|
Re: كلام في التغيير الإجتماعي الشامل والهوية والمجتمع المدني والدولة (Re: محمد جمال الدين)
|
نعم الشعب يريد إسقاط الدولة!
محمد جمال الدين لاهاي/هولندا
قرأت مقالآ مثيرآ للتأمل بقلم الكاتب فادي العبد الله نشر بصحيفة النهار اللبنانية ليوم الجمعة 18 مارس 2011تحت عنوان: الشعب يريد... فمَن هو الشعب؟.
شدني المقال لما فيه من أفكار وتصورات ممتازة تستند على محاولة قراءة الإنتفاضتين الشعبيتين في كل من تونس ومصر على خلفية مقال للفيلسوف الفرنسي ألان باديو، في صحيفة "لوموند" بعنوان "تونس، مصر: حين تكنس ريح الشرق غرور الغرب". وبعد إكمالي لقراءة المقالة المعنية مباشرة شعرت أن الكاتب كان غرضه من جل ما كتب الدفاع عن "الدولة" بشكلها المطلق لكونها ضرورة حتمية لا مناص منها بحسب الكاتب وقد خصص فادي العبد لله عنوانآ جانبيآ يقول: الشعب يريد الدولة... أنتقي منه المقاطع التالية بغرض مناقشتها لاحقآ:
(أن أحداً منهم "المصريين" لم يرفع شعاراً بإسقاط الدولة، بل بإسقاط النظام. التمييز هنا ليس سياسياً فحسب، بل تأسيسي، بخاصة في بلد توظف الدولة فيه ملايين الأشخاص. لم يعد لمجتمع حديث ألا يطالب بإقامة دولة. تجاوز الدولة في ظل قيام دول مجاورة فاعلة وعدوانية، إنما هو انتحار شعبي، فضلاً عن كونه نكوصاً عن أقصى ما بلغته هذه المجتمعات حتى هذه الساعة، في مجال الفاعلية والتضامن الشامل، وذلك مستمر إلى أن يقضي الله أمراً كان مفعولاً أو يصبح مفهوم الاتحاد، سواء على النمط الأوروبي أو الأميركي قبله أو أنماط أخرى قد تلي، سبيلاً إلى تجاوز الدولة بمفهومها الحالي، إلى ما يتخطاه لا إلى ما يتراجع عنه! إلى ذلك الحين، تبدّى أن النظام الحاكم هو الذي حاول اسقاط الدولة، وربما في بعض الدول هو نجح إلى الآن في فعل ذلك، مستبدلاً إياها بميليشيات خاصة أو عامة و/ أو بتشابكات قبلية، عشائرية، مناطقية، تتماسك قبتها ببناء مافيوي نفعي. أما الشعب في تونس ومصر فكان يثور لإحداث تغيير في دولته، لا لإلغائها. أي أن هدف الثورات على الأرجح أن يتسنى للناس أن يصيروا مواطنين، أفراداً وأحراراً. ليس من قبيل العبث أن أحد أول بيانات المجلس العسكري الأعلى في مصر كان لتأكيد أن كرامة الوطن لا تعني إلا جماع كرامة أفراده فرداً فرداً، وهو فهم للكرامة كان "الملحق" منذ سنوات يحتضن مطالبات مشابهة به، ردّاً على اساءة استغلال مفهوم الكرامة في السياسة.
لذا أيضاً، لم يكن من قبيل العبث، في مصر مثلاً، أن تحريك جمر الفتنة، التي لم يتخلص المجتمع منها، كان رد فعل مباشراً على ابتكار المصريين لمسيرة جديدة في تاريخهم بعد حدثين ضخمين (اسقاط الرئيس، واسقاط ملفات جهاز أمن الدولة). فالفتنة، تعريفاً، تقع بين جماعات، أي أنها تعيد إدراج من يسعون إلى المواطنة في شبكات الجماعة أو الطائفة. وبدل أن تكون الدولة الأفق الذي يضمن المواطنة تصير اللاعب بالفتنة ضبطاً وإشعالا).
فادي العبد الله يرى أن الشعب يريد الدولة أي إبقائها لا إسقاطها وإنما الذي يمكن إسقاطه أو المطلوب إسقاطه هو " النظام" بمثلما نقرأه تحت العنوان الجاني الأخير لدى المقال المعني: أيّ نظام لأيّ سقوط؟.
المقال في مجمله عبارة عن مرافعة ساخنة عن "الدولة" كونها ضرورة حتمية لا مناص منها. جيد!. ولو أن هناك إشكاليات عديدة يثيرها مثل هذا الكلام وأولها حزمة من التساؤلات من قبيل: ما هي الدولة؟. وما هو النظام؟. وما الفرق بين الدولة والنظام؟. وما هي الحكومة؟. وهل هناك فرق بين الدولة والنظام والحكومة؟. وهل هناك دولة نمطية واحدة الشكل والمضمون وعلى الدوام؟. والسؤال الآخر المقابل: ما هو الشعب؟. وهو ذات عنوان المقال موضع الحديث هنا. لا نجد إحابة على مثل هذه الإسئلة .
أم أن الإجابة معروفة للجميع؟. بمعنى أن الأمر بدهي ولا يحتاج مشقة السؤال (؟).
الأمر عندي بأي حال ليس كذلك!. فبالإحالة للمقال المعني هناك إشكالية تتجلى في قبول تغيير "إسقاط" النظام مع الحفاظ على الدولة. وبالرجوع إلى جملة التساؤلات التي وضعتها أعلاه أستطيع أن أقول بشكل مبدئي أن الحكومة جزءآ من النظام والنظام جزءآ من الدولة والدولة تقوم في مقابل الشعب. ليس من أهدافي هنا مناقشة قناعات الكاتب أو إبراز قصور رأيته منه في تعريف ما لم يتعرف ولا مماحكة تفصيلية مع تصورات الكاتب الموقر فأنا في الحقيقة لم تتح لي بعد فرصة الإطلاع على جملة كتابات وأفكار الكاتب فادي العبد الله كما أنني أعلم أن مقالته موضع الشأن هنا على جودتها وقيمتها الجدلية ما هي إلا ردة فعل لمقالة سابقة للفيلسوف الفرنسي ألان باديو كما هو واضح من السرد. وإنما قصدي البناء على فكرته الجريئة عبر الخروج منها إلى فكرتي الخاصة حول مسألة "الثورات" الهبات الشعبية التي تجتاح دول بعينها في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
الشعب يريد إسقاط النظام ... فما هو النظام؟.
الشعب يريد إسقاط النظام كان شعارآ بارزآ وحادآ من شعارات التونسيين والمصريين في إنتفاضتيهما في مواجهة الأنظمة الحاكمة في بلديهما. وهو ذاته الشعار الذي ترفعه حشود من شعوب أخر مثل ليبيا واليمن والسودان.
ماذا حدث في تونس ومصر عمليآ بالإحالة إلى الشعار " الشعب يريد إسقاط النظام"؟.
سقطت الحكومة في كلا البلدين في لحظة تنحي الرئيس وحلت محلها سلطة إنتقالية في الحالين تبعها حل الحزب الحاكم بواسطة السلطة الإنتقالية وحل البرلمان كما تم حل الأجهزة الأمنية بشكل كلي أو جزئي . وكان ذاك هو الحد الأدنى الذي أرضى معظم الحشود الثائرة فهدأت معركتهم في ميدان التغيير. ولو أن البعض ما زال ينادي بتغييرات أشمل في مجالات مثل المؤسسة العسكرية والخدمة المدنية والقضاة والإعلام والقطاعيين العام والخاص.
قبل الإجابة الحصرية على سؤال: ما هو النظام؟. أود أن أذهب بشكل أشمل وأجيب على سؤال: ما هي الدولة؟. لظن مني أن الإجابة على "ما هو النظام" ستكون متضمنة في الإجابة على سؤال الدولة.
من المحتمل أن يكون من التعريفات الأكثر تداولآ للدولة ما يلي: (الدولة هي كيان سياسي/قانوني يقوم فوق رقعة جغرافية محددة ويكون هذا الكيان ذو اختصاص سيادي في حدود رقعته الجغرافية ويمارس السلطة "في الغالب عبر القمع المادي والمعنوي" عن طريق منظومة من المؤسسات الدائمة. والعناصر الجوهرية للدولة هي: الحكومة والشعب والأقليم، و السيادة و الاعتراف من الآخرين). وتلك صورة عامة للدولة ربما كانت غير دقيقة تمامآ لكنها تبقى في حسباني ضرورية من أجل تقريب المفاهيم!.
وعندي أن الدولة في العادة تتمظهر عمليآ في ستة أشكال رئيسية هي: 1-الجهاز التنفيذي (الحكومة) 2-الجهاز التشريعي "البرلمان" 3-الجهاز القضائي 4-المؤسسة العسكرية (الجيش والشرطة بأشكالها المختلفة وأجهزة الأمن) 5-الخدمية المدنية و6- القطاع العام. وبقفزة عجلى أستطيع أن أتصور أن المقصود من كلمة "النظام" في عبارة "الشعب يريد إسقاط النظام" هما الجهازين التنفيذي والتشريعي أي الحكومة والبرلمان وهما بمثابة عقل الدولة بينما تمثل التمظهرات الأخرى للدولة جسدها. وبسقوط أو إسقاط الجهازين التنفيذي والتشريعي ربما تسقط الدولة كلية. والسقوط المقصود ليس مطلقآ وإنما يكون مرادفآ للتغيير. إذ أنه يبدو أن الجميع مجمعين على أهمية النظام و الدولة غير أنهم يرغبون في إسقاط النظام وربما الدولة في مجملها وفي خلدهم تغيير عناصرها في الشكل والمضمون بعناصر جديدة تواكب الحدث في فضاء الزمكان.
كيف يؤدي إسقاط "النظام" إلى إسقاط الدولة؟.
لأن الدولة عندنا دولة آيدولوجية أو شمولية لا لبرالية تعددية في جوهرها... وعندها تكون كل مؤسسات الدولة والقطاع العام، كل شيء تقريبآ تابع للجهاز التنفيذي "الحكومة" والتي بدورها تنتقي جهازها التشريعي. وعندما تكون جميع أجهزة الدولة تابعة للجهازين التنفيذي والتشريعي فمن المنطقي أن تسقط بسقوطهما الدولة. فعندنا في الشرق قد يكون سقوط الجهاز التنفيذي وحده كافيآ لإسقاط الدولة. في الدولة ذات القيم اللبرالية الراسخة تكون المعادلة مختلفة إذ أن ما نسميه "النظام" هنا يعمل في فضاء شبه مفصول عن مجمل جسد الدولة. ولكم أن تستحضروا معي ما حدث في هولندا، البلد الذي يقيم به كاتب هذا المقال، أن الحكومة انهارات "سقطت من تلقاء ذاتها" عدة مرات خلال العقد الماضي ولمدة عدة شهور في بعض الأحيان بفعل إختلال المنظومة التشريعية "البرلمان" لكن دون أن تتأثر بقية هياكل الدولة أو تنهار وكان كل شيء يسير على ما يرام: القضاء، البوليس، الأمن، قطاعي الصحة والتعليم والقطاعان العام والخاص وإلخ ولم يتأثر الإقتصاد في مجمله ويبدو أن لا أحدآ كان منزعجآ أو قلقآ من مصير يتهدد الدولة.
هل الشعب يريد إسقاط الدولة بعمله على إسقاط النظام؟.
الإجابة العاجلة من عندي، نعم!. وكما كررنا أعلاه فإن السقوط يكون مرادفآ للتغيير. أي أن الشعب يريد تغيير "الدولة" بدولة مواكبة لتصوراته الجديدة من تلقاء الضرورات الملحة. فالناس تعرف أن تغيير النظام يقود في الغالب إلى تغيير جذري في كل مفاصل الدولة أو على أقل تقدير تكون الفرصة عظيمة في تغيير جذري في بنية الدولة بسقوط "النظام" وفق الفهم الذي قلنا به آنفآ. لماذا يريد الشعب إسقاط الدولة؟.
قبل الإجابة على مثل هذا السؤال الذي يبدو سهلآ لأول وهلة أود أن أحاول الإجابة على السؤال الصعب جدآ وهو: من هو الشعب؟. واضح جدآ أن الشعب شيء غير الدولة. أليس كذلك!. والدليل أنه يرغب ويريد ويستطيع إسقاط الدولة. فهو إذن شيء ما يقوم خارج الدولة أو بالأحرى في مقابل الدولة. الدولة بما هي جهاز رسمي ... (سأحتاج هذه الكلمة "رسمي" لاحقآ ). هل نستطيع أن نستلف عبارة "المجتمع المدني" من أجل مقاربة السؤال الصعب؟. سؤال الشعب. أنا سأفعل أو قل سأجرب!.
عندي زعم كثيرآ ما قلت به في مناسبات مختلفة أن الدولة تقوم في مقابل المجتمع المدني وطبعآ العكس صحيح بنفس القدر من الصحة. وقبل أن أجيء هنا بتصوري المعني للمجتمع المدني والدولة آمل في أن ألفت الإنتباه إلى أن ما أعنيه ب"المجتمع المدني" هو الكل المركب (كل شيء) بلا إستثناء في مقابل الدولة (الدولة أيآ كانت). أي أن فهمي للمجتمع المدني والدولة ربما خالف الأدب الرسمي السائد!. أي ليست تلك النظرة التقليدية الراسخة والقاصرة من وجهة نظري والتي تحصر المجتمع المدني في شكل واحد محدد (هو المديني من مدينة) من أشكاله غير المحدودة!. فالمجتمع المدني عندي هو الفضاء الإجتماعي كله (كله بلا إستثناء) في مقابل الدولة (الدولة أيآ كانت). تلك نقطة عندي في غاية الأهمية في غاية الجوهرية. لذا أشدد عليها كلما حانت المناسبة.
. "فمدني" في عبارة "المجتمع المدني" تعني لا "رسمي"، لا غير
كلمة "مدني" في عبارة: المجتمع المدني تقوم ضد الرسمي "الدولة" على وجه الإطلاق.
المدني هو المجتمع اللا رسمي والدولة هي المجتمع اللا مدني.
مدني في مقابل رسمي (التكرار مقصود).
وبهذا النحو فإن "مدني" في عبارة "المجتمع المدني" لا تحيل إلى أي معنى آخر من معاني التميز والإمتياز من قبيل مدنية بمعنى حضر أو حضارة أو حداثة أو علمانية. كما ان الكلمة "مدني" لا تحيل الى أي معنى من معاني الإلتزام الأخلاقي أو الأدبي أو الآيدولوجي. وإنما تعني فقط لا غير: غير رسمي (كل شيء أو فعل أو شخص خارج إطار منظومة الدولة). فالمجتمع المدني بهذا المعنى يكون هو محصلة حراك الناس "الهيكلي واللا هيكلي" خارج منظومة الرسمي "الدولة". وبغض النظر عن مغزى وشكل ذاك الحراك. ولا يهم ان وصف بأنه حديث أو تقليدي، تقدمي أو رجعي. كما لا يهم مكان حدوثه في الريف أو المدينة. وبغض النظر عن زمان حدوثه. فهو في كل الأحوال والأماكن والأزمان فعل "مدني": مجتمع مدني. ووفق هذا الفهم البسيط فإن القبائل الليبية الثائرة وغير الثائرة تكون مجتمع مدني مثلها ومثل شباب الفيس بوك في مصر لحظة حشدهم المشهود في ميدان التحرير أو في أي مكان آخر وفي أي زمان، زمان الثورة أو اللا ثورة.
المجتمع المدني هو الفيض الفاعل مما يسمى بالشعب وفق أهداف وقيم ولوائح مكتوبة أو غير مكتوبة "مختزنة في العقل الجمعي". (انظر المقال المرفق بطيه "أدناه") . وعندي أن جوهر "المجتمع المدني" يكون في مظهره، إذ لا ذات قائمة بذاتها للمجتمع المدني .. كما ان المجتمع المدني يتمظهر هيكليآ في ذات الوقت الذي يتمظهر فيه لا هيكليآ ودائمآ بطرق منوعة ومتمايزة. فإن جاز تشبيه المجتمع المدني بالبحر فان موج البحر هو تمظهره. وإذا تحقق أن نرى البحر في سكونه بأعيننا ونسبح فيه بأجسادنا، فالمجتمع المدني عكس ذلك تماما فهو لا يرى ولا يحس الا حينما يتمظهر. لأن لا ذات للمجتمع المدني قائمة بذاتها. لا يوجد جوهر للمجتمع المدني. فجوهر "المجتمع المدني" هو مظهره هو "تمظهراته" ليس إلا. المجتمع المدني مجرد خط بياني متصور الغرض منه قياس الحالة، ليس إلا. ولهذا لا تتحدث الناس عن المجتمع المدني والا تطابق حديثهم مع تمظهراته أي هياكله وأحداثه. كما لا يوجد مجتمع مدني واحد يحمل نفس الصفات والمواصفات ويتمظهر بنفس النسق والمنوال. كل تمظهر مدني عنده خصائصه المتفردة وفقآ للأسباب الواقفة خلف كل تمظهر من التمظهرات. التمظهر المدني مثل بصمات الأصابع لا يتكرر مرتين في نفس الآن والمكان، فعلى سبيل المثال النقابة المحددة لا تتطابق مع نقابة أخرى في كل شيء كما الأمر نفسه يكون لدي الطائفة والعشيرة وإلخ... تلك التمايزات "متفاوتة الحجم" تجد خلفيتها في جدلية الهدف والقيم واللائحة.
وعليه أستطيع أن أخلص إلى نتيجة مفادها أن المجتمع المدني هو الشعب متمظهرآ في أفعال "مدنية" في مقابل الدولة المتمظهرة في أفعال "رسمية". وكل دولة لا تكون إلا بنت مجتمعها المدني. وبقدر تنوع المجتمعات المدنية وتمايزها عن بعضها البعص تتنوع طبيعة الدول. فالمجتمع المدني اليمني على سبيل المثال لا يشبه المجتمع المدني السوري أو المصري أو السوداني وبنفس القدر تكون الدولة من حيث هي فاعلية لا أجهزة شكلية.
كيف تحدث الثورة "التغيير"؟
هنا نعود للسؤال " لماذا يريد الشعب إسقاط الدولة" في لحظة تاريخية محددة دون غيرها. المجتمع المدني المصري "الشعب المصري في فاعليته" وقف في معظمه وقفة جبارة خلف الرئيس جمال عبد الناصر في يوم ما لكن ذات هذا الشعب خرج لا يأبه بالموت من أجل إبعاد الرئيس مبارك من ذات الكرسي الذي أجلس فيه من قبله سلفه جمال عبد الناصر. كيف نجد تفسيرآ لهذا؟.
الدولة كما أسلفنا لا تقوم إلا في مقابل "مجتمع مدني" غير أن الدولة في لحظة تاريخية بعينها ربما تقوم في الفراغ بفعل تصادمها مع مجتمعها المدني فتعمل على فرض قيم إجتماعية وآيدولوجيا بعينها عبر القمع المادي في سبيل تخلق مجتمع مدني يناسبها "مجتمع مدني زائف" في سبيل البقاء... في المقابل يبقي المجتمع المدني الحقيقي يتولد رويدآ رويدآ عن آيدولوجيات معادية للنظام وللدولة في مجملها ويقوم في الضد من الدولة القائمة في مقابل دولة المشروع "الدولة المتصورة". وتلك هي بإختصار شديد لحظة ما يمكن أن نسميه "الثورة" أي التغيير الجذري، إسقاط الدولة. والتاريخ مليء بالشواهد. وتلك هي جدلية المجتمع المدني والدولة.
وفي ختام هذه المساهمة القصيرة والتي أتمني أن تكون ذات قيمة ما في مجرى النقاش الدائر حول الأحداث الكبيرة الدائرة في منطقتنا على وجه العموم أود أن أحي الكاتب فادي العبد الله على مقالته القيمة والتي حثتني على الكتابة كما أرجو أن يأذن لي القاريء العزيز من كان وأينما كان أن أرفق "أدناه" مقالة لي سابقة متعلقة بشكل مباشر بالشأن هنا تحدثت فيها عن جدلية الدولة والمجتمع المدني مع تركيز على حالة السودان من باب المثال.
في سبيل الإجابة على سؤال "الهوية" (3-5)
هل الحديث عن الهوية في السودان ممكن دون أن نتعرف على المجتمع السوداني نفسه!؟.
في الحلقتين الماضيتين من هذه السلسلة الصغيرة التي أردت لها أن تجيء في خمسة أجزاء حاولت أن أقول بشكل مبدئي ماذا أفهم من مصطلح "هوية" مستندآ إلى شرح وجهة نظري مقابل وجهة نظر د. الباقر عفيف المتضمنة في ورقته "أزمة الهوية في شمال السودان: متاهة قوم سود...ذوو ثقافة بيضاء" من باب المقارنة الهادفة إلى البيان ليس إلا.
وفي هذه الحلقة وما يليها سأعمل ما أمكنني على سبر غور الهوية من حيث الجوهر وكيفية تشكلها في الوجود وسيرورتها ومآلاتها وربما موتها بشكل نهائي أو إعادة تشكلها في ثوب جديد. وأرجو أن أذكر للمرة الثانية أنني أتحدث عن الهوية بمعناها السوسيولوجي في المقام الأول لا الثقافي أو السايكولوجي أو الفلسفي.
كلمة "هوية" في اللغة تجئ من الضمير "هو". من "هو" ذاك الرجل؟. ذاك الرجل "هو" مولانا محمد عثمان الميرغني (مثال). لكل شخص رجل أو إمرأة سماته وقسماته وصفاته ومواصفاته التي تجعله مختلفآ ومتمايزأ بقدر ما صغير أو كبير عن الآخرين من الافراد. تلك ربما تكون محددات هوية الشخص الواحد "الفرد".
غير أن ما يعنينا هنا بشكل أساس هو الهوية بمعناها السوسيولوجي. هوية جماعة أو مجموعة من الناس. ويبدو أن الجماعة كما الفرد تمامآ تكون لها سماتها وقسماتها وصفاتها ومواصفاتها التي تجعلها مختلفة ومتمايزة عن الجماعات الأخرى بقدر ما كبير أو صغير، كما يحدثنا الواقع. وربما أتصور أن هوية الفرد لا تكون ثابتة على الدوام بل هناك أشياء لا بد أن تتغير وتتبدل مع الوقت فلا أتصور أن شابآ عمره أحد وعشرين عامآ سيكون هو ذاته عندما يبلغ السبعين!. كما أتصور أن ذاك المنطق ربما أنطبق على هوية الجماعة بطريقة أو أخرى.
وإن صح ذاك المنطق وهو عندي تصور معقول. فإننا لا نستطيع أن نلم تمامآ بهوية الفرد دون أن نتعرف على ماهيته (الحد المعقول من المعرفة بسماته وقسماته وصفاته ومواصفاته). كما الأمر ينطبق على الجماعة. هذا بالطبع إذا ما أتفقنا على مبدأ إختلاف وتمايز الأفراد والجماعات.
أنا على قناعة تامة بأن لا فرد يشبه الآخر في كل شيء كما أن لا جماعة محددة تشبه الأخرى في كل شيء. هذا غير ممكن بحكم إختلاف عناصر النشوء إضافة إلى المعادلة الحاسمة وهي جدلية الهدف "هدف" تخلق الجماعة للوجود مع عاملي الزمان والمكان "الزمكان". وإستنادآ على هذا المنطق البسيط، أزعم أننا لا نستطيع الحديث بإطمئنان عن "الهوية" في الجغرافيا المسماة سودان دون أن نتعرف على طبيعة المجتمع المسمى "سوداني" في حد ذاته!.
ولهذا سأجل الآن أي حديث مباشر عن "الهوية" في السودان وسأشد إنتباهي كله لما هو عندي أهم!. وهو المجتمع السوداني في حد ذاته. هو شنو؟. أعرف أنه سؤال صعب ومربك. لكنني سأحاول مستعينآ بآراء سابقة توصلت إليها من خلال الملاحظة عبر المعايشة. حاولت من خلالها أن أشكل نظرية صغيرة خاصة بي في النظر إلى المجتمع المدني السوداني والدولة. أحب هنا أن أشرككم إياها من جديد.
وقبل أن أجيء هنا بتصوري المعني للمجتمع المدني والدولة في السودان آمل في أن ألفت الإنتباه إلى أن ما أعنيه ب"المجتمع المدني" هو الكل المركب (كل شيء) بلا إستثناء في مقابل الدولة (الدولة أيآ كانت). أي أن فهمي للمجتمع المدني والدولة في السودان يخالف الكل تقريبآ!. أي ليست تلك النظرة التقليدية السائدة والتي تحصر المجتمع المدني في شكل واحد محدد (هو المديني من مدينة) من أشكاله غير المحدودة!. ومعذرة لحدة العبارة، عنيتها قصدآ رجاء أن تشد الإنتباه وعلى أمل أن تثير الفضول المحمود. ليس إلا!. فالمجتمع المدني عندي هو الفضاء الإجتماعي كله (كله بلا إستثناء) في مقابل الدولة (الدولة أيآ كانت). تلك نقطة عندي في غاية الأهمية في غاية الجوهرية. لذا أشدد عليها كلما حانت المناسبة.
تعريف المجتمع المدني في السودان (مفهوميآ وعمليآ) وفي مقابل الدولة... - نحو أفق جديد
1- "مدني" في عبارة "المجتمع المدني" تعني لا "رسمي"، لا غير.
كلمة "مدني" في عبارة: المجتمع المدني تقوم ضد الرسمي "الدولة" على وجه الإطلاق.
المدني هو المجتمع اللا رسمي والدولة هي المجتمع اللا مدني.
مدني في مقابل رسمي.*
وبهذا النحو فإن "مدني" في عبارة "المجتمع المدني" لا تحيل إلى أي معنى آخر من معاني التميز والإمتياز من قبيل مدنية بمعنى حضر أو حضارة أو حداثة أو علمانية. كما ان الكلمة "مدني" لا تحيل الى أي معنى من معاني الإلتزام الأخلاقي أو الأدبي أو الآيدولوجي. وإنما تعني فقط لا غير: غير رسمي (كل شيء أو فعل أو شخص خارج إطار منظومة الدولة). فالمجتمع المدني بهذا المعنى يكون هو محصلة حراك الناس "الهيكلي واللا هيكلي" خارج منظومة الرسمي "الدولة". وبغض النظر عن مغزى وشكل ذاك الحراك. ولا يهم ان وصف بأنه حديث أو تقليدي، تقدمي أو رجعي. كما لا يهم مكان حدوثه في الريف أو المدينة. وبغض النظر عن زمان حدوثه. فهو في كل الأحوال والأماكن والأزمان فعل "مدني": مجتمع مدني.
2- جوهر "المجتمع المدني" في مظهره، إذ لا ذات قائمة بذاتها للمجتمع المدني .. كما ان المجتمع المدني يتمظهر هيكليآ في ذات الوقت الذي يتمظهر فيه لا هيكليآ ودائمآ بطرق منوعة ومتمايزة.
فإن جاز تشبيه المجتمع المدني بالبحر فان موج البحر هو تمظهره. وإذا تحقق أن نرى البحر في سكونه بأعيننا ونسبح فيه بأجسادنا، فالمجتمع المدني عكس ذلك تماما فهو لا يرى ولا يحس الا حينما يتمظهر. لأن لا ذات للمجتمع المدني قائمة بذاتها. لا يوجد جوهر للمجتمع المدني. فجوهر "المجتمع المدني" هو مظهره هو "تمظهراته" ليس إلا. المجتمع المدني مجرد خط بياني متصور الغرض منه قياس الحالة، ليس إلا. ولهذا لا تتحدث الناس عن المجتمع المدني والا تطابق حديثهم مع تمظهراته أي هياكله وأحداثه. كما لا يوجد مجتمع مدني واحد يحمل نفس الصفات والمواصفات ويتمظهر بنفس النسق والمنوال. كل تمظهر مدني عنده خصائصه المتفردة وفقآ للأسباب الواقفة خلف كل تمظهر من التمظهرات. التمظهر المدني مثل بصمات الأصابع لا يتكرر مرتين في نفس الآن والمكان، فعلى سبيل المثال النقابة المحددة لا تتطابق مع نقابة أخرى في كل شيء كما الأمر نفسه يكون لدي الطائفة والعشيرة وإلخ... تلك التمايزات "متفاوتة الحجم" تجد خلفيتها في جدلية "الهدف والقيم واللائحة".
3- تمظهرات المجتمع المدني الأفقية والرأسية: يتمظهر المجتمع المدني أفقيآ كما رأسيا. أفقيآ في صورة أحداث وهياكل (هيكليآ ولا هيكليآ). كما يتمظهر رأسيآ (في نسخته الهيكلية) في صورتين 1- "أصيلة" = "تحتية" و2- فوقية (مولدة عن الأصيلة). النسخة المدنية الأصلية تستند على منظومة قيم إجتماعية تنقسم الى ثلاثة أنماط: 1- جسدانية "فروسية" 2- روحانية "غيبية" و 3- عقلانية "موضوعية". بينما يستند التمظهر الفوقي "المولد" إلى منظومة آيدولوجية "رؤيوية".
أ- أحداث "لا هياكل" المجتمع المدني: يتمظهر المجتمع المدني لا هيكليآ في شكل أحداث متكررة وراتبة من خلفها قيم وعندها أهداف وأعراف وسوابق راسخة في العقل الجمعي. مثال ذلك التظاهرات الجماهيرية والألعاب الشعبية ومراسم الزواج وشعائر الجنازة والفزعة والنفير و"الظار" والمبارزة و "البطان" والحكاوي الشعبية و"القعدات" بأشكالها المختلفة كجلسات القهوة "الجبنة" و الشاي والخمر ولعب الورق "الكتشينة".
ب- منظمات "هياكل" المجتمع المدني: يتمظهر المجتمع المدني هيكليآ في شكل تجمعات مجتمعية طويلة الأمد، وتسمى بأسماء مختلفة غير أن أكثر إسم شائع في الوقت الراهن هو: منظمة، وتجمع منظمات. والمنظمة هنا تشمل في الأساس القبيلة والعشيرة والطائفة الدينية (التمظهرات الطبيعية والوراثية و التقليدية وهي في الأساس تمظهرات المجتمع المدني "الريفي") يقابلها في الجانب الآخر تمظهرات المجتمع المدني "المديني" كالنقابات والإتحادات والنوادي والمنظمات الحقوقية والبيئية والإبداعية والعلمية والروابط الفئوية المختلفة ومصانع القطاع الخاص. فالمجتمع المدني بمثل ما يتمظهر "لا هيكليآ" في شكل أحداث فإنه أيضآ يتمظهر "هيكليآ" في شكل منظمات عندها أعضاء مسجلون أو غير مسجلين على الورق بغرض انجاز أهداف محدده وفق نظم وقيم ولوائح محددة مكتوبة أو غير مكتوبة على الورق.
ج- شروط تمظهرات المجتمع المدني: لا يستطيع المجتمع المدني أن يتمظهر هيكليآ أو لا هيكليآ "على مستوى بنياته الأصيلة" إلا في حالة تحقق ثلاثة شروط في نفس الآن ودون نقصان: 1- هدف 2- منظومة قيم و 3- لائحة .. وقد تكون تلك الشروط اللازمة موضوعة على الورق "مكتوبة" في حالة النقابة مثلآ أو مرسومة في العقل الجمعي للجماعة المحددة "غير مكتوبة" في حالة "العشيرة" أو "شعائر الجنازة" مثلآ.
د- كل حراك جمعي هيكلي أو لا هيكلي هو مجتمع مدني وعلى وجه الإطلاق: كل حراك مدني هيكلي هو منظمة مجتمع مدني بغض النظر عن أهدافه وشكل عضويته ومكان وزمان وقوعه وبغض النظر عن إعتراف الرسمي به أو لا، يكون منظمة مجتمع مدني حتى لو كانت عصابة إجرامية. كما أنه بنفس القدر كل حدث جمعي غير هيكلي يقوم على أساس هدف محدد وقيم محددة وأعراف وسوابق متعارف عليها هو حدث مدني أي مجتمع مدني، مثال ذلك التظاهرات الجماهيرية والألعاب الشعبية ومراسم الزواج وشعائر الجنازة والفزعة والنفير و"الظار" والمبارزة و "البطان" والحكاوي الشعبية و"القعدات" بأشكالها المختلفة كجلسات القهوة "الجبنة" و الشاي والخمر ولعب الورق "الكتشينة".
ه- التمظهرات المدنية الهيكلية واللا هيكلية تمثل التمظهرات الأصيلة للمجتمع المدني والتي بدورها قد تتمظهر في أشكال أخرى "فوقية" بهدف الجدل مع الدولة = تمظهر مولد عن الأصيل ( جماعات وأحزاب سياسية "رؤيوية موضوعية" أي آيدولوجية).
و- الأحزاب السياسية لا تكون ذات فاعلية وديمومة إلا إذا جاءت كتمظهر فوقي لتمظهر مدني أصيل.
ز- البنية المدنية الفوقية هي مكان الرؤى الشتيتة = "آيدولوجيات متصارعة" في سبيل الفوز بأكبر قد من التاُثير في عملية بناء وسيرورة رؤية موحدة للعيش المشترك، بينما تكون الدولة هي مكان الرؤية الموحدة للعيش المشترك = "عقد إجتماعي".
4- المنظومات القيمية:
نستطيع أن نلاحظ أن هناك ثلاث منظومات قيمية رئيسية تقف خلف مجمل تمظهرات المجتمع المدني في السودان. وتمثل سببآ جوهريآ في تنوع تمظهرات المجتمع المدني وتمايزها عن بعضها البعض، وهي: 1- منظومة قيم الجسدانية "الفروسية" 2- منظومة قيم الروحانية "الغيب" و 3- منظومة قيم العقلانية "الموضوعية". (مع الوضع في الحسبان إختلاط وتشابك القيم).
أ- تقف منظومة قيم الجسدانية "الفروسية" خلف جل التمظهرات المدنية الإثنية "العرقية" وأهمها القبيلة والعشيرة. و"الجسدانية" تكون في إعمال طاقة الجسد في سبيل سيطرتها على العقل والروح في مواجهة الطبيعة والآخر. والهدف هو: (بقاء ومعاش وأمن ورفاهية الجماعة). وكل له حيلته. وأهم قيم "الجسدانية" هي: الرجولة والشجاعة والأمانة والكرامة والشرف والمروءة والشهامة والكرم. وهي قيم "نحن". وجسدها تمظهر هيكلي أس عضويته من الفرسان "أولى القربى = وشائج الدم". ورمز مكانها المادي هو "السرج" ورمز فعلها هو "السيف". وأسمى معانيها "التضحية" وأسوأ مثالبها "الإنحيازية العمياء" كما اللا "إنسانية".
ب- تقف منظومة قيم الروحانية "الغيب" خلف جل التمظهرات المدنية الدينية "بالمعنى الواسع للكلمة" وأهمها الطريقة الصوفية والطائفة والمسيد والمسجد والكنيسة والكجورية. و"الروحانية" تكون في إعمال طاقة الروح في سبيل سيطرتها على الجسد والعقل في مواجهة الطبيعة والآخر. والهدف دائمآ واحد: (بقاء ومعاش وأمن ورفاهية الجماعة). وكل له حيلته. ومن أهم قيم الروحانية: الزهد والتواضع والإيمان والإتكال على قوة ما ورائية. وهي بدورها قيم "نحن". وجسدها تمظهر هيكلي أس عضويته من المؤمنين ب"الغيب" = "عالم ما وراء الطبيعة المادية". ورمز مكانها المادي هو "السجادة" بمعناها الصوفي ورمز فعلها هو "الفزعة" بالمعنى الغيبي للكلمة. وأسمى معانيها "النزاهة" وأسوأ مثالبها "العبثية" كما "الإتكالية المفرطة".
ج- تقف منظومة قيم العقلانية "الموضوعية" خلف جل التمظهرات المدنية "المدينية" ومثالها النقابة والمصنع. و"العقلانية" تكون في إعمال طاقة العقل في سبيل سيطرتها على الروح والجسد في مواجهة الطبيعة والآخر. والهدف دائمآ واحد: (بقاء ومعاش وأمن ورفاهية الجماعة). وكل له حيلته . ومن ضمن قيم "العقلانية": الإستنارة والتجربة والإنسانية والنظافة والنظام والإدخار. وهي قيم "أنا". وجسدها تمظهر هيكلي أس عضويته من الأفندية "الوطنيين" والمثقفين والمتعلمين بالمعنى الحديث للكلمة. ورمز مكانها المادي هو "المكتب" ورمز فعلها هو "القلم". وأسمى معانيها " الموضوعية" وأسوأ مثالبها "الإستغلالية" كما "الأنانية".
د- "القيمة" تقوم من جسد الجماعة بمثابة الشفرة الجينية DNA من جسد الفرد. هي محور إالتقاء "تلاحم" الجماعة وإعادة إنتاجها "نسخها" كل مرة مع جعلها متمايزة عن الجماعات الأخرى ك"وحدة إجتماعية واحدة ذات خصائص متفردة". كما أن "القيم" هي القوة الخفية الدافعة الى الفعل الموجب في سبيل تحقيق الهدف الكلي والنهائي للجماعة وهو على الدوام (البقاء والمعاش والأمن والرفاهية). وبهذا المعني تمثل القيمة أيضآ معيار الجماعة للتفريق بين ما هو خير وما هو شر بالإحالة الى نجاعة الفعل من عدمه في نزوعه الى تحقيق "الهدف".
5- وظائف وأدوار البنيات المدنية الأصيلة و الفوقية: وظيفة البنية المدنية الأصيلة في الأساس تنحصر حول إنجاز هدف الجماعة الكلى أو الجزئي من (البقاء أو/و المعاش أو/و الأمن أو/و الرفاهية) للجماعة المدنية المحددة في مواجهة الطبيعة والآخر على وجه الإطلاق كما تشهد عليه الحياة العملية. إذ ليس من أهداف البنيات المدنية الأصيلة الجدل المباشر مع الدولة إلا في الحالات غير الطبيعية. تلك مهمة البنيات المولدة " الفوقية" لا الأصيلة "التحتية". مرة ثانية ليس من وظائف أو أدوار البنيات المدنية "الأصيلة" الجدل المباشر مع الدولة. كما ليس من مصلحة الدولة في شيء الجدل المباشر مع تلك البنيات المدنية الأصيلة. بل ذاك إن حدث من البنيات المدنية الأصيلة أو من الدولة سيؤدي على المستوى البعيد إلى التـأثير السالب من حيث المبدأ على وجودهما المادي على حد سواء، كون إذن منظومات القيم المثالية "المدني" ستصطدم بمبدأ المصلحة "المنفعة" المجردة = "الدولة". وهما حقلان وجبا أن يكونا متوازيان على الدوام لا يتقاطعان أبدآ وتقوم في الفضاء الفاصل بينهما البنيات الفوقية = الآيدولوجيات. وإلا هناك مشكلة دائمآ ما تتجسد في فساد الرؤية الموحدة للعيش المشترك.
6- المجتمع المدني كمصطلح تقني: المجتمع المدني يجوز أن ننظر إليه كمصطلح تقني بحت (لا قيمي و لا أخلاقي) لا يتعرف بالخير ولا الشر ولا الحداثة أو التقليدية ولا التقدم أو التخلف ولا العلمانية أو الدينية. تلك الفاظ قيمة تتعرف وفق منظوماتها القيمية المحددة ولا يجب أن تحيل بحال من الأحوال الى "المدني". فالمجتمع المدني يكون بمثابة الميدان المادي للصراع القيمي والآيدولوجي لكنه هو ليس ذاته الصراع. إنه الفضاء فحسب. الفضاء الذي تحلق فيه العصافير الملونة "الجميلة" والبريئة والصقور الجارحة والبعوض والحشرات العديدة. هو الفضاء فحسب، هو ليس العصافير الجميلة البريئة ولا الصقور الجارحة. إنه الفضاء الشاسع القابع في سلبيته. فضاء للخير بقدر ما هو فضاء للشر، فضاء للباطل والحق وللقبح والجمال.
7- جدلية الخير والشر "أ": يتعرف المجتمع المدني بخيره من شره القائم أو المحتمل لا ببنياته قديمة أو حديثة وإنما بحسب أفعاله الصالحة أو الطالحة من مجالات الفعل الموجب والتي يمكن رؤيتها في: 1- التنمية 2- السلام 3- الحكم الرشيد 4- الحقوق 5- الإبداع و6- المجال المفتوح (الثقافي-الإجتماعي- الترفيهي). وذلك بقياس المسافة بين الصفة الخيرة ونقيضها، من مثل: التنمية مقابل الدمار والسلام مقابل الحرب والرشد مقابل الطغيان والحق مقابل الباطل والإبداع مقابل التحجر و المفتوح مقابل المغلق.
8- جدلية الخير والشر "ب": في جميع الاحوال وفي كل الأوقات فإن الفعل في سياق المجتمع المدني هيكليآ أو لا هيكليآ يقود الى منفعة محددة تجد تعبيرها في مساهمة مادية نقدية أو عينية كما بذل الجهد المجاني أو مدفوع الأجر بهدف جلب الخير او درء الاذى، في فضاء خارج الرسمي "الدولة" وفق منظومة قيمية أو رؤيوية محددة ربما يكون نتاجها شرآ في نظر الآخر.
9- جدلية المدني و الرسمي: لا يكون "المدني" الا في مقابل "الرسمي" والعكس صحيح، وبإنتفاء أيآ منهما ينتفي الآخر بالضرورة، فلا مجتمع مدني بلا دولة ولا دولة بلا مجتمع مدني. فعلى سبيل المثال فإن أي منظمة تقوم خارج السودان "بحدوده كدولة" لا تمثل "مجتمع مدني" لأنها ببساطة لا تقوم في مقابل الدولة. والأصح (أي ربما يجوز) أنها تمثل مجتمع مدني فقط بالنسبة للدولة التي نشأت بها. وبالتالي فإن تسمية "منظمات مجتمع مدني" بالنسبة للمنظمات "الموصوفة بالمدنية" التي ينشأها السودانيون بالخارج لا تصح إلا كمجاز. إلا إذا حتم واقعها الموضوعي أن تكون فروعآ مرحلية لكيانات مدنية أصيلة أو فوقية تقوم بداخل البلاد وإستنادآ عليه تكون أهدافها ورؤيتها ورسالتها، وهو ما نلمسه في الواقع المعاش في حالة كثير من الأحزاب السياسية السودانية.
10- التمظهرات الهيكلية "العملية" للمجتمع المدني: يتمظهر "المجتمع المدني" في السودان عمليآ ويبدو للعيان بشكل "هيكلي" في أربع أنماط رئيسية: 1- تمظهرات عقلانية موضوعية "الشكل الحديث" ورمزها النقابة 2- تمظهرات جسدانية إثنية "القبيلة والعشيرة" 3- تمظهرات روحانية غيبية (الطرق الصوفية والمسيد والمسجد والكجور والكنائس) وأخيرآ 4- تمظهرات القطاع الخاص (بدورها عقلانية).
11- التمظهرات الهيكلية للدولة: تتمظهر الدولة على وجه العموم "هيكليآ" في ستة أشكال رئيسية هي: 1-الجهاز التنفيذي (الحكومة) 2-الجهاز التشريعي "البرلمان" 3-الجهاز القضائي 4-المؤسسة العسكرية (الجيش والبوليس وأجهزة الأمن) 5-الخدمية المدنية و6- القطاع العام. (كما أن الدولة بدورها تستطيع أن تتمظهر في أشكال غير هيكلية من قبيل مرموزات قيمية ومفاهيم آيدولوجية وهنا يكمن معزي تأثير الدولة على أحداث وهياكل "المجتمع المدني" سلبآ وإيجابا. وهنا تكون جدلية "المجتمع المدني والدولة" في أسطع صورها).
12- صراع الريف والمدينة و نزاع الذات: من خلال الملاحظة نستطيع ان نتحسس أن المجتمع المدني في السودان ينقسم في مستوى بنيته الأصيلة على وجه الإجمال في كتلتين هما كتلة الريف وكتلة المدينة. هذان الكتلتان تتوازيان مرة وتتقاطعان في بعض المرات، تختصمان في لحظة ما وتتصالاحان في لحظة اخرى، في نفس الوقت الذي يعتمل في داخل كل منهما مجموعة من التناقضات الذاتية بفعل اختلاف واختلال منظومة القيم الواقفة وراء تمظهرهما ( أي ان كل كتلة في ذاتها تتراكب من جزيئات تتشابه حينآ و تتمايز تراكيبها بعضا عن بعض أحيانآ أخرى). هذان المجتمعان يتمثلان بشكل مجمل في المجتمع المدني "المديني" والمجتمع المدني " الريفي". ولكل منهما تمظهراته المختلفة إختلافآ جذريآ عن الآخر كون تلك التمظهرات المعنية تقوم على سند من منظومات قيمية متمايزة "جذريآ". وهذا التمايز والإختلاف لدى البنية المدنية التحتية يسقط على التجلى الفوقي "الآيدولوجي" لكل منهما (مثال لذلك الصراع السياسي الذي وسم تاريخ السودان الحديث بين الطائفيين والأفندية). كما أن في الجانب الآخر كل كتلة من الكتلتين الأصيلتين موسومة بإختلال قيمي "ذاتي" يجعلها في نوعها متمايزة في تراكيبها وهذا التمايز في إطار النوع الواحد يسقط بدوره على البنية الفوقية (مثال لذلك الصراع السياسي بين العلمانيين والغيبيين "يسار يمين" على مدى تاريخ سودان ما بعد الإستقلال).
13- فرضية أخيرة: المجتمع المدني هو الاصل كما هو سديم الدولة:
الأصل في الإجتماع البشري هو "المجتمع المدني" ببنياته الأصيلة ثم تأتي البنى الفوقية ومن ثمة تتشكل الدولة. فالمجتمع المدني هو بذرة الدولة. الدولة بكل بساطة هي: نقطة تلاقي المصالح/تعارضها. أي نقطة تلاقي/تعارض مصالح البنيات المدنية الأصيلة في حيز زماني وجغرافي محدد وما يقتضي ذلك بالضرورة من نظام لا مفر منه يسمى في شموله: الدولة. وإذ يقوم المجتمع المدني على "القيمي" في تمظهره الأصيل وعلى "الآيدولوجي" في تمظهره الفوقي تقوم الدولة على نظام "المنفعة = المصلحة" مجردة بلا قيم ولا آيدولوجيا في نسختها المثالية. وإلا ستتعارض الدولة وتتصادم بإستمرار مع كثير من البنيات الإجتماعية الأصيلة مما يؤدي في نهاية المطاف (في الغالب الأعم) إلى واحد من إحتمالين: موت "فناء" الدولة بشكل نهائي وبالتالي موت المجتمع المدني "موت القيم السائدة" أو إعادة تشكل الدولة في صيغة جديدة وبالتالي تمظهر المجتمع المدني في لباس جديد "قيم جديدة".
محمد جمال الدين حامد، لاهاي/هولندا 28 نوفمبر 2009
يتواصل... 4-5
* كلمتي "مدني – رسمي" وردتا بتكرار كبير في المقطع الأول من تعريفي للمجتمع المدني والدولة. هذا التكرار مقصود به تأصيل المعني وتثبيته، كون تلك من النقاط الأكثر جوهرية "وجدلآ" في محاولتي تعريف المجتمع المدني السوداني في مقابل الدولة.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: كلام في التغيير الإجتماعي الشامل والهوية والمجتمع المدني والدولة (Re: محمد جمال الدين)
|
في سبيل الإجابة على سؤال "الهوية (1-5)
نحو هزيمة المسلمات البائسة!
في المعتاد، عند أي حديث عن "الهوية" The Identity بمعناها السوسيولوجي هناك أربعة عوامل أو محددات رئيسية تأتي على الدوام في المقدمة وهي "العرق والدين والثقافة والتاريخ". لا أعتقد أن أحدهم يستطيع أن يتحدث عن "الهوية" دون يأتي بهذه المحددات. وهو أمر بالطبع عادي ومنطقي غير أنه كثيرآ ما ينطوي على إشكاليات جوهرية ترقى إلى مستوى الضلال والتضليل!. والسبب بسيط يكمن في أن تلك العوامل في جوهريتها تبقى على الدوام بنت زمانها ومكانها "الزمكان". وأي خلع لها من زمكانها ربما قاد إلى سوء فهم ما وتشويش كبير، يكون في كثير من الأحيان مزمنchronic . وتلك عندي هي المعضلة التي تجعل من الحديث عن "الهوية" أمرآ في غاية الحساسية والتعقيد. مسألة "الزمكان": تلك هي أس الحكاية!.
هل أقول بشكل مباغت أن "العرق والدين والثقافة والتاريخ" أشياء لا قيمة لها أمام السؤال الرئيس وهو سؤال "العيش المشترك"؟. سأفعل!. وسؤال العيش المشترك المعني هو ذاته سؤال "الزمكان"!. وعبارة "العيش المشترك" فيما أريده لها هنا من سياق تكون شبه ترجمة حرفية للكلمة الهولندية Samenleving وتعني مجموعة من الناس الذين يعيشون في إطار نسق شبه مغلق بما يحتويه من كائنات أخرى حية وأشياء. هو شبكة من العلائق بين الناس في لحظة زمانية ومكانية معينة. وبحسب الوقائع المحددة يستطيع أن يتكون هذا النسق شبه المغلق من شخصين كحد أدني إلى عائلة مفردة إلى عائلة ممتدة فعشيرة فقبيلة وربما كان نقابة عمالية أو نادي رياضي أو طائفة دينية أو حزب سياسي. غير أن العيش المشترك عادة لا يقف عند هذا الحد بل يستطيع أن يتوسع بشكل مستمر ليكون مدينة فولاية ثم دولة بأكملها دون أن تفقد بقية المكونات الإبتدايئة خصوصيتها. وتؤشر عبارة "العيش المشترك" إلى أن الناس يستطيعون العيش في شبه نسق مغلق عبر الإتفاق فيما بينهم على مباديء محددة للتعامل السلمي فيما بينهم دون أن يعني بالضرورة أنهم يشبهون بعضهم البعض في كل شيء. وربما عني أنهم مختلفون ومتمايزون غاية الإختلاف والتمايز. لديهم على سبيل المثال خلفيات عرقية ودينية وثقافية وتاريخية وربما ظروف معائشية "إقتصادية" متباينة ومتمايزة (هويات مختلفة) لكنهم إمتلكوا الوسائل العملية الناجعة للعيش السلمي في "زمكان" واحد وفق نسق ما وذاك هو "العيش المشترك" Samenleving.
سأقول كلامآ ربما يبقى غريبآ عند البعض ويكون لأول وهلة لا قيمه له عند آخرين وفوق ذلك ربما أربك أو أغضب ثلة من الناس الذين أصبحوا على قناعة دوقمائية بمسلمات محددة. ولا أتمنى شيئآ من ذلك!.
كما هو واضح من العنوان أنني بدأت حديثي هذا بشكل لا يخلو من بعض الحدة اللفظية وكأنني غاضب من شيء ما!. لا شيء من ذلك في الحقيقة، غير أنني آخذ القضية على محمل الجد!. إذ أنني وضعت العنوان الجانبي لوجهة نظري هذي تحت عنوان "هزيمة المسلمات البائسة"!. قاصدآ بهذه المسلمات التصورات القائلة بكون السودان عربي أو عربي مسلم أو عربي أفريقي "هجنة" الغابة والصحراء وما يضاهيها أو ما يضادها في الحقيقة أو التصور من أحكام من قبيل أن السودان أفريقي خالص والسودانوية وإلى آخره من التصورات المحتملة لهوية ما جامعة وجعل ذلك شرطآ جوهريآ لإستقامة وسلامة الأشياء!.
الأمر عندي ليس كذلك كون الهوية الكلية ليست معطى جاهز يتم تصفيفه أو توصيفه بالمزاج أو عبر الافكار المجردة وحدها وإنما تقوم كشعور ينبني في المقام الأول على المصلحة المادية وحدها ( بقاء ومعاش وأمن ورفاهية الإنسان والجماعة) . إنه العيش المشترك في الزمكان. وهو مباديء وقيم ومثل محددة تتواطئ عليها الجماعة في لحظه زمكانية محددة بغض النظر عن خلفيات تلك الجماعة العرقية والدينية والثقافية والتاريخية. وإلا لا عيش مشترك!. أي لا هوية جامعة تكون ممكنة إلا قهرآ، وذاك أمر آخر!.
قبل حوالي عامين تقريبآ سعدت بحضور ندوة رائعة في لاهاي ناقش خلالها دكتور الباقر العفيف ورقته القيمة ("أ زمة الهوية في شمال السودان /متاهة قوم سود ذوو ثقافة بيضاء!!"). والورقة منشورة في عدة مواقع على الإنترنت بداية بموقع سودانيزأونلان.
وعنت لي خلال ذلك اللقاء فرصة صغيرة للتعليق قلت ضمن ما قلته عندها أن الحديث عن الهوية كمحور للأزمة السودانية هو عندي مجرد ترف فكري!. وبرغم ظني حتى هذه اللحظة في صدق تلك العبارة فإنني اعترف بأنها تتضمن قدرآ من القسوة ما كان علي فعله خصوصآ وأنا أكن للباقر العفيف إحترامآ خاصآ بالنظر إلى مساهماته الفكرية والعملية كباحث مجيد وإلى لطف طبعه كإنسان.
وأجي الآن على ذكر هذه الورقة لما لها من قيمة خاصة في محور الكتابة التي أقوم بها هنا حول سؤال الهوية كونها تمثل عندي تلخيص حاد في النظر إلى مسألة الهوية بتصويرها كأس للأزمة السودانية. أزمة السلام والتنمية والديمقراطية وحقوق الإنسان وقل حقوق الآخر " الإعتراف به كبشر في الحد الأدني" . وبالتالي فهي قضية زمنية ومادية ملموسة "موضوعية". قضية بريئة غاية البراءة من أهم محددات الهوية المتعارف عليها في : ("العرق والدين والثقافة والتاريخ")!. إنها قضية "الزمكان". كون تلك المحددات المفترضة للهوية عندها مقدرة أن تفيض كالنهر الجامح في أي لحظة فوق حدود الزمان والمكان. مما يجعلها في كثير من المرات تتفوق على منطق عقولنا ومعقوليتنا في زمكانهما!. فنضل!. وتكون تلك لحظة مواتية للحرب وهو ما يحدث في السودان.
وقال د. الباقر بروح الأفكار المتضمنة في ورقته تلك في ندوة أخرى في نيو جيرسي، الولايات المتحدة الأمريكية عام 2008 أختطف من ملخص الندوة المعنية المقاطع التالية في سبيل الإضاءة التي اسعى إليها: (يتصور دكتور الباقر العفيف خلال هذه الورقة القيمة ان السبب الرئيسي للفشل في تحقيق السلام يعود الى سؤال الهوية ؟ فالهوية جذر كل ازمات السودان .. والهوية الشمالية مهزومة , لاتعرف من هي وانسان الشمال يعيش اغتراب حقيقي , اذ يعيش في الواقع بهوية زائفة مغتربا عن حقيقته .
فبعد الاستقلال بدأت الحكومات تغيب الشعب عن الحرب في الجنوب , هذه الحرب التي يلاحظ عليها ان القوة القتالية الفعلية من هوامش السودان (قوام الجيش) بينما الغالبية العظمى من الضباط شماليين ؟؟ ولذلك كان القتلى الفعليين في الحرب من القوة القتالية (هوامش السودان) .. ولهذا السبب بالذات لم يسمع الشمالييون في شمال السودان بحقيقة ما يجري في حرب الجنوب ولم يعرفوا عن الحرب شيئا الا ما لحظوه من آثارها فقط من خلال الضباط والجنود القلائل , عندما يأتون الى الشمال ..او تعرفوا على اثار الحرب من خلال العمالة الجنوبية في البيوت الشمالية .. ويلاحظ ان احداث جسيمة حدثت في الحرب في الجنوب لم يسمع بها احد في الشمال مثل مجزرة بيت العرس في واو على عهد المحجوب التي راح ضحيتها نوارات وزعماء جنوبيين .. نلاحظ لاول مرة في تاريخ السودان الحديث تم الاعتراف بالخصائص الثقافية المختلفة للجنوب كان ذلك اثر مايو1969 خلال اعلان مارس , فكل الحكومات التي سبقت مايو لم تكن ترغب في الاعتراف بالجنوب على ما هو عليه بل كما تريده هي ان يكون .. ومن هنا مثل اعلان مارس خروج عن النص الاساسي – اذا جاز التعبير – فاتفاق اديس ابابا تم بناءه على خلفية هذا الاعلان . وهكذا مثل اعلان مارس واتفاق ابابا وضع غير طبيعي بالنسبة للثقافة المركزية في السودان , ولذلك تعاملت معه القوى السياسية على انه مرحلة مؤقتة وستزول وهو ما حدث بالفعل بالمصالحة الوطنية ..
والان بعد ان استولت الجبهة الاسلامية على السلطة انكشف الغطاء , فاغتربت الذات الى نهاياتها المنطقية .. هذه النهايات المنطقية اربكت الكثيرون , فتساءل الطيب صالح : من اين اتى هؤلاء .. ومن هنا ساحاول ان اجيب : من سؤال الهوية ؟..
وتعريفي للهوية يتمثل في معرفة الذات , لان على ذلك تتوقف معرفة العالم او العلاقة به ..ونلاحظ هنا ان الهوية الثقافية في شمال السودان اعلا من الهوية الوطنية – نحن عرب والاسلام منتج عربي - .. وايا كان الامر فالهوية الوطنية ادنى من الهوية الثقافية , فغير العرب تتم اعادة انتاجهم , وهذا يجعل الشمال يؤصل هيمنته .. لكن هؤلاء الذين تمت اعادة انتاجهم هم صورة شائهة لذاتنا .. الحل هو في معرفة الذات لانها المدخل لمعرفة كيفية التعامل مع الاخر ومع العالم ..
هنالك نظريات عديدة حول الهوية – هل نولد في داخلها وتشكلنا , وهل نستطيع تغييرها – اذ لا استطيع ان ادعي انني صيني عرقيا فملامحي وسماتي ستقول بغير ذلك ..وهكذا في شمال السودان قلنا اننا عرب وانتمينا للعروبة بصورة كاملة والان نجد ان في ذلك مشكلة فالثقافة تنطوي على نظام رمزي وهذا النظام يتناقض معنا , فعلى سبيل المثال عندما دافع محمد الهاشمي الغامدي في( الاتجاه المعاكس بقناة الجزيرة) عن السودان عاد وقال لفيصل القاسم (على فكرة انا لست سوداني) فرد عليه القاسمى : (ما هو باين ؟).. المهم رغم ان قسماتنا ولوننا يؤكدان اننا لسنا عرب بالمعنى الاثني , الا اننا اخذنا كل النظام الرمزي للعرب _ اعني شمال السودان – وهذا النظام ينبثق من الذات الجماعية للعرب .. وانا هنا اتحدث عن ثقافات بيضاء واخرى غير بيضاء , فالثقافة العربية مليئة بالاحتقار للون غير الابيض فالاسود رمز لكل سؤ عكس الابيض رمز الخير والجمال . ولذلك عندما اتبنى كاسود النظام الدلالي الابيض في هذه الحالة انا احتقر ذاتي , والشاهد في الامر اننا كسودانيين شماليين ننظر الى العالم بعيون عربية , وبالتالي نحن موجودين كموضوع في هذه الثقافة العربية ولسنا موجودون كذات فاعلة .
المؤسسة الحاكمة في شمال السودان قامت بشيئين خطيرين : اولا جعلت تاريخ السودان يبدا بدخول العرب السودان _ هجرات ما قبل الاسلام وما بعده – كانه لم تكن هناك حضارات سودانية غير عربية قبل دخول العرب . اذ نلاحظ ان العرب اثر اتفاقية البقط لحوالي 700 سنة لم يتمكنوا من غزو السودان والاتفاقية نفسها اكدت انهم – عابرين غير مقيمين – كما ان الاتفاقية نصت على ان يقوم النوبة بتنظيف المسجد واسراجه و يؤكد ذلك عدم وجود عرب لتنظيفه واسراجه في منطقة النوبة , اذ كانوا يجيئون عابرين في قوافلهم ويجدونه نظيفا فيصلون فيه . ولم يتكثف الوجود العربي في السودان الا في القرن الرابع عشر اي بعد ان ضغط المماليك على العرب في مصر فهرب هؤلاء ولجأوا الى السودان , ونلاحظ انه لاكثر من قرن بعد ذلك لم يقم العرب على النيل لان الدولة النوبية كانت تردهم الى ان تغير ميزان القوى لصالح المجموعات العربية ومن هنا تم قطع تام للتاريخ النوبي القديم .. ومن المفارقات ان اهلنا في منطقة الرباطاب اكتشف احدهم مقبرة في مزرعته بالصدفة , وكانت تشتمل على رسومات شبيهة في ملامحها بالرباطاب المعاصرين , لكنهم كانوا ينظرون الى هذه الرسومات كانها لاشخاص لاصلة لهم بهم.. غرباء تماما على الرغم من ان هذه الرسومات لاسلافهم في واقع الامر ؟..
وهذا الموقف للرباطاب بمثابة تعبير عن فاعلية العمل المنهجي للحكومات السودانية في ان لا يكون التاريخ النوبي جزء من الوجدان الشمالي ..فقد ادرنا ظهرنا لافريقيا وتطلعنا للعرب , بل ان نظامنا التعليمي مركزيته هو الذات الشمالية . وفي واقع الامر نحن على هامش المركز العربي , ولذلك همشنا اجزاء السودان الطرفية وصنعنا من انفسنا مركزا لها .. المنهج التعليمي في السودان انتج نوعين من البشر : نوع مبعد من ثقافته المحلية كما اشار من قبل دكتور شريف حرير(الهامش) . ونوع هو الشماليين(المركز).. وهنا أرغب في ان اختم بان مشكلة السودان ليست مشكلة تنمية فحسب كما يعتقد البعض فهي مشكلة ثقافية بالدرجة الاولى).
تلك هي بعض قناعات د. الباقر العفيف في وقت ما وللآخرين بالطبع بدورهم مساهماتهم منذ الإشارات والمرموزات المتضمنة في طبقات ود ضيف الله مرورآ بتصورات الإمام المهدي وخليفته عبد الله التعايشي ثم أشعار خليل فرح وثورة اللواء الأبيض ومساجلات الأفندية في منتصف القرن العشرين فمدرسة الغابة والصحراء وصولآ إلى تصورات شتيتة لا حدود لها ومساهمات كثيرة وغزيرة من قبيل فكرة د. جون قرانق عن سودان جديد و رؤية الأستاذ محمود محمد طه عن وعي ديني وإنساني وأخلاقي أكثر تسامحآ وما تلى أو لازم كل ذلك من أفكار عديدة لا حدود لها حول مسألة "الهوية" وما يلازمها بالضرورة من إشكاليات من قبيل آراء د. عبد الله بولا في شجرة نسب الغول عن قوم أكثر عدلآ وسلامآ و د. عبد الله على إبراهيم عن جماعة أقل جزافية وأكثر إعتدالآ ود. حسن عبد الله الترابي عن أمة أكثر أصالة وأستاذ أبكر آدم إسماعيل عن قوم أكثر وعيآ بجذورهم الحقيقية وهو ذاته رأي د. الباقر العفيف ثم يأتي د. حسن موسى ليؤشر بقلق دؤوب إلى واقع محتمل هو أكثر عدلآ وجمالآ وواقعية. وهناك بالطبع المزيد. سآتي على كل ذلك في حينه. غير أنني أود الآن أن أشد كل إنتباهي نحو كلام د. الباقر العفيف للأسباب التي قلت بها آنفآ وفي سبيل مسعاي القائل بضئالة قيمة "العرق والدين والثقافة والتاريخ" وما يسمى بالهوية في حد ذاتها أمام القضية الجوهرية وهي قضية "العيش المشترك" قضة "الزمكان" وهي مسألة قانونية "دستورية" وعملية "مادية" في المقام الأول. أي الهوية في شكلها النهائي- الكلي الواعي والموضوعي "العقد الإجتماعي" أي الدولة. ذاك عندي هو المحك!.
يتواصل 2-5
محمد جمال الدين
| |
|
|
|
|
|
|
Re: كلام في التغيير الإجتماعي الشامل والهوية والمجتمع المدني والدولة (Re: محمد جمال الدين)
|
في سبيل الإجابة على سؤال الهوية (2-5)
وجهة نظر في مساهمة د. الباقر العفيف
أليس من حقي أن أكون " أسود" ذو ثقافة بيضاء!؟. وهو سؤال برغم حدته جائز. والإجابة من عندي: نعم. وظني أن هذا حق مشروع. نعم من حقي!. وبلا شك. "شنو المانع القانوني" أن أكون أسود ذو ثقافة بيضاء؟. ويتضمن بالطبع حق الأبيض في أن يكون ذو ثقافة سوداء. ولما لا!؟. مش الناس أحرار.
واضح عندي أن المسألة الجوهرية تكون: دستورية وقانونية وليست "هوية"!. لأنك لا تستطيع ولا يجب ومن غير المنطقي أن تحدد لي "هويتي" الذاتية لكنك تستطيع بالطبع كسلطة قانونية كدولة (أو في فضاء آخر، مثقف "ثائر" أو من كنت) أن تقول أو تحدد لي حدود تصرفاتي تجاه الآخرين "عدالة" قانون دون أن تقول لي تخلى عن جسدك أو دينك أو ثقافتك أو ما تقول به من تاريخ لنفسك أو ما تدعيه من لون لبشرتك "هويتك الذاتية". هذا ليس من شأنك بل هو شأن الفرد وحده وبالأحرى هو شأن الآخر على إطلاقه. أنت لا يجب أن تقيم محاكم تفتيش!. علينا أن نتحدث فقط عن العدالة والقانون. هو ذاك إعتقادي.
أليس من حق الباقر العفيف أن يقول ما قال؟. طبعآ من حقه!. ذاك هو رأيه. إنها رؤيته الذاتية الخاصة للعيش المشترك. في أي دولة محترمة يكون للرأي حرمته. وللناس أن تقبل أو ترفض رؤية الباقر. فالمسألة مسألة حقوق في المقام الأول. غير أن ليس من حق الباقر إذا ما أمتلك القوة المادية أن يجبر الرباطاب على التخلي عن فكرتهم في النظر إلى أنفسهم كعرب والإندماج في أصلهم النوبي الذي تمخضت عنه الأبحاث الآركلوجية الجديدة التي قال بها. وهو أمر جائز. فمن غير المستبعد أن تكون قبائل الشايقية والجعليين والرباطاب برابرة، أي نوبيين شماليين كما ذكر الرحال غيليود الذي زار مملكة الفونج عام 1523 كما تفضل د. الباقر. لكنه بحال من الأحوال عندي أن ذاك الكشف الجديد إن صح عبر الفحص الجيني لن يجعل الجعليين أو الشايقية أو الرباطاب يتراجعون عن مزاعمهم بكونهم عرب.
وحتى لو حدثت معجزة وفعلوا فأنا لا أتوقع أن يقبلهم النوبيون الأصيلون كجزء منهم لا يتجزأ بل أتوقع أن يسمونهم "القوم المتنببة" على وزن العرب المستعربة ويبقون على الهامش متخلين عن مركزيتهم إختياريآ!. هذا لن يحدث عند أي إعمال للحسابات المنطقية. والسبب بسيط وهو أن إدعاء المجموعات المذكورة للعروبة لا بد أنه أنبنى على حسابات عملية ومصالح مادية ومعنوية ثم أصبح ذاك الإدعاء عبر القرون جزءآ أصيلآ من قيم وتاريخ وثقافة الجماعة يتحدد على أساسه إحساسهم بذاتهم الجمعية كما بنفس القدر تتحدد على أساسه تصورات الآخرين لهم. والأمر عندي أكثر تعقيدآ من هذا. فإبراهيم بن جعل الذي تتحدر منه هذه المجموعات الجعلية في الحقيقة أو الخيال هو ذاته ليس عربيآ أصيلآ وإنما من العرب المستعربة وليس العاربة.
فمحمد النبي العربي العدناني هو حفيد إسماعيل بن إبراهيم كما تقول جل المصادر الممكنة وإسماعيل في حد ذاته هو إبن هاجر وهو طبعآ أبو العرب المستعربة وهو في نفس الوقت أخو إسحاق بن سارة وهو جد اليهود. بينما يكون عرب اليمن هم وحدهم العرب "العاربة". هم وحدهم العرب "الجد". ألا يعني هذا شيئآ ما!. ويقول بعض الناس مزاحآ أن بنجامين ناتنياهو أصله شايقي. غير أنه بحسب المصادر والوثائق الإسلامية والعربية فإن اليهود والعرب المستعربة شيئآ واحدآ وبالتالي فإن صح زعم بني جعل بإنتمائهم لإبراهيم بن جعل يكون ناتنياهو اليهودي ليس بعيدآ من الشوايقة من حيث الدم أو الخصال "تمشيآ مع القفشة الشعبية" وليس ذاك فحسب بل أيضآ المنطق!.
ونستطيع أن نتصور أن عرب مصر أصلهم فراعنة وعرب العراق أصلهم أشوريون وأكراد وسومريون وعرب ليبيا أصلهم ليبيون وعرب الجزائر وتونس والمغرب أصلهم برابرة وبالمثل تستطيع أن تقول عرب السودان أصلهم نوبيون. عرب سود، حمر أو بيض لا يهم. هم عرب وبغض النظر عن رأي العرب في الجزيرة العربية بهم ولا يهم رأي الآخرين من كانوا ولن تثنيهم عن تصوراتهم لذاتهم الأبحاث العلمية والآركولوجية التي تقول لهم أنتم لستم عربآ. هم عرب وكفى!. لقد قرروا لأنفسهم أن يكونوا عربآ منذ عدة قرون. فأصبحوا عرب. وأنتهى الأمر!.
وعند هذا المنحنى يطيب لي أن أروي قصة أحد قريباتي مع المطوع السعودي. حكاية صغيرة "حقيقية" في منتهى الشطط. حدث أن خالتي أم سلمى "جعلية" سمراء داكنة ذهبت إلى الحج في نهاية تسعينات القرن الماضي حوالي عام 1989 فصادفها في أحد شوارع مدينة جدة مطوع سعودي ناصع البياض يلبس عقال ويحمل سوطآ بينما هي حاسرة الرأس فقال لها زاجرآ غطي راسك يا حرمة "يا إمرأة" ورفع سوطه ليضربها فردت عليه "أنا الرجال الجد أبان عمم الجعليين "العرب" الجد ما بغطي ليهم راسي خليك انت أب طريحة دا" (الطريحة إشارة للعقال) تهكمآ وكونه عندها ناقص الرجولة وربما العروبة عن الجعليين أهلها العرب الجد. مش لعب!. وتستطيع أن تقول بلغة أخرى العرب "النوبية" مش القحطانية "اليمانية" والسعودية أبان طرح ديل. عرب ممزوجة بدم الزنوج الحارة!. القصة ليست مزاح!. ففي مخيالها يكون مركز العرب "الجد" هو السودان. ولما لا!.
وجالت وصالت في أرض الحجاز. أرض جدودها الأوائل دون أن تغطي رأسها مثل ما فعلت من قبل جدتها هند بنت عتبة. ورؤية خالتي وهي إمرأة بسيطة طاعنة في السن وغير متعلمة بالمعنى الأكاديمي للكلمة بما فيها من شطط وعنصرية وتمييز مرفوض لا تخلو من حكمة ما في دروب "الهوية" كما قد تؤشر إلى أن المركزية العرقية وتستطيع ان تقول أيضآ الحضارية أمر غير موضوعي في كل الأوقات وإنما يكفي أن يكون شعورآ ذاتيآ محضآ للفرد أو الجماعة المحددة، ليس إلا!. عندي أن ورقة د. الباقر العفيف تتحدث عن ثلاثة مستويات رئيسية هي ذاتها المستويات الممكنة لهوية ما، كما سأوضح في مساهمتي المقبلة.
1- الهوية العرقية (ما أسميه أنا بالقيمية أو أحد الهويات القيمية) 2- الهوية الرؤيوية "الآيدولوجيا" و 3- الزمكانية "الوطن" الدولة. المستوى الأول للهوية عندي هو أس الهويات "الهوية القيمية" وهي هوية لا تقبل القسمة على إثنين، ليست محلآ للنقاش. بل غير مطلوب عندي. خطأ!. فمثلآ من غير المحتمل أن تقنع رجلآ أصيلآ من قبيلة الدينكا بأنه ليس دينكاوي لأن هناك بحثآ أركلوجيآ وجد أن قبيلة الدينكا أصلها في قبيلة الماساي في كينيا. أتصور أن كلما سيفعله ذاك الرجل هو أنه سيضحك ملأ شدقيه ويعتبرك مجرد رجل كثير المزاح. ولن يهمه ابدآ جميع أبحاث الكرة الأرضية التي تحدثه عن تلك الحقيقة. ولو حدثت معجزة وقنع ذاك الرجل بكونه ماساي فمن المحتمل أن لا يقبله الماساي (معضلة جديدة) ولو حدثت معجزة وقبلوه سيكون "دينكا ماساي" لن يكون أبدآ ماساي حقيقي في نظرهم.
فإذا ما تصورنا أن أحد الرجال من أولي الحكمة تصادف أن مر بثلاثة رجال يتشاجرون فوق قطعة أرض كل يود حيازتها بالكامل وهم دينكاوي وجعلى ومحسي. أعتقد أن ذاك الرجل سيكون كل إنتباهه مشدودآ إلى قطعة الأرض لا إلى خلفيات الرجال القبلية. سيفكر في حل. فكرة ما يستطيع أن يقبلها الرجال الثلاثة (يقتنعون بها) على أساسها ربما رضيوا بتقسيم قطعة الأرض بينهم بالتساوي أو تركوها بالكامل لأحدهم وزيادة على ذاك ربما تخلق تصور ما في الوعي الجمعي بالعيش السلمي المشترك عبر الفكرة المجردة بحكم الضرورة: رؤية كلية، على أساسها يستطيع الرجالة الثلاثة العيش في سلام وهم متجاورون دون أن يقتل أحدها الآخر أو يعتدي على ممتلكاته أو حقوقه المادية أو المعنوية أيآ كانت.
عند هذا التصور المبسط نلمح رؤية ذاتية للعيش المشترك ثم رؤية كلية للعيش المشترك. ودون أن تمس خلفيات الناس القيمية. دينكا جعليون ومحس يستطعون العيش في سلام. ثلاث هويات قيمية وثلاث هويات رؤيوية محتملة وهوية واحدة زمكانية. وعيش في سلام. لكن عندما تختل هذه المعادلة ويعتدي أحدهم على الآخر تسقط الرؤية الذاتية للعيش المشترك وتهتز الرؤية الكلية وعندها ربما طالب الدينكاوي بفرز عيشه عندما وجد أن الجعلى والمحسي إتفقا عليه وسلبا حقوقه. وهذا الإختلال يمكن أن يصدر من أيهما بتساوي نسبة الإحتمال المئوية. ما أود قوله أن المسأله ليست لها علاقة عضوية ومباشرة بالهوية القيمية "الخلفية العرقية والقبلية" ولا بالهوية في إطلاقها وإنما بالحقوق. لن يهمني من أنت وما هو عرقك أو قبيلتك ما دمت تحترم حقوقي في العيش المشترك.
وورقة الباقر عندي هي رؤية ذاتية للعيش المشترك أي آيدولوجيا. آيدولوجيا قاسية!. رؤية ذاتية تطالب البعض منا بالتخلي عن هويته القيمية لمصلحة العيش السلمي المشترك وهذا المطالب بالتخلي عن هويته القيمية هو "العربي" هذه المرة. عليه أن يقنع بكونه أفريقي وأسود ويراجع غسيل الدماغ الذي يعاني منه ويتخلي عن الثقافة البيضاء البغيضة التي عشعشت في رأسه كل هذه القرون بحسب كلام الباقر!. نستطيع أن نلمح بوضوح نبرة الإقصاء المضاد. فناء معنوي يعتمل الفناء المادي لآخر ما!. وذاك لسبب محدد طبعآ. سببان في الحقيقة كما لاحظت من قراءتي لورقة الباقر. الأول هو "الهوية!". إستعادة هويتنا الأفريقية "النوبية" الضائعة أو المستلبة مما يؤدي أو يسهم في السلام والتنمية والتقدم والإستقرار للسودان. والسبب الآخر هو أن هناك أدلة ظرفية وتاريخية وأركولوجية وشهود من الرحالة تقول بأن الجماعات العربية الرئيسية في السودان ليست عربية في الأصل و الحقيقة وإنما هم مجرد نوبيين "برابرة" إدعوا شيئآ عبر القرون ليس من حقهم وهو العروبة!. هناك زيف!. وتصادف أن تكون تلك الجماعات أو بعضها أو صفوة منها تشكل المركز السياسي والهويوي لسودان اليوم. في الحقيقة لعدة قرون. ذاك بحسب قراءتي لدكتور الباقر.
هل هذه الأسباب معقولة؟. الإجابة العاجلة من عندي: لا. ولا بلا شك!.
واضح انني أود أن اقول شيئآ مختلفآ عمما يقوله د. الباقر أي أنني على رؤية مختلفة ولو أنني أتفق في الكثير مع الورقة محل النظر هنا. وإتفاقي يقوم على أن هناك أزمة دولة في السودان وأزمة مجتمع وهناك إضطهاد لجماعات بعينها عبر تاريخ طويل وتصادف أن تكون هذه الجماعات في الغالب الأعم من غير "العرب" وربما من غير "المسلمين" وكي أتسق مع رؤية د. الباقر أستطيع أن أقول أن تلك الجماعات المضطهدة، مهضومة الحقوق بشكل واسع تكون من غير المدعين بإصول عربية.
فأنا أتفق مع ورقة الباقر بشكل كلي في أن هناك مشكلة ولو أنني أختلف معه في بعض تفاصيل توصيفه لتلك المشكلة. هناك مشكلة كبيرة مزمنة في السودان معروفة للقاصي والداني. ولا بد للناس في مثل هذه الحالة أن تفكر في الحلول. ود. الباقر أجتهد وقدم رؤيته في ورقته المعنية للحل ورأي أن جذر المشكلة يكمن في "الهوية". أنا هنا عندي وجهة نظر مختلفة تتمحور حول سؤال الحل بشكل مجمل لا المشكلة وهي سبب كل هذه الكتابة وتتلخص في أنني أعتبر موضوع الهوية ليس جزءآ من الحل لأن الهوية لا تصنع عبر الرؤى والأفكار المجردة وأي حديث عن الهوية في إطلاقها بإعتباره الحل لا بد أن يعتمل الإقصاء والإقصاء المضاد وهذا بالضبط ما فعله الباقر.
ولنا أن نلاحظ أن ورقة د. الباقر المعنية تتحدث فقط عن إدعاء الجماعات الجعلية في السودان للعروبة من قبيل الجعليين والشايقية والرباطاب دون أن تتطرق للجماعات المصنفة عربية جهينية من قبيل البقارة في غرب السودان والشكرية في شرقه! وهي القبائل التي تنتسب في الحقيقة أو التصور إلى جهينة من حمير الذي ينتهي نسبه إلي قحطان جد العرب العاربة في جنوب الجزيرة العربية ( اليمن) مش المستعربة كمان!.
كما نستطيع أن نلاحظ أن الورقة محل النظر تتحدث بتركيز شديد عن جنس آري "سوداني" هم النوبيون دون خلق الله في السودان "هناك شوفينية ما". وهذا هو دليلي "مقطع من الورقة المعنية": (السودان الشمالي الحالي هو موطن الثقافة النوبية التي ازدهرت لعدة آلاف من السنين قبل مولد المسيح، وهو موطن الممالك النوبية العظمى. وتقف الأهرامات حتى الآن في أرض النوبة، شاهدة علي عظمة الأمة النوبية. وفي القرن الثامن قبل الميلاد قامت المملكة النوبية باحتلال كل أرض مصر وفرضت سلطانها علي وادي النيل . وكانت مملكة النوبة لاعباً أساسيا في المسرح العالمي في العالم القديم، و أقامت الصلات مع عدة حضارات. وكما أوضح لويدس بنغاي "للسودان الشمالي حضارة قديمة مزدهرة، سابقة لحضارة مصر الفرعونية ولمجيء الإسلام. وكانت النوبة ذات علاقة مع كل حضارة ظهرت في مصر .. الإغريق .. الرومان .. العرب .. الأتراك والبريطانيين" .).
ويتضح أكثر ما أدعيه من شوفينية في المقطع أعلاه بالإحالة إلي السياق العام للورقة كونها تقول بأن أصل السودان الشمالي "نوبي" وعلى وجه الإطلاق وهي بلا شك شوفينية مضادة لشوفينية بغيضة سائدة تحدث عنها الكاتب كثيرآ غير أن الخطأ لا يبرر الخطأ. طبعآ مع كل الفخر والإعزاز بالحضارة النوبية في زمانها ومكانها غير أن ذلك لا يعطي أحدآ الحق في إلغاء مكونات الحاضر بحجة عظمة الماضي. ولا أحد يقبل بأن هناك عرق خير من آخر أو قبيلة خير من أخرى لمجرد إنجاز حضاري مهيب!. أليس هذا يعتمل قدرآ من التمييز يتعارض مع مواثيق جنيفا لحقوق الإنسان على سبيل المثال. وهو ذاته الشيء المرفوض عند الباقر من الجانب الآخر أعني ما فعله ويفعله العروبيون كونهم ساقوا ويسوقون الناس في الرسمي وبجميع الوسائل المشروعة وغير المشروعة نحو هوية عرقية ودينية وتاريخية محددة هي هويتهم هم وحدهم كثروا أو قلوا. وهو ما أدي بالبلاد إلى التدهور الإقتصادي والإجتماعي وإلى التفتت المحتمل. تلك تجربة وجب الإستفادة منها.
من "نحن"؟. هذا سؤال غير ذي جدوى وغير مهم البتة، السؤال المهم كيف نعيش في سلام؟. والإجابة على هذا السؤال تحتمل أن نكون "نحن" بلا تاريخ وبلا حضارة وبلا هوية وبعد نستطيع أن نصنع دولة عظيمة.
عندي أن المشكلة قانونية ودستورية. قضية عيش مشترك. مشكلة حقوق لن يحلها الإحساس ب "الهوية" الواحدة من قبيل قناعتنا جميعآ بكوننا أفارقة سود أو سمر أو نوبيين أو سودانيين أو عرب مسلمين وقل ما تشاء. وضربت المثال بالصومال بحيث لم تجديها هويتها الواحدة من أن تكون مثال الدنيا كلها في سوء المآل ومعروف أن الصوماليين مئة بالمئة عرقية واحدة "أفارقة" لا إدعاء لهم غير ذلك (لا جماعة ذات بال تقول بأنها عرب في الصومال أو هنود على سبيل المثال) والناس مئة بالمئة مسلمين ويتحدثون لغة واحدة وتجمعهم أشكال لا حدود لها من أواصر التاريخ الواحد ومرموزاته كجماعة عريضة من الناس تعيش فوق قطعة أرض وعندهم حضارة "بنت" حضارة عظيمة تضاهي حضارة النوبة والفراعنة. غير أن كل ذلك لم يجدي فتيلآ!. ومثال آخر أثيوبيا هي أشبه بحال الصومال من حيث الدين إذ معظم الشعب الاثيوبي مسيحي وكل الشعب الأثيوبي أفريقي لا يقول بغير ذلك (لا يوجد شخص واحد يقول بإدعاء عربي) ولكن حال أثيوبيا ليس بأفضل من حال السودان كثيرآ. والأمثلة لا حصر لها وخذ أمثلة رواندا وبروندي وأسطع مثال ربما تفوق على جميع الأمثلة السابقة هو "الكنغو" وبؤس أهلها من حرب إلى حرب. في الإتجاه الآخر نجد دول تنعم بتنوع عرقي وديني وتاريخي كبير ويبدو أن لا هوية واحدة مشتركة تجمع سكانها لكنها تنعم بإستقرار كبير وسلام وتنمية وديمقراطية مثل الهند وماليزيا وجنوب أفريقيا وكندا.
فالمسألة عندي كما أسلفت دستورية وقانونية، مسألة حقوق وعيش سلمي مشترك لا غير ذلك . وتلك معضلة يستطيع الناس أن يجدوا لها حلآ دون التضحية بهويات بعضهم البعض أو الغوص الرومانسي في التاريخ البعيد وهو أمر إن حدث أي أن الناس لو وجدوا حلآ للهوية لن تكون هي الحل التلقائي لمشكلة الدستور والقانون "العقد الإجتماعي". تلك هي قضية أخرى وتلك هي القضية الأساسية لا الهوية.
بل عندي رأي أشد قسوة عند هذه النقطة وهو أن أي حديث عن هوية واحدة كحل هو دعوة صريحة للحرب أو وقود إضافي للحروب القائمة. كيف؟. لأنك عندها وفي ظل التنوع العرقي والديني والثقافي والإجتماعي في السودان تطالب الناس ب compromises تمس جوهر وجودهم في الحياة كجماعة الشيء الذي قد لا يطيقونه وهو ما حدث في جنوب السودان كمثال للسياسة التي أتبعتها الصفوة السياسية في الشمال عبر الحقب الماضية وهو الشيء الذي تحدث عنه الباقر بإستفاضة. وجاء جون قارنق محاربآ تلك السياسة لكنه دون أن يقول أن للسودان هوية واحدة وإنما قال سودان جديد ينبني على أسس جديدة. عقد إجتماعي جديد. دستور يحترم حقوق الجميع في أن يكونوا ما يشائون. أفريقي، عربي، مسلم، مسيحي، وثني، نوبي، جعلي، فوراوي هدندوي بدون لا يهم كلو تمام. ذاك هو الفهم عندي. أي دستور يحترم هويات الجميع وحقوقهم المادية والمعنوية. ذاك هو الحل وحده لا غيره وسيبقى على الدوام هو الحل طال الزمن أم قصر.
هل أقول أنا أن مسألة الهوية غير مهمة من حيث المبدأ؟. طبعآ لا!. "الهوية" مهمة جدآ للفرد وللجماعة. ولو أن تلك الأهمية يحددها الفرد بنفسه لنفسه!. بل أنا أقول كلامآ مختلفآ جدآ عن د. الباقر من حيث أنني أعتبر الهوية مجرد "حق" شرعي مثلها ومثل " الرغيف" بينما يعتبرها د. الباقر كمثال "دين" كإعتقاد تتأسس على أساسه الحقوق ولهذا رأى الباقر أن: (ان السبب الرئيسي للفشل في تحقيق السلام يعود الى سؤال الهوية ؟ فالهوية جذر كل ازمات السودان) كما يقول.
والأمر عندي ليس كذلك. المشكلة في "الحقوق" إنتهاك الحقوق. فالإنسان من حقه أن يجد طعامه وملبسه ومسكنه وعلاجه وتعليمه. وتلك هي الضرورات الحتمية. ثم من حقه أن يعتقد فيما يشاء ويعبد ما شاء ويفكر بما شاء ويلبس ما شاء ويتحدث بما شاء ويعمل ما أراد وفق القانون وبما لا يتعارض مع حريات الآخرين. ويتجمع ويتفرق ويتظاهر ويكتب ويغني ويرقص كما شاء. ودا حد معقول من الحقوق. ففي هولندا على سبيل المثال زيادة على ذلك فمن حق الإنسان أن يبتاع الحشيش "بنقو" من البقالة ومن حق الرجل أن يتزوج الرجل الآخر كما هو حق المرأة وأكثر من ذلك من حق الإنسان أن ينهي حياته في أي لحظة شعر فيها بأنه يتألم أكثر من اللازم وكل ذلك وفق القانون. إنها مسألة حقوق.
وعندي أن الهوية حق مثلها ومثل بقية الحقوق. حق أساسي. لكنها ليست أكثر من ذلك. من حق كل إنسان أن يمتلك هويته ويفعل بها ما شاء، يخلعها ، يبدلها ، يلغيها نهائيآ يبقى بدون هوية ذاك شأن الفرد وحده ليس شأني أنا ولا الباقر ولا الآخرين وبالطبع ليس من شأن الدولة في شيء.
وبهذا المعنى فإن "الهوية" التي يريدها الباقر حلآ للأزمة آراها أنا تقوم في مقام المقدس المتعالي والمنزه مما يجعلها رؤية جامدة تتعارض مع حقوق الآخرين في إمتلاك هوياتهم التي قد يختارونها لأنفسهم أو وجدوا آبائهم عليها. هوية الباقر التي يريدها لنا كحل للأزمة هي ذاتها المشكلة لا الحل!. وتلك هي النقطة موضع النظر في ورقة د. الباقر القيمة من حيث كونها تتقدم بنا خطوة لنرى المشكلة من زوايا مختلفة وجديدة.
وبهذا القدر أنهي تعليقي على رؤية د. الباقر "أزمة الهوية في شمال السودان: متاهة قوم سود...ذوو ثقافة بيضاء". متمنيآ أن أكون قد قلت شيئآ مفيدآ فيما يتعلق بشأن "الهوية" لدى هذي الرؤية . وربما أناقش بعدها أراء أخرى في ذات السياق وفي أثنائه سأقول بتعريفي الخاص للهوية ومكانها من المجتمع والدولة كما مكانها من الأزمة!.
يتواصل... 3-5
محمد جمال الدين
| |
|
|
|
|
|
|
Re: كلام في التغيير الإجتماعي الشامل والهوية والمجتمع المدني والدولة (Re: محمد جمال الدين)
|
أولاً مرحباً بقلم هطول علي وديان المنبر المعرفية وأحسبك إضافة تشجع التفكير لا سيما العقلاني والنقدي منه في باحات المثاقفة الإسفيرية ما كتبته أخي محمد يعبر عن معرفة عميقة متشعبة بمفاصل وتفاصيل قضية المجتمع المدني كإحدي الظواهر التي بدات تبرز علي رحي العولمة في ساحاتنا الثقافية أحياناً عبر تجل سياسي في مجابهة الدولة وإن كانت الدولة تسمي أحد دواليبها بالخدمة المدنية..وكون الدولة فينا إفراز حداثي ما بعد سايكس بيكو 1916عبر مماهاة تاريخنا في تاريخ غربي غريب في مساراته وثوراته وقيمه عن تاريخنا ومساراتنا وقيمنامما خلق منتجات صحية في الغرب ورديفة لها سقيمة هيلناومنها المجتمع المدني بسياقاته الريفية الأقرب لتاريخ ما قبل الحداثة فينا وقيم السودان الريفي والمدينية الأقرب للغربية..كتبت كتابات عدة في ظاهرة إن لم تكن هي حديثة إلا أن التنظير لها حديث ومهم تناوله فلسفياً ونقدياً خاصة كتابات حيدر إبراهيم ونحن في ضحي حالات ثورية تترسم خطي التاريخ الغربي وتستهدي بالجمهور المدني المديني وعصبه الحي من الشباب والطلاب في مجابهة السلطة التي خرجت بالدولة من مفهوم المواطنة لمفهوم الفتح الديني علي قاعدة اللاتسامح . سأعود مستقبلاً للإستفادة والحوار.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: كلام في التغيير الإجتماعي الشامل والهوية والمجتمع المدني والدولة (Re: محمد جمال الدين)
|
العزيز صلاح عباس فقير مرحب بيك وشكرآ ليك كتير... ولا يهمك متى ما تجد الوقت المناسب اقرأ... مثل هذا الحوار الذي نأمل كثيرآ ما يحتاج بعض الصبر وقبله الوقت... نعلم... وكلي تفهم كوني أنا ذاتي كثيرآ ما أعاني من زحمة الدنيا والمعايش... ولكن هو شعورنا بالواجب... أظنه!... أملنا في عمل أو/و قول شيء ما مفيد ليس إلا... ونحن في أتون الأزمة التي وجدنا أنفسنا في أحشائها!.
لك المحبة...
محمد جمال
| |
|
|
|
|
|
|
Re: كلام في التغيير الإجتماعي الشامل والهوية والمجتمع المدني والدولة (Re: محمد جمال الدين)
|
شكراً أخى محمد جمال علي هذه الرؤي العميقة، و التى تعودناها منك دائما، في طرح قضايا التغيير الأجتماعى، و أجد انه كلام كامل الدسم في فتح مسارات النقاش حول ماهية التغيير المنشود، و يخمل رؤي متزنة تطرق إشكاليات الهوية السودانية و قضايا المجتمع المدنى. ما نحتاجه حقيقة هذا الجو المتفاعل من الفكر الحرّ العقلانى، الذى ترفد به المنبر من وقت لآخر، حتى نستطيع أن نجنى جميعاً ثمار هذا الكلام، و الاستفادة منه فى توجيه دفة التغيير نحو الأفضل في وطننا السودان.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: كلام في التغيير الإجتماعي الشامل والهوية والمجتمع المدني والدولة (Re: سعد مدني)
|
مدني (كلمة ساحرة)... أليس كذلك؟.
طبعآ يا سعد مدني أستطيع أن أتصور أنك لم تفكر كثيرآ في معني إسم أسرتك الكريمة ... أنا بدوري لم أنشغل يومآ أبدآ بمعني إسم أسرتي "الفقيه فضل الله" على سبيل المثال تلك من البدهيات في حياتنا وربما حياة غيرنا!. غير أن تصادف أن إسم أسرتك "مدني" يتكون من ذات الحروف المضنية في " كلمة مجتمع مدني" وذاك هو الأمر إضافة إلى أنك رجل يهتم!.
أنظر معي للحظة "أدناه" حينما حاولت قبل حوالي سنتين ماضيتين تعديد وحصر الإستخدامات الممكنة للكلمة الساحرة "مدني" في حياتنا اليومية في السودان : ***
Quote: نرجع من جديد إلى تقصي "مدني":
-مدني "إسم شخص"
-ود مدني "اسم مدينة"
- مدني "غير عسكري"
-مدني "غير حكومي"
- مدني "من سكان المدينة"
- مدينة "حضر"
- مدنية "حضارة"
-العصيان المدني
-الجهاد المدني
-القضاء المدني
-التعليم المدني
- قانون الاحوال الشخصية والمدنية
-دعوى تعويض مدني
-الدولة المدنية
-دخول المدنية الى السودان
- الخدمة المدنية، و
-المجتمع المدني
و ربما تكون هناك المزيد من أوجه وطرق الإستخدام للكلمة "مدني". وسيكون جميلا لو نستطع حصرها جميعا. ولكوني أحاول هنا في المقام الأول تقصي الكلمة من مدخل إطروحتي : المجتمع المدني. سأكتفي من جانبي بهذا القدر من "مدني".
وكما اسلفت صراحة أو ضمنآ فانني انحو "عمدا" الى التكرار، هادفآ الى توصيل فكرتي بأقصى ما أستطيع من مقدرة على البيان!.
على كل، فكلمة "مدني" كلمة لطيفة وبريئة ولا مشكله في أصلها اللغوي ولا في الإستعانة بها في توصيل أفكارنا ومشاعرنا في حياتنا اليومية، وهي فوق ذلك كلمة ذات رنين محبب وسهلة النطق بالإضافة الى مرجعيتها المقدسة عند المؤمنين. غير ان هذه الكلمة السهلة البسيطة المركبة من أربع أحرف لا غير تصاب برهق عظيم حين وضعها في مكان واحد فقط لاغير، في عبارة: "المجتمع المدني".
انظر مثلآ، كيف عانت "الكلمة" في المقطع التالي للسر بابو:
(جذور منظمات المجتمع المدني في السودان: ظهر مفهوم المدنية في السودان في فترة الحكم التركي( 1821- 1885م)، شهد ذلك العهد غرس نمط الانتاج الرأسمالي، عندما ارتبط السودان بالسوق الرأسمالي العالمي، وتوسع التعامل بالنقد وتحول قوة العمل الي بضاعة، في هذا العهد ظهر التعليم المدني الحديث، والقضاء المدني، والدولة المدنية، كما بدأت تظهر التنظيمات الحديثة مثل اتحادات التجار(سر التجار). المصدر: http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=147054[/red]
تعليق: أرجو ان تصبرو معي قليلآ لنتأمل "مدني" عند هذا المقطع للسر بابو "أعلاه" المكون من سطرين الى ثلاث لا غير وأشتمل على ذكر مدني حرفيآ أربع مرات، زيادة على ذلك فالمقطع يعج بعدة كنايات تحيل بدورها الى "مدني".
يقول السر بابو: (ظهر مفهوم المدنية في السودان في فترة الحكم التركي( 1821- 1885م).
أتصور ان المدنية هنا "وكما أشار الكاتب" تعني الرأسمالية، ومن أضداد الرأسمالية "الإقطاع". وقد تعني "الحضارة" ومن أضدادها "التخلف".
ويقول:
(ظهر التعليم المدني).
وأتصور أن المدني هنا ضد "الديني". التعليم المدني "أي الرسمي" في مقابل التعليم الديني "أي الخلوة".
ويقول:
(القضاء المدني).
ومدني هنا ضد الاهلى. القضاء المدني "أي القضاء الرسمى الحكومى" في مقابل القضاء العرفي أو الأهلي أو الشعبي. (((وهنا حصريآ، يكون تناقض حاد تبلغ عنده الإشكالية المفهومية ذروتها، ربما أعود إلى ذلك في وقت آخر))).
ويقول:
(الدولة المدنية).
وأتصور انه يعني الدولة الوطنية بالمعني الحديث للكلمة، كون قبل الأتراك ودخول "المدنية = الرأسمالية" كما يقول بابو، فإن الدولة كانت تاريخية "متخلفة" لا مدنية. كما أنها قد تكون الدولة العلمانية "اللا دينية".
فهو يحيل "المدني" الى "الحداثي" في كل المرات مع تعدد الأضداد (الإقطاعي، الديني، الشعبي، الأهلى، التقليدي، المتخلف، الرجعي الخ...).
والسؤال: أين "مدني" في هذا المقطع من "مدني" في مصطلح: المجتمع المدني؟.
مع كامل العلم طبعآ، أن الكاتب يسعى الى تقصي: (جذور منظمات المجتمع المدني في السودان) .
محمد جمال الدين ... يتواصل.........(المجتمع المدني والدولة في السودان) مايو 26, 2009 |
--------------------------------- ملاحظة حول التلوين عند هذا الإقتباس "أعلاه": كنت وددت أن ألون المقطع من السر بابو وحده للإبانة لكن جاء تعليقي بدوره محمرآ لأسباب فنية لم أستطع تداركها فلزمت ممليات الواقع... وأعلم أنني ربما تعلمت فنيات سودانيزأونلاين أفضل من هذا في المستقبل القريب... وهذا ما لزم توضيحه.
*** مقطع من بوست لي بسودانفورأول حول المجتمع المدني والدولة وجدليتهما.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: كلام في التغيير الإجتماعي الشامل والهوية والمجتمع المدني والدولة (Re: محمد جمال الدين)
|
محمد جمال الدين
تحياتي
مقال جدير بقراءة متانية اذا الله مد في الزمن الممحوق!
مسحت المقال-فقط مسح- لاحظت اشياء تدعو للنقاش مثلا قولك ادناه:
"" "فمدني" في عبارة "المجتمع المدني" تعني لا "رسمي"، لا غير
كلمة "مدني" في عبارة: المجتمع المدني تقوم ضد الرسمي "الدولة" على وجه الإطلاق.
المدني هو المجتمع اللا رسمي والدولة هي المجتمع اللا مدني. ""
ما عرفت كيف انك توصلت ان مدني على الاطلاق تعني "لارسمي"! ارجو انك تشرح كيف انك توصلت للاطلاق. خاصة لو اخذنا تعريفات جون لوك وغيره للمجتمع المدني وتعريفه بالمجتمع المعاكس لمجتمع الحرب او المجتمع الطبيعي البدائي هل اخذت ذلك في الحسبان?
بعدين تعريفك للدولة هل هو صياغتك انت ام هو تعريف متداول اخذته من مصدر محدد? طبعا لا يخفى عليك اهمية المصادر اذا اردت ان يناقش الناس المقال بموضوعية.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: كلام في التغيير الإجتماعي الشامل والهوية والمجتمع المدني والدولة (Re: بدر الدين احمد موسى)
|
العزيز بدر الدين احمد موسى... مرحبآ بيك شديد هنا وبرأيك المحترم طبعا.
أرجو أن تجد الوقت الكافي لتكمل قراءة بقية ما أنقطع ... أعلم يا صديق كم هو الوقت ممحوق!.
ولتعلم يا صديق أنني أعلم أن كلما أقوله هنا مهما أدعيت أنا أو غيري له من أهمية هو مجرد إفتراضات صغيرة في فضاء المعرفة الفسيح... نحتاج أن نتحقق منها "إفتراضاتي" كلما رأينا منها معقولية!.
وأنا لا أختلف فقط مع لوك الإنجليزي فى فرضياتي "حول المجتمع المدني" وهو من أبناء جيل القرن السابع عشر الهسه دا بل مع أرسطو وسقراط ذاتيهما ... كون كل ما وصلنا من هؤلاء هو في معظمه مجرد قراءات من آخرين من قارات أخر من زمان آخر لا يشبه حالنا في شيء!. .. (هنا تركيز على وضعنا الإجتماعي والتاريخي) .. أنا أعمل هنا على إعمال تفكير جديد متمرد على أطر الوعي المنهجي "الأصولي" القديم!. هو أملي الذاتي!. Sorry.... سأعمل على مواصلة هذه النقطة عاجلآ كوني أضطررت للخروج في هذه اللحظة بفعل ظروف طارئة... وعملت على على إرسال هذه المداخلة على كل حال "قبل إكمالها" ودون مراجعتها بما يليق وفق فهمي... وحتى عود قريب... معذرة... مع الود م.ج
| |
|
|
|
|
|
|
Re: كلام في التغيير الإجتماعي الشامل والهوية والمجتمع المدني والدولة (Re: محمد جمال الدين)
|
وقبل أن أعود من جديد وعلى أثر ما ورد أعلاه وعلى عجل أحب أن أثبت هنا مقولة قديمة ومعروفة تذكرتها للتو لجون لوك "صديقي في دنيا المعرفة والذي جهدت في زيارة قبره في أول زيارة لي لإنجلترا" يقول فيها:
"الأفكار الجديدة هي موضع شك دائماً.... وتتم مقاومتها غالباً وبلا هوادة .. لسبب أنها لم تصبح شائعة بعد على المستوى العام"...... جون لوك (1632 - 1704) ------------------------------------------
((ذاك من الذاكرة))
| |
|
|
|
|
|
|
Re: كلام في التغيير الإجتماعي الشامل والهوية والمجتمع المدني والدولة (Re: محمد جمال الدين)
|
صباح الخير يا بدر الدين وكل الصحاب هنا... قبل أن أبدأ أي شي جديد أود أن أنبه إلى أن إيرادي لمقولة لوك في المداخلة السابقة يجيء على وجه العموم ولا أعني بها أن أفكاري الخاصة حول المجتمع المدني جديدة وباهرة ولهذا يتم مقاومتها لا سمح الله... لحسن الحظ لم اصل بعد إلى مثل ذاك التصور الزائف للذات... وإلا لما جئت بخواطري إلى هنا "سوق الفكرة"... وهذا ما لزم الإشارة إليه كوني تخيلت أن وضع المقولة المعنية في مثل هذا السياق ربما أفتقر إلى الحساسية النقدية اللازمة كما أن مداخلتي الأخيرتين "أعلاه" جاءتا على عجل كما أوضحت في حينه غير أنني أرى أن هذا لا يعفيني من الإعتذار ... وربما جاء كله على ذكر لوك المباغت ومن وحي إفتتاني به وهو رجل يستطيع أن يهزك كلما سمعت به حتى بعد رحيله بأكثر من ثلاثةمائة عاما.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: كلام في التغيير الإجتماعي الشامل والهوية والمجتمع المدني والدولة (Re: محمد جمال الدين)
|
المشكلة أن لا "مجتمع مدني" واحد لا في الشكل ولا في الجوهر!
رجوع إلى ما أثاره بدر الدين عن الجزئية التي جاء بها من محاولتي تعريف المجتمع المدني والدولة وهو مقطع من النقطة رقم "1" من الخلاصات " الإفتراضات" التي توصلت لها من الناحية النظرية في سبيل تعريف جامع مانع للمجتمع المدني السوداني والدولة وجدليتهما والمكونة حتى الآن من 12 فرضية كل واحدة منها تقوم في إستقلالية عن الأخرى في نسيج الفكرة الواحدة وكل منها قابل للتحرى والإمتحان بواسطتي أو بواسطة كل من يرى منها جدوى. فهي ليست نظرية متحققة في عين الوجود عبر البحث العلمي ولا قناعات دوقمائية غير قابلة للحوار وإنما عبارة عن خلاصاتي الذاتية ولو أنها منبنية على تجربتي وملاحظتي الذاتيتين وأستطيع الدفاع عنها بالقدر الذي يستنزف تصوراتي المبدئية للمسألة بما يخدم الفكرة نفيآ وإثباتآ!.
وطبعآ هناك عدد لا يحصى من التعريفات للمجتمع المدني في الآونة الأخيرة. أحد أهم التعربفات الشائعة للمصطلح هو ما تتبناه كلية لندن للاقتصاد والعلوم السياسية ، على النحو التالي: المجتمع المدني يشير إلى ميدان العمل الجماعي الطوعي "بلا إكراه" ويقوم مستندآ على أهداف ومصالح وقيم محددة. وتبقى أطره التنظيمية من الناحية النظرية متمايزة عن الدولة والأسرة والسوق مع أنه من الناحية العملية تكون الحدود الفاصلة بين الدولة و المجتمع المدني والأسرة والسوق معقدة، غير واضحة ومثيرة للجدل.
المجتمع المدني يشمل في العادة مجموعة عريضة من المساحات، والفاعلين والأطر التنظيمية، تتراوح في درجة تمايزها عن بعضها البعض في الشكل والإستقلالية الذاتية والسلطات المتاحة. المجتمعات المدنية في العادة ما تكون ساحة ملؤها منظمات مثل الجمعيات الخيرية المسجلة، ومنظمات التنمية غير الحكومية، والجماعات المحلية، والمنظمات النسائية والمنظمات الدينية والجمعيات الحرفية والمهنية والنقابات العمالية ، ومجموعات المساعدة الذاتية، والحركات الاجتماعية والجمعيات التجارية وتحالفات وجماعات الضغط والدعوة . (ترجمة سريعة خاصة بي للمقطع المعني باللغة الإنجليزية في اللنك التالي: http://www.trcollege.net/articles/29-civil-society)
دائمآ هناك مشكلة في تعريف المجتمع المدني من الناحيتين النظرية والعملية لأسباب عديدة قلت بها بالتفصيل في عدة أماكن بحسب وجهة نظري فمثلآ في بوست الإنسان والمجتمع المدني والدولة... نحو أفق جديد... بسودانفورأول باللغة العربية... كما حاولت تعديدها بشكل مختصر في مقالة لي حول الشأن باللغة الإنجليزية تجده عند هذا اللنك: http://www.sudaneseonline.com/Dilemmas-of-civil-society-in-Sudan,36066
وكل تلك الفوضى تمثل عندي مبررآ حاسمآ لإعادة النظر في المصطلح بما يواكب "حالنا" في السودان ويستطيع من ثمة الإتساق مع الظاهرة في فضاء زمكانها!. ومع أنني أتحدث عن السودان "مثال" فإن حديثي عن المجتمع المدني يبقى شاملآ ويمكن أن يعمم على الظاهرة في إطلاقها بذات القدر.
يتواصل...
محمد جمال الدين
| |
|
|
|
|
|
|
Re: كلام في التغيير الإجتماعي الشامل والهوية والمجتمع المدني والدولة (Re: محمد جمال الدين)
|
محمد جمال الدين
تحيات واحترام
اولا خليني احيك على عملك لتطوير افكارك الخاصة واعتدادك بذلك. صدقني دي نقطة مهمة جدا مفروض يلتفت لها المشتغلين بالثقافة والفكر في مناطقنا! احكي ليك قصة احبطتني جدا في منتصف تسعينات القرن الماضي:
اتعينت كمحاضر في كلية الزراعة في جامعة الزعيم الازهري, و في نفس الوقت كانت حمى التعريب في اوجها فاصدرت-على ما اظن-وزارة التعليم العالي منشور للبدء في التحول للمراجع العربية بدلا عن الانجليزية. وانا قاعد في المكتب جاء عميد كلية الزراعة, وطلب مني العمل على اعداد لستة بالمراجع المطلوبة لقسم الانتاج الحيواني, لان هنالك لجنة من الجامعة ستغادر الي مصر وسوريا, لاستجلاب مراجع عربية لاستعمالها في التدريس! تصور في تلك اللجنة كان بروفيسيرات بحجم دكتور فتحي الربعة واخرين لا يقلون قامة, ودكتور الربعة بالتحديد كان مواظب على ترجمة المصطلحات في علم الحيوان بسنوات وسنوات قبل التعريب,وانا اتذكر انه عندما درسنا كان دايما يعطينا المقابل العربي لاي مصطلح في الزوولوجي. اصابني احباط ما بعده احباط. يعني بروفيسيراتنا ديل ما عندهم القدرة انهم يكتبوا مذكرات باللغة العربية وبعد داك يطوروها مع الزمن? يعني ناس سوريا ومصر احسن منهم في العربي ولا عارفين اكتر منهم? حقيقة يا محمد نحن بنعاني من عدم الثقة في قدراتنا, وبنتكل على الاخرين عشان يعملوا لينا كل حاجة واي حاجة. اعتقد انك في الطريق الصحيح عندما تبدا بتطوير افكارك, فحتي جون لوك, لو ما كان لديه الثقة الكافية كان ممكن بس يعتمد على اراء ارسطو و سيسرو او حتي افلاطون, لكنه قرر انه يضيف وبالتالي ترك بصمته على الفكر المتعلق بالدولة والحكومات.
لكن يا محمد عشان تعمل كدة الناس اتعارفت على منهج. يقوم اولا على التاسيس على ما سبق ثم تخطيه. ممكن يكون الاختراق الذي قد تحققه يكون في افكار جديدة او مرات يكون في البروسيس التي اتبعتها وينتهي بتطوير منهج نقدي جديد لكن في الحالتين مفروض توضح علاقة افكارك بما سبق من افكار في المجال.
انا شخصيا اعتقد ان افكار لوك المبنية اساسا على افكار ارسطو وسيسرو اكثر مناسبة لتعريف المجتمع المدني واعمق من التعريف الذي اعتمدته انت والمبني على تعريف كلية ت رومانا وذلك لعدة اسباب:
تعريف لوك يؤسس لمفهوم الدولة بالاساس ,ولوك يعرف المجتمع المدني بانه المجتمع الذي يتوافق اعضاؤه على الاحتكام للقانون في حل ما يشجر بينهم من خلافات وتم تطوير الفكرة بعد ذلك لمفهوم العقد الاجتماعي ليكون المجتمع المدني هو المجتمع السياسي المستند على دستور يتوافق عليه الشعب بقطاعاته المختلفة و يحدد الحقوق والواجبات. وعلى تلك الفكرة نجد ان السودان احوج ما يكون للعمل بهذا التعريف لانه حتى بعد اكثر من نصف قرن من الاستقلال ما يزال ابناؤه يحتربون لاخذ حقوقهم من حكومات لم يكن لهم يد في تكوينها, ولم يؤخذ رايهم في تكوينها, ولا يلعبون اي دور في تسييرها, ولا تلتزم تلك الحكوم(ات) بمصالحهم. وعليه فان السودان ما يزال في طور المجتمع البدائي الطبيعي بتعريف لوك واخرين, والمجتمع المدني هو المخرج ليلحق بالعالم المتمدن. لكن التعريف الذي تقول به انت, يفترض ان المجتمع السوداني هو مجتمع سياسي مكتمل الملامح وقبل ان تعطينا اي حيثيات او اثباتات, تاخذنا الي مستوى اعلى قبل ان نصل ابتداءا للطور الادني, وفي ذلك اقوال! ثانيا اعتقد ان احسن تعريف لما تسميه انت المجتمع المدني هو التعريف المعمول به وهو منظمات المجتمع المدني واذا كان ذلك كذلك, فمن الصعب الحكم بانك تاتي بجديد والدليل ان كلية ت رومانا تعتمد نفس التعريف!
--- يا محمد دي بس عشان نرفع البوست لكن الموضوع يستحق النقاش وبجيك راجع
| |
|
|
|
|
|
|
Re: كلام في التغيير الإجتماعي الشامل والهوية والمجتمع المدني والدولة (Re: بدر الدين احمد موسى)
|
يا بدر الدين الدين أنا شكلي حا أتعبك معاي مع سبق الإصرار والترصد!. مرحب بيك كتير وبمساهمتك. عايزك تقرأ برضو "الهوية" وطبعآ عايز رأيك. كلما أوده هنا أن أسمع آراء أكبر قدر من المهتمين والعارفين وليس بالضرورة المتخصصين بالمعنى الأكاديمي للكلمة . كل زول عندو قيمة كل زول عندو كلمة كل زول عندو رأي. وهدفي البعيد هو إثارة حوار عريض عملي وبناء حول مسألة التغيير الإجتماعي الشامل يشرك به أكبر قدر من الناس. ولهذا عملت على أن يشمل هذا البوست الحديث عن أهم مواضيع التغيير الإجتماعي (social change) والمحاور المعنية للحوار أربعة على النحو التالي: 1- التغيير الإجتماعي الشامل (كقضية في حد ذاته) 2- سؤال الهوية 3- المجتمع المدني "الشعب إن جاز التعبير" 4- الدولة وكم أنا سعيد بأن حدثتني بعرفتك لأحد أهم أهدافي من هذه الكتابة وهو كما قلت "تطوير أفكاري الخاصة" وإثراء تجربتي الصغيرة عبر تلاقحها مع أراء وتجارب الآخرين "من كانوا"!. فالقضية عندي أكبر مني وأكبر من مجرد بحث علمي واحد هي قضية الوعي الشامل بالقضايا موضع النظر وهي قضايا كبيرة تحتاج تيار إجتماعي كامل لمعالجتها والنهوض بها وعليها.
وسآتي من جديد لمحاولة النظر في "المجتمع المدني" ولكن قبل ذلك أو د أن أذهب عمليآ وأطرح أسئلة للجميع:
1- ما ذا نفهم من كلمة "مدني" في السودان في عبارة المجتمع المدني؟. 2- ماذا نفهم من العبارة في مجملها "المجتمع المدني" في السودان: أي ما هو المجتمع المدني في السودان ؟. وهل هناك مجتمع غير مدني، ما هو إذن؟. 3- ماهي تجليات المجتمع المدني في السودان؟. 4- هل الأحزاب السياسية تحسب كمجتمع مدني أم لا؟. لماذا في الحالين؟. وسؤال أخير هل مجتمعنا المدني (إن وجد) يشبه المجتمع المدني الغربي "الهولندي مثلآ" أم ما عندنا شي آخر؟.
وتلك مجرد محاولة مني لل Brainstorming
مع العلم أننا لا نتحدث هنا عن المجتمع المدني حصريآ وإنما لدينا محاور أخرى بذات القدر من الأهمية سبق تعديدها للتو أعلاه وعليه من أراد تجاوز المجتمع المدني بإعتباره "مثلآ" قضية مثيرة للجدل والذهاب إلى مناقشة قضية أخرى، فله ذلك الحق طبعآ. مع علمي المسبق أن معظم الناس يفضلون الحديث خفيف الظل وهو حق مشروع أنا كثيرآ ما أفعل ولهذا أتمنى ممن يطيقون نوع كلامنا هنا "هذه المرة" أن يصبروا قليلآ!. مع أسمى معاني الود والمحبة.
محمد جمال
| |
|
|
|
|
|
|
Re: كلام في التغيير الإجتماعي الشامل والهوية والمجتمع المدني والدولة (Re: محمد جمال الدين)
|
ومما أعمل عليه من إثارة مثل هذا الحوار الشاق هو أمر عملي أكثر منه نظري. آمل في مقاربة الواقع مع المفاهيم على أمل الخروج في نهاية المطاف بخلاصات وتوصيات بعينها في سبيل النهوض الإجتماعي الشامل.
وعليه آمل وبإختصار شديد أن أضع تصوري الخاص للمحاور المقترحة من جانبي للنقاش وهي كما يلي:
1- التغيير الإجتماعي الشامل... وأعني به تغيير بنية الدولة بما يواكب الوعي الجديد والأجيال الجديدة والتحولات الإقليمية والكونية كما تجاوز المفاهيم القديمة البالية إلى وعي إجتماعي جديد للعلائق السياسية والإجتماعية والإقتصادية والثقافية في حيز الفضاء الإجتماعي كله.
2- سؤال الهوية ... وأعني بها الوعي الموضوعي بالذات المفردة كما وعي الجماعة بذاتها في أطار المجتمع الكلي وفي تنوعه وتعدده وتمايزه.
3- المجتمع المدني ... وأعني به الحراك الهيكلي وغير الهيكلي (المنظم وغير المنظم) للجماهير وفق أهداف وقيم ولوائح في مقابل الدولة.
4- الدولة... تجديد بنيتها عمليآ ومفهوميآ وجعلها آلة حقيقية لممارسة السلطة عبر تفويض الجماهير.
وذاك هو فهمي بإختصار مع كامل الوعي أنه ربما كان هناك أراء ومفاهيم ومقترحات مختلفة جزئيآ أو كليآ عمما عندي.
مرحبآ بكم.
محمد جمال
| |
|
|
|
|
|
|
Re: كلام في التغيير الإجتماعي الشامل والهوية والمجتمع المدني والدولة (Re: محمد جمال الدين)
|
محمد جمال
تحياتي
انت تميز بين الرسمي (الدولة-الحكومة), واللارسمي (المجتمع المدني), من السهل الوصول لفهم اصل شرعية المجتمع المدني (انا اقراها منظمات المجتمع المدني),بما انها تتكون في خضم الصراع في المجتمع البشري, سؤالي: كيف تبرر لوجود الدولة اذا لم تكن منظمة اخرى من منظمات المجتمع المدني? بمعنى تاني من اين اكتسبت الحكومات شرعية وجودها في مجتمع الانسان?
-- لم اجد رابط لموضوعك عى الهوية!
| |
|
|
|
|
|
|
Re: كلام في التغيير الإجتماعي الشامل والهوية والمجتمع المدني والدولة (Re: بدر الدين احمد موسى)
|
تيار المجتمع المدني وثيقة رقم 5 تفعيل المجتمع المدني المجتمع المدني: تعبير جديد أخذ ينتشر في عالم اليوم، ليعني كل ما ليس حكومياً، أي جميع أفراد الشعب غير المسؤولين وغير الموظفين في الوزارات والمصالح المستقلة ودوائرها المختلفة. وأخذت كل بلاد تنقسم الى فئتين متميزتين: الدولة والشعب، بعلاقة متنوعة في الزمان والمكان: - علاقة خدمة الدولة للشعب، - علاقة تسلط الدولة على الشعب، - علاقة استغلال الدولة للشعب، - علاقة تنظيم الدولة لخدمات الشعب، وتنظيم الشعب ليدفع رسـوماً وضرائب لتمويل هذه الخدمات. وعندما كانت، او لا تزال، الدولة مرتبطة بأحد الأديان، وكان المسؤولون الدينيون مسؤولين عن الخدمات العامة للشعب، كانت ولا تزال في بعض الأقطار تسمى الرسوم والضرائب “عشوراً” أو “زكاة” أو “مشاركة”، يدفعها “المؤمنون” طوعاً بسبب ايمانهم. وفي القرن العشرين انتشرت العلاقة التي تجعل: - الدولة مسؤولة عن تنظيم جميع خدمات الشعب في وزارات الخدمات والبنى التحتية… - والشعب مسؤولاً عن دفع الضرائب المباشرة وغير المباشرة. أصبحت الدولة جامعة للمسؤوليات والخدمات… وقادرة على الاستغلال والتسلط أكثر فأكثر، وأصبح الشعب قاصراً ينتظر الخدمات، فيحصل أو لا يحصل عليها، يَسْتَعطِيها ويشك في أمانة الحكام، وأخذت الهوة تتوسع بين الفئتين. ووعت بعض الشعوب أو بعض الحكومات الى هذا الوضع الشاذ والمأساوي للعلاقة بين الفئتين، فأخذت المبادرات تتوالى تحت أسماء مختلفة: - البلديات، واللامركزية الادارية - النقابات، والجمعيات والهيئات الأهلية الأُخرى (O.N.G) - الأحزاب والتيارات السياسية المختلفة…
وأخذ مفهوم “المجتمع المدني” يتكون في بعض البلدان، ولكن بطرق مختلفة لا تزال بدائية أو عشوائية. وانطلق مفهوم “التنمية”، وأبعادها المتنوعة: التنمية الذاتية، التنمية الشاملة المتكاملة، كما نشأت مبادرات مختلفة في بعض القطاعات، - كالمشاريع المشتركة بين الحكومة والشعب، - والمؤسسات المشتركة، - والخصخصة، على انواعها… المبدأ الأساس للخروج من هذه العلاقات المختلفة، التي لا تزال متأزمة، أو مترددة، أو متلمسة الطريق الفضلى، لا بد من الرجوع الى المبدأ الأساس: ان البلاد لا تنقسم الى فئتين متصارعتين، ان الدولة والشعب بُعدان متلازمان، متفاعلان، متكاملان، ان الدولة ليست الوصي، والشعب ليس القاصر المُسْتَعطي من الدولة، ان كل مشـروع في البلاد يجب ان يكون مشروعاً مشتركاً بين الدولة والشعب، على صعيد التفكير والإقرار والتنفيذ، ان الديمقراطية ليست حكم الشعب للشعب فقط، مباشرة أو من خلال التمثيل النيابي، بل هي مشاركة جميع أفراد الشعب وجماعاته وتجمعاته في جميع اعمال الدولة. ان “المجتمع المدني” هو مع الدولة المنطلق لكل ما يجب أن يتم في البلاد، لذلك يجب أن ينمو الوعي حول هذا المبدأ الأساس، ومن ثم يجب ان يتنظم “المجتمع المدني” افضل تنظيم ليصبح هذا الأساس المتين والفاعل والمرافق لكل تنمية. ان مشاركة هيئات المجتمع الأهلي يجب ان تكون تطوعاً مجانياً حراً لا “ضريبة عينية” مفروضة. انها تصبح أحد مصادر التمويل الدائم لجميع المشاريع. ان “المجانية” يجب أن تنتشر في كل المجالات، وعند جميع الناس، من كل الأعمار بدلاً من “المركنتيلية”، أي النفعية والاستغلال للآخرين، وبدون ذلك يصبح، أو يظل المجتمع غابة وحوش تنهش بعضها بعضاً. المنهجية المقترحة للتوصل الى المجتمع المدني الفاعل: بلادنا لا تزال بعيدة عن هذا المفهوم الشامل، الذي سيتعمم لا شك في القرن الحادي والعشرين. لأجل الاسهام في “عصرنة” مفهوم الدولة والشعب ومشاركتهما في تفعيل المجتمع المدني اللبناني، هناك منهجية يمكن اعتمادها: - يصدر قانون- إذا لزم الأمر- يعمم امكانية عقد اتفاقية بين أية وزارة، او مصلحة مستقلة، مع أي هيئة من المجتمع المدني، كما كانت تفعل “مصلحة الإنعاش الإجتماعي”، وأصبحت تعمل المديرية العامة في إطار وزارة الشؤون الإجتماعية. فتضع كل وزارة خطة عمل تعرضها على الدوائر المسؤولة في الدولة وعلى هيئات المجتمع المدني المعنية بالخطة، والمنتظمة في اتحاد أو تنسيق متخصص[1]، فتجمع مقترحات الدوائر والهيئات وتعدل الخطة في ما يستطيع ان يطورها على الصعيد النظري والتنظيمي والواقعية والفاعلية، وتقرها. وتجزئ خطة العمل المعدلة والمعتمدة الى مشاريع محددة، يكون فيها دور لهيئات المجتمع المدني التطوعي، تختار كل هيئة او يختار كل فرد مجالات التطوع المجاني. - كما يمكن لإحدى هيئات المجتمع المدني المنسقة أو المتحدة أن تقترح على الوزارة المعنية مشاريع مدروسة، تلحظ “المشاركة الفعلية التطوعية” التي تستطيع ان تقدمها، فتدرس الوزارة المعنية المقترحات في اطارها اولاً ثم مع ممثلي الهيئة المقترحة ويعدل ما يجب تعديله منها. وتنشأ لجنة مشتركة بين الوزارة والهيئة، مع المسؤوليات الواضحة لأعضائها، وترصد الوزارة الإعتماد المطلوب من قبلها، ويقرر جدول زمني من اجل البدء في التنفيذ. وهكذا تتلاقى الدولة والشعب فيتفاعلان ويتكاملان في تنمية كل انسان وكل الانسان، وتنمية كل جماعة وكل مجتمع، في “تنافس” ايجابي، بدلاً من الانتقادات والصراعات التي لا جدوى لها، بل المنهكة للطاقات الانسانية، والهادرة للامكانات المادية. أمثلة على الخطط والمشاريع المشتركة الممكنة 1- مع وزارة الشؤون الاجتماعية: - مصلحة الخدمات: - خدمة الأيتام “والحالات الاجتماعية” في مساكنهم - خدمة المسنين والمسنات في مساكنهم - خدمة المسنين المرضى المزمنين في مساكنهم - العمل على دمج المعاقين في المجتمع. - مصلحة التنمية: - القيام بمشاريع صغيرة، خلال الصيف، او العطل المدرسية، تُسهم في نمو البلدة كالتي درجت الوزارة على القيام بها حتى الان: r طرقات زراعية r حدائق عامة r اقنية ري - “مخيمات التنمية والسـلام”، تضـم متطوعين من عدة مناطق لبنانية، ليتعاون ويتفاعل الشباب من خلال اعمال انمائية وندوات فكرية. 2- مع وزارة البيئة ووزارة الزراعة ووزارة البلديات - اعادة تحريج المشاعات والملكيات العامة الأُخرى كالأوقاف، والأراضي التي يرغب أصحابها في تحريجها، - تنظيم مراقبة نمو الأشتال، من ري، وتقليم، وتحصين ضد كل أذى من الإنسان أو الحيوان (البلديات) - تنظيم جميع النفايات المنـزلية وفقاً لموادها: r المواد “المطبخية” r الورق والكرتون والملابس والأقمشة r المعادن… r الزجاج - تنظيم تخمير النفايات المطبخية في أمكنة لا تضر بالسكان، لتصبح أسمدة عضوية، وتنظيم بيع المواد الأُخرى المجتمعة الى المصانع المتخصصة باعادة تصنيعها. - تنظيم حملات نظافة وتجميل دورية، لا استعراضية اعلامية - تحويل الكسارات والمقالع التي أوقفت، من التشويه الى التشويق من خلال: r منحوتات تحفر أو تلصق على الصخور الواقفة، r حدائق عامة وملاعب للأولاد والشباب في الأراضي التابعة لها. r تحليل الصالح منها بهدف إعادة إستغلاله زراعياً. 3- مع وزارة الصحة العامة: انشاء هيئة تنسيق للمستوصفات والمراكز الصحية التابعة للوزارة والصليب الأحمر وللهيئات الأهلية (الداخلة في هيئة تنسيق المستوصفات) - التعاون مع المراكز الصحية الإجتماعية والإنمائية التابعة لوزارة الشـؤون الإجتماعية لوضع مخطط مشترك للصحة المجتمعية والرعاية الأولية - تنظيم حملات التلقيح الدورية (التي بدأت تُنظم مع اليونسف) بمشاركة أكبر من قبل الطاقات المتوافرة في المستوصفات أو المراكز أو جمعيات وأندية البلدة - التعاون مع وزارة التربية لتنظيم “الكشـف الصحي”، أو “الصحة المدرسية” في المدارس الابتدائية وروضات الأطفال والحضانات، لقاء رسم سنوي تستوفيه عند تسجيل الأولاد - المشاركة في تأمين الأدوية بأدنى الأسعار الممكنة لجميع المستوصفات، والمراكز ليتمكن المريض من شرائها. (وتأخذ البلديات أو الهيئات على عاتقها دفع أدوية المعوزين حقاً) - تطوير قانون المستوصفات الحكومية والأهلية لتتمكن من التعامل بالدواء من دون اعتراض نقابة الصيادلة، ومن دون الحاجة الى استعطاء أموال جديدة - اعادة العمل بالبطاقة الصـحية: تُعطَى بعد دراسـة ميدانية لجميع الأُسر في جميع المناطق بواسطة مؤسسات الاحصاء الحكومية والأهلية، تُخوِّل حامل البطاقة الاستفادة من المستشفيات الحكومية والمتعاقدة مع الحكومة - انشاء تعاضـديات صحية استشـفائية في كل قضاء أو مدينة، ذات استقلالية، (بالتعاون مع وزارة التعاونيات والتعاضديات). 4- مع وزارة الموارد المائية والكهربائية: انشاء هيئة من المتطوعين في كل بلدة تساند البلدية، او تعمل حيث لا بلدية، من أجل مواكبة كل عمل تقوم به الوزارة من خلال متعهدين ومقاولين، لكي يتم بحسب دفتر الشروط على أكمل وجه. - متابعة هذه الهيئة لما يحدث بعد الانشاءات، للحفاظ عليها، واعلام المسؤولين عن كل خلل يطرأ قبل أن يتفاقم لأجل الاسراع باصـلاحه، والتعاون مع المسؤولين عن هذا الاصلاح، أكان من قبل الوزارة أو البلدية. 5- مع وزارة التربية: - اعادة تثبيت القرار الوزاري الذي يسمح للحركة الاجتماعية باستعمال بعض غرف المدارس الرسمية وملاعبها، في أوقات فراغها، (وتعميمه على باقي الهيئات الأهلية الثقافية والتربوية)، من اجل خدمات مختلفة: × التربية الشعبية ومحو الامية، من خلال دورات محو الامية × الاستلحاق المدرسي للمتأخرين في دروسهم، من خلال المناظرة المسائية × النشاطات الترفيهية التربوية × صيفيات الأولاد، ومراكز الهواء الطلق… - مشروع التعاون بين المدارس الخاصة والوزارة، بعد عقد وتأليف لجنة مشتركة: × تضع المدارس أبنيتها وملاعبها بتصرف الوزارة × تدفع الوزارة بدل ايجار لا يزيد عن ربع الايجار التجاري × تدفع الوزارة أجور المعلمين وباقي العاملين فيها × يدفع الأهل ربع ما يدفعونه عادة الى المدارس الخاصة، فيدخل في صندوق اللجنة المشتركة من اجل صيانة الأبنية والملاعب وتحسينها وتجهيزها بالتقنيات العصرية. - دعم برنامج تربية الأولاد الذين بين الثالثة والسابعة من عمرهم، من خلال أغنيات وعديات “المنهجية النفس حركية” (Psycho- motricité) - دعم “الجامعة بلا حدود” واساتذتها المتطوعين 24 ساعة سنوياً في اختصاصهم. - انشاء أو تطوير مكتبة مطالعة في كل مدرسة أو نادٍ أو سجن، من خلال جمع كتب ومجلات: × من دور النشر والمطابع، بما يفيض لديها، × من المكتبات، بما لا يباع عندها، × من الأهلين، الذين يقدمون كل ما لا حاجة لديهم أن يبقى في مكتبتهم. - التعاون مع محطات التلفزيون من أجل تنظيم “الأندية التلفزيونية”: × تبث كل محطة فيلمين بالشهر يصلحان للحوار التثقيفي التربوي × يشاهدها أعضاء الأندية والجمعيات والثانويات × يقيمون حواراً حولها في اليوم التالي (بعد يومين) ويضعون تقريراً بأهم نتائجه × تنظم المحطة التي بثت الفيلم ندوة على الهواء يشترك فيها ممثلو الأندية التي وضعت تقريراً لحوارها، فيتفاعل جميع المشتركين في الحوار. - اعادة تفعيل هيئة تنسيق الأندية الثقافية والاجتماعية - اعادة تفعيل هيئة تنسيق صيفيات الأولاد - اعادة تفعيل هيئة تنسيق مراكز التربية الشعبية ومحو الأمية. 6- مع وزارة الداخلية والبلديات (بالتعاون مع الوزارات المعنية): - تنفيذ اللامركزية الانمائية (لا الأدوية فقط) من خلال “هيئة انماء” في كل قضـاء، أو مدينة تضم: × القائمقام أو ممثل المحافظ، وممثلي الادارات الرسمية في القائمقامية × اتحاد البلديات × اتحادات او هيئات تنسيق النقابات، والتعاونيات والهيئات الأهلية الاجتماعية والثقافية والرياضية والبيئية… × ممثلي الفروع الحزبية بالتعاون مع مغتربي القضاء أو المدينة لمشاريع محدودة يختارها كل مجموعة من المغتربين لبلدتهم أو قضائهم. 7- مع وزارة التصميم، وبغيابها المديرية العامة للاحصاء: - التعاون مع شبكات “الاحصاء لأجل الإنماء” (الكمبيوتر البشري) - اعطاء الاحصائيين صفة قانونية ليقوموا بعملهم من دون اعتراض. 8- مع وزارة الاقتصاد ووزارة الصناعة: - التعاون مع الهيئات التي تدعم المشاريع والمؤسسات الانتاجية الصغرى من خلال القروض الميسّرة - دعم انشاء هيئة تنسيق للتعاونيات والجمعيات الحرفية الفنية من أجل: × تعميم التدريب على الحرف الرائجة (بالتعاون مع وزارة التربية) × تعاونية شرائية للمواد الأولية لتخفيض ثمنها، ومن ثم تخفيض ثمن مبيع المنتجات الحرفية × مركز ابداع فني للاشـراف على نوعية الانتاج وتطويره مع المحافظة على متطلبات التراث - تخفيض الرسوم الجمركية على المواد الاولية للحرف الفنية. 9- مع وزارة الاسكان والتعاونيات: - التعاون مع “الحركة الاجتماعية لإنماء السكن”، والجمعيات المماثلة لأجل توسيع امكانات عملها - توجيه المؤسسة الوطنية للإسكان من أجل تمويل طالبي المساكن ذوي الدخل المحدود، لاسيما اذا دخلوا في اطار التعاونيات - التعاون مع وزارة الداخلية والبلديات، من أجل استعمال المشاعات لبناء مساكن لذوي الدخل المحدود - انشاء تعاونيات غذائية تستفيد من فائض الأغذية في البلدان الصناعية، وترتكز على المؤسسات الأهلية القادرة على وضع مستودعات وأمين متطوع لخدمة الراغبين في الاستفادة من أسعارها المخفضة. 10- مع وزارة العمل والمصلحة الوطنية للاستخدام: - التعاون مع هيئات الاحصاء في كل قضاء من أجل انشاء مكاتب تشغيل تطوعية: × لعروض العمل التي لا تجد اختصاصيين لها × لطلبات العمل التي لا تجد شغلا مناسباً لها. 11- مع وزارة المالية ومصلحة الموازنة الحكومية: - تخصيص الاعتمادات اللازمة لانجاح هذه الخطة - إدخال “قيمة” الأعمال التطوعية في باب مصادر التمويل “كمساهمة عينية”، تزيد في امكانات التمويل لكل وزارة. 12- مع وزارة الاصلاح الاداري: - انشاء بنية اصلاحية داخل كل وزارة أو مصلحة مستقلة مؤلفة من الذين يتعهدون بالاصلاح الذاتي وتفعيل محاربة الرشوة والفساد بالمثل والحوار. 13- مع وزارة البريد والبرق والهاتف: 14- مع وزارة المهجرين: 15- مع وزارة السياحة: 16- مع وزارة الثقافة: 17- مع وزارة الدفاع: - تخصيص نصف أوقات المجندين بجميع فئاتهم، من أجل التعاون مع هيئات المجتمع المدني والوزارة المشاركة في: × المشاريع التي ذُكرت في كل وزارة أو مصلحة مستقلة × مشاريع أُخرى يقترحها قائد الجيش أو الهيئة المعنية فيه. 18- مع وزارة الاعلام: - الاتفاق مع الاذاعات والتلفزيونات لتنظيم برامج توعية وتوجيه ومتابعة من أجل: × نشر فكرة التطوع الحر، والمجانية، كقيمة انسانية لا تتم انسانية الانسان بدونها، ولا “يتأنسن” المجتمع المدني بدونها × عرض المشاريع المشتركة التي تتطلب متطوعات ومتطوعين ذوي اختصاص في مجالات اختصاصهم وجميع اللبنانيين واللبنانيات في المشاريع التي لا تتطلب اختصاصاً. × عرض شهادات حية عن المشاريع التي تتم فيها المشاركة المجانية، - تخصيص دائرة في الوزارة لمتابعة هذا الاعلام عن المشاركة والتطوع والمجانية في سبيل التنمية الشاملة والمتكاملة… والمتوازنة حتماً. خاتمـة: هذه المقترحات يمكن اعتبارها: - أحلاماً، بل أوهاماً في بلد خارج من حرب داخليـة منهكة للقوى والطاقات والامكانات المالية، حيث الهم الأكبر هو السعي لتأمين وسائل العيش، فلا يبقى عند أكثرية المواطنين أي وقت أو أي رغبة في التطوع والمجانية. - أحلاماً وأوهاماً واوتوبيا وطوباوية… في بلد من أمثاله: “ما حدا بيدق الشيش بخشيش” و “من بعد حماري ما ينبت حشيش”… كما يمكن اعتبارها “مشروع مجتمع مدني” ضروري لأنسنة الانسان والمجتمع، صعب الوصول الى تحقيقه، ولكن غير مستحيل، لاسيما اذا تنظمت وسائل الاعلام لنشر الوعي والحماس حوله. http://www.secularist.org/Doc%20N%205.htm
| |
|
|
|
|
|
|
Re: كلام في التغيير الإجتماعي الشامل والهوية والمجتمع المدني والدولة (Re: محمد جمال الدين)
|
Quote: محمد جمال
تحياتي
انت تميز بين الرسمي (الدولة-الحكومة), واللارسمي (المجتمع المدني), من السهل الوصول لفهم اصل شرعية المجتمع المدني (انا اقراها منظمات المجتمع المدني),بما انها تتكون في خضم الصراع في المجتمع البشري, سؤالي: كيف تبرر لوجود الدولة اذا لم تكن منظمة اخرى من منظمات المجتمع المدني? بمعنى تاني من اين اكتسبت الحكومات شرعية وجودها في مجتمع الانسان?
