|
Re: تعالو شوفو معي حلفا القديمة قبل الهجرة (Re: فيصل محمد خليل)
|
قريبى سلام إر مسكاقنا
قول لغير الناطقين بلغة الاجداد ما قاله صالح ولولى: أدن بقديل إكة دوما إدنقون أنين بسكة دوما إنيسى كدودتوكا دوما..
واهدى اليك هذه الابيات التى نشرتها فى المنتدى النوبى: حفيدة كوش
قفا نبك فى كولب أو عكاشة * على طلل قد نراه طشاشا وعوجا على أكمة أو ملاملة * وعيدا سلاما مليئا بشاشة ومرا بجمقة حيث الرمال* لجين تراءى كبلور شاشة سقى الله أيام حبوبتى* ليالى( تنون ديفى) أو (غربناشة) ألا ليتنى صرت يوما اليكم* أحلق فى كولب كالفراشة أطيل الوقوف (بكرج جمركة) * وأرنو لساب النخيل باشا وأهتف يا كولب مضناك آت* كسهم رماة الأحداق ناشا *************** طربت ل(هيثم) حلو البيان * يعالج بالشعر داءا عضال ويسكب ترياق حب عليه * ليشفى العليل بداء النضال و(رامى) الذى رام مجدا قديما * أعاد الى الدرب عاقا وضال ومن (هبة) الشعرحلو الكلام * أتانا فقلنا أتانا الجمال اليكم جميعا سلامى وحبى* لأهلى بكولب وأكمة ودال سلامى لسكان شيخ قريش * وأبسونقى دارة آل هلال قريبا نعود اليكم نوارس * تطوى الفيافى وتطوى الجبال الى كوش يوما سأسرج خيلى * وأعدو لأقواسنا والنبال أنافح عنها العدا والعوادى* وأبذل روحى لها بامتثال **************** أغنى (سبل ليلى) يا أحمد آغا * فغادات كوش سلبن اليراعا برزن من النيل (كالأنقلسكى) * وأسراب (ريم) تمر سراعا وتلك الجرار الصغيرات مالت* على رأسهن كبندول ساعة على النهد سالت حبيبات ماء * كدمعى عليهن سال التياعا وناحت على النخل قمرية * وغنت فأشبعت قلبى استماعا ******************** وفى وطن شوهته ذقون * ستأتى اليه الوجوه الحليقة وتهدر فى ساحة القصريوما * كسيل الزبى من بلاد سحيقة لتملأ سوداننا بالأمانى * وترجعنا للربوع الصديقة ونشعل ساحاتها بالأغانى * ونزرع للحب أزهى حديقة بهاليل آل هلالى إليكم * تعود العلوم ونور الحقيقة سنمضى الى كولب ذات يوم * لنلثم أرضا سقتنا الرحيقا عليها درجنا ومنها خرجنا * نعانى جراحات حلفا الغريقة بعيدون عنكم قريبون منكم * ونحن على البعد نزداد ضيقا فعشاق عزة محض هواهم * هوى وطن منذ بدء الخليقة أرادوا بكجبار شرا ولكن* سواعد كوش أرتنا الطريقة بأن الضعيف يظل ضعيفا* اذا ما استهان وضل الطريقا وأن القوى سيبقى قويا * اذا ما اتحدنا وصرنا فريقا ************ سليل رماة الأحداق هيا * تعملق ولا تك يوما (كدود) فأمك كنداكة فى الزمان * شادت قلاعا وجازت حدود وقادت جيوشا وهزت عروشا ودكت حصونا وفكت قيود ألا يا حفيدة كوش تعالى * لنعلى أساسا بناه الجدود نعيد الى كوش مجد تهارقا * ونزحم آفاقنا بالبنود ونحمى حمى أرضنا بالدماء * ونرفع هاماتنا كالسدود نصد عن الأرض كيد الأعادى * ونبطل شر الحسود الحقود لتسجع فوق النخيل الحمام * وتشدوالقمارى وتزهو الورود ويعزف طنبور وردى ومكى * أنين السواقى ولحن الخلود ويهتف (إيسب) عشقا ل(هيلة) * بصوت ملىء كقصف الرعود هنا الحب كالنخل ينموطويلا* ويبقى جميلا جمال الوجود وتبقين أنت كما أنت (أشرى) * ونبقى على الدهر رمز الصمود ونهتف جمعا: (نلسى نلسى) * (إيلسى أيلسى) إلى أن نعود
نورالدين منان – الولايات المتحدة 24 مايو 2003
| |
|
|
|
|
|
|
Re: تعالو شوفو معي حلفا القديمة قبل الهجرة (Re: فيصل محمد خليل)
|
