تموليلت: سيرة وحَجَر

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 03-19-2024, 05:50 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مكتبة الاديب محسن خالد(محسن خالد)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
06-30-2006, 12:21 PM

محسن خالد
<aمحسن خالد
تاريخ التسجيل: 01-06-2005
مجموع المشاركات: 4961

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: تيموليلت: المغربية السحاقية، الفاتنة وصيّادة الفتيات (Re: محسن خالد)

    ..

    من رواية (قسيس الطبيعة)



    Quote:

    الموفد



    كنت عندما أفعل شيئاً يخالف ناموس القرية "لها ناموس قديم ومستمر كالنيل", يشتمني الكبار قائلين:
    "تُفو عليك يامِلّة المجانين. أمشي يا تَرَب الجن، أي نسله".
    فأكتفي بغيظي وأبقى جاهلاً لمصدر هذه الشتيمة. عندما أسأل أهل أبي يضحكون. أما أهل أمي فلا يعطونني جواباً. كنت أعرف أن جَدي لأمي "عبد الله الأنصاري" كان مفقوداً. خرج من قريتهم هذه بليل ولم يعد إليها أبداً.
    ***
    عبد الله الأنصاري كان ضابط صف في الجيش. قوة دفاع السودان. قاتل مