الذكري ال 30 للاستاذ محمود محمد طه فالنوقد الشموع

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-26-2024, 08:25 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف للعام 2015م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
11-16-2014, 06:06 PM

Sabri Elshareef

تاريخ التسجيل: 12-30-2004
مجموع المشاركات: 21142

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
الذكري ال 30 للاستاذ محمود محمد طه فالنوقد الشموع

    30 سنة منذ ان تم التنفيذ في يناير 1985 واصبح الاستاذ محمود رمزا للكرامة وللحرية وللانسانية
    تمر علينا الذكري في يناير 18 2015 فالنوقد الشموع في هذه الكثافة من انتشار الهوس الديني
    والمنطقة والاقليم والعالم تتضح فيه صورة الهوس الديني .

    اما البلاد فقد قال عن الاخوان المسلمين انهم يفوقون سوء الظن العظيم وقد اتضحت رؤيته في هذا التظيم ومنذ 1989 بعد سيطرة تنظيم الاخوان المسلمين بتسمياتهم
    المختلفة جبهة قومية اسلامية او مؤتمر وطني او جبهة ميثاق قد حاق بالبلاد العذاب والفساد والخراب

    تعالوا نساء ورجال ان نوقد شمعة احتفاء بهذه الذكري العظيمة ذلك الانسان الذي ابتسم امام جلاديه فقد اصبحت ذكراه وذهب قضاة تلك المحكمة المهزلة نسيا منسيا


    الاحتفال في يناير المجيد يناير الانتصار
                  

11-16-2014, 06:36 PM

علي دفع الله
<aعلي دفع الله
تاريخ التسجيل: 08-31-2012
مجموع المشاركات: 4740

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الذكري ال 30 للاستاذ محمود محمد طه فالنوقد الشموع (Re: Sabri Elshareef)

    RSabr.jpg Hosting at Sudaneseonline.com



    صدقت نبئوتك ايها الشهيد العظيم
    ستظل دماؤك الطاهرة الذكية تطارد تجار الدين احياؤهم وامواتهم
                  

11-16-2014, 08:31 PM

Sabri Elshareef

تاريخ التسجيل: 12-30-2004
مجموع المشاركات: 21142

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الذكري ال 30 للاستاذ محمود محمد طه فالنوقد الشموع (Re: علي دفع الله)

    الأخوان الجمهوريون



    الهوس الديني
    يثير الفتنة
    ليصل إلى السلطة





    الطبعة الأولى مايو 1983 رجب 1403






    الإهــــداء
    إلى الشعب السوداني العزيز!!
    "فسيكفيكهم الله، وهو السميع العليم"


    بسم الله الرحمن الرحيم
    "يأيها الذين آمنوا، إن جاءكم فاسق بنبأ، فتبينوا، أن تصيبوا قوما بجهالة، فتصبحوا على ما فعلتم نادمين"..
    صدق الله العظيم
    المقدمة:
    لا شئ أدعى لاستثارة روح المسئولية لدى المواطن الصالح، أو المسئول المخلص، سوى استشعار الخطر الذي يمس أمن البلاد السياسي، ووحدتها الوطنية، والعمل على توقّيه.. وليس هناك من خطر كهذا أكبر من خطر الهوس الديني الذي يلقي بأبناء البلد الواحد في أتون القطيعة، والحرب، ثم يخلف من آثار الموجدة، والنقمة ما يصعب تجاوزه حتى مع مرور الأيام.. ولا تزال أحداث مصر، ولبنان، وإيران ماثلة، ضاغطة على الواقع بكل آثارها.. ثم إن أي تفريط في أية ظاهرة مؤدية إلى خطر الفتنة الدينية إنما يعادل، تماما، التفريط في الوحدة الوطنية، والأمن القومي للبلاد بأسرها.. وسنثبت في هذا الكتاب بالدلائل القطعية، وقرائن الأحوال القوية أن هناك تفريطا كهذا، قد وقع، ولا تزال دائرته تتسع من غير أن تناله يد المحاسبة، والتصحيح.. فهناك فقيه مصري وافد للعمل في بلادنا بجامعة امدرمان الإسلامية، مرتبط، بصورة أو بأخرى بأحداث (الزاوية الحمراء) بمصر، والتي انفجرت منها الفتنة الطائفية بين المسلمين والمسيحيين حتى تصاعدت الأحداث التي أودت بزعيم مصر الشهيد السادات.. هذا الشيخ، باعترافه، كان إماما لهذه الزاوية.. وقد أخذ هذا الشيخ، وهو بهذه الخلفية السياسية والدينية المشبوهة، يمارس نشاطا صريحا في إثارة الفتنة الدينية بين المواطنين، وفي التكفير، والتحريض، وفي تحقير موروثات الشعب المقدسة، وفي تشويه أفكار الدعوات الدينية، وفي التدخل السافر في شئون البلاد الداخلية.. وهو ينطلق بهذا النشاط الهدّام من (مسجد التقوى) الذي تنسب رعايته للنائب الأول ورئيس جهاز أمن الدولة، مما أكسب هذا النشاط صفة الشرعية، ومد له في التمادي، حتى تصاعد إلى أجهزة الإعلام فاتخذ صورة متوالية منظّمة.. وذلك مما ينبئ عن معالم مخطط واسع لنقل موجة الهوس الديني من مصر إلى السودان، ولإقامة دولة الهوس عليه، مما أخفقت فيه الجماعات الإسلامية بمصر وذلك استغلالا لعوامل شتى منها جو التكامل، ومنها الإسماح الأمني النسبي، ومنها طبيعة هذا الشعب المحب للدين.. وهذا الشيخ، بذلك، لا بد أن يكون هو رأس السهم في هذا المخطط.. إن التفريط الذي يقابل به المسئولون الأمنيون، والسياسيون، والإعلاميون هذا النشاط إنما هو بمثابة جواز المرور لينتقل إلى كافة المساجد، وإلى كافة المنابر العامة، وليدخل أعرافا غريبة على بيئتنا، من صراع اجتماعي، وعصبية دينية.. وهذا الشيخ، بهذا الصنيع، إنما يسيء للعلاقة بين البلدين أسوأ الإساءة، ويسعى ليحوّل التكامل ليكون تكاملا بين عناصر الهوس لفرض الإرهاب والتخلّف على البلدين ولقد استهدف هذا الشيخ الفكر الجمهوري، بوصفه المعوّق الأساسي الذي يقف في طريق مخططات الهوس والإرهاب في البلاد، فذهب يشوه هذا الفكر بصورة تنضح بسوء الغرض، وتدعو للرّيبة، وتكشف عن روح التآمر.. ولا يزال مسئولونا السياسيون والأمنيون، والإعلاميون في سكوت تام عن هذا النشاط الإرهابي.. مما يدعو للتساؤل: هل مرد هذا التفريط إلى الغفلة، أم إلى السقوط ضحية الإرهاب أم إلى التواطؤ؟؟ ولماذا يجد هذا الأجنبي الحق في التعبير الذي لا نجده، وأبسطه حق الدفاع عن النفس؟؟
    ونحن على يقين تام بأن الله تعالى لن يخلي بين هذا الشعب وبين الطامعين في وحدته، وأمنه، وحريته، ولسوف يصل عادته في العناية بهذا الشعب.. ونحن كذلك، على يقين تام بأن دعوتنا، بما هي، وحدها، اليوم الناطقة عن المصحف، الهادية إلى السنّة، إنما مآلها إلى الظهور والاستعلان.. فالله، وحده، هو كفيلها "إن الله يدافع عن الذين آمنوا"، وذلك برغم التآمر الواسع عليها، الذي إنما هو يقوم على جرف هار من سقوط المروءة وموت الوجدان..


    الفصل الأول
    مخطط الهوس الديني يستهدف تشويه الفكر الجمهوري
    لم تكن موجة الهوس الديني، التي تصاعدت في مصر حتى أودت بحياة الشهيد السادات، تستهدف قلب نظام الحكم فحسب وإنما كانت تسعى لتغيير وجه الحياة في مصر، تماما، بالقضاء على مظاهر الدولة الحديثة، وتصفية العناصر المتحررة، ومصادرة المكتسبات التقدمية، وفرض صور التخلف، والإرهاب، باسم الدين، وعلى غرار حركة الخميني في إيران.. وذلك مما كان سيدخل مصر في فتنة دينية، وحرب أهلية لا قرار لها.. ولكن هذا المخطط قد أخفق، وتم كشفه كاملا، وأمكن احتواؤه أمنيا إلى حين.. وهو لا يزال، وفي غياب الوعي الديني الصحيح، يتهدد مصر تهديدا ماثلا، مما اضطر النظام المصري لمد فترة الأحكام العرفية عاما آخر.. ولا يمكن، بالطبع، فصل مخطط الهوس الديني في مصر عن مخططه في السودان.. فكلاهما، في حقيقة الأمر، مخطط واحد، متكامل الأهداف، والوسائل.. فهذا المخطط إنما يسعى ليحقق في السودان ما عجز عن تحقيقه في مصر، وذلك بإقامة دولة الهوس الديني في السودان، وحتى يستطيع عن طريقها التحكم في كلا البلدين، وفي كل المنطقة.. وهذا المخطط إنما يستغل في السودان حب الشعب للدين، مما يغري بتضليله، وفرض الوصاية الدينية عليه، ويستغل جو التكامل وما أفرزه من حرية الحركة بين البلدين، ويستغل الإسماح الأمني النسبي في السودان.. وهذا المخطط، فوق ذلك، إنما يجد تربة خصبة في السودان فيما حققه تنظيم الاخوان المسلمين من تغلغل في أجهزة السلطة، وفي المساجد، وفي الجامعات، وفي وسائل الإعلام، تحت ظل (المصالحة الوطنية) إلى جانب قيام دعوات الهوس الديني الأخرى كدعوة الوهابية، وقيام المؤسسات الدينية التقليدية التي تشكل رصيدا جاهزا للهوس الديني.. فأخذت عناصر الهوس الديني تنتقل إلينا لتمارس نشاطها الهدام في حرية تامة.. ولكن هذا التكامل بين عناصر الهوس الديني في البلدين إنما يصطدم، بمعوق ضخم لنشاطها في السودان وهو الفكر الجمهوري الذي ظل يقوم بدور مؤثر في التوعية، والتربية الإسلامية الصحيحة، ويعمل، وحده، في ميدان الدعوة الإسلامية الجادة الواعية، وهو ما فتئ يكشف زيف دعوات الهوس الديني، وتحجّر وتجمّد المؤسسات الدينية السلفية، ومبلغ تعويق هذه الدعوات، والمؤسسات للبعث الإسلامي.. ولذلك اتجه مخطط الهوس الديني، أول ما اتجه، إلى تشويه الفكر الجمهوري الذي يعوق مسعى هذا المخطط، ويدرأ عن البلاد خطره..
    ويمثل، اليوم، رأس السهم في حملة التشويه المنظمة ضد الفكر الجمهوري فقيه مصري يعمل استاذا بجامعة امدرمان الإسلامية "محمد نجيب المطيعي".. وقد استغل منبر "مسجد التقوى"، المنسوبة رعايته للسيد النائب الأول لرئيس الجمهورية، ورئيس جهاز أمن الدولة، فبدأ منه حملة هذا التشويه، وذلك لإكسابها صفة الشرعية، حتى لقد نقلت الإذاعة خطبة له في صلاة الجمعة بهذا المسجد وهي تنضح بالتشويه، والتأليب علينا، مما أعطاه الجرأة لتصعيد حملته ضدنا من هذا المسجد، ومن التلفزيون، بصورة متوالية أشبه بالحلقات، مما يدل على أنه إنما يقوم بعمل منظّم، ومتصاعد وفق مخطط مرسوم وثابت يستهدف تشويه فكرنا.. وذلك تحت سمع، وبصر، كبار المسئولين السياسيين، والأمنيين، والإعلاميين.. فلكأن الهوس قد صار يستظل بهؤلاء المسئولين الذين تقتضيهم مسئولياتهم الوطنية، والدينية درء خطر هذا الهوس عن الشعب، وتحقيق العدالة بين جماعاته، وأفراده، وحماية حقوقهم الأساسية في حرية الرأي والاعتقاد.. وسنفرد هذا الفصل لكشف صور التشويه المنكرة التي يمارسها هذا الشيخ ضد فكرنا، بما يدل على سوء الغرض بأكثر مما يدل على سوء الفهم، وبما يشير إلى ما وراء ذلك من مخطط متكامل للهوس الديني، تأخذ معالمه في الاتضاح يوما بعد يوم، وهو لا يستهدفنا نحن فحسب، وإنما يستهدف من ورائنا هذا الشعب ـ قيمه الدينية، ومكتسباته التقدمية، ووحدته، وأمنه، وسيادته.. ونحن إنما نأسى، أشد الأسى، لما بلغه خصومنا، وبخاصة علماء الإسلام، من شطط منكر في معارضة هذه الدعوة، وهم يفارقون أبسط قواعد الأمانة العلمية التي يفرضها الدين.. حتى لكأنهم قد جعلوا حرمة الله وراء ظهورهم، فنسوا أنهم موقوفون ومحاسبون وموزورون على هذا الصنيع: "إذ تلقونه بألسنتكم، وتقولون بأفواهكم ما ليس لكم به علم، وتحسبونه هينا، وهو عند الله عظيم!!" إن دعوتنا غريبة، ما في ذلك ريب!! ولكن أليس موعود الدين أن يعود غريبا؟؟ بلى!! إن ظاهرة الغربة في هذه الدعوة إنما هي مدعاة صحة بأكثر مما هي مدعاة خطأ، ولذلك فهي حرية بأن تحمل هؤلاء العلماء على استقصاء كل وسائل البحث فيها، وعدم إعجال أنفسهم في الحكم عليها، وعلى معارضتها، إذا دعا الحال للمعارضة، في الالتزام بأدب الدين، من إحسان الظن، وتوخي الأمانة، وإعفاف اللسان.. هذه الدعوة إنما هي، في جوهرها، الدعوة إلى طريق محمد، عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم بغير زيادة أو نقصان، وعن وعي، وفي إتقان.. وقد جاءت هذه الدعوة على تناه من الزمن، واقتراب من الساعة، لترد المسلمين إلى جادة دينهم، ولتصنع بهم مدنية كوكبية جديدة تحرّر، وتوحّد هذه البشرية، الحائرة، الضائعة.. وكل مدعو إلى طريق محمد إنما لزمته الإجابة، مهما كان مصدر الدعوة.. فأنّى تُصرفون؟؟

    تشويه الشيخ لرأينا في ظاهرة الهيبز:
    زعم الشيخ المطيعي أننا نؤيد دعوة الهيبز، على ما هي عليه من انحلال وفساد خلقي، وأننا ننادي بأن الهيبز على حق، وذلك في حديث الشيخ التلفزيوني يوم 12ـ4ـ1983.. وقد جاء فيه: "نجد في عصرنا هذا من ينادي بأن الهيبز على حق، آي والله، وقرأت لمن يقول أن الهيبز الذين يتحللون من كل المثل، ولا يدينون بدين، ولا يتأدبون بأدب، وليس لهم نظام حياة يمكن أن تقبله العقول السليمة، وإنما يحيون حياة شاذة هذا قرأته في رسالة لا أدري ما اسمها، اسمها الصلاة، أو شئ من هذا.. وقرأت فيها تمجيدا للهيبز، ويقولون أن الهيبز علامة صحة لا علامة مرض.. فالذي يقر مثل هذه الأشياء إنما قد انسلخ انسلاخا كاملا من فضائل الإسلام، ومن قيوده، ومن آدابه، ومن أحكامه" انتهى.. هذا ما قاله المطيعي عنّا، وهو في جميع أحاديثه عنا، والتي تناهت إلينا، لا يذكرنا بالاسم، وإنما يعرض بنا بصورة مكشوفة لا تخفى على أحد من المواطنين غير أن هذا الشيخ قد قرأ نصّا من كتابنا "رسالة الصلاة"، وقد قرأه مبتورا، حتى يخرّج عليه ما يريد من تخريجات، وذلك في حديثه في التلفزيون يوم 19ـ4ـ1983، حيث جاء فيه (نرى في مجتمعنا هذا، ونرى في بيئتنا المسلمة، من يمجّد هذه الهيبز، ومن يحكم بأنها طريق صحيح.. انظر إلى هذا القول، وإلى هذا الصوت الناشز، وإلى هذا اللفظ الخبيث، الذي يستدرج الإنسان، ويستدرج بخاصة الشباب، هذا المجتمع الطاهر البرئ الذي يرتبط بعلاقة وثقى بالإسلام، وبالفضائل الإسلامية، وبالمثل العليا، انظر إليه وهو يقول: " من أجل ذلك فإنّا لا نعتبر حركات الشباب التي تتجه اتجاه الهيبز علامة مرض، وإنما هي عندنا علامة صحة، وهذا هو الذي جعلنا نجزم بأننا إنما نعيش في أخريات أيام مرحلة التطور العضوي ـ العقلي) انتهى.. ثم يمضي الشيخ ليتهمنا بأننا نعمل على تدمير قيم الشباب، ونعمل على القضاء على الإسلام، فيقول: (هذا التمجيد لمبدأ الهيبز، وأنه ليس علامة مرض وإنما هو علامة صحة يعني أنه دعوة الشباب إلى الهيبز، وهذه الدعوة إنما هي دعوة يجب أن يتصدى لها كل إنسان حر غيور، ويجب أن يعرف أن هذه الدعوة الباطلة قامت من أجل تدمير الشباب، ومن أجل تدمير قيمه ومثله، وإنهاء كل هذا الدرب الطويل الذي يبدأ منذ أن بعث رسول الله إلى اليوم، من أجل القضاء على الإسلام، ومن أجل التآمر الصهيوني الخبيث) انتهى.. هذا بعض ما قاله الشيخ المطيعي في تشويه دعوتنا، وفي التحريض علينا، من حديث طويل له لا يرمي فيه إلا إلى إثارة الفتنة.. وكل هذه الاتهامات الباطلة إنما بناها المطيعي على نص قد نقله مبتورا من كتابنا، ثم ذهب يخرّجه بما يتناقض مع ما رمينا إليه من عبارتنا.. فنحن عندما قلنا أن ظاهرة الهيبز في الغرب ظاهرة صحة، وليس ظاهرة مرض إنما على اعتبار أنها تملك فضيلة الشعور بالمشكلة، وإن لم تهتد إلى الحل، وهذا أمر لم يتوفر للكثيرين في الغرب.. ثم إننا قد دعونا إلى هداية الهيبز عن طريق الإسلام.. فأقوالنا عن الهيبز أقوال واضحة لا تحتمل هذا التحريف مطلقا..
    فماذا قلنا عن الهيبز؟؟ ولنبدأ بإيراد النص الكامل من "رسالة الصلاة"، الصفحة 49، الطبعة السابعة، والذي بتر منه الشيخ ما بتر، ثم نذهب إلى نصوص أخرى حول هذه الظاهرة.. فقد جاء في ذلك النص: (وفي سبيل هذا التفهم برزت في أوربا، وفي أمريكا، أساليب في الحياة، والفكر، كأساليب "الهيبز" وأساليب "اللامعقول" ولكنها أساليب تدل على الحيرة، وعلى القلق، وعلى الجهل بأصل المشكلة.. ومع ذلك فإنها تملك فضيلة الاعتراف بهذه المأساة في حياتنا التي تحاول الكثرة الغالبة تجاهلها.. ومن أجل ذلك فإنّا لا نعتبر حركات الشباب التي تتجه اتجاه "الهيبز" علامة مرض، وإنما هي عندنا علامة صحة.. وهذا هو الذي جعلنا نجزم بأنّا نعيش الآن في أخريات مرحلة التطور العضوي ـ العقلي) انتهى.. وهكذا بتر الشيخ حديثنا عن ظاهرة الهيبز بأنها ظاهرة تدل على الحيرة، وعلى القلق، وعلى الجهل بأصل المشكلة، ثم ذهب ليتهمنا تلك الاتهامات الباطلة.. وقد أهمل هذا الشيخ تعليلنا لهذه الظاهرة بأنها ظاهرة صحة، حيث بتر النص الذي يرد فيه هذا التعليل والذي يقول: (ومع ذلك فإنها تملك فضيلة الاعتراف بهذه المأساة في حياتنا، التي تحاول الكثرة الغالبة تجاهلها) ففي حين أننا نقول أن هذه الظاهرة مأساة، يقول هو عنّا أننا ندعو إلى الهيبز ونمجدهم!! وإليكم ما قاله الأستاذ محمود محمد طه في تحليل ظاهرة الهيبز في كتاب "القرآن ومصطفى محمود والفهم العصري"، صفحة 6: (فأما حاجة هذا العصر فإلى الهداية.. فإن البشرية لم تكن يوما في التيه كما هي اليوم.. وسمة هذا العصر هي القلق، والحيرة، والاضطراب.. هذا عصر الثورات: الثورة الثقافية، والثورة الجنسية، وثورة الشباب، وكلها دليل على القلق، والحيرة، والاضطراب.. هذا عصر "الهيبيز".. جماعات من الشباب، من الجنسين، يزيد عددهم كل يوم، ويستطير شرهم كل يوم، حتى عم جميع الأقطار.. يقوم مجتمعهم على الرفض، فهم قد وجدوا مجتمع الحضارة الغربية، الآلية، مجتمع إنتاج واستهلاك، فقد الإنسان المعاصر فيه روحه، وقيمته، وحريته، واستحال إلى آلة تنتج وتستهلك، فرفضوه، ورفضوا معه كل عرف، ودين.. وفزعوا إلى صور من مجتمعات الغابة، فهم يلبسون المرقعات، ويسيرون حفاة، ويرسلون شعورهم، ويبيتون على الأرصفة، والطرقات، ويستبيحون بينهم من العلائق الجنسية ما ظلت البشرية على صيانته حريصة خلال تاريخها الطويل.. هم يبحثون عن حريتهم، وعن إنسانيتهم، وعن فرديتهم، فلا يكادون يجدون غير الضياع، وغير القلق، وغير الإضطراب.. فهل عند مصطفى محمود إدراك واسع لهذه الظاهرة، واهتمام بها، وسعي لإيجاد الهداية لها من القرآن بتفسيره العصري؟؟) انتهى.
    هل يمكن لمن يقول مثل هذا القول عن الهيبز يمكن أن يتهم بأنه يمجد ظاهرة الهيبز ويدعو لها؟؟ هل القول بأن الهيبز "شرهم يستطير كل يوم"، والقول بأنهم "لا يكادون يجدون غير الضياع وغير القلق، وغير الاضطراب"، هل مثل هذا القول يمكن أن يتهم بأنه دعوة إلى الهيبز كما زعم الشيخ المطيعي؟؟ ولكن رغم ذلك أقسم الشيخ المطيعي بالله على أننا ننادي بأن الهيبز على حق!! في الوقت الذي نستنكر فيه على الهيبز أنهم "يستبيحون بينهم من العلائق الجنسية ما ظلت البشرية على صيانته حريصة خلال تاريخها الطويل" يقول عنا المطيعي أننا ندعو إلى هدم القيم والمثل عند الشباب!! إن اتهام المطيعي رد عليه، فإن الأستاذ محمود إنما هو المثل الأعلى للعفّة والعفاف والإعفاف، وهو يربي أعف مجتمع، وأحرصه على قيم الدين ومثله.. ودعوة الأستاذ محمود إلى بعث الإسلام إنما تبشّر، في حقيقة الأمر، بمستوى من الكمالات الإنسانية لا يحلم بها أكثر الناس تطلّعا إلى الكمال، وبمستوى من العلاقة بين الرجل والمرأة هي فوق خيال كل دعاة العفة والصون.. وهي مستويات نحن على يقين من أنها ستتحقق على هذه الأرض، وبين جميع أبنائها وبناتها.. وفي ذلك يقول الأستاذ محمود محمد طه في كتاب "القرآن ومصطفى محمود والفهم العصري" صفحة 141 ما نصّه: سيجئ وقت، قريبا، إن شاء الله، تكون فيه العفة، والصون، أمرا ثابتا في صدور النساء، والرجال.. ويكون جميع النساء، إلا امرأة واحدة، لدى كل رجل، كأنهن أخواته، أو أمه.. فلا تتحرك فيه رغبة جنسية لإحداهن، على الإطلاق.. ومثل هذا يقال عن المرأة بين الرجال، إلا رجلا واحدا، هو زوجها" انتهى.. هذا ما يدعو إليه الأستاذ محمود ويبشر به، فهل يمكن أن تتهم هذه الدعوة بأنها تدعو إلى الهيبز أو تقر الإباحية؟؟ وقد أعاد الشيخ المطيعي نفس اتهامه إيانا بالدعوة إلى الهيبز وإقرار إباحيتهم في حديثه بالتلفزيون يوم 26ـ4ـ1983، وبعبارات مسفة نعف عن إيرادها هنا.. ونكتفي بإيراد قوله (وانظر إلى هذا وأمثاله ممن يشجعون على نوع من التبرج، التبرج الجاهلي إلى جانبه تصوّن) انتهى. وهو يعنينا نحن.. ويكفي، هنا، أن نرد على هذا الاتهام الباطل، الممعن في البطلان، بما جاء في وصية الأستاذ محمود محمد طه للنساء، في خاتمة كتابه "تطوير شريعة الأحوال الشخصية"، من قوله: (اعلمن أن الغيرة الجنسية هي من أكبر أسباب تسلط الرجال على النساء.. وستظل غيرة الرجال على النساء قائمة.. لأنها هي صمام العفة، وضمانها.. والعفة أعظم مزايا النساء، على الإطلاق.. وما جعلت قوامة الرجل على المرأة إلا من أجلها، في المكان الأول.. فكن عفيفات، صينات، تكن لكن القوامة على أنفسكن.) ومضى يقول في هذه الوصية: (أسفرن، ولا تبرجن.. فإن التبرج دليل على خفة العقل، ورقّة الدين، وسوء الخلق.. ولا تستحق المتبرجة أن تتمتع بحرية السفور، يقول تعالى في ذلك ((واللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم فاستشهدوا عليهن أربعة منكم.. فإن شهدوا، فأمسكوهن في البيوت حتى يتوفاهن الموت، أو يجعل الله لهن سبيلا..)) ففي هذه الآية إذن بالسفور لمن تحسن التصرف في حرية السفور.. وفيها أمر بمصادرة حرية من تسيء التصرف في السفور.. كأن تكون متبرجة بالثياب الخليعة، أو بالمظهر الذي تستعرض به أنوثتها أمام الرجال..) انتهى.. هذا ما قاله الأستاذ محمود فأين هو من الاتهامات الباطلة التي يذيعها هذا الشيخ عنا؟؟ ألا يرجو هذا الشيخ لله وقارا؟؟

