مناوى من القصر الى أحراش الجنوب – ربح البيع !؟
الخميس 9/12/2010 م آدم خاطر
هكذا كان الأمل والرجاء فى عقد اتفاقيات السلام ومواثيقه أن تحقن الدماء وتوقف أصوات البنادق وتنتهى كل مظاهر الحرب وتبعاتها الى غير رجعة حتى تنعم البلاد بالأمن والطمأنينة والاستقرار ، ولكن أعداء الوطن فى حركات التمرد من تجار الحرب وسماسرتها فى بلادنا والاقليم أبوا الا أن تقلب هذه المعادلة ليكتوى المواطن بحرائقهم التى امتدت بالخراب والدمار والهدم الى الانسان والحيوان والمنشآت العامة وقطع الطريق والنهب والسلب والاغتصاب ، وتدبيج أفلام غريبة من داخل معسكرات اللجوء والنزوح لضحاياهم لم يعرفها تاريخ السودن فى كل الحكومات التى تعاقبت عليه ارضاءً لسادتهم !. السلام مهره التضحيات والتنازلات الكبيرة من قبل الدولة وقادتها ومواطنيها اقتساما للثروة والسلطة لأجل السلم والتعايش والوفاق الوطنى ، وعند قادة جحيم التمرد هو المكسب الشخصى والمال والجاه والمنصب والعشيرة ووالنجومية على جماجم وأشلاء الجثث التى تسقطها يد العمالة والاسترزاق غيلة وغدرا !.قيادة الدولة وحكومات الولايات يلزمها لمن ينهض بمهامها وواجباتها أن يكون من أهل الكفاءة والقدرة والخبرة فى ادارة شأن الدولة وتحقيق رغبات المواطن فى العيش الكريم وتوفير الخدمات الضرورية من صحة وتعليم ونهضة تنموية واصلاح المجتمع ، ومن له رؤية فى بناء الأوطان ومجابهة التحديات ، ولكن عبث السلام ومخرجاته قفز بخيارات عضال وقادنا الى هؤلاء الدهماء والسابلة وكأن رحم دارفور الخيرة لم تنجب غيرهم ، وهى تكتنز بالرموز والقادة من الساسة والاعلام من أهل السبق والتاريخ والصحائف الوضاءة علما ودينا وخلقا بعشرات الآلاف ، فغيب السلام هؤلاء وصعد على الرقاب أناس لا يملكون حتى أبسط المقومات التى يمكن أن تصلح للحكم والريادة فكانت المحصلة هذا الغثاء والابتزاز واللؤم والفوضى فى نشر السلاح والمحسوبية وتعطيل دولاب العمل التنفيذى وتبديد المال العام واستشراء الفساد ، والتراجع فى النهضة ورفع ما أشيع من تخلف وتنمية وتهميش حتى تجير مشروعية التمرد وجرائمه فى حمل السلاح لبلوغ الطموحات الذاتية !. قادة التمرد بحرائقهم لم يقف دمارهم لقضايا الأمن والسلم والاستقرار الداخلى فى رقعتهم ، بل امتد لبنيات البلاد التحتية وقتل انسانها وعطل برامجها ومضى للجوار والاقليم تخريبا للعلاقات الثنائية وتشويها لسمعة الوطن وتآمرا على مستقبلة فى الوحدة وسيادة أراضيه وتماسك النسيج المجتمعى فيه ، الى أن انتهى بنا الى ملفات دولية تحركها أيدى الصهاينة وكبريات مراكز الاستخبارات والكنائس العالمية فى أمريكا وأوربا عبر النشطاء ومجموعات الضغط التى تسمى نفسها متاجرة (معا لاجل دارفور أو انقاذ دارفور ) !.
