صوت من لا صوت له وطن من لا وطن له
الصفحة الرئيسية  English
المنبر العام
اخر الاخبار
اخبار الجاليات
اخبار رياضية و فنية
تقارير
حـــوار
البوم صور
بيانات صحفية
اجتماعيات
مقالات و تحليلات
بريـد القــراء
ترجمات
قصة و شعر
مقال رائ
بقلم : حسن الطيب / بيرث
جنة الشوك بقلم : جمال علي حسن
بقلم :مصطفى عبد العزيز البطل
استفهامات بقلم: أحمد المصطفى إبراهيم
بقلم : آدم الهلباوى
بقلم : آدم خاطر
بقلم : أسامة مهدي عبد الله
بقلم : إبراهيم سليمان / لندن
بقلم : الطيب الزين/ السويد
بقلم : المتوكل محمد موسي
بقلم : ايليا أرومي كوكو
بقلم : د. أسامه عثمان، نيويورك
بقلم : بارود صندل رجب
بقلم : أسماء الحسينى
بقلم : تاج السر عثمان
بقلم : توفيق الحاج
بقلم : ثروت قاسم
بقلم : جبريل حسن احمد
بقلم : حسن البدرى حسن / المحامى
بقلم : خالد تارس
بقلم : د. ابومحمد ابوامنة
بقلم : د. حسن بشير محمد نور
بقلم : د. عبد الرحيم عمر محيي الدين
أمواج ناعمة بقلم : د. ياسر محجوب الحسين
بقلم : زاهر هلال زاهر
بقلم : سارة عيسي
بقلم : سالم أحمد سالم
بقلم : سعيد عبدالله سعيد شاهين
بقلم : عاطف عبد المجيد محمد
بقلم : عبد الجبار محمود دوسه
بقلم : عبد الماجد موسى
بقلم : عبدالغني بريش اللايمى
تراسيم بقلم : عبدالباقى الظافر
كلام عابر بقلم : عبدالله علقم
بقلم : علاء الدين محمود
بقلم : عمر قسم السيد
بقلم : كمال الدين بلال / لاهاي
بقلم : مجتبى عرمان
بقلم : محمد علي صالح
بقلم : محمد فضل علي
بقلم : مصعب المشرف
بقلم : هاشم بانقا الريح
بقلم : هلال زاهر الساداتي
بقلم :ب.محمد زين العابدين عثمان
بقلم :توفيق عبدا لرحيم منصور
بقلم :جبريل حسن احمد
بقلم :حاج علي
بقلم :خالد ابواحمد
بقلم :د.محمد الشريف سليمان/ برلين
بقلم :شريف آل ذهب
بقلم :شوقى بدرى
بقلم :صلاح شكوكو
بقلم :عبد العزيز حسين الصاوي
بقلم :عبد العزيز عثمان سام
بقلم :فتحي الضّـو
بقلم :الدكتور نائل اليعقوبابي
بقلم :ناصر البهدير
بقلم الدكتور عمر مصطفى شركيان
بقلم ضياء الدين بلال
بقلم منعم سليمان
من القلب بقلم: أسماء الحسينى
بقلم: أنور يوسف عربي
بقلم: إبراهيم علي إبراهيم المحامي
بقلم: إسحق احمد فضل الله
بقلم: ابوبكر القاضى
بقلم: الصادق حمدين
ضد الانكسار بقلم: امل احمد تبيدي
بقلم: بابكر عباس الأمين
بقلم: جمال عنقرة
بقلم: د. صبري محمد خليل
بقلم: د. طه بامكار
بقلم: شوقي إبراهيم عثمان
بقلم: علي يس الكنزي
بقلم: عوض مختار
بقلم: محمد عثمان ابراهيم
بقلم: نصر الدين غطاس
زفرات حرى بقلم : الطيب مصطفى
فيصل على سليمان الدابي/قطر
مناظير بقلم: د. زهير السراج
بقلم: عواطف عبد اللطيف
بقلم: أمين زكريا إسماعيل/ أمريكا
بقلم : عبد العزيز عثمان سام
بقلم : زين العابدين صالح عبدالرحمن
بقلم : سيف الدين عبد العزيز ابراهيم
بقلم : عرمان محمد احمد
بقلم :محمد الحسن محمد عثمان
بقلم :عبد الفتاح عرمان
بقلم :اسماعيل عبد الله
بقلم :خضرعطا المنان / الدوحة
بقلم :د/عبدالله علي ابراهيم
دليل الخريجين
  أغانى سودانية
صور مختارة
  منتدى الانترنت
  دليل الأصدقاء
  اجتماعيات
  نادى القلم السودانى
  الارشيف و المكتبات
  الجرائد العربية
  مواقع سودانية
  مواضيع توثيقية
  ارشيف الاخبار 2006
  ارشيف بيانات 2006
  ارشيف مقالات 2006
  ارشيف اخبار 2005
  ارشيف بيانات 2005
  ارشيف مقالات 2005
  ارشيف الاخبار 2004
  Sudanese News
  Sudanese Music
  اتصل بنا
ابحث

مقالات و تحليلات : مقال رائ : بقلم :مصطفى عبد العزيز البطل English Page Last Updated: Dec 25th, 2010 - 19:47:32


حديث الزوجات الخطرات: زوجة سلفا كير/مصطفى عبد العزيز البطل
Nov 24, 2010, 02:37

سودانيزاونلاين.كوم Sudaneseonline.com

ارسل الموضوع لصديق
 نسخة سهلة الطبع
Share
Follow sudanesewebtalk on Twitter

غرباً باتجاه الشرق

حديث الزوجات الخطرات: زوجة سلفا كير

مصطفى عبد العزيز البطل

[email protected]

----------------------

ما أجمل العلم، والعلم نور. وقد ازددت علماً فى يومى هذا فأمسيت وانا أعلم ما لم اكن أعلم. مما أفاء الله به عليّ من علم ان الفريق اول سلفا كير ميارديت النائب الاول لرئيس جمهوريتنا الفتية له زوجة يهودية. غير ان بعض التفصيلات غابت عن علمى. من ذلك: هل هى زوجة قديمة ام جديدة؟ وهى تفصيلات ليست على درجة عالية من الاهمية على أية حال. فاذا كانت زوجة قديمة فلا بأس، المثل العربى يقول: (القديمة تحلى ولو كانت وحلة). أما اذا كانت جديدة فالواجب يفرض علىّ ان ابادر بالتعبير عن التهنئة الخالصة لسيادة نائبنا الاول. واتمنى ان يبارك الرب زوجته اليهودية الجديدة، وان يجعل زواجه منها زواجا طيباً، دانى القطوف، ميمون الثمرات. وقد تعجبت كيف أن هذه المعلومة الاستراتيجية المغزى - اى معلومة زواج الفريق اول سلفا كير من امرأة  يهودية غابت عنى كل هذا الوقت، مع اننى رجل "شمشار" يحب "الشمار"، وأسماء واصول وخلفيات زوجات الرؤساء ونوابهم وجميع قادة الدولة وشاغلى مناصبها العليا منذ استقلال السودان وحتى اليوم تقع فى دائرة اختصاصى!

نبأ زواج الفريق اول سلفا كير من امرأة يهودية قرأته فى متن حوار اجرته المحررة الصحافية صباح موسى، مع القيادى الاسلاموى، الذى يتمتع بصفة "مفكر"، الدكتور حسن مكى، ونشره وسيط اعلامى يحمل اسم "افريقيا اليوم" وأعاد نشره موقع سودانايل الالكترونى. ولما كنت أعلم ان يهودنا الوطنيين قد هجروا السودان عن بكرة ابيهم خلال سنوات الخمسينات والستينات، فمن المؤكد ان زوجة سلفا كير أجنبية وليست سودانية. وقد عزز ذلك الاعتقاد عندى ما جاء فى متن الحوار المنشور تحت العنوان التالى: (مدير جامعة افريقيا العالمية د. حسن مكى يقول: أحدى زوجات سلفا كير يهودية وهذا خطر). ثم جاء ضمن ملخص مادة الحوار:(وقال مكى إن سلفا كير ميارديت رئيس حكومة الجنوب لديه زوجه يهودية، وان فى ذلك الخطر الحقيقى).