    تشويه الشيخ "للحرية الفردية المطلقة":
    ويقول الشيخ المطيعي، في ذلك الحديث التلفزيوني، إمعانا في تشويه فكرنا: (وهو ـ يعني الأستاذ محمود ـ لا يتقيد بقيد لأنه يدعو للحرية المطلقة) ومضى يقول (وهذه الحرية المطلقة التي لا تتقيد بشريعة سماوية، ولا تتقيد بآداب نبوية) انتهى.. هذا ما قاله الشيخ المطيعي عن مفهومنا للحرية الفردية المطلقة، وهو قول بادي البطلان، بادي الغرض.. وسنورد هنا بعض تعريفاتنا للحرية الفردية المطلقة كما وردت في كتبنا.. فقد جاء في كتاب (رسالة الصلاة)، صفحة 60، مانصه: (وفي الحق أن الحرية في الإسلام مطلقة، على أن تؤخذ بحقها.. وحقها، كما قلنا، حسن التصرف فيها ولا يستطيع أن يأخذها بحقها إلا من جوّد العبادة، وأوفى في ذلك بوصية المعصوم حيث قال "تخلقوا بأخلاق الله، إن ربي على سراط مستقيم".. فمن تخلّق بأخلاق الله فقد سار من المحدود إلى المطلق، فأحرز من استقامة السيرة، وسلامة السريرة ما يجعل نتائج عمله كلها خيرا وبرّا بالأحياء والأشياء، حتى لا يكون للقوانين عليه من سبيل) .. انتهى.. وقال الأستاذ محمود في كتاب "الثورة الثقافية"، طبعة مايو 1972، صفحة 32، ما نصه: (قد قال المعصوم: "الدين المعاملة"، وقال: "إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق".. و "مكارم الأخلاق" هي حسن التصرف في الحرية الفردية المطلقة..) ويمضي النص فيقول (وحسن التصرف في الحرية، إذا كانت في قاعدتها ـ الحرية المقيدة بالقانون ـ أو في قمتها ـ الحرية المقيدة بالأخلاق ـ لا يتأتى إلا إذا تهذب الداخل، واستقام، فسلم القلب من مذام الأخلاق، وصفا العقل من أوضار الأباطيل والخرافات..) انتهى.. وهكذا فإن الحرية الفردية المطلقة هي قمة الأخلاق، لأنها هي التخلق بخلق الله الأعظم.. وهذه الحرية مقيدة في قاعدتها بالقانون، وفي قمتها بالأخلاق، وصاحبها، فيما يأتي وما يدع، لا يصدر منه إلا الخير والبر بالأحياء والأشياء.. فأين هذا المفهوم مما خرّجه الشيخ؟؟ إن الحرية الفردية المطلقة التي ذهب الشيخ يشوهها بغير علم إنما هي سنة النبي الكريم، وقد كان أقدر الناس على حسن التصرف في الحرية الفردية المطلقة.. وفي هذا الصدد جاء في كتابنا "الرسالة الثانية من الإسلام" صفحة 22، الطبعة الخامسة، ما نصّه: (ولقد كان محمد أقدر الناس على حسن التصرف في الحرية الفردية المطلقة، وذلك لشدة مراقبته لربه، ولدقة محاسبته لنفسه، على كل ما يأتي وما يدع، في جانب الله، وفي جانب الناس، أليس هو القائل "حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا!!" بلى!! إن حسن التصرف في الحرية الفردية المطلقة إنما هو سنة النبي التي طالما تحدث عنها الناس من غير أن يدركوا حقيقتها) انتهى.. هذا ما قلناه عن الحرية الفردية المطلقة، فأين هو مما قاله المطيعي عنها، بأنها "لا تتقيد بشريعة سماوية، ولا تتقيد بآداب نبوية"؟؟ ففي الوقت الذي نقول فيه أن حسن التصرف في الفردية الحرية المطلقة هي سنة النبي يقول هذا الشيخ أن هذه الحرية لا تتقيد بشريعة سماوية ولا بآداب نبوية!! تشويه واضح ليس له من دافع سوى سوء الغرض..

    تشويه الشيخ "لصلاة التقليد":
    ويذهب الشيخ المطيعي مذهبا مسفّا، وهو يعرّض بالأستاذ محمود بقوله: (فيجعل الصلاة تقليدية ـ صلاة تقليد.. ومعنى تقليدية أنك كالقرد حين تصلي) ويمضي فيقول (ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في الصلاة "ليس لك من صلاتك إلا ما عقلت منها"، فهنا لا يكون تقليد، وإنما يكون اتباع، اتباع في الجوهر الباطن واتباع في الهيكل الظاهر) ويمضي فيقول (هذه الصلاة ليست هيكلية فقط، وإنما لها جوهر، وجوهرها أن تعقل ما تقول، فلا تكون هذه الصلاة تقليدية، ولا صلاة هيكلية) انتهى... فالشيخ يتهمنا في حديثنا عن صلاة التقليد بأننا ننفي الجوهر الباطن للصلاة، ونقول بصلاة هيكلية فحسب!! وهذا اتهام باطل، تشهد جميع كتبنا التي أصدرناها عن الصلاة ببطلانه.. فنحن الدعاة الحقيقيون للصلاة، العارفون بأسرارها، وبقيمتها، الحريصون على الحضور فيها، العليمون بوسائل هذا الحضور، الملمّون بكيفيتها الصحيحة، وبآثارها العميقة.. ويكفي في الرد على اتهام هذا الشيخ قول الأستاذ محمود في كتاب "رسالة الصلاة"، صفحة 76، تحت عنوان: "التقليد"، حيث جاء: ("صلوا كما رأيتموني أصلي!!" هكذا أمر النبي في تبليغ رسالة ربه، فالصلاة معراج النبي بالأصالة، ومعراج الأمة من بعده بالتبعية والتقليد.. وكلمة "رأيتموني أصلي" لها معنى بعيد، ومعنى قريب.. فأما معناها البعيد فهو أن نرى بعين البصيرة حالة قلب النبي من صدق التوجه حين يقوم للصلاة) ويمضي النص فيقول (وأما معناها القريب فهو أن نرى بعين البصر حركات النبي الظاهرة في صلاته، فنتقنها أيضا.. فنحن بدون أن نراه بعين البصيرة، وبعين البصر ـ وبعبارة أخرى، بدون أن نعرف حالة قلبه وحركات جسده لا نكون قد رأيناه) انتهى.. فهل مع هذا التعريف الواضح لصلاة التقليد يمكن أن يقوم زعم بأننا نقول بأنها صلاة هيكلية فحسب، ليس فيها اتباع في الجوهر الباطن؟؟ ... وعن الاتباع الباطني في الصلاة يجيء قولنا من نفس الموضع في "رسالة الصلاة" (ويحدثنا القرآن فيقول "قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله" فهل يظن أحد أنه يمكن أن نحوز حب الله إذا اتبعنا النبي في ظاهر أمره من الحركات والسكنات، ثم أهملنا الاتباع الباطني) انتهى.. هكذا تقوم الحملة التي يشنها علينا هذا الشيخ بصورة منظمة، ومتصاعدة، على التشويه المنكر، فيتهمنا بما نحن على النقيض منه تماما، وهو نادرا ما يستند على حقيقة أقوالنا كما جاءت في مصادرنا، وإذا استشهد بنص منها، بتره، وصرفه عن وجهه، وذهب في تخريجات مغرضة ـ مما يبرهن على صحة ما ذهبنا إليه من أن هذا الشيخ إنما هو رأس السهم في مخطط واسع، منظّم، لتشويه فكرنا في إطار إثارة الهوس، وفرض الإرهاب.. ولسنا، بالطبع، بصدد تتبع كل صور هذا التشويه بقدر ما نسعى إلى الإشارة لدلالاته..
                  

11-16-2014, 08:36 PM

Sabri Elshareef

تاريخ التسجيل: 12-30-2004
مجموع المشاركات: 21142

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الذكري ال 30 للاستاذ محمود محمد طه فالنوقد الشموع (Re: Sabri Elshareef)

    علي دفع الله
    تحياتي الطيبة

    شكرا لصورة الاستاذ وطلعة الحر تراها في عينيه معاني وصمود


    ادفع بالجزء الثاني والاخير من كتاب الهوس الديني يثير الفتنة




    الفصل الثاني
    من المسئول عن التمكين للهوس الديني في البلاد؟؟
    لا يمكن، كما ألمحنا في الفصل الأول، فصل مخطط الهوس الديني في مصر عن مخططه في السودان.. ولذلك فسنقدم في بداية هذا الفصل تحليلا موجزا لموجة الهوس الديني في مصر حى تتضح أبعادها، وهي تستهدف بلادنا.. وسنرى التطابق في الأهداف والمناهج بين المخططين، لا سيما وقد صارت هناك حلقات وصل وثيقة بينهما، تتمثل في مثل نشاط الشيخ المطيعي في بلادنا..

    موجة الهوس الديني في مصر:
    كان لتنظيم الاخوان المسلمين اليد الطولى في إشاعة موجة الهوس الديني في مصر، ومنها في البلاد الإسلامية الأخرى، وذلك عن طريق ما وضعه زعماء هذا التنظيم من أسس نظرية لهذا الهوس ومن ممارسات عملية له.. فمؤسس الدعوة حسن البنا، يدعو تنظيمه إلى تغيير الأنظمة بالقوة بقوله (فنحن حرب على كل زعيم، أو رئيس حزب، أو هيئة لا تعمل على نصرة الإسلام، ولا السير في الطريق لاستعادة حكم الإسلام) ـ (مذكرات الدعوة والداعية)، صفحة 144 دار الشهاب.. ويقول سيد قطب في كتابه (معالم في الطريق): (وكما أسلفنا فإن الانطلاق بالمذهب الإلهي تقوم في وجهه عقبات مادية من سلطة الدولة، ونظام المجتمع، وأوضاع البيئة، وهذه كلها هي التي ينطلق الإسلام لتحطيمها بالقوة) انتهى.. والاخوان المسلمون وهم يتحدثون عن الإسلام إنما يعنون تصورهم، هم، للإسلام، وهو تصور قاصر أشد القصور، وهو لا يدرك الحكمة من مرحلية الجهاد، كما سنبين في هذا الفصل.. وأنشأ تنظيم الاخوان المسلمين (الجهاز السري) للقيام بعمليات الاغتيال والتخريب (مذكرات حسن العشماوي)، واتهم بعدة عمليات في الاغتيال السياسي، والتخريب الارهابي.. وقام عهد فاروق، وعهد عبد الناصر بقمع وكبت هذا التنظيم، فلما جاء عهد السادات أطلق الحريات، وقام بشبه مصالحة مع التنظيمات الاسلامية فاستغلت هذه التنظيمات هذا المناخ في الازدهار من جديد، وكانت في بداية أمرها تأخذ صور الإصلاح الأخلاقي ريثما يقوى عودها فتبرز في صورتها الارهابية الحقيقية.. ذلك بأن القمع، والكبت، على عهد عبد الناصر لم يستطع القضاء على جذور هذه التنظيمات، بل إن غياب الوعي السياسي والديني، في ذلك العهد، قد ساعد على ظهور هذه التنظيمات بصورة أكثر تطرفا من ذي قبل.. فأخذت هذه التنظيمات تبسط سيطرتها على المساجد وعلى الجامعات ـ أساتذتها، وطلابها، وإداراتها، عن طريق الارهاب والعنف.. وكان لظهور حركة الخميني أثر فعال في إذكاء اتجاهات التطرف بين هذه التنظيمات.. وجاء حادث اغتيال الشيخ الذهبي (وزير الأوقاف الأسبق) وحادث الكلية الفنية العسكرية، اللذان كان وراءهما هذه التنظيمات، إيذانا ببدء المواجهة بينها وبين السلطة.. فأعلنت هذه الجماعات معارضتها لاتفاقية كامب ديفيد، وأخذت تثير العاطفة الدينية ضدها.. ولم يستطع النظام، عندها، القضاء على هذه المواجهة المتصاعدة من التطرف الديني، بسبب ضخامة عضوية جماعاته، وتغلغلها في المحافظات.. وكانت هذه الجماعات وراء الفتنة الطائفية بين المسلمين والمسيحيين في أسيوط والمنيا، وقد أقامت هذه الجماعات المؤتمرات التي هاجمت فيها وجود شخصيات مسيحية في الحكومة المصرية!! (الشرق الأوسط 6ـ4ـ1980)، وكانت أحداث الزاوية الحمراء، وما وقع فيها من صدام مسلح بين المسلمين والمسيحيين أبرز معالم تلك الفتنة.. وجرت حملة الاعتقالات الأخيرة، قبيل اغتيال السادات، لوقف تحركات هذه الجماعات لقلب نظام الحكم.. وكان ممن تم اعتقالهم وجرى التحقيق معهم التلمساني المرشد العام للاخوان المسلمين الذي اتهم بإثارة ائمة المساجد ضد النظام، وفي تداول مسائل تمس الوحدة الوطنية، والجزار، أمير الجماعات الاسلامية الذي اتهم بالمشاركة في الندوات والمؤتمرات والمعسكرات التي تعقدها هذه الجماعات، وبالهجوم على كامب ديفيد في المساجد..
    وجرى حادث اغتيال السادات على يدي عناصر الهوس الديني. وكان مخطط الهوس يستهدف نسف منصة العرض العسكري بمن فيها من القيادات المدنية والعسكرية، وإحداث حالة من الارتباك العام في أجهزة السلطة، مما يشلها عن مواجهة تحرك هذه الجماعات في القاهرة والمحافظات للاستيلاء على الحكم.. وقد أعد التنظيم أشرطة كاسيت لإذاعة بيان ثورتهم من المساجد، ثم تحريك الشعب لتأييد هذه الثورة عن طريق المساجد (الأخبار 24ـ10ـ1981).. ولكن اغتيال السادات في الدقائق الأولى وفشل المخطط في نسف المنصة أطاح بالمخطط مما مكن من كشفه، واحتوائه، وملاحقة عناصره.. وقد كشفت التحقيقات والدراسات تأثر هذه الجماعات بأفكار وممارسات الاخوان المسلمين (فقيادات جماعة التكفير والهجرة كانت من الاخوان المسلمين، وقد تأثرت هذه القيادات بحسن البنا وسيد قطب ـ المصور 30ـ10ـ1981).. وكان السادات، قبيل اغتياله، قد اتهم الاخوان المسلمين بإخفاء جهازهم السري في صورة هذه الجماعات الدينية، وأشار إلى استغلال هذه الجماعات للجامعات والمساجد في العمل لقلب نظام الحكم، وإلى دور بعض أئمة المساجد في الفتنة الطائفية) بيان السادات في الصحافة المصرية 14ـ9ـ1981) كما كشفت هذه التحقيقات تأثر هذه الجماعات بحركة الخميني، وأفكاره، وهو يدعو إلى (تشكيل الحكومة الإسلامية) وإلى (محاربة حكم الطاغوت) (الحكومة الاسلامية للخميني) فصار من دستور التنظيم الإرهابي (الإطاحة بنظام الحكم الجاهلي وإقامة الدولة على نهج الخميني) ومن دستوره (الجهاد فرض عين لقلب النظام القائم بالبلاد والعمل على التصفية الجسدية لكل من يشكل معوّقا أو خطرا أو معارضة مع فكر التنظيم).. وجاء في كتاب (الفريضة الغائبة) الذي يشكّل مذهبية هذا التنظيم (حكام هذا العصر في ردّة من الاسلام) (فواجب على المسلمين أن يرفعو السيوف في وجه هؤلاء القادة) (أخبار اليوم 12ـ12ـ1981).. وكان من شُعب هذا التنظيم (شعبة الدعوة من خطباء المساجد والمدرسين الخ..).. بهذا التحليل الموجز لموجة الهوس الديني في مصر، والتي تسعى لاجتياح بلادنا، تبرز السمات الأساسية لهذه الموجة المتصاعدة فيما يلي:
    1. القاسم المشترك بين سائر هذه التنظيمات هو تكفير الحكام، وسائر العناصر التي تعوق حركتها، واستباحة دمائهم، والسعي لقلب نظام الحكم، وفرض دولة الهوس على نهج دولة الخميني..
    2. الدور الرئيسي الذي لعبته المساجد في انتشار خلايا هذه التنظيمات، وفي التأليب على السلطة، وفي إثارة الفتنة الدينية بين المسلمين والمسيحيين، وتهديد الوحدة الوطنية، وكان لبعض أئمة المساجد دور بارز في سائر هذه الأحداث..
    3. إثارة الفتنة الطائفية بين المسلمين والمسيحيين كوسيلة لإثارة الهوس الديني..
    4. اتجاه الجماعات الاسلامية إلى النيل من التصوف، ومن الصوفية.. فقد ذكرت مجلة "الوطن العربي" ـ 8ـ7ـ1977 أن جماعة التكفير والهجرة تدعو إلى العودة بالدين إلى منابعه وتجريده من البدع، وقد قام أعضاء هذه الجماعة بحرق أضرحة الأولياء في محافظة الشرقية!! فهذه الجماعات متأثرة بابن تيمية ("كتاب الفريضة الغائبة") وبتلميذه محمد بن عبد الوهاب، مؤسس المذهب الوهابي، والذي يقوم على تكفير الصوفية.. والوهابية لا يدعون إلى هدم قباب الأولياء، فحسب، وإنما إلى هدم قبّة النبي الكريم نفسها. جاء في كتاب لجماعة الوهابيه كتبه التقلاوي عن العقيدة، صفحة 128 قوله (إن هدم قبة الرسول صلى الله عليه وسلم وصاحبيه هي أعظم ما يقوم به مسلم يرجو القربى من الله، ولا يخشى سواه) انتهى.
    5. السيطرة على الجامعات وفرض صور الإرهاب عليها، واستغلالها في أهداف هذه التنظيمات في إثارة الفتنة وفي قلب نظام الحكم، على غرار الجامعات الإيرانية التي انخرط طلابها في "حرس الثورة"!!
    هذه هي السمات الأساسية المشتركة بين الجماعات الإسلامية بمصر، ومن الملاحظ تأثر الجماعات الإسلامية بالسودان بهذه السمات، وبخاصة جماعة الاخوان المسلمين، وجماعة الوهابية، مما يشكل تربة خصبة لموجة الهوس الديني الوافد من مصر، ومما ينبئ عن مبلغ خطر النشاط الهدام الذي يقوم به مثل الشيخ المطيعي في إثارة الهوس والفتنة ..

