فلان، وتلك تحذيرات علان، وتلكم نصائح أختكم الفلانية، ورابع يشرح وخامس يدقق ويمحص، وسادس وسابع..... مع ذكر أدق التفاصيل بعبارات فجة في أكثر الأحايين تجرح الأحاسيس ويندى لها جبين كل من بقي عنده قطرة حياء.

    إنني لا أقلل من الإلمام بالثقافة الجنسية المعقولة والتي منحنا إياها الشرع المطهر وقدمها لنا مغلفة بسياج من الأدب الجم و الأسلوب الراقي الذي لا يجرح شعورا، ولا يمس حياء.

    وإنما الذي يحزن المرء أن يجد صفوة أبناء الأمة ـ وهم شبابها وصانعو مستقبلها ـ قد طالتهم أيدي التغريب، ودهسهم قطار الشهوة فلم يعودوا ينظرون إلا إلى هذا الباب الذي فتح علينا ولا ندري متى يغلق.

    أدب شرعي
    لقد ذكرت كتب الفقه والأدب والحديث وشروحه كثيرا (وأقول كثيرا) مما يتعلق بهذه الليلة وهدي النبي صلى الله عليه وسلم والمسلمين فيها: كالتلطف مع العروس التي تكون في حالة من أشد حالات الخوف والرهبة، فذكر الأدب النبوي تقديم مشروب لها يهدئ روعها ويسكن خوفها ويبعث على الألفة بين الشريكين الجديدين، وذكر أيضا صلاة ركعتين بين العروسين للاستئناس وزيادة الطمأنينة وغرس المودة، ولتبدأ الحياة على طاعة لله تعين على المراد، وذكروا لنا أيضا الدعاء بالبركة وحصول الخير.. وكل ذلك مقدمات بين يدي ما أحل الله تعالى.
    أما ما وراء ذلك فمعلوم؛ ولذلك لم يذكر الشارع إلا ما يحرم منه وترك الباب واسعا "نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم وقدموا لأنفسكم...".

    ثم ذكرهم ألا ينسوا في غمرة ما هم فيه أنهم عبيد لله يطلبون رضاه ويقصدون ثوابه حين لقياه فلا ينبغي أن ينسيهم ذلك نية طيبة ومقصدًا ساميا فقال بعد ما سبق: "واتقوا الله واعلموا أنكم ملاقوه وبشر المؤمنين".

    مفارقات.. ومفارقات:
    لقد قرأت في مشاركات الشباب بعض ما ذكروه من مفارقات حدثت لبعض حديثي الزواج أكثرها يدور في الفلك الذي أشرت إليه في أوائل حديثي، وأنا هنا أحب أن أشارك بذكر مفارقات لكن من نوع آخر.. وسأذكر لك موقفا أو موقفين:
    الأول: موقف لعبد الله بن عمرو بن العاص وهو من شباب الصحابة رضي الله عنهم جميعا يقول (كما جاء في البخاري وصحيح النسائي وصحيح بن خزيمة " وقد جمعت الحديث في هذا السياق").. يقول: كنت رجلا مجتهدا (يعني في العبادة) فزوجني أبي امرأة من قريش ذات حسب (وهي أم محمد بنت محمية بن جزء الزبيدي)، فكان (أبي) يتعاهد كنته (يعني زوجة ابنه) فيسألها عن بعلها (كيف ترين بعلك؟) فتقول: نعم الرجل من رجل لا ينام الليل ولا يفطر النهار، لم يطأ لنا فرشا ولم يفتش لنا كنفا منذ أتيناه (أي أنه لم يقترب منها لانشغاله بالصيام والقيام) قال: فوقع بي أبي، ثم قال: زوجتك امرأة من المسلمين فعضلتها، قال (عبدالله): فلم أبال ما قال لي فجعلت لا ألتفت إلى قوله مما أجد من القوة والاجتهاد.. فلما طال ذلك عليه (يعني على أبيه) ذكر للنبي صلى الله عليه وسلم (أي شكاني للنبي صلى الله عليه وسلم). قال القَني به، فلقيته بعد. فقال (رسول الله صلى الله عليه وسلم لعبدالله بن عمرو): كيف تصوم؟ قال: كل يوم. قال: وكيف تختم؟ قال: كل ليلة..... فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن ينام ويقوم ويفطر ويصوم.... إلى آخر الحديث.

    والشاهد هنا كيف أنست العبادة ذلك الشاب الفتىّ ما هو فيه، وشغلته عما نرى أنه لا ينشغل عنه أحد أبدا.

    والموقف الثاني: لا تقل عجبا عن موقف عبد الله بن عمرو ولكنه لشاب من شباب التابعين وهو الربيع بن خثيم (على ما أذكر) ففي ليلة زفافه أدخلوه الحمام (وهو أشبه بالساونا الآن) استعدادا للزواج، ثم بعد ذلك أدخلوه على زوجته.. فلما دخل بها وقف يصلي حتى الصباح.. فعذله الناس ولاموه.. فقال: أدخلتموني الحمام فذكرت النار، ثم أدخلتموني على امرأة فذكرت الجنة والحور العين؛ فقمت أسأل الله الجنة وأعوذ به من النار!!.

    فانظر كيف أنساه طلب الجنة وخوف النار ما هو فيه..؟!

    وأنا لا أطلب من إخواني وأخواتي أن يكونوا كعبد الله بن عمرو ولا كالربيع (وإن كنت أتمنى ذلك)، ولكني أطلب منهم وأريد لهم ألا يكونوا أسرى الشهوات أو عبيد الملذات.. وبعد ذلك فليفعلوا ليلة الزفاف ما شاءوا .. فليبارك الله لهم، وليبارك عليهم، وليجمع بينهم في خير.
    في مقال سابق تحدثنا عن نظرات الشباب وكتابات بعضهم حول ليلة الزفاف.. وطرزنا المقال ببعض مواقف لشباب السلف.. وقد حملني المقال الأول على كتابة مقال آخر وربما مجموعة من المقالات التي تنتمي لهذا الموضوع نبين فيها الأدب النبوي والشرعي والخلقي حول هذه الليلة التي هي (ليلة العمر) كما يحب الكثيرون تسميتها، وأردت بهذه المقالات أن نسموا بعيدا عن الأدب الرخيص والكلام السفيف والسخيف إلى أدب ينفع ويرفع دون أن يجرح ويقرع، وأيضا أن نتعلم أدب الحياة وخبرة السابقين عساها تكون نبراسا لنا ونورا يضيء طريقنا.

    وموقفي الذي أسوقه اليوم ذكره الإمام ابن عساكر في تاريخ دمشق وهي في مختصره كذلك، وذكر باختصار في المستطرف، وبعض كتب الأدب.. وأنا سأنقلها هنا مع اختصارها، وأود لو أن إخواني عادوا إلى تاريخ دمشق ففي زياداتها فوائد خصوصا للشباب.

    والقصة هي قصة زواج الإمام العلم القاضي شريح رحمه الله رحمه واسعة يحكيها الشعبي (وفي تاريخ دمشق هو موسى بن سعيد الراسبي الشعبي) قال: لقيني شريح، فقال لي: يا شعبي عليك بنساء بني تميم، فإني رأيت لهن عقولا، فقلت وما رأيت من عقولهن؟

    قال: أقبلت من جنازة وقت الظهر، فمررت بدورهن وإذا أنا بعجوز على باب دار وإلى جانبها جارية كأحسن ما رأيت من الجواري، فعدلت إليها، واستسقيت (أي طلبت أن يسقوني). فقالت لي (يعني العجوز): أي الشراب أحب إليك؟ قلت: ما تيسر.

    قالت: ويحك يا جارية ائتيه بلبن، فإني أظن الرجل غريباً.

    فقلت للعجوز: ومن تكون هذه الجارية منك؟ قالت: هي زينب بنت حدير إحدى نساء بني حنظلة.

    قلت: هي فارغة أم مشغولة؟ قالت: بل فارغة.

    قلت أتزوجينيها؟ قالت: إن كنت كفأ ولم تقل كفوا، وهي بلغة بني تميم.

    فتركتها ومضيت إلى منزلي لأقيل فيه، فامتنعت مني القائلة، فلما صليت الظهر أخذت بيد إخواني من العرب الأشراف علقمة والمسيب، ومضيت أريد عمها، فاستقبلنا وقال: ما شأنك أبا أمية؟ قلت: زينب ابنة أخيك. قال: ما بها عنك رغبة، وما بك عنها من نقص. قلت : فزوجنيها.

    فلما صارت في حبالي ندمت وقلت أي شيء صنعت بنساء بني تميم، وذكرت غلظ قلوبهن، فقلت أطلقها، ثم قلت: لا، ولكن أدخل بها، فإن رأيت ما أحب وإلا كان ذلك.

    فلو شهدتني يا شعبي وقد أقبلت نساؤها بهدينها حتى أدخلت علي. فقلت: إن من السنة إذا دخلت المرأة على زوجها أن يقوم ويصلي ركعتين. ويسأل الله تعالى من خيرها ويتعوذ من شرها. فتوضأت. فإذا هي تتوضأ بوضوئي، وصليت فإذا هي تصلي بصلاتي، فلما قضيت صلاتي أتتني جواريها فأخذن ثيابي وألبسنني ملحفة قد صبغت بالزعفران.

    فلما خلا البيت دنوت منها، فمددت يدي إلى ناصيتها، فقالت على رسلك أبا أمية. ثم قالت: الحمد لله أحمده وأستعينه، وأصلي على محمد وآله، أما بعد، فإني امرأة غريبة لا علم لي بأخلاقك فبين لي ما تحب فآتيه، وما تكره فأجتنبه، فإنه قد كان لك منكح في قومك ولي في قومي مثل ذلك، ولكن إذا قضى الله أمراً كان مفعولا، وقد ملكت، فاصنع ما أمرك الله تعالى به، إما إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان، أقول قولي هذا واستغفر الله العظيم لي ولك ولجميع المسلمين.

    قال: فأحوجتني والله يا شعبي إلى الخطبة في ذلك الموضع، فقلت: الحمد لله أحمده وأستعينه، وأصلي على محمد وآله أما بعد، فإنك قلت كلاماً إن ثبت عليه يكن ذلك حظاً لي، وإن تدعيه يكن حجة عليك، أحب كذا وأكره كذا، وما رأيت من حسنة فابثثيها، وما رأيت من سيئة فاستريها. فقالت: كيف محبتك لزيارة الأهل؟ قلت: ما أحب أن يملني أصهاري.

    قالت: فمن تحب من جيرانك يدخل دارك آذن له، ومن تكرهه أكرهه؟ قلت: بنو فلان قوم صالحون، وبنو فلان قوم سوء.
    قال: فبت معها يا شعبي بأنعم ليلة، ومكثت معي حولا لا أرى منها إلا ما أحب.

    فلما كان رأس الحول جئت من مجلس القضاء، وإذا أنا بعجوز في الدار تأمر وتنهى. قلت: من هذه؟ قالوا فلانة أم حليلتك، قلت: مرحباً وأهلا وسهلا.

    فلما جلست أقبلت العجوز، فقالت: السلام عليك يا أبا أمية، فقلت وعليك السلام ومرحباً بك وأهلا. قالت: كيف رأيت زوجتك؟ قلت: خير زوجة وأوفق قرينة.. لقد أدبت فأحسنت الأدب، وريضت فأحسنت الرياضة، فجزاك الله خيراً.

    فقالت: أبا أمية إن المرأة لا يرى أسوأ حالا منها في حالتين، قلت: وما هما: قالت: إذا ولدت غلاماً أو حظيت عند زوجها، فإن رابك مريب فعليك بالسوط، فوالله ما حاز الرجال في بيوتهم أشر من الروعاء المدللة.

    فقلت: والله لقد أدبت، فأحسنت الأدب، وريضت فأحسنت الرياضة، قالت: كيف تحب أن يزورك أصهارك؟ قلت: ما شاءوا، فكانت تأتيني في رأس كل حول فتوصيني بتلك الوصية.

    قال شريح فلبثت معي عشرين سنة وما عبت عليها في تلك السنين إلا يوما واحدا كنت لها ظالما أيضا.

    وكان لي جار من كندة يقال له ميسرة بن عدي لا يزال يقرع مرية له، فقلت في ذلك:

    رأيت رجالا يضربون نساءهم ... فشلت يميني يوم تُضرب زينب

    أأضربها من غير ذنب أتت به ... فما العدل مني ضرب من ليس يذنب.

    إسلام ويب
                  

08-31-2015, 01:45 AM

سيف اليزل برعي البدوي
<aسيف اليزل برعي البدوي
تاريخ التسجيل: 04-30-2009
مجموع المشاركات: 18425

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات متنوعة عن الأسرة و المجتمع (Re: سيف اليزل برعي البدوي)

    يعتبر الانطواء من أهم المشكلات التي يعاني منها المراهق، والتي تظهره بأنه منعزل عن أصدقائه ورفاقه، خجول ضعيف الاتصال بالآخرين، لا يشعر بالارتياح الداخلي، فهو يعاني من ضعف في التوافق النفسي والاجتماعي، ويفتقر إلى الشعور بالانتماء والانضمام للجماعة، لذا فقد اهتم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالدعوة إلى الجماعة ومشاركة الآخرين ومخالطتهم والتعامل معهم ؛ قال صلى الله عليه وسلم :((المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أعظم أجراً من الذي لا يخالطهم ولا يصبر على أذاهم)).

    صفات الانطوائي:
    صوته منخفض، يتأمل ذاته، يتسم بالحساسية الزائدة، يكثر من أحلام اليقظة، يحب العزلة والانفراد بنفسه، يكبت انفعالاته ومشاعره، يشعر بالذنب، يصعب عليه تكوين صداقات، يبتعد عن مخالطة الآخرين مخافة الاستهزاء والسخرية به، ضميره حي، ينشغل بآلام الآخرين وهمومهم، يخضع لرغبات الآخرين وسلطتهم، مخلص في صداقته المحدودة، يصادق الأصغر منه، أو ممن يتشابه معهم في تصرفاته وسلوكه، يمشي بنعومة وخفة، لا يجرؤ على النظر في عيون الآخرين، يجلس على حافة المقعد، ضعيف الثقة بالنفس .

    ويجدر بنا أن نتذكر ولادة ذاك الفتى الذي كان ينعزل بنفسه، ويجلس وحيداً في غرفة الفصل، يتناول فطوره بعيداً عن أعين زملائه أثناء الفسحة، وإذا سأل المعلم سؤالاً لا يجرؤ أن يرفع إصبعه للإجابة مهما كان السؤال سهلاً، وكان لا يشارك في حصة التربية الرياضية لأنه لا يريد أن يرتدي لباساً رياضياً مخافة أن يهزأ به زملائه، فهو دائماً يتحاشاهم نظراً لتعليقاتهم التي لا تكاد تفارق سمعه .

    أساليب حل المشكلة
    1. إشعاره بالمحبة والرحمة والحنان والقبول والاطمئنان والأمن .

    2. تدريبه على إثبات ذاته والتعبير عن مشاعره .

    3. تنمية الثقة في نفسه وروح المغامرة والتحدي من خلال الإنجاز والكفاءة في النجاح الدراسي والمسابقات الرياضية والثقافية والأدبية .

    4. العمل على تغيير النظرة السلبية عن ذاته إلى نظرة إيجابية من خلال مواطن القوة في شخصيته وتعزيزها جيداً.

    5. تدريبه على رفض طلبات الآخرين، وقول ((لا)) عندما تتعارض مع رغباته وأفكاره.

    6. تدريبه على المهارات الاجتماعية وتكوين صداقات من خلال لعب الأدوار وتمثيل الشخصيات المرحة والمنبسطة القادرة على التفاعل مع الأفراد والجماعات .

    7. إشراكه في المواقف الاجتماعية من خلال مواقف الحياة المختلفة ؛ كالمناسبات واللقاءات العامة .

    8. إزالة الحساسية الزائدة وجلد الذات والانشغال بالهموم والمشكلات .

    9. استخدام المدح والثناء والتشجيع في التصرفات الايجابية، وتجنب استخدام الإهانة والتوبيخ والنقد واللوم .

    10. اصطحابه إلى مجالس الكبار وحضور الديوانيات والمناسبات الاجتماعية والثقافية والدينية .

    11. تعزيز الانتماء لجماعة الأصدقاء والأقران من خلال دعوتهم لمشاركته في الأمسيات والمناسبات العامة .

    ــــــــــــــــــــــــ

    المصدر: د. أكرم عثمان
                  

08-31-2015, 01:47 AM

سيف اليزل برعي البدوي
<aسيف اليزل برعي البدوي
تاريخ التسجيل: 04-30-2009
مجموع المشاركات: 18425

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات متنوعة عن الأسرة و المجتمع (Re: سيف اليزل برعي البدوي)

    معالجة قسوة القلب
    كثيرٌ من الناس يسألون بين الحين والآخر عن السبب في أنهم لا يجدون لذة العبادة عندما يُقْبِلُوْنَ بها إلى الله عز وجل، يحاولون أن يتمتعوا بالخشوع ولا يتأتَّى لهم ذلك، يحاولون أن تكون مشاعرهم متجهة إلى الله عز وجل في وقوفهم بين يديه ولكن لا يتأتَّى لهم ذلك، وتشرد بهم أفكارهم ذات اليمين وذات الشمال.

    والجواب أن السبب في ذلك "حجاب النعم" التي يغدقها الله سبحانه وتعالى على عباده كالقوة التي يتمتعون بها، والغنى الذي يكرمهم الله عز وجل به، والمعارف والعلوم التي يمتعهم الله سبحانه وتعالى بها، من شأن هذه النعم أن تنسي الإنسانَ ضعفَه، أن تنسي الإنسان عجزه ومخلوقيته ومملوكيته لله سبحانه وتعالى وأن تزجه في وَهْمٍ من الاستقلال بالذات، في وهم من الغنى والقوة الذاتية.. ومن ثم فإن هذا الذي يقف بين يدي الله عز وجل وقد حُجِبَ عن الله سبحانه وتعالى بهذه النعم ينسى حاجته إلى الله وينسى فقره بين يدي الله عز وجل، فما الذي يجعله يخشع وهو يتخيل ويتصور غناه واستقلاله؟ ما الذي يجعله يدرك أنه بين يدي الله وأنه يخاطب الله وأن الله يراقبه وأن النعم التي يكرمه الله عز وجل بها تطوف بالنشوة في رأسه؟

    هذا هو السبب، ولكن ما العلاج؟
    العلاج أن يعلم الإنسان أنه كتلة من الضعف والعجز، وأن الفقر هوية ذاتية موجودة في كيانه، وأن النعم التي يتمتع بها ـ أياً كانت ـ إنما هي عوارض تأتي اليوم وتذهب غداً. إن الذي أبرز الإنسان إلى الوجود إنما هو الخالق عز وجل، أوجده عارياً إلا من فقره، تائهاً إلا من ذله، عاجزاً بل جاهلاً إلا بضعفه.

    إذا أدرك الإنسان هذه الحقيقة وعلم أنها هي هويته دائماً مهما رأى نفسه غنياً ومهما رأى نفسه قوياً ومهما رأى نفسه متمتعاً بالمعارف والعلوم؛ فإن إدراكه لهويته يجذبه إلى الخشوع بين يدي مولاه وخالقه، وانظروا إلى هذا المعنى كيف جسده بيان الله عز وجل في قوله سبحانه وتعالى: {يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الإِنْسَانُ ضَعِيفاً}[النساء:28]، أي إن الضعف وُجِدَ مصاحباً لِخَلْقِ الإنسان ولم يأت من بعد الخَلْقِ.

    وانظروا إلى قوله سبحانه وتعالى: {الله الذي خلقكم من ضعف}، أي كينونته هي الضعف ذاتها، وإنما يريد الباري عز وجل من هذا أن يبين لنا أن نعمة القوة ونعمة العلم والرفاهية والغنى ما ينبغي أن ينسينا كل ذلك الهوية التي خُلِقْنَا بها، ينبغي أن نعلم أن هذه النعم الوافدة إلينا إنما هي عوارض، والعوارض تأتي اليوم وتذهب غداً.

    هذا هو العلاج الذي ينبغي أن يأخذ الإنسان نفسه به، فإن هو فَعَلَ ذلك تخلص من هذه المشكلة التي يشكو منها.

    ولننظر ـ أيها الأحبة ـ إلى بالغ لطف الله سبحانه وتعالى إذ يبتلي الإنسان بين الحين والآخر بالابتلاءات المتنوعة كالمرض يبعثه في جسمه، وكالفقر يبتليه به بعد الغنى، وكالضعف يبتليه به بعد القوة، والاضطراب يرسله إليه بعد الأمن والطمأنينة، وصدق الله القائل: {وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ} [الانبياء:35]، {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ} [البقرة:155].. لماذا؟ أين هو مظهر اللطف الرباني في هذه الابتلاءات؟

    مظهر اللطف أن مولانا جلَّ جلاله يحب منا ألا نَسْكَرَ بالنعم التي يغدقها علينا وألا تحجبنا هذه النعم عن مراقبته، وألا تنسينا هويتنا أننا مخلوقون من الضعف وآيلون إلى الضعف، كيف السبيل إلى ذلك؟!!

    لو أن كانت النعمة مستمرة دائمة إذا لكانت حاجزاً ولأنستنا هذه النعم هوياتنا وضعفنا، ولكن الله عز وجل عندما يبتلي عباده بين الحين والآخر بهذه المصائب يخفي المال والغنى ليرسل إليه عوضاً عنه الفقر، يخفي ويستل منه العافية ليرسل إليه نوعاً من الأمراض، يستل منه الأمن الطمأنينة ليرسل إليه طائفاً من الخوف والاضطراب لكي يصحو الإنسان بهذا إلى حقيقة أمره وليعلم أن هذه النعم التي تفد إليه إنما هي ـ كما قلت لكم ـ عوارض، والنعم العارضة لا يمكن أن تحل محل الهوية الإنسانية الأساسية،

    ربنا عز وجل يقول: {وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لا تَعْلَمُونَ شَيْئاً وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ} [النحل: 78]، أي أنك يا ابن آدم ضعيف في كينونته، كتلة عجز في هويته، أما النعم التي تُسْكِرُكَ بين الحين والآخر فإنما هي عوارض أرسلتها إليك؛ فلا تحجبنك هذه العوارض عن هويتك.

    إذا علم الإنسان هذه الحقيقة وأدركها لاسيما عندما يجد المحن التي تمتزج مع المنح والنعم فلسوف يزول هذا الإشكال ولن يسأل هذا الإنسان سؤاله هذا عندما يعلم عجزه.

    إن كانت النعم مقبلة إليه التجأ إلى الله يسأله أن يستبقيها وإن كانت النعم أو بعضها مدبرة عنه التجأ إلى الله أن يعيدها إليه فهو في كل الأحوال ملتجئ إلى الله عز وجل، هذه حقيقة ينبغي أن نعلمها يا عباد الله.

    إن من العجيب المؤسف أن الإنسان في كثير من الأحيان يحتاج إلى أن يأخذ العظة والدرس من الأطفال الصغار وهو الرجل الكبير الذي يتمتع بالوعي والعلوم والمعارف، أرأيتم إلى الطفل يمسكه والده من عضديه ويلصقه بصدره ويشرف به على وادٍ سحيق ماذا يصنع هذا الطفل والأب يحتضنه وهو يمسك به؟ إنه يرتجف خوفاً ويرسل إلى أبويه مشاعر الاستعطاف والاسترحام من خلال عينيه إلى أبويه ألا يتركه وأن يظل ممسكاً به وأن يظل متشبثاً به وهو يعلم أنه في حضن أبيه وهو يعلم كيف أن والده يمسكه من عضديه ومع ذلك فهو يعلم أنه عاجز، الطفل يعلم هويته، يعلم أنه لا يملك من أمر نفسه شيئاً، لا يستطيع أن يرد غائلة الأذى عن نفسه إن هو استقل بأمره ولذلك فهو يرسل نظرات الاستعطاف إلى أبيه متشبثاً به في حالةٍ من الازدياد والتعلق الشديد بصدره كي لا يرسله ويتركه، لماذا لا يكون شأننا مع مولانا وخالقنا كشأن هذا الطفل مع أبيه؟

    أنا أعلم ـ كما يعلم هذا الطفل ـ أنني لا أملك إن استقللت بأمر نفسي، لا أملك شيئاً من حياتي، لا أملك أي مُقَوِّمٍ من مقومات عيشي، في اللحظة التي يتخلى الله عز وجل فيها عني أتحول إلى لا شيء، فلماذا لا يكون شأني مع مولاي وخالقي كشأن هذا الطفل مع أبيه؟!

    حتى ولو كانت الحفاوة موجودة مرسلة من الله إلي ينبغي أن أعلم أنني معرض للهلاك، ينبغي أن أعلم أنني لا أستطيع أن أستقل بأمر نفسي شيئاً.

    هذا هو الجواب لمن يسأل هذا السؤال.

    زيارة المرضى
    ولكن إذا كانت قسوة القلب فينا نحن المسلمين قد بلغت مبلغاً تتغلب حتى على هذه الحقيقة التي أبينها لكم فإني أنصح نفسي وأنصح مثلَ هذا السائل وأقول: زُرْ المشافي بين الحين والآخر، انظر إلى حال المرضى وهم يعانون من الأمراض المتنوعة المختلفة، تأمل في حال هؤلاء المرضى الذين ذَوَتْ منهم الوجوه وضؤلت فيهم الأجسام، اصغِ إلى الأنين الذي يرتفع من صدورهم وحلوقهم، اصغِ إلى الأوجاع التي تنتابهم والتي يتقلبون في غمارها صباح ومساء.

    كانوا مثلك في العافية بل أقوى، وكانوا يتمتعون بمثل ما تتمتع به من العافية ورغد العيش، سَلْهُمْ عن الكنوز المالية وقيمتها يقل لك كل واحد منهم: خُذْ كل ما أملكه من كنوز، خُذْ كل ما أملكه من مدخرات وأَعِدْ إلي نعمة العافية.. أليس هذا دليلاً على الإنسان خُلِقَ من ضعف وأنه آيلٌ إلى الضعف؟!

    زيارة القبور
    فإن كانت القسوة القلبية ما تزال مصاحبة لك فأضف إلى ذلك زيارة القبور، انظر إلى هذه القبور وانظر إلى الأرض المحشوة بجثث بل بعظام أناسٍ كانوا من أمثالك، كانوا فارهين، كانوا يتمتعون برغد العيش، كانوا محجوبين مثلك بالنعم عن المنعم، وانظر إلى ما آل أمرهم، تأمل في الجنائز التي تُحْمَل لتلقى في الحفر التي أعدت لهم، ربما كان داخل هذا النعش فتاة ذات قامة ميساء وجمال باهر وعينين ساحرتين.. لماذا آل أمرها إلى هذا الشبح المرعب لماذا؟! ربما كان هذا الذي يمتد داخل هذا النعش ملفوفاً في أكفانه قائداً عظيماً إذا نطق أصغت الدنيا كلها إلى قراره وحكمه، ذا إرادة نافذة، ذا سلطان قاهر، لماذا يستسلم اليوم إلى هؤلاء الذين يحملونه إلى حفرته؟!

    تأمل في هذا الذي أقوله لك تعد إلى دارك وأنت تعلم أنك مهما كنت غنياً، مهما كنت عالماً، مهما كنت قوياً فأنت ضعيف وأنت كتلة ضعف وعجزٍ بين يدي مولاك وخالقك سبحانه وتعالى.

    أليس هذا الدواء كافياً يا عباد الله أليس هذا العلاج كافياً لكل من أسكرته نعمة القوة، لكل من أسكرته نعمة الحكم، لكل من أسكرته نعمة العلم والاكتشافات والرفاهية؟! صدق الله القائل: {وَمَنْ نُعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِي الْخَلْقِ}[يّـس: من الآية68]، غلافان من الضعف، غلاف ضعف انطلقنا منه يوم الولادة وغلاف من الضعف والعجز ننتهي إليه عند الموت.

    اللهم لا تنسنا فضلك، اللهم اجعلنا إذا وقفنا بين يديك لا نتيه عن ربوبيتك ولا نتيه عن ذل عبوديتنا لك.. أمين.
    اسلام ويب
                  

08-31-2015, 01:49 AM

سيف اليزل برعي البدوي
<aسيف اليزل برعي البدوي
تاريخ التسجيل: 04-30-2009
مجموع المشاركات: 18425

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات متنوعة عن الأسرة و المجتمع (Re: سيف اليزل برعي البدوي)

    المراهقة من الألف إلى الياء 1 ـ 2

    1ـ أشكال المراهقة ومظاهر النمو عند المراهقين



    المراهقة إحدى المراحل العمرية الهامة في حياة الإنسان، وتعني في الأصل اللغوي الاقتراب، ورهقتٌ الشيء رهقاً أي قربت منه.

    والمراهقة كمصطلح تعني فترة الحياة الواقعة بين الطفولة المتأخرة والرشد، أي أنها تأخذ من سمات الطفولة ومن سمات الرشد وهي مرحلة انتقالية يجتهد فيها المراهق للانفلات من الطفولة المعتمدة على الكبار، ويبحث عن الاستقلال الذاتي الذي يتمتع به الراشدون.. فهو موزع النفس بين عالمي الطفولة والرشد.

    ويحلو للكثير تسمية المراهقة بمرحلة الولادة الجديدة، أو العاصفة أو فترة الأزمة النفسية؛ لأنها إحدى المراحل العمرية الحرجة في حياة الإنسان، وهي فترة من فترات تكامل الشخصية، تكتشف فيها الذات وينقب فيها عن الهوية.

    ونستطيع القول أن المراهقة مرحلة تبدأ بشكل بيولوجي(عضوي) وهو البلوغ، ثم تكون في نهايتها ظاهرة اجتماعية حيث سيقوم المراهق بأدوار أخرى غير ما كان عليه من قبل، وبهذا المعني فإن المراهقة عملية بيولوجية، نفسية، اجتماعية تسير وفق امتداد زمني، متأثرة بعوامل النمو البيولوجي والفسيولوجي وبالمؤثرات الاجتماعية والحضارية والجغرافية، فقد تبدأ في منطقة جغرافية معينة وفق نسق اجتماعي معين عند عمر التاسعة وتستمر إلى التاسعة عشرة تقريباً، وقد لا تبدأ في منطقة أخرى مختلفة مناخياً وحضارياً إلا عند الثالثة عشرة تقريباً وقد تصل إلى ما بعد الواحدة والعشرين من العمر، ويختلف الذكر عن الأنثى في هذا، حيث تسبقه الأنثى في النمو.

    وتأخذ المراهقة في المجتمعات المتمدنة أشكالاً مختلفة حسب الوسط الذي يعيشه المراهق كما يلي:

    1ـ المراهقة السوية: المتكيفة الخالية من المشكلات.

    2- المراهقة الانسحابية: حيث ينسحب المراهق من مجتمع الأسرة ومن مجتمع الأقران ويفضل الانعزال الانفراد بنفسه، حيث يتأمل ذاته ومشكلاته.

    3- المراهقة العدوانية: المتمردة حيث يتسم سلوك المراهق فيها بالعدوان على نفسه وعلى أفراد الأسرة والمدرسة.

    - 4 المراهقة المنحرفة: حيث ينغمس المراهق في ألوان من السلوك المنحرف كالمخدرات والسرقة والانحلال الخلقي.

    هذا وتقسم المراهقة إلي ثلاثة أقسام: مبكرة (تقابل المرحلة الإعدادية تقريبا) ووسطى (المرحلة الثانوية تقريبا) ومتأخرة (ما بعد الثانوية إلى عمر 21تقريبا)..ولكل قسم مظاهره الخاصة في النمو.

    ومن الباحثين من جعلها قسمين فالمبكرة من بداية البلوغ حتى الثامنة عشرة تقريباً، أما المراهقة المتأخرة فمن الثامنة عشرة إلى عمر الثانية والعشرين تقريباً.

    ومن هنا فإن لهذه المرحلة أهميتها الكبيرة والخاصة في تكوين شخصية الإنسان؛ ولذا وجب فهم خصائصها ومتطلباتها ومشكلاتها المتشابكة لنحسن التعامل مع المراهقين بشكل تربوي ذي أثر إيجابي في النمو.

    مظاهر نمو المراهقين بشكل عام:
    النمو الجسمي والفسيولوجي والحركي: تمتاز مرحلة المراهقة بتغيرات جسمية سريعة وخاصة في السنوات الثلاث الأولى بسبب زيادة إفراز هرمونات النمو، فمن أهم مظاهر النمو الجسمي زيادة واضحة في الطول، وزيادة في الوزن، نتيجة للنمو في أنسجة العظام والعضلات وكثرة الدهون عند الإناث خاصة، وكذلك نمو الهيكل العظمي بشكل عام.

    ومن مظاهر النمو الفسيولوجي نمو حجم القلب ونمو المعدة بشكل كبير، وهذا ما يبرر إقبال المراهق على الطعام بشكل واضح، كما أن حاجته الملحة إلى الغذاء تأتي نتيجة لنموه السريع الذي يستنزف طاقته.

    وللنمو الجسمي الفسيولوجي آثار نفسية على المراهق يجب على التربويين والوالدين مراعاتها ومنها:

    أن التغيرات الجسمية الجنسية تلعب دوراً واضحاً في مفهوم المراهق عن ذاته وبالتالي في سلوكه فتتراوح استجابة الفتاة نحو التغيرات الجسمية ما بين الاعتزاز بأنوثتها وبين الحرج نتيجة هذه التغيرات فتشعر بالقلق والتعب وخاصة أثناء العادة الشهرية رغم اعتزازها بذلك كأنثي. كما أن لشكل جسم الفتى دورا في توافقه النفسي.

    الحساسية النفسية والانطباع عن الذات: فظهور حب الشباب مثلاً في هذه المرحلة يثير متاعب نفسية لأنه يشوه منظر الوجه.. كما وأن التبكير والتأخير في النمو الجسمي والجنسي له مشكلات اجتماعية ونفسية، فالنضج المبكر عند الإناث يسبب لهن الضيق والحرج، أما عند الذكور فينتج عنه ثقة بالنفس وتقدير مرتفع للذات رغم أن الذكور المتأخرين في النضج يعتبرون أكثر نشاطاً.

    أما عن النمو الحركي: فإن المراهق يميل إلي الكسل والخمول أحيانا نتيجة التغيرات الجسمية السريعة، وسرعان ما يشعر بالتعب والإعياء عندما يبدي نشاطاً معيناً.. وتمتاز حركات المراهق بعدم الاتساق وعدم الدقة، ويعود ذلك إلي عدم التوازن بين النضج العضوي والوظيفي مما يؤدي إلى عدم التوازن الحركي، وربما يعود إلى عوامل نفسية مثل الحيرة والتردد ونقص الثقة بالذات والتفكير في توقعات الآخرين، وفي نهاية المراهقة الوسطى (المرحلة الثانوية تقريباً) يبدأ المراهق في التوازن الحركي نتيجة لتحقق النمو العضلي والعصبي والاجتماعي.

    النمو العقلي: نمو الذكاء العام، وزيادة القدرة على القيام بكثير من العمليات العقلية العليا كالتفكير والتذكر القائم على الفهم، والاستنتاج والتعلم والتخيل.

    نمو القدرات العقلية الخاصة كالقدرة الرياضية (التعامل مع الأعداد) والقدرة اللغوية والدقة في التعبير والقدرة الميكانيكية والفنية، وتتضح الابتكارات في هذه المرحلة كنتاج للنشاطات العقلية.

    نمو بعض المفاهيم المجردة كالحق والعدالة والفضيلة ومفهوم الزمن ويتجه التخيل من المحسوس إلى المجرد.

    نمو الميول والاهتمامات والاتجاهات القائمة على الاستدلال العقلي، ويظهر اهتمام المراهق بمستقبله الدراسي والمهني.

    تزداد قدرة الانتباه والتركيز بعد أن كانت محدودة في الطفولة.

    يميل المراهق إلى التفكير النقدي أي أنه يطالب بالدليل على حقائق الأمور ولا يقبلها قبولاً أعمى مسلماً به.

    تكثر أحلام اليقظة حول المشكلات والتطلعات والحاجات، حيث يلجأ المراهق لا شعورياً إلى إشباعها، ويمكنه نموه العقلي من ذلك حيث يسمح له بالهروب بعيداً في عالم الخيال، فيرى نفسه لاعباً مشهوراً أو بطلاً لا يشق له غبار.

    النمو الانفعالي: الرهافة الانفعالية: حيث يتأثر بالمثيرات المختلفة فيثور لأتفه الأسباب ويشعر بالحزن الشديد إذا تعرض للإحباط من أبيه أو معلمه.

    الحدة الانفعالية (استجابة حادة لبعض المواقف لا تدل على اتزان) كالصراخ بعنف وشتم الآخرين والاندفاع بتهور فإذا تشاجر مع أحد، اندفع بعنف إلى مصدر الشجار، وإذا قاد السيارة قادها بسرعة شديدة لإظهار قوة و تحدي الآخرين.

    الارتباك: حيث يخاف ويعجز عند مواجهة موقف معقد، ولا يمكن التصرف حياله كسخرية الآخرين منه أو مغالاتهم في مدحه.

    الحساسية الشديدة للنقد: يشعر المراهق بالحساسية الشديدة لنقد الكبار له حتى وإن كان النقد صادقاً وبناءً، ومن أقرب الناس إليه، وخاصة عندما يكون على مسمع من الآخرين، بل ويعتبر النصيحة أو التوجيه انتقاماً وإهانة، وهذا مما يؤكد عدم نضجه في هذا الجانب.

    التقلب الانفعالي: ينتقل المراهق من انفعال إلى آخر بسرعة، فتراه ينتقل من الفرح إلى الحزن، ومن التفاؤل إلى التشاؤم، ومن البكاء إلى الضحك، وتارة يندمج مع الآخرين وتارة يعتزل مجالسهم، ومرة تجده متدينا جداً وأخرى مقصراً.

    تطور مثيرات الخوف واستجاباته: حيث تتسع مخاوف المراهقين لتشمل المدرسة والجنس، ومخاوف تتصل بالعلاقات الاجتماعية، ومخاوف عائلية تبدو في القلق على الأهل عندما يتشاجرون أو عندما يمرضون. وقد يحتفظ بعض المراهقين في بدء المراهقة ببعض مخاوف الطفولة كالخوف من الأشباح والثعابين ونحو ذلك.

    سيطرة العواطف الشخصية (الجسم مركز اهتمامه) حيث تظهر في بداية المراهقة مظاهر الاعتزاز بالنفس والعناية بالملبس والأناقة والوقوف أمام المرآة كثيراً لجذب الانتباه، حيث يتصور دائماً كيف سيكون رد فعل الآخرين تجاهه.

    الغضب والغيرة: تعد الغيرة والغضب من الانفعالات الشائعة في فترة المراهقة حيث تظهر في غيرة المراهق من زملائه الذين حققوا قدرة على جذب أفراد الجنس الآخر أو ربما إخوانه الذين حققوا نجاحات في الدراسة أو الرياضة أو الأنشطة الأخرى، ويعبر المراهق عن غيرته في الغالب بالهجوم الكلامي بطريقة خافته أو علنية،
    ويعبر عن الغضب بالتبرم والهجوم اليدوي والكلامي خاصة عندما ينتقد أو يقدم له النصح بكثرة، أو عند تعدي الآخرين على ما هو ملك له أو عندما ننكر حقه في التعبير عن آرائه في الأسرة أو المدرسة.

    النمو الاجتماعي: حياة المراهق الاجتماعية مليئة بالغموض والصراعات والتناقضات لأنه انتقل من عهد الطفولة إلى مجتمع الكبار وإنما يحدث هذا إذا كان بمعزل عن الاختلاط بهم ومعرفة قيمهم وعاداتهم واهتماماتهم، وما الذي يعجبهم وما الذي لا يعجبهم، ويعيش صراعاً بين أراء أقرانه وأراء أسرته وبين الرغبة في الاستقلال عن الوالدين وبين حاجته إلى مساعدتهما له. وبين الرغبة في إشباع الدافع الجنسي وبين القيم الدينية والاجتماعية التي تحدد الطريق المشروع لهذا الإشباع، فيعيش متناقضات تبدو في تفكيره وسلوكه إذ يقول ولا يفعل، ويألف وينفر في نفس الوقت، ويخطط ولا ينفذ، ويريد الامتثال لقيم الجماعة ويسعى في نفس الوقت إلى تأكيد ذاته.

    ويمكن تحديد مظاهر النمو الاجتماعي للمراهق فيما يلي:

    الميل إلى الاستقلال والاعتماد على النفس، ويظهر ذلك في محاولات المراهق اختيار أصدقائه ونوع ملابسه، ودراسته، وتحديد ميوله بنفسه.

    الميل إلى الالتفاف حول ثلة معينة، حيث يندمج مع مجموعة من الأصدقاء صغيرة العدد ويبدي الولاء والانتماء والتقيد بآرائهم والتصرف وفق أهدافهم ويصبحوا جماعة مرجعية له يحكم من خلالهم على أفعاله وأقواله حيث يجد الراحة والمتعة والفهم لسلوكه من قبلهم، ويجد لديهم التقدير وإظهار المهارات وتأكيد الذات واكتشاف القدرات واكتساب المعلومات التي يعجز عن اكتسابها من الآباء والمعلمين بسبب ضعف العلاقة بين المراهق وأسرته في هذه المرحلة، كما تتسع دائرة العلاقات الاجتماعية حيث يصبح أكثر اتصالاً مع الآخرين.

    الميل إلى مقاومة السلطة الو الدية والمدرسية ويظهر ذلك في رفض المراهق لأوامر الوالدين والمعلمين إذا اصطدمت بأوامر الثلة، وينتقد الوالدين وأسلوب حياتهما وطريقة تفكيرهما. ويعبر المراهق الولد عن تمرده بالعداء أو الخروج من المنزل، أما البنت المراهقة فهي أكثر قبولاً للسلطة الو الدية.

    المنافسة: يقارن المراهق نفسه بغيره في محاولة للحاق بالآخرين أو التفوق عليهم.

    الميل إلى الجنس الآخر والاهتمام به: يتحول المراهق من النفور من الجنس الآخر إلى الميل إليه والاهتمام به، ويظهر ذلك في محاولته جذب الانتباه إليه عن طريق أناقة المظهر الشخصي أو امتلاك أشياء مثيرة.

    ومع هذه التغيرات التي تبدو وكأنها معقدة يحتاج المراهق إلى حسن التوجيه والإرشاد لتخطي هذه المرحلة بسهولة ويسر وينتقل منها بسلاسة إلى مرحلة الرجولة والكمال دون حدوث أي خلل أو انتكاسات أو منعطفات غير محمودة تؤثر على حياته المستقبلية، وهذا ما نتعرض له في المقال القادم إن شاء الله تعالى.
    2ـ توجيه وإرشاد المراهقين

    تناول الكاتب في الجزء الأول من المقال أشكال المراهقة ومظاهر النمو عند المراهقين، وفي هذا المقال يتحدث عن حسن التوجيه للمراهق لتخطي هذه المرحلة المهمة في حياته يقول:

    إن إشباع حاجات المراهقين بالطرق التربوية السليمة أمر ضروري إذ أن عدم إشباعها يجر إلى ازدياد متاعبهم ومشكلاتهم، وتكون مواجهة هذه الحاجات بالتوجيه والإرشاد وتقديم الخدمات المناسبة في البيت والمدرسة وكافة المؤسسات المعنية بذلك، سواء كانت خدمات إرشادية وقائية تهيئ الظروف المناسبة لتحقيق النمو السوي لهم، مبنية على العلاقات الاجتماعية الإيجابية، أو خدمات إنمائية تنمي قدرات المراهقين وطاقاتهم وتحقق أقصى درجات التوافق، أو كانت خدمات علاجية تتعامل مع المشكلات الانفعالية والتربوية ومشكلات التوافق التي تواجه بعض المراهقين بتقديم الحلول العلاجي المناسبة وفق الأسس العلمية للتوجيه والإرشاد.

    إن تفهم حاجات المراهقين ومطالب نموهم يسهل التعامل معهم ويخفف من متاعبهم ويحل مشكلاتهم ولذا فإن من الواجب توفير الرعاية لهم في جميع المجالات الصحية والبدنية والحركية والعقلية والاجتماعية والفسيولوجية والانفعالية بشكل علمي مدروس.

    وبذلك فإن من حق المراهقين على التربويين وعلى الأسرة وعلى الجهات ذات العلاقة أن يقدم لهم كل ما من شأنه مساعدتهم على تجاوز هذه المرحلة الحرجة بسلام وبأقل قدر ممكن من آثار المشكلات والتناقضات التي يمرون بها وذلك وفق ما يلي:

    الأخذ بمبادئ التربية الإسلامية باعتبارها الأداة الرئيسة في تنمية الإنسان وإصلاح سلوكه وتكثيف الإرشاد الديني كمنهج وفق الأسس العلمية للتوجيه والإرشاد في جميع المجالات، مع الابتعاد عن الوعظ العابر، وتوظيف تأملات المراهقين الروحية في توجيه سلوكهم الوجهة السليمة، مع تزويدهم بالمعايير الاجتماعية والقيم الدينية، وتوضيح خطورة العلاقات غير الشرعية والتسامي بالدافع، وتحويل الطاقة الجنسية إلى مسالك أخرى كالصوم والرياضة البدنية وممارسة الهوايات وشغل وقت الفراغ بالمفيد.

    غرس الثقة: بأنفسهم، وذلك بتبصيرهم بذواتهم وتعويدهم حسن المناقشة والإنصات، مع احترام ذواتهم وتقبل حديثهم وتعويدهم تقبل النقد بموضوعية.

    الجمع والمواءمة بين الضبط والمرونة في قيادتهم، وتمكينهم من التغلب على مخاوفهم وخجلهم.

    الكشف عن قدراتهم وهواياتهم وميولهم وتوجيهها مهنياً تبعاً للفروق الفردية، وغرس الاتجاهات الإيجابية والمفاهيم المجردة كالعدالة والفضيلة وتوظيف الأنشطة المختلفة لذلك وتوظيف ثقة المراهقين في بعض الأشخاص من الأقارب والمرشدين والمعلمين والمشرفين لتعزيز تلك الاتجاهات والمفاهيم.

    إيجاد موازنة منطقية بين رغبات المراهقين الشخصية وبين واجباتهم الاجتماعية وتعزيز التعاون بدلاً من النزعة الفردية، تأكيداً للتكيف الاجتماعي وتبصيراً بالحقوق والواجبات.

    توفير القدوة الصالحة وتوفير الجو الآمن للمراهقين من قبل الوالدين ومنسوبي المدرسة والمؤسسات ذات العلاقة، وذلك بالتقبل (إشعارهم بأنهم محبوبون) والاحترام (تقديرهم وعدم التدخل في خصوصياتهم وأسرارهم) وإعطائهم الحق في التعبير عن الرأي في قضايا أسرية أو مدرسية، وفهم طبيعة المرحلة ومظاهر نموها وما يصاحب ذلك من ميل إلى التمرد على السلطة الو الدية والمدرسية.

    توجيه المنافسة التي تقوم بين المراهقين توجيهاً سليماً حتى لا تتحول إلى صراع وتوتر وخلق العدوات.

    تقديم المعلومات الدقيقة الكاملة عن حقيقة التغيرات الجسمية وما قد يصاحبها من آثار نفسية، وغرس اتجاهات إيجابية نحو هذه التغيرات ليقبلها المراهقون على أنها مظاهر طبيعية للنمو. وذلك تلافياً للاتجاهات السلبية التي تؤكد الرغبة في الانطواء ونقص الثقة بالنفس وعدم الاستقرار.

    احترام المراهقين (الأولاد والبنات) ومناقشتهم وتقدير حساسيتهم النفسية، وذلك بالابتعاد عن التجريح والانتقاد وإظهار العيوب. بل توظيف التشجيع المناسب والتقرب إليهم وحوارهم ورفع معنوياتهم وإشعارهم بمكانتهم في الحياة الاجتماعية، لأن في ذلك إشباعا لحاجة نفسية من أهم ما تتوق إليه أنفس المراهقين؛ و ذلك بإعطاء الفرص لكل مراهق أن يمارس جهداً ذاتياً يشعره بقيمته النفسية في نظر الآخرين في جو ملائم يتيح فرصة للاستقلالية والتعبير عن الذات، والتخلص من تبعات الصراع النفسي للمراهقين.

    تدريبهم وتعويدهم على استخدام التفكير المنطقي المنظم في حل مشكلاتهم. وتخليصهم من آثار القلق المنصبة على الجانب الدراسي والمهني بالتوجيه والإرشاد المناسب.

    إعطاؤهم فرصة مناسبة للاختلاء بأنفسهم بقدر مناسب لينظروا إلى أعماقهم ويفكروا في حياتهم وخاصة في المنازل والأندية، وإعطاؤهم فرصة في الاحتكاك بمن هم في مثل أعمارهم حيث أن التقاء الأقران يثري خبرات المراهقين.

    التعامل مع النوبات الانفعالية الحادة التي تعتريهم كالبكاء والضحك والصراخ سواء في المدرسة أو المنزل بالصبر والفهم، والمداراة بالتعاطف معهم للتخفيف من حدة التوتر والقلق.

    إعدادهم لمواجهة الحقائق، والواقع ليألفوه وليعيشوه كما هو بغرس الثقة والتهيئة اللازمة، مع عدم التهاون في التنبيه عن الأخطاء المتوقعة منهم ولكن بأسلوب تربوي حذر يراعي حساسيتهم.

    غرس القيم الصالحة في نفوسهم ليشاركوا في التنمية بإيجابية.

    تعميق العلاقة بين البيت والمدرسة والجهات ذات العلاقة، والتفاهم التام والمستمر حول طبيعة التعامل التكاملي مع المراهقين، انطلاقا من فهم المتغيرات التي تمليها طبيعة المرحلة.

    معاملة المراهقين معاملة الراشدين في المراهقة المتأخرة، لحاجتهم الماسة لذلك.

    عدم وضع المراهقين في مواقف متعارضة: كأن يسمح لهم الوالدان بحرية الحركة ثم يحاسبونهم على الخروج من المنزل.

    الابتعاد عن وصف المراهقين بأوصاف معينة، خاصة أمام الآخرين، والابتعاد كذلك بالحديث عن صفاتهم وسماتهم عندما كانوا صغارا لأن ذلك يؤذيهم أشد الأذى.

    هذه بعض النصائح في التوجيه والتعامل مع المراهقين ربما تعين على تخطي هذه المرحلة والانتقال منها بهدوء، ولا شك أن هناك من النصائح كثيرا مما لم يذكر ولكن هذه إطلالة من الكاتب ومساهمة نرجو من ورائها النفع .. والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.
    اسلام ويب
                  

08-31-2015, 01:53 AM

سيف اليزل برعي البدوي
<aسيف اليزل برعي البدوي
تاريخ التسجيل: 04-30-2009
مجموع المشاركات: 18425

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات متنوعة عن الأسرة و المجتمع (Re: سيف اليزل برعي البدوي)

    في زحمة الحياة واشتداد صخبها وتوالي حوادثها وكَرِّ أيامها ينسى الإنسان كثيرا وتتابع حلقات الإنسان لتغل العنق بأغلال الأرض ويلتصق بها مؤثرا إياها بل ربما يجعلها الآخرة والأولى والمبدأ والمنتهى، من هنا جاءت أهمية الذكرى لتنقشع غمامات الغفلة عن عين البصيرة ومدرك الحقيقة، وللسلف رضوان الله عليهم وهم القدوة حالات تُنبئُ بآثار اليقظة، ذكر عمر بن الخطاب رضي الله عنه ما أصاب الناس من الدنيا، فقال: لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يظل اليوم يلتوي ما يجد من الدَّقَلِ ما يملأ به بطنه." والدقل هو رديء التمر.

    ومر أبو هريرة رضي الله عنه بقوم بين أيديهم شاةٌ مصليّةٌُ، فدعوهُ فأبى أن يأكل، وقال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من الدنيا ولم يشبع من خبز الشعير.

    وتتكرر هذه الحالات في صور شتى ومواقف مختلفة وللذكرى بريقها وبرقها، بها نأمل ونتأمل، ثم أليس من حق الروح أن تحلق في سماء الوفاء؟!! إذا أردت ذلك فما عليك إلا أن تصاحبنا في لمحات من يقظة القلب وبصيرة العقل وحياة الروح مع هذا الحديث:

    قالت عائشة رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وسلم: "لما أُمِرَ رسول الله صلى الله عليه وسلم بتخيير أزواجه بدأ بي فقال: " إني ذاكرٌ لك أمرا، فلا عليك أن لا تعجلي حتى تستأمري أبويك" قالت: وقد علم أن أبواي لما يكونا يأمراني بفراقه، قالت: ثم قال: إن الله جل ثناؤه قال: "يا أيها النبي قل لأزواجك إن كنتن تردن الحياة الدنيا وزينتها ـ إلى قوله ـ أجرا عظيما" ، قالت : فقلت: ففي أي هذا أستأمر أبويّ، فإني أريد الله ورسوله والدار الآخرة. قالت: ثم فعل أزواج النبي صلى الله عليه وسلم مثلما فعلت". أخرجه البخاري ومسلم.

    اختار النبي صلى الله عليه وسلم لنفسه ولأهل بيته معيشة الكفاف، لا عجزا عن حياة المتاع وإنما استعلاء بنفس توقن أن الآخرة خير لها من الأولى وأنها الأبقى، جاءه جبريل عليه السلام بمفاتيح خزائن الأرض فعف عنها وتركها وآثر الآخرة عليها، كان ينفق ولا يخاف فقرا، يعطي عطاء اليقين وهو أجود بالخير من الريح المرسلة وكان يقول صلى الله عليه وسلم لأصحابه: "أبشروا وأملوا ما يسركم فوالله ما الفقر أخشى عليكم، ولكن أخشى أن تبسط الدنيا عليكم كما بسطت على من كان قبلكم، فتنافسوها كما تنافسوها، فتهلككم كما أهلكتهم".

    لقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينأى بنفسه وآل بيته أن ينافسوا أحدا في ديناه ولو بتشرف نفس لأن ربه سبحانه علمه وأدبه ونهاه بقوله سبحانه: "ولا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم زهرة الحياة الدنيا لنفتنهم فيه ورزق ربك خير وأبقى".

    فالحياة الدنيا وما فيها من متاع وما يحوطها من زخارف ووشى زهرة والزهرة ستذبل بعد حين بعد الابتلاء بها والمحنة برواقها وروائها، أما رزق الله سبحانه له فهو نعمة بلا فتنة.

    قال في الظلال: دعوة إلى الاعتزاز بالقيم الأصيلة الباقية وبالصلة بالله والرضى به. فلا تتهاوى النفوس أمام زينة الثراء، ولا تفقد اعتزازها بالقيم العليا، وتبقى دائما تحس حرية الاستعلاء على الزخارف الباطلة التي تبهر الأنظار...ولكن نساء النبي صلى الله عليه وسلم كن نساء من البشر، لهن مشاعر البشر، وللبشر حاجات وزينة من مال ومتاع ونفقة اجتمعن يسألنه صلى الله عليه وسلم النفقة فأصابه من الأسى ما أصابه حتى احتجب صلى الله عليه وسلم عن أصحابه.

    وأقبل أبو بكر ـ رضي الله عنه ـ يستأذن على رسول الله صلى الله عليه وسلم والناس بباه جلوس فلم يؤذن له، ثم أقبل عمر ـ رضي الله عنه ـ فاستأذن فلم يؤذن له. ثم أذن رسول الله صلى الله عليه وسلم لهما فدخلا والنبي صلى الله عليه وسلم جالس وحوله نساؤه وهو صلى الله عليه وسلم ساكت فقال عمر: لأكلمنّ النبي صلى الله عليه وسلم لعله يضحك. فقال يا رسول الله لو رأيت ابنة زيد ـ امرأة عمر ـ سألتني النفقة فوجأت عنقها! فضحك صلى الله عليه وسلم حتى بدت نواجذه وقال: " هن حولي يسألني النفقة"! فقام أبو بكر ـ رضي الله عنه ـ إلى عائشة، وقام عمر ـ رضي الله عنه ـ إلى حفصة، كلاهما يقولان: "تسألان النبي صلى الله عليه وسلم ما ليس عنده؟! فنهاهما رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلن: والله ما نسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد هذا المجلس ما ليس عنده، ونزلت آية التخيير.

    بدأ رسول الله صلى الله عليه وسلم بحبيبته عائشة ـ رضي الله عتها ـ فاختارت الله ورسوله والدار الآخرة وقالت: أسألك ألا تذكر لامرأة من نسائك ما اخترت، فأجابها صلى الله عليه وسلم: لا تسألني امرأة منهن عما اخترت إلا أخبرتها.

    انطلاقة من هواتف الأرض وتحررا، كلهن رضي الله عنهن اخترن الله ورسوله والدار الآخرة.

    ملامح من عواطف الحب وومضات الإيثار في اليقين بما عند الله للصالحات القانتات، " ومن يقنت منكن لله ورسوله وتعمل صالحا نؤتها أجرها مرتين، وأعتدنا لها رزقا كريما".

    صورة من السيرة فهل يا ترى تسافر أرواحنا لنعايش شيئا من جمالها ولملم القلوب حولها، وأخيرا: الصبر لله غناء وبالله تعالى بقاء، وفي الله بلاء، ومع الله وفاء، وعن الله جفاء، فاصبروا في الله، وصابروا في الله، ورابطوا مع الله.
    اسلام ويب
                  

09-01-2015, 00:57 AM

سيف اليزل برعي البدوي
<aسيف اليزل برعي البدوي
تاريخ التسجيل: 04-30-2009
مجموع المشاركات: 18425

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات متنوعة عن الأسرة و المجتمع (Re: سيف اليزل برعي البدوي)

    إنها كارثة بمعنى الكلمة.. ومصيبة ربما لا نشعر بقدرها وضررها إلا بعد زمن طويل.. وربما يصعب أو يستحيل تدارك آثارها على الأبناء أبدا.. تلك الكارثة هي إهمال الأبناء في الصغر والانشغال عنهم والتقصير في احتضانهم والقرب منهم ونقل الشعور بدفء العلاقة معهم.

    لقد كانت هذه الجفوة بين الآباء والأبناء سببا رئيسا في ضياع مستقبل الكثير من الشباب، وانهيار مشروع رجل محترم وإنسان له قيمة، وتحول ذلك إلى مشروع شاب مجرم أو إنسان فاشل بمعنى الكلمة.

    إن معنى انشغال الأبوين عن أولادهما وانهماكهما في حياتهما الخاصة وقطع الصلة بالأولاد معناه أن يبحث الأولاد عن بدائل ومصادر أخرى يستمدون منها التوجيه ويسمعون منها كلمات المودة والتقدير والثناء، وفي أكثر الأحيان تكون هذه المصادر منحرفة لكنها تبدو في صورة الصديق الودود أو الصاحب المحبوب مما يجعل الانخداع بها سهلا ميسورا ويكون أثرها مؤثرا مضمونا.

    هذا ما حدث لصاحب قصتنا وأنا أعلم أن أمثاله في واقعنا كثيرون بل كثيرون جدا ممن نكبت بهم أممهم وبلادهم بدلا من أن يكونوا أعضاء صالحين وعاملين منتجين:

    يقول صاحب قصتنا والتي جاءت في كتاب "المراهقون يتحدثون": كنت أعيش في أسرة كل عضو فيها مشغول بأمر نفسه.. والدي مشغول بعمله طوال النهار مع جزء من الليل.. والدتي تقضي معظم أوقاتها مع صديقاتها في النادي.. شقيقي الكبير يعمل في الخارج، ونادرا ما يتصل تلفونيا للاطمئنان علينا.

    لم أجد أحدا في الأسرة أتحدث معه أو أشكو إليه مشاكلي أو همومي. ولذلك لم أشعر أنني سعيد مع أن والدي يمنحني الكثير من المصروف كل أسبوع، وإذا احتجت المزيد فلم أتردد في طلب ما احتاجه من والدتي التي لم تتأخر لحظة في تلبية رغباتي المالية.

    لم تكن هناك أية رقابة من الأسرة على سلوكياتي، ولم يسألني والدي في يوم ما أين أذهب أو أين أسهر ومن هم أصدقائي.

    أما عن أصدقائي فهم جماعة من رفقاء السوء ممن ابتلوا بإدمان المخدرات وتناول الخمور ولعب القمار الذين وجدت عندهم ما افتقدته في البيت؛ فقد كانوا دائما ما يحيطونني بمشاعر المودة والاحترام التي افتقدتها في أسرتي.. هل تعرفون لماذا كل هذا الاهتمام؟ لأنني أستطيع أن أحصل على المال من والدي في أي وقت!

    وبالطبع كانوا يستطيعون الحصول على كل ما أمتلك من مال وقتما يريدون، ولم أكن أدري أنهم يستغلون علاقتي بهم، ولكني أخيرا أدركت أنهم جماعة فاسدة يسيرون في طريق الهاوية.

    بعدما اجتزت امتحان السنة الأولى في كلية العلوم بتقدير (جيد) وجدت نفسي بلا هدف، ولم أجد ما أفعله لملء وقت الفراغ الذي كنت أعانية. فشكوت هذا الملل لأحد أصدقائي من أفراد الجماعة وعلى الفور اقترح اقتراحا من الصعب أن أرفضه وهو أن أذهب معه في نزهة بالسيارة على شاطئ النيل مع اثنتين من الفتيات الجميلات.

    وعندما حان موعد النزهة وجدت هذا الصديق يقود سيارة فارهة مع الفتاتين الجميلتين حيث ادعي أنهما من أقاربه، واعتقدت في بداية الأمر أنها سيارة والده، ولكني فوجئت بعد ذلك أنه قد سرقها بمفتاح مصطنع وأخبرني أنه سوف يعيدها إلى مكانها بعد انتهاء النزهة.. قضينا وقتا ممتعا، ثم رجعنا في منتصف الليل إلى قواعدنا لاستكمال السهرة في شقة أحد الأصدقاء.

    وفي اليوم التالي قام هذا الصديق بسرقة سيارة أخرى من أجل نزهة أخرى. واستمر الحال على هذا إلى أن علّمني كيف أسرق السيارات ثم أعيدها إلى مكانها في آخر الليل.

    ولكن صديقي لم يقتنع بذلك، بل تطور الأمر إلى أنه لم يقم بإعادة السيارة إلى مكانها، بل اتفق مع تاجر (خردة) على بيع السيارة المسروقة بمبلغ ألف جنيه، ورغبني في الاشتراك معه في تلك السرقات، واقتسمت معه المبلغ فيكون نصيبي (500) خمسمائة جنيها. ومارست سرقة السيارات وأصبحت حرفتي..

    وإلى هذا الوقت لم يكن والدي يعرف أنني تركت الكلية، ولم أرغب على الإطلاق في استكمال الدراسة، وكذلك والدتي التي كانت مشغولة مع صديقات النادي بالحفلات التي لا تنتهي.

    دق جرس تليفون المنزل لكي يخبر (المتحدث) والدتي أنه قد تم إلقاء القبض عليّ في قضية سرقة سيارة.. انهارت والدتي وسقطت على الأرض مغشيا عليها، فقامت الخادمة بالاتصال بوالدي على التليفون المحمول لتخبره بما حدث.

    دقائق معدودة وجدت والدي أمامي في قسم الشرطة ومعه المحامي الخاص لكي يخرجني على ذمة القضية، ولكن المحامي لم يستطع إقناع ضباط الشرطة بذلك حتى يتم عرضي على النيابة في صباح اليوم التالي.. وأمام وكيل النيابة اعترفت بما حدث وتم تحويل أوراق القضية إلى المحكمة التي قضت بسنتين سجن.. وعند سماع والدي بذلك الحكم أصيب بالشلل، ولم يعد قادرا على العمل بعد ذلك.

    خرجت من السجن لأجد والدي مشلولا قعيد الفراش، ولم يعد لنا مصدر رزق بعد ذلك.. والدتي تركت المنزل لأنها لم تكن قادرة على رعاية والدي.. وكانت ترعاه الخادمة التي لم تتقاضى مرتبها منذ ستة شهور، ولم تترك الخادمة مهمتها في رعاية والدي حتى بعد خروجي من السجن.

    ماذا أفعل وسط هذه الصراعات الرهيبة مع الحياة؟ اضطررت إلى العمل (منادي سيارات) ولكن ما كنت أحصل عليه من هذا العمل لم يكن يكفي ثمن الدواء لوالدي! ماذا أقول لكم بعد ذلك سوى أنني كنت أدعو الله تعالى أن يكشف هذه الغمة التي ظلت تلازمني.

    أدركت أنني كنت مقصرا في حق الله تعالى وفي حق نفسي، فاتجهت إلى العبادة لعل الله سبحانه يخرجني من هذا الجحيم.. واظبت على أداء الصلوات فأحسست بشيء من الراحة النفسية بالرغم من الضائقة المالية التي كنت أعيشها مع والدي المشلول.. إلى أن جاء فرج الله عندما حضر شقيقي من الخارج بعد غيبة طويلة.

    صمد شقيقي أمام تلك الصدمات، فكان صابرا قويا وحرص على علاج والدي، ويسر الله لنا وتعونا في عم مشروع تجاري صغير أبدأ من خلاله عملا شريفا.

    إلى هنا انتهت القصة ولكن لم تنته معها معاناة كثير من الشباب الذين لم تهيئ لهم الأقدار أخا مسافرا أو كريما معاونا أو سبيلا للحياة شريفا، بل ربما خرجوا من السجون ليزاولوا نشاطهم ويكملوا مع السرقة مشوارهم ولتصلى أسرهم وأوطانهم جحيم جرائمهم.

    وربما لو وجد هؤلاء أبا حانيا أو أما رؤوما أو أخا عطوفا لتغيرت معالم حياتهم ولربما كانوا أمثلة طيبة في العلم والعمل.. ولقد صدق من قال:

    ليس اليتيم من انتهى أبواه *** من همّ الحياة وخلّفاه ذليلاً
    إن اليتيم هو الذي تلقى له *** أمّا تخلّت أو أباً مشغولاً
    اسلام ويب
                  

09-01-2015, 01:00 AM

سيف اليزل برعي البدوي
<aسيف اليزل برعي البدوي
تاريخ التسجيل: 04-30-2009
مجموع المشاركات: 18425

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات متنوعة عن الأسرة و المجتمع (Re: سيف اليزل برعي البدوي)

    كيف تطور نفسك
    افترض أنك رأيت شخصا يتصبب عرقا وهو يحاول قطع إحدى الأشجار بمنشار صدئ، وحينما تسأله: ماذا تفعل يا رجل؟

    - يرد عليك بحدة ونفاذ صبر: ألا ترى؟ إنني أحاول قطع هذه الشجرة.

    - فتقول له: يبدو عليك الإرهاق التام، فكم من الوقت مضى عليك وأنت تحاول قطع هذه الشجرة؟

    - فيقول: أكثر من خمس ساعات وأنا في هذه المهمة الشاقة.

    - ولماذا لا تأخذ استراحة قصيرة تسن فيها هذا المنشار الصدئ الذي تستعمله؟ فلا شك أن ذلك سوف يجعلك تنتهي من هذا المهمة بسرعة أكبر.

    - ليس عندي أي وقت أضيعه في سن هذا المنشار، فأنا مشغول.

    ما رأيك أيها المؤمن، في هذا الإنسان الساذج الذي يأبى أن يوفر قليلا من الوقت يسن فيه منشاره الصدئ؛ لكي يستطيع إنجاز علمه بمجهود أقل وفي وقت أقصر؟ لا شك أنك تتهمه بالسذاجة وربما الغباء، ولكن اسمح لي أن أخبرك أن كثيرا من الناس مثل هذا الرحل، وعفوا: قد تكون منهم؛ فإننا في الغالب نبخل بقليل من الوقت على أنفسنا نشحذ فيه قدراتنا ونطور فيه من مهاراتنا لنكون أكثر قدرة على تحقيق أهدافنا، ومع أنه لا يوجد عصر من العصور السابقة قد توفرت في سبل اكتساب المهارات كعصرنا هذا، إلا أننا نحن المسلمين ما زلنا في واد والعالم كله في واد آخر!!

    اعلم أيها المؤمن (أن الوقت الذي تستثمره في العناية بشحذ قدراتك هو أهم استثمار تقوم به في حياتك؛ لأنه استثمار فيك أنت وفي قدراتك على التعامل مع مشاكل الحياة المعقدة المتشابكة).

    والمهارات التي يمكن أن تكتسبها لتجعلك أكثر قدرة على تحقيق أهدافك كثيرة، و من أمثلة هذه المهارات في هذا الجانب:

    · الحصول على دورات في مجال الحاسب الآلي (الكمبيوتر).

    · إتقان اللغة الإنجليزية.

    · إتقان سرعة الكتابة على الحاسب الآلي.

    أعط كل ذي حق حقه
    إن الإنسان يجتاج إلى تحقيق التوازن فالجانب الإيماني والجانب الأسري والجانب المهني والصحي والمالي والجانب العلمي والثقافي لتحقيق النجاح .. وقد تقول بعد كل هذا: وكيف لي أن أحقق كل الأهداف معا؟ وهل أستطيع أن أوازن بين كل هذه الأدوار؟

    أقول: بداية إن كل هذه الأمور لا غنى لك عنها، فكل الجوانب السابقة التي أوجبنا عليك أن تجد لك فيها أهدافا لا يكتمل ولا يتم النجاح الحقيقي إلا بها جميعا، يقول سلمان الفارسي رضي الله عنه: "إن لنفسك عليك حقا، ولربك عليك حقا، ولضيفك عليك حقا، وإن لأهلك عليك حقا، فأعط لكل ذي حق حقه"، ولما بلغ ذلك القول رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "صدق سلمان".

    وهذه الأدوار متداخلة إلى حد كبير، حيث يؤثر كل دور في الآخر تلقائيا؛ لأنها معا تشكل حياتنا، فالحياة كلٌ لا يمكن تجزئته، والمشكلة فينا أننا منذ سن مبكرة تمت برمجتنا من خلال المدارس والجامعات على هذه العقلية الانفصالية التي ترى هذه الأدوار كلها كأجزاء منفصلة عن الحياة، فنحن في المدرسة مثلا ندرس موضوعات منفصلة تعالجها كتب منفصلة، فيحصل أحدنا على تقدير ممتاز في الرياضيات، ومقبول في الفيزياء، ولا نرى أن هناك أية علاقة بين المادتين، وبنفس العقلية نرى دورنا في العمل منفصلا عن دورنا في المنزل، ولا نرى أية صلة بينهما وبين أدوارنا في المجتمع أو في تطوير الذات.

    فالمشكلة إذاً في الطريقة التي ننظر بها إلى المشكلة، فلا بد أن ندرك أولا أن مهمتنا ليست الجري ما بين الأدوار في تنازع بينها على ما نملك من وقت وطاقة، وإنما التوازن أن تعمل كل الأدوار متداخلة متزامنة في تناغم يحقق الكل، فالتوازن ليس: إما هذا...أو ذاك، إنه: هذا ...بالإضافة إلى...ذاك.

    مفاتيح التوازن بين الأدوار:
    1ـ أن تكون كل أدوارك تنبع من رسالتك:
    فهذا أول مفتاح لعملية التوازن، أن ترى رسالتك في كل دور من هذه الأدوار، بحيث تكون جميعها نابعة حقيقة من رسالتك الشخصية، وهنا تصبح أدوارنا تلك كفروع ناضرة لشجرة باسقة لا يمكن فصلها عن بعضها، بل إنها تقوي بعضها البعض، وتتغذى جميعا من نفس الجذر.
    تماما كما وصف الله عز وجل المؤمنين في تكاملهم وترابطهم فقال: (كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ)(الفتح: من الآية29)

    فالمؤمن كمثل زرع أخرج فروعه، فنما وزاد سمكه ونمت هذه الفروع حتى استوت على سيقانها، فأصبحت الشجرة قوية صلبة يقوي بعض أجزائها بعضا، فهكذا أدوارك في الحياة إذا نبعث كلها من رسالتك الشخصية فإنك لا ترى أي انفصال بينها.

    وهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم ترى كل أدواره نابعة من رسالته الشخصية التي قال الله عز وجل عنها: "وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين".
    ولذلك تجده صلى الله عليه وسلم كما كان رحمة للبشرية بقيادة الأمة ورفع راية الجهاد في سبيل الله، وإنشاء المجتمع، وتجييش الجيوش، فهو رحمة للبشرية في معاملته لزوجاته رضي الله عنهن، فهو يسابق عائشة ويمازحها، ويمضي في ذلك الأوقات، فهذا أيضا من رحمته صلى الله عليه وسلم بالعالمين؛ إذ يعلمهم كيف تكون العلاقة بين الرجل وزوجته.

    فحينها تكون أدوارك وأهدافك كلها نابعة من رسالتك الشخصية فإنك تملك الطاقة والدافع القوي النابع من داخل ذاتك، فتستطيع أن تقوم بها معا، أما حين تنفصل تلك الأدوار عن رسالتك فلن يكون لها مثل ذلك الدافع؛ لأنها لا تتغذى من سخونة الذات من الداخل، تماما كنبتة الفول على قطعة القطن المبللة بالماء لا يمكن أن تستمر أكثر من أيام.

    2- التركيز على المبادئ:
    فعندما نركز على المبادئ تختفي عملية الفصل بين الأدوار المختلفة في حياتنا، إذ إن أدوارنا في هذه الحالة تصبح بمثابة روافد طبيعية لممارسة تلك المبادئ الصحيحة التي نبتناها، وتكون هذه الأدوار تحديات نثبت من خلالها تعدد أشكال تطبيق نفس المبادئ في المجالات المختلفة في حياتنا.

    فالمبادئ التي تحقق النجاح في مجال الأعمال هي ذاتها التي تحقق النجاح في إدارة الأسرة، وفي القرن الخامس قبل الميلاد أصيب أحد الجنود المحترفين ـ وكان اسمه نيكوماشيدس ـ بالحزن والإحباط عندما وجد زميلا له قد ترقى إلى رتبة قائد الجيش، وكان كل ما يملكه هو تميزه في إدارة المنزل وإدارة فريق غنائي، فلما شكا ذلك إلى سقراط قال له: " أيًّا كان المكان الذي يرأسه الإنسان سوف ينجح في هذه الرئاسة ما دام أنه يعرف ما يريد، وقادر على القيام بمهنته، كن رئيسا ناجحا سواء كنت تقود أسرة أو مدينة أو جيشا".

    لذلك فإن مهمة من يدير المنزل لا تختلف عن مهمة من يدير شركة كبيرة، إلا في الحجم فقط.

    فإذا ركزت على تطبيق مبادئك فإنك ستتمكن من إحداث تفاعل بين أدوارك يوفر لك الكثير من الوقت والجهد، فمثلا إن مبدأ التفهم للطرف الآخر في التعاملات الإنسانية يوجد الثقة بين الأطراف سواء داخل العمل أو في الصداقة أو في الأسرة، وبه تستطيع أن تتعامل مع أحد أفراد الأسرة في حالة غضب، أو عميل غير مريح، أو رئيس كثير الطلبات أو مرءوس ناقم.

    وبمثل نفس المنطق تستطيع أن تنمي نفسك صحيا وترعى أولادك في وقت واحد كأن تدعوهم مثلا إلى مشاركتك في لعب مباراة لكرة القدم، أو لممارسة السباحة معك أو لنزهة أسبوعية.

    3- كتابة الأدوار كل أسبوع:
    إن كتابة أدوارنا كل أسبوع يجعلها حاضرة في بؤرة تركيزنا باستمرار، ويوجد لها نصيبا في برنامجنا الأسبوعي، يقول أحد المديرين المشغولين: "خلال السبع عشرة سنة التي قضيتها مديرا ذهبت إلى الغداء مع الكثيرين، ولكن عندما كتبت أدواري في الحياة، جئت إلى دور الزوج، فاكتشفت أنني لم أخرج مع زوجتي للغداء مرة واحدة، مع أن علاقتي بها واحدة من أهم العلاقات في حياتي، ونتيجة لعملية التنظيم الأسبوعية بدأت في الاهتمام بهذا الدور، وخرجت معها للغداء، وكان من نتيجة ذلك أن أصبحنا أكثر التصاقا وقربا، وأصبح الاتصال بيننا أسهل؛ ما أدى إلى القيام بأعمال أخرى جعلتني زوجا أفضل، ومع كل مراجعة أسبوعية لعملية تنظيم وقتي أكتشف مزيدا من التقدم في هذه المهمة".
    ــــــــــــــ
    من كتاب "صناعة الهدف"
    اسلام ويب
                  

09-01-2015, 01:02 AM

سيف اليزل برعي البدوي
<aسيف اليزل برعي البدوي
تاريخ التسجيل: 04-30-2009
مجموع المشاركات: 18425

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات متنوعة عن الأسرة و المجتمع (Re: سيف اليزل برعي البدوي)

    كان الموقف مؤثرًا، ومثيًرا للشفقة في ذات الوقت، مع احتراق القلب لما آل إليه حال الشباب محط آمال المستقبل، وذخيرة الغد، وعدة الأمة لملاقاة الأعادي والإحن.. لقد كان المشهد لصبي في مقتبل شبابه يبكي من كل قلبه، وبمنتهى الأسى والأسف لأن الفريق الذي يشجعه خسر في إحدى مبارياته حتى لقد انعقد لسانه عن الرد على المذيع الذي لفت انتباهه شدة بكاء الصبي فأسرع ليعرف سبب هذا البكاء المرير، ويحاول ترضيته بأنها ليست النهاية ولكن الصبي لم يستطع أن يتم الحديث وترك المحاور وذهب وهو يبكي بكاء مرا.

    لم تكن هذه لقطة تمثيلية عرضت في مسلسل أو فيلم، ولا كانت صورة تخيلية تصورتها مخيلة الكاتب، وإنما صورة واقعية تبين مدى ما وصل إليه أبناؤنا، وثمرة غياب الدور التربوي في تردي الهمم وتفاهة الهموم بحيث يصبح فوز فريق على آخر هو منتهى الأماني وأعلى الغايات، وتصبح هزيمة الفريق من مثيرات الشجن ومستدرات الدموع.

    إن هذه الصورة ليست هي الوحيدة ولا هي نادرة ولا شاذة بل إن قطاعات كبيرة، وأقول كبيرة، علقت قلوبها بالتوافه، وبكت على ما لا يستحق دمعة واحدة من عين مؤمنة.

    وعلى الجانب الآخر كانت صورة مؤثرة أيضا لكنها مبهرة، ومثيرة للإعجاب والتقدير صبي في نفس عمر الصبي الباكي أيضا لكن في موقف مختلف تماما عن سابقه، فالبكاء هذه المرة كان في حلقة لختم القرآن الكريم حين بلغ الصبي المبارك سورة الإخلاص والمعوذات فخنقه البكاء، وسالت عبراته حتى أوقفته مرات عن متابعة القراءة، لقد كانت دموع الشكر لله على نعمته وتوفيقه بختم كتابه وحفظه، دموع الفرح بالطاعة والإحساس بعظمة الإنجاز بعد الجهد المضني والمتابعة الحثيثة، دموع العرفان بالجميل للشيخ المؤدب، والتوقير والتعظيم للوالد المربي، وبمجرد أن انتهى البطل الحقيقي من تلاوته، وفرغ من ختمته خر ساجدا لله شكرا، وسجد معه أبوه جزاهما الله خيرا، ثم قام الحافظ فقبل رأس شيخه ورأس والده، في مشهد ذرفت له عيون الحاضرين وحق لها أن تدمع.

    لكن....شتان ما بين الصورتين، وما أبعد ما بين الصبيين، وما أعظم الفارق بين الهمتين.
    وحتى لا يمر الأمر بدون فائدة نقول: إن هذه الهمم هي التي عليها تصاغ الأمم فقدر كل أمة على قدر همم أهلها، فإذا طغت همة الأول على همة الثاني فغلبت التفاهات على عظائم الأمور والمهمات سقطت الأمة ولاشك وضاعت بين الأمم ولعل هذا ما يفسر بعض ما نحن فيه من ضعف ووهن وذل وانكسار.

    إن عودة إلى جيل النصر وأصحاب التمكين، وخير القرون، وجولة بين همم صبيانهم وشبابهم تبين سبب نصرهم، ومفتاح تمكينهم.. حين كان أبناء السابعة عشرة يقودون الجيوش ويسقطون العروش ويفتحون البلدان، وأبناء الرابعة عشرة و الخامسة عشرة يتطاولون بالوقوف على أطراف أصابعهم عند عرضهم على النبي صلى الله عليه وسلم خوفا أن يردهم ، ويبكون خوف فوات الجهاد ونيل الشهادة في سبيل الله رب العالمين.

    ذكر الإمام بن حجر رحمه الله في كتاب الإصابة في معرفة الصحابة في ترجمة عمير بن أبي وقاص أخي سعد بن أبي وقاص عن سعد قال: رأيت أخي عمير بن أبي وقاص قبل أن يعرضنا رسول اللهr يوم بدر يتوارى فقلت: مالك يا أخي؟ قال: إني أخاف أن يراني رسول الله r فيستصغرني فيردني، وأنا أحب الخروج لعل الله أن يرزقني الشهادة. قال: فعرض على رسول الله r فاستصغره فرده فبكى، فأجازه، فكان سعد يقول: فكنت أعقد حمائل سيفه من صغره فقتل وهو ابن ست عشرة سنة.

    الهموم بقدر الهمم
    إن وجود هذه الهمم هو الذي يأتي بالنصر والرفعة والتمكين، أما استئثار التوافه بالتفكير، وطغيانها على القلوب والعقول فلا يأتي من ورائه إلا الذل والعار والتأخر والدمار وضياع الذكر بين الأمم مع الخسران المبين يوم الدين.

    ويروي لنا التاريخ أن الصليبيين بعثوا بأحد جواسيسهم إلى أرض الأندلس المسلمة، وبينما الجاسوس يتجول في أراضي المسلمين إذا به يرى غلاما يبكي وأخر بجواره يطيب من خاطره، فسأله الجاسوس: ما الذي يبكي صاحبك؟ فقال الشاب: يبكي لأنه كان يصيب عشرة أسهم من عشرة في الرمي، لكنه اليوم أصاب تسعة من عشرة. فأرسل الجاسوس إلى الصليبيين يخبرهم: (( لن تستطيعوا هزيمة هؤلاء القوم فلا تغزوهم )).

    ومرت الأعوام وتغيرت الأحوال وتبدلت معها الهمم والهموم، وجاء الجاسوس الصليبي إلى أرض المسلمين مرة أخرى، فرأى شابين أحدهما يبكي والآخر يطيب خاطره، فسأله الجاسوس: ما الذي يبكي صاحبك؟ فأجابه: إنه يبكي لأن فتاته التي يحبها قد هجرته إلى غيره. فأرسل الجاسوس إلى قومه: ((( أن اغزوهم الآن فإنهم مهزومون ))).
    اسلام ويب
                  

09-01-2015, 01:03 AM

سيف اليزل برعي البدوي
<aسيف اليزل برعي البدوي
تاريخ التسجيل: 04-30-2009
مجموع المشاركات: 18425

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات متنوعة عن الأسرة و المجتمع (Re: سيف اليزل برعي البدوي)

    أرهقني هذا المراهق... أرهقني في تصرفاته... أرهقني في طريقة تفكيره... أرهقني... أرهقني... أرهقني كثيراً ما نسمع مثل هذه الجمل تتردد على الأذهان وأعتقد بأن الأسلوب المستخدم مع المراهق هو الذي أرهق المراهق، وأرهق الوالدين.



    لابد وأن يعرف الآباء أن مرحلة المراهقة هي مرحلة انفصال المراهق بإرادته وعواطفه، وللوالدين دور كبير في تنشئة أبنائهم مرحلة المراهقة تحت ظل تنشئة إسلاميه صحيحة وعندما أتحدث عن المراهق فأنا أتحدث عن كلا الجنسين.



    قوتان دافعتان
    يحتاج المراهق إلى قوتين دافعتين يفجرهما الله في نفسه:

    1: شدة الانفعال.

    2: الحاجة إلى الاستقلال،
    وهناك أساليب عملية للتنشئة الصحيحة، ينبغي التحري عن أصدقاء المراهق فهو أمر في غاية الأهمية، ولا يكون ذلك بالتجسس عليه.. بل مصادقته، والسؤال عن أصدقائه بأسلوب الدردشة، وأحياناً مصادقة أصدقائه والجلوس والتنزه معهم، وبذلك تستطيع أن تحتوي المراهق وتكسب في صفك أكبر مؤثر لابنك وهم أصدقاؤه. اكتشف إيجابيات ابنك.لا أعتقد أن أحداً يحب رئيسه أو مديره في العمل إذا كان ينتقده بشكل متواصل، وبعضهم يظن أن الموظف لا يستحق أن يُشكر على عمله الجيد؛ لأنه واجب عليه أصلاً، في ذات الوقت الذي يعتقد أنه يستحق اللوم على التقصير فيصبح 90% من حديث الرئيس الفاشل لوماً وتوجيهاً و أوامر أيضاً، نفس الشيء ينطبق على الآباء فالأولى أن تهتموا بإيجابيات أبنائكم مهما كانت صغيره في أنظاركم؛ فالعناية بـ 5% من الايجابيات للابن المراهق أو الفتاة المراهقة قد تتحول في المرات القادمة إلى 50%.

    إذاً يكفي ملاحظات ونقدا لسلبيات وعيوب الأبناء، وتفكر معي قول الشاعر:

    لسانَك لا تذكرْ به عورةَ امرئ * * * فكلُّك عوراتٌ وللناس ألسنُ




    والأبناء أيضاً بشرٌ لهم ألسنة وأعين فاحصة تنتقد وتدقّق بكل مثالية وقساوة أحياناً، وإذا استمررنا على متابعة زلاتهم وعيوبهم فسوف يبادلوننا النظرة السلبية لتتبع العيوب واكتشاف التناقض بين المثالية التي تطلبها وحقيقة شخصيتك وتشوه بذلك الصورة المشرقة في أذهانهم، وعلى العكس إذا لاحظت حسناتهم سيتعلمون هذه الإيجابيات الموجودة في الآباء حينها يزداد تعلقهم في الآباء وتزداد خبرتهم، واستفادتهم منك.





    التعبير عن المحبة

    حب الأبناء محتاج دائماً للتعبير فلا تحرموا أنفسكم وتحرموا أبناءكم لذة هذا التعبير.... بالهدية مثلاً فالرسول - صلى الله عليه وسلم - يقول: (تهادوا تحابوا). عبّر عن حبك لابنك/ابنتك بالثناء عليهم في غيابهم، وسيصلهم الحديث حتماً ولو بعد حين... عبّروا عن حبكم بطريقة مباشرة، فهم يحتاجون إلى سماع الكلام الجميل، فقد يبحثون عنه خارج البيت أو بطرق أخرى، خاصة بعدما وصلت إليه التقنية الحديثة من تطور؛ إذ يتبادل الأبناء رسائل الجوال على القنوات الفضائية وما فيها من خداع وكذب، فتصبح بذلك فضائح المراهقين والمراهقات على الهواء، وهذا ما لا يرضاه الإنسان الغيور على أبناء شعوبنا العربية المسلمة ستستخدم السحر العظيم عندما تغمر قلب ابنك أو ابنتك بالحنان حينما تأخذه بين ذراعيك شرط ألاّ يكون هناك سبب لذلك؛ فمبدأ الأرض مقابل السلام لا يجدي في تربية الأبناء.





    الاعتراف برأي ابنك /ابنتك مهم جداً في الأمور الممكنة، فذلك يعزز ثقة واحترام المراهق في نفسه، ويجنبه كثيراً من المواقف التي يحاول فيها إثبات ذاته وقدراته، فالمراهق أو المراهقة عندما يضعان حلاً للمشكلة يكونان هم ألزم بها، وعندما يأتي ابنك أو ابنتك ليعترفا بأخطائهما لا تنصحوهما بطريقه مباشره مثلاً تقول له: أنت أخطأت، ويجب أن تفعل كذا وكذا!! انصحه بطريقة الحكايات، والأخذ والعطاء.





    أخيراً فربما أكون قد طرحت حلولاً بسيطة ولا أعتقد أنها صعبة أو مستحيلة، بل إنها مأخوذة من أرض الواقع. نسأل الله لكم الذرية الصالحة والتوفيق والعمل الصالح لتنشئة إسلامية صحيحة

    ــــــــــــــ
    المصدر: رحمة الغامدي
                  

09-01-2015, 01:06 AM

سيف اليزل برعي البدوي
<aسيف اليزل برعي البدوي
تاريخ التسجيل: 04-30-2009
مجموع المشاركات: 18425

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات متنوعة عن الأسرة و المجتمع (Re: سيف اليزل برعي البدوي)

    تطالعنا الأخبار أن المشاريع الاستثمارية لم تعد فقط (شراء العقارات والأراضي والمضاربة في أسواق رأس المال)، ولكنها توسعت لتشمل كل ما هو جديد وغريب، حتى إنها امتدت لتشمل مؤسسة الزواج؛ خاصة في مجتمعاتنا العربية المسلمة؛ فهذا المشروع ينظر إلى مؤسسة الزواج على أساس نفعي، وذلك من خلال اختيار المرء شريكةَ الحياة (الزوجة) صاحبة الوظيفة والبحث عنها من خلال سوق العمل، ويصبح عامل «الوظيفة» أساساً لاختيار شريكة الحياة (الزوجة) ومقدَّماً على أيِّ اعتبارات أخرى، ومن ثَمَّ لم يعد البحث عن شريكة الحياة يجري من خلال الوسائل التقليدية (الأهل والمعارف)، بل بشكل ميكانيكي عن طريق مكاتب الزواج أو مواقع الزواج عبر الإنترنت؛ حيث يقوم الشاب بمَلْء استمارة برغباته.

    لقد أصبحت هذه الظاهرة - الزواج من الموظفة - تشهد تنامياً في المجتمعات العربية المسلمة، بل زادت حدتها في السنوات العشر الأخيرة، فترى نصائح من حولك باختيار المرأة التي تعمل؛ بدعوى الظروف الاقتصادية الطاحنة وضرورة تعلُّم المرأة وإقحامها في مجال العمل حتى يكون راتبها - وإن قلَّ - سنداً لزوجها، واستخدام شعارات برَّاقة؛ مثل: تحقيق المساواة، والنظر إلى من يتزوج بغير العاملة بشفقة؛ لأنه سيصطدم بصخرة الواقع المتمثلة بكثرة احتياجات الأسرة.

    ويسعى هذا المقال لتأمُّل آثار هذا المشروع النفعي (الزواج من صاحبة الوظيفة) الذي يمثِّل خرقاً لأسس ودعائم قيام منظومة الأسرة المسلمة – حتى لا نقع فريسة له – من خلال إبراز سِمَاته واختلافه عن المقاصد الأصلية للزواج في الإسلام (المشروع الأصلي) وعواقبه.