حبيبنا فيصل يا أشرنكيل تخيل قدر ماحاولت الأمتناع عن تصفح هذا البوست حتى لا اقلب المواجع على نفسى لأنى حقيقة ما ناقص لكن برضو الدم بيحن.. اكثر ما أعجبنى هو اصرار اهلنا النوبيين على التمسك بأرضهم حتى ولو كانت رمالا وجبالا واصرارهم على بعث حلفا من جديد..والله انه اصرار لو قسموه على الدنيا لكفاها وزاد..انه الموروث الحضارى يافيصل الذى صار جزءا من كروموسوماتنا التى ورثناها من آباءنا وسنورثها لأبناءنا من بعدنا..الكلام كتير يافيصل وفى الحلق غصة وشكرا ليك على الصور التاريخية التى مست فينا جرحا لم ولن يندمل .بس المهم ماننسى . مع تحياتى
| |
|
|
|
|
|
|
Re: تعالو شوفو معي حلفا القديمة قبل الهجرة (Re: فيصل محمد خليل)
|
حول امكانية انشاء جامعة مفتوحة بوادي حلفا
http://nubianforum.com/vb/showthread.php?p=17425&posted...1#post17425post17425
مدخل: تتميز مدينة وادي حلفا بخصوصيات ترتبط باسباب تاريخية و جغرافية و سياسية تتصل بموقع المدينة كواجهة شمالية للسودان ، و كمدينة حدودية تشكل الانطباع الاول لزوار البلاد من السياح و الاجانب و المسافرين. من الناحية التاريخية كانت زادي حلفا من أهم مدن البلاد كواحدة من المدن الرئيسية للمديرية الشمالية القديمة ، و كحاضرة تحتضن الرئاسة الادارية للمنطقة . اما الموقع الجغرافي المميز الذي تحتله المدينة فقد أضفى عليها أهمية قصوى باعتبارها الميناء النهري الاول ، و هو من اقدم المواني على امتداد مجرى النيل ، و تتمحور حول ميناء حلفا حركة اقتصادية متزايدة تضع المنطقة في صدارة المواقع التي تغذي الاقتصاد الولائي و الاتحادي. ثم تأتي الاهمية السياسية العائدة الى كون حلفا تمثل القلب النابض لمنطقة التواصل البشري المباشر مع الشقيقة مصر ، و هي المنطقة التي تتجسد فيها مضامين العلائق التاريخية بين شعبي وادي النيل. اما المواطنون الذين وضعوا اللبنات الاولى لتتواصل ايقاعات الحياة بعد مأساة السد العالي فهم يحتلون مكانا مرموقا في تاريخ السجل البطولي للشعب السوداني في المقاومة و الرفض، فقد كانوا أول من دق مسمارا في نعش الدكتاتورية العسكرية التي فرضت الهجرة، و كان القرار الشعبي الرافض لمبدأ التهجير ، و كان أن تمسك المواطنون بأرض اجدادهم مواجهين شتى أساليب الترغيب و الترهيب فما وهنوا وما استكانوا، بل صبروا و صمدوا أمام قهر السلطة و جبروت الطبيعة و قوة الفيضان حتى فرضوا وجودهم قبالة مدينتهم الغرقى ، مرتحلين من مرتفع لآخر كلما داهمتهم المياه الى أن استقروا في جوف الصحراء لا يحملون سلاحا سوى ايمانهم بحقهم في البقاء بموطنهم مهما كلفهم ذلك البقاء من عنت و شظف و حرمان. و فيما بعد أكتوبر 1964م و عقب انتزاع حق المواطنة و حق البقاء ، واصل أبناء حلفا نضالهم على طريق اعادة بناء مدينتهم و بعث الروح في أوصالها، بادئين من الصفر بعد ان ابتلعت بحيرة النوبة كل ما شيدته الاجيال المتعاقبة على امتداد آلاف السنوات : فاغرقت الارض و البيت و النخل و التراث، و اجتاحت المساكن و المدارس و المعابد، و اختفت تحت ضربات الامواج مظاهر الحضارة و اثار التاريخ و شواهد الامجاد القديمة التي ظلت متوارثة. و مع أن المسيرة قد مضت ، فقامت المدينة ببعض مرافقها و مؤسساتها ، الا أن هناك الكثير الذي لا بد من انجازه حتى تكتمل الجوانب الحيوية الهامة لمسار الحياة ، في بقعة