    الشيخ المطيعي عنصر من عناصر الهوس الوافدة:
    نحن لا نتجنى على الشيخ المطيعي في هذا الاتهام، وإنما نحن نستقي هذا الاتهام من خلفيته السياسية، والدينية، المشبوهة، المرتبطة بعناصر الهوس الديني في مصر، ثم من خطبه، وأحاديثه من "مسجد التقوى"، ومن التلفزيون، والتي تنضح بالدعوة إلى الهوس والفتنة.. وذلك كما تدل عليه الشواهد الواضحة، وقرائن الأحوال القوية، فيما يلي:
    1. الشيخ المطيعي، باعترافه هو نفسه، في خطبة الجمعة بمسجد التقوى يوم 15ـ4ـ1983، كان إمام "الزاوية الحمراء" التي راح ضحية الصراع الدامي فيها 17 قتيلا، ثمانية من المسلمين، وتسعة من المسيحيين (من خطاب الرئيس السادات "الأيام" 7ـ9ـ1981) وذلك بقوله: (إن المسيحيين متعصبون دائما، وأنا إمام الزاوية الحمراء التي انفجرت منها كل المسائل التي تعرفونها، وكنت قد نصحت المسلمين بمقاطعة المسيحيين، نصحتهم بذلك حتى لا يؤدي تعاملهم معهم للإحتكاك والاشتباك، ولكن لم يسمعوا نصيحتي فتداخلوا معهم في التعامل مما أدى إلى الاحتكاك والاشتباك وحدوث كل ما حدث..) انتهى حديث الشيخ وذلك حسب رواية أخينا الذي حضر تلك الصلاة.. ألا تكفي الدعوة إلى هذه المقاطعة بين مواطني بلدة واحدة لخلق جو من التوتر بينهم يؤدي إلى الفتنة في أي وقت؟؟ ولماذا لم يدع المواطنين المسلمين إلى التصالح والاسماح مع المواطنين المسيحيين في هذه البلدة، مما يمليه عليه واجبه الديني، والوطني وهو في موقع قيادي بالنسبة للمسلمين؟؟ ثم إن عمل المطيعي المتصاعد، المنظم من هذا المسجد "مسجد التقوى" ومن التلفزيون، في إثارة الفتنة الدينية، وهو منتدب في عمل بالسودان فحسب، كاف للدلالة على أنه يقوم بدور رئيسي في الفتنة الدينية، في بلاده، لا سيما وهو يحمل ذلك الرأي السيء عن المسيحيين، ويتولى الإمامة في تلك "الزاوية" في بلدة مشحونة بالتوتر بين الطائفتين، وفي ظل موجة من الهوس الديني العام تجتاح مصر، وتخطط لقلب نظام الحكم، وقد رأينا دور المساجد، وأئمتها في تلك الأحداث التي أدت إلى اغتيال السادات!! أليست هذه الخلفية، وحدها، كافية لتعامله أجهزة الأمن كمشبوه يخضع للرقابة حتى ولو لم يقم بنشاط ملحوظ في إثارة الفتنة؟؟ أليس من التفريط في المسئولية الأمنية أن يقوم هذا الشيخ، وهو بهذه الخلفية السياسية والدينية بنشاط هدّام في نفس اتجاه الفتنة الدينية من مسجد تنسب رعايته إلى رئيس جهاز أمن الدولة، وهو مسجد كان ينبغي أن يتميز عن المساجد الأخرى بحساسية أمنية زائدة؟؟ ثم أليس إمعانا في التفريط في المسئولية الأمنية أن يجد نشاط هذا الشيخ جواز المرور من المسجد إلى أجهزة الإعلام، ليدخل كل بيت؟؟
    2. وقام الشيخ المطيعي، في نفس تلك الخطبة، من نفس ذلك المسجد، وبالفعل، بالدعوة إلى إثارة الفتنة بين الشماليين والجنوبيين!! فقد تحدث أحد أبناء الإقليم الجنوبي في ذلك الوقت عن وضع الجنوبيين المسلمين بالإقليم، وأشار إلى أن المسلمين بالشمال لا يقدمون شيئا لإخوانهم المسلمين في الجنوب، وإلى أن الجنوبيين المسيحيين يعاكسون الجنوبيين المسلمين في الحياة العامة، فهم يضيقون عليهم فرص التعليم والعمل، ويتهكمون من الأسماء العربية كعبد الله ومحمد!! فعقّب الشيخ المطيعي على حديث هذا المواطن، فأكد ضرورة مد يد العون للمسلمين بالجنوب، وقال: يمكن إيواء أطفالهم في الشمال لتعليمهم اللغة العربية والاسلام، ويجب أن يكون هناك اهتمام بهم في إقليمهم حتى لا يتمكن المسيحيون من معاكستهم، وقد أشار إلى الإسلام دين تسامح، وأن المسلمين متسامحون ونزيهون، ولكن المسيحيين متعصبون لبعضهم، معاكسون للمسلمين، وضرب عدة أمثلة لذلك، منها أنه وجد معاكسة، هو وابنته، من موظف مسيحي بالسودان في استرجاع قيمة تذاكر سفر!! ثم ذهب يذكر صلته بأحداث "الزاوية الحمراء" بمصر، والتي وقع فيها الاشتباك الدامي بين المسلمين والمسيحيين!! أليست هذه دعوة صريحة للفتنة الدينية بين الشماليين والجنوبيين، بل بين أبناء الإقليم الجنوبي أنفسهم؟؟ أليست هذه دعوة صريحة لإثارة الكراهية بين المواطنين السودانيين بسبب اختلاف العقيدة؟؟ ثم أليس هذا تدخلا سافرا من هذا الأجنبي في الشئون الداخلية للبلاد، وفي أكثرها حساسية، وارتباطا بالوحدة الوطنية؟؟ إن هذا الشيخ يسعى لنقل بذور الفتنة الدينية من مصر إلى بلادنا التي عرفت، على طول المدى، بالإسماح الديني، والمساواة الطبيعية في حقوق المواطنة، والتعايش الطيب بين المواطنين على اختلاف أديانهم ومذهبياتهم!! مهما كانت صحة حديث هذا المواطن من الإقليم الجنوبي، ومهما كانت بواعثه، فليس من حق هذا الشيخ أن يتدخل في هذا الأمر الداخلي البحت، ناهيك عن أن يقر هذا المواطن على حديثه، أو يذهب في استغلاله لإثارة الفتنة الدينية!! لقد كان هذا الموقف، وحده، كافيا، لأن يخضع هذا الشيخ لأشد المؤاخذة من الأجهزة الأمنية، خاصة أن دعوته إلى الفتنة الدينية قد انطلقت من مسجد له هذه العلاقة بالنائب الأول لرأس الدولة، ورئيس جهاز أمن الدولة.. أليس التفريط في اتخاذ إجراء فوري، وحاسم ضد هذا الشيخ تفريطا في أمن البلاد الداخلي ووحدتها الوطنية؟؟ ولكن هذا التفريط قد تمادى إلى حد إعطائه الحرية الكاملة لمخاطبة الشعب من أجهزة الإعلام التي تصل إلى كل أقاليم السودان.. لكأن حديثه من هذا المسجد قد اكتسب الشرعية، والرضا الضمني من السلطة!! انظر كيف تستظل دعوة الفتنة والهوس بمسئولينا السياسيين، والأمنيين والإعلاميين
    3. وقام الشيخ المطيعي، في حديثه من التلفزيون السوداني، يوم 12ـ4ـ2002 بأسوأ صور النيل والتحقير، وذلك لأكابر الصوفية، كابن عربي والجيلي، موردا من أبيات للشيخ الأكبر محي الدين ابن عربي قوله:-
    لقد صار قلبي قابلا كل صورة * فمرعى لغزلان وديرا لرهبان وبيتا لأوثان وكعبة طائف * وألواح توراة ومصحف قرآن
    قصّر عن فهم معانيها السامقة، فراح يشنّع بهذا القطب الرباني الكبير، في سخرية لا تليق قط بمن له أدنى مسكة من دين، وذلك بقوله (معنى هذا أنه صار مزبلة) يعني قلبه!! وذهب في تكفير ابن عربي بقوله (وإذا كان القلب مهيئا لنقل هذه الصور الخبيثة كلها كان هو الشرك بعينه، وكان هو الكفر بعينه) انتهى. أليس هذا هو اتجاه الجماعات الإسلامية المتطرفة في مصر لتكفير الصوفية، وحرق أضرحة الأولياء؟؟ ثم ذهب المطيعي يفرّق بين هؤلاء الأكابر من الصوفية وبين "التصوف الحق"، على حد زعمه، وهو يعلم أن محي الدين ابن عربي هو الشيخ الأكبر بالنسبة لسائر الطرق الصوفية، وله مكانة خاصة عند متصوفة السودان، حتى لقد قال السيد الحسن الميرغني: (والله ولاية لابن عربي تمسّخ على الناس ولاياتهم)، وهذا النيل، وهذا التحقير لهؤلاء الأكابر من الصوفية إنما هو، في الحقيقة نيل وتحقير لأعز الموروثات الروحية لهذا الشعب، فإن الإسلام لم يدخل بلادنا إلا عن طريق الطرق الصوفية، وقد حفظ الميراث الصوفي على هذا الشعب دينه وخلقه، وأعطاه طبيعته المتميزة بالإسماح الديني، والتطلع إلى المعرفة الدينية.. وما من سوداني أصيل إلا وينطوي صدره على تقديس الأولياء، والعرفان بفضلهم، والاقرار بكراماتهم، والتعلق بشمائلهم.. أليس تحقير هذا الشيخ لموروثاتنا المقدسة كافيا لحرمانه من شرف العيش بيننا؟؟ ولكن المسئولين الأمنيين يفتحون أمام هذا الشيخ فرص التعبير الكامل عن هذا التحقير في أجهزة إعلامنا!!
    4. ويقول الشيخ المطيعي في خطبته "بمسجد التقوى" يوم الجمعة 15ـ4ـ1983: (يقولون لك ـ يعني الجمهوريين ـ ناظرونا، لكن المرتد لا يناظر، وإنما يستتاب ثلاثة أيام فقط، فإن تاب فيها، وإلا قتل) انتهى.. أليس هذا هو اتجاه التكفير الذي تمارسه الجماعات الاسلامية بمصر؟؟ وهو دعوة صريحة، أيضا، للفتنة الدينية باستباحة الدماء، والتحريض على القتل، وإلى إحلال الارهاب، والكبت محل الإسماح، والحوار؟؟ وهي دعوة لانتهاك حكم القانون، ولمصادرة الحقوق الأساسية للمواطنين التي نصّ عليها الدستور!! وأردف الشيخ هذا التحريض بإشارته في حديثه بالتلفزيون يوم 19ـ4ـ1983، إلى دعوة زعم أنها ظهرت في التاريخ الإسلامي، شبيهة بدعوتنا، وقد قام الحاكم العباسي بقتل صاحبها، والقضاء على دعوته!! هل يريد هذا الشيخ لبلادنا أن تدخل في أتون الفتنة الدينية التي لا زالت تصطلي بها مصر؟؟ ثم من هو المرتد؟؟ أليس أكابر الصوفية الأجلاّء عند هذا الشيخ مرتدين؟؟ ألا تكفّر الفرق الإسلامية المتهوسة بعضها بعضا؟؟ أم هل يعني بالردة تلك المهزلة الهزيلة التي اصطنعتها "دوائر الأحوال الشخصية" عام 1968، والتي كان قضاتها مخلب قط في تنفيذ الكيد السياسي الداخلي والخارجي ضد الأستاذ محمود محمد طه؟؟ إن الأستاذ محمود هو، وحده، اليوم، دون سائر الدعاة الدينيين، الذي يدعو إلى البعث الاسلامي الصحيح على هدى، وبصيرة، فيجسّد آصل قيم الإسلام، ويعبّر عن أدق أسراره، وما يدعو إليه إنما هو الإسلام الذي لا إسلام غيره منذ اليوم!! ثم إن الحرية في الإسلام، وكما هي مدخرة لإنسانية القرن العشرين إنما تبلغ مبلغ ما تحكيه الآية الكريمة: (وقل الحق من ربكم!! فمن شاء فليؤمن!! ومن شاء فليكفر!!)..
    وهذا الاتجاه إلى الإرهاب، والكبت الديني، إنما هو على النقيض، تماما، من سياسة الدولة المعلنة في حرية الاعتقاد، وفي حرية الاجتهاد، والتجديد الديني، وفي التصدي للفكر بالفكر.. فقد قال السيد رئيس الجمهورية أما اللجنة المركزية للاتحاد الاشتراكي في مارس 1979: (لا انتهاك لحقوق الانسان الثابتة في الدستور بدعاوى الدين، والعقيدة) وقال: (وفي مرونة الاسلام واتساع آفاقه ما يسمح بتجديد الدين بتجدد مجالات الحياة) وقال في "النهج الإسلامي لماذا؟؟" : (لكل مسلم أن يخوض في شئون دينه، وأن يجتهد عن طريق تثبيت إيمانه، فلا حواجز، ولا حدود، ولا سدود أمام مجتهد مهما كان نصيبه من العلم).. وقال في هذا الكتاب حتى عن الشيوعيين: (لن تجد اتهامات العمالة، ولن تفيد اتهامات الخيانة، ذلك أسهل الطرق لتجريد أنفسنا عن مسئولية التصدي بالفكر للفكر حتى ولو كان وافدا غريبا).. وقال: (لو كنا نعيش الاسلام كما نعتنق الاسلام، هل كان منهم من يضل السبيل؟؟ هل وجدوا فينا قدوة تمثل قيم الاسلام في سلوكها؟؟) انتهى.. ألا يكفي الواجب السياسي، والالتزام الوظيفي، للوفاء بسياسة الدولة العامة ولدستورها، ومواثيقها، في وقف هذا النشاط الهدام لهذا الشيخ؟؟ وقول هذا الشيخ في نفس الخطبة (في كل بلد هناك دعوات غريبة لكن الأمنيين والمسئولين السياسيين يتولون مهمة محاسبة هذه الدعوات ووقفها) انتهى.. فهذا الشيخ يقوم بتحريض هؤلاء المسئولين لمصادرة حرية الرأي، والعقيدة، وهو يستكثر على شعبنا ما يتمتع به من قدر كبير من الحرية الفكرية والإسماح الديني، ثم هو ينعي على هؤلاء المسئولين تقصيرهم في مسئولياتهم.. أليس هذا التدخل السافر في شئوننا الداخلية كافيا لإيقاف هذا الشيخ عند حده؟؟
    5. ويقول الشيخ المطيعي، في نفس الخطبة أيضا: (يقولون ـ يعني الجمهوريين ـ نرجع للقرآن المكي، وذلك لأنهم يريدون الذل للمسلمين، ويريدون لنا أن نرجع لعهد مكة حيث الهوان وعدم الدفاع عن النفس) انتهى.. فالشيخ المطيعي يرى أن المسلمين بمكة قد كانوا في ذل وهوان!! وهذا فساد في العقيدة لا يعطي صاحبه الحق في الخوض في أي أمر من أمور الدين.. فالنبي الكريم وأصحابه إنما كانوا، وهم يتحملون أذى كفار مكة في صبر، يمتثلون للأمر الإلهي لهم، بمثل قوله تعالى: (ادع إلى سبيل ربك بالحكمة، والموعظة الحسنة، وجادلهم بالتي هي أحسن.. إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله، وهو أعلم بالمهتدين * وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به.. ولئن صبرتم لهو خير للصابرين * واصبر!! وما صبرك إلا بالله.. ولا تحزن عليهم، ولا تك في ضيق مما يمكرون * إن الله مع الذين اتقوا، والذين هم محسنون) وبمثل قوله (فذكّر إنما أنت مذكر * لست عليهم بمسيطر)، وبمثل قوله (وقل الحق من ربكم!! فمن شاء فليؤمن!! ومن شاء فليكفر!!) أليس في مجرد هذا الامتثال للأمر الإلهي العزة كل العزة، والشرف، كل الشرف للنبي الكريم، ولأصحابه؟؟ قال تعالى: (ولله العزة، ولرسوله وللمؤمنين ولكن المنافقين لا يعلمون) وقال: (ولا تهِنوا، ولا تحزنوا، وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين).. أليست في معية الله للنبي، ولأصحابه العزة، كل العزّة، والشرف، كل الشرف، وهو يقول لهم (إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون)؟؟ ثم أليس الانتصار في الجهاد الأكبر ـ وهو جهاد النفس، أكبر من الانتصار في الجهاد الأصغر، الجهاد بالسيف؟؟ ألم يكن النبي يقول لأصحابه عقب كل غزوة من غزواته (رجعنا من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر ـ جهاد النفس)؟؟ وجهاد النفس أشق من الجهاد بالسيف، والانتصار فيه انتصار على أعدى الأعداء، قال النبي الكريم: (إن أعدى أعدائك نفسك التي بين جنبيك).. ثم أليس الدعوة إلى الرجوع إلى قرآن مكة دعوة إلى أصل الدين المتمثل في الحرية، والإسماح، والذي ما نزل القرآن عنه إلى الفرع، وهو الوصاية، والإكراه، إلا لحكم الوقت المتمثل في قصور تلك البشرية عن مستوى الدعوة بالحرية، والإسماح؟؟ ومن ههنا تجيء الحكمة من مرحلية الجهاد.. وإذا كان هذا العصر هو عصر الحرية، والإسماح، وإذا كانت البشرية تستجيب للدعوة في مستوى الحرية، والإسماح، أفلا يكون من أسباب عزة المسلمين وشرفهم أن يقدموا الإسلام في هذا المستوى؟؟ أليست الكرامة البشرية تتحقق أكثر وتتأكد أكثر إذا دُعيت البشرية في مستوى الحرية، والاسماح، فاستجابت للدعوة؟؟ فالشيخ المطيعي إنما يدعو دعوة الجماعات المتطرفة بمصر، إلى الجهاد بالسيف، الذي انتهى إليه القرآن المدني، فيرفض الرجوع إلى القرآن المكي الذي يقوم على الدعوة بالاسماح، والاقناع، والتي بدأت بها الدعوة بمكة.. فقد جاء في كتاب "الفريضة الغائبة" وهو مذهبية هذه الجماعات،: (فنحن لا نبدأ بما بدأ به النبي، ولكن نأخذ بما انتهى إليه الشرع) انتهى.. يجري ذلك من هذه الجماعات ومن الشيخ المطيعي من غير فهم لمرحلية الجهاد الأصغر ـ الجهاد بالسيف..
    ثم إن هذه الدعوة إلى استخدام العنف في الدعوة إنما تتناقض مع النهج الإسلامي للدولة كما يمثله كتاب "النهج الإسلامي لماذا؟؟" فقد جاء في صفحة 416: (إن العودة بالأمة للإسلام بعد ليل الاغتراب الطويل إنما ينبغي أن تبدأ، ومرة أخرى، كما بدأت الدعوة) وقال في صفحة 370 (هو الإسلام الذي قرّر أن يكون الالتزام وليس الإلزام هو مدخل الإنسان لقناعته حتى بوجود ربه) انتهى.. الا تشكل دعوة هذا الشيخ إلى أساليب العنف والإرهاب، ونبذ أساليب الحوار والإقناع خطرا أمنيا يسترعي انتباه المسئولين الأمنيين، لا سيما وهذه الدعوة تجري في مسجد كهذا له علاقة برئيس جهاز أمن الدولة؟؟ ثم ألا يسيء مثل هذا الشيخ إلى العلاقة بين الشعبين، وإلى التكامل المرتقب بينهما؟؟
    إن الشيخ المطيعي داعية من دعاة الهوس الديني يسعى لنقل موجته التي تجتاح مصر إلى السودان، وهو إنما يستغل منبر "مسجد التقوى"، وأجهزة الإعلام، ليعطي الشرعية لدعوة الهوس الديني حتى تنتشر إلى المساجد الأخرى، وإلى سائر المنابر العامة، فيقوى عودها، فتستفحل حتى تحقق مخططها في إقامة دولة الهوس بالسودان، كما كان مخططها في مصر.. ومن الغفلة ومن التفريط في المسئولية الوطنية والدينية أن يجد هذا الشيخ مسرحا لنشاطه الهدام في مساجدنا، وأجهزة إعلامنا.. ولماذا يسكت كبار المسئولين الأمنيين، والسياسيين، والإعلاميين عن نشاط هذا الشيخ؟؟ هل هي الغفلة؟؟ هل هو السقوط في قبضة الإرهاب الديني؟؟ أم هل هو التواطؤ؟؟ إن أيا من هذه الأسباب بسكوت هؤلاء المسئولين لكاف لتجريدهم من حق الاضطلاع بهذه المسئوليات الباهظة..

    من المسئول عن إعطاء الحرية لهذا النشاط الهدام؟؟
    هذا الشيخ المطيعي مشبوه الخلفية السياسية والدينية، كما أسلفنا، ومع ذلك يجد الفرصة في مسجد له علاقة بالنائب الأول، ورئيس جهاز أمن الدولة، فيدعو إلى إثارة الفتنة الدينية بين الشماليين والجنوبيين، وبين الجنوبيين أنفسهم، ويقوم بتكفير الطوائف الأخرى من المواطنين، ويدعو إلى استباحة دمائهم، ويحرّض المسئولين على مصادرة حرية الفكر والعقيدة، وينعي عليهم تقصيرهم في مسئولياتهم في تدخّل سافر في شئوننا الداخلية.. وذلك مما أكسب نشاطه هذا صفة الشرعية فشجّعه على التمادي فيه، فصعّده إلى التلفزيون، في أحاديث مسلسلة، استهدفت تشويه فكر طائفة من المواطنين محرومة من حق الدفاع عن نفسها، لا من منبر هذا المسجد ولا من خلال هذه الأجهزة، كما استهدفت تحقير معتقدات، ومقدسات هذا الشعب، المتمثلة في تراثه الصوفي.. وهو يدعو إلى الإكراه الديني بدلا عن الاسماح الديني في بلد متعدد الثقافات، يسعى لتحقيق الوحدة الوطنية، والسلام الاجتماعي بين أجزائه، وأفراده.. وكل هذه جرائم تمس الوحدة الوطنية، والحقوق الأساسية للمواطنين، وسياسة الدولة العامة، وتهدد مكتسبات هذا الشعب، وأمنه، واستقراره، ووحدته.. وهي جرائم تقع في مثل هذا المسجد فلا تجد رقيبا ولا حسيبا.. إن خطب هذا الشيخ وأحاديثه لا بد أن تكون قد بلغت النائب الأول، وهو أيضا المسئول الأول عن الأمن، في البلاد، كما بلغت سائر المواطنين من أجهزة الإعلام.. ألم تكن المسئولية السياسية والأمنية للنائب الأول تقتضي وقف نشاط هذا الشيخ من أول بادرة هدامة له في هذا المسجد؟؟ ألا تفرض هذه المسئولية السياسية والأمنية على النائب الأول رعاية حقوق المواطنين فلا يجري النيل من طائفة منهم من منبر يقع تحت سمعه وبصره، وهي لا تملك حق الدفاع عن نفسها من هذا المنبر؟؟ ألا يعتبر التفريط الذي أدى إلى توسيع نشاط هذا الشيخ، وهو يثير الفتنة الدينية، تفريطا في أمن البلاد، ووحدتها؟؟ ألم يعط هذا المسجد صبغة شرعية وجواز مرور لهذا الشيخ ليصعّد نشاطه الهدام في أجهزة الإعلام؟؟ ومن المسئول عن هذا المسجد؟؟ أليست للنائب الأول أية مسئولية عنه؟؟ أليس لنشاط هذا الشيخ، في إثارة الفتنة الدينية، تبعات خطيرة تمتد المسئولية عنها إلى النائب الأول بما له من علاقة بالمسجد الذي تصاعد منه هذا النشاط؟؟ ثم أليس التفريط في المسئولية السياسية والأمنية، والذي يترتب عليه خطر يتهدد وحدة البلاد، وأمنها، من هذا المنبر الرفيع في الدولة مما يجعل صاحبه غير جدير به؟؟
    ثم أليس السيد وزير الإرشاد والإعلام، ومعه المسئولون الإعلاميون مسئولين عن التفريط في رسالتهم الإعلامية بإتاحة الحرية التامة في أجهزة الإعلام لهذا الشيخ ليقوم بنشر دعوته إلى الفتنة الدينية وإلى تحقير المعتقدات الروحية لهذا الشعب؟؟ أليست أجهزة الإعلام من الخطورة على تربية هذا الشعب بحيث لا يسمح لها بما يسيء إلى هذه التربية؟؟ وكيف تظل أجهزة الإعلام موصدة أمامنا، نحن المواطنين السودانيين، فنُسلب حقنا الأساسي في التعبير، ليُعطى لأجنبي يسيء استخدامه، فيستغله ضد مصلحة هذا الشعب؟؟ وكيف نُحْرم من أبسط مقتضيات العدالة، فلا نُعْطى مجرد حقنا الطبيعي للدفاع عن أنفسنا، من هذه الأجهزة، بينما تُطْلق يد هذا الشيخ ليمارس تشويهه لفكرنا، ولإثارة الفتنة الدينية ضدنا، على أوسع نطاق، وبصورة منظمة، متصاعدة، من هذه الأجهزة؟؟ ألا تفرّط هذه الأجهزة بذلك في حق أساسي للمواطنين، وتشارك هذا الشيخ في التبعة المترتبة على نشاطه، والمهددة لأمن البلاد، والمخلّة بتربية الشعب؟؟ ألا يجب إعادة النظر في السياسة الإعلامية، وفي رسالة المسجد، حتى تخدما، وعلى أيسر تقدير، سياسة الدولة العامة المعلنة؟؟ ثم لا بد من التحقيق مع سائر هؤلاء المسئولين في هذا التفريط والتقصير في المسئوليات الجسيمة التي يتولونها.. إننا لسنا هنا بصدد حقنا القانوني، وإن كنا نعلم أن هناك مخالفات خطيرة قد وقعت في حق البلاد، وفي حقنا.. ولكننا إنما نتخذ نشاط هذا الشيخ نذيرا بما ينتظر هذه البلاد من مغبة الهوس والإرهاب الديني لو قدّر له أن يتحكّم في مصير هذه البلاد.. كما أننا لا ندعو إلى قمع وكبت اتجاهات الهوس بقدر ما ندعو إلى الحوار، وعلى أساس العدالة والتكافؤ بين الدعوات الدينية، فإن الوعي الديني الصحيح هو السبيل للقضاء على الهوس والإرهاب.. غير أنه لا بد من تدخل سياسي وأمني لوقف أي جنوح لاتجاهات الهوس والإرهاب، حتى يؤدي مناخ الإسماح، والحوار أغراضه في تسليح الشعب بالوعي الديني والسياسي الصحيح..

    تحركات الهوس الديني ضدنا في مصر:
    استطلعت جريد "المساء" المصرية، ذات الاتجاه الديني السلفي، بتاريخ 16ـ3ـ1983 طائفة من رجال الدين الأزهريين حول التحقيق الصحفي الذي نشرته للأستاذ محمود محمد طه بمجلة "الوادي" في عددها الأخير، مارس 1983، والذي أوقفت من الصدور بعده.. وقد ذهب الاستطلاع مذهب الشيخ المطيعي في التشويه، والتكفير، والإثارة مما يدل على وحدة اتجاهات الهوس. فقد زعم الشيخ "د. الحسيني هاشم" الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية أنه حينما كان أستاذا بجامعة أم درمان فوجئ بأن الأستاذ محمود (يعلن أن الصلاة ليست لها قيمة إذا وصل الإنسان إلى درجة الصلاح والاتصال بالله) انتهى.. ولكن هذا الشيخ لم يستند في هذا الاتهام الباطل إلى أي نص من مصادرنا، وقد أغفل سائر ما قاله الأستاذ محمود عن صلاة التقليد، وعن صلاة الأصالة.. ومنه قوله في كتاب "من دقائق حقائق الدين" عن تقليد النبي الكريم: (فنحن يجب أن نقلده في صلاته ليصبح لنا حظ من حاله.. فهو يعرج بصلاة معراجه إلى صلاة صلته.. فحاله الفردية دائما.. ونحن حين نتقن تقليده في هذا المستوى تتم لنا الجمعية بعد التشتت، وتتم لنا السلامة الداخلية بعد الانقسام.. فنكون بذلك قد جوّدنا التقليد حتى أدّى بنا إلى الأصالة، وعند الأصالة يسقط عنا التقليد، ولا تسقط عنا الصلاة، لأن الصلاة الحاجة إليها قائمة قياما سرمديا، ولكنها تلطف، وتدق كل حين) انتهى.. فهل من يقرأ هذا الكلام، بأمانة علمية، يحق له أن ينسب إلى صاحبه أنه (يعلن أن الصلاة ليست لها قيمة إذا وصل الإنسان إلى درجة الصلاح والاتصال بالله)؟؟ ويقول الشيخ "د. الحسيني أبو فرحة" عميد كلية الدعوة الإسلامية عن الأستاذ محمود (يريد النيل من القرآن فيدّعي أنه ينقسم إلى أصول وفروع) انتهى.. وذلك من غير أن يقيم أدنى دليل، أو يقدم أية حجة على دعواه بأن القرآن مستوى واحد لا أصول فيه ولا فروع.. وهل يمكن أن يتساوى عمل النبي، في خاصة نفسه "السنة"، مع مستوى عمل الأمة "الشريعة"، وكلاهما يستند على نصوص القرآن؟؟ أليست آية زكاة النبي (ويسألونك ماذا ينفقون قل العفو) هي الأصل بالنسبة لآية زكاة الأمة (خذ من أموالهم صدقة تطهرهم، وتزكيهم بها)، وهي الفرع؟؟ ويمضي هذا الشيخ فيقول عن الأستاذ محمود أنه (يحارب الجامعات الإسلامية، ومنها جامعة الأزهر، والكليات الإسلامية بالسودان باعتبارها معاقل للفكر الإسلامي التي تضم خيرة علماء السودان) انتهى.. وهنا لا بد من كلمة عن الأزهر، وعن نمط التعليم الديني الذي يمارسه، وعن تاريخ الأزهر في تكفير معارضيه، وفي تملّق حكامه.. ذلك بأننا لا نناهض الأزهر إلا بما يشكله من عقبة في سبيل البعث الإسلامي الصحيح..