    أولاً: المقاصد الأصلية للزواج في الإسلام وأسس قيام الأسرة المسلمة:

    الأسرة في الإسلام - هذه المؤسسة المشتركة بين الرجل والمرأة - لا تقوم إلا وَفْق أسس وقواعد تقوِّمها وتدعم بنيانها وتضمن استمرارها، وهذه الأسس مبادئ يجب أن لا تتغير؛ لأنها الحصن الحصين الذي نحتمي به؛ فإذا كان النسل هو المقصد الأصلي من الزواج؛ فهناك مقاصد تبعية - إيجاد السكن النفسي والروحي - لا يحكمها منطق المتاجرة وحسابات الربح والخسارة المادية.

    وعقد الزواج في الإسلام - الميثاق الغليظ - يرتِّب على الطرفين مسؤوليات متبادلة؛ فالزوج مسؤول عن زوجته والسكن إليها والرحمة بها والنفقة عليها وعلى أولادها {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ} [النساء:٤٣]

    ومهمة الزوجة لا تقل في عظمتها عن مهمة الرجل؛ فهي راعية في بيتها تدير شؤونه وتصون ممتلكاته وترعى أولادها.

    وقد أمرنا الرسول - صلى الله عليه وسلم - بحسن الاختيار عند الزواج لكلا الطرفين؛ فقال صلى الله عليه وسلم: «ألا أخبركم بخير ما يكنز المرء؟ المرأة الصالحة: إذا نظر إليها سرَّته، وإذا غاب عنها حفظته، وإذا أمرها أطاعته» أخرجه أبو داود.

    وقال - صلى الله عليه وسلم - أيضاً: «تُنكح المرأة لأربع: لمالها ولحسبها ولجمالها ولدينها؛ فاظفرْ بذات الدين تربتْ يداك»، مشيراً إلى أن الأسس الأربعة التي ذكرها الحديث هي معايير الاختيار لشريكة الحياة (الزوجة)، ولكنها لا تجتمع كلها في الغالب، وإنما يختار الإنسان أولوياته من بينها.

    فالإسلام يُعلي من شأن ذات الدين، وفي الوقت ذاته لا يرفض المقومات الثلاثة الأخرى، ولكنه يقدِّم الدين عليها. فلا مانع من أن تكون الفتاة متعلمة وعاملة، ولكن الأهم أن تكون ذات دين وخُلق؛ فقد تحصل الفتاة على أعلى الشهادات العلمية ولكنها لا تصلح للنهوض بمسؤولياتها بوصفها أماً أو زوجة ولا تعلم شؤون دينها وواجباتها.

    والملاحظ أن بعض اختيارات الشباب هذه الأيام اختيارات فاسدة؛ لأنها تعتمد على اتِّباع الهوى، وتخل بأمر الدين في الاختيار - إهمال الناحية الدينية والأخلاقية – وتقدم عليه عوامل أخرى كالمال وهذا الاختيار المخل موجب للفشل بكل تأكيد؛ فالمال لا يستطيع بناء حياة زوجية سعيدة؛ فهو ليس كل شيء، ودعائم الحفاظ على العلاقة بين الرجل والمرأة في ظل مؤسسة الأسرة المسلمة ليست المصالح والمكاسب المادية؛ ولكنها المودة والرحمة، واختيار شريك الحياة لا يصح بأيِّ حال أن يقوم على أساس عامل واحد - المؤهل العلمي، والمنصب الوظيفي، والمستوى المادي - دون اعتبار بقية العوامل وإهمال الناحية الدينية والأخلاقية؛ فالبداية الحقيقية لحياة زوجية سعيدة تعتمد أساساً على الاختيار الجيد للطرفين، ويكون هذا الاختيار على أساس توافر الصفات المشتركة (التكافؤ: الاجتماعي، والعلمي، والثقافي، والاقتصادي).

    بالتأكيد ليست هذه الصفات على درجة واحدة في الأهمية لدى كل شخص يتقدم للزواج، ولا يتوقع أن يجدها جميعاً في شريك حياته، ولكن مع ترتيب أولوياته يجب الحرص على عامل الدين في المقدمة، وعدم تقديم تنازلات فيه.

    ثانياً: سِمَات المشروع النفعي واختلافه عن المقاصد الأصلية للزواج في الإسلام:

    إن اختيار المرء شريكةَ حياته على أساس عامل واحد (البحث عن صاحبة الوظيفة) يجعل من عمل المرأة بنداً أساسياً في عقد الزواج كأنه أساس الارتباط، ويطرح للمرأة دوراً جديداً - دوراً زائداً - ليس فقط تدبير أمور المنزل ورعاية الأطفال في المجال الأول، ولكنها وسيلة لجلب المال، ومن ثم تصبح المرأة من خلال هذا (الزواج النفعي) نِدّاً للرجل؛ لأنها شريك في المشروع من خلال رأس مالها، وعند اختلال هذا الدور أو الفشل فيه قد ينهار المشروع.

    إن هذا المشروع النفعي يمثِّل خرقاً لمنظومة الأسرة المسلمة؛ فهذا الشكل الجديد بوصفه أساس اختيار الزوجة يمثِّل تقبُّلاً لأفكار تحرير المرأة - نموذج العالم الغربي - ويجعل من الطرح النسوي والمناداة بالمساواة بين الجنسين - عقيدة أهل هذا المشروع - أمراً مطلوباً وملحّاً، بينما هذه المساواة تقع بين مختلفين، ومن ثم فلا وجود للمساواة هنا، وليست المساواة من خلال فرض أعباء زائدة على دور المرأة فتصبح التسوية بين مختلفين إضراراً بهما.

    إننا نحتاج إلى تدارك ما يحققه هذا المشروع النفعي من خلل في الدور الوظيفي للمرأة بالإصلاح، وإلا فالفرق يتسع لأسس ودعائم منظومة الأسرة المسلمة ولطبيعة الأدوار، ويفتح أبواباً ضارة تهدِّد بانهيار الحياة الزوجية، ومنها:

    1 - يجعل المرأة منافساً للرجل وليس مكملاً، فعندما تدرس الفتاة ما يدرسه الذكور، وتعمل المرأة بالمدة والراتب نفسهما؛ تصبح الزوجة وزوجها في صراع لإثبات الذات.

    2 - تهجر المرأة دورها الأصلي والأساسي - البيت والأمومة - لانشغالها الطويل في الخارج، ويبقى البيت فارغاً من الراعي الحقيقي، بل يصبح النظر إلى دورها الأصلي كأنه إذلال وإهانة وليس فخراً.

    3 - إذا شاركت المرأة الرجل في الإنفاق؛ فمن الطبيعي أن يشاركها الرجل في بعض أدوارها، وهذا ليس عيباً، ولكن إذا جرى التعاون بشكل ميكانيكي وسادت فيه روح الحقوق والواجبات؛ فإن مصيره المؤكد هو الفشل والتعاسة، وهذا ما يسعى إليه الطرح النسوي من دمج المرأة في المجتمع دمجاً كلياً ودمج الرجل في المنزل.

    4 - تشير الإحصاءات إلى ارتفاع حالات الطلاق بين الشباب حديثي الزواج (المتزوج من المرأة العاملة).

    ولذلك يعد هذا الزواج النفعي وهذا الفكر انتكاسة لأيِّ مشروع إيجابي لصالح المرأة المسلمة، وفشله يؤدي إلى تفكك الأسرة وإنهاء دورها شيئاً فشيئاً.

    وختاماً أقول: إننا نريد مشروع زواج ناجح يقوم على أسس منظومة الأسرة المسلمة؛ فالرجل هو المكلف فطرةً وشرعاً بإقامة الأسرة، وفي الوقت ذاته لا نرفض أو ننكر دور المرأة وأهميته في مساعدة زوجها في ظل الظروف الاقتصادية الطاحنة؛ فالمرأة قادرة على الزواج مع التعلم والعمل، والمرأة المتعلمة أحسن للزواج من الجاهلة، ولا مانع من عمل المرأة في الأعمال الملائمة لها وفي خدمة المجتمع النسائي، لا إقحامها في أعمال خاصة بالرجال لا تتناسب مع خصائصها البيولوجية وتكوينها العاطفي، وبشرط ألا يعوق قيامها بدورها الأصلي والطبيعي (البيت والأمومة).

    إننا لا نريد أن تكون المطالبة بمساعدة المرأة زوجها في (الإنفاق) بلاءً على الأسرة المسلمة – ظاهره الرحمة وباطنه العذاب – ولا أن يكون الارتباط بصاحبة الوظيفة هو أساس عقد الزواج؛ فيصبح زواجاً نفعياً ومن ثَمَّ تضيع الأصول ويفسد قيام الأسرة، ويصبح هذا الزواج نهاية للطريق لا بداية لحياة أسرية مستقرة وهادئة، بل يصبح المجتمع مجتمعاً بلا أسرة كما هي حال المجتمع الغربي.
    اسلام ويب
                  

09-01-2015, 01:07 AM

سيف اليزل برعي البدوي
<aسيف اليزل برعي البدوي
تاريخ التسجيل: 04-30-2009
مجموع المشاركات: 18425

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات متنوعة عن الأسرة و المجتمع (Re: سيف اليزل برعي البدوي)

    يظل الإنسان بخير مادام بعيدا عن الفتن، إذا بدت إليه هرب منها، وفر عنها، وإذا رآها مقبلة عليه من بعيد أغلق على نفسه أبوابها، وأحكم سداد منافذها حتى لا تجد إليه سبيلا، فمثل هذا في عافية، قد أراح نفسه وطلب لها السلامة، والسلامة لا يعدلها شيء، كما قال ابن مسعود رضي الله عنه.

    فإذا ما طرق العبد أبواب الفتن وسبل الشهوة وتهاون في رد الشبهات، وإغلاق الأبواب أمام المغريات، انفتحت عليه أبواب البليات، فكم من قدم زلت بعد ثبوتها، وكم ممن ظن نفسه يحسن السباحة قد جرفه التيار فأغرقه في بحرها بعد أن كان زمانا على شاطئ السلامة، فما أشد طوفان الشهوات إذا انفتح بابُ ردِّه، وما أقوى سيلَ المغريات إذا انتقض بناءُ سدِّه.

    فمن تعرض للفتن استشرفت له، ومن رعى حول الحمى يوشك أن يرتع فيه، ومن تساهل في الشبهات وقع في الحرام ولا بد.

    وقد ضرب الله لنا مثلا على لسان رسوله كما في الحديث الصحيح عن النواس بن سمعان رضي الله عنه قال عليه الصلاة والسلام: [ضرب الله مثلا صراطا مستقيما، وعلى جنبتي الصراط سوران فيهما أبواب مفتحة، وعلى الأبواب ستور مرخاة، وعلى باب الصراط داع يقول: يا أيها الناس، ادخلوا الصراط جميعا ولا تعوجوا، وداع يدعو من فوق الصراط، فإذا أراد الإنسان أن يفتح شيئا من تلك الأبواب، قال: ويحك، لا تفتحه؛ فإنك إن تفتحه تلجه . فالصراط الإسلام، والسوران حدود الله، والأبواب المفتحة محارم الله، وذلك الداعي على رأس الصراط كتاب الله، والداعي من فوق الصراط واعظ الله في قلب كل مسلم].

    فحدود الله تبارك وتعالى وحرماته جعل سبحانه عليها ستورا من الممنوعات والمكروهات، ولا يتوصل الإنسان إلى انتهاك المحرم حتى يرفع هذه الستور، وعند ذلك يقع في الممنوع وينتهك المحظور، ومن رفع الستر وفتح الباب ولج ولابد، والمعصوم من عصمه الله.

    إن الفرار من الفتن يحمي صاحبه من مقارفة الذنوب، والمتجرئ على الشبهات وبدايات المحرمات غالبا ما يقع فيها، فيتمنى في آخر آمره ألَّو ترك الستر مرخيا وظل بعيدا عن البلاء.

    لقد تذكرت كل ذلك وأنا أقرأ حال شاب كتب يستصرخ أهل المروءات ليجدوا له حلا لمصيبته، كان في صيانة وتعفف حتى سول له إبليس أن ينظر إلى صور العاريات ـ كان أول مرة من باب حب الاستطلاع لا غيرـ لكنه غرق في الوحل، ومنذ أول لحظة تعلق القلب بهذه البلية حتى صار يومه كله أمام النت يبحث عن الجديد والعجيب، والنفس لا تكاد تكف عن طلب المزيد، حتى فسدت عليه حياته، وتأخر في دراسته، وضعف بدنه، وكاد قلبه أن يتلف، وكلما أراد التوبة غلبته الشهوة فعاد إلى ما كان بل أشد.. فهل من مخرج يا أصحاب الهمم والبصائر؟..
    إنها قصة شاب تتكرر مع المئات بل مع الآلاف من الشباب والشابات، ولو أغلقوا الباب من أوله لكانت السلامة.

    وهذه فتاة ظنت نفسها داعية فدخلت أحد المنتديات تدعو إلى الله ـ على حد زعمها ـ (ولو بقي الأمر هكذا لكان جميلا).. ولكن ما كان لإبليس أن يتركها ويدعها وشأنها تدعو إلى ربها، فجرها في خطوات إبليسية لتفتح حوارا مع مشرف المنتدى ثم تكلمه على الماسينجر، ثم على التليفون، حتى تمكن من قلبها فلم تعد بعد تستغنى عن لقائه.. وبعد الدعوة صارت حبيسة الحب، وصريعة الهوى، وحبلا من حبائل إبليس، كما تقول هي نفسها عن نفسها.

    إن الشيطان لا يترك أهل الاستقامة على استقامتهم بل يحاول معهم ولا ييأس منهم أبدا، ولو كان له أن ييأس من أحد لكان آدم عليه السلام نبي الله وأول خلقه وهو في جنة الخلد أولى بذلك، ولكن هيهات.

    وطرق الشيطان متشعبة ووسائله لا نهاية لها، ولا يزال يحيك للناس ويزين لهم أنواع الفتن ويفتح عليهم مصاريعها بخبرة وإصرار وصبر وطول نفس، وعلمه بالنفس ومحبوباتها وخبايا زواياها وما يستهويها يجعله يدخل إليها من كل باب، فإذا انسد أمامه باب دخل من غيره، وربما فتح للعبد مائة باب من الخير ليوقعه في باب من الشر، فلعلها كانت القاصمة، وقد حذرنا الله من خطواته أشد التحذير: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَى مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَداً وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) (النور:21)

    لقد ضل عابد بني إسرائيل بعد طول عبادة لأنه لم يدفع عن نفسه خطوات الشيطان فما زال به حتى زنى وقتل ثم لم يرض منه بذلك حتى كفر بالله رب العالمين: (كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلْإِنْسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ) (الحشر:16)

    ربما يعيش المرء زمانا بعيدا عن الشاشات ومنكراتها طالبا السلامة من فتنها ومحافظا على ضعف نفسه أمامها فيأتيه الشيطان فيزين له اقتناءها (لمعرفة أخبار الدنيا وأحوال العالم خصوصا أحوال المسلمين ليعيش معهم أتراحهم ويتعايش مع مشكلاتهم)، فما يزال به حتى يدخل الشاشة ذات الدش بيته، فيرى في البداية النشرات بمذيعاتها الفاتنات، وقد كان قلبه ينكر ذلك قديما فاعتاد عليه، ثم أخذه الشيطان إلى المباريات فقضى أمامها أوقاتا كان يضن بها قبل أن تضيع في مثل هذا، ثم بدأت نفسه تدعوه لمعرفة ما في الدنيا وأحوال الناس جميعا فيها فتحرك الروموت، ورويدا رويدا انزلقت القدم وراحت لذات الطاعات وخلفتها حسرات المعاصي فيا ليتها خطوة ما كانت.

    إن الشيطان لا يقول للعبد قم فارتكب الفاحشة، وإنما يستدرجه بالنظرة تلو النظرة، حتى إذا هاجت النفس سعت وخططت وتآمرت للحصول على مرادها، ولو غض البصر في البداية لسلم الدين في النهاية.

    إنها أول خطوة .. يزينها الشيطان فقد تنزلق بها الأقدام، ويقع صاحبها وقوعا لا يمكنه بعده القيام.

    إن غلق أبواب الفتن والبعد عن بواعث المعصية، وأماكن الزلل ومثيرات الشهوة ونوازع الشر من علامات صحة العقل وكمال الإيمان.. ومن اقترب من الفتن بعدت عنه السلامة، وكان على شفا جرف هار يوشك أن ينهار به، ورب عبد أحسن الظن بنفسه، وغره علمه وعقله فأفرط في الثقة بما هو عليه من الديانة والصيانة فوكله الله إلى نفسه فكانت بداية الخذلان، واسمع إلى ابن الجوزي رحمه الله تعالى وهو يقول:

    "من قارب الفتنة بعدت عنه السلامة، ومن ادعى الصبر وكل إلى نفسه، وربَّ نظرةٍ لم تناظِر. وأحق الأشياء بالضبط والقهر- اللسان والعين ـ؛ فإياك أن تغتر بعزمك على ترك الهوى مع مقاربة الفتنة؛ فإن الهوى مكايد، وكم من شجاع في صف الحرب اغتيل، فأتاه ما لم يحتسب ممن يأنف النظر إليه، وانظر حمزة ووحشي:
    فَتَبَصَّـــــــرْ ولا تشــــــمْ كلَّ برقٍ *** رب برق فيـــه صـــواعقُ حَيْنِ
    واغضضِ الطرفَ تَسْتَرح من غرام *** تكتسي فيه ثوب ذلٍّ وشين
    فبــــلاء الفتى موافقــة النفــــــــ *** س وبدءُ الهوى طموح العين
    اسلام ويب
                  

09-01-2015, 01:10 AM

سيف اليزل برعي البدوي
<aسيف اليزل برعي البدوي
تاريخ التسجيل: 04-30-2009
مجموع المشاركات: 18425

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات متنوعة عن الأسرة و المجتمع (Re: سيف اليزل برعي البدوي)

    تتمتع (الفضيلة) بجاذبية وقوة هائلتين بسبب التواصي الأممي بالتمسك بها عبر القرون، ومن هنا فإن من الصعب على أيِّ جهة مهما كانت أن تشرِّع ـ على نحو سافر ـ للكذب أو الرشوة أو الظلم...

    ويرافق هذا شيء آخر مهم، هو انقضاء عهود طرح النظريات الكبرى في الغرب والشرق على حدٍّ سواء، وصار مدار الأمل والعمل على استثمــار وتوظيــف ما هو متوفر من أفكار ورؤى ومنهجيات ومعطيات ناجزة في تحسين أوضاع البشر وحل مشكلاتهم.

    بمعنى آخر: أن الناس قد شبعوا من ادِّعاء التفوق وادِّعاء الإصلاح وادِّعاء الإشفاق عليهم، وباتوا يبحثون عن شيء ملموس تراه أعينهم، وتقبض عليه أيديهم... وهذا في الحقيقة يشكِّل بالنسبة إلينا تحدِّياً، كما يشكِّل فرصة:

    إنه يشكِّل تحدِّياً؛ لأن المزيد من الكلام حول امتلاكنا لأفضل منهجية لإصلاح العالم لم يعد جذاباً؛ حيث إن الناس يسمعون مثل هذا الكلام من جهات كثيرة وهم يتطلعون الآن للبرهان العملي.
    أمَّا أنه فرصة فلأنه يحرِّضنا على أن نبذل كل جهد ممكن في سبيل جعل مبادئنا وقيمنا تتجسد في بُنى ونماذج ونُظم ومعطيات تبرهن على عظمة ديننا وصواب منهجنا.

    أخلاقيات إسلامية
    والذي أودُّ أن أشير إليه ابتداء أن العالم يتجه نحو تلمُّس ما يحقق المصالح، ويدرأ المفاسد؛ بقطع النظر عن الدين أو الفلسفة أو المذهب الذي ينحدر منه، فالشرود عن منهج الله ـ تعالى ـ جعل البشر أشبه بالغرقى الذين يريدون أي شيء يمتد إليهم حتى ينقذهم من الغرق؛ بقطع النظر عن الجهة التي تمدُّ ذلك الشيء.

    في إحدى الدول الغربية رأى شاب مسلم جارته النصرانية الطاعنة في السن وقد أثقلتها سلَّة حملت فيها ما اشترته من السوق من خضار وفاكهة، فأخذها منها حتى وضعها أمام منزلها، ولما تكرر ذلك منه جمعت ذات ليلة أبناءها وأحفادها ليقدِّموا له جميعاً الشكر والعرفان، وقد سأله أحد أحفادها: لماذا بادرت إلى مساعدة جدتي دون غيرك من الجيران والمارة؟ فقال الشاب: أنا مسلم، وإن ديني يؤكد كثيراً على تقديم المساعدة لكبار السن والضعفاء.
    وهنا انهالت عليه الأسئلة حول الإسلام ـ والذي لا يعرفون عنه أي شيء ـ وأخذ صاحبنا في الشرح.. وكانت الثمرة إسلام تلك المرأة العجوز مع عدد من أبنائها وأحفادها.

    ليت أمريكا كلها مثله
    وفي إحدى الولايات الأمريكية كان هناك فتى مراهق سبَّب الكثير من الأذى لأمه بسبب تعاطيه المخدرات ومشاكساته لأبناء الحي، وقد تعرَّف الفتى على مجموعة من الشباب المسلم، وهداه الله للإسلام، وانقلب الفتى رأساً على عقب، وذهلت والدته من التغير الجذري الذي طرأ على ولدها؛ فما كان منها إلا أن ذهبت إلى كنيسة في الحي لتبشِّر القسيس هناك بصلاح ابنها ـ ظناً منها أنه سيفرح بذلك ـ فما كان منه إلا أن قال لها: انتبهي! المسلمون وضعوا خطة لأسلمة كل أمريكا! فما كان من المرأة إلا أن قالت: إذا صار كل الأمريكان مثل ابني فهذا فعلاً شيء عظيم!

    اليوم وفي ظل الأزمة المالية التي تجتاح العالم ينادي الكثير من المصرفيين المسلمين وغير المسلمين بضرورة الاستفادة من الأسلوب الإسلامي في التمويل والذي يقوم على المشاركة عوضاً عن أخذ الربا والفائدة على الإقراض. وهناك من يتوقع ارتفاع الأموال التي تديرها البنوك الإسلامية ـ وهي اليوم في حدود مئتي مليار دولار ـ إلى ثلاثة أضعاف ما هي عليه اليوم، وقد أثبت النظام المصرفي الإسلامي أنه الأفضل والأكثر أماناً؛ ومن ثَمَّ فإن عدداً من البنوك العالمية الكبرى قد فتحت أقساماً فيها للتعامل المصرفي الإسلامي، وقد حققت نجاحات مقدرة.

    ماذا يعني كل هذا؟
    إنه يعني الأمرين الآتيين:
    1 ـ إن تحسُّن أوضاع المسلمين في مجال السياسة والاقتصاد والاجتماع... هو الذي يقدِّم البرهان على عظمة دينهم، وهو الذي يحرِّض أبناء الملل والديانات الأخرى على تعلُّم الإسلام وفهمه والتفاعل مع أُطره وطروحاته.
    وفي المقابل؛ فإن سوء أحوال المسلمين وتردِّي أوضاعهم يشكِّل أكبر قوة صدٍّ عن الإسلام وأكبر مساعد لأعدائه على تشويهه وإلحاق التُّهم الظالمة به؛ فالناس لا يستوعبون على نحو جيد فكرة الفصل بين المبادئ وأصحابها.

    2 ـ هل نريد للناس أن يدخلوا في دين الله أفواجاً؟ إذن؛ فلنجتهد في بناء النماذج الناجحة؛ إن كل واحد منا يستطيع أن يجعل من نفسه نموذجاً يقدِّم الدليل على قدرة هذا الدين على العطاء المستمر: هذا نموذج في حسن المعاملة، وهذا نموذج في مساعدة الآخرين، وهذا نموذج في الجِدِّية والإنجاز، وهذا نموذج في المحافظة على الوقت، وهذا نموذج في اللطف والكياسة، وهذا نموذج في المبادرة للإصلاح..

    إن النماذج تمتلك القوة على اختراق كل الحواجز لتؤثِّر في العقل الباطن، وتغيِّر ـ من ثَمَّ ـ المفاهيم والمشاعر. ليكن شعارنا في المرحلة المقبلة: الكثير من العمل، والقليل من الكلام.
    والله ولي التوفيق.
    ـــــــــــــــــــ
    المصدر: د.عبد الكريم بكار "البيان: 257"
                  

09-01-2015, 01:12 AM

سيف اليزل برعي البدوي
<aسيف اليزل برعي البدوي
تاريخ التسجيل: 04-30-2009
مجموع المشاركات: 18425

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات متنوعة عن الأسرة و المجتمع (Re: سيف اليزل برعي البدوي)

    كثيرا ما نقرأ ونسمع عن قصص مؤسفة تتحدث عن العقوق الذي يسود العلاقات العائلية في بعض الأسر، وينتج عن هذا العقوق تصرفات مشينة تثير الغضب، ليس أعظمها رمي الوالدين (صاحبي الفضل على الإنسان بعد الله تعالى) في أي مركز لرعاية المسنين بل ربما تقاصر ذلك أمام صور مفزعة ومواقف مرعبة لا يتصور عقل الإنسان أحيانا وجودها بين البشر.

    وإذا كان هذا موجودًا فإننا لابد وأن نؤكد أن هناك بصيصا من الأمل وقصصا أخرى تبعث على التفاؤل بأن الأمة ما زالت بخير، وأن المروءات لم تنته بعد من الدنيا، وما زال في الناس أصحاب الدين والخلق الذين يقابلون الإحسان بالإحسان في مواقف تأسر القلوب وتدهش النفوس في البر والإحسان إلى الوالدين.

    وقصة الصراع الحاد بين "حيزان" الشيخ الكبير الطاعن في السن وأخيه والتي انتهت بخروج حيزان من المحكمة وهو ينتحب وقد بللت الدموع وجهه ولحيته تستحق أن نقف أمامها كثيرا.. فيا ترى ما الذي أبكاه؟ وما هي القضية التي رفعها هذا الشيخ الكبير على أخيه؟

    القصة نشرتها جريدة الرياض وأنا أنقلها لكم ههنا بعد تطعيمها بتعليقات بعض القراء (التي وضعتها بين قوسين ليبقى أصل القصة كما هو) عساها تكون ذكرى لكل منا وعبرة ودرسا نتعلمه ونعود به إلى حظيرة البر إن كان حملنا يوما جناحُ العقوق أو غلب علينا يوما اندفاعُ الشباب، فأسأنا يوما إلى والدينا أو أحدهما.. تقول الجريدة:

    يتذكر أهالي الأسياح (وهي قرية تبعد عن بريدة 90 كم) "حيزان الفهيدي" فيتذكرون تلك المحاكمة الجميلة بين شقيقين، والتي ربما تكون واحدة من أغرب الخصومات التي شهدتها المحاكم الشرعية في تاريخها.

    المحاكمة التي بكى لها حيزان فبكى منها كل من سمع عنها، وتناولها خطباء الجوامع على المنابر جاعلين منها مضرب مثل للبر الحقيقي والتضحية الصادقة.

    كانت الخصومة بين حيزان وشقيقه الوحيد (غالب). ولم يكن مصدر خلافهم على مال أو عقار، كانا يتنازعان على بقايا امرأة لا يتجاوز وزنها الحقيقي 20 كيلو جراما هي والدتهم المسنة التي لا تملك في هذه الدنيا سوى خاتم من النحاس في أصبع يدها (تزين به خنصر يدها اليمنى .. وإن كانت الشيخوخة قد رسمت صورتها على كفيها وعلى بقايا جسمها الذي هدّته السنون) .

    كانت المرأة في رعاية ابنها الأكبر حيزان (وهو رجل قد انتصر البياض على السواد في لحيته واكتسح أغلب مساحاتها.. احدودب ظهره من آثار السنين، وتركت الأيام آثارها على سحنته وتضاريس جبينه) كان يعيش وحيدا (فلا زوجة ولا ولد.. ولا يشاركه السُكنى في ذلك المنزل إلا أمه.. التي لا ينشد من لحظات السعادة والفرح إلا تلك الابتسامة التي ترسمها على شفتيها حين تلتقي عيناه بعينيها.. ولا يشنف مسامعه ويطربه إلا صوتها المبحوح بوجع السنين وهي تناديه أو تلهج له بالدعاء.. لا يرى حيزان في هذه الدنيا سوى تلك المرأة التي حملته وأنجبته وأرضعته وغذته وسهرت عليه).

    وعندما تقدمت بحيزان السن جاء شقيقه الآخر (غالب) الذي يسكن مدينة أخرى ليأخذها (أي أمه) حتى تعيش مع أسرته ويوفر لها الخدمة والرعاية المطلوبة. (بحجة أن أخاه قد كبر في السن، وليس لديه زوجة ولا أولاد، في حين أن غالبا معه زوجته وأولاده؛ فهو أقدر على رعايتها، خصوصا أنه يحبها كحب حيزان لها ولها عليه حق البر كما لأخيه تماما).

    (أسقط في يد حيزان.. وتناوشته الأفكار، وكاد عقله يطيش؛ إذ كيف سيصبح ويمسي دون أن تكتحل مقلتاه برؤية أعظم وأجمل امرأة شاهدها في حياته؟ وكيف سيستنشق الهواء في منزلٍ لا يعبق برائحة أنفاسها؟ ومن هذا الذي سيخدمها مثلما يخدمها هو؟!)

    رفض حيزان (بشدة) بحجة أنه لا زال قادرا على ذلك، وأن شيئا لا ينقصها. (وأصر غالب على أخذ والدته ليشارك هو الآخر في برها والعناية بها، وطالب شقيقه بالسماح له بأخذها معه).

    اشتد بينهما الخلاف (ورغم توسط أهل الخير بينهما.. أصر كل منهما على أخذ والدته لخدمتها) مما وصل بالأمر في نهايته إلى باب مسدود استدعى تدخل المحكمة الشرعية لفض النزاع (خصوصا بعدما) قالها حيزان في حينها: "بيني وبينك حكم الله ياغالب" يقصد شقيقه.

    توجها بعدها لمحكمة "الأسياح" لتتوالى الجلسات وتتحول إلى قضية رأي عام على مستوى المحافظة "أيهما يفوز بالرعاية".. وعندما لم يصلا إلى حل عن طريق تقارب وجهات النظر طلب القاضي إحضارها (الأم) للمحكمة لتحسم الأمر وتختار بنفسها من تريد.

    في الجلسة المحددة جاءا بها يتناوبان حملها وكأنها طائر نزع ريشه، ووضعت أمام القاضي الذي وجه لها سؤالا لا تزال هي رغم تقدمها بالعمر تدرك كل أبعاده. "أيهما تختارين يا أم حيزان؟!!"

    لم تكن الإجابة أفضل من كل محاولات تقريب وجهات النظر.. نظرت إليهما وأشارت إلى حيزان قالت: هذا (عيني هاذي) (وذاك عيني تلك) ليس عندي غير هذا يا صاحب الفضيلة.

    هنا كان على القاضي أن يحكم بينهما بما تمليه مصلحتها، مما يعني أن تؤخذ من حيزان إلى منزل شقيقه.

    في ذلك اليوم بكى حيزان حتى لتعتقد أنه لم يبق من دموع تغسل بقايا حزنه، وبكى لبكائه شقيقه، وخرجا يتناوبان حملها إلى السيارة التي ستقلها (يرحمها الله) إلى مسكنها الجديد. (انتهت القصة كما ذكرتها الجريدة).

    إنها قصة بر في زماننا هذا وليست في زمان الصحابة ولا التابعين، لرجلين عرفا معنى الإحسان وأنه لا يجازيه إلا إحسان مثله.. وعرفا معنى قوله تعالى: "وبالوالدين إحسانا" فقاما ببعض حق أمهما عليهما فاستحقا ثناء الناس وبإذن الله جزاء رب الناس.

    جزى الله حيزان وأخاه خيرا لبرهما بأمهما، فقد أعادانا مرة أخرى لعصور الخير والبر ، ورزقنا الله برا صادقا، لآبائنا وأمهاتنا أحياء وميتين.
    اسلام ويب
                  

09-01-2015, 01:14 AM

سيف اليزل برعي البدوي
<aسيف اليزل برعي البدوي
تاريخ التسجيل: 04-30-2009
مجموع المشاركات: 18425

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات متنوعة عن الأسرة و المجتمع (Re: سيف اليزل برعي البدوي)

    مع العفاف يطيب الحديث، ولم لا والمعركة مع امرأة لا خلاق لها إذ سلكت هذه الدروب المشينة، ومع شيطان قال الله عنه: إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا، ومع نفس أمارة بالسوء {وما أبرئ نفسي إن النفس لأمارة بالسوء}، ومع هوى متبع... إنها حقيقة الانتصار.

    ما بين رجلين وامرأتين يبرز العفاف بوجهه المشرق، أكرم به من خلق، سجية طيبة، قدح معلى، ثمرة حلوة، رائحة زكية...تلكم معاشر الشباب هي معادلة العفاف.

    قصتان رائعتان: رسالة من السلف وفعل من الخلف.. تلكم هي نتاج تربية القرآن. {والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت إيمانهم فإنهم غير ملومين}.

    وقبل أن أذكر القصتين أقول إن الخير في هذه الأمة أولها وآخرها فقد ضرب لنا عطاء مثلا أشبه ما يكون بقصة يوسف بن يعقوب عليهما السلام ثم التقطه منه صاحبا قصتينا وهذه قصة عطاء:

    خرج عطاء بن يسار وسليمان بن يسار حاجين من المدينة ومعهم أصحاب لهم، حتى إذا كانوا بالأبواء نزلوا منزلا لهم، فانطلق سليمان وأصحابه لبعض حاجتهم، وبقي عطاء قائما يصلي فدخلت عليه امرأة من الأعراب جميلة، فلما شعر بها عطاء ظن أن لها حاجة فخفف صلاته، فلما قضى صلاته قال لها: ألك حاجة؟

    قالت: نعم.

    فقال: ماهي؟

    قالت: قم فأصب مني، فإني قد ودقت الفحل (أي رغبت في الرجال) ولا بعل لي.

    فقال: إليك عني، لا تحرقيني ونفسك بالنار.

    ونظر إلى المرأة الجميلة فجعلت تراوده عن نفسه وتأبى إلا ما تريد، فجعل عطاء يبكي ويقول : ويحك، إليك عني، إليك عني.

    واشتد بكاؤه، فلما نظرت المرأة إليه وما دخله من البكاء والجزع بكت المرأة لبكائه.

    فبينما هو كذلك إذ رجع سليمان بن يسار من حاجته، فلما نظر إلى عطاء يبكي، والمرأة بين يديه تبكي في ناحية البيت،بكى لبكائهما، لا يدري ما أبكاهما.

    وجعل أصحابهما يأتون رجلا رجلا، كلما أتاهم رجل فرآهم يبكون جلس يبكي لبكائهم، لا يسألهم عن أمرهم حتى كثر البكاء، وعلا الصوت.

    فلما رأت الأعرابية ذلك قامت فخرجت، وقام القوم فدخلوا، فلبث سليمان بعد ذلك وهو لا يسأل أخاه عن قصة المرأة إجلالا له وهيبة، ثم إنهما قدما مصر لبعض حاجتهما، فلبثا بها ما شاء الله،

    فبينما عطاء ذات ليلة نائما استيقظ وهو يبكي فقال سليمان : ما يبكيك يا أخي؟

    قال عطاء: رؤيا رأيتها الليلة.

    قال سليمان: ما هي؟

    قال عطاء: بشرط أن لا تخبر بها أحدا مادمت حيا.

    قال سليمان: لك ما شرطت.

    قال عطاء: رأيت يوسف النبي عليه السلام في النوم، فجئت أنظر إليه فيمن ينظر، فلما رأيت حسنه، بكيت فنظر إلي في الناس. فقال: ما يبكيك أيها الرجل ؟

    قلت: بأبي أنت وأمي يا نبي الله، ذكرتك وامرأة العزيز وما ابتليت به من أمرها، وما لقيت من السجن، وفرقة الشيخ يعقوب فبكيت من ذلك، وجعلت أتعجب منه.

    فقال يوسف عليه السلام : فهلا تعجب من صاحب المرأة البدوية بالأبواء؟

    فعرفت الذي أراد، فبكيت واستيقظت باكيا.

    فقال سليمان : أي أخي وما كان حال تلك المرأة؟

    فقص عليه عطاء القصة، فما أخبر بها سليمان أحدًا حتى مات عطاء.

    رسالة بالقول
    وبعد عطاء أذكر أولى القصتين أولاهما رسالة بالقول.. وهي قصة لشاب عابد من الكوفة أوردها الزبيدي في كتابه "إتحاف السادة المتقين " وهاهو نصها:
    قال سعيد أبو أحمد العابد رحمه الله: كان عندنا في الكوفة شاب متعبد لازم المسجد الجامع لا يفارقه، وكان حسن الوجه حسن السمت، فنظرت إليه امرأة ذات جمال وعقل فشغفت به، وطال ذلك عليها. فلما كان ذات يوم وقفت له على طريقه وهو يريد المسجد، فقالت له يافلان اسمع مني كلمة أكلمك بها ثم اعمل ما شئت. فمضي ولم يكلمها. ثم وقفت له بعد ذلك علي طريقه وهو يريد منزله فقالت له: يا فتي اسمع مني كلمات أكلمك بهن. قال: فأطرق مليا وقال لها: هذا موقف تهمة وأنا أكره أن أكون للتهمة موضعا. فقالت: والله ما وقفت موقفي هذا جهالة مني بأمرك، ولكن معاذ الله أن يتشوف العباد لمثل هذا مني، والذي حملني على أن ألقي في هذا الأمر نفسي معرفتي أن القليل من هذا عند الناس كثير، وأنتم معاشر العباد في مثل هذا القري يضركم أدني شيء، وجملة ما أكلمك به أن جوارحي مشغولة بك، فالله الله في أمري وأمرك. قال: فمضي الشاب إلى منزله فأراد أن يصلي فلم يعقل كيف يصلي، وأخذ قرطاسا وكتب كتابا وخرج من منزله، فإذا المرأة واقفة في موضعها، فالقي إليها الكتاب ورجع إلى منزله.

    وكان في الكتاب: ((بسم الله الرحمن الرحيم... اعلمي أيتها المرأة أن الله تبارك وتعالى إذا عصاه مسلم ستره، فإذا عاد العبد في المعصية ستره، فإذا لبس ملابسها غضب الله عز وجل لنفسه غضبة تضيق منها السموات والأرض والجبال والشجر والدواب. فمن يطيق غضبه؟!

    فإن كان ما ذكرت باطلا فإني أذكرك يوما تكون السماء كالمهل وتكون الجبال كالعهن وتجثو الأمم لصولة الجبار العظيم.. وإني والله قد ضعفت عن إصلاح نفسي فكيف عن غيري. وإن كان ما ذكرت حقا فإني أدلك علي طبيب يداوي الكلوم الممرضة والأوجاع المومضة.. ذلك رب العالمين، فاقصديه على صدق المسألة، فأنا متشاغل عنك بقوله عز وجل: {وأنذرهم يوم الآزفة إذ القلوب لدي الحناجر كاظمين ما للظالمين من حميم ولا شفيع يطاع، يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور والله يقضي بالحق} . فأين المهرب من هذه الآية؟!.. والسلام)).

    ثم جاءت بعد ذلك بأيام فوقفت على طريقه، فلما رآها من بعيد أراد الرجوع إلى منزله لئلا يراها. فقالت له: يا فتي لا ترجع فلا كان الملتقي بعد هذا إلا بين يدي الله عز وجل. وبكت بكاء كثيرا شديدًا، وقالت: أسأل الله الذي بيده مفاتيح قلبك أن يسهل ما عسر من أمرك. ثم تبعته فقالت: أمنن علي بموعظة أحملها عنك، وأوصني بوصية أعمل عليها. فقال لها الفتي: أوصيك بتقوى الله وحفظ نفسك واذكري قول الله عز وجل {وهو الذي يتوفاكم بالليل ويعلم ما جرحتم بالنهار} قال: فأطرقت فبكت بكاءً شديدًا أشد من بكائها الأول، ثم ذهبت فلزمت بيتها، وأخذت في العبادة، فلم تزل كذلك حتى ماتت كمدًا. فكان الفتى يذكرها بعد ذلك ويبكي رحمة لها.

    فانظر كيف عف هذا الفتى الكريم عن فتاة قصدته وتلهفت عليه؟ وانظر كيف خلد الله ذكره ورفع قدرهلما عف عن الحرام، وقارن بين هذه الحال وحاله لو أنه أطاع نفسه واتبع هواه ونال لذة عاجلة تنتهي لذتها وتبقى تبعتها.

    ورسالة بالفعل
    وأما الرسالة بالفعل فهي قصة لشاب من شباب الصحوة المباركة، شاب كان يمشي في شارع من شوارع الرياض اعترضت له فتاة من هؤلاء الفتيات الفارغات واللائي لا هم لهن إلا ارتياد الأسواق لاصطياد السذج من الشباب، رمت عليه ورقة فيها رقم هاتفها ـ وهذه يا فتيات الإسلام أول خطوات الشيطان، فماذا كان من هذا الشباب التقي؟

    ما كان منه إلا أن أخذته الحمية والغيرة وغلبت مراقبة الله في قلبه على مناد الهوى وصوت الشيطان، فأخذ الورقة ومزقها ورماها في وجهها وقال: اتقي الله... ولسان حاله يقول:

    قد هيؤوك لأمر لو فطنت له=فاربأ بنفسك أن ترعى مع الهمل

    فيا أيها الشاب: إذا لم تقدر أن تكون كعطاء فكن كعابد الكوفة أو كهذا الشاب الذي هو من أبناء عصرك، تحصن بالقرآن وافزع إلى الإيمان، وابتعد عن مواطن الفتن وسل الله الثبات: {وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} (لأعراف:200)
    اسلام ويب
                  

09-01-2015, 01:17 AM

سيف اليزل برعي البدوي
<aسيف اليزل برعي البدوي
تاريخ التسجيل: 04-30-2009
مجموع المشاركات: 18425

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات متنوعة عن الأسرة و المجتمع (Re: سيف اليزل برعي البدوي)

    قيدني يا أبي
    قيدني يا أبي عنوان لقصة جميلة لشاب من الأنصار يستحق أن نسميه "شهيد العفاف"، ولا عجب فقد نصر الأنصار دين الله فليس كثيراً بعد ذلك أن ينتصروا على شهواتهم وعلى الشيطان.

    تأملت هذه القصة كثيراً فجرت دمعتي على خدي أسىً وحسرةً على شباب أمتي قلت: وهل في زماننا مثل هذا الأنصاري؟؟!

    سبحت في خيال حتى وردت عليّ قصة لشاب من شباب هذا العصر، هو هو، يحمل عفاف الأنصاري كأنهما يأكلان من جراب واحد.. ولم لا فهما ينهلان من معين واحد؟... فاقرأ معي القصتين.

    قيدني يا أبي
    أما قصة الأنصاري فقد عنونت لها بـ"قيدني يا أبي" وهذه خلاصتها:

    أحبت امرأة من المدينة شابا من الأنصار، فأرسلت تشكو إليه حبها، وتسأله الزيارة وتدعوه إلى الفاحشة، وكانت ذات زوج ـ كما تفعل بعض النساء للأسف الشديد. فأرسل إليها:

    إن الحرام سبيل لست أسلكه
    ولا أمر به ما عشت في الناس
    فابغ العفاف فإني لست متبعا
    ما تشتهين فكوني منه في يأس
    إني سأحفظ فيكم من يصونكمُ
    فلا تكوني أخا جهل ووسواس
    فلما قرأت الكتاب كتبت إليه:
    دع عنك هذا الذي أصبحت تذكره
    وصر إلى حاجتي يا أيها القاسي
    دع التنسك إني لست ناسكة
    وليس يدخل ما أبديت في رأسي
    فأفشى ذلك إلى صديق له... لا ليواعدها ولا ليفجر بها ولا ليغدر بها ولكن يستشيره لعله يجد عنده مخرجا...
    فقال له: لو بعثت إليها بعض أهلك فوعظتها وزجرتها رجوت أن تكف عنك.

    فقال: والله لا فعلت ولا صرت للدنيا حديثا، وللعار في الدنيا خير من النار في الآخرة،:

    العار في مدة الدنيا وقلتها
    يفني ويبقى الذي في العار يؤذيني
    والنار لا تنقضي ما دام بي رمق
    ولست ذا ميتة منها فتفنيني
    لكن سأصبر صبر الحر محتسبا
    لعل ربي من الفردوس يدنيني
    أمسك عنها فأرسلت إليه، والمحاولات ما زالت تتكرر: إما أن تزورني وإما أن أزورك؟
    فأرسل إليها: أربعي أيتها المرأة على نفسك، ودعي عنك هذا الأمر.

    فلما يئست منه لصلاحه وتقواه، ذهبت إلى امرأة كانت تعمل السحر، فجعلت لها الرغائب في تهييجه، فعملت لها فيه سحرا.

    فبينما هو جالس ذات ليلة مع أبيه، خطر ذكرها في قلبه. يالله... لقد هاج له منها أمر لم يكن يعرفه، اختلط فقام من بين يدي أبيه مسرعا، وانظر إلى صنيعه وفعله بعد ذلك، قام إلى الصلاة واستعاذ وجعل يبكي، والأمر يزيد...

    فقال له أبوه: يا بني ما قصتك؟! قال: يا أبتي أدركني بقيد فلا أرى إلا أني قد غلبت على عقلي، فجعل أبوه يبكي ويقول: يا بني حدثني بقصتك، فحدثه بالقصة فقام إليه وقيده وأدخله بيتا، فجعل يخور كما يخور الثور، ثم هدأ ساعة فإذا هو ميت، وإذا الدم يسيل من منخريه رحمه الله تعالى.

    لقد رأيت صفوان:
    وفي زماننا أيضا يبرز العفاف بوجهه المشرق، أكرم به من خلق، سجية طيبة، قدح معلى، ثمرة حلوة، رائحة زكية.

    هي قصة لشاب من شباب هذه الأمة المباركة (خليفة ذاك الأنصاري) يقول صاحب القصة: خرجت إلى البر ذات يوم مع أهلي وأمي وأخواتي، قضينا فيه يوما كاملا، وفي آخر النهار اجتهدنا في حمل متاعنا وقد أخذ منا التعب مآخذه، أركبت الأهل وقفلنا راجعين إلى البيت، وعند دخولنا إلى المنزل كانت المفاجأة .. أختي ذات السادسة عشرة من عمرها فقدناها، رجعنا إلى ذلك المكان على عجل وقد بلغ منا الخوف والهلع مبلغه.. وفي ذلك المكان وجدنا شابا طلق المحيا سألناه والهلع يكاد يقتلنا: أما رأيت في هذا المكان من فتاة؟ فأطرق برأسه وقال: بلى!! وأشار إليها وقد حفظها لنا حتى رجعنا، والعجيب أنه وضعها خلفه حتى رجعنا إليه حتى لا ينظر إليها.

    بكى الأهل من شدة الفرح.. أما أنا فتسمرت في مكاني وجعلت أتأمل محياه يعلوه الطهر والعفاف، فدار في مخيلتي وقد عدت أربعة عشر قرنا فوجدته أقرب الناس شبها في الطهر والعفاف بصفوان بن المعطل، فصرخت في أعماقي: لقد رأيت صفوان حقا، وحمدت الله أنه ما زال في أمتي أمثال ذلك العفيف.

    شباب ذللوا سبل المعالي
    وما عرفوا سوى الإسلام دينا
    تعهدهم فأنبتهم نباتا
    كريما طاب في الدنيا غصونا
    هم وردوا الحياض مباركات
    فسالت عندهم ماء معينا
    إذا شهدوا الوغى كانوا كماة
    يدكّون المعاقل والحصونا
    و إن جن المساء فلا تراهم
    من الإشفاق إلا ساجدينا
    شباب لم تحطمه الليالي
    و لم يُسلم إلى الخصم العرينا
    و لم تشهدهم الأقداح يوما
    وقد ملئوا نواديهم مجونا
    و ما عرفوا الأغاني مائعات
    و لكن العلا صيغت لحونا




    ـــــــــــــــ
    من شريط لخالد الصقعبي بتصرف
                  

09-01-2015, 01:20 AM

سيف اليزل برعي البدوي
<aسيف اليزل برعي البدوي
تاريخ التسجيل: 04-30-2009
مجموع المشاركات: 18425

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات متنوعة عن الأسرة و المجتمع (Re: سيف اليزل برعي البدوي)

    هل يعقل أن نلوم طفلا مصابا بلين العظام لأنه لا يستطيع استخدام ساقيه؟! وهل يحق لنا أن نحاسب أعمى لأنه ضل الطريق؟!

    هذه الأسئلة طرحتها بعد حضوري جلسة اجتمع فيها بعض الشيوخ.. قال أحدهم: رأيت شابا صبغ شعره الطويل المسترسل بلون أزرق كلون المحيط، ووضع قرطا في أذنيه، وأطلق أجزاء من جانبي لحيته، فأصبحت لا أعلم انتماءاته، وهل هو إلى عالم الرجال أم النساء أقرب؟!

    وفور سرد هذه الحادثة فكت قيود الألسنة، وفتحت نوافذ القلوب لتتدفق شلالات الشكوى، وبدلا من القصة الواحدة سمعت عشرات القصص أعرفها كلها عن ظهر قلب عن الشباب والموضة.. موضة في الملابس، في الأكل، في الكلام، في الرياضات وفي وسائل الترفيه والغناء والموسيقى، والتهمة دائما جاهزة: هذا الشباب خليط شيطاني، ضعيف الشخصية، ضعيف العزيمة، ضعيف البصر والبصيرة.. لماذا لم نكن كذلك؟!

    واجهتهم بأسئلتي فسكتوا، فقلت لهم: أنا شابة، ومع ذلك فإنني معكم في كل ما ذكرتم إلا في شيء واحد، فحالة الضياع (والجري وراء كل موضة وصرعة) التي يمر بها الشباب اليوم ليست نبتا شيطانيا، بل هي محصلة طبيعية لتراث من الإهمال والعشوائية التي تمت معاملتنا بها، وإذا كان الأمر كذلك فنحن في حقيقة الأمر ضحايا ولسنا جناة.

    إن ما ينبغي أن نسلم به اليوم هو أن ما نصفه بأنه تهافت شبابي على كل صرعة أو موضة -شرقية أو غربية- وصدم المجتمع بكل ما هو جديد وغريب على عاداته وتقاليده ليس في جوهره إلا سعيا من قبل هؤلاء الشباب لتكوين ثقافة فرعية خاصة بهم، وهي تلك الثقافة التي يصفها علم الاجتماع بأنها تقيم حاجزا فاصلا بين المراهقين والشباب من جهة، وبين عالم الكبار ولغتهم من جهة أخرى، وقد يحدث الانفصال بين الشباب والمجتمع بأسره، وثقافة الشباب الفرعية هي بهذا المعنى ثقافة مضادة تعبر عن تحد سافر للقيم والمعايير التي يعتبرها المجتمع أساس نظامه القائم، وهي أيضا ليست إلا شكلا من أشكال التمرد والرفض الذي يمارسه الشباب بدافع من عقلهم الجمعي ضد أوضاع تبعث من وجهة نظرهم على الإحباط.

    الشباب إذن يمارس نوعا من الرفض للواقع الذي شكل الكبار معالمه، على مستوى السياسة والاقتصاد والأوضاع الاجتماعية سواء منها ما يتعلق ببناء الأسرة الداخلي، أو العلاقات الطبقية داخل المجتمع الصغير، أو آليات الحراك الاجتماعي داخل المجتمع الواسع الذي يعيش فيه (الدولة أو الوطن).. هو رفض لصور الفساد المالي والاقتصادي والأخلاقي التي صارت شعارا للعصر، ورفض لصور الخنوع والذل والاستسلام التي صارت شعارا للممارسة السياسية، ورفض للاستئساد الذي يمارسه الرجال على النساء والأغنياء على الفقراء والأقوياء على الضعفاء وأصحاب السلطة على الدهماء في المجتمع، ورفض للقسوة التي صارت شعارا عاما للعلاقات بين عربي وعربي ومسلم ومسلم.

    وحسبما يقول أحد علماء الاجتماع الغربيين (بايونج شل بارك) فإن مثل هذه الثقافة الفرعية تكون أقرب للظهور في مجتمعات تتسم بالتغير السريع، وهو التغيير الذي لا يسمح بتوفر أرضية مشتركة بين الشباب ومن هم أكبر منهم سنا، ولا تسمح بوجود مساحات للتواصل.

    والثقافة الفرعية التي تبدو لنا في شكل موضات أو تقليعات شبابية ليست في جوهرها إلا محاولات متخبطة لبناء واقع جديد ما زال مجهول المعالم، والمشكلة أن البناء يتم دون خطة ودون خبرة، ما يجعله تعقيدا للمشكلة الأصلية التي يتمرد الشباب عليها وليس حلا لها.

    ولو أردنا أن نراجع الفترات التي ظهرت فيها الموضات الشبابية الكبرى مثل موضات الهيبز والإباحيين التي انتشرت في أنحاء أوربا، ووجدت أصداء لها في العالم العربي، في أواسط الستينيات من القرن الماضي، لوجدنا أنها كانت في حقيقتها رفضا للأجواء السياسية العامة التي كانت تعم العالم في عصر الحرب الباردة، وحالات الظلم والشراسة والوحشية التي أظهرها الإنسان بعدما بدأ يقطف ثمرات المدنية ، فأراد الشباب بهذه الحركة التمرد على هذه المدنية بالسعي نحو الغرق في عالم البدائية -والحيوانية- أحيانا.

    وعلى المستوى الاجتماعي والإنساني، فقد تواكبت هذه الحركات في فترة الستينيات مع بداية التفسخ القوي في الأسرة الغربية ككيان اجتماعي يوفر للمنتمين إليه نوعا من الإشباع لاحتياجاته من الأمان والتواصل.

    ولو أمعنا النظر فيما يحدث حاليا، لوجدنا أن الشباب اليوم يواجه مشهدا مفصليا، ويعاني من إحباطات سيطرة القطب الواحد على العالم، ويخشى عواقب ما يسمى بالعولمة التي بدأ يتجرع مرارتها على مستواه المحلي، في البطالة التي زادت معدلاتها مع السقوط المتوالي للكيانات الصناعية الصغيرة لصالح الكيانات الكبرى.

    وفي مواجهة ذلك بدأت تبرز بين الشباب حركات التمرد المنغلقة على ذاتها مثل النازيين الجدد، وعبدة الشيطان، وجماعات الغياب عن المجتمع مثل من يطلق عليهم جماعة اكستيزي xtc الذين يعرفون باسم مخدر كيميائي شهير يتعاطونه في مهرجان ضخم بألمانيا.

    وفي عالمنا العربي تنتقل هذه الموضات لأن لها مبرراتها، فالشباب يعاني من نفس الإحباطات على المستوى العالمي والإقليمي والوطني، ومؤسسة الأسرة بدأ يتسرب إليها ذات التفكك الذي أصاب الأسرة الغربية بتأثير بعض دعاة تطوير المرأة على النموذج الغربي، فلماذا إذن لا نعذره إذا انعزل وسعى لتكوين ثقافة فرعية بعد أن يئس من الثقافة التي يسعى الكبار إلى توريثها؟!

    لست مع ذلك أرى أن الشباب معذورون إذا ضلوا وهم يرسمون معالم هذه الثقافة الوليدة، ولكن الحل الوحيد هو بتقديم التطعيم منذ الصغر، وأعني بذلك أن يعرف الشباب مقدما أن هناك منظومات للقيم الإنسانية هجرها الإنسان منذ زمن بعيد، ولو أنه عاد فطبقها فإن النجاح سيكون حليفه وحليف البشرية، ألا وهي الإسلام..
    زينب بكر
                  

09-01-2015, 01:21 AM

سيف اليزل برعي البدوي
<aسيف اليزل برعي البدوي
تاريخ التسجيل: 04-30-2009
مجموع المشاركات: 18425

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات متنوعة عن الأسرة و المجتمع (Re: سيف اليزل برعي البدوي)

    الأسرة المثالية هي التي تساير نمو الفرد فتعامله في طفولته على أنه طفل فلا تحاول أن تقتحم طفولته فتعامله على أنه بلغ مرحلة الرجولة والكمال، بل ينبغي أن تهيئ له الفرصة لكي ينمو ويستمتع بكل مرحلة يمر بها في حياته.

    والأسرة المستقرة الثابتة المطمئنة تعكس هذه الثقة، وذلك بالاطمئنان على حياة المراهق، فتشبع بذلك حاجته إلى الطمأنينة. وتهيئ له مناخا صحيا لنموه، ولهذا كان للوالدين أثرهما الفعال على سلوك أبنائهما.

    والمناخ المضطرب داخل الأسرة يسئ إلى نمو المراهق، وينحو به نحو التمرد والثورة. وكذلك تزمت الوالد الشديد لآرائه يجعله بعيدا عن صداقة أبنائه، ويقيم بينه وبينهم الحدود والحواجز التي تحول بينه وبين فهمه لمظاهر نموهم الأساسية.

    والشدة في التربية ودوام التوبيخ والعقاب تخرج لنا شابا معوقا نفسيا واجتماعيا، وقد دلت على ذلك حالات كثير من الشباب الذين أدركوا بعد بلوغهم سن الرشد ومبالغ الرجال أنهم ليسوا كبقية الشباب، فهم مهزوزون متأرجحون لا يحسنون اتخاذ القرارات ولا يجدون في أنفسهم ثقة لمواجهة المشكلات، بل وربما فكر بعضهم في الانتحار لشدة ما يجد في نفسه من اضطراب وعدم توافق مع الحياة.

    فاقد الثقة
    يقول أحد الشباب: أنا شاب في الخامسة والعشرين من عمري... حصلت على الشهادة الجامعية ثم التحقت بعمل في أحدى الوزارات. أشعر أنني غير موفق في عملي لأنني لست واثقا من نفسي ومن قدراتي.

    ذهبت إلى طيب نفسي لكي يخلصني من هذا الشعور النقص، ومن خلال الأسئلة التي طرحها عليّ ذلك الطبيب جعلني أتذكّر أيام الطفولة القاسية التي عشتها في كنف والدي (سامحه الله).

    تذكرّت أن والدي كان يبالغ في نقدي وتخويفي وضربي وعقابي وأحيانا كثيرة كان يتعمّد إهمالي وحبسي وسجني في إحدى حجرات المنزل، وإلى تهديدي بالطرد، لدرجة أنني لم أشعر في يوم ما بعطفه وحنانه.

    ولا أخفي عليكم أن ذلك الأسلوب من التربية الخاطئة جعلني فاقد الثقة في نفسي وفي الآخرين، حاقدا على كل إنسان متميز في مجاله، أصبحت متمرسا على الوقيعة بين الناس.

    والآن أشعر بخيبة الأمل في الأسلوب الذي تربيت عليه... وأحيانا أتساءل: لماذا لم يدرك أبي الأسلوب التربوي السليم الذي يصنع مني إنسانا سوياً؟ وفي أوقات كثيرة أشعر برغبة شديدة في الصراخ بأعلى صوتي لأقول للآباء والأمهات: ارحموا أبناءكم، وكونوا القدوة الحسنة لهم لكي يكونوا بعيدا عن المشاكل والأزمات النفسية.

    أبي يقسو على.. وأمي تبكي من أجلي
    كرهت والدي وأحببت أمي، لأن أبي كان يعاملني بقسوة شديدة وكانت أمي تبكي من أجلي... ويتكرر هذا المشهد كل يوم من إهانة بالألفاظ النابية والضرب المبرح. ولم تستطع والدتي أن تمنعه من الاستمرار في ممارسة تلك الإهانات المتكررة.

    أصبحت غير متزن في انفعالاتي بحيث كنت أضحك لأية كلمة تبعث على السرور، كما كنت أحزن لأية كملة أخرى تسبب لي الاكتئاب.

    اعتقدت أن جميع الآباء على شاكلة والدي، ولكنني وجدت زملائي في حالة نفسية سوية ويقبلون على الحياة ولهم تطلعات وطموحات لم أفكر فيها في يوم من الأيام.

    وكانت السلوى في حياتي هي أمي المسكينة التي كانت تعوّضني عن كل تلك الإهانات بالكلمة الطيبة الرقيقة واللمسات الحانية.

    كنت سريع الانفعال وبسبب ذلك تشاجرت مع أحد الزملاء، وفي لحظة انفعال سريعة تناولت حجرا وضربته على رأسه مما تسبب له في ارتجاج المخ وقرر الطبيب في المستشفى أن مدة العلاج سوف تستمر أكثر من شهر. وتم القبض عليّ، وحكمت المحكمة بسجني ثلاثة أشهر مع الشغل.

    خرجت من السجن ضائعا في الحياة... وجدت والدي يقابلني بوابل من السباب؛ فخشيت أن يستمر ذلك المسلسل من الإهانات؛ فقررت الهرب من المنزل بعيدا عن جحيم والدي.

    خرجت من المنزل هائما على وجهي لا أدري وجهتي أو إلي أين أذهب...تذكرت رفقاء السوء الذين وقعوا في مستنقع الفساد والجريمة؛ ولكني استعذت بالله من شياطين الإنس هؤلاء.. ولأنني لم أرغب في العودة مرة أخرى إلى السجن.

    فكرت في الذهاب إلى خالي لكي يكون ملاذي، ولكنه لم يكن قادرا على تحمل نفقاتي ومصروفاتي فتراجعت عن الذهاب إليه... ففضلت العودة إلى المنزل لكي أكون بجوار أمي المسكينة وأتحمل العذاب اليومي. ولا أدري متى ينتهي هذا العذاب! ولا أتذكر في يوم من الأيام أنني عارضت أبي في رأي أو أنني أغضبته بقول أو فعل حتى هذه اللحظة.

    إننا نقول للآباء:
    إن الأبناء يحتاجون من الناحية النفسية في فترة المراهقة إلى الطمأنينة والشعور بالأمن الداخلي، والشعور بالانتماء الأسري والحياة الأسرية الآمنة المستقرة، والشعور بالحماية ضد العوائق و الأخطار والحرمان العاطفي الأسري، والشعور بالاستقلال والاعتماد على النفس مما يقلل انحرافات المراهقين وتهيئ لهم توافق سليما في حياتهم الاجتماعية، والقسوة في التربية آثارها مضرة وعواقبها وخيمة وأول من يكتوي بنارها هم الأبناء وكذلك الآباء أنفسهم .. فعليكم بالرفق أيها الآباء والمربون فما كان الرفق في شيء إلا زانه ولا نزع من شيئ إلا شانه.
    اسلام ويب
                  

09-01-2015, 01:24 AM

سيف اليزل برعي البدوي
<aسيف اليزل برعي البدوي
تاريخ التسجيل: 04-30-2009
مجموع المشاركات: 18425

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات متنوعة عن الأسرة و المجتمع (Re: سيف اليزل برعي البدوي)

    كتبت من قبل أن أول الحرب كلام، وأن الله تبارك وتعالى يحاسبنا على حصائد ألسنتنا - حتى التي لا نلقي لها بالاً، ولا نعيرها اهتماماً - وكتبت ألفت النظر إلى الشعارات المتحركة على السيارات، وأنها تعكس دلالات فكرية وعقيدية وأخلاقية عالية أو سافلة.. وكتبت عن أسماء المحلات والعطور والسيارات، وما تعنيه من إثارة وإساءة، وكتبت عن الشبان الذين يتحرك أحدهم حاملاً على صدره وظهره (وكابِهِ) كلمة ثور أو خنزير، أو جاموس، أو كلب، بخط عريض بارز، يظن ذلك تحضرًا، وحسن هندام.

    هذه قائمة من الكلمات المرقومة على الثياب، التي يلبسها الشابات والشبان، وتحمل ألفاظًا بذيئة، أو معاني قميئة، أو إشارات دنيئة، مما رأيت، ومما قرأت، مما ينتشر في الأسواق والشوارع على الثياب وغيرها، ومما يرتبط بشكل مباشر بالإباحة الجنسية والوقاحة الذوقية التي تجرح نفس الكريم، وتحير عقل الحليم.

    ولك أن تتخيل - أو أن تتوقع - فتاة متعلمة تجري على شاطئ من شواطئنا وقد حملت على ظهرها أو صدرها كلمة (أنا عاهرة) - أجلّك الله - أو جملة: أعطني قبلة، أو (أنا شهوانية أو مثيرة).

    ولك أن تتخيل رجلاً محترمًا (ملء ثيابه) كتب على صدره: خنـزير أو ملحد أو صهيوني !!

    هل تستبعد هذا ؟
    رأيت بعيني والله.. وخذ عندك من هذه الألفاظ ذات البعد الرخيص، وتجدها مكتوبة على الملابس الملونة الرخيصة والغالية وغالبا بالإنجليزية ما معناه: عارية، عاهرة، فاجرة، لا تلمسني، take me خذني، follow me اتبعني، play boy إباحي!!

    ومن الجمل والعبارات التي لها علاقة بالأديان: zion صهيوني، bible الكتاب المقدس، gospel الإنجيل، Theocracy كهنوت، Trinity الثالوث، Madona العذراء وهو اسم المغنية الإباحية الشهيرة، Brahman كاهن هندوسي، Christianity النصرانية، I am Jweish أنا يهودية، Church كنيسة، Saint قديس، Clergy man كاهن Atheist ملحد، Synagogue كنيس يهودي!!

    ومن الكلمات التي لها علاقة بالخمر spirit أي مشروب كحولي، Brandy مشروب مسكر، Brew إعداد البيرة .

    ومن عالم الحيوان: Sow خنـزيرة، Big، Bull ثور، Dog كلب.

    ومن المذاهب المشبوهة: ماسوني 666 Mason / أو FFF من رموز عبدة الشيطان.

    ومن أغرب ما يكتب على التي شيرتات : نحن نشتري الناس WE BUY PEOPLE، اشترني BUY ME، طفل للبيع BOY FOR SALE!!!

    والرسوم أيضا
    ليس هذا فقط - عزيزي القارئ - فالرسوم الغرامية المطبوعة على الثياب في غاية من جمال اللون، ودقة الأداء، ولفت النظر، لترى شابًا يحتضن فتاة، أو امرأة شبه عارية في وضع يفتن الصخر ويذيب الحديد، أو ثورًا من ثيران المصارعة شبه عار، أو رمزًا من رموز الوثنية كالصليب، أو الين يانغ، أو رأس المعزة رمز عبدة الشيطان، أو الجمجمة النارية على أرضية سوداء وحمراء، وهي من رموزهم أيضًا.

    وكثيرًا ما يتسلل الصليب في تصميمات الملابس والبادجات التي تطرز عليها. فتراه بارزًا في لونه ووضعه، لتتأكد أنه لم يوضع في هذا الموضع مصادفة، بل إنهم - حتى في تصميمات الملابس - يحرصون على إدخال زي القساوسة الأوربيين ضمن ملابس الأطفال، وهذا لا يزال شائعًا إلى يومنا هذا يلحظه المتفحص، فمن المعلوم أن لبس كهان أوروبا هو - عادة - بدلة عادية تكون تحتها فانيلة سوداء بنصف رقبة، فيها من الأمام تحت الذقن قطعة بيضاء بعرض إصبعين. وقد لاحظت أنها منتشرة كثيرًا في ملابس الأطفال، مع بعض المصطلحات النصرانية المكتوبة تحتها.

    ودعك من أسماء العطور التي منها: OPIUM وتعني أفيون، و POISON سم، و WILD متوحش أو بدائي و ECSTACY نشوة، و PROPHCY نبوءة .. و .. و ..

    وما خفي كان أعظم
    هذا - يا سادتي - الجانب المعلن، وما خفي فهو أعظم وأخطر، وأشد مكرًا، ومن نشر الشهوات، ودوس الأخلاق، ونبذ مكارم العادات، وخنـزرة البشر، وتدييثهم، تحت مسمى الانفتاح والتحضر. فعلى ماذا يدل هذا ؟!

    - هل يدل صراحة على السعي لتطبيع الأمة مع الرذيلة ورموزها، لتعتاد العيون، وتتأقلم النفوس، وتنحسر الحمية، ويموت في القلب الإنكار ؟!

    - هل يدل على أننا بلغنا مستوى من الانهزام النفسي والحضاري أمام الآخرين، جعلنا نقبل منهم أي لقمة ترمى لنا - كالمتسولين - حتى لو كانت مسمومة ملوثة بفيروسات الإيدز والدياثة؟!

    - هل يدل على أن كبار الدعاة صاروا لا يساوون في سوق التأثير (مليم أحمر) وأن "المثقفين" قد تم تطويعهم، وتليين إرادتهم لدرجة يخرج منهم دعاة سافرون لهذه (البلايا الزرقاء)؟!

    - هل يعني هذا أن هذا القرن الجديد سيدخل علينا ومطارق الشهوات تدق عقول الأمة، وتسحق إرادتها، لنتحول جميعًا إلى أمة ترقص "ديسكو"، وتدمن البحلقة في أجساد حسناوات "الفيديو كليب"، ثم لتغرق الشوارع بعد ذلك بالشبان والشابات الذين لا يتخلقون بخلق، ولا يتحلون بفضيلة، ولا يعرفون ما الحلال ولا الحرام، وما العفاف والانحراف ؟!!

    - هل يعني نجاح أعداء العفة وأعداء الأديان - خصوصًا الإسلام - في فرض مناهجهم على القلوب والعقول، في البيت والشارع، والمدرسة والسوبر ماركت، والتلفزيون والنادي؟!

    إن ما كان خياليًا في الأمة قد صار مألوفًا عاديًا، وما لم يكن يطوف بالخاطر قبل خمسين سنة لا ترد الآن بالخاطر مجرد مخالفته، وما نعده عفة الآن ربما يكون بعد خمسين سنة خيالاً لكونه رجعية وظلامية وتعفنًا. أيعقل هذا ؟!

    ثم ماذا بعد؟!
    هل سنتقدم ونكون من أهل القرن الحادي والعشرين، إذا ألقينا بالعفاف والإسلام وعزة الشرفاء تحت الأقدام؟!

    لا والله .. بل سنبقى - كما نحن، أو حتى دون ما نحن عليه الآن، أمة من المتخلفين المتناحرين المستسلمين، فلا أخلاقنا حفظنا، ولا مروءاتنا أبقينا، ولا ديننا لزمنا ولا على آخرتنا عضضنا بالنواجذ.

    واسألوا بانكوك وجزر الكاريبي والبرازيل وإندونيسيا وجمهوريات الاتحاد الساقط في روسيا.. وسنكون قد خسرنا الدنيا والآخرة.. ألا ذلك هو الخسران المبين !
    الشيخ عبدالسلام البسيوني
                  

09-01-2015, 01:25 AM

سيف اليزل برعي البدوي
<aسيف اليزل برعي البدوي
تاريخ التسجيل: 04-30-2009
مجموع المشاركات: 18425

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات متنوعة عن الأسرة و المجتمع (Re: سيف اليزل برعي البدوي)

    مخـترع "الهوت ميل" شـاب مسـلم
    ذكرت صحيفة الراية القطرية أن مخترع البريد الإلكتروني "الهوت ميل" ليس أمريكيا كما يتصور البعض، وإنما هندي مسلم، والبريد (hotmail) هوت ميل هو أكثر ما يستخدم من أنواع البريد حول العالم وهو تابع لشركة ميكروسوفت الأمريكية وهو ضمن بيئة "ويندوز التشغيلية".. وخلف هذا البريد الساخن قصة نجاح شخصية تستحق أن نذكرها وخصوصا كما يبدو من اسم صاحبها أنه مسلم.. فصاحب هذا الاختراع هو: صابر باتيا.
    في عام 1988 قدم صابر إلى أمريكا للدراسة في جامعة ستنافورد وقد تخرج بامتياز مما أهله للعمل لدي إحدي شركات الإنترنت مبرمجا، وهناك تعرف علي شاب تخرج من نفس الجامعة يدعي: جاك سميث. وقد تناقشا كثيرا في كيفية تأسيس شركتهما للحاق بركب الإنترنت، وكانت مناقشاتهما تلك تتم ضمن الدائرة المغلقة الخاصة بالشركة التي يعملان بها، وحين اكتشفهما رئيسهما المباشر حذرهما من استعمال خدمة الشركة في المناقشات الخاصة..
    عند ذلك فكر (صابر) بابتكار برنامج يوفر لكل إنسان بريده الخاص؛ وهكذا عمل سرا على اختراع البريد الساخن وأخرجه للجماهير عام 1996.
    وبسرعة انتشر البرنامج بين مستخدمي الإنترنت لأنه وفر لهم أربع ميزات لا يمكن منافستها.. والمميزات هي كما يلي:
    أن هذا البريد مجاني، وفردي، وسري، ومن الممكن استعماله من أي مكان في العالم.
    ظهور بيل جيتس
    وحين تجاوز عدد المشتركين في أول عام العشرة ملايين بدأ يثير غيرة (بيل جيتس) رئيس شركة ميكروسوفت وأغني رجل في العالم، وهكذا قررت ميكروسوفت شراء البريد الساخن وضمه إلى بيئة الويندوز التشغيلية..
    وفي خريف 97 عرضت على صابر مبلغ (50 مليون دولار) غير أن صابر كان يعرف أهمية البرنامج والخدمة التي يقدمها فطلب 500 مليون دولار وبعد مفاوضات مرهقة استمرت حتى 98 وافق صابر على بيع البرنامج بـ (400 مليون دولار) على شرط أن يتم تعيينه كخبير في شركة ميكروسوفت.
    واليوم وصل مستخدمو البريد الساخن إلى 90 مليون شخص، وينتسب إليه يوميا ما يقارب 3000 مستخدم حول العالم.
    ابتكارات وأعمال خيرية
    أما صابر فلم يتوقف عن عمله كمبرمج، بل ما زال يعمل ويبتكر، ومن آخر ابتكاراته برنامج يدعي (آرزو) يوفر بيئة آمنة للمتسوقين عبر الإنترنت وقد أصبح من الثراء والشهرة بحيث استضافه رئيس أمريكا السابق بيل كلينتون والرئيس شيراك ورئيس الوزراء الهندي بيهاري فاجباني.
    وما يزيد من الإعجاب بشخصية صابر أنه ما إن استلم ثروته حتى بني العديد من المعاهد والمستشفيات، وقام بإعمار وبناء مساجد في بلاده، وساعد كثيرا من الطلاب المحرومين على إكمال تعليمهم (حتى إنه يقال إن ثروته انخفضت بسرعة إلى 100 مليون دولار).
    إنها قصة نجاح شاب اعتمد على ذكائه وعقله ولم تخدعه مظاهر العظمة الأمريكية الجوفاء ولم يشعر بالدونية وهو يعيش وسط شباب أمريكا وعقول الغرب؛ فكل هذا لا يمنع من الابتكار والمنافسة طالما وجدت الهمة والعزيمة والمثابرة.. فليت شبابنا يتعلمون من صابر باتيا.
    ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
    المصريون نقلا عن الراية القطرية
                  

09-01-2015, 01:28 AM

سيف اليزل برعي البدوي
<aسيف اليزل برعي البدوي
تاريخ التسجيل: 04-30-2009
مجموع المشاركات: 18425

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات متنوعة عن الأسرة و المجتمع (Re: سيف اليزل برعي البدوي)

    كف عن الشكوى وابدأ العمل
    قارب الناس الوصول وأنت ما زلت واقفا تشكو.. منذ كم وأنت على هذا الحال؟!
    عهدي بك تتبرم منذ زمن.. وما أرى لك جهدا في محاولة التغير والانتقال إلى حال أفضل.
    أليس هذا حال كثير من شبابنا؟!
    البعض منهم يشكو فعلا ما هو فيه ولكنه يكتفي بمجرد الشكوى ولا يحاول التقدم للأفضل.. فهو على هذا من سنين، ويمكن أن يبقى كذلك أيضا سنين أخر.
    والبعض يشكو ما يظن أنه فيه وليس فيه حتى يقع فيه.. وهذه لا تقل خطورة عن سابقتها:
    هذا يشكو من النساء والبنات.. إنهن في كل مكان.. ماذا أصنع؟!
    في الشوارع، في المواصلات، في الجامعات، في العمل.. النساء البنات.. هكذا يردد حتى يصدق نفسه فيتساهل في النظرات أو السلامات أو الكلام ويقع فعلا في فتنة النساء.
    وهذا يشكو من الوسوسة، وليس به شيء لكنه يخيل إليه حتى يوسوس.. بلاء.
    وآخر يشكو الفقر وقلة المال وكيف نأتي به؟ ومن أين ؟ وما هي الوسيلة؟ وماذا سنفعل به؟ ثم يستيقظ ويده فارغة، ولكن قلبه قد امتلأ بحب المال. وصار المال فتنة كما قال صلى الله عليه وسلم: "لكل أمة فتنة وفتنة أمتي المال".
    ورابع ما زال واقفا مكانه منذ بدأ الالتزام يتساءل أين الطريق؟ وكيف السبيل؟ كيف أطلب العلم. كيف أربي نفسي؟ وتمر سنوات بعد سنوات وهو ما زال في نفس المكان.
    وخامسة هاجسها في الحجاب يا ترى تلبسه الآن أن تنتظر حتى يأتيها بن الحلال، ويا ترى هل سيكون حجاب السنة أم حجاب "الشوبنج سنتر" وبنات الزوات.
    ويا ترى هل هي بالحجاب أجمل أو بدونه؟ حيرة تمتد لزمان.
    وأخرى مشكلتها في فتى الأحلام كلما رأت شخصا على ما في مخيلتها عاشت الأحلام، وربما نصبت الشباك.. فيوما مع هذا وآخر مع ذاك. وفي النهاية.. الله أعلم بالنهاية.
    كثيرة تلك الشواغل، ومتعددة تلك الأماني، ومتشعبة تلك الأهواء. لكن المشكلة أن الكل واقف في مكانه ولا أحد يبدأ العمل، ويسلك الطريق.
    لا تقف مكتوف اليد، ولا تبقَ مشتت الفكر، وإياك أن تديم الشكوى: "إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم"، هذه قاعدة وأصل لا يتخلف فابدأ بعلاج نفسك، ومجاهدة هواك، وسلوك سبيل الحق؛ وستجد المعونة على قدر المؤونة، وكلما جاهدت واجتهدت سترى التوفيق والتيسير، ويزول عنك الهم وتنمحي عنك الوساوس وتنجلي عنك الأحزان.
    "إن الذين يشكون الواقع وفقط لن يغيروه مطلقا، ولن يتغيروا هم أيضا بل سيظلون هكذا في وحل الفتنة ومستنقع العطالة والبطالة، يقاسون المرارة والكرب طالما لم يبدءوا العلاج.
    إن صلاح القلب لا يكون بضربة حظ أو بمعجزة تأتي من السماء على عبد جالس ينتظر الفرج بلا عمل، وبلا حركة وبلا بذل سبب.. هذا لا يكون. لابد من العمل كما قال صلى الله عليه وسلم: "اعملوا فكل ميسر لما خلق له". والله تعالى لا يأتي العبد حتى يكون العبد هو يأتيه أولا ويمشي إليه ويسلك الدرب للوصول إليه فعند ذلك يأتي المدد والتوفيق كما في الحديث القدسي الذي في مسند أحمد يقول تعالى: "يابن آدم قم غلي أمشِ إليك، وامش إلي أهرول إليك"
    وفي الحديث الآخر المتفق عليه: "من تقرب مني شبرا تقربت منه ذراعا، ومن تقرب مني ذراعا تقربت منه باعا، ومن أتاني يمشي أتيته هرولة".
    إن الوصول إلى الله يحتاج منا ألا نقف مكتوفي الأيدي أمام المشاكل والهموم، واضعين أيدينا على خدودنا نشتكي إلى كل رائح وغاد، بل لابد من التحرك للعلاج.
    فعاهد نفسك من الآن ألا تشتكي مطلقا.. كف عن الشكوى وابدأ بالعلاج ليعينك الله على الوصول إليه. اللهم بلغنا مما يرضيك آمالنا.. آمين.
    ـــــــــــــــــــــــ
    من كتاب: "أصول الوصول": بتصرف
                  

09-01-2015, 01:30 AM

سيف اليزل برعي البدوي
<aسيف اليزل برعي البدوي
تاريخ التسجيل: 04-30-2009
مجموع المشاركات: 18425

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات متنوعة عن الأسرة و المجتمع (Re: سيف اليزل برعي البدوي)

    لا تمكر.. فيمكر بك
    بعض الناس يعيش في هذه الحياة يتعامل مع الناس بالمكر، يمكر مع زوجته، يمكر مع أصحابه، يمكر مع مديره وزميله في العمل، يمكر مع جيرانه ومن حوله، وربما رأى مكره يخيل على الخلق فيتعامل كذلك مع الخالق ظنا منه أن مكره يخيل على بره كما خال على الناس، وهذا ولوج في باب هلاك، وسلوك في وادي عطَب، وعدم علم بالله وجهل بعظيم مكره واستدراجه لأهل المكر والخديعة.

    يقول الله تعالى: (وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلا بِأَهْلِهِ)(فاطر: من الآية43)، ويقول: (وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ)(لأنفال: من الآية30)، ويقول: (أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ) (لأعراف:99)، ويقول أيضا: (وَمَكَرُوا مَكْراً وَمَكَرْنَا مَكْراً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ)(النمل:50)

    ويقول المصطفى الكريم عليه أفضل الصلوات وأزكى التسليم: " المكر والخديعة والخيانة في النار"(رواه الحاكم وصححه الألباني).



    يقول الشيخ محمد حسين يعقوب في كتابه "أصول الوصول إلى الله تعالى" بعد أن ذكر هذه الآيات وأمثالها: "إن التأمل في هذه الآيات ومعاودة قراءتها بتأن وتدبر يغرس في القلب الخوف من المكر، فها هي عاقبة المكر تراها واضحة أمامك في الآيات وكأن الآيات تقول لك : إياك أن تمكر .. إياك."اهـ"



    وما أكثر صور المكر في حياة الناس:

    شاب يواعد فتاة يستدرجها بمعسول الكلام، ويتودد إليها بأساليب الهيام، ويحلف لها أغلظ الأيمان أنه لا يريد إلا الزواج، كل ذلك ليصل منها إلى مبتغاه فإذا حصل منها مراده نبذها نبذ الحذا ورماها رمي الكلاب. أما يخاف هذا أن يمكر به.



    شخص يتحايل على أكل الربا، وأخذ الرشا، وأكل أموال الناس بالباطل، وهو يعلم أنه حرام ثم ترى المسبحة لا تفارق يده أو درج مكتبه، وربما يتصدق بنذر من هذا الحرام يظن أنه يرضي به ربه... بمن تمكر؟



    وستجد من يشكو قسوة قلبه.. ثم يذهب ليشاهد المواقع الخليعة ويشتري الاسطوانات البائسة، ويؤجر الأفلام من محلات الفيديو.. ثم يزعم أنه يريد أن يلين قلبه من قسوته، سبحان الله!! من تخادع؟



    كم من مريد للتوبة أو مدع لإرادتها وهو يحتفظ بكل ذكريات المعصية.. صور الفتاة التي كان يغازلها أو يخادعها وخطاباتها.. فربما احتاج يوما إليها.

    اسطوانات المقاطع وأشرطة الأفلام مازالت موجودة عنده.. فلعله حن يوما إليها .

    شرائط الأغاني والموسيقى مازالت عنده.. فمن يدري ربما بحث يوما فلا يجد مثلها.

    بالله عليك ألا تعلم أن الله عالم بسرك ونجواك، ويراقب خلجات قلبك وأسرار نفسك؟



    وأعظم من ذلك أن تُوغِل في المعاصي ثم تتزلف ببعض الطاعات تظن أن هذا مقابل ذاك، وهذه بتلك، وأن الحسنات يذهبن السيئات؛ فتحتال ببعض العلم على التجرؤ على المعصية وأنت تعلم أنك مخادع .

    يقول ابن الجوزي رحمه الله في مثل أولئك: "ومن أقبح الذنوب التي قد أعد لها الجزاء العظيم، الإصرار على الذنب، ثم يصانع صاحبه باستغفار، وصلاة، وتعبد، وعنده أن المصانعة تنفع. وأعظم الخلق اغتراراً، من أتى ما يكرهه الله، وطلب منه ما يحبه هو، كما روي في الحديث: "والعاجز من أتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأماني".

    ثم بيّن ـ رحمه الله ـ أن ذلك نوع مكر فقال: "تصر على المعاصي وتصانع ببعض الطاعات، والله إن هذا لمكر".(اهـ من صيد الخاطر).



    احذر ثارات المعاصي

    لكن بمن تمكر، ومن تخادع؟ أما تخاف عقوبة المعاصي، وثارات الذنوب، وعواقب القبائح؟ أم غرك إمهال الله لك؟.. فاحذر فقد يكون ذلك مكرا، فكم من مغرور بإمهال العصاة لم يمهل.

    يقول ابن الجوزي رحمه الله: "الواجب على العاقل أن يحذر مغبة المعاصي، فإن نارها تحت الرماد، وربما تأخرت العقوبة ثم فجأت، وربما جاءت مستعجلة"، فـ"قد تبغت العقوبات، وقد يؤخرها الحلم.. والعاقل من إذا فعل خطيئة بادرها بالتوبة، فكم مغرور بإمهال العصاة لم يمهل؟".



    إن بعض الناس يغتر بطول ستر الله له، وبتأخر العقوبة على الذنب، أو بتتابع نعم الله عليه، ودوام العافية بسلامة المال والبدن، فيظن أنه مغفول عنه أو أنه مسامح، وما يدري أن العقوبة بالمرصاد وأنها ـ وإن تأخرت ـ لابد آتية.. ومن تأمل أفعال الباري سبحانه، رآها على قانون العدل، وشاهد الجزاء مرصداً، ولو بعد حين.. فلا ينبغي أن يغتر مسامح، فالجزاء قد يتأخر.



    عقوبات معجلة

    ولا يخلو العاصي من عقوبة معجلة قبل المؤجلة ـ إن فاتت التوبة ـ ولكن المذنب لا يحس لضعف البصيرة وقلة الفكر أو موات القلب، وهذه أيضا من العقوبات.. ومن جميل ما جاء في صيد الخاطر قول مؤلفه: "فكل ظالم معاقب في العاجل على ظلمه قبل الآجل، وكذلك كل مذنب ذنباً، وهو معنى قوله تعالى: (مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ)، وربما رأى العاصي سلامة بدنه وماله فظن أن لا عقوبة، وغفلته عما عوقب به عقوبة. وقد قال الحكماء: المعصية بعد المعصية عقاب المعصية، والحسنة بعد الحسنة ثواب الحسنة.

    وربما كان العقاب العاجل معنوياً كما قال بعض أحبار بني إسرائيل: يا رب كم أعصيك ولا تعاقبني ؟ فقيل له: كم أعاقبك وأنت لا تدري، أليس قد حرمتك حلاوة مناجاتي؟.

    فمن تأمل هذا الجنس من المعاقبة وجده بالمرصاد، حتى قال وهب بن الورد وقد سئل: أيجد لذة الطاعة من يعصي؟ فقال: ولا من هم.

    فرب شخص أطلق بصره فحرم اعتبار بصيرته، أو لسانه فحرمه الله صفاء قلبه، أو آثر شبهة في مطعمه فأظلم سره، وحرم قيام الليل وحلاوة المناجاة، إلى غير ذلك.

    وهذا أمر يعرفه أهل محاسبة النفس، وأرباب البصائر ومن رزقهم الله الفهم.. قال الفضيل: إني لأعصي الله عز وجل فأعرف ذلك في خلق دابتي وجاريتي. وعن عثمان النيسابوري: أنه انقطع شسع نعله في مضيه إلى الجمعة فتعوق لإصلاحه ساعة، ثم قال: ما انقطع إلا لأني ما اغتسلت غسل الجمعة. وقال بعض السلف: تسامحت بلقمة فتناولتها فأنا اليوم من أربعين سنة إلى خلف!!. وهذه نتف تدل على ما وراءها.



    فالله الله، والبواطنَ البواطن، والنياتِ النيات، فإن عليكم من الله عيناً ناظرة، وإياكم والاغترار بحلمه وكرمه، فكم قد استدرج، فكونوا على مراقبة، وانظروا في العواقب، واعرفوا عظمة الناهي. واحذروا من نفخة تحتقر، وشررة تستصغر فربما أحرقت بلداً. ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
    اسلام ويب
                  

09-01-2015, 01:32 AM

سيف اليزل برعي البدوي
<aسيف اليزل برعي البدوي
تاريخ التسجيل: 04-30-2009
مجموع المشاركات: 18425

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات متنوعة عن الأسرة و المجتمع (Re: سيف اليزل برعي البدوي)

    يعتقد البعض أن الحب الأول هو ظاهرة من ظواهر مرحلة المراهقة التي غالبـًا ما تتسم قراراتها بالانفعالية والحكم على الأشياء بظاهرها، وهو أيضـًا ما أجمع عليه الكثيرون ممن خاضوا تجربته من أنه لم يكن أكثر من وهم يحمل معه – في الغالب – كل عوامل الفشل منذ بدايته، ورغم ذلك تتكرر التجربة ملايين المرات مع ملايين الشباب رغم علم أغلبهم أن الحب الأول في حياة الملايين السابقين لم يكن سوى تجربة فاشلة خلفت وراءها جرحـًا ما اختزنته الذاكرة في ملف التجارب الأكثر إيلامـًا في حياة الإنسان..

    ورغم العلم بأن مثل هذه العلاقات في معظمها ـ إن لم تكن كلها ـ محرمة شرعا إلا أننا يجب أن ننظر إليها على أنها أمر واقع وبلاء يحتاج إلى علاج، ولا بد عند العلاج من سماع وجهات نظر أصحاب المشكلة ثم نستمع إلى أهل العلم وأصحاب الرأي لنعلم كيفية العلاج.



    نظرة الشباب

    ترى كيف ينظر الشباب إلى الحب الأول؟

    يقول "كامل" (24) سنة، جامعي: تقابلنا وتعارفنا وتسللت المشاعر الدافئة إلى قلوبنا فحركت عواطفنا وملأت كل فراغ، وأصبح الزواج حلمنا الذي نسعى لتحقيقه، ولكن جاءت الرياح بما لا تشتهي السفن، فسبقني لخطبتها شاب تم قبوله بكل ترحاب لثرائه وخلقه، ومنذ ذلك اليوم أصبحت وكأنني طيف عابر مر في حياتها، ولم يترك حتى ذكرى، فقد استبدلت حبيبـًا آخر بي دون أسف أو ندم، لذلك أصبحت أفقد الثقة في أي فتاة؛ بل أصبحت أفقد الثقة فيما يسمى بـ "الحب الأول".


