الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!!

نعى اليم ...... سودانيز اون لاين دوت كم تحتسب الزميل فتحي البحيري فى رحمه الله
وداعاً فتحي البحيري
مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-28-2024, 01:12 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الثاني للعام 2008م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
04-21-2008, 04:42 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)


    معنى الحياة ؟!

    تعليق على كتاب الكاتب الروسي ثيودوثيس دوبجانسكي
    (2)

    الفصل الثاني
    د. عمر القراي

    http://arkamani.org/sceince-fundamentalism/contributions/omargarai-1.htm


    آلهة الفجوات

    يعتقد دوبجانسكي، ان الكثيرين من المتدينيين، لا يفرحون لاكتشافات العلم، في مختلف المجالات، خاصة حين يشرح ما كان يعتبر من أسرار الطبيعة، التي لا يعلمها إلا الله ... وهم يرون في انحسار هذه الأسرار، تهديداً لأمان معتقداتهم الدينية. ولهذا لا بدَّ ان يجدوا فجوات في المعرفة العلمية، حتى يدخلوا منها الفعل الإلهي، ويبررون بذلك كافة معتقداتهم، التى لا تقوم إلا على أساس القدرة المطلقة للإله، والعجز الإنساني... من هنا، سمى هذا الفصل : آلهة الفجوات !!

    ولقد ميّز الكاتب، بين مجموعتين : المتدينون الذين يبحثون عن آلهة الفجوات، والعلماء الذين يظنون ان العلم المادي احصى كل شئ، وقام بتفسير كل شئ، ومن ثم، لم يعد هناك مجال للتدخل الإلهي، أو حتى الوجود الإلهي، الذى لايرون فيه إلا (مرتعاَ للغموض والمعجزات) ... وبين هؤلاء، وأولئك، قلة من العلماء، يرون رغم علمهم المادي الغزير، ضرورة اعتبار الجانب الإلهي، الذى بغيره لا تكتمل الصورة... وكمثال للعلماء المؤمنين، يتحدث دوبجانسكي، عن نيوتن، فيقول : "لقد تمكن نيوتن من تفسير حركة الكواكب حول الشمس بقوانين فيزيائية لكنه كان مع ذلك يعتقد بأن الدوران اليومي للكواكب لا يمكن اشتقاقه من الجاذبية وانما يحتاج لقوة إلهية لإحداثه" ... أما العلماء غير المؤمنين، فيضرب لهم المثل بـ لاباس، فيقول "سأل الإمبراطور نابليون الكوزمولوجي والرياضي لاباس عن سبب غياب اسم الله من مؤلفه الشهير عن ميكانيكا الأجرام السماوية. وربما قصد الإمبراطور المزاح بذلك السؤال ولكن لاباس أجاب بكل جدية بأنه لم يكن محتاجاً لفرضية الله في عمله". وبناء على ذلك، كما يؤكد الكاتب، إعتقد الكثيرون، انه اذا لم تكن هنالك حاجة لله في شئون السماء، فالحاجة إليه، في شئون الأرض، تكون أقل. وكتبت مؤلفات عديدة، عن أفول فرضية الله، وعن موت الإله، وعن عدم الحاجة الى الله، في كافة المجالات العلمية، والواقعية الحياتية.

    لقد فسر العلماء، الذين رفضوا الدين - فيما يحدثنا الكاتب - نشأته بالبدائية، وطفولة البشرية، حيث كان الإنسان يعتقد ان لكل شئ روح، فنشأت عبادة الأرواح والطوطم ... ولقد ضرب المثل بعالم الأنثروبولوجيا تايلور، كما لخص هذا الاتجاه، بعبارات لـ مالينونسكي (1931) "بمجرد ان أحكّم الإنسان قبضته على البيئة باستخدام الأدوات وبمجرد ان ظهرت اللغة فقد صارت هنالك معرفة ذات طبيعة علمية ولا يمكن لأي ثقافة ان تبقى لو كانت فنونها وحرفها وأسلحتها واقتصادها مؤسسة على مفاهيم ومذاهب خفية وغير تجريبية"

    إن أهم ما تحدث عنه الكاتب، في هذا الفصل، هو الاشكالية التى صاحبت التفسير العلمي، لظاهرة نمو الكائن الحي، وتخلقه، وهل هو تعاقبي أم خلقي ... ومع ان الموضوع، يتعلق بالكائن الحي عموماً، إلا ان التعقيد البالغ، قد ظهر في تناول هؤلاء العلماء والفلاسفة للإنسان بصفة خاصة ... في هذا الصدد، يتعرض الكاتب، الى ثلاثة تيارات أساسية :

    1- التيار الذى يعتبر الإنسان مثل الآلة، ويعزي التغيرات فيه الى علاقات رياضية ميكانيكية، ويمثله - فيما نقل لنا الكاتب - الفيلسوف ديكارت.
    2- التيار الحيوي، وهو يعزي التغيرات الى طاقة حيوية، سماها بعض العلماء "التيلوس"، تدفع بالجسد في مراحل النمو والتغيير.
    3- التيار التطوري، ويمثله دارون، ومن وافقه من العلماء. ثم ما حدث فيما بعد، من تعمق في هذا الاتجاه، نتيجة ابحاث علوم الوراثة.

    يرى الكاتب، ان ديكارت رغم اختزاله لتكون الإنسان، وتطوره، في عمليات هندسية، ورياضية، لا يرى ان الإنسان آلة فقط، بل يصر على انه آلة لديها روح !! وينقل عن ديكارت قوله "لا أقبل ولا أرغب مبدأ آخر في الطبيعة سوى الهندسة والرياضيات المجردة لأن كل ظواهر الحياة يمكن ان تُفسر عن طريقها ويتم إثباتها بها. الأجسام الحية آلات وكذلك جسم الإنسان لكن الإنسان ليس آلة وحسب ان له روح ليست آلية" ... انما ما دفع ديكارت للتنازل عن هذه المادية، وقبول الثنائية، هو حسب رأي الكاتب، تعبير الإنسان عن رأيه بالكلام، والذى يقتضي صورة من التفكير المعقد الذى لا تستطيعه الآلة. فقد ذكر الكاتب، ان ديكارت (1637) قد تخيل آلة تنطق بالكلمات، ثم ذكر ان هذه الآلة لا يمكن ان "تنظم كلماتها بطرق مختلفة بحيث ترد رداً مناسباً على كل ما يقال في وجودها بالطريقة التى يستطيعها أدنى البشر". بعد قرن من ديكارت، جاء علماء مثل لا متري (1748)، ودوهولباخ (1770)، هلفيتيس (1772)، لا يرون أي ضرورة لاقحام موضوع الروح، ويؤكدون ان الإنسان آلة معقدة، وليس شيئاً سوى ذلك.