قرأت كل ذلك، ووقفت مثنى وثلاث امام الاوصاف الدراكونية التى اطلقها المفكر حسن مكى على زوجة سلفا كير وهى (خطر)، و(خطر حقيقى)، ثم قلت لنفسى: "الخطر برة وبعيد ان شاء الله". ما هو "الخطر" يا ترى فى زواج نائب رئيسنا من يهودية؟ منذ متى أصبح الزواج باليهوديات "خطراً" تُقرع له الاجراس؟ ونبينا الكريم عليه افضل الصلاة واتم التسليم قدوتنا فى الزواج من اليهوديات، وقد تزوج من صفية بنت حُيى: أبوها حُيي بن أخطب سيد يهود بنى النضير، ووالدتها برة بنت السموأل، ابنة سيد بنى قريظة، من ذرية نبى الله يعقوب.

أنا شخصيا عرفت وصادقت كثيرين متزوجين من يهوديات، خاصة فى الولايات المتحدة، ومنهم سودانيون، ولم يحدثنى اى من هؤلاء قط عن اى نوع من "الخطر" يتعرضون له، كما لم الحظ أنا اى "خطر" تشكله هؤلاء الزوجات على غيرهم. بل وعلى العكس تماماً، لقد رأيت خلال مسيرة حياتى سودانيين كثيرين جداً تزوجوا من سودانيات مسلمات، ثم أسرّوا لى بأنهم ظلوا يحسون بالخطر منذ اول ليلة فى زيجاتهم وحتى يومهم الماثل. من بين هؤلاء رئيس تحرير صحيفة سودانية أقنع زوجته الاسلاموية المسلمة، التى تزوجها قبل عقدين من الزمان بعد ملحمة حب متطاولة دارت رحاها بين جامعة الخرطوم ومعهد الموسيقى والمسرح، أقنعها قبل عامين بالسفر للتحضير للدراسات العليا فى ماليزيا حتى تزداد علماً، ثم ركب معها الطائرة واوصلها حتى باب كوالا لمبور. فلما عاد الى الخرطوم كان اول ما فعله هو ان اتصل بى هاتفياً ليقول لى: "الحمد الله، زال الخطر"!

وعلى ذكر زواح السودانيين والسودانيات من اليهود واليهوديات، و"الخطر" - الحقيقى او المتوهم - المترتب عليه، فقد قرأت مؤخراً حواراً نشرته صحيفة " السودانى" مع أمامة الترابى، صغرى كريمات الشيخ الدكتور حسن الترابى، أمّنت فيه على فتوى سابقة لوالدها حول جواز زواج المسلمة من كتابى وذكرت انها، من حيث المبدأ، لا تمانع فى الزواج من كتابى سواء كان مسيحياً او يهودياً. ومع ان الابنة الكريمة لا تزال متمسكة بموقفها، وهو موقف لا بأس به فى تقديرى طالما أنه يستند الى أرضية فقهية معتبرة، الا انها أبدت احتجاجها فى وقت لاحق على المنهج والاسلوب الذى عمدت اليه "السودانى" عند نشر الحوار، اذ لم ترع فيه وجه الله، بل راعت فقط - بحسب الابنة - وجه الاثارة الصحفية. غير أننى لم اقرأ او أسمع رأياً للدكتور حسن مكى حول الزواج الجدلى الافتراضى لابنة شيخه السابق من يهودى. ربما كان السبب هو ان مثل هذا الزواج لا يشكل "خطرا" حقيقياً يؤبه له، مثل زواج النائب الاول، فالابنة أمامة الترابى لا تتحكم فى موارد مياه النيل، وليس عندها نفط مثل سلفا كير!

