البجـا والجـبهة العـريضة ..
د. ابومحـمد ابوامـنة
ناشدت قيادة مؤتمر البجا في بيانها الاخير بسودانيزاونلاين كل جماهير الشرق في احزابها وكياناتها السياسية المختلفة ومنظمات المجتمع المدني للانخراط فى الجبهة الوطنية العريضة دون تردد. فقد تدارست قيادة النتظيم كل المآلات والنكوص الذي اصاب نشاط مؤتمر البجأ منذ التوقيع علي اتفاق الشرق عام 2006. بالرغم ان ذلك الاتفاق جاء خاويا تماما من مطالب اهل الشرق التاريخية, الا انه كان هناك بصيص من الامل لتحقيق بعض المطالب البسيطية كاستيعاب جيش البجا في القوات المسلحة, واعادة النازحين الذين تأثروا بويلات الحرب الي قراهم بعد تأهيلها, وحفر آبار الشرب. الا ان المؤتمر الوطنى فشل حتي في تنفيذ تلك المطالب البسيطة, وتنصل من كل تعهداته بتحقيق حياة افضل لاهل الشرق. لقد ظل مقاتلو جيش مؤتمر البجا عطالي يتسكعون في المقاهي, كما ظل المواطنون المهجرين قسريا مهملين في العشوائي حول المدن الكبيرة ككسلا وبورتسودان, تفتك بهم الامراض والمجاعات, وفقد اطفالهم المدارس والخلاوي التي اعتادوا عليها, ونفقدت بهائمهم.
لم ينل الشرق شيئا من موارده الطبيعية فوق سطح الارض وباطنه من الذهب وغيره من المعادن ومن موارد الميناء والجمارك والخطوط العابرة والمطارات والسياحة. كان يجب علي سلطة الانقاذ الاجرامية ان تعامل اهل الشرق نفس المعاملة التي عاملت بها الحركة الشعبية فى إتفاق نيفاشا بان تعطي للشرق نصف موارده. الا ان السلطة اصرت علي مواصلة مص دماء اهل الشرق, ظانة انهم سيسكتون عما يجري.
وما يسمي بصندوق تنمية واعادة اعمار الشرق صار اضحوكة, فاي انجاز بربك حقق هذا الوهم؟ بالامس قال السيد صلاح باركوين القيادي, المعروف بمؤتمر البجا, انه لم يحقق اي انجازات. وقبله بعام أكد النائب صالح حسب الله ان هذا الصندوق لم يصرف تلك الدولارات, التي يتحدث عنها المسئولون, لمصلحة البجا. لكن لا احد يستطيع ان ينكر بان رجال الصندوق استأجروا الفلل الفخمة ذات الحدائق الفيحاء وفي ارقي احياء الخرطوم, واشتروا العربات المكندشة, وأتوا بالسكرتيرات الموهوبات, وبالكمبيوترات والانترنت لزوم التسلية, ونظموا بدل السفريات والسكن في ارقي اللوكوندات, وورش العمل ودراسات الجدوي.. وهاك هاك يا بلع. قالوا انهم صرفوا مئات الآلاف من الدولارات, لا ننكر ذلك, فقد ذهبت الي الجيوب وليس الي البطون الخاوية. تم صرف المبلغ خارج بنود التعمير واعادة البناء. لم ينجز الضندوق مشروعا واحدا يقنع جماهير الشرق بمصداقيته, مثلا اعادة تأهيل المشاريع الزراعية, توفير مياه الشرب, العناية بصحة البيئة, رعاية صحة الامومة والطفولة, اعادة النازحين الي قراهم.
لقد تبددت اموال الصندوق مع إستفحال الفساد وغياب الشفافية واستبعاد الأوفياء من ابناء الشرق من مراكز القرار.
هذا هو نفس المصير الذي ينتظر اموال المانحين التي يتوقع تدفقها بعد انعقاد مؤتمر اركويت لتنمية الشرق في الشهر القادم. لقد بدء لعابهم يسيل منذ الآن.