    الأزهر لا يمثل الإسلام:
    يفرض الأزهر صورة منكرة من الإرهاب الديني بمصر، فيحتكر الحديث باسم الإسلام، ويجنح إلى تكفير كل خارج على سلطانه.. وهذه القداسة الزائفة قد امتدت إلى رصيفاته من المؤسسات الدينية في البلاد الإسلامية، ولا سبيل إلى بعث الإسلام إلا بتحطيم هذه القداسة، ووضع الأزهر في إطاره كمؤسسة حفظت التراث الديني حينا من الدهر، ثم تحجرت، وتجمدت، فلم تعد صالحة لتقديم الإسلام في مستوى حل مشكلات الفرد، أو الجماعة، المعاصرة.. فماذا فعل الأزهر طوال الألف عام من عمره نحو إصلاح الحياة المصرية وهي تتداعى في الانحطاط الديني، وتعيش على أخلاط من قشور الحضارة، وقشور الدين.. حتى لقد إيفت هذه الحياة المصرية بشر مستطير يتهدد تقدمها، ومصيرها، وهو شر التطرف الديني والهوس الديني.. والأزهر هو المسئول الأول عن ظهور جماعات الهوس الديني، بما يقدمه من صورة شائهة للإسلام صرفت الشباب عنه، وبما يفرزه هو نفسه، من اتجاهات التكفير والارهاب.. ويقوم نمط التعليم الديني في الأزهر على أسس مناقضة تماما لنهج التعليم الإسلامي.. فالتعليم في الأزهر إنما يقوم على التحصيل النظري في اجترار المطولات الفقهية، وأخلاط المتون والحواشي.. بينما يقوم التعليم في الدين على الهيئة والقدوة.. والقاعدة فيه من القرآن (واتقوا الله ويعلمكم الله، والله بكل شئ عليم)، ومن الحديث النبوي (من عمل بما علم أورثه الله علم ما لم يعلم).. أي من عمل بعلم الشريعة، وهي علم ما لا تصح العبادة إلا به، في بساطة شديدة، علّمه الله علم الحقيقة، وهو الذي لا تصح العبودية إلا به.. فديننا علم، وعمل بمقتضى العلم.. فلم يكن الدين تحصيلا، أو شهادة، أو حرفة.. وللأزهر، بذلك أكبر الأثر في ظهور أو اتشار طبقة رجال الدين، الغريبة، الوافدة على ديننا، من اليهودية والنصرانية.. أما مادة التعليم في الأزهر، فهي، أساسا، الفقه.. والفقه في أخريات الأيام، قد تشعّب وتعقّد، وصار قولا بالرأي ففارق حكمة الشريعة، وروح الدين.. ومن هذه المفارقات ما يتعلمه، وما ينشره الأزهريون من بعض صور الفقه التي لا تمت إلى الإسلام بصلة، وخاصة فيما يتعلق بالعلاقة بين الزوج والزوجة.. فعن شروط استحقاق نفقة الزوج على الزوجة ما جاء في كتاب "الأحوال الشخصية حسب المعمول به في المحاكم الشرعية المصرية والسودانية" لمعوض محمد مصطفى سرحان.. فقد جاء في صفحتي 236، 237: (استحقاق النفقة منوط باحتباس مشروع أو استعداد له يستطيع الزوج أن يصل به إلى حقه في الاستمتاع متى أراد) انتهى.. فهم لا يعرفون من حكمة الحياة الزوجية سوى الاستمتاع.. أكثر من ذلك!! فإن هؤلاء الأشياخ يتتلمذون على فقه يرى ألاّ نفقة على الزوج للزوجة أثناء مرضها، كما ليس من حقها عليه شراء الدواء لها لعدم صلاحيتها للاستمتاع!! (الجزء الرابع، الفقه على المذاهب الأربعة).. ألا تفارق هذه الصورة الفقهية المتخلفة مفارقة تامة حكمة الشريعة وروح الدين، المتمثلة في قوله تعالى: (ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها، وجعل بينكم مودة، ورحمة..)!!
    وتاريخ الأزهر كله، إنما هو تاريخ الإرهاب، والتكفير، في مصر.. فقد كفّر الأزهريون الشيخ عبد الرازق، ومحمد رشيد رضا، ووصموا عمر لطفي المحامي بالإلحاد لدعوته إلى إقامة الجمعيات التعاونية، وكفّروا طه حسين، وقاسم أمين، ولم ينج من طائلة الاتهام بالخروج على الدين حتى جمال الدين الأفغاني، ومحمد عبده.. فلم يكن بدعا أن يصدر الأزهر فتوى في تكفيرنا، وكان آخر ضحايا الإرهاب الديني توفيق الحكيم..
    وتاريخ الأزهر هو، أيضا، كله السير في ركاب السلطة، وتمليقها، والافتاء وفق أهوائها. فقد قام علماء الدين المصريون بتخذيل ثورة الشعب المصري بالحملة الفرنسية ببيانهم الذي جاء فيه: (ونصيحتنا لكم ألا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة) (تاريخ الجبرتي).. وقد استصدر منهم الاحتلال الانجليزي عام 1914 بيانا يدعو الشعب إلى (إطاعة الحكومة) ("حوليات مصر السياسية" لأحمد شفيق باشا).. وقد قال شيخ الأزهر محمد مصطفى المراغي في تمجيد فاروق (إنه مثال من مثل الخير العليا، وصورة كاملة من صور الفضيلة المحببة للنفوس) ـ (مجلة الأزهر 1139).. وكتبت مجلة الأزهر عام 1963 مقالا بقلم رئيس تحريرها أحمد حسن الزيات يفضّل فيه اشتراكية جمال عبد الناصر على اشتراكية محمد بن عبد الله!! وقال، في معرض نقاشه مع العقاد حول تلك المفاضلة (إن وقفة جمال عبد الناصر في ميدان التحرير تعدل كل العهود التي انكفأ العقاد يؤلف عبقرياتها)!! مع أن من بين تلك "العبقريات" "عبقرية محمد"!! وكتبت مجلة الأزهر بتاريخ 2ـ6ـ1962 في وصف ميثاق عبد الناصر بقولها (إن ميثاقك الذي عاهدت الله على الوفاء به، وعاهدك الشعب على اللقاء عليه، حروف من كلمات الله، لم يؤلفها أحد قبلك في أي عهد لا في القديم، والحديث، لا في الشرق والغرب!!). ودعا الشيخ شلتوت شيخ الأزهر في مجلة الأزهر ديسمبر 1960 إلى طاعة الحكومة بقوله (ما دام عملها في المصلحة العامة) وأردف (لا فرق في ذلك بين حكومة علمانية أو حكومة دينية) انتهى..
    ألا يكفي هذا التاريخ غير المشرّف للأزهر لأن تتحطم من حوله القداسة الزائفة وأن تكشف مفارقاته، بغية أن يجيء البعث الإسلامي على جادة الدين؟؟ ألسنا محقين إذ نناهض الأزهر والمؤسسات الدينية الرصيفة له في البلاد الاسلامية، وهي، بذلك إنما تشكّل معوقا أساسيا للبعث الإسلامي الصحيح؟؟

    إيقاف مجلة "الوادي" وحرية الفكر والصحافة:
    وادعت جريدة "المساء"، في ذلك العدد، أن إيقاف مجلة "الوادي" قد ارتبط بالتحقيق الصحفي الذي نشرته المجلة للأستاذ محمود محمد طه، وهي تحسب أن ذلك (لطمة ) على حد تعبيرها لجريدة الأهالي (الشيوعية) التي ادعت أن الإيقاف تم بسبب نشر مذكرات لجمال عبد الناصر على حلقات.. ومهما كانت دوافع إيقاف المجلة فإن تهليل جريدة المساء به إنما يدل على العقلية الدينية التي تسود مصر والتي لا تعرف سوى الإرهاب، والكبت، كما يشكل هذا الإيقاف مصادرة لحرية الفكر، والصحافة، وهي بداية غير حميدة لمسار العلاقات بين البلدين تحت ظل التكامل، حيث أن هذه الحرية هي المناخ الذي تترعرع فيه الوحدة الفكرية المرتقبة بين البلدين..

    خاتمة:
    لقد وقع على هذه الدعوة من التشويه ما لم تمتحن به دعوة في التاريخ.. ولقد وقع هذا التشويه أكثر ما وقع، على حواشي هذه الدعوة ـ وقع على المعارف من التشويه، ما صرف كثيرا من الناس عن جوهرها.. هذا مع أن هذه المعارف لم يرد بها إلا إلى الدلالة على هذا الجوهر، وإلا إلى شحذ الهمم للإلتزام به.. وجوهر هذه الدعوة هو طريق محمد، عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم، هو تجويد إتّباعه وإتقان تقليده، بغير زيادة، أو نقصان.. ذلك بأن طريق محمد هو باب الدخول على الحضرة الإلهية، وهذه المعارف ما هي، في حقيقة الأمر إلا ثمرة العلم اللدني المكتسب من السير في طريق محمد.. قال تعالى: (واتقوا الله، ويعلمكم الله!! والله بكل شئ عليم) أي اعملوا بالشريعة، أول الأمر، ثم بالسنة النبوية، آخر الأمر، في إتقان واع، ويعلّمكم الله العلم اللدنّي، على تفاوت بين الحالين.. والعلم اللدنّي هو العلم الذي يؤخذ عن الله، من القرآن، بغير واسطة.. وفي هذا المستوى يجيء قول النبي الكريم (من عمل بما علم أورثه الله علم ما لم يعلم).. هذه الدعوة التي ندعو بها إنما هي، وحدها، اليوم، المهدية بمحمد، والهادية إليه، على هدى، وعلى بصيرة.. وهي، وحدها، اليوم، التي تقدم المعرفة التامة بمحمد ـ مقاماته القائمة بين ربه وبين خلقه، وشمائله الدالة على كمال حريته، ومناهج السلوك على طريقه، ودقائق الأدب معه..
    ولكن كثيرا من الناس، وبخاصة (العلماء)، لعله لتنكبهم الجادة، لم تسترعهم هذه الدعوة إلى الطريق النبوي، ولم تحملهم على أخذها مأخذ الجد، فذهبوا يتسقطون الشبهات التي تثار حولها، فيصرفون معارفها عن غير وجهها، ويشوهونها، ويحجبون أنفسهم، ويحجبون غيرهم عنها.. ولو أمعنوا النظر، وأنصفوا الحكم، لما وجدوا أنها هي سوى (طريق محمد)، حيث تطالعهم هذه الدعوة في كتاب "طريق محمد" للأستاذ محمود محمد طه بقولها: (ثم أما بعد، فإن هذه دعوة إلى الله، داعيها محمد، وهاديها محمد.. وهي دعوة وجبت الاستجابة لها أمس، وتجب الاستجابة لها اليوم، كما وجبت أمس، وبقدر أكبر، إذ الحجة بها اليوم ألزم منها بالأمس. ((قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله)) وإلا فلا.. يا أهل القرآن، لستم على شئ، حتى تقيموا القرآن. وإقامة القرآن كإقامة الصلاة، علم، وعمل بمقتضى العلم، وأول الأمر في الاقامتين، اتباع بإحسان، وبتجويد لعمل المعصوم.. أقام الله القرآن، وأقام الصلاة، وهدى إلى ذلك البصائر والأبصار، إنه سميع مجيب.)..
    فهذه الدعوة، بما هي، في جوهرها، السير الجاد الواعي في طريق محمد، قد وقفت بهذا السير على أسرار القرآن، فقدمت فهما رشيدا، ودقيقا له.. والقرآن (لا تنقضي عجائبه) كما قال النبي الكريم.. فبقدر حسن الاتباع، والأدب مع النبي يتأتى حسن الفهم عن الله من القرآن.. وقد قال علي بن أبي طالب (ما عندنا شئ أسرّه إلينا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، سوى كتاب الله تعالى إلاّ أن يؤتي الله عبدا فهما من كتابه).. وهذا الفهم الذي تقدمه هذه الدعوة إنما يتوفر على حل مشكلات الأفراد، والمجتمعات المعاصرة، والتي تختلف عن مشكلات الأفراد والمجتمعات الماضية، كل الاختلاف فيتوفر على إقامة المدنية الكوكبية الجديدة، على تزاوج وشيج بين الحضارة والدين..
    ولكن كثيرا من "العلماء" قد حمله سوء الفهم، أو سوء القصد، أو الاثنان معا، على إنكار هذه الدعوة، وعلى تشديد النكير عليها، فشوهوها، وذهبوا، هم أنفسهم، ضحية لهذا التشويه، حتى انصرفوا عن النظر فيها، ووطنوا أنفسهم على حربها.. وإذا كان هؤلاء "العلماء" أصحاب مصلحة في تعويق مسعى هذه الدعوة، وفي الائتمار عليها، وهم يجدون تعارضا بين مصلحتهم وبينها، فينظرون إليها نظرة الضّرة إلى الضرّة، فما بال المثقفين والمسئولين يسقطون تحت قبضة الإرهاب الديني فيلوذون بمؤامرة صمت مطبق نحو الصراع بين هذه الدعوة، وخصومها، وهو صراع ليسوا هم بمنجاة عن تبعاته من حيث هو صراع حول قيمة الحرية، أو هم يسلّمون أمر دينهم لهؤلاء "العلماء" وهم يحسبون أن الدين هو "العلماء"، فيتركون ساحة الدين لاحتكار "العلماء"، فيمنحونهم أوسع فرص التعبير، وأفعلها أثرا، بينما هم يحجرون على دعوتنا أية فرصة لممارسة حقها الأساسي في التعبير، أو أبسط حقوقها في الدفاع عن النفس..
    فمتى يعلم هؤلاء وهؤلاء أن الإبطاء في الاستجابة لهذه الدعوة، ناهيك عن إنكارها، أو تخذيلها، أو الائتمار عليها إنما هو تفريط في الدين لا يورث سوى المقت الإلهي؟؟ (ومن أظلم ممن افترى على الله الكذب، وهو يُدعى إلى الإسلام، والله لا يهدي القوم الظالمين..)

    هذا الكتاب
    • مخطط الهوس الديني يستهدف الفكر الجمهوري
    • تشويه الشيخ لرأينا في ظاهرة الهيبيز!!
    • تشويه الشيخ (للحرية الفردية المطلقة)!!
    • تشويه الشيخ (لصلاة التقليد)!!
    • من المسئول عن التمكين للهوس الديني في بلادنا!!
    • موجة الهوس الديني في مصر
    • الشيخ المطيعي عنصر من عناصر الهوس الوافدة
    • الأزهر لا يمثل الإسلام
    • إيقاف مجلة (الوادي) وحرية الفكر والصحافة


    الثمن 2 جنيه
                  

11-16-2014, 08:43 PM

Sabri Elshareef

تاريخ التسجيل: 12-30-2004
مجموع المشاركات: 21142

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الذكري ال 30 للاستاذ محمود محمد طه فالنوقد الشموع (Re: Sabri Elshareef)

    الأخوان الجمهوريون

    في ذكرى قوانين سبتمبر

    هذا .. أو الطوفان



    8 سبتمبر 1985 2 ذوالحجة 1405
    الطبعة الأولى




    الإهداء
    (يهدى هذا الكتاب الى المستضعفين من شعبنا الطيب، الذين لم يروا من الإسلام على يد قوانين سبتمبر 1983، غير السيف والسوط!!
    إنّما من أجلكم، أُرسل النبي، وأنزل القرآن:
    "ونريد أن نمنّ على الذين استضعفوا في الأرض، فنجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين!!"
    فهذا الكتاب يشم شميم ريح القرب – قرب موعود الله لكم - ثم ان هذا الكتاب يقدم استجابة الأخوان الجمهوريين لدعوة الله تعالى: "وما لكم لا تقاتلون في سبيل الله، والمستضعفين، من الرجال، والنساء والولدان، الذين يقولون: ربنا أخرجنا من هذه القرية الظالم أهلها، وأجعل لنا من لدنك، وليا، واجعل لنا من لدنك نصيرا!!")..
    نقلا عن كتابنا .. الموقف السياسي الراهن الصادر بتاريخ 2/3/1984 في مواجهة قوانين سبتمبر..


    بسم الله الرحمن الرحيم
    (لَا يَزَالُ بُنْيَانُهُمُ، الَّذِي بَنَوْا، رِيبَةً فِي قُلُوبِهِمْ، إِلَّا أَنْ تَقَطَّعَ قُلُوبُهُمْ، وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ)
    صدق الله العظيم..
    حلّت بنا غرة سبتمبر 1985 وهي تحمل الى شعبنا العظيم: بشائر البحث الجاد عن فلسفة الحكم الصالح، ونحن، بحمد الله، شعب غني بأصالته، غني بإمكانياته المذهلة، ولا تنقصنا الاّ فلسفة الحكم الصالح – المذهبية الرشيدة – التي تصهر كل ذلك في نموذج إنساني رائد يتمتّع بالرخاء وبالحرية معا..
    وإنه لأمر جد مفرح أن تنادى القادة من جنوب الوطن، ومن شماله، ومن كل جهاته، ليجلسوا على مائدة البحث عن فلسة للحكم تضمن وتكفل حقوق المواطن الأساسية، وتمحو كل صور التفريق بين المواطنين، وتزيل وإلى الأبد كل ألوان التمييز بسبب العرق أو الدين، أو الجنس (من رجل وإمرأة).. بل هي فلسفة تستثمر الإختلافات اللغوية والثقافية والعرقية لإخصاب القومية السودانية التي يوم تفتر عن أصالتها العميقة ستقدم حتما إضافة جديدة وأساسية للحضارة الإنسانية.. نعم يجرى البحث لفلسفة الحكم التي ستمكّن الشعب وهو وحده صاحب السيادة من ممارسة حريته في كل بيئاته وسائر مستوياته وذلك بتسليم السلطة للشعب في تبسيط يبدأ من حكومة القرية، فالمدينة، فالمقاطعة، فالولاية، وباقامة محاكم العدل الدستورية التي سيحتكم اليها المواطنون ضد تصرفات أجهزة السلطة المضرّة بحرياتهم وضد أي تشريع يخالف الدستور .. وجوهر الدستور هو التوفيق بين حق الفرد في الحرية الفردية المطلقة وحق الجماعة في العدالة الإجتماعية الشاملة التي تعني في الأساس المساويات الثلاث: الإقتصادية، والسياسية، والإجتماعية.. وبغير هذا لن نؤمن مسيرة الديمقراطية التي هي أكبر انجازات شعبنا في ثورتيه العظيمتين في أكتوبر، وفي مارس – ابريل .. وحتى لا يتكرّر الفشل، ويتكرّر عجز أحزابنا عن حكمنا بالأساليب الديمقراطية حكما صالحا مما مهد للدكتاتوريات العسكرية مرتين، يجب أن يكون وزن الشعب للأحزاب ميزان – فلسفة الحكم الصالح هذه، فبقدر عطائها، وبقدر التزامها بها يكون وزنها ودورها في مستقبل السودان، والاّ فان فاقد الشيء لا يعطيه!!
    إننا نحن الجمهوريين، منذ أربعين سنة، كنا نحدّث الحركة الوطنية عن ضرورة فلسفة الحكم وذلك لأننا نعلم أن الذكاء البشري والمجهود البشري الواعي يمكن أن يختصر الزمن ويقلّل الأخطاء والضحايا ويطلق طاقات الناس ويفجّر ينابيع وكنوز أرضنا الطيبة. والآن فإن شعبنا إذا وضع أقدامه على طريق فلسفة الحكم الصالح وأصبح هناك خط مرسوم لإطراد خطواتنا الى غاياتنا الإنسانية العليا فإن ما قدمناه من ضحايا، وما عانيناه من شقاء على ألمه ليس هو أكثر من ثمن فلسفة الحكم الرشيدة والوعي بها وبضرورتها..

    الذكرى المشئومة
    وممّا يؤكد الحاجة الملّحة، والضرورة العاجلة لفلسفة الحكم الصالح، أن سبتمبر نفسه والذي حمل الينا بشائر الإلتقاء حول مائدة الحوار هذه المرة فإن اليوم الثامن منه يحمل الينا الذكرى الثانية لإعلان قوانين سبتمبر القمعية، تلك القوانين التي أجهضت حتى مكتسباتنا التقديمة التى حصلنا عليها في زمن الإستعمار وذهبت بحقوقنا التي كفلتها لنا القوانين الوضعية والدستور العلماني..
    وكل ذلك لا يزال يجثم على صدورنا لأنه هوس نسب زورا وكذبا لفلسفة الحكم الإسلامي .. مع أن فلسفة الحكم الإسلامي الصحيحة تعطي وتكفل كرامة وحرية الإنسان وحقوقه الأساسية في قمة لا تجارى، ذلك لأن الإسلام في حقيقته ليس هو دعوة عقيدية، ليس هو دين المسلمين وانما هو دين الناس (دين الفطرة) (فطرة فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ) والناس من حيث هم ناس قد فطروا على الحرية وعلى الكمال وما سميّ الإسلام دين الفطرة الاّ لأنه فلسفة لا تجارى في كشف الغواشي التي طرأت على الفطرة ..
    أمّا قوانين سبتمبر فإنها أساسا لم تقم على علم وإنما قامت كمناورة سياسية لتثبت عرش نميري المتهاوي فكانت مؤامرة على الشعب وعلى الدين ولذلك لم يتقدّم بها لمجلس الشعب وهو الجهة التشريعية وقد كان مستمرا في جلساته، ولم تحوّل للجهة المختصة بالنائب العام لصياغتها، وانما أتخذ نميري مخبأ في قصره اختار له ثالوثا لم يعرف برأي ولا اجتهاد في الدين ولا إسهام في الحياة العامة، ومن الناحية القانونية هم نكرات بالنسبة للقانونيين الضليعين الذين تزخر بهم البلاد، وقد أختارهم ليصل الى قصده، وقد كان، فطوعّوا الشريعة نفسها لإذلال الشعب وللتجريم والإدانة والإرهاب ولإغتيال المعارضين كما ظهر من الوثائق المتبادلة بين الإمام المزعوم والثالوث بشأن الجمهوريين. وقد قال عوض الجيد وهو يتحدث عن تتابع قوانين سبتمبر بتلك العجلة المريبة، قال عنها (واستمر الغيث وهلّلت الأملاك في السماء وأشرقت الأرض بنور ربها) (الصحافة 16/5/1984. وبالطبع هو لا يعرف عن السماء شيئا والاّ كان الصدق يقتضيه أن يحدثنا عن ضراعة أهل السودان من أحكام الحجاج! وعن سحابة الظلم التي لم يشهدها سوداننا الحديث.. والظلم ظلمات كما قال النبي الكريم..
    وهكذا استطاع النميري بذلك (الثالوث) أن يقتلع الحدود الإسلامية من الهيكل الإسلامي المتكامل الذي لا تقوم الحدود بحقها الاّ مرتبطة به وهو هيكل العدالة الإجتماعية بمساوياتها الثلاث وتربية المجتمع تربية تجفّف منابع الجريمة في الصدور، وإقامة الرأي القائم على الإسماح والإصلاح لا التجسس والإنتقام والأحقاد، بل هو مجتمع العفو فقد وجه النبي الكريم بتعافي الحدود ما لم تبلغ السلطان، وقال: (من أبتلي بشيء من هذه القاذورات فليستتر بستر الله)، وقال: (أدرأوا الحدود عن المسلمين ما استطعتم فان كان له مخرج فخلّوا سبيله فان الإمام لئن يخطيء في العفو خير من أن يخطيء في العقوبة) وقال: (أدرأوا الحدود بالشبهات) وهكذا فان الحدود في الإسلام لا تقوم الاّ في مجتمع توّفرت فيه بالتربية وبالتوعية وبالعدالة الإجتاعية كل فرص الإستقامة وأغلقت كل أبواب الإنحراف والزلل حتى أن من يقع تحت طائلتها بعد كل ذلك ويهتك ستره فانه من الشذوذ والغلظة بحيث يصبح علاجه في الحد كعملية جراحية لعلاج حالته الشاذة.

    ومن الذي يقيم الحدود؟
    ان الحدود كما قلنا تقوم في المجتمع المربّى ويطبقها أكثر الناس تربية واستقامة واحساسا بمشاكل الناس، ولذلك كان النبي الكريم يقول: (نحن آل محمد أول من يجوع وآخر من يشبع) وكان الأمام عمر قد طبق على نفسه التقشّف ليكون في مستوى عامة الناس في عام الرمادة.. فأين من ذلك نميري وزبانيته؟ والغريب انه في الوقت الذي تقطع فيه أيدي البسطاء المعدمين فإن هناك لجنة كوّنت برئاسة دكتور الترابي للنظر في مرتبات حتى كبار الموظفين باعتبار أن دخولهم غير كافية لمعيشتهم ولا بد من زيادتها!!

    نميري يطوّع الناس لنظامه بالسوط وهيهات!!
    ان نميري وثالوثه المشرّع، قد ساروا بالحدود عكس روحها وغايتها وهدفها فاتجهوا للتضييق وتوسيع دائرة التجريم والإدانة بأوسع مدى وشوّهوا الإسلام وأظهروا مساهمته في الحياة الحديثة وكأنه مؤسسة عقاب وردع وارهاب، ففي التعزير بالغوا في عقوبة الجلد ووضعوها في أكثر العقوبات وأصبح الجلد حين يذكر بدون تحديد يمتد الى مائة جلدة، المادة (64/8) والسجن يمتد الى مدى ما يراه القاضي، المادة (64/3) كان هذا منهم مع أن الحديث المتفق عليه يقول: (لا يضرب فوق عشرة أسواط الاّ في حد من حدود الله تعالى) والحدود أيضا نزعوا بها إلى التجريم والإدانة فللسرقة الحدية في الشريعة تعريف محدد يحوي شرائط وأركان إن لم تكتمل لا تكون السرقة حدّية ولكن (الثالوث) المشرّع عرّف السرقة تعريفا وضعيا أسقط به شرطي (الخفية) و(الحرز) مخالفين بذلك الأحاديث وجمهور الفقهاء ومع ذلك طبقوا عقوبة الحد الشرعي. وفي النصاب فهناك اختلاف في الرويات بين ثلاثة دراهم وعشرة دراهم ومجرّد هذا الخلاف يعتبر شبهة تدرأ الحد ولكنهم أخذوا بالثلاثة المختلف عليها وتركوا العشرة التي يقول بها ابن عباس وابن عمر ويحكى هذا عن علي وابن مسعود (ابن كثير جـ 2 ص 569) كما انهم جمعوا بين الحد والغرم – المادة (458) وقد أخرج النسائي حديث (لا يغرّم السارق اذا اقيم عليه الحد) كما انهم جمعوا بين حد الخمر والسجن (المادة 444)
    اما الزنا فقد (نقل في اشتراط العلم بحرمة الزنا، اجماع الفقهاء) (ان من شرائطه العلم بالتحريم حتى لو لم يعلم بالحرمة لم يجب الحد بالشبهة وأصله ما روي سعيد بن المسيّب أن رجلا زنا باليمن فكتب في ذلك عمر رضي الله عنه ان كان يعلم ان الله حرّم الزنا فاجلدوه، وان كان لا يعلم فعلمّوه فان عاد فاجلدوه)، حاشية ابن عابدين. فأي توعية قام بها الإمام المزعوم وزبانيته على السودان ببيئاته المختلفة قبل أن يشهروا سيفهم وسوطهم؟ كما انه معلوم أن الشريعة شدّدت ودققّت وضيّقت في طريقة اثبات الزنا اذ اشترطت شهادة أربعة رجال عدول يرون الجريمة في حالة معينة ومحدّدة وان خالفهم واحد منهم اعتبر الثلاثة قاذفين وأقيم عليهم حد القذف وكل ذلك رعاية لحرمة أعراض الناس، ولكن نميري وثالوثه اعتبروا نقص الإثبات ضرورة فقالوا عن إثبات الزنا بالشهادة المادة (77/2) بشهادة أربعة رجال عدول وتؤخذ عند الضرورة شهادة غيرهم. كما اعتبروا شهادة النساء في الحدود مخالفين بذلك الشريعة، المادة (78/2) بشهادة رجلين، كما تثبت عند الضرورة (بشهادة رجل وأمرأتين أو أربعة نسوة) كما أنهم بتمييزهم ضد المرأة قد خالفوا الدستور.. وجاء في المنشور الجنائي 97/83 باشتراط البلوغ والإسلام لأداء الشهادة في جرائم الحدود والقصاص الاّ في حالة الضرورة كما جاء فيه اشتراط الذكورة الاّ في حالة الضرورة كما أنّ النميري وثالوثه نصّصوا على قبول البينة التي يتم الحصول عليها بوسائل غير مشروعة، المادة 11 اثبات، وهكذا منعوا شهادة غير المسلم الاّ للضرورة المزعومة ومن باب أولى تولية القضاء لأن القضاء أكبر من الشهادة..