وقد بدا الدكتور حسن مكى واثقاً تماما مما يقول - وهو ينهى الينا نبأ زواج سلفا كير - بصورة أوحت للقارئ انه ربما كان قد حضر بنفسه عقد قران النائب الاول، وشهد حفل زفافه من العروس اليهودية. والحال كذلك فاننى لم أعر اهتماماً كبيراً للافادات التى وردتنى من صديقى الكاتب الصحافى لوك داك، مستشارى الاول فى جميع الشئون الخاصة بجنوب السودان، بما فيها الشئون المتصلة بزيجات كبار السياسيين وطلاقاتهم. وكنت قد سألت لوك عن رأيه فى مضمون ما جاء فى تصريحات الدكتور حسن مكى فكانت اجابته: (الرئيس كير معروف بانه كاثوليكى ملتزم، وهو متزوج من امرأة واحدة فقط من قبيلة الدينكا. أنا لا اعرف من اين اتى حسن مكى بهذه المزاعم). ولكن موقفى من هذه الافادة فى التقويم النهائى يظل ثابتاً،  وهو ان ما يقوله الدكتور حسن مكى أثقل وزناً وأكثر سلطة وأكبر مصداقية مما يقوله لوك داك. لماذا؟ لأن الدكتور حسن مكى "مفكر"، يقضى وقته كله فى "التفكير"، ولذلك تأتيه مثل هذه "الافكار" الالمعية كزواج سلفا كير من يهودية، وما يشكله ذلك الزواج من خطر ينبغى علينا ان نتحسّب له. بينما صديقنا لوك داك ليس مفكراً، ولا يملك وقتا للتفكير، فهو يدير وكالة عقارية فى اطلانطا بولاية جورجيا، ويقضى سحابة يومه فى بيع وشراء المنازل. و"المفكر"، فى عقيدتى، أولى بالاتباع من غير المفكر. ثم من يدرينى ان لوك داك ليس متزوجاً هو نفسه - فى السر - من إمرأة يهودية خطرة؟!

من المفارقات المدهشة ان حوار الدكتور حسن مكى تزامن فى النشر مع مادة اخرى بسطتها وسائط اعلامية متعددة منسوبة الى وكالة شام برس وصحيفة "السفير" اللبنانية. تضمنت تلك المادة حواراً مطولاً مع السيد / آدم بشر، ممثل حركة تحرير السودان - جناح عبد الواحد محمد نور - فى العاصمة الاسرائيلية تل أبيب. وقد قدمت الصحيفة مادتها الحوارية على النحو التالى:(لم يعد آدم بشر ممثل حركة تحرير السودان فى تل أبيب يخجل من المجاهرة بالعلاقات الوطيدة مع اسرائيل، وباللجوء اليها لنصرة حركته ضد نظام الرئيس السودانى عمر البشير). ونسبت الصحيفة اللبنانية الى ممثل الحركة الدارفورية فى تل أبيب، الذى ذكرت انه يعمل حالياً فى قسم الدراسات الدبلوماسية والاستراتيجية بجامعة هرتسيليا، قوله: (إن لأهل دارفور الحق فى أن يقرروا ما اذا كانوا يريدون العيش مع شمال السودان ام لا. ثم أن دارفور كانت كياناً مستقلاً عن السودان قبل الحرب العالمية الاولى، وبريطانيا هى التى ضمتها الى السودان عام 1916، وكان ذلك انضماماً قسرياً بعد قتل آخر سلطان دارفورى). وقد استفاض السيد/ آدم بشر فى تبيان عمق ومتانة الصلات التاريخية التى تربط اهل السودان باليهود فذكر:(ان علاقات أهل السودان باليهود قديمة، فقد تزوج نبي الله موسى امرأة سودانية كوشية. كما سارت جيوش الفاتح السوداني ترهاقا، استجابة لدعوة من احد أنبياء اليهود لتخليص القدس الشريف من قبضة الآشوريين بقيادة سارهدون الثاني. وظل السودانيون على الشريعة الموسوية إلى أن ذهب في خلال عهد المملكة المروية وزير مالية الكنداكة، ملكة مروي، إلى المسجد الأقصى للزيارة والحج. وهناك قابل حواري المسيح فيليبس، وخلصه من جلاديه، كما اعتنق وزير الكنداكة تعاليم العقيدة المسيحية والتي توطنت في السودان بعد قرون من ذلك. وقد شاع في الأدبيات اليهودية أن مملكة مروي فتحت المجال للعمال اليهود للعمل كفنيين واختصاصيين في صهر الحديد، حتى أصبحت مروي برمنغهام أفريقيا في تلك العصور السحيقة. ونحن نؤكد أن إسرائيل موجودة في السودان منذ القدم، ومن المعروف قبل مجيء الإسلام والمسيحية أن أهل السودان كانوا يهودا، وأن الدليل على ذلك تشابه الأسماء والعادات والتقاليد).