هي واجهة السودان و بوابة البلاد،... و يأتي على رأس هذه النواقص النشاط الثقافي و التعليمي المفتوح للجميع. ومن هنا تنبع الاهمية القصوى لقيام مؤسسة تعليمية ثقافية متكاملة تعمل على تقديم الخدمة التعليمية و الثقافية و التدريبية و التأهيلية لكل قطاعات المجتمع من رجال و نساء مع التركيز على الشباب من الفاقد التربوي المتساقط في ما بين المراحل التعليمية المختلفة ، فضلا عن أولئك الذين قعدت بهم ظروفهم فانقطعوا عن التعليم النظامي. و لئن كان لابد من اقتراح مدخل محدد لتجسيد هذا المطمح النبيل ، فإن التصور المبدئي يمكن أن يقوم على انشاء جامعة مفتوحة متكاملة يلحق بها بيت او قصر ثقافة يكون به مركز للتدريب الحرفي المهني و مكتبة ثقافية عامة و فصول دراسية موازية للتعليم النظامي خاصة في الصفوف النهائية (ثامن أساس و ثالث ثانوي) و 1ذلك للتأهيل للجلوس لامتحانات الشهادات المرحلية. كذلك يمكن أن يقوم في رحاب هذه المؤسسة مشروع الاسرة المنتجة لتمكين ربات البيوت و الفتيات من ايجاد مصادر للدخل المادي لمساعدة الأسر. هذا كله الى جانب ما يمكن ان يكون بهذه المؤسسة من مناشط ثقافية متعددة كالمحاضرات و الندوات و العروض السينمائية التعليمية و التثقيفية ، كما يمكن التفكير في اقامة معرض دائم للتراث و التاريخ النوبي و مركز لتوثيق و تسجيل التاريخ المعاصر للمنطقة ووقائع كفاح ابنائها و تجربتهم الرائدة و غير المسبوقة. و مما يزيد من الخوخة الماسة لمثل هذا المشروع: التردي المؤلم الذي تنحدر إليه مستويات التعليم في المراحل المختلفة بمنطقة حلفا و السكوت و المحس و التي كانت لها الصدارة و التفوق، و بالرغم من أن المجال قد يضيق عن تعداد مؤشرات ذلك التردي و أسبابه و نتائجه المحزنة، الا انه لاضير من الاشارة الى أن الفراغ الثقافي الذي يسود المنطقة هو أحد الأسباب الموضوعية السالبة التي ترتبط ارتباطا وثيقا بتدهور المستويات في كل المراحل، الامر الذي يستدعي ايلاء الاولوية القصوى لمسألة البعث الثقافي بحسبان ان العلم و الثقافة هما وحدهما الكفيلان باستنهاض روح البناء و العمران فاذا كنا نتوق لان تستعيد هذه المنطقة اسهامها الايجابي في حركة الحياة، فانه لابد من الادراك الواعي بان ذلك الاسهام لا يمكن تصوره بمعزل عن بناء مجتمع اكثر نشاطا و انتاجا، و هو بناء لا يقوم الا على ثقافة و علم يتسلح بهما الانسان ليتمكن من تطويع الطبيعة و تفجير الطاقات و استثمار الموارد. و من يمن الطالع ان منطقة وادي حلفا – برغم ما أصابها من اغراق و تدمير – تختزن طائفة واسعة من المعطيات الاقتصادية المتنوعة: هنالك مقومات العمل الزراعي المتسع لوجود الاف الافدنة من الاراضي الخصبة هي المساحات الواسعة التي انحسرت عنها البحيرة ، و الوديان الطبيعية المتعددة ، و التي تفتح افاقا رحبة من الاستثمار الزراعي و الحيواني و التصنيع الغذائي .. و هناك الثروة السمكية الهائلة التي تزخر بها البحيرة، فضلا عن التوقعات التعدينية المتفائلة على امتداد المنطقة بين وادي حلفا و كرمة ...