    ويقول "ماجد الراشد" (23) سنة: بالرغم من أن علاقتنا لم يقدر لها الاستمرار؛ لأن الفتاة التي أحببتها قد ارتضت غيري زوجـًا لها بحجة أنني وهي في سن واحدة والآخر يكبرها، إلا أن هذه الفتاة مازالت تعيش بداخلي، ولا أستطيع التفكير في غيرها؛ بل أحجب عيني عن رؤية من حولي من الفتيات، لذلك أتمنى اليوم الذي أشفى فيه منها، حتى أستطيع أن أمارس حياتي مثل أي شاب، وأنصح الشباب بأن يتجنب إقامة أية علاقات مع الفتيات ماداموا غير مؤهلين للزواج.


    أما "عبد الحميد" (22) سنة، فيحكي قصة مختلفًا ونوعـًا مختلفـًا من الحب الذي ظل صامتـًا طوال ثلاث سنوات دون أن يعترف لها بهذا الحب، وكانت النظرات هي اللغة الوحيدة للتعبير عن المشاعر، ويقول: بالرغم من أن هذا الحال قد طال أجله، إلا أنني كنت دائمـًا على يقين بأن هذه العلاقة سيقدر لها الموت قبل الميلاد، والنهاية قبل البداية؛ لأنني مازلت طالبـًا وأمامي الطريق طويل حتى أبلغ ما أتمناه في حياتي العلمية والعملية، ولا شك أنها لا تستطيع انتظاري، ومن ثم فكرت في إنهاء هذه العلاقة، ويبدو أن هذا الخاطر قد راودها كما راودني، ومن ثم انتهينا في صمت كما بدأنا في صمت.


    ويقول "سامي" (21) سنة: أحببتها عن بعد وحاولت كثيرًا التقرب إليها، ولكنني دائمـًا كنت أجد منها الصد والتمنع، وكان هذا الأمر يزيدني تعلقـًا وشغفـًا بها، ولكن بمرور الأيام أحسست بحبها لي ونشأت بيننا علاقة تمنيتها كثيرًا، ولكني في حقيقة الأمر أحسست بأن رصيد حبي لها لم يعد كما كان، وأصبحت زاهدًا في هذه العلاقة بعد أن كنت أتمناها، ولست أدري ما أسباب ذلك، علمـًا بأنني لا أحترم أي شاب ينظر للحب على أنه مجرد تسلية، ولكن يبدو أن ما عايشناه لم يكن حبـًا كما ظننا.


    عقبات:


    ويقول "عاصم" (22) سنة: جمعني القدر لأول مرة بفتاة تتمنى أن تكون زوجة لي، كما أصبحت أنا أيضـًا حلمـًا لها، ولكن وقف الأهل حجر عثرة في طريق تحقيق هذا الحلم، حيث لم يرتضوها زوجة لي، وزعموا أن هناك من هي أكثر منها جمالاً وخلقـًا، ولم يدركوا أن هذه الفتاة قد امتلكت ما لم تمتلكه غيرها وهي مشاعري وسعادتي، وأصبحت منذ ذلك الوقت واقعـًا أمام اختيارين كليهما مر، وهما إما أن أترك حبيبتي لأرضي أهلي، وإما أن أغضبهم وأتزوج منها، لذلك أعترف بأن هناك عيبـًا في الحب الأول إن لم يكن في المحبين، فهو فيمن يفسدون عليهم هذا الحب.



    أما " راضي" فيتحدث عن الحب الأول من خلال تجارب الآخرين حيث يقول: نعم لم أخض تجربة عاطفية خاصة حتى الآن، ولكنني قد عشت تجارب الآخرين، والتي كان يقدر لها دائمـًا أن يموت فيها الحب قبل أن يكلل بالزواج، وذلك لأحد سببين، إما لعدم صدق المشاعر، حيث يكتشف أحد الطرفين (فجأة) أن ما حدث لم يكن حبـًا، وإنه فقط مجرد إعجاب، وإما أن يكون هذا الحب حقيقيـًا، ولكن تعترضه عواقب جمة، لذلك أتمنى أن أخوض هذه التجربة وأنا على ثقة من مشاعري وعلى ثقة بأنني قادر على إكمال مسيرتي مع من أحب.



    وهم كبيــر

    ولكن كيف يرى الكبار هذه التجربة؟ وكيف ينظرون إليها بعد أن مروا بها مع أنفسهم أو من خلال متابعتهم لغيرهم؟

    يرى "حسني" (38) سنة أن ما يسمى بالحب الأول يمضي ولا يترك سوى الذكرى، ويقول: كنت أظن أن الحب دائمـًا لا يكون إلا للحبيب الأول، ولكن من خلال تجربتي في الحياة أدركت خطأ هذا الظن، فبعدما انتهت قصتي مع الفتاة الأولى في حياتي بالفشل، أصبحت أحلامي كلها باهتة، ولم يعد لي هدف أو طموح أسعى إليه، ولكن سرعان ما عدت لصوابي وأدركت أن الحياة لابد أن تستمر حتى لو رحل الحبيب، وبالفعل جمعني القدر بإنسان أخرى، خالط حبي لها الاحترام والتقدير وتزوجنا، وقد شفى الزواج جراح الحب الأول، ولم يعد له في حياتي سوى الذكرى.



    أما "أسامة" (32) سنة، فيحسم الأمر من الوهلة الأولى ويرى أن الحب الأول وهم كبير، ويقول: عندما كنت طالبـًا في الجامعة تحركت مشاعري تجاه زميلة لي، وتوهمت أنها الحب الأول والأخير في حياتي، فكم تمنيت الحديث معها أو مجرد الجلوس بجوارها، وعندما وجدتها تتبادل أطراف الحديث مع أحد زملائي اشتد لهيب الغيرة بداخلي وانتابتني حالة من الضيق لا شفاء منها، ولكن سرعان ما انطفأت نيران هذه العاطفة عندما نضجت المشاعر، وتمكن العقل من مشاركة القلب في الاختيار.



    آراء الخبراء والمختصين

    انتقلنا إلى عدد من المختصين والخبراء نتعرف من خلال تجربتهم الشخصية وتخصصهم على رؤيتهم لـما يسمى "الحب الأول"..

    يقول "د.أحمد المجدوب" المستشار الاجتماعي بمركز البحوث الاجتماعية والجنائية بالقاهرة: إن الظروف الاجتماعية والثقافية السائدة من انتشار الأفلام الرومانسية والأغاني العاطفية وشغف الشباب بها، قد جعل ما يسمى بالحب رغبة ملحة لديهم، لذلك نجد كثيرًا منهم يندفع في إشباع هذه الرغبة "بطرق غير مشروعة ولا مدروسة" بمعنى أن يسعى الشاب إلى خوض تجربة عاطفية دون أن يتأكد من صدق مشاعره، ودون أن يفكر إلى ما ستنتهي إليه هذه العاطفة، ومن ثم يكون مصيرها الفشل دائمـًا.


    ولأن الحب الأول دائمـًا يبدأ في مرحلة المراهقة، والمشاعر حينها لا تزال في طور النمو، فإنه غالبـًا ما يكلل بالفشل؛ لأن المراهق يخوض التجربة بناء على خبرات ساذجة اكتسبها بطريقة سطحية، وبالرغم من فشل تجربة الحب الأول، إلا أنها تظل أكثر تعلقـًا بالذهن مهما تعددت التجارب فيما بعد، وذلك لأنها أول تجربة يمر بها الإنسان منتقلاً بها من الطفولة إلى الشباب.



    ويضيف "د.المجدوب" أن هذه التجربة ربما تترك ذكرى ممتعة لعدم شعور الفرد بالمسؤولية الكاملة تجاهها، وربما تترك ذكرى مؤلمة تشكل عقبة في الحياة العاطفية فيما بعد.


    ومن هنا يأتي دور الآباء، فلابد من خلق صداقة بينهم وبين الأبناء، وذلك من خلال أن يستعيد الآباء المراحل العمرية التي يمر بها الأبناء حتى تقترب المسافات فيما بينهم، ويتمكنوا من توجيه أبنائهم إلى السلوك الرشيد، لأنهم أدركوا من خلال تجاربهم الماضية أن الحب عاطفة لابد أن تكون دائمـا مرتبطة بالعقل، ولا يوجد ما يسمى بالحب من أجل الحب؛ لأن لكل شيء في الحياة هدفـًا؛ وأسمى أهداف الحب هو الزواج، كما يجب أن يدرك الشباب ممن تعرض لمثل هذا أنها تجربة، فإن فشلت فلابد من الاستفادة منها وليس فقط الرثاء عليها، فالإنسان بإرادته القوية يستطيع أن يصوغ حياته ويعيش ولو بعد فشل هذه التجربة.



    الخيال العاطفي

    وترى د. "أمينة كاظم" أستاذة علم النفس بجامعة عين شمس أن تجربة الحب الأول غالبـًا ما تكون معرضة للفشل؛ لأنها تبدأ في سن مبكرة وهي سن المراهقة، وهذه المرحلة تتسم بالرومانسية المفرطة والرغبة في إثبات الذات، وبالتالي نجد الشخص يندفع في مشاعره ويحاول إسقاط أحلامه على شخص يعتقد فيه الكمال، وغالبـًا ما يكون المظهر هو المقياس الأول في اختيار الحبيب، لذلك نجد كثيرًا من الشباب يعيشون قصص حب وهمية، وهي في الحقيقة لا تتعدى أن تكون حالة من الانبهار والإعجاب، كما أن هناك أمرًا مهمـًا في فشل الحب الأول وهو أنه غالبـًا ما يوجد عدم تكافؤ بين الشخصين من الناحية الاجتماعية والثقافية؛ لأن الخيال العاطفي يلعب دورًا كبيرًا في أول تجربة، حيث يخيل لكليهما أن الحب أقوى من أي فروق، ولكن سرعان ما تفصح الأيام عن حقيقة هذه المشاعر الوهمية؛ لأنه بمرور الوقت والانتقال إلى مرحلة الرشد تهدأ حدة الانفعالات، ويصبح الشاب في حالة من الاتزان الوجداني تمكنه من التفكير بعقلانية أكثر في أمور حياته سواء العاطفية أو غيرها، لذلك لابد أن يتروى الشباب في الحكم على مشاعرهم ويدركوا أن الحب مسؤولية كبيرة من أهم سماتها الصدق في المشاعر والأمانة مع الطرف الآخر.

    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

    المصدر: مجلة "الفتيان".
                  

09-01-2015, 01:34 AM

سيف اليزل برعي البدوي
<aسيف اليزل برعي البدوي
تاريخ التسجيل: 04-30-2009
مجموع المشاركات: 18425

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات متنوعة عن الأسرة و المجتمع (Re: سيف اليزل برعي البدوي)

    وصلتني هذه الرسالة عبر الإيميل الخاص بي، وعندما قرأتها أعجبني محتواها وأسعدني ما فيها من عبرة وتوجيه، وشدني أسلوب التوجيه فيها، فأحببت أن أنقل الرسالة إلى قارئي العزيز؛ عسى أن يقتدي بها وينفعه ما فيها من خير فأدخل في قول المصطفى الكريم: " الدال على الخير كفاعله"(صححه الشيخ الألباني والشيخ أحمد شاكر، رحمهما الله)، وقوله عليه الصلاة والسلام: " من دعا إلى هدى ، كان له من الأجر مثل أجور من تبعه ، لا ينقص ذلك من أجورهم شيئا" (رواه مسلم)..

    تقول الرسالة:

    طفلي الصغير منذ مساء أمس وصحته ليست على ما يرام.. وعندما عدت مساء هذا اليوم من عملي قررت الذهاب به إلى المستشفى.. رغم التعب والإرهاق إلا أن التعب لأجله راحه.

    حملته وذهبت.. كان المنتظرون كثيرين.. ربما نتأخر أكثر من ساعة.. أخذت رقماً للدخول على الطبيب وتوجهت للجلوس في غرفة الانتظار.

    وجوه كثيرة مختلفة.. فيهم الصغير وفيهم الكبير.. الصمت يخيم على الجميع.

    يوجد عدد من الكتيبات الصغيرة استأثر بها بعض الأخوة. أجلت طرفي في الحاضرين.. البعض مغمض العينين لا تعرف فيم يفكر..

    وآخر يتابع نظرات الجميع.. والكثير تحس على وجوههم القلق والملل من الانتظار. يقطع السكون الطويل.. صوت المُنادي.. ينادي على صاح الرقم كذا.. الفرحة على وجه المُنادى عليه.. يسير بخطوات سريعة.. ثم يعود الصمت للجميع.

    لفت نظري شاب في مقتبل العمر.. لا يعنيه أي شيء حوله.. لقد كان معه مصحف جيب صغير.. يقرأ فيه.. لا يرفع طرفه.. نظرت إليه ولم أفكر في حالة كثيراً..

    لكنني عندما طال انتظاري عن ساعة كاملة تحول مجرد نظري إليه إلى تفكير عميق في أسلوب حياته ومحافظته على الوقت.

    ساعة كاملة من عمري ماذا استفدت منها وأنا فارغ بلا عمل ولا شغل. بل انتظار ممل؟!

    أذن المؤذن لصلاة المغرب.. ذهبنا للصلاة..

    في مصلى المستشفى.. حاولت أن أكون بجوار صاحب المصحف.. وبعد أن أتممنا الصلاة سرت معه وأخبرته مباشرة بإعجابي به من محافظته على وقته.

    وكان حديثه يتركز على كثرة الأوقات التي لا نستفيد منها إطلاقاً وهي أيام وليالٍ تنقضي من أعمارنا دون أن نحس أونندم.

    قال إنه أخذ مصحف الجيب هذا منذ سنة واحدة فقط عندما حثه صديق له بالمحافظة على الوقت.

    وأخبرني أنه يقرأ في الأوقات التي لا يستفاد منها كثيراً أضعاف ما يقرأ في المسجد أو في المنزل..

    بل إن قراءته في المصحف زيادة على الأجر والمثوبة إن شاء الله تقطع عليه الملل والتوتر.. وأضاف محدثي قائلاً: إنه الآن في مكان الانتظار منذ ما يزيد على الساعة والنصف. وسألني: متى ستجد ساعة ونصف لتقرأ فيها القرآن ؟

    تأملت.. كم من الأوقات تذهب سدى؟! وكم لحظة في حياتك تمر ولا تحسب لها حسابا؟! بل كم من شهر يمر عليك ولا تقرأ فيه القرآن؟!

    أجلت ناظري.. وجدت أني محاسب والزمن ليس بيدي.. فماذا أنتظر؟

    قطع تفكيري صوت المنُادي..

    ذهبت إلى الطبيب بعد أن خرجت من المستشفى.. أسرعتُ إلى المكتبة.. اشتريتُ مصحفاً صغيراً.. قررتُ أن أحافظ على وقتي.

    فكرت وأنا أضع المصحف في جيبي. كم من شخص سيفعل ذلك.. وكم من الأجر العظيم يكون للدال على ذلك..

    أتمنى لك ضعف ما تتمناه لي .. لطفا و ليس أمرا (وما زال الكلام من الرسالة، وهو مني لك أيضا).. إن أعجبك محتوى الرسالة أعد إرسالها لمن تعرف؛ ليعم الخير و الفائدة.. و جزاك الله خيرا.

    اللهم صل على محمد وآل محمد.

    اللهم إن كان لك صفوة تدخلهم الجنة من غير حساب ولا عـقاب فاجعل قارئ رسالتي منهم..

    · اللهم وفق مرسل هذه الرسالة، وأعنه على ذكرك وشكرك وطاعتك وحسن عبادتك، اللهم وفقه لما تحب وترضى، اللهم أحسن خاتمته، واجعل قبره روضة من رياض الجنة وكل من قرأها.

    "انتهت الرسالة"
    اسلام ويب
                  

09-01-2015, 01:36 AM

سيف اليزل برعي البدوي
<aسيف اليزل برعي البدوي
تاريخ التسجيل: 04-30-2009
مجموع المشاركات: 18425

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات متنوعة عن الأسرة و المجتمع (Re: سيف اليزل برعي البدوي)

    عليُّ الغرب.. وقصة إسلام عجيبة
    وعلي الذي نقصده هو شاب من الشباب الغربي الضائع الذي يعيش حياة لا قيمة لها بل هي أشبه بحياة البهائم أو أسوأ، وهو كغيره من الشباب الذي لم يجد من يأخذ بيده إلى الطريق الحق، ويدعوه إلى دين العدل والخير والصدق.. عاش هكذا هائما لكنه كان على موعد مع لطف الله تعالى فهيأ له الأسباب التي غيرت حياته واستنقذه بها من عذاب الأبد، فهداه إلى الإسلام بعد رحلة من البحث ليست بالقصيرة.. فلما أسلم لم يرض أن يكون ككثير من المسلمين بلا فاعلية ولا أثر، ولم يرض أن يكون الرجل الصفر الذي لا قيمة له، بل قادته همته ليكون رقما ويكون ذا أثر، فأنشأ موقعا خاصا له بشبكة الإنترنت يحكي قصة إسلامه ويدعو التائهين إلى دينه الجديد دين الحق، ويثير هم النائمين من أبناء المسلمين ليعملوا لنشر دينهم ونصرة الحق الذي بين أيديهم، ويعرفوا قيمة الكنز الذي يملكونه والذي يتمنى كل تائه عنه أن ينال منه حظه فيكون من سعداء الدنيا والآخرة.

    لا أريد أن أطيل عليك قارئي العزيز، ولكن أحب أن أتركك لتقرأ قصة إسلامه ففيها دروس كثيرة لكل متقاعس عن العمل للدين، ولكل مفرط يعطي صورة سلبية عن المسلمين.

    والآن مع القصة:
    يقول في بداية كلامه: السؤال رقم واحد هو: كيف تحولت إلى الإسلام؟
    ويجيب بنفسه: حسنا هذه حكاية طويلة وسأعطيك النسخة المختصرة منها:
    قبل الإسلام اعتدت على مصاحبة أشخاص سيئي العادات، وأعني تماما أشخاص سيئون، وعندما أفكر جيدا في الأمر أجد أنني لم أملك خيارا أفضل من هؤلاء الأصدقاء .. لقد كانت حقا تشكيلة عجيبة من الأشخاص!!! منهم الفتى المخادع، والفتى المجنون، والفتى الثرثار، ومنهم الفتى الغريب الأطوار، ومنهم اللص.. و.. و...

    صديقي مسلم ياللعجب
    وذات يوم دعاني أحد أفضل أصدقائي، والذي كان أسوأهم خلقا، إلى اللعب معه في دورة كرة سلة لمسلمين.
    سألته: حسنا..هذا جيد من عسانا نعرف ويكون مسلما؟!! ( أي أنه كان لا يعرف أن صديقه هذا مسلما).
    أخبرني أنه مسلم... قلت ماذا (بمنتهى العجب) أنت مسلم؟!!! وضحكت بملء فمي..

    " سيد" (وهو اسم صديقه) مخترق القانون؟!!
    سيد الذي للتو تم اعتقاله!!!
    سيد!! الذي كان يعلمني كيف أغش في المدرسة!!
    عجيب!! أنت مسلم؟! ماذا.. هل أنت جاد؟!!!
    حسنا..أنا آسف...لكن أنت لست مسلما.. أنت تحاول خداعي.. من تخدع يا رجل؟!!!

    في الحقيقة لم أستطع تصديقه...لذلك عندما ذهبت إلى بيته كان أعضاء فريق اللعب مجتمعين هناك، وكانوا يرتدون قبعات عليها لفظ الجلالة "الله" وكلمة الإسلام ...
    ماذا...؟!!! يا إلهي ... كيف يكون هذا؟!! أشاهد هؤلاء الفتيان طول الوقت في المدرسة!! ليس لدي أدنى فكرة أنهم مسلمون.
    مع كل الأمور التي رأيتهم يفعلونها لم أتصور أبدا أن لهم أي صلة بأي دين.

    بعدها ذهبنا إلى دورة السلة، وعندما حانت الصلاة انصرف الفريق بعيدا... قالوا: دعونا نبرد بالخارج!
    ـ نبرد؟! ألا تصلون يا شباب خمس مرات يوميا؟؟!!
    - لا يا رجل هذا عادي!! يمكننا الذهاب للخارج.

    بالنظر إلى سلوكهم اعتقدت أن الإسلام شيء من الثقافة أو ما شابه ذلك.. وبعد رؤيتي الطريقة التي يمارس بها هؤلاء الإسلام لم أجد أي رغبة في معرفة الإسلام... هل يمكن أن أصبح مسلما بعد هذا الذي رأيته منهم!!!!... بالطبع لا .

    مع مرور الوقت أوقعني أصدقائي في المزيد والمزيد من المشاكل، أحيانا لا تبحث عن المشاكل ولكن المشاكل تبحث عنك... أحدهم أعتقل، والأخر تحت المراقبة.. و.. و... وتعرضت لإطلاق النار مرتين.

    أي دين ألتزم.. للآن لا شيء.. لا شيء إطلاقا...
    كنت أعبد الأصنام لقد كنت وثنيا.. ألبس قلادة من الخرافات حول عنقي!! معتقدا أن تلك القلادة تنفعني، ولكنها لم تنفع، لقد كنت تائها في عالم الجاهلية، عالم الجهل والإهمال، لم يعرض أحد عليّ الإسلام؛ ولذلك لم يكن لدي أي فكرة عن ماهيته.

    أخيرا تحققت أن هذه الأوثان والقلادات لم تنفعني، لهذا قررت أن أبحث عن الحقيقة.. قلت لنفسي: "إذا وجدتها فسوف أغير حياتي"؛ لذا بدأت بالبحث في الأديان المختلفة وأساليب الحياة المتنوعة، واحدا تلو الآخر. وجدت أخطاء في الديانات المختلفة.

    وحال وجدت خطأ في دين ما، كنت ألقيه جانبا.. ما أعنيه: إذا كان الدين من خالق كل شيء، من الله العظيم ذي القدرة المطلقة، لا يمكن القبول بالخطأ فيه، أو قبول بأن الرسالة تغيرت بفعل إنسان!! أو أن الإله قد قتل أو مات!! لم أقبل بهذا...

    ولم أكن لأرضى بدين أكون فيه كرجل أعمى ينساق خلف رجل دين يظن أنه أقرب إلى الله منا جميعا، لا أعتقد هذا... بدأت أشعر باليأس يبدو أن جميع الأديان قد أهملت.

    يوم الفرج:
    وذات يوم أعطاني أحدهم فرصة ذهاب إلى أجد المخيمات الإسلامية. اعتقدت أن هذه فرصة جيدة للتعرف على دين الإسلام، وللأسف كان التوقيت غير مناسب، كان أبي في المستشفى وقد أخبرنا الأطباء بأن أيام حياته معدودة، أخبرتني أمي بضرورة بقائي معه لربما تكون هذه هي المرة الأخيرة التي أراه فيها، في البداية قررت البقاء، ولكن بعد ذلك غيرت رأيي لا أعرف لماذا، فلم يتبق إلا دين واحد لم أعرفه، ويجب أن أعرف ما هو، إنه الإسلام. ورغم أن رغبتي كانت ضد رغبة أسرتي إلا أنني قررت الذهاب.

    أخذت صديقتي ذات الشعر الأرجواني وذهبنا إلى المخيم الإسلامي... صديقة ذات شعر أرجواني؟؟!! نعم.. ألم اقل لك أنني كنت تائها تماما.
    على كل حال وصلنا إلى المخيم، كنت أسبب كثيرا من المشاكل، ولكثرة مشاكلي أرادوا طردي.. وللحقيقة فقد كنت سيئا جدا.

    ولكن وبعد أن مللت من كثرة المشاكل هدأت ثم جلست، بدأت أسمع إلى المحاضرات وقد بدت مثيرة جدا، وقد بدأ المتحدث يتكلم عن أشياء لم أسمع بها من قبل... بدأت أقيم.. وأحلل.. وأسال.. ولأول مرة في حياتي بدأت أفكر.. نعم أفكر.. لقد كان هذا مذهلا حقا. كان كل شيء واضحا ومفهوما.
    لقد قلت لنفسي من قبل: "أينما وجدت الحقيقة فسوف أتبعها"، وهاأنا قد وجدتها.. ولذلك قررت أن أدخل الإسلام، وخلال ساعات أصبحت مسلما!!

    أخبرت صديقتي أن الأمر قد انتهى.. أصيبت بصدمة.
    وعندما عدت للبيت أخبرت والدي أني أصبحت مسلما، وكذلك من في البيت.. وأصيبوا بصدمة.
    وعندما أخبرت أصدقائي بأنني أصبحت مسلما اعتقدوا أنني ربما جننت، وصرخ بعضهم في وجهي: مجنون.. مجنون.. لقد جننت.

    أعتقد أن السبب في كون المخيم مختلف أنه عزلني عن كل ملهيات الحياة؛ ففي الحياة العادية نكون مشغولين بأشياء كثيرة ومتنوعة، ولكن عندما تترك مشاغل الحياة جانبا وتتاح الفرصة الحقيقة للتفكير ويعرض عليك الإسلام كل ذلك يجعل للأمر معنى متكاملا.
    هل تساءلت يوما : لماذا يتحول الكثير من السجناء إلى الإسلام؟!
    لأن كل الملهيات والمشاغل انتهت... وليس لديهم شيء إلا التفكير والتفكّر.
    وعندما عدت من المخيم كان الجميع يعتقدون أنني جننت.. لماذا؟! ولماذا لم يعتقدوا أنني مجنون عندما كنت أقدس الأحجار؟! عجيب أمرهم.

    من أي الفريقين أنت؟
    الحمد لله أنني مسلم من ذلك الوقت... الحمد لله.
    لكن الآن انظر إلى الفرق بين هذين الصنفين من المسلمين الذين قابلتهم.
    الصنف الأول: هم الذين عرفتهم في الدراسة، ولم يكونوا سوى تشكيلة من الأشخاص لا يمكن أن تميز لهم دين أو هوية.
    الصنف الثاني: الذين قابلتهم في المخيم، والذين كانوا مسلمين حقا.
    وانظر أي هذين الصنفين أثروا فيّ؟! وأيهم كان له تأثير إيجابي والأخر سلبي. ولاحظ.. كيف أنه لما قدم لي الإسلام بشكل صحيح أصبحت مسلما من اليوم التالي مباشرة.

    لذلك إذا اعتبرت نفسك مسلما، وقدت التائهين من حولك، فكم سيكون أثرك. وأما إذا تناولت الجعة مع صديقك ثم أخذت في الحديث عن عظمة الإسلام فسوف يعتبرونك منافقا.

    إن هناك كثيرا من الناس مثلي.. يريدون الحقيقة، وهم صادقون في ذلك، ولكنهم يحتاجون فقط لمن يقدمها لهم.

    لقد هداك الله للإسلام ، إنها أعظم منحة يمكن أن تحصل عليها في حياتك، فهل تترك كل هذا كي تقلد الضالين من الناس؟!!! كيف يكون هذا؟!

    لقد أشرت إلى نوعين من المسلمين، والأمر لك كي تقرر أي النوعين تكون. نعم سيكون أحد الخيارين أصعب من الآخر لكن عاقبته لا شك حسنة.

    تعلمون أنه لا إكراه في دين الإسلام، لذلك فإن طريقة حياتنا نفسها هي التي تعبر عن الإسلام وتقدمه للناس.

    سبحان الله...هؤلاء المسلمون الذين كانوا حولي وقرروا أن يكونوا نماذج سيئة للإسلام، ولم يعطوني الإسلام يوما.. ماذا سيقولون لله سبحانه يوم القيامة؟

    وهكذا إذا أهملت في دينك فلن يكون أثر هذا عليك وحدك، بل أيضا على كل من يتعامل معك.. فهل تفهم ما أقول؟

    آمل ذلك إن شاء الله.
    إسلام ويب
                  

09-01-2015, 01:38 AM

سيف اليزل برعي البدوي
<aسيف اليزل برعي البدوي
تاريخ التسجيل: 04-30-2009
مجموع المشاركات: 18425

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات متنوعة عن الأسرة و المجتمع (Re: سيف اليزل برعي البدوي)

    إلى الله.. لا إلى رفقـاء السـوء


    كل عالم بالله وعارف بطبيعة البشر يعلم أن كل إنسان مهما بلغ حرصه فإنه لا بد أن تصيبه غفلة أو تغلبه شهوة أو يتسلط عليه شيطانه فيوقعه في ذنب أو معصية، وربما طال أمد الغفلة أو طالت مقارفة الذنب واستعذب المرء الملذات.. ومع ذلك فمن أعظم فضائل الرحيم المنان والرءوف الرحمن، أنه فتح باب التوبة لمن سعى إليها وتشوف لها وطرق بابها، فما لم يغرغر العبد ولم تطلع الشمس من مغربها فالباب مفتوح غير موصود ولا مردود، بل يقبل الله التوبة إذا نصحت وأتى صاحبها بأسباب القبول "وهو الذي يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات ويعلم ما تفعلون".
    فمهما كان الذنب ومهما بلغت الخطيئة ومهما كبرت المعصية فعفو الله أكبر منها، ورحمته أوسع كما قال تعالى: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} (الزمر:53)

    والله عز وجل بلغ من تمام لطفه وعظيم رحمته بعباده وعطفه وكرمه أنه يفرح بتوبة العبد إذا تاب إليه ورجع وأناب أكثر مما يفرح من أيقن الهلاك ثم كتبت له النجاة كما جاء في الحديث الصحيح الذي رواه البخاري والترمذي وغيرهما عن ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لله أفرح بتوبة أحدكم من رجل بأرض فلاة دوية مهلكة معه راحلته عليها زاده وطعامه وشرابه وما يصلحه فأضلها، فخرج في طلبها حتى إذا أدركه الموت، قال: أرجع إلى مكاني الذي أضللتها فيه فأموت فيه، فرجع إلى مكانه، فغلبته عينه فاستيقظ فإذا راحلته عند رأسه، عليها طعامه وشرابه وما يصلحه ". اللفظ للترمذي.

    رفقاء السوء والتثبيط عن التوبة
    وإذا كنا نتحدث عن التوبة ولزومها فإن من أعظم المثبطات عن التوبة وسبل الصد عنها رفقة السوء وصحبة الشر فإنهم عوائق في طريق التوبة: إما لأن صاحبهم يرغب عن التوبة خشية أن يفقد هذه الرفقة، خصوصا إذا لم يكن له صحبة سواهم.

    وإما لأن شياطينهم تؤزُّهم على من تسول له نفسه مفارقتهم بالتوبة عما هم فيه من غيٍّ وضلال، وانحراف وانحلال؛ فما يزالون به يرغبونه عن الهدى و يزينون له المحال و الردى، فربما طاوعهم فمات على الكفر كحال أبي طالب عم رسول الله صلى الله عليه وسلم.. فقد روى الإمام البخاري وغيره عن المسيب بن حزن قال: "لما حضرت أبا طالب الوفاة، جاءه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فوجد عنده أبا جهل وعبد الله بن أبي أمية بن المغيرة، فقال: (أي عم، قل لا إله إلا الله، كلمة أحاج لك بها عند الله). فقال أبو جهل وعبد الله بن أبي أمية: أترغب عن ملة عبدالمطلب، فلم يزل رسول الله صلى الله عليه وسلم يعرضها عليه، ويعيدانه بتلك المقالة، حتى قال أبو طالب آخر ما كلمهم: على ملة عبدالمطلب، وأبى أن يقول: لا إله إلا الله، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (والله لأستغفرن لك ما لم أنه عنك). فأنزل الله: {ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين}. وأنزل الله في أبي طالب، فقال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: {إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء}.

    وهكذا دائما حال صحبة السوء في الصد عن سبيل الله، فكم من شاب عاش حينا من الدهر مع شلة فساد، ونظراء هوى، فلما هدى الله قلبه لنور الإيمان وأذاقه حلاوة التوبة والإحسان ورأى منه أصحابه عزوفا عن العصيان، واشتموا منه رائحة التخلي عما سلف وكان بدءوا يسخرون منه ويستهزئون بمقصده، ويذكرونه بالليالي الحمراء والأيام السوداء، والمواقف الغبراء، وبما يعلمونه من ماضيه الذي يعرفون عنه كل صغيرة وكبيرة فهذا رافقه في سفر وذاك عنده صور والثالث جالسك في استراحة:

    تذكر كم ليلة سهرنا
    في ظلها والزمان عيد
    تذكر كم نغمة سمعنا
    وأنت فينا راقص مريد
    تذكر كم خمرة شربنا
    من نشوها والشراب زيد
    أين النساء التي عرفنا
    وأنت فينا القائد المَجيد
    أين القمارُ الذي لعبنا
    وأنت فينا حاضر شهيد
    أين الصلاة التي تركنا
    والكفر في حقنا مَزِيد
    كلٌّ كأن لم يكن تَقَضَّى
    وأنت فينا الصالح الوحيد

    فإذا كان الله قد ألقى التوبة في قلبك ووقف رفقاء الماضي منك هذا الموقف فلا تلتفت إليهم، وتوجه إلى ربك، وأخلص توبتك، فإن جاء منهم أحد معك فرفقة إلى الله ومحبة في الله بعد أن كانت رفقة إلى النار ومحبة في الشيطان، وإن لم يوافقوك واستمروا في غيهم وزادوا في سخريتهم واستهزائهم، فخل عنهم ولا تصغ سمعا إليهم، ودع الكلاب تنبح والقافلة تسير.
    فما ضر نهر الفرات يوما=إن خاض بعض الكلاب فيه.

    وتذكر أن أبا طالب لما أطاع رفاق السوء حرم التوفيق إلى دخول الإسلام.. وأن الطفيل الدوسي لو أطاع تحذير المشركين لما كان سببا هداية قومه دوس.. وأن سعدا لو خاف كلام الناس أو أن يعيروه بموت أمه بسبب إسلامه لارتد.
    فلا يحملنك خوف مفارقة أصحابك، أو خشية كلامهم أن تنقطع عن الله، أو تتأخر عن التوبة، ولكن كن معهم كما كان ذو البجادين مع عمه "فقد كان يتيما في الصغر فكفله عمه، فنازعته نفسه إلى اتباع الرسول صلى الله عليه وسلم ولكنه كان ينتظر إسلام عمه، فلما نفذ صبره قال: ياعم طال انتظاري لإسلامك وما أرى منك نشاطا. فقال عمه: والله لئن أسلمت لأنتزعن كل ما أعطيتك، فصاح لسان الشوق: نظرة من محمد أحب إلى من الدنيا وما فيها.
    فلما استعد للسير جرده عمه من الثياب، فناولته أمه بجادًا، فقطعه نصفين اتزر بأحدهما وارتدى بالآخر. وخرج إلى الهادي البشير والنور المبين.. وما هو إلا قليل حتى نادى منادي الجهاد فخرج مسرعا ففاز بالشهادة. فلما أرادوا أن يدفنوه نزل الرسول صلى الله عليه وسلم بنفسه إلى قبره يمهد له لحده بيده الطاهرة الشريفة، وجعل يقول: "اللهم إني أمسيت عنه راضيا فارض عنه".
    فما أعظم الفارق بين ذي البجادين وبين كل قليل الهمة مخنث العزم.. فافهم.

    نسأل الله أن يرزقنا توبة نصوحا يرضى بها عنا في دنيانا وأخرانا.. آمين.
    اسلام ويب
                  

09-01-2015, 01:40 AM

سيف اليزل برعي البدوي
<aسيف اليزل برعي البدوي
تاريخ التسجيل: 04-30-2009
مجموع المشاركات: 18425

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات متنوعة عن الأسرة و المجتمع (Re: سيف اليزل برعي البدوي)

    الغناء.. وأثره على قلوب سامعيه
    هل هي ثورة؟! لو قلنا ذلك لما كان مستبعدا..
    أما كونها ظاهرة فهي حقيقة لا يختلف عليه اثنان، وأمر واقع لا ينتطح فيه عنزان..
    أعني بذلك ظاهرة انتشار الأغاني، والكليبات، والحفلات الموسيقية والغنائية في بلداننا وبين أبنائنا..
    ولا شك أن أكثر المتعرضين لهذا البلاء، والمكتوين بهذا الابتلاء هم طائفة الشباب ومن دار حول الشباب سنا وعقلا.

    وأثر الغناء على قلوب سامعيه مدمر، وكلما كان بلا هدف، وجله كذلك، أو كان فاحشا، وكثير منه يحتوي ذلك.. كلما كان أكثر تدميرا وأشد فتكا بقلب سامعه..

    والشريعة الغراء إنما يكون حكمها على الشيء على حسب نفعه وضره، وعلى قدر ما يجلبه من مصالح أو مفاسد.. فقاعدة الشرع "لا ضرر ولا ضرار"، و"درء المفاسد مقدم على جلب المصالح"، والأمر إن كانت فيه بعض مصلحة ولكن كانت مفسدته أكبر منعه الشارع وحرمه كما جاء في الخمر: (يسْأَلونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا)(البقرة: من الآية219).. فلما كان الإثم أكثر من النفع، والمفسدة أعظم من المصلحة جاء التحريم ومنع الشرع من استعمالها وشربها قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنْصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ. إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ) (المائدة:90،91).

    وقد تحدث أهل العلم والفضل عن الغناء وأثره وما يحدثه في قلب سامعه وخلقه، وبعضهم تكلموا عن هذا الأثر قبل أن يتكلموا عن حكمه، ذلك أن من رأى الأثر وعرف قدر الضرر أمكنه أن يستخلص الحكم قبل أن يقرأه أو يسمعه؛ ولذلك أحببت هنا أن أسلك هذا المسلك وأبدأ بأثر الغناء أولا ثم بيان حكمه بعد ذلك؛ فهو أدعى للقبول وأقطع للعذر.. وهذه بعض الآثار لا كلها:

    أولاً: الغناء يصد عن القرآن:
    وهذا لا شك.. فالقرآن كلام الرحمن، والغناء كلام الشيطان، ولا يجتمع القرآنان في قلب إلا أخرج أحدهما صاحبه.
    يقول ابن القيم رحمه الله: " الغناء من مكايد الشيطان ومصايده التي يكيد بها من قل نصيبه من العلم والعقل والدين ويفسد بها قلوب الجاهلين والمبطلين. يبعد به القلوب عن القرآن، ويجعلها عاكفة على الفسوق والعصيان. هو قرآن الشيطان، والحجاب الكثيف عن الرحمن".

    ويقول أيضا واصفًا أهل الغناء: "قضوا حياتهم لذة وطربًا، واتخذوا دينهم لهوًا ولعبًا. مزامير الشيطان أحب إليهم من استماع سور القرآن. لو سمع أحدهم القرآن من أوله إلى آخره لما حرك فيه ساكنًا، ولا أزعج له قاطنا. حتى إذا سمع قرآن الشيطان تفجرت ينابيع الوجد من قلبه على عينيه فجرت، وعلى أقدامه فرقصت وعلى يديه فطقطت وصفقت، وعلى سائر أعضائه فاهتزت وطربت، وعلى زفراته فتزايدت، وعلى ميزان أشواقه فاشتغلت".. وما أصدق ما قال الأول:
    تلي الكتاب فأطرقوا لا خيفة... لكنه إطراق ساه لاهي
    وأتى الغناء فكالحمير تناهقوا والله... ما رقصوا لأجل الله
    دف ومزمار ونغمة شادن... فمتى رأيت عبادة بملاهي
    ثقل الكتاب عليهم لما رأوا... تقييده بأوامر ونواهي
    سمعوا له رعدا وبرقا إذ حوى... زجرا وتخويفا بفعل مناهي
    ورأوه أعظم قاطع للنفس عن... شهواتها يا ذبحها المتناهي
    وأتى السماع موافقا أغراضها... فلأجل ذاك غدا عظيم الجاه
    أين المساعد للهوى من قاطع... أسبابه عند الجهول الساهي
    إن لم يكن خمر الجسوم فإنه... خمر العقول مماثل ومضاهي
    فانظر إلى النشوان عند شرابه... وانظر إلى النشوان عند ملاهي
    وانظر إلى تخريق ذا أثوابه... من بعد تمزيق الفؤاد اللاهي
    واحكم بأي الخمرتين أحق بالـ... تحريم والتأثيم عند الله

    فيا أيها المفتون، والبائع حظه من الله صفقة خاسر مغبون. هلا كانت هذه الأشجان عند سماع القرآن"؟!!.
    ولقد صدق من قال:
    حب الكتاب وحب ألحان الغناء .. .. في قلب عبد ليس يجتمعان
    ثقل الكتاب عليهم لما رأوا .. .. تقييده بأوامر الرحمن
    وللهو خف عليهم لما رأوا .. .. ما فيه من طرب ومن ألحان

    ثانيًا: الغناء رقية الزنا:
    قال الفضيل بن عياض: "الغناء رقية الزنا". أي أنه سبيله والداعي إليه والمرغب فيه.
    وهذا كلام محكم سديد، وليس معناه أنه لا يزني إلا من كان سامعا للغناء والموسيقى، ولكن معناه أنه إنما يكثر الزنا في أهل هذا البلا، لأنه يهيج القلوب إليه، ويرغب النفوس فيه.. وهذا واقع مشاهد تدل عليه وقائع الناس.

    ومن هنا قال يزيد بن الوليد لقومه بني أمية: "يا بني أمية، إياكم والغناء، فإنه ينقص الحياء، ويزيد الشهوة، ويهدم المروءة، وإنه لينوب عن الخمر، ويفعل ما يفعل المسكر، فإن كنتم لابد فاعلين فجنبوه النساء. فإن الغناء داعية الزنا".

    ونزل الحطيئة الشاعر على رجل من العرب ومعه ابنته مليكة، فلما كان من الليل سمع غناء، فقال لصاحب الدار: كف هذا عني، قال: وما تكره من ذلك؟ فقال: "إن الغناء رائد من رادة الفجور، ولا أحب أن تسمعه هذه – يعني ابنته – فإن كففته وإلا خرجت عنك ".

    ونزل يوما بقوم، فقال بعضهم لبعض تعلمون لسانه وأنه إذا هجاكم صارت سبة فيكم أبد الدهر.. فمشوا إليه فقالوا: قد نزلت خير منزل فانظر ما تحب فنأتيه وما تكره فنجنبك إياه. فقال: "جنبوني ندى مجالسكم، ولا تسمعوني أغاني شبيبتكم، فإن الغناء رقية الزنا".

    قال خالد بن عبد الرحمن: كنا في معسكر سليمان بن عبد الملك فسمع الغناء من الليل فأرسل لهم بكرة، فجيء بهم، فقال: "إن الفرس ليصهل فتستودق الرمكة، وإن الفحل ليهدر فتضبع الناقة، وإن التيس لينب فتستحرم له العنز، وإن الرجل ليغني فتشتاق إليه المرأة، ثم قال: اخصوهم، فقال عمر: هذه مثله، ولا تحل، فخلَّ سبيلهم. فخلى سبيلهم.

    والرجل الغيور يجنب أهله سماع الغناء، فكم من حرة صارت بالغناء من البغايا، وكم من حرٍ أصبح به عبدًا للصبيان والصبايا، وكم من غيور تبدل به اسمًا قبيحًا بين البرايا، وكم من معافى تعرض له فحلَّت به أنواع البلايا ".
    فسل ذا خبرة ينبيك عنه...... لتعلم كم خبايا في الزوايا

    ثالثا: الغناء ينبت النفاق في القلب:
    عن ابن مسعود قال: "الغناء ينبت النفاق في القلب كما ينبت الماء الزرع".
    وروي مرفوعًا: "الغناء ينبت النفاق في القلب كما ينبت الماء البقل".
    قال الضحاك: "الغناء مفسدة للقلب، مسخطة للرب".

    وكتب عمر بن عبد العزيز لمؤدب ولده: "ليكن أول ما يعتقدون من أدبك بغض الملاهي التي مبدؤها من الشيطان وعاقبتها سخط الرحمن، فإنه بلغني عن الثقات من أهل العلم أن صوت المعازف واستماع الأغاني واللهج بها ينبت النفاق كما ينبت العشب على الماء ".

    فيا سامع الأغاني هذا نصحي إليك، وهذه أدلة الدين بين يديك، فإن أطعت ربك وانتهيت فأعظم الله مثوبتك وهدى قلبك، وإن أبيت إلا الإصرار فقد قدمت فيك الاعتذار.
    برئنا إلى الله من معشـــر.. .. بهم مـرض من سمـاع الغنا
    وكم قلت يا قوم أنتم على .. .. شفـــــا جُرُفٍ ما به من بنا
    شفا جرف تحته هـــــــوة .. .. إلى درك كـــــــم به من عنا
    وتكرار ذا النصح منَّا لهم .. .. لنـــعـذر فيهـم إلى ربنـــــــا
    فلما استهـــــانوا بتنبيــهنا .. .. رجعنا إلى الله في أمــــــرنا
    فعشنا على سنة المصطفى .. .. وماتـوا على تنـــتنا تنـــــتنا
    اسلام ويب
                  

09-01-2015, 01:42 AM

سيف اليزل برعي البدوي
<aسيف اليزل برعي البدوي
تاريخ التسجيل: 04-30-2009
مجموع المشاركات: 18425

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات متنوعة عن الأسرة و المجتمع (Re: سيف اليزل برعي البدوي)

    بدلا من قاعات الأفراح الكبرى وبطاقات الدعوة وحلم الفستان الأبيض، يحدث عقد القران داخل قسم الشرطة، وتمضي وقائع الزفاف في مكان ليس له علاقة بحلم الكوشة والفارس الأبيض‏!‏ إنه واقع مأساوي وتجربة أليمة عاشتها‏20‏ ألف فتاة حسب الإحصاءات والدراسات‏.‏

    بحضور لفيف من الضباط والجنود تبدأ إذن مراسم الحفل البهيج، وبشهادة اثنين من المخبرين يتم عقد القران، وبإشارات الاستحسان من السادة المجرمين وفي وجود بعض الأشقياء والمسجلين خطر تتابعت وقائع ليلة العمر‏.‏ قد يبدو التعليق ساخرا لكن هذا هو الواقع المر الذي عاشته هؤلاء الفتيات اللاتي كتب عليهن إتمام أحلي لحظات العمر داخل أقسام الشرطة‏..‏ تنوعت الأسباب ومرارة الهم واحدة‏.‏

    أحيانا يكون السبب هو الرغبة في وضع الأهل تحت الأمر الواقع، وذلك عندما تحب البنت زميلا لها في الجامعة وتواجه رفض الأسرة فتتزوجه عنوة، وأحيانا يقع هذا الزواج بأمر الضابط ويقبله الطرفان هروبا من السجن لارتكابهما فعلا مخلا‏.‏

    وقد تذهب حواء لتنصب فخاخها حول شاب لقطة وتدعي اعتداءه عليها والتغرير بها فتأمر النيابة إما الزواج أو الحبس ويختار هو الحل الأول غالبا‏..‏ دراسة أجريت بالمركز القومي للبحوث تشير إلي أن معدل حدوث هذه الحالات بالوجه القبلي تجاوز المائة حالة‏..‏ في المدن تزداد من‏300‏ إلي‏400‏ حالة بلا ضمانات تذكر سوى مهر لا يتعدى حده الأدنى دائما‏25‏ قرشا‏.‏

    ومن الوقائع الفعلية التي وقعت في هذا السياق حكاية الهانم الصغيرة التي وقعت في غرام سائقها الخاص وتركت أسرتها المرموقة وذهبت لتكمل حياتها مع هذا الرجل‏..‏ علم الأب فأبلغ الشرطة بحادثة اختطاف ابنته وفي حضور جميع الأطراف يفاجأ الأب بأن ابنته تؤكد أمام الجميع أنها تزوجت بإرادتها وأنها تحب زوجها الذي لم تتجاوز مؤهلاته الإعدادية وهي خريجة الجامعة‏.‏

    نوع آخر من القضايا ينتهي بالزواج في قسم الشرطة لكن حواء هذه المرة هي التي تنصب شباكها لآدم لتجعله الفريسة وتجبره علي الزواج منها في القسم، السكرتيرة الحسناء أوقعت برجل الأعمال في شباكها حتى أقام معها علاقة ولكنها أخذت أدلتها لتقدمها للنيابة وبالفعل يتزوجها تحت ضغط الخوف من تلطيخ سمعته‏.

    لكن هذه السكرتيرة لم تكن أذكي من تلك الفتاة التي أوقعت ابن الجيران عديم الخبرة في شباكها وأنوثتها حتى أصبح يتردد علي شقتها التي هي في الأصل تعمل بها خادمة ونشأت علاقة بينهما، لكن المفاجأة أن الشرطة تهاجم الشقة ببلاغ من مجهول ليتزوجها الفتي مع أول تهديد بالحبس من ضابط القسم‏.‏

    مصدر بوزارة الداخلية يلاحظ أن معظم حالات الزواج التي تمت داخل قسم الشرطة كانت حسب متابعته بسبب الزواج العرفي، حيث تشعر الفتاة بعد فترة من الحياة بورقة عرفية أنها مهددة هي وطفلها بضياع مستقبلها فتلجأ إلي الشرطة للحصول علي الورقة الشرعية‏..‏ كذلك حالات الخطف والاعتداء، وذلك لإنقاذ الشرف، لكن هذه الحالات يفلت بها المعتدي من السجن بورقة الزواج ويطلق الفتاة بعد فترة قصيرة‏!!‏

    المصدر يشير أيضا إلي أن نحو‏10‏ آلاف حالة زواج من هذا النوع تتم داخل أقسام الشرطة سنويا، ويمكن تقسيم هذه الحالات كالتالي‏: 78%‏ زواجا من فئات غير المثقفين‏، 14%‏ من متوسطي الثقافة، أما النسبة الباقية ‏8%‏ فهي للمثقفين‏.‏

    ويوضح المصدر أنه يتم استدعاء مأذون المنطقة بطلب رسمي وحضور أهل الطرفين، وهناك حالات يتم فيها أخذ تعهد من أولياء الأمور بعدم التعرض للزوجين، إلا أن أغلب الحالات التي تتم في قسم الشرطة هي لفتيات هاربات من ذويهن ومعظمهن من الأقاليم والأرياف، حيث يحضرن للقاهرة باعتبارها العاصمة التي تشتهر بالازدحام ولا أحد فيها يعرف الآخر‏.‏

    الأسباب
    الدكتور أحمد المجدوب ـ المستشار والخبير الاجتماعي بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية الجنائية يرجع هذه الظاهرة إلي حالة التفكك والضياع واللا توازن والبعد عن التعاليم الدينية والتقاليد الاجتماعية جراء الانكسار أمام الحضارات الأخرى والانبهار بمظاهرها، فأصبح التقليد الأعمى لكل ما هو غربي سبيلنا، وصارت الحرية لدينا غير منضبطة وتعني الفوضى العارمة في كل المجالات‏.‏

    أضف إلي ذلك ما يعانيه الشباب الراغب في الزواج من مغالاة رهيبة في تكاليف مشروع تأسيس بيت الزوجية، حيث المهر والشبكة والخطوبة ومستلزمات العفش، في الوقت الذي يفتقدون فيه فرص العمل التي توفر لهم القدرة المالية، فضلا عما يشاهدونه من مظاهر إفساد أخلاقي في الشارع ووسائل الإعلام المختلفة خاصة الفضائيات التي تتنافس في تقديم العري، كل هذه العوامل تتضافر علي الشباب لتوقعهم فريسة سهلة للانحراف والجرائم‏.
    ‏ــــــــــــــــــــــــــ
    هبة عبدالعزيز: الأهرام: 9/9/07
                  

09-01-2015, 01:44 AM

سيف اليزل برعي البدوي
<aسيف اليزل برعي البدوي
تاريخ التسجيل: 04-30-2009
مجموع المشاركات: 18425

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات متنوعة عن الأسرة و المجتمع (Re: سيف اليزل برعي البدوي)

    في الجرائم الجنسية من المجرم؟ ومن الضحية؟
    الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
    أثارت تصريحات مفتي استراليا التي وصفت فيها المتبرجات بـ "اللحم العاري الذي يجذب إليه الذباب" حفيظة كثير من الدوائر المعنية بحقوق الإنسان في استراليا، كما أثارت هذه التصريحات حفيظة كثير من المنتسبين إلى الإسلام ولكن قلوبهم ومشاربهم غربية .

    وقد تزامن ذلك مع حدوث واقعة يندى لها الجبين في عيد الفطر، حينما أقدمت فتاتان أرادتا أن تطبقا ما تسمعانه في وسائل الإعلام ليل نهار عن الجرأة المحمودة للفتاة ومزاحمتها الرجال في كل ميدان، فزاحمتا الرجال على شباك تذاكر السينما، وكان ذلك كافياً لكي تجتمع الكلاب على الفريسة.

    وكان ما كان مما صورته كثير من مواقع الإنترنت التي يحررها محررون "متحررون" من دينهم أنه كان حفلة تحرش جنسي جماعي بكل النساء في الطرقات لا فرق بين متبرجة ومحجبة بل ولا منقبة، ولا فرق بين من تسير مع زوجها أو أبيها أو أخيها، ولم يقدموا تفسيراً واضحاً لعدم رصد أي محاولة دفع من الآباء والأزواج والإخوة عن أعراضهم في حالة صحة هذه الروايات التي لفقها هؤلاء لكي يسدوا الباب أمام أن تكون هذه الحوادث عبرة للفتاة المسلمة أن تعود على حجابها، وأن تهجر أماكن الفسق الفجور.

    وقامت الدنيا
    أقام القوم الدنيا ولم يقعدوها، ونحن معهم لو كانت هذه القومة من أجل الدعوة إلى منع مهيجات السعار الجنسي عن الشباب والفتيات ومنها السينما، ونحن معهم لو كانت الدعوة إلى عودة شبابنا وفتياتنا إلى الفضيلة فيلتزم هؤلاء بغض البصر، ويلتزمن أولئك بالحجاب.

    وأما أن تتحول الدعوة إلى حماية حق الفتاة في الذهاب إلى السينما، بل ودخول الأفلام التي تفوح الإسقاطات الجنسية في إعلاناتها ثم المزاحمة على شباك التذاكر فلا. وعندما وجد بعض العقلاء الذين يقولون: إن اللوم يقع (ابتداء) على هؤلاء الفتيات، حذف دعاة الفتنة كلمة (ابتداء) أو ما في معناها وراحوا يصيحون ويشغبون: أنتم تلومون الضحية وتدافعون عن المجرم.

    ريبة بمائة جلدة
    وتزامن هذا أيضاً مع حكم أصدرته إحدى المحاكم السعودية في واقعة اغتصاب، رأى القوم فيه دليلاً آخر على أن المتشددين يعاقبون الفتاة الضحية، وخلاصة القصة أن "الفتاة المغتصبة كانت في موضع ريبة مع شاب فجاء سبعة آخرون فاغتصبوها".

    وكان الحكم بجلد المغتصبين كل واحد ألف جلدة تعزيراً لكونهم غير محصنين، ولأن المحكمة قد رأت أن حد الحرابة لا ينطبق عليهم، وكما قضت بجلد المغتصبة وصديقها كل مائة جلدة لوجودهما في موطن ريبة، ورغم وضوح علة الحكم على المغتصبة إلا أن القوم راحوا يسخرون من هذا الحكم الذي يعاقب الضحية فيمايرون.

    ميزان الحرية الشخصية
    وفي واقع الأمر أن القوم يؤمنون بما يؤمن به أسيادهم في أوربا، ومن ثم يقيسون الأمور بهذا المقياس، وهو ميزان الحرية الشخصية الذي يعطي الفتاة الحرية ليس في التبرج فقط، بل وفي الزنى وفي الفجور، ومتى تبرجت المرأة فللرجل أن يتلذذ بالنظر إليها ما استطاع إلى ذلك سبيلاً؛ لأنها قد أباحت زينتها للناظرين، ومتى تحركت شهوته وطلب ما هو أكثر من مجرد النظر فعليه أن يستعين بحيل أبطال الأفلام العاطفية في الإيقاع بفرائسهم، وليكن حذر فإنه إن لم يحكم شباكه جيداً ربما يجد نفسه متهماً بتهمة تحرش جنسي يكون هو متهمها الأول والأخير، وإن وصل إلى مقصوده فأفسدها وأفسدته فهذا هو غاية المنى عندهم وليس في الأمر ثمة جريمة لكي يتحركوا من أجلها.
    هذه هي شريعة الغرب التي فرضها القوم قانوناً حاكماً في بلاد المسلمين، وهاهم يريدون أن يفرضوها عرفاً قائماً في مجتمعاتهم.

    حكم الله
    ولا يخفى على من له أدنى إطلاع على دين الله أن الجرائم المتعلقة بالعرض في دين الله هي جريمة في حق الشرع ابتداءً، ثم إن كان أحد الطرفين غاصباً للآخر فهي جريمة جديدة من المغتصِب في حق المغتصَب، ولذلك فإن الزنى بتراضي الطرفين جريمة مشتركة بينهما، وكذا "الزنى الأصغر" بتراضي الطرفين مثل التبرج من المرأة والنظر من الرجل هي جريمة مشتركة، وأما التلصص على العورات فهو جريمة من مرتكبها في حق الله وفي حق المتلصص على عورته وهكذا.

    مع أن هذه المسئولية في هذه الجرائم المشتركة شبه متساوية حيث سوى الشرع بين عقوبة الزاني والزانية، إلا أنك تلمح في تقديم الزانية على الزاني في قوله تعالى: (الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ )(النور: من الآية2). أن المرأة هي المنبع الذي إذا أصلح كان الصلاح على الرجل أسهل، وإذا فسد كانت الفتنة على الرجال أشد، مع أن هذا لا يبيح لهم الاستمتاع المحرم بمن أباحت نفسها فضلاًًًًًًًًً عمن لم تبح، وهذا هو الذي أراد مفتي استراليا أن ينبه الناس إليه أن اللحم العاري يجذب إليه الذباب، وأن اللحم المغطى لا يضره وجود الذباب من عدمه، فكانت غضبة القوم دفاعاً عن منهجهم الذي أشرنا إليه آنفاً، ولكنهم غلفوه بغلاف وجوب الدعوة بالحسنى وعدم تجريح الناس ومراعاة مشاعر المتبرجات، مع أن الرجل يعظ المسلمات اللاتي يحتجن إلى الترغيب في الطاعة والتنفير من المعصية، وتجريد مثل هذه الصور وضرب الأمثال هو نوع من ذلك كما قال -تعالى-: (أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ )(الحجرات: من الآية12)، والقوم لا يحتجون على هذه الآية لأنهم لا يرون في تحريم الغيبة خطراً على منهجهم الغربي، ومن ثم يقبلون بمبدأ الترهيب منها عن طريق هذا التشبيه المنفر الذي نسج مفتي استراليا على منواله مثاله في التبرج.

    وربما ثارت حفيظة القوم من ضرب المثل بالذباب لاسيما إذا كان الخطاب موجهاً لمن يعيشون في أوربا وأمريكا واستراليا الذين لا تكاد تجد في طرقاتهم ذبابة واحدة، وما درى القوم أن ذباب الأعراض أشد خطراً وأكثر قذارة من ذباب القمامة لو كانوا يعلمون!

    مثال آخر
    ولهذا السبب، ولأن القوم يعرفون لغة المال أكثر من معرفتهم بلغة العرض فسوف نضرب لهم مثلاً آخر يلتقي في معناه مع مثل مفتي استراليا، ويكون أكثر قرباً من عقول القوم.

    من المتفق عليه بيننا نحن المسلمين وبين الغرب أن أكل مال الغير بالباطل من الأمور المنكرة في الجملة، ومع الاتفاق على إلحاق اللوم والذم والعقاب على آكل مال الغير بالباطل، إلا أن هناك أحوالاً يذم ويلام ويعاقب صاحب المال المعتدى عليه.

    فهناك حالة "سفه" عند البعض تقابل بحالة "طمع وجشع" عند آخرين، وهذه تشبه حال التي تبيح عرضها سفهاً منها وعدم دراية بعاقبة ذلك في الدنيا والآخرة، ويجب أن يؤخذ على يدي كل من الطرفين.

    وهناك حالة "إهمال" تقابل بحالة "نهب" عند آخرين والمهمل في حفظ ماله لم يتركه لغيره سفهاً، وإنما أغرى الغير عن طريق تركه لماله بغير حفظ كاف ولذلك أتى الشرع بقطع يد السارق ولم يأت بقطع يد المنتهب الذي يخطف الأشياء الغير محرزة مع استحقاقه للعقوبة في الجملة إلا أن صاحب المال شريك معه في الجريمة.

    وإهمال المرأة في ستر نفسها أشد خطراً من إهمال الناس في حفظ أموالهم، لأنه لا يفسر عادة على أنه إهمال، بل على أنه دعوة إلى نفسها، ولذلك تجد أن معظم قضايا التحرش الجنسي والاغتصاب تدور حول امرأة تتيح جزءً من عرضها، بـأن تتزين للناظرين مثلاً، ويظن الظان أنها أباحت كل عرضها، أو تبيح عرضها لشخص ما فتتواجد في مواطن الريب فيظن الظان أنها لن تمانع من أباحته لغيره فتقع الكارثة، وإلى هذا أشار قوله تعالى: (ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ)(الأحزاب: من الآية59).

    وأما من حفظ ماله "الحفظ التام" ثم جاء من "دبر وتربص" واستولى عليه فهذه هي الجريمة التي يسأل عنها المجرم وحده، ولذلك جاءت عقوبتها في شرعنا قطع الأيدي الذي تشمئز منه نفس هؤلاء المعترضين على وصف حال المتبرجة مع الناظر إليها بحال "اللحم العاري مع الذباب".

    ولذلك جاء الشرع بعقوبة مقررة على الزاني والزانية بالتراضي بينما تزداد العقوبة في حق المغتصب على تطبيق حد الحرابة عليه، إذا شهر من أجل ذلك سلاحاً، أو إلى تعزيره بما يراه القاضي رادعاً، وقد تقدمت الإشارة إلى حكم محكمة سعودية بجعل هذا التعزير ألف جلدة.

    نصيحة واجبة
    ولذلك - وعلى افتراض صدق الروايات التي تقول:إن التحرش الجنسي قد طال محجبات ومنقبات يسيرون مع الأزواج والآباء- نقول: إن هؤلاء مقصرون بالتواجد في أماكن النساء والفجور لاسيما في ذلك الوقت الذي يعلم الجميع ما يكون فيه من تحرش برضا الطرفين "كاللحم العاري مع الذباب".

    ومع ذلك نحن لا ننكر وجود من يعتدي عليها بغير ما ذنب منها، كما لا ننكر وجود من يسرق ماله رغم حفظه له، وهذه وذلك يحب أن يعاملا معاملة المصاب الذي تتضافر الجهود في مواساته على مصابه المادي والأدبي، ولكن وكما أن وجود حوادث السرقة يجعل أصحاب الأموال يزدادون في حفظها، فكذلك وجود حوادث الاعتداء على الأعراض يجعل المرأة تزداد حفاظاً على عرضها.

    وإذا كان العلمانيون بأخبارهم تلك يريدون منا أن نزهد في حجاب نسائنا من باب أنه لم يمنع من التحرش بهن، فإننا نقول لهم: لو صحت رواياتكم فإننا سوف نلزم المسلمات الصادقات بأعلى درجات الحجاب ألا وهو القرار في البيت (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى )(الأحزاب: من الآية33).

    فالمسلمة إما أن تقر في بيتها وإما أن تخرج متقية بثيابها الذباب، وأما من أراد من الرجال والنساء أن يعيشوا حياة "اللحم العاري مع الذباب" فسنظل ندعوهم إلى النجاة رغم أنهم يدعوننا إلى النار (وَيَا قَوْمِ مَا لِي أَدْعُوكُمْ إِلَى النَّجَاةِ وَتَدْعُونَنِي إِلَى النَّارِ) (غافر:41)
    ـــــــــــــــــــــ
    بقلم: عبد المنعم الشحات
                  

09-01-2015, 01:47 AM

سيف اليزل برعي البدوي
<aسيف اليزل برعي البدوي
تاريخ التسجيل: 04-30-2009
مجموع المشاركات: 18425

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات متنوعة عن الأسرة و المجتمع (Re: سيف اليزل برعي البدوي)

    من استطاع منكم الباءة.. فليتزوج
    في بدايات العمر وحينما يبدأ الشاب التفكير في موضوع الزواج يكون الغالب على العقل موضوع قضاء الوطر والمتعة والجانب والعاطفي.. وليس هذا مما يعاب ولا مما ينكر، ولكن مع بداية مشروع الزواج وتكوين الأسرة ووجود الأولاد يوقن الإنسان أن المسألة ليست مسألة لذة وفقط ولا متعة وقضاء وطر وانتهى الأمر وإنما يدرك المرء أن للزواج في الإسلام حكم عليا ومقاصد كبرى ومنافع للنفس والمجتمع تفوق ما يتخيله كثير من الشباب.

    إن الزواج في الإسلام عبارة عن إقامة مؤسسة أسرية وهي بدورها تكون نواة في المجتمع، ولا يستمتع بالزواج ويتحمل مشاقه عن طيب نفس ورضى خاطر إلا رجل علم مقاصد الشريعة من وراء هذا البناء الذي يستحق وصف الطود العظيم ..

    ومعرفة مقصود الله تعالى من الزواج يجعل الشباب أكثر إقبالا عليه ورغبة فيه وسعيا وراءه، ونحن هنا نذكر ببعض هذه الحكم والمقاصد ونبين بعضا من تلك الأهداف المرجوة من وراء الزواج ترغيبا للشباب ودعوة لهم أن يسارعوا إليه لينالوا بركته ومنافعه.. ومن هذه الأهداف والمقاصد والحكم:

    أولا: طاعة الله ورسوله :
    فقد شرع الله الزواج، وجعله شعيرة من شعائر دينه الحنيف الذي ارتضاه لعباده، وحثهم عليه ورغبهم فيه، وكذلك دعا إليه الرسول الكريم بسنته القولية والعملية، ودعا القرآن والسنة الشباب والرجال إليه فحثهم عليه، وحث أولياء المرأة على تزويجها الكفء الكريم وعدم عضلها وتأخير نكاحها
    قال تعالى: (فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ)(النساء: من الآية3)، وقال سبحانه: (وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ) (النور:32)، وقال (وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلاً أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ)(النساء: من الآية25)

    وأما السنة الفعلية فقد تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأسس بيتا وأقام أسرا، وأنجب ذرية وأنفق على أهله وعياله ليعلم الناس كيف يكون الأباء والأزواج مع زوجاتهم وأبنائهم.

    وأما السنة القولية فمنها حديث ابن مسعود في الصحيحين قال صلى الله عليه وسلم: [يا معشر الشباب، من استطاع الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم، فإنه له وجاء].
    وفي صحيح البخاري وغيره: [إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض]

    ثانيا: اتباعا لسنة النبي صلى الله عليه وسلم وهدي المرسلين:
    فالزواج من هدي الرسل عليهم الصلاة والسلام كما قال تعالى: (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلاً مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجاً وَذُرِّيَّةً )(الرعد: من الآية38)
    قال الإمام القرطبي عند تفسيرها: "هذه الآية تدلّ على الترغيب في النكاح والحض عليه، وتنهى عن التَّبَتُّل، وهو ترك النكاح، وهذه سنّة المرسلين كما نصّت عليه هذه الآية، والسنّة واردة بمعناها؛ قال صلى الله عليه وسلم: "تزوّجوا فإني مكاثِر بكم الأمم " الحديث...

    وقال صلوات الله وسلامه عليه كما في حديث الثلاثة المشهور: [أما والله إني لأخشاكم لله وأتقاكم له، لكني أصوم وأفطر، وأصلي وأرقد، وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني] متفق عليه.

    فليس التبتل وترك الزواج من دين الإسلام في شيء بل جاء في صحيح البخاري عن عائشة رضي الله عنها: [نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن التبتل]
    وفي الصحيحين من حديث سعد بن أبي وقاص قال: [رد رسول الله صلى الله عليه وسلم على عثمان بن مظعون التبتل، ولو أذن له لاختصينا]
    وفي مجمع الزوائد بسند حسن ـ كما قال الهيثمي ـ عن أنس قال: [كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمر بالباءة وينهى عن التبتل نهيا شديدا، ويقول: تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم الأنبياء يوم القيامة].
    وروى الحسن عن معاذ أنه قال في مرض موته : زوجوني لا ألقى الله عزبا(انظر تلخيص الحبير)

    والخلاصة أن الزواج من سنة نبينا الأمين وسنن إخوانه من المرسلين كما أخرج ابن أبي شيبة وأحمد والترمذي، عن أبي أيوب - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أربع من سنن المرسلين: التعطر والنكاح والسواك والختان » .

    ثالثا: إعفاف النفس والزوجة وإشباع الغريزة والفطرة:
    فقد خلق الله في الإنسان غريزة لا مفر له من الاستجابة لها، لأنها من أقوى الغرائز وأعنفها، وهي - إن لم تشبع - انتاب الإنسان القلق والاضطراب، والإسلام لا يقف حائلاً أمام الفطرة والغريزة، ولكنه يهيئ لها الطريقة الشريفة، والوسيلة النظيفة لإروائها وإشباعها بما يحقق للبدن هدوءه من الاضطراب، وللنفس سكونها من الصراع، وللنظر الكف عن التطلع إلى حرام، مع صيانة المجتمع وحفظ حقوق أهله.

    ومن هنا كانت حكمة تشريع الزواج؛ فهو الطريق الطبيعي والسليم لمواجهة هذه الميول، وإشباع هذه الغريزة؛ فجعل الله الزوجة سكنا لزوجها وهو كذلك لها، فيسكن كل منهما لصاحبه ليروي ظمأه في ظلال من الحب والمودة والعفة والطهارة وفي رضا من الله ورضوان، فيسكن قلباهما عن الحرام وتسكن جوارحهما عن السقوط في حمأة الرذيلة وعن الانزلاق في مهاوي الخطيئة.. فالزواج يعين أصحابه على غض ا لبصر وحفظ الفرج وصيانة الدين وعفه النفس وكل هذا واضح من خلال وصية النبي صلوات الله وسلامه عليه للشباب بالزواج كما في حديث ابن مسعود الشهير: [يا معشر الشباب، من استطاع الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم، فإنه له وجاء].متفق عليه.

    رابعا: تكثير عدد المسلمين، وإسعاد الرسول الأمين:
    فقد ثبت عن رسولنا صلى الله عليه وسلم أنه يكاثر بأمته الأمم السابقة ويحب أن يكون أكثرهم تابعا، وقد حث المسلمين على التزوج وإنجاب الذرية الطيبة التي تستحق أن يفتخر بها يوم القيامة .

    ففي سنن أبي داود والنسائي وصحيح الترغيب والترهيب عن معقل بن يسار قال: [جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله إني أصبت امرأة ذات حسب ومنصب ومال إلا أنها لا تلد أفأتزوجها فنهاه، ثم أتاه الثانية فقال له مثل ذلك، ثم أتاه الثالثة، فقال له: تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم الأمم]

    وفي صحيح سنن ابن ماجه عن أمنا عائشة رضي الله عنها قالت: قال صلى الله عليه وسلم: [النكاح من سنتي فمن لم يعمل بسنتي فليس مني وتزوجوا فإني مكاثر بكم الأمم ومن كان ذا طول فلينكح ومن لم يجد فعليه بالصيام فإن الصوم له وجاء ]

    وذكر ابن أبي الدنيا في كتابه العيال: عن عمر رضي الله عنه قال: "ما آتي النساء لشهوة، ولولا الولد ما آتي النساء".
    وعنه أيضا فيه: "إني لأكره نفسي على الجماع كي تخرج مني نسمة تسبح الله تعالى".

    خامسا: طلبا لذرية تعمر الأرض وتعبد الرب:
    قال البخاري في صحيحه: باب مَنْ طَلَبَ الْوَلَدَ لِلْجِهَادِ".. وذكر حديث أبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: [قَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ عَلَيْهِمَا السَّلام لأَطُوفَنَّ اللَّيْلَةَ عَلَى مِائَةِ امْرَأَةٍ أَوْ تِسْعٍ وَتِسْعِينَ كُلُّهُنَّ يَأْتِي بِفَارِسٍ يُجَاهِدُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَقَالَ لَهُ صَاحِبُهُ قل إِنْ شَاءَ اللَّهُ، فَلَمْ يَقُلْ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، فَلَمْ يَحْمِلْ مِنْهُنَّ إلا امْرَأَةٌ وَاحِدَةٌ جَاءَتْ بِشِقِّ رَجُلٍ.. وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَوْ قَالَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ لَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فُرْسَانًا أَجْمَعُونَ]

    قال الإمام ابن حجر العسقلاني: قَوْله: (بَاب مِنْ طَلَبَ الْوَلَد لِلْجِهَادِ): أَيْ يَنْوِي عِنْد الْمُجَامَعَة حُصُول الْوَلَد لِيُجَاهِد فِي سَبِيل اللَّه فَيَحْصُل لَهُ بِذَلِكَ أَجْر وَإِنْ لَمْ يقَع ذَلِكَ.

    وبوب البخاري أيضا ( بَاب طَلَب الْوَلَد ).. قال ابن حجر: "أَيْ بِالِاسْتِكْثَارِ مِنْ جِمَاع الزَّوْجَة ، أَوْ الْمُرَاد الْحَثّ عَلَى قَصْد الِاسْتِيلاد بِالْجِمَاعِ لا الاقْتِصَار عَلَى مُجَرَّد اللَّذَّة ، وَلَيْسَ ذَلِكَ فِي حَدِيث الْبَاب صَرِيحًا لَكِنَّ الْبُخَارِيّ أَشَارَ إِلَى تَفْسِير الْكَيِّس كَمَا سَأَذْكُرُهُ . وَقَدْ أَخْرَجَ أَبُو عَمْرو النَّوْقَانِيّ فِي "كِتَاب مُعَاشَرَة الأَهْلِينَ" مِنْ وَجْه آخَر عَنْ مُحَارِب رَفَعَهُ قَالَ "اُطْلُبُوا الْوَلَد وَالْتَمِسُوهُ فَإِنَّهُ ثَمَرَة الْقُلُوب وَقُرَّة الْأَعْيُن، وَإِيَّاكُمْ وَالْعَاقِر" وَهُوَ مُرْسَل قَوِيّ الإِسْنَاد .

    وقال الماوردي في كتاب نصيحة الملوك ص 66: "وأن ينوي في ذلك كله نية الولد، وأن يتعوذ بالله من الشيطان الرجيم، وينوي في الولد أن الله لعله يرزقه من يعبد الله ويوجده، و يجري على يديه صلاح الخلق، وإقامة الحق، وتأييد الصدق، ومنفعة العباد وعمارة البلاد".

    سادسا: حماية المجتمع من الآثار المدمرة لترك الزواج:
    فعدم الزواج لعدم القدرة يؤدي إلى العنوسة، والانصراف عنه إلى غيره يؤدي إلى شيوع الزنا والخنا ولكل منهما آثارها المدمرة على أصحابها وعلى المجتمع: فالعنوسة هم بالنهار وأرق بالليل وتكدير للخاطر وكسر للقلب وحرقة في النفس وحرمان من الفطرة في الرغبة في إطفاء غرائز الشهوة وإشباع غريزة الأبوة والأمومة وتكوين أسرة في مملكة خاصة وغيرها من الأمور التي لا يعرف آثارها إلا من عاناها.. هذا إذا تعفف الشاب أو الشابة ولم يسلك به مسالك الفساد..

    وأما إن كانت الأخرى وتُرِك الزواج إلى ما حرم الله ففي ذلك هلاك هؤلاء ومجتمعاتهم، فتعصف بهم أمراض الهمجية والإباحية كالزهري والسيلان والإيدز والهربس ومرض التهاب الكبد الفيروسي وسرطان الفم واللسان وغيرها من الأمراض التي تئن من وطأتها المجتمعات المنحلة وتعاني من ويلاتها ما تعاني، بسبب انعتاق الناس فيها من رباط الزواج المقدس، واتجاههم إلى كل لون من ألوان الاتصال المحرّم والمشبوه.

    سابعا: طلب ثواب الله تعالى:
    ففي الزواج فضل من الله واسع؛ فهو عبادات متعددة في عبادة، وفي الزواج أبواب واسعة لثواب الله تعالى:

    ففي إعفاف النفس والأهل صدقة (وفي بضع أحدكم صدقة)، وفي حسن معاشرة الأهل صدقة (خيركم خيركم لأهله)، وفي ملاطفة الأولاد وتربيتهم صدقة، وفي الصبر على السعي في طلب الرزق له ولأولاده صدقة، وفي النفقة على الأسرة صدقة، وحتى في الصبر على موت العيال صدقة، وكلها أمور ثوابها عظيم وأجرها عميم ولو لم يكن من منافع الزواج إلا طلب الأجر والثواب من الله لكان حريا بالعاقل أن يسارع إليه.

    فيا معاشر الشباب هلموا إلى الخير الذي دعاكم إليه نبيكم: "فمن استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج "..
    أسأل الله أن يرزقنا وأبناءنا وأبناء المسلمين العفة والصيانة .. آمين.
    اسلام ويب
                  

09-01-2015, 01:49 AM

سيف اليزل برعي البدوي
<aسيف اليزل برعي البدوي
تاريخ التسجيل: 04-30-2009
مجموع المشاركات: 18425

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات متنوعة عن الأسرة و المجتمع (Re: سيف اليزل برعي البدوي)

    المرأة هي محور الاتزان في أي أمة، ومكانها من المجتمع المسلم وغيره تمامًا كمكان القلب من البدن، فكما أن القلب إذا صَحَّ صحَّ سائر الجسد، وإذا فسد فسَدَ سائر الجسد، فكذلك المرأة إذا صلحت صلح المجتمع، وإذا فسدت فسد المجتمع.
    قال بعضهم: إن المرأة على ضعفها لتمتلك مجموعة من المواهب والإمكانات والطاقات التي تجعلها جديرة أن تبني أمة أو تهدم أمة.
    وفي كتاب حلية الأولياء لأبي نعيم عن النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أتيت أمة قط إلاَّ من قبل نسائهم".
    وفي الترمذي: "إن الدنيا حلوة خضرة، وإن الله مستخلفكم فيها فينظر كيف تعملون، فاتقوا الدنيا واتقوا النساء، فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء".

    فإذا كان باستطاعة المرأة أن تبني أمة وتهدمها وتقيم أمة وتقعدها لم يكن غريبا أن يهتم بأمرها أعداء الإسلام اهتماما بالغا، ويحاربوا الإسلام في شخصها ليهدموه من خلال هدمها، وقد بذلوا في سبيل ذلك كل ما في وسعهم في حرب مسعورة لا هوادة فيها وصفها الشيخ "على الطنطاوي" ووصف القائمين عليها بقوله: "إنها عقول كبيرة جدًا، شريرة جدًّا، تمدها قوى قوية جدًّا، وأموال كثيرة جدًّا، كل ذلك مسخر لحرب الإسلام على خطط محكمة، والمسلمون أكثرهم غافلون: يجد أعداؤهم ويهزلون، ويسهر خصومهم وينامون، أولئك يحاربون صفًا واحدًا والمسلمون قد مزقت بينهم خلافات في الرأي ومطامع في الدنيا".

    ولقد استطاع هؤلاء من خلال مكرهم الكبار أن يوهموا المرأة أنها في حرب مع الرجل الذي سلبها حريتها، واغتصبها حقوقها، وأنهم هم أولياؤها ونصراؤها في معركتها لنيل حريتها المطلقة وانتزاع حقوقها المهضومة من بين براثن هؤلاء الرجال المتوحشين الظالمين، وأقاموا لهم وكلاء في بلادنا (صنعوهم على أعينهم) ليقودوا المعركة من الداخل؛ ليكونوا أخبر بالواقع وأعلم بالحال، فقاموا بالمهمة خير قيام حتى كانوا أفسد من أوليائهم وأشد ضررا من أسيادهم.

    لقد كانت أكبر أسلحة هؤلاء المفسدين في حربهم هي المخادعة؛ فدعوتهم ظاهرها الرحمة وباطنها كله عذاب، وحقيقتها كلها فساد، ولو علمت حواء حقيقة ما يحاك لها، وطبيعة ما يراد لها وبها ومنها لأعرضت عن هذه الدعوات أيما إعراض ولكن القوم خبثاء، فأظهروا خلاف ما يبطون، واستعملوا سياسة النَفَس الطويل ولم يستعجلوا قطف الثمار حتى انخدع بدعوتهم جم غفير وانقاد لهم قطيع ليس بالقليل الحقير، انخدع أكثرهم بالعبارات الرنانة والكلمات الطنانة مع الغفلة عند الكثيرات عن حقيقة تلك الدعوات.

    ونحن نحاول هنا أن نرصد شيئا من حقيقة هذه الدعوة ونذرا من مرادات أهلها من خلال كلامهم على حسب قول القائل: "من لسانك أدينك"، تبصيرا للجاهلين، وتذكيرا للغافلين، وقياما بحق الله علينا في فضح هؤلاء الضالين المضلين.. فإن ظاهر مطالب القوم الشفقة على المرأة والسعي في مصلحتها والمناداة بإعطائها حريتها المسلوبة، وحقوقها المنهوبة، إلى آخر هذه النغمة المعروفة (مما كان بعضه حقا أريد به باطل)، لكنهم في نهاية الأمر أظهروا ما كانوا يبطنون، وأعلنوا ما كانوا يسرون، وانتهت مطالبهم إلى أمرين قد لا يكون لهما ثالث:
    الأول: هدم الدين والتخلص منه كليا.
    والثاني: نزع العفة والحياء والشرف عن المرأة والمناداة بالحرية الجنسية الكاملة لها.

    هدم الدين
    إن الذي يطالع كتابات هؤلاء الذين تصدروا أو صدروا أنفسهم للدفاع عن المرأة يجد أكثرهم في غير خندق الدين بل في خندق أعدائه، فكلامهم غمز ولمز في الدين وأهله، بل ربما زاد إلى الطعن الصريح والعداوة التامة للدين وأتباعه، فخصلة الجرأة على الإسلام ورموزه، والتطاول المزعج على ثوابته وقطعياته، تكاد تكون قاسمًا مشتركًا بين أولئك جميعًا، يتطرفون فيه إلى حدٍّ خطير، وبدرجة تُقهِم - بوضوح لا لبس فيه - أنهم لا يؤمنون بدين، ولا إله، ولا كتب سماوية، وإن تستروا عند الاضطرار بكلمات مطاطة موهمة، تنزاح إذا خلوا إلى شياطينهم، أو دارت رؤوسهم.

    .. ونحن لا نتجنى عليهم ولا نقولهم ما لم يقولوه، بل هذه أقوالهم مسطرة بأيديهم وفي كتبهم:
    فيرى هشام شرابي: "أن للدين دورًا في إعاقة التطور الاجتماعي، إذ يساهم في بلورة القيود الاجتماعية وما تحتويه من العادات والتقاليد". (أثر التكنولوجيا على المرأة العربية: بحث لحنان عواد، غير منشور)

    وتذهب حنان عواد إلى: "أن معظم القوانين الحقوقية مستمدة من القوانين الدينية، التي تتميز باستاتيكية متناقضة مع كل العوامل الحضارية التي تبعث على التغيير، وأن الدين يقف حجر عثرة أمام عوامل التغيير التي تدخل بفعل تأثير التكنولوجيا، كما يلعب دورًا هامًا في تجميد حرية الأفراد. وأن الأفكار الدينية تتغلغل - بقسوة - داخل التقاليد والأعراف الاجتماعية التي تعمل على تدعيم الأفكار التي تعرقل مسيرة المرأة الثورية، وتحد من حراكها الاجتماعي والاقتصادي والسياسي". (أثر التكنولوجيا على المرأة العربية).

    وهذه غادة السمان تنادي بإعتاق المرأة - ولو رسميًّا - من تشريعات "تثير التقزز (؟!)" - كبرت كلمة تخرج من أفواههم- كأن تضطر امرأة مثقفة تعول نفسها كأستاذة الجامعة إلى إحضار شقيقها الذي قد يكون معتوهًا أو أميًّا، وهي التي تنفق عليه، إلى دوائر الأمن، كي تمنحها السلطات إذنًا بالسفر، باعتباره وليًّا شرعيًّا.

    وتقول بعد كلامها السابق: "في ظروف رسمية واجتماعية وفكرية كهذه، يستحيل نشوء علاقة إنسانية وبناءة، بين رجل وامرأة، خارج السرير وداخله.

    وتقول فاطمة المرنيسي: هناك توافق في الآراء بين علماء الاجتماع - لا سيما النساء منهم - بأن الفكر السائد، كما تبرزه وتؤكده التقاليد الإسلامية والقبلية، يمثل أحد العناصر الهدَّامة التي تؤثر على مركز المرأة. (ما بعد الحجاب: 16)

    وتعترض سلوى خماش على كون الأنبياء من الرجال دون النساء فتقول: "لا أفهم كامرأة علاقة الحيض والإنجاب وعدمه بتخصيص أو عدم تخصيص جنس دون آخر بالرسالات والتنبؤات، وقيادة الحروب، ونقصان الثواب".

    وإذا كانت هذه تعترض على النبوات؛ فقد كان هناك من هو أعتى كفرًا منها، حيث تقول نوال السعداوي في كتابها "الوجه الخفي لحواء"؛ والذي ترجمه زوجها وطبع في بوسطن بأمريكا 1980م: "لماذا لا يكون الإله امرأة؟". (تعالى الله عما يقولون علوا كبيرا).

    ويقول خليل أحمد خليل: "إن اعتبار المرأة سكنًا للرجل، وحرثًا له، والتفريق في الميراث، وحجب المرأة، وتعدد الزوجات - وغير ذلك من الأحكام النسائية - كلها صور غير مشرَّفة وغير مقبولة، بل تؤكد عبودية المرأة العربية وقهرها في تراثها ومجتمعات ومستقبلها".

    لا حياء.. لا شرف.. لا عفة
    وبعد كلام خليل أحمد خليل السابق ووصفه لأحكام الإسلام بأنها "غير مشرفة وغير مقبولة، وأنها تؤكد عبودية المرأة وقهرها"، حاولنا أن نفهم كيف تتحرر إذن من هذه العبودية فكان الرد من كلامه: "إن الحداثة العقلية تعني حق المرأة في التحرر الجنسي فهي سيدة جسدها".

    وترى د. نجاح العطار- في دراستها عن وضع المرأة في سورية – "أن قضية الشرف هي القيد الأكبر الذي يشل من حركتها في المشاركة في كافة الميادين والنشاطات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية.(Contemporary Cultural Anthropology:209).

    ويقول عبد الهادي عباس: "إن المفارقة المرعبة تظهر عندما تُرى امرأة في كلية الطب أو الحقوق أو الهندسة، وهي تدرس أحدث النظريات، ومع ذلك تعيش على يقين أن جسدها عورة يجب أن تستر، وأن الشرف بالنسبة لها هو الحفاظ على هذه السترة دون أن يخطر ببالها أن تتمرد عليها".

    وقد صرح بعضهم بكل وقاحة بأن الحجاب عودة فاشلة للتستر، والعباءة مادة لإخفاء الأعمال غير الشريفة، وهذا ما نشرته "مجلة المجتمع 13/2/1989م". نقلاً عن "الحوادث اللبنانية" عن إحدى داعيات التحرير حيث تقول: "يا للأسف، بعد هذه المدة من الكفاح من أجل نسف هذا التقليد الاجتماعي البالي، أفاجأ بأن العباءة تعود من جديد، خاصة وأن فتيات الجامعة بدأن في لبسها، يا للأسف: إنها ظاهرة خطيرة لا تهدف للتدين، بل إلى التستر من الأعمال غير الشريفة".

    فانظر كيف يتحول العفاف إلى إسفاف، والطهر إلى عهر، والفضيلة إلى رذيلة، فهل بعد هذا ينخدع بدعوتهم منخدع، أو يقبل قولهم عاقل؟.

    ألا أيها الغمـــر الذي غره الكِبْرُ.. ... ..ترديت من عــــالٍ وناسبك القَـعْــــرُ

    تفكر طــــويلاً يا جهــولا ترادفت.. ... ..عليه المخازي فهي في متنه أسر

    نبذت نفيس الـدر واخترت هذه.. ... ..ومن يكره الياقوت يعجـــبه البعــــر

    فأصبحت مصــبوبًا عليه شـتائم.. ... ..كما كان مشبوبًا على قلبك الجمر

    ألا يا نصــير الكفـــر ويلك فاتئــد.. ... ..ولا تنطـــح الصفوان يدفعـك الصخر

    لقد ضل من أغراك بالسب والهجا.. ...كمـــا زل من أغـــواك نيته المـكــر

    فما أنت في دعـــواك إلاَّ منافقٍ.. ... ..كأصحابك النَّوْكَى وهم في الورى كُثْرُ

    فأنتم فساد الناس في كل أمة.. ... ..وجرثومة يضني بها الجسم والفكــرُ
    اسلام ويب
                  

09-01-2015, 01:50 AM

سيف اليزل برعي البدوي
<aسيف اليزل برعي البدوي
تاريخ التسجيل: 04-30-2009
مجموع المشاركات: 18425

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات متنوعة عن الأسرة و المجتمع (Re: سيف اليزل برعي البدوي)

    لا يخرج التلاميذ عادة من الفصل للذهاب إلى المراحيض، لكن خلال الامتحانات السنوية يصاب بعضهم بـ «عدوى دورة المياه». وقد يتردد التلميذ أكثر من مرة على المرحاض، وتبدو حالته وحالة غيره من المصابين بهذه العدوى الظرفية كضحايا الأعراض النفسية التي تظهر جراء الضغط وشدة التوتر، في حين أن الحاجة التي يذهبون لقضائها هناك حولت دورات المياه إلى «مكتبات» تخبأ فيها الكتب والمقررات الدراسية لاستطلاعها كلما استعصى عليهم جواب.

    وفي العادة أيضاً، لا يعتبر التلاميذ والطلبة الجامعيون الكتابة على الجسد فناً من الفنون الجميلة التي يمكن أن تفتح لهم باب الشهرة والمال والعمل، فهم عادة لا يفكرون في الكتابة على أجسادهم، على الأيادي والأذرع والسيقان، ولا يمارسون فنهم سوى في مواسم الصيف، متوسلين النجاح في مشوارهم التعليمي. ويوجد «فنانون» آخرون يتعاطون «النقش» على الخشب ويكتبون على المقاعد وأطراف الطاولات.

    وتفضل الشريحة الواسعة من هذه الفئة من التلاميذ والطلاب التسلح بما يشبه الحرز، يعلّق حول العنق أو يشد إلى الخصر. ويملأ الحرز المزيف بأوراق ميكروسكوبية. وبسبب عناء المهمة، برز «نساخ» الغشاشين الذي دخل دورة الإنتاج التعليمية، واستعان بآلات التصوير لتصغير حجم الأوراق، ويسميها المغاربة « الحروزا» و«الحجابات»، كي يستجيب لارتفاع الطلب على خدماته.