فيما يختص بملف السلطة فبينما انتزع الجنوبيون في نيفاشا حقهم في المشاركة في السلطة المركزية والاقليمية, وان جاءت المشاركة المركزية كديكور, الا انهم استطاعوا ان يحكموا انفسهم بانفسهم, بينما في الشرق اكتفى الحزب الحاكم بتعيينات لبضع مناصب دستورية بدون صلاحيات, ووزيرهنا وهناك لقبض المرتب, ونواب في البرلمان. ارضت هذه الاغراءات بعض ضعفاء النفوس, فقبلوا المال والمنصب, وصاروا كقطع شطرنج تحركهم الانقاذ كما شاءت. نسوا الاهل والمعاناة ودم الشهداء .. دم لبسوي والرفاق, نسوا دك القري علي الحدود وقتل الابرياء بالطائرت وبالقنابل والراجمات, نسوا تضحيات جيش البجا علي الحدود الشرقية.
لقد دفعت الانقاذ بهم لافتعال الفتن والنزاعات بين القبائل ولزرع الفرقة والشتات وخراب النسيج الأجتماعى لتستمر سيطرة المؤتمر الوطنى علي شرق السودان, وظنت الانقاذ ان اهل الشرق سيتشاجرون, ناسين مطالبهم التاريخية. الا ان ذلك الحلم لم يتحقق. فقبائل الشرق اوعي من ذلك بكثير, وفوتت عليهم اللعبة.
لقد أكدت قيادة مؤتمر البجا في بيانها ان التدهور اصاب كل اوجه الحياة وإزداد الفقر والمرض ولم يطرأ اى تغيير إيجابى يذكر يقنع جماهير الشرق بإيجابيات السلام ووعود السلام والرخاء, بالرغم من ان الإقليم الشرقى يستخرج ويصدر الذهب بالاضافة لتصدير البترول والثروة الزراعية والحيوانية من موانى الشرق والسياحة والخطوط العابرة.
لقد برهت اتفاقية الشرق علي فشلها عبر السنين, ولذلك قررت قيادة المؤتمر الخروج من إتفاقية الشرق وتعاهد الشعب علي مواصلة النضال لإنتزاع الحقوق المشروعة وبناء الاقليم الشرقي الموحد تحت ادارة ابنائه المخلصين تحت مظلة سودان ديموقراطي فيدرالي يتم فيه التوزيع العادل للثروة والسلطة دون اجحاف لاي قومية.
ان جماهير الشرق وجماهير دارفور وجبال النوبة وكردفان والانقسنا وكادحي الشمال تعاني من نفس المشاكل والظلم والاهمال, ومن الصعب ان تحقق اي فئة مطالبها طالما بقوا مبعثرين ومتشتترين, ففي الوحدة قوتنا. هذا النظام الجائر لا يمكن ان يثبت عندما تتوحد جموع الكادحين وتنهض للنضال للاطاحة به.
إن برامج الجبهه الوطنية العريضة, الذي شارك مؤتمر البجا في وضعه, يلبى تطلعات شعبنا في حياة كريمة. فقد وضعت جبهتكم العريضة إزالة النظام الشمولى وتطبيق النظام الفيدرالى, وتحقيق التنمية العادلة مع اعطاء اولوية للمناطق التى تأثرت بالحروب والصراعات والمناطق المهمشة, علي راس اجندتها, كما تلتزم الجبهة باشراك كل الاقاليم في السلطة المركزية وفي اقتسام الموارد دون اجحاف. وقالت ان المواطنين سواسية, مهما اختلف اللون او الدين او القبيلة, وتنادي الجبهة بتحرير الاراضي المحتلة في مثلث حلايب والفشقة.
ان هذا البرامج يلبي تماما تطلعات اهل الشرق.
فلذلك اهل الشرق سيشكلون جزء اساسي من هذا التنظيم الشامخ الذي ولد باسنانه. فلنتكاتف ونتوحد ونعمل سويا للاطاحة بهذا النظام الغاشم المستبد.
وبذلك نضع حدا لنهب ثرواتنا من موارد الميناء والخطوط العابرة والذهب والسياحة ونقضي علي المجاعات المزمنة وظواهر ضعف الدم وسؤ التغذيه والأمراض المعدية, وعلي كل آثار التهميش والتخلف والجهل.
فلنتقدم في اصرار وعناد لدك نظام الجبروت والطغيان ولبناء سودان جديد تعم فيه الديموقراطية والحرية والعدالة والرخاء وتنتهي فيه مظاهر العنصرية والاستعلاء والاذلال ومص الدماء.
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات ,الاخبار و البيانات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام
أعلى الصفحة