هذا كله الى جانب الدور الاساسي المناط بالمدينة كميناء تتصل عبره حركة النقل النهري للركاب و البضائع بين السودان و مصر، و هو دور لا يكتمل بدون ايجاد مدينة حديثة المرافق متكاملة الخدمات تستطيع ان تلعب دورها في تقديم الخدمة المتطورة في النقل و التخليص و التخزين، و في خدمات الفنادق و السياحة و غيرها .. و هذا هو التحدي الذي يواجه هذا الجيل من ابناء المنطقة و القاطنين بها و المهتمين باعادة تعميرها، و لن يكون هذا بغير معالجة عاجلة للخلل الراهن في نظرة المجتمع للتعليم و اهميته في خلق واقع جديد ، و بغير اتاحة المزيد من فرص التعليم للسباب من الجنسين . خلاصة القول ان هذه المنطقة في حوجة ماسة الى يقظة تعليمية و ثقافية مخططة تضع في مقدمة أهدافها تسليح الاجيال الجديدة بالعلم و المعرفة والقدرة التقنية، و دفع تلك الاجيال الى استقراء تاريخ المنطقة و استيعاب حاضرها و العمل على بناء مستقبلها بالاستفادة العلمية المتقدمة من كافة الامكانات المتاحة و المرتقبة ، بما يحقق في النهاية خير الانسان و امنه و استقراره و سعادته.
حسين محمد طاهر موجه تربوي بتعليم وادي حلفا
| |
|
|
|
|
|
|
Re: تعالو شوفو معي حلفا القديمة قبل الهجرة (Re: فيصل محمد خليل)
|
حبيبنا وقريبنا الحلفوكى فيصل
معليش اتاخرنا شوية عليك فقد كنا الشرك (أدين بقد) للجماعة إياهم وان شاء الله يقعوا فيهو قريب!! واصل هذا المعرض الجميل الذى يهيج مشاعرنا ويربطنا بعروس النيل وام المدائن وادى حلفا.. اشدوا ووحلفا.. ارد سما لاق اوجنا.. وسنبكى الى ان نعيدها سيرتها الاولى ...
قرببنا وعمدتنا وحامل اسم الشجرة النوبية الكبيرة ولياب.. شكرا على تنشيط ذاكرتنا لتلك الايام العصيبة.. ايام المقاومة النوبية.. اول مقاومة لاول حكومة عسكرية فى البلاد...
Quote: وبرضو بذكرك بقول ولولي في معرض هجائه لحسن بشير
حسن بشير كرتيكوقا قر قوج فين مانجيكوقا شوالك كتكرا نجترا |
واذكر ايضا:
حسن دفيا الله لو توق دبل إيكومى (وين حسن دفع الله؟ لقد رحل مع الريح) ارجو ممن يملكون المزيد من الصور عن الهجرة ان يستغلوا هذا المعرض النوبى الاسفيرى الجميل..
نورى جليلة (نورالدين منان)
| |
|
|
|
|
|
|
حلفا الجميله (Re: فيصل محمد خليل)
|
ياسلام يافيصل اثرت فينا ذكريات جميله فى أحلى بلده رايتها خلال تجوالى فى حوالى 12 دوله كانت وادى حلفا الاجمل والاحلى والاروع كانت تجمع بين طيبة اهلها بجذورهم السودانيه وحلاوة مصر وخضرتها وحقيقه لاهلنا الحلفاويين ان يهتفوا حلفا دغيم ولاباريس كان السواح يقصدونها بلالاف يتجولون فى تلك البلده الآمنه والتى كان عندما يحدث فيها حادث سرقه واحد تكون حديث كل المواطنين لايام وليالى ولولم يفعل حكم عبود غير ضياع حلفا لاستحق كنسه بثوره ياحسرتنا على حلفا الجميله ويااستاذ فيصل هل انت كنت طالبا فى حلفا الاميريه فى عهد الناظر احمد على وعكرمه واستاذ الخضر بتاع العربى والدين ويسن لك تحياتى السنجك
| |
|
|
|
|
|
|
Re: حلفا الجميله (Re: السنجك)
|
اخوي السنجك نحيك نتحية بتحية اهل حلفا و السكوت و المحس
مسكاقنا
نشكرك بانحيازك بجانب الحق و وصفك لحلفا بانها اجمل ما زرت من مدن
ثانيا انا ولد صغير ما حضرت حلفا الاميرية دة انا غلبان
فيصل محمد خليل
| |
|
|
|
|
|
|
Re: تعالو شوفو حلفا القديمة قبل الهجرة (Re: فيصل محمد خليل)
|
الرائع / فيصل محمد خليل
حقيقة الحصل لوادي حلفا جريمة ضد الثقافة وضد الإنسانية وضد الإستقرار وضد الشعب السوداني قاطبة وهي حقيقة لا تغتفر. الناس يتعبوا يعملوا حاجات جميلة يجي واحد اهطل يقرر إنه يهدم الشئ الجميل ده ... بالله شوف المخ الغريب ده.