ولو صح ان موسى، نبى بنى اسرائيل - عليه السلام - شخصياً كان قد تزوج من سودانية، كما انبأنا ممثل حركة عبد الواحد الدارفورية، فلا حجة للمفكر حسن مكى اذن فى الاعتراض على زواج النائب الاول سلفا كير من يهودية. اليهود - كما السودانيون - يمارسون زواج البدل. وأغلب الظن ان يكون النائب الاول قد قرر ان يرد على بادرة سيدنا موسى الطيبة بمثلها او بأحسن منها، فيغطى ماعوناً لموسى فى الزمان الحاضر، بعد ان غطى لنا موسى ماعونا فى الزمان الغابر!

لا تظنن - هداك الله - أننا نكتب هذا الذى نكتب هازئين أو هازلين. ولكن بعض ما نسمع ونقرأ يحيّر ألبابنا فتختلط الامور علينا فما نعرف جدها من هزلها.  لم يقل الدكتور حسن مكى ان سلفا كير متزوج بمواطنة اسرائيلية لها علاقات مرصودة مع حكومة تل أبيب، وان اسرائيل لها مواقف استراتيجية متناقضة مع مصالح السودان العليا وهنا مكمن الخطر (مع ان هذا الزعم نفسه يحتاج الى اثبات، لأنه لا أحد يعرف حتى الآن على وجه التحقيق ما هى بالضبط مصالح السودان العليا؟)، ولكن حسن مكى قال فقط عن الزوجة انها "يهودية"! الذى نخشى ان نقوله هو ان مثل هذه المقولات تسئ الى اصحابها فى المقام الاول، بل انها تنال من كفاءاتهم الفقهية و وصلاحياتهم الفكرية، قبل ان تلقى برشاشها على المعنيين بالادعاء. الثابت انه ليست هناك حواجز دينية او وطنية تجعل من زواج السودانيين باليهوديات شأناً منكوراً. الاسلام شديد الوضوح فى ان اليهودية دين معترف به وبأنبيائه، وان اتباعه يدخلون فى زمرة "أهل الكتاب" الذين احل الله للمسلمين مؤاكلتهم ومعاملتهم والزواج منهم. فاذا جاز ذلك للمسلم، ففيم الحجر على رجل مسيحى مثل سلفا كير؟! وقد عاش اليهود فى السودان حقباً متطاولة، فلم ير السودانيون منهم الا كل خير. بل ان بعض هؤلاء اليهود تتردد اسماؤهم عبر صفحات مشرقة فى كتاب تاريخنا المعاصر، إذ لعبوا ادواراً باهرة فى مسار الحركة الوطنية السودانية، مثل السيد ابراهيم اسرائيل.