    على ان اتجاه الآلية بشقيه، أخذ يواجه بتحد، منذ ان اكتشف أحد تلاميذ العالم لـ يوونهوك، ويدعى هام، الحيوانات المنوية في 1677، وصحب ذلك الرأي بالتخليق المسبق ... اذ ساد الاعتقاد وسط العلماء، بان الإنسان موجود بصورة مصغرة، في الحيوان المنوي !! إلا ان وولف أوضح عامي 1759 و1786 الغياب التام، لما يشبه أجزاء الجسد البالغ، في الأجنة المبكرة للحيوانات، أو بذور النباتات. وحين سئل عن سبب النمو، أجاب بأنه توجد قوة حيوية، هى التى توجه التنامي المتعاقب للجنين، وتصون البدن البالغ فيما بعد. وهكذا حلت النظرية الحيوية، محل النظرية الآلية، وأيدها معظم علماء القرن الثامن عشر، أمثال هنتر، وستاهل، وبيشات. ولقد تطورت النظرية الحيوية، نتيجة بحوث كثيرة، فقد قام فونبيير 1837 بتطوير نظرية الطبقات الجرثومية، في الحيوانات. وبفضل أصحاب مبدأ الخلية، شيلدن 1838، وشوان 1839، فقد أصبح وصف عملية النمو دقيقاً ... وصاغ هيكال 1866، قانون النشؤ الاحيائي، الذى يقول بأن تنامي الفرد، هو استعادة قصيرة للتنامي التطوري، أي للتاريخ النوعي للمجموعة، التى ينتمي إليها ذلك الفرد. وقام هارتويق 1879، وفول 1879، بوصف ولوج الحيوان المنوي للبويضة، والتحام نواتيهما. ثم قامت مجموعة من العلماء، في نهاية القرن التاسع عشر، وبداية القرن العشرين، بتحليل سلوك الكروموسومات، ودورها في انقسام الخلية، وفي نضج الخلايا الجنسية، وفي عمليتي التخصيب، وانقسام البويضة المخصبة.

    وبينما كانت البحوث جارية في الخلية، كانت أيضاً نظريات تفسير سلوك الحيوان، وتطوره، وأثر البيئة عليه، مستمرة ... وظهرت نظرية دارون، كأوضح تفسير لتنامي الحيوان وتطوره، ولكن الكاتب لا يناقش النظرية في هذا الفصل، ولهذا نؤخر تعليقنا عليه. المهم هو ان تطور علم الوراثة، باكتشاف قوانين مندل 1865، وبداية اهتمام العلماء بها عام 1900، مثل قفزة كبيرة، دفعت لتطور مذهل في علم الأجنة، اختفى معه التركيز على النظرية الحيوية أو النظرية الآلية وحلت محلهما نظرية الوراثة.

    لقد كشف علم الوراثة، ان هناك طواقم من الجينات، تضم معلومات أو أوامر، تحدد مسار النمو ... وهى موضوعة في الجينات على صورة شفرة. ولقد وضع واطسون - كريك، فرضية، اثبتتها الحقائق التى اكتشفت، بعد بحثهما، فالجينات المختلفة، تماثل الكلمات أو الفقرات DNA وهى ان الوراثة شفرة منقوشة في سلسلة جزئي الحمض النووي منقوص الأكسجين في كتاب يحوي السيرة الكاملة، للكائن الحي، والتى يمكن قراءاتها بمجرد اكتشاف الشفرة التي كتبت بها سطورها DNA "انها تعاقبات مختلفة لأربع نويات، هي الحروف الوراثية الأربعة، ويتم نسخ الرسائل الوراثية، في الكروموسوم حيث تتم ترجمتها الى تعاقب الأحماض الأمينية التى تتشكل منها جزئيات البروتينات. والبروتينات منها لبنات بناء الجسم ومنها الأنزيمات وهى المحفزات التى تقوم بعمليتي الهدم والبناء"

    إن اختصار الكشوفات الحديثة لعلم الوراثة، للموضوع، في شفرات كيمائية، يرجعنا - حسب رأي الكاتب- الى فرضية الآلية، التى دعا لها ديكارت، مرة أخرى ... وذلك لأن هذه التفاعلات الكيمائية، إنما هى عمليات ميكانيكية تتم في مادة غير عضوية، لا علاقة لها بفرضية الحيوية، التى يرى الكاتب انها لم تثبت مطلقاً، في كل الكشوف العلمية. على ان هنالك علماء حيويون، لا يذكرون كلمة الحيوية، وان تبنوا نظرتها العامة، ويرى الكاتب انه لا بدً من الاستماع لبعض حججهم، ومن هؤلاء سينوت 1955 فقد قال أن "النسق المنظم الذى تضبطه رقابة أنشطته يوحي بوجود شئ بداخله تنحو هذه الأنشطة للتوافق معه، معيار، مستوى، هدف أو غاية ما يمكن ان يسميه الفيلسوف تيلوس كامن في مجمل الكتلة الحية".

    يخلص الكاتب، الى ان هناك طريقتين، لدراسة العالم الحي، بما فيه الإنسان "الطريقة الأولى هى المنهج الاختزالي أي الديكارتي. يتم في هذه الطريقة فحص مكونات الجسم الحي وتحليلها، وهى في النهاية المواد الكيماوية التى تبنى منها الأجسام بشكل عام، فاننا نحصل من هذا المنهج على تفسيرات من نوع الكائن – الآلة ... المنهج الثاني هو الدارويني انه ينطبق الى حد كبير على علم الأحياء، ولكنه ليس مقصوراً عليه. اننا نسأل كيف بنيت الكائنات الحية وصارت بالطريقة التى هى عليها، وبهذا المنهج فان الحياة والكائنات الحية يمكن ان تصبح مفهومة على ضوء أصولها، وتناميها التطوري أي في ضوء التطور" ... على ان الكاتب لا يرى تناقضاً بين هذين المنهجين، بل هو يراهما مكملان لبعضهما، كل ما هناك ان الباحث يحتاج للتفسير الديكارتي، كلما اقترب من المستوى الكيمائي، ويحتاج الى التفسير الدارويني، كلما اقترب من المستوى الكلي، للكائن الحي، وتفاعله مع البيئة.

    غير ان ايماننا بالتطور الكلي للكائن الحي، أو بالعمليات الكيمائية التى تحدث داخل الخلية، لا يكفي ليفسر لنا من أين تجئ مادة النمو، ولماذا يتم بهذه الصورة بالذات، في مختلف الكائنات الحيّة، وأنواعها. يقول الكاتب "لننظر الى هذه المعجزة اليومية التى لا تدهش أحداً مجئ حياة إنسانية جديدة. تزن البويضة الإنسانية جزءاً واحداً من عشرين مليون جزء من الأوقية. الشخص البالغ يزن خمسين مليون ضعف وزن البويضة. من أين تجئ مادة هذا النمو؟ من الواضح انها تستمد من البيئة من الطعام الذى يستهلك ويستوعب. الإنسان حرفياً خليط من البقالات المحولة. لكن هذا الخليط حي، يحس البهجة والمعاناة، ويمتلك الوعي بالذات ويقدر على أفعال تتراوح من الحنان الى الفروسية ومن البطولة الى الأنانية. إن الفكرة بأن خليط البقالات - مهما تحول - يمكن أن يأتي بهذه الأفعال صدمت البعض بحسباها محض هراء"*.

    يقترح الكاتب، كمخرج يوفق بين كون الإنسان مجموعة بقول، وان له في نفس الوقت مشاعر "ان وصف الإنسان بكونه خليطاً من البقالات المحولة صحيح وواقعي، لحدود معينة. ان حدود هذا الوصف تضعها طبيعته الاختزالية. ما نحتاج إليه هو النظير التركيبي. الإنسان يتكون بالتاكيد من جزيئيات وذرات لكنه لا ينشأ بالالتقاء لتلك الجزيئات والذرات. الحقيقة التى ينبغي ألا تغيب عن أعيننا أبداً هي ان كل كائن حي من أي نوع من الأنواع الموجودة الآن قد تحدر سلالياً مباشرة من أحد أشكال الحياة الابتدائية التى يقدر انها نشات قبل أكثر من بليوني عام".. واضح للكاتب ان التقاء الجزئيات، والذرات بصورة عشوائية، لا يمكن ان ينتج عنه تلقائياً إنسان، مما يجعل الجمع بين نظرية التطور، والنظرية الآلية، لا يكفي وحده، لتفسير لغز الحياة.