فلنبني وادي حلفا من جديد لكل كل الود
شول اشوانق دينق
| |
|
|
|
|
|
|
Re: تعالو شوفو حلفا القديمة قبل الهجرة (Re: فيصل محمد خليل)
|
الأدب النوبي بين جبال الكحل وليالي المسك 2002/08/07 ** عبد الرحمن محمد – مصر "فكرة الحنين إلى أرض الأجداد".. ترقد تحت مياه النهر العظيم، تسافر إليها قلوب أبناء النوبة بمصر، وتحلق حولها أعمال أدبائها وشعرائها وروائييها. الحنين الجارف إلى حياة وادٍ ظليلة عامرة بالخضرة والثمر من كل لون. فما زال النوبيون يحتمون بدفء الوطن، يحيون في قلبه، وانتماؤهم له يؤكد أنه هو أيضا يحيا في قلوبهم.
فالمبدع النوبي الذي خرج من رحم "الهجرة والمعاناة" تفجّرت طاقاته الإبداعية بعد أن ضحّت النوبة لتتحول إلى خزان مياه لمصر كلها. فمنذ عام 1902 عند بناء خزان أسوان عَرف النوبي معنى التضحية بالأرض والجذور والنخيل، وتكرر هذا المعنى في التعلية الأولى للخزان عام 1912، وفي التعلية الثانية عام 1933.
ولم تقف التضحيات ولم يتوقف معها الإبداع النوبي حتى حدث الغرق الكامل لبلاد النوبة بعد إتمام مشروع السد العالي عام 1964. فغرِقت الأراضي الزراعية والنخيل وقبور الأجداد، وسافر الرجال إلى الشمال سعياً وراء الرزق.
وتحت ظلال هذه الأطروحات، وهذا الحنين دارت أحداث الرواية النوبية، وتشكلت ملامح الأدب النوبي بقضيته الأزلية "التهجير".
أنثروبولوجيا.. رواية بملامح الناس
"قال الولد الصغير وهو يتوسد فخِذ جدته، ممدا جسده فوق بساط الرمل الناعم الذي يتوسط حوش الدار المفتوح: احكي لي يا أنا (جدتي). وتحكي الجدة لحفيدها حكاية زواجها من جده في الزمن البعيد، كان القمر يطلّ عليها من عليائه، وارتوت الأشياء من ضوئه فباتت واضحة، وردّت الأطباق الصينية التي تزيّن الجدران فوق الأبواب المطلة على الحوش، ردت الضوء الشفيف ممتزجا بألوانها فأحالت الحوش كله إلى لوحة جميلة رائعة الألوان، عينا الجدة تسافران إلى السماء تلتقيان بعين القمر، تنبسط أسارير وجهها الذي يشبه وجه نفرتاري المحفور على جدران المعبد؛ إذ ترنو الملكة القديمة إلى قرص الشمس ذات الأذرع الكثيرة الممتدة منها في كل اتجاه، توزع الخير على أجزاء الكون.
قالت الجدة وهي تروى قصة زواجها: زمان يا ولدي قبل أن يجيء أبوك إلى الدنيا.. قبل أن يأتي جَدك إلى دارنا ليطلب يدي من أبي، في ذلك الوقت - قاطعها الحفيد: كنت أجمل الجميلات - فانفرجت شفتاها عن بسمة لؤلؤية جميلة، وقالت: كنت صغيرة يا ولدي مثل البدر الذي أحببتُه حتى العشق، فأحبني، أخذت من حلاوته وأعطاني، كل ليلة كنت أسهر معه في وجهه أرشق عيني وأناجيه، فخلع عليّ استدارة وجهه، وسحر عينيه، وصفاء الوجه، والكل يناديني: أونت (القمر)، ونسوا اسمي الحقيقي".