    ويترفع أصحاب محلات الآلات الناسخة في فصل الربيع وحتى منتصف الصيف عن زبائنهم العاديين الذين يقصدونهم لنسخ بضع وثائق إدارية أو شخصية، ويتملصون من تلبية طلباتهم، ومنهم من يبدأ العمل على نسخته الخاصة لـ «مقررات الغش» قبل فترة ارتفاع الطلب عليها، ثم يطلقون حملات لتسويق بضاعتهم مبكراً في المؤسسات التعليمية.

    لكن هذه أنواع تقليدية للغش وأكثرها استخداماً، وهي بنظر الغشاشين المتمرسين تعود إلى العصر الحجري، أو يعتبرونها منتجاً صالحاً لاستهلاك الغشاشين الفقراء، ذلك أنهم ينعمون اليوم بطيبات عصر التكنولوجيا والهاتف النقال الذي جلب معه عصراً ذهبياً جديداً للغش.

    وللغشاشين العصريين طقوسهم الخاصة، بعيداً من الفن ودورات المياه والنساخين، ففي الصيف خاصة تكسو القبعات رؤوس عدد كبير من التلاميذ، معلنة بداية صيف «غريب» الأطوار تقتصر حرارته على الرأس دون بقية الجسد الذي يلفه أصحابه بقماش كثير يتهدل على الأذرع أكماماً طويلة، وعلى السيقان سراويل ذات جيوب وثناياً ظاهرة وخفية، مستفيدين من تطور تقنية البلوتوث والساعات الإلكترونية والسماعات الدقيقة الحجم التي يفوق سعرها مائتي دولار، وكلها تمنح تحكماً أفضل في الحركات وتقدم الأجوبة الأقرب إلى الصحة أو الصحيحة تماماً.

    وتسرب التكنولوجيا الامتحانات إلى خارج قاعات المؤسسات التعليمية، فيحل أسئلتها أشخاص عاكفون على الحواسيب أو الهواتف المحمولة أو المقررات فوق أسوار المؤسسات وحولها، يملون الإجابات أو يرسلونها مكتوبة من طريق SMS.

    ألف حالة غش في عام واحد
    وشاعت ظاهرة الغش بأشكالها التقليدية والعصرية في المغرب، وضبط منها في حالة تلبس نحو ألف حالة على المستوى الوطني السنة الماضية. واستشعر المسؤولون في قطاع التعليم والتربية الخطر المقبل من شيوع الغش كسلوك عادي نال من سمعة التعليم برمته، وأحبط الهمم التي تعمل بجد لـ«يتساوى» كدها مع الغشاشين الذين يستولون على المراتب الأولى أحياناً.

    وتدرس الوزارة المعنية حالياً وضع استراتيجية خاصة لمكافحة الظاهرة وتطويقها خصوصاً أنها تطورت تقنياً وأصبحت عصية على المكافحة. وتملك الوزارة «دليلاً وطنياً» خاصاً للمشرفين المكلفين بالمراقبة خلال الامتحانات ينبههم إلى إجراءات تشديد المراقبة، كوضعية جلوس التلميذ المشبوهة، ويدلهم على الوضعية السليمة المانعة للغش. ويطالب الدليل المراقب بسحب الهاتف من صاحبه، ومنع الاحتفاظ بأي أوراق إضافية عدا أوراق الامتحان. وتعريض الغشاشين للتشهير في لوائح تعلق بأسمائهم، إلى جانب تحويلهم إلى المجالس التأديبية التي تحرمهم من التعلّم لمدة سنة.

    وتجاوزت الإجراءات الجديدة الدليل، وامتدت إلى تفتيش الملابس قبل دخول القاعات، وبلغت الأجساد، خاصة الآذان التي توصل بها السماعات (السلكية واللاسلكية). وأصبحت البنات مضطرات للكشف عن آذانهن وسط تذمر كبير.

    ويعلم خبراء التربية والتعليم أن مفعول هذه الإجراءات ظرفي لا يحل المشكل جذرياً، وهذا ما تحاول الاستراتيجية الجديدة أن تحله. وفي هذا السياق، نظَّمت بعض الأكاديميات حملة شعارها «المدرسة من دون غش» اعتمدت على قوافل طافت على المؤسسات التعليمية في مختلف المناطق للتعريف بمخاطر اللجوء إلى الغش على مستقبل التلاميذ والمجتمع.
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
    الحياة: 25ـ6ـ07
                  

09-01-2015, 01:52 AM

سيف اليزل برعي البدوي
<aسيف اليزل برعي البدوي
تاريخ التسجيل: 04-30-2009
مجموع المشاركات: 18425

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات متنوعة عن الأسرة و المجتمع (Re: سيف اليزل برعي البدوي)

    يُحكى أن مغنياً عزم على التوبة، فقيل له: عليك بصحبة الصوفية! فإنهم يعملون على إرادة الآخرة، والزهد في الدنيا، فصحبهم، فصاروا يستعملونه في السماع والإنشاد، ولا تكاد التوبة تنتهي إليه لتزاحمهم عليه، فترك ذاك المغني صحبتهم، وقال: أنا كنتُ تائباً ولا أدري.

    هذه واقعة سطّرها يراع ابن القيم ـ رحمه الله، وهي تذكّرنا بالإغراق والمبالغة في النشيد هذه الأيام، والذي استحوذ على فئام من أهل النشيد، حتى أفضى الأمر عند بعضهم إلى محاكاة الغناء الماجن. فصاحَب بعض الإنشاد التكسّرُ والتأوه في الإلقاء، ومشابهة لحون الغناء المتهتك، واعتناء بعض المنشدين بجمال الصورة، وتنميق المظهر، وحلق شعر الوجه؛ بل أفضى الأمر إلى استعمال المعازف في ذاك النشيد المتفلت، ويضاف إلى ذلك تقنيات الصوت ومؤثراته، والتي جعلت الأسماع لا تكاد تميّز بين غناء المجون وهذا النشيد.

    وقد ألمح ابن الجوزي إلى ذلك وحذّر من مغبة هذا الصنيع فقال: «ولما يئس إبليس، أن يسمع من المتعبدين شيئاً من الأصوات المحرمة كالعود، نظر إلى المعنى الحاصل بالعود، فدرجه في ضمن الغناء بغير العود وحسّنه لهم، وإنما مراده التدرج من شيء إلى شيء. والفقيه من نظر في الأسباب والنتائج، وتأمّل المقاصد».(تلبيس إبليس:249)

    ـ والانهماك في كثير من هذه الأناشيد يورث عاطفة وانفعالاً عند بعض الناس، لكن دون بصيرة أو فقه، فهو يحِّرك المشاعر، ويؤجج العواطف. وقد استحوذ على الصوفية سماع القصائد فقلّ علمهم وعزّ فقههم، حتى قال سفيان الثوري: «أعزّ الخلق خمسة أنفس ـ وذكر منهم ـ: فقيه صوفي»(مدارج السالكين:2/330).

    وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: «ولهذا غلب على منحرفة المتصوفة الاعتياض بسماع القصائد عن سماع القرآن، فإنه يعطيهم حركة حبّ من غير أن يكون ذلك تابعاً لعلم وتصديق.. وله تأثير من جهة التحريك والإزعاج لا من جهة العلم»(مجموع الفتاوى:2/42).

    فالأجيال العاكفة على سماع النشيد لا تنال بذلك فقــهاً، ولا تحقق علماً بدين الله ـ تعالى ـ، وإنما هو ترنّم وتواجد، وانفعال عاطفي.

    ـ والولع بسماع النشيد يزهّد في سماع القرآن العظيم، «ولذا تجد مَنْ أكثر مِنْ سماع القصائد لطلب صلاح قلبه تنقص رغبته في سماع القرآن، حتى ربما كرهه»(اقتضاء الصراط:1/484)

    وقد قال الإمام الشافعي: «خلّفت ببغداد شيئاً أحدثته الـزنادقة يسمونه التغبير، يصدون به الناس عن القرآن»(تلبيس إبليس 257)..
    قال ابن تيمية ـ معلقاً على كلام الشافعي ـ: «وهذا من كمال معرفة الشافعي وعلمه بالدين، فإن القلب إذا تعوّد سماع القصائد والأبيات والتذَّ بها، حصل له نفور عن سماع القرآن والآيات، فيستغني بسماع الشيطان عن سماع الرحمن»(مجموع الفتاوى:10/532)

    ويقول ـ في موطن آخر ـ: « فإن السكر بالأصوات المطربة قد يصير من جنس السكر بالأشربة المسكرة، فيصدهم عن ذكر الله وعن الصلاة، ويمنع قلوبهم حلاوة القرآن، وفهم معانيه، واتباعه، فيصيرون مضارعين للذين يشترون لهو الحديث ليضلوا عن سبيل الله...»(الفتاوي:10/43)

    فالقلوب أوعية، فإن كان الوعاء مملوءاً بحبّ القصائد والأناشيد، فأين يقع حبّ القرآن وذكر الله ـ تعالى ـ في ذلك الوعاء؟!

    وقال ابن الجوزي ـ في نقده الصوفية ـ: «وقد نشب حبّ السماع بقلوب خلق منهم، فآثروه على قراءة القرآن، ورقت قلوبهم عنده مما لا ترق عند القرآن، وما ذاك إلا لتمكن هوى باطن تمكن منه، وغلبة طبع...»(تلبيس إبليس:276)

    ـ إن النشيد المنضبط بالضوابط الشرعية بديل محمود عن الأغاني الماجنة، لكن إذا وضع بتوازن في موضعه الصحيح، أما إذا أردنا أن نعرف الحكم الشرعي في ذلك النشيد المتفلت، فعلينا أن ننظر إلى مآلاته وعواقبه، وقد حرر شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيّم قاعدة في ذلك، وأعملاها على السماع المحدث، فكان مما قاله ابن القيم: "إذا أشكل على الناظر أو السالك حكم شيء: هل هو الإباحة أو التحريم؟ فلينظر إلى مفسدته وثمرته وغايته، فإن كان مشتملاً على مفسدة راجحة ظاهرة، فإنه يستحيل على الشارع الأمر بـه أو إباحته، بل العلم بتحريمه من شرعه قطعي. ولا سيما إذا كان طريقاً مفضياً إلى ما يغضب الله ورسوله -صلى الله عليه وسلم- موصلاً إليه.

    فكيف يظن بالحكيم الخبير أن يحرم مثل رأس الإبرة من المسكر؛ لأنه يسوق النفس إلى السكر الذي يسوقها إلى المحرمات، ثم يبيح ما هو أعظم منه سَوْقاً للنفوس إلى الحرام بكثير؟...» ـ إلى أن قال ـ: «... والذي شاهدناه ـ نحن وغيرنا ـ وعرفناه بالتجارب أن ما ظهرت المعازف وآلات اللهو في قوم، وفشت فيهم، واشتغلوا بها؛ إلا سلط الله عليهم العدو، وبُلوا بالقحط والجدب وولاة السوء. والعاقل يتأمل أحوال العالم وينظر، والله المستعان»(مدارج السالكين)

    ـ هـذا النشيد المتهتك أنموذج من الترخص المتفلت في واقعـنا الحاضر، فقد ظهرت في الآونة الأخيرة توجهات ومؤلفات في التفـلت عن ضوابط الشرع، والتواثب على حرمات ـ الله عز وجل ـ مثل: حلق اللحية، وإباحة سماع الغناء، والتوسع في أنواع من المناكح والمكاسب والمطعومات دون التحقق من أحكام الشرع.

    إضافة إلى ما هو أطم من ذلك كالتساهل في وسائل الشرك وذرائعه، وتهوين عقيدة الولاء والبراء، وغير ذلك.

    وهذا الواقع يوجب على العلماء والدعاة أن يربّوا الأمة على أخذ الدين بقوة، والدعوة إلى التمسك بالسُّنة والعض عليها بالنواجذ، والحذر من تتبع الرخص والحيل المحرمة والأقوال الشاذة، وإحياء واعظ الله في قلوب أهل الإسلام، والتذكير بالوقوف بين يدي الجبار جل جلاله، الذي يعلم السر وأخفى، قال ـ عزَّ وجلَّ ـ: {بَلِ الإنسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ * وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ} [القيامة: 14 - 15].
    ــــــــــــــــــــــــــــ
    عبد العزيز آل عبد اللطيف ـ البيان: 232
                  

09-01-2015, 01:53 AM

سيف اليزل برعي البدوي
<aسيف اليزل برعي البدوي
تاريخ التسجيل: 04-30-2009
مجموع المشاركات: 18425

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات متنوعة عن الأسرة و المجتمع (Re: سيف اليزل برعي البدوي)

    يتساءل الكبار عن ميول أبنائهم الاجتماعية بعد سن الطفولة ومقاربتهم للبلوغ: لماذا يزهد المراهقون في التأسي بالكبار؟ ويرفضون سلطتهم ظاهرا وباطنا؟ ولماذا يلجأ إلى جماعة الرفاق في تحديد ميوله وهواياته؟ وفي تحديد شكل ملابسه وهندامه؟ وفي كيفية قضاء وقت فراغه؟
    هل يحتاج المراهقون ـ فعلا ـ إلى الرفقة أو الجماعة، بحيث لا يمكن الاستغناء عنهم، كضرورة صحية وتربوية؟ وما دور الرفقة في نمو شخصية المراهق؟ ولماذا يغترب مع رفقته وينزوي عن المجتمع وتظهر عليه علامات الجنوح أحيانا؟ ولماذا يمقت بعض المراهقين مجتمع الكبار ويثورون عليه، ويخرجون على أعرافه ويوجدون أعرافا خاصة بهم في التعامل والتخاطب، وأنماط اللباس وفي الاهتمامات والهوايات؟
    هذه الأسئلة الكثيرة تكمن الإجابة عليها بمعرفة حالات النمو عند المراهقين وظروف هذا النمو الاجتماعية، والتي تتمثل في:

    حالة المراهق وموقف الكبار:
    يعيش المراهقون في حالة تبدل عضوي ومعرفي وانفعالي سريع ومتتابع، وهو تغير بلا شك يقرب الإنسان من الرجولة أو الأنوثة، أي من مجتمع الكبار، ويبعد به عن الطفولة، وهذا واضح في التحولات التي تطرأ على القدرات العقلية التي تؤهله للفهم، والمحاكمة العقلية، وتساعده في القدرة على البحث والنقاش، وإدراك وجهات نظر الآخرين. كما أنه واضح أيضا في التغيرات العضوية من الزيادة في الطول والوزن وظهور الشعر ونمو الأعضاء التناسلية.

    كل ذلك يؤذن ببداية رجولته واكتماله، ولكن كثيرا من الكبار يرفضون ذلك ، أو لا يأبهون به، أو يصادمونه أحيانا. وهذا التصرف من الكبار يسئ إلى المراهق ويؤدي به إلى خيبة أمل، وشك، أو يؤدي به إلى معاندة الكبار، ونبذ سلطتهم، والارتماء في أحضان الرفقة، ويؤدي به أيضا إلى لضعف الارتباط أو عدم الاعتراف بأعراف الكبار، ونظمهم، بل وإلى الثورة عليها ومحاربتها باطنا أو ظاهرا.

    المشاعر الجماعية:
    حيث يحس المراهق بالحاجة إلى الانتماء إلى رفقة أو صحبة أو مجموعة تشاركه مشاعره، وتعيش مرحلته، يبث إليهم آماله وآلامه، وأفراحه وأتراحه، ويبثون إليه ذلك أيضا.. هذه الرفقة أو المجموعة تعنى بأحاسيسه ومطالبه، وتعمل لإشباعها، وقد تنجح وقد تخفق.. لكن هذه الرفقة ـ أحياناـ تخلص لبعضها، ولو في سبيل الشر، وتقوم على التعاون والتكامل فيما بينها. ولا يستغني معظم المراهقين عن هذه الرفقة، لأنها مطلب حيوي، وحاجة نفسية ملحة تقتضيها التغيرات الفجائية، والتحولات الجديدة والتي لا يجد المراهق الجواب عليها في حال عزلته وانزوائه، ولا يحسن التعامل معها بمفرده؛ فيلجأ إلى رفاقه أو أصحابه في مرحلته ومن أبناء سنه.

    خصوصيات المراهق:
    فهو يرى أنه ليس كالكبار، وخصوصا والديه الذين يفترقان عنه في السن افتراقا كبيرا. ويتجه المراهق إلى أساليب مختلفة في نمط هندامه وأسلوب حياته، وموضوعات اهتماماته، وفي أنواع الهوايات، وكيفيات قضاء وقت الفراغ.. وهو حساس لمقارنته بكبار السن ـ في هذا الجانب، وله منظار خاص لا ينتبه إليه كثير من الكبار.

    تحقيق الذات:
    إن محاولة تحقيق الذات وظيفة يمارسها الإنسان في شتى المراحل العمرية، كل مرحلة بما يناسبها، وتجتمع كلها في مفهوم واحد هو: أن الإنسان يقوم بالوظائف الملائمة لقدراته واستعداداته، ويمارس الأدوار المناسبة له، والمتوقعة منه، وينتج عن ذلك الشعور بالقيمة والأهمية والإحساس بجدية الحياة وغاياتها، أو ما يسمى تحقيق الذات.

    والمراهق شاب يعيش مرحلة انتقال من الصبا إلى الرجولة مما يقتضي تغير موقعه ووظيفته الأسرية والاجتماعية: من حيث طبيعتها ومستواها ومقدارها.

    والمراهق يبتغي تحقيق ذاته واختبار قدراته وتفريغ طاقاته، وهو يريد أن يبلو نفسه بممارسة الدور الاجتماعي، والقيام بالمسؤولية.. ومرحلته ومستوى نضجه يقتضيان رفض البطالة، ونبذ الهامشية الاجتماعية التي يفرضها الكبار عليه أحيانا. بل إن كثيرا من المراهقين يمقتون التبعية ويكرهون أن يكونوا عالة على غيرهم، إن شاء أعطاهم وإن شاء منعهم، وهم يسخرون داخل أنفسهم من هذا التعامل، كما أن مشاعر اللوم ومقت النفس تراودهم وهم يرون أنفسهم تبعا للكبار وعالة عليهم، وقد يموت هذا الإحساس أو يضعف إذا م يستغل في حينه، بتوجيهه الوجهة الصحيحة واستثماره في تربية المراهق وتهذيبه.

    إن الحاجة إلى تحقيق الذات مطلب نفسي مهم للمراهق، ينبع من داخل نفسه، من أحاسيسه وهواجسه، ومشاعره المدعومة بالتحولات العضوية والمعرفية والانفعالية التي يمر بها جسده وعقله وانفعالاته. وهو لا يحس بالتنفيس عنها إلا إذا قام بالدور الاجتماعي المناسب، وتحمل المسؤولية، حسب مؤهلاته وقدراته وطاقاته.

    لكن المجتمع الحديث غالبا ما يواجهه بنكران شديد، وإهمال بالغ. وغالبا ما تكون مشاعر ومواقف الكبارـ كالآباء والأمهات والمدرسين والأخوة الكبارـ مخيبة لآمال المراهقين قولا وعملا؛ فهم لا يأبهون بأن يحقق المراهق ذاته، من خلال استغلال طاقاته ومنحة للمسؤولية وعزو الوظائف المناسبة إليه.

    بل إن الكبار ـ أحيانا ـ يسخرون من المراهقين، ويحتقرونهم أن يقوموا بمثل ذلك، ويتجه بعض الكبار إلى عدم الثقة بالمراهقين والمراهقات، وعدم الاطمئنان إلى ما يتولونه من أعمال، ويشعرونهم بذلك بطرق مباشرة أو غير مباشرة من خلال عزلهم عن ممارسة الأدوار المناسبة ومنعهم من تحمل المسؤولية، وصرف أعمال هامشية أو تكميلية إليهم أو أنشطة ترفيهية .

    ويقوم الأعم الأغلب من الآباء بتوجيه أبنائهم إلى الدراسة وتفريغهم لذلك تماما، والاستغناء بذلك عن تكليفهم بأي أعمال أو مهمات تحقق ذاتيتهم، وتشعرهم بشيء من الاستقلالية وتبرز شخصياتهم، وتصقل قدراتهم الاجتماعية.

    ويقوم النظام الاجتماعي والتربوي الحديث بتطويل فترة الطفولة والاعتماد على الغير حيث لا ينتهي الفرد من التعليم العام إلا في سن الثامنة عشر، ثم عليه أن يستمر في الجامعة إلى سن الثالثة والعشرين، وهو في كل ذلك تابع وعالة على المجتمع ماليا، واجتماعيا لا عمل له سوى الاستقبال فقط.

    إن المجتمع بذلك يصادم متطلبات تلك المرحلة وحاجاتها الطبيعية مما يؤدي أحيانا إلى انحراف المراهق أو ضياعه أو سلبيته، أو إخفاقه في حياته، وفي أقل الحالات يؤدي إلى إهدار طاقاته وتعطيل قدراته .
    وهكذا كلما اصطدمنا بالفطرة وبطبيعة النفس البشرية ارتفع معدل الوقوع في الانحراف.

    إن هذا الكلام السابق يجعلنا نعترف بعظمة الإسلام حين اهتم بتحقيق ذاتية المسلم المراهق حين أمر بتعويد الطفل منذ صغره على العبادات والتأكيد على ذلك خصوصا حين اقتراب مرحلة المراهقة، ثم عند البلوغ يكلف الإنسان بالتكاليف الشرعية ويحمل مسؤولية نفسه في عباداته ومعاملاته وتصرفاته المختلفة.. وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يأذن بالجهاد في سبيل الله وهو من أشق المهام وأصعبها لمن بلغ الحلم من الفتيان.. وهو ما يقودنا إلى الحديث عن أهمية العبادات في حياة المراهقين وهذا ما نعالجه في مقال آخر إن شاء الله، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
    اسلام ويب
                  

09-01-2015, 01:56 AM

سيف اليزل برعي البدوي
<aسيف اليزل برعي البدوي
تاريخ التسجيل: 04-30-2009
مجموع المشاركات: 18425

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات متنوعة عن الأسرة و المجتمع (Re: سيف اليزل برعي البدوي)

    الرجولة وصف اتفق العقلاء على مدحه والثناء عليه، ويكفيك إن كنت مادحا أن تصف إنسانا بالرجولة، أوأن تنفيها عنه لتبلغ الغاية في الذمّ. ومع أنك ترى العجب من أخلاق الناس وطباعهم، وترى مالا يخطر لك على بال، لكنك لاترى أبدا من يرضى بأن تنفى عنه الرجولة. ورغم اتفاق جميع الخلق على مكانة الرجولة إلا أن المسافة بين واقع الناس وبين الرجولة ليست مسافة قريبة، فالبون بين الواقع والدعوى شاسع، وواقع الناس يكذب ادعاءهم.
    وفي عصر الحضارة والمدنية المعاصرة، عصر غزو الفضاء وحرب النجوم، عصر التقنية والاتصال، ارتقى الناس في عالم المادة، لكنهم انحطوا في عالم الأخلاق والقيم، صعدوا إلى الفضاء وأقدامهم في الوحل والحضيض، تطلعوا إلى الإنجاز المادي وهممهم حول شهواتهم وأهوائهم (إن هم إلا كالأنعام بل هم أضل سبيلا).
    وورث المسلمون من هؤلاء العفن والفساد، ورثوا منهم مساويء الأخلاق، وساروا وراءهم في لهاث وسعار، فلا للمدنية والحضارة أدركوا، ولا لأخلاقهم ورجولتهم أبقوا؛ فاندثرت الأخلاق والشيم مع عالم المادة، وصرنا بحاجة إلى تذكير الرجال بسمات الرجولة، وأن نطالب الشباب أن يكونوا رجالا لا صغارا ولا مجرد ذكور فكم بين وصف الذكورة والرجولة من فوارق.
    معنى الرجولة
    الرجل: قد يطلق ويراد به الذكر: وهو ذلك النوع المقابل للأنثى، وعند إطلاق هذا الوصف لا يراد به المدح وإنما يراد به بيان النوع كما قال تعالى: (للرجال نصيب مما ترك الوالدان والأقربون وللنساء نصيب مما ترك الوالدان والأقربون مما قل منه أو كثر)، (وإن كان رجل يورث كلالة أو امرأة).
    وقد تطلق الرجولة ويراد بها وصف زائد يستحق صاحبه المدح وهو ما نريده نحن هنا.. فالرجولة بهذا المفهوم تعني القوة والمروءة والكمال، وكلما كملت صفات المرء استحق هذا الوصف أعني أن يكون رجلا، وقد وصف الله بذلك الوصف أشرف الخلق فقال: (وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ إِلاَّ رِجَالاً نُّوحِي إِلَيْهِم مِّنْ أَهْلِ الْقُرَى). فهي صفه لهؤلاء الكبار الكرام الذين تحملوا أعباء الرسالة وقادوا الأمم إلى ربها، وهي صفة أهل الوفاء مع الله الذين باعوا نفوسهم لربهم (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلا). وصفة أهل المساجد الذين لم تشغلهم العوارض عن الذكر والآخرة (رِجَالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ وَإِيتَاء الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ). إنهم الأبرار الأطهار (فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَن يَتَطَهَّرُواْ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ ).
    والذي يتتبع معنى الرجولة في القرآن الكريم والسنة النبوية يعلم أن أعظم من تتحقق فيهم سمات الرجولة الحقة هم الذين يستضيؤون بنور الإيمان ويحققون عبادة الرحمن ويلتزمون التقوى في صغير حياتهم وكبيرها كما قال تعالى: (إن أكرمكم عند الله أتقاكم)، وعندما سئل عليه الصلاة والسلام: [من أكرم الناس؟ قال:"أتقاهم لله] (متفق عليه).
    الرجولة بين المظهر والمضمون
    الرجولة وصف يمس الروح والنفس والخلق أكثر مما يمس البدن والظاهر، فرب إنسان أوتي بسطة في الجسم وصحة في البدن يطيش عقله فيغدو كالهباء، ورب عبد معوق الجسد قعيد البدن وهو مع ذلك يعيش بهمة الرجال. فالرجولة مضمون قبل أن تكون مظهرًا، فابحث عن الجوهر ودع عنك المظهر؛ فإن أكثر الناس تأسرهم المظاهر ويسحرهم بريقها، فمن يُجلّونه ويقدرونه ليس بالضرورة أهلا للإجلال والتوقير، ومن يحتقرونه ويزدرونه قد يكون من أولياء الله وعباده الصالحين، وقد ثبت عن سهل بن سعد رضي الله عنه أنه قال: مر رجل على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: (ما تقولون في هذا؟) قالوا: حري إن خطب أن ينكح، وإن شفع أن يشفع، وإن قال أن يسمع. قال: ثم سكت، فمر رجل من فقراء المسلمين، فقال: (ما تقولون في هذا؟) قالوا: حري إن خطب أن لا ينكح، وإن شفع أن لا يشفع، وإن قال أن لا يسمع. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (هذا خير من ملء الأرض مثل هذا(. رواه البخاري، وعن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"رب أشعث مدفوع بالأبواب لو أقسم على الله لأبره" (رواه مسلم).
    مفاهيم خاطئة:
    كثيرون هؤلاء الذين يحبون أن يمتدحوا بوصف الرجولة ولكن لايسعفهم رصيدهم منها فيلجؤون إلى أساليب ترقع لهم هذا النقص وتسد لهم هذا الخلل، ومن هذه الأساليب:
    1ـ محاولات إثبات الذات: التي غالبا ما يلجأ إليها الشباب المراهق، فيصر على رأيه ويتمسك به بشدة حتى تغدو مخالفة الآخرين مطلبا بحد ذاته ظنا منه أن هذه هي الرجولة.
    2 - التصلب في غير موطنه:والتمسك بالرأي وإن كان خاطئا، والتشبث بالمواقف والإصرار عليها وإن كانت على الباطل ظنا أن الرجولة ألا يعود الرجل في كلامه وألا يتخلى عن مواقفه وألا يتراجع عن قرار اتخذه وإن ظهر خطؤه أو عدم صحته.
    3 - القسوة على الأهل: اعتقادا أن الرفق ليس من صفات الرجولة وأن الرجل ينبغي أن يكون صليب العود شديدًا لا يراجع في قول ولا يناقش في قرار، فتجد قسوة الزوج على زوجته والوالد على أولاده والرجل على كل من حوله.. مع أن أكمل الناس رجولة كان أحلم الناس وأرفق الناس بالناس مع هيبة وجلال لم يبلغه غيره صلى الله عليه وسلم.
    ويوجد سوى ما ذكرنا أمور يحاول البعض إثبات رجولته بها رغم أنها لا تعلق لها بهذا الوصف إلا في ذهن صاحبها.. فمن ذلك: ظاهرة التدخين لدى الناشئة والصغار، أو مشي بعض الشباب مع الفتيات أو معاكستهن ومغازلتهن، أو التغيب عن البيوت لأوقات طويلة، أو إظهار القوة والرجولة من خلال المشاجرات والعراك مع الآخرين .. غير أن كل هذه التصرفات لا تدل في واقع الأمر على اتصاف صاحبها بهذا الوصف الكبير الدلالة.. والحق أن الشاب أو الإنسان الذي يملك مقومات الرجولة ليس بحاجة إلى تصنعها أو إقناع الآخرين بها، فمالم تنطق حاله بذلك، ومالم تشهد أفعاله برجولته فالتصنع لن يقوده إلا إلى المزيد من الفشل والإحباط.
    مقومات الرجولة
    إن الرجولة نعت كريم لا يستحفه الإنسان حتى يستكمل مقوماته وتصف بمواصفاته، ومن هذه المقومات:
    الإرادة وضبط النفس
    وهو أول ميدان تتجلى فيه الرجولة أن ينتصر الإنسان على نفسه الأمارة بالسوء، فالرجل الحق هو الذي تدعوه نفسه للمعصية فيأبى، وتتحرك فيه الشهوة فيكبح جماحها، وتبدو أمامه الفتنة فلا يستجيب لها. فيقود نفسه ولا تقوده، ويملكها ولا تملكه وهذا أول ميادين الانتصار.. وأولى الناس بالثناء شاب نشأ في طاعة الله حيث تدعو الصبوة أترابه وأقرانه إلى مقارفة السوء والبحث عن الرذيلة، ورجل تهيأت له أبواب المعصية التي يتسابق الناس إلى فتحها أو كسرها؛ فتدعوه امرأة ذات منصب وجمال فيقول إني أخاف الله.
    وإذا كان كل الناس يحسن الغضب والانتقام للنفس عند القدرة إلا أن الذي لايجيده إلا الرجال هو الحلم حين تطيش عقول السفهاء، والعفو حين ينتقم الأشداء، والإحسان عند القدرة وتمكن الاستيفاء؛ فاستحقوا المدح من الله {والْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} والثناء من رسوله كما في الحديث المتفق عليه:" لَيْسَ الشَّدِيدُ بِالصُّرَعَةِ، إِنَّمَا الشَّدِيدُ الَّذِي يَمْلِكُ نَفْسَهُ عِنْدَ الْغَضَبِ".
    علو الهمة
    وهي علامة الفحولة والرجولة وهي أن يستصغر المرء ما دون النهاية من معالي الأمور، ويعمل على الوصول إلى الكمال الممكن في العلم والعمل، وقد قالوا قديما: "الهمة نصف المروءة"، وقالوا: "إن الهمة مقدمة الأشياء فمن صلحت له همته وصدق فيها صلح له ما وراء ذلك من الأعمال".
    أما غير الرجال فهممهم سافلة لا تنهض بهم إلى مفخرة، ومن سفلت همته بقي في حضيض طبعه محبوسا، وبقي قلبه عن الكمال مصدودًا منكوسا، اللهو عندهم أمنية وحياة يعيشون من أجلها، وينفقون الأموال في سبيلها، ويفنون أعمارهم ويبلون شبابهم في الانشغال بها. ليس يعنيهم كم ضاع من العمر والوقت مادام في اللهو والعبث، قد ودعوا حياة الجد وطلقوها طلاقا باتا، بل سخروا من الجادين واستعذبوا ماهم فيه من بطالة وعبث. تعلقت هممهم بأشكال وأحوال الفنانين الذين يعشقونهم، وقلوبهم بألوان الفرق التي يشجعونها، همة أحدهم بطنه ودينه هواه.
    إنها صورة مخزية من صور دنو الهمة، وأشد منها خزيا أن تعنى الأمم باللهو وتنفق عليه الملايين، وأن تشغل أبناءها به.
    إن رسالة الأمة أسمى من العبث واللهو؛ فهي حاملة الهداية والخير للبشرية أجمع، فكيف يكون اللهو واللعب هو ميدان افتخارها، وهي تنحر وتذبح، وتهان كرامتها وتمرغ بالتراب.
    النخوة والعزة والإباء
    فالرجال هم أهل الشجاعة والنخوة والإباء، وهم الذين تتسامى نفوسهم عن الذل والهوان. والراضي بالدون دني.
    وقد كان للعرب الأوائل اعتناء بالشجاعة والنخوة، وكانت من مفاخرهم وأمجادهم. جاء في بلوغ الأرب: "والعرب لم تزل رماحهم متشابكة وأعمارهم في الحروب متهالكة، وسيوفهم متقارعة، قد رغبوا عن الحياة، وطيب اللذات... وكانوا يتمادحون بالموت، ويتهاجون به على الفراش ويقولون فيه: مات فلان حتف أنفه" حتى قد قال قائلهم:
    إني لمن معشر أفنى أوائلهم .. ... .. قول الكماة : ألا أين المحامونا
    لو كان في الألف منا واحد فدعوا.. .. من فارس؟ خالهم إياه يعنونا
    ولا تراهم وإن جلت مصيبتهم .. ... .. مع البكاة على من مات ييكونا
    فجاء الإسلام فربى أبناءه على الشجاعة والعزة والحمية، وهذب معانيها في نفوس أتباعه وضبطها فلم تعد عند أتباعه مجرد ميدان للفخر والخيلاء، بل هي ميدان لنصر للدين والذب عن حياضه. وجعل الجبن والهوان من شر ما ينقص الرجال كما قال صلى الله عليه وسلم: "شر ما في رجل شح هالع وجبن خالع" رواه أبو داود. وأخرج الشيخان واللفظ لمسلم عن أنس - رضي الله عنه- قال : " كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أحسن الناس ، وكان أجود الناس ، وكان أشجع الناس..."
    الوفاء:
    والوفاء من شيم الرجال، التي يمدحون بها، كيف لا وقد كان أهل الشرك يفتخرون به قبل أن يستضيئوا بنور الإسلام، يقول أحدهم:
    أَسُمَيَّ ويحكِ هل سمعتِ بغَدْرةٍ .. رُفع اللواءُ لنا بها في مجمعِ
    إنا نَعْفُّ فلا نُريبُ حليفَنا .. ونَكُفُّ شُحَّ نفوسِنا في المطمعِ
    وخير نموذج للوفاء لدى أهل الجاهلية ما فعله عبد الله بن جُدعان في حرب الفِجَار التي دارت بين كنانة وهوازن، إذ جاء حرب بن أمية إليه وقال له: احتبس قبلك سلاح هوازن، فقال له عبد الله: أبالغدر تأمرني يا حرب؟! والله لو أعلم أنه لا يبقي منها إلا سيف إلا ضُربت به، ولا رمح إلا طُعنت به ما أمسكت منها شيئاً.
    وحين جاء النبي صلى الله عليه وسلم أنسى بخلقه ووفائه مكارم أهل الجاهلية. ومن أمثلة وفائه (عليه الصلاة والسلام) موقفه يوم الهجرة وإبقاء على رضي الله عنه لرد الأمانات إلى أهلها. وموقفه يوم الفتح من حين أعطى عثمان بن طلحة مفتاح الكعبة وقال: "هاك مفتاحك يا عثمان، اليوم يوم بر ووفاء".
    وحين تخلت الأمة عن أخلاق الرجال وساد فيها التهارج هوت وانهارت قواها حتى رثاها أعداؤها.
    يقول كوندي - أحد الكتاب النصارى - حيث قال: "العرب هَوَوْا عندما نسوا فضائلهم التي جاؤوا بها ، وأصبحوا على قلب متقلب يميل الى الخفة والمرح والاسترسال بالشهوات".
    وهناك مقومات أخرى كثيرة كالجود وسخاوة النفس، والإنصاف والتواضع في غير مذلة، وغيرها من كل خلق كريم وكل سجية حسنة كلما اكتملت في إنسان اكتمل باكتمالها رجولته. وهذا الكلام فأين العاملون؟
    لقد كانت الرجولة إرثا يتوارثه الناس لا تعدو أن تكون بحاجة إلا إلى مجرد التهذيب والتوجيه، أما اليوم فقد أفسدت المدنية الناس، وقضت على معالم الرجولة في حياتهم، فنشكو إلى الله زمانا صرنا فيه بحاجة إلى التذكير بالشيم والمكارم وأخلاق الرجال.
    اسلام ويب
                  

09-01-2015, 01:57 AM

سيف اليزل برعي البدوي
<aسيف اليزل برعي البدوي
تاريخ التسجيل: 04-30-2009
مجموع المشاركات: 18425

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات متنوعة عن الأسرة و المجتمع (Re: سيف اليزل برعي البدوي)

    الشباب هم عدة الأمة في حاضرها، ومعقد آمالها في مستقبلها، وهم وقودها في حربها وسلمها، وبفلاحهم يكون فلاح الأمة، وبضياعهم يكون ضياعها، لذا كان على الأمة أن تعدّهم إعدادًا حسنًا لحمل مسؤولية الأمة في غدها ومستقبلها.
    وقد أدرك أعداء الإسلام أن قوة أي أمة تكمن في شبابها، فوجهوا سهامهم للنيل منهم، وأعملوا كل وسيلة لتخريب طاقاتهم، في وقت غاب فيه حماة الدين وتكالب أعداء الإسلام من كل حدب وصوب للقضاء على طاقات الأمة، والعمل على إفسادها، حتى حققوا ما أرادوا.
    مشكلات متعددة
    وعند تشخيص واقع شبابنا، نجد عددًا من المشاكل التي أصبحت تواجههم وتقف حائلاً أمام قيامهم بدورهم المنشود في خدمة الأمة وبناءها، ولعل من أهم هذه المشاكل:
    أولا: ضياع الهوية الإسلامية، وذلك نتيجة سيطرة الإعلام اليهودي والغربي على الساحة العالمية، وما نتج عنه من تغلغل وغزو ثقافي استهدف عقيدة الأمة وتراثها، وذلك من خلال التشويه والتشكيك في عقيدتها ودينها، مُتبعًا في ذلك جملة من الوسائل منها:
    · إضعاف العقيدة وزعزعة الإيمان عن طريق بث الصراعات الفكرية، وإثارة الشبهات، ونشر الأفكار والمبادئ الهدامة كالماسونية والبهائية والماركسية وغيرها.
    · محاولة تجفيف المنابع الفكرية وتسميم الآبار المعرفية عبر رسائل الإعلام الرخيص.
    · العمل على إفساد اللغة العربية والتهوين من شأنها،ووصفها بالقصور وعدم قدرتها على مواكبة تطور العصر، إضافة إلى نشر تعليم اللغات الأجنبية والترويج لها.
    · العمل على تزييف التاريخ الإسلامي، والتشكيك في حوادثه وأخباره.
    · العمل على إشغال المسلمين عامة والشباب منهم خاصة بالشهوات ووسائل الترفيه الفارغة، والتي تستهلك طاقات الأمة وأوقاتها فيما لا خير فيه.
    · إفساد الأخلاق وإشاعة الفاحشة، وتشجيع الشباب والفتيات عليها تحت مسمى "التحرر" وإباحة الاختلاط والشذوذ الجنسي.
    · استقطاب المرأة المسلمة، والتغرير بها، عن طريق دعاوى "تحرير المرأة" ومساواتها بالرجل.
    · العمل على تجهيل العلم بحيث يفقد صلته بالخالق.
    · العمل على "تغريب" الأمة عن دينها وطبعها بطابع المدنية الغربية.
    ثانيا: غياب الوعي الديني والثقافي والسياسي، واستبدال ذلك بأفكار هدامة، وثقافات رخيصة تُمجد كل باطل وتافه، وتُعادي كل حق، ورافق ذلك ظهور ما يسمى بظاهرة "التحرير الفكري" الذي أخذ بَعْتَوِر كثيرًا من الشباب نتيجة اختلاطهم بمذاهب فكرية وتربوية مختلفة.
    ثالثا: انتشار البطالة ضمن صفوف الشباب، نتيجة قلة فرص العمل المتاحة، وتدني الدخل الفردي مع انخفاض في مستوى المعيشة، كل ذلك دفع بدوره إلى بروز ظواهر جديدة بين الشباب كالفساد الأخلاقي والتحايل لتحصيل المال.. كما نتج عنه ظاهرة الهجرة وما رافقها من ترك الشباب لأوطانهم والبحث عن أماكن في بلاد الغرب تؤمن لهم العيش المناسب، هذا الوضع أدى في النهاية إلى ضياع الدين لدى كثير من الشباب المهاجر، إضافة إلى تفكك الروابط الأسرية والتحلل الخلقي.
    رابعا: الثورة المعلوماتية والطفرة التحررية فيما يمكن أن نسميه بـ "ظاهرة الإنترنت"، فقد انتشرت شبكات "الإنترنت" في العديد بل في كل البلدان الإسلامية، والمتأمل يجد مفاسد عديدة ظهرت على أفواج الشباب ممن لم يُحسن استخدام هذه الوسيلة. ويكفي أن نذكر أن الإحصائيات تدل على أن نسبة 80 بالمائة ممن يدخلون مقاهي النت تقل أعمارهم عن 30 سنة، وأن أكثرهم يستخدمونه استخداما سيئا.
    مصدر المشاكل
    وإذا كانت تلك أهم المشاكل التي تواجه الشباب المسلم، فما هي الأسباب التي أدت إليها وساهمت في انتشارها وتفاقمها؟
    لا شك أن هناك العديد من الأسباب التي دفعت بالواقع الشبابي إلى أن يصل إلى ما وصل إليه، وأقتصر هنا على ذكر أربعة أسباب هي:
    (‌أ) غياب القيادة الحكيمة والقدوة الصالحة، والتي تعمل على ملء طاقات الشباب بمثل الحق والعدل وتوجهها صوب جادة الرشاد والسداد، فكان لهذا الغياب القيادي دور بارز في ضياع طاقات الشباب، وتشتيت أفكارهم وابتعادهم عن شرع الله ومنهجه.
    (‌ب) غياب الممارسة الشورية على كافة الصعد، ابتداءً بالأسرة وانتهاء بالدولة، وما رافق ذلك من مصادرة للرأي الآخر، وتغييب لثقافة الحوار، حيث نجد الأب في بيته مستبدًا برأيه، فهو صاحب القرار والمنفرد فيه أولاً وأخيرًا، والحال كذلك في كافة مرافق الحياة كالمدرسة والجامعة والمصنع والإدارة.. ونتج عن هذا الوضع تهميش الرأي الآخر أو مصادرته وربما محاربته مما جعل الشباب يشعرون بالتهميش وأنه لا دور لهم في صنع القرار أو الحياة عموما.
    (‌ج) عدم استثمار أوقات الشباب بما فيه خيرهم وصلاحهم، فقد أضحى الوقت - وهو عنصر الحضارة الأساسي – المورد الأكثر تبديدًا وضياعًا في حياة الشاب المسلم، وأصبح فن "إدارة الوقت" من الأمور الغائبة عن تفكير وسلوك الشباب، واستبدل ذلك باللهو واللعب، كالجلوس خلف شاشات التلفاز ساعات طويلة لمشاهدة المباريات الرياضية والمسلسلات الفارغة والأفلام الهابطة.
    (‌د) سيطرة وسائل الإعلام الرخيص كالتلفاز والفيديو وما رافق ذلك من انتشار المحطات الفضائية وشبكات الاتصال العالمية، والتي لعبت دورًا مهمًا في زعزعة إيمان الشباب بعقيدته ودينه، وزرعت فيه روح الخنوع والكسل والتساهل، ويممت وجه شطر التغريب والتحديث.
    سبل العلاج
    وإذا كان واقع الشباب المسلم على الصورة التي سبق الحديث عنها، فما هو السبيل الذي ينبغي السير فيه للخروج من هذا الواقع المؤلم؟
    لا شك أن تجاوز هذا الواقع لابد فيه من تضافر كافة الجهود الفردية والجماعية لإصلاح أوضاع الشباب المسلم للخروج به من الحال التي آل إليها، والأخذ بيده إلى جادة الرشد والصواب، ولعل مما يساعد على ذلك:
    1- العمل على إيجاد القيادات الرشيدة والحكيمة، والعاملة وفق شرع الله ومنهج نبيه، كحمل أمانة الأمة وإخراجها من المآل التي أفضت إليه.
    2- توفير فرص العمل للشباب، والقضاء على البطالة، وفتح أبواب الإبداع أمامهم ليستطيعوا خدمة أنفسهم وأمتهم.
    3- سد أبواب الفتن وطرائق الفساد وسبل الانحراف، واستغلال أجهزة الدول وخاصة الإعلام في توجيه الشباب ثقافيا وعلميا واجتماعيا بما يليق بأمة تحمل هم إصلاح نفسها أولا ثم إصلاح العالم كله
    4- العمل على غرس عقيدة الإيمان بالله واليوم الآخر، مع زرع خوف الله ومراقبته في نفوس الشباب، وتربيتهم على الرغبة فيما عند الله من الأجر والثواب. إضافة إلى تزويد شباب اليوم ورجال الغد بالقيم الإسلامية التي تحافظ على أصالة أمتهم وتراثها، مع الدعوة إلى الانفتاح على تجارب الآخرين والاستفادة من كل ما فيه خير وصلاح.
    5- العمل على ربط شباب الأمة بعلمائها وأصحاب الشأن فيها، وتنمية حب العلم والعمل في نفوسهم، والحرص على إبراز شخصية الشاب المسلم بصورة المسلم الحقيقي، الراغب في إعمار الكون .
    وأخيرًا فإن ما نسعى إليه هو أن نربي شبابًا تقيًا ورعًا عالما مجاهدًا، بصيرا بأمور دينه ودنياه يعتز بهويته وانتمائه إلى إسلامه، وتراث أُمته، ويقود أمته بالعلم والدين لتستعيد مكانتها التي كانت تتبوؤها والتي خلقت من أجلها وهي قيادة الدنيا والأخذ بيد الخلق إلى سبيل السعادة في الدنيا والآخرة.
    اسلام ويب
                  

09-01-2015, 01:58 AM

سيف اليزل برعي البدوي
<aسيف اليزل برعي البدوي
تاريخ التسجيل: 04-30-2009
مجموع المشاركات: 18425

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات متنوعة عن الأسرة و المجتمع (Re: سيف اليزل برعي البدوي)

    تقاليع غريبة ومشينة بدأت تظهر بين طلاب وطالبات الجامعة والمتصابين ، من أصحاب المال ، حيث يتحدثون الآن عن أنواع جديدة من الزواج لم نسمع بها من قبل ، وأقل ما يقال عنها: إنها فساد وانحلال خلقي وجريمة بكل المقاييس ، فهناك حالات زواج يقولون عنها زواج " الدم " أي يمزج الشاب والفتاة دميهما ، ليعلنا أنهما ارتبطا برباط مقدس يتيح لهما التصرف كزوجين ، وهناك زواج " الروح " هو تلاقي الأرواح والأجساد ، ثم زواج " الويك إند " عطلة نهاية الأسبوع ، أو زواج اليوم الواحد ، الذي لا يقتصر على الشباب ، بل يمتد إلى وسط رجال الأعمال .
    قد يقول قائل : إن هذه الأنواع الشاذة من السلوكيات لم تنتشر كثيرًا بعد ، بين الشباب والفتيات ، ولم تصبح ظاهرة ، ولكنها موجودة بالفعل .

    فساد خلقي :
    ترفض سهى حسين (مهندسة) مبدأ وجود هذه الظاهرة الشاذة ، مشيرة إلى أن الله سبحانه وتعالى ميز الإنسان بالعقل وفضله به على سائر المخلوقات التي تسعى إلى إشباع غرائزها الشهوانية بغض النظر عن أي اعتبارات نفسية كانت أو أُسرية أو اجتماعية ، أما أن يتزوج الإنسان ليوم واحد بهدف قضاء شهوته ، فهو يتحول إلى ما يشبه الحيوانات فعلاً غريزة وهدفـًا ، وهذا كفيل بأن يدمر العلاقة الزوجية ، ويقوضها من أساسها .
    ولذا أطالب الزوجات بأن يراعين أزواجهن وألا يهملن حياتهن العاطفية ؛ لأن ذلك يخلق جوًا من الحرمان عند الرجال ، فيبحثون عن تلك العاطفة المفقودة ، ولو ليوم واحد .
    ويقول نور الدين عبد الحميد " موظف": أرفض تمامـًا مجرد فكرة هذا الزواج ؛ لأنه ببساطة شديدة يدمر الحياة الإنسانية .
    ويتساءل : ما الداعي إلى هذا الزواج ؟ إن كان لمجرد إشباع الرغبة فما الفائدة منه ؟ وكيف لشخص سافر لقضاء حوائجه أن يتزوج لمجرد أنه يريد امرأة ليوم واحد ؟ فلماذا لا يأخذ زوجته معه ؟ إننا نقلد الغرب في هذا الأمر الذي لا فائدة منه .

    زواج الدم :
    وتطالب سهام مصطفى الطالبة في كلية الآداب ، الشباب والفتيات بضرورة البعد عن هذه التقاليع المشينة ، وتتعجب " كيف لإنسانة متعلمة على قدر من التربية والخلق ، والمفروض أنها تخاف الله ، أن تمارس الجنس مع شاب مدة يوم واحد، والادعاء بأنهما متزوجان دون علم الأهل؟ .
    وتقول إن هذا الفعل سيكون دمارًا لها لأنها لم تعد بكرًا كما أنها وضعت نفسها في موضع الشبهات .
    ويشير سعيد عبد العزيز " مدرس " إلى أن تأخر سن الزواج ، إضافة إلى العوامل المادية والظروف الاقتصادية الصعبة ، التي تواجه معظم الشباب لها تأثير كبير في ما نشاهده اليوم من انحراف في السلوك واعوجاج في الشخصية ، إضافة إلى الثقافة الغربية التي تفد إلينا عبر الفضائيات ، مما يدفع الشباب إلى التقليد الأعمى دون مراعاة لما يناسبنا ويناسب تقاليدنا وديننا ، وهذا في نظري زنا ، وأن اختلفت المسميات ، سواء أكان عرفيـًا أم بالدم أم بالروح ، أم ليوم واحد .
    وترفض ريهام محمود الطالبة في كلية الطب ، أن تكون زوجة نهاية الأسبوع أو أيام العطلة فقط ، أو أي صورة أخرى ، غير الزواج الذي يرضاه والدها وترضاه الفطرة السليمة ، والزواج أساسه الاستقرار والعشرة الطيبة ، أما هذا الزواج فينتهي بمجرد زوال شهوة الطرفين ، وترى أن هذه التقاليع نجمت عن بعد الشباب عن الدين .

    الزواج اتفاق :
    وبالرغم من أن الأغلبية العظمى من الشباب ترفض هذا الزواج ، إلا أنه موجود بالفعل وله أنصار يدافعون عنه ويعتبرونه حلاً لمشكلاتهم العاطفية .
    يقول : " س . ل . ع " رجل أعمال : أنا متزوج منذ 30 عامـًا ، وطوال هذه المدة لم تحاول زوجتي أن تتأقلم مع وضعي الجديد ، الذي يضطرني إلى السفر باستمرار ، ولذلك أتزوج بأخريات مدة يوم واحد ، وأتعجب من الذين يرفضون هذا الزواج ؛ لأنه بموافقة الطرفين ، وهذا مسجل في العقد ، الذي يتضمن هذا الشرط والمهر (المقابل المادي). الزواج نوع من الرضا والقبول بين الطرفين ، وهذا يساعدني كثيرًا في أداء عملي .
    وتدافع " هدى .م " _أرملة وأم لثلاثة أولاد _عن هذه الفكرة قائلة : توفي زوجي منذ 3 سنوات ، وما زلت صغيرة وجميلة ، وإلى الآن لم يتقدم أحد لخطبتي ، وأنا على استعداد للقبول إذا جاءني شاب يطلبني للزواج مدة يوم واحد ، لأقضي معه يومـًا بعقد ، ولا تنسوا أنني بشر ولي متطلبات عاطفية .

    رأي الدين :
    ويقول الدكتور محمد زكي عبد المجيد ، الأستاذ في جامعة الأزهر : لابد أن يتوافر في الزواج شروط وأركان ، ومنها الإيجاب والقبول بين الطرفين وشاهد العقد ، والولي ، وإشهار هذا الزواج ، فإذا تحققت هذه الشروط كان زواجـًا شرعيـًا ، لكن زواج اليوم الواحد ، كغيره من ألوان الزواج الفاسدة ، وهو حرام ، ولا حجة لمن يقولون إن الزواج رضا وقبول ؛ لأنه قول غير صحيح ، والدين الإسلامي بريء منه ، الزواج الذي يقوم على تحقيق المتعة الجسدية مؤقتـًا بيوم واحد لا يمكن أن نقول إنه زواج .
    ويطالب الشباب بأن يتمسكوا بعفتهم حتى ييسر الله لهم زواجـًا شرعيـًا ، ويدعوهم إلى التمسك بسنة المصطفى ـ صلى الله عليه وسلم ـ وأن يبتعدوا عن التقليد الأعمى .

    ويقول الدكتور أحمد محمد الجداوي ، أستاذ علم النفس في جامعة الأزهر : إن الشباب في سن معينة يلجأ إلى التقليد الأعمى دون معرفة العواقب الناتجة عنه ، وغالبـًا ما يبدأ هذا التقليد في الجامعة ، وتبدأ معه علاقات الحب المشبوهة ، والتي تندفع فيها الفتاة بكل عواطفها تحت مسمى الحب ، والحب بريء منهم .
    ويضيف قائلاً : إن الذين يقدمون على هذا الزواج المؤقت نوعان ، الأول : أولاد الطبقة ذات المستوى العالي " أولاد الذوات " ، والذين يذهبون لقضاء يوم في أي مكان سياحي بعيدًا عن البيت ، وبالتالي يصطحبون معهم الجنس الناعم ، ويتم الاتفاق على المدة والأجر ويزول العقد بزوال الشهوة .
    والثاني : الطبقة الفقيرة ويقومون بهذا الزواج لإرضاء ضمائرهم وإقناع أنفسهم بأنهم لم يرتكبوا حرامـًا ، وإنما هو زواج ، هروبـًا من الظروف الصعبة وتقليدًا للغرب .
    ويقول : إن هذه سلوكيات تحتاج إلى دراسة جادة ويتحمل المسجد والبيت والجامعة مسؤولية كبيرة تجاهها .
    ــــــــــــــــ
    المصدر: زهرة الخليج
                  

09-01-2015, 02:00 AM

سيف اليزل برعي البدوي
<aسيف اليزل برعي البدوي
تاريخ التسجيل: 04-30-2009
مجموع المشاركات: 18425

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات متنوعة عن الأسرة و المجتمع (Re: سيف اليزل برعي البدوي)

    حين طُلب من مراهقات وضع لائحة عن الأشخاص الذين يفضلن الحديث معهم، كانت المفاجأة أن الأم جاءت أخيراً. وأشارت هذه النتيجة «غير المتوقعة» لدراسة قام بها خبراء اجتماعيون إلى اختلال العلاقة بين الأم والابنة.

    وبرّر العديد من المراهقات ذلك في كون «الأمهات لا ينصتن»، ما يجعل الأصدقاء ـ وحتى العالم الافتراضي الذي تنسجه خيوط الشبكة العنكبوتيةـ «الملاذ الأفضل» لتفريغ الشحنات والتعبير عما يراودهن.

    ورأى أستاذ علم الاجتماع حسين العثمان الذي اشرف على الدراسة أنّ عدم إنصات الأمهات لبناتهن المراهقات يفسّر خشيتهن من أن يعرفن أشياء لا يرغبن بمعرفتها كتورط بناتهن في علاقات عاطفية، أو أن يضطررن للإجابة عن أسئلة ما زالت تعدّ من المحرمات بخاصّة الجنس.

    ويضيف العثمان بأنّ هذا الأمر أشبه بـ «دفن الرأس في الرمال». فهو لا يفيد بل يزيد المشكلات تعقيداً مشيراً إلى أنّ «الحوار الإيجابي مع المراهقات يحميهن من الانزلاق في أتون الانحراف، لا سيما أنّ شلة الرفاق التي ستصبح مرجعيتهن غير مؤهلة أصلا للقيام بتلك المهمة التي تحتاج إلى خبرة وحكمة».

    أمهات مشغولات
    تقول إحدى المراهقات: «لا أتذكر أنني اشتركت مع أمي في حوار من أي نوع، كل ما تفعله من أجلي هو ترك المصروف بجانب المزهرية الخضراء». «هي لا تعلم أني أحتاج للتكلّم معها».. وتضيف أنها اختارت صديقتها شذى بديلاً متاحاً للاستشارة والاستماع. وأنهما تتحدثان معاً عن كل شيء: الموضة، الشبان، الدراسة، برامج التلفزيون، آخر الألبومات الغنائية، وعندما تصطدمان بما لا تعرفانه تلجآن الى الإنترنت الذي يجيب من دون «حرج أو تهرب».

    أمّا مها وأعضاء شلتها فأجمعن أن «ماما دائماً مشغولة» على رغم أنهن اختلفن في تفسير أسباب الانشغال. تقول مها: «ماما أستاذة جامعية يستهلك عملها كل وقتها وأعصابها وبالتالي، فالمنزل بالنسبة إليها هو للراحة فقط».

    أما سارة فتقول «ماما بتهلك بشغل البيت والتنظيف ورعاية إخوتي الخمسة ووالدي»، وهكذا فوالدتا مها وسارة مشغولتان بالعمل إما خارج المنزل أو داخله.

    غير أن اللافت كان تفسير "ن.أ" لانشغال والدتها عن الاستماع إليها، إذ قالت «ماما مهووسة بقوامها، هي على أبواب الأربعين وهو أمر يثير قلقها». وتضيف: «تتردد أمي باستمرار على مراكز اللياقة البدنية والتجميل والأسواق لتبدو أصغر. أما أنا ففي آخر سلم اهتماماتها». وأجمعت فتيات الشلة أيضاً على «حبّ أمهاتهن» على رغم الاهمال المعنوي الذي يعانين منه.

    الحوار ضرورة
    ويلعب الحوار بين الأم وابنتها المراهقة دوراً أساسياً وفق تقريرات اختصاصيي علم النفس. فهو يقلّص فارق العمر بين جيلي الأمهات والبنات ويساعد البنات في تعزيز ثقتهن بأنفسهن ويحقق لهن الاستقلالية. كما أنّه يبقي الأمهات قريبات من بناتهن ومطلعات على مشكلاتهن وهمومهن، ما يمكّنهن من «التدخل السريع عند الحاجة».

    ويعتقد الدكتور وليد شرف ـ أخصائي علم النفس ـ أنّ المراهقات يخسرن كثيراً بابتعادهن عن أمهاتهن. إذ أن القرب من الأم «يقدم الدعم النفسي للنمو، ويخفف من مشاعر الكبت والقلق والخوف».

    ويحدد الدكتور شرف جملة مفاهيم خاطئة تعوق الحوار بين الأم وابنتها من أبرزها التعليقات الجارحة أو الاستهزاء بكلام المراهِقة، وكثرة مقاطعتها وعدم الاكتراث بها، وإصدار الأحكام المسبقة قبل الانتهاء من الحوار، والاتهام المباشر واللوم والتهكّم واستخدام الألفاظ النابية أثناء الحديث.

    ويشدد شرف على أن «معطيات العصر المغرقة بالرقمية أثرت في العلاقة بين الأم وابنتها المشغولة بالكومبيوتر والهواتف» منبهاً الأمهات الى ضرورة أن تشعر الفتاة باستمرار بأن أسرتها هي ملاذها لمواجهة المشكلات التي تعترضها.
    ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
    الحياة: ليلي خليفة
                  

09-01-2015, 02:01 AM

سيف اليزل برعي البدوي
<aسيف اليزل برعي البدوي
تاريخ التسجيل: 04-30-2009
مجموع المشاركات: 18425

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات متنوعة عن الأسرة و المجتمع (Re: سيف اليزل برعي البدوي)

    الصغير يكبر، والذي كنا بالأمس نحاول إسكاته، أصبحنا اليوم نفكر في سحب الكلمات من فيه، وصرنا نطرح على أنفسنا أسئلة عدة: لماذا لا يطلعنا على عالمه؟ وما هي الشعرة التي تفصلنا عنه؟
    يقول البعض: إن علينا أن نظهر لهم الحب والحنان، لنحاول كسب ثقتهم، ويرى البعض بأن علينا أن نراقبهم عن قرب، وهناك أطروحات كثيرة، لكن أيها الحل الأمثل؟



    تبدأ هذه الرحلة من كتمان الأسرار تحديدًا في سن المراهقة، وهو المقطع الذي يشكل أخطر مفترق طرق يمر به الشاب والفتاة. ونحن هنا نحاول وضع أيدينا على هذه القضية الشائكة وهي: لمن يبوح الأبناء بأسرارهم؟ ولماذا لا يبوحون بأسرارهم لأهليهم؟

    خصائص المرحلة
    يقول علماء الاجتماع إن الفجوة الموجودة بين الآباء والأبناء تبدأ بالاتساع بشكل كبير في سن المراهقة، ومن خصائص هذا العمر من الناحية النفسية أنه عمر غير مرتاح، قلق، متقلب. فالشاب الصغير لم يعد طفلاً، كما لم يصل بعد إلى مرحلة النضوج، أول ما يرفضه المراهق هو أن يقرر الآخرون بدلاً عنه، وهذا الشعور بـ (الأنا المجروحة) يسبب عنده الرفض والثورة والبعد، وعلى القائد في هذه المرحلة أن يتحلى باللين، كي لا يكسر شوكة المراهق، والقوة كي لا يخسره.



    هذا العمر هو عمر العقل المفكر، عمر البحث عن البراهين، وبالتالي فالعمل والبحث الشخصي هو ما يعتقدون أنه يوصلهم، فالحقيقية ليست ما يقوله القائد، وإنما ما يكتشفه المراهق بنفسه، ومع ذلك يجب الأخذ بعين الاعتبار أن تفكير المراهق ليس متينًا، لذا يجب السماح له بالتفكير على قدر ما يستطيع ومرافقته في اكتشاف عالم الفكر اللامتناهي.. فهي تربية التفكير الذاتي ومناسبة الإنماء؛ فالخط التربوي في هذا العمر يتم من خلال تحليل الواقع، وصقله في تعابير واضحة وعملية.



    على من تقع المسؤولية
    وأما مسؤولية إخفاء المراهقين أسرارهم وعدم البوح بها إلى الأهل، فيرى الدكتور "ماهر أبو زنط" أن الجانب الأكبر منها يقع على الأبوين، ويجب على الوالدين السعي إلى التقرب من المراهق دون أن يمس هذا باحترامهما له، كما أن عليهما أن يظفرا بصداقته واكتساب ثقته حتى يتعود الابن على البوح والصراحة مع أبويه، وبهذا يظل الوالدان على دراية بما يواجهه المراهق فيواجهانه بالنصح والإرشاد ليكتمل واجب الآباء تجاه الأبناء.

    أما المراهقون أنفسهم فلهم رأي آخر.. فيقول م.يوسف (16 عامًا): ربما الخوف من العقاب هو السبب، فمنذ صغري وأنا أسمع كلمات الزجر والنهي، فهذا عيب، وهذا حرام، وهذا ممنوع، وذاك لا يجوز...، فتأصل الخوف لدي منذ الطفولة، بأن ما أتحدث به قد يحرجني أما الأهل، فأضطر إلى أن أفتح باب قلبي إلى صديقي، وأخفي عن أبي وأمي ما أشعر به.

    وعندما سئل أحد المراهقين (17 عامًا): لماذا لا يبوح الأبناء بأسرارهم؟ أجاب وقد علته مشاعر الغضب: أين هم الآباء أصلاً؟ همّهم توفير الشراب والطعام والملابس، والاحتياجات الأساسية لحياتنا، أما حاجاتنا النفسية فهي آخر ما يفكرون به.



    ولا يختلف الأمر كثيرا بالنسبة للفتيات المراهقات عن الشباب في اتهام الأهل بالتقصير وعدم الاهتمام.. فتقول نجلاء (16 عامًا): إن أهلي لم يقوموا – ولو لمرة واحدة – بفتح باب الحوار معي، وأشعر أحيانا بأنهم يحاولون التهرب من الاستماع إليَّ.. وحاولت مرات كثيرة أن أفاتح أمي، لكنها كانت تتهرب مني. أما الشخص الذي تبوح نجلاء بأسرارها له فهو دفتر مذكراتها. فقالت: أسجل كل ما يخص حياتي في مذكرات يومية، وهو بالنسبة إليها البئر الذي تلقي فيه بكل أسرارها.

    المراهقون في قفص الاتهام
    وبعد أخذ آراء المراهقين كان لابد للاستماع لآراء الآباء ومعرفة وجهة نظرهم في تلك القضية.. يقول أحد الآباء (43 عامًا): أبناء اليوم جيل متفتح، متمرّد على الواقع بكل أشكاله، يهرب عندما يجد نفسه مضطرًا إلى الاعتراف بخطيئته؛ لذا ينأى بأسراره بعيدًا عن أهله، هذا ما قاله الأب.. أما زوجته الأم (35 عامًا)، فعلّقت على الموضوع قائلة:

    أنا أم لولدين أحاورهما، وأحاول أن أزيد مساحة التفاهم بيننا، إلا أنني كلما اقتربت منهما، ابتعدا عني، وأشعر أحيانًا بأنهما يعيشان في عالم آخر غير العالم الذي أعيش فيه، وأراقبهما عن قرب لأعرف تفاصيل عالمهما الذي أشعر بأنه مليء بالأسرار التي لا يستطيعان البوح بها لي، ولا أعرف السبب، وأنا حائرة معهما.



    أما أ.جابر (54 عامًا) فيشكو من تصرفات أبنائه الذين لا يسمحون له بالاقتراب من خصوصياتهم، ويقول: عندما أسمع أبنائي يتحدثون في موضوع ما، وأحاول مشاركتهم فيه، فإنهم إما أن يغيروه، أو يتوقفوا عن الحديث، وكأنني غريب عنهم، ولست والدهم.

    وعن السبب تحدث جابر – وقد بدت عليه علامات الغضب -: مشكلة أبناء اليوم بأنهم يظنون أنفسهم أنهم أكثر وعيًا من أن يناقشهم الكبار.

    علم النفس .. والتنشئة
    وأما أساتذة علم النفس فقد أكدوا على لسان الدكتور عبد الله عسَّاف – رئيس قسم علم النفس في جامعة النجاح – أن سبب الفجوة هو الجو الذي أصبح يعيشه الأبناء والآباء، وهو عصر السرعة، والانفتاح. وأضاف: إن الأبناء لا يثقون برأي الآباء ويرون الآباء ليسوا على قدر من الوعي والمسؤولية في تحمّل الأسرار، وكذلك هناك من الأبناء من يخشى فضح أسراره خوفًا من العقاب، ولعل من الأسباب أيضًا: عدم عيش المراهق منذ الصغر في جو من المحبة والحنان مما يجعله يبحث عن بديل في الخارج، وهذا يشكل خطرًا كبيرًا على مستقبله، خاصة إذا سلك طريقًا غير صحيح، وكان بعيدًا عن الرقابة.



    وأضاف د.عساف: إن الطفل عندما يبلغ سن المراهقة تطرأ عليه تغيرات فجائية في بداية النضوج، لقد جرت العادة في مجتمعاتنا العربية على تجنب الآباء الحديث إلى الأبناء عما يصيبهم في هذه السن من تغيرات؛ لذلك يجد المراهق نفسه حائرًا وقلقًا؛ إذ يلاحظ التغيرات النفسية والجسدية التي تصيبه، وهو لا يدري ما سر هذه التغيرات، فيحاول أن يستمد المعلومات فيما بينهم.



    ويرى أساتذة علم النفس أن التغيرات الجسدية والنفسية التي تظهر على الطفل، وهو في سن المراهقة تجعله يشعر بالفرح أو الحزن، فالفرح ناتج عن شعوره بأنه مقبل على مرحلة الرجولة، أما الخوف فهو ناتج عن شعوره بالأعراض الطبيعية التي تصيبه، فهو يجهل أنها طبيعية أم لا، وهذا الجهل يجعله يخشى الكشف لوالديه عما يصيبه؛ ظنًّا منه أن سؤاله خارج عن نطاق الاحترام والأدب، ولكي يتدارك الأهل مثل هذه الأمور يجب أن يبدؤوا بشرح الأمور إلى المراهق بطريقة مبسطة، لكي لا يحصل على معلومات من الخارج ربما تكون خاطئة.



    رأي التربية
    وكان لمتخصصي التربية أيضا مشاركة في المشكلة حيث يقول الدكتور فواز عقل: إن مشكلة تربية المراهقين من المشاكل التي تؤرق الكثيرين من المتهمين بأمور التربية؛ إذ إن الأولاد يبقون حتى سن معينة، تحت قبضة الوالدين، لكنهما كثيرًا ما يسيئان استثمار هذه السيطرة، ليندما بعد خروج الولد عن دائرة قبضتهما.

    وقال د.فواز: إن الأسباب وراء اتساع الفجوة بين الأبناء والأهل أسبابها كثيرة، فمنها مثلاً المشاكل النفسية التي يدخل بها الطفل، عندما يشاهد مثلاً خوفًا أو نزاعًا بين والديه، أو انشغالهما عنه بشؤونهما الخاصة، مثل هذه الأمور قادرة على صنع جدار سميك بين الأبناء المراهقين وأهلهم، وأيضًا هناك عناصر مؤثرة في تربية المراهق وسلوكه.. فمنها ما هو ذاتي، كالصفات الوراثية، والبنية النفسية والعقلية، ومنها ما هو محيطي، كسلوك الآباء والأقارب المنحرفين، والأصدقاء، والجو المدرسي، وأخيرًا وسائل الإعلام المختلفة.

    ما العمل؟!
    وبعد أن عرضنا وجهات نظر جميع الأطراف في هذه القضية الخطيرة كان لابد من السؤال الأهم وهو ما الحل وما العلاج؟
    يقول الدكتور عبد الله عساف: إن التعامل مع فئة المراهقين في غاية الخطورة سواء كانوا بنين أو بنات، ولابد أن يكون هناك حذر في التعامل معهم، حتى لا تكون هناك ثغرات يستغلها المراهقون في سلوكياتهم الحياتية، ولابد من تقليص الفجوة بين الأبناء والأهل عن من خلال الاهتمام بالبعد النفسي للمراهق أو الشاب. والاهتمام بالبعد العاطفي كالحساسية والاضطرابات والقلق والصداقة والخصومة، وما شاكل ذلك من الحالات التي تعتري حياة المراهق والشاب.



    بينما يرى دكتور التربية فواز عقل أن تقليص الفجوة يتم من خلال التوصيات العملية لتربية المراهقين تربية حوارية هادفة. ويوصي الآباء بضرورة إنشاء صداقة مع الولد، والابتعاد عما هو سائد في مجتمعات الشرق من أسلوب (العصا والخيزران)!.

    إن من شأن هذه الصداقة أن تجعل الولد يشكو همومه إلى والديه – وهما الأعرف بما يصلحه – بدلاً من الالتجاء إلى الغرباء..كذلك من التوصيات، إظهار حبهم ومشاعرهم ورضاهم للأبناء، والابتعاد عن الاتهام وسوء الظن؛ إذ يلاحظ أن الولد عندما يرى نفسه متهمًا في المنزل، فإنه سيفقد الثقة بنفسه، ومن هنا ينبغي على الأب الذي يرى من ولده بادرة حسنة أن يستثمر الفرصة ويشجعه ويمتدحه معبرًا عن ذلك بفرحة، وإلى أن يقوم كل بدوره تبقى الفجوة والجدار آخذين بالاتساع.. فهل نستطيع إيقافهما وتلاشي خطرهما المحدق بنا؟
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
    الإسلام اليوم(12) بشار دراغمة
                  

09-01-2015, 02:03 AM

سيف اليزل برعي البدوي
<aسيف اليزل برعي البدوي
تاريخ التسجيل: 04-30-2009
مجموع المشاركات: 18425

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات متنوعة عن الأسرة و المجتمع (Re: سيف اليزل برعي البدوي)

    لا شك أن زي الفتاة ومظهرها دليل عفتها وطهارتها أو علامة على عكس ذلك، ومن خلال ما تلبسه المرأة يمكن في أكثر الأحوال الحكم على نوع ما تحمله من فكر وخلق.

    ولا يستطيع أحد أن ينكر أن المرأة كلما كانت محتشمة في زيها متأدبه في مشيتها مع وقار في هيئتها كل ذلك ينم عن داخل نقي ومنبت زكي ونفس طاهرة، وبقدر ما يظهر ذلك على الفتاة بقدر ما تبتعد عنها همم اللئام وأفكار وأنظار الذئاب، وأطماع الكلاب، وتطلعات مرضى القلوب، ولصوص الأعراض.

    والفتاة التي تتفنن في إظهار مفاتنها من خلال الموضات المثيرة التي تظهر أكثر مما تخفي سواء بإظهار مفاتن البدن من خلال لبس الأزياء العارية أو الضيقة التي تصف تقاطيع البدن أو الخفيفة التي تشف عما تحتها أو من خلال الموضات الصارخة والعجيبة والغريبة التي تلفت الانتباه وتعلق عين الناظر هذا كله يعرض الفتاة لأن يتعرض لها الفسقة ومرضى النفوس والقلوب .. وهي في ذات الوقت تعرض نفسها لخطر هي في غنى عنه.

    والغريب أن فتياتنا وبناتنا بتن يلهثن وراء الموضات في سعار غريب ورغبة محمومة للبحث عن كل جديد حتى وإن كان يخالف شريعتنا وعقيدتنا بل وأعرافنا أيضا، وفي كثير من الأحيان تكون الحالة المادية للأسر لا تسمح بمثل هذا التطرف في اختيار الموضات الذي تصر عليه بناتنا وفتياتنا بحجة الظهور بالمظهر اللائق وعدم الإحراج أمام بقية البنات في المدارس أو الطالبات في الجامعة أو الزميلات في العمل..

    ونظرة إلى واقع مدارسنا المتوسطة والثانوية وجامعاتنا وشوارع كثير من بلداننا مع إطلالة سريعة على ما تعرضه محلات الأزياء في أسواقنا تدلنا على واقعنا ومدى ما وصل إليه فكر نسائنا وبناتنا، وقد وصل الحال في بعض البلدان أنك لا تستطيع أن تفرق بينها وبين شوارع أوروبا وبلاد الغرب.. وهذا نذير شؤم أن يصل حال نسائنا يوما إلى ماوصل حال نسائهم إليه.

    هذا الكلام أعلم أنه لا يعجب دعاة التحرر حملة لواء الاختلاط ودعوات المساواة .. وغيرها من المسميات المزيفة، الذين يرون في عفة المرأة ردة عن طريق الحرية وتخلفا عن طريق المدنية، وانتكاسا في المنظومة الفكرية!! وربما لا يعجب هذا الكلام أيضا بعض أخواتنا الفتيات ظنا منهن أن هذا افتئات على آرائهن الفكرية واختياراتهن التحررية، وحريتهن الشخصية. أو يرين أن الواقع على خلاف ما نقول وأن نظرتنا نظرة تشاؤمية أو مبالغا فيها..

    ولذلك سنترك الكلام لمن سبقنا في هذا التحرر المزعوم ونال منه المطلوب وزيادة فكانت العاقبة ما أظهره استطلاع أجرته منظمة العفو الدولية في لندن، وشمل نحو 1000 رجل وامرأة، حيث كانت النتيجة أن السبب الأساسي لجرائم الاغتصاب التي يشهدها الشارع البريطاني، تعود لـ"عبث المرأة" و "لباسها الفاضح"، لتتحمل، بذلك، مسؤولية تعرضها للاعتداء.

    وقد تفاجأ المشاركون في الاستطلاع بأن معظم جرائم الاغتصاب لا تتم من قبل غرباء كما كانوا يعتقدون، حيث تظهر الوقائع أن 80% من هذه الاعتداءات تحدث من قبل أصدقاء، أو أشخاص معروفين من قبل الضحايا.

    وأعربت المشرفة على الاستطلاع كات ايلين، عن "قلقها الشديد" تجاه هذه الأرقام، مشيرة إلى ضرورة اتخاذ الحكومة البريطانية لخطوات تجاه هذه الجرائم. ولفتت إلى أن أغلبية المشاركين في الاستفتاء يعتقدون أنه توجد أكثر من 10 آلاف امرأة تتعرض للاغتصاب سنوياً، بينما يتجاوز الرقم الحقيقي لحالات الاغتصاب، بحسب الخبراء، الـ 50 ألف امرأة سنويا.

    ومن النتائج التي خلص إليها الاستطلاع، اعتبار 30 % أن العديد من النساء يتحملن مسؤولية تعرضهن للاغتصاب لأسباب عدة منها اللباس الفاضح والمظهر المثير.(انتهى الخبر).

    ومن هذا الاستفتاء نعلم أن هناك 137 حالة اغتصاب يوميا .. ولذلك ضج الغيورون وأصحاب العقول وأولياء الأمور في الغرب وضاقوا ذرعا بما وصل إليه حال المرأة هناك، وبدأ الكثيرون يطالبون باتخاذ إجراءات لإصلاح الأحوال في الوقت الذي يسعى أناس في بلادنا لنبدأ نحن الطريق من أوله بل من آخره إذ إن نهاية المرأة الغربية هو ما يريد دعاة السفور أن يكون بداية للمرأة المسلمة والعربية.

    إن الله سبحانه لما كان أعلم بما يصلح العباد والبلاد والرجال والنساء، أمر المرأة أن تخفي مفاتنها وتستر نفسها عن كل من لا يحل له النظر إليها فقال لنبيه صلى الله عليه وسلم: "يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً" الأحزاب:59

    فأمر الله المسلمة بالحجاب الذي هو علامة العفاف والطهارة يستر جميع بدنها، صفيقاًً لا يشف، فضفاضاً واسعاً لا يصف، لا يشبه ملابس الكافرات، ولا ملابس الرجال، وليس بزينة في نفسه، ولا بثوب شهرة.. فلا يلفت نظرا ولا يبعث على ريبة.. فإذا رأى منها أحد هذا الظاهر لم تطمح إليها عينه ولم يطمع فيها قلبه؛ فيحفظها حجابها ووقار ثيابها من التعرض للمعاكسات وسماع كلمات الغزل النابيات أوالتعرض لها بما هو أكبر من ذلك.

    إن حجاب المرأة تشريف وتكريم لها، وليس تضييقا عليها، بل هو حلة جمالها وصفة كمالها، وهو أعظم دليل على إيمانها وسمو أخلاقها، وطاعة ربها واتباع نبيها "ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما".
    اسلام ويب
                  

09-01-2015, 02:05 AM

سيف اليزل برعي البدوي
<aسيف اليزل برعي البدوي
تاريخ التسجيل: 04-30-2009
مجموع المشاركات: 18425

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات متنوعة عن الأسرة و المجتمع (Re: سيف اليزل برعي البدوي)

    يوسف وامرأة العزيز .. ودرس في العفة للشباب
    شبابنا هم أبناؤنا وإخواننا وأحبابنا، كلنا يعلم ما يعانونه في شبابهم من مشكلات تواجههم في حياتهم.. ولعل مشكلةَ تأجج الشهوة في تلك الحقبة من العمر وانتشار دواعيها مع قلة مصارفها الحلال هي واحدة من أكبر هذه المشكلات، بل وأهمها لدى إخواننا الشباب..

    وإذا كانت العفة مطلبًا شرعيًا واجتماعيًا ـ صيانة للدين وحفاظًا على المجتمع بحفظ أهم طبقة فيه ـ فلا يخفى صعوبة هذا المطلب في مثل زماننا، زمان الفضائيات والدشوش والكليبات والشبكات العنكبوتية والتي تتكاتف جميعًا لعولمة النمط الثقافي والاجتماعي الأمريكي خاصة والغربي عامة بما فيه من إباحية جنسية، وهدم للمنظومة الأخلاقية، ومغايرة للمفاهيم الإسلامية والشرقية.

    وكل هذا يجب أن لا يحملنا على اليأس والاستسلام والرضا بالواقع، بل على العكس ينبغي أن يحث الهمم ويهيج على العمل لدرء الفتن وصيانة الشباب.
    ويبقى الأمل في نفوسنا وحسن ظننا بشبابنا بابًا ندخل منه لدعوتهم لمجابهة الشهوات وعدم الرضوخ لها والوقوع في أسرها.

    قصة يوسف
    إننا حين نتحدث عن مواجهة الشهوة لا نتحدث عن أمر معجز يستحيل الحصول عليه، وإنما مطلب واقعي ممكن، وإن كان صعبًا. وقد قص علينا القرآن قصة من قصص الشباب مع الشهوة ليتخذ شبابنا منها قدوة وأسوة ودرسًا عمليًا في كيفية التعامل مع مثل هذه المواقف، ويتعرف على الأسباب المعينة على الخلاص من ورطاتها.

    إن الواقع الذي عاشه يوسف عليه السلام هو في الحقيقة أشد من أي واقع يقابله شاب منا، فلقد تهيأت له كل أسباب الفاحشة ودواعيها :
    فالشباب والقوة والشهوة متوفرة؛ فقد كان في عنفوان شبابه، وهو يحتاج لتصريف شهوته وهو عزب، ولا مصرف له حلال، وقد بذلت له ولم يسع إليها..
    والمرأة جميلة؛ فهي زوجة العزيز ومثله لا يتزوج إلا بأجمل النساء.
    ولا خوف من العقوبة؛ فالمرأة هي الطالبة والراغبة، وقد طلبت وأرادت بل وراودت، فكفته مؤنة التلميح أو التصريح بالرغبة.
    وقد أغلقت الأبواب عليهما ليكونا في مأمن، ولترفع عنه حرج الخوف من الفضيحة.
    ثم هو غريب في بلد لا يعرفه أحد؛ فلا خوف من أن يفتضح، وهو خادم وهي سيدته، فهو تحت سلطانها وقهرها، فيخاف إن لم يجبها أن يطوله أذاها.
    وقد عانى عظم الفتنة وشدة الإغراء.. فالمرأة لا شك قد أعدت للأمر عدته وبيتته بليل وخططت له، فدخلت وأغلقت الأبواب كل الأبواب، وبدأت في المراودة، ومثل هذه لابد أنها تزينت بكل زينة وجمعت كل فتنة، فما ملك إلا الهرب، وأنقذه هذه المرة وجود سيده لدى الباب رغم أن ردة فعله كانت مخيبة للآمال.

    تكرر الإغراء
    لقد تكرر الموقف لا شك مرات، وقد هددته وتوعدته وخوفته بالسجن، ورأى جرأتها على زوجها وقدرتها على تنفيذ أمرها، وإصرارها على تحصيل مبتغاها في قضاء وطرها، والإعلان بذلك أمام النسوة في وقاحة وعدم حياء أو خوف، مع أمنها مكر زوجها؛ فهو كأكثر رجال هذه الطبقة لا يمثل الطهر والشرف كبير قيمة لديهم وهذا ظاهر من موقفه: {يوسف أعرض عن هذا واستغفري لذنبك إنك كنت من الخاطئين}[يوسف:29].

    لقد أعلنتها صريحة: {ولقد راودته عن نفسه فاستعصم ولئن لم يفعل ما آمروه ليسجننَّ وليكونًا من الصاغرين}[يوسف:32]. فما وجد الصدّيق بعد كل هذا إلا أن يعتصم بالله، وأن يقدم رضًا الله على هوى النفس، بل ويرضى بالسجن (وأرجو أن نلاحظ ذلك) ترك اللذة والشهوة، وآثر عليها السجن بما فيه، وهو لا يدري متى سيخرج منه، ولعله لا يخرج أبدًا، لكنه كان أحب إليه من رغبة الشباب ولذة الحرام، فأطلقها صريحة: {رب السجن أحب إليَّ مما يدعونني إليه وإلا تصرف عني كيدهنَّ أصب إليهنَّ وأكن من الجاهلين}[يوسف:33].

    إننا يا شباب نحتاج إلى استحضار هذا الموقف وأشباهه لنتخذه أنموذجًا يحتذى، ومثلاً يقتدى، ونتشبث بما تشبث به يوسف لننجو من أغلال الشهوة وذل المعصية.

    قوارب النجاة:
    لقد تمسك الصادق العفيف "يوسف" بأمور كانت سببًا بعد توفيق الله وحفظه في عصمته وصيانته، ولو تمسك بها كل واحد منا لبلغ بأمر الله بر الأمان كما بلغه يوسف:

    أولها: خوف الله ومراقبته
    لقد كان في خلوة لا يراه من البشر أحد، والضغوط كلها عليه، ومداخل الشيطان كثيره، فما بحث عن تبريرات، ولا استسلم لوخز الشهوات واستحضر في ذلك الموقف العظيم خوفه من الله تعالى ومراقبته له، وتعظيمه لحق الله تعالى فقال لما راودته بملء فيه: {معاذ الله}، {إنه لا يفلح الظالمون}.

    وما أجمل هذا الخوف وما أجل عاقبته التي أخبر بها نبينا صلى الله عليه وسلم في حديث السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله ومنهم: "...ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال إني أخاف الله...".

    ثانيها: توفيق الله وحفظه لعبده:
    فلما رأى الله تعالى منه صدقه وصبره صرف عنه السوء وصرفه هو عن السوء صيانة له وتكريما وجزاء على عفته: {كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء إنه من عبادنا المخلصين}[يوسف:24].

    ثالثها: فراره عن أسباب المعصية:
    فلما رأى منها ما رأى، وخاف على نفسه فر منها وهرب إلى الباب يريد الخروج، وهي تمسك بتلابيبه وهو يشد نفسه وينازعها حتى قدت قميصه من شدة جذبها له وشدة هربه منها.

    وهذا الفرار هو أعظم أسباب النجاة، فالفرار من الأسواق المختلطة، والفرار من المتنزهات، والفرار من الخلوة بالأجنبيات، وصيانة النظر عن رؤية المحرمات والعورات، والبعد عن مواقع الشهوة والعري في النت والفضائيات، كلها من أسباب الفرار بالدين من الفتن .. وخلاصتها غض الأبصار عن الوقوع في حمى الأخطار.

    كل الحوادث مبدأهـــا من النظــر *** ومعظم النار من مستصغر الشرر
    كم نظرة بلغت من قلب صاحبها *** كمبلغ السهم بين القــــــوس والوتر
    يســــر مقلته ما ضــــــر مهجته *** لا مرحـــــبا بسرور جاء بالضرر

    ومن صدق الفرار أن يفر الواحد منا من قرناء السوء الذين يذكرونه بالمعاصي، ويحدثونه عنها وعن سبلها ووسائلها وكيفية الوصول إليها، بل ويمدونه بها وييسرونها عليه،، فهؤلاء معرفتهم في الدنيا عار وفي الآخرة خزي وبوار .

    ومن أراد السلامة فليلزم أهل التقى ومواطن الخير وأصحاب العبادة كما قال العالم لقاتل المائة نفس: "ودع أرضك هذه فإنها أرض سوء واذهب إلى أرض كذا فإن فيها قوما يعبدون الله تعالى فاعبد الله معهم".

    رابعها: الدعاء والالتجاء إلى الله:
    فقلوب العباد بين إصبعين من أصابع الرحمن يقلبها ويصرفها كيف يشاء، فهو سبحانه القادر أن يثبت قلبك ويصرف همم أهل السوء عنك، والتوفيق كله بيده، والخذلان أن يكلك إلى نفسك. وقد علم يوسف ذلك؛ فالتجأ إلى الحصن الحصين والركن الركين: {وإلا تصرف عني كيدهم أصب إليهنَّ وأكن من الجاهلين * فاستجاب له ربه فصرف عنه كيدهنَّ إنه هو السميع العليم}[يوسف:33، 34]. فإذا أردت العصمة فاعتصم بربك: {ومن يعتصم بالله فقد هدي إلى صراط مستقيم}[آل عمران:101].

    خامسها: تهويل خطر المعصية:
    فقد رأى الكريم أن الفاحشة أمر عظيم وخطب جليل، وتجرؤ على حدود الله خطير، وتفكر في عقوبة الآخرة، فهانت عليه عقوبة الدنيا، فاختار السجن ومرارته على أن يلغ في عرض لا يحل له، أو أن يقضي وطرًا في غير محله: {قال رب السجن أحبُّ إلي مما يدعونني إليه}[يوسف:33].

    سادسها: الاعتصام بالإيمان:
    فالإيمان يصون أهله ويحمي أصحابه، ومن حفظ الله تعالى حفظه الله في دينه ودنياه وأهله وأخراه، وما عصم يوسف عليه السلام إلا الإيمان بربه وصدقه معه وإخلاصه له، وقد سجل الله له ذلك فقال: {إنه من عبادنا المخلصين}[يوسف:24].

    الزواج أو الصوم:
    لقد عالج رسول الله صلى الله عليه وسلم مشكلة الشهوة عمليًا بدعوة القادرين على سرعة إعفاف النفس، وكذلك الآباء على سرعة تزويج أبنائهم لرفع الحرج عنهم ودفع القلق وجلب الاستقرار النفسي والاجتماعي، فإن دعت الظروف وامتنعت القدرة فاللجوء إلى الصوم، فإنه يقطع الشهوة ويحطم جموح النفس: "يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج. ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء".

    تذكر عاقبة العفة:
    وهو معين للشاب على هجر الفاحشة ومقاومة الشهوة الجامحة أن يتذكر عاقبة العفة الدنيوية والأخروية. فأهل العفة هم أهل ثناء الله وفلاح الآخرة: {قد أفلح من تزكى}[الأعلى:14]. {والذين هم لفروجهم حافظون.... أولئك هم الوارثون الذين يرثون الفردوس هم فيها خالدون}[المؤمنون:5].
    وأهل العفة هم أهل المغفرة والأجر العظيم: {والحافظين فروجهم والحافظات والذاكرين الله كثيرًا والذاكرات أعد الله لهم مغفرة وأجرًا عظيمًا}[الأحزاب:35].
    وأهل العفة هم أهل الجنة: "من يضمن لي ما بين لحييه وما بين رجليه أضمن له الجنة".
    ثم تذكر الإحساس بلذة الانتصار على النفس والشيطان، والتخلص من رقة المعصية ومذلة الذنب وكسرة النفس والقلب، وخوف عقوبة الآخرة.

