|
يا اهل السودان ..يا اهل المروة ..الحقوا مشروع الجزيرة ...
|
يظل الكاتب النابه الزميل خالد فضل يمثل ضمير اهله فى الجزيرة واهل السودان عموما وهو يكتب هذا المقال المهم عن نوايا مبيتة ببيع مشروع الجزيرة بليل كما بيعت سودانير والنقل النهرى واراضى ومواقع مهمة فى السودان لمستثمرين او قل استغلاليين لوضع السودان الان ونوعية من يحكمونه فى شراء واستحواذ اهم موارد البلاد الاقتصادية .. الكاتب خالد هنا يمثل ضمير الامة السودانية بلا شك ..
الصحافة 1/11/2007
مشروع الجزيرة والخصخصة القاتلة خالد فضل هنالك سؤال مشروع، إجابته بدهية، ولكن مع ذلك فإن الإجابة الفعلية والملموسة تبدو مغايرة تماماً للإجابة الصحيحة التي يمكن لأي شخص أن يقولها، أما السؤال فهو: هل التنمية (بكل مكوناتها) غاية أم وسيلة؟ ربما تناول السؤال د. محمد يوسف أحمد المصطفى الأستاذ بجامعة الخرطوم وطرحه على طلابه ليرى مدى تناولهم له عبر (أوراق عمل) ينالون عليها درجات، فالإجابة السهلة هي: التنمية وسيلة من أجل غاية رفيعة هي حياة وسعادة ورفاه الإنسان، ولكن الإجابة العملية التي رافقت مسيرة عمليات التنمية في ظل مشروع الحكم الإسلامي في السودان تؤكد بأن التنمية هي (غاية) في حدّ ذاتها، وما الإنسان إلا ترس فقط من تروس عملية انجاز التنمية، إذ هناك اعتداد مبالغ فيه بتعداد المنجزات المادية التي قامت في عهد الإنقاذ وعقد مقارنات مبهمة بين «جسور وجسور» و«طرق وطرق» و«عمارات وعمارات»، بينما يتم تعمّد عقد ذات المقارنة بين «حالة إنسان وإنسان» ولدرجة أن نائب الرئيس السيد علي عثمان كان قد صرّح باندهاشته وحيرته إزاء حالة الفقر والعجز والفاقة التي يحيا في كنفها جمهور غفير في ولاية الخرطوم رغم حيازتها -أي الولاية- على أكبر سهم في ما يعرف بانجازات الإنقاذ التنموية.. فهناك بضعة «كباري» على الأنهر الثلاثة تم تشييدها أو يجري العمل فيها الآن، وهناك آلاف الكيلو مترات من الطرق المسفلتة، وهناك حديث كثير عن مياه الشرب، وما من محلية من محليات الولاية إلا وتباهت بإجلاسها لتلاميذ مدارسها، وسدادها لمرتبات معلميها في مواعيدها، ثم إنه لم تمر فرصة أو مناسبة أو حتى من دون مناسبة إلا وتحدّث المسؤولون الذين ينتمون للمؤتمر الوطني (الإسلامي) عن أرقام ومنجزات مادية بعضها ظاهر وبعضها مستتر، لكنهم في النهاية يجمعون على إحداث (تنمية)، ومع ذلك فإن نائب الرئيس يندهش ويستغرب ولعله يردد في سره.. طيب إذا كانت دي التنمية فأين مردودها؟؟.. هنا مربط الفرس، وهنا تكمن أزمة (التنمية المسدودة الأفق) تلك التي تتصوّر أن تشييد جسر وحده يكفي لخلق ترابط بين الأحياء والمدن.. متناسية أن من يفترض فيهم التواصل هم البشر وليس المباني!! ولأن البشر في عُرف مخططي التنمية إن وُجد مخططون، ينقسمون إلى فريقين فقط: أهل الموالاة، وهؤلاء يجوز لهم فعل كل شيء وحيازة أي خير علت قيمته أو تدنّت، فالمهم أن يكون الموالون والسدنة على رئاسة اللجان الشعبية، ولجان المساجد، ولجان الزكاة، ولجان وجمعيات القرآن الكريم، ودعم الشهيد والجريح