هذه السطور للأديب حسن نور في إحدى قصصه العذبة، علاقة حميمة تجمع بين ولد صغير وجدته التي تروي له حكاية زواجها في الزمن البعيد زمن النوبة القديمة قبل التهجير، ومنها قد نلمس جماليات الأدب النوبي وأهم خصائصه.
ومن هذه الخصائص كونها رواية أنثروبولوجية تصف أهل النوبة وطباعهم وعاداتهم، وُجوههم السمراء، وعيونهم الصافية، وضمائرهم النقية، والمواقف التي تؤيد ذلك.
العنجريب.. متكأ المبدعين
ومن هذه الخصائص أيضا الإسراف في وصف البيئة النوبية، وهو ملمح أساسي لكل الأدباء، ويفسره فكرة الحنين إلى الماضي رغم مضي كل هذه السنوات على "التهجير"، وترك النوبة القديمة.
كما أن طبيعة العلاقات بين النوبيين تلعب دورا في هذا التعلق الروحي الذي انعكس على قلم الأدباء الذي يتميز بغلبة الحسّ الشعري واللغة التصويرية المجازية التي تعكس الطاقة الانفعالية والعاطفية لدى النوبيين، وهو ما اتضح بصورة واضحة. فها هي "أشا أشري" أو عائشة الجميلة (لو ترجمنا الاسم من النوبية إلى العربية) تجلس إلى جوار نهر النيل المبارك الذي يتهاوى كحلم مدته دقيقة رقيقة كأنها غمازات سمحة في جسد بنت خمرية ريانة تتهاوى في خفر، قالت "أشا أشري" لنفسها: نيلنا فوقه وحوله هالة من الشفافية، وشْوشة أمواجه هادئة كخطو وليد بطيء، ونسمته عطرٌ للكون، فأشرب منه بعيني.. بأنفي.. بمسامي، جبلنا والسماء قبل طلوع الشمس درجات من اللون الرصاصي مبرقش بالفضة.. شريط الخضرة الضيق الطويل يتنفس فيزفَر سَكرا يتصاعد، وسباطات البلح تبثُّ أريجها عرقا ربانيا محسوسا غير مرئي يشمل الجريد، ويهتز لينا على أسقف النخيل فيخلط العطور البكرية ويوزعها بالحب.
كان هذا وصف عائشة الجميلة للبيئة النوبية الذي أجراه حجاج الدول (في إحدى قصصه القصيرة من مجموعة ليالي المسك العتيقة) على لسانها.
ومجموعة "ليالي المسك العتيقة" هي منظومة أخرى من الجمال والإبداع وأعذب ما فيها هي قصة "ليالي المسك العتيقة" التي عنون حجاج الدول بها اسم المجموعة من خلال وصفٍ شاعريٍّ خلاب يصف لنا الحياة في النوبة، وجو العرس النوبي، وأهل النوبة، ورقصات البنات الجميلات، فهي قصة فريدة تستقطر حلاوة العيش الذي يعبر عنه أهله.
ونجد الأدب النوبي بكافة أشكاله (القصيدة والقصة القصيرة والرواية) يتمتع بعدة ملامح، تُكسبه خصوصية، وتشكل إطاره الفني العريض، فهناك كثرة الوصف والتفاصيل، وتضمنه عناصر التراث، فهو أدب يحمل بداخله أعراف وتقاليد وخصائص بيئية متفردة ترتبط بكل من خصوصية المكان واللغة والبشر. فلا يخلو أي عمل روائي نوبي من مفردات النهر والساقية النوبية والعرش الكبير والعنجريب (سرير نوبي) والجوربات (يطلقه النوبيون على غير النوبي).
الشمندورة.. بقلم كوبيا
وإذا كان "محمد خليل قاسم" ذلك الأديب النوبي الذي رحل منذ سنوات بعيدة لم يترك وراءه سوى رواية واحدة هي "الشمندورة" فإن هذه الرواية، بإجماع النقاد، واحدة من علامات الرواية، ليس في مصر فقط، ولكن في الأدب الإنساني بصفة عامة. فراوية "الشمندورة" التي كتبها "محمد خليل قاسم" عام 1964 وتم نشرها عام 1968 تعدُّ أول رواية نوبية بالمفهوم الحديث للأدب.