    وللأسرة دور أيضًا:
    إننا ونحن ندعو شبابنا للعفة ومقاومة الشهوة لا ينبغي أن نغفل دورنا كآباء وولاة أمور، بل الواجب على الوالدين تيسير أسباب العفة للأبناء، ودفع غوائل الشهوة عنهم. فغرس الإيمان في القلوب بحسن التربية والتنشئة، وسد ذرائع الشهوة بإخراج آلات اللهو والإغراء من البيوت، والعلاقة الأخوية ورابطة الصداقة مع أبنائنا التي تحمي من قرناء السوء، وحسن الاستماع والإنصات لمشكلات الأبناء، مع البحث عن العلاج السليم دون التأنيب والاندفاع، مع فتح باب المصارحة لإيجاد أيسر الحلول من أقرب الطرق.. كلها معينات للأبناء، ولا تنسوا حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته".

    نسأل الله أن يصرف عن شباب المسلمين كل مكروه وسوء. والله خير حافظا وهو أرحم الراحمين.
    اسلام ويب
                  

09-01-2015, 02:07 AM

سيف اليزل برعي البدوي
<aسيف اليزل برعي البدوي
تاريخ التسجيل: 04-30-2009
مجموع المشاركات: 18425

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات متنوعة عن الأسرة و المجتمع (Re: سيف اليزل برعي البدوي)

    لم يستغرق الأمر لحظات.. فقد كانت سيارة الفتيات واقفة، وجاءت سيارة الشاب فصفت بجانبها مباشرة لينفتح زجاج النوافذ وتمتد يد الشاب بورقة تتلقفها اليد الناعمة ثم تنطلق سيارة الشاب تتبعها السيارة الأخرى.

    لم يذهلني من المشهد أكثر من جرأة الطرفين الشديدة، ولم أتعجب فأنا أقرأ وأسمع عن انتشار المعاكسات بين الشباب والبنات.. ولكن حملني الموقف على الدراسة والكتابة والمتابعة للموضوع فكانت عجائب في زمن الغرائب.

    ربما يعتقد البعض أن المعاكسة مرض تخطاه الزمن، ولكن المتابع يعلم أنه عاد بقوة إلى شوارعنا وبيوتنا وأسواقنا، وانتشر بين شبابنا وبناتنا انتشار النار في الهشيم، حتى صار ظاهرة في مجتمعاتنا وشيئا يملأ الأسماع والأبصار، تروى فيه وقائع تثيرالعجب، وتدمي القلب ، وتستوقف الحريص الغيور.

    عواقب وخيمة
    فالمعاكسات تعتبر واحدة من أعظم وسائل جلب الفساد وانتشار الفاحشة، بتيسير اللقاء الحرام، وما خلا رجل بامرأة إلا وكان الشيطان ثالثهما. وهي وسيلة من وسائل دمار الأسر وتضييع مستقبل الفتيات.. فكم من فتاة عرف عنها ذلك السلوك المشين فأغلقت على نفسها باب الزواج، وعن أخواتها، وربما عن إخوانها أيضًا. وكم من زوجة وقعت فريسة للمعاكسات فعلم زوجها فطلقها، وضاعت وضاع أولادها معها. والمعاكس لا يحسن الظن بأهله وزوجته فيما بعد، فكل حركة سيظنها تعاكس وكل كلمة أو مكالمة سيظنها مع رجل، كما كان يفعل هو بغيرها. فيضيع الاستقرار من الأسر وكأنها عقوبة من الله تعالى على فعلة السوء والتسلط على أعراض الناس.

    ومن تتبع ما وقع من جراء المعاكسات من حوادث أليمة، وفواحش عظيمة، تحسر أيما تحسر على أحوال بنات المسلمين، وأدرك أن هذه المعاكسات وسيلة تغرير، وشباك صيد، يستهدف عرضهنَّ ويسود وجوههنَّ، ويتركهنَّ ضحايا في الزوايا، أو بائعات هوى ومنحرفات، سوسًا ينخر في جسد الأمة.

    تفنن وتنوع
    وقد تعددت طرق المعاكسات وتفنن فيها الشباب ـ بنوعيه ـ أيما تفنن، فبين غمز بالعين، أو همز ولمز باللسان، أو ابتسامة ناعمة، أو نكتة طريفة، أو تعليقة يظنها صاحبها ظريفة. وبين نظرة ناعسة، أو تسريحة ساحرة، أو عباءة ملفتة، أو مشية متكسرة متغنجة، أو ابتسامة موحية، أو عطر يسحر القلب قبل الأنف.

    وأما الهواتف فهي البلاء المبين والخطر العظيم، فاتصالات عشوائية تبحث عن فريسة، أو إلقاء رقم من طرف ليلتقطه الطرف الآخر، لتبدأ رحلة العصيان والتي لا تنتهي على خير في أكثر وقائعها.

    وقد استعيض عن الأخير بما يسمى خدمة "البلوتوث" الأسرع والأضمن والأكثر أمنًا وتقدمًا وتطورًا، علاوة على ما يرسل مع الرقم من لقطات فكاهية أو كلمات غرامية أو مقطوعات غنائية أو حتى صور إباحية وخلاعية.

    وسل الشات في النت وغرف الدردشة تخبرك الخبر اليقين.

    والبنات أيضا يعاكِسن
    والعجيب في الأمر أن نسبة ليست بالقليلة من تلك المعاكسات تصدر عن فتيات يعاكسن الرجال، وبنات يشاغلن الشباب في الهواتف بمعسول الكلام وعبارات الغزل والتهتك، والغرض في البداية اللعب والتسلي أو تمضية وقت فراغ، أو سماع بعض كلمات الحب المحرومة من سماعها، أو حتى كلمات ماجنة لتفريغ شحنة كامنة، أو حتى بحثًا عن عريس الغفلة المختبئ وراء سماعة الهاتف أو النت؛ ولكن النهاية - في أغلب الأحيان ـ هي كما تحكى إحدى المعاكسات:

    "كانت البداية مكالمة هاتفية عفوية.. تطورت إلى قصة حب وهمية.. أوهمني أنه يجنى وسيتقدم لخطبتي.. طلب رؤيتي .. رفضت.. هددني بالهجر.. بقطع العلاقة .. صعقت .. أرسلت له صورتي مع رسالة معطرة.. توالت الرسائل.. طلب مني أن أخرج معه.. رفضت بشدة.. هددني بالصورة والرسائل .. بصوتي في الهاتف – فقد كان يسجله – خرجت معه على أن أعود بأسرع وقت ممكن ومعي أغراضي كما وعدني.. لقد عدت ولكن ليتني ما خرجت وليتني ماعدت .. عدت وأنا أحمل العار والذل.. توسلت إليه أن يتزوجني ويسترني من الفضيحة.. فقال بكل سخرية واحتقار: إني لا أتزوج فاجرة.

    وهكذا يتركها إلى مصيرها الأسود، ومستقبلها المظلم، ويذهب يبحث عن فريسة أخرى يفترسها ويلقي بها في الوحل.

    الأسباب
    لقد كان لهذه الظاهرة أسبابًا أدت لانتشارها وتأججها ومن أهم هذه الأسباب:-

    أولا: الفراغ والبطالة
    فمع انتشار البطالة ووجود الفراغ القاتل، والساعات الطويلة .. أصبحت كثير من أوقات شباب الإسلام ضائعة وساعاتهم طويلة وفارغة بلا عمل ولا وظيفة، ولا كسب ولا تحصيل ولا طاعة، فلما لم تجد ما يشغلها في الصالح المفيد شغلوها بالطالح الضار، فراحت ساعاتهم في المعصية واللهو، واللعب والحرام واللغو، ومعاكسة كل جنس نظيره.

    وقد صدق أبو العتاهية حين قال:
    إن الفراغ والشباب والجدة.. ... .. مفسدة للمرء أي مفسدة
    فينبغي على شبابنا أن يعرفوا للوقت قيمته، ويشكروا لله نعمته، فإن الفراغ والصحة نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس.

    واسمع إلى ابن مسعود رضي الله عنه يقول: "إني لأمقت الرجل أن أراه فارغًا ليس في شيء من عمل الدنيا ولا عمل الآخرة".
    إذا ما مضى يوم ولم أصطنع يدا .. ... .. ولم أقتبس علمًا فما هو من عمري

    فالقضاء على أوقات الفراغ في حياة الشباب ينبغي أن يكون من أول ما يوجه الآباء المصلحون عنايتهم له، ولا يشترط أن يقضي الشباب فراغه في الحفظ وتعلم العلم، بل كل حسب وجهته: (قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَّشْرَبَهُمْ)[البقرة:60] فمن كانت وجهته علمية فلينهل من منابع العلم، ومن كان له تميز في مجال فليذهب إلى ما يهواه طالما لا يتعارض وتعاليم ديننا الحنيف من تجارة نافعة، أو صناعة مفيدة، أو حرفة شريفة؛ حتى لا يندم على شبابه حين يسأل عنه فيما أفناه، وعن عمره فيما أبلاه، فتكون الإجابة: قضيته في معاكسة الفتيات والتشبيب بالمسلمات، والولوغ في الأعراض والحرمات. فما أعظم الندم ولات حين مندم.

    ثانيا: ضعف الإيمان:
    فأكثر شبابنا رقيق الديانة، قليل الإيمان، ليس له علاقة بالله تعصمه، ولا عبادة تشغله، ولا ورد من القرآن والذكر يؤنس وحشته، فلما أعرض عن الله آخاه الشيطان فاستوحش فذهب يبحث عن شيء يؤنس وحشته، ويُذهب عن القلب ظلمته، فما وجدها إلا في مغازلة الفتيات، وخبيث الكلمات، وسماع فاحش القول من الساقطات. يظن أن ذلك يسعد قلبه ويزيل وحشته، ويدخل عليه السعادة والسرور. ولا يعلم صاحبنا أن تلك الوحشة في النفس لن يزيلها إلا معرفة الله، وتلك الظلمة في القلب لا يرفعها إلا نور القرب من الله، وذلك الإصرار على المنكر لن يوقفه إلا الخوف من الله، والإحساس بمعية الله وقربه ومراقبته واطلاعه عليه.

    فاعلم أن الله معك في خلواتك، وأنه يراك في حركاتك وسكناتك، وأنه يسمع سبحانه كل كلماتك، ويعلم مكنونات نفسك، ومرادات قلبك من وراء معاكساتك ومغازلاتك؛ فبماذا ستجيبه إذا وقفت بين يديه فسألك عن كل كلمة حرام وعن كل خطوة حرام وعن كل نظرة حرام وهمسة حرام ولمسة حرام.

    (أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُم بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ)[الزخرف:80]. (... الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ * هَذَا كِتَابُنَا يَنطِقُ عَلَيْكُم بِالْحَقِّ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنسِخُ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ)[الجاثية: 28، 29].

    ثالثا: رفقة السوء:
    فكم قادت هذه الرفقة إلى بلاء وعناء، وصديق السوء لا يأتي من ورائه إلا الشر، فالطباع سراقة، والمرء على دين خليله.. ومن صادق معاكسًا فلابد يومًا أن يعاكس، ومن صاحبت مستهترة فلابد أن يصيبها شيء من استهتارها كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إنما مثل الجليس الصالح والجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير فحامل المسك إما أن يحذيك وإما أن تبتاع منه وإما أن تجد منه ريحا طيبة ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك وإما أن تجد ريحا خبيثة"[متفق عليه].

    والصديق المعاكس المتمرس في العلاقات المشبهوهة كنافخ الكير لا يهدأ له بال ولا يقر له قرار حتى يوقع صاحبه فيما هو واقع فيه.. فكم من صديق زين لصديقه معاكسة الفتيات، وكم من صاحبة أوقعت صاحبتها في مصيدة المغازلات، فتقترح عليها من تغازل وتعاكس، وربما تعطيها بعض الأرقام، ودروس في فنون الغزل والمعاكسة، حتى وقعت في براثن ذئب بشري، أو في ورطة لا مخرج منها إلا بعون الستير الحليم.

    رابعا: النت ووسائل الإعلام
    فما يعرض في إعلامنا أو على شاشاتنا أكثره عهر ودعوات فاضحة ومكشوفة لنزع الحياء وإشاعة الفحشاء، وتهييج للعواطف، وتأجيج للغرائز، وإثارة للشهوات.. أغاني ماجنة، وأفلام خليعة، وكليمات رقيعة، يجأر إلى الله منها العجوز الفاني ذي الإيمان، فكيف بالشباب الفائر قليل الدين وعديم القدرة على الزواج.

    فإطلاق النظر في هذه القنوات أو المجلات أو المواقع العفنة في النت، كل ذلك من أعظم دواعي الفتنة، وإثارة الشهوة، ومما يهج النفس ويهيئوها للبحث عن المعاكسات والمكالمات، ويجعل في النفس جموحًا لتقبل دعوات الفساق، سواء في الهاتف أو غيره. وربما تعب الشاب من المكلمات وما روى غليله فيبحث أو تبحث هي عن علاقة محرمة. فكف البصر عن النظر إلى الحرام غلق لأعظم أبواب الفتنة، ودرء خطر المعاكسات، وصدق من قال:
    كل الحوادث مبدأها من النظر .. ... .. ومعظم النار من مستصغر الشرر
    كم نظرة بلغت من قلب صاحبها .. ... .. كمبلغ السهم بين القوس الوتر
    والعبد مادام ذا طرف يقلبــه .. ... .. بأعين الفيد موقوف على الخطر
    يسر مقلته ما ضر مهحبتـه .. ... .. لا مرحبًا بسرور جاء بالضرر

    خامسا: تعقيد الزواج وتأخيره وسهولة الحرام وتيسيره
    فإن الباعث الأكبر على تلك البلية (أعني المعاكسات والمغازلات)، إنما هو الشهوة والفراغ، وفي الزواج المبكر حفظ للشباب والبنات، فيجد الشاب المنفذ الحلال لشهوته، ولا يجد فراغ العاطلين لانشغاله بأمور بيته وأولاده.
    فإذا صُعِّب على أبنائنا طريق الحلال وسُهِّل لهم طريق الحرام ؛ فقل لي بربك ماذا تنتظر من الشباب والفتيات؟!.
    إن الزواج عصمة لبناتنا وأعراضنا قبل أن يكون لأبنائنا، ولذلك قال صلى الله عليه وسلم: "يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغضن للبصر وأحصن للفرج...".

    سادسا: تبرج النساء وغياب المحرم
    قال أحد الشباب عندما سئل: لماذا تعاكس؟ قال: البنت هي السبب تخرج متزينة ومتعطرة متكسرة، ولا تريد أن يعاكسها أحد. هذا محال.
    فالبنت هي التي تدعو الشباب لمعاكستها بطريقة لبسها ومشيها وزينتها وعطرها. وقد نهاها الشرع عن الخروج بمثل هذه الهيئة درءا للفتنة وصيانة للعرض.

    كما وأن خروج المرأة وحدها مغر للكلاب النابحة والذئاب الجامحة بالتعرض لها. وقد ذكرت كتب الأدب أن امرأة خرجت لتطوف بالبيت فتعرض لها خليع من هؤلاء، فعادت إلى أخيها فقالت: تعال لتعلمني المناسك، فذهب معها وفي الطريق كان ذلك الشاب ينتظرها فلما رأى معها رجلا انخنس وذهب، فقالت المرأة بيتا يكتب بماء الذهب:
    تعدو الذئاب على من لا كلاب له وتتقي مربض المستأسد الضاري

    إن الشباب لا يتجرأ على التعرض للمرأة إلا إذا كانت وحدها بدون رجل يدفع عنها، ومن العجب أن يترك رجل زوجته أو ابنته أو أخته تذهب إلى السوق أو غيره وهو في بيته أو مع أصحابه.. ثم يبكي بعد ذلك على ضياع الأعراض.
    إن الرجال الناظرين إلى النسا مثل الكلاب تطوف باللحمان
    إن لم تصن تلك اللحوم أسودها ذهبت بلا عوض ولا أثمان

    سابعا:كثرة الهواتف وضعف الرقابة
    قالت إحداهنَّ يومًا: أبي وأمي هما السبب.. فثقتهما الزائدة بي فتحت لي الباب للمعاكسات والمغازلات والخروج دون علمهما، لا يعرفان ما أصنع، وقد كدت أهلك مرات ومرات. وهما في البيت لا يعرفان عني شيئًا.
    فكل بنت من بناتنا معها جوالها الخاص بها، وفي غرفتها هاتف خاص، وربما تجلس الساعات الطوال مغلقة غرفتها ولا يدري أحد ماذا تصنع ولا مع من تتكلم.
    ونحن لا نقول لك كن على أبنائك رجل مخابرات، ولكن لا تكن مغفلاً. والثقة الزائدة تضر أحيانًا خاصة مع البنات.

    العلاج:
    كل ما ذكرناه من أسباب فضده علاجه.. لكن الأمر يحتاج إلى مجهودات متكاتفة.. فلابد من شغل أوقات فراغ الشباب، وزيادة الجرعة الإيمانية، والتركيز على التوجهات الأخلاقية، وتوجيه الشباب لاختيار الصحبة الزاكية النقية، وتيسير الزواج على الشباب ومعالجة البطالة المتفشية، ووجود الرقابة المنضبطة.. ولابد من إصلاح وسائل الإعلام فهي أهم وسيلة لانتشار هذا الأمر أو الحد منه ومعالجته. مع وجود العقاب الرادع لمن تسول له نفسه الوقوع في المسلك المشين وإن الله ليزع بالسلطان مالا يزع بالقرآن.

    همسة في أذن معاكس
    اعلم أخي أن أشد الأذى أذى العرض، وإذا كنت لا ترضى أن يؤذيك أحد في أمك أو أختك أو ابنتك أو زوجتك، فكذلك كل الناس لا يرضى ذلك لأهله.
    واعلم أيضا أنك كما تدين تدان: فمن وقع في عرض غيره ربما أوقع الله في عرضه غيره.. والأمر كما قال الإمام الشافعي رحمه الله:
    يا هاتكًا حرم الرجال وقاطعا .. ... .. سبل المودة عشت غبر مكرم
    لو كنت حـرًا من سلالة ماجد .. ... .. ما كنت هتاكًا لحــرمة مسلم
    من يزن في بيت بألفي درهم .. ... .. في أهلـه يزنى بغــير الدرهم
    إن الزنـــا دَيْنٌ إذا أقرضتــه .. ... .. كان الوفا في أهل بيتك فاعلم
    اسلام ويب
                  

09-01-2015, 02:08 AM

سيف اليزل برعي البدوي
<aسيف اليزل برعي البدوي
تاريخ التسجيل: 04-30-2009
مجموع المشاركات: 18425

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات متنوعة عن الأسرة و المجتمع (Re: سيف اليزل برعي البدوي)

    الشباب هم قوة المجتمعات وعمادها، وصلاح أي مجتمع ـ بل أي أمة ـ مرتبط بل متوقف على صلاح شبابها، وهذه القاعدة تطرد فسادًا بعد ثبوتها في حال الصلاح، فالشباب للأمة كمثل القلب للبدن إذا صلح صلح الجسد كله وإذا فسد وانحرف انعكس ذلك على المجتمع كله.

    وهناك معوقات تعصف بمسيرة الشباب، تعوق عملهم، وتهدر طاقتهم، بل وتغير وجهتهم.. مما يعود بالسلب عليهم وعلى مجتمعاتهم.. هذه المعوقات التي نقصدها هي عوامل الانحراف عند الشباب.. وقد تنوعت هذه المعوقات (داخلية وخارجية) وتعددت مصادرها وأسبابها بحيث من أفلت من أحدها وقع في حبائل غيرها، والمعصوم من عصمه الله. ومن أهم هذه الأسباب:
    الفراغ:
    روى الإمام البخاري عن ابن عباس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس، الصحة والفراغ".
    فبين النبي عليه الصلاة والسلام أن الفراغ نعمة في حق العبد إذا استعمله فيما يعود عليه بالنفع في دنياه وأخراه، أما إذا لم يغتنمه الشاب تحول من نعمة إلى نقمة، ومن منحة إلى محنة، ويصبح شبحًا مخيفًا يحول الشاب إلى ألعوبة بيد شياطين الجن والإنس.
    إن الشباب والفراغ والجدة.. ... ..مفسدة للمرء أي مفسدة
    وقد قرر علماء النفس والتربية في الغرب أن فراغ الشباب في تلك البلاد يعد واحدا من أكبر أسباب الجرائم فيها. وأجمعوا على أن الشاب إذا اختلى بنفسه أوقات فراغه وردت عليه الأفكار الحالمة، والهواجس السارحة، والأهواء الآثمة، والتخيلات الجنسية المثيرة، فلا يجد نفسه الأمارة إلا وقد تحركت وهاجت أمام هذه الموجة من التخيلات والأهواء والهواجس، فيتحرك لتحقيق خيالاته مما يحمله على الوقوع في كثير مما هو محظور.

    وليس هذا مما ينفرد به شباب الغرب بل هو مما يشترك فيه شباب الدنيا بأسرها؛ ولذلك كان اغتنام أوقات الفراغ قبل الانشغال، واستغلال زمان الشباب قبل الهرم، والصحة قبل المرض، والحياة قبل الممات، من وصايا الرسول صلى الله عليه وسلم لأمته.

    ورحم الله عبد الله بن مسعود صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ يقول: "إني لأمقت الرجل أن أراه فارغًا، ليس في شيء من عمل الدنيا ولا عمل الآخرة".

    التفكك الأسري:
    الأسرة هي المحضن الذي ينبت فيه الشاب ويترعرع في كنفه، ولتأثيرها وضوح في صقل شخصية الشاب واكتمال شخصيته. والوالدان يعتبران القدوة الفعالة في نفس الشاب، فكما يعودانه يعتاد، وكما يعلمانه يتعلم، إن كانا صالحين نشأ صالحًا، وإن كانا فاسدين نشأ فاسدًا
    وينشأ ناشئ الفتيان منا.. ... ..على ما كان عودُه أبوه

    والتفكك الأسري من أكبر الأسباب التي تدفع إلى انحراف الشباب، فإذا وجد الشاب والفتاة أن الأبوان دائما الخلافات، فالأم في ناحية والأب في ناحية أخرى، أو أن الأب لا يأبه للبيت ولتربية أولاده.. فكل هذه الأمور تتسبب في القلق النفسي عند الطفل، ويشب على هذا القلق ثم يتجه إلى الانحراف من شرب للخمور، أو المخدرات لينسى مجتمعه الصغير "الأسرة" ويبحث له عن رفقة خارج الأسرة يكوّن بها مجتمعا آخر لعله يجد فيه ما لم يجده في أسرته. وهذه الرفقة لها دورها في تشكيل هذا الشاب صلاحا أو عكسه؛ كما سنبينه في العنوان التالي.

    الرفقة السيئة:
    لا شك أن الرفقة تقع في قاعدة الحاجات الاجتاعية فكل إنسان يحتاج الرفقة، لأن الرفقة حاجة نفسية متأصلة في النفس البشرية من يوم يبدأ يدرك ويفهم ما يدور حوله، فإذا صلحت الرفقة صلح الإنسان وإذا حدث العكس فسد الإنسان، ولذلك كان التوجيه النبوي في اختيار الأصدقاء والرفقاء في قوله عليه الصلاة والسلام : [مثل الجليس الصالح والسوء، كحامل المسك ونافخ الكير، فحامل المسك : إما أن يحذيك، وإما أن تبتاع منه، وإما أن تجد منه ريحا طيبة، ونافخ الكير: إما أن يحرق ثيابك، وإما أن تجد ريحا خبيثة](متفق عليه)

    فإذا صاحبت خيّراً حيا قلبك، وانشرح صدرك، واستنار فكرك، وبصّرك بعيوبك، وأعانك على الطاعة، ودلّك على أهل الخير.
    وجليس الخير يذكرك بالله، ويحفظك في حضرتك ومغيبك، ويحافظ على سمعتك، ومجالس الخير تغشاها الرحمة وتحفّها الملائكة، وتتنزّل عليها السكينة، فاحرص على رفقة الطيبين المستقيمين، ولا تعد عيناك عنهم، فإنهم أمناء.

    والحذر كل الحذر من رفيق السوء، فإنه يُفسد عليك دينك، ويخفي عنك عيوبك، يُحسّن لك القبيح، ويُقبّح لك الحسن، يجرّك إلى الرذيلة، ويباعدك من كل فضيلة، حتى يُجرّئك على فعل الموبقات والآثام، والصاحب ساحب، فقد يقودك إلى الفضيحة والخزي والعار، وليست الخطورة فقط في إيقاعك في التدخين أو الخمر أو المخدرات، بل الخطورة كل الخطورة في الأفكار المنحرفة والعقائد الضالة، فهذه أخطر وأشد من طغيان الشهوة؛ لأن زائغ العقيدة قد يستهين بشعائر الإسلام، ومحاسن الآداب، فهو لا يتورع عن المناكر، ولا يُؤتمن على المصالح، بل يُلبس الحق بالباطل، فهو ليس عضواً أشل، بل عضو مسموم يسري فساده كالهشيم في النار.
    وفي الأثر: "إياك وقرين السوء فإنك به تُعرف".
    عن المرء لا تسأل وسل عن قرينه فكل قرين بالمقارن يقتدي
    وإن كنت في قوم فصاحب خيارهم ولا تصحب الأردى فتردى مع الردي

    التأثير السلبي للإعلام:
    إن للإعلام تأثيرا سلبيا على عقول الناس جميعًا كبيرهم وصغيرهم وقد تنوع الإعلام بين مرئي ومسموع كلها تقصف العقول قصفا وتخاطب غرائز الشباب خطابا مشبوبا، أججت معه العواطف وأثارت مكنونات النفوس وعرضت نماذج للقدوات غير صالحة مما أثر في شخصية الشباب، حتى أخذ كثير من الشباب يشكل ثقافته وشخصيته بالطريقة التي يحبها ويهواها.

    والإعلام بشكل عام سلاح ذو حدين من الممكن أن يكون نافعًا للشاب، ومن الممكن أن يكون عاملاً من عوامل الانحراف، ولكن المشاهد في الواقع هو أن ماتعرضه وسائل إعلامنا بداية من أفلام الكارتون إلى الأفلام والمسلسلات الأجنبية البوليسية، أو الإثارة أو الرعب، مع التفصيل في مواطن الانحراف كالرقص والزنا وشرب المخدرات وجرائم السرقة، كل هذا ما هو إلا طريق للانحراف الفكري والسلوكي لدى شبابنا.

    البيئة المحيطة بالشباب:
    للبيئة تأثير خاص في الإنسان، فالإنسان كما يقال ابن بيئته، فإن تربى في بيئة تعتز بالفضيلة والأخلاق الحسنة، صار الإنسان يعتز بالفضيلة والأخلاق، وإن عاش في بيئة موبوءة بالسموم الأخلاقية والفكرية، أصبح كذلك، فالإنسان يؤثر ويتأثر.

    يقول النبي صلى الله عليه وسلم: "كل مولود يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه، أو ينصرانه، أو يمجسانه" والنفس الإنسانية قابلة للخير والشر، وعندها استعداد للاستقامة أو الانحراف والبيئة هي التي تعزز ذلك وتيسره
    هي الأخلاق تنبت كالنبات.. ... ..إذا سقيت بماء المكرمـات
    تقوم إذا تعهــدها المربـي.. ... ..على ساق الفضيلة مثمرات

    وأكبر الأخطار على الشاب أن يعيش في بيئة يشوبها القلق والاضطرابات النفسية والسلوكية، سواء كانت بيئة البيت أو بيئة الشارع، فكل يؤثر في مجاله، لذلك يرى كثير من المربين: أن الإنسان منذ مراهقته يجب أن يهيأ له جو صالح في البيت أولاً ثم خارجه في المدرسة والشارع لأنه حتمًا سوف يتأثر بما يختلط به ويعايشه والبيت، والمدرسة، والشارع هي المحيط والبيئة التي تستغرق أكثر حياة الإنسان، فإذا صلحت هذه الأماكن صلح الإنسان.

    هذه كانت بعض العوامل التي تساعد على انحراف الشباب، ذكرناها للتنبيه على خطرها والتصدي لمعالجتها ولينتبه أخواننا الشباب والمربون لها.. ونسأل الله لنا ولإخواننا الشباب الحفظ والسلامة.. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
    اسلام ويب
                  

09-02-2015, 00:21 AM

سيف اليزل برعي البدوي
<aسيف اليزل برعي البدوي
تاريخ التسجيل: 04-30-2009
مجموع المشاركات: 18425

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات متنوعة عن الأسرة و المجتمع (Re: سيف اليزل برعي البدوي)

    تعتبر الثقافة الجنسية في أحد جوانبها جزءاً من الثقافة العامة والمهمة في ذات الوقت بالنسبة للشباب من الجنسين.. وهي ترتبط بالثقافة الاجتماعية السائدة والقيم الفكرية والتربوية والدينية في المجتمع؛ ومن ثم تختلف طريقة التثقيف الجنسي وكذا طريقة تناولها من مجتمع لآخر حسب هذه المؤثرات.


    وقد مرت الثقافة الجنسية بمراحل وتطورات عديدة وفقاً لتركيبة المجتمع وظروفه وثقافته.. ولا تزال النظرة إلى هذا الموضوع مشوهة ومجانبة للصواب في أكثر مجتمعاتنا.. كما وأنها تحوي كثيرًا من الخرافات والمعلومات الخاطئة.. والتي تساهم بشكل مباشر أو غير مباشر في عدد من الاضطرابات الجنسية والنفسية والاجتماعية لدى الشباب.


    ويعتقد البعض أن الثقافة الجنسية تتعارض مع الدين أو أنها تشجع الإباحية والتفلت الأخلاقي.. وهذا بالطبع غير صحيح على إطلاقه.. فقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم يعلم الصحابة كيف يختارون أزواجهم، وكيف يتعاملون مع نسائهم، بل وأيضا كيف يأتون أهليهم، وماذا يقولون عند الجماع، وربما في أكثر من ذلك كما في حديث المستحاضة وغيرها من المواقف المشهورة.. والفقه الإسلامي يتناول القضايا الجنسية بصراحة ووضوح وبشكل منطقي وعملي وأخلاقي وتربوي في آن واحد.



    أمر لابد منه
    والثقافة الجنسية في حد ذاتها أمر لابد منه؛ لأنه يتعلق بأمر فطري وبحاجة عضوية ونفسية ملحة، والإنسان إذا ما وصل إلى مرحلة معينة سيبدأ يبحث فيه ـ سواء علم من معه أو لم يعلموا ـ، ولكن الذي ينبغي أن يقال هو أن مسؤولية المجتمع بداية من الأسرة والمدرسة والجامعة والمجتمع ككل هي في وصول تلك الثقافة الهامة ـ والخطيرة في نفس الوقت ـ بطريقة مدروسة ومرتبة يراعى فيها حال الشاب أو الشابة بحيث يتدرج فيها تدرجا يسمح له بالمعرفة والإدراك مع الحفاظ عليه من التشتت والانحراف، والعجيب أن ديننا الكريم يسمح بهذا ويعرضه في أنقى ثوب وأطهره، وهو مبثوث في كتب العلم وأبواب الفقه والتي كان يتعلمها أبناء المسلمين في سن مبكرة جدا... لكن يلاحظ في كتب أهل العلم ما يلاحظ في القرآن الكريم والسنة المطهرة من محافظة على الألفاظ والتلميح دون التصريح ـ قدر الطاقة ـ واستعمال عبارات غاية في الأدب ومؤدية للغرض في نفس الوقت، من مثل "أو لامستم النساء" ، "فأتوا حرثكم " "وقدموا لأنفسكم".. ومن مثل قول النبي صلى الله عليه وسلم : "أقبل وأدبر واتق الحيضة والدبر"... إلى آخر هذه العبارات المغلفة بغلاف الأدب والوقار.



    نقاط مهمة
    ومن هنا أحببت أن أنبه كل ذي صلة على بعض نقاط تتعلق بتناول هذا الأمر:
    أولا : إنما يتحدث في مثل هذه الأمور مع من يحتاجها، فقبل وصول الابن ـ ذكرا كان أو أنثى ـ لسن التمييز لا قيمة للكلام معه في مثل هذه الأمور، ودعك ممن يقول بوجوب تعليمها لابن سنتين أو من يدور حولها فوجهتهم تدل عليهم.



    ثانيا: عرض هذه المسائل لكل إنسان بحسب حالته واحتياجه، فليس من يبدأ سن المراهقة ـ مثلا ـ كمن هو مقبل على الزواج بعد أيام .. هذا إذا كان عند أحدهم ما يحتاج للسؤال عنه أصلا، لأن القنوات والنت لم يدعا لأحد شيئا إلا من رحم الله.



    ثالثا: تقديم جرعات مناسبة للأبناء تتناسب مع أعمارهم واحتياجاتهم ومن خلال مؤسسة الأسرة والمدرسة، حتى لا يكون الأمر مفاجأة عندما يشب الابن أو البنت، وهذه المرحلية في التثقيف مناسبة حتى يجد الابن ردودا على تساؤلاته المتعلقة بهذا الأمر وإلا سيطلبها من مصادر غير آمنة أو من خلال طرق غير مشروعة.. فكأن تقديم هذا النوع من المعلومات بهذه الصورة الممرحلة هو في الحقيقة جرعات مناعة وحماية للأبناء من خطوات الشياطين ومن إغواء المارقين.



    رابعا: التمسك بأدب القرآن والسنة في الكلام في هذه الأمور قدر الطاقة، وهو الوصول للغاية المطلوبة بأكثر الطرق أدبا وتهذيبا فيتعلم الإنسان الجنس والأدب جميعا. وما زال الحياء شعبة من الإيمان إلى أن تقوم الساعة.



    خامسا: الحذر من أن يكون هذا الموضوع هو كل هم الإنسان ومحور تفكيره، فالإفراط في مثل هذا له أضرار كثيرة ربما تخرج بصاحبها عن حد الاعتدال، بل وربما جره ذلك إلى البحث في مواطن الداخل فيها مفقود والخارج منها مولود، ومن سلم له دينه فقد أحسن الله به صنعا وأراد به خيرا، وإلا فما أكثر الهالكين فيها والضائعين، وكثير منهم إنما دخلها أول مرة إما خطآ وإما على سبيل التثقيف وأحيانا على من باب الفضول فكانت العاقبة خسرًا وصار الواحد منهم أو الواحدة كمثل الذبابة التي قالت: "من يدلني على العسل وله درهم، فلما وقعت فيه قالت من يخرجني منه وله أربعة دراهم".



    أخيرا: أدب الجنس بكل ما فيه (ومرة أخرى بكل ما فيه) موجود في كتاب ربنا وسنة نبينا صلى الله عليه وسلم وكتب سلفنا العامة كالتفسير وشروح الحديث، أو الخاصة كآداب العشرة وعشرة النساء واللقاء بين الزوجين على ضوء الكتاب والسنة، وغيرها كثير.. مما فيه الغنى عن مجلات الإثارة والفتنة، ومواقع الإباحة والخلاعة... ومن قرأ ما في المكتبة الإسلامية أغناه ذلك عن غيرها وحفظه عن الوقوع فيما حرم الله ووهبه ثقافة كاملة وطاهرة ..
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
    يسري شاهين
                  

09-02-2015, 00:23 AM

سيف اليزل برعي البدوي
<aسيف اليزل برعي البدوي
تاريخ التسجيل: 04-30-2009
مجموع المشاركات: 18425

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات متنوعة عن الأسرة و المجتمع (Re: سيف اليزل برعي البدوي)

    تناولنا في مقال سابق موضوع تيسير الزواج وضرورته، وذكرنا بعض وسائل التيسير التي ينبغي الاعتناء بها وتفعيلها، وهنا نتناول موضوع الزواج المبكر، والحديث عن الزواج عموما من المواضيع التي يهتم بها الشباب، ولهم الحق في ذلك، وخاصة في مثل زماننا الذي كثرت فيه أنواع الفتن والمغريات، وصار الشاب يخاف على نفسه وسط تلك الأمواج العاتية، والأعاصير المدمرة.

    وعندما نذكر الشباب في مثل هذه المواقع نقصد بهم الشباب الحريص على صحته وعافيته، وقبل ذلك على دينه وتقواه، ومراقبته لربه ومولاه.



    وعندما نذكر الزواج المبكر لا نقصد به سنا معينا بقدر ما نريد من الشاب الانتباه لنفسه، فهو أعلم بها من غيره، فإن أحس أنه بلغ مبلغ الرجال، وصار يفكر و يميل إلى الجنس الآخر، وبدأت المشاعر والأحاسيس تتحرك في وجدانه إذا سمع صوتاً، أو رأى امرأة....فعليه المبادرة بتقوى الله وتذكر الزواج والسعي إليه، وطلب العون من ربه ومولاه، وخاصة إذا كان مستطيعا وقادرا، فالزواج المبكر يحل له الكثير من المشكلات التي ستواجهه، والعقبات التي تعترضه لو سلك طريقا آخر لإشباع رغبته وإرضاء فطرته.



    ولكن تبقى المشكلة عندما يفقد الاستطاعة على الزواج، مع حاجته إليه، وهنا عليه اللجوء إلى خالقه سبحانه وتعالى أيضا، والصبر عن المعصية مهما كانت مغرية في ظاهرها، ثم الأخذ بالهدي النبوي الكريم، ووصيته للشباب، كما رواها ابن مسعود -رضي الله عنه- في قوله: ~( كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم شباباً لا نجد شيئاً، فقال: يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء )~~متفق عليه.



    والزواج المبكر ليس بدعة مذمومة، ولا عادة سيئة ممقوتة، وإن ندر أو ضعف في مجتمعات بعض الناس، فقد كان محبوباً مرغوباً عند أولئك الأصحاب الكرام رضي الله عنهم. ووجد من الصحابة الكرام من بكّر في زواجه.



    **هل الزواج...شاغل؟***

    وما يقال من أن الزواج المبكر يشغل عن التحصيل العلمي وعن الدراسة فلا يسلم بذلك، بل الصحيح العكس لأن الزواج تحصل به مزايا كثيرة، ومنها السكون والطمأنينة وراحة الضمير وقرة العين، وهذا مما يساعد الطالب على التحصيل لأنه إذا ارتاح ضميره وصفا فكره من القلق، فذلك يساعده على التحصيل.

    وما يقال من أن الزواج المبكر يحمل الشاب مؤنة النفقة على الأولاد وعلى الزوجة إلى آخره. فليس بمسلم أيضاً؛ لأن الزواج تأتي معه البركة والخير، فهو طاعة لله ورسوله، والطاعة كلها خير. فإذا تزوج الشاب ممتثلاً أمر النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ومتحريًا لما وعد به من الخير وصدقت نيته فإن هذا الزواج يكون سبب خير له. والأرزاق بيد الله عز وجل: #{ وَمَا مِن دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلاَّ عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا }## [سورة هود: 6] ، فالذي يسر لك الزواج سييسر لك الرزق، لك ولأولادك #{ نَّحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ }## [سورة الأنعام: 51]، فالزواج لا يحمل الشاب فوق طاقته كما يتصوره البعض.

    أما ما يتعللون به من العراقيل التي وضعت في طريق الزواج فهذه من تصرفات الناس السيئة.



    **فوائد متعددة***

    والزواج المبكر له فوائد متعددة، منها:

    1- حصول الأولاد الذين تقر بهم العين، ويفرح بهم الأب قبل عجزه : قال تعالى: #{ وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ }## [سورة الفرقان: 74]، كما أن الأولاد شطر زينة الحياة الدنيا #{ الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا }## [سورة الكهف: 46].



    2- تكثير الأمة الإسلامية وتكثير المجتمع الإسلامي. والإنسان مطلوب منه أن يشارك في بناء المجتمع الإسلامي يقول ـ صلى الله عليه وسلم ـ: ~( تزوجوا فإني مكاثر بكم يوم القيامة )~~رواه الترمذي وابن ماجه، وصححه الألباني، وفترة الشباب هي زمن النشاط والطاقة والعطاء .



    3- صون الشباب من الانحراف والوقوع في الرذيلة.



    4- حفظ أعراض المسلمين، وصون المجتمع الإسلامي من الآفات، والأمراض.



    5- حصول الأمن والاستقرار، فالزواج المبكر يكبح جماح طاقة الشباب من الانحراف، ولو بقيت دون تصريف قد تؤدي إلى حصول ما لا تحمد عقباه.
    اسلام ويب
                  

09-02-2015, 00:24 AM

سيف اليزل برعي البدوي
<aسيف اليزل برعي البدوي
تاريخ التسجيل: 04-30-2009
مجموع المشاركات: 18425

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات متنوعة عن الأسرة و المجتمع (Re: سيف اليزل برعي البدوي)

    لا شك أن قراءة المرء في سير الصالحين وعلى رأسهم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، أمر لا يجادل مجادل في أهميته وضرورته، لكن قد يتساءل متسائل: وما قيمة تخصيص الحديث والبحث بالشباب دون سائر الصحابة؟

    وهو تساؤل جدير بأن يجاب عليه، بأن ذلك له نتائج عدة منها:



    1- أن الشاب قد يرى نفسه على حال من الصلاح والتقوى والعبادة أو الاجتهاد في طلب العلم الشرعي أو الجهاد في سبيل الله عز وجل، أو أي عمل آخر، ويرى أنه قد فاق أقرانه وأنه قد جاوز ما عليه كبار السن والرجال، فقد يكون ذلك مدخلاً للشيطان ليوقع في نفسه العُجب والبطر، وهذا عنوان الهلاك وبداية الضلال – حمانا الله منه - لكنه حين يقرأ سير القوم ويطلع على أحوالهم يدرك أنه مهما فعل فهناك من فاقه وسبقه فيحتقر نفسه وعمله ويتطلع للمزيد.

    بل كيف يعجب الشاب بعمل ويدل به على مولاه سبحانه، وهو يعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم لن ينجيه عمله كما قال: ( لن ينجي أحدًا منكم عمله. قالوا: ولا أنت يا رسول الله؟ قال: ولا أنا إلا أن يتغمدني الله برحمة، وسددوا وقاربوا واغدوا وروحوا وشيء من الدلجة، والقصد القصد تبلغوا) [رواه البخاري ومسلم].



    2- أن قراءة السير والأمثلة الواقعية لها الأثر الفعال في النفوس، إذ هي نماذج أكثر رسوخًا وتأثيرًا، وليس أدل على ذلك من كثرة إيراد القرآن الكريم لقصص الأنبياء والأمم السابقة، وفيها النماذج الضالة للحذر منها، وفيها النماذج الخيرة للتأسي بها، كما ذكر القرآن قصة أصحاب القرية إذ جاءها المرسلون، وقصة أصحاب الكهف، وأصحاب الأخدود.

    وكما ذكر النبي صلى الله عليه وسلم قصة التائب من بني إسرائيل الذي قتل تسعة وتسعين نفسًا، وقصة أصحاب الغار، وقصة الغلام المؤمن، وغيرها كثير.



    3- سيطرت على مجتمعات المسلمين النظرة الدونية للشباب واحتقارهم، واعتبارهم كالأطفال لا وزن لهم ولا قيمة، وهي قضية لن تحتاج إلى عناء لاكتشافها والتعرف عليها، فيكفيك لإدراك ذلك المشاركة في مناسبة اجتماعية، أو زيارة أحد الآباء في منزله، لتدرك من ذلك كيف ينظر المجتمع إلى الشباب ويتعامل معهم.

    وينعكس أثر هذه النظرة على الشباب أنفسهم فيضعون أنفسهم حيث ينظر الناس إليهم ويطول أمد الطفولة والصبوة لديهم. لذا فإن قراءة الآباء لسير شباب أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ستغير حتمًا من نظرتهم لأبنائهم وسترفع من تطلعهم، وقراءة الأبناء لهذه السير ستدفعهم إلى تجاوز هذه النظرة التي يواجههم بها المجتمع.



    4- ورث المجتمع المسلم المعاصر اليوم ضمن تركة الهزيمة والتخلف مفاهيم تربوية غربية غريبة عليه وبعيدة عنه، وتحولت إلى جزء من تفكير الناس فانصرفوا عن المراجعة والمناقشة لهذه المفاهيم.

    ومن ذلك النظرة للمراهق، إذ لا يرى علم النفس الغربي في المراهق إلا الطيش والخفة، ولا يعرف عنه إلا الانحراف والجنوح حين سيطر عليه مفهوم (أزمة المراهقة)، وانتقلت هذه العدوى إلى المسلمين وورثوها كما ورثوا غيرها.

    والعجيب أنه في الوقت نفسه الذي بدأ علم النفس المعاصر يعيد نظرته للمراهق لا يزال كثير من الآباء المسلمين يعتبر ابنه معذورًا في كل ما يقارف ويفعل، إذ هو مراهق.

    إن قراءة سير شباب أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم الذين يعيشون في هذه المرحلة التي يصفها هؤلاء بأنها سن المراهقة تعطي الدليل القاطع أن الجزء الأكبر من مشكلة المراهقين في مجتمعاتنا إنما هو نتاج وضع تربوي واجتماعي ومؤثرات معاصرة أكثر منه مرحلة ملازمة لكل من عاش هذا السن.

    ونحن إذ نقول ذلك لا ننكر أن للمراهق طبيعته الخاصة، ومشكلاته التي ليست لغيره، لكن الأمر ليس كما يصوره علم النفس المعاصر، وكما يسيطر على نظرة الكثير من الآباء اليوم.

    وما أجدرنا أن نلتزم الأسماء الشرعية فنعتبرها مرحلة (البلوغ) أو (التكليف الشرعي)، وفيها يجري على الشاب ما يجري على سائر الرجال.



    5- من خصائص الشاب في هذه المرحلة (القابلية للاستهواء) فيتعلق الشاب بالنماذج ويعجب بها، ويستثمر الأعداء هذه الخصلة فيبرزون أمام الشباب العديد من النماذج التي تستهويهم وتأسرهم "وهذا الاستعداد الشديد للاستهواء في تلك المرحلة من العمر لم يخلقه الله عبثًا، ولم يخلقه ليكون مشكلة للإنسان ولا ليكون في ذاته مصدر خطر عليه، ولكنه – ككل ما أودع في الفطرة من الطاقات والاستعدادات – يؤدي مهمته في البناء السليم للنفس حين يوجه التوجيه الصالح".

    لذا فإن العناية بإبراز هذه النماذج أمام الشاب يخدم جانبًا فطريًا مهمًا لديهم ويحميهم في الوقت نفسه ويوفر لهم البديل دون أبطال الرياضة والفن وغيرهم.



    6- لقد قامت الصحوة الإسلامية اليوم بقدراتها المتواضعة بجهد تربوي رائع، فأخذت بأيدي الشباب وانتشلتهم من براثن المؤثرات الفاسدة، ولا تزال بحمد الله اليوم مؤسسات الصحوة التربوية تقدم لنا المزيد.

    لكن نقص الخبرة وقلة الدراسات التربوية المتاحة تجعل المساحة المتاحة للاجتهاد والتجارب الشخصية تتجاوز مداها الفعلي.

    ومن ذلك: أن كل مرب لا بد أن ترتسم في ذهنه صورة يتطلع للوصول بالشباب إليها، فكيف يتصور المربي حدود هذه الصورة؟ أو بعبارة أخرى: ما الهدف والمستوى الذي يريد الوصول إليه؟

    إننا كثيرًا ما نصبح أسرى تجاربنا ومداركنا الشخصية، فيستمد كل مرب من تاريخه وتجاربه السابقة صورة يتطلع إليها، فيرى أنه حين يصل بطلابه إلى المرحلة التي وصل إليها زيد أو عمرو فقد بلغ الغاية.

    ويرى أن القدر المرضي من الجدية هو ما وصل إليه فلان، وأن منتهى الصبر والتضحية هو ما بلغه فلان...إلخ.

    إن استعراض نماذج من سير شباب الصحابة – رضوان الله عليهم – يساهم في رسم صور يتطلع المربون إلى الاقتراب منها بأنفسهم وبمن يقومون على تربيته وتوجيهه، وإن لم يصلوا بالضرورة إليها فإنها تظل تحفز همهم وتستثير عزائمهم، وفي ذلك تربية لهم وصقل لمواهبهم.



    المصدر: شباب الصحابة رضي الله عنهم مواقف وعبر/محمد بن عبدالله الدويش، بتصرف.
                  

09-02-2015, 00:25 AM

سيف اليزل برعي البدوي
<aسيف اليزل برعي البدوي
تاريخ التسجيل: 04-30-2009
مجموع المشاركات: 18425

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات متنوعة عن الأسرة و المجتمع (Re: سيف اليزل برعي البدوي)

    القراءة عمل رائع جميل، يحبه الإنسان، ولا يصبر عنه إذا اعتاده وأدمنه، ونعم الإدمان في هذا المجال، فالقراءة هي من أهم المصادر الأساسية للمعرفة وهي وسيلة للتعليم والتعلم، وقد كانت أول كلمة نزلت من الوحي على رسول الله صلى الله عليه وسلم: { اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ } (العلق:1) ، لبيان فضيلة القراءة ومكانتها، وأنها يجب أن تكون باسم الله الخالق سبحانه.

    ولكن ماذا يقرأ شبابنا هذه الأيام؟ الذي يظهر من خلال نتائج بعض الدراسات أن موضوعات القراءة التي يميل الطلاب إلى قراءتها تختلف من حقبة زمنية لأخرى، ومن دولة لأخرى، ومن مرحلة لأخرى، وتختلف وفقا للجنس (ذكر، أنثى) والتخصص، إلا أن ميول الطلاب القرائية كانت أكثر جدية في الماضي من الحاضر. واهتمام الطلاب بقراءة الموضوعات العلمية والسياسية والدينية يقل كلما اقتربنا من الوقت الحاضر.

    وباستعراض بعض الدراسات العربية والأجنبية تظهر الفروق بين الطلاب العرب والأجانب، حيث تشكل القراءة جزءا أساسيا من العملية التعليمية في الدول الأجنبية حتى في الأعمار الصغيرة، ويشكل ارتياد المكتبة المدرسية والمكتبات العامة جزءا أساسيا من القراءة داخل المدرسة وخارجها. ويظهر كذلك الاختلاف في الميول القرائية بين الطلاب العرب والأجانب. وفي الوقت الذي يزداد فيه عدد القراء من الطلاب في دول العالم بتقدم العصر، يتناقص عددهم في الدول العربية.

    وفي دراسة على عينة من الطالبات بعنوان: (ماذا يقرأ شبابنا في عصر العولمة) للتعرف على الاهتمامات القرائية لدى طالبات الجامعة، بينت أ.د. ريما سعد الجرف: أن 77% من طالبات الجامعة يقرأن المجلات النسائية الترفيهية. وقد أجريت الدراسة بكليتي اللغات والترجمة، والتربية بجامعة الملك سعود بالرياض، على 345 طالبة، تراوحت أعمارهن بين 18-22 عاما، وكانت نسبة الموضوعات على النحو التالي:



    م

    الموضوع

    النسبة

    1.

    الزينة والأزياء

    77%

    2.

    الموضوعات الفنية

    66%

    3.

    الشعر

    24%

    4.

    القصص

    20%

    5.

    الصحة العامة

    20%

    6.

    الموضوعات الدينية

    4%

    7.

    الموضوعات التعليمية/التربوية

    3%

    8.

    الموضوعات الأدبية

    2.5%

    9.

    الموضوعات السياسية

    2%

    10.

    الحاسب والتكنولوجيا

    1.5%

    11.

    الموضوعات التاريخية

    1%



    من خلال تلك النسب نستطيع أن نتعرف على شبابنا، واهتماماتهم، التي أثرت في قرائتهم وثقافتهم، ومدى ضآلة الهمم التي يحملونها، ومدى عمق الجرح الذي لا تزال دماؤه تسيل.

    هذه الدراسة تظهر لنا اهتمامات وانشغالات فئة من الشباب المتعلم، إذن كيف بمن هم دون ذلك؟!

    وفي استبانة طبقت على طلاب إحدى الجامعات العربية ظهر أن 20% من الطلاب لا يقرؤون مطلقاً باستثناء مقرراتهم الدراسية، و20% يقرؤون مراجع في مجال اختصاصهم فقط، و26% يقرؤون أقل من ساعة يومياً، ونحو 35% يقرؤون بين ساعة وساعتين، و2% يقرؤون أكثر من أربع ساعات يومياً.

    وجاء في تقرير التنمية في العالم العربي الصادر عن الأمم المتحدة عام 2002 أن إجمالي عدد الكتب المترجمة في الدول العربية مجتمعة هو 330 كتابا في العام. ويعادل هذا المجموع خمس ما تترجمه اليونان وهي دولة صغيرة لا يتجاوز عدد سكانها عشرة ملايين نسمة. وإذا علمنا أن عدد المجلات التي تطبع في الدول العربية مجتمعة لا يتجاوز 550 مجلة باللغة العربية و140 مجلة باللغة الإنجليزية، وجدنا في المقابل أن عدد المجلات في دولة مثل تايوان قد ارتفع من 3400 مجلة في عام 1988م إلى 5700 مجلة في الوقت الحاضر.

    فمن يتحمل مسؤولية هذا كله، أليس الشباب هم الأمل الذي يبنى عليه الطموح، وتقوم على ساعده الأمم، وتصحو به من كبوتها؟!

    إن الضغوط التي تتعرض لها دولنا العربية، والظروف الاقتصادية والسياسية والاجتماعية التي تعيشها مجتمعاتنا تفرض على الشباب العربي تحصيل معلومات ومعارف متطورة تواكب التقدم العلمي والتقني وتلبي مطالب العصر المتطور السريع وتجعله قادرا على النهوض بالوطن والاضطلاع بمهام التنمية. وهذا لا يتأتى إلا بالتثقيف الذاتي عن طريق القراءة. فالقراءة هي أداة التعليم المستمر والتعليم مدى الحياة وأداة التنمية البشرية والاجتماعية.

    فهل يعي ذلك شبابنا لعله يستطيع أن ينهض بأمته، التي لها مقومات السيادة والقيادة؟ هذا أملنا، والله الهادي إلى سواء السبيل، والحمد لله رب العالمين.
    اسلام ويب
                  

09-02-2015, 00:26 AM

سيف اليزل برعي البدوي
<aسيف اليزل برعي البدوي
تاريخ التسجيل: 04-30-2009
مجموع المشاركات: 18425

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات متنوعة عن الأسرة و المجتمع (Re: سيف اليزل برعي البدوي)

    انطلاقا من قول الله تبارك وتعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ)[التحريم:6]. وقول النبي صلى الله عليه وسلم~( ألا كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته)~~متفق عليه. اعتنى السلف الصالح بالشباب اعتناء واضحا بينا يظهر من خلال مواقفهم العظيمة، وآرائهم السديدة، وتربيتهم الناجحة، ومن ذلك:

    أولاً: تربيتهم على العبادة:
    من توحيد وصلاة وصيام...فقد كانوا يعلمونهم قول: لا إله إلا الله، وقال ابن مسعود رضي الله عنه: "حافظوا على أبنائكم في الصلاة، ثم تعوَّدوا الخير؛ فإن الخير بالعادة". و"كان عروة يأمر بنيه بالصيام إذا أطاقوه والصلاة إذا عقلوا". ولا مانع من إعطائهم الهدايا التشجيعية على أداء الصلاة؛ فقد روت عائشة رضي الله عنها – أنهم كانوا يأخذون الصبيان من الكُتَّاب ليقوموا بهم في رمضان، ويرغبونهم في ذلك عن طريق الأطعمة الشهية، وكان بعض السلف يعطون الأطفال الهدايا التشجيعية على أداء الصلاة.

    وروى البخاري ومسلم عن الربيِّع بنت مُعوِّذ قالت: ~( فكنا نصومه ونصوِّم صبياننا، ونجعل لهم اللعبة من العهن؛ فإذا بكى أحدهم على الطعام أعطيناه ذلك حتى يكون عند الإفطار )~~.

    **ثانياً: تربيتهم بالقدوة:***
    فقد ذكر ابن الجوزي عن نفسه أنه كان يتأثر ببكاء بعض شيوخه أكثر من تأثره بعلمهم. وقال عتبة بن أبي سفيان لمؤدب ولده: "ليكن أول إصلاحك لولدي إصلاحك لنفسك؛ فإن عيونهم معقودة بك؛ فالحسن عندهم ما صنعتَ، والقبيح عندهم ما تركت".

    ويحذر ابن مسكويه من ترك التربية للخدم خوفًا عليهم من أن يتأثروا بأخلاقهم وأفعالهم، وخاصة إذا كان الخدم غير ملتزمين بالإسلام أو أنهم غير مسلمين كما هو في زماننا الذي فشا فيه هذا الأمر وانتشر، وكم من القصص والأحداث التي ضُيع فيها الشباب نتيجة التساهل في هذا الجانب المهم .

    **ثالثاً: تربيتهم على العلم والأدب والخير:***
    وهذا من تمام القيام بالأمانة التي وليها الوالدان، جاء في الأثر: ما نحل والد ولدًا من نِحَل أفضل من أدب حسن.

    كما أن السلف كانوا يقدمون الغالي والرخيص ليرغبوا الأطفال في العلم؛ فقد روى النضر بن شميل قال: سمعت إبراهيم بن أدهم يقول: قال لي أبي: يا بنيَّ! اطلب الحديث؛ فكلما سمعت حديثًا وحفظته فلك درهم. فطلبت الحديث على هذا.

    وأرسل معاوية رضي الله عنه ابنه يزيد إلى عالم، فعلمه العربية وأنساب قريش والنجوم وأنساب الناس.

    ولما دفع عبد الملك وُلْده إلى الشعبي يؤدبهم قال: علمهم الشعر يمجدوا وينجدوا، وحسِّن شعورهم تشتد رقابهم، وجالس بهم علية الرجال يناقضوهم الكلام.

    ومن الأمور التي كان يعتني بها السلف الجرأة على طرح الأفكار، والمشاركة، ويكون هذا بمجالسة العقلاء الكبار ليكبر عقله وينضج تفكيره؛ فمن الخطأ أن يمنع الصغير من حضور مجالس أهل الخبرة والتجربة، وقد مر عمرو بن العاص رضي الله عنه على حلقة من قريش فقال: "ما لكم قد طرحتم هذه الأغيلمة؟ لا تفعلوا! أوسعوا لهم في المجلس، وأسمعوهم الحديث، وأفهموهم إياه؛ فإنهم صغار قوم أوشك أن يكونوا كبار قوم، وقد كنتم صغار قوم فأنتم اليوم كبار قوم".

    بل كان ابن شهاب الزهري رحمه الله يشجع الصغار ويقول: "لا تحتقروا أنفسكم لحداثة أسنانكم؛ فإن عمر بن الخطاب كان إذا نزل به الأمر المعضل دعا الفتيان فاستشارهم يتبع حدة عقولهم".

    **رابعاً: الاعتناء بالموهوبين والمبدعين:***
    قال ابن القيم رحمه الله: "إذا رأى الصبي وهو مستعد للفروسية وأسبابها من الركوب والرمي واللعب بالرمح وأنه لا نفاذ له من العلم ولم يخلق له، ومكنه من أسباب الفروسية والتمرن عليها فإنه أنفع له وللمسلمين".

    ومن ذلك أن الصبي إذا كان ذا موهبة خطابية مثلا، فإن الأولى بمعلمه أن ينمي هذه الموهبة، وقد كان ابن الجوزي الواعظ من ثمار الشيخ أبي القاسم البلخي؛ فإنه علمه كلمات ثم أصعده المنبر فقالها وكان عمره ثلاث عشرة سنة، قال ابن الجوزي: وحزر الجمع يومئذ بخمسين ألفًا. وهو أول مجالسة رحمه الله.

    وكانوا يحببون العلم إلى الصغار بالاحتفال بهم. قال أبو خبيب الكرابيسي: كان معنا ابن لأيوب السختياني في الكُتَّاب، فحذق الصبي، فأتينا منزلهم فوُضع له منبر فخطب عليه.

    وقال يونس: حذق ابن لعبد الله بن الحسن فقال عبد الله: إن فلانًا قد حذق. فقال الحسن رضي الله عنه: كان الغلام إذا حذق قبل اليوم نحروا جزورًا وصنعوا طعامًا للناس.

    **خامساً: الاعتناء بصحتهم:***
    من ذلك أنه حرص صلى الله عليه وسلم على ألا يتعرض ابناه (الحسن والحسين) للشمس؛ فقد روى الحاكم من حديث فاطمة رضي الله عنها ~( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتاها يومًا فقال: أين أبنائي؟ فقالت: ذهب بهما علي. فتوجه رسول الله صلى الله عليه وسلم فوجدهما يلعبان في مشربة وبين أيديهما فضل من تمر. فقال: أيا علي ألا تقلب ابنيَّ قبل الحر؟)~~.

    وعن عائشة رضي الله عنها: ~( أراد النبي صلى الله عليه وسلم أن ينحي مخاط أسامة، قالت عائشة دعني حتى أكون أنا الذي أفعل، قال: يا عائشة أحبيه فإني أحبه)~~رواه الترمذي وابن حبان وحسنه الألباني.

    ومن ذلك منع الصبي من الخروج وقت انتشار الشياطين حتى لا يؤذوه؛ فقد روى البخاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ~( وأكفتوا صبيانكم عند العشاء فإن للجن انتشارا)~~.
    اسلام ويب
                  

09-02-2015, 00:28 AM

سيف اليزل برعي البدوي
<aسيف اليزل برعي البدوي
تاريخ التسجيل: 04-30-2009
مجموع المشاركات: 18425

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات متنوعة عن الأسرة و المجتمع (Re: سيف اليزل برعي البدوي)

    الزواج من المواضيع التي يفرح بها كل شاب وشابة، وذلك لتعلقه بشؤونهم المهمة، ولما يحس به الشباب من ألم وأمل، ألمٌ نتيجة تعقيد أمر مباح كالزواج، لا بل قد يكون واجباً في بعض الأحيان، وأمل بأن يُوفق في زواج سعيد، فيجد من يقف بجواره في هذه الحياة المتلاطمة الأمواج، فيحافظ على نفسه من الغرق والسقوط، ويحس بطعم الحياة الجميل، عند إشباع فطرته بالطريق السليم، إلى جانب مصالح أخرى يحققها الزواج.

    فالزواج يحقق المتعة والراحة في هذه الدنيا كما جاء في التوجيه النبوي الكريم: ( الدنيا متاع وخير متاع الدنيا المرأة الصالحة )رواه مسلم، نعم فالصلاح شرط في المرأة حتى يسعد بها الرجل، كما أن الخلق والدين شرط في الرجل حتى تسعد به المرأة ( إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه )رواه البيهقي والترمذي، وحسنه الألباني.

    والزواج شيء رائع جميل جاءت به الرسالات السماوية، وأيدته الفطر السليمة، وحث عليه العقلاء في كل أمة، ودعا إليه العلماء والوعاظ، وشجعه الآباء والأمهات.

    والزواج يجلب السرور إلى الزوجين وغيرهما، ألا ترى ذلك المشهد الرائع الجميل من قبل تلك الأمهات والآباء وهم في سعادة وفرح وبهجة قبيل الزواج وبعده، ألم تشاهد تلك المواقف الرائعة وهم يدعون الآخرين في مشاركتهم فرحهم وأنسهم.

    فلماذا تعسير الأمور وتعقيد الزواج، وتحطيم السعادة وإبعاد الفرحة، ولماذا تلك العوائق التي تصد الشباب عن الزواج، من غلاء المهور، والشروط الكثيرة المعقدة، والتي لم يرد بها شرع، ولا يقرها عقل، أو تلك الأعذار التي يدسها الشيطان ويروجها أتباعه.

    فهل من وسائل تعين الشباب في الزواج وتيسيره، الشباب الذي يعاني من العزوبة وشدتها، ومن الفتن وكثرتها؟

    نعم هناك بعض الوسائل التي نقترحها من خلال هذا المقال، سائلين الله أن تجد استجابة وقبولا، وتشجيعاً وتفعيلا:

    1- العمل على الحد من ظاهرة غلاء المهور، وتيسيرها، ومراقبة الله عز وجل في ذلك.

    2- تقليل مطالب الزواج ونفقاته، وتسهيل إجراءات الاحتفال بالزواج وعدم المبالغة.

    3- إعانة الشباب ماديا، وذلك من خلال منح مالية، أو قروض خاصة بالزواج بعيدا عن الفوائد الربوية، وذلك من قبل المؤسسات الخيرية والصناديق الخاصة وكما هو موجود في بعض بلاد المسلمين.

    4- إيجاد مشاريع خيرية خاصة بالزواج، ودعمها بكل وسائل الدعم المطلوبة.

    5- الاعتناء بجانب التوعية والتوجيه من خلال وسائل الإعلام المختلفة، المرئية، والمقروءة، والمسموعة.

    6- جعل موسم دعوي خاص بالزواج، كأسبوع قبل الإجازة الصيفية مثلاً، يتم فيه التركيز على التوعية في أمور الزواج وأهميته وفوائده الكثيرة، وندوات خاصة بالمقبلين على الزواج، وسبل تقوية العلاقة بين الزوجين.

    7- دراسة أحوال الشباب غير القادرين على الزواج، من أجل الوصول إلى الحل المناسب، وإعانتهم في هذا الجانب.

    8- اعتناء مراكز البحوث والمؤسسات العلمية والأكاديمية بمشاكل الشباب، والتي منها صعوبة الزواج، وإعداد البحوث النظرية والميدانية من أجل الخروج بتوصيات مفيدة ونافعة.

    9- إيجاد مكاتب استشارية خيرية، وأخرى في المحاكم الشرعية للإصلاح الاجتماعي والأسري، والتوفيق بين الطرفين للزواج، ومعالجة مسائل الخلاف، والتقليل من ظاهرة الطلاق.

    10- العمل على إيجاد أوقاف خيرية ثابتة يصرف ريعها على مساعدة الشباب للزواج.

    11- منع المظاهر غير الطيبة التي بدأت تنتشر في بلاد المسلمين، من التبرج والسفور، واختلاط الرجال بالنساء في حفلات الزواج، والتحفظ من التصوير الذي نتجت منه مشكلات متعددة.

    12- تفعيل مشاريع الزواج الجماعي من أجل تقليل المصاريف وإعانة المحتاجين.

    13- التركيز على دور الآباء والأمهات وأهميته في تيسير الزواج، ونشر أخبار النماذج والقدوات في هذا المجال.

    هذا وفي الختام نسأل الله لإخواننا الشباب، وأخواتنا الفتيات التوفيق والسعادة في الدنيا والآخرة.
    اسلام ويب
                  

09-02-2015, 00:29 AM

سيف اليزل برعي البدوي
<aسيف اليزل برعي البدوي
تاريخ التسجيل: 04-30-2009
مجموع المشاركات: 18425

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات متنوعة عن الأسرة و المجتمع (Re: سيف اليزل برعي البدوي)

    شكلت الولاية على البلدان في عهد الخلفاء الراشدين ميدانًا بالغ الأهمية في عملية تنمية المجتمع الإسلامي، وذلك لأن الوالي كان يمثل الدولة الإسلامية، وتصرفاته وأعماله تعكس بطبيعة الحال السياسة التي تنتهجها الدولة في التعامل مع أبناء الولاية ورعاية مصالحهم.

    وأبناء الولاية، أية ولاية، كانوا في السابق خاضعين لنظام آخر، سواء النظام الساساني كما في الأقاليم الشرقية. أم النظام البيزنطي كما في بلاد الشام ومصر وغيرها، وكان على الولاة إذن أن يثبتوا عمليًا أن النظام الإسلامي الذي يريدون الولاية باسمه إنما يمثل فتحًا لأهل البلاد، وأن هذا الفتح تنعكس آثاره الإيجابية في كل ناحية من نواحي المجتمع؛ النواحي الاقتصادية والاجتماعية، وأيضًا الناحية الخاصة بالعلاقة بين الوالي من جهة وأهل البلاد من جهة أخرى، وفوق كل هذا يمثل فتحًا من الناحية الدينية.


    من السطور السابقة تتضح لنا الأهمية البالغة التي كانت ترتبط بالولاة في إطار تنمية المجتمع الإسلامي، ونرجع إلى التاريخ، ونعيد إلى الأذهان ما فعله الرسول صلى الله عليه وسلم حينما أسند ولاية نجران إلى عمرو بن حزم الأنصاري، والذي كان آنذاك في العام السابع عشر من العمر، والذي نود أن نضيفه هنا هو طبيعة المهام التي كان على هذا الوالي أن يقوم بها، وحول هذه الجزئية تفيد المصادر بأن المهام الأساسية التي أنيطت به هي تعليم أهل نجران الإسلام، وأخذ الصدقات، ومعروف أن الصدقات التي كانت تجمع من القادرين في الولاية كان ينفق قسم منها في تنمية المجتمع المحلي وتقديم الخدمات الاجتماعية، والقسم المتبقي أو الفائض إن وجد كان يبعث به إلى المدينة العاصمة المركزية.


    ومن الذين أسندت إليهم الولاية على البلدان وهم في طور الشباب عمير بن سعد الأنصاري، فقد أسند إليه الفاروق الولاية على دمشق والبثنية وحوران وحمص وقنسرين، والجزيرة، وإسناد الولاية لعمير بن سعد في هذه المناطق المتعددة تؤكد قدراته، وأيضًا تؤكد معرفة الفاروق لأبعاد هذه القدرات.

    وقد بقي عمير بن سعد محل ثقة الفاروق حتى وفاة الأخير في أواخر سنة ثلاث وعشرين، مما يجزم بأن عميرًا كان يتمتع بالصفات التي تؤهله لكسب ثقة الخليفة الفاروق المعروف بمقاييسه الدقيقة للغاية، والذي لم يكن من أي من عماله، أيا كان، أن تشوب إدارته شائبة.

    وقد يكون مناسبًا أن نشير إلى موقف حدث بين الفاروق من ناحية، والوالي عمير بن سعد من ناحية ثانية، وأعني بذلك الموقف الذي سأل فيه الخليفة عميرًا عن مبلغ الجباية الذي أحضره معه إلى المدينة المنورة، فقد رد عمير على هذا التساؤل قائلاً: الذي جبيته وضعته مواضعه، ولو نالك منه شيء لأتيتك به.

    وهذا يعني أن المبالغ التي تمت جبايتها قد أنفقت في عمليات تنموية لأهالي البلدان، التي يتولى إدارتها، ونتيجة لهذه الإجابة السديدة أمر الفاروق بتجديد ولاية عمير.

    وهذا الموقف يقدم حقيقتين تتصلان بالتنمية، الأولى أن أموال كل إقليم، أو القسم الأكبر منها، كانت تنفق في المصالح التنموية الخاصة بالإقليم، حتى ولو استنفدت هذه المصالح كل أموال الجباية، والحقيقة الثانية أن هذه السياسة كانت تجد مساندة الخليفة، بل وتشجيعًا منه على انتهاجها.

    وهذا الذي سارت عليه الدولة الإسلامية في التعامل مع الولايات التي قامت بفتحها يقدم صورة جديدة للتعامل مع أهل البلاد المفتوحة، جديدة من الناحيتين الاقتصادية والاجتماعية، فالمبالغ التي كانت تؤخذ لم تكن ثقيلة بحيث ترهق كاهل المواطنين، ثم إنها كانت توجه لتحقيق التنمية، وتقديم مختلف الخدمات لأهل الإقليم نفسه.

    ولا شك أن هذه الصورة تعتبر مشرقة قياسًا بما كان يعامل به أهل البلاد من قبل النظم السابقة؛ الساسانية والبيزنطية.


    عثمان وعبد الله بن كريز

    ومن بين الولاة على الأقاليم من بين الشباب "عبد الله بن عامر بن كريز"، فقد أسند إليه الخليفة "عثمان"، أول عهده بالخلافة، الولاية على إقليم سجستان، وكان عبد الله آنذاك دون العشرين.

    وفي هذه المناسبة يلزم أن نقول إن أول كتاب توجيهي بعث به الخليفة عثمان إلى ولاته جاء فيه: "... فإن الله أمر الأئمة أن يكونوا رعاة، ولم يتقدم إليهم أن يكون جباة، وأن صدر هذه الأمة خلقوا رعاة، لم يخلقوا جباة.. ألا وإن أعدل السيرة أن ينظروا في أمور المسلمين فيما عليهم، فتعطوهم ما لهم وتأخذوهم بما عليهم".

    ويسترعى الانتباه في كتاب الخليفة عثمان كلمتان: هما كلمة رعاة وكلمة جباة، ومن هاتين الكلمتين يتأكد أن جوهر وظيفة الوالي هي رعايته لمصالح الرعية، وهذه الرعاية لا تتحقق إلا إذا شملت مختلف الجوانب التي تمس حياة الرعية، وفي المقدمة الجوانب الاقتصادية والاجتماعية، ولم يكن لهذه الجوانب أن تحظى بالرعاية إلا بالارتكاز على العمليات التنموية التي ترتفع بدخل الأفراد، وأيضًا تؤمن لهم الحاجات الاجتماعية.

    لم تكن سجستان ولاية صغيرة، بل إنها كانت آنذاك أكبر وأهم من خراسان، ومع ثقل المهمة فقد برهن "عبد الله بن عامر" على القدرة الإدارية التي كان يتمتع بها مع أنه كان في باكورة شبابه راعيًا، نعم فقد سجل التاريخ لعبد الله أنه نجح نجاحًا كبيرًا في توطيد دعائم الحكم الإسلامي في "سجستان"، وجعل أهالي الولاية يرون في ولايته على بلدهم فتحًا، ولم يكن لمثل هذه النظرة أن تتحقق دون أن يستشعر أهالي البلاد الفرق الكبير بين ولاية عبد الله من ناحية، وولاية حكام الفرس السابقين من ناحية ثانية، ولم يكن لمثل هذا الفرق أن يظهر إلا من خلال ما قام به عبد الله من خدمات وعمليات تنموية لصالح أهالي الإقليم.

    ونظرًا للنجاح الكبير الذي حققه عبد الله بن عامر في إدارة سجستان أسند إليه الخليفة عثمان ولاية البصرة، ثم ضم إليه ولاية الكوفة، وضم هاتين الولايتين الكبيرتين والهامتين تحت إدارته دليل قاطع على الكفاءة العالية التي كان يتحلى بها هذا الشاب الذي كان وقتها في منتصف العقد الثالث من العمر.


    وفي الشمال الإفريقي، وابتداء من السنة الحادية والعشرين (641م) كان يوجد شاب آخر عهد إليه بالاستقرار في زويلة ومنطقتها، وذلك بهدف ترسيخ الإسلام في هذه المنطقة المتاخمة لمصر من الناحية الغربية، ذلك هو "عقبة بن نافع"، وقد استمر عقبة في مهمته هذه ومعه مجموعة من الشباب، وسجل لهم التاريخ أنهم نجحوا نجاحًا كبيرًا في إقناع الكثيرين من أبناء المنطقة باعتناق الإسلام ، وتاريخ عقبة بعد ذلك في فتوحات الإسلام لا يغفل عن أحد.


    هؤلاء ثلاثة من الشباب أسندت إليهم الولاية على البلدان في عهد الراشدين، وقد آثرنا أن تكون ولاياتهم متباعدة حتى يكتسب الحكم على أدائهم صفة العموم، وكما اتضح فقد كان كل من الثلاثة موفقًا فيما أسند إليه، ولم يكن لهذا التوفيق أن يتحقق دون اكتساب محبة وولاء أهلي، وهذا المستوى من العلاقات لا يأتي من فراغ، بل يرتكز على قاعدة من أعمال الوالي في إطار مصالح أهل البلاد الاقتصادية والاجتماعية، وهؤلاء الولاة الثلاثة يمثلون الواجهة للعشرات، بل المئات والألوف من الشباب، إذ إن كل واحد منهم كان يستعين في تنفيذ أوامره وتحقيق خططه بآخرين من الشباب أيضًا، مما يؤكد أن العمليات التنموية المتنوعة والتي أنجزت في فترة الراشدين، سواء في الولايات التي أشرنا إليها، أم في الولايات الأخرى – هذه العمليات قد تحققت نتيجة لجهود الشباب، ولا نبالغ إذا قلنا إن الإسهام الكبير الذي قدمه الشباب في مختلف المجالات التنموية كان العمل الحاسم في النجاح الكبير الذي تحقق في كل أنحاء الدولة الإسلامية.


    والله نسأل أن يوفق شباب المسلمين لحمل الأمانة، وأداء الرسالة، ونفع الأمة. آخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
    اسلام ويب
                  

09-02-2015, 00:31 AM

سيف اليزل برعي البدوي
<aسيف اليزل برعي البدوي
تاريخ التسجيل: 04-30-2009
مجموع المشاركات: 18425

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات متنوعة عن الأسرة و المجتمع (Re: سيف اليزل برعي البدوي)

    من مدرسة النبوة للشباب
    1- تربية نبوية:

    كان النصح وصالح التوجيه من حظوظ فاطمة من أبيها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان أبناؤها الحسن والحسين يذهبان بأوفر سهم من عطف النبي صلى الله عليه وسلم ورفقه.. حتى لينزل من المنبر - وشأن المنبر في الإسلام جليل - ليصلح - صلوات الله وسلامه عليه - من ثياب الحسن والحسين؛ فقد كانا يتعثران فيها بطولها وهو يرى ذلك من منبره فلا يطيقه.

    ولكن هذه الرحمة تغدو أدبًا وينقلب ذلك الرفق تربية فيها شيء من الشدة الضرورية عندما يأخذ الحسن والحسين تمرتين، إِي وربِّي تمرتين اثنتين من تمر الصدقة، ويرفع كل منهما تمرته إلى فمه، فينكر ذلك عليهما النبي صلى الله عليه وسلم إنكارًا لا هوادة فيه، ويمد يده الشريفة إلى فيهما فيخرج هاتين التمرتين قبل أن يذيبهما اللعاب، ويأخذا طريقهما إلى جوفيهما، وهو يقول: "كخ كخ إنهما من تمر الصدقة التي لا تحل لمحمد ولا لآل محمد"!!

    ويا ويل الناس مما يفعل بعض الأبناء، ثم لا يكون توجيه ولا تربية يكون الأبناء بهما قرة عين الآباء في الدنيا والآخرة..

    وهل نتأمل تصرف الرجال من الحسن والحسين وهما في سن الأشبال، لنعرف اشتغالهما بمعالي الأمور، وحرصهما على أن تكون أعمال الآخرين رائدة صحيحة؟! فما أكثر الذين لا يلفت أنظارهم من ناشئتنا العزيزة إلا ما يدعو إلى السخرية والتنديد بالآخرين.

    لقد رأى الحسن والحسين رجلاً يتوضأ فلا يحسن الوضوء، فأزمعا أن ينصحا الرجل لتصلح عبادته، ويحسن مفتاح دخوله إلى الصلاة، ولكن كيف؟!

    إن من النصح ما يغضب ويثير إذا لم تنطلق إليه بوصايا الإسلام بالحكمة والرفق والموعظة الحسنة والمداخلة الذكية، ولقد كان ذلك في حساب ابني بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم الحسن والحسين – رضي الله عنهما – وهما يتقدمان إلى الرجل فيقولان: إننا نتنازع أيُّنا أحسن وضوءًا، فهل لك أن تنظر إلى كل واحدٍ منا وهو يتوضأ فتحكم أيُّنا أصح وضوءًا؟!

    وأبدى الرجل استعداده لما طلبا في فرح وغبطة بالنفوس الكبيرة وإن غلفتها أجسام ناشئة صغيرة!

    وتوضأ الحسن فأحسن، وتوضأ الحسين فأصاب، ورأى الرجل ذلك فقال: بارك الله عليكما، والله إن وضوءكما لخير من وضوئي.

    ولن أستطرد في تقديم الأمثال للناشئة العزيزة من شباب الحسن والحسين، فذلك مراد لا ينفد، ولكني أوثر مثالاً يعرف منه الأبناء والآباء على السواء كيف تثنى الأخلاق الفاضلة عنان الأعداء وتردهم أصدقاء خلصاء!!

    قال الجرداني: عن عاصم بن المصطفى قال: دخلت المدينة فرأيت الحسين بن علي رضي الله عهما، وأعجبني سمته وهيأته وحسن رؤيته، فأثار مني الحسد ما كان يجنه صدري – يخفيه – من البغض لأبيه، فقلت: أنت ابن علي بن أبي طالب؟ قال: نعم. فبالغت في شتمه وشتم أبيه، فنظر إليَّ نظر عاطف رؤوف. ثم قال: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم: (خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ * وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ * إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ)[الأعراف:199-201].

    ثم قال: خفض عليك الأمر، أستغفر الله لي ولك، إنك لو استعنتنا لأعناك، ولو استرشدتنا لأرشدناك!!
    قال عاصم: فندمت على ما فرط مني.
    فقال: لا تثريب عليك، يغفر الله لك وهو أرحم الراحمين.. أمِنْ أهل الشام أنت؟! قلت: نعم.
    قال: حياك الله وعافاك، انبسط لنا في حوائجك وما يعرض لك، تجد عندنا أفضل ظنك إن شاء الله تعالى.
    قال عاصم: فضاقت عليَّ الأرض بما رحبت، ووجدت أنها قد ساخت بي – هبطت – ثم تسللت عنه لواذًا، وما على الأرض أحد أحب إليَّ من أبيه ومنه.

    2- شباب يقدمه فضله:
    وإذا كان في الناس من يتوسل إلى المآرب بجاه القريب والصاحب، ويطلبها بغير أسبابها المشروعة، فإن الإسلام "قرآنًا وسنة" وسلوك أسوياء – يجعل العمل هو معراج السبق، والفضل سبيل التقدم على الأقران والنظراء.. وسنورد هنا النزر اليسير من شباب الإسلام لتكون تحت أنظار الذين يستوردون الأمثال من شرق وغرب، جاهلين روائع ذخائرنا في هذا ا لجانب وفي شتى جوانب المفاخر والكمالات.

    قدم الرسول صلى الله عليه وسلم أسامة بن زيد، وقلده إمرة جيش كان من جنوده مشيخة المهاجرين والأنصار وذوي السابقة في الإسلام، إعلاء لمعنوية الحِب ابن الحِب، وتربية عملية لأصحاب النبي - صلوات الله وسلامه عليه – على السمع والطاعة في مرضاة الله تعالى.

    وقدم أمير المؤمنين عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - عبد الله بن العباس – رضي الله عنهما – على كبار الصحابة، إشادة بالعلم، وعرفانًا لأقدار الذين يرشحهم فضلهم من الشباب إلى التقديم والإعزاز والإيثار، بله الأكفاء الجديرين بكل تقدير وإكبار.. (وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِمَّا عَمِلُوا)[الأحقاف:19].

    فليرتفع شبابنا بأنفسهم إلى مستوى الفضل والعلم حتى تتصل قافلة الأبرار عبر الأعصار، وحتى يشهد لهم بصالح عملهم، ونافع عملهم، كما كان يشهد الكبار لأمثالهم من قبل، فلقد أخر رسول الله صلى الله عليه وسلم رافع بن خديج عن غزوة بدر، وأذن له في الخروج إلى أحد، وهو حريص على الخروج مشغوف به، أكثر من شغف اللاهين بالخروج مع أشباههم إلى أماكن لا يكرمون بالتردد عليها.

    وأصاب رافعًا رضي الله عنه جُرح يوم أحد من سهم أدركه في المعركة، فقال له الحفي الوفي صلى الله عليه وسلم: "أنا أشهد لك بها يوم القيامة". وهي شهادة ما أعلاها وما أغلاها.

    وعاش رافع بن خديج، فلم يلق الله إلا في خلافة عبد الملك بن مروان الأموي، ما نقص جرحه عمره، ولا أدنى من أجله.

    3- الشباب في القرآن والسنة:
    ولشباب الخير في القرآن والسنة حديث جليل يدعو ناشئتنا إلى التشبث به والارتفاع بالعلم والعمل، وبالعقيدة والعبادة والسلوك إلى مستواه.. فلقد نوه القرآن الكريم بإيمان الشباب فقال: (إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدىً)[الكهف:13]. وقال تعالى: (فَمَا آمَنَ لِمُوسَى إِلا ذُرِّيَّةٌ مِنْ قَوْمِهِ عَلَى خَوْفٍ مِنْ فِرْعَوْنَ وَمَلأِيْهِمْ أَنْ يَفْتِنَهُمْ)[يونس:83].

    وخلّد غضبة إبراهيم – عليه السلام – على الوثنية وضيقه بالشرك وهو غض الشباب رقيق الإهاب فقال على لسان قوم إبراهيم: (سَمِعْنَا فَتىً يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ)[الأنبياء:60]. وحسب الشباب أن يسلكهم الرسول – صلوات الله وسلامه عليه – في عداد السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله؛ فقال: "وشاب نشأ في طاعة الله".

    4- الشباب في الفكر العربي:
    والشباب في الفكر العربي يشغل حيزًا هو أحق به وأهله، ويرحم الله أبا العتاهية فهو يقول:
    يا للشباب المرح التصابي.. ... ..روائح الجنة في الشباب

    وينتقد أحمد شوقي الشباب في تردده عن المعالي فيقول:
    شباب قُنَّع لا خير فيهم.. ... ..وبورك في الشباب الطامحينا

    ويدعو الإمام الحسين الشباب للتعلق بالله دون الخلق فيقول:
    اغنَ عن المخلوق بالخالق .. ... .. تغن عن الكاذب والصادق
    واسترزق الرحمن من فضله.. ... .. فليس غير الله من رزاق
    من ظـــــن أن الناس يغنونه .. ... .. فليس بالرحمن بالواثق

    وقول الإمام الجليل عبد الله بن المبارك:
    ما يفعل العبد بعز الغنى.. ... ..والعز كل العز للمتقي
    من عرف الله ولم تغنه.. ... ..معرفة الله فذاك الشقي

    وأخيرًا وليس بآخر إليكم أيها الشباب من قلب حريص على مصلحتكم:
    ليت لو يسمع النصائح غـــرْ .. ... .. لم يجرب من الحياة أمــــورًا
    نحن نعطيه خبرة قـــد بذلنا .. ... .. من نفيس العطاء فيها كثيرًا
    فخذوا يا شباب منها ضيـــاء .. ... .. هو يجلو – لا غيرهُ – الديجورا
    وأقيموا في نوره ما استطعتم.. ... ..عيشكم راضيًا سعيدًا نضيرًا
    لا تدوروا في فكركم، لا تظنوا .. ... .. رأيكم وحده الصواب الأثيرا
    الشيخ : معوض عوض إبراهيم-اسلام ويب
                  

09-02-2015, 00:33 AM

سيف اليزل برعي البدوي
<aسيف اليزل برعي البدوي
تاريخ التسجيل: 04-30-2009
مجموع المشاركات: 18425

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات متنوعة عن الأسرة و المجتمع (Re: سيف اليزل برعي البدوي)

    عزيزي الشاب،عزيزتي الشابة:من قدوتك؟
    محمد: لويس فيجو لاعب البرتغال قدوتي
    شيماء: ليس لي قدوة ولم أنظر لأحد كمثل أعلى
    فاطمة: لنا في الرسول الأسوة الحسنة
    د. حنان محمد
    ارتفاع أسهم نجوم الفن والكرة نتيجة انتشار قيم الاستسهال وتقديس المال
    د. عبد المنعم نجم
    الشباب يحتاج للتذكير بقيمه وتراثه الفني بالأفذاذ والعلماء والصالحين
    ·إذا سألك أحد بلا سابق ترتيب: من قدوتك؟ كيف سيكون رد فعلك؟
    ·هل ستجيب بصدق لأنك تعرف قدوتك جيدًا.
    .هل ستفكر في الإجابة المرضية الأقرب إلي الصواب حتى لو لم تكن حقيقية؟
    ·هل ستعتبر السؤال غير ذي أهمية ولا تفكر في إجابته من الأساس؟
    ·هل ستكون صريحًا .. وتقولها بلا مواربة: ليست لي قدوة؟
    أيًا كانت إجابتك عزيزي الشاب .. وعزيزتي الشابة، فنحن نوجه السؤال، ونتمنى ألا يحار أحد منكم وهو يختار قدوته بشرط أن يحسن الاختيار.

    رغم كل الظواهر السلبية التي يعيشها الشباب من حوله في ظل الغزو الثقافي الغربي للمجتمعات الإسلامية والعربية، وفي ظل انبهار الشباب بما يقدمه الغرب من تقدم تكنولوجي، وتقنيات حديثة في جميع المجالات، وفي ظل العصر الذي أصبحت الماديات هي التي تتحكم في مجريات الأمور، وفي ظل هذا كله نتساءل:
    هل انجرف الشباب وراء بريق الحضارة الغربية، وما تحمله من تقدم علمي؟
    هل أصبح صناع الحضارة الغربية هم قدوته؟ أم لا زال متمسكًا بعقيدته الإسلامية وبحضارته العربية؟؟

    **الرسول قدوتنا***
    تقول غادة محمد - كلية الآداب - إن قدوتها رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أحد غيره، وتقول :إن الشباب الآن أصبح أكثر وعيًا من ذي قبل والفضل يعود إلى الله بسبب الأحداث التي يمر بها العالم العربي والإسلامي.

    وتتفق معها أختها فاطمة الزهراء محمد ثانوية عامة، وتقول: إن قدوتي رسول الله صلى الله عليه وسلم.

    ويقول رضوان مصطفي فتحي - كلية الحقوق جامعة عين شمس - :إن المسلمين يجب أن يتخذوا من رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام قدوة ، بذلك يكسبون الدنيا والآخرة.

    ويؤكد أحمد شاكر - كلية التربية جامعة عين شمس - أن السواد الأعظم من الشباب الآن يتخذ من رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحابته قدوة.

    تقول شيماء حسن ثانوية عامة: أنا ليس لي قدوة، ولم أنظر إلى أحد كمثل أعلى ولم أفكر أن أتخذ أحد قدوة.

    وتتفق معها رانيا صالح وتقول: أنا ليس لي قدوة.

    **فيجو قدوتي***
    ويقول محمد متولي - دبلوم ثانوي صناعي - أنا قدوتي لويس فيجو لاعب البرتغال وريال مدريد الأسباني؛ لأنه لاعب ذو مهارة عالية، وأنا أحبه كثيرًا.

    وتتفق مريم كمال - ثانوية عامة - مع الرأي السابق بأنه يجب أن يكون لكل إنسان قدوة يسير على دربه ويتخذه مثل أعلى، وقدوتي سيدنا علي رضي الله عنه لأنه أسلم صغيرًا واستطاع رغم صغر سنه أن يميز بين الحق والباطل.

    وتقول سحر حامد - كلية الآداب قسم لغة عربية جامعة عين شمس - قدوتي طه حسين؛ لأنه تحدى إعاقته، ولم تعرقله إعاقته عن تحقيق ما يريد، بل كانت حافزًا له على التفوق حتى حصل على أعلى المناصب لذلك أنا أعتبره قدوة.