والمجاهد... إلخ، من منظان «الموارد المالية»، يتصرفون فيها «بمخافة الله وحده» كما صرّح من قبل أحد كبار الوزراء ممن تدور أحاديث كثيرة عن القطاع الذي يديره. أما الطرف الآخر من البشر، فهم كذلك ينقسمون إلى فريقين، فريق يمكن تسطيحه وخمّه ودغدغة مشاعره بالأدبيات الإسلامية، أو العنصرية أو القبلية أو الجهوية أو النوعية «يلا يا رجالة»، هولاء مظنة اتباع واغراء، أما الفريق الآخر فهو فريق المعارضين من الحزبيين المنضووين تحت ألوية كل أحزاب السودان عدا المؤتمر الوطني، أو أنهم من المندسين والخونة وربائب الصهيونية وقوى الاستكبار وغيرها من صفات لا يخلو منها أي خطاب إنقاذي متحمّس في أي منطقة بالسودان.. هؤلاء البشر من السودانيين بفرقهم التي ورد ذكرها، لا يذكرون عند التخطيط للإنجاز والتنمية، اللهم إلا القسم الأول من الموالين فهؤلاء ترسو عليهم العطاءات، وتقدّم التسهيلات، والعمولات، أما الأغلبية، فهي مثار شفقة نائب الرئيس لأنها لم تتنعّم بخيرات «الانجازات والمعجزات الإنقاذية». وعن هذه الأغلبية يتحدّث صاحب هذا القلم، ولأنني (واطي على الجمرة)، لذلك، فإنني أجزم بأن معتمد محلية الخرطوم مثلاً وكبار المسؤولين الذين قرروا تحويل محطات المواصلات العامة إلى استاد الخرطوم وحي جاكسون، لم يركبوا حافلة مواصلات منذ عشرين عاماً على الأقل، لذلك فإنهم لا يحسون بالممارسة حجم معاناة من يستقل هذه الوسيلة للنقل يومياً وعبر عدة جهات وخطوط، إنهم مسؤولون كبار، للواحد منهم سيارة مجهّزة وفخمة تطوي (الفلا طيّاً) هذا عدا امتيازات بعضهم مثل سيارات الأسرة، والخضار، وترحيل الأبناء للمدارس، والزوجات لمحال «الكوافير».. أما كون امرأة تقطن السلمة أو مايو على بعد لا يقل عن عشرين كلم عن مركز السوق العربي، وتضطر لحمل (قفة) مثقلة بالأغراض كطريقة لكسب الرزق الحلال، عليها الذهاب يومياً حتى شارع النيل أو شارع الجامعة، فهذه ليست من أولويات «مشروعات التنمية المسدودة» التي ينتهجها النظام الإسلامي الحاكم في الخرطوم وما جاورها من ولايات.. إذ لو كان هناك أدنى إحساس بوجود بني آدميين مستهدفين بالتنمية وجعلهم (غاية) تسخّر لها الوسائل، لكان تم أخذ الرأي وتداوله ولو على نطاقات تمثيلية مثل البرلمان، أو عقد ورش وندوات.. إذ أن (الكنانة) الشعبية عامرة بالحلول، ولكنها كما قلت فيما مضى من سطور إنها جموع تم تقسيمها إلى (منتفعين) غير آبهين إلا بزيادة مواردهم وحصصهم المادية و(غلابى) عليهم الاكتواء وتحمّل كل ما ينجم عن الممارسات الخطأ للسلطات وللمسؤولين الكبار.. وعلى ذلك قس.. فقد حملت الأخبار وتواترت الأحاديث عن البدء في تنفيذ مخطط بيع مشروع الجزيرة.. آخر ما تبقى من ملامح الوطن عندما كان ينشد العلياء والتطوّر ليس من ناحية (مادية) بل من ناحية (البشرية) وهذا هو الأهم، فلماذا لم يسأل سائل من ذوي اللهفة والشفقة والبيع السريع عن «لماذا ظلت الجزيرة» رغم تقلّبات الطقس والأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية في كل أرجاء البلاد تبدو مستقرّة نسبياً، فالاعتراف