    القذف
    المادة (434) (كل من يرتكب جريمة القذف يعاقب بالجلد ثمانين جلدة اذا كان المقذوف في حقه مسلما وبالجلد والغرامة أو السجن في الحالات الأخرى).. فلماذا الجلد ثمانين جلدة اذا كان المقذوف (مسلما) وبالجلد والغرامة أو السجن في (الحالات الأخرى)! لماذا أجملت هذه الحالات ولماذ لم يحدثونا عن سبب هذا التمييز الغريب!
    وعن عقوبة الزنا جاء قولهم: (على أنه لا يعاقب بالعقوبة المنصوص عليها في البند (1) أو البند (2) من هذه المادة أي شخص يكون دينه السماوي قد شرّع أي عقوبة أخرى للزنا وفي هذه الحالات يعاقب الجاني بالعقوبة الأخرى أو في حالة عدم وجودها بالجلد بما لا يجاوز ثمانين جلدة وبالغرامة أو السجن لمدة لا تقل عن سنة) فلماذا اختلفت عقوبة المسلم عن غير المسلم وما هو الإحصان في مراجعهم ومن يستحقه؟!
    حدث كل هذا التمييز الممجوج مع أنّ الحدود هي تشريع اجتماعي وهو وراء العقيدة يقوم على صيانة العرض وصيانة المال لكل الناس وعلى قدم المساواة. يصان ماله وعرضه ويصان منه عرض الناس ومالهم.

    الشروع في الزنا
    إنّ اتهام أحد بالزنا اما أن تثبته بطريقة الإثبات المشدّدة وإما أن تعتبر قاذفا فتعاقب عقوبة القذف ولكن الإمام المزعوم والثالوث ابتدعوا قصة الشروع في الزنا فلم يراعوا حرمة العرض. وإن استعمال كلمة الزنا لا تقال الاّ بعد استيفاء الشهادة الكاملة عليها ولكنهم أكثر من ذلك فانهم يتقاضون لإمامهم غرامات من هذه المخالفات، المادة (319) ووجد قضاة يقضون بهذه الغرامات ويأخذون بنصيبهم منها، كان هذا منهم، مع أن العلماء الواعين يمنعون مجرّد التعزير بالمال وذلك (لما فيه من تسليط الظلمة على أخذ مال الناس فيأكلونه)..

    الحرابة
    للحرابة تعريف شرعي محدّد وحين تستوفي تعريفها وشرائطها تقوم عقوبتها ولكن الإمام وثالوثه أخذوا تعاريف قانون 74 الوضعية للنهب وللتعدي والسطو على الأماكن ليلا وركّبوا عليها عقوبة الحرابة فكانت عقوبة شرعية على جرائم وضعية وقد بلغ تأثرهم بالقوانين والتعاريف الوضعية أنهم قالوا في المادة (393/83) (فإذا كانت الجريمة سرقة فيجوز الحكم بالإعدام أو القطع من خلاف أو السجن أو النفي) وذلك لأن المادة 393/1974 قالت: (فاذا كانت الجريمة المراد ارتكابها جريمة سرقة فيجوز أن تصل مدة السجن عشرة سنوات) وهكذا تأثروا بالتعريف الوضعي للحد الذي جعلهم يقولون عن حد (الحرابة) (يجوز) ولكن الأمر في الشريعة اما أن يكون هناك حد فينفّذ والا فلا!
    تقول المادة (335/1974 من شرع في إرتكاب جريمة النهب يعاقب بالسجن مدة لا تتجاوز 7 سنوات كما تجوز معاقبته بالغرامة أيضا)..
    وتقول المادة (335/1983 من شرع في إرتكاب جريمة النهب يعاقب بالجلد والغرامة والسجن) هذا مع أنهم يعتبرون النهب حرابة ومن شرع في الحرابة ليست عقوبته كذلك.
    جاء في المادة 334/83 (من ارتكب جريمة النهب يعاقب بالإعدام أو الإعدام مع الصلب أو القطع من خلاف أو السجن المؤبد مع النفي) والسجن المؤبد ثلاثين سنة ولا ندري من أين أتوا به ليضيفوه إلى النفي في عقوبة الحرابة، فالسجن يقول به بعض الفقهاء الذين يفسرون النفي بالسجن وهؤلاء يرون أن يسجن سنة قياسا على تغريب الزاني أما الثلاثون سنة هذه الاّ أن تكون تبرعا من (الإمام). ومع أن الحرابة تسمى السرقة الكبرى ويشترط في حدّها الحرز والنصاب فقد سكتوا عن ذلك ممّا جعل بعض المحاكم تحكم بقطع شخصين من خلاف في أقلّ من خمسين جنيها!!

    النيّل يسخّر الدين لحماية نميري!!
    بل هم ابتعدوا بالحرابة عن طبيعتها (قطع الطريق) لتكون محاربة إمامهم محاربة لله ورسوله!! (فكل من يدير أو يشارك في إدارة أو يساعد بأي صورة من الصوّر في إدارة شبكة منظمة ومخططة لإرتكاب أي جريمة) تعاقب عليها القوانين السودانية يعتبر محاربا!! ويحدّثنا النيّل ابو قرون زعيم الثالوث وأرضاهم عن نفسه، فيقول: (القاعدة الأولى عند المسلم أنّ الله يؤتي الملك من يشاء ويصطفي من يشاء)!! .. إذن فأفهموا يا أهل السودان!! إن كنتم مسلمين!! إن الله قد أعطى ملكه لنميرى واصطفاه لذلك!! ويواصل أبو قرون فيقول: (والبيعة تعني السمع والطاعة على المرء المسلم فيما أحب وكره ما لم يؤمر بمعصية وقد يكره المرء المسلم من أميره شيئا أو أشياء فهل يعني ذلك الوقوف في المعارضة أو الدعوة لتنظيم ضده؟ وتهويل وتقبيح ذلك الشيء والإجتهاد في نشره؟ وهل من الدين في شيء إظهار معارضة الحاكم المسلم لمجرّد سياسة ينهجها للدولة أو تدابير يراها في الحكم بمنظار الراعي الحاكم؟ لا مصلحة للأمة قطعا.. وليس ذلك من الدين في شيء.. اللّهم الاّ أن يأمر الحاكم بمعصية أو يرى منه كفرا بواحا)!! ويواصل أبو قرون فيقول: (أما تولية الحاكم للولاة فلا تعطى أحدا حقا في القدح في الحاكم أو التشكيك فيه وهو الذي حكّم فيهم شرع الله حتى لو وليّ عليهم في الأقاليم من يرونه فاجرا)!! ويلخص أبو قرون أمره فيقول: (أخلص ممّا سبق إلى أن للحاكم أن يختار من شاء من الولاة بحكم كبر مسئوليته وعموم نظرته للأمور ولا حق لأحد في الإعتراض على الإختيار ولو كان الوالي المختار فاجرا كما أنه ليس لأحد حق الخروج على أميره ما لم ير كفرا بواحا أو يؤمر بترك الصلاة في جماعة)!! – الصحافة 3/3/1985. أرأيتم كيف أطلق الثالوث يد الطاغية وباسم الإسلام – فهو لا تجوز معارضته الاّ إذا كفر كفرا بواجا أو أمر بترك الصلاة في جماعة، أمّا فيما دون ذلك فله أن يفعل في شئون الدولة وفي شئون الناس ومقدرات البلاد ما يشاء كما له أن يوّلي علينا الفجّار!! .. صدق رسول الله صلّى الله عليه وسلم فقد أخبرنا بأنه: (سيكون بعدي سلاطين الفتن على أبوابهم كمبارك الأبل لا يعطون لأحد شيئا الاّ أخذوا من دينه مثله).. رواه الطبراني والحاكم ... وأين قول أبي قرون من حديث النبي الكريم: (سيكون بعدي أمراء من صدّقهم بكذبهم وأعانهم على ظلمهم فليس مني ولست منه وليس يورد على الحوض) رواه النسائي والترمذي وألم يسمع أبو قرون هذا بحديث (أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر) وألم يسمع بقولة أبي بكر العظيم (وليّت عليكم ولست بأخيركم فأطيعوني ما أطعت الله فيكم فاذا عصيته فلا طاعة لي عليكم) وألم يسمع اعلان الإمام عمر المتكرّر (إن رأيتم فيّ إعوجاجا فقوّموني)!!

    معارضة نميري محاربة لله ورسوله:
    المعارضة السياسية في نظر نميري وسادنه أبي قرون
    ولنعد لأبي قرون لنعرف من زعيم ثالوث المشرّعين عقوبة المعارضة.. يقول أبو قرون: (فالمعارضة السياسية هي في حكم الشرع البغي وهي من أفظع الجرائم في الإسلام لأنها تدخل في جرائم الحرابة) إلى أن يقول: (ان المعارضة منهي عنها بنص قطعي في الكتاب العزيز في قوله تعالى "إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآَخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ") الصحافة 29/3/1985. ولأن هناك من يتعالم ويطالب بإلغاء القوانين المقيدة للحريات وإبقاء قوانين سبتمبر نوّضح الآتي:- جاء في شرح المادة 105: (شرح رقم واحد: النقد الموّجه للحكومة أو التعبير عن عدم الموافقة على عمل من أعمالها أو سياستها لا يعد جريمة بموجب هذه المادة اذا كان بحسن نية وبأسلوب معتدل) فالمادة 105 والتي كان الإستعمار يخجل من تطبيقها لا تقيّد الحريات كما تقيدها قوانين سبتمبر القمعية، يضاف الى ذلك قانون أصول الأحكام القضائية الذي يرجع بنا إلى صور الفقه المتخلّفة وإلى تخلف الدعاة والقضاة السلفيين الذي جربنا نماذج منه ممّا ينذر بتصفية كل مكتسباتنا العصرية وحقوقنا المدنية حتى التي حصلنا عليها في زمن الإستعمار! فهذا القانون يعطي القاضي حق الحكم باجتهاده هو ان لم نقل بمزاجه فيكون مشرّعا وقاضيا كما يعطيه حق الحكم بأي نص شرعي كما يراه ولو لم يقنّن وهذا يهدر مبدأ الشرعية الذي يقضي بأن يعرف الناس ما هو جريمة وعقوبته ليتجنبوه (وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا) كما أن قانون أصول الأحكام القضائية يفتح الباب لجرائم وعقوبات وقيود على الحرية لم ترد في القانون ولكنها تعشعش في أذهان السلفيين وقد جرّبنا منهم ذلك في تطبيقهم حكم الردة على الرأي المخالف، هذا ونحن ثلاث وسبعين فرقة كلها هالكة الاّ واحدة ويكفي أن الأخوان المسلمين هنا هم فرقتان وتكفّر إحداهما الأخرى. أرأيتم أي اعتداء على الحرية بل على الحياة نفسها بل على أمن البلد تدّخره لنا قوانين سبتمبر. واذا كان المسلمون قد بدأوا تقييد حرية الرأي ومعاقبة الرأي المخالف بحكم الردة فيما بين فرقهم فان حكم الردة انما هو فرع من أحكام قتال المشركين وقتال الكتابيين ما لم (بعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون) فمتى يخطو المسلمون الخطوة التالية التي تمكنهم منها قوانين سبتمبر!! كما أن قانون أصول الأحكام القضائية لا يعصمنا من مفاجئاته وفجواته عبارة الاّ في المسائل الجنائية ذلك لأن من يسموّن "علماء السودان" وقد أصبحوا بحكم زخم الثورة يتحدثون عن القوانين المقيدة للحريات يمكنهم أن يكسبوا بقانون أصول الأحكام القضائية حكما بفتواهم الشهيرة التي تعارض إعطاء المرأة حق الترشيح وحق الإنتخاب كما يمكنهم أن يعترضوا على ولاية الكتابيين على المسلمين وعلى دخولهم في الجيش العقائدي حيث الأغلبية المسلمة!
    وكانت قوانين سبتمبر على زيفها وقسوتها قد اختار لها الإمام قضاءاً خاصا تابعا للقصر وللثالوث. ووجدوا قضاة رضوا بأن يجلسوا لمحاكمة المواطنين محاكمة ايجازية بعد أن حُرموا من حقهم الدستوري في الإستعانة بمحام كما حُرموا من حقهم القانوني في الإستئناف لجهة أعلى محايدة وقد أُخذوا بالتجسس وقُبلت في حقهم البينات التي يتحصلون عليها بالطرق غير المشروعة فلم تبق أمامهم الاّ الإدانة والجلد والتشهير بكل أجهزة الإعلام! التشهير حتى بالأعراض!!
    وكل ذلك هو الذي جعلنا كنّا، ولا نزال، نطالب بإلغاء قوانين سبتمبر ونعتبر واضعيها ومنفذيها والمبايعين عليها هم السدنة الحقيقيون، وهم المجرمون الحقيقيون في حق الشعب وفي حق الإسلام. وأصل منطلقنا في هذا الموقف هو المنطلق الديني حتى نبريء الشريعة من وصمة وزيف وجور قوانين سبتمبر وحتى ننظّف الأرضية من شجرة الشوك التي غرسها النميري وسماها البعض شجرة عنب ونعتوه لأجلها مجددا للدين، لتصبح الأرض صالحة للحوار الموضوعي بين التصوّرات الإسلامية المختلفة، فنحن في مرحلة الثورة الفكرية والثورة الثقافية والتربية الفردية التي لا يمكن أن يطبق الإسلام على العصر حقيقة الاّ بعدها، وكل محاولة قبل ذلك إنّما هي تشويه للإسلام وإدخال له في التجارب الفاشلة..

    معارضة الجمهوريين لنميري وشريعته
    في أول مارس 1984 أصدر الجمهوريون كتابهم (الموقف السياسي الراهن) وفيه أعلنوا عن نميري (أنه منذ سبتمبر 83 قد أخذ يسير في الظلام) واستنهضوا المثقفين والقانونيين للوقوف مع الدستور ومع التصوّر الإسلامي الصحيح في وجه هذه القوانين الزائفة التي هي: (المسخ المشوّه الذي يطبقه الأغنياء المتخمون على الفقراء الجائعين) والاّ يقعد بهم عن هذا الواجب الإرهاب الديني كما رفع الجمهوريون قضايا دستورية ضد قوانين سبتمبر وبيان مخالفتها للدستور وفي أغسطس 1984 أصدر الجمهوريون منشورهم الذي يبريء الإسلام من نسبة قانون الطواريء اليه ويوضّح مفارقة قوانين سبتمبر للشريعة وللدين .. وبعد الخروج من المعتقل أصدر الأستاذ محمود بيان المواجهة الشهير (هذا.. أو الطوفان) ولم يستجيبوا لـ (هذا) فاجتاحهم الطوفان بعد أن قدّم الأستاذ محمود نفسه فداء للإسلام .. وللسودان.. فسلام سلام على سيد الشهداء..


    الأخوان الجمهوريون
    أم درمان ص.ب 1151


    هذا الكتاب:
    وفي ختام هذا السفر، وفي مواجهة قوانين سبتمبر، نورد حديث الأستاذ محمود الذي واجه به نميري وسدنته، ومحاكمه، وقضاته، وقوانينه الزائفة، وذلك في محكمة المهلاوي، بتاريخ 7/1/1985 – قال الأستاذ محمود:
    ((أنا أعلنت رأيي مرارا في قوانين سبتمبر 1983، من أنها مخالفة للشريعة وللإسلام، أكثر من ذلك، فإنها شوّهت الشريعة وشوّهت الإسلام، ونفرّت عنه.. يضاف الى ذلك أنها وضعت، واستغلت لإرهاب الشعب، وسوقه إلى الإستكانة عن طريق إذلاله، ثم أنها هدّدت وحدة البلاد.. هذا من حيث التنظير، وأما من حيث التطبيق، فإن القضاة الذين يتولون المحاكمة تحتها غير مؤهلين فنيا، وضعفوا أخلاقيا عن أن يمتنعوا عن أن يضعوا أنفسهم تحت سيطرة السلطة التنفيذية تستعملهم لإضاعة الحقوق وإذلال الشعب وتشويه الإسلام وإهانة الفكر والمفكرين وإذلال المعارضين السياسيين. ومن أجل ذلك، فإني غير مستعد للتعاون مع أي محكمة تنكرت لحرمة القضاء المستقل، ورضيت أن تكون أداة من أدوات إذلال الشعب وإهانة الفكر الحر والتنكيل بالمعارضين السياسيين.))









    الثمن 1 جنيه
                  

11-16-2014, 08:48 PM

Sabri Elshareef

تاريخ التسجيل: 12-30-2004
مجموع المشاركات: 21142

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الذكري ال 30 للاستاذ محمود محمد طه فالنوقد الشموع (Re: Sabri Elshareef)

