مناظير
زهير السراج
أين الجيش ؟!
* رغم اننى توقعت ان يرضخ الجيش المصرى للضغوط الأمريكية والغربية الكبيرة لارغام الرئيس مبارك على التنازل عن الحكم لنائبه عمر سليمان، إلا اننى لم استغرب من عدم استجابته لهذا المطلب، وذلك لأن مؤسسة الجيش هى الحاكم الفعلى لمصر (Ruler)، وما الرئيس مبارك الا الشخص الذى يدير الحكم ( Governor) نيابة عنه، مهما كانت الدولة فى نظر الكثيرين ذات مظهر مدنى وتسيطر عليها المؤسسات المدنية ..!!
* منذ استيلائه على الحكم فى مصر فى يوليو 1952 ظل الجش المصرى هو صاحب القبضة الحديدية التى ضعفت نوعا ما بعد هزيمة يونيو 1967 وانتحار ( أو اغتيال) المشير عبدالحكيم عامر( القائد العام للجيش وصاحب النفوذ الكبير) وانفراد الرئيس عبدالناصر بالحكم واستعانته بعدد كبير من اساتذة الجامعات والتكنوقراط لادارة شئون الدولة، ولكن مع ذلك ظل عدد كبير من الضباط الأحرار ( فى لباس مدنى ) يمسكون بالمفاتيح الرئيسية للحكم مثل انور السادات وحسين الشافعى وزكريا محى الدين وغيرهم ..!!
* ورغم المظاهر المدنية العديدة التى أدخلها السادات ( الذى خلف عبدالناصر فى سبتمبر 1970) على الحكم بعد حرب اكتوبر 1973 ظلت السيطرة للجيش، بل ان قادة المنابر السياسية الثلاثة التى أنشأها السادات لتعبرعن التيارات السياسية المختلفة فى الدولة ( يسار، يمين، وسط ) كانوا ضباطا سابقين فى الجيش المصرى وهم مصطفى كامل مراد ( اليمين ) وخالد محى الدين ( اليسار) وانور السادات نفسه ( تيار الوسط )، وكذلك نائب الرئيس ( حسنى مبارك ) ومعظم الوزراء والمحافظين وغيرهم ..!!!
* وظل الحال كذلك فى عصر مبارك رغم بروز دور واضح لقوى مدنية عديدة فى ادارة شؤون الدولة، ولكن ظلت هذه الادارة محكومة برضاء وقبول الجيش المصرى الذى احتفظ عدد كبير من كوادره وقادته السابقين بالكثير من المناصب المدنية وعلى رأسها ( منصب المحافظ ورئيس المحلية) ، بالاضافة الى سيطرته على معظم شركات القطاع العام ، وبدرجة أقل المناصب الدبلوماسية والاعلامية التى تمثل مصدر عمل ونفوذ كبير لا يمكن الاستهانة به لكوادره التى تحال الى المعاش، كما أن معظم القرارات الكبرى فى الدولة لا يمكن أن تحدث بمعزل عن الجيش أو بعلمه على الأقل ..!!
* فوق ذلك فان الجيش المصرى ظل يحتكر بشكل مطلق عددا كبيرا من الصناعات المصرية مثل صناعة الأحذية والمياه الصحية وعلى رأسها العلامة التجارية الشهيرة ( صافى ) والادوات المنزلية، بالاضافة الى خدمات الأمن والحراسة والسفر والسياحة والطيران المدنى والكثير من الأسواق والمحلات التجارية، وغيرها من القطاعات الاقتصادية المهمة التى تمثل له ولأفراده مصدر عمل ودخل مادى ضخم جدا ..!!
* كل ذلك يفسر لنا لماذا ظل مبارك صامدا امام الضغوط الشعبية والخارجية التى طالبته بالتنحى عن الحكم، فهو ليس إلا واجهة فقط لحاكم أقوى هو الجيش المصرى الذى لا بد أن يرتب أمره بشكل جيد قبل أن يأتى بالبديل الذى يخلف مبارك ..!!
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات ,الاخبار و البيانات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام
أعلى الصفحة