اسلحة الشعوب الحديثة :
من حذاء الزبيدي و رحيل الجنوبيين الي نار بوعزيز بقلم / ايليا أرومي كوكو
لكل زمان و عصر لغة و سلوب للتعبير و التذمر..
و لكل شعب و أمة نهج و طريقة للرفض و الاحتجاج و بتطور الانسان يتطور لغة التعبير عن حالة السخط و اليأس لكن يبقي ان السلطان او الحاكم الظالم دائماً هو محور السخطً و الرفض كان الاولون يبدون احتجاجهم برشق موكب الملك او الرئيس بالبيض و الطماطم الفاسد المتعفن ..
حذاء الزبيدي في العراق
الاحتلال الامريكي للعراق و ما تلي هذا الاحتلال من تبتعات و عواقب رشح عنها صور من العنف لم تعهدها المنطقة من قبل . فقد لبست الفتيات العراقيات الاحزمة الناسفة حول خصورهن و فجرن انفسهن وسط الجنود الامريكان تعبيراً عن رفض الاحتلال ..اذ شهدت بغداد طيلة فترة الاحتلال حتي الان مئات بل الالاف من التفجيرات قام بها افراد و جماعات مخلفة ورائها مئات الالاف من القتلي و الجرحي جلهم الاطفال و النساء الكهول ..
لكنه كما يقولون هو ثمن و فاتورة الحرية الباهظ و الكلفة الغالي الثمن ..
عن قريب عندما يعود الجنود الامريكان الي ديارهم سينسي العراقيين صور المأسي من اشلاء القتلي و الدماء القانية التي لون شوارع و أزقة العراق و لطغت جدرانمنازلها .. سيسلو العراقيين قتلي تفجيرات العربات المفخخة في زمن قياسي عندما تداهمهم زحمة الحياة اليومية و الجري وراء كسب لقمة العيش ..
لكن ان نسي العراقيين كل ماضيهم المأسوي العنيف و ان نسوا يوماً ان صدام حسين كان في يوما من الايام رئيسهم ..
فأن العراقيين ابداً ابداً لن ينسو او يسلو في لحظة من الزمان حذاء الزبيدي في وجه الرئيس الامريكي جورج بوش الابن .. فقد اعاد الزبيدي بحذاء الذي قذف به في وجه بوش بعض من الكرامة العراقية المجروحة .. اما في مسئلة جرح بوش الابن للكرامة العراقية فان العراقيين انفسهم يختلفون فيما بينهم رضاً و رفض .. لكن المهم هنا هو ان الزبيدي صار بطلاً ملهماً لكثيرين فيما عرف من بعد بثورة الحذاء ..!
حريق نار بوعزيز في تونس الخضراء
صعب علي جداً و استعصي فهم ما اقدم عليه بوعزيز في تونس و إشعال النار في جسده أمام مقر ولاية سيدي بوزيد التونسية .. مات بوعزيز ورحل عن دنياه و تاركاً دياره تونس الخضراء تموج في ثورة و تغيير لم يدرك انه بفعلته يلهمها لشعبه لاخرين .. رحل بوعزيز متحترقاً بنار اشعله في جسد ليشعل ثورة تعجل برحيل زين العابدين بن علي فاراً هارباً تاركاً كرسي عرشه في تونس ..
أن ارادة الحياة التي تغني بها الشابي الشاعر التونسي العظيم رأيناها ثورة شعب تنبعث من رماد جسد بوعزيز المحترق المتفحم أرادة الحياة و الحرية والتغيير لشعب تونس فداءها بوعزيز بحاته و هو لا يدري..!
قلت أنني استعصي فهم نهج وطريقة بوعزيز في الرفض و الاحتجاج و التعبير عن السخط و حالة متقدمة جداً اليأس و القنوط .
لكننا نجدها تستوحي وتنال رضي و قبول من كثيرين في الجزائر و مصر و موريتانيا وانحاء اخري في حيطنا ..
لا يسعنا ازاء هذا الموج و المد العاتي الهادر من تونس الصغير الا العجب و ربما الاعجاب او الاندهاش .. و ربما ... !
السودان و رحيل الجنوبيون من لم يجدوا في انفسهم في السودان الشعب الجنوبي اليوم يكتب ثورته و يقرر مصيريه بطريقة جديدة اظنه سلاح اخر من اسلحة ثورات العصر .. فقد حسم أهل الجنوب خيارهم و اختاروا ما يبغون و ما يريدون . و هاهم هذه الايام يسجلون ويكتبون تاريخ و مستقبل دولتهم من خلال رحلات النزوح الثانية او العكسية الي الوطن الي الجنوب .
و انت تشاهد انتظام عشرات بل مئات و الاف القوافل من الشاحنات والمركبات الكبيرة المحملة بالعفش و الاسرة و الاسر .. و انت تري البشر من الاطفال و الكهول و الشباب و النساء و الرجال يسافرون .. يعودون .. يرجعون ..
الجنوبيون من سائر مدن و قري و ريف شمال السودان يرحلون الي الجنوب جماعات جماعات .. يهاجرون جماعات.. أغلب هؤلاء ولدوا في الشمال و جلهم لم ير الجنوب يوماً و لا كان يحلم بالعودة او الرجوع..اطفال الرياض و طلاب المدارس و شباب الجامعات يرحلون .. انهم يتركون فصول و قاعات دروسهم و محاضراتهم في منتصف العام الدراسي ..
أظنها اكبر عملية رحيل منظم و اضخم عمليه جلاء لشعب يشهده عالمنا المعاصر علي الاطلاق ..ان يقرر شعب من الشعوب رحيلاً جماعياً غير عابي بأي شي علي الاطلاق .. و عودة الجنوبيين الي الجنوب هذه الايام تدهش الجميع .. انهم يرحلون مخلفين ورائهم استفهامات و علامات تعجب لا يبنظرمن الاجابة او التفسير ..
اسماها البعض بعملية العودة الطوعية و يري فيها سواهم هروب و فرار من المضمون الي المجهول.. لكنني علي نهج الزبيدي العراقي و بوعزيز التونسي اجد فيها سلاح جديد من اسلحة الثوار الجدد فما رأيكم انتم يا صحابي ..؟
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات ,الاخبار و البيانات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام
أعلى الصفحة