    هيئة الصلاة

    للصلاة حضرتان : حضرة ((الإحرام)) ، وحضرة ((السلام)).. فأما حضرة الإحرام فهي الصلاة الشرعية المعروفة ، لأوقاتها ، وكيفياتها.. وهي تبدأ ((بتكبيرة الإحرام)) ، وتنتهي بإتمام ركعاتها ، وترية كانت ، أم شفعية ، وبالخروج منها بعبارة : ((السلام عليكم)).. وأما حضرة السلام فتبدأ بالخروج من حضرة الإحرام ، وتنتهي بإسلامك إلى حضرة الإحرام في الصلاة المقبلة.. وهي ، هي المعاملة التي قال عنها النبي : ((الدين المعاملة)).. ولكلتا حضرتي الصلاة آداب ، لا تستقيم إلا بها.. والمعنى الشامل لآداب كلتيهما هو الحضور مع الله أثناء أدائهما.. ومن أجل الوفاء بالحضور في حضرة الإحرام فرّغ نفسك لها.. فلا تقبل عليها بوضوءٍ قديم ، وأنت تشعر بالحاجة إلى ((بيت الخلاء)).. بل أذهب ((لبيت الخلاء)) فاستبرئ ، وجدد وضوءك.. وإذا كنت في حاجة إلى طعام ، أو شراب ، فأبدأ بالطعام ، والشراب ، حتى تكفي حاجة نفسك ، لتقبل على الصلاة ، وهي في جمعية ، لا تتلفت إلى الطعام ، والشراب.. قال المعصوم : ((إذا قدم العشاء ، فابدأوا به قبل أن تصلوا صلاة المغرب ، ولا تعجلوا عن عشائكم..)).. وإنما من قلة الفقه يتورط كثير من الناس ، الآن ، في رمضان ، حين يجلسون إلى الفطور ، فيتناول أحدهم ((بلحة)) واحدة ، ويجرع جرعتين من الماء المطلق ، ثم ينهض لصلاة المغرب.. ثم هم ، بعد الصلاة ، يقبلون على الأكل ، والشرب.. فبمثل هذا الصنيع تنقص الصلاة ، لأن حاجة النفس إلى الطعام ، والشراب وقد صامت عنهما طوال النهار ، وهما حاضران أمامها ، وتنبعث منهما رائحتهما الشهية ، هذه الحاجة تجعل النفس موزعة ، كثيرة التلفت ، مما ينقص حظها من الحضور.. والفقه يقضي علينا بأن نتفرغ للصلاة بتناول حاجتنا من الطعام ، لا أن نتفرغ للطعام بالتخلص من الصلاة.. فإذا قمت إلى الصلاة ، بعد ذلك ، فأذكر اسم الله ، وأستقبل القبلة ، وباعد بين رجليك قليلا ، وأنصب قامتك ، في غير توتر ، ولا شد للعضلات ، ولكن حاول أن تسترخي مع انتصاب قامتك.. وأحضر نية الصلاة.. ثم أقم الصلاة.. والإقامة هكذا : ((الله أكبر.. الله أكبر.. أشهد أن لا اله إلا الله.. أشهد أن محمدا رسول الله.. حي على الصلاة.. حي على الفلاح.. قد قامت الصلاة.. قد قامت الصلاة.. الله أكبر.. الله أكبر.. لا إله الا الله..))، ثم أستحضر نية الصلاة المعينة التي أنت مقبل على أدائها.. ثم أرفع يديك ، بحذاء منكبيك ، فاتحاً كفيهما ، مستقبلاً القبلة بهما ، ومستشعراً ، بهذه الهيئة ، التخلي عن كل شيء.. محاولاً ، عند التكبيرة ، أن يكون ((الله)) ((أكبر)) شيء في صدرك.. ثم قل : ((الله أكبر)) وأهو بيديك.. ثم ضع يمينك على شمالك ، فوق قلبك ، في حالة قبضك ، فلكأنك تحاول استلام قلبك بيديك ، لتثبته من الجولان.. و ((القبض)) ، في الصلاة ، مرحلي.. و((السدل)) أكمل منه.. ولكن السدل إنما يستقيم للمصلي في حالة الاستواء ، والنضج ، مما يجعل الحضور ميسراً بغير عناء.. ثم أشرع في القراءة بفاتحة الكتاب ، متمهلاً ، ومتمكناً ، تظهر الحروف ، وتظهر الكلمات ، وتتفكر ، و تتأمل في المعاني.. فإذا قلت : ((غير المغضوب عليهم ، ولا الضالين..)).. فقل آمين.. ثم أشرع في قراءة السورة.. فإذا قرأت ، مثلا : ((ألم نشرح لك صدرك * ووضعنا عنك وزرك * الذي أنقض ظهرك * ورفعنا لك ذكرك * فإن مع العسر يسرا * إن مع العسر يسرا* فإذا فرغت فانصب * وإلى ربك فارغب..)).. فاعلم أن ((كاف)) الخطاب إنما هو لك.. ولا تقل ، كما يقول المفسرون ، في هذا ((الكاف)) ، ((ألم نشرح لك صدرك)) يا محمد.. إن المعني ، في المقام الأول ، هو محمد ، من غير أدنى ريب.. فهو أكبر من شُرح صدره.. ولكنك أنت أيضاً معني.. فقد وقع لصدرك شرح على قدر مقامك.. وإذا لم تر نفسك في ((كاف)) الخطاب هذا فستخرج من الصورة ، لأنك ستكون طرفاً زائداً.. سيكون المتكلم هو ((الله)) ، والمخاطب هو ((محمد)) ، وستكون أنت متفرجاً فقط.. وهذا الوضع لا يعينك على الحضور ، بل إنه ليغريك بشرود البال.. فإذا فرغت من قراءة السورة ، وأنت تحاول أن تكون في جمعية ، فاركع ، ممكنا يديك من ركبتيك ، ومسويا ظهرك.. وأهصره قليلاً حتى لا يكون محدودباً ، وليكن رأسك في سواء ظهرك ، غير منكس ، ولا متدل.. وقل ، في ركوعك ، : ((سبحان ربي العظيم !! سبحان ربي العظيم !! سبحان ربي العظيم !!)).. تقولها في تمهل ، وتفكر ، وتصور لحالك في انحنائك أمام عظمته.. ثم أرفع من الركوع ، في تؤدة ، وأناة.. لا تنتر جسمك نتراً ، ولا تشد عضلاتك شداً.. حتى تستوي قائماً.. وقل ، في قيامك هذا : ((سمع الله لمن حمده.. اللهم ، ربنا !! ولك الحمد.. حمداً ، كثيراً ، طيباً ، مباركاً فيه..)) تقولها في تمهل ، وفي تؤدة ، تبين الحروف ، وتوضح الكلمات ، وتتذوق المعنى .. ثم أهو للسجود.. ولا تكفكف ثوبك ، أثناء ذلك.. وإن كان الثوب لا يريحك فلا تصل فيه.. ولتكن أعضاؤك ساكنة ، فلا تحك أجزاء جسدك ، كما يفعل كثيرٌ من الناس.. ولا تتثاءب أثناء الصلاة ، فإن التثاؤب دليل كل ، وغفلة.. وضع راحتي يديك حذو منكبيك ، عندما تكون في هيئة السجود.. ولتكن كفتا يديك مبسوطتين ، وأصابعك غير مفرقة.. مستقبلاً برؤوس الأصابع القبلة.. ولا تلصق ذراعيك بالأرض ولا بجنبيك ، بل جافهما.. واستقبل برؤوس أصابع رجليك القبلة أيضاً.. ومكّن جبهتك ، وأنفك ، من موضع سجودك.. ولا تضم ركبتيك ، بل أفرجهما ، قليلاً.. ثم قل ، في سجودك هذا : ((سبحان ربي الأعلى !! سبحان ربي الأعلى !! سبحان ربي الأعلى !!)) تقولها في تؤدة ، وطمأنينة.. توضح الحروف ، وتبين الكلمات ، وتتذوق طعمها ، ومعناها ، وتستشعر خضوعك ، وذلك ، وانكسارك ، أمام علوه ، وعظمته ، وقهره.. ثم أرفع من سجودك هذا.. ثم أجلس ، مفترشاً قدم رجلك اليسرى ، وناصباً قدم رجلك اليمنى ، ومستقبلاً برؤوس أصابعها القبلة.. وقل : ((رب أغفر لي !! رب أغفر لي !! رب أغفر لي !!)) تقولها في تؤدة ، وأناة ، وتضرع.. ثم أسجد ، سجدتك الثانية ، على نحو ما فعلت بالأولى.. وقل ، كما قلت في الأولى : ((سبحان ربي الأعلى !! سبحان ربي الأعلى !! سبحان ربي الأعلى !!)).. وأستحضر علوه ، وعظمته ، كما فعلت في سجدتك الأولى.. ثم أرفع من هذا السجود ، وأستو جالساً ، جلسة خفيفة ، تنعقد بها الحركة السابعة من حركات الركعة.. ثم أنهض قائماً لركعتك الثانية.. تكبر تكبيرة القيام أثناء قيامك.. ثم أفعل بركعتك الثانية مثل ما فعلت بركعتك الأولى.. فإذا جلست ، بعد الركعتين ، فقدم قدم رجلك اليسرى ، وأنصب قدم رجلك اليمنى ، وأجلس على مقعدتك.. وأقبض كفك اليمنى ، مفرداً سبابتك ، وضعها فوق ركبتك اليمنى ، وأبسط كف يدك اليسرى ، وضعها على ركبتك اليسرى ، ثم حرك سبابتك اليمنى ، مع كلمات التشهد ، موكداً التوحيد ، بإفراد الأصبع ، وبحركته.. ثم خذ في التشهد ، قل : ((التحيات لله ، والصلوات ، والطيبات.. السلام عليك أيها النبي !! ورحمة الله ، وبركاته.. السلام علينا ، وعلى عباد الله الصالحين.. أشهد أن لا اله إلا الله ، وأشهد أن محمداً عبده ، ورسوله.. اللهم صل على محمد ، وعلى آل محمد ، كما صليت على إبراهيم ، وعلى آل إبراهيم ، وبارك على محمد ، وآل محمد ، كما باركت على إبراهيم ، وآل إبراهيم ، في العالمين.. إنك حميدٌ مجيد..)).. فإذا كانت صلاتك ثنائية ، فسلم ، على يمينك ، وعلى شمالك.. ولا تمدن كلمة ((السلام)).. ولا تمطط حروفها.. وقل : ((السلام عليكم)) ، في سرعة ، ووضوح ، مع مراعاة الطمأنينة ، والسكينة.. وإذا كانت صلاتك ثلاثية ، أو رباعية ، فأنهض لإتمامها.. وأفعل مثل ما فعلت في الركعتين الأوليين.. غير أنك لا تقرأ السورة ، ولا تجهر بقراءتك ، في الجهرية.. وفي الصلاة الجهرية لا تعل صوتك كثيراً ، لئلا يذهب الصوت العالي بالوقار ، وطمأنينة النفس.. ولا تخفضه كثيرا ً.. وفي الصلاة السرية أسمع نفسك : ((ولا تجهر بصلاتك ، ولا تخافت بها ، وأبتغ بين ذلك سبيلاً..)) ولا تختلف المرأة عن الرجل فيما ذكرنا ، من هيئة.. إلا أنها ، حين تقف ، لا تفرج بين قدميها ، وإنما تضمهما.. تضم الكعبين ، وتفرج بين المشطين ، ليكون ذلك أدعى إلى حفظ توازنها.. وإلا أنها لا تجهر في صلاتها ، في الجهرية ، إلا ما يسمع القريب منها.. وفي السرية تسمع نفسها.. وإلا في الثياب التي تسترها.. لأنها ما ينبغي أن يظهر منها إلا وجهها ، وراحتا يديها ، وقدماها.. في حين أن الثياب الساترة للرجل إنما هي ، في أدناها ، ما يستر من سرته إلى ركبته.. ثم أنك ، حين تصلي ، يجب أن تتخذ ساتراً لصلاتك ، حتى لا يمر الناس بينك وبين قبلتك.. والساتر لا يكفي فيه أن يكون إبريقاً ، مثلاً ، أو إناءً ، وإنما هو يجب أن يكون عالياً ، وظاهراً ، كالكرسي ، مثلاً.. ولا تصل في طريق الناس.. بل من الخير أن تأوي إلى مكان هادئ ، ومنحاز عن الناس.. ولا تترك في قبلتك شيئاً غير عادي فيشغل بالك ، كالصور ، والأقمشة الشديدة التخطيط.. ولا تصل على سجادة ذات صور ، وتخطيط كثير ، لئلا يوزع بالك.. فمن الخير أن تكون سجادتك بسيطة ، عادية ، ذات لون واحد بسيط.. وليكن نظرك ، أثناء صلاتك ، على موضع سجودك.. ولا تغمض عينيك ، أثناء الصلاة ، فإن العينين تصليان أيضاً.. المقصود وراء كل هذه الحيل هو أن تجد السبيل إلى جمعية نفسك ، فلا تتوزع.. فأنت ، فلا تدع حيلة إذن تبلغك هذه الجمعية إلا فعلتها.. وكن على ذلك من الحريصين.. لقد ذكرنا ، في حديثنا هذا ، عن هيئة الصلاة ، حركة يهملها الناس دائماً ، وهي الجلسة الخفيفة ، بين الركعة الوترية ، والركعة الشفعية..هذه الجلسة التي تكون بعد الرفع من السجدة الثانية ، وقبل القيام إلى الركعة الثانية ، أو إلى الركعة الرابعة ، في الرباعية.. هذه الجلسة الخفيفة هي التي تنعقد بها الحركة السابعة للركعة.. فإن كل ركعة ، من ركعاتنا ، ذات سبع حركات.. قيام ، وركوع ، ورفع من الركوع ، وسجود أول ، ورفع منه ، وسجود ثان ، ورفع منه.. وإنما بجلسة الاستراحة هذه تتميز الحركة السابعة للركعة.. وهذه سبع الحركات ، إنما تشير إلى أطوار الخلقة السبعة.. قال تعالى : ((ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين * ثم جعلناه نطفة في قرارٍ مكين * ثم خلقنا النطفة علقة ، فخلقنا العلقة مضغة ، فخلقنا المضغة عظاماً ، فكسونا العظام لحما.. ثم أنشأناه خلقا آخر.. فتبارك الله ، أحسن الخالقين)).. وقال تعالى : ((إن ربكم الله الذي خلق السموات ، والأرض ، في ستة أيام ، ثم استوى على العرش.. يغشي الليل النهار ، يطلبه حثيثاً.. والشمس ، والقمر ، والنجوم مسخرات بأمره.. ألا له الخلق والأمر تبارك الله رب العالمين)).. فهو قد أشار إلى الحركة ((السابعة)) في الآية الأولى بقوله ، جل من قائل : ((ثم أنشأناه خلقاً آخر)) ، وفي الآية الثانية بقوله : ((ثم استوى على العرش)).. وهذه العبارة عندنا تقابل في التوراة ، عند اليهود ، قولهم : إن الله استراح في اليوم السابع ، بعد أن خلق السموات ، والأرض ، في ستة أيام.. والفارق ، بيننا وبينهم ، فارق معرفة ، جاء به الفضل الإلهي ، ثم حكم الوقت ، بالتقدم العرفاني.. فنحن ننزه الله ، تبارك وتعالى ، من أن يمسه تعب ، أو لغوب.. ولكن العبارة ، مع فارق الوقت ، تعنى بشيء واحد.. ثم أن الصلوات فرضت ، لدى المعراج ، من فوق السموات السبع.. وفي كل موضع من السموات ملك يمثل حركة من حركات الصلاة السبع.. فملائكة السماء الأولى قيام ، يمثلون قيام الصلاة الأول ، وهذه عبادتهم.. وملائكة السماء الثانية ركوع ، يمثلون حركة الركوع ، وهذه عبادتهم.. وملائكة السماء الثالثة يمثلون الرفع من الركوع ، وهذه عبادتهم.. وملائكة السماء الرابعة سجود ، يمثلون حركة السجود الأول ، وهذه عبادتهم.. وملائكة السماء الخامسة يمثلون الرفع من السجود ، وهذه عبادتهم.. وملائكة السماء السادسة يمثلون السجود الثاني ، وهذه عبادتهم.. وملائكة السماء السابعة يمثلون الرفع من السجود الثاني ، في وضع هذه الجلسة الصغيرة ، وهذه عبادتهم.. وأجور جميع هؤلاء الملائكة مسخرة للإنسان ليتم بها استنقاذه من الظلام إلى النور ، بفضل الله ، ثم بفضل هذا العون الملائكي العظيم.. يقول تعالى في ذلك : ((هو الذي يصلي عليكم ، وملائكته ، ليخرجكم من الظلمات إلى النور.. وكان بالمؤمنين رحيما)).. فأنت ، في أثناء حركات صلاتك ، ينبغي أن تتذكر هذا الفضل الواسع ، وهذه النعمة التي لا تحصى.. ثم إن الصلاة ارتقاء في مراتب النفوس السبع.. وهي ، في حقيقتها ، إنما فرضت في مرتبة النفس السابعة ـ النفس الكاملة ـ ثم نزل منها السلم إلى مرتبة النفس الأولى ـ النفس الأمارة ـ ليرتقي بها المرتقي ، من هذه النفس الأمارة ، إلى النفس الكاملة.. ففي مقام النفس الكاملة فرضت صلاة ((الصلة)) ، وهي صلاة ((الحقيقة)).. ومن هذه تنزل السلم ، فجاءت في أدنى درجاته ، صلاة ((المعراج)) ، وهي الصلاة الشرعية.. وقد أخبرنا النبي عن كلتيهما فقال : ((الصلاة صلة بين العبد وربه)).. وقال : ((الصلاة معراج العبد إلى ربه)) ولكنا لم نفهم عنه ، كما ينبغي.. وحكم الوقت يطلب إلينا أن نفهم فهماً جديداً ، ودقيقاً ، هاتين العبارتين ، فلا نظل بصلاتنا الشرعية في أول عتبة من عتبات السلم ، وإنما نعرج عليها ، كما هو مراد الله لنا أن نفعل ، لنرقى مراقي النفوس ، في القرب منه تعالى.. نرقى من النفس الأمارة ، إلى النفس اللوامة ، إلى النفس الملهمة ، إلى النفس المطمئنة ، إلى النفس الراضية ، إلى النفس المرضية ، إلى النفس الكاملة.. وهذه المراقي تحققها صلاة ((المعراج)) ، إذا عرجنا بها إلى حيث تتحقق ، عند النفس الكاملة ، صلاة ((الصلة)).. ونحن لا نستطيع أن نعرج بصلاة ((المعراج)) إلى مقام صلاة ((الصلة)) إلا إذا كان هناك قدر ، دائماً ، من صلاة ((الصلة)) في صلاة ((المعراج)).. ولا يتم لنا ذلك إلا إذا أحسنا الأداء على نحو مما وصفنا لك هنا.. وفي الحق ، فإنه لا تكون صلاة ((المعراج)) صلاة ، على الإطلاق ، إلا إذا كان فيها هذا القدر من صلاة ((الصلة)) ـ قل أو كثر ـ أعني من الحضور مع الله فيها.. هذا هو معنى صلاة ((الصلة)).. ثم إن هذا الحضور يزيد بالتجويد ، كل حين ، وغايته أن تكون مع الله ، كما هو معك ، وهيهات !! لقد ذكرنا لك ههنا هيئة واحدة ، من هيئات الصلاة.. والمطلوب منك هو أن تكثر من الإطلاع على الحديث النبوي لتجد لنفسك ، من هيئات صلاة النبي ، هيئة ثانية ، وثالثة.. فهيئات صلاته كثر.. فإنك ، إن تفعل ، فإن هذا خليق أن يعينك على التنويع ، وعلى الخروج من الرتابة.. وبالخروج من الرتابة تهش النفس ، وتبش ، وتنشط.. هذا يكفي هنا فيما يخص حضرة ((الإحرام)).











    _______________________________________
    من كتاب
    تعلموا كيف تصلون
                  

11-16-2014, 09:57 PM

مني عمسيب
<aمني عمسيب
تاريخ التسجيل: 08-22-2012
مجموع المشاركات: 15691

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الذكري ال 30 للاستاذ محمود محمد طه فالنوقد الشموع (Re: Sabri Elshareef)

    لك التحية .. يا دكتور ..

    وتعيش وتخلد .. وربنا يجعل الشهيد الاستاذ الجليل

    محمود محمد طه الراحل المقيم في جنات الخلد .

    shof_69108ebd7eaf379.jpg Hosting at Sudaneseonline.com
                  

11-17-2014, 03:20 PM

Sabri Elshareef

تاريخ التسجيل: 12-30-2004
مجموع المشاركات: 21142

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الذكري ال 30 للاستاذ محمود محمد طه فالنوقد الشموع (Re: مني عمسيب)

    شكرا جزيلا مني عمسيب تلك المراة الشجاعة في مقاومة حكومة الهوس الديني

    فالنحتفل بهذه الذكري ال 30 احتفال في عكس عظمة المشهد والموقف والفكر الذي جسده الاستاذ محمود
    وقد هزم الطغاة القساة حكومات الهوس الديني المتعددة من نميري رحمه الله لنظام الاخوان المسلمين 1989

    الدكتور صديقي واخي ياسر الشريف

    شكرا لك
                  

11-18-2014, 07:35 AM

Sabri Elshareef

تاريخ التسجيل: 12-30-2004
مجموع المشاركات: 21142

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الذكري ال 30 للاستاذ محمود محمد طه فالنوقد الشموع (Re: Sabri Elshareef)

    كلمة الأستاذ محمود في محكمة المهلاوي التي عقدت في السابع من يناير 1985

    ((أنا أعلنت رأي مرارا ، في قوانين سبتمبر 1983م ، من أنها مخالفة للشريعة وللإسلام .. أكثر من ذلك ، فإنها شوهت الشريعة ، وشوهت الإسلام ، ونفرت عنه .. يضاف إلي ذلك أنها وضعت ، واستغلت ، لإرهاب الشعب ، وسوقه إلي الاستكانة ، عن طريق إذلاله .. ثم إنها هددت وحدة البلاد .. هذا من حيث التنظير ..

    و أما من حيث التطبيق ، فإن القضاة الذين يتولون المحاكمة تحتها ، غير مؤهلين فنيا ، وضعفوا أخلاقيا ، عن أن يمتنعوا عن أن يضعوا أنفسهم تحت سيطرة السلطة التنفيذية ، تستعملهم لإضاعة الحقوق وإذلال الشعب ، وتشويه الإسلام ، وإهانة الفكر والمفكرين ، وإذلال المعارضين السياسيين .. ومن أجل ذلك ، فإني غير مستعد للتعاون ، مع أي محكمة تنكرت لحرمة القضاء المستقل ، ورضيت أن تكون أدات من أدوات إذلال الشعب وإهانة الفكر الحر ، والتنكيل بالمعارضين السياسيين))
                  

11-18-2014, 07:38 AM

Sabri Elshareef

تاريخ التسجيل: 12-30-2004
مجموع المشاركات: 21142

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الذكري ال 30 للاستاذ محمود محمد طه فالنوقد الشموع (Re: Sabri Elshareef)

    خَلْقُ الجَّمَالِ


    نَحْنُ نُبَشِّرُ بِعَالَمٍ جَدِيدٍ، ونَدْعُو الى سَبِيلِ تَحْقيقِهِ، ونَزْعَمُ أنَّا نَعْرِفُ ذَلِكَ السَّبِيلَ مَعْرِفَةً عَمَلِيَّةً.. امَّا ذَلِكَ العَالَمُ الجَّدِيدُ، فَهوَ عَالَمٌ يَسْكُنُهُ رِجَالٌ ونِسَاءٌ، أحْرَارٌ، قَدْ بَرِئَتْ صُدُورُهُم مِن الغِلِّ والحِقْدِ، وسَلِمَتْ عُقُولُهُم مِن السَّخَفِ والخُرَافَاتِ.. فَهُمْ فى جَمِيعِ أقْطَارِ هَذَا الكَوْكَبِ مُتَآخُوْنَ، مُتَسَالِمُوْنَ، مُتَحَابُّونَ.. قَدْ وَظَّفُوا أنْفُسَهُم لِخَلْقِ الجَّمَالِ فى أنْفُسِهِم، وفى مَا حَوْلَهُم مِن الأشْيَاء.. فَأصْبَحُوا بِذَلِكَ سَادَةَ هَذَا الكَوْكَبِ.. تَسْمُو بِهِم الَحيَاةُ فِيهِ سَمْتاً فَوْقَ سَمْتٍ، حَتَّى تُصْبِحَ وكَأنَّهَا الرَّوْضَةُ المُونِقَةُ.. تَتَفَتَّحُ كُلَّ يَوْمٍ عَنْ جَدِيدٍ مِن الزَّهرِ، وجَدِيدٍ مِن الثَّمَرِ.


    الأستاذ محمود محمد طه

    الجمعة 10 جمادى الأولى 1337 هـ
    15 يوليو 1954 م
    جريدة الجمهورية - العدد الأول
                  

11-18-2014, 08:56 AM

عبد الحي علي موسى
<aعبد الحي علي موسى
تاريخ التسجيل: 07-19-2006
مجموع المشاركات: 2929

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الذكري ال 30 للاستاذ محمود محمد طه فالنوقد الشموع (Re: Sabri Elshareef)

    وجاءوا أخيرا:
    حسن مكي
    محمد طه
    حسين خوجلي.
    البطل..
    الجميعابي..
    المحبوب..
    عمار..
    وكلهم... منه مقتبس.. غرفا من البحر أو رشفا من الديم.
    وذلك بعد فشل المشروع المُتوهم.
    تسلم يا صبري يا شريف.
                  

11-18-2014, 09:11 AM

عصام علي أحمد
<aعصام علي أحمد
تاريخ التسجيل: 07-16-2006
مجموع المشاركات: 2419

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الذكري ال 30 للاستاذ محمود محمد طه فالنوقد الشموع (Re: Sabri Elshareef)

    Quote: نَحْنُ نُبَشِّرُ بِعَالَمٍ جَدِيدٍ، ونَدْعُو الى سَبِيلِ تَحْقيقِهِ، ونَزْعَمُ أنَّا نَعْرِفُ ذَلِكَ السَّبِيلَ مَعْرِفَةً عَمَلِيَّةً.. امَّا ذَلِكَ العَالَمُ الجَّدِيدُ، فَهوَ عَالَمٌ يَسْكُنُهُ رِجَالٌ ونِسَاءٌ، أحْرَارٌ، قَدْ بَرِئَتْ صُدُورُهُم مِن الغِلِّ والحِقْدِ، وسَلِمَتْ عُقُولُهُم مِن السَّخَفِ والخُرَافَاتِ..
    فَهُمْ فى جَمِيعِ أقْطَارِ هَذَا الكَوْكَبِ مُتَآخُوْنَ، مُتَسَالِمُوْنَ، مُتَحَابُّونَ.. قَدْ وَظَّفُوا أنْفُسَهُم لِخَلْقِ الجَّمَالِ فى أنْفُسِهِم، وفى مَا حَوْلَهُم مِن الأشْيَاء.. فَأصْبَحُوا بِذَلِكَ سَادَةَ هَذَا الكَوْكَبِ.. تَسْمُو بِهِم الَحيَاةُ فِيهِ سَمْتاً فَوْقَ سَمْتٍ، حَتَّى تُصْبِحَ وكَأنَّهَا الرَّوْضَةُ المُونِقَةُ.. تَتَفَتَّحُ كُلَّ يَوْمٍ عَنْ جَدِيدٍ مِن الزَّهرِ، وجَدِيدٍ مِن الثَّمَرِ.


    الرحمة والمغفرة للشهيد الاستاذ محمود محمد طه


    شكرا اخي صبري
                  

11-18-2014, 10:15 AM

Ahmed Alim
<aAhmed Alim
تاريخ التسجيل: 06-14-2007
مجموع المشاركات: 2762

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الذكري ال 30 للاستاذ محمود محمد طه فالنوقد الشموع (Re: عصام علي أحمد)

    الرحمة والمغفرة لشهيد الكلمة الأستاذ محمود محمد طه في سمته العالي..
                  

11-18-2014, 12:03 PM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الذكري ال 30 للاستاذ محمود محمد طه فالنوقد الشموع (Re: Ahmed Alim)

    jj.JPG Hosting at Sudaneseonline.com

    أنت يا رب المحاسن والبرآءة والوداعة
    كل من قال يا حبيبي افتكرتو يشير اليك
    قلبك أنت
    حبك أنت
    ساقني لشط الأمان

    0l2.jpg Hosting at Sudaneseonline.com
                  

11-18-2014, 01:10 PM

نصر الدين عثمان
<aنصر الدين عثمان
تاريخ التسجيل: 03-24-2008
مجموع المشاركات: 3920

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الذكري ال 30 للاستاذ محمود محمد طه فالنوقد الشموع (Re: عبدالله عثمان)

    التحية للشهيد الأستاذ محمود محمد طه في ذكرى استشهاده الثلاثين

    فقد أعطى من فكره وعلمه ولم يستبقِ شيء....

    ندعــــــو المولى الكريم أن ينزل على قبره شآبيب الرحمة

    وأن يسكنه فسيح الجنان

    آمين
                  

11-23-2014, 07:44 PM

Sabri Elshareef

تاريخ التسجيل: 12-30-2004
مجموع المشاركات: 21142

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الذكري ال 30 للاستاذ محمود محمد طه فالنوقد الشموع (Re: نصر الدين عثمان)

    Quote: كان لتنظيم الاخوان المسلمين اليد الطولى في إشاعة موجة الهوس الديني في مصر، ومنها في البلاد الإسلامية الأخرى، وذلك عن طريق ما وضعه زعماء هذا التنظيم من أسس نظرية لهذا الهوس ومن ممارسات عملية له.. فمؤسس الدعوة حسن البنا، يدعو تنظيمه إلى تغيير الأنظمة بالقوة بقوله (فنحن حرب على كل زعيم، أو رئيس حزب، أو هيئة لا تعمل على نصرة الإسلام، ولا السير في الطريق لاستعادة حكم الإسلام) ـ (مذكرات الدعوة والداعية)، صفحة 144 دار الشهاب.. ويقول سيد قطب في كتابه (معالم في الطريق): (وكما أسلفنا فإن الانطلاق بالمذهب الإلهي تقوم في وجهه عقبات مادية من سلطة الدولة، ونظام المجتمع، وأوضاع البيئة، وهذه كلها هي التي ينطلق الإسلام لتحطيمها بالقوة) انتهى.. والاخوان المسلمون وهم يتحدثون عن الإسلام إنما يعنون تصورهم، هم، للإسلام، وهو تصور قاصر أشد القصور،




    شكرا نصر الدين عثمان
                  

11-25-2014, 09:07 AM

Khalid Elmahdi
<aKhalid Elmahdi
تاريخ التسجيل: 08-20-2012
مجموع المشاركات: 609

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الذكري ال 30 للاستاذ محمود محمد طه فالنوقد الشموع (Re: Sabri Elshareef)

    فوق يا صبري...
    Quote: دقائق التمييز

    أمران مقترنان، ليس وراءهما مبتغى لمبتغٍ، وليس دونهما بلاغ لطالب: القرآن، وحياة محمد.. أما القرآن فهو مفتاح الخلود.. وأما حياة محمد فهي مفتاح القرآن.. فمن قلد محمداً، تقليداً واعياً، فهم مغاليق القرآن.. ومن فهم مغاليق القرآن حرر عقله، وقلبه، من أسر الأوهام.. ومن كان حر العقل، والقلب، دخل الخلود من أبوابه السبعة.
    ويجب التمييز بين حياة محمد، وحديث محمد.. فأما حياته فهي السمت الذي لزمه في عاداته، وفي عباداته، من لدن بعثه، وإلى أن لحق بربه.. وأما حديثه فضربان، فما كان منه متعلقاً بسمت حياته في عاداته، وفي عباداته، فهو منها، ولاحق بها.. وما كان منه مراداً به إلى تنظيم حياة الجماعة التي بعث فيها، فهو لم يصدر عنه إلا باعتباره إمام المسلمين، يشرع لهم من الدين ما يلائم حاجتهم الحاضرة، وما يستقيم مع مستواهم العقلي، والمادي والاجتماعي.. ولو قد فعل غير ذلك لشق عليهم، ولأعنتهم، ولأرهقهم إرهاقاً.. وما قام من تشريع حول حياة محمد فهو ليس بالشريعة الإسلامية، وإنما هو سنة النبي، وهو لا يزال صالحاً، في جملته وفي تفصيله، لأن النفس البشرية لا تزال، في وقتنا الحاضر بحاجة إليه، ولم تشب عن طوقه.
    وما قام من تشريع حول حديث محمد "الذي أراد به إلى تنظيم حياة الجماعة" فهو الشريعة الإسلامية، وهو خاضع لسنة التطور ـ سنة الدثور، والتجديد ـ لأن المجموعة البشرية قد ترقت أكثر مما ترقت النفس البشرية، وقد استجدت لها أمور تحتاج إلى تشريع جديد، يستوعبها، ويحيط بها جميعاً.. هذا التشريع موجود في القرآن، ولكنه مكنون، مصون، مضنون به على غير أهله.. فمن سره أن يكون من أهله فليقلد محمداً في منهاج حياته، تقليداً واعياً، مع الثقة التامة بأنه قد أسلم نفسه إلى إرادة هادية، تجعل حياته مطابقة لروح القرآن، وشخصيته متأثرة بشخصية أعظم رجل، وتعيد وحدة الفكر، والعمل، في وجوده ووعيه كليهما، وتخلق من ذاته المادية، وذاته الروحية كلاً واحداً، متسقاً، قادراً عل التوحيد بين المظاهر المختلفة في الحياة..
    أمران مقترنان: القرآن، وحياة محمد، هما السر في أمرين مقترنين: "لا إله إلا الله، محمد رسول الله" لا يستقيم الأخيران إلا بالأولين..