على خطى السلام ومواثيقه سعت البلاد بجهدها ورؤاها وأرسلت فرق التفاوض المنتشرة ولجان الوساطات الداخلية ومؤتمرات الصلح الكثيفة ولقاءات زعماء العشائر والمجتمع المدنى فى دارفور ، وكل المساعى الاقليمية والدولية الخارجية عبر الرؤساء والزعماء والقمم والمبعوثيين الدوليين والمنظمات المشبوهة وكل ما تحمله الأمم المتحدة والاتحاد الافريقى والجامعة العربية ومنظمة المؤتمر الاسلامى ، جاب الناس البلاد وعواصم الاقليم وكبريات العواصم الغربية بحثا عن السلام واغلاقا لشرور الحرب ، فلم تجد من يحمل غاياته الكبار غير (مناوى ) وما انتهى اليه من رفعة وتتويج جالب للسخرية كرئيس للسلطة الاقليمية فى دارفور – ولقب كبير مساعدى رئيس الجمهورية !!؟. أكثر من علامة واستفهام أن يتمخض الجمل فيلد فأرا ، لأنه لم يكن بحجم دارفور الكبرى ومقدراتها وامكاناتها وتطلعات أهلها ، ولا هو بالذى يملك لنفسه شيئا وقد صعد نجمه فى غفلة من الزمان جراء التقاطعات والتدخلات الخارجية فى ادارة فتنة التمرد بين مصالح الأمريكان والأوربيين وتجار الحرب فى الاقليم وعلى رأسهم (القذافى) والكل يذكر مؤتمر حسكنيتة وما أوقعه من انشقاق رئيسى فى جسم حركة تحرير دارفور على يد مخابراته واقصاء عبد الواحد عشيق فنادق باريس وخيلاء اسرائيل ساركوزى ! لذلك كان السلام من يومه مبتسرا فى الرجال معدوما على مستوى الساحة ومن سيقومون بتنفيذه ، وكان حريا أن لا يجد مناوى نفسه وهو ينغلق بين أسرته ومعاونيه الذين ينقصهم الكثير ، فلم تسعد بمقدمه دارفور التى تعلم أن هذا الشاب لا يسع هذا الكرسى وقبيلته يتقاسمها دبى بارتباطاته وحرير بخلفيته السويدية و خليل الذى أوغل فى تشاد وسنده الخارجى والمؤتمر الشعبى ، ورهانه على دبى فى خطوط الامداد والدعم حتى سقط على يد رجال دبى فى مطار انجمينا كما رؤى قبل أشهر وظفرت به ليبيا التى سبق وأن قادته الى أم درمان فى 10 مايو 2005 م !.هكذا كان ميلاد السلام معطوبا من يومه والحركة الشعبية التى تبنت قادة حريق دارفور ومنحتهم الدعم والتأييد وقدمتهم للدول والحكومات ظلت تربط مصيرها بمصيرهم ورهانها الخاسر فى اسقاط الانقاذ وتمزيق البلاد باستمرار الخراب والدمار فى دارفور كى تتفرغ هى لمعركة الانفصال ثم تعاود الكرة من جوبا باعادة مجاميع حركات تمرد دارفور وترتيب بيتها الداخلى فيقضى على منبر الدوحة وينهدم السلام بالتزامن مع الانفصال وتستمر دائرة الشر والاستنزاف وتقطيع أوصال البلاد ، ليعود اليها مناوى بتنسيق اقليمى دولى طال ليبيا ويوغندا وكينيا وافريقيا الوسطى !. وقد هرب قبل هذا اليوم مناوى الى دياره وعشيرته وأعادته لقاءات فرنانديز القائم بالأعمال الأمريكى بالخرطوم الذى زاره وأقنعه بضرورة العودة لأن الانقاذ برأيه تحتضر وملف الجنائية يعد بعناية ، وسلام الجنوب يؤتى أكله برؤيتهم والانفصال واقع لا محالة !. المتمرد مناوى الذى تآمر على دارفور فقتل انسانها وخرب وشائجها وبدد طاقاتها وأموالها وأفسد سلامها عبر منصبه الرفيع الذى جعله فى مصاف الرؤساء والزعماء وعرفه بالسفارات والدول والحكومات والمنظمات وبات به رقما وقد كان صفرا كبيرا ، تماما كما فعل السلام بكثير من قادته الذين صعدوا عبر هرمه واكرامياته ، بات الآن غصة فى حلق السلام يهد أركانه ويتآمر على رئيسه ويفشى أسرار دولته ويلتقى بمن يريد من مبعوثى العالم واستخباراتهم من داخل القصر ومقار سلطته الوهمية بالخرطوم والولايات دون رقيب ودون أن يكتب محضرا عن لقاءاته أو يطلع عليها رئيس البلاد ، هكذا كان أركو مناوى يساعد الرئيس البشير ، ويقوم على أمر الحرب من باحة السلام وأريكته التى اعتلاها وهى دون قامته والكل يعرف من أين جاء وكيف جاء ومن هو وما حجمه وتاريخه !؟.