-- لم اجد رابط لموضوعك عى الهوية! |
لا ضرورة لرابط يا صديق "في الوقت الراهن" كل الشغل المعني حول الهوية موجود في المقالات المثبتة "أعلاه" في هذا البوست. ودي محمد جمال
| |
|
|
|
|
|
|
Re: كلام في التغيير الإجتماعي الشامل والهوية والمجتمع المدني والدولة (Re: محمد جمال الدين)
|
سعد من جديد... أتمنى أن تكون بخير. ورد في مقدمة التصور الذي وضعته أنت ، أن:
Quote: المجتمع المدني: تعبير جديد أخذ ينتشر في عالم اليوم، ليعني كل ما ليس حكومياً، أي جميع أفراد الشعب غير المسؤولين وغير الموظفين في الوزارات والمصالح المستقلة ودوائرها المختلفة. وأخذت كل بلاد تنقسم الى فئتين متميزتين: الدولة والشعب، بعلاقة متنوعة في الزمان والمكان |
هذا هو الفهم عندي. خلال الخمس سنوات الماضية وحتى الآن أجهد في تثبيت هذه النقطة عبر نقاشها وإمتحانها ونشرها بين المهتمين ولو أنها ليست النقطة الوحيدة الجوهرية فيما يتعلق بإشكاية المجتمع المدني هناك نقاط عديدة في إنتظار المعالجة، على سبيل المثال: أشكال وأدوار ووظائف تجليات المجتمع المدني والحدود الفاصلة بينه والدولة، مع وضع خصوصيتنا الإجتماعية في السودان في الإعتبار ! . في خلاصاتي الواردة في مقدمة هذا البوست "المقال الأول" حاولت معالجة تلك القضايا مع إدراكي التام أن الأمر سيحتاج جهد أكبر من هذا بكثير لنصل إلى وعي جديد بالحراك الجماهيري الهيكلي وغير الهيكلي خارج منظومة الدولة = "المجتمع المدني".
| |
|
|
|
|
|
|
Re: كلام في التغيير الإجتماعي الشامل والهوية والمجتمع المدني والدولة (Re: محمد جمال الدين)
|
محمد جمال
تحياتي
طبعا المجتمع المدني ليس تعبيرا جديدا البتة الا اذا اعتبرنا ارسطو احد معاصرينا! التعبير ظهر في اثينا خاصة بعد حروب البلوبنييز التي نشبت بين حلفي اثينا واسبارتا اثينا كانت تمارس فيها الديمقراطية "الشعبية" بمعني ان كل الشعب كان يشارك في اتخاذ القرارات السياسية, اما اسبارطة فقد كانت تحكمها طغمة اوليجاركية. افلاطون لم يكن مفيدا جدا في موضوع المجتمع المدني لانه تبنى مشروع اسبارطة, ونادي بالملكية وسيطرة الطبقة المثقفة-او ما يعرف بالارستقراطية-راجع كتابه الجمهورية.
ارسطو تحدث عن دور يلعبه الشعب في نشاة الدولة وجاء سيسرو في نهاية الدولة الرومانية وطرح تعديل على مفهوم ارسطو وهو كان يرى ان يتم دمج الثلاث اشكال للدولة-الملكية والارستقراطية والديمقراطية- للاستفادة من الايجابي في الاشكال المختلفة. سانت اوغستين برر للدولة الثيوقراطية في كتابه مدينة الرب وبالتالي استبعد الشعب من اي دور كما برر هوببز للملكية وان كان على اساس ان الملك هو تجسيد للمجتمع المدني! وجاء جون لوك وطرح المجتمع المدني بالتعريف المتعارف به في اوروبا وبعده كتب استيوارت ميل وروسو واخرون كل ذلك دليل على ان المفهوم قديم وليس جديدا. طبعا ليس من المحرم استعمال مفهوم قديم باغناءه بمحتوى جديد لكن المشكلة يا محمد انه اذا تجاهلنا ربط الجديد بالقديم فاننا نرتكب خطا كبير في بتر الاصل الجيني للمفهوم وبذلك نكون قطعنا اي علاقة بمفهومنا المطور و المفهوم الاصل ويظهر مفهومنا منبتا و غالبا ناقصا! ارتكب الكثيرون من المثقفين العرب ذلك الخطا خوفا من ان يقال لهم ان افكارهم مرتبطة بالغرب ومستوردة, لكنهم يتناسون انه لا يوجد فكر جاد منبت وبلا اصل, وحتي الافكار الاوربية الحديثة اخذت من الشرق الذي طور افكار اثينا وحافظ عليها, واغناها بالفكر الشرقي وتجد كثير من فلاسفة المسلمين لهم مكانة كبيرة في الفكر الغربي لدورهم في تطوير اراء ارسطو و غيره. في رايي اذا رددنا مفهوم المجتمع المدني المستعمل حاليا لاصله المرتبط بالدولة, وتكوينها, ونشاتها, نكون اعطيناه بعدا حيا ومفيدا بربطه بالديمقراطية وتكوين الدولة, بدلا عن القول بجدة مفهوم يتعامل بشكل فوقي مع افرازات ما بعد تكوين الدولة.وايضا نكون ربطنا فكرنا بالفكر العالمي وهذا لا مهرب منه في عصر الانترنت.
(عدل بواسطة بدر الدين احمد موسى on 04-09-2011, 10:16 PM)
| |
|
|
|
|
|
|
Re: كلام في التغيير الإجتماعي الشامل والهوية والمجتمع المدني والدولة (Re: بدر الدين احمد موسى)
|
الأخ محمد جمال
تحياتى
ماذا عن أختلاف آليات التغيير التى يقوم المجتمع المدنى تحت ظل كل من الدولة الديمقراطية و الدولة الشمولية؟
المحتمع المدنى يبرز دروه بشكل فعال في قضايا التغيير في ظل الحكومات الديمقراطية أكثر من الحكومات الشمولية، لأن الأخيرة تؤمن فقط بدور الدولة في رسم سياسات المجتمع و مؤسساته و جمعياته المختلفة، و لا تعطى للمجتمع المدنى اى أهمية، بل انها تقوم باضعافه و قهره علي الدوام. في الدولة الديمقراطية يتمظر تفاعل المجتمع المدنى في الحراك الاجتماعى الساعى لخدمة اهدافه المختلفة كأوضح ما يكون. و اذا اخذنا مفهوم أن المجتمع المدنى يشمل كل الشعب ما عدا الدولة بكافة الموظفين المنتمين لها، فأن هنالك تحدى كبير يواجهه في سيره نحو التغيير في ظل الحكومات الشمولية، و تحت هذه الحكومات يضمحل دور المجتمع المدنى لعدة اسباب: القهر الملازم للدولة الشمولية لكل اشكال تمظهرات المجتمع المدنى ضعف بنية المجتمع المدنى الناتج من الانهاك المتواصل بواسطة السلطة البوليسية هجرة العناصر الفاعلة فى داخل المجتمع المدنى تحت أجواء الاقصاء و العنف من الدولة قمع المبادرات الحية من داخل المجتمع المدنى لتنشيط العمل العام فيما يخدم قضايا المجتمع ككل و بهذه الاسباب، و غيرها، لا يقوي المجتمع المدنى من خدمة اهدافه الساعية الى التغيير الي الأفضل، بينما تتوفر الكثير من الماكينزمات الفاعلة للمجتمع المدنى لتطوير رؤاءه الخاصة بالتغيير في ظل الدولة الديمقراطية. و اذا سلمنا يمفهوم المجتمع المدنى الذى تم نقاشه في هذا البوست، فان دوره سوف يكون محدودا تحت ظل هذه الدولة الشمولية، و لابد من ايجاد اختراقات كبيرة لتفعيل الحراك الجماهيرى، الهيكلى و غير الهيكلى، لتعبر عن مصالحها و تنطلق، تحت وجود قيادات لديها الوعى الكافى بدواعى التغيير، نحو تأسيس دولة ديمقراطية، تتفاعل في ظل مجتمعها المدنى، ان ترسم خطوط واضحة لسؤال الهوية و بنية الدولة التى تخدم و تتفاعل مع كل المجتمع بمختلف اعراقه و ثقافاته و اديانه لتشكيل الملامح الأولية للدولة التى نريد. و التى سوف تتطور، تحت أجواء الحرية و استقلال القانون، الى أشكال متقدمة من تكامل ادوار المجتمع المدنى و الدولة التى تحكمه، و هذه الاخيرة تأتى بتفويض كامل من قبل الشعب، و تمثل الدولة كموظفين، من قمة راس الدولة الى أصغر المواقع فيها، يخدمون الشعب و يعبرون عن طموحاته و احلامه، و يخضعون لقوانيين يضعها الشعب عن طرق مندوبيه في الجهاز التشريعى للدولة.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: كلام في التغيير الإجتماعي الشامل والهوية والمجتمع المدني والدولة (Re: محمد جمال الدين)
|
من جديد مع التركيز على موضوعة "الهوية" ... لطفآ.
(الأربع مقالات الرئيسية عند هذا البوست تتحدث عن الهوية).
أتمنى أن أصادف من عنده الرغبة لمعالجة ومناقشة وجهة النظر المتضمنة في تلك المقالات المعنية "حول سؤال الهوية" وما إليه (؟). تجدونها عند مقدمة هذا البوست.
وهذا بالطبع لا يجب حوارنا الجاري عن المجتمع المدني والقضايا الأخرى المتعلقة. وإنما يضيف إليه.
مع أني أعلم أن الناس مشغولة بقضايا وأحداث أخرى كثيرة تهمها ... وأنا من ضمنهم برضو مستنزف بطريقتي. بس علينا أن نأمل ونعمل ما أستطعنا.
(الهوية) هي الآن بنت الزمان!
ودي،
محمد جمال
| |
|
|
|
|
|
|
Re: كلام في التغيير الإجتماعي الشامل والهوية والمجتمع المدني والدولة (Re: محمد جمال الدين)
|
سلامات يا محمد جمال الورقة التي عرضتها في هذا البوست تحتاج لأكثر من قراءة حتي يصبح في امكان الواحد أن يناقشك بشأن الأفكار المطروحة فيها. لماذا تميل للتقليل من تأثير الدين"الاسلامي تحديدا" على العملية التاريخية لبناء الدولة و المجتمع في السودان و في معظم دول العالم العربي و الاسلامي. قمت بوضع الدين ضمن منظومة القيم الروحانية هكذا دون التمييز بين مكونات هذه المنظومة من حيث قدرتها على التأثير سلبا او ايجابا على عملية التغيير الإجتماعي الشامل و على الهوية و المجتمع المدني و الدولة كما جاء في العنوان اعتقد أن الاسلام و الفكر الاسلاموي يلعب دورا اكبر مما تنبهت له يا محمد بحيث يغدو اي كلام عن التغيير دون وجود مشروع ديني اصلاحي هو من باب التسلية فقط كيف يمكن مثلا تحقيق " Samenleving" هذه التي تحدثت عنها في وجود جماعات ذات تأثير قوي ترى الناس من منظور عقائدي بحت و تؤسس علاقتها مع الآخر انطلاقا من هذا المنظور؟ هل تتفق معي أن التغيير الشامل الذي حدث في اوروبا كان تاليا لحركات الاصلاح الديني "كالفن+لوثر"؟ وهناك من يرى أن حركة الاصلاح الدينية هذه هي التي أسست لقيام ما يعرف بالمجتمع المدني لأنها اعطت دورا للناس العاديين من غير رجال الكنيسة في تنظيم شؤون مجتمعاتهم الصغيرة و قللت من القبضة المركزية للقيادة الدينية. للدين في عصر صعود المد الاسلاموي السياسي مكانة أكبر في تشكيل الهوية من تلك التي اعطيتها أنت له، و هو في هذه الحقبة من الزمان يلعب دورا كبيرا في الحراك السياسي و الاجتماعي بحيث اصبحت الخيارات محصورة بين نسخ الاسلام السياسي المختلفة فمن لا يستسيغ النسخة السلفية المتشددة سيتجه لا لاتجاه ليبرالي بل من المرجح أنه سينتمى لنسخة تبدو ظاهريا اقل تشددا و أكثر اعتدالا.
Quote: ومن أهم قيم الروحانية: الزهد والتواضع والإيمان والإتكال على قوة ما ورائية |
لماذا لا تضيف هنا ايضا قمع الآراء المخالفة،الحد من الحريات العامة،الضيق بحرية التعبير و الاعتقاد،التضييق على النساء و اصحاب الديانات الأخرى.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: كلام في التغيير الإجتماعي الشامل والهوية والمجتمع المدني والدولة (Re: سيف النصر محي الدين)
|
يا محمد جمال الدين أزيك قريت بوستك في في سودان فور أول (دا إنتا ذاتو صاح) و لي زمن بحاول أقرا كلامك هنا و بنشغل عنو المهم إكتشفت في قراية إولية ما عميقه أنو همومك تقريبا" نفس همومي و يمكن إذا عندك و كت تمر علي البوستين ديل: الحكومة السودانية ... مكنة إنجليزية
"أنحن عرب العرب؟" - لماذا يجب علينا تبرير عروبتنا تجاه ...بني الجامعة العربية؟
تاني بي الرجوع لي مسألة أهلنا الرباطاب القلتها فوق أنا رأيي إنو القبيلة غير إنو النسب العربي بي يديها مكانة إجتماعية/سياسية في مجتمع يعلي من شأن العربي، المسألة برضو عندها علاقة بالإقتصادي للحفاظ علي الإرث من الأراضي علي شريط النيل من أن تخرج من القبيلة (شفت أهلنا الرباطاب ما بي يعرسو للشايقي) ناهيك عن يختلطوا بالعنصر الزنجي وكدا بي يضيعو الأرض و العرض (تقرأ النقاء العرقي و معه المكانة الإجتماعية/السياسية). أها هنا بي تلقي مسألة الهوية مربوطة بالإقتصادي/الإجتماعي الحاجة التانية باقي لي في فرق بين هوية الفرد و هوية القبيلة و هوية الدولة، فالأولي خيار فردي حر ولكن الإتنين التانيات موسسات إجتماعية/إقتصادية/سياسية توظف الهوية لمواجهة الآخر.
ما عارف كلامي دا في البوينت ولا أوف بوينت غايتو جدعتو ليك
| |
|
|
|
|
|
|
Re: كلام في التغيير الإجتماعي الشامل والهوية والمجتمع المدني والدولة (Re: aydaroos)
|
عيدروس
ازيك يا اخوي?
حيرني كلامك دا:"من القبيلة (شفت أهلنا الرباطاب ما بي يعرسو للشايقي) ناهيك عن يختلطوا بالعنصر الزنجي وكدا بي يضيعو الأرض و العرض (تقرأ النقاء العرقي و معه المكانة الإجتماعية/السياسية)."
يعني هسع انت من الرباطاب وبتعتقد انك ما زنجي?
ياخ يبقى حقيقة مفروض الناس تقعد و تشوف هويتها شنو!
يا عيدروس حصل طلعت برة السودان وما بقول ليك بعيد بس مصر ولا السعودية? لو ما حصل كيد اطلع ووقف ليك
اي زول واساله يقول ليك عنصرك شنو?
المصري ممكن يتظارف ويقول ليك اسمراني لكن عادي التانيين بسمعوك الكلمة التانية!
اما لو جيت علينا بجاي احسن حاجة لما يحبوك يقولو ليك sand nigro ودي اساسا بستعملوها لعرب الجزيرة
العربية شفت كيف? يعني بن لادن عندهم ساند نقر sand niger ومعاه الملك ذات نفسه, والسلطان قابوس زيادة
خير!
يا عيدروس اي زول من اصل افريقي, زنجي ولو "طالت عمامته".
واحدة من اهم الحكم في العالم هي:"اعرف نفسك" لتحترمها اولا, وتفرض على الاخرين احترامك عندما يرون انك تحترم
نفسك!
| |
|
|
|
|
|
|
Re: كلام في التغيير الإجتماعي الشامل والهوية والمجتمع المدني والدولة (Re: بدر الدين احمد موسى)
|
إزيك يا بدرالدين أنا قلت أهلنا الرباطاب (و ممكن تقول الجعليين و الشوايقه والمناصير و من شئت معاهم كمان)
و لو شلت الصبر شوية و دخلت علي بوست (أنحن عرب العرب؟ ) الخاتيهو أنا فوق دا كان عرفت رأيي في مسألة عرب و ما عرب.
Quote: واحدة من اهم الحكم في العالم هي:"اعرف نفسك" لتحترمها اولا, وتفرض على الاخرين احترامك عندما يرون انك تحترم نفسك! |
غايتو جنس غايتو يا بدر إنتا زعلان مني ولا شنو ياخ؟
| |
|
|
|
|
|
|
Re: كلام في التغيير الإجتماعي الشامل والهوية والمجتمع المدني والدولة (Re: aydaroos)
|
عيدروس
تحياتي
لو سمحت كلام اني "بتلولو" دا خليه بعيد. انا ما مسئول عن كلام انت كتبته في بوست تاني, ولا انا بتابع اي بوست, فانا ما قريت كلامك في بوست تاني ولا حا امشي اقراه! انت كتبت كلام في البوست دا وواضح في الكلام انك شايف نفسك اعلى ممن اسميتهم "زنجي" انا ذكرتك بانك في الحقيقة زنجي, ولو ما عارف امشي شوف ليك اقرب كتاب تصنيف اجناس, واقراه. انا ممكن اناقشك ليوم القيامة, بس شرطي انك تكون موضوعي وتبتعد من كلام لولوة ولا غيرها لو سمحت.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: كلام في التغيير الإجتماعي الشامل والهوية والمجتمع المدني والدولة (Re: بدر الدين احمد موسى)
|
Quote: أنا رأيي إنو القبيلة غير إنو النسب العربي بي يديها مكانة إجتماعية/سياسية في مجتمع يعلي من شأن العربي، المسألة برضو عندها علاقة بالإقتصادي للحفاظ علي الإرث من الأراضي علي شريط النيل من أن تخرج من القبيلة (شفت أهلنا الرباطاب ما بي يعرسو للشايقي) ناهيك عن يختلطوا بالعنصر الزنجي وكدا بي يضيعو الأرض و العرض (تقرأ النقاءالعرقي و معه المكانة الإجتماعية/السياسية). |
أنا في كلامي دا كلو و في البوست دا يا بدر بتكلم عن واقع القبائل العربية و ضربت مثل بي أهلي الرباطاب ، و دا واقع ماثل حتي اليوم. يعني النسب العربي و النقاء العرقي و عدم الإختلاط بالعنصر الزنجي دي كلها مفاهيم القبيلة وين أنا قلت انا بتفق مع الواقع دا، بالعكس أنا حللت الواقع و رجعتو لي جذورو الإقتصادية/الإجتماعية، و تحليل الواقع يا بدرالدين هي أول الخطوات لي تفكيكو زي ما عارف و تركيب الجديد مكانو. بس وريني من وين في كلامي دا أنا قلت انا عربي!! إها دي أكان ما لولوة ... بي تسميها إنتا شنو؟؟!!
| |
|
|
|
|
|
|
Re: كلام في التغيير الإجتماعي الشامل والهوية والمجتمع المدني والدولة (Re: محمد جمال الدين)
|
عيدروس
تحياتي
التحت دا كلامك
Quote: يا محمد جمال الدين أزيك قريت بوستك في في سودان فور أول (دا إنتا ذاتو صاح) و لي زمن بحاول أقرا كلامك هنا و بنشغل عنو المهم إكتشفت في قراية إولية ما عميقه أنو همومك تقريبا" نفس همومي و يمكن إذا عندك و كت تمر علي البوستين ديل: الحكومة السودانية ... مكنة إنجليزية
"أنحن عرب العرب؟" - لماذا يجب علينا تبرير عروبتنا تجاه ...بني الجامعة العربية؟
تاني بي الرجوع لي مسألة أهلنا الرباطاب القلتها فوق أنا رأيي إنو القبيلة غير إنو النسب العربي بي يديها مكانة إجتماعية/سياسية في مجتمع يعلي من شأن العربي، المسألة برضو عندها علاقة بالإقتصادي للحفاظ علي الإرث من الأراضي علي شريط النيل من أن تخرج من القبيلة (شفت أهلنا الرباطاب ما بي يعرسو للشايقي) ناهيك عن يختلطوا بالعنصر الزنجي وكدا بي يضيعو الأرض و العرض (تقرأ النقاء العرقي و معه المكانة الإجتماعية/السياسية).أها هنا بي تلقي مسألة الهوية مربوطة بالإقتصادي/الإجتماعي الحاجة التانية باقي لي في فرق بين هوية الفرد و هوية القبيلة و هوية الدولة، فالأولي خيار فردي حر ولكن الإتنين التانيات موسسات إجتماعية/إقتصادية/سياسية توظف الهوية لمواجهة الآخر.
ما عارف كلامي دا في البوينت ولا أوف بوينت غايتو جدعتو ليك |
جزء من الكلام التحتو خط هو الانا اقتبسته في مداخلتي الاولى
طيب عشان ننتهي من مسالة اللولوة دي وريني وين انا قلت ليك انك انت قلت انك عربي? او حتي اني كتبت كلمة عربي?
| |
|
|
|
|
|
|
|