    وتعتبر بسمة صلاح - ثانوية عامة - أن السادات قدوتها؛ لأنه قاد مصر في حرب التحرير حرب أكتوبر المجيد 73.

    **أمي قدوتي***
    الأم هي الأساس هكذا قال أحمد محمود محمد - كلية التجارة جامعة قناة السويس - عندما سألته عن قدوته فقال: إن الأم هي الأساس؛ لأن أي إنسان عندما يكبر يجد أمامه أمه رمزًا للحنان والعطف، ويكفي أن الجنة تحت أقدامها فكيف لا أتخذ من أمي قدوة لي؟.

    وتتفق معه جيرا - كلية الآداب قسم حضارة جامعة عين شمس - وتقول قدوتي هي أمي لأنها مثالية.

    **زويل قدوتي***
    هكذا قالت آيات سيد عندما سألتها عن قدوتها فقالت: قدوتي أحمد زويل، وذلك لأنه عالم، وشرف مصر، ويكفي أنه حصل على جائزة نوبل.

    ويتفق معها وائل مرعي عبد الله - كلية العلوم جامعة الزقازيق - ويقول: أنا أنظر إلى أحمد زويل كقدوة، وأريد أن أصبح مثله.

    **نجوم الفن والكره***
    تقول د. حنان محمد حسن أستاذة علم الاجتماع كلية الآداب جامعة عين شمس - لا نستطيع أن نجزم أن هناك غيابًا للقدوة بين الشباب، فهذه العمومية لا تلغي وجود استثناءات، بمعني إننا مع التقدم التكنولوجي وعصر السماوات المفتوحة، فهناك قدوة نحتذي بها، والقدوة لديها من السمات الإيجابية ما جعلها مصدرًا للإعجاب والارتباط بها، ولكن بصفة عامة مع التحولات الاقتصادية والاجتماعية ظهرت قيم واختفت قيم أخرى كنا في أشد الحاجة إليها.

    فنجد قيما مثل حب العلم والتمسك بالتقاليد والعمل المنتج قد اختفت من حياتنا، وهناك أشياء حلت محلها مثل الاستسهال وتقديس المال، وبناءً على هذه المعايير أصبح الشباب يتخذ من نجوم الفن والكره والغناء قدوة له، ونسي هذا الشباب القدوة الحقيقية الموجودة في الصحابة والمفكرين وأساتذة الجامعة وغيرهم من القدوة الحسنة.

    **انظر لمن يستحق***
    أما د. عبد المنعم نجم - وكيل كلية أصول الدين جامعة الأزهر - فيقول: ليس هناك غياب للقدوة بين الشباب، ولكن الشباب يجب أن يعرف أنه غني بتراثه وبما له من ذخيرة في دينه، ولكن يحتاج بين الحين والآخر إلي التذكير والتنبيه على ماله وما عليه، ويحتاج إلي التذكير بالله، وبكتابه وسنة رسوله، لكي ينكشف له الضوء الإنساني السليم ليمشي فيه، وليبتعد عن الانحراف والميل ويظل مشدودًا إلي نداء ربه ونداء رسوله الكريم (صلى الله عليه وسلم) فلا يميل ولا ينخدع لدعايات الغرب ويتحصن بدينه الحنيف.

    فلا ينظر إلي الغربيين كقدوة له، أو ينظر إلي أناس لا يستحقون أن يكونوا قدوته، وليعلم بأن عنده ما فيه الكفاية (لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة).

    ولكم أيضًا في صحابته الكرام؛ لأنهم تربوا في بيت النبوة وكان معلمهم رسول الله صلى الله عليه وسلم.

    ولكم أيضًا في علماء المسلمين الذين قادوا الإنسانية لفترات طويلة إلي طريق التقدم والازدهار، فلهم الفضل فيما وصل إليه الغرب من تقدم وازدهار بالرغم من جحود الغرب لجهود علماء المسلمين.

    اسلام ويب
                  

09-02-2015, 00:35 AM

سيف اليزل برعي البدوي
<aسيف اليزل برعي البدوي
تاريخ التسجيل: 04-30-2009
مجموع المشاركات: 18425

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات متنوعة عن الأسرة و المجتمع (Re: سيف اليزل برعي البدوي)

    هل نحن جيل عازف عن الزواج؟
    وأنا أمسك بالريموت كنترول أقلب محطات القنوات الفضائية توقفت عند برنامج خصص إحدى حلقاته لمناقشة مشكلة "عزوف الشباب عن الزواج".. جذبني الموضوع فسمعت جداً قليلاً وغثاً كثيراً، فأحد الضيوف –وصفوه بأنه فيلسوف- مضى يمجد في العزوبة؛ فالأعزب عبقري، مبدع، مفيد للبشرية، والمتزوج إنسان نمطي، ذليل، منقاد لعادات مجتمعه، ليس في قدرته أن يضيف شيئا لحركة الحياة، وبناء على هذه الرؤية العجيبة التي لا تستند إلى دليل يرى "الفيلسوف" أن شباب اليوم عازفون لأنهم أكثر نضجا وإبداعا وعبقرية!.

    ورغم يقيني أن عنوان الحلقة كان خاطئا منذ البداية، لأن الشباب في حقيقة الأمر ليسوا "عازفين" عن الزواج بقدر ما هم "عاجزون" عنه، إلا أنني أريد أن أثبت هنا أن بعضا من الدراسات الاجتماعية كشفت بالفعل عن قدر من "الرهبة" يشعر بها الشباب نحو الزواج، وهذه الرهبة تعد الدرجة الأولى في سلم العزوف إن لم نقطع عليها الطريق.

    نحو فهم أفضل للشباب
    أضرب مثلا هنا بدراسة أجرتها وزارة الصحة في سلطنة عمان خلال العام (2001) تحت عنوان "نحو فهم أفضل للشباب"، فماذا قالت هذه الدراسة؟.. قالت إن 45% من الشباب في عمر المراهقة يعانون من أوضاع نفسية صعبة، وعادة ما يكونون أسرى لحالات من الحزن والقلق والكآبة والإحباط، وترتفع هذه النسبة لدى الإناث، وبلغت نسبة التخوف من بناء الأسرة وتحمل مسؤولياتها 54%، كما بلغت نسبة التخوف من الجنس الآخر 48% خصوصا عند الفتيات (!!).

    والواقع أن الصورة التي رسمتها هذه الدراسة للشاب المراهق العربي هي الوحدة وقلة المعرفة، فهو منكفئ على نفسه بهمومها وأشواقها، وأفراحها وأحزانها، خائف من الآخرين الذين يجهل كل شيء عنهم، فيما تخلى الكبار عن مسؤوليتهم التاريخية في تعريفه بنفسه وبالعالم والبشر من حوله، وأعتقد أن حالة التخوف من بناء الأسرة، ومن الجنس الآخر ليست إلا مظهرا من مظاهر هذا الخوف العام من الآخر والانكفاء على الذات.

    هذه النتيجة تؤكدها بقية المعلومات التي قدمتها الدراسة، فعلى الرغم من أن ما يزيد على 90% من الشباب الذين تناولتهم الدراسة يزيد عمرهم على 15 عاما، إلا أن هؤلاء الشباب في هذا العمر فشلوا في التعرف على أجسامهم، فنصفهم فقط استطاع التعرف على التحولات الفسيولوجية التي تصاحب مرحلة البلوغ، وأقل من ثلثهم تعرف على بعض مظاهر البلوغ لدى الجنس الآخر، وعندما سألتهم الدراسة عن مصدر معلوماتهم في هذا المجال، كانت المفاجأة أن 48.9% منهم يستقون معلوماتهم من الأصدقاء، وتأتي الكتب والمجلات في المرتبة الثانية، في حين يعتبر الأبوان المصدر الأخير للثقافة الجنسية لدى الشباب.

    إن أول حاجز يفصل بين الشباب وبين الزواج هو ذلك الجهل المطبق بملامح الرجولة والأنوثة وواجباتهما، وقد درج الآباء والأمهات جيلا بعد جيل على ضرب سور من الكتمان حول الثقافة الجنسية، فليس مسموحا للابن أن يسأل أو يسمع أو يتطلع إلى فهم ما يدور بجسده من تحولات، وإلا فإن العقاب، ونظرات الاستهجان والإبعاد ستكون نصيبه داخل أسرته.. وربما كان لهذا النمط من التعامل مبرراته المنطقية وآثاره الوجيهة على شيوع حالة من النظافة والطهارة والعفة في المجتمع لفترة طويلة من الزمان، ولكننا في عصرنا الحاضر لا ينبغي أن نغفل أننا أمام متغيرات ما عادت تسمح لنا بالثبات عند سياسات تربوية تجاوزها الزمن، فالشاب الذي تغلق أمامه الأبواب والنوافذ في المنزل، وتغلق دونه آذان وأفواه أبويه، يجد اليوم عشرات البدائل التي توفر له ثقافة بديلة ستضمن له حسب ظني أسباب الانحراف، لأنها ستأتي متلبسة بملامح ثقافة غربية أهدرت قيمة الزواج، واستبدلت الصديقة بالزوجة، والطفل المتبنى بأطفال الدم، وعلاقة المودة والرحمة بالعلاقات التي لا تعرف إلا لون الدولار.

    ليس عزوفا بل عجزا
    وإذا كنا نتحدث عن العزوف، فإنني أعود للتأكيد هنا أن القضية في الأساس ليست قضية عزوف، بقدر ما هي قضية عجز عن الزواج في ظل الترويج لثقافة استهلاكية جعلت من العروس سلعة، ومن إقامة الأسرة مشروعا اقتصاديا.

    في ظل هذه الثقافة ارتفعت معدلات المهور إلى أرقام فلكية، وتزايدت الشروط حول مواصفات الشقة والأثاث والرقم الذي سيدون كمؤخر للصداق لأن هذا كله محل تفاخر ومباهاة اجتماعية، ولهذا فقد صار على زوج المستقبل أن يعمل حتى يبلغ سن الأربعين ليستطيع توفير الشقة، وأن يتورط في ديون ربما يورثها لأولاده ليوفر بقية المطالب.

    ومع ارتفاع المطالب ارتفع سن زواج الرجل، وارتفع بالتالي سن الزواج للفتاة حتى أصبح طبيعيا اليوم أن تتزوج الفتيات فوق سن الثلاثين، في حين كانت العنوسة تبدأ من عمر الخامسة والعشرين وربما قبل ذلك منذ عدة سنوات.

    أخطر ما في الأمر أن الارتفاع المستمر في سن الزواج المرتبط بالعجز عن الزواج يتواكب مع انخفاض مستمر في سن ممارسة الجنس في ظل انفتاح الأبواب أمام ثقافة جنسية سرية غير مرشدة ونابعة من جذور ثقافية لا يقبلها مجتمعنا.

    إن قيام الأبوين بواجبهما في توفير هذه الثقافة الجنسية المضبوطة بضوابط الشرع، مع العودة إلى البساطة واليسر في إجراءات الزواج وشروطه شرطان رئيسان ليقدم الشباب على الزواج، سواء سمينا موقفهم الآن عزوفا أو عجزا.
    زينب بكر-اسلام ويب
                  

09-02-2015, 00:37 AM

سيف اليزل برعي البدوي
<aسيف اليزل برعي البدوي
تاريخ التسجيل: 04-30-2009
مجموع المشاركات: 18425

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات متنوعة عن الأسرة و المجتمع (Re: سيف اليزل برعي البدوي)

    واجه شعورك بالنقص!
    هل أنت تملك كل شيء؟ هل تحققت جميع الأهداف التي كنت تسعى جاهدًا للوصول إليها؟ وعندما يتحقق أحدها، هل تقف عند هذا الحد من الطموح أم أنك سترغب في تحقيق هدف آخر.. ثم آخر وآخر؟

    ـ بالتأكيد أنت لا تملك كل شيء .. كما أنني لا أملك كل شيء .. ومن البديهي أن أحدًا لا يستطيع أن يملك كل شيء.. كما أن أحدًا لا يستطيع أن يقف عند حد معين من التطلع إلى الأفضل، وعندما لا نحصل على شيء ما مما نريد.. أو تقف عوائق في وجه تطلعاتنا.. قد نشعر بخيبة أمل.. ومن هنا يتولد شعورنا بالنقص وإن كان في معظم الحالات لا يستحق منا هذا العناء.

    ـ إن الأشياء التي قد يقوم عليها الشعور بالنقص متنوعة.. متباينة.. فقد تكون ذات صلة بقصور عقلي، جسمي، معنوي، مادي، أو اجتماعي. وقد يتولد الشعور بالنقص من أمر ذي شأن كبير في عين الشخص وفي أعين الناس المحيطين به.. وقد يكون نابعًا من شعور مبالغ فيه عند الشخص.. فالأمر ذو شأن كبير في عين الشخص بينما ينظر إليه الآخرون بصورة طبيعية لا تحتمل وجود أي نقص فيه.. وفي كلتا الحالتين يعتبر الشعور بالنقص أمرًا طبيعيًا لدى البشر جميعًا ولا نستطيع النظر إليه على أنه أمر شاذ.. أو مرض نفسي كما ينظر إليه بعض الناس.. وعندما نؤمن بوجود نقص فينا نستطيع أن ننظر إلى النقص الموجود في الآخرين بصورة إيجابية، وذلك لأن الشاعر بالنقص هو ذلك الشخص الذي يخجل لأن فيه قصورًا ما يجعله مختلفًا عن غيره من الناس بطريقة غير مرغوب فيها.. ومن منا لا يحمل بين نواحي جسده أو عقله أو نفسه أو وضعه الاجتماعي قصورًا ما؟

    كيفيه المواجهة
    ولكن السؤال الذي يطرح نفسه: كيف نتغلب على شعورنا بالنقص؛ لنعيش في حالة تصالح بيننا وبين أنفسنا؟

    ـ واجه شعورك بالنقص ولا تحاول التهرب منه بينك وبين نفسك أو بينك وبين المحيطين بك، وثق تمامًا بأنه ليس وحدك الشاعر بالنقص في أحد جوانب شخصيتك.

    ضع الناحية التي تشعر بوجود نقص فيها نصب عينيك وابدأ بدراستها بكثير من الاهتمام والعناية للتوصل إلى الطريقة الأفضل لمواجهتها ومن ثم التغلب عليها.. أو التغلب على شعورك بها.

    فإذا كان ما تشعر به من نقص يسهل تعديله والسمو به.. فتغلب على نقصك وقم بتعديله مبتدئًا بنفسك بقوة إرادتك.. ورسم الصورة التي ستكون عليها بعد تعديلك للنقص: يعطيك حافزًا للمثابرة والإصرار.. وبالتعديل ستشعر بحياة أفضل، وستعيش سعيدًا حتى إن لم تصل إلى المستوى الذي كنت تتطلع إليه.. معزيًا نفسك بأن هناك من هو أسوأ حالاً منك.. وأنك أفضل بكثير من أشخاص آخرين يحتل فيهم النقص حيزًا أكبر.. ويعيشون حياة مضطربة أكثر منك، وأن كل شخص في هذا الكون عرضة للتجربة والاختبار والابتلاء.. وكلٌّ يواجه مصاعبه بطريقته.. والحياة مليئة بالعبر.. بالتالي لا عجب من شعورك بالنقص.. فليس وحدك المبتلى، وثق بأن وضعك ليس الأسوأ على الإطلاق...

    عشر ثوان!!
    «هارولد أبوت» يعمل مديرًا لأحد المخازن في مدينة وبي.. يروي تجربته قائلاً: «في أحد أيام الربيع من عام 1934م كنت أتمشى في أحد الشوارع حين رأيت منظرًا خلال عشر ثوان.. لكنني خلال هذه الثواني العشر تعلمت كيف أعيش أكثر مما تعلمته في السنوات العشر السابقة.. منذ سنتين كنت أدير مخزن بقالة في مدينة وبي، وقد خسرت جميع مدخراتي وغرقت في ديون تحتاج إلى سبع سنوات من العمل لسدادها.. وقد أقفلت مخزني وذهبت إلى بنك التجار والصناعيين لاستدانة المال الكافي لانتقالي إلى مدينة كنساس للبحث عن عمل.. كنت أسير كرجل فقد ثقته بنفسه وشجاعته.. وفجأة رأيت رجلاً وقد بترت قدماه كان يجلس على مقعد يرتكز على عجلات ويزحف في الشارع بمساعدة قطع من الخشب أثبتها في كل يد.. التقيته بعد أن عبر الشارع وبدأ يرفع نفسه ليصعد إلى الرصيف. وفيما هو يفعل ذلك التقت عيناي عينيه فابتسم لي ابتسامة رائعة قائلاً: صباح الخير يا سيد إنه صباح جميل أليس كذلك؟ وفيما أنا واقف أنظر إليه عرفت كم أنا غني، فأنا أملك ساقين وأستطيع السير.. شعرت بالخجل من نفسي وقلت في نفسي: إذا كان هذا الرجل الفاقد لساقيه سعيدًا واثقًا من نفسه فكيف يجب أن أكون أنا بوجود ساقي؟ شعرت بالارتياح وكنت قد قررت أن أستلف مبلغ مائة دولار فقط من البنك فأصبح لدي الشجاعة الكافية لطلب مائتين، وكنت أنوي أن أقول إنني ذاهب إلى مدينة كنساس لأحاول العثور على عمل، أما الآن فسأقول بثقة إني أريد الذهاب لمدينة كنساس للحصول على عمل.. فحصلت على القرض وحصلت على العمل».

    ـ وإذا لم تستطع الوصول إلى تعديل ما تشعر به من نقص أو لم تستطع الوصول إلى الدرجة التي كنت تطمح في الوصول إليها.. فهناك طريقة أخرى للتعديل وهي الامتياز بنواح أخرى موجودة بشخصك، وبذلك تكون قد تغلبت على النقص الموجود فيك بامتيازك في ناحية أخرى موجودة فيك تتميز بها عن باقي من هم حولك.. مثال ذلك، إن كنت طالبًا في إحدى المراحل ولم تستطع استيعاب مادة الرياضيات ـ على سبيل المثال ـ وحصلت على درجات متدنية مقارنة بزملائك، في الوقت الذي حصلت فيه على عدد من الميداليات والجوائز في مادة الرياضة مثلاً، فهذا يساعدك كثيرًا على التغلب على شعورك بالنقص في مادة الرياضيات. «بن فورستون» يحكي قصته التي حدثت عام 1939م كالتالي: «أردت قطع بعض القصب لزراعة الفول في حديقتي.. وضعت رزمة القصب في سيارتي وصعدت السيارة لأعود إلى المنزل. ولكن في أثناء عودتي انزلقت قصبة تحت عجلة السيارة وأنا أجتاز منعطفا خطرًا فتدهورت بي السيارة، وارتطمت بشجرة كبيرة، فأصيب العمود الفقري وأصبت بالشلل، كنت حينها في الـ24 من عمري، وما زلت منذ ذلك الحين لا أقدر على السير خطوة واحدة.. في البداية ثرت وغضبت ولعنت حظي العاثر ولكن بمرور الأيام اكتشفت أن غضبي وحزني لن يغيرا شيئًا، ورأيت كيف كان الناس لطفاء وكرماء معي، فأردت أن أكون بدوري كريمًا معهم.. لقد استطعت خلال أربع عشرة سنة أن أقرأ ما يزيد على 1400 كتاب فتحت أمامي آفاقًا جديدة، وأصبحت قادرًا على التطلع إلى العالم ومعرفة حقيقة القيم فيه، ونتيجة القراءة والمطالعة صرت أهتم بالسياسة والأمور العامة، وأخذت ألقي الخطب وأنا جالس على الكرسي المتحرك...» اليوم يشغل بن فورستون وهو ما زال كسيحًا كما كان منصب سكرتير الدولة في ولاية جورجيا.

    ـ من جهة أخرى فإنك عندما تحاول تعديل النقص الذي يستحيل عليك تعديله، أو الوصول إلى هدف لم تخلق له، وتكافح من أجل شيء أنت تعلم مسبقًا بأنه لا يمكن تحقيقه، فإن هذا علامة من علامات الحمق، لأنك في النهاية ستصاب بخيبة أمل، وستفقد السيطرة على نفسك، وربما تصاب بنوع من الكآبة والضغوط النفسية التي تجلب لك القلق.. فيجب علينا أن نعلم أن بعض نقائصنا قد تكون قابلة للإصلاح والتعديل، في حين أن بعضًا منها قد يستحيل علينا تعديله، فإذا كان النقص الذي تراه في نفسك يستحيل تعديله أو تغييره فسلم به.. وطن نفسك عليه، ولا تخجل أبدًا.

    الهروب من التبعة!
    عندما تحاول أن ترفع من معنويات ذاتك لمواجهة النقص الذي بداخلك.. وعندما تحاول ألا تكون عرضة لانتقادات الآخرين.. واجه نقصك بشجاعة ولا تكن كالذين يحاولون تعديل النقص بالتهرب من التبعة.. وأقصد بذلك الأشخاص الذين عندما يقرون بوجود نقص ما فيهم أقروا به مكابرين مكرهين.. ويحاولون إرجاع هذا النقص لأمور اصطنعوها من خيالهم لأنهم يرفضون الانهزام أمام أنفسهم بالاعتراف بالنقص كأن يقول مثلاً.. إن النقص الموجود بشخصي هو نتيجة الظروف المحيطة بي والتي لم تكن في صالحي أبدًا.. أو هو أمر وراثي انتقل لي من الأجداد.. وهذا بسبب مرض خطير أصابني في مرحلة طفولتي ما زالت آثاره باقية.. أو بسبب ذاك الطبيب الذي لم يصل إلى تشخيص سليم لمرض كان قد أصابني.. وهذا خطأ بالتأكيد، وهو نوع من الهروب من النقص والفرار من المسؤولية الشخصية لتجنب انتقاد الناس وذمهم بدلاً من مواجهته وتعديله بالطريقة المناسبة أو التسليم به أمام نفسه وأمام الآخرين. فالإنسان الذي يستطيع مواجهة الحياة بشكل سليم يستطيع بالتأكيد خلق ظروف سعيدة حوله مبتدئًا بنفسه. فبإمكاننا السيطرة على الأسوأ.. وتعديل الظروف السيئة المحيطة بنا بدلاً من الاستسلام لها والتهرب من مواجهتها، فليست الظروف التي نمر بها سبب انهيارنا.. إنه أسلوب تفكيرنا بهذه الظروف، وما يفكره الإنسان بعقله وقلبه يكونه، وليس العبرة بما يحدث لك من أمور إنما العبرة بما تقوم به حيال ذلك. وكما قال «يوليوس روزنوالد»: «عندما تعطيك الحياة الليمون الحامض.. اصنع الليمونادة».

    إن عدم مواجهتك النقص الذي تراه في نفسك يعني كبت شعورك به.. وخداع نفسك بأنك لا تشعر بنقص ذي أهمية، وأن غيرك من الناس ليس بأفضل منك، وأن ما وصلوا إليه ليس إلا بالصدفة، أو أن الظروف المحيطة بهم كانت أفضل من الظروف التي أحاطت بك. هذه النوعية من الأشخاص يسارعون في ملاحقة أخطاء الآخرين واستنكارها ولا يعترفون أبدًا بما يمتاز به الآخرون.. وهذا بلا شك أسلوب غير حميد يؤدي إلى نفور الناس منك. إلا أن كبت النقص يوقع الخلل في التناغم العقلي عند الشخص.. فبدلاً من لعن الظروف التي كانت كما تدعي سببًا للنقص فيك واجه تلك الظروف وتغلب عليها.. إن كنت بالفعل ترغب في اغتصاب النقص فيك...

    اشترى أحد المزارعين في مدينة فلوريدا قطعة أرض من مشروع لتقسيم الأراضي، وعندما نال نصيبه منها وصل إليها ووصلت خيبة الأمل معه.. فالأرض غير صالحة للزراعة، ولا ينبت فيها غير شجر البلوط ولا تعيش فيها إلا الأفاعي السامة، وقف طويلاً يتأمل.. لقد دفع كل ما يملك من مال، وهذا ما ناله فماذا يفعل؟

    وقبل أن تكمل القراءة لو كنت أنت من اشترى هذه الأرض فماذا كنت ستفعل؟

    لقد قرر بعد تفكير أن يستفيد من تلك الأفاعي السامة، وأمام دهشة الجميع من جيرانه اليائسين بدأ تعليب لحم الأفاعي، وأنشأ مختبرًا لاستخلاص السم من الأفاعي وبيعه لمصانع الأدوية، حيث يتم تحويله إلى مضادات حيوية يعود عليه بربح وفير. كما كان يصور هذه الأفاعي ويطبع بطاقات لها توزع في المكتبات، وبلغ عدد السياح الذين يزورون مزرعته كل عام عشرين ألف سائح ليتفرجوا على الأفاعي والثعابين السامة.

    إن بإمكان أي غبي أن يستفيد من أرباحه، ولكن الذكي فقط هو الذي يستطيع أن يستفيد من خسائره، فهو يحول الهزيمة إلى انتصار والنقص إلى الكمال.

    في النهاية.. يبقى الإيمان بالله التعويض الأكثر توفرًا والأكثر استعمالاً من قبل الأكثرية، وكثير من الأشخاص حصلوا بالإيمان على السلوى والعزاء بعد أن سقطوا ضحايا الفشل أو النقص أو الحزن أو الخسارة.. وليس الدين كما يتوهم بعضنا ملجأ للضعفاء وغير المتعلمين فحسب، ولكنه الأمل الذي يتطلع إليه جميع الناس.

    وختامًا أخي الشاب.. إذا لم تستطع أن تكون شجرة في قمة التل.. فكن شجيرة في الوادي.. كن أفضل شجيرة بجانب الينبوع.. وإذا لم تستطع أن تكون شجيرة فكن عشبًا وافخر بهذا العشب لأنه سيجعل الطريق زاهيًا..

    وتذكر دائمًا.. بأن لا تلعن الظلام.. ولكن .. أشعل شمعة.
    أميرة الهاشم *-اسلام ويب
                  

09-02-2015, 00:39 AM

سيف اليزل برعي البدوي
<aسيف اليزل برعي البدوي
تاريخ التسجيل: 04-30-2009
مجموع المشاركات: 18425

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات متنوعة عن الأسرة و المجتمع (Re: سيف اليزل برعي البدوي)

    تعتبر ممارسة العادة السرية "الاستمناء" واحدة من الظواهر السلبية في حياة بعض الشباب المسلم، والتي نحتاج معها لوقفة جادة توضح ما لهذه العادة من آثار ونتائج سلبية يتجاوز ضررها في الغالب الشخص إلى مجتمعه، وتأتي الخطورة الأكبر لهذه العادة لدى من يعتادون عليها ويعتبرونها الخلاص والحل الوحيد لحفظ النفس من الزنا.

    ويصنف هؤلاء بأنهم مدمنون وهم مهددون بالكثير من الأعراض الصحية والنفسية إلى جانب الإثم الذي يوقعون فيه أنفسهم، وممارسة هذه العادة لا يغني النفس أبدا عن الزواج والانسياق وراء الشهوات فنجد من يمارسون هذه العادة بكثرة هم أكثر من يشاهدون الصور والمناظر الخليعة، وهم أكثر من ينساقون وراء المحرمات من اغتصاب ولواط، وهذا تدمير الشخص لنفسه وإضرار لمجتمعه.

    وهنا يتضح للعاقل أن أهم وأنجع الحلول تفريغ هذه الطاقة في مكانها الصحيح وذلك بالتحصن والزواج الشرعي، ولقد صدق قول الشاعر حينما قال:
    صاحب الشهوة عبد فإذا غلب الشهوة صار السيدا

    عجز وندم!!
    المشاكل الصحية والنفسية والاجتماعية التي أفرزتها ممارسة هذه العادة في مجتمعاتنا كثيرة، ومنها:

    1-العجز الجنسي بشكل عام: حيث عرف من الشباب من يخافون من الإقدام على الزواج وأصبحوا يترددون على العيادات التخصصية بحثا عن علاج لمشكلاتهم الجنسية التي تتمثل في سرعة القذف، وضعف الانتصاب، وقلة الرغبة الجنسية، وأصبح البعض نتيجة لذلك يهرعون إلى المقويات الجنسية، ويغفلون آثارها الجانبية بحثا عما أضاعوه!.

    2-سقوط المبادئ والقيم: المنساق خلف هذه العادة ضعيف الشخصية تجره شهوة من شهواته إلى الوقوع في الحرام ولو على حساب السمعة والصحة والدين والمبادئ.

    3-الإنهاك والضعف العام: ومن ذلك إرهاق الأجهزة العصبية والعضلية، وآلام الركب والمفاصل. وتقول إحدى الدراسات الطبية: "إن مرة قذف واحدة تعادل مجهود من ركض ركضا متواصلا لمسافة عدة كيلومترات"، وللقياس على ذلك يمكن لمن يريد أن يتصور الأمر بواقعية أن يركض كيلو مترا واحدا ركضا متواصلا وليرَ النتيجة.

    4-ضعف الذاكرة: حيث إن من يدمن هذه العادة يلاحظ عليه النسيان وعدم سرعة البديهة، ويؤثر ذلك على إنتاجه ومجهوده الفكري.

    5-الشعور بالذنب والندم والحسرة: فرغم الشعور اللذيذ الذي ربما ينتاب الشاب حين القيام بهذه الفعلة والوصول إلى النشوة، إلا أنه سرعان ما تنقلب تلك المشاعر إلى إحساس بالذنب والحسرة.

    طرق العلاج
    للانتصار على هذه العادة فإن هناك عدة أمور يجب أن يتشبث بها من ابتلي، حتى تكون له حرزا ووقاية بإذن الله، ومن ذلك اللجوء إلى الله عز وجل والتقرب إليه بالواجبات والنوافل فإن من أقدم على الله حفظه وحفظ جوارحه وعصمه من الشيطان ووساوسه. وأهم الأسباب المعينة هو الزواج إن تيسر وهو سيكون بإذن الله عصمة وحافظا للدين والنفس، لذلك ينصح الدين الحنيف الشباب بالإسراع في الزواج.

    ومن أنجع العلاجات الابتعاد عن أماكن اللهو والشهوات والاختلاط، وذلك باتقاء أماكن التجمعات المختلطة كالأسواق وغيرها إلا للضرورة القصوى وإن كان ولا بد فليتحرّ الرجال الأوقات التي يقل فيها وجود النساء في هذه التجمعات مثل الصباح أو بداية العصر وكذلك الأمر بالنسبة للنساء، وإذا حدث وتم مصادفة ما يفتن ليس للمرء أن ينظر إلى هذه الفتنة ويحدّق النظر فيها بل يجب غض البصر فورا لكي يبدل الله هذه الفتنة بلذة إيمان يجدها العبد في قلبه.

    ومن أهم مسببات هذه العادة وغيرها من الفواحش مشاهدة الفضائيات حيث بات من الأمور القاطعة لدى الصغير والكبير والجاهل والمثقف مدى الإفساد والانحلال والمحرمات التي تبثها هذه القنوات بدء بالانحرافات العقدية ومرورًا بالإغراءات الجنسية والتي هي محور رسالتنا وانتهاء بدعاوى التحرر والإباحية وخرق حواجز الدين والعفة والحياء.

    ومن أسباب السلامة أيضا تجنب الأوضاع التي تذكرك بهذه العادة أو الحاجة إليها، فإذا كان الشيطان يسول لك فعلها في أوقات الفراغ فاشغل نفسك بالمفيد والمباح، وإن كانت النزوة تأتيك في ساعات الوحدة فتجنبها وهكذا..، عندئذ إذا كنت ممن يدمنون عليها وتركتها فإنك ستفتخر بكل يوم قاومتها فيه.

    وأخيرا سوف تكون أكثر سعادة و اعتزازا حينما تحسب الأسابيع التي مرت عليك ولم تفعلها وحينما يأتيك ذلك الشعور مرة أخرى طالبا إرضاءه يمكنك أن تقول لنفسك: " لقد قاومته كل هذه المدة الطويلة... أياما وأسابيع وإذا ما أخفقت الآن فسيضيع كل شيء".

    الاستمناء من وجهة نظر شرعية
    هي محرمة بلا شك والأدلة على ذلك قوله تعالى: ( والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون ) والعادون هم الذين يتعدون حدود الله تعالى، ويدل على تحريمها أيضا قول النبي صلى الله عليه وسلم: ( البر حسن الخلق، والإثم ما حاك في الصدر وكرهت أن يطلع عليه الناس) رواه مسلم من حديث النواس بن سمعان ، وهذه العادة القبيحة تورث اكتئابا وضيقا في الصدر وشعورا بالإثم، ويكره فاعلها أشد الكراهية أن يعلم الذين يعرفونه أنه يمارسها، فهي من الإثم ، ويدل على تحريمها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء ) ولو كانت هذه العادة القبيحة مباحة لأرشد النبي صلى الله عليه وسلم إليها الشباب ، لأنها أيسر عليهم - لو كانت مباحة - من الصوم، ولكن لما كانت إثما ومعصية اختار لهم النبي صلى الله عليه وسلم الصوم، كما قالت عائشة رضي الله عنها ( ما خُير النبي صلى الله عليه وسلم بين أمرين إلا اختار أيسرهما ما لم يكن إثما) فدل على أن العادة السرية إثم، ولهذا ترك النبي صلى الله عليه وسلم إرشاد الشباب إليها، ولقد رخص فيها الإمام أحمد رحمه الله فقط لمن خشي على نفسه الزنا أو الفاحشة وما عدا ذلك فيحرم واختار هذا القول شيخ الإسلام رحمه الله .

    وأخير أخي الشاب سواء أكنت مدمنا على العادة السرية أم لم تكن، اعلم أن هناك الكثير من الآخرين ممن يكافحون هذا الإدمان بشتى الوسائل. فلا تكن ممن يثيرهم بنشر الصور العارية ولا تثر الآخرين بأن تكون سببا مباشرا أو غير مباشر في إثارة شهواتهم التي قد تنتهي بهم إلى الإدمان لا سمح الله أو تزيد من إدمانهم. تأكد أن هناك أناسًا هم أكثر حساسية منك تجاه الصور وكل ما يثير الغرائز. اتق الله خالق الكون في نفسك والآخرين ولا تكن سببا في تعاستهم.
    محمد عبد الله الخامس-اسلام ويب
                  

09-02-2015, 00:56 AM

سيف اليزل برعي البدوي
<aسيف اليزل برعي البدوي
تاريخ التسجيل: 04-30-2009
مجموع المشاركات: 18425

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات متنوعة عن الأسرة و المجتمع (Re: سيف اليزل برعي البدوي)

    انتشر بين بعض فئات الشباب في الآونة الأخيرة ظاهرة الزواج العرفي ووجدوا فيه طريقا ملتويا للوصول لأغراض جنسية محضة وغلف هؤلاء الشباب هذا الطريق الملتوي وغير الشرعي بحجج وأسانيد واهية لم يقنعوا بها إلا أنفسهم ووجدوا في هذه الأسانيد الواهية ستارا دينيا يريحون خلفه ضمائرهم الغائبة، وفي حقيقة الأمر فقد وقع هؤلاء في الإثم بعينه.

    والخطير في الأمر أن إحصائية جديدة أعلنتها وزارة الشؤون الاجتماعية المصرية كشفت أن 255 ألف طالب وطالبة في مصر اختاروا الزواج العرفي، أي بنسبة 17% من طلبة الجامعات البالغ عددهم 5.1 مليون، وهو ما يعني أن الظاهرة أصبحت تحتاج إلى تدخل عاجل.

    في السطور التالية نناقش أبعاد هذه القضية وموقف الشرع منها.

    عن مشروعية الزواج العرفي يقول الشيخ عطية صقر عضو لجنة الفتوى وأحد أبرز علماء الأزهر: يطلق الزواج العرفي على عقد الزواج الذي لم يوثق بوثيقة رسمية، وهو نوعان: نوع يكون مستوفيًا للأركان والشروط، ونوع لا يكون مستوفيًا لذلك.
    النوع الأول: عقد صحيح شرعًا يحل به التمتع وتتقرر الحقوق للطرفين وللذرية الناتجة منهما، وكذلك التوارث، وكان هذا النظام هو السائد قبل أن توجد الأنظمة الحديثة التي توجب توثيق هذه العقود.
    أما النوع الثاني: من الزواج العرفي فله صورتان: صورة يُكتفى فيها بتراضي الطرفين على الزواج دون أن يعلم بذلك أحد من شهود أو غيرهم، وصورة يكون العقد فيها لمدة معينة كشهر أو سنة، وهما باطلان باتفاق مذاهب السنة.
    وإذا قلنا إن النوع الأول صحيح شرعًا تحل به المعاشرة الجنسية، لكن له أضرارا، وتترتب عليها أمور محرمة منها:
    1- أن فيه مخالفة لأمر ولي الأمر، وطاعته واجبة فيما ليس بمعصية ويحقق مصلحة والله يقول: (يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم) [النساء: 59].
    2- كما أن عدم توثيقه يعرض حقها للضياع كالميراث الذي لا تسمع الدعوى به بدون وثيقة وكذلك يضيع حقها في الطلاق إذا أضيرت، ولا يصح أن تتزوج بغيره ما لم يطلقها، وربما يتمسك بها ولا يطلقها.
    ومن أجل هذا وغيره كان الزواج العرفي الذي لم يوثق ممنوعاً شرعًا مع صحة التعاقد وحل التمتع به، فقد يكون الشيء صحيحًا ومع ذلك يكون حرامًا، كالذي يصلي في ثوب مسروق، فصلاته صحيحة ولكنها حرام من أجل سرقته ما يستر العورة لتصح الصلاة.
    وكذلك لو حج من مال مسروق فإن الفريضة تسقط عنه، ومع ذلك فقد ارتكب إثماً كبيرًا من أجل السرقة

    فاسد وباطل!!
    ويعلق الدكتور نصر فريد واصل مفتي مصر السابق قائلا أن الزواج العرفي الذي يتم في الجامعات المصرية وغيرها من الأماكن فاسد وباطل ويخل بكل المبادئ والقيم الروحية ويؤدي إلي ضياع الأبناء وتشريدهم في المجتمع ولا تترتب عليه أي آثار شرعية..
    ويشير د.أحمد عبد الغني عبد اللطيف الأستاذ بجامعة الأزهر من خلال بحثه عن الزواج العرفي من الناحية الدينية إلي أن هذا النوع من الزواج يعتبر نوعا من أنواع الزنا لأنه لم تكتمل فيه أركان النكاح وفيه مخالفة لحدود الله ورسوله.. فوجود الولي ركن أساسي من أركان النكاح وقد قال صلي الله عليه وسلم لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل وعدم وجود الولي يجعل الزواج باطلا أصلا ويدخله في حيز الزنا..

    الموقف الاجتماعي
    أما عن الموقف الاجتماعي من هذا الزواج فتقول الدكتورة مديحة مصطفي أستاذة تنظيم المجتمع بكلية الخدمة الاجتماعية جامعة حلوان إلي أن الزواج غير الرسمي "العرفي" هو ظاهرة عصرية يلتقي فيها الرجل بالمرأة تحت وثيقة ورقية عليها شاهدان لكنها ورقة ليست فيها قوة وثيقة الزواج لأن وثيقة الزواج شيء مقدس تحترمه المحاكم والمؤسسات الحكومية والمجتمع إلي جانب أن الزواج الحقيقي يعتمد علي الإعلان والإشهار وإعلام المجتمع به وهو تحصين للمرأة وصيانة لشرفها وحقوقها.

    وبالإضافة إلي ذلك فإن الزواج العرفي تنتج عنه آثار اجتماعية سيئة أهمها ضياع حقوق الزوجة حيث أن دعواها بأي حق من حقوق الزوجية لا تسمع أمام القضاء إلا بوجود وثيقة الزواج الرسمية معها.. كما أن الأولاد الذين يأتون عن طريق الزواج العرفي قد يتعرضون لكثير من المتاعب التي تؤدي إلي ضياعهم وإنكار نسبهم.. وأن الزوجة قد تبقي معلقة لا تستطيع الزواج بأخر إذا تركها من تزوجها زواجا عرفيا دون أن يطلقها وانقطعت أخباره عنها بالإضافة إلي ذلك فإن الزواج العرفي كثيرا ما يكون وسيلة للتحايل على القوانين كأن يقصد به الحصول علي منافع مادية غير مشروعة مثل حصول الزوجة علي معاش ليس من حقها لو تزوجت زواجا رسميا..

    أسباب عديدة
    وفي دراسة أخري حول الإعلام والزواج العرفي قام بها د.أحمد يحيي عبد الحميد الأستاذ بكلية التربية جامعة قناة السويس أشار إلي أن الزواج العرفي يفتقد البيانات الدقيقة والمعلومات الصحيحة نظرا لأن هذا السلوك يتسم بطابع شخصي وخفي ولا يعلن عنه في المجتمع بالإضافة إلي أنه لا يقتصر علي فئة معينة أو طبقة دون أخري.

    وقد أشارت بعض دراسات الحالة إلي أن هذه الظاهرة موجودة بين الشباب والكبار والفقراء والأغنياء والمتعلمين وغير المتعلمين... شباب الجامعات والعمال والموظفين ورجال الأعمال.. وهذا النوع من الزواج يتم شفاهة أو بعقد شخصي بوجود شاهدين دون أي ضوابط قانونية أو حقوق شرعية وخاصة للمرأة .

    وأشارت الدراسات إلى أسباب أساسية تكمن وراء انتشار الزواج العرفي أهمها فقدان التكامل العاطفي داخل الأسرة نتيجة انشغال الأب والأم وعدم اهتمامهما بسلوك الأبناء وتركهم وسائل الإعلام وجماعات الرفاق لتشكيل ثقافتهم الجنسية والزواجية.. وكذلك الظروف الاقتصادية والمادية التي تحول دون إقامة زواج شرعي وتوفير متطلباته من مهر وشقة وأثاث وخلافه, والكبت والحرمان الثقافي إلي جانب الحرية غير المسئولة سواء في الأسرة أو المدرسة أو الجامعة وضعف التثقيف الديني الذي يقوم به الإعلام تجاه هذه المشكلة وبالإضافة إلي ذلك فهناك أيضا التناقض الواضح والازدواجية بين الرموز والقيادات الإعلامية والدينية نحو الاتفاق علي خطورة هذا النوع من الزواج علي المجتمع, وكذلك الانفتاح الإعلامي أو التبعية الثقافية الإعلامية في ظل ثورة الاتصالات وانعدام الرقابة وزيادة البحث عن المجهول من المعرفة الجنسية.. خاصة أن الثقافة الزواجية والأسرية لا تحظى بالقدر الكافي من اهتمام ورعاية من وسائل الإعلام علي اعتبار أنها من المحرمات الثقافية.

    المواجهة
    وتقول نوال المغربي مدير عام إدارة الأندية الثقافية والاجتماعية بوزارة الشئون الاجتماعية المصرية إن ندوة عقدتها الوزارة توصلت إلى عدة توصيات أهمها ضرورة التوعية المستمرة والحوار المفتوح مع أبنائنا وبناتنا لتحذيرهم من مخاطر الزواج العرفي وتوفير الرقابة الأسرية للتعرف علي كل ما يقوم به الأبناء في أوقات فراغهم وعلي جماعة الرفاق المحيطة بهم.

    ولما كانت مشكلة الزواج العرفي هي إفراز العديد من المشكلات الاقتصادية والاجتماعية وأهمها مشكلة الإسكان فقد أوصت الندوة بالتكاتف لتوفير المسكن المناسب وخاصة مسكن الغرفة الواحدة بمرافقها، وكذلك ضرورة تنسيق الجهود بين الجهات والوزارات المعنية بقضايا الشباب وذلك بتفعيل دور مكاتب التوجيه الأسري بوزارة الشئون الاجتماعية.
    وطالبت الندوة الجامعات والمؤسسات التعليمية المختلفة بأن تبادر بتوعية الشباب بمخاطر الزواج العرفي وبيان أنه مخالف للشرائع السماوية بكل المقاييس وبأن تشمل المقررات الدراسية توضيح أركان الزواج الصحيح بالإسلام والأديان السماوية الأخرى.
    المهم في الأمر أن بعض شبابنا قد وقعوا في براثن هذه المشكلة (الفتيات علي وجه الخصوص) وتركهن الأزواج معلقات لا يستطعن أن يتزوجن ولا يعرفن مكان الزوج وأصبحت مشكلة مترتبة علي وضع خاطئ وهو الزواج العرفي وتحتاج إلي حل وهذا ما جعل المشرع المصري يسارع لمواجهة هذه المشكلة وذلك عن طريق ما يعرف حاليا في قانون الأحوال الشخصية الجديد بالطلاق العرفي.
    القاهرة- خالد بركات-اسلام ويب
                  

09-02-2015, 00:58 AM

سيف اليزل برعي البدوي
<aسيف اليزل برعي البدوي
تاريخ التسجيل: 04-30-2009
مجموع المشاركات: 18425

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات متنوعة عن الأسرة و المجتمع (Re: سيف اليزل برعي البدوي)

    تعتبر مدينة مونتريال من اهم المدن الكوسموبوليتية في كندا والشمال الاميركي. فهي أشبه بتجمعات شعبية تضم كافة الاثنيات على اختلاف الوانها وأجناسها ولغاتها وثقافاتها. تتقاسم المجموعات احياءها وشوارعها ومناطقها حتى يبدو أن كلا منها "غيتو" خاص بهذه الفئة. حتى إن التسميات أصبحت ترتبط بالأصول: الحي الصيني, الايطالي, اليهودي, العربي وسواها.
    هذا التنوع والتعدد الاثني, علاوة على أنه من طبيعة المجتمــع الكندي ومن أبرز خصائصه المميزة, "يفتح أسواق العمل أمام الجميع. لا فرق بين كندي وغير كندي طالما أن الغاية من توظيفه تعود بالفائدة لمصلحة المؤسسة وزيادة انتاجها وازدهار البلد وسعادة المواطنين", كما يقول غي دريدي أستاذ الاعداد والتدريب في جامعة "اوكام" والمتخصص بأحوال الأقليات المنظورة وتأهليها لولوج سوق العمل.
    واللافت أن المؤسسات الكندية العامة والخاصة من مصارف ومدارس ومستشفيات ودوائر استقبال المهاجرين الجدد والمراكز التجارية الكبرى وغيرها, القائمة في المناطق التي تقطنها غالبية من ابناء الجاليات العربية, فتحت أخيراً أبوابها لتوظيف الشباب العربي من الجنسين استناداً إلى برنامج "تكافؤ الفرص والمساواة في العمل" الذي اقرته الحكومتان الفيدرالية والكيبيكية والذي ترافق مع حملة اعلانية في الصحف الاغترابية.
    كان الشعور السائد من قبل في اوساط الشباب العرب وغيرهم من الاقليات المنظورة ان اصحاب العمل ينتهجون سياسة التمييز العنصري غير المعلنة, فكانت الباعث الاساسي لتفشي البطالة في صفوفهم ودفعهم قسراً الى اللجوء الى مكاتب المساعدات الاجتماعية او القبول ببعض الوظائف الوضيعة التي لا تمت بصلة الى تخصصهم العلمي او المهني. فعلى سبيل المثال كان الشباب العرب عند ملء استمارة التوظيف يتجنبون ذكر اللغة العربية الى جانب اللغتين الانكليزية والفرنسية الرسميتين في كندا والضروريتين كشرط من شروط العمل, تحاشياً لرفض طلباتهم او لكشف هويتهم. اما اليوم فيبدو ان الآية قد انقلبت الى حد بعيد واصبحت المؤسسات الكندية هي التي ترغب باستخدامهم لا بل باتـــت اضافــة اللغة العربية الى السيرة الذاتية امراً مطلوباً ومرجحاً. في هذا السياق تقول حفيظة لاروي وهي جزائرية تبــلــغ من العمر 25 عاماً وتعمــــل موظفة في "بنك رويــال" فرع مونتريال: "حينما تقدمت الى العمل كنت اخشى ان يحول اسمي ومظهري دون قبولي. الا انني فوجئت اثناء المقابلة الشخصية بسؤال عما اذا كنت احسن التكلم باللغة العربية من دون ان ادري ان الادارة كانت ترغب بتوظيف اشخاص يتكلمون هذه اللغة". وهذا الامر تؤكده أيضاً ليندا برونيه مسؤولة قسم التوظيف في "بنك لوريشن", فتقول: "سياسة المصرف تحتم علينا الاستعانة ببعض الموظفين العرب لأن لدينا الكثير من الزبائن العرب المقيمين في هذه المنطقة". وتضيف: "ان كثيراً من النساء والمتوسطين في الاعمار لا يجيدون استعمال احدى اللغتين الفرنسية او الانكليزية فيلجأون الى هؤلاء الموظفين لخدمتهم واتمام معاملاتهم".
    في مجال آخر يتحدث حمزة يوسف وهو يمني (26 عاماً) ويعمل مسؤولاً عن لجـنة استقـبال المهاجرين واللاجئين الجدد, عن مهمة هذه اللجــنة التــي تتفرع منهـا لجنة اخرى تضم ثلاثة موظفين عرب فيقول: "نهتم بالوافدين العرب ونساعدهـم على إتمـام معاملاتهــم الضرورية كالحصول على بطاقات الضمان الاجتماعي والصحي وتسجيل ابنائهم في المدارس وإرشادهم الى مراكز التأهيل اللغوي والمهني ونزودهــم بمنشورات وكتيبات ومصورات تشتمل على عناوين وهواتف الوزرات والمؤسسات والدوائر الرسمية التي قد يحتاجون اليها". ويشير يوسف أيضاً الى ان بعض المدارس الحكومية يستعين بعدد من المترجمين العرب لحل بعض الاشكالات التي يتعرض اليها التلامذة من ابناء الجالية والتي تنشأ إجمالاً عن صعوبة التأقلم او التخلف المدرسي, وتعقد لأجلها اجتماعات مشتركة بين المترجمين والاساتذة والأهل في أوقات الدوام الرسمي أو بعده. كما ان مراكز الشرطة تستعين بمترجمين آخرين في اطار حملات التوعية التي تطلقها من حين لآخر بغية ارشاد الاهالي والطلاب لتجنب الاعمال المنافية للقانون وتزودهم بالمعلومات الكفيلة لحفظ ابنائهم من التعديات اما عبر رسائل مكتوبة باللغة العربية او عبر اجتماعات مشتركة.
    يشار أيضاً الى ان وزارة التربية في كيبيك استحدثت منذ فترة من الزمن صفوفاً خاصة بتعليم اللغة العربية للاطفال في المدارس الحكومية المتواجدة في المناطق التي تسكنها غالبية عربية. ويشرف على تعليمهم اساتذة من العرب عينوا خصيصاً لهذه الغاية في اطار السياسة الرسمية الهادفة الى تسهيل تأقلم الناشئة واندماجهم في المجتمع الجديد الامر الذي يؤهل الطلاب العرب بعد تخرجهم بامتلاك ثلاث لغات ما يجعل فرص الاستخدام متاحة امامهم لولوج سوق العمل.
    والى ذلك تتزايد اعداد الموظفين العرب في الكثير من المرافق الحكومية كالمطارات والجمارك ودوائر الضمان الاجتماعي والصحي ومكاتب العمل ودوائر الهجرة وغيرها فضلاً عن الجامعات والمؤسسات الخاصة التي تتصدر واجهاتها عبارة "نتكلم العربية".
    وعلى رغم الاستطلاع الذي نشرته جريدة مونتريال في عددها الصادر في 22 شباط (فبراير) 2004 والذي جاء فيه "اصبحت اللغة العربية احدى اللغات المتداولة في سوق العمل الكندي", فإن الباحث الجامعي غي دريدي, وان اعتبر هذا الاختراق مؤشراً جيداً, الا انه بحسب رأيه لا يتناسب مع حجم الجاليات العربية من جهة ولا مع الكفاءات العربية التي ما زال وجودها "هزيلاً في معظم الدوائر الرسمية لا سيما في المناصب الرفيعة منها".
    مكاتب التوظيف الكندية تنتظر ناطقين باللغة العربية.
    مونتريال - علي حويلي
    ــــــــ
    الحياة 2004/04/6
                  

09-02-2015, 01:01 AM

سيف اليزل برعي البدوي
<aسيف اليزل برعي البدوي
تاريخ التسجيل: 04-30-2009
مجموع المشاركات: 18425

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات متنوعة عن الأسرة و المجتمع (Re: سيف اليزل برعي البدوي)

    - الجري وراء الأهواء والشهوات يؤدي إلى الضياع والفشل والإحباط، والحيرة بين نوازع الفضيلة ومغريات النفس.
    - التربية الأخلاقية في الإسلام تقوم على أساس من قوة العقيدة والالتزام والعرض والمناقشة والإقناع، وتتوجه إلى عقول الشباب قبل عواطفهم، وتخلق توازناً بين الغرائز والحاجات، وتوجد انسجاماً للفرد مع ذاته.
    - تشتيت الشباب بين المعايير والقيم الدينية وتقليد المدنية الغربية يخلق صراعاً واضطراباً نفسياً في حياتهم.
    - السعادة حلم البشرية ينشدها الإنسان بشتى الطرق وفي كل مكان، لكنه يعود بعد عناء طويل خالي الوفاض إلاّ من مشاعر القلق والتذمّر والفشل والضياع.
    - الإيمان ينبوع الحب الدائم يمدّ الشباب بالأمان والأمل والطاقة على المثابرة والنجاح وتحقيق الغايات الكبرى في الحياة.

    **مشكلات الشباب وقضايا المجتمع:***
    تشكل قضايا الشباب الجزء الأكبر من قضايا المجتمعات المعاصرة على اختلاف أنظمتها واتجاهاتها ومستوياتها، ومشكلات الشباب تستأثر باهتمام المربين وعلماء النفس والاجتماع والمفكرين على تنوع انتماءاتهم، وهذا بسبب ما يعاني الشباب من متاعب وهموم واضطرابات اجتماعية ونفسية خطيرة. فالشباب يشكلون نسبة عالية من السكان في المجتمعات العربية والإسلامية والدول النامية، وهم أكثر الفئات الاجتماعية تأثراً بالواقع ومتغيراته ومعطيات البيئة الحياتية المادية والمعنوية من فكر وقيم ومشاعر وسلوك...
    والحقيقة أن الشباب أكثر انفعالاً وتفاعلاً في المجتمع، وأكثر استعداداً للانجرار وراء مغريات الحياة والانحراف والشذوذ والإصابة بالاضطرابات النفسية والتأثر بالاتجاهات الجديدة والتقليد الأعمى. وقد بينت الدراسات الاجتماعية والنفسية وجود علاقة جدلية بين ارتفاع نسبة الانحراف والشذوذ في أوساط الشباب وبين طبيعة البنية الاجتماعية والاقتصادية والثقافية للمجتمع، كما نلاحظ في المجتمعات المتقدمة صناعياً مثلاً. وبالعكس نلاحظ انخفاض هذه الظاهرة في المجتمعات التي تسمى (محافظة) التي تسودها المبادئ الدينية والقيم والأخلاق والفضيلة كما في المجتمعات الإسلامية.
    لذلك نجد أن طبيعة الواقع الاجتماعي (الاقتصادي والفكري والنفسي والتربوي والبيئي) تلعب دوراً أساسياً في تحديد طبيعة الأزمات والمشكلات التي يعاني منها الشباب. فهذه العوامل تؤثر بفعّالية في تكوين أنماط السلوك واتجاهات الفكر وسقف المعاناة النفسية والمادية للغالبية العظمى من الشباب، وهذا يبين لنا أن معالجة قضايا الشباب لا يمكن أن تتم إلاّ عبر المعالجة الشاملة لقضايا المجتمع التي تشمل مشكلات وواقع الأسر والمؤسسات التعليمية التي تلعب دوراً أساسياً في تنشئة الشباب ورعايتهم وتكوينهم العقلي والنفسي والجسمي عبر دراسات علمية ورؤية واعية وعميقة لقضايا المجتمع ومشكلات الشباب (العلم والعمل والصحة والأمراض النفسية والتدخين والمخدرات والجرائم ومرض الشذوذ "السيدا") وغيرها من القضايا التي تواجه المجتمعات المعاصرة عامة والإسلامية خاصة بسبب ما تخلفه من آثار سلبية نفسية وعاطفية في نفوس الشباب، وصعوبات في التنمية والتطور في المجتمع.
    **غرائز الشباب بين الأهواء والواقع: ***
    مع بداية مرحلة المراهقة تبرز بقوة عند الشاب دوافع الشهوات والأهواء، وتتوقّد الأحلام والمخيّلات، وتتأجّج مظاهر الحيوية والنشاط في نفسه، ويتحدّد كثير من أهدافه من خلال شهواته وغرائزه، وترسم له مخيلته الطرق للوصول إليها، فيخترق الحواجز والممنوعات التي يواجهها، وتصبح قواه العقلية ضعيفة التأثير في مجرى حياته، بينما تسيطر عليه مشاعر الأنانية وحب الذات وتغليب مصلحته الشخصية على مصلحة المجتمع، وتنقلب المفاهيم والقيم في عقليته، وتصبح رغباته هي أساس الفضيلة والنظام والتقدم الاجتماعي. يصور جان جاك روسو هذه الحقيقة في كتابه (أميل) بقوله: (... إن الفضيلة كما يقولون هي حب النظام، لكن هل يستطيع هذا الحب أن يغلّب النظام على مسرّتي الخاصة؟ وهل هو سبب كافٍ لتفضيل النظام على متعتي... فالرذيلة يمكن أن تصبح هي حب النظام لكن بوجه مختلف...).
    ولاشك في أن الجري وراء الرغبات والشهوات بكل الوسائل يأخذ من حياة الشاب وقتاً طويلاً، وكثرة التفكير في أهوائه يصرفه عن الاهتمام بالدراسة والقضايا المهمّة في الحياة. وفي النهاية يضيع منه كل شيء، فلا هو أشبع رغباته، ولا استفاد من فرص الحياة في العمل والتعلّم وبناء شخصيته وكيانه الاجتماعي.
    فالمجتمع يغري الشاب ويعرض أمامه مغريات الحياة، في الوقت ذاته يصدّه عنها ويمنعه من الوصول إليها. وهذا يزيد عناءه ومعاناته وسخطه وتمرّده وشعوره بأن الواقع ظلمه، وحال بينه وبين حقوقه في متع الحياة، فيولّد هذا الشعور الاضطراب النفسي والقلق والتوتر والاكتئاب والإحباط... وقد يعيش الشاب حالة من التناقض الصارخ والصراع الداخلي والانفصام، في محاولته الفاشلة للتوفيق بين شهواته ومتعه وبين قيمه الدينية والأخلاقية. وقد يعمد إلى التلفيق لتبرير تصرفاته المسيئة للمجتمع، وينزلق أكثر فأكثر إلى طريق الخطيئة ويغرق في عواصف الحياة التي قد تورده المهالك.
    لكن الشاب المسلم الذي توفرت له تربية إسلامية أخلاقية صحيحة، وتمكّن الإيمان من قلبه، فإنه يصرفه بقوة عن الانحراف، ويمنعه من الانجراف وراء غرائزه وشهواته، ويقيه من آثار الحيرة والقلق والاضطرابات النفسية. فالشاب المؤمن يشبع رغباته بطرق مشروعة وفي أجواء من الأمان والسعادة والكرامة، وتسيطر على نفسه الراحة والاطمئنان والرضى والسكينة.
    فالتربية الإسلامية وقوة الإيمان تحصّن الشاب من عواصف الحياة وبراكينها واضطراباتها، ويسير بكل عزيمة وجد ومثابرة، دون كلل ولا يأس، حتى النهاية لتحقيق أهدافه النبيلة وطموحاته المشروعة في الحياة.
    **طموح الشباب والسعادة المفقودة:***
    السعادة حلم كل إنسان في الحياة، يطلبها الكثير في بداية شبابهم بكل الطرق وفي كل مكان، ثم يعودون في نهاية المطاف (بخفي حنين). فيجرّبون ألوان المتع والمباهج والرفاهية والغنى، لكن يعودون في النهاية محمّلين بمزيد من الهموم وأثقال من مشاعر الضيق والتوتر والتذمر واليأس، وقد يدفع بعضهم إلى الانتحار للتخلص من الحياة.
    لقد بينت الدراسات أن الشباب في أوروبا وأمريكا يعانون كثيرا من الشقاء والتعاسة والاكتئاب، وخاصة شباب (السويد) التي يعيش سكانها بما يشبه حياة الأحلام، قال عنهم أحد الباحثين (أهل الجنة ليسوا سعداء). وقال (ويلسون) عن الحياة في نيويورك: (إنها غطاء جميل لحالة من التعاسة والشقاء). فالسعادة ليست بالغنى وكثرة المال والرفاهية والجاه، فهي غالباً لا تورّث سوى الهم والتعب والحسرة والطمع والشراهة للمزيد.
    السعادة لا تنبع إلاّ من أعماق الفرد، وتشع على جوارحه سروراً وفي نفسه طمأنينة، وتشرح صدره ويعيش في راحة ضمير وقناعة ورضى بقضاء الله وقدره. وهذه السعادة الحقيقية لا تتحقّق إلاّ بالإيمان الصادق العميق الذي يكبح جماح النفس وينظّم الغرائز ويخلق توازنا بين حاجات الشاب ومتطلبات الواقع.
    الجري وراء السعادة عن طريق المتع ينحرف بالفطرة إلى دروب الانحراف والمعاصي، ويصبح الشاب أسيراً لأهوائه وحب الذات والجشع والغرور، ويعيش حالة من الصراع بين إرضاء غرائزه أو إرضاء المجتمع، ويحرم نفسه السكون وراحة الضمير والاستقرار.
    وقد يعتقد أغلب الشباب أن السعادة في الحب، لكن الحب الذي يفهمه الشاب اليوم هو الحب المادي المرتبط بالجنس والشهوات والمتع المادية، وجميعها تتمحور حول حب الذات وإرضاء النفس.
    أما الحب الحقيقي الذي يولّد السعادة في النفس، فهو الحب الروحي الطاهر الخالي من المصالح المادية، بهذا المعنى يحب المؤمن كل شيء لوجه الله تعالى. فالحب حاجة أساسية في حياة البشرية وخاصة الشباب، وبفقدانه يخسر الكثير من الدوافع والطاقة للاستمرار في الحياة ومواجهة العقبات والتغلّب على الصعوبات بفعّالية وتحقيق طموحاته المشروعة وغاياته الكبرى في المستقبل.
    وبينت الأبحاث النفسية أن من يفتقد الحب والحنان ودفء الرعاية والاهتمام في الأسرة والمدرسة والمجتمع، يعجز عن منحها للآخرين، ويصبح أكثر عرضة للانحراف من غيره من الشباب، وذلك خلال محاولاته العشوائية في البحث عما ينقصه من مشاعر ...
    **الإيمان منبع الأمان:***
    الإيمان مصدر الأمان يجعل الشباب يحصر تفكيره في رضا ربه وطاعته واجتناب معاصيه، ومنفعة الناس تصبح غايته الكبرى، فيحقّق السعادة لنفسه والفوز في الدنيا والآخرة، رغم ما يخسره من متعة عابرة أو منفعة عاجلة وكبحٍ لشهوة طاغية. فالإيمان خير علاج للاضطرابات النفسية والوحدة والخوف، وهي أمراض تجعل الإنسان يفقد الأمل في الحياة وقد تؤدي به إلى الانتحار. يقول الدكتور "موريس جوبتهيل" مدير الصحة العقلية في نيويورك: "إن مرض الإحساس بالوحدة من أهم العوامل الأساسية للاضطرابات النفسية".
    والشك والشرك بالله هما مصدر الخوف والقلق للإنسان حول حاضره ومستقبله وجزعه من الفقر والمرض والكوارث والموت. يقول الفيلسوف ابن مسكويه: "إن الخوف من الموت ليس يعرض إلاّ لمن لا يدري حقيقة الموت ولا يعلم أين تصير نفسه، أو أن العالم سيبقى موجوداً وهو ليس موجودا فيه، أو لأنه يظن أن للموت ألماً عظيماً، أو لأنه يعتقد عقوبة تحل به بعد الموت، أو لأنه يأسف على ما يخلّفه من المال والمقتنيات."
    أما المؤمن فيشعر يقيناً أن الله معه وعنايته ترافقه أينما كان، فلا يشعر بالوحدة واليأس والقنوط. يقول الله تعالى في كتابه الكريم: "وهو معكم أينما كنتم.." سورة الحديد 4 . ويقول تعالى في الحديث القدسي:" أنا عند ظن عبدي بي وأنا معه إذا ذكرني".
    ويبين الدكتور فرانك لوفاخ (عالم النفس الألماني) هذه الحالة، فيقول: "مهما بلغ شعورك بالوحدة فاعلم أنك لست وحيداً، فإذا كنت تسير على جانب في الطريق، فكن على يقين أن الله يحفظك برعايته".
    فالصلاة والدعاء تبعث السكينة في نفس الشاب المؤمن، وتمدّه بالعزيمة والثقة بالنفس واطمئنان القلب والأمل في الحياة والرضا بقضاء الله وقدره، وهذه جميعها تؤدي إلى السعادة الحقيقية. فقد جاء في حديث النبي صلى الله عليه وسلم: "من سعادة المرء استخارته ربه ورضاه بما قضى، ومن شقاء المرء تركه الاستخارة وعدم رضاه بعد القضاء". رواه الترمذي وأحمد والبزار بروايات مختلفة.
    فالأمل والرجاء هما الدافع القوي إلى الحياة، والجد والمثابرة والصبر لتحقيق الأهداف الكبرى في الحياة، والتقدم والنجاح. "فما أضيق العيش لولا فسحة الأمل".
    وسيرة النبي صلى الله عليه وسلم تقدم لنا نموذجاً ومثلاً أعلى، نحتذي به في الصبر والتحمل والعمل الجاد والمثابرة لتحقيق الرسالات العظمى، رغم كل الصعاب الهائلة التي واجهته والأذى والاضطهاد الذي تعرض له. فالإيمان أيضاً ينبوع الحب الذي لا ينضب "حب الطبيعة، حب الحياة، حب الموت، حب الناس..الخ". فالحب يخلّص الإنسان من مشاعر الحسد والحقد والكراهية والشح والأذى وهو دليل الإيمان، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم:" والذي نفسي بيده لن تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولن تؤمنوا حتى تحابوا".
    وهذا يتم من خلال التربية الإسلامية الصحيحة التي لها الأثر الأكبر في تقوية الإيمان وتكوين الضمير، الذي هو ركيزة الأخلاق، فلا بد للضمير من الخوف ولكن يجب أن يكون الخوف من الله تعالى وحده. والتربية الإسلامية ترسخ الإيمان في قلوب الشباب وتدرّبهم على ضبط النفس وتنظيم الرغبات وتقوية الإرادة والقدرة على التحكم والسيطرة على النفس، عند الغضب وهيجان الأهواء وهذه تدل على قوة الإيمان وحقيقته، كما ذكر النبي صلى الله عليه وسلم " ليس الشديد بالصرعة، إنما الشديد من يملك نفسه عند الغضب" الحديث رواه الشيخان.
    ـــــ
    مراجع البحث:
    1-زاد المعاد، ابن قيم الجوزية
    2-إحياء علوم الدين، الإمام أبو حامد الغزالي.
    3-الإيمان والحياة، الدكتور يوسف القرضاوي.
    4-الإنسان بين المادية والإسلام، محمد قطب.
    5-ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين، أبو الحسن الندوي.
    6-التربية الإسلامية، الدكتور محمد رمضان البوطي.
    7-أصول التربية، الدكتور علي عبد الواحد وافي.
    8-الإنسان ذلك المجهول، إليكسس كاريل.
    9-دع القلق ودع الحياة، ديل كارنيجي.
    مصطفي الصوفي-اسلام ويب
                  

09-02-2015, 01:03 AM

سيف اليزل برعي البدوي
<aسيف اليزل برعي البدوي
تاريخ التسجيل: 04-30-2009
مجموع المشاركات: 18425

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات متنوعة عن الأسرة و المجتمع (Re: سيف اليزل برعي البدوي)

    عندما يصل الانحراف إلى مداه ويؤتى ثماره الخبيثة يبدأ المجتمع في استشعار الخطر القادم فترتفع الأصوات مطالبة بوقفة حازمة وشجاعة ويطالب الجميع بضرورة الضرب بيد من حديد واستعمال أقصى وأقسى العقوبات ضد المنحرفين حتى تختفى هذه الجرائم الاجتماعية الخطيرة.
    وإذا كنا نحن في مقدمة المطالبين بهذه الوقفة الحازمة ضد مرتكبي جرائم الاغتصاب والانحراف بشتى صوره.. إلا أننا نتساءل: هل يعتبر هذا هو الحل الوحيد أم أن هناك إطارًا اجتماعيًّا ومناخًا عامًّا يجب أن يكون سائدًا منذ البداية؟
    وما هي ملامح هذا المناخ؟ وما هي الأسباب الحقيقية والعوامل التي تحول دون وجوده؟
    يقول الدكتور أحمد عبد الرحمن أستاذ علم الأخلاق بالجامعات المصرية والعربية السابق: بصفة عامة الفرد الفاضل نتاج مجتمع فاضل، فنحن أبناء مجتمعنا نتلقى من الأسرة والمدرسة والبيئة والقدوات الموجودة حولنا ومن المسجد.. كل هذه المصادر تربينا وتشكل سلوكياتنا، فإذا أرادنا مجتمعًا فاضلاً أفراده فاضلون، لابد أن ندقق فيما تقدم هذه الجهات المؤثرة ونحاسب أنفسنا حسابًا عسيرًا.. ونحن لا نفعل هذا، فالأسرة لا ترعى أولادها.. حيث ينشغل الوالدان بالعمل ويتركان أولادهما للتليفزيون وزملاء الشارع أو النادي .. والمدرسة.. المدرس نفسه قدوة سيئة وبعضهم يتحدث عن غرامياته في الفصل، فهناك تسيب إداري وأخلاقي.. كل إمكاناتنا التربوية والتثقيفية تبنى مجتمعًا غير إسلامي.. فالإعلام دومًا يتحدث عن الفن الذي تحرر من وصاية الدين والأخلاق.. والمذيعة لا تظهر محجبة.. تلك هي القدوات التي نقدمها للشباب بقصد وعمد وتخطيط.. ثم نبكي على هذه الظواهر.
    أما الدكتورة إجلال خليفة أستاذ الصحافة في كلية الإعلام بجامعة القاهرة فتقول: الإعلام يدعو إلى الرذيلة ويحث على الفحشاء.. فترى في كل الأغاني والأفلام.. سمة المرأة الرئيسية.. راقصة في معظم المستويات وكل شرائح المجتمع حتى الخادم والخادمة.. الإعلانات كلها رقص.. كل شيء يرقص حتى برامج الأطفال.. والتليفزيون بالذات يقتحم على الناس بيوتهم وأصبح قدوة وأبًا ثالثًا، بل إنه أصبح في كثير من البيوت المربي الوحيد للأولاد، فلنتق الله في أطفالنا وشبابنا.. لماذا لا يعبر الفن عن الأنشطة الإنسانية ككل؟! لماذا نركز على الغريزة الجنسية فقط، نغفل الفطرة الطيبة؟ لماذا لا نرى الدين إلا في المناسبات رغم أن الدين هو الحياة ويجب أن يشمل كل سلوكياتنا ويهذب كل جوانب حياتنا؟!!
    لقد جعل الله تعالى صناعة الكلمة قسمين: "كلمة طيبة وكلمة خبيثة".. والإعلام للأسف يقدم 0.5% كلمة طيبة، والباقي كلمات خبيثة، وأنا لست ضد أو مع أحد.. لكن إذا حللناها سنجد معظم ما يقدم ينافي الحياء ويخل بالآداب العامة.. لقد أدرك أعداء الإسلام أن الكلمة أخطر من الصاروخ؛ لأنها تشكل الإنسان وتستعمره وتحوله من منتج إلى شرير معتد، ومن أجل ذلك تنفق الملايين على الإذاعات الموجهة لإفساد الشباب.. فالإعلام هو الاستعمار الحديث.. كل الدول الحديثة عندها إذاعات موجهة للاستحواذ على مشاعر الشعوب وعقليتها.. فيرسلون جيوشًا من الكلمات عبر الأثير سواء مقروءة أو مسموعة أو مرئية.. إذا لم نوجهها هنا ونحمي الناس بكلمة طيبة فسوف تحقق أهدافها.
    أما الدكتور كمال الدين حسين، بكلية رياض الأطفال جامعة القاهرة، فيرى أن: الظواهر الاجتماعية إفراز لبنية اجتماعية تعاني من الانفصام؛ فالأب اليوم لم يعد النموذج القدوة في البيت من خلال عجزه الاقتصادي عن تلبية احتياجات الأسرة.. الأبناء فقدوا الأمان والدفء الأسري لانشغال الأبوين في ملاحقة تلبية الاحتياجات الدنيوية.. ناهيك عما يتلقاه الأطفال من الأجهزة الإعلامية وما يشاهدونه من مثيرات عن طريق الإعلانات أو الأعمال الدرامية دون المستوى والتي تبعد عن مناقشة المشاكل الحقيقية للواقع أو من خلال الصحافة التي تحاول أن تجمل كل الأشياء بدون مراعاة للصدق ومن غير منطق ولا موضوعية، الأمر الذي يفقدها كل مصداقية مما يؤدي بالضرورة إلى خلق أجيال تفقد القدرة على التمييز بين الحق والباطل.. واختلال المعايير أو اختلال في السلوك والممارسة.

    **ما هو الحل؟***
    وعن المنهاج السليم لتنشئة الطفل تتحدث الدكتورة إنشراح الشال فتقول: لقد حدد الإسلام منذ أكثر من أربعة عشر قرنًا كيفية التنشئة السوية للطفل.. فقد بدأ التعهد بتربيته من مرحلة مبكرة تسبق وجوده على الأرض سعيًّا لإيجاد الأسرة التي تحميه من الانحراف فأوصى باختيار الزوجة الصالحة " فاظفر بذات الدين تربت يداك "، كما أكد على قبول الخاطب الصالح: "إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه..". كما أرشدنا إلى ضرورة الانضباط الخلقي بكل معانيه حتى يكون الأبوان قدوة في مجال العفة والالتزام الديني والخلقي. فأكد على ضرورة استئذان الطفل على أبويه قبل البلوغ في أوقات ثلاثة وهي فترة النوم من بعد صلاة العشاء وقبل طلوع الفجر ووقت القيلولة ظهرًا، حيث يغلب أن يكون الأبوان قد نزعا ثيابهما. أو تكون الأم في وضع لا يجوز أن يراها فيه الطفل، فإذا بلغ الطفل الحلم وجب أن يستأذن في كل الأوقات.
    كما علمنا القرآن الكريم كذلك الاحتشام في اللبس وعدم إظهار المفاتن لعدم إثارة الفتنة، والتحشم في الألفاظ والحديث، وأوصانا النبي r بالتفرقة بين الأولاد في المضاجع، فقال: "و فرقوا بين أولادكم في المضاجع".
    بهذا ينشأ الطفل على الحياء وتأخذ الغريزة الجنسية مسارها الطبيعي في التكون والظهور، ويكون الطفل أقل تجاوبًا مع صور الانحراف التي لا يخلو منها أي مجتمع.. ولكني أنادي بضرورة تكاتف المؤسسات التربوية المشتركة في تنشئة الطفل حتى لا أبني من ناحية وغيري يهدم من ناحية أخرى على الأقل تلك التي تقتحم علينا بيوتنا كالتليفزيون. فمتى نتقي الله في أطفالنا وشبابنا وهم مستقبل هذه الأمة؟!
    ـــــ
    مجلة "هاجر" ع 25 بتصرف.
                  

09-19-2015, 01:30 AM

سيف اليزل برعي البدوي
<aسيف اليزل برعي البدوي
تاريخ التسجيل: 04-30-2009
مجموع المشاركات: 18425

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات متنوعة عن الأسرة و المجتمع (Re: سيف اليزل برعي البدوي)

    حين يتوهم أهل الدنيا أن اللذة والنعيم في الأموال والنساء وفي البيت الجميل والفراش الوثير، فإن جنة المؤمن في محرابه ، ولذته في مناجاته لربه سبحانه وتعالى حين يقوم فيترك فراشًا وثيرًا وزوجة حسناء، ويلقي عن نفسه التعب والكسل ليجيب نداء ربه وهو يدعوه: (يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ * قُمِ اللَّيْلَ إِلا قَلِيلاً * نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلاً)، يا أيها الملتف في ثيابه المستدفئ في فراشه: قم فإنك على موعد مع ربك وخالقك، وهو ينادي على محبيه: من يدعوني فأستجيب له؟ من يسألني فأعطيه؟ من يستغفرني فأغفر له.هؤلاء هم أهل الله المحبون له على الحقيقة
    قيام الليل .. وما أدراك ما قيام الليل ؟
    سنة عظيمة أضعناها، ولذة عجيبة ولكننا ما تذوقناها، وجنة للمؤمنين في هذه الحياة ولكننا ما دخلناها ولا رأيناها .

    لله قوم أخلصوا في حبه فأحبهم واختارهم خداما

    قوم إذا جن الظلام عليهم قاموا هنالك سجدا وقياما

    يتلذذون بذكره في ليلهم ونهارهم لا يبرحون صياما
    قيام الليل مدرسة تتربى فيها النفوس، وتهذب فيها الأخلاق، وتزكى فيها القلوب .
    قيام الليل عمل شاق وجهاد عظيم لا يستطيعه من الرجال إلا الأبطال الأطهار، ولا من النساء إلا القانتات الأبرار.. (الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ وَالْقَانِتِينَ وَالْمُنْفِقِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالأَسْحَارِ)(آل عمران:17) .
    قيام الليل دأب الصالحين قبلنا، ومكفرة لسيئاتنا، وقربة لنا إلى ربنا، ومطردة للداء عن أجسادنا.
    لماذا الحديث عن قيام الليل
    الحديث عن قيام الليل له أسباب كثيرة ..
    أولها: أنه بداية الطريق لإعادة بناء الأمة، وتأهيلها مرة أخرى لقيادة العالم وسيادته وريادته .. فبهذا الأمر ربى الله تعالى الرعيل الأول وجهزهم لتحمل مشاق الرسالة والقيام بأمر الدعوة؛ لأن العبد إذا قام الليل طهر قلبه، وإذا طهر القلب فلن تجد منه إلا السمع والطاعة.
    ولذلك لن تعجب إذا علمت أن الله افترض على المسلمين قيام الليل قبل أن تنزل الأحكام وقبل أن تفرض الفرائض وقبل فرض الصلوات الخمس كما جاء في حديث حكيم بن حزام أنه جاء إلى السيدة عائشة رضي الله عنها يسأل عن قيام النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: ألست تقرأ سورة المزمل؟ قال: بلى، قالت: فإن الله افترض قيام الليل في أول هذه السورة، فقام النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه حولاً (سنة كاملة) وأمسك الله خاتمتها اثني عشر شهرًا في السماء حتى أنزل في آخر هذه السورة التخفيف فصار قيام الليل تطوعًَا بعد فريضة .
    وقال ابن عباس رضي الله عنهما: إن قيام الليل كان فريضة في أول الأمر على النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه سنة كاملة حتى نسخ الله هذا في آخر السورة.
    فطهارة القلب وزكاة النفس لا تكون إلا بقيام الليل .ولهذا وجدنا بعد الأمر بقيام الليل الحديث عن المهام الجسام التي يعد الله لها نبيه صلى الله عليه وسلم حين يقول الله تعالى: (إنا سنلقي عليك قولا ثقيلا).

    الثاني: تبدل أحوالنا عن أحوال السلف، وانقلاب ليالينا إلى لهو ولعب وتفريط في الأعمار وتضييع للأوقات.. وبدلا من أن تقضى ساعات الليل في صلاة ومناجاة لله صار الأعم الأغلب يقضيها في معاص أضاعت على المسلمين دينهم.
    وغاب عن الكثير منا حديث أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " ينزل ربنا عز وجل كل ليلة إلى سماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر، فيقول: من يدعوني فأستجيب له ؟ من يسألني فأعطيه ؟ من يستغفرني فأغفر له؟".(رواه الجماعة) .
    وعن عمرو بن عبسة رضي الله عنه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: " أقرب ما يكون العبد من ربه في جوف الليل الآخر، فإن استطعت أن تكون ممن يذكر الله في تلك الساعة فكن " .
    الثالث: هو قسوة في القلوب، وجفاف وجفاء في الباطن طفح على الظاهر فأورث النفوس عدم تلذذ بالقرآن والآيات، وعدم تأثر بالمواعظ والبينات، ومن كان هذا حاله فلا بد له أن يقوم الليل ليسأل ربه أن يمن عليه بقلب خاشع رقيق فما استجيبت الدعوات في وقت بمثل ما استجيبت بالأسحار.
    الرابع: رغبة في إحياء سنة من سنن النبي صلوات الله وسلامه عليه، تركها الناس ورغبوا عنها، وفي إحياء سننه أجر عظيم وثواب كبير.
    قيام الليل في القرآن
    لقد تنوعت صور دعوة القرآن المسلمين لقيام الليل ما بين الأمر به، وبيان فضله، وامتداح أهله، وعاقبة أصحابه ترغيبًا وتحبيبا، وهذه الآيات منها المدني والمكي:
    فأمر الله به في سورة المزمل كما سبق، وفي سورة الإسراء: (أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُوداً * وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَاماً مَحْمُوداً)(الإسراء:78، 79).
    قال الحسن ومجاهد: أي أن القيام في حق النبي نافلة؛ لأن الله غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، وهو في حق المسلمين فريضة، فقالا: لابد من قيام الليل ولو ركعتين في السحر .
    وفي سورة ق قال تعالى: (فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ * وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَأَدْبَارَ السُّجُودِ) (ق:39، 40) .
    وفي وصف أهل الإيمان امتدح الحق تبارك وتعالى المتقين المحسنين داعيا للاقتداء بهم فقال عز وجل: (إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * آخِذِينَ مَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ * كَانُوا قَلِيلاً مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ * وَبِالأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ)(الذريات:15 - 18).
    وقال : (وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الأَرْضِ هَوْناً وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلاماً * وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّداً وَقِيَاماً)(الفرقان:63، 64) . فجعل من صفات عباده الذين شرفهم بنسبتهم إليه أنهم يبيتون ليلهم سجدًا وقيامًا.
    وفي بيان ما أعد للقائمين من الجزاء والنعيم قال تعالى: (إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآياتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّداً وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ * تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ * فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)(السجدة:15 - 17) . وكل هذه السور مكية باتفاق المفسرين.
    أما السور المدنية فقد تابع الله فيها التنبيه على تلك الشعيرة العظيمة كما في قوله سبحانه: (الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ وَالْقَانِتِينَ وَالْمُنْفِقِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالأَسْحَارِ)(آل عمران: 17) .
    وقال أيضا: (لَيْسُوا سَوَاءً مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ)(آل عمران:113) .
    وفي سورة الإنسان قال تعالى: (وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ بُكْرَةً وَأَصِيلاً * وَمِنَ اللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ وَسَبِّحْهُ لَيْلاً طَوِيلاً)(الإنسان:25، 26) .
    القيام في السنة
    لقد تواطأت أدلة السنة المطهرة مع أدلة الكتاب العزيز في الدعوة لهذه الفضيلة العظيمة وحث المؤمنين عليها، وكان هدي النبي صلى الله عليه وسلم في أقواله وأفعاله هو الحادي لأمته في اقتفاء أثره، فقد روى مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أفضل الصيام بعد رمضان شهر الله المحرم، وأفضل الصلاة بعد المكتوبة قيام الليل".
    ولذلك كان عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما يقول: "لأن أصلي في جوف الليل ركعة أحبُّ إليَّ من أن أصلي بالنهار عشر ركعات".
    وعندما هاجر المصطفى صلى الله عليه وسلم إلى المدينة كان أول ما كلمهم أن أمرهم بقيام الليل، قال: "أيها الناس، أفشوا السلام، وأطعموا الطعام، وصِلوا الأرحام، وصلُّوا بالليل والناس نيام، تدخلوا الجنة بسلام " .
    وكان صلوات الله عليه وسلامه يتعهد المسلمين ويحثهم على قيام الليل، فعن أبيّ بن كعب رضي الله عنه قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا مضى ثلثا الليل نادى بأعلى صوته: أيها الناس اذكروا الله، جاءت الراجفة تتبعها الرادفة، جاء الموت بما فيه". وطرق عليا وفاطمة رضي الله عنهما ليلا وقال: ألا تصليان؟".
    وقال لعبد الله بن عمر رضي الله عنهما: " نعم الرجل عبد الله لو كان يصلي من الليل". قال سالم بن عبد الله: فكان ابن عمر بعد ذلك لا ينام من الليل إلا قليلاً.

    وقال لعبد الله بن عمرو رضي الله عنهما: " يا عبد الله لا تكن كفلان كان يقوم من الليل فترك قيام الليل ".
    وفي وصية جبريل للنبي الأمين صلى الله عليه وسلم قال: "يا محمد، عش ما شئت فإنك ميت، وأحبب من شئت فإنك مفارقه، واعمل ما شئت فإنك مجزي به، واعلم أن شرف المؤمن قيامه الليل، وعزه استغناؤه عن الناس" .
    والنساء أيضا
    ولم يقتصر الأمر بقيام الليل على الرجال فحسب وإنما أيضا دعيت إليه المسلمات.. فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "رحم الله رجلاً قام من الليل فصلى وأيقظ امرأته، فإن أبت نضح في وجهها الماء، ورحم الله امرأة قامت من الليل فصلت وأيقظت زوجها، فإن أبى نضحت في وجهه الماء".(رواه أبو داود بإسنادٍ صحيح) .
    وعنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إذا أيقظ الرجل أهله من الليل فصليا ركعتين جميعًا كُتبا من الذاكرين الله كثيرًا والذاكرات " .
    وذكر أن العبد إذا فعل ذلك أو فعلته امرأته ضحك الله من فعلهما. وفي المسند: "إذا ضحك الله من عبد فلا حساب عليه".
    مقدار قيام الليل:
    كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي من الليل أحد عشر ركعة، أو ثلاث عشر ركعة، ولا يزيد على ذلك، وكان يقول: " صلاة الرجل مثنى مثنى"، وروت عنه السيدة عائشة رضي الله عنها قالت: "فصلى أربعًا، لا تسل عن طولهنَّ وحسنهنَّ، ثم صلى أربعًا لا تسل عن طولهنَّ وحسنهنَّ، ثم أوتر بثلاث .

