|
معركة النجف ، نكبة الشيعة ....................... سعد محيو
|
معركة النجف: حرب فاصلة؟ .......................... سعدمحيو
(1)
ثلاثة أبعاد كبرى لمعركة النجف الكبرى:
بعد دولي. فهي جزء لا يتجزأ من معركة الانتخابات الامريكية.
بعد اقليمي، بكونها امتدادا للمجابهة الامريكية - الايرانية، والاقليمية - الايرانية، على أرض العراق.
وبعد محلي، بصفتها صراعا على “روح الشيعة” ودورهم في العراق الجديد.
لنبدأ مع البعد الاول.
(2)
طوال الشهور القليلة الماضية كانت ايران توحي بأنها تتصرف في العراق كأن الاحتلال الامريكي سيدوم أبدا. لكنها في الواقع كانت تقوم بكل ما من شأنه نسف ركائز هذا الاحتلال من أساسه.
فهي أبدت، في البداية، تحفظها العلني على حركة مقتدى الصدر. لكنها في الواقع موّلت جيشه سرا وزودته بالعتاد والاسلحة.
وهي اعترفت بمجلس الحكم الذي شّكله الامريكيون، لكنها أقامت أوثق الصلات مع كل الاطراف الشيعية التي تناصب هذا المجلس العداء.
وهي، أخيرا، هادنت المرجع السيستاني علنا، بيد انها شجّعت ضمنا أنصار نظرية ولاية الفقيه (ومن بينهم الصدر) على التمرد عليه.
لماذا هذه السياسة الازدواجية والباطنة؟
لأسباب عدة:
فطهران كانت تخشى استفزاز المحافظين الجدد الامريكيين، مما قد يدفعهم الى توجيه ضربات عسكرية مباشرة أو غير مباشرة “اسرائيلية” اليها.
وهي كانت تخاف فرض حصار دولي عليها، اذا ما قررت واشنطن مواصلة فتح ملفاتها النووية.
كما انها كانت تتوجس من امكان تدخل امريكا في شؤونها الداخلية، في وقت باتت فيه الفجوة ضخمة بين الشعب ورجال الدين المحافظين.
وفوق هذا وذاك، كانت طهران حريصة على عدم استعداء السيستاني عبر الدعم العلني للصدر، لان ذلك قد يعوق حرية حركتها بين الشيعة.
لكل هذه الأسباب، اختارت طهران السير بين نقاط الماء، لتحقيق أهدافها بالدهاء بدلاً من المجابهة، وبالباطنية بدلاً من العلنية.
بيد أن قرب اقتراب موعد الانتخابات الامريكية، رفع حرارة العلاقات الايرانية - الامريكية الى درجة الحمى، ودفع طهران الى بدء استخدام كل أسلحتها، بما في ذلك ورقة الصدر، لمحاولة اسقاط جورج بوش في الانتخابات.
وهذه لعبة سبق لها ان مارستها بنجاح باهر في أوائل الثمانينات، حين عمدت الى اسقاط جيمي كارتر الديمقراطي بورقة الرهائن الامريكيين، ثم قبضت الثمن عدا ونقدا من رونالد ريجان الجمهوري في “ايران - كونترا غيت”.
اما بالنسبة للبعد الثاني (الاقليمي) للمعركة، فهو واضح في الاصطفاف الذي احدثته هذه المجابهة في المنطقة بين مؤيد للصدر ومعاد له. وأيضا في تصاعد حدة الصراع على النفوذ بين القوى الاقليمية الرئيسية، بما في ذلك “اسرائيل”.
فإلى جانب سعي ايران لتكون القوة الاقليمية المهيمنة على بلاد العباسيين، عززت سوريا علاقاتها مع بعض القبائل والاحزاب العراقية، ورمى الاردن بثقله الامني والجغرافي الى جانب حكومة علاوي، وعززت تركيا متاريسها التركمانية في شمال العراق.
أما “اسرائيل”، فقد تحركت على مستويين اثنين: الاول، الامساك بالورقة الكردية العراقية المهمة. والثاني، المشاركة في الحرب سرا (تدريبا وعمليات) مع القوات الامريكية في الخطوط الخلفية.
في البعد الثالث (المحلي) للمعركة، نجد أنفسنا امام سباق محموم بين كل الاطراف على “روح الشيعة” العراقيين.
فإيران، ومعها بعض القوى العربية، تراهن على أن ظاهرة الصدر ستنتصر حتى ولو هزمت عسكريا، لان مقتدى الشهيد - الميت، قد يكون اكثر فعالية بما لا يقاس من مقتدى الحي - السياسي. وهذا سيؤدي في النهاية الى سيطرة شيعية ولاية الفقيه النضالية على الشيعية المعتدلة.
وامريكا، ومعها العديد من القوى العربية، تبدو واثقة بأن هزيمة الصدر ستؤدي الى انتصار السيستاني. وهذا ما قد يحّول النجف السيستانية في النهاية، الى بديل ايديولوجي واستراتيجي لقم الخمينية.
(3)
حرب النجف، اذاً، تبدو مثقلة بالفعل بأحمالها الرمزية الايديولوجية، والسياسية - الاستراتيجية (ناهيك بالطبع عن الاحمال النفطية).
لا بل أكثر: هي تبدو الآن أشبه باحدى قلاع العصور القديمة، التي كان يؤدي سقوطها، أو صمودها، الى تدشين مراحل تاريخية جديدة.
لكن أين العراق، وشيعته أساسا، من كل هذا الذي يجري في النجف وحولها؟
(غداً نتابع)
|
|
|
|
|
|