اولياء الله بين الاعتقادات الشعبيه و التصور القرانى
د.صبري محمد خليل/ استاذ بجامعه الخرطوم [email protected]
الولايه لغة : لها معنيان: المعنى الأول القرب (قال ابن فارس:الواو واللام والياء أصل صحيح يدل على قرب . من ذلك الولْي : القرب . يقال : تباعد بعد ولْي ، أي : بعد قرب )( معجم مقاييس اللغة : 6/141) . والمعنى الثاني النصرة (والوَلاية : النصرة ، والوِلاية : تولي الأمر ) ( مفردات ألفاظ القرآن ، للراغب الأصفهاني ، ص 885).
الولاية اصطلاحا: علاقة مضمونها القرب والنصرة، بين طرفين هما العبد وربه، فهي من جهة العبد التزام بشروطها الذاتية (التي عبر القران عن جملتهابالأيمان)والموضوعيه(التي عبر القران عن جملتها بالتقوى)، ومن جهة الله تعالى وعد بنفي الخوف والحزن،والبشرى في الدنيا والاخره. قال تعالى( أَلا إنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ * الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ * لَهُمُ البُشْرَى فِي الحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ لا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الفَوْزُ العَظِيمُ ) [يونس : 62 - 64] .
أقسام الولاية: وللولاية قسمان:
ولاية خاصة: وهى علاقة قرب ونصره بين الله تعالى وفرد معين ، وهذا القسم من أقسام الولايه يكون بواسطة الوحي، و يستلزم العصمة، وهو مقصور على الأنبياء والرسل، وبالتالي فانه بختم النبوة وانقطاع الوحي بوفاة الرسول (ص) انتهى هذا القسم من أقسام الولايه.
ولايه عامه: وهى علاقه قرب ونصره بين الله تعالى ومن التزم بشروط الولايه(الذاتيه والموضوعيه) بدون تعيين، لعموم الخطاب القرانى الى الالتزام بشروط الولايه(الايمان والتقوى) ،يقول ابن كثير في تفسير الايه( يُخْبِر تَعَالَى أَنَّ أَوْلِيَاءَهُ هُمْ الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ كَمَا فَسَّرَهُمْ رَبّهمْ فَكُلّ مَنْ كَانَ تَقِيًّا كَانَ لِلَّهِ وَلِيًّا). ... ويقول الطبري( وَالصَّوَاب مِنْ الْقَوْل فِي ذَلِكَ أَنْ يُقَال : الْوَلِيّ , أَعْنِي وَلِيّ اللَّه , هُوَ مَنْ كَانَ بِالصِّفَةِ الَّتِي وَصَفَهُ اللَّه بِهَا , وَهُوَ الَّذِي آمَنَ وَاتَّقَى , كَمَا قَالَ اللَّه { الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ ). وهذا القسم من اقسام الولايه لا يكون بواسطه الوحي ، بل بالالتزام بالوحى .ولا يستلزم العصمة إنما العدالة . لان الوحى والعصمه مقصوران على الرسل والانبياء. وتتفاوت درجات الولايه العامه. مع اختصاص الصحابه(رض) فى الامه المحمديه باعلى هذه الدرجات لقربهم من الرسول(ص)،ولشهادة القران لهم بالولاية..
وقد اختلف العلماء في من تنطبق عليه صفه الولاية العامه يقول الإمام الطبري( وَاخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِيمَنْ يَسْتَحِقّ هَذَا الِاسْم , فَقَالَ بَعْضهمْ : هُمْ قَوْم يُذْكَر اللَّه لِرُؤْيَتِهِمْ لِمَا عَلَيْهِمْ مِنْ سِيمَا الْخَيْر وَالْإِخْبَات ... وَقَالَ آخَرُونَ فِي ذَلِكَ بِمَا حَدَّثَنَا أَبُو هَاشِم الرِّفَاعِيّ ... : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " إِنَّ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ عِبَادًا يَغْبِطُهُمْ الْأَنْبِيَاءُ وَالشُّهَدَاءُ " . قِيلَ : مَنْ هُمْ يَا رَسُول اللَّه , فَلَعَلَّنَا نُحِبّهُمْ ؟ قَالَ : " هُمْ قَوْم تَحَابُّوا فِي اللَّه مِنْ غَيْر أَمْوَال وَلَا أَنْسَاب , وُجُوههمْ مِنْ نُور , عَلَى مَنَابِر مِنْ نُور , لَا يَخَافُونَ إِذَا خَافَ النَّاس , وَلَا يَحْزَنُونَ إِذَا حَزِنَ النَّاس... )،ويمكن رفع هذا الاختلاف بتقرير أن للولاية العامه أقسام متعددة، فهناك ولايه العلم وولاية الحكمة وولايه الحق....
حول مفهوم ختم الولاية: و الولاية الخاصة ختمت بوفاة الرسول(ص) لأنها هي النبوة ، أما الولاية العامة فتختم بقيام الساعة بوفاة أخر مسلم التزم بشروطها من إيمان وتقوى ،أما قبل ذلك فلا يصح القول بختم الولاية العامة. إلا إذا حمل هذا القول على معنى مجازى كالاعتقاد بعض المسلمين الظني( لا اليقيني) بان مسلم معين، قد بلغ درجه عالية من درجات الولاية العامة، في مجال معين ،بحيث يصعب على غيره بلوغ هذه الدرجة أو تجاوزها(دون أن يعنى هذا استحالة أن يبلغ غيره هذه الدرجة أو يتجاوزها )، أو اعتبار أنصار مذهب اسلامى معين أن مؤسس المذهب هو أعلى علماء المذهب درجه لأنه واضع أصوله( دون أن يعنى هذا عدم ظهور علماء آخرون بعده(أدنى درجه) يجددون هذا المذهب طبقا لذات هذه الأصول ، أو عدم ظهور مذاهب اسلاميه أخرى في ازمنه أو أمكنه أخرى). فهو خلاف المعنى الحقيقي المذكور سابقا الذي لا يصح حمل معنى ختم الولاية العامة عليه.
شروط اطلاق صفه الولايه : يترتب على ما سبق انه إذا كان من الجائز أن نطلق صفه الولايه العامة على من علمنا بالتزامه بشروطها، فانه لا يجوز أن تطلق على وجه اليقين، لان علمنا محدود بالظاهر(العمل) لا يتجاوزه إلى الباطن(النية) الذي ينفرد بعلمه الله تعالى ذو العلم المطلق ،و انه إذا كان من الجائز أن تطلق صفه الولايه العامة على كل من التزم بشروطها فانه لا يجوز أن تطلق عليه وجه الانفراد فتكون مقصورة عليه دون غيره
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات ,الاخبار و البيانات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام
أعلى الصفحة