    وصدق والله القائل:
    وفينا رســول الله يتـلـو كـتابه إذا انشق معروفٌ من الصبح ساطعُ
    أرانا الهدى بعد العمى فقلوبنا بــه مــوقـنـاتٌ أن مــا قــال واقـــع
    يبيت يجافي جنبه عن فراشه إذا اسـتثـقـلـت بالمشركين المضاجع
    هذا هديه صلوات الله وسلامه عليه، وكل إنسان يفعل ما تيسر له قدر استطاعته، والمقصود هو وجود قيام الليل وإحياء تلك السُّنَّة فيصلي العبد ما شاء ثم إذا تعب نام. وفي الحديث: " ليصل أحدكم نشاطه، فإذا كسل أو فتر فليرقد"، وقال: "خذوا من الأعمال ما تطيقون، فوالله لا يمل الله حتى تملوا".(رواه البخاري ومسلم) .
    قال ابن عباس رضي الله عنهما: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بقيام الليل، ورغب فيه حتى قال: "عليكم بصلاة الليل ولو ركعة".
    وقال رضي الله عنه: ذكرت قيام الليل فقال بعضهم: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "نصفه، ثلثه، ربعه، فواق حلب ناقة، فواق حلب شاة". والفواق: هو مقدار ما يرفع الحالب يده عن الضرع ثم يعيدها إليه ، وقيل مدة الحلب ... والمقصود أنها مدة قصيرة.
    وقال صلى الله عليه وسلم: "من قام بعشر آيات لم يكتب من الغافلين، ومن قام بمائة آية كتب من القانتين، ومن قام بألف آية كتب من المقنطرين". يعني الذين يوفون أجرهم بالقناطير. (رواه أبو داود، ابن خزيمة وهو في صحيح الجامع).
    من الأسباب الميسِّرة لقيام الليل
    ذكر أبو حامد الغزالي أسباباً ظاهرة وأخرى باطنة ميسرة لقيام الليل:
    فأما الأسباب الظاهرة فأربعة أمور:
    الأول: ألا يكثر الأكل فيكثر الشرب، فيغلبه النوم، ويثقل عليه القيام.
    الثاني: ألا يتعب نفسه بالنهار بما لا فائدة فيه.
    الثالث: ألا يترك القيلولة بالنهار فإنها تعين على القيام.
    الرابع: ألا يرتكب الأوزار بالنهار فيحرم القيام بالليل.لما سأل شاب الحسن البصري رحمه الله فقال لا أستطيع قيام الليل؟قال كبلتك خطاياك.
    وأما الأسباب الباطنة فأربعة أمور:
    الأول: سلامة القلب عن الحقد على المسلمين، وعن البدع وعن فضول الدنيا.
    الثاني: خوف غالب يلزم القلب مع قصر الأمل.
    الثالث: أن يعرف فضل قيام الليل.
    الرابع: وهو أشرف البواعث: الحب لله، وقوة الإيمان بأنه في قيامه لا يتكلم بحرف إلا وهو مناج ربه.
    وأخيرا:
    يا رجال الليل جـدوا رب داع لا يــرد
    لا يقــوم اللــــيل إلا من له عزم وجد
    اسلام ويب
                  

09-02-2015, 01:06 AM

سيف اليزل برعي البدوي
<aسيف اليزل برعي البدوي
تاريخ التسجيل: 04-30-2009
مجموع المشاركات: 18425

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات متنوعة عن الأسرة و المجتمع (Re: سيف اليزل برعي البدوي)

    البطالة .. قنبلة موقوتة
    مثل بقية دول العالم، فإن البطالة تمثل مشكلة حقيقية تعاني منها المجتمعات العربية والإسلامية.. غير أن مؤشرها البياني الذي يتجه بانتظام نحو الأعلى -وسط غياب معلومات حقيقية عن حجم المشكلة وأسبابها- يجعل منها مرضا مستعصيا على العلاج يصيب بصورة خاصة معسكر الشباب.
    في مصر.. ورغم التجارب التنموية الرائدة التي بدأت مع بداية القرن العشرين المنصرم إلا أن مؤشر البطالة واقف عند مستوى معين هو 11% حسب الإعلانات الحكومية، و20% حسب تقديرات مراكز الأبحاث الخاصة، وفي الحالتين فالنسبة مرتفعة وخطيرة، غير أن الفارق بين الرقمين يشير إلى أن القضاء على هذه المشكلة لن يكون في المستقبل القريب طالما أن المهتمين بها لم يستطيعوا بداية الاتفاق على حجمها.
    والشباب العربي يعاني اليوم أنواعا من البطالة، أبسطها هو "البطالة الصريحة" التي يعجز فيها الشاب عن العثور على عمل نافع بأجر مناسب، وأبشع صورها هو "البطالة المقنعة" التي يحصل فيها الشاب على وظيفة لا هي نافعة للمجتمع، ولا هي تدر عليه العائد الذي يجزيه ويكافئ جهده الذي بذله طوال عقد ونصف من التعليم، وبين هذين النوعين هناك البطالة الموسمية والبطالة التكنولوجية، وهما نوعان بدآ في الظهور مع تبلور ملامح العولمة.
    ولكننا لا نريد أن نستغرق في التحليل السياسي والاقتصادي للبطالة ووسائل القضاء عليها، بل نريد أن نتوقف عند آثارها الاجتماعية وأسباب زيادتها وانتشارها، وهنا يمكننا أن نرصد الأخطار الاجتماعية التالية:
    1. زعزعة الانتماء للوطن والولاء للدولة، وذلك لأن الحاجة إلى العمل من أجل الغذاء والكساء تقع على رأس هرم الحاجات الاجتماعية الأساسية، ومن وجهة نظر أي شاب فإن الوطن الذي لا تتوفر فيه هذه الاحتياجات الأساسية، والدولة التي تعجز عن حل هذه المشكلة لا يستحقان الانتماء لهما والتضحية من أجلهما.
    2. اهتزاز السلام الاجتماعي، فالشاب الذي يعاني من البطالة لن يمنع نفسه من "ممارسة" الحقد والكراهية تجاه أولئك الذين حصلوا على فرصة عمل، فضلا عن أولئك الأثرياء الذين يركبون السيارات الفارهة وتملأ صورهم الصحف والمجلات والقنوات التلفزيونية.
    3. انتشار الجريمة، فمعروف عالميا وفي دراسات الاجتماع الجنائي أن هناك عددا من الجرائم المرتبطة بزيادة البطالة، وعلى رأسها السرقة بأنواعها [نشل، سطو، سرقة بالإكراه] والقتل، إضافة إلى جرائم التهريب والاحتيال، فضلا عن الجرائم الجنسية والأخلاقية لشباب عاجز عن الزواج، وانتشار تعاطي المخدرات، وهو ما يؤدي في النهاية إلى شيوع مناخ عام يمتهن القوانين والأنظمة المعمول بها في المجتمع.
    4. البطالة تربة خصبة للتطرف والأفكار الهدامة، فالعاطل عن العمل الناقم على المجتمع مستعد لتقبل أكثر الأفكار تطرفا وانحرافا، وإن ارتدت ثياب الدين -وهو برئ منها- أو ثياب الإلحاد، ويكفي أن نذكر أن الشيوعية الماركسية حين أرادت تربة صالحة لدعوتها لم تجد أفضل من معاناة العمال، وظروف العمل القاسية.
    5. تباطؤ معدلات التنمية في المجتمع، لأن شريحة كبيرة منه لم يتم استغلالها في عمل نافع وبقيت تشكل عبئا على الدولة وعلى أسرها لتوفير الطعام والكساء ووسائل الترفيه لها لقتل الوقت.
    6. تراجع النظر إلى التعليم باعتباره قيمة تستحق العناء، وشيوع مفاهيم أخرى تقوم على "الفهلوة" والتحايل، وبالتالي تفاقم ظاهرة التسرب من التعليم وتزايد معدلات الأمية، وهو ما يصب بدوره في زيادة حدة مشكلة البطالة ليصبح الأمر أشبه بحلقة مفرغة.
    ***
    أريد أن أنطلق من هذه النقطة الأخيرة لأقول إن جزءا كبيرا من مشكلة البطالة يعود إلى الخلل في السياسات التعليمية التي تتبعها الدول العربية، ولأوضح ذلك بمثال عملي.. فالمجتمع المصري لم يعرف البطالة كمشكلة ملحة إلا في عام 66 مع تزايد أعداد خريجي الجامعات والمعاهد العليا والمتوسطة في حين كانت المعاناة محدودة قبل أن يصبح التعليم مشروعا قوميا للدولة بعد ثورة يوليو.. فما السبب؟
    السبب هو أن الدولة اتبعت شيئا فشيئا سياسة خاطئة بإصرارها على تعيين كل الخريجين، مع استمرارها في تصوير التعليم للناس على أنه حل لمشكلة البطالة، والنتيجة أن كثيرا من الفقراء وأبناء الطبقات الدنيا في المجتمع دفعوا بأبنائهم إلى المؤسسات التعليمية ليضمنوا لهم وظيفة سهلة، وبدأت الجامعات تعمل دون خطة لتخرج كل عام آلاف الخريجين في تخصصات لا يحتاج المجتمع إليها، واستمرت الدولة ملتزمة بتوظيفهم في تخصصات لا علاقة لهم بها، ولا قدرة لهم على إفادة المجتمع من خلالها.
    ما حاجة المجتمع المصري -على سبيل المثال- إلى نصف مليون محامٍ معظمهم ليس في مكتبه قضية واحدة، وكثير منهم يئس من مزاولة المهنة فتركها ليعمل "جرسونا" في مقهى أو مطعم سياحي؟!
    وما حاجة المجتمع لملايين من خريجي التجارة في بلد يعاني من كساد وأزمة اقتصادية مزمنة؟
    وما الحاجة المجتمع للآلاف سنويا من خريجي كليات الآداب، في حين لا يجد الواحد من هؤلاء شركة أو مؤسسة تحتاج إلى تخصصه؟
    ببساطة شديدة نحن -الشباب- نحتاج إلى خطة فورية لمواجهة البطالة تركز بصورة أساسية على ركيزتين:
    · الأولى: وضع سياسة واضحة ورشيدة للتعليم في أوطاننا العربية تضمن أن تخرج الجامعات للمجتمع الكوادر التي يحتاج إليها في التخصصات المطلوبة وبالأعداد المطلوبة.
    · الثانية: أن تبدأ الدول العربية فورا بخطة "للتدريب التحويلي"، وهي خطة تهدف إلى إنقاذ ما يمكن إنقاذه، عن طريق تدريب شباب الخريجين على مهارات وتخصصات جديدة تحتاج إليها مجتمعاتهم لتسهل لهم الحصول على فرصة عمل..
    وبغير ذلك فإن الشباب سيبقى كما هو الآن.. قنبلة موقوتة..
    الشبكة الإسلامية- خاص
                  

09-02-2015, 01:08 AM

سيف اليزل برعي البدوي
<aسيف اليزل برعي البدوي
تاريخ التسجيل: 04-30-2009
مجموع المشاركات: 18425

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات متنوعة عن الأسرة و المجتمع (Re: سيف اليزل برعي البدوي)

    ما إن ينتهي الطالب من عناء امتحانات الثانوية حتى يبدأ بالتفكير في كيفية الالتحاق بالجامعة، وأي الكليات ينبغي أن يلج، وأي تخصص يختار؟ هل يمسك بناصية طريق التدريس فيصبح معلمًا أم يختار علوم الإدارة لأنه يحبذ العمل الإداري ؟ أترى الطب أفضل أم الحاسب الآلي ؟ أفكار وأسئلة وأراء ومقترحات ...
    فترة عصيبة يمر بها الطالب قبل أن يقرر التخصص الذي سيختاره في الجامعة وقلق وتردد يلازمان الكثير ومما يزيد الأمر سوء هو عدم وضوح الهدف والرؤية بالنسبة للشاب .
    أخي الشاب لنفكر سويا ونحاول إزالة هذه الحيرة والوصول إلى أفضل الخيارات الممكنة .
    **حدد أهدافك وطبيعة العمل الذي تريده***
    إن جميع السنوات التي قضيتها في التعليم وهي اثنتا عشرة سنة أو أكثر ما هي إلا مقدمة للسنوات القادمة الحاسمة والتي يترتب عليها بإذن الله غالبا مسار حياتك العملية بناء على طبيعة ما تختاره في هذه الدراسة فإما أن تحقق طموحك وما تصبوا إليه في حياتك وإما أن تتنقل بين مجالات عديدة بحثا عن الأفضل فيضيع جهدك ووقتك دون أن تصبو إلى ما تريد.
    إذا لا بد من الخلوة بنفسك لتفكر فيما أنت مقدم عليه وماذا يجب عليك وما مدى رضاك عن نفسك، ولتحدد هدفك بوضوح لأنه له أصل دور كبير في نجاحك وليكن ضمن أهدافك خدمة هذا الدين ورفعة كلمته بكل ما تستطيعه من إمكانات واعلم أن الشخص الذي يسير بلا هدف لن يصل إلى شيء وربما تعب من أول الطريق فترك التعليم وتأفف منه وعليه فاسأل نفسك هل أنت إنسان هادي تحب الانفراد ؟ هل تمتعك الحركة الدائمة أو ترغب في العمل المكتبي؟ هل تفضل العمل الأكاديمي أم العمل الإنتاجي؟
    وهكذا اسأل نفسك حتى تستطيع في النهاية تحديد ما تريده بوضوح تام.

    **اعرف قدراتك وإمكاناتك ***

    إن مما يعينك على اختيار الكلية والتخصص المناسب معرفتك بقدرتك الذهنية والبدينة لذا أعطِ نفسك ما يناسبها ولا تبخسها حقها ولا تختار السهل لترتاح وكن طموحا مقداما وفي نفس الوقت لا تقحمها فيما لا تستطيعه فتتبعها بما لا فائدة منه.

    **احرص على جمع المعلومات الكافية ***

    إن جمع المعلومات الكافية والوافية يعطيك تصورا واضحا للمجالات المتاحة لك بحيث تستطيع بناء رأيك واختيارها على أساس صحيح وكلما كانت المعلومات صحيحة كان الاختيار نافعا وهذا يتطلب منك أمورا عدة منها جمع المعلومات من المصادر الأصلية ودع عنك ما يذكره ويتناقله الأصدقاء وما يتحدث به الناس.
    قم بزيارة الجامعات بنفسك واطلع على أقسامها وما تحتويه وتفهم جيد ما يؤهل إليه كل قسم منها وما تدرسه فيه فزيارتك هذه لها من الفوائد الشيء الكثير منها التعرف على طبيعة الجامعات ومبانيها ومنها اللقاء بالمسؤولين والحديث معهم وتأهيل نفسك للالتحاق بها وألفة المكان وغير ذلك من الفوائد فإن بعض الطلاب قد يخفق في دراسته خاصة في أيامه الأولى لعدم تأقلمه مع المكان الجديد والنظام المتغير.
    وفي أثناء جمعك للمعلومات لا تهمل وسائل الاتصال الحديثة فإن فيها خير كثير ونفع عظيم وبإمكانك عن طريقها توفير كثير من الجهد والوقت والتعب.

    **لا تجعل الأحداث والمواقف تؤثر عليك***

    لا تربط اختيارك لكلية ما أو تخصص معين بناء على ما حدث للآخرين فإن نجاح فلان في تخصص ما أو عدم توفيقه لا يستلزم حصول ذلك لك فكن واثقا في نفسك شجاعا في اتخاذ القرار ولا تهضم نفسك حقها ولا تبخسا ثقتها ودعك عنك الانهزامية والاعتماد على الآخرين والاتكال عليهم وعلى آرائهم وقراراتهم ولا تتكلف في كل ما سبق وكن وسطا فإن خير الأمور الوسط أما التكلف في البحث والتأمل والتفكر والتقصي فإنه يعود عليك بالضرر فتأمل .

    **المشاورة وأخذ الآراء ***
    إن استقلال الإنسان برأيه واعتماده على نفسه لا يعني إهمال آراء الآخرين ومقترحاتهم وتجاربهم فإن ضم خبرات الآخرين يعينك على اتخاذ القرار الصائب بإذن الله كما أنها تساهم في تكوين شخصية الإنسان.
    فإذا انتهيت من جمع المعلومات وتحديد الأهداف ومعرفة القدرات قم باختيار مبدئي للتخصص الذي تريد ا لالتحاق به ثم اعرض ما اتخذته من قرار على أهل الرأي والمشورة وابدأ بوالديك فإنهم أعلم بك وأحرص عليك ثم بعدهم أهل الاختصاص من أفراد المجتمع والمسؤولين وممن تتلمذت عليهم ولا يحملك التكاسل أو الحياء على التفريط في ذلك فإنه لهم اطلاع على ما لم تطلع عليه .
    **تراجع عند الخطأ ***
    كن مرنا عند المشورة وأخذ أراء الآخرين بحيث إذا ظهر لك وجه الخطأ في اختيارك فعليك بالمبادرة إلى إصلاحه والتراجع ولا تحاول الجدال والدفاع عن رأيك بلا فائدة فإن ورود الخطأ في الاختيار في هذه المرحلة أمر محتمل ووارد وعدم التراجع عنه قد يكلف الكثير في المستقبل.
    وإذا ما استقر رأيك على أمر ما وأقره أهل المشورة فعليك بالاستخارة وتقرب إلى الله بها واسأله أن يشرح صدرك ويوفقك للخير فإن الاستخارة لها دور عظيم فيما تقدم عليه في أمور حياتك ثم بادر بالتسجيل ولا تتردد وتتكاسل وتتقاعس ولا تسوف وتؤجل وكن حازما في أمورك ولا تنتظر مساعدة الآخرين وقضاء حوائجك.
    **التفاؤل والرضى أمران أساسيان ***
    وأنت تسير إلى الجامعة عليك بالتفاؤل فإنه من هديه صلى الله عليه وسلم فقد ورد في الحديث وكان يعجبه الفأل" والتفاؤل الذي تحتاجه هو المبني على أساس صحيح وليس على أوهام يتعلق بها الإنسان ليترك الجد والعمل فكن متفائلا بمستقبل طيب بإذن الله يعينك ذلك على الوصول إلى ما تريد.
    وإذا ما تعثر التحاقك بما كنت ترجوه وتأمله فكن راضيا بقضاء الله وقدره تكسب السعادة في الدنيا والأجر يوم القيامة واستحضر دائما حديث النبي صلى الله عليه وسلم "واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله عليك ولو اجتمعت على أن يضروك لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك رفعت الأقلام وجفت الصحف"

    وأخيرا اعلم أن وضوح الأهداف وربطها بالشرع المطهر والتعلق بالله جل وعلا وإخلاص النية له من أكبر أسباب السعادة في الدنيا والآخرة فأخلص نيتك واصدق مع ربك وتعلق به واطلب منه المعونة والغوث، وتذكر أن التقوى من أسباب الفلاح وفيها مفاتيح الرزق "ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب ومن يتوكل على الله فهو حسبه " وتذكر قوله تعالى " ومن يتق الله يجعل له من أمره يسرا" تجد السعادة بإذن الله تعالى.
    أشرف سلامة-اسلام ويب
                  

09-02-2015, 01:11 AM

سيف اليزل برعي البدوي
<aسيف اليزل برعي البدوي
تاريخ التسجيل: 04-30-2009
مجموع المشاركات: 18425

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات متنوعة عن الأسرة و المجتمع (Re: سيف اليزل برعي البدوي)

    الحياة تافهة عندما يجد الشاب نفسه بلا ضابط ، وفكره بلا محتوى ، وحياته بلا هدف ، ولا معنى ، مرحلة الشاب مرحلة حرجة ومنعطف حاد ، فالمرء يفترسه عاملا الفراغ وغموض الهدف ، فيسلبان الشاب فترة ذهبية من حياته ، يؤسس فيها القواعد الأولى لحياة هادفة قد تكون منطلقاً لآفاق أوسع .

    فالهدف لابد من وضوحه ، وعندما نسأل عن الهدف لا نذهب بعيداً ، فكتاب الله بين أيدينا يقول فيه عز وجل : ((ومَا خَلَقْتُ الجِنَّ والإنسَ إلاَّ لِيَعْبُدُونِ)) فتحقيق غاية العبودية بمفهومها الشامل هو الغاية والهدف في الحياة .

    هل تكفي مجرد المعرفة؟
    علمنا الهدف فهل يكفي ذلك للوصول إليه ، لا أظن أن هناك إجابة تزاحم قولنا بأنه لابد من علم ومعرفة دقيقة بواقعنا ، لكي نسير على بصيرة ، فعندما ننظر من حولنا نرى غزواً فكرياً خطيراً قد استشرى واستفحل خطره ونحن لاهون عنه غافلون ، فهو يسلك طرقاً خفية حتى ينفث سمومه ، ولا تدري الأمة إلا وقد ضاعت شخصيتها ، وزالت معاني أصالتها وقوتها ، سرى ذلك الغزو في جسد الأمة وترك بصماته على كلى جزء من هذا الجسد ، وما كان ذلك السريان إلا نتيجة لـ :
    1- الفراغ الذي ملأ أوقات أفراد الأمة شيباً وشباناً ، نساء ورجالاً .

    2- ضعف الإيمان في قلوب أفراد الأمة ، إلا من عصم ربك ، وقليل ما هم .

    3- غلبة الجهل المتراكم حتى في الطبقات التي تدعي العلم وحمل الشهادات .

    4- قلة التربية الصحيحة السليمة للنشىء في البيت أو المدرسة ، أو أجهزة الإعلام ، أو أجهزة الترفيه أو الشارع .

    سؤال مؤرق!!
    إخواني الشباب، يا أمل الأمة : ننظر إلى حالنا فلا نرى ما يرضاه ذوو الهمم العالية من مخلصي هذه الأمة مما يجعل سؤالاً يؤرق أجفاننا وهو: ما منشأ ذلك الحال؟.
    ولا يختلف اثنان على براءة ما نعتقده من ذلك ، فعقيدتنا تدعونا إلى الصلاح والإصلاح ، واستغلال جميع الأسباب النافعة التي ترقي بنا وتعلينا ، علمنا ذلك وإدراكنا لواقع أمتنا يوجب علينا مضاعفة جدنا ونشاطنا ، ولا نكون كمن رأى حال الأمة وحرج موقفهم فتخلى عنها كالجبناء ، والتفت إلى حضارات ومدنيات بُنيت على الكفر والإلحاد ، مزخرف ظاهرها خراب باطنها .

    إن الأمة تريد منا شباباً عالمين عاملين وإلا فنحن في أمية من نوع آخر ليست هي الجهل بالقراءة بل هي الجهل بالتزام ما نعتقده ونعلمه ونقرؤه التزاماً عملياً في كل شؤون حياتنا في : المنزل ، المكتب ، الشارع ، المصنع...

    إخواني: عليكم تلقى الآمال ومنكم يطلب الكثير، فالطريق طويل والصعاب فوق ما نتصور ولكن قال تعالى: ((إن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ ويُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ)) ((الله ولي الذين امنوا يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إلَى النُّورِ والَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُم مِّنَ النُّورِ إلَى الظُّلُمَاتِ)) .
    ــــــــــ
    مجلة البيان
                  

09-02-2015, 01:15 AM

سيف اليزل برعي البدوي
<aسيف اليزل برعي البدوي
تاريخ التسجيل: 04-30-2009
مجموع المشاركات: 18425

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات متنوعة عن الأسرة و المجتمع (Re: سيف اليزل برعي البدوي)

    يعتبر الشباب من أهم شرائح المجتمع وعماد الأمة ومكمن طاقتها المبدعة وقوتها الواعدة. ومشكلات الشباب محور المشكلات الاجتماعية، وحلها هو المدخل إلى حلّ مشكلات المجتمع وبنائه وتقدمه. وإفساد المجتمع والوطن وتخريب الدين يبدأ من إفساد فئة الشباب وحرفهم عن الطريق القويم بشتى الطرق والأساليب والمغريات.
    والإسلام يعي هذه الحقيقة ومدى خطورتها على الأمة والدين لذلك اهتم بقطاع الشباب، وتوجهت التربية الإسلامية إلى عقولهم ونفوسهم وعواطفهم من أجل رعايتهم وتربيتهم تربية صالحة، وتلبية حاجاتهم ورغباتهم المادية والنفسية المشروعة، ووقايتهم من الفساد والانحراف. وقد بين النبي صلى الله عليه وسلّم أن مقام الشاب الصالح عند الله تعالى يعادل مقام الإمام العادل يوم القيامة في حديثه عن السبعة الذين يظلهم الله في ظلّه ، منهم " إمام عادل وشاب نشأ في طاعة الله .." (1).
    ظاهرة الجنوح والانحراف عند الشباب تعتبر من أبرز المشكلات التي تعاني منها المجتمعات في العالم. بما تخلّفه من تأثيرات نفسية واجتماعية على شخصية الشاب وما تتركه من آثار سلبية وخطيرة على المجتمع في مجالات الجريمة والسرقة وانتشار المخدرات والفساد والانحلال الخلقي. وتجد المؤسسات الاجتماعية والدينية نفسها مضطرة للتصدي لهذه الانحرافات وقمعها وتحمل مسؤولية معالجة أسبابها والوقاية منها .

    الجنوح والانحراف وعوامله :
    يوضح علم الاجتماع أن الجنوح نموذج من السلوك الاجتماعي, يقوم المنحرف من خلاله بتصرفات مخالفة للقوانين الاجتماعية والأعراف والقيم السائدة في المجتمع, ويسيء به إلى نفسه وأسرته ومجتمعه. يبدأ الجنوح غالباً عند الأحداث الذين تتراوح أعمارهم بين 12 - 18 سنة، وهي بداية فترة المراهقة التي تعتبر من أخطر مراحل العمر في حياة الإنسان. وتؤكد الدراسات النفسية والاجتماعية على أهمية دور التربية الصالحة للشاب منذ الطفولة في كنف الأسرة ثم المدرسة، فإذا تلقى الشاب منذ صغره رعاية وتربية جيدة ينشأ إنساناً صالحاً، وإن كانت تربيته سيئة تظهر لديه ظواهر الانحرافات في وقت مبكر.

    أسباب جنوح الأحداث
    تتعدّد عوامل وأسباب جنوح الأحداث وانحراف سلوكهم الاجتماعي، منها:
    ـ عوامل اجتماعية:
    بعض الأسر تدفع بأبنائها إلى سوق العمل لساعات طويلة خلال اليوم, فيغيبون عن البيت أو المدرسة بعيداً عن الرعاية والمتابعة، مما يفتح أمام الأطفال أبواباً واسعة للانحراف والقيام بالأعمال والسلوكيات الطائشة والمتهورة والانغماس في الشذوذ الأخلاقي والاجتماعي، فالطفل يتأثر بسهولة بالبيئة المحيطة به، وينجرّ وراء رفاق السوء إذا لم يلق الرعاية والمتابعة المستمرة.
    وقد بينت الدراسات أن الجنوح جمعي وليس فرديا. فالشاب لا يقوم بتنفيذ أعمال منحرفة كالسرقة والنشل وعمليات التهريب وغيرها بمفرده، بل بعمليات جماعية شبه منظمة على شكل عصابات أو شلّة بالتعاون مع أقرانه. من هنا تأتي أهمية الرفقة الصالحة للشاب واختياره لأصحابه من أهل الصفات الحميدة.
    ومن أسباب الانحراف الإدمان على السكر وتعاطي المخدرات من قبل ربّ الأسرة. كما أن الهروب والتسرّب من المدرسة ومن البيت, وعدم شغل أوقات فراغه بنشاطات وفعاليات مفيدة (رياضية - أدبية - ثقافية - ... الخ ), يؤدي إلى ظهور الشذوذ والانحراف النفسي والأخلاقي والخروج على قيم المجتمع عند الشاب .

    ـ عوامل بيئية:
    منها تفكّك الأسرة والنزاعات الدائمة بين الوالدين, أو فقدان الأب في الأسرة، أو وجود زوجة الأب الذي يؤدي هذا إلى إهمال الأولاد. وممارسة القمع والقسوة تدفع الناشئة من الشباب إلى الهروب المستمر من البيت واللجوء إلى الشوارع والزوايا السيئة، فيتعلّم منها بسهولة العادات والقيم غير الأخلاقية.

    ـ عوامل نفسية:
    كثيراً ما تؤدي مشاعر الإحباط واليأس وخيبة الأمل, نتيجة الفقر والعوز والحاجة في الأسرة إلى انحراف الشباب واتباع السلوكيات السيئة، مثل السرقة لشراء ما يسد حاجته من الملابس والألعاب ووسائل الترفيه، وأحياناً شح ّ الوالدين وبخلهما وتقتيرهما بالمصروف على أبنائهما. فالشاب ضمن هذه الأجواء الأسرية سيعاني من الحرمان المادي والعاطفي والرعاية والحب والحنان والعطف والتربية الحسنة. وهي من الضرورات النفسية الأساسية التي يجب أن تتوفر في الأسرة , لينشأ الشاب نشأة صالحة, تقيه مخاطر الجنوح والشذوذ الاجتماعي .
    وتتنوع مظاهر الجنوح عند الشاب فيبدي عدائية مفرطة تجاه محيطه الأسري ووسطه الاجتماعي على شكل تجاوزات مستمرة وتمرد وعصيان للأوامر والتوجيهات. ويقوم بالاعتداء على حقوق وأملاك الآخرين . ويفتعل العراك والنزاعات مع أقرانه ويلحق الأذى بهم. وتبلغ عدوانيته حدّ تحطيم ممتلكات غيره, وإشعال النار في المنزل . ومن أهم نتائج الجنوح الإخفاق في المدرسة. لأنه يؤدي إلى إهمال الشاب لواجباته المدرسية ويدفعه إلى التحايل والكذب والتعويض عن هذا الفشل باتباع أساليب غير مشروعة لإثبات وجوده في المجتمع . ويشيع بين الشباب الجانحين ظاهرة الإدمان على التدخين والكحول والمخدرات . ويتميز الجانحون بضياع رغباتهم وعدم وضوح غاياتهم في الحياة وعدم قدرتهم على تحديد ما يريدون .

    الوقاية والعلاج :
    أصبحت اضطرابات السلوك الاجتماعي عند الشباب مشكلة اجتماعية حقيقية تحتاج إلى كثير من البحث والدراسة والعقلانية والتأنّي والوعي والثقافة والاستعانة بأصول التربية الإسلامية وعلم النفس التربوي وطرائقه, لمعالجة هذه المشكلة من خلال تضافر جهود المؤسّسات الاجتماعية والتربوية (الأسرة - المدرسة - المسجد - ... ) لأن هذه المؤسّسات بالأساس تتحمل مسؤولية انحراف وجنوح الأولاد منذ البداية . فالأسرة المهملة التي تعاني من الأزمات والمشكلات, والمدرسة التي يسود فيها ظاهرة التعليم بالقوة والصرامة والعنف . والمجتمع الذي يمارس القمع والاضطهاد ويفرض القيود الصارمة على الشباب . تجعلهم يشعرون بالظلم والقهر والضياع نتيجة الإحساس بفقدان الحرية والمسؤولية والقيمة الاجتماعية. فيتحول الشاب إلى شخص عدواني مشاكس يعمل على الانتقام لذاته وشخصيته المفقودة بالأساليب المنحرفة . ومعالجة مظاهر الانحراف عند الشباب يحتاج إلى تكوين رؤيا شاملة وعميقة. وفق معايير وأسس, تستند على أصول التربية الإسلامية , وتحليلات علم النفس التربوي الحديثة, لفهم مشكلات الشباب ومعاناتهم ومعرفة دوافعهم للانحراف. ودفعهم للالتزام بالانضباط السلوكي والقوانين والأنظمة, ومعايير القيم الاجتماعية والدينية ولتحقيق هذه الأهداف, يجب تحقيق التفاعل البنّاء مع الشباب وكسب ثقتهم ومحبتهم , وإبعادهم عن مشاعر وأجواء العنف والخوف والقلق والتوتر والنفور والضياع . وإلا فإن أسلوب الترهيب والعقاب لا يشكل سوى حلّ آنيٍّ مؤقتٍ, يختفي ويتلاشى باختفاء مؤثراته .
    أما القناعة والتجاوب الذاتي, فتشكل ضمانة لاستمرار التزام الشاب وتطوير وترسيخ دافعية الانضباط الإيجابي لديه. فيكتسب من خلالها سلوكاً جديداً, موافقاً لقيم المجتمع وأخلاقه . والتربية الإسلامية تقوم بالأساس على مبدأ الحوار والإقناع والأسلوب الحسن ، من قوله تعالى: "ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن " (2). وللأسرة دور أساسي في تكوين شخصية الشاب النفسية والسلوكية من خلال التربية الصالحة وغرس المفاهيم والقيم الحسنة وتقديم الرعاية والحب والاهتمام والتوجيه اللازم . وإلا فإن أوضاع ومشكلات الأسرة ، خاصة الفقر والبطالة والانحلال الخلقي والنزاعات داخل الأسرة, تؤدي إلى ضياع الشباب وانحرافهم وشذوذهم والتمرد على القانون الاجتماعي . دفاعاً عن الذات, ضد ما يشعرون به من ظلم اجتماعي وقهر وحرمان .
    ـ الوقاية من الانحراف أهم وسائل معالجة ظاهرة جنوح الأحداث عن طريق الفهم الواعي الثقافي والاجتماعي والديني واعتبار الأبوة والأمومة رسالة مقدسة ومسؤولية عظيمة يجب أن تؤديها الأسرة على أكمل وجه . وكما قال النبي عليه الصلاة والسلام: "كلّكم راعٍ وكلّكم مسؤول عن رعيته " (3) .
    كما يجب على المؤسسات التربوية والاجتماعية والدينية , الاهتمام جيداً بعالم الشباب ورعايتهم وتطويرثقافتهم وشغل أوقات فراغهم بنشاطات متعددة (رحلات - نوادي - جمعيات - رياضة - أدب - علوم - بحث - فنون ... الخ ) مما يتلاءم مع ميولهم ويشبع حاجاتهم ورغباتهم المشروعة. فاستئصال أسباب الجنوح منذ البداية هو الأساس في معالجة هذه الظاهرة لتأمين حياة أفضل للشباب , في أحضان أسرة صالحة ومستوى معيشي جيد وتكوين أسرة عاملة ومتعلمة ومسؤولة, تشكل ضمانة له من الانحراف.
    وغياب الشاب عن البيت بسبب الدراسة والتعلم والنشاطات الاجتماعية والفنية المختلفة أمر جيد؛ إذ يبقى تحت رعاية مؤسسات تربوية صالحة. تحلّ محل الأسرة خلال فترة الغياب عن البيت. أما غيابه لساعات طويلة, بسبب الحاجة المادية وانخراطه في العمل بعمر مبكر وتركه الدراسة, فهو أمر سيء له نتائجه الخطيرة . فأجواء العمل غير سليمة وغير تربوية, تنعدم فيها الرعاية والاهتمام الصحيح. وتصبح مرتعاً للعلاقات المشبوهة مع ربّ العمل أو رفاق السوء ومن ثم الانحراف والجنوح .
    فالوقاية من انحراف الشباب, تحتاج إلى إجراءات حازمة لمعالجتها من جذورها وذلك بتحسين الأوضاع المعيشية للأسر الفقيرة وانتفاء الحاجة إلى العمل المبكر . وفرض التعليم الإلزامي في المرحلة التعليمية الأساسية.
    وتوفير ظروف صحية وسليمة لمتابعتهم الدراسة وإيجاد اهتمامات قيميّة سامية وغايات نبيلة يعملون من أجل تحقيقها .

    كلمة أخيرة
    ثمة كلمة لا بد منها تخاطب عقول الشباب . وهي أن قوة إيمان الشاب ورسوخ العقيدة الإسلامية في نفسه ووعيه هي الأساس في تحديد مساراته واتجاهاته في الحياة. ووقايته من الانحرافات والشذوذ والبقاء على الطريق الصحيح والصمود أمام مغريات الحياة وعواصفها ومواجهة المخطّطات المشبوهة التي تستهدف تخريب عقول الشباب وإفسادهم من أجل تقويض المجتمع الإسلامي وانحلاله وهدم أسسه .
    فالإيمان يمدّ الشاب بالقوة اللاّزمة على الصمود والمواجهة والتحمل والصبر على المكاره ومقاومة الشهوات وحب المتع الدنيوية والجري وراءها ، بهدف الحصول على مرضاة الله تعالى والفوز بوعده وجزائه للصابرين , وتجنب معصية الله تعالى وارتكاب المحرّمات والخوف من عقابه تعالى . وليكن شعار الشاب المسلم قوله تعالى : (ومن يتقِ الله يجعلْ له مخرجاً ويرزقْه من حيث لا يحتسب) (4) .

    ـــمصطفى الصوفيــــ-اسلام ويب
    هوامش :
    (1) رواه البخاري ومسلم في صحيحهما .
    (2) سورة النحل الآية/ 125/ .
    (3) رواه مسلم في صحيحه .
    (4) سورة الطلاق الآ
                  

09-02-2015, 01:21 AM

سيف اليزل برعي البدوي
<aسيف اليزل برعي البدوي
تاريخ التسجيل: 04-30-2009
مجموع المشاركات: 18425

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات متنوعة عن الأسرة و المجتمع (Re: سيف اليزل برعي البدوي)

    عندما نتناول موضوع رعاية الشباب، نجد أنه يُمثل واجباً يتبناه أولو الأمر من الآباء والمسؤولين والهيئات والمؤسسات الوطنية، بهدف توجيه طاقات الشباب بما يعود عليهم بالنفع، وما يُقلل من الاضطرابات السلوكية بينهم، ويحقق الاستقرار الاجتماعي المنشود بينهم وبين ذويهم وبين أبناء المجتمع كافة.

    ورعاية الشباب تعد واجباً ذاتياً يجب أن يدركه الشباب أنفسهم، إذ إنه عادة ما تكون خصائصهم النفسية والعقلية في مرحلة الشباب، تمكنهم من إدراك الواقع الاجتماعي الذي يعايشونه، وما تتطلبه الحياة الجادة المستقرة منهم من بذل وعطاء، ما دامت تتوافر أمامهم الفرص الكافية، لاستغلال طاقاتهم وإشباع رغباتهم وحاجاتهم.

    أهمية رعاية الشباب
    تعد ميادين رعاية الشباب مجالاً مهماً في حياة الشباب حيث إنها:
    1 - تمكن الشباب من تنمية الذات، كما تمكنهم من القدرة على تحمل المسؤولية والتبعات، من منطلق إدراكهم لقدراتهم واستعداداتهم، وكيفية استغلال هذه الطاقات فيما يعود بالنفع عليهم.
    2 - تعتبر الأساس للتوجيه المهني والتأهيل العلمي للحياة الاجتماعية والاقتصادية المنتجة، بغية استقرار حياتهم واستقرار حياتهم واستشعارهم الأمن الاجتماعي، ومواصلة ركب الحياة.
    3 -تحقق للشباب الرعاية الجسمية والنفسية والعقلية الصحيحة، ومن ثم الإنتاجية الفاعلة.
    4 - تتيح أمامهم فرص ممارسة المواقف العلمية، والمسؤوليات التي تنمي الالتزام والضبط والاتزان الاجتماعي، وبذلك تقلل من الانحرافات والاضطرابات بينهم وبين المجتمع الذي يعايشونه.
    5 - كما أنها تعد الشباب لبناء الثروة الوطنية التي يمكن أن توجه وتستغل لما فيه خير المجتمع في جوانبه الاقتصادية والثقافية والاجتماعية.

    رعاية الشباب ضرورة اجتماعية
    من هذا يتبين أن رعاية الشباب تمثل ضرورة اجتماعية، لأن قوة المجتمع وتماسكه وسلامة بنيانه والعلاقات السائدة فيه، تتطلب إعداد جيل من الشباب يتمسك بعقيدته ويعتز بتراثه، ويلتزم بالضوابط الدينية الاجتماعية، ويحافظ على العادات والتقاليد الإيجابية الصالحة، ويُساهم مساهمة إيجابية عند تعليمه، وفي عمله وفي أوقات جده وأوقات فراغه، لدفع عجلة التقدم في وطنه نحو الغد والهدف المرغوب.
    ومن أهم ما يواجه الشباب بصفة عامة في حياتهم مشكلة كيفية الاستفادة من أوقات الفراغ، حيث إنها تمثل أهمية بالغة في عالمنا المعاصر، حيث يحتاج توجيه الشباب المسلم إلى نشاط مخطط يعود بالنفع عليهم وعلى أوطانهم، إذ إن وقت الفراغ ليس وقت عبث، بل هو سلوك يجب أن يتسم بالجدية، ويستثمر بوسائل فعالة تعمل على تحقيق الصحة النفسية للشباب وتقلل من الاضطرابات السلوكية بينهم، ويعمل على زيادة الانتاج المتوقع منهم.

    والشباب لو ترك لطبيعته الخيرة لاستغل وقت فراغه في نشاط إيجابي بناء، في حين أنه قد يتعرض لعوامل بيئية اجتماعية محلية أو واردة تؤدي إلى توجيهه إلى نشاط سلبي هدام، خاصة وقد انتشرت وسائط كالإنترنت وغيره، ما يتيح فرصا لا تستغل لصالح الشباب، ومع زيادة تكاليف وأعباء الحياة العصرية المعاصرة، ونتيجة للتقدم التقني وما صاحبه من مشكلات اقتصادية واجتماعية، فإن الشباب المعاصر يواجه مشكلات تتصل بكيفية استغلال طاقاتهم وتوجيهها، فهم في حاجة إلى توجيه وإرشاد نحو قضاء وقت الجد والفراغ وشغلها بنشاط بناء.

    مشكلة وقت الفراغ
    ومشكلة وقت الفراغ من أبرز المشكلات المعاصرة التي تواجه الشباب المسلم، وهي من المشكلات التي يجب على المسؤولين في المجتمعات العربية والإسلامية إيجاد حلول لها، لأنها تُمثل مشكلة الكثير من الشباب، وعدم إيجاد الحلول الإيجابية لمشكلات الفراغ بين الشباب تؤدي إلى زيادة الجنوح والجريمة في أوساط الشباب، في حين أنه عند توافر أنشطة وقت الفراغ والأنشطة الترويحية بين الشباب، تقل نسبة الجنوح بينهم إضافة إلى أن توجيه وإرشاد الشباب نحو الاستثمار الأمثل لأوقات الفراغ- في ضوء المسموح به أخلاقياً ودينياً- ما ينمي الشخصية المتكاملة للشباب من النواحي الجسمية والعقلية والاجتماعية والانفعالية والدينية، بحيث يتحقق التوافق النفسي لهم، خاصة الشباب المسلم في وقتنا المعاصر يواجه مشكلات عديدة، وأنواء عاصفة، تحتاج إلى توجيه وإرشاد متكامل ومتجدد، لتمكينهم من التغلب على هذه المشكلات، وتجنيبهم الخوض في معاركها.

    واجب المسؤولين
    ومن واجب المسؤولين البحث عن السلبيات والانحرافات التي قد تواجه الشباب المسلم في وقتنا المعاصر، إذ إن عدم إحكام الرقابة، وإتاحة فرص اللهو والعبث أمام الشباب، والابتعاد عن الجدية والأعمال المثمرة النافعة والاستثمار الأمثل لأوقات العمل المثمرة والفراغ الذي يستغل لصالحهم قد يؤدي إلى مخاطر اجتماعية لا تقتصر على الإضرار بالشباب وحدهم ، بل تتعدى أضرارها إلى المجتمع بجوانبه البشرية والمادية والمعنوية.
    وللحديث بقية بمشيئة الله، ونسأل الله أن يجنبنا جميعا الزلل، وأن يرشدنا إلى طريق الاستقامة والرشاد، حتى يعم الخير أمتنا الإسلامية جمعاء، مصداقا لقوله تعالى: (وأن لو استقاموا على الطريقة لأسقيناهم ماء غدقًا).
    وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين...
    الرياض- دكتور عبد المجيد منصور-اسلام ويب
                  

09-02-2015, 01:23 AM

سيف اليزل برعي البدوي
<aسيف اليزل برعي البدوي
تاريخ التسجيل: 04-30-2009
مجموع المشاركات: 18425

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات متنوعة عن الأسرة و المجتمع (Re: سيف اليزل برعي البدوي)

    "أطفال اليوم رجال الغد" كثيرًا ما رددنا هذه العبارة على مسامع أبنائنا وطلابنا، ولم نكن لننتبه بأن طبيعة الغاب تقول لنا: قد تستطيع أن تداعب صغار النمور، ولكنك لا تستطيع أن تلاعب النمور، ومن هنا تبدأ المعضلة التي لا نكترث لها بل نغذيها دون أ ن نشعر- وربما نشعر- فتنمو حواسنا الخمس غير آبهين بالأشواك تخدش أقدامنا في بساتيننا التي ما ظننّا" أن تبيد هذه أبداً" ودون أن ندرك خطر هذا السرطان الذي داهم كياننا رذاذاً بداية وفيضانا نهاية.

    ويخرج منا السؤال- على سبيل التوبيخ- ماذا بأيدينا أن نفعل؟! نقذفه في وجوه بعضنا ، ونتراشقه في جلساتنا دون وعي منّا بأن السؤال- في مثل هذه الحالة- هو توبيخ للأنا أكثر منه إدانة للآخر، وهذا ما يوجب علينا إعادة طرح السؤال من جديد، ولكن عبر هيكلية جديدة تتشكل معالمها على النحو التالي: ماذا يجب علينا أن نفعل؟ دون أن ننسى- أو نتناسى- بأن النمور الصغيرة ليست قططاً وأنها تكبر شيئاً فشيئاً، وقد لا نملك القدرة على الاقتراب منها، بعد أن كنّا - في يوم من الأيام - نقضي وقتاً ممتعاً بمداعبتها.

    وللوقوف على مشاكل الناشئة ومحاولة تحليل واقعهم واستشراف مداهم، كان لنا هذه اللقاءات مع بعض الآباء والأبناء، وكذلك المختصين المخلصين الذين يتعاملون مع فئة الشباب ويحتكون بهم عن كثب.

    الأسرة نقطة الارتكاز والانطلاق
    الطالب إبراهيم سعد وهو طالب في الصف الثاني الثانوي ويحضر نفسه لتقديم امتحان الشهادة الثانوية العامة (التوجيهي)، يرى أن الظروف الاجتماعية والاقتصادية التي يعيشها الطالب هي التي تؤثر عليه بشكل كبير من خلال سعيه لتعويض النقص المادي والنفسي الذي يعيشه جراء أوضاعه.
    وهذا ما أكده السيد خيمس زهران المكنى بـ(أبو محمد) وهو أب لثلاثة أولاد وبنتين في العقد الخامس من عمره، وقد رأى أن للأسرة دوراً كبيراً يكمن في غرس المبادئ الدينية التي تكفل للأبناء حياة سوية نفسياً واجتماعياً واقتصادياً.

    بين الماضي والحاضر
    وعندما تطرقنا مع السيد خميس للفروق الأساسية بين الشباب في الزمن الماضي والشباب في الوقت الحالي، أشار إلى أن الجيل القديم كان متحملاً للمسؤولية بشكل أكبر، إضافة إلى الشعور القوي بالانتماء للوطن والمحافظة على مرافقه العامة، وكذلك الشعور بقيمة العلم واستطاعته- أي العلم- تحقيق طموح الشباب.

    في حين رأى أنّ الجيل الحالي وبسبب تغير الظروف الحضارية بشكل عام وخصوصاً الثورة العلمية التقنية المتمثلة بثورة الاتصالات بشتى أشكالها، والتي أدت إلى التسيب وفقدان الشباب للشعور بالمسؤولية، والتقليل من قيمة القيم الاجتماعية مع اتباع ذلك الانتقاص من القيمة الحالية والمستقبلية للتعليم، وذلك لشعور الشاب المسبق بعدم جدوى التعليم في زمن بطالة العاملين والمتعلمين.

    وحمّل الأستاذ علي عبد الله معلم مادة الفيزياء الأسرة المسؤولية الكبرى، حيث قال بأن كلاً من الأسرة والمدرسة يتحمل المسؤولية تجاه الناشئة، ولكن الأسرة تتحمل العبء الأكبر من ناحية طبيعية، وذلك للارتباط الطبيعي والعاطفي للفرد بأسرته، وأما المدرسة فهي ذات دور تكميلي إذ يتمثل في بلورة شخصية الفرد بشكل صحيح، وإكسابها بريقاً ولمعاناً أكبر، من خلال ترسيخ المفاهيم الإنسانية في داخل الفرد، أو قمع وتحجيم المفاهيم المضادة للقيم الإنسانية.

    توثيق الارتباط بالعادات
    ويرى الطالب أحمد خليل وهو طالب في الجامعة الأردنية أن الأسرة هي اللبنة الأولى والأساس في تشكيل شخصية الفرد المسلم وتزويده بالأخلاق والمبادئ والمعارف العامة، وبالتالي فإن نوع التربية التي يتعرض لها الفرد هي في الأصل انعكاس عن واقع أسرته وبيئته المنزلية والاجتماعية.

    وعند سؤالنا عن دور الأسرة الذي يجب أن تقوم به وتفعّله أجاب قائلاً: بأن دور الأسرة يكمن في تعليم الطفل منذ الصغر العادات والتقاليد العربية والأخلاق الإسلامية من خلال ربطه بالله عز وجل، وعن طريق الصلاة، لينشأ بعد ذاك شاباً قوياً مؤمناً، إضافة إلى الاهتمام بالجانب الفكري والثقافي للفرد، وكذلك صقل مواهبه وشخصيته وتعليمه الاعتماد على نفسه وحلّ المشكلات التي تعترضه بطريقة عقلانية ومنطقية والاستفادة من كافة التطورات التكنولوجية مثل الإنترنت الستالايت واستغلالها تربوياً.

    غياب القدوة
    وتكمن معاناة الشاب حسب رأي المدرس علي عبد الله في غياب القدوة التي تحاكي فطرة الشاب، إضافة إلى الجهل بحقيقة وجوده كإنسان وموقعه على هذه الأرض ودوره فيها، وكذلك الجهل بالنظر إلى الآخرين، والجهل في عملية الصرف العاطفي.
    ويرى الأستاذ علي عبد الله أن الأنظمة التعليمية الحديثة قد ساهمت في احترام الإنسان وتقديره، إلا أن الإفرازات السلبية لهذه الأنظمة يعود إلى المادة الدراسية من جهة وإلى عدم تفعيل القوانين الرادعة للطلاب المستهترين من جهة أخرى.

    الاغتراب
    ويرى السيد خميس زهران أن الشاب في هذه الأيام يشعر بأنه غير مقبول في المجتمع بسبب ما يحمله من مبادئ وتصرفات خاطئة وفوضوية تجعله يسيء الأدب لمن حوله، وبالتالي نبذه من قبل محيطه الاجتماعي (المدرسة أو الحارة) الذي يأخذ الشاب بالنقمة عليه.
    وبحرارة تحدث الأستاذ علي عبد الله عن السلبيات الكبيرة التي تعاني منها المؤسسة التربوية التعليمية في الواقع الميداني من خلال سوء استغلال الأنظمة والقوانين التربوية والتعليمية الحديثة من مثل النجاح التلقائي في المرحلة الأساسية ( من الصف الأول إلى الصف العاشر) ومنع العقاب البدني.
    كما يرى أن سلبيات الطالب تكمن في جهله العام وعدم المبادرة للتخلص من هذا الجهل من قبل بعض الطلاب، وعدم استغلال الفرصة التي قد تُهيأ له من أجل التخلص أو التقليل من هذا الجهل، وكما أنّ هنالك طالبًا سلبيًا ، ففي المقابل يوجد- أيضا- معلم سلبي إذا لم يدرك هذا المعلم الدور الكبير الذي يقوم به وكذلك الأمانة والمسؤولية الملقاة على عاتقه.
    أما الطالب إبراهيم سعد فقد ذهب إلى أن النظام المدرسي الجديد شجع على اللامبالاة، وأن الإدارة المدرسية هي المسؤولة الأولى عن هذا التردي الأخلاقي العام في المدارس، وكونها الأقرب ميدانياً والأكثر اطلاعاً على أحوال الطلاب وظروفهم ومستوياتهم التربوية والتعليمية.

    مرحلة جديدة ومخاطر أكبر
    يشير الطالب أحمد خليل إلى أن المرحلة الجامعية هي الأخطر على الشاب الذي يكون من الطبقة المتوسطة والفقيرة، ذلك لأنه يختلط في هذه المرحلة بفئات عديدة وشرائح متنوعة من المجتمع، كما يحتك بطبقات جديدة خاصة الطبقة البرجوازية، وهذه الطبقة تملك من أسباب الرفاهية أكثر من غيرها، ما يجعل أصحابها يمارسون هواياتهم ويحققون رغباتهم ويلفتون الأنظار إليهم بطرق عدّة، ما يدفع بالشاب الفقير، ضعيف الشخصية والفكر إلى تقليدهم، ومحاولة الولوج إلى هذا العالم الذي لا يملك مقوماته من ناحية، ووسائل الحماية من عثراته التي قد تكلف هذا الشاب مستقبله من ناحية أخرى.
    ويستمر الطالب أحمد خليل وهو طالب على أبواب التخرج- بالحديث عن أقرانه الذين يصبون جلّ اهتماماتهم وأحاديثهم عن المستقبل وعن الرغبة في الدخول إلى المرحلة العملية، والتحاق كل شاب بمركزه الوظيفي الذي يتناسب وشهادته الجامعية، والبدء ببناء اللبنات الأساسية في حياة أيّ شاب، كالزواج وبناء بيت واقتناء سيارة وما إلى ذلك من رغبات الشباب العامة.

    تقنية إضاعة الوقت
    لقد أصبحت مقاهي الإنترنت وسيلة شائعة لقضاء وقت الفراغ فيها، وذلك لعدة أسباب بينها لنا السيد ذويب صاحب مقهى (ساحة الإنترنت) في وسط العاصمة (عمان) إذ قال: إنّ استخدام الإنترنت من خلال المقاهي أقل تكلفة وأكثر ضبطاً واستغلالا للوقت، إضافة إلى الجو العام الذي يشيعه المقهى في نفوس رواده من خلال خلق جو أكثر دفئاً وقرباً من شبكة الإنترنت، جوّ عام مفعم بالحركة والنشاط والمساعدة، إضافة إلى تبادل الآراء والمشورة بين الرواد.
    هذا ويرى السيد ذويب أن مقاهي الإنترنت، ساهمت في خلق علاقات صداقة بين أصحاب هذه المقاهي أو مديرها وبين روادها وكذلك بين رواد المقاهي أنفسهم، ويقر بأن أغلبية مستخدمي الإنترنت لا يستفيدون من الشبكة بشكل جيد وخلاق، وإنما يستعملونها ويستغلونها لأغراض رؤية المواقع الإباحية والألعاب والمحادثة، ويتوقف السيد ذويب عند المحادثة قائلاً : إن السواد الأعظم يلجؤون إلى المحادثة، وهم من الشباب بالطبع- من أجل التسلية وقضاء الوقت، والبعض من أجل البحث عن عمل أو سفر للخارج أو ما شابه ذلك، وكذلك من أجل الهروب من الضغوط النفسية والمشاكل التي يواجهونها في أسرهم أو أماكن عملهم.

    ويحرص ذويب على أن يكون رواد مقهاه من الذين يبحثون عن الفائدة أو قضاء أوقات الفراغ بشكل إيجابي، ويقوم بمنع أي شخص يحاول استغلال الشبكة لرؤية مواقع إباحية، وذلك لأن السيد ذويب يقدر مهنته ويحترمها، بل يرى أن مقاهي الإنترنت يجب أن تكون مواقع محترمة تحمل رسالة اجتماعية وفكرية، وأن تكون عبارة عن نموذج مصغر للمراكز الثقافية ترتقي بمستوى روادها في شتى المجالات.
    ويطرح ذويب فكرة مفادها أن يكون هناك تجمع أو نقابة لأصحاب مقاهي الإنترنت، وألا تبقى هذه المقاهي عشوائية في عملها وتنافسها غير الواعي والذي لا يلحق الضرر إلا بأصحاب المقاهي أنفسهم، والسعي إلى الرقي بمستوى الرواد وسمعة هذه الأماكن كمواقع حضارية إيجابية لا سلبية في جسم المجتمع.
    فيما يوضح سامر البوريني وهو صاحب محل ألبسة التقيناه في مقهى (ساحة الإنترنت) سالف الذكر- أن معظم مستخدمي شبكة الإنترنت يستخدمونها بشكل سلبي غير فعال، وأن 20% فقط هم الذين يستفيدون من هذه الشبكة في أعمالهم العملية والتعليمية.
    وقد أكد سامر على أهمية مقاهي الإنترنت ودورها الحضاري، إلا أنه أشار إلى أخطار الإنترنت والستالايت على الفتاة العربية، والتي لوثت هذه التقنيات شخصيتها وأفقدتها ميزاتها المعروفة.
    ونتيجة لذلك فقد طالب السيد سامر أن تكون هناك رقابة وحماية للجيل، بحيث تقوم على هذه الرقابة الدوائر والمؤسسات الحكومية، وتضع القوانين التي من شأنها أن تحد من أضرار شبكة الإنترنت.

    المنتديات الثقافية
    إن ثورة الاتصالات الحديثة (الستالايت والإنترنت) لم تؤثر على حياة الأفراد فقط، بل وعلى مؤسسات حكومية وأهلية أيضاً، وفي هذا الصدد التقينا مع عماد أبو ردن رئيس منتدى الرصيفة الثقافي الاجتماعي الذي أشار إلى التأثير الملحوظ لثورة الاتصالات الحديثة على المنتديات، وذلك من خلال قلة الحضور والمتابعة للفعاليات الأدبية والثقافية والاستعاضة عنها ببرامج الفضائيات والمواقع المختلفة على شبكة الإنترنت.
    وأكد عماد أبو ردن على أهمية المنتديات الثقافية باعتبارها مؤسسات تحاول قدر الإمكان استقطاب الشباب الناشئة، والرقي بهم فكرياً وثقافياً من خلال الأمسيات والندوات المختلفة، ورعاية مواهبهم المتعددة، إضافة إلى المحاضرات الإرشادية والتوجيهية، وذلك من أجل توعية الشباب من أخطار التدخين والإدمان على المخدرات وضرورة مكافحة الإيدز والأمراض السارية وما شابه من مواضيع تمسّ المجتمع بشكل مباشر.
    وأكد أبو ردن ضرورة الرقيّ بالمنتديات الثقافية والاستفادة من التقنيات العلمية الحديثة وتجاوز الطرق التقليدية، وذلك من خلال دعم المنتديات مادياً، وتزويدها بأجهزة الكمبيوتر وشبكة الإنترنت بحيث يتم المباشرة عليها من قبل الهيئات الإدارية للمنتديات، لما في ذلك من فائدة للشباب وجذب لهم إلى هذه الأماكن الفكرية والثقافية والاجتماعية المهمة بدلاً من مقاهي الإنترنت التي يتوخى معظمها الربح المادي فقط.

    تطلعات
    من خلال اللقاءات والحوارات السابقة نجد أن الجميع يقرّ بالمشكلات المتعددة والمزدوجة التي تواجه هذا الجيل من الناشئة والشباب، إلا أن الجميع في ذات الوقت يتطلعون إلى تفعيل دور الأسرة المحوري والجوهري، وكذلك دور المدرسة المغيب، إضافة إلى دور الأماكن الدينية التاريخي، كما دعا الجميع إلى الاستفادة من تقنيات الاتصالات الحديثة المختلفة من خلال الاستخدام الصحيح لها، والرقابة القانونية والذاتية من خلال إشاعة الوعي والحسّ الأخلاقي والديني لدى الشباب، إضافة إلى تفعيل دور المنتديات الثقافية والاجتماعية وذلك من أجل إعادة صياغة الناشئة من جديد وتوجيههم الوجهة السليمة، ليكونوا بحق رجال الغد الذين ينيرون لنا طريق المستقبل المشرق والمزدهر .
    عمان- أحمد أبو حليوه-اسلام ويب
                  

09-02-2015, 01:25 AM

سيف اليزل برعي البدوي
<aسيف اليزل برعي البدوي
تاريخ التسجيل: 04-30-2009
مجموع المشاركات: 18425

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات متنوعة عن الأسرة و المجتمع (Re: سيف اليزل برعي البدوي)

    إن الزواج في نظر الإسلام شريعة وسنة ، وربما وصل إلى الفريضة في بعض الأحيان ، وقد شرع الزواج من أجل العفة وحفظ النسل واستقرار المجتمع ، فإعفاف النفس وصونها من أفضل ما تقرب به المتقربون إلى الله تعالى .كما لا يخفى ما في ترك الزواج من الآثار النفسية السيئة على كل من الرجل والمرأة .

    سكن وراحة..رحمة ومودة
    ويهيئ الزواج لكل من الرجال والنساء متعة من أعظم متع الدنيا ، وهذه المتعة تنقسم إلى قسمين : سكن وراحة نفسية ، وإمتاع ولذة جسدية ، قال تعالى : (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ)(الروم/21) .
    والسكن إلى المرأة يشمل سكن النفس وسكن الجسم ، كما أن المودة والرحمة من أجمل المشاعر . فالمتع الجسدية والنفسية تعمل عملها في نفس الإنسان وفكره وقواه النفسية والبدنية فيشعر بالرضا والسعادة والراحة النفسية والجسدية ، حيث تتصرف طاقته وغريزته بأنظف الطرق وأطهرها ، أما تصريف الشهوة خلال قناة غير شرعية فتكون متعته محدودة توجد بوجود اللذائذ الحسية ، وتنتهي بانتهائها ، ويأتي بعد ذلك شعور بالاحتقار والازدراء والامتهان ، وتلك المشاعر غالبـًا ما تولد العقد النفسية والانحلال الخلقي وضعف الوازع وهوان النفس ، أما مشاعر الأزواج فإنها تورث الحب والرحمة وسمو النفس وحياة الضمير والقلب ، وإحساس الزوج بالمسؤولية تجاه الأسرة ينمي قدرته على القيام بالواجب ، ويجعل له هدفـًا ساميـًا ، وهو إسعاد أسرته وحمايتها ، والسعي من أجل متطلباتها ، فيبذل جهده ويزيد من إنتاجه ، مما يعود على المجتمع بالنفع.

    ومن حكم الزواج وفوائده ، بلوغ الكمال الإنساني ، فالرجل لا يبلغ كماله الإنساني إلا في ظل الزواج الشرعي الذي تتوزع فيه الحقوق والواجبات توزيعـًا ربانيـًا قائمـًا على العدل والإحسان والرحمة لا توزيعـًا عشوائيـًا قائمـًا على الأثرة وحب الذات .

    ناقوس الخطر يدق :
    بالرغم مما عددناه من فوائد دينية واجتماعية ونفسية للزواج إلا أن مجتمعنا اليوم يشهد عزوفـًا ملحوظـًا عن الزواج مما أدى إلى تفشي ظاهرة العنوسة التي أصبحت تهدد استقرار المجتمع ، ولكن هناك عدة عوامل أدت إلى نشوء العنوسة ، يأتي في مقدمتها الجانب الاقتصادي ، فبتزايد أعداد السكان في جميع البلدان مع تراجع فرص الحصول على عمل مناسب وانتشار البطالة ، أصبح الشاب عاجزًا عن توفير متطلبات الزواج ، إضافة إلى المبالغة في المهور وتكاليف الزواج .

    فالوعي الاجتماعي غير السليم يجعل للزواج احتياجات مادية مرهقة تدفع الشاب إلى الفرار وتكون النتيجة ضررًا يلحق بالطرفين ؛ فالشعور بالقناعة أحيانـًا يكون معدومـًا لدى الفتيات برغم تقدم أعمارهنَّ ، فالزواج لا يتم عادة إلا بمصاريف باهظة بدءًا من حفل الزواج إلى الأثاث الفاخر الذي يكون مصدرًا لتباهي الزوجات بجودته وماركته المعروفة . كل هذا يجعل تكاليف الزواج تفوق ما يمكن أن يكسبه الشاب في عشر سنوات ، وبالتالي فإن الهروب من الزواج أصبح هو الحل !

    الجدير بالذكر أنه انتشرت أيضـًا في الآونة الأخيرة دعوات تندد بالزواج المبكر وأضراره النفسية والاجتماعية ، وعقدت الندوات والمؤتمرات الدولية ، وسنت التشريعات من خلال منظمات حقوق الإنسان ، وقد غالى بعضها إلى حد تجريم الزواج المبكر ، وقد لاقت تلك الدعوات قبولاً في مجتمعنا .

    أيضـًا وسائل الإعلام وعلى رأسها التليفزيون والسينما أثرت تأثيرًا عميقـًا في نظرة الشباب إلى الزواج ، حيث كثيرًا ما تصوره على أنه قيد يعوق انطلاق الشباب وتقدمهم ، فأصبح القادرون على توفير نفقات الزواج في فترة قصيرة يصرفون اهتمامهم إلى اقتناء السيارة الفاخرة ، أو تغيير الهاتف النقال أو السفر والسياحة والتنزه ، وأصبح الشاب يعتبر الزواج عائقـًا عن تحقيق هذه الأمور ، فيدفع عن ذهنه أي تفكير في الارتباط .

    كذلك الفتيات تصور لهن وسائل الإعلام أحيانـًا الزواج على أنه تبعية وقتل لقدراتهنَّ وإبداعاتهنَّ وأنهنَّ لن يستطعن أن ينجزن شيئـًا من طموحاتهنَّ في ظل مؤسسة الزواج ، فتتمنع الفتاة حتى تلحق بركب العنوسة .
    وكذلك تفضيل الفتاة لوثيقة الدراسة على وثيقة الزواج جعلها تنصرف إلى استكمال الدراسة والحصول على الماجستير والدكتوراه وترفض الارتباط إلا بعد الحصول على مركز علمي معين أو منصب يُناسب مؤهلاتها ، مما يجعل سنوات عمرها تضيع ، وما أن تفيق حتى تجد نفسها وقد أصبحت عانسـًا .

    العنوسة في الإحصائيات
    بلغت نسبة العنوسة في مختلف البلدان العربية معدلات خيالية باتت مقلقة للشعوب والحكومات على حد سواء .
    ففي منطقة الخليج أكدت إحصائية صادرة عن وزارة التخطيط السعودية أن ظاهرة العنوسة امتدت لتشمل حوالي ثلث عدد الفتيات السعوديات اللائي في سن الزواج ، وأن عدد الفتيات اللائي لم يتزوجن أو تجاوزن سن الزواج اجتماعيـًا - وهو (30) عامـًا - قد بلغ حتى نهاية 1999م حوالي مليون و(529) ألفـًا ، و(418) فتاة ، وذلك بسبب غلاء المهور والتكاليف الباهظة .
    جدير بالذكر أن حالات الطلاق قد ارتفعت في الخليج بنسبة كبيرة حسبما أكد تقرير لوكالة أنباء الشرق الأوسط ، حيث بلغت نسبة الطلاق في البحرين (34 في المئة) ، وفي الكويت (29 في المئة) ، وفي قطر (38 في المئة) ، وفي الإمارات (37 في المئة) .
    وتشير الإحصائيات الرسمية في مصر إلى أن عدد الفتيات العانسات يصل إلى أربعة ملايين فتاة ، بالإضافة إلى مليون فتاة فاتهنَّ قطار الزواج !

    وأكد تقرير صادر عن الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء وجود نحو تسعة ملايين شاب وفتاة في عداد العوانس والعانسات ، وترجع أسباب العنوسة في مصر إلى عجز معظم الشباب عن تأثيث مسكن الزوجية ، وكذلك إلى انصراف الشباب إلى الزواج من أجنبيات للحصول على جنسية بلد أجنبي أو لرخص تكاليفه.

    وننتقل من مصر إلى العراق ، حيث أفادت إحصائية نشرت في العراق أن مليون امرأة تتراوح أعمارهن بين (35) و (43) عامـًا غير مرتبطات في مجتمع يعاني من ظروف اقتصادية صعبة ، فبسبب الحظر المفروض على الشعب العراقي منذ أكثر من عشر سنوات ، تشكل نفقات الزواج عبئـًا كبيرًا على الشباب العراقيين، خصوصـًا مع ارتفاع أجور السكن وغلاء المهور .

    وفي سوريا تشير الإحصائيات إلى أن نصف الشباب السوريين في سن الزواج عازفون عنه أو تأخروا بسبب ضعف قدراتهم المادية وعدم توافر المساكن وغير ذلك ، وأصبح موضوع الزواج في سوريا صعبـًا للغاية بسبب ارتفاع أسعار الشقق السكنية مقارنـًا بدخل الفرد الذي يبلغ متوسطه (42) دولارًا شهريـًا ، في حين وصل أعلى راتب شهري في الدولة إلى ما يوازي (210) دولارات شهريـًا.
    وفي لبنان نجد أن الأزمة الاقتصادية المتفاقمة منذ سنوات تسببت في هجرة ثلث الشباب اللبناني أو أكثر ، ومن تبقى منهم يعاني أزمات السكن والعمل والبطالة ، وهذا كله يؤدي إلى ازدياد أعداد الشباب غير المتزوجين .

    وفي ليبيا يمر الزواج في المجتمع الليبي بمراحل مختلفة وفق عادات وتقاليد تتطلب صرف أموال طائلة لإتمامها ، يعجز الكثير من الشباب عن القيام بتلبيتها ، علاوة على الغلاء في المهور الذي يصل إلى (15 ألف دولار) ، بالإضافة إلى تحمل كافة تكاليف إعداد المسكن وتجهيزه مما يثقل كاهل الشاب بمسؤولية تجعله يحجم عن الزواج ، مما يؤدي إلى تفشي العنوسة .
    وفي المغرب تجاوز الشباب والفتيات سن الزواج ، ويعزى الكثير من السلبيات والانحرافات هناك إلى العنوسة .

    وقفة للمراجعة والحسابات :
    لا يخفى على أحد ما تؤدي إليه العنوسة من أخطار جسيمة تحيط بالمجتمع ، مما يستدعي بالمقابل تضافر الجهود والتعاون بين الأطراف لتقليص نسبة العنوسة المرتفعة .
    فأولاً تكون المبادرة على مستوى الأفراد بحيث تكون لديهم قناعة بأهمية التيسير في الزواج وعدم التمسك بالعادات والتقاليد ، فالآباء والأمهات في الوقت الذي يشكون فيه من تقدم أعمار بناتهن ، عندما يأتيهم خاطب يفرضون عليه شروطـًا تكاد تكون تعجيزية بالنسبة له ، مما يدفعه إلى الفرار ، ولكن إذا تفهمت الأسر الوضع الحقيقي للشباب وغلاء المعيشة وصعوبة الحصول على سكن فسيسود نوع من التعاون بين الطرفين ويستطيع الشاب تأسيس أسرة .
    وقد أدركت الدول والمؤسسات مدى خطورة هذه الظاهرة ، وبدأت في إيجاد الحلول لتقليص العنوسة .
    ففي الكويت قامت مجموعة من رجال الأعمال ومسؤولي الجمعيات الخيرية والأهلية بالإعلان عن تأسيس صندوق للزواج يستهدف التوفيق بين الراغبين من الجنسين في الزواج ، وتقديم القروض المالية اللازمة على أن تكون بدون فوائد ، وعلى أقساط قليلة ومريحة .
    وفي الإمارات تم إنشاء مشروع برعاية الدولة يُمنح من خلاله الشاب الإماراتي (70) ألف درهم عند زواجه من مواطنة إماراتية تحفيزًا للشباب ، وقد تمت آلاف الزيجات من خلال هذا المشروع .
    ونظم الاتحاد العام لشباب العراق في منتصف شهر أكتوبر الماضي حفل زواج جماعيـًا شمل (974) من الشباب والشابات .
    وفي سوريا شارك (24) شابـًا وشابة في عرس جماعي أقيم برعاية وزارة الثقافة في أول بادرة من نوعها لتشجيع الشباب على الزواج .
    وفي مصر أشار الدكتور " أحمد محمود " الأستاذ بكلية الدراسات الإسلامية والعربية بجامعة الأزهر إلى ضرورة إعمال آليات التكافل الاجتماعي في الإسلام عن طريق الأثرياء ورجال الأعمال .
    ويشدد الشيخ "منصور الرفاعي " وكيل الأوقاف السابق على ضرورة إنشاء صندوق للزواج في مصر أسوة بصندوق التكافل الاجتماعي ؛ ومن المتصور أن يسير عمل الصندوق في ثلاثة محاور :
    المحور الأول : محور التوعية في المساجد ونوادي الشباب ووسائل الإعلام ، وفي المصانع والاتحادات العمالية .
    أما المحور الثاني فيتمثل في البحث الاجتماعي ودراسة الأسباب الاجتماعية للمشكلة ، واقتراح الأساليب الملائمة للعلاج .
    ومن خلال المحور الثالث يتم إنشاء المساكن وتشكيل لجنة لوضع تخطيط وتصميم لمساكن المتزوجين حديثـًا بأقل تكلفة .
    فبجهود الحكومات والمؤسسات والأفراد أيضـًا يمكن تقليص العنوسة وتفادي آثارها الخطيرة على المجتمع .
    فالعوانس في الغالب يسيطر عليهنَّ شعور بالتمزق والطيش وضعف الوازع والرغبة في الهدم ؛ لأنهنَّ حرمن من نعمة الزواج والأولاد ، ولذلك جاء الإسلام بالقضاء على هذه الظاهرة الخطيرة فأمر بتزويج العوانس والأرامل ، حيث قال الله تعالى : (وَأَنْكِحُوا الأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ)(النور/32) . والأيم هي التي مات عنها زوجها ، والأمر هنا للمسلمين عامة وأولي الأمر خاصة ، فحرمان المرأة من نعمة الزوج ربما يخلق منها امرأة ناقصة عقليـًا وخُلقيـًا وفكريـًا ، ويكون هذا بظلم من المجتمع وهو الذي سيجني ثماره .
    أحمد الشاهد-اسلام ويب
                  

09-02-2015, 01:26 AM

سيف اليزل برعي البدوي
<aسيف اليزل برعي البدوي
تاريخ التسجيل: 04-30-2009
مجموع المشاركات: 18425

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات متنوعة عن الأسرة و المجتمع (Re: سيف اليزل برعي البدوي)

    ليس هناك من يرضى بأن يصفه أحد بعدم الرجولة ، وليس هناك من لا يعتز بأن يصفه الناس بالرجولة ، وليس هناك أبوان لا يتمنيان أن يوصف ابنهما بالرجولة، وليس هناك فتاة لا تتمنى أن يكون فتى أحلامها رجلاً .
    كيف يرى الشباب الرجولة ؟ وما مفهومهم عنها ؟ وما رؤية الخبراء لمفهوم الرجولة ؟
    كل هذه أسئلة يجيب عنها هذا التحقيق .
    يقول سمير أبو علي - طالب - : أظن أن الشاب حينما يصل إلى سن البلوغ يصبح رجلاً ، بمعنى أن الرجولة تتحدد بالسن ، يعني من تجاوز (17) سنة ، يصبح رجلاً أو يمكن أن تقاس الرجولة بالموقف ، وهناك من يفرض عليه أن يكون رجلاً في حالة موت الأب مثلاً ، أو الظروف المادية ، ولذلك المسألة في رأيي ليست لها محددات معينة .
    ويقول سامي السويلم : الرجولة هي المسؤولية ، والرجل هو الذي يتحمل مسؤولية نفسه المادية والأخلاقية .
    أما سامح الغرباوي - طالب بكلية الطب - فيقول : الرجل هو من يستطيع أن يحيا كما يحب ولا يقبل أي قيود أو ضغوط ، ويتصرف بعقله ، ولا يقبل وصاية أحد على أفكاره أو تصرفاته .
    يقول وليد المناوي : الرجولة مسؤولية ويجب أن نعرف كيف نتعامل مع الآخرين من منطلق هذه المسؤولية .
    الرجولة أدب واحترام للآخرين ، ويجب الأخذ بها بعد عرضها على المقاييس الدينية .
    والرجولة شهامة وضمير وأخلاق والتزام .

    المعنى الحقيقي غائب
    يقول أحمد الشاهين : الرجولة تعني احترام الذات واحترام الغير، وأن يكون الإنسان على قدر من المسؤولية وألاحظ أن هذا المعنى غائب عن الشباب اليوم ، فكثير منهم منشغل بمتابعة آخر خطوط الموضة والجري وراء البنات ، وتقليد الممثلين والمطربين تقليدًا أعمى ، وأحيانـًا يضرب الشاب أخته وزوجته بدعوى أنه رجل ، وهذا لا يمت للرجولة بصلة !!
    ويقول إيهاب الزهوي - 18 سنة - : أرى أن الرجولة هي الوقوف بجانب الصديق في وقت الشدة ، والبعض يرى أن تحقيق الرجولة يمكن أن يتم عن طريق شرب السجائر وتجريب كل شيء ، وهذا فهم خاطئ ؛ لأن السجائر مضيعة للصحة والمال .

    الرجولة تضحية
    تقول أم مشعل - أمٌ لخمسة أبناء - : إن كثيرًا من شباب الجيل لا يفهمون الرجولة فهمـًا صحيحـًا ، فابني الأكبر كان يساعدني في شراء مستلزمات البيت ويحملها عني إلى السيارة وعندما كبر قليلاً رفض مساعدتي ، وقال كيف أحمل مثل هذه الأشياء بدعوى أنه أصبح رجلاً ؟!! وكذلك لا يرضى أن أقول اهتم بدراستك أو لا تصاحب فلانـًا ؛ لأنه أصبح رجلاً ، فكيف يُوجه من أمه ؟! حتى أنه أصبح يرفع صوته أحيانـًا ، فهل هذه هي الرجولة ؟

    الرجولة في القرآن الكريم
    يؤكد الدكتور حسن الشافعي - رئيس الجامعة الإسلامية العالمية - أن الرجولة كلمة لها مدلولات ينبغي أن يعيشها ويتدبرها كل شاب ، وإذا أردنا التعرف على هذه المدلولات فإننا نحاول أن نستعرض المواطن التي يذكر فيها اللفظ في القرآن الكريم .
    فقد استخدم القرآن الكريم كلمة الرجولة للدلالة على كمال الإيمان والتضحية ، فالرجل دليل على كمال الإيمان والتضحية ، فالرجل في هذا المعنى هو الذي صدق إيمانه وضحى في سبيل هذا الإيمان ، قال تعالى : (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً)(الأحزاب/23) .
    كما أن الاستخدام الثاني للفظ كان في إشارة إلى أن الرجال هم عميقو الإيمان الذين لم تشغلهم عوارض الدنيا الزائلة عن الآخرة .يقول الله تعالى:(في بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ * رِجَالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالأَبْصَارُ)(النور/36 ، 37) .
    وفي الاستخدام الثالث للفظ أشار إلى أن الرجل هو الذي يجهر بالحق ويناصر الضعفاء فقال تعالى : (وَقَالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ أَتَقْتُلُونَ رَجُلاً أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ…)(غافر/28) .

    والشباب في كل عصر هم الشباب ، ولكن ينقص البعض منهم التربية الصحيحة وفهم الحياة ومعرفة هدفه فيها ، وهذه الأشياء لا تتحقق من تلقاء نفسها ، بل لابد من دور للأسرة أولاً ، ثم مؤسسة التعليم ، فالمسؤولية في رأيي ترجع للأجيال الحالية لأنها لا تقوم بدورها الكامل في ترسيخ الأخلاق وبناء الجيل القادم ، وهناك من الشباب من يفهم الرجولة على أنها تحكم في الأخت وضرب للزوجة ، وكان من الأفضل أن نرى هذه الرجولة المبكرة في عمله وتفكيره وخلقه .
    مر عمر على ثلة من الصبيان يلعبون فخافوا ، بقي صبي منهم في مكانه ، هو " عبد الله بن الزبير " فسأله عمر : لِمَ لم تفعل كأصحابك ؟ فقال : يا أمير المؤمنين لم أفعل ذنبـًا فأخافك ، ولم تكن الطريق ضيقة فأوسع لك .
    ودخل غلام عربي على خليفة أموي يتكلم باسم قومه ، فقال له : ليتقدم من هو أسن منك ، فقال : يا أمير المؤمنين ، لو كان التقدم بالسن لكان في الأمة من هو أولى منك بالخلافة .

    أولئك لعمري الصغار الكبار ، وفي دنيانا ما أكثر الكبار الصغار ، والرجولة ليست بالسن ولا بالجسم ولا بالمال ولا بالجاه ، إنما الرجولة قوة نفسية تحمل صاحبها على معالي الأمور وتبعده عن سفاسفها ، فهي بإيجاز : قوة الخُلق .
    وإن خير ما تقوم به دولة لشعبها ، وأعظم ما يقوم عليه منهج تعليمي ، وأفضل ما تتعاون عليه أدوات التوجيه كلها من صحافة وإذاعة ومسرح وخيالة ومسجد ومدرسة ، هو صناعة هذه الرجولة وتربية هذا الطراز من الرجال .
    ولن تترعرع الرجولة الفارعة ويتربى الرجال الصالحون إلا في ظلال العقائد الراسخة والفضائل الثابتة ، أما في ظلال الشك المحطم والإلحاد الكافر والانحلال السافر فلن توجد رجولة صحيحة ، ولم ترى الدنيا الرجولة في أحلى صورها وأكمل معانيها كما رأتها في تلك النماذج الكريمة التي صنعها الإسلام على يد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مثل أسامة بن زيد ، الذي قاد جيشـًا في سن السادسة عشرة ، وعلي بن أبي طالب - رضي الله عنه - أول فدائي في الإسلام ، وأول من أسلم من الصبيان ، وسمرة بن جندب ، ورافع بن خديج، وقد قتلا أبا جهل أعدى أعداء الإسلام ، وكانا في الخامسة عشرة من عمريهما .

    وترى الدكتورة ملك زرارة - أستاذة الفقه - أن الرجولة ليست كلمة أوصفة تطلق على الشاب لمجرد أنه بلغ سنا معينة ، وإنما هي تحمل كافة المسؤولية الشرعية التي خاطب بها الله عز وجل الصبي فبمجرد بلوغ الصبي يجب أن يتحمل كافة المسؤولية ، ولا يعتمد على أبويه ، وإنما يبذل ما شاء الله له من جهد في أوقات الفراغ حتى يرفع عن كاهل والديه بعض الأعباء التي تثقلهم إلى جانب أن يدرك ويعلم مسؤولياته سواء في الدراسة أو غيرها ، والثقة الشرعية المطلقة في الوفاء بحق الوالدين وبرهما وطاعتهما داخل البيت .

    والرجولة أن يقدم على الزواج كما أمر الله تعالى في حدود قدرته المادية دون أن يلزم المرأة وأولياءها بشروط تخرج بالزواج إلى حد البطلان ، كما هو قائم الآن في كثير من صور الأنكحة الباطلة التي يشترط فيها الرجل مسؤولية الإنفاق على عاتقه ويسقط مسؤولية إعداد المسكن الشرعي وشواهد ذلك كثيرة .
    وتضيف الدكتورة ملك : إن الرجولة أصبحت في عصرنا الحاضر كالغراب الأبيض لا نجدها إلا في قلة قليلة من شبابنا الذي مازال متمسكـًا بجوهر الإسلام .

    ويقول الدكتور أحمد عبد الرحمن - أستاذ علم الأخلاق - : إن المسألة تتفاوت حسب البيئة والمهنة والمستوى الاجتماعي والمنطقة الجغرافية ، ففي زماننا كانت هناك نماذج تحملت المسؤولية فطلبة الجامعات كانوا يقومون بأعمال البناء والسباكة والكهرباء، فهذه هي الرجولة ، والإحساس بالمسؤولية والنهوض بها والتصدي لها ليس مسؤولية نفسه فقط ، وإنما مسؤولية أهله فيؤدي واجباته في المواقف المختلفة ، فالرجل مكلف بالسعي لطلب العيش ومن الرجولة أن يتصدى للخطأ ولا يخاف في الله لومة لائم ، وأن يكون قائدًا في عمله شجاعـًا في الحق يواجه الخطأ بالحق والقيم الأخلاقية ، لديه غيرة على دينه وقيمه ومبادئه ووطنه ، فمن لا ينفعل لانتهاك كل ذلك فأجهزة الرجولة عنده معطلة .

    فهم خاطئ
    وعن أسباب الفهم الخاطئ للرجولة لدى بعض الشباب تقول الدكتورة ملك زرارة :إن هناك مجموعة من الأسباب التي خلقت الميوعة ، فغابت الرجولة ، منها غياب دور الأم التي فرضت عليها مبادئ وقواعد التحرر الاقتصادي ، خاصة بعد أن أسقط الرجل عن كاهله مسؤولية القوامة ، وليس الغياب هنا بالمفهوم المادي ، وإنما هو الغياب المعنوي ، فالأم تعتقد خطأ أن المال يحقق لها ولأولادها الأمان والاطمئنان لنجد بعض مضي سنوات شابـًا ضائعـًا مستهترًا وفاشلاً ، لن نجد بين هؤلاء الشباب إلا قلة قليلة احتفظت الأم بمسؤوليتها تجاههم ، ولم يمنعها عملها من القيام برعاية أبنائها غاب الأب أو حضر فهي قائمة بالمسؤولية المزدوجة ، وأيضـًا النظام العام المتكامل تربويـًا في مجالات التعليم والثقافة .
    ويضيف الدكتور أحمد عبد الرحمن : إن الوراثة لها دور مهم ، فهناك الوراثة الاجتماعية ، وهي التربية بمعناها الواسع في كافة المؤسسات التربوية البيت والمدرسة والمسجد والنادي والقدوة سواء في الواقع أو في الكتب ، فأنا لا أنسى أول كتاب قرأته عن عمر بن عبد العزيز - رضي الله عنه - حيث تأثرت به أيما تأثير .
    ــــــــــ
    أحمد الشاهد-اسلام ويب
                  

09-02-2015, 01:28 AM

سيف اليزل برعي البدوي
<aسيف اليزل برعي البدوي
تاريخ التسجيل: 04-30-2009
مجموع المشاركات: 18425

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات متنوعة عن الأسرة و المجتمع (Re: سيف اليزل برعي البدوي)

    الشباب هم عماد كل أمة وسبيل نهضتها ، وهم عضلاتها المفتولة للبناء في سلمها ووقود حربها التي لم تنته بعد مع عدوها ، وهم الدروع التي تتحصن بها ضد من تسول له نفسه المساس بأمنها وتكديره .. وهم الأمل كذلك .. وفي مقابل ذلك هم الهدف الذي يصوب الأعداء سهام مكرهم للنيل منهم ومنها .. وأسلحتهم في ذلك ووسائلهم متعددة .. وأهمها وأخطرها (الإعلام) الذي تطور في هذا العصر بخطوات متسارعة مذهلة ، وغدت وسائل الإعلام من صحافة وإذاعة وتلفزيون وكتاب ومجلة ومسرح و… وأخيرًا الشبكة العنكبوتية (الإنترنت) ، هي القوة المهيمنة على عقول وأفكار الناس عمومًا والشباب على وجه الخصوص .

    وعن الواقع المؤلم لشبابنا الذي يكتوي بنار إعلام محطم للقيم يقول د. عباس محجوب في كتابه (مشكلات الشباب .. الحلول المطروحة والحل الإسلامي):
    يمارس الإعلام في البلاد الإسلامية العربية - بوعي ، وبدون وعي أحيانًا - دورًا توجيهيًا مدمرًا ، بسبب أكثر ما يعانيه الشباب من تناقض بين قيم التربية التي تدرس له ، ثم ما يأتي الإعلام لنقضه وتشكيكه فيه ، الأمر الذي يوقعه في صراع نفسي وفكري ، فالصحافة لا تتورع أن تنشر حديثًا دينيًا عميقًا في صفحة ، وتنشر في الصفحة المقابلة لها صورة لحسناء فاتنة عارية أو شبه عارية.

    وبينما تقابل صحفات الدول "الأيديولوجية" الخبر لتعيد نشره وفق رأيها ومعتقدها وتفسيرها للأمر ، تأخذ صحافتنا الخبر ذاته من وكالات الأنباء لتنشره ، دون تفكير فيه أحيانًا ، حتى أصبحت الوكالات تدس لهم أخبارًا يعلمون أنها ستنشر كما هي ، ولأنّ صحافتنا في مجملها تعاني عجزًا في المادة ، وقصورًا في تقديم الجديد المبتكر ، فإنها - وبغياب الفكرة والهدف من إنشائها - تقدم كل شيء متناقض ، ولا تلتزم بفكر ، ولا تعمل لهدف إلا الكسب المادي _ كما هو واقع الكثير الغالب _ لذلك كله تجد المقالات التي تشكك في القيم الأساسية ، وتدعو إلى الفجور ، وترضى - باسم الحرية - كل شيء حتى بعض ما يسيء إلى هيبة الدولة وأمنها وأسرارها.

    وكذلك الحال في الإذاعتين المسموعة والمرئية ؛ فكلتاهما تستقطب الناس جميعًا ؛ المتعلمين وغير المتعلمين ، غير أن تأثير الإذاعة المرئية "التلفزيون" أعظم خطرًا ، وأبعد أثرًا في عقول الناس وآرائهم بعامة والشباب بخاصة .

    والجهازان يعانيان من الإفلاس في الفكر والبرامج النافعة ، ويعتمدان على التمثيل الهابط ، والمعالجات التي لا تتصل بالواقع ، والمشكلات التي لا تعاني منها الدول التي تبث منها، إلا في القليل النادر، وكان الأولى كما يقول د. محجوب : على أجهزة الإعلام أن تشارك في تربية الشباب وبناء الأجيال ليكونوا رجالاً وصنّاعًا ومنتجين ، وليكونوا قوة بناء وحماية لدولهم ، وليكونوا علماء لا يعيشون على فتات الأمم ، ومساوئها في العادات والتقاليد والاهتمامات التي لا تحتاج إلى جهد وعلم في الحياة.

    والشباب في مرحلة المراهقة مهيؤون أكثر من غيرهم لتقمص الشخصيات التن ي تنسخها أفكار وخيالات الكتاب ، وتزينها إبداعاتهم وتنفذها براعة الممثلين وتقمصهم ، وقبل ذلك تنسخ قوالبها سياسة تلك الوسيلة الإعلامية ، فرأينا الأوضاع مقلوبة : فالأقزام يتعملقون، والهوامش يُشار إليهم بالبنان ، والتوافه هم الأكثر جاذبية ويسيل لعاب الأمنيات نحوهم ، وفي مقابل ذلك لا نرى أثرًا للعمالقة ؛ وإذا ما ذُكروا فإما تهمّش أدوارهم أو تشوه صورتهم ، وما تزال صورة المعلمين وعلماء الدين على شاشات التلفاز أو السينما تثير الاشمئزاز والسخرية ، فذهبت هيبة الدين واللغة والتقاليد، وتحطمت الأخلاق والقيم بتحطيم هذه الشخصيات وتشويهها .. وقد أصاب هؤلاء الماكرون الشباب في مقتل حينما غيّبوا قدوتهم التي ينبغي لهم أن يقتدوا بها بل وشوهوها ومسخوها فأصبحت مثار سخرية وتندّر .. فإلى من يلجأ الشباب إذن ليكون قدوته ؟

    لا بد أن يتجه إلى من يُزينهم الإعلام ويفرضهم فرضًا ليقتدي به المراهق الحائر ، فإذا تفرست في أزياء الشباب ترى عجبًا ، فهذا يعلّق لاعبا علقه ، وذاك يزيّن قميصه بصورة ممثل أو ممثلة لا فرق ! حتى أزياء غير المسلمين التي تحمل أعلام دولهم لا يجد الشباب حرجًا أن يرتديها ، ولو كان فيها الصليب النصراني أو الصليب النازي المعقوف ، وأصبحت لا تفرق بين جنس الشباب أذكر هو أم أُنثى لتشابه الحركات والأزياء ، وما كان بالأمس غريبًا وعجيبًا أضحى اليوم شائعًا بل الغريب ألا يُجارى .

    ويفصل د. عباس محجوب بين ما يخططه غيرنا لشبابهم وما يكابده شبابنا من تجهيل وتسطيح لأفكارهم إعلاميًا ، فيقول : تقوم أجهزة الإعلام المسموعة والمرئية والمقروءة في الدول ذات الأيديولوجيات والأفكار بدور رائد في توجيه الشباب وتثقيفه وإشباعه بالعقيدة التي تؤمن بها وربط حياته بتلك الأيديولوجية التي تنطلق منها في فكرها وسياستها واقتصادها وشؤون حياتها جميعًا .

    وأضاف د. محجوب : إن لوسائل الإعلام من الخطورة في عصرنا ما قلل من دور البيت والمدرسة في تربية النشء وتوجيه الشباب ، وذلك بما تملكه من وسائل الاتصال الجماهيرية المختلفة التي تقتحم البيوت والمؤسسات والمنتديات ، سواء أكانت إذاعة أم تلفازًا أم صحافة، وكل هذه الوسائل تفرض نفسها على الناس ، وتؤثر تأثيرات مباشرة ، وتجتذب أكبر عدد منهم ، ولكنها مع ذلك كله عاجزة عن أن تقدم للناس ما تثرى به حياتهم وفكرهم ، وللشباب ما يرضي طموحاتهم للثقافة والمعرفة والترفيه ، وذلك لأنها تعتمد على برامج مستوردة لمجتمعات تختلف عنا في عاداتها، وطرائق حياتها، ومشكلاتها التي تعالجها ، والحلول التي تقدمها للمشكلات ؛ هذا في غير الجوانب العلمية غير الموجهة لخدمة أغراض أخرى.

    وكان من آثار ذلك ظهور أنواع الانحرافات في صفوف الشباب بسبب ما شاهدوا في فيلم أو تمثيلية ؛ حيث إن المادة المقدمة لا تميز بين جرائم القتل والاغتصاب والسرقة والمخدرات ، وبين المواد القليلة المتصلة بالنواحي العلمية. كما أن الصلة مفقودة بين أجهزة الإعلام والتربية ومنظمات الشباب باعتبارها مكملة لبعضها ومتممة.

    أو يحاكي ..
    وبالطبع ستكون أحلام الشباب متناسبة مع أفكارهم الجديدة وأقصى ما يتمنون أن يكونوا مثل من يقتدون بهم ، فلو سألت شابًا عن أحلامه وطموحاته لن يكون غريبًا أن تكون إجابته المباشرة أو غير المباشرة ، الظاهرة أو التي لا يصرح بها، وهي في دواخل نفسه : أتمنى أن أصبح مثل لاعب القرن(الذي سقط في أتون المخدرات ولم يخرج منها حتى الآن و رغم سقوطه الأخلاقي المدوي أعلن العالم أنه لاعب القرن ؟! ويتمنى كذلك أن يكون مثل عازف الجيتار الفلاني أو المصور العلاني .. حتى الشخصيات التاريخية الواجب الاقتداء بها لا بد أن تكون مثل بونابرت أو تشرشل أو حتى هتلر و.. واختفت أو تشوهت صورة هارون الرشيد وطارق بن زياد بعد أن نسجت حولها من لوازم الإثارة والجاذبية ، فالإمام فلان لا بد أن يعشق، وإلا فما فائدة الجنس الناعم في الفيلم أو ما يسمى البطلة!!