ومن محاسن الصدف ان جريدة "الأحداث" خصصت صفحة كاملة من عددها الصادر فى السادس من الشهر الحالى لالقاء ضوء كثيف على تاريخ ودور اليهود فى السودان. وفى تلك المادة الخصيبة، التى أعدها المحرر أمير آدم حسن، تقرأ تفصيلاً لهجرات اليهود الاولى للسودان والمناطق التى استقروا فيها، وأسماء رؤوس الأسر الكبيرة، والمناشط الاقتصادية والانتاجية التى تخصصوا فيها، والفعاليات الاجتماعية والثقافية والرياضية التى انخرطوا فى اسلاكها وبرعوا فى ميادينها. واتخاذ الديانة اليهودية معرة، وتصوير النسب اليهودى على انه مسبة، وتوظيف ذلك كمادة للتشهير السياسى والاجتماعى ربما جاز ان يُقبل من ضابط جهول مثل المغفور له الرئيس السابق جعفر نميرى، الذى غضب من شاعر فطحل ودبلوماسى سودانى رفيع، وشقيقته السياسية المعارضة لنظامه فصرح لصحيفة اجنبية فى وارد الاساءة اليهما والى اسرتهما أنهما ينحدران من سلالة يهودية. أما أن تأتى المسبة والتخويف والتلويح بالخطر من شخصية تحمل لقب "مفكر" فمحنةٌ لا تدانيها محنة!

ومن عجب ان الدكتور حسن مكى يجد فى زواج الفريق اول سلفا كير من يهودية ما يستوجب التنديد ولفت الانظار، فلا يستنكف، ولا يبخل عليه بصفات مثل "خطر" و"خطر جدا"؛ ودونه وامام عينيه الرهط من اهل دارفور وقد لجأوا الى اسرائيل، زرافاتٍ ووحدانا، واستعصموا بأرضها، واتخذوا منها خدناً وحليفاً فى معركتهم لطلب الاستقلال ورد المظالم. ولو كنت فى جلباب حسن مكى لالقمت فمى لسانى ولزمت الصمت المطبق، وائتزرت إزار الحياء، وارتديت رداء الخيبة، من قمة رأسى حتى اخمص قدمى: أبناء وبنات دارفور، قلعة الاسلام وبلد القرآن، التى اشتهرت فى تاريخ الخلافة العثمانية بأن كسوة الكعبة المشرفة كانت ترسل من حاضرتها فى قوافل مهيبة كل عام الى مكة المكرمة، والتى حفر سلطانها علي دينار على نفقته الخاصة الآبار المعروفة باسم آبار علي، قرب مسجد الميقات فى المدينة المنورة، عندما زار المدينة قبل قرن من الزمان ورأى حالة العوز والمعاناة التى كان يعيشها اهلها، هؤلاء الرهط من أبناء وبنات دارفور  يلجأون الى اسرائيل عياناً بياناً، ويلوذون بحماها، ويستظلون بعلمها، فلا يقلقنى كل ذلك، ولا ارى الخطر الا فى زواج سلفا كير ميارديت - المسيحى الكاثوليكى - من يهودية؟!

من جانبنا فاننا نرجّح - كون الحوار مع الدكتور حسن مكى اضطلع به وسيط اعلامى مصرى - ان الرسالة حول زواج النائب الاول من يهودية ربما كانت موجهة بالأساس الى المتلقى المصرى. ومن عادات الاسلامويين السودانيين الراسخة انهم لا يكفون عن التلويح بفزاعة اليهود كلما خاطبوا مصر دولةً وشعباً. وقد تناولنا من قبل تصريحات سابقة لرئيس البرلمان السودانى الاستاذ احمد ابراهيم الطاهر لصحيفة "المصرى اليوم" القاهرية، جاء فيها (ان انفصال جنوب السودان معناه ان تسيطر اسرائيل على الف كيلومتر من مياه النيل). ونحن وغيرنا يعلم، بطبيعة الحال، ان الدوافع الحقيقية الرابضة وراء هذا المنهج الترهيبى انما تدور فى مدار الرغبة المستعرة فى التأثير على مراكز صناعة القرار فى مصر، من منطلق ان استراتيجية الامن القومى المصرى ترتبط اوثق رباط بالامن القومى السودانى، على ظنٍ من الوهم أنّ مصر - تحت ظلال هذا النوع من الاشارات والنذارات  قد تسارع فى اظهار بعض الهمة باتجاه توظيف ثقلها الاقليمى والدولى للحيلولة دون انفصال جنوب السودان. ونظن بأنه قد آن الأوان لقيادات الاسلامويين ان تكف عن التلويح بفزاعة اليهود واسرائيل بعد ان جفت الاقلام وطويت الصحف، واطلق الحكم صافرة النهاية، ولم يتبق على قيام الاستفتاء على تقرير المصير لشعب الجنوب سوى اسابيع معدودات.