    يقول الكاتب "يبدو ان هناك مخرجاً واحداً من أزمتنا. لو أننا نستطيع إدخال الله في نهاية العلم، فلا بدَّ وان يكون موجوداً هناك من البداية وعلى طول الطريق". وكما لا يرى الكاتب كيف سندخل الله في هذه المعادلة، فانه يصر في الوقت نفسه، على رفض الفكرة الحيوية، ويعتبر التيلوس حلاً زائفاً، خاصة مع اصرار العلماء الحيويين، بأنه ليس مادة خاصة، ولا هو نوع من الطاقة !! ولكنه يفترض ان التيلوس، مهما كان، فانه لن يؤثر على الكائن الحي، الا اذا تدنى للمستويات المادية والطبيعية. حتى يؤكد الكاتب هذا المعنى، ضرب مثل بظاهرة التخاطب من البعد، أو التوسط بين الأرواح، وهى ظواهر يعدها الناس غير مادية، ولكنه يرى انه مهما كانت القوة غير المعروفه، المسؤولة عن التخاطر، فلا بدَّ من ان تكون قادرة على التاثير في خلايا الملتقي العصبية، حتى يظهر تاثيرها عليه. لا بدَّ لهذا الشكل الجديد، من الطاقة، أو القوى، من إحداث تاثير فسيولوجي، أو كيموحيوي، في هذه الخلايا، تتم ترجمته فسيولوجياً، آخر الأمر، الى تلفظات، ورسائل منطوقة، أو مكتوبة، أو مرئية، أو متخيلة.

    إن التساؤل عن أثر ما هو ليس مادي، على المادة، لا ينطلق من مسائل غامضة، مثل تحضير الأرواح، فحسب، وإنما يطرحه العلم أيضاً ... أذ يحدثنا الكاتب، بأن العالم الفسيولوجي الكبير، اكلز 1953 قد أكد على الصغر المتناهي لبعض البنيات البيولوجية، التى يتم فيها الاتصال بين العقل والمادة. وهى تمثل المشابك، التى تلتقي فيها أفرع الخلايا العصبية المختلفة، والتى يقدر وزنها من 12 الى 13 جرام. ورغم صغر حجمها، يمكن ان تؤدي الاثارة عبرها، الى اطلاق مئات الآلاف من العصبونات، في أقل من جزء من الألف من الثانية. وبعد ايراد هذه المعلومات يتساءل الكاتب "هل تخول لنا كفاءة هذه الآلية التضخمية الافتراض بأن قوة لا مادية يمكن ان تحدث تاثيراً قوياً في عمليات الجسم العيانية وحركاته؟

    وفي النظر الى القضية من زاوية أخرى، يطرح الكاتب، اقتراح النظر في الافتراض القائل، بأن المادة تكمن فيها بدايات الحياة، والاحساس، والإرادة. ويحدثنا عن ان هذه الأفكار، التى يقول انها سميت أحياناً، وحدة الوجود، أو الحلولية، في الفلسفة القديمة والأديان، والتى تبناها فلاسفة محدثون، أمثال هوايتهيد، وهارتشون، وعلماء أحياء أمثال رنش، وتيلار، ديشاردن، وبيرش، ورايت، وغيرهم. يلخص لنا الكاتب رأي رنش 1960، على النحو التالي : "ليست هناك فجوات في الصعود التطوري للإنسان والحيوانات العليا من الدنيا لذلك ليس هناك أساس لانكار ان لكل الحيوانات بما في ذلك وحيدة الخلية أحاسيس ومشاعر نابعة منها ولا أساس لانكار الاحساس لدى النباتات. أما رايت 1964 فانه يقول "لا يستطيع عالم الأحياء الفيلسوف ان يتفادى مسألة علاقة العقل بالمادة" وذلك لأنه "لو كان العالم غير الحي خالياً من العقل تماماً، ولو انه مضى وقت لم يكن وجود الحياة فيه ممكناً كما هو واضح، فكيف ظهر العقل اذن ؟... ان انبثاق العقل من لا عقل بتاتاً ليس الا محض سحر ... يبدو ان المخرج المقنع الوحيد، ان يكون العقل عالمياً موجوداً لا في كل الكائنات الحية وخلاياها وحسب، وإنما في الجزيئات والذرات حتى في الجسيمات الأولية.

    يتفق دوبجانسكي مع هؤلاء العلماء، في ان إمكانية الحياة، كانت موجودة في العالم اللاعضوي. والدليل على ذلك انها ظهرت فيما بعد. وبالقدر نفسه، لا بدَّ ان إمكانية العقل، قد كانت موجودة، في مادة الخلايا الأولية الحية، لأننا نعرف ان كائنات عاقلة، نشأت فيما بعد ... وهو يوافق رايت في قوله "لو اننا لا نريد للعقل الإنساني ان يظهر بطريقة سحرية فلا بدَّ من ان يكون قد تنامى من عقل البويضة. وظاهرياً قبل ذلك، من جزيئات الحمض النووي دنا في نواتي البويضة والسائل المنوي اللذان يشكلان طاقمها الوراثي. لكنه أيضاً، يختلف مع هؤلاء العلماء، فكون إمكانية العقل، موجودة في البويضة، والسائل المنوي، لا يتبع منه بالضرورة، ان البويضة والسائل المنوي لها عقول. يقول دوبجانسكي "ان للحجر إمكانية ان يصبح تمثالاً لكن لا يتبع من ذلك ان هناك تمثالاً خبيئاً داخل كل حجر. لا بدَّ من التسليم بأن إمكانية الطفل موجودة، أو كانت موجودة، في والديه. لكن لنلاحظ انه حتى الطقم الوراثي لهذا الطفل المعين لم يتحقق إلا بعد ان توحدت هاتان الخليتان الجنسيتان. وحيث انه كانت للأبوين مئات البويضات وبلايين السبيرمات المنويات فقد كانت لهما أيضاً إمكانية انجاب أعداد لا حصر لها من الأطفال الآخرين. ولم تتقرر إمكانية الطواقم الوراثية التى تفوق الحصر إلا عند التخصيب... حتى بعد التخصيب فقد صار الجنين وليداً، وأصبح الوليد شخصاً، بالتدرج المنتظم، وبلا انقطاع في التنامي المتواصل الذى لا يتيح لنا مجالاً لتخيل ولوج عقل أو روح فيه. ولا أرى هنالك جدوى من افتراض وجود عقول في البويضات والسبيرمات "المنويات"، مهما تناهت درجة تخفيف تلك العقول. كما وليس هنالك معنى للقول بان لفافات الطعام الموجودة في أرفف البقالات حية وانها تحتوي على جرثومة شخصي، على الرغم من ان بعض محتوياتها قد تصبح كذلك بعد ان يتم استيعابها في جسدي".

    يذكر الكاتب، ان فكرة خلود الروح والعقل، مغرية لبعض المتصوفة، والمؤمنين بتناسخ الأرواح، ولكن لا مجال لها في العلم !! وفي تأكيد لذلك، يقول "ان المظاهر الخارجية على الأقل توحي بان العقول تنشأ وتتنامى ثم تختفي. فقد نشأ العقل الذى هو أنا على درجات، بدأ قبل حوالي ستة وستين عاماً، بوضوح من لا عقل بتاتاً، وإنما فقط من كروموسومات وسيتوبلازم ومواد غذائية لا عقل لها. قبل ذلك بسبعين سنة مثلاً لم يكن لهذا العقل أي وجود. ولو ان هذا محض سحر فهو سحر يملأ الدنيا. ومما لا شك فيه ان عقلي هذا سيختفي من الوجود بعد بضعة سنوات. البديل هو اقتفاء أثر أولئك الناس الذين يعتقدون بأن العقول لا تختفي وإنما يتم تخزينها في أماكن للنعيم المقيم أو اللعنة الأبدية المحتومة. غير أن هذا يصعب تصديقه وأصعب منه ان أصدق ان عقلي كان متربصاً في مكان ما خارج المسرح قبل سبعين سنة منتظراً دوره للولوج في الكروموسومة أو الخلية التى تناسبه.

    يخلص المؤلف في هذا الفصل، الى ان أصل الإنسان، ونموه، نتج عن لحظات تغيير ابداعية جذرية، وليس مجرد تراكم، أو نمو لما كان أصلاً موجوداً، فيقول "لقد كان أصل الحياة وأصل الإنسان نتاجاً لأزمات تطورية لحظات تغيير بلا عودة لحظات تحقق أشكال إبداعية للوجود. يمكن ان توصف هذه الابداعات الجذرية بأنها انبثاقات أو تجاوزات في السيرورة التطورية. ولا تخلو أي من هذه التعابير من دلالات ليست مرغوبة لكن التجاوز يبدو تعبيراً أفضل، لذلك نواصل استخدامه في الفصول القادمة. لم ينشا العقل الإنساني من شكل ما لبداءات عقول الجزئيات والذرات. وليس التطور ببساطة عملية إفراغ لما كان في حالة مختبئة منذ البداية. انه مصدر إبداع لأشكال من الوجود لم تطرأ أبداً من قبل على الحالات السالفة".

    أرجو ان أكون قد لخصت الأفكار التى طرحها الكاتب، في هذا الفصل، بصورة منصفة، تمكن من التعليق عليها دون اجحاف. أن التساؤل الأساسي، الذى يطرحه هذا الفصل، وربما الكتاب كله هو : ما هى المادة؟ وما هى الروح؟ العالم الذى نعيش فيه، هل هو عالم في الأساس مادي أم روحي؟ ذلك ان معرفتنا لمعنى حياتنا، ووجودنا، إنما تتحدد على ضوء الاجابة، عن هذه التساؤلات، وكذلك تصورنا لنشأة الحياة، وتطورها، وغايتها.

    ولا يختلف العلماء والفلاسفة، الذين طرح علينا دوبجانسكي آراءهم، بشأن تطور الجنين، داخل رحم الأم، من نطفة، هى خليط بين بويضة الأنثى، والحيوان المنوي للرجل، حتى يصبح بشراً سوياً ... ولكنهم يختلفون حول تفسير عملية التطور، قبل ذلك وبعده، وكيفية الانتقال من مرحلة الى أخرى، وعلاقتها بما سوى الإنسان، من الأحياء المعايشة له، أو الأشياء السابقة لوجوده، في البيئة التى يعيش فيها.

    رفض الكاتب، آراء الذين حين لا يجدون تفسيراً علمياً، لظاهرة من الظواهر، ينسبون الأمر الى الله ... وسمى هذه الظاهرة آلهة الفجوات، وأدان هذا الاتجاه بشدة، مع انه اتجاه طبيعي، ناتج من الاعتقاد بأن الله، يقدر على كل ما يعجز عنه الإنسان ... ولعل الايمان نفسه، ما هو الا معرفتنا بمبلغ حاجتنا لله، وعجزنا بازاء قدرته ... والبديل الذى يقدمه العلماء، ومنهم دوبجانسكي، لهؤلاء المؤمنين، ليس أفضل حالاً، لأنهم حين يرون فجوة، لم يستطع العلم سدها، يحتارون مثلما يحتار المؤمنين، ويقولون اننا لا نعرف الآن، ولكن العلم متطور، وسيفسر هذه الظاهرة في المستقبل !! فهل هذا الجهل الحاضر، وان شفع بالأمل في المستقبل، يعطي العلماء العذر للزراية بآراء البسطاء، الذين يعلقون كل همومهم، وعجزهم، على من يعتقدون انه أعظم منهم؟ إنني ألوم المؤمنين، اذا رفضوا الأشياء التى أثبتها العلم، وتعلقوا بمعتقداتهم، التى أوضح العلم بالعقل والمنطق خطأها، ولكنني لا ألومهم اذا أسندوا كل ما هو فوق طاقتهم الى الله، ما دام العلم المادي التجريبي، استوى معهم في جهلهم، ولم يعطهم بديلاً مقنعاً يفسر لهم ما اشكل عليهم.. وسيستمر تعلق الإنسان دوماً، بماهو أعظم منه، حين تعجز حياته، ولا يستطيع تفسير ظاهرة ما، وسيستمر قصور العلم المادي التجريبي، عن تفسير بعض الظواهر، مما يستدعي باستمرارآلهة الفجوات... حتى العلم الروحي، لن يفسر كل شئ، مما يجعل السير السرمدي، نحو الكمال المطلق، هو حظ الإنسان النهائي، ولا نهاية !! على ان الكسل الذهني، وعدم وجود روح التساؤل، والشك، والبحث، امراً غير مرغوب، وهو عامة، ما يوجد وسط المتشددين، من المتدينين، الذين يهرعون لنسبة أية ظاهر، للفعل الآلهي المباشر، دون النظر للأسباب الموضوعية، أو الآراء العلمية، التى توصل إليها العلماء، نتيجة عمل دوؤب مثابر ... هؤلاء هم من يستحقون ادانة العالم دوبجانسكي.

    ان المنطق، الذى رفض به دوبجانسكي النظرية الحيوية، التى ترجع التطور الى قوى حيوية، في الكائن الحي، لم يعثر عليها العلماء في المعمل، منطق مادي، لا ينهض وحده، لتحليل ظاهرة معقدة مثل الحياة، سيما حياة الإنسان ... ولعلّ هذا، ما حدا بـ ديكارت، ان يقرر ان الإنسان، يختلف من الآلة بالروح، وان الروح، ليست شيئاً مادياً ... وعلماء النظرية الحيوية، أنفسهم، لم يستطيعوا ان يحددوا، ما اذا كانت الحيوية طاقة، أم شئ آخر، ولكنهم يقررون انه العمليات الحيوية، تتم بتنظيم دقيق، يستهدف المحافظة على حياة الحي، واستمرار النوع. وفي عبارة سينوت "النسق المنظم الذى تضبطه رقابة أنشطته يوحي بوجود شئ بداخله تنحو هذه الأنشطة للتوافق معه، معيار، مستوى، هدف أو غاية ما يمكن ان يسميه الفيلسوف تيلوس كامن في مجمل الكتلة الحية".

    في تعريف الاستاذ محمود محمد طه "الروح مادة في حالة من الاهتزاز لا تتاثر بها حواسنا والمادة روح في حالة من الاهتزاز تتأثر بها حواسنا" ** ويقول أيضاً "لقد أظهر العلم المادي العلم التجريبي، بانفلاق الذرّة، أن المادة، بصورها المتعددة، كلها وحدة.. بل ظهر ان المادة التى نعرفها فيما مضى، ونلمسها، ونحسها بحواسنا، أو ندركها بعقولنا، ليست هناك، وإنما هى طاقة، تدفع، وتجذب، في الفضاء... ويعرف العلم المادي التجريبي خواص هذه الطاقة، ولكنه يجهل كنهها ... بل ان كننهها لا يدخل في نطاق تجاربه ... ولا هو يدعي انه سيدخل، يوماً ما، في نطاق تجاربه ... وحين تطور العلم التجريبي المادي، حتى رد المادة في جميع صورها، الى أصلها الأصيل، في الوحدة – في الطاقة - تطور توأمه الدين، حتى لقد وصل بتصعيد التوحيد، الى رد كل المناشط البشرية، والطبيعية، في العوالم المنظورة، وغير المنظورة، الى أصل واحد ... إن العالم جميعه، ماديه وروحيه، إنما هو مظهر الله الذى خلقه، وقدره، وسيره ... على ذلك اتفق انجاز العلم المادي التجريبي، والعلم الروحي التوحيدي.. بايجاز فإن البيئة التى نعيش فيها اليوم، وظللنا نعيش فيها عهودنا السحيقة، ونحاول التعرف عليها، بكل وسائل البحث، والتقصي، قد انكشفت اليوم، بفضل الله علينا وعلى الناس ... انها ليست بيئة مادية كما توهمنا – بمعنى المادة التى نالفها – وإنما هى في الأصل بيئة روحية ذات مظهر مادي ... هى ذات الله متنزلة الى حياته، ثم متنزلة الى علمه، ثم متنزلة الى إرادته، ثم متنزلة الى قدرته ... فبعلمه الإحاطة، وبإرادته التخصيص، وبقدرته التجسيد ... وبالتجسيد جاء المظهر المادي، بمعنى ما اصطلحنا عليه من معنى المادة ... فلما فتت العلم المادي، التجريبي، المادة، فردها الى طاقة معروفة الخصائص، مجهولة الكنه، وصلنا الى الإرادة الإلهية التى قهرت الوجود وسيرته الى الله ... إن العلم المادي التجريبي، والعلم الروحي التجريبي – التوحيدي - اتحدا اليوم في الدلالة على وحدة الوجود ... لقد انفلقت نواة المادة فاحدثت دوياً عظيماً وتوشك ان تنفلق نواة الدين، وسيسمع لها دوياً أعتى، وأعظم، من ذلك الذى أحدثته الذرّة حين انفلقت ... إن البيئة التى نعيش فيها إذن إنما هى بيئة روحية، ذات مظهر مادي ... وهذه الحقيقة ستحدث ثورة في مناهج التعليم الحاضرة، التى ظهر قصورها، وإليها يرجع فساد الحكم، وقصور الحكام والمحكومين***

    أرجح النظريات العلمية عن نشأة الكون، هي نظرية الانفجار الكبير، وهى تقرر، ان الكون قد نشأ من انفجار ذري ضخم، وان البداية كانت الطاقة النووية، الناتجة عن ذلك الانفجار، والتى حين تحركت بتركيز معين، برزت منها المادة. ففي كتاب مارتن رييس:



    In 1965, about 13 billion years after the event, evidence of the hot, dense beginning of the Universe was detected - the Big Bang. The afterglow of creation still exists as background microwave radiation which gives rise to about 1% of the interference on a television set.

    Rees makes the surprising claim that we are 99% sure of what occurred one millisecond after the Big Bang, but events before that remain unexplained. There followed the formation of stars and so-called dark matter, the dominant stuff of our Universe. The properties of this common material are still largely unknown to Science.****



    فالوجود بدأ إذن بالطاقة، ولم يبدأ بالمادة، بل ان القدر الذى تجسد بصورة تدركها حواسنا، من الطاقة، محدود بمحدودية الحواس، ثم في مستوى أفضل، بمحدودية الأجهزة المتقدمة، التى تمدد من إمكانيات هذه الحواس، ثم هي لا تزال عاجزة، عن الاحاطة ببعض صور الطاقة من حولنا ... هذا رأي العلم المادي أما الدين - ونعني به هنا الإسلام - فإنه أيضاً يقرر ان البداية، كانت من الغازات، التى نتجت من الانفجار ... قال تعالى ]ثم استوى الى السماء وهي دخان فقال لها وللأرض آتيا طوعاً أو كرهاً قالتا اتينا طائعين[ والاشارة الى ان البداية، كانت انفجار، ترد في الصور التى تحكي ما يتم من دمار، في قيام الساعة، وذلك لقوله تعالى ]كما بدأنا أول خلق نعيده وعداً علينا انا كنا فاعلين[ !!

    وحين لا يعرف العلم المادي، أي شئ وراء الانفجار، أو قل وراء الطاقة، فإن الدين يقرر، ان الطاقة التى نرى مظهرها، ونجهل كنهها، هي الإرادة الإلهية !! وهى التى تنفعل لها الأشياء، على وجه لا نرى إلا آثاره، قال تعالى ]إنما أمره إذا أراد شيئاً ان يقول له كن فيكون[ ... والإرادة صفة وسيطة، بين صفتين، فمن أعلاها العلم، ومن أدناها القدرة ... فالله تبارك وتعالى، أحاط بمخلوقاته علماً، قبل ان يبرزها الى حيز الوجود، ثم تنزل من العلم الى الإرادة، فخصص الصورة التى سيبرزها بها، ثم أبرزها بقدرته، وفق احاطة العلم وتخصيص الإرادة ... وبحسبانها وسط بين طرفين، فإن الإرادة تحوي العلم وتحوي القدرة ... فالإرادة تنزل عن العلم، وهى أيضاً تنزل عن الأمر، في قوله ]إنما أمره إذا أراد شيئاً أن يقول له كن فيكون[ ... ولهذا فهى هى الروح، لأن الروح تنزل من الأمر، وهذا هو المشار إليه، في قوله تعالى ]ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما اوتيتم من العلم إلا قليلاً[!! وعن ان صدور الروح، من الأمر، يعتبر تنزل قال تعالى ]ينزل الملائكة بالروح من أمره على من يشاء من عباده ان انذروا انه لا اله الا انا فاتقون[ ... فاذا كانت الإرادة في عمومها روح، بمعنى الطاقة العامة، التى تكونت منها المادة، فإن للروح معاني أدق من هذه، تُعد مستويات منها، لا تختلف في الأصل، وان اختلفت في الدرجة، لقربها أو بعدها عن الروح المطلق، الذى صدر عنه الوجود.

    فلقد سمى الله القرآن، وهو كلامه، الروح، فقال تعالى ]وكذلك اوحينا اليك روحاً من امرنا ما كنت تدري ما الكتاب ولا الايمان[ ... وسمى العلم الرفيع، الذى يكتمل به الدين، الروح أيضاُ، فقال ]رفيع الدرجات ذو العرش يلقي الروح من امره على من يشاء من عباده لينذر يوم التلاق[. وسمى جبريل الملك، الموكل بالوحي، الروح، فقال ]نزل به الروح الأمين * على قلبك لتكون من المنذرين * بلسان عربي مبين[ ... وسماه روح القدس فقال ]قل نزله روح القدس من ربك بالحق ليثبت الذين آمنوا وهدى وبشرى للمسلمين[ ... وقال ]وآتينا عيسى ابن مريم البينات وايدناه بروح القدس[ ... وعن الروح الإنساني، الذى في الجسد، وكونه تنزل عن الروح الإلهي، قال تعالى ]فاذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين[ !! وقال ]ثم سواه ونفخ فيه من روحه وجعل لكم السمع والأبصار والافئدة قليلاً ما تشكرون[ ... وفي الاشارة الى ان كل الناس، إنما جاءوا من هذه الروح الإلهيه، جاء قوله تعالى ]ياأيها الناس اتقوا ربكم الذى خلقكم من نفس واحدة[ !! ولقد ذكر المفسرون الأوائل، ان النفس الواحدة، هى نفس آدم عليه السلام، وهذا بطبيعة الحال، يصح في المعنى القريب، ولكن آدم نفسه، من الناس، وهو مخاطب بهذا الخطاب القرآني مثلهم، وهو قد خلق من النفس الواحدة مثلهم، ثم ان نفس آدم ليست واحدة، لأنه منقسم، وموزع بالمخاوف، وإنما النفس الواحدة هى نفس الله الواحد تبارك وتعالى.

    وكما ان العلم المادي قد قرر ان المادة العضوية (الحيّة) قد جاءت من المادة غير العضوية، فإن الدين قد قرر ذلك منذ أمد بعيد ... قال عز من قائل ]ومن آياته ان خلقكم من تراب ثم اذا انتم بشر تنتشرون[ وقال ]هو الذى خلقكم من تراب ثم من نطفة ثم من علقةً ثم يخرجكم طفلاً ثم لتبلغوا اشدكم ثم لتكونوا شيوخاً، ومنكم من يتوفى من قبل ولتبلغوا أجلاً مسمى ولعلكم تعقلون[ ... وقال ]أولم ير الذين كفروا ان السموات والأرض كانتا رتقاً ففتقناهما وجعلنا من الماء كل شئ حي أفلا يؤمنون[.

    فإذا وضح ان هذه الطاقة – الروح – الإرادة الإلهية – موجودة في نواة الذرة، فإن التفاعلات الكيمائية، التى عدّها دعاة النظرية الميكانيكية، عمل آلي، وحسبها دعاة النظرية الحيوية، ناتجة عن قوى حيوية، تسمى التيلوس، وعدّها علماء الوراثة، مجرد شفرات في الـ (دنا)، إنما هى جميعاً، إشارات للحقيقة الكامنة وراءها، وهى ان النمو، إنما يرتفق بجميع هذه الأشياء، ولكنه لا يحدث بها، وحدها، وإنما يتم بالأمر الإلهي، الذى قيدته الحكمة، بسنة التطور.

    يتفق دوبجانسكي، مع العلماء في ان المادة العضوية، جاءت من المادة غير العضوية ... وان العقل جاء من المادة، ولكنه لا يوافقهم، بأن صور المادة المختلفة، بها عقل، فيقول "ان المظاهر الخارجية على الأقل توحي بأن العقول تنشأ وتتنامى ثم تختفي. فقد نشأ العقل الذى هو أنا على درجات، بدأ قبل حوالي ستة وستين عاماً، بوضوح من لا عقل بتاتاً، وإنما فقط من كروموسومات وسيتوبلازم ومواد غذائية لا عقل لها. قبل ذلك بسبعين سنة مثلاً لم يكن لهذا العقل أي وجود. ولو ان هذا محض سحر فهو سحر يملأ الدنيا. ومما لا شك فيه ان عقلي هذا سيختفي من الوجود بعد بضعة سنوات. البديل هو اقتفاء أثر أولئك الناس الذين يعتقدون بأن العقول لا تختفي، وإنما يتم تخزينها في أماكن للنعيم المقيم أو اللعنة الأبدية المحتومة. غير ان هذا يصعب تصديقه، وأصعب منه ان أصدق ان عقلي كان متربصاً في مكان ما، خارج المسرح قبل سبعين سنة، منتظراً دوره للولوج في الكروموسومة، أو الخلية التى تناسبه".

    إن الموافقة على ان المادة العضوية، جاءت من غير العضوية، يعني بالضرورة، انها كانت كامنة فيها، على نحو ما ... وهذا ينطبق على العقل، فإنه قد أٌستل من الجسد، في تطور وئيد، بدأ ببروز الحواس، الواحدة تلو الأخرى، حسب الحاجة إليها، في صراع الحي في البيئة، فإنه لم يجئ من خارج المادة، لأنه ليس هناك شئ خارج المادة !! وإذا سلمنا بأن العقل ليس مادة، فلا بدَّ ان يكون المادة، التى جاء منها، على الأقل، تحمل بعض الخصائص اللامادية التى نراها فيه الآن، لأنها لا يمكن ان تجئ من العدم ... من هنا، فإن العلماء الذين نقدهم دوبجانسكي، قد كانوا أقرب منه الى الصواب، خاصة رايت الذى قال "لا يستطيع عالم الأحياء الفيلسوف ان يتفادى مسألة علاقة العقل بالمادة" وذلك لأنه "لو كان العالم غير الحي خالياً من العقل تماماً ولو انه مضى وقت لم يكن وجود الحياة فيه ممكناً كما هو واضح فكيف ظهر العقل اذن؟ ... إن انبثاق العقل من لا عقل بتاتاً ليس إلا محض سحر ... يبدو ان المخرج المقنع الوحيد ان يكون العقل عالمياً موجوداً لا في كل الكائنات الحية وخلاياها وحسب وإنما في الجزيئات والذرات حتى في الجسيمات الأولية".

    إن العقل في الإنسان، هو ملكة الادراك، التى تمثلها الإرادة البشرية، وهو الروح الإنساني، المنفوخ في الجسد. فاذا وضح لنا، ان في الذرّة تكمن الطاقة، وان الطاقة هى الإرادة الإلهية، التى منها صدرت الإرادة البشرية، وضح ان العقل، قد كان موجوداً منذ البداية، وإن كان وجوده قد دق عن ادراك الحواس... ولهذا سمى الله الإنسان إنساناً، قبل بروز العقل، فقال ]هل اتى على الإنسان حين من الدهر لم يكن شيئاً مذكوراً * انا خلقنا الإنسان من نطفة أمشاج نبتليه فجعلناه سميعاً بصيراً[ فهو لم يكن مذكوراً، لأنه لم يكن له عقل، ولم يكن مكلف ... وعبارة نبتليه، إنما تشير للصراع في البيئة، الذى نتجت عنه الحواس ]فجعلناه سميعاً بصيراً[ ... والاشارة الى الحواس، هى اشارة أيضاً الى بروز العقل، لأن العقل إنما هو تمديد للحواس، بدخول الخيال في المسرح ... فإذا صح ما قررنا، فإن عبارة دوبجانسكي "فقد نشأ العقل الذى هو أنا على درجات، بدأ قبل حوالي ستة وستين عاماً، بوضوح من لا عقل بتاتاً" تحتاج الى مراجعة ... أما عبارة "ومما لا شك فيه ان عقلي هذا سيختفي من الوجود بعد بضعة سنوات" فهى أبلغ خطأ، من سابقتها، لأن العقل لو كان مادة أو طاقة، فإنه لا يختفي من الوجود، وإن تغير الى صورة أخرى !! فمعلوم ان المادة لا تفنى، ولا تستحدث، ولا تخلق من العدم ... وليس هناك عبرة، بعبارة دوبجانسكي، "البديل هو اقتفاء أثر أولئك الناس الذين يعتقدون بأن العقول لا تختفي وإنما يتم تخزينها في أماكن للنعيم المقيم أو اللعنة الأبدية المحتومة. غير ان هذا يصعب تصديقه وأصعب منه ان أصدق ان عقلي كان متربصاً في مكان ما خارج المسرح قبل سبعين سنة منتظراً دوره للولوج في الكروموسومة أو الخلية التي تناسبه" ... لأنه لا يرفض اعتقاد المتدينين بعلم، وإنما بعقيدة أخرى، مفادها عدم التصديق، بما يعتقد فيه المؤمنين !!