    محمود محمد طه

    (عدل بواسطة Khalid Elmahdi on 11-25-2014, 09:15 AM)

                  

11-26-2014, 07:59 AM

عبدالمنعم العوض

تاريخ التسجيل: 08-21-2012
مجموع المشاركات: 399

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الذكري ال 30 للاستاذ محمود محمد طه فالنوقد الشموع (Re: Khalid Elmahdi)

    الاستاذ محمود محمد طه مجرد اشوف صورته تختلج نفسي بشئ من الاسى والفرح الاسى على ذلك الفقد العظيم والفرح بتلك الوقفة الشامخة الخالدة في وجه الظلم.
    سبحان الله زول مجرد تشوف صورته يتسرب الرضا الى نفسك حاجة عجيبة.
    انسان اوصلته مرحلة الرضا بالله ان يبتسم في وجه الموت لانه يعرف انه حياة وانتباهة.
    فلنوقد الشموع في هذه الزكرى العطرة ولنجعل منها حربا على دعاة الهوس الديني الذين مزقوا وحدة البلاد.
                  

11-30-2014, 08:24 AM

عبدالمنعم العوض

تاريخ التسجيل: 08-21-2012
مجموع المشاركات: 399

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الذكري ال 30 للاستاذ محمود محمد طه فالنوقد الشموع (Re: عبدالمنعم العوض)

    فلتكن زكراه نبراسا يضئ ظلمات الطريق الموغل في الوحشة
                  

12-01-2014, 08:15 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الذكري ال 30 للاستاذ محمود محمد طه فالنوقد الشموع (Re: عبدالمنعم العوض)

    pho.jpg Hosting at Sudaneseonline.com

    Quote: الاستاذ محمود محمد طه مجرد اشوف صورته تختلج نفسي بشئ من الاسى والفرح الاسى على ذلك الفقد العظيم والفرح بتلك الوقفة الشامخة الخالدة في وجه الظلم. سبحان الله زول مجرد تشوف صورته يتسرب الرضا الى نفسك حاجة عجيبة. انسان اوصلته مرحلة الرضا بالله ان يبتسم في وجه الموت لانه يعرف انه حياة وانتباهة. فلنوقد الشموع في هذه الذكرى العطرة ولنجعل منها حربا على دعاة الهوس الديني الذين مزقوا وحدة البلاد.
    فلتكن ذكراه نبراسا يضئ ظلمات الطريق الموغل في الوحشة

    بتصرف مما كتب عبدالمنعم محمد أحمد العوض

    الأستاذ محمود محمد طه: هذا مغتسلٌ باردٌ وشرابالأستاذ محمود محمد طه: هذا مغتسلٌ باردٌ وشراب
                  

12-01-2014, 08:50 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الذكري ال 30 للاستاذ محمود محمد طه فالنوقد الشموع (Re: عبدالله عثمان)

    أيها الركابي الوضيء المضيء
    ff2.JPG Hosting at Sudaneseonline.com

    Quote: الأستاذ والمقصلة والأراجوز
    نزار أحمد أيوب
    يناير وشتاء، في العام الخامس والثمانين بعد تسعة عشر قرناً لميلاد المسيح عليه السلام.. وصباح محتقن بالترقب والفجيعة والانتظار، وجمعة حزينة تشكو للرحمن ظلم بني البشر للانسان.. الباحة الامامية والشوارع الخلفية للسجن العمومي تمتليء بالسابلة والساسة، طلاب ومهنيون، نساء واطفال وشيوخ، خوذات وبنادق وصمت مقدس يلف المكان.. ومكان تحتبس انفاسه في انتظار اللحظة.
    وجاء الرجل يمشي اليها
    ويصعد اليها عادياً تماماً!!
    حتى ادهش جلاده.. فقال:-
    «رأيت الكثيرين، نعم الكثيرون يؤخذون اليها، بيد اني لم أرَ من يمشي اليها.. كأنه ذاهب الى بيته».
    بعد العِشاء الاخير.. جاءوه وساوموه.. ايها الراحل، تنح ولو قليلاً.. قد انملة تكفي.. فحدثهم حتى السحر، عن السهروردي المقتول وابن درهم المذبوح، والحلاج المصلوب، وعند الفجر نادوه ليتهيأ، استفسروه عن الرجاءات والوصايا.
    إثماً ظننتم «فهؤلاء ليسوا محل الرجاء. رجائي قربان. اما وصاياى فتتمشي بينهم افعالاً لا اقوالاً».
    ما بين الزنزانة والمقصلة، سألوه عن الاشتهاءات الاخيرة ومطالب الوداع والنهاية، فقال بهدوء «فكوا عن يدي الاغلال لاودعهم وابشرهم وادعو لهم ولكم بان تشملكم العناية».
    لن نسمح .. انها تعليمات
    رد.. حاضر، لا بأس
    زحزح نعليه، ليزيل ما تبقى من آثار الحصى والرمل والنجاسة..
    وصعد اليها..
    كشفوا الغطاء، وازاحوا المزلاج
    فبرقت الابتسامة، ختام نشيد ورضاء العبور لحيز الميلاد الجديد..
    وكما تقول المتصوفة:
    مرحباً بالموت الذي فيه اللقاء.. ولقاء ربك جل يوم العيد
    استدار الزمان.. وارتفعت الابتسامة، كبرت وتناسلت، ملأت الأفق سجادة فارسية على اطرافها اصطف الزهاد والعباد، الفضيل بن عياض وابن مشيش والشبلي والشيخ الاكبر واختهم رابعة تطوف عليهم باباريق المحبة.
    من هو؟؟
    زعم مريدوه انه اصيل ومفرد، وصاحب حقيقة وشريعة، وتلك مسألة تندرج في اطار المعارف الذوقية، حيث لا العقول ولا اخضاع الافتراضات للبحوث الامبريقية هما طرائق الامساك بالنواصي. والحقائق نفسها في هذا المضمار، تكتنفها الطلاسم والطواسين، تتشعب طرقها وتتدرج مقاماتها، وتتنوع مقاديرها من حيث الكثافة واللطافة. وتحيطها نيران شهيقة ودونها مفازات عميقة. وحظنا في ذلك «كنصيب الحزبين والطائفتين في قسمة نيفاشا».
    غير ان الشواهد من الافكار والأقوال والأعمال، والتي يمكن اخضاعها للاختبارات الاجتماعية «الاكلينيكية» تكاد لا تحصى ولا يتسع لها المقال، وتفضي جميعها الى حقيقة وحيدة.. انه كان استثنائياً واصيلاً!!
    بيت الطين:
    قدم الاستاذ محمود نفسه كزعيم وقائد متفرد واصيل، بانموذجه القيادي، او بوسائل ادارته للجماعة، فاقام نسقاً قيادياً على قاعدة تسليكية بسيطة ومعقدة في ذات الحين «في امر الدنيا انظر الى اسفل.. وفي امر الدين انظر الى اعلى» فاضحى بذلك الامام والمأموم. يتقدمهم في شؤون الدين.. وتتثاقل خطاه في شؤون الدنيا. اظلفوا انفسكم اكبحوا شهواتكم اقطعوا عروق العلائق وفروا من وطن العوائق تشرق عليكم انوار الحقائق.
    هذه هي الرؤيا.. فماذا كان الفعل؟
    أولاً: في شأن المسكن، فرغماً عن تخرجه مهندساً في كلية غردون غير انه اختار بيت الطين والجالوص رقم «242» في الثورة الحارة الاولى، في الوقت الذي اختار فيه كل رصفائه الغردونيين الانخراط في نادي البرجوازية السودانية المتعلمة، ولسان حاله يقول لهم مع الرازي «دياركم هامانية ومراكبكم قارونية وولائمكم فرعونية.. فأين أنتم من الطريقة المحمدية؟
    ثانياً: في شأن الملبس. لم يقتن من الأشياء الا اوتارها. جلباب واحد، وعمامة، ملفحة و«عراقي» ونعلين، ولكن لغرضين مختلفين لا يمكن توحيدهما، وقلنسوة واحدة!!
    والأدهش.. في مجافاته لاستخدام صنبور المياه «الدُّش» عند الاغتسال. والابتعاد عن شرب المياه المثلجة، بدعوى انهما غير متوافرين لغالب أهل السودان في البوادي والأرياف، وهو داعية لمساواة السودانيين في الفقر. فكيف له ان يستقيم على الطريق، بينما تتناقص أقواله وأفعاله!!
    ثالثاً: في شأن المطعم. غض النظر عن عدد الناس المتواجدين في بيت الجالوص، فالمائدة واحدة والإدام واحد. والمتغير الوحيد هو القدح. يتحلقون حوله، ثمانية او عشرة، يأكلون ويذهبون.. ثم يعيدون الكرة. وفي الختام.. يجلس هو وأصحاب الاعذار، وقطة داجنة، غالباً ما تشاركهم طعامهم، فيطعمهم بيديه، ثم يأكل قليلاً من الفتات ممزوجاً مع الماء القراح.
    زهداً وورعا واستقامة.. خلقت منه زعامة «كاريزما» ملهمة.. لا تستمد مشروعيتها بالطرائق التقليدية... من تسلسل رئاسي في المنظومة، أو سلطة القائد في المكافأة والعقاب والإكراه النفسي والعاطفي، أو الخبرات الأعلى والمعلومات الأوفر. فابتدع نهجاً قيادياً متفرداً يستند على سطوع وجاذبية النموذج المرجعي reference power، فكان هو الأب في حنوه لا في تسلطه. فأخاط الجماعة بوشائج الإخوة والمحبة الحقة. فنجت بذلك من الداء العضال والجرثوم الفاتك الذي أصاب الأحزاب السياسية السودانية. فقد عانت جميعها دون استثناء من الانقسام والتشظي والخروج الجماعي واتهام الآباء المؤسسين بالاستبداد والكهنوتية أو التخريفية العقائدية. فما من «أب» غيره إلا وقد خرج عليه أبناؤه وأتباعه يلعنون ويقذعونه. أما هو فحتى أبناؤه الذين انكروه تحت ظلال السيوف في جلسات تفتيش الضمائر.. عادوا لعروتهم الوثقى. والآن قد تفرقت بهم السبل، فما باتوا يأتلفون على شيء سواه.
    بيت الزجاج:
    كثيراً ما قال.. أصدقوا ولا تكذبوا.. بوحوا ولا تضمروا، وحدوا أبنية النفوس المنقسمة، لتكون أقوالكم ترجمان أفكاركم، وأفعالكم تجسيد أقوالكم، فيثمر هذا الثالوث المتوحد.. برا ولطفا بالاحياء والأشياء والناس لتتسنموا قمم حرياتكم الفردية المطلقة، وتصبحون زهوراً معطارة تفيض بالشذى من غير تكلف.
    هذه المعاني التوحيدية الرقيقة.. لها تجلياتها على المستوى الديني والسياسي والانساني. وقد جر حبلها من عالم المعاني الى عالم المباني، فأنشأ أول مؤسسة دينية وسياسية في السودان تعتمد الشفافية «قبل ان تصبح من شعارات الألفية الثالثة»، تعتمدها كمقصد ديني وضابط أخلاقي وناظم للسلوك السياسي. فأسس بنيانه على أساس متين، لا على شفا جرف هارٍ.. معماراً خالياً من سراديب العمل السري ومكاتب المعلومات التآمرية او التنظيم الخاص ذو المهام والاهداف الخاصة؟!!، ولا الفراكشنات fractions، وتلك يعرفها أهل اليسار!؟ ليمُسي الحزب الجمهوري هو الكيان الوحيد.. صحب الكتاب المفتوح. فمصادر تمويله معلنة ومعلومة.. وتقتصر فقط وحصراً على عوائد بيع الكتيبات واشتراكات الاعضاء. أفكاره معروضة في الأسواق والجامعات والشوارع، جلساته مفتوحة حتي للغوغاء والدهماء من اعدائه.. والذين كثيراً ما تطاولوا على الأستاذ في عقر داره. فقد اختار الشفافية كقيمة ذات إسناد ديني ورجوح اخلاقي لم تنتش منها نوائب الزمن ولا نوازل السياسة.
    الجدري السياسي:
    بعد الاطلاق الأخير في يناير 85، جمع التلاميذ وحدثهم عن جدل الفداء والابتلاء، وان الإبتلاءات الكبرى لابد ان يفتديها أصحاب القامات العظمى، وانهم انفقوا وقتاً ليس باليسير في المقروء والمسموع، وقد حانت اللحظة للسمو في مدارج العبودية والصوفية السلف وهم الخلف، وقد كانوا يفتدون الناس، فالشيخ الرفيع ود الشيخ البشير مات بالجدري، وحكى لهم ان الشيخ طه مات في رفاعة بالسحائي، ثم انحسر الوباء، وان الشعب في انتظارهم.. ليفتدوه بأعلى سامق نخل فيهم. لم يدركوا.. وحسناً فعلوا.. لانهم لو ادركوا ما كان هو.. هو..
    حضرة السلام:
    في إحدى الجلسات الصباحية، التلاميذ يتحلقون حول الأستاذ.. يتدارسون وينشدون العرفانيات جاء الناعي.. بأن اعدى اعداء الفكرة من المتفيقهين.. قد انتقل للرفيق الاعلى. وكان من الخائضين زوراً وتجريحا.. في الفكرة وشخوصها وعروضها واستاذها، إفكاً وبهتاناً تقاصر بصاحبه عن قامة المتدينين وطبائع السودانيين.. جاء الناعي.. فشخصت ابصارهم نحوه، ليوميء بالتوقف عن الجلسة الروحية «إننا نعرف الرجل وتاريخه، ولكنه اليوم هو احوج ما يكون الينا، فلنقرأ الاخلاص باخلاص على روحه احدى عشرة مرة» أهي حضرة السلام.. مخروطية القوام.. قاعدتاه كف الاذى.. وقمتها مسامحة الاعداء ومباركة اللاعنين؟؟!
    أسئلة على هامش الفكرة:
    إنتقى من كل حدائق الفكر.. ليصمم نسقاً «معرفياً» يستدمج في دواخله شواهق الابداع الانساني.. مهتدياً ومسترشداً بالنصوص القرآنية الكريمة والسنة المحمدية الشريفة وإرث الصوفية التليد.. نسقاً له اتساقيته الداخلية، والتي لا تلغي مشروعية التساؤلات حوله:
    أ/ أسئلة حول نخبوية الفكرة.. وطوباويتها.. ترفعها واستعلائها؟ صلاحيتها واستعداديتها في الانتقال من نهج صفوة منتقاة الى تيار شعبي؟؟
    ب/ جدواها الاقتصادية في حال شيوعها كناظم للدورة الانتاجية والاستهلاكية؟ وهل ينمو الاقتصاد بتوسيع خيارات الاستهلاك؟ أم بتجييف الدنيا وتبخيسها، ثم سحقها بين النعلين؟ وغياب التنافسية الاقتصادية هل يصلح كأساس للنهوض والتنمية؟
    ج/ أخلاقية الإدعاء حول التعايش مع مستصغر الشرر تجنباً للفتنة الكبرى، والاستظلال بالمستبد الأصغر خوفاً من فراعنة المستقبل؟
    د/ ما هي المعايير الموضوعية لقراءة النص وهل تصلح الذوقانية الذاتية كمدخل لتأويل النصوص الدينية ومقاربة القضايا السياسية والاجتماعية؟
    هـ/ ترجيح اللا عنف والسلم كقيم مطلقة دون النظر في الملموس، ربما ينجح على المستوى الفردي، ولكنه قد يضع مفاتيح التاريخ عند الطغاة والكولنيالين فقط!!
    ع/ توهان التلاميذ الفكري والروحي بعد مضي الأستاذ وانتظارهم لاذن قادم من برازخ الغيب.. أو نصر فجائي ينبت كالخرافة من ثنايا الهزيمة.
    و/ صمم الأستاذ استمارة شاملة للتغير والاصلاح وضبط السلوك.. تصادر الاحلام الصغيرة لاجل امتخاض الكمالات، وطقوس احاطية كثيفة تبدأ من ارتشافه شاي الصباح حتى السجدة الأخيرة لصلاة القيام.. فكرة لا تتسع جنباتها لملعب كرة القدم، ولا تطأ قدماها دور الخيَّالة، ولا تستمع أذنيها لدندنة حسن عطية ولا طمبرة عثمان اليمني.
    أليس ذلك ببرزخ الشمولية الجديدة.. الذي انقطع عن عالم الملك ولم يلتحق بعالم الملكوت.
    أسئلة وأسئلة.. لكنها لا تقدح في مصداقيتك، فكم انت رحيباً.. وكم ضيقة هي الفكرة!!
    وعفواً أيها الركابي الوضيء المضيء ان أدرت لهم ايسرك ليصفعوك فاخذوا الخد والجسد!!
    http://alsahafa.info/index.php?type=3&ihttp://alsahafa.info/index.php?type=3&i ... 94832&bk=1

    Re: في نبا فاجع من السودان .. رحيل نزار أحمد أيوب صباح اليوم Re: في نبا فاجع من السودان .. رحيل نزار أحمد أيوب صباح اليوم
                  

12-01-2014, 10:42 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الذكري ال 30 للاستاذ محمود محمد طه فالنوقد الشموع (Re: عبدالله عثمان)
                  

12-01-2014, 11:05 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الذكري ال 30 للاستاذ محمود محمد طه فالنوقد الشموع (Re: عبدالله عثمان)

    121.jpg Hosting at Sudaneseonline.com

    Quote: متجرداً عرف الحياة فعافها * وأبى تجرّع كرمها وسلافها
    عيناه صومعتان في غيبيهما * ألق يمس من القلوب شغافها
    قهرت سفينة فكره بحر المدى * ما أوهنت ريح الهوى مجدافها
    فمضى يسطّر للعلا بيراعه * حتى غدا نور الدجى عرّافها
    يرنو إلى حرية سلمية * في الدين يرسم أصله أهدافها
                  

12-02-2014, 07:07 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الذكري ال 30 للاستاذ محمود محمد طه فالنوقد الشموع (Re: عبدالله عثمان)
                  

12-13-2014, 10:52 PM

Sabri Elshareef

تاريخ التسجيل: 12-30-2004
مجموع المشاركات: 21142

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الذكري ال 30 للاستاذ محمود محمد طه فالنوقد الشموع (Re: عبدالله عثمان)

                  

12-13-2014, 10:57 PM

Sabri Elshareef

تاريخ التسجيل: 12-30-2004
مجموع المشاركات: 21142

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الذكري ال 30 للاستاذ محمود محمد طه فالنوقد الشموع (Re: Sabri Elshareef)

    محمود محمد طه والرسالة الثانية من الإسلام
    محمود مراد

    إن أكثر ما يثير الحزن فى نفس المفكر أن يتم تشويه أفكاره عمدا إذا لم تتماهى تلك الأفكار مع مصالح الطبقات المسيطرة، بل وتهدد بتقويض تلك السيطرة لحساب المعرفة الإنسانية، ولعل ما حدث مع الأستاذ محمود محمد طه الذى تحل ذكرى وفاته فى هذا الشهر (أعدم على يد نظام جعفر النميري فى السودان فى 18 يناير سنة 1985)، نموذج لما يمكن أن يعانيه المفكر عندما يهمّ بالخروج عن نمط التفكير السائد ومخالفة العقل الأوحد، سيكون وقتها هدفا لقوى الظلام التى ترى أن مصلحتها تقتضي تكريس الرجعية وتدعيم أسس الأستبداد التى تحفظ لها هيمنتها الثقافية والسياسية.
    شكّل محمود محمد طه تحديا أخلاقيا فى مواجهة وعاظ السلاطين وفقهاء السلطة، ومحترفي التجارة بآلام الشعوب وتطلعاتها، ولم تكن حادثة إعدامه سوى شاهد حي على مأساة بشرية ستكلل بحبل المشنقة، وهنا لم نجد تقريظا لحياة الرجل سوى أن نردد معه "بدأ الإسلام غريبا وسيعود غريبا كما بدأ، فطوبى للغرباء"، وهو الحديث النبوي الذى كان يردده طه ، ويكثر الاستدلال به دوما، ويحفظه عن ظهر قلب عملا وقولا، ليدفع حياته فى النهاية ثمنا لتلك الغربة القاسية.


    الرسالة الثانية من الإسلام


    جاء كتاب "الرسالة الثانية من الإسلام" بمثابة حجر الزاوية فى أفكار طه الذى عكف على تطوير أفكاره طيلة ثلاثين عاما (1)، لينتهى إلى تصور جديد يخالف الرؤية التقليدية التى أتسم بها عصره، وأفضت فى محصلتها النهائية إلى أن الآيات التى نزلت فى صدر الدعوة الإسلامية بمكة تمثل أصل القرآن، فى هذه الآيات يبدو الإسلام دينا متسامحا ينبذ الإكراه، وهى الآيات التى بدأ بها النبى دعوته فى مكة، ومثالها "وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر"، "فذكر إنما أنت مذكر لست عليهم بمصيطر"، ويرى الاستاذ طه أن المدعوين إلى تلك الآيات كانوا أقل قامة من ذلك الخطاب المتسامح، فهم قد رفضوا الدعوة وناوأوها بالحرب والعصيان، وضيقوا على الدعاة وعذبوهم حتى الموت، وتآمروا على حياة النبي نفسه بالقتل، حتى أضطروه إلى الهجرة، ومن هنا ظهرت الحاجة إلى آيات الفروع، وهى آيات الجهاد التى مثلها "وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين لله"، ثم كان الحديث النبوي "أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا ألا لا إله إلا الله..."، ويستمر الاستاذ طه فى تطوير أفكاره حتى يصل إلى أن نسخ أصول القرآن بفروعه فى القرن السابع الميلادي لم يكن إلغاءً نهائيا لأحكامه (2)، وإنما كان مجرد إرجاءً لتلك الأحكام لإدخارها فى المستقبل ، والسبب الذى يراه فى ذلك هو النزول على حاجة وطاقة ذلك المجتمع، مشيرا إلى أنه لو كان النسخ نهائيا لأصبح أحسن ما فى دينينا منسوخا بما هو أقل منه، أى أن السماح وهو خير من الإكراه، يكون قد نُسخ إلى الأبد بحكم أقل منه، منبها إلى نقطة هامة تفضي إلى أن الأحسن فى الشرائع ليس أحسنَ فى ذاته، وإنما يُقاس بملاءمته لحاجة المجتمع وظرفه التاريخي، وهذا ما حدث بالنسبة لآيات الفروع التى نزلت فى المدينة ، ونسخت آيات الأصول التى نزلت فى مكة ، نسخا مؤقتا فرضه السياق التاريخي للقرن السابع الميلادي، بما لا يعني تعميمه إلى الأبد خارج ذاك السياق، ولذلك فإن زماننا بحسب الاستاذ طه هو زمان بعث آيات الاصول حيث "لا إكراه فى الدين".
    نحو فهم جديد لآيات الأحكام


    أطلق الاستاذ طه على هذا التصور المفضي إلى استعادة روح الآيات المكية بـ"الرسالة الثانية من الإسلام"، وهى عنده الرسالة الأصل، وقد تضمن مؤلفه بضع عناوين جاء من بينها "الجهاد ليس أصلا فى الإسلام"، "عدم المساواة بين الرجال والنساء ليست أصلا فى الإسلام"، "الحجاب ليس أصلا فى الإسلام"، "تعدد الزوجات ليس أصلا فى الإسلام"، وبذلك ألقى الضوء على كثير من آيات الأحكام التى لم تعد مناسبة لمتطلبات العصر الحديث وتطور قيمه الروحية والجمالية، قاصدا من ذلك أن ينوّه إلى الطاقة الكامنة فى التشريع الإسلامي والتى تستطيع أن تستوعب المتغيرات الجديدة إذا تم بعث "الأصول" دون "الفروع" التى شكلت شريعة القرن السابع الميلادي، وهى الدعوة التى قضى فيها الاستاذ طه عمره فى ليثبت أن النصوص التى جرى تطبيقها فى القرن السابع الميلادي ذات طبيعة مرحلية، ولذلك هى لا تصلح لمسلمي اليوم، ويرى أن المخرج كامن فى الانتقال من نص فرعي فى القرآن خدم غرضه حتى استنفذه، إلى نص أصلي ظل مرجئا ومدخرا حين يحين تطبيقه، وها هو قد حان وقته اليوم، بشرط أن نتحرك من شريعة الفروع وفقهها الذى تبعها طيلة القرون التالية فجر البعثة نحو إحكام آيات الأصول المنسوخة، بما أنها القادرة على استيعاب طاقات وحاجات الحياة المعاصرة، ويورد الاستاذ طه مثالاً بالأية "واستشهدوا شَهِيدين من رجالكُم فإن لم يكونا رُجلين فرجلٌ وامرأتين ممن ترضونَ من الشهداء أن تضِلَ إحداهما فتذكِّر إحداهما الأُخرى"، فيعلق قائلا "إن هذه الشريعة السلفية عادلة وحكيمة، إذا أعُتبِر حكم الوقت...ولكن، يجب أن يكون واضحا، فإنها ليست الكلمة الأخيرة للدين.. وإنما هى تنظيم للمرحلة، يتهيأ بها" (3)، هكذا كنات أفكار طه متناسقة "إن الخلل ليس فى الدين، ولكنه إنما هو فى العقول التى لا يحركها مثل هذا التناقض لتدرك أن فى الأمر سرا،هذا السر هو ببساطة شديدة أن شريعتنا السلفية مرحلية، وأنها لا تستقيم مع قامة الحياة المعاصرة، وأنها حتى تستطيع استيعاب هذه الحياة وتوجيه طاقتها الكبيرة، لابد لها من أن تتفق وتتطور وترتفع من فروع القرآن إلى أصوله" (4).