ويعتبر "خليل قاسم" الأب الروحي لجيل من الأدباء النوبيين مثل "يحيى مختار" و"حجاج الدول" و"إدريس علي" و"حسن نور" و"محمد الماوردي" و"إبراهيم فهمي" وآخرين.
ورواية "الشمندورة" كتبت داخل معتقل الواحات، حيث استطاع "قاسم" أن يكتبها بسن "قلم كوبيا" على ورق "بفرا"، واستطاع أن يهربها من المعتقل، وهو ما يرويه رفيق كفاحه "يحيى مختار" أحد العلامات البارزة في تاريخ الأدب النوبي.
ورواية "الشمندورة" أشبه بمعايشة للكاتب في قريته "قتة" هذه القرية النوبية الصغيرة التي تأثرت حياتها باتخاذ قرار تحويل مجرى النهر عام 1962 والبدء في مشروع بناء السد العالي، وهو ما حرك "قاسم" ليكتب أحداث "الشمندورة" التي تدور حول تأثير التعلية الثانية لخزان أسوان عام 1933 على النوبيين، ولم يتطرق "قاسم" إلى سرد تأثيرات السد العالي على حياة النوبيين واستقرارهم، واكتفى بتأثير بناء الخزان تاركًا ذلك للأدباء من الجيل الذي جاء بعده.
ورواية "الشمندورة" كما يقول الناقد الدكتور "شكري عياد" محاكاة لرواية "الأرض" لعبد الرحمن الشرقاوي، من وجوه كثيرة، ولكن الفصول الأخيرة في "الشمندورة" أقوى دراميًّا من نظيراتها في "الأرض".
ورغم أن رواية الشمندورة هي الرواية الأولى في الأدب النوبي فإن الزمن قبل الشمندورة لم يخلُ من محاولات أخرى للمبدع النوبي في التعبير عن ذاته، فكانت هناك بعض الدواوين الشعرية القليلة.
فقد ظهر ديوان "بين ظلال النخيل" لعبد الرحيم إدريس عام 1934، كما ظهر ديوان "النائح الشادي" لحسين روم ابن قرية "أبريم" النوبية، وهاتان المحاولتان يمكن أن نطلق عليهما محاولات ما قبل الشمندورة.
ما بعد الشمندورة.. حتى الثمانينيات
بعد أن كتب خليل قاسم رواية الشمندورة عام 1964، توقف الزمن كثيرًا في ظاهرة أدبية لافتة للنظر حتى نهاية الثمانينيات وبداية التسعينيات، إلى أن ظهرت رواية نوبية أخرى، فقد بدأت تظهر روايات مثل "ليالي المسك العتيقة" لحجاج الدول و"عروس النيل" ليحيى مختار و"القمر بوبا" لإبراهيم فهمي و"دنقلة" لإدريس علي و"بيت النهر والجبل" لحسن نور، ثم توالت إبداعات أخرى مثل "الكشر" لحجاج الدول و"مجموعة كويلا" و"ماء الحياة" ليحيى مختار.
ولقد كان السد العالي المحرك الأساسي لظهور هذه الأعمال، وكانت القضايا الأساسية التي حملتها هي قضايا الحنين والبكاء على الماضي وتصوير حياة النوبة، والتعبير عن مشاكل وأوضاع النوبيين وتأثيرات التهجير. وبرزت روايتان أساسيتان رصدتا تأثير السد العالي بشكل أساسي، هما "جبال الكحل" ليحيى مختار و"النوبي" لإدريس علي.
لعل أكثر ما يُقلق هذا الجيل من أدباء النوبة المعاصرين هو ما عبر عنه صراحة الأديب المبدع يحيى مختار في عبارة موجزة وفي إجابة عن أجيال الأدب النوبي قال: "إنه لا يوجد أجيال، فقط كان الجيل الأول يمثله محمد خليل قاسم. والجيل الحالي نحن: أنا وحجاج الدول وإدريس علي وحسن نور، ولا تظهر بوادر لآخرين يحملون الشعلة من بعدنا".
ترى ألا يستحق هذا التراث الفني الخلاب وهذه النوبة الجميلة.. أجيالا تلي الأجيال حاملة للتراث، أم أن الأدب النوبي والرواية النوبية ستنتهي مع توقف الجيل الحالي عن النوح والبكاء والحنين إلى أرض الذهب.
فيصل محمد خليل
| |
|
|
|
|
|
|
|