    لقد وقف الكاتب، عند موضوع الوراثة، واعتبرها النظرة المتقدمة لدعم التطور ... وحدثنا ان الوراثة، رغم ما فيها من توكيد، ولو جزئي، للنظرية الآلية، فقد كشف علم الوراثة، ان هناك طواقم من الجينات، تضم معلومات أو أوامر، تحدد مسار النمو ... وهى موضوعة في الجينات على صورة شفرة. ولقد وضع واطسون - كريك، فرضية، أثبتتها الحقائق التى أٌكتشفت، بعد بحثهما، فالجينات المختلفة تماثل الكلمات أو الفقرات DNA وهى ان الوراثة شفرة منقوشة في سلسلة جزئي الحمض النووي.

    على ان بحوث الوراثة تطورت بصورة مذهلة، منذ ان كتب دوبجانسكي كتابه، وأصبح علم الجينوم+ من أحظى العلوم الحديثة، بالأبحاث والمعاهد ... وحين تخصص العلماء في دراسة هذه الشفرات، ظهر علم الترانسكربتوم، الذى يعنى بقراءة هذه الكتب، المنشورة في الخلايا، والتى حوت المعلومات، عن كل الجنس. ففي التعريف بهذا العلم يرد :



    A transcriptome is a collection of all the gene transcripts present in a given cell. Genes are made up of helical molecules of deoxyribonucleic acid (DNA) that contain the blueprints for making proteins. In order to actually produce proteins, these DNA blueprints must be transcribed into corresponding molecules ribonucleic acid (RNA) referred to as messenger RNA (mRNA) or gene transcripts.

    The mRNA molecules then deliver the instructions for making proteins to ribosomes , which are tiny molecular “machines” found in the cytoplasm of the cell. In a process called translation, ribosomes “read” the mRNA’s sequence and produce a protein order specified by the genetic code.++




    وعن كون هذه الكشوف الحديثة يتوقع ان تصل الى اجابات شافية لبعض المسائل المعقدة يرد :



    The Human Genome Project (HGP) successful sequencing of the human genome has provided scientists with a virtual blueprint of the human being. However, this accomplishment should be viewed not as an end in itself, but rather as a starting point for even more exciting research. Armed with the human genome sequence, researchers are now trying to unravel some biology’s most complicated processes: how a baby develops from a single cell, how genes coordinate the functions of tissues and organs, how disease predisposition occurs and how the human brain works.(Ibid.



    لقد كنا نعتقد، إنما يمكن معرفته من تاريخ الإنسان، هو ما دُون بعد بداية عهد الكتابة، ولكننا الآن، بفضل الله، ثم بفضل علم الوراثة، وكشوفه العظيمة، عرفنا ان تاريخ الجنس، مسطر في خلايا الجلد !! والى هذا المعنى، أشار الله تعالى بقوله ]والطور * وكتاب مسطور * في رق منشور[ ... فمادة الجلد، والأحماض التى تحمل الشفرات، وتلك التى تترجمها، والإرادة التى توجهها، لتفاعل معين، ينتج عنه مواد معينة، كلها من أصل واحد، ولا تختلف إلا اختلاف مقدار، وهذه هى وحدة الوجود.

    لقد ذهب دوبجانسكي، في هذا الفصل، الى تخطئة النظرية الآلية، والنظرية الحيوية، وخطأ قول القائلين، بأن الصور المتقدمة من الحياة، موجودة في الذرات، فما هى خلاصة رأيه، في الكيفية التى تم بها التطور؟ اسمعه يقول "لقد كان أصل الحياة وأصل الإنسان نتاجاً لأزمات تطورية لحظات تغيير بلا عودة لحظات تحقق أشكال إبداعية للوجود. يمكن ان توصف هذه الابداعات الجذرية بأنها انبثاقات أو تجاوزات في السيرورة التطورية. ولا تخلو أي من هذه التعابير من دلالات ليست مرغوبة لكن التجاوز يبدو تعبيراً أفضل، لذلك نواصل استخدامه في الفصول القادمة. لم ينشأ العقل الإنساني من شكل ما لبداءات عقول الجزئيات والذرات. وليس التطور ببساطة عملية إفراغ لما كان في حالة مختبئة منذ البداية. انه مصدر إبداع لأشكال من الوجود لم تطرأ أبداً من قبل على الحالات السالفة".

    لا شك ان دوبجانسكي، نفسه، يلاحظ ان حديثه هذا، عن الابداعات والانبثاقات، إنما هو حديث انشائي، أدبي، لا علاقة له بالعلم. وهو إن دل على شئ، إنما يدل على ان الكاتب، لا يستطيع ان يفسر، لماذا يطرأ على السير المحدد طارئ، فيغير مسار التطور، ويأتي بشكل جديد تماماً. ولقد واجهت دارون هذه القفزات، التى اعتمد عليها، كثير من نقاده، مما سوف نتعرض له عند مراجعة الفصول القادمة. على ان الدخول من مرحلة لأخرى، يقتضي تجميع خصائص المراحل السابقة، بصورة تتسامى، فتدفع الى هذه القفزة، التى تمثل مستوى جديداً، من بروز الحياة ... وكما ان التطور الوئيد، لا يتم إلا بتوجيه الإرادة الإلهية، فكذلك القفزة. على ان في القفزة، توجيه مباشر، لا يلقي بالاً، إلا القوانين السابقة، ليؤكد ان الأسباب، انما هى مجرد أعداد للمكان، لتلقي الإذن الإلهي ... والى هذه القفزة أشار تبارك وتعالى، في قوله ]ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين * ثم جعلناه نطفة في قرار مكين * ثم خلقنا النطفة علقة، فخلقنا العلقة مضغة، فخلقنا المضغة عظاماً، فكسونا العظام لحماً، ثم انشأناه خلقاً آخراً، فتبارك الله أحسن الخالقين[ ... وإنما أشار بالخلق الآخر، الى بروز الإنسان، واختلافه عن أسلافه، من الحيوانات العليا، بالعقل ... وذلك لأنه بهذه اللطيفة الروحانية، يعرف الله، دون سائر الحيوانات الأخرى ... وهذا ما سوف نركز عليه، حين نتحدث في الحلقات القادمة، عن المعنى الحقيقي لحياتنا.

    يطيب لي، ان اختم مناقشتي لهذا الفصل، بعبارة دوبجانسكي "يبدو ان هناك مخرجاً واحداً من أزمتنا. لو اننا نستطيع إدخال الله في نهاية العلم، فلا بدًّ وان يكون موجوداً هناك من البداية وعلى طول الطريق".