الذى عليه السواد الأعظم من المراقبين هو ان انفصال الجنوب قد اصبح فى واقعنا السياسى المعاش حتماً مقضياً. ونحن نزعم أنه عندما يأتى الوقت ليدوّن المؤرخون الأسباب والعوامل المتضافرة وراء نكبة الانفصال، فمن المؤكد ان النمط الذى ظل يمثله الدكتور حسن مكى وأضرابه من "المفكرين" السودانيين فى النظر الى الانسان الجنوبى سيكون فى طليعة العوامل الرابضة فى قلب النكبة. هذا النمط الذى لا يجد بأساً من التعبير العلنى عن فهومات وقناعات داخلية متوارثة مؤداها ان الجنوبى، حتى لو ارتفع قدره وعلت مكانته، يظل هو نفسه: ذلك الكائنً خفيف العقل عليل الوجدان ضعيف الملكات، الذى يمكن ان يتحول وفى لمح البصر الى أداة فى يد امرأة تلعب به وتقود خطاه كما تشاء!

 

نصوص خارج السياق

 

"سألني حسن مكي مرة في مستشفى سجن كوبر حيث كنا معتقلين، هل أفكر في الموت؟ قلت أحيانا فهو لا يشغلني كثيرا فأنا أفكر في الحياة أكثر. قال لي ما الموت؟ قلت من ناحية بيولوجية هو إختلال في عملية الميتوبوليزم. قال ماذا بعد الموت؟ قلت يتحلل جسم الإنسان ويصبح جزءاً من دورة الحياة لأحياء أخرى. قال إذن لماذا تضيع وقتاً في النضال؟ قلت أنا لا أريد جزاءً ولا شكورا، وأفعل ما أعتقد أنه ضروري لتحقيق إنسانيتي. قال الحوار معك مستحيل! وفضيناها سيرة من وقتها. ما زلت أرى أن وطناً يحتاج للتضحية في العمل العام يظل وطناً متخلفاً. أن التضحية بالحياة تفرضها الأنظمة الديكتاتورية وليست خيارا للمناضلين، ولكن الشخص عندما يواجه سؤالا صعبا حول أن يكون ذاته أو لا يكون قد يختار الصمود حتى الموت".

( مقتطف من مداخلة للقيادى الشيوعى الدكتور صدقى كبلو فى حوار الكترونى بعنوان: "ماذا نصنع بالشهداء؟")

 

نقلا عن صحيفة "الاحداث" - 24/11/2010

 

 

 

 

 


مقالات سابقة بقلم :مصطفى عبد العزيز البطل
ارشيف الاخبار ,البيانات , مقالات و تحليلات من 14 مايو 2010 الى 05 سبتمبر 2010
ارشيف الاخبار ,البيانات , مقالات و تحليلات من 14 سبتمبر 2009 الى 14 مايو 2010
ارشيف الاخبار ,البيانات , مقالات و تحليلات من 16 ابريل 2009 الى 14 سبتمبر 2009
ارشيف الاخبار ,البيانات , مقالات و تحليلات من 24 نوفمبر 2008 الى 16 ابريل 2009
ارشيف الاخبار ,البيانات , مقالات و تحليلات 2007

© Copyright by SudaneseOnline.com


ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات ,الاخبار و البيانات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام

أعلى الصفحة



الأخبار و الاراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

Latest News
  • Sudan's Abyei region awash with arms and anger
  • Military Helicopter Crash Kills Five in Darfur, Sudan Army Says
  • SUDAN: Lack of justice "entrenching impunity" in Darfur
  • The National Agency for Securing and Financing national Exports pays due attention to Nonpetroleum Exports
  • Vice President of the Republic to witness the launching of the cultural season in Khartoum state
  • Youth creative activities to be launched under the blessing of the president, Tuesday
  • Sudan's gold rush lures thousands to remote areas
  • South Sudan faces precarious start
  • Aid workers taken hostage in Darfur freed: U.N.
  • 19 People Killed In Clashes In Sudan's South Kordofan State
  • Headlines of major daily news papers issued in Khartoum today Thursday the 14th of April 2011
  • Minister review with Indonesian delegation Sudanese Indonesian petroleum cooperation
  • Bio-fuel experimental production launched in Sudan
  • Center for Middle East and Africa's Studies organizes a symposium on intelligence activities in Sudan
  • South Sudan Activists Say : Women Need Bigger Role
  • 'One dead' as army helicopter crashes in Khartoum
  • Vice President receives new Algerian ambassador the Sudan
  • A training military plane crashes killing one of the three crew on board
  • Headlines of major daily papers issued in Khartoum today Wednesday the 13th of April 2011
  • Minister of Defense announces some precautious measures to secure Port Sudan
  • Industry Minister Meets Ambassadors of Central Africa, South African Republic
  • Sudan has 'irrefutable proof' Israel behind air strike
  • Taha Affirms Government Concern over Youth Issues
  • Headlines of major news papers issued in Khartoum today Monday the 11th of April 2011
  • NCP: statements by the US Secretary of State and the new envoy an attempt to justify the American hostility
  • Two Sudan papers stop publishing, protest censorship
  • Helicopters, tanks deployed in volatile Sudan area
  • State minister at the ministry of oil meets the delegation of the Gulf company for metal industries
  • Headlines of major daily news papers issued in Khartoum today Sunday the 10th of April 2011
  • Ministry of Foreign Affairs: Sudan possess solid proof of Israeli involvement in the aggression on the country
  • Defense Minister visits Port-Sudan
  • Somali pirates hijack German vessel
  • Family denies assassination of key Hamas figure in Sudan
  • President Al-Bashirr, First VP Kiir Agree to Implement Agreement on Security Situation in Abyei as of Friday
  • DUP Denounces Israeli air strike on Port Sudan Vehicle
  • SBA Calls for especial Economic Relations with South Sudan State
  • Sudan-Brazil Sign Animal Wealth Protocol
  • Netanyahu vague on Sudan strike
  • seven Killed In New Clashes In South Sudan
  • Sudan's government crushed protests by embracing Internet
  • Hamas official targeted in Sudan attack, Palestinians say
  • بقلم :مصطفى عبد العزيز البطل
  • عن خيبة المحصول الاسلاموى وبواره...الشرائع والذرائع: سمسم القضارف وشريعتها/مصطفى عبد العزيز البطل
  • بيني وبين جهاز الأمن والمخابرات/مصطفى عبد العزيز البطل
  • مرحباً برئيسنا الجديد جمال مبارك/مصطفى عبد العزيز البطل
  • حديث الزوجات الخطرات: زوجة سلفا كير/مصطفى عبد العزيز البطل
  • الشوش- منصور خالد وبالعكس/مصطفى عبد العزيز البطل
  • حسنين والميرغنى والجبهة العريضة لاسقاط النظام/مصطفى عبد العزيز البطل
  • أمريكا شيكا بيكا: الانفصال والهاجس الامريكى!/مصطفى عبد العزيز البطل
  • سنوات النميري: الصياغة القلندرية للتاريخ (4-4)./مصطفى عبد العزيز البطل
  • سنوات النميري: الصياغة القلندرية للتاريخ (3)/مصطفى عبد العزيز البطل
  • سنوات النميري: الصياغة القلندرية للتاريخ (2)/مصطفى عبد العزيز البطل
  • سنوات النميري: الصياغة القلندرية للتاريخ (1)/مصطفى عبد العزيز البطل
  • السقوط من النظر: محاولة للتنظير! مصطفى عبد العزيز البطل
  • عادل حمودة والسودان.. والمهلّبية!/مصطفى عبد العزيز البطل