الواجب هنا هو أن إنسان الجزيرة (لم يخلق نفسه على أحسن تقويم) وبقية أناسين السودان «في أسفل سافلين»، ولكن الحكومة الاستعمارية منذ مطلع القرن العشرين خلقت بتخطيط مذهل -واعجاز- بلغة أهل الإنقاذ مشروعاً تنموياً حقيقياً، وبتوازن مريح بين البشر والموارد المادية، فكانت المحصّلة، نسيجاً اجتماعياً متعدداً ومتنوّعاً ومتماسكاً ومنصهراً، وللحق، فإن الحكومات الوطنية خاصة «حكومة الإنقاذ» عمدت إلى تهميش وازراء إنسان الجزيرة ومشروعه بصورة منتظمة ومتعمّدة، حتى بلغ المرحلة الحالية من الإنهيار، إذ أعرف أن مكتب ود نعمان وهو من أكبر التفاتيش في غيط المشروع، تم زراعة (4) أفدنة فقط قطناً هذا الموسم!!. علماً بأن مشروع الجزيرة وبنيته الأساسية وخدماته الاجتماعية كلها تقريباً تم إنشاؤها وتطويرها من (ريع) عائدات القطن، ففي قريتنا «ود نعمان» مدرستان منذ الأعوام 46/1947، ونادي ثقافي رياضي اجتماعي، ونقطة غيار تدرّجت إلى مركز صحي الآن، كلها نشأت مرتبطة بخدمات مشروع الجزيرة.. ولك تصور قيمة التنمية عندما تتزامن فيها عائدات بالات القطن وقيمة المحصول النقدية مع «فتح مدارس للبنين والبنات ونادٍ للشباب»!!، وللحق، فإن تدهوراً مريعاً قد طال بنية المشروع التحتية كالترع والمكاتب وحتى التربة، ولكن هذا التدهور والانهيار لم ينزل بغضب من السماء، ولكنه تم بفعل فاعل من أهل السلطان على بلاد السودان.. وبالمثل فإن قانون 2005م، لم يخرج عن كونه صيغة (موارية) للإجهاز على بقايا المشروع وتقسيمها كأسلاب أو (فيئ) على فئة الموالين داخلياً وخارجياً.. فهذا هو نهج التنمية المسدود) الذي تبشّر به وتهلل له أجهزة إعلام الإنقاذيين.. إنهم يحتفون بالأسمنت لأنهم لا يشعرون بقيمة «للعامل» الذي يتشقق جسده من حمل الأكياس.. إنهم يحتفون بالفجيعة، وينطلقون مع الأسف من مبررات واهية و(سخيفة) عندما يحجبون التمويل الحكومي، وهو تمويل مسترد وليس صدقة أو منحة.. فمنذ نعومة أظافرنا وجدنا سلفية التجهيز للموسم، وسلفية الكديب، والحصاد.. ثم تخصم هذه السلفيات من العوائد ويتم صرف المتبقي للمزارع «حامد شاكر».. فلم يحمل قرعة يقف بها عند أبواب «بنوك التمكين» طالباً من «الشيوخ» الإحسان، فقط يطلب ما هو معقول وموضوعي، لأن إمكانات الدولة هي الأكبر والأكثر، وما قيمة الحكومة وموازناتها ومواردها إذا لم تسخّر لمصلحة الشعب، والمنتجين منهم على وجه الخصوص؟؟ إن الدعوة والمطالبة يجب أن تعم جميع أرجاء الجزيرة، رفضاً لخطوات الخصخصة العمياء والعشوائية، ثم المطالبة بأيلولة المشروع بكل مكوناته ومقوماته لحكومة ولاية الجزيرة، فنحن على استعداد لدعم «حكومة الولاية» في هذه النقطة فقط ويبقى اختلافنا سياسياً وفكرياً مع منطلقاتها وممارساتها ويتصل النضال من أجل أن تكون التنمية وسيلة لخير الإنسان وليس (غاية) يستغل فيها الإنسان.. فهذه هي معادلة الحكم الراشد والمنهج السليم والمنطق الصحيح...
وانقر هنا واقرا بداية الجريمة
السنة التي بين فرضين، والفرض الذي بين سُنتين، ...,وحكاية الشريف ودبدر
|
|
|
|
|
|
|
|
|