    -نواصل-


    * Dobzhansky (1967) The Biology of Ultimate Concern. Chicago : First Meridian Printing. P.23. ( my translation)

    ** محمود محمد طه (1970) أسئلة وأجوبة . أمدرمان : السودان ص 53

    *** محمود محمد طه (1984) الديباجة. الخرطوم : السودان. مذكرة غير منشورة ص 15-16


    ****Martin Rees (2001) Our Cosmic Habitat. New Jersey, Princeton University Press. Reviewed by R. Andrew.

    +Genome is the total genetic information of a particular organism. The normal genome consist of 3 billion base pair of DNA in each of the 23 chromosomes from one parent. See: www.hhmi.org/genetictrail/glossary.html.

    ++ http:// genome.gov/10001177
                  

العنوان الكاتب Date
الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! عبدالله عثمان04-02-08, 02:38 AM
  Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! عبدالله عثمان04-02-08, 02:41 AM
    Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! عبدالله عثمان04-02-08, 02:43 AM
      Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! عبدالله عثمان04-02-08, 02:49 AM
        Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! عبدالله عثمان04-02-08, 02:50 AM
          Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! عبدالله عثمان04-02-08, 02:51 AM
            Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! عبدالله عثمان04-02-08, 02:52 AM
              Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! عبدالله عثمان04-02-08, 02:53 AM
                Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! عبدالله عثمان04-02-08, 02:54 AM
                  Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! عبدالله عثمان04-02-08, 02:55 AM
                    Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! عبدالله عثمان04-02-08, 02:55 AM
                      Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! عبدالله عثمان04-02-08, 02:56 AM
                        Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! عبدالله عثمان04-02-08, 02:57 AM
                          Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! عبدالله عثمان04-02-08, 02:58 AM
                            Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! عبدالله عثمان04-02-08, 03:00 AM
                              Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! عبدالله عثمان04-02-08, 03:00 AM
                                Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! عبدالله عثمان04-02-08, 03:01 AM
                                  Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! عبدالله عثمان04-02-08, 03:02 AM
                                    Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! عبدالله عثمان04-02-08, 03:03 AM
                                      Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! عبدالله عثمان04-02-08, 03:04 AM
                                        Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! عبدالله عثمان04-02-08, 03:14 AM
  Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! عبدالله عثمان04-02-08, 04:06 AM
    Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! عبدالله عثمان04-02-08, 04:08 AM
  رد Mohamed fageer04-02-08, 04:30 AM
    Re: رد عبدالله عثمان04-02-08, 01:05 PM
      Re: رد عبدالله عثمان04-02-08, 01:07 PM
        Re: رد عبدالله عثمان04-02-08, 01:08 PM
          Re: رد عبدالله عثمان04-02-08, 01:09 PM
            Re: رد عبدالله عثمان04-02-08, 01:10 PM
              Re: رد عبدالله عثمان04-02-08, 01:11 PM
                Re: رد عبدالله عثمان04-02-08, 01:12 PM
                  Re: رد عبدالله عثمان04-02-08, 01:13 PM
                    Re: رد عبدالله عثمان04-02-08, 01:13 PM
                      Re: رد عبدالله عثمان04-02-08, 01:14 PM
                        Re: رد عبدالله عثمان04-02-08, 01:15 PM
                          Re: رد عبدالله عثمان04-02-08, 01:16 PM
                            Re: رد عبدالله عثمان04-02-08, 01:23 PM
                              Re: رد عبدالله عثمان04-02-08, 01:39 PM
                                Re: رد عبدالله عثمان04-02-08, 01:47 PM
                                  Re: رد عبدالله عثمان04-02-08, 02:44 PM
                                    Re: رد عبدالله عثمان04-02-08, 02:59 PM
                                      Re: رد عمار محمد حامد04-02-08, 07:21 PM
                                    Re: رد عبدالله عثمان04-04-08, 00:40 AM
                                    Re: رد عبدالله عثمان04-04-08, 01:30 AM
                                      Re: رد عبدالله عثمان04-04-08, 01:34 AM
                                        Re: رد عبدالله عثمان04-04-08, 01:36 AM
                                          Re: رد عبدالله عثمان04-04-08, 01:38 AM
                                            Re: رد عبدالله عثمان04-04-08, 01:40 AM
                                              Re: رد عبدالله عثمان04-04-08, 01:45 AM
                                                Re: رد عبدالله عثمان04-04-08, 01:46 AM
                                                  Re: رد عبدالله عثمان04-04-08, 01:49 AM
                                                    Re: رد عبدالله عثمان04-04-08, 01:52 AM
                                                      Re: رد عبدالله عثمان04-04-08, 01:58 AM
                                                        Re: رد عبدالله عثمان04-04-08, 02:03 AM
                                                          Re: رد عبدالله عثمان04-04-08, 02:07 AM
  Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! عبدالله عثمان04-02-08, 07:23 PM
    Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! عبدالله عثمان04-03-08, 00:34 AM
      Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! عبدالله عثمان04-03-08, 00:35 AM
        Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! عبدالله عثمان04-03-08, 00:36 AM
          Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! عبدالله عثمان04-03-08, 00:37 AM
            Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! عبدالله عثمان04-03-08, 00:39 AM
              Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! عبدالله عثمان04-03-08, 00:40 AM
                Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! عبدالله عثمان04-03-08, 00:41 AM
                  Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! عبدالله عثمان04-03-08, 00:42 AM
  Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! عبدالله عثمان04-03-08, 00:45 AM
    Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! عبدالله عثمان04-03-08, 00:45 AM
      Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! عبدالله عثمان04-03-08, 00:46 AM
        Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! عبدالله عثمان04-03-08, 00:47 AM
          Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! عبدالله عثمان04-03-08, 00:48 AM
            Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! عبدالله عثمان04-03-08, 00:49 AM
              Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! عبدالله عثمان04-03-08, 00:50 AM
                Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! عبدالله عثمان04-03-08, 00:51 AM
                  Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! عبدالله عثمان04-03-08, 00:51 AM
                    Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! عبدالله عثمان04-03-08, 00:52 AM
                      Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! عبدالله عثمان04-03-08, 00:53 AM
                        Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! عبدالله عثمان04-03-08, 00:54 AM
                          Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! عبدالله عثمان04-03-08, 00:55 AM
                            Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! عبدالله عثمان04-03-08, 00:56 AM
  Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! عبدالله عثمان04-03-08, 01:02 AM
    Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! عبدالله عثمان04-03-08, 01:04 AM
      Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! عبدالله عثمان04-03-08, 01:06 AM
        Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! عبدالله عثمان04-03-08, 01:08 AM
          Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! عبدالله عثمان04-03-08, 01:09 AM
            Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! عبدالله عثمان04-03-08, 01:10 AM
              Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! عبدالله عثمان04-03-08, 01:11 AM
                Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! عبدالله عثمان04-03-08, 01:12 AM
                  Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! عبدالله عثمان04-03-08, 01:13 AM
                    Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! عبدالله عثمان04-03-08, 01:14 AM
                      Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! عبدالله عثمان04-03-08, 01:15 AM
                        Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! عبدالله عثمان04-03-08, 01:16 AM
                          Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! عبدالله عثمان04-03-08, 01:17 AM
                            Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! عبدالله عثمان04-03-08, 01:18 AM
  Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! عبدالله عثمان04-03-08, 03:33 PM
  Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! عبدالله عثمان04-03-08, 07:06 PM
  Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! عبدالله عثمان04-03-08, 07:44 PM
  Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! عبدالله عثمان04-03-08, 10:04 PM
    Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! عبدالله عثمان04-03-08, 10:05 PM
      Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! عبدالله عثمان04-03-08, 11:34 PM
      Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! عبدالله عثمان04-04-08, 03:19 AM
  Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! عبدالله عثمان04-04-08, 00:31 AM
    Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! عبدالله عثمان04-06-08, 04:51 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de