تسامحت الدولة وتساهلت باسم السلام ومن حظوا بمناصبه ، وتحملت منقصاته الكثر والفعال النكراء التى يقوم بها أمثال مناوى على هدى ما فعلته الحركة الشعبية وأبناء قرنق فى ايجاد حكومات ودول داخل الدولة الواحدة ، لترتبك المسيرة وتتعقد الأوضاع ويزداد الحريق كما طال القرى والفرقان بدارفور فى شعيرية وغيرها يمتد ليأكل أمدرمان كما فى حادثة ( المهندسين ) وكبير مساعدى الرئيس هو من وراء البلاوى والاحن التى تنخر فى كيان الدولة وتأجيج صراعاتها وقلب موازناتها القبلية ، حتى بلغنا ما يدبر الآن من جوبا عاصمة دولة الجنوب الموعودة وطموحات باقان – عرمان – ألور لمرحلة ما بعد الاستفتاء ، كان مناوى يظن بأن الدولة ستقف مكتوفة اليد مكسورة الجناح مترددة فى قراراتها وحبيسة الأوراق التى صعدت به والوعود الخارجية له كى يصبح الحاكم بأمر دارفور وفى ذات الوقت شوكة فى خاصرة السلام ، الى أن أطيح به دون اسف عليه ولا دمعة تزرف !. الذى جاء به السلام وغدر به قهو عدو البلاد ومقدراتها يعامل كما يعامل سماسرة الحرب وعتاة المجرمين لا تترك له الوظيفة ولا الأموال ولا يمنح هذه الفسحة فى الحركة والتقويض وحبس الأجهزة الأمنية والشرطية عنه ويده موغلة فى الدمار والقتل والتخريب وهو آمن وطليق !؟. القرارات التى صدرت بحق هذا المتمرد مناوى وهو يعزز ساحة الحرب من جوبا وان جاءت متأخرة كيفما كانت بواعثها ومن يقف وراءها بأمر حركته أم بتقديرات الدولة وسلطانها فهى مطلوبة وملحة ان كنا نبتغى سلما حقيقيا وأمنا للوطن وترابه وانسانه، لا تحتاج من رأس الدولة أن يبررها ويشرح أهدافها ومغازيها ومناوى ترى فعال خيانته للسلام الذى جاء به والتهم التى أسقطها عنه فيما يطلب البشير للمثول لدى الجنائية الدولية !. فهنيئا للشرتاي جعفر عبدالحكم إسحاق بن دارفور البار ، والي غرب دارفور مهامه التى تسلمها فى الخامس من ديسمبر بصورة رسمية كرئيس للسلطة الانتقالية لدارفور بدلاً عن رئيسها السابق منى أركو مناوي وذلك بموجب القرار الجمهوري الصادر من رئيس الجمهورية الذي قضى بتنصيبه في هذا المنصب. هكذا يعاد الدم لجسم اتفاق أبوجا الذى وقع مع مناوى منذ خمسة أعوام لكنه لم يعرف عنه سوى الشكليات والهالة الوهمية التى صنعها لنفسه وهو أبعد ما يكون عن أمن وسلم دارفور وسلامة البلاد واستقرارها !. .وعلى هديه اقصاء مناوى تمتد الرسالة الى عصابة الحركة الشعبية ان ظنوا أنهم امتلكوا ناصية الجنوب وانفردوا بحكمه وانفصاله وقضايا كأبيى وترسيم الحدود وغيرها عالقة ومحلها التسويف والمماطلة !. عودة مناوى لغابات الجنوب طبيعية وتليق بمقامه وقدراته ، لأن هذا هو كاره انتهى اليه باراداته وخياره لتنتهى مهازل السلام ولعبة (القيد حرن ) والترضيات غير المجدية ! . بقاء مناوى بالجنوب يجعله هو وقواته ان كانت وقادته الذين يتبعونه هدفا مشروعا للقوات المسلحة وأجهزتنا الأمنية ولاشك مصيره سيكون كما آل اليه حال كاربينو كوانين وهو يغادر مرافىء السلام ومطلوباته !. ورسالة أخرى من ابعاد مناوى تمتد الى الاقليم والدول الكبرى التى تقف وراء حرائق التمرد ومخططات تمزيق البلاد والاستراتيجيات العالمية فى المنطقة ، أن الدولة تمسك بزمام المبادرة وتعى أين تقف ومن تقاتل ومتى تتدخل وكيف دون أن يرمش لها جفن ، وما تفعله الشعبية وأبناء قرنق لتخريب السلام يفوق ما فعله مناوى وحركته أضعافا مضاعفة تلزمها خطى أخرى وجراحة عميقة لاشك أنها فى الطريق طالما يمضى السلام فى هذا النفق المظلم وهو فى نهاياته !؟. مغادرة مناوى لهبات السلام لا تحمل بطولية ولن تجلب له كرسيا وسيرا ورمزية كتلك التى وجدها بالقصر الجمهورى ان ظن أن صراع رموز الحركة الشعبية على السلطة ونهمهم على المال العام وطى المسافات لبلوغ الآمال أوفر من منافسة تجارة الحرب فى حريق دارفور من اقرانه هناك !. لفظ مناوى ولن يكون هنالك بواكى له بدارفور لاقالته من منصبه لأنه بلا رصيد ولا منجزات ولم يحقق هدفا واحدا مما أوكل اليه طيلة السنوات التى مضاها فى هذا المنصب الذى صمم خصيصا له على جهله ووضاعة امكاناته وخلفياته !. ترى كم ربحت الدولة ودارفور وسلام البلاد بهذا القرار الشجاع ، وكم خسر هذا المناوى بوعود وأمانى ستثبت الأيام أنها من الشطح والحماقة والسفه الذى لا محالة أنه سيورد صاحبه المهالك ، وأى مهلكة تلك التى أعادته من حيث أتى!!..
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات ,الاخبار و البيانات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام
أعلى الصفحة