    ها نحن قد أنتهينا من هذه الومضة السريعة عن واحد من الذين قدموا حياتهم فداءً للكلمة، أملا فى أن يلتفت المثقفون إلى أفكار طه، ليس فقط بإعادة إحيائها، وإنما أيضا بوضعها على مِلاك النقد وإعادة تقييمها، بعد أن عانى الرجل عقودا من التجاهل حتى كادت أن تنزوي ذكراه، ولا يسعنا ونحن نختم كلمتنا عن الشهيد الاستاذ محمود محمد طه، إلا أن نستعير ما قالته الصحفية "جوديث ميلر"، المراسلة السابقة لصحيفة "نيويورك تايمز" فى الشرق الأوسط، ضمن شهادتها التى ضمها كتابها "لله تسعين وتسعين إسما"، (( God Has Ninety Nine Namesعن واقعة إعدام طه عندما كانت مُوفدة عن الصحيفة لتغطية الواقعة، حيث كتبت "أحسست أنا أيضا أن طه لم يُقتل بسبب يتعلق بنقص فى قناعاته الدينية، وإنما بسبب من نقصهم هم" (5).
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
    (1) أسماء محمود محمد طه، مقدمة كتاب نحو مشروع مستقبلي للإسلام، ط رؤية/ مصر/ 2012
    (2) الرسالة الثانية للإسلام ضمن المرجع السابق
    (3) تطوير شريعة الأحوال الشخصية ضمن المرجع السابق
    (4) تطوير شريعة الأحوال الشخصية ضمن المرجع السابق
    (5) المرجع السابق، المقدمة
                  

12-13-2014, 11:00 PM

Sabri Elshareef

تاريخ التسجيل: 12-30-2004
مجموع المشاركات: 21142

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الذكري ال 30 للاستاذ محمود محمد طه فالنوقد الشموع (Re: Sabri Elshareef)

    http://www.sudaneseonline.com/albums-action-show-id-3239.htmhttp://www.sudaneseonline.com/albums-action-show-id-3239.htm
                  

12-13-2014, 11:02 PM

Sabri Elshareef

تاريخ التسجيل: 12-30-2004
مجموع المشاركات: 21142

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الذكري ال 30 للاستاذ محمود محمد طه فالنوقد الشموع (Re: Sabri Elshareef)

    http://manasir.org/modules/videotube/index.php?vid=141andstartvid=0http://manasir.org/modules/videotube/index.php?vid=141andstartvid=0


    محاضرات للاستاذ محمود بصوته
                  

01-10-2015, 03:31 AM

Sabri Elshareef

تاريخ التسجيل: 12-30-2004
مجموع المشاركات: 21142

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الذكري ال 30 للاستاذ محمود محمد طه فالنوقد الشموع (Re: Sabri Elshareef)

    الأزهر لا يمثل الإسلام:
    يفرض الأزهر صورة منكرة من الإرهاب الديني بمصر، فيحتكر الحديث باسم الإسلام، ويجنح إلى تكفير كل خارج على سلطانه.. وهذه القداسة الزائفة قد امتدت إلى رصيفاته من المؤسسات الدينية في البلاد الإسلامية، ولا سبيل إلى بعث الإسلام إلا بتحطيم هذه القداسة، ووضع الأزهر في إطاره كمؤسسة حفظت التراث الديني حينا من الدهر، ثم تحجرت، وتجمدت، فلم تعد صالحة لتقديم الإسلام في مستوى حل مشكلات الفرد، أو الجماعة، المعاصرة.. فماذا فعل الأزهر طوال الألف عام من عمره نحو إصلاح الحياة المصرية وهي تتداعى في الانحطاط الديني، وتعيش على أخلاط من قشور الحضارة، وقشور الدين.. حتى لقد إيفت هذه الحياة المصرية بشر مستطير يتهدد تقدمها، ومصيرها، وهو شر التطرف الديني والهوس الديني.. والأزهر هو المسئول الأول عن ظهور جماعات الهوس الديني، بما يقدمه من صورة شائهة للإسلام صرفت الشباب عنه، وبما يفرزه هو نفسه، من اتجاهات التكفير والارهاب.. ويقوم نمط التعليم الديني في الأزهر على أسس مناقضة تماما لنهج التعليم الإسلامي.. فالتعليم في الأزهر إنما يقوم على التحصيل النظري في اجترار المطولات الفقهية، وأخلاط المتون والحواشي.. بينما يقوم التعليم في الدين على الهيئة والقدوة.. والقاعدة فيه من القرآن (واتقوا الله ويعلمكم الله، والله بكل شئ عليم)، ومن الحديث النبوي (من عمل بما علم أورثه الله علم ما لم يعلم).. أي من عمل بعلم الشريعة، وهي علم ما لا تصح العبادة إلا به، في بساطة شديدة، علّمه الله علم الحقيقة، وهو الذي لا تصح العبودية إلا به.. فديننا علم، وعمل بمقتضى العلم.. فلم يكن الدين تحصيلا، أو شهادة، أو حرفة.. وللأزهر، بذلك أكبر الأثر في ظهور أو اتشار طبقة رجال الدين، الغريبة، الوافدة على ديننا، من اليهودية والنصرانية.. أما مادة التعليم في الأزهر، فهي، أساسا، الفقه.. والفقه في أخريات الأيام، قد تشعّب وتعقّد، وصار قولا بالرأي ففارق حكمة الشريعة، وروح الدين.. ومن هذه المفارقات ما يتعلمه، وما ينشره الأزهريون من بعض صور الفقه التي لا تمت إلى الإسلام بصلة، وخاصة فيما يتعلق بالعلاقة بين الزوج والزوجة.. فعن شروط استحقاق نفقة الزوج على الزوجة ما جاء في كتاب "الأحوال الشخصية حسب المعمول به في المحاكم الشرعية المصرية والسودانية" لمعوض محمد مصطفى سرحان.. فقد جاء في صفحتي 236، 237: (استحقاق النفقة منوط باحتباس مشروع أو استعداد له يستطيع الزوج أن يصل به إلى حقه في الاستمتاع متى أراد) انتهى.. فهم لا يعرفون من حكمة الحياة الزوجية سوى الاستمتاع.. أكثر من ذلك!! فإن هؤلاء الأشياخ يتتلمذون على فقه يرى ألاّ نفقة على الزوج للزوجة أثناء مرضها، كما ليس من حقها عليه شراء الدواء لها لعدم صلاحيتها للاستمتاع!! (الجزء الرابع، الفقه على المذاهب الأربعة).. ألا تفارق هذه الصورة الفقهية المتخلفة مفارقة تامة حكمة الشريعة وروح الدين، المتمثلة في قوله تعالى: (ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها، وجعل بينكم مودة، ورحمة..)!!
    وتاريخ الأزهر كله، إنما هو تاريخ الإرهاب، والتكفير، في مصر.. فقد كفّر الأزهريون الشيخ عبد الرازق، ومحمد رشيد رضا، ووصموا عمر لطفي المحامي بالإلحاد لدعوته إلى إقامة الجمعيات التعاونية، وكفّروا طه حسين، وقاسم أمين، ولم ينج من طائلة الاتهام بالخروج على الدين حتى جمال الدين الأفغاني، ومحمد عبده.. فلم يكن بدعا أن يصدر الأزهر فتوى في تكفيرنا، وكان آخر ضحايا الإرهاب الديني توفيق الحكيم..
    وتاريخ الأزهر هو، أيضا، كله السير في ركاب السلطة، وتمليقها، والافتاء وفق أهوائها. فقد قام علماء الدين المصريون بتخذيل ثورة الشعب المصري بالحملة الفرنسية ببيانهم الذي جاء فيه: (ونصيحتنا لكم ألا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة) (تاريخ الجبرتي).. وقد استصدر منهم الاحتلال الانجليزي عام 1914 بيانا يدعو الشعب إلى (إطاعة الحكومة) ("حوليات مصر السياسية" لأحمد شفيق باشا).. وقد قال شيخ الأزهر محمد مصطفى المراغي في تمجيد فاروق (إنه مثال من مثل الخير العليا، وصورة كاملة من صور الفضيلة المحببة للنفوس) ـ (مجلة الأزهر 1139).. وكتبت مجلة الأزهر عام 1963 مقالا بقلم رئيس تحريرها أحمد حسن الزيات يفضّل فيه اشتراكية جمال عبد الناصر على اشتراكية محمد بن عبد الله!! وقال، في معرض نقاشه مع العقاد حول تلك المفاضلة (إن وقفة جمال عبد الناصر في ميدان التحرير تعدل كل العهود التي انكفأ العقاد يؤلف عبقرياتها)!! مع أن من بين تلك "العبقريات" "عبقرية محمد"!! وكتبت مجلة الأزهر بتاريخ 2ـ6ـ1962 في وصف ميثاق عبد الناصر بقولها (إن ميثاقك الذي عاهدت الله على الوفاء به، وعاهدك الشعب على اللقاء عليه، حروف من كلمات الله، لم يؤلفها أحد قبلك في أي عهد لا في القديم، والحديث، لا في الشرق والغرب!!). ودعا الشيخ شلتوت شيخ الأزهر في مجلة الأزهر ديسمبر 1960 إلى طاعة الحكومة بقوله (ما دام عملها في المصلحة العامة) وأردف (لا فرق في ذلك بين حكومة علمانية أو حكومة دينية) انتهى..
    ألا يكفي هذا التاريخ غير المشرّف للأزهر لأن تتحطم من حوله القداسة الزائفة وأن تكشف مفارقاته، بغية أن يجيء البعث الإسلامي على جادة الدين؟؟ ألسنا محقين إذ نناهض الأزهر والمؤسسات الدينية الرصيفة له في البلاد الاسلامية، وهي، بذلك إنما تشكّل معوقا أساسيا للبعث الإسلامي الصحيح؟؟
                  

01-10-2015, 03:36 AM

Sabri Elshareef

تاريخ التسجيل: 12-30-2004
مجموع المشاركات: 21142

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الذكري ال 30 للاستاذ محمود محمد طه فالنوقد الشموع (Re: Sabri Elshareef)

    http://www.sudaneseonline.com/uploadpic14/nov/RSabr.jpg

    الذكري ال 30 لاستشهاد الاستاذ محمود
    يقيم مركز الديمقراطية والسلام ندوة
    يقدمها البروفسيور عبد الله احمد النعيم

    في يوم الاحد 18 يناير 2015
                  

01-10-2015, 06:25 AM

Khalid Elmahdi
<aKhalid Elmahdi
تاريخ التسجيل: 08-20-2012
مجموع المشاركات: 609

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الذكري ال 30 للاستاذ محمود محمد طه فالنوقد الشموع (Re: Sabri Elshareef)

    وهذا اعلان احتفالنا بمدينة كالقري، يا صبري...

    FinalArabic1.jpg Hosting at Sudaneseonline.com


    final2.jpg Hosting at Sudaneseonline.com
                  

01-15-2015, 03:45 AM

Sabri Elshareef

تاريخ التسجيل: 12-30-2004
مجموع المشاركات: 21142

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الذكري ال 30 للاستاذ محمود محمد طه فالنوقد الشموع (Re: Khalid Elmahdi)

    ****
                  

01-15-2015, 07:32 PM

Sabri Elshareef

تاريخ التسجيل: 12-30-2004
مجموع المشاركات: 21142

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الذكري ال 30 للاستاذ محمود محمد طه فالنوقد الشموع (Re: Sabri Elshareef)

    ****
                  

01-16-2015, 03:59 PM

Sabri Elshareef

تاريخ التسجيل: 12-30-2004
مجموع المشاركات: 21142

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الذكري ال 30 للاستاذ محمود محمد طه فالنوقد الشموع (Re: Sabri Elshareef)

    *****
                  

01-16-2015, 05:37 PM

اْسامة اْباّرو
<aاْسامة اْباّرو
تاريخ التسجيل: 02-13-2008
مجموع المشاركات: 964

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الذكري ال 30 للاستاذ محمود محمد طه فالنوقد الشموع (Re: Sabri Elshareef)

    Quote: أمران مقترنان، ليس وراءهما مبتغى لمبتغٍ، وليس دونهما بلاغ لطالب: القرآن، وحياة محمد..
    أما القرآن فهو مفتاح الخلود.. وأما حياة محمد فهي مفتاح القرآن.. فمن قلد محمداً، تقليداً واعياً، فهم مغاليق القرآن..
    ومن فهم مغاليق القرآن حرر عقله، وقلبه، من أسر الأوهام.. ومن كان حر العقل، والقلب، دخل الخلود من أبوابه السبعة.

    ..
    ..
    هذى تكفينا ... اوليست هي المحجة البيضاء !!
    لك الود اخى صبرى
                  

01-16-2015, 06:34 PM

Sabri Elshareef

تاريخ التسجيل: 12-30-2004
مجموع المشاركات: 21142

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الذكري ال 30 للاستاذ محمود محمد طه فالنوقد الشموع (Re: اْسامة اْباّرو)

    سلام يا اسامة وهي كذلك
                  

01-23-2015, 03:08 AM

Sabri Elshareef

تاريخ التسجيل: 12-30-2004
مجموع المشاركات: 21142

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: محاضرة البروفيسور عبدالله أحمد النعيم بمناسبة الذكرى ال 30 لإستشهاد الأستاذ (Re: Sabri Elshareef)

    ***
                  

01-23-2015, 05:57 PM

Sabri Elshareef

تاريخ التسجيل: 12-30-2004
مجموع المشاركات: 21142

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: محاضرة البروفيسور عبدالله أحمد النعيم بمناسبة الذكرى ال 30 لإستشهاد الأستاذ (Re: Sabri Elshareef)

    ***
                  

01-26-2015, 04:37 PM

Sabri Elshareef

تاريخ التسجيل: 12-30-2004
مجموع المشاركات: 21142

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: محاضرة البروفيسور عبدالله أحمد النعيم بمناسبة الذكرى ال 30 لإستشهاد الأستاذ (Re: Sabri Elshareef)

    ***
                  

05-03-2015, 00:31 AM

Sabri Elshareef

تاريخ التسجيل: 12-30-2004
مجموع المشاركات: 21142

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: محاضرة البروفيسور عبدالله أحمد النعيم بمناسبة الذكرى ال 30 لإستشهاد الأستاذ (Re: Sabri Elshareef)

    قال الشوقُ
    ما رأيْتُ مثلَ جمْرةِ الحنينِ
    رسمَتْ على حقائبِ المهاجرينَ

    تحياتي ايها الشاعر العظيم
                  

05-03-2015, 00:31 AM

Sabri Elshareef

تاريخ التسجيل: 12-30-2004
مجموع المشاركات: 21142

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: محاضرة البروفيسور عبدالله أحمد النعيم بمناسبة الذكرى ال 30 لإستشهاد الأستاذ (Re: Sabri Elshareef)

    قال الشوقُ
    ما رأيْتُ مثلَ جمْرةِ الحنينِ
    رسمَتْ على حقائبِ المهاجرينَ

    تحياتي ايها الشاعر العظيم
                  

08-30-2015, 05:45 AM

Sabri Elshareef

تاريخ التسجيل: 12-30-2004
مجموع المشاركات: 21142

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: محاضرة البروفيسور عبدالله أحمد النعيم بم� (Re: Sabri Elshareef)

    5. ويقول الشيخ المطيعي، في نفس الخطبة أيضا: (يقولون ـ يعني الجمهوريين ـ نرجع للقرآن المكي، وذلك لأنهم يريدون الذل للمسلمين، ويريدون لنا أن نرجع لعهد مكة حيث الهوان وعدم الدفاع عن النفس) انتهى.. فالشيخ المطيعي يرى أن المسلمين بمكة قد كانوا في ذل وهوان!! وهذا فساد في العقيدة لا يعطي صاحبه الحق في الخوض في أي أمر من أمور الدين.. فالنبي الكريم وأصحابه إنما كانوا، وهم يتحملون أذى كفار مكة في صبر، يمتثلون للأمر الإلهي لهم، بمثل قوله تعالى: (ادع إلى سبيل ربك بالحكمة، والموعظة الحسنة، وجادلهم بالتي هي أحسن.. إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله، وهو أعلم بالمهتدين * وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به.. ولئن صبرتم لهو خير للصابرين * واصبر!! وما صبرك إلا بالله.. ولا تحزن عليهم، ولا تك في ضيق مما يمكرون * إن الله مع الذين اتقوا، والذين هم محسنون) وبمثل قوله (فذكّر إنما أنت مذكر * لست عليهم بمسيطر)، وبمثل قوله (وقل الحق من ربكم!! فمن شاء فليؤمن!! ومن شاء فليكفر!!) أليس في مجرد هذا الامتثال للأمر الإلهي العزة كل العزة، والشرف، كل الشرف للنبي الكريم، ولأصحابه؟؟ قال تعالى: (ولله العزة، ولرسوله وللمؤمنين ولكن المنافقين لا يعلمون) وقال: (ولا تهِنوا، ولا تحزنوا، وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين).. أليست في معية الله للنبي، ولأصحابه العزة، كل العزّة، والشرف، كل الشرف، وهو يقول لهم (إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون)؟؟ ثم أليس الانتصار في الجهاد الأكبر ـ وهو جهاد النفس، أكبر من الانتصار في الجهاد الأصغر، الجهاد بالسيف؟؟ ألم يكن النبي يقول لأصحابه عقب كل غزوة من غزواته (رجعنا من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر ـ جهاد النفس)؟؟ وجهاد النفس أشق من الجهاد بالسيف، والانتصار فيه انتصار على أعدى الأعداء، قال النبي الكريم: (إن أعدى أعدائك نفسك التي بين جنبيك).. ثم أليس الدعوة إلى الرجوع إلى قرآن مكة دعوة إلى أصل الدين المتمثل في الحرية، والإسماح، والذي ما نزل القرآن عنه إلى الفرع، وهو الوصاية، والإكراه، إلا لحكم الوقت المتمثل في قصور تلك البشرية عن مستوى الدعوة بالحرية، والإسماح؟؟ ومن ههنا تجيء الحكمة من مرحلية الجهاد.. وإذا كان هذا العصر هو عصر الحرية، والإسماح، وإذا كانت البشرية تستجيب للدعوة في مستوى الحرية، والإسماح، أفلا يكون من أسباب عزة المسلمين وشرفهم أن يقدموا الإسلام في هذا المستوى؟؟ أليست الكرامة البشرية تتحقق أكثر وتتأكد أكثر إذا دُعيت البشرية في مستوى الحرية، والاسماح، فاستجابت للدعوة؟؟ فالشيخ المطيعي إنما يدعو دعوة الجماعات المتطرفة بمصر، إلى الجهاد بالسيف، الذي انتهى إليه القرآن المدني، فيرفض الرجوع إلى القرآن المكي الذي يقوم على الدعوة بالاسماح، والاقناع، والتي بدأت بها الدعوة بمكة.. فقد جاء في كتاب "الفريضة الغائبة" وهو مذهبية هذه الجماعات،: (فنحن لا نبدأ بما بدأ به النبي، ولكن نأخذ بما انتهى إليه الشرع) انتهى.. يجري ذلك من هذه الجماعات ومن الشيخ المطيعي من غير فهم لمرحلية الجهاد الأصغر ـ الجهاد بالسيف..
    ثم إن هذه الدعوة إلى استخدام العنف في الدعوة إنما تتناقض مع النهج الإسلامي للدولة كما يمثله كتاب "النهج الإسلامي لماذا؟؟" فقد جاء في صفحة 416: (إن العودة بالأمة للإسلام بعد ليل الاغتراب الطويل إنما ينبغي أن تبدأ، ومرة أخرى، كما بدأت الدعوة) وقال في صفحة 370 (هو الإسلام الذي قرّر أن يكون الالتزام وليس الإلزام هو مدخل الإنسان لقناعته حتى بوجود ربه) انتهى.. الا تشكل دعوة هذا الشيخ إلى أساليب العنف والإرهاب، ونبذ أساليب الحوار والإقناع خطرا أمنيا يسترعي انتباه المسئولين الأمنيين، لا سيما وهذه الدعوة تجري في مسجد كهذا له علاقة برئيس جهاز أمن الدولة؟؟ ثم ألا يسيء مثل هذا الشيخ إلى العلاقة بين الشعبين، وإلى التكامل المرتقب بينهما؟؟
    إن الشيخ المطيعي داعية من دعاة الهوس الديني يسعى لنقل موجته التي تجتاح مصر إلى السودان، وهو إنما يستغل منبر "مسجد التقوى"، وأجهزة الإعلام، ليعطي الشرعية لدعوة الهوس الديني حتى تنتشر إلى المساجد الأخرى، وإلى سائر المنابر العامة، فيقوى عودها، فتستفحل حتى تحقق مخططها في إقامة دولة الهوس بالسودان، كما كان مخططها في مصر.. ومن الغفلة ومن التفريط في المسئولية الوطنية والدينية أن يجد هذا الشيخ مسرحا لنشاطه الهدام في مساجدنا، وأجهزة إعلامنا.. ولماذا يسكت كبار المسئولين الأمنيين، والسياسيين، والإعلاميين عن نشاط هذا الشيخ؟؟ هل هي الغفلة؟؟ هل هو السقوط في قبضة الإرهاب الديني؟؟ أم هل هو التواطؤ؟؟ إن أيا من هذه الأسباب بسكوت هؤلاء المسئولين لكاف لتجريدهم من حق الاضطلاع بهذه المسئوليات الباهظة..
                  

08-30-2015, 07:37 PM

Sabri Elshareef

تاريخ التسجيل: 12-30-2004
مجموع المشاركات: 21142

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: محاضرة البروفيسور عبدالله أحمد النعيم بم� (Re: Sabri Elshareef)

    Quote: النيّل يسخّر الدين لحماية نميري!!
    بل هم ابتعدوا بالحرابة عن طبيعتها (قطع الطريق) لتكون محاربة إمامهم محاربة لله ورسوله!! (فكل من يدير أو يشارك في إدارة أو يساعد بأي صورة من الصوّر في إدارة شبكة منظمة ومخططة لإرتكاب أي جريمة) تعاقب عليها القوانين السودانية يعتبر محاربا!! ويحدّثنا النيّل ابو قرون زعيم الثالوث وأرضاهم عن نفسه، فيقول: (القاعدة الأولى عند المسلم أنّ الله يؤتي الملك من يشاء ويصطفي من يشاء)!! .. إذن فأفهموا يا أهل السودان!! إن كنتم مسلمين!! إن الله قد أعطى ملكه لنميرى واصطفاه لذلك!! ويواصل أبو قرون فيقول: (والبيعة تعني السمع والطاعة على المرء المسلم فيما أحب وكره ما لم يؤمر بمعصية وقد يكره المرء المسلم من أميره شيئا أو أشياء فهل يعني ذلك الوقوف في المعارضة أو الدعوة لتنظيم ضده؟ وتهويل وتقبيح ذلك الشيء والإجتهاد في نشره؟ وهل من الدين في شيء إظهار معارضة الحاكم المسلم لمجرّد سياسة ينهجها للدولة أو تدابير يراها في الحكم بمنظار الراعي الحاكم؟ لا مصلحة للأمة قطعا.. وليس ذلك من الدين في شيء.. اللّهم الاّ أن يأمر الحاكم بمعصية أو يرى منه كفرا بواحا)!! ويواصل أبو قرون فيقول: (أما تولية الحاكم للولاة فلا تعطى أحدا حقا في القدح في الحاكم أو التشكيك فيه وهو الذي حكّم فيهم شرع الله حتى لو وليّ عليهم في الأقاليم من يرونه فاجرا)!! ويلخص أبو قرون أمره فيقول: (أخلص ممّا سبق إلى أن للحاكم أن يختار من شاء من الولاة بحكم كبر مسئوليته وعموم نظرته للأمور ولا حق لأحد في الإعتراض على الإختيار ولو كان الوالي المختار فاجرا كما أنه ليس لأحد حق الخروج على أميره ما لم ير كفرا بواحا أو يؤمر بترك الصلاة في جماعة)!! – الصحافة 3/3/1985. أرأيتم كيف أطلق الثالوث يد الطاغية وباسم الإسلام – فهو لا تجوز معارضته الاّ إذا كفر كفرا بواجا أو أمر بترك الصلاة في جماعة، أمّا فيما دون ذلك فله أن يفعل في شئون الدولة وفي شئون الناس ومقدرات البلاد ما يشاء كما له أن يوّلي علينا الفجّار!! .. صدق رسول الله صلّى الله عليه وسلم فقد أخبرنا بأنه: (سيكون بعدي سلاطين الفتن على أبوابهم كمبارك الأبل لا يعطون لأحد شيئا الاّ أخذوا من دينه مثله).. رواه الطبراني والحاكم ... وأين قول أبي قرون من حديث النبي الكريم: (سيكون بعدي أمراء من صدّقهم بكذبهم وأعانهم على ظلمهم فليس مني ولست منه وليس يورد على الحوض) رواه النسائي والترمذي وألم يسمع أبو قرون هذا بحديث (أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر) وألم يسمع بقولة أبي بكر العظيم (وليّت عليكم ولست بأخيركم فأطيعوني ما أطعت الله فيكم فاذا عصيته فلا طاعة لي عليكم) وألم يسمع اعلان الإمام عمر المتكرّر (إن رأيتم فيّ إعوجاجا فقوّموني)!!




    الان النيل ابوقرون يتعرض للتكفير من اهل الهوس الديني
    بالامس كان احد المكفرين للاستاذ محمود
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de