    أما عن الغرائز والمشاعر فحدث ولا حرج _ لا سيما غريزة الجنس ـ حيث الشاب في قمة القوة والعنفوان ، وفي حالة ضاغطة تبحث عن طريق للتفريغ . وقد ساهمت وسائل الإعلام مساهمة خطيرة في استثارة غريزة الجنس لدى المراهق ، ولم تدع وسيلة شيطانية إلا وأتت بها لتدخل مخادع الشباب وتصب الزيت على موقد غريزة الجنس الغائرة لديهم عن طريق الأفلام الداعرة والمشاهد الملتهبة والقصص الغرامية التي يشترك فيها الكتاب والقصة وقصيدة الشعر وخشبة المسرح والتلفاز والسينما .. إلخ .

    ومما زاد الطين بلة والجرح إيلامًا أن منافذ الخير والرعاية لهؤلاء الحيارى تقلصت ، فسدت أمام الشباب والمراهقين طرق الحلال وضيّق عليهم ارتيادها، وزادت البطالة المشكلة تعقيدًا ، فأنى لشباب في مرحلة حساسة أن يتزوج وهو لا يستطيع أن يعول نفسه ، وخاصة أن الفتيات والمرشحات للزواج لهن فارس أحلام في خيالهن يردن أن يخطفهن ، ليس على صهوة جواد بل سيارة آخر موديل وشهر عسل في أوروبا.

    ومع غياب التوجيه والإرشاد أو قلته في خضم اللهو والفساد المتراكم لا بد أن ينزلق الشباب ويقع في الفخ الذي نصّبه الأعداء ،بل وسعّروا نيران الغريزة الجنسية عن طريق الإعلام، وآخر البلايا ما تبثه شبكة الإنترنت من إباحية بصورة لا تكاد تتخيل ، تدع المرء حيران ، وصاحب الهم يزداد همًا ، ماذا نفعل أمام هذا الإعصار الهائج الذي لا يُبقي في طريقه ولا يذر خلية حية إلا أصابها ، إلا ما رحم ربي.

    إحصاءات
    ورغم ما تفرضه الدول من رقابة فقد أحكم الشر قبضته ، ونالت سهامه من هدفها، وهو الشباب ، والإحصاءات تصدق ذلك :
    ففي إحصائية عن مشاهدة الفيديو جرت بلبنان تبين أن مشاهدة الأفلام الاجتماعية والعاطفية حازت على الدرجة الأولى ، وحلت الأفلام البوليسية المرتبة الثانية ، وما أدراك ما الأفلام البوليسية ، حيث هي كما عبر أحد خبراء الإعلام بأنها تؤثر كثيرًا على سلوك المراهقين والأطفال والنساء، وقال : " إذا كانت السينما من خلال الأفلام مدرسة لتعليم الإجرام ، فإن التلفزيون جامعة يتلقى فيها الناشئة فنون العنف ليخرجوا عتاة في الإجرام" ..

    وجاء في تقرير من الولايات المتحدة: أن 49 في المئة من نزلاء مؤسسة عقابية (عدد من أُجريت عليهم الدراسة 110) أعطتهم السينما الرغبة في حمل السلاح ، و 12 - 21 في المئة أعطتهم الرغبة في السرقة ومقاتلة الشرطة ..

    ودراسة ثالثة أُجريت على 252 فتاة منحرفة بين سن 14 - 18 سنة تبين أن 25 في المئة منهن مارسن الجنس نتيجة مشاهدتهن لقطات جنسية مثيرة بالسينما و41 في المئة قادتهن المشاهد إلى الحفلات الصاخبة والمسارح الليلية و4 في المئة هربن من المدرسة لمشاهدة الأفلام و17 في المئة تركن المنزل لخلاف مع الأهل حول ذهابهن إلى السينما .. كما جاء في تقرير الهيئة الصحية العالمية عن انحراف الأحداث على لسان أحد القضاة الفرنسيين العاملين في ميدان الأحداث " لا يخالجني أي تردد أن لبعض الأفلام وخاصة البوليسية المثيرة معظم الأثر الضار على غالبية حالات الانحراف لدى الأحداث" ..

    الإنترنت
    أما عن مخاطر شبكة الإنترنت على الشباب فيكفي أنهم أكثر مرتاديها ، بعد أن تعددت وسائل الإغواء والإغراء ، فأصبح لدى الشباب خصوصية الاتصال بالفتيات إن لم يكن مسموحًا في المنزل ففي النادي أو المقهى أو غيرها ، وأصبح التعارف المشبوه هو شعار مزيف يردده الكثيرون، وأعجب ما يقال وينادي به تحت ستار الحرية البراق " دع الشباب يتعرف ويتصفح ويغوص فنحن في زمن الإنترنت" و… ولم يكذِّب الشباب خبرًا فانطلق من عقاله .. فما نتوقع وما نتيجة هذه المعادلة مراهقة + حرية +غياب وعي ورقابة ؟؟!!

    ويكفي أن ندلل على النتيجة بآخر إحصاء أظهر أن واحدًا من بين كل خمسة من المراهقين الأمريكيين الذين اعتادوا الدخول إلى شبكة الإنترنت تلقوا محاولات غير مرغوبة لاستدراجهم لممارسة الجنس عبر شبكة المعلومات الدولية.

    وأبلغ 19 بالمائة من 1500 من الشباب شملهم الإحصاء تتراوح أعمارهم بين العاشرة والسابعة عشرة عن محاولات لاستدراجهم لممارسة الجنس يعتقد أنها صدرت عن بالغين . وتعرف هذه المحاولات بأنها دعوات للانخراط في ممارسات جنسية أو حديث جنسي أو الإدلاء بمعلومات جنسية خاصة.

    وكتب كمبرلي ميتشيل (من مركز أبحاث الجريمة ضد الأطفال بجامعة نيوهامشاير في دورام) يقول : " من منظور المخاطر .. الفتيات والشباب الأكبر سنًا ( من 14 إلى 17 عامًا) كانوا أكثر عرضة للاستدراج ، وكانت النسبة أعلى لدى الشباب الذين يعانون من المشاكل . كما ازدادت النسبة بين من يستخدمون الإنترنت أكثر ويشتركون في غرف الحوار ( أو الثرثرة) .. أو يتحدثون إلى الغرباء عبر الإنترنت أو يستخدمون الإنترنت من بيوت غير بيوتهم.

    وفي إنجلترا ،الإمبراطورية التي غابت عنهاالشمس، ومن خلال استجواب 1344 شخصية اختصاصية حول العلاقة بين السينما وانحراف الناشئة - أجاب ستمائة منهم بوجود علاقة بين انحراف الأحداث والسينما ، هذا ناهيك عن بعض الدراسات الغربية حول بعض السرقات الكبيرة تبين أن الدافع إليها كان تردد الأحداث بشكل متكرر في قاعات السينما .. وليس عجبا أن يأتي ذلك من الغرب ، وإنما العجب أن تنبري إحدى المدارس ويتفتق ذهن عمالقة التربية فيها فيأتوا بما لم يأتِ به الأوائل ، فيضمنون امتحان اللغة العربية سؤالاً : تخيل نفسك تسطو على بنك لسرقته ماذا نفعل ؟!!

    بل نحن ماذا نفعل أمام هذه المشكلة التي تتفرع وتتعقد يومًا بعد يوم ، وبعد هذا الواقع الأليم لإعلامنا الذي يكتوي بناره شبابنا الحائر ، هل من أمل في الإصلاح أم نركب مع المنهزمين والإمعات الذين يجدفون بمجداف ليس في الإمكان أبدع مما كان ؟..

    كلا لا بد أن نبدأ ، ولكنها ليست بداية من الفراغ ، بل عندنا حجر الأساس الذي يغري بالإصرار على تكملة البناء، ثم لا بد من التخطيط من جديد لإعلامنا.

    أهمية التخطيط
    وعن أهمية التخطيط الإعلامي يقول د. عباس محجوب : لما كان لوسائل الإعلام تأثيرها المعروف في تكوين اتجاهات الشباب وأفكارهم كان التخطيط أمرًا لازمًا ، وليس ذلك التخطيط الذي يوزع عدد الأغاني بالتساوي بين المطربين ، وعدد التمثيليات الفكاهية والعاطفية .. إلى آخر ذلك ، ولكن التخطيط الذي يعمل على تكوين الاتجاهات السليمة ، والعادات المرغوبة ، والتدريب العقلي ، والمعرفة المتنامية ، والتخطيط المرتبط بفلسفة التربية والثقافة التي تعمل الدولة لها . ولا يمنع التخطيط مراعاة تحقيق أهداف الإعلام في الترفيه عن الناس ، وتثقيفهم ، ولكن يمكن أداء ذلك كله بأن يكون الترفيه هدفًا يحمل مضمونًا للسامع والمشاهد.

    وعن أهمية نشر القيم والثقافة ، قال د. محجوب :
    للإعلام قدرة على نشر القيم وتدعيمها في الشباب ؛ ليس عن طريق الوعظ والإرشاد ؛ بل عن طريق التطبيق العملي لقيم الدين والثقافة، وربط الأعمال المقدمة لخدمة الأخلاق والمثل ، وإيجاد القيادات الشابة من المبرزين منهم في دينهم وسلوكهم كنماذج حية لهم ، بالإضافة إلى نشر التراث والتعريف به ، وتخليصه مما نسب إليه ، وتوجيه الشباب ليخدم دينه وثقافته بنشره بين الناس ، والمشاركة في كل عمل يحقق تلك الأهداف .

    ويمكن للإعلام إبراز كل عمل يقوم به الشباب في مجال التعليم ومحو الأمية ، والمواسم الثقافية ، والأعياد القومية ، والمسابقات الفردية والجماعية ليكون ذلك كله حافزًا إلى مزيد من الإبداع والاجتهاد.

    ويقتضي هذا أن تقوم أجهزة الإعلام بتقديم المناهج الدراسية مسموعة ومرئية للمراحل المختلفة ، بل وتتيح فرصًا أكبر للشباب بالمشاركة في تقديم البرامج المختلفة ، وخاصة من أظهروا مواهب في الأدب ، أو التمثيل ، أو الإلقاء ، أو غير ذلك من المواهب التي تحتاج إلى صقل وتوجيه وتشجيع.

    ذاك هو الواقع وهذا هو المأمول ، ويبقى السؤال الحائر الذي تزداد الإجابة عليه غموضًا مع تغوّل الإعلام وهيجانه في عصر العولمة التي ما ابتدعت إلا لتصيب الإسلام وأهله في مقتل وشبابه بالذات .. الخطب جلل .. ومقال كهذا أهون من أن يجيب عن التساؤل " ماذا يفعل الشباب أمام غول الإعلام .. والمسؤولية كما هي مضاعفة فهي مشتركة .. فالكل مطلوب منه أن يأخذ بطرف منها لنعود ونقول بالفم الملآن " شبابنا هم عدتنا وعتادنا وهم أملنا وضياؤنا" وسلمت يا شباب .
    جاد الكريم المطاوعي-اسلام ويب
                  

09-02-2015, 01:30 AM

سيف اليزل برعي البدوي
<aسيف اليزل برعي البدوي
تاريخ التسجيل: 04-30-2009
مجموع المشاركات: 18425

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات متنوعة عن الأسرة و المجتمع (Re: سيف اليزل برعي البدوي)

    من جحيم.. إلى جحيم !

    هكذا قالت صديقتي بصوت متهدج ، وابتسامة مغتصبة وعينين تجمعت على سطحهما قطرات دموع جاهدت لابتلاعها ، فكانت تزدري ريقها بصعوبة ،وتحاول الظهور بمظهر المتماسكة ،وهي ترد على مشاطرتي لها بعد طلاقها من زوج لم تمكث في بيته أكثر من عام !

    لم أستفسر منها عن أسباب الطلاق ، فقد كنت أعلمها تقريبًا مسبقًا ، إذ تعددت خلال ذلك العام محاولاتنا وأزواجنا لإصلاح ذات بين صديقتي وزوجها ..

    وللحق كانت هي أحرص على استمرار حياتها ، وكلما كان لفظ الطلاق يتردد في إحدى جلسات التحكيم والإصلاح كانت تهز رأسها ، وكأنها تطرد هاجسًا مخيفًا ، أو خاطرًا مزعجًا ، فقد كانت تريد أن تظل زوجة مهما كلفها ذلك من عناء نفسي ، وكبدها من تنازلات ، كانت تريد أن تنفض عن كاهلها اللقب البغيض " عانس " ، وتحمل لقب " زوجة " ؛ حتى لو كان زواجها على فوهة بركان نوحتى لو كان رجلها لا يرعى فيها إلا ولا ذمة !

    ولا أحسبها إلا محقة ، فما قاسته في بيت أبيها من عنت ، واضطهاد ، وتحقير جعلها تتحين أية فرصة للخروج من كهف العنوسة ولو إلى كهف أضيق وأظلم .

    كنت موضع شكواها.. وكثيرًا ما استودعتني مواقف تؤكد أن والديها وأشقاءها كانوا يعاملونها بفظاظة ، وغلظة ، ويعيرونها بعنوستها ، ويشعرونها بأنها ضيف ثقيل طال مكوثه عند من ضجروا منه ، ولم يجدوا بُدّاً من مواجهته بضجرهم وتضررهم .

    بكاؤها المتشنج كان يمزق قلبي ، ولا أملك إلا الدعاء .. مقترنًا بالسعي لتزويج هذه الفتاة الطيبة .. المتدينة .. الخلوقة .. المتعلمة.

    نعم فلم يكن يعيب صديقتي إن اعتبرنا خلق الله - والعياذ به - عيبًا سوى شكلها ، وإن كانت خفيفة الظل .. خفيضة الصوت .. خيرة إلى أبعد حد ، وكم رشحت لها .. ورشحت صديقاتنا الأخريات راغبين في الزواج يضاهونها سنًا وعلمًا ، وكان هؤلاء يجيئون لرؤيتها.. ويذهبون بلا عودة ، فتقول هي بأسى : لا تتعبي نفسك .. أعرف أنني لا أروق لأي رجل .. مهما كان دميمًا ، ثم تنخرط في بكاء شديد ، وتقول بلهجة متشنجة : " الحمد لله على عطائه .. أنا لم أخلق نفسي .. فلماذا يعاقبونني على ما لم أرتكب ؟ ولماذا تلام الفتاة إن رفضت رجلاً لا يروق لها شكلا ؟ - ويلتمس العذر لأي شاب يرفض الاقتران بمثلي مهما تعددت عيوبه هو ؟!".
    كان حالها يؤرقني .. وكثيرًا ما تحدثت إلى أمها ، وشقيقتيها المتزوجتين بشأنها ، فكانت أمها تبدي أسفها وتقول لي : " وماذا بيدي يا ابنتي .. فاض بي ! " . وتقول شقيقتاها بلا مبالاة : " وماذا تنتظرين منا وزوجانا يعيراننا بها ؟ " . وتردف صغراهما : " تصوري .. زوجي يقول عن ابنتنا التي تشبه خالتها : يا خوفي أن ترث شكلها .. وحظها أيضًا " !

    أسمعهن .. وأنصحهن .. ولكن دون أن يتوقف نزيف المأساة في قلب صديقتي ذات الأربعين عامًا ، التي ما إن تقدم لها أرمل في الخامسة والخمسين حتى وافقت دون تردد ، وكذلك فعلت أسرتها .. لم يتحروا .. ولم يسألوا عنه ، وتم الزواج لتظهر الحقيقة رويدًا .. الزوج بخيل جدًا .. لا يحافظ على الصلاة ، يعتبر الاهتمام بالنظافة الشخصية إسرافًا في استعمال الماء والصابون ، يسيء معاملة أسرتها ، ويلمح لهم في كل مناسبة بأنه ذو يد عليا عليهم ، فقد أنقذ ابنتهم من العنوسة !.

    كل هذا وأكثر ، وهي راضية ، لا تشكو إلا حينما يفيض الكيل تشكو أملا في إصلاحه ، وليس رغبة في الانفصال عنه ، ويمر العام ليطلقها هو ؛ لأنه - على حد قوله - " مل من كثرة شكواها ، ولا يجد مبررًا للإبقاء عليها ، فهي ليست "ست الحسن والجمال ".

    فشلت محاولات صديقتي لإثنائه عن قراره ، فاضطرت للرضوخ ، وعادت إلى بيت أسرتها مرة أخرى تحمل لقبًا جديدًا " مطلقة " ، عادت محملة بآثار تجربة مريرة .. بغيضة تضيف إلى معاناتها السابقة تلالاً من العناء ، وتضيف إلى عمرها عامًا بعشرات الأعوام ، وتحفر على وجهها الحزين أخاديد تجعله يبدو كوجه عجوز في السبعين أو أكثر .

    كان بوسع صديقتي أن تفعل الكثير لتتجاوز عنوستها ، وكم نصحتها ، واقترحت عليها ما يملأ فراغها ، وحاولت أن أبث فيها ثقة تستحقها - بالفعل - وألفت نظرها إلى ما تملكه من فهم حرمت منها جميلات كثيرات ، ولكنها كانت مسجونة داخل خندق الإحساس الحاد بأنها غير مرغوبة .

    وكان من حولها يزيدون هذا الإحساس وطأة ؛ حتى فقدت القدرة على التفكير في غير هدف واحد : أن تصبح زوجة .. بأي مقابل ولأي رجل !

    وتحقق هدفها لتصبح مرفوضة مرتين ، مرة لعنوستها وأخرى لطلاقها !

    ترى كم بيننا من مرفوضات .. منبوذات بلا ذنب ؟ كم بيننا من مشروعات زوجات صالحات ، ولكنهن ضحايا لخلل قيمي .. وعسر اقتصادي .. وتفريط عقدي وتخبط سياسي ؟.

    كم بيننا من حاملات للقب يرضين به ، ويحاولن التكيف معه ، ولكن الآخرين ، بل أقرب الأقربين لهن ، يدفعونهن بتصرفات تكاد أن تكون جرائم إنسانية إلى محاولة الهرب من اللقب .. الجحيم .. إلى جحيم أشد استعارًا.
    نور الهدي سعد-اسلام ويب
                  

09-02-2015, 01:32 AM

سيف اليزل برعي البدوي
<aسيف اليزل برعي البدوي
تاريخ التسجيل: 04-30-2009
مجموع المشاركات: 18425

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات متنوعة عن الأسرة و المجتمع (Re: سيف اليزل برعي البدوي)

    ابنة صديقتي خمرية اللون ، وسيمة الملامح ، وابنها أشقر.
    عندما زرتها آخر مرة وأثنيت على جمال طفليها قالت بأسي: خسارة كان نفسي البنت تكون بيضاء ، أما الولد فليس مشكلة ؛ سيتزوج حتى لو كان زنجيا.
    استغربت قولها: وكان ردي عليها لا يخفي استنكاري إذ قلت لها: ما دمت متيقنة من أن ابنك سيتزوج حتى لو كان زنجيا فثقي بأن من زوج الزنجي سيرزق ابنتك أيضا بالزوج الصالح.
    غادرت بيتها والسؤال يدق في رأسي: ما الذي منح بياض البشرة كل هذه المكانة؟
    ما الذي جعل السمراء في ذيل قائمة المرغوبات للزواج؟ وجعل شبابنا الملتزم وغير الملتزم يبحث عن العروس الشقراء أو البيضاء علي الأقل ؟
    ولماذا صارت إعلانات كريمات تفتيح البشرة التي يكتشف الأطباء مزيدا من مخاطرها كل يوم ، تضرب علي وتر الفتاة السمراء الحزينة التي تخشى فوات فرصتها في الزواج ، وعندما تستعمل كريم التفتيح يتساقط حولها المعجبون؟
    الغربيات بيضاوات ….وهذا يلخص الإجابة عن تلك الأسئلة كلها وغيرها.
    فقد صادرنا هويتنا ، وأوصدنا أبواب خصوصية ثقافتنا ، وحبسنا تفرد عقيدتنا في أركان الإسلام الخمس ، واستوردنا كل شيء : الملبس ، الطعام ، القيم ، بشرة النساء اللاتي يرقدن تحت شمسنا طيلة شهور الشتاء ليكتسبن اللون البرونزي الذي تخجل بناتنا منه.
    المقارنة بين البيضاء والسمراء قديمة في المثل الشعبي والأدبيات القديمة.والجديد أن يتحول الأمر إلي أزمة فتصبح سمرة البشرة وصمة ، ويكتسب تغيير خلق الله مشروعية زائفة باعتباره وسيلة الفتاة السمراء الوحيدة للحصول علي صيد ..
    عفوا …. زوج.
    نور الهدي سعد-اسلام ويب
                  

09-02-2015, 01:35 AM

سيف اليزل برعي البدوي
<aسيف اليزل برعي البدوي
تاريخ التسجيل: 04-30-2009
مجموع المشاركات: 18425

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات متنوعة عن الأسرة و المجتمع (Re: سيف اليزل برعي البدوي)

    رسالة إلى شاب
    الحمد لله تعالى وحده ، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده ، وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهديه واقتفى أثره ..وبعد
    أخي الحبيب زهرة الدنيا وأمل الأمة : هذه رسالة للشيخ الدويش توجه بها إلى إخوانه الشباب قرأتها فأعجبتني فأحببت أن تشاركني في قراءتها لعل الله تعالى أن ينفعني وإياك بما جاء فيها ، ويجعلها سببا في عودتنا إلى طريق الله المستقيم .. آمين .

    قال الشيخ .. حفظه الله : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أما بعد :
    فأحييك أخي الشاب بتحية الإسلام، تحية أهل الجنة، تحية خص الله تبارك وتعالى بها هذه الأمة: وكلي أمل أن تتفضل بقراءة وجهة نظري بكل تجرد وموضوعية؛ وأحسب حينئذ أن نقاط الاتفاق بيني وبينك ستكون أكثر من نقاط الاختلاف، وأن اختلافك معي في قضية من القضايا لا يعني إهمال وإلغاء جميع ما توافقني عليه.

    أتمنى أن تفكر بموضوعية وإنصاف وتجيب على هذه الأسئلة بصوت خافت لا يسمعه غيرك، أجب عليها في نفسك بكل صراحة، ولن يجنى مرارة التستر على العيوب والمخادعة إلا من يخادع نفسه.

    أي العبوديتين تختار؟
    تأمل في هذا الإنسان وحياته، مرة يلم به مرض، ومرة يصيبه جوع، مرة يضيق صدره … بينما تراه فتياً نشيطاً، يتحدث بملء فيه، ويعلو صوته وصياحه إذا به يصاب بفيروس لا تراه عينه المجردة فيتحول ذلك الإنسان صاحب القوة والحيوية إلى جسم ممدد طريح الفراش، ل اتكاد تميز صوته، ولا يستطيع حراكاً .

    يملك المال ويوغل في الثراء، فما يلبث أن تصيبه كارثة تحوله إلى أسير لديونه، وإذا به في طرفة عين قد انقلب من قمة الثراء إلى حضيض الفقر والحاجة والفاقة.

    إنها أمارة نقصه وضعفه وهكذا شاء الله أن يكون المخلوق كذلك، لذا فلابد أن يكون المخلوق عبداً، فإما أن يكون عبداً لله يخضع له ويستجيب لأمره، وإما أن يبتلى بعبودية ماسواه، أرأيت كيف يسجد ويركع بعض الناس لأحجار نحتوها بأيديهم؟ أرأيت كيف يتعبد النصارى بخرافات سطروها بأقلامهم وألغوا لأجلها عقولهم وألبابهم؟

    من الشاذ؟
    إن العالم الفسيح من حولنا بأرضه وسمائه ونجومه وأفلاكه، وكل صغير وكبير ندركه أو لا ندركه، كل ذلك يسجد ويخضع لخالقه تبارك وتعالى، ويلهج بالتسبيح له عز وجل. { يسبح له السموات والأرض ومن فيهن ، وإن من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم إنه كان حليما غفورًا}
    والظل الذي نتقي به لهيب الشمس المحرقة يتفيأ ذات الشمال واليمين ساجداً لله تبارك وتعالى.
    بل هذه الشمس التي نراها كل يوم، تعلن خضوعها وسجودها لخالقها، كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم "فإنها تذهب حتى تسجد تحت العرش فتستأذن فيؤذن لها.."
    فما بال الإنسان بعد ذلك؟ ما باله يستنكف ويستكبر على خالقه؟ بل ما باله يتمرد على نظام الحياة أجمع؟ وماذا عساه يساوي في هذا الكون؟ وأين مكانه في هذا العالم الفسيح؟

    فمن الشاذ والغريب حينئذٍ؟ ومن الذي يسبح ضد التيار؟ أهو المسلم القانت الساجد المسبح لله تبارك وتعالى فيتجاوب مع هذا الكون الخاضع لربه؟ أم هو الذي يتمرد على خالقه، ويستنكف عن طريق الهداية، فيستظل ويختبئ حين يواقع المعصية وراء حائط يسبح ويسجد لربه، والسيارة والهاتف والقلم… وسائر ما ييسر له طريق المعصية يخضع لمولاه ويسبح ويسجد له.

    فالذي يسلك طريق الهداية يسير وفق السنة التي يسير عليها الكون أجمع، أما الذين يتنكبون طريق الهداية فيعيشون تناقضاً في حياتهم، ليس مع الكون الأرحب الواسع بل مع ذواتهم وأنفسهم، فأجسادهم وأعضاؤهم تخضع لله.

    أسرى ولكن لايشعرون ..
    أرأيت أتباع الشهوات والغارقين في أوحالها؟ أتظن أنهم يعيشون السعادة؟
    إنهم أسرى وعبيد لهذه الشهوة المحرمة تأمرهم فيطيعون، وتنهاهم فينتهون، ولسكرهم في لذتهم لا يدركون ما هم فيه، وهاهو أحدهم لا يجد شبهاً لنفسه وحاله إلا بأهل الجنون، فرحم الله امرءًا عرف قدر نفسه.
    قـالوا جننت بمن تهوى فقلت لهم.. ... .. العشق أعظـم مما بالمجــانين
    العشق لايستفيق الدهر صـاحبه .. ... .. وإنما يصرع المجنون في الحين

    إن أحدهم يقدم ما يملك فداء لمن يعشقه ويحبه، بل قد ينحر دينه قرباناً بين يدي معشوقه، وهاهو أحدهم يعبر عن ذلك:
    رهبان مدين والذين عهدتــهم .. ... .. يبكون من حذر العذاب قعوداً
    لو يسمعون كما سمعت كلامها .. ... .. خروا لعزة ركعاً وسجــوداً

    ويستغرق المعشوق فؤاد من يعشقه فلا يبقى فيه مكان للبحث عن رضا مولاه، بل قد يصبح رضا الله مرتبة دون رضا معشوقه، كما قال هذا الشقي عن محبوبه -عافانا الله :
    سلم يا راحـة العليـل .. ... .. ويا شفـا المدنف النحيل
    رضاك أشهى إلي فؤادي.. ... .. من رحمة الخالق الجليل

    ولو أدرك أتباع الشهوات اللاهثون وراءها مرادهم، فسرعان ما تنتهي حياتهم، وتنتهي معها المتعة ويبقى دفع الثمن الباهظ الذي لا يمكن أن يقارن بحال بتلك الشهوة العاجلة واللذة الفانية، وهاهو الناصح الأمين صلى الله عليه وسلم يخبرنا عن ذلك فيقول : " يؤتى بأنعم أهل الدنيا من أهل النار يوم القيامة، فيصبغ في النار صبغة ثم يقال: هل رأيت خيراً قط؟ هل مر بك نعيم قط؟ فيقول:لا والله يارب، ويؤتى بأشد الناس بؤساً في الدنيا من أهل الجنة، فيقال له: ياابن آدم: هل رأيت بؤساً قط؟ هل مر بك شدة قط؟ فيقول: لا والله يا رب، ما مر بي بؤس قط، ولا رأيت شدة قط" .
    فالدنيا كلها ومتاعها وشهواتها تنسى في غمسة واحدة في العذاب، فكيف بما بعد ذلك؟

    ماذا تنتظر؟
    أعرف أن الشاب الغافل ليست هذه أول كلمة يسمعها، وأنه قد مرت به مواقف عدة دعته للتفكير في التوبة والرجوع إلى الله، لكن السؤال الذي لم أجد له إجابة مقنعة إلى الآن هو: لماذا الإصرار على الخطيئة؟ ولماذا التردد في سلوك سبيل الصالحين؟
    انظر إلى من حولك، إلى من هو في سنك وعمرك، ممن هداهم الله فأقبلوا على طريق الصلاح والتقوى، وانظر إلى من كان له تاريخ في الغفلة والصبوة، فنهض وعاد إلى مولاه، إنهم بشر مثلك، ولهم شهوات وتنازعهم غرائز، وتعرض لهم الفتن وتشرع أبوابها أمام ناظريهم، فما بالهم ينتصرون على أنفسهم؟ وما الذي يجعلهم يستطيعون وأنت لاتستطيع؟ ولم ينتصرون وتنهزم أنت؟ بل ربما أنت أقوى شخصية من أحدهم، وأكثر ذكاء من الآخر وفطنة؛ إن الذي جعل هؤلاء ينتصرون على أنفسهم يمكن أن يجعلك كذلك.

    فهلا سلكت أنت الطريق وأقبلت إلى ربك؟!
    واعلم بأن الله يفرح بتوبة عبده حين يتوب إليه أشد من فرح رجل كان في صحراء على دابة فأضاعها وعليها طعامه وشرابه، ونام تحت شجرة ينتظر الموت فلما استيقظ وجدها عند رأسه، فقال من شدة الفرح ـ اللهم أنت عبدي وأنا ربك ـ أخطأ من شدة الفرح .. ففرح الله بتوبة عبده أشد من فرح هذا الرجل بدابته، فأقبل عليه، واتخذ القرار الحاسم ولا تتردد.

    أيهما أكثر رجولة؟
    صفة الرجولة صفة يحبها جميع الناس، ونفي الرجولة عن أحد تهمة جارحة يرفضها المرء ولو كانت جميع صفات الرجولة معدومة لديه.

    أيهما أكثر رجولة وأقوى شخصية؟ الشاب الذي تقعد به نفسه عن فعل ما أمره به مولاه فتنتصر عليه، أم الشاب الذي يجتاز العقبات، ويستجيب لأمر ربه ولو كان شاقاً على نفسه؟

    أيهما أكثر رجولة وأقوى شخصية الشاب الذي يسير وراء غرائزه وشهواته، ويستجيب لنفسه في كل ما تدعوه إليه وتدفعه له؟ أم الآخر الذي يملك الغرائز والشهوات، وتدعوه نفسه وتدفعه إليها، لكنه يكبح جماحها ويضبطها، ويقول لها: ليس من حقك أن تتمتعي بكل ما تريدين، فثمة عاقبة وخيمة للسير في هذا الطريق، وثمة عاقبة حميدة لمن يمنع نفسه عن الحرام؟ وهو وإن ترك الشهوة العاجلة فهو يعلم أن نهايتها في الدنيا مؤلمة، إما مرض عضال، أو فضيحة تنغص حياته، أو مصيبة أو كارثة، وحين ينجو من عذاب الدنيا لن ينجو من عذاب الآخرة إلا أن يمن الله عليه بعفوه.
    أما الامتناع عنها فعاقبته السعادة في الدنيا والنعيم المقيم في الآخرة .

    إن أشجع قرار، وأولى قرار يتخذه الإنسان هو أن يغير مجرى حياته، ويسلك في قطار الصالحين الأخيار. فأتمنى أن نكون شجعانا وجريئين؛ فنتخذ هذا القرار.
    اسلام ويب
                  

09-02-2015, 01:46 AM

سيف اليزل برعي البدوي
<aسيف اليزل برعي البدوي
تاريخ التسجيل: 04-30-2009
مجموع المشاركات: 18425

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات متنوعة عن الأسرة و المجتمع (Re: سيف اليزل برعي البدوي)

    القراءة احتلت ولا تزال تحتل حيزاً كبيراً بما تقدمه من خدمة معرفية هائلة لمرتاديها من الصعب جداً أن يجدوها في غيرها وأجمع الخبراء المختصون بنسبة 78% على أنها تكاد تكون المصدر الوحيد للثقافة. وعلى مر الأزمان عرفنا أن الشباب يوليها من الاهتمام درجة لا بأس بها لكنها أقل بكثير عن قارئي الفئات العمرية الأخرى،ومع هذه الحقبة التكنولوجية الهائلة والتي تتصدرها الانترنت ثمة ضعف ملحوظ على إقبال الشباب على القراءة بشكل أكبر إذ انهم يعتقدون أن هناك بدائل لها قد تتوافر على الشبكة. فتحت باب التحقيق بدايةً من عند المحور الأساس وهم الشباب : حيث أكد خالد الزرقان -طالب جامعي-على أن" القراءة لها نصيب وافر لدينا نحن معشر الشباب لكنه بالتأكيد أقل من غيرنا لأنها تلتهم الوقت، وإلا لماذا سمي الشباب شباباً إذا كان سيقضي وقته كله في القراءة !
    أما حمد الشمري - طالب جامعي- فيقول بأنه يقرأ في جميع المجالات و لكن دون التعمق بالشكل المطلوب.
    و يبتسم عبد الله العتيبي-طالب ثانوي قبل أن يدلي بقوله:
    " بالتأكيد أنتم تقصدون بالقراءة القراءة الجانبية أي غير الإلزامية،ولذلك أحببت أن أوضح أنني لا أجد الوقت الكافي حتى أقرأ ما أنا ملزم به فهو الأولى فبأي وجه حق يطالبونني بالأقل أهمية؟"
    قراءة رخيصة
    يعتقد البعض أنه لا توجد فائدة من محاولة حث الشاب على المطالعة لأنه و إن قرأ فسيتجه إلى رخيص المواضيع و أتفهها وتساندهم في ذلك الإحصائية التي تنص على المواضيع التي يقرئها الشباب:كتب معرفية ضخمة: 16% .قصص:(ضعيفة المضمون): 37%. صحف و مجلات:(مواضيع ضعيفة): 35%.صحف و مجلات:(مواضيع جـادة): 18 %.
    وفي تفصيل أكبر وجدنا أن الاهتمام بالأدب و الفنون لدى الشباب أكبر من غيره فسألنا بعض الشباب حيال ذلك فأجاب سعيد الحارث:
    " نهتم بالأدب والفنون بشكل أكبر لأنهما يتميزان بالجمال و بالخفة و السلاسة في القراءة حيث أن هناك العديد من المحفزات التي تدفع الشاب لقراءتهما"
    وقد كان للآباء رأيهم الخاص حيال هذه الإشكالية فقال السيد صالح المسلم-أب لثلاثة أطفال-":
    "الحظ في أبنائي عدم توجههم للقراءة كما كنت أود لهم،فأنا ولله الحمد أوفر لهم الكتب والصحف من جميع الأنواع و الأصناف لكن وكما قال المثل تجري الرياح بما لا تشتهي السفن.
    أما السيد سلطان التمامي - أب لأربعة أولاد فيؤكد أن أبنائه يقبلون على القراءة والمطالعة بشكل يومي حيث أن المرء على ما نشأ عليه" وأنا أنشأتهم على ذلك فباتت القراءة لديهم كنوع من أنواع الترفيه و الأنس".
    فيما يرى السيد سامي الطيار-أب لأبن واحد- أن العتب لا يقع على الشاب وحده في عدم قراءته بل يقع أيضاً على الأسرة التي لا تحترم الكتاب ووسائل القراءة الأخرى وتعتبرها شيئاً جانبياً،وبالطبع سيكون الشاب قد نشأ والكتاب بعيد أشد البعد عنه.
    مجتمع لا يقرأ!
    تفاجأنا عندما أخبرنا أستاذ علم النفس و الاجتماع:عبد الله العنزي وبكل ثقة:
    المجتمع بأكمله لا يقرأ القراءة الصحيحة منهم إلا ما نسبته 38% أما البقية فإما قراءته مجرد تصفح أو لأنه ملزم بالقراءة لامتحانٍ ما وما إلى ذلك من الأسباب، أما القراءة الصحيحة المركزة و التي يريد بها الشخص التثقيف و المعرفة المحضة فأصحابها وكما سبق و أسلفت لا يتجاوزون تلك النسبة من عدد سكان المجتمع والشباب قد لا يتجاوز نصيبهم من تلك الفئة القارئة 11%.
    إذاً من الجدير بنا قبل أن نوجه و نرشد الشباب إلى أهمية القراءة لمواكبة هذا الزمن الذي يحتاج إلى ثقافة كبيرة علينا إرشاد بقية فئات المجتمع إلى ذلك والشاب وبكل تأكيد سيلحظ هذا الاهتمام من قبل غيره وتفوقهم عليه عندها سيعيد التفكير في مسألة القراءة.
    الرياض - أسامة عبد الرحمن الأنصاري
                  

09-02-2015, 01:49 AM

سيف اليزل برعي البدوي
<aسيف اليزل برعي البدوي
تاريخ التسجيل: 04-30-2009
مجموع المشاركات: 18425

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات متنوعة عن الأسرة و المجتمع (Re: سيف اليزل برعي البدوي)

    أخي الشاب.. دع العنف وابدأ بالسلام
    ما أكثر قضايا الشباب ، لا سيما قضية العنف الشبابي الذي لم يعد حكرًا على المجتمعات الأجنبية ، بل طال مجتمعنا الإسلامي ، وانتشر بصورة مقلقةاسترعت اهتمام المعنيين بشؤون الشباب ، وأقضّت مضاجع أولي الأمر ، فشمر الباحثون عن ساعد الجد، وأقيمت مؤتمرات وندوات كان عنف الشباب أهم ما يطرح فيها .. منها ندوة نظمتها الجمعية الخيرية بالعوامية بمحافظة قطيف السعودية، وهدفت إلى التوعية بخطورة العنف في المجتمع من الناحية الأمنية والاقتصادية والنفسية والاجتماعية ، وتبصير أولياء الأمور بأهمية دور العلم في معالجة السلوك العدواني ، واستغلال طاقة الشباب والمراهقين في الاتجاهات المفيدة ، عبر توضيح بعض الجوانب النفسية والاجتماعية والبيولوجية التي تساهم في تشكل العنف في المجتمع.
    وقد تحدث في الندوة الدكتور عبد الستار إبراهيم ( خبير في العلوم النفسية) عن تناول الجوانب النفسية ، والاجتماعية ، والفسيولوجية للعنف، والأساليب السيكولوجية لضبطه ، فقال: " إن الأفراد يتعلمون السلوك العدواني (العنف درجة مرتفعة من العدوان) أثناء تفاعلاتهم مع محيطهم الاجتماعي ، كالوالدين مثلاً "، وقد أشار إلى نوعين من العدوان : عدوان إيجابي ، وهو بمثابة الطاقة التي من خلالها يحقق الفرد أهدافه دون أن يتسبب في أذى غيره ، من خلال تأكيد الذات مثلاً ، بينما النوع الثاني: عدوان سلبي ، هدفه إحداث الأذى للغير ، كالاعتداء اللفظي ، والجسدي ، أو الاعتداء على ممتلكات الآخرين .
    التعامل مع السلوك العُنفي
    أما طرق التعامل مع السلوك العُنفي فقد طرح الدكتور عبد الستار مجموعة من الوسائل التي تعين المرء على الحد من عنفه، أو من عنف الآخرين ، وهذه الوسائل هي:
    1ـ لا تقابل العنف بالعنف ، لأن هذا يصعد من دائرة العنف ( العنف والعنف المضاد).
    2ـ غيّر حوارك الذاتي (حديث النفس للنفس ) بهدف تغيير مجرى التفكير ، فالأفكار إما أن تزيد الغضب ، وبالتالي تهيئة الفرد للعنف أو العدوان ، وإما أن تقلل منه ، فتتراجع احتمالات العنف أو المبادرة العدوانية ، فقد نغضب لأننا نفسر تصرفات الآخرين بطريقة غير إيجابية ، لذلك المطلوب هو تدريب أنفسنا على تغيير طريقة التفكير هذه ؛ بحيث نجد تفسيرات أخرى لا تغضبنا، بل لنجد مبررات لتصرفات الآخرين تخفف من غضبنا.
    3ـ مارس الاسترخاء ، والتخيل الذهني ، فلهما فوائد جمة ، فهما يحدان من التوتر الجسمي (كخفض نبضات القلب ، والضغط الشرياني ، ومعدل التنفس ، والتوتر العضلي) المصاحب عادة لانفعال الغضب.
    4ـ درّب أطفالك أثناء التنشئة الاجتماعية على البدائل السلوكية ، أي أن يتعلم الطفل كيف يحل مشاكله بطرق متعددة ، وليس بأساليب جامدة لا تقبل التعدد.
    5ـ إلجأ للمعالجين النفسيين ، إذا ما تعذرت عليك الحلول الذاتية ، والاجتماعية ( الجماعية ) للحد من مشكلة العنف ، فلدى الاختصاصيين النفسيين وسائلهم الخاصة التي تسهل على الشخص العنيف تدريب نفسه على مكافحة سلوكه العنفي أو العدواني.
    6ـ تتبع أسباب العنف في الواقع الاجتماعي بهدف إبعاد الفرد عن مصادر العنف البيئية ، أو الحد من شدة هذه المصادر لكيلا تؤدي للمزيد من العدوان.
    كما أشار الرائد راشد الليفان (شرطة محافظة قطيف) إلى التقويم الصحيح للسلوك من قبل الأسرة ـ التي تلعب دورًا في النشأة الاجتماعية السليمة ـ وذلك لمنع الجريمة أو السلوك المنحرف في المجتمع ، فكون الصلة بين الوالدين والأطفال متقاربة ، لا متنافرة ؛ فإنها تعزز المشاعر الطيبة بين الآباء والأبناء ، كما أنه من المفيد جدًا أن يتعاون المواطن مع الجهات الأمنية للسيطرة على المظاهر العنفية بهدف إحداث حالة أمنية بين المواطنين .
    وقد تفاعل الجمهور الذي حضر الندوة مع المتحدثين ، بما ينم عن وعيهم بأهمية وضرورة السيطرة على العنف باعتباره ظاهرة مقيتة .
    وقد حظيَ الجانب النفسي والاجتماعي المتعلق بالعنف باهتمام الكثير من أسئلة الحاضرين ، ومما يذكر أن محمد حمد الصويغ ( مدير جريدة اليوم) قدم مداخلة تصب في الاتجاه الذي يرى أن عنف الشباب مرتبط بعدة أمور: سوء التربية ، والفقر ، وافتراق الزوجين ، وعدم وجود عائل لبعض الشباب ، وكثرة عرض أفلام العنف على التلفزيون، سيما بعد توافر القنوات الفضائية ، وضعف الوازع الديني وتعاطي المخدرات، والكحول، ورفاق السوء، كما يذهب إلى الاعتقاد بأن تفشي العنف مرتبط بوجود البطالة في المجتمع.
    ويمكن القول بشكل عام: إن عقد مثل هذه الندوة بمثابة خطوة على طريق الحد من العنف واستثمار كل الطاقات العلمية والمهنية ذات العلاقة للحد أو (على الأضعف) التقليل من الظواهر غير المرغوبة.
    [جاد الكريم المطاوعي-اسلام ويب
                  

09-02-2015, 01:52 AM

سيف اليزل برعي البدوي
<aسيف اليزل برعي البدوي
تاريخ التسجيل: 04-30-2009
مجموع المشاركات: 18425

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات متنوعة عن الأسرة و المجتمع (Re: سيف اليزل برعي البدوي)

    كانت هذه وصية من الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى أوصى بها أبناءه الشباب في بداية إحدى الإجازات الصيفية فقال:
    الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ومن اهتدى بهداه أما بعد :
    فبمناسبة الإجازة الحالية فإنه يسرني أن أوصي الشباب خاصة ، والمسلمين عامة بتقوى الله عز وجل أينما كانوا ، واستغلال هذه الإجازة فيما يُرضي الله عنهم ، ويعينهم على أسباب السعادة والنجاة ، ومن ذلك شغل هذه الإجازة بمراجعة الدروس الماضية ، والمذاكرة فيها مع الزملاء لتثبيتها والاستفادة منها في العقيدة والأخلاق والعمل.
    كما أوصي جميع الشباب بشغل هذه الإجازة بالاستكثار من قراءة القرآن الكريم وتدبره ، وحفظ ما تيسر منه ؛ لأن هذا الكتاب العظيم هو مصدر السعادة لجميع المسلمين ، وهو ينبوع الخير ومنبع الهدى ، أنزله الله تبيانا لكل شيء ، وهدى ورحمة وبشرى للمؤمنين ، وجعله سبحانه هاديا للتي هي أقوم ، ورغّب عباده في تلاوته وتدبر معانيه كما قال تعالى frown emoticon أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا)[محمد/24] ، وقال تعالى : (كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الأَلْبَابِ)[ص/29] ، وقال عز وجل : (إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ)(الإسراء/9].
    فنصيحتي للشباب ولجميع المسلمين أن يكثروا من تلاوته وتدبر معانيه ، وأن يتدارسوه بينهم للعلم والاستفادة ، وأن يعملوا به أينما كانوا ، كما أوصي جميع المسلمين بالعناية بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وحفظ ما تيسَّر منها ، ولا سيما في هذه الإجازة مع العمل بمقتضاها ، لأنها الأصل الثاني من أصول الشريعة .
    كما أوصي جميع الشباب بالحذر من السفر إلى بلاد غير المسلمين ؛ لما في ذلك من الخطر على عقيدتهم وأخلاقهم ؛ ولأن بلاد المسلمين في أشد الحاجة إلى بقائهم فيها للتوجيه والإرشاد والتناصح والتعاون على البر والتقوى والتواصي بينهم بالحق والصبر عليه .
    وأوصي جميع المدرسين في هذه الإجازة باستغلالها في إقامة الحلقات العلمية في المساجد والمحاضرات والندوات لشدة الحاجة إلى ذلك ، كما أوصيهم بالتجول جميعا للدعوة إلى الله في البلدان المحتاجة لذلك حسب الإمكان ، وزيارة المراكز الإسلامية والأقليات الإسلامية في الخارج للدعوة والتوجيه ، وتعليم المسلمين ما يجهلون من دينهم وتشجيعهم على التعاون فيما بينهم ، والتواصي بالحق والصبر عليه ، وتشجيع الطلبة الموجودين هناك على التمسك بدينهم والعناية بما ابتعثوا من أجله ، والحذر من أسباب الانحراف .
    وأسأل الله أن يوفق المسلمين شيبا وشبانا ، وأساتذة وطلابا ، وعلماء وعامة ، لكل ما فيه صلاحهم وسعادتهم ونجاتهم في الدنيا والآخرة ، إنه جواد كريم .
    اسلام ويب
                  

09-03-2015, 01:14 AM

سيف اليزل برعي البدوي
<aسيف اليزل برعي البدوي
تاريخ التسجيل: 04-30-2009
مجموع المشاركات: 18425

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات متنوعة عن الأسرة و المجتمع (Re: سيف اليزل برعي البدوي)

    ويل للمطففين
    التطفيف خلق ذميم، ذمه الله تعالى في القرآن وتوعد أهله بالعذاب إن لم يتركوه، وخصلة سوء كانت في قوم أرسل الله إليهم رسولا ليدعوهم للإيمان به، وترك ما هم عليه من هذه الفعلة القبيحة فلما أبوا أهلكهم بسوء فعلهم وللكافرين أمثالها، وما هي من الظالمين ببعيد.
    قال تعالى : {وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ [1] الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ [2] وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ [3] أَلَا يَظُنُّ أُولَٰئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ [4] لِيَوْمٍ عَظِيمٍ [5] يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ [6]} (المطففون:1ـ6).

    وسبب نزول السورة كما أخرج النسائي وابن ماجة عن ابن عباس قال: لما قدم النبي صلى اللّه عليه وسلم المدينة كانوا من أخبث الناس كيلاً، فأنزل اللّه تعالى: {ويل للمطفِّفين} فحسنوا الكيل بعد ذلك". وقال القرطبي رحمه الله: وقال قوم: نزلت في رجل يعرف بأبي جهينة، واسمه عمرو؛ كان له صاعان يأخذ بأحدهما، ويعطي بالآخر.

    معنى التطفيف:
    يقول الإمام ابن كثير رحمه الله : والمراد بالتطفيف ههنا البخس في المكيال والميزان، إما بالازدياد إن اقتضى من الناس، وإما النقصان إن قضاهم.
    أي أنه إذا أخذ لنفسه أخذ أكثر من حقه، وإذا أعطى أعطى أقل من الواجب.. كما قال تعالى: {إذا اكتالوا على الناس يستوفون} أي يأخذون حقهم بالوافي والزائد، {وإذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون} أي ينقصون.

    والتطفيف الذي ذكر في الآيات إنما هو التطفيف في المكيلات والموزونات لأنه كان أكثر استعمالات القوم وقتئذ.. غير أن جماعة من العلماء ذهبوا إلى أن التطفيف يدخل في كل الحقوق بل وحتى في العبادات؛ قال الإمام القرطبي: "وقال آخرون: التطفيف في الكيل والوزن والوضوء والصلاة والحديث. وقال مالك: ويقال لكل شيء وفاء وتطفيف. وروى عن سالم ابن أبي الجعد قال: الصلاة بمكيال، فمن أوفى أوفي له، ومن طفف فقد علمتم ما قال الله عز وجل في ذلك {ويل للمطففين}". قال النابلسي: ويلحق بالوزن والكيل ما أشبههما من المقاييس والمعايير التي يتعامل بها الناس.

    وذهب البعض إلى أن كل تصرف يؤدي إلى أن يأخذ الإنسان أكثر من حقه أو أن يعطي لصاحب الحق أقل من حقه فهو تطفيف.. فمثلا رجل يبيع بضاعة رديئة ثم هو يطبع عليها مطبوعات على أنها صنعت في بلد كذا ليبيعها بسعر أكبر مما ينبغي هو من المطففين.. ورجل يحقن النباتات بهرمونات أو مكسبات طعم أو ألوان لتظهر على خلاف حقيقتها فهو غاش ومطفف، ورجل يحقن الدجاج المذبوح بالماء ليثقل وزنه وليبيعه بأكثر من ثمنه مطفف غشاش.

    وإذا سلمنا بأن التطفيف هو استيفاء الحق من الناس عند الأخذ، والإنقاص والإخسار عند العطاء؛ فإن كثيرا منا يكون قد وقع في هذه المصيبة التي يعدها ابن حجر العسقلاني كبيرة من الكبائر.
    فالزوج الذي يريد من زوجته أن توفيه حقوقه كاملة غير منقوصة، وهو في ذات الوقت مفرط في أداء واجباته نحوها، ومقصر في إعطائها كامل حقوقها هو في الحقيقة من المطففين، وكذلك هي إن انعكس الحال.
    والأب الذي لا يقوم بحقوق أولاده في التربية والتعليم والنفقة ورعاية شؤونهم ثم يريد منهم أن يقوموا هم بحق البر له كاملا غير منقوص هو من المطففين.
    والموظف الذي يذهب في الصباح ليوقع للحضور ثم ينصرف ليأتي آخر النهار يوقع انصرافا، أو الموظف الذي ينام في العمل أو يتكاسل عن أداء ما طلب منه، ثم في آخر الشهر يريد أن يأخذ راتبه كاملا مكملا بل وينزعج إذا وجد نقصا.. هو في الحقيقة أيضا من المطففين.
    وقد يجمع الإنسان بين أكثر من نوع من التطفيف في آن واحد فيكون زوجا مطففا، وأبا مطففا، وموظفا مطففا.. والمعصوم من عصمه الله.

    الأمر بالعدل في الميزان:
    وقد أمر الله تعالى عباده في العديد من الآيات بالوزن بالقسط والعدل، ونهاهم ضمنا ولفظا عن الظلم والحيف، والتطفيف في الكيل فقال سبحانه : {وأوفوا الكيل والميزان بالقسط لا نكلف نفسا إلا وسعها}.. وقال في السورة الإسراء: {وأوفوا الكيل إذا كلتم وزنوا بالقسطاس المستقيم ذلك خير وأحسن تأويلا}، وقال في سورة الرحمن: {والسماء رفعاها ووضع الميزان . ألا تطغوا في الميزان . وأقيموا الوزن بالقسط ولا تخسروا الميزان}، وقال في سورة الشعراء: {أوفوا الكيل ولا تكونوا من المخسرين وزنوا بالقسطاس المستقيم ولا بتخسوا الناس أشياءهم ولا تعثوا في الأرض مفسدين}.

    عقوبة المطففين:
    اعلم أن التطفيف كبيرة من الكبائر، وهو أكل لأموال الناس بالباطل، وهو كسب خبيث يدل على حقارة نفس فاعله ودناءتها، وهو مال حرام فإذا تصدق به صاحبه لم يتقبل منه وإذا خلفه وراءه كان زاده إلى النار.. وقد توعد الله أصحابه بعقوبات في الدنيا والآخرة نكتفي بذكر اثنتين لكل:

    أما في الدنيا
    الأول: يعاقب الله عليه في الدنيا بالقحط والجدب وجور السلطان:
    فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ: أَقْبَلَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ:[يَا مَعْشَرَ الْمُهَاجِرِينَ خَمْسٌ إِذَا ابْتُلِيتُمْ بِهِنَّ وَأَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ تُدْرِكُوهُنَّ، لَمْ تَظْهَر الْفَاحِشَةُ فِي قَوْمٍ قَطُّ حَتَّى يُعْلِنُوا بِهَا إِلَّا فَشَا فِيهِمْ الطَّاعُونُ وَالْأَوْجَاعُ الَّتِي لَمْ تَكُنْ مَضَتْ فِي أَسْلَافِهِمْ الَّذِينَ مَضَوْا، وَلَمْ يَنْقُصُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ إِلَّا أُخِذُوا بِالسِّنِينَ، وَشِدَّةِ الْمَئُونَةِ، وَجَوْرِ السُّلْطَانِ عَلَيْهِمْ](ابن ماجه).

    وأما الثاني: فهو تعرضهم لمقت الله وعذابه
    كما فعل الله بمدين قوم شعيب حين أرسله إليهم، وكان التطفيف فاشيا فيهم، فدعاهم لعبادة الله وترك هذا العمل القبيح وقال: {وياقوم أفوا المكيال والميزان بالقسط ولا تبخسوا الناس أشياءهم ولا تعثوا في الأرض مفسدين}(هود: 85)، {فكذبوه فأخذتهم الرجفة فأصبحوا في دارهم جاثمين}(العنكبوت:37 .. وقد ذكر الله قصتهم في القرآن ليعتبر أولوا الأبصار، وإلا .. فـ {ما هي من الظالمين ببعيد}.

    وعقوبتان في الآخرة:
    وكما عاقب الله المطففين بعقوبتين في الدنيا، كذلك عاقبهم في الآخرة بعقوبتين:
    الأولى: ذكرها الله في أول سورة المطففين وهي قوله: {ويل للمطففين}.. والويل: هو العذاب الأليم، وقيل هو واد في قعر جهنم يسيل فيه صديد أهل النار. وقال بعض المفسرين: هو واد في جهنم، لو سيرت فيه جبال الدنيا لذابت من شدة حره، نعوذ بالله منه.

    والعقوبة الثانية: ذكرها ابن مسعود رضي الله عنه حين قال: "القتل في سبيل الله يكفر الذنوب كلها إلا الأمانة.. ثم قال: يؤتى بالعبد يوم القيامة ـ وإن قتل في سبيل الله ـ فيقال له: أدِ أمانتك، فيقول: أي ربي، كيف قد ذهبت الدنيا؟ قال: فيقال: انطلقوا به إلى الهاوية، فينطلق به إلى الهاوية، وتمثل له أمانته كهيئتها يوم دفعت إليه فيراها فيعرفها، فيهوي في أثرها حتى يدركها، فيحملها على منكبيه، حتى إذا نظر أنه خارج زلت عن منكبيه فهوي يهوي في أثرها أبد الآبدين.. ثم قال: الصلاة أمانة، والوضوء أمانة، والوزن أمانة، والكيل أمانة، وأشياء عدها، وأشد ذلك الودائع".
    قال الراوي عن ابن مسعود: فأتيت البراء بن عازب، فقلت: ألا ترى ما قال ابن مسعود؟ قال: كذا وكذا، قال: صدق، أما سمعت الله يقول: {إِنّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا}.

    إن دين الله عقيدة، وشريعة، وأخلاق، وعبادات، ومعاملات، وهو دين يشمل حياة الناس كلها. فالإسلام عقيدة في القلب، وعبادة في المسجد، ومعاملة في البيت وفي السوق.. الإسلام في المصنع، وفي المكتب، وفي المدرسة، وفي كل زاوية من زوايا الحياة.. هذا هو الإسلام الذي أرسل الله به رسله وخاتمهم محمد صلى الله عليه وسلم.. فـ {يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين}.
    اسلام ويب
                  

09-03-2015, 01:17 AM

سيف اليزل برعي البدوي
<aسيف اليزل برعي البدوي
تاريخ التسجيل: 04-30-2009
مجموع المشاركات: 18425

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات متنوعة عن الأسرة و المجتمع (Re: سيف اليزل برعي البدوي)

    ﻣَﻦْ ﻟِﻲ ﺑـﺼَﺎﻟِـﺤَـﺔٍ ﺗَـﻘَـﺮُّ ﺑـﺒَـﻴْـﺘِـﻬَﺎ
    ﻭَﺗُـﻘِـﺮُّ ﻋَـﻴْﻦَ ﺷَﺮِﻳﻜِﻬَﺎ ؟ ﻧِﻌْﻢَ ﺍﻟﺴَّﻜَﻦ
    ْ
    ﺩَﻭْﻣًﺎ ﺗُـﻘِـﻴﻢُ ﺻَﻼﺗَﻬَﺎ ﻭَﻓُـﺮُﻭﺿَﻬَﺎ
    ﻟﻠﻪِ ﺧَﺎﺷِﻌَﺔً ، ﻭَﺗَﻌْﻤَﻞُ ﺑﺎﻟﺴُّـﻨَﻦ
    ْ
    ﺟُـﺒﻠَﺖْ ﻋَﻠَﻰ ﺍﻹِﺣْﺴَﺎﻥِ ، ﺗَﺸْﺤَﺬُ ﻫِـﻤَّﺔ
    ً
    ﻭَﺗُـﻘِـﻴﻞُ ﻋَـﺜْﺮَﺓَ ﻣَﻦْ ﺗَـﺨَﺎﺫَﻝَ ﻭَﺍﺭْﺗَﻜَﻦ
    ْ
    ﻣَﻠَﻚَ ﺍﻟْﺤَـﻴَﺎﺀُ ﺯِﻣَﺎﻣَﻬَﺎ ﻣُـﺘَﻤَﻜِّـﻨً

    ﻓَـﺘَﺄَﺩَّﺑَﺖْ ﺑﺎﻟﺴَّﻤْﺖِ ﻭَﺍﻟْﺨُـﻠُﻖِ ﺍﻟْﺤَـﺴَﻦ
    ْ
    ﻣَﻦْ ﻟِﻲ ﺑـﻠُﺆْﻟُﺆَﺓٍ ﻳَﺪُﻭﻡُ ﺑَﺮِﻳﻘُﻬَﺎ
    ﻓِﻲ ﺧِـﺪْﺭَﻫَﺎ ﻣِﻦْ ﻣَﻬْﺪِﻫَﺎ ﺣَـﺘَّﻰ ﺍﻟْﻜَـﻔَﻦْ ؟
    ﻓُـﻄِـﺮَﺕْ ﻋَـﻠَﻰٰ ﺣُﺐ ﺍﻟﺘَّﺴَﺘُّﺮِ ﻋِـﻔَّـﺔ
    ً
    ﻋَﻦْ ﺃَﻋْﻴُﻦِ ﺍﻟﺴُّﺮَّﺍﻕِ ﻓِﻲ ﺯَﻣَﻦِ ﺍﻟْﻔِـﺘَﻦ
    ْ
    ﻣَﻦْ ﻟِﻲ ﺑﻤُﺨْﻠِﺼَﺔِ ﺍﻟْﻔُﺆَﺍﺩِ ، ﺣَـﻔِـﻴﻈَـﺔ
    ٍ
    ﻟِﻠْﻐَـﻴْﺐ ، ﺗُﻮﻓِﻲ ﺑﺎﻟْﻌُﻬُﻮﺩِ ﻭَﺗُﺆْﺗَـﻤَﻦْ ؟
    ﻣَـﺨْﻤُﻮﻣَﺔِ ﺍﻟْﻘَﻠْﺐ ﺍﻟﺴَّﻠِﻴﻢِ ، ﻧَـﻘِـﻴَّﺔ
    ٍ
    ﺭَﻗْـﺮَﺍﻗَـﺔِ ﺍﻹِﺣْﺴَﺎﺱِ ﺗَﻬْﻤِﺲُ ﺑﺎﻟْﺤَـﺴَﻦ
    ْ
    ﻟَﻴْﺴَﺖْ ﺑﻤُـﺰْﻋِﺠَﺔٍ ﻭَﻻ ﺛَـﺮْﺛَﺎﺭَﺓ
    ٍ
    - ﻗَـﻄْﻌًﺎ - ﻭَﻻ ﺑَـﻜْـﻤَـﺎﺀَ ﺗَﺮْﻛَﻦُ ﻟِﻠْﻮَﺳَﻦ
    ْ
    ﻣَﻦْ ﻟِﻲ ﺑـﻬَﺎﺩِﺋَﺔِ ﺍﻟﻄِّـﺒَﺎﻉِ ، ﺭَﺯِﻳـﻨَﺔ
    ٍ
    ﺫَﺍﺕِ ﺍﻋْـﺘِﺪَﺍﻝٍ ﻋِﻨْﺪَ ﻓَﺮْﺡٍ ﺃَﻭْ ﺣَـﺰَﻥْ ؟
    ﺗَـﺮْﺿَﻰٰ ﺑﻤَـﺎ ﻗَﺴَﻢَ ﺍﻟﺮَّﺣِـﻴﻢُ ، ﺻَﺒُﻮﺭَﺓ
    ٍ
    ﻧِﻌْﻢَ ﺍﻟْﻤُـﻌِـﻴﻦُ ﻟَﺪَﻯ ﺍﻟْﺸَّﺪَﺍﺋِﺪِ ﻭَﺍﻟْﻤِـﺤَﻦ
    ْ
    ﻣَﻦْ ﻟِﻲ ﺑـﺜَﺎﺑـﺘَﺔٍ ﻋَﻠَﻰٰ ﻧَـﻬْﺞٍ ﺻَـﻔَ

    ﻣِﻦْ ﻛُﻞِّ ﺃَﺻْﻨَﺎﻑِ ﺍﻟﺘَّﺤَـﺰُّﺏ ﻭَﺍﻟﻨَّـﺘَﻦْ ؟
    ﻗَـﺒَﻀَﺖْ ﻋَـﻠَﻰٰ ﺟَـﻤْﺮِ ﺍﻟْﻬُـﺪَﻯٰ ﻭَﺗَﺤَﺼَّﻨَﺖ
    ْ
    ﻓِﻲ ﻏُـﺮْﺑَﺔٍ ﻋَﻦْ ﺯَﻳْﻒِ ﺃَﻃْـﻴَﺎﻑِ ﺍﻟْﻔِـﺘَﻦ
    ْ
    ﻋَﻠِﻤَﺖْ ﺃُﺻُﻮﻝَ ﻋَـﻘِـﻴﺪَﺓٍ ﻓَـﺘَـﻤَـﺴَّﻜَﺖ
    ْ
    ﺑﺎﻟْﻮَﺣْﻲِ ، ﻟَﻴْﺲَ ﺑـﺮَﺃْﻱِ ﺷَـﻴْﺦٍ ﻣُـﻔْـﺘَـﺘَﻦ
    ْ
    ﻟﻠﻪِ ﺩَﺭُّ ﻣَﻦِ ﺍﺳْـﺘَـﻘَﺎﻣَﺖْ ! ﺃَﺣْـﺴَـﻨَﺖ
    ْ
    ﺻُـﻨْﻌًﺎ ﻟِـﻨُـﺼْـﺮَﺓِ ﺩِﻳـﻨِـﻬَﺎ ﺛُﻢَّ ﺍﻟْﻮَﻃَﻦ
    ْ
    ﺑـﺎﻟﻠﻪِ ﻳَﺎ ﺃَﻫْﻞَ ﺍﻟﺘُّـﻘَﻰٰ ﻭَﺃُﻭﻟِﻲ ﺍﻟﻨُّـﻬَﻰٰ
    ﻣِﻦْ ﻣَـﻐْـﺮِﺏٍ ﺣَـﺘَّﻰ ﺍﻟْﻌِـﺮَﺍﻕِ ﺇِﻟَﻰ ﺍﻟْﻴَﻤَﻦ
    ْ
    ﻛَﻴْﻒَ ﺍﻟﺴَّـﺒـﻴﻞُ ﺇِﻟَﻰٰ ﻣُـﺮَﺍﺩِﻱ ﻋَﺎﺟﻼً ؟
    ﻓَﺎﻟْﻌُﻤْﺮُ ﻳَﻤْﻀِﻲ ﺑﺎﻟﺸَّـﺒَﺎﺏ ﺇِﻟَﻰ ﺍﻟْﻜَﻔَﻦ
    ْ
    ﺇِﻥْ ﻛَﺎﻥَ ﻣَﺎ ﺃَﺭْﺟُـﻮﻩُ ﺣَـﻘًّﺎ ﻭَﺍﻗِـﻌًﺎ
    ﻛَﻴْﻒَ ﺍﻟﺴَّـﺒـﻴﻞُ ﺇِﻟَـﻴْـﻪِ ﻳَﺎ ﺃَﻫْـﻞَ ﺍﻟْﻔِـﻄَﻦْ ؟
    ﺃَﻡْ ﺃَﻧَّﻬَﺎ ﺃَﺣْـﻼﻡُ ﻗَـﻠْﺐٍ ﻏَﺎﻓِﻞ
    ٍ
    ﻋَﻦْ ﻭَﺍﻗِـﻊِ ﺍﻟﻨِّﺴْﻮَﺍﻥِ ﻓِﻲ ﻫَـٰﺬَﺍ ﺍﻟﺰَّﻣَﻦ
    ْ ؟
    * * * * * * *
    ﻟﻠﻪِ ﺃَﺷْـﻜُـﻮ ﻭِﺣْـﺪَﺗِﻲ ﻓِﻲ ﻏُـﺮْﺑَـﺘِﻲ
    ﻭَﻟَﻬِـﻴﺐَ ﺷَﻮْﻗِﻲ ﻟِﻸَﻧِـﻴﺲِ ﺍﻟْﻤُـﺆْﺗَـﻤَﻦ
    ْ
    ﺃَﺧْـﻄُﻮ ﻋَﻠَﻰٰ ﺷَﻮْﻙِ ﺍﻟْﻌَـﻔَﺎﻑِ ﻣُـﺠَﺎﻫِﺪًﺍ
    ﻭَﺃَﻋُﻮﺫُ ﺑﺎﻟﺮَّﺣْﻤَﻦِ ﻣِﻦْ ﺷَـﺮِّ ﺍﻟْﻔِـﺘَﻦ
    ْ
    ﻣِﻦْ ﺷَﺮِّ ﻋَﺎﺭِﻳَﺔِ ﺍﻟْﺤَـﻴَﺎﺀِ ﻭَﺇِﻥْ ﺗَﻜُﻦ
    ْ
    ﻓِﻲ ﺍﻷَﺻْﻞِ ﻛَﺎﺳِـﻴَﺔً ﻟِﺄَﻋْﻀَﺎﺀِ ﺍﻟْﺒَﺪَﻥ
    ْ
    ﻳَﺎ ﻭَﻳْـﺤَـﻬَﺎ !! ﺧَـﺮَّﺍﺟَـﺔٌ ﻭَﻟَّﺎﺟَـﺔ
    ٌ
    ﺑﺎﻟْﻘَـﻮْﻝِ ﺗَـﺨْـﻀَﻊُ ﻟِﻠْﻤَـﺮِﻳـﺾِ ﺍﻟْﻤُـﻔْـﺘَـﺘَﻦ
    ْ
    ﺗَﻬْﻮَﻯ ﺍﻟﺘَّﻈَﺎﻫُﺮَ ﻓِﻲ ﻣَـﻴَﺎﺩِﻳﻦِ ﺍﻟْﺨَـﻨَ

    ﻭَﻫُـﺘَﺎﻓُـﻬَﺎ ﺑـﺴُـﻘُﻮﻁِ ﺃَﺟْـﻨَﺎﺩِ ﺍﻟْﻮَﻃَﻦ
    ْ
    ﻻ ﻓَـﺮْﻕَ ﻋِـﻨْﺪِﻱ ﺑَـﻴْﻦَ ﺗِﻠْﻚَ ﻭَﻣَﻦْ ﻣَـﺸَﺖ
    ْ
    ﺑَـﻴْﻦَ ﺍﻟﺮِّﺟَﺎﻝِ ﺗَـﻤِـﻴﻞُ ﻣَـﻴْﻼً ﻛَﺎﻟْﻔَـﻨَﻦ
    ْ
    ﻗَﺪْ ﻋَـﻄَّـﺮَﺕْ ﺛَﻮْﺑًﺎ ﺭَﻗِـﻴﻘًﺎ ﺿَـﻴِّـﻘًﺎ
    ﻣِﻦْ ﻓَـﺮْﻁِ ﺿِـﻴﻖِ ﺍﻟﺜَّﻮْﺏ ﻳُﻈْﻬِﺮُ ﻣَﺎ ﺑَـﻄَﻦ
    ْ
    ﺗَـﺒًّﺎ ﻟَـﻬَـﺎ ! ﻫَـﻞْ ﺗَـﺸْﺘَﻬِﻲ ﺃَﻥْ ﺗُﺸْﺘَﻬَﻰٰ؟ !
    ﻻ ﻏَﺮْﻭَ ﺗَـﻔْـﺨَـﺮُ ﺃَﻧَّﻬَﺎ ﻟَـﻢْ ﺗـُﺨْـﺘَـﺘَﻦ
    ْ
    ﻭَ ﺍﻟﻠﻪِ ، ﻟَﻮْ ﻋُﺮِﺿَﺖْ ﻋَﻠَﻲَّ ﺭَﺧِـﻴﺼَﺔ
    ً
    ﻟَﺮَﺩَﺩﺗُّﻬَﺎ ، ﺃُﻑٍّ ﻟِـﺨَـﻀْﺮَﺍﺀِ ﺍﻟﺪِّﻣَﻦ
    ْ
    ﺣَـﺘَّﻰٰ ﻭَﺇِﻥْ ﺿُﺮِﺏَ ﺍﻟْﻤِـﺜَﺎﻝُ ﺑـﺤُـﺴْﻨِﻬَﺎ
    ﻓَـﻐَﺪًﺍ ﻳَـﺰُﻭﻝُ، ﻭَﻳُـﻘْﻠَﺐُ ﺍﻟْﻤَـﺜَﻞُ ﺍﻟْﺤَـﺴَﻦ
    ْ
    ﺣَـﺘْﻤًﺎ ﺳَـﺘَﺄْ ﻛُﻠُﻬَﺎ ﺍﻟْﻌُـﻴُﻮﻥُ ﻓَـﻘَﺪْ ﻏَﺪَﺕ
    ْ
    ﻛَـﻸً ﻣُـﺒَﺎﺣًﺎ ﻟِﻠْﺠَـﻤِـﻴﻊِ ﺑﻼ ﺛَﻤَﻦ
    ْ
    ﻳَﺎ ﻗَﻠْﺐُ ﻻ ﻳَـﻐْـﺮُﺭْﻙَ ﺣُﺴْﻦٌ ﺯَﺍﺋِﻒ
    ٌ
    ﻭَﺍﻇْـﻔَﺮْ ﺑﺬَﺍﺕِ ﺍﻟﺪِّﻳﻦِ ﺗَـﻨْﺞُ ﻣِﻦَ ﺍﻟْﻔَـﺘَﻦ
    منقول
                  

09-03-2015, 01:18 AM

سيف اليزل برعي البدوي
<aسيف اليزل برعي البدوي
تاريخ التسجيل: 04-30-2009
مجموع المشاركات: 18425

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات متنوعة عن الأسرة و المجتمع (Re: سيف اليزل برعي البدوي)

    النشأة في طاعة الله
    الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن والاه، وبعد:
    فإن مرحلة الشباب هي أهم مرحلة من مراحل العمر بالنسبة لكل واحد منا ، بل إن الدول إنما تقوم نهضتها ورفعتها على سواعد وعقول وإقدام الشباب.
    فيا أيها الشاب:
    أنت نبض الحياة يرفل بالطهر ... ودنـيــــا تعــبـد ونقـــاء

    وأمــان تفــتر في كل صــدر وهي ترنو لفجرها الوضاء

    يـا أخي أنت شــعلة الحق لا يخبو لظاها في زحمة الأنواء

    كم عيــون ترنــو إليـك وكم تهفو قلوب مكلومة الأحشاء

    وبلاد غذتك من شهدها الذاكي ترجّي الغـداة حسـن الوفـاء

    أرضعت قلبك الإباء فأرضـع فجـرهـا يـوم بعثها بالدماء

    يا شباب إن الشمس لا تملأ النهار في آخره كما تملؤه في أوله...
    ولهذا فإن المسؤولية عن هذه الفترة من العمر عظيمة وسيسأل كل منا: "عن شبابه فيما أبلاه " .
    وهذه وصية الرسول صلى الله عليه وسلم: "اغتنم خمسا قبل خمس: ...وشبابك قبل هرمك".
    ولقد قال القرآن الكريم عن أصحاب الكهف: {إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آَمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى (13)}. ( الكهف ).

    وهل نصرت الدعوات وانتشرت الرسالات إلا على أيدي الشباب؟ قال الله تعالى واصفا من آمنوا بموسى عليه السلام: {فَمَا آَمَنَ لِمُوسَى إِلَّا ذُرِّيَّةٌ مِنْ قَوْمِهِ}.
    وهل كان أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم إلا شبابا؟ كانوا هم النقباء والحواريين والأنصار والمهاجرين والعلماء والمعلمين.
    ارجع إلى دار الأرقم وانظر من تراه فيها سترى شبابا ، فهناك الرسول ، أبوبكر ، وعثمان ، وعلي ، الزبير ، طلحة ، عمار ، مصعب ، أبوعبيدة ، بلال ، صهيب ، ابن مسعود ، خباب بن الأرت. وهذه أمثلة من شبابهم:

    علي بن أبي طالب:
    حمى الإسلام في شخص الرسول صلى الله عليه وسلم حين نام مكانه وهو يعلم أن بالباب رجالا لا يطلبون إلا رأس النائم في هذا المكان.
    كان أول من أسلم من الصبيان ترعرع وتربى في بيت النبوة والرسالة ، فلما بلغ مبلغ الشباب قال له البني صلى الله عليه وسلم: "أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى؟ إلا أنه لا نبي بعدي".
    إنه من قال عنه النبي صلى الله عليه وسلم:"إن الجنة لتشتاق إلى ثلاثة علي وعمار وسلمان".
    وقال فيه : "لأعطين الراية غدا رجلا يحبه الله ورسوله يفتح الله على يديه " وذلك في خيبر.
    إنه الذي قتل في بدر خمسة عشر رجلا من قريش، وقتل يوم الأحزاب عمرو بن ود كبش الكتيبة الذي كبر المسلمون لقتله.
    إنه علي الذي عوتب في ترك وقاية ظهره فقال: إن أمكنت عدوي من ظهري فلا أبقى الله عليه إن أبقى عليّ.

    معاذ بن جبل:
    ذلك الشاب الذي أحبه الرسول صلى الله عليه وسلم وقال له: " يا معاذ والله إني لأحبك..."
    إنه العالم الذي يأتي يوم القيامة سابقا أهل العلم لقوله صلى الله عليه وسلم: "إن معاذ بن جبل أمام العلماء رتوة". وقال فيه أيضا : " أعلم أمتي بالحلال والحرام معاذ بن جبل".
    قال عنه ابن مسعود رضي الله عنه: إن معاذ بن جبل كان أمة، إنما كنا نشبهه بإبراهيم عليه السلام.
    إنه الحافظ المتقن لكتاب الله تعالى حتى قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم : "استقرئوا القرآن من أربعة: ابن مسعود، وسالم مولى حذيفة، وأبي بن كعب، ومعاذ بن جبل".
    يقول عمر رضى الله عنه: لولا معاذ بن جبل لهلك عمر.
    كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إذا تحدثوا وفيهم معاذ بن جبل نظروا إليه هيبة له.
    كان قائد الميمنة في أجنادين فقام في الناس خطيبا فقال: يا معشر المسلمين اشروا أنفسكم اليوم لله، فإنكم إن هزمتموهم اليوم كانت لكم هذه البلاد دار إسلام أبدا مع رضوان الله والثواب العظيم. وكتب الله النصر للمسلمين.
    وقبل إحدى المعارك مع الروم كان في الوفد المفاوض للروم فقال له الروم:
    ارجع إلى أصحابك فوالله إنا لنرجو أن نُفِرَّكم في الجبال غدا، فقال رضي الله عنه: أما الجبال فلا، ولكن والله لتقتلنا عن آخرنا أو لنخرجنكم من أرضكم أذلة وأنتم صاغرون. وكان ما أخبرهم به رضي الله عنه وأرضاه.
    ويوم جاءه الموت ...؟؟ كان يقول مخاطبا ربه عز وجل: اخنق خنقك فوعزتك لقد علمت أني أحبك ...
    هذه الحياة المليئة بالعلم والجهاد والدعوة والعبادة لله عز وجل مات صاحبها وهو ابن ثلاث وثلاثين سنة!!.

    إن هؤلاء من يصدق فيهم قول الشاعر:
    شباب ذللوا سبل المعالي.. ... .. وما عرفوا سوى الإسلام دينا

    تعهدهــم فأنبـــتهم نبـــاتا .. ... . كريما طاب في الدنيا غصونا

    هم وردوا الحياض مباركات .. ... . فسالت عندهم مــاء معـينا

    إذا شهدوا الوغى كانوا كماة .. ... يدكـــون المعـــاقل والحصونا

    وإن جــن المساء فلا تراهم .. .... من الإشـفاق إلا ســاجدينا

    شباب لم تحطــمه الليالــى .. ... ولم يسلم الى الخصم العرينا

    ........

    كذلك أخــرج الإسلام قومي .. ... ..شبابا مخلصـــا حـــرا أمـينا

    وعلمه الكـــرامة كيف تبـنى .. ... . فيأبى أن يقيـّــد أو يهــــونا

    ومن هؤلاء الشباب عبدالله بن الزبير رضي الله عنه:
    قال الذهبي:عداده في صغار الصحابة وإن كان كبيرا في العلم والشرف والجهاد والعبادة.
    ومَن مِثله؟ حنكه الرسول صلى الله عليه وسلم بريقه حين ولد ونشأ بين الزبير حواري رسول الله وأسماء ذات النطاقين وجده الصديق وخالته عائشة. كان صواما للنهار قواما لليل. وكانوا يسمونه حمامة المسجد.
    إنه الذي بايع رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ابن سبع سنين. قال عثمان بن طلحه: كان ابن الزبير لا ينازع في ثلاثة: شجاعة وعبادة وبلاغة. وكان إذا صلى فكأنه خشبة منصوبة.
    في السادسة والعشرين من عمره يشهد فتح إفريقية مع عبدالله بن ابي السرح في ولاية عثمان رضي الله عنه فيقوم بعمل من أعظم الأعمال قتل قائد جيش الأعداء جرجير حين هجموا على المسلمين في 120 ألفا والمسلمون عشرون ألفا ، فلما قتل ابن الزبير قائدهم نزلت بهم الهزيمة وانتصر المسلمون ودخل الإسلام إفريقية فلله دره ، قال عنه الذهبي رحمه الله: كان يضرب بشجاعته المثل.
    هؤلاء هم الشباب الذين تحتاج الأمة إلى أمثالهم اليوم كي تنفض عنها غبار الذل وتنزع ثوب المهانة.
    فتشبهوا إن لم تكونوا مثلهم أسد تخلف بعدها أشبالا
    وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين ، والحمد لله رب العالمين.

    اسلام ويب
                  

09-03-2015, 01:18 AM

سيف اليزل برعي البدوي
<aسيف اليزل برعي البدوي
تاريخ التسجيل: 04-30-2009
مجموع المشاركات: 18425

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات متنوعة عن الأسرة و المجتمع (Re: سيف اليزل برعي البدوي)

    الذنوب قدر واقع لا بد منه؛ لأن الأرض مليئة بأسباب الذنب، من شيطان لا هم له إلا غواية البشر والقعود لهم بكل صراط، ونفس أمارة بالسوء، وهوى مضل عن سبيل الله، مردٍ في أنواع المهالك، إلى شياطين الإنس الذين يميلون بالناس إلى الشهوات ميلا عظيما، ويوعدون ويصدون عن سبيل الله من آمن يبغونها عوجا، فمهما اتخذ الإنسان الحيطة والوقاية والحذر من الذنوب فإنه غير سالم منها؛ لأنها قدر واقع لا يمكن دفعها بالكلية، كما لا يمكن دفع الأمراض العضوية بالكلية مهما تخذنا من أسباب الحيطة، فالذنوب من قدر الله تعالى، وكل إنسان مكتوب عليه حظه منها كما كتب عليه حظه من المرض.
    قال تعالى: {الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ}، قال طاووس: "ما رأيت أشبه باللمم مما قال أبو هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: "إن الله كتب على ابن آدم حظه من الزنا، أدرك ذلك لا محالة، فزنا العين: النظر، وزنا اللسان: النطق، والنفس تمنى وتشتهي، والفرج يصدق ذلك أو يكذبه" [رواه البخاري].

    ولكن هذا لا يعني التراخي والتهاون مع الذنوب وركوبها في كل خاطرة وسانحة بدعوى أنها قدر وواقع لا مفر منه. كما لا يمنع من مكافحة الذنب وعلاجه والتخلص منه ومن آثاره، لأنه كما يمكن الاحتياط من المرض العضوي، كذلك يمكن الاحتياط من الذنب، وكما أن للمرض علاجا، فكذا للذنب علاجا، ولأن المرض إذا ترك بدون علاج تفاقم وأهلك البدن، وكذا الذنب إذا ترك بدون علاج تفاقم وأهلك الروح، وهلاك الروح أشد من هلاك البدن.
    والشرع حين يذكر أن الذنب حقيقة مقدرة على البشر، لا يفوته أن يذكر فضل المدافعين له والمتحامين منه.
    قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَواْ إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِّنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُواْ فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ} [الأعراف:201]
    ويقول -عليه الصلاة والسلام-: "كل بني آدم خطاء، وخير الخطائين التوابون" [الترمذي، صحيح الجامع: 4515]
    وعن ابن عباس رضي الله عنه قال -صلى الله عليه وسلم-:"مَا مِنْ عَبْدٍ مُؤْمِنٍ إِلا وَلَهُ ذَنْبٌ يَعْتادُهُ الْفَيْنَةَ بَعْدَ الْفَيْنَةِ، أَوْ ذَنْبٌ هُوَ مُقِيمٌ عَلَيْهِ لا يُفَارِقُهُ حَتَّى يُفَارِقَ الدنيا، إِنَّ الْمُؤْمِنَ خُلِقَ مُفْتَنًا تَوَّابًا نَسِيًّا إِذَا ذُكِّرَ ذَكَرَ". [رواه الطبراني، صحيح الجامع: 5735].

    قال المناوي: "(ما من عبد مؤمن إلا وله ذنب يعتاده الفينة بعد الفينة) أي الحين بعد الحين والساعة بعد الساعة، يقال: لقيته فينة والفينة (أو ذنب هو مقيم عليه لا يفارقه أبداً حتى يفارق الدنيا، إن المؤمن خلق مفتناً) أي ممتحناً، يمتحنه اللّه بالبلاء والذنوب مرة بعد أخرى، والمفتن الممتحن الذي فتن كثيراً (تواباً نسياً إذا ذكر ذكر) أي يتوب ثم ينسى فيعود ثم يتذكر فيتوب".
    يروى أنه لما شرب قدامة بن عبد الله الخمر متأولا جلد، فكاد اليأس يدب في قلبه فأرسل إليه عمر يقول: قال تعالى: {حم تَنزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ غَافِرِ الذَّنبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ ذِي الطَّوْلِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ} ما أدري أي ذنبيك أعظم، استحلالك للخمر أولا؟ أم يأسك من رحمة الله ثانيا؟.

    وهذا منهج إسلامي إيماني، يمنح العاصين الفرصة للعودة مرة أخرى إلى رحاب الطاعة، ويغلق دونهم أبواب اليأس، ويزرع الأمل في نفوسهم .. جاء رجل إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: يا رسول الله! إني وجدت امرأة في بستان، ففعلت بها كل شيء، غير أني لم أجامعها، قبلتها ولزمتها، ولم أفعل غير ذلك، فافعل بي ما شئت، فلم يقل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- شيئاً، فذهب الرجل، فقال عمر: لقد ستر الله عليه، لو ستر على نفسه، فأتبعه رسول الله بصره ثم قال: "ردوه علي"، فردوه عليه، فقرأ عليه: {وَأَقِمِ الصَّلاَةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِّنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ} فقال معاذ: يا رسول الله أله وحده، أم للناس كافة؟ فقال: "بل للناس كافة" [مسلم]
    وعن أبي بكر -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "ما من عبد يذنب ذنبا، فيتوضأ فيحسن الطُهور، ثم يقوم فيصلي ركعتين، ثم يستغفر الله بذلك الذنب إلا غفر الله له" [أحمد، صحيح الجامع 5738].

    إن من الأخطاء الّتي تسرّبت إلينا من شطحات فكر البعض: طلب الوصول إلى حالة السّلامة الكاملة من الذّنوب، وهذا محال. لأنّ جنس الذّنب لا يسلم منه بشر، وكون المؤمن يجعل هذا غايته فهو يطلب المستحيل، فالله تعالى خلق الإنسان في هذه الحياة وجعل له أجلاً يكتسب فيه الصّالحات، فمن قدم على الله بميزان حسنات راجح فهو النّاجي إن شاء الله تعالى، بغضّ النّظر عمّا وقع فيه من السّيّئات إذا كان موحّداً .
    وإنّ النّاظر إلى النّصوص الشرعية يدرك بجلاء أنّ مراد الله تعالى من العبد ليس مجرّد السّلامة من المخالفة، بل المراد بقاء العلاقة بين العبد وربّه، فيطيعه العبد فيُؤجر، ويذنب فيستغفر، وينعم عليه فيشكر، ويقتّر عليه فيدعوه ويطلب منه، ويضيّق أكثر فيلجأ ويضطر، وهكذا.
    قال -صلى الله عليه وسلم-: "والذي نفسي بيده لو لم تذنبوا لذهب الله بكم ولجاء بقوم يذنبون فيستغفرون الله فيغفر لهم" [ صحيح الجامع: 7074].
    قال الطِّيبي: "ليس الحديث تسلية للمنهمكين في الذنوب كما يتوهمه أهل الغرة بالله؛ فإن الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم إنما بعثوا ليردعوا الناس عن غشيان الذنوب، بل بيان لعفو الله تعالى، وتجاوزه عن المذنبين؛ ليرغبوا في التوبة".

    ولهذا كان النّبيّ -صلى الله عليه وسلم- مع سلامته من الذّنوب يكثر من أن يستغفر، إمّا لرؤيته تقصيراً من نفسه في حقّ ما يرى من نعمة الله عليه، أو لأنّه يرى من نفسه تقصيراً في الذّكر خصوصاً عندما يدخل الخلاء أو نحو ذلك .
    أي أنه -صلى الله عليه وسلم- يحقّق الإرادة القدسيّة في أن يستمرّ العبد في طلب المغفرة من الله تعالى، كبيان أنّه لا يسلم عبد ما من جنس التّقصير الّذي يوجب طلب المغفرة، إمّا تقصيراً عن الأكمل في نظرهم كما في حقّ الأنبياء، أو وقوعاً في الذّنب كما في حقّ غيرهم .
    ولذلك قال -صلى الله عليه وسلم-: "سددوا وقاربوا وأبشروا، واعلموا أنه لن يدخل أحدكم الجنة عمله ولا أنا إلا أن يتغمدني الله بمغفرة ورحمة" [متفق عليه] ففيه معنىً لطيف يقطع الطّمع على المؤمن أن يبلغ حقيقة التّديّن التامة والقيام بحقوق الله تعالى، بل المطالبة أن يسدّد العبد وأن يقارب فكأنّ الإصابة غير ممكنة، ولكن كلّما كان سهم العبد أقرب إلى الإصابة فهو أقرب للسّلامة.

    وعن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- "أنّ رجلاً أذنب ذنباً فقال: أي ربّ أذنبت ذنباً فاغفر لي، فقال: عبدي أذنب ذنباً فعلم أنّ له ربّاً يغفر الذّنب ويأخذ به، قد غفرت لعبدي، ثمّ أذنب ذنباً آخر، فقال: ربّ إنّي عملت ذنباً فاغفر لي، فقال: علم عبدي أنّ له ربّاً يغفر الذّنب ويأخذ به قد غفرت لعبدي، ثمّ عمل ذنباً آخر فقال: ربّ إنّي عملت ذنباً آخر فاغفر لي، فقال الله تبارك وتعالى: علم عبدي أنّ له ربّاً يغفر الذّنب ويأخذ به، أشهدكم أنّي قد غفرت لعبدي فليعمل ما شاء" [البخاري ومسلم]
    وفي المستدرك أنّ النّبيّ -صلى الله عليه وسلم- جاءه رجل فقال: يا رسول الله أحدنا يذنب، قال: "يُكتب عليه"، قال: ثمّ يستغفر منه، قال: "يُغفر له ويُتاب عليه"، قال: فيعود فيذنب، قال: "يُكتب عليه"، قال: ثمّ يستغفر منه ويتوب، قال: "يُغفر له ويُتاب عليه، ولا يملّ الله حتّى تملّوا" [المستدرك 1 / 59 وصحّحه ووافقه الذّهبي]
    وعن عليّ -رضي الله عنه- قال: "خياركم كلّ مفتّن توّاب، قيل: فإن عاد؟ قال: يستغفر الله ويتوب، قيل: فإن عاد؟ قال: يستغفر الله ويتوب، قيل: فإن عاد؟ قال: يستغفر الله ويتوب، قيل: حتّى متى؟ قال: حتّى يكون الشّيطان هو المحسور".
    وقيل للحسن: ألا يستحي أحدنا من ربّه يستغفر من ذنوبه ثمّ يعود ثمّ يستغفر ثمّ يعود، فقال: ودّ الشّيطان لو ظفر منكم بهذه، فلا تملّوا من الاستغفار.
    د / خالد سعد النجار
                  


[رد على الموضوع] صفحة 7 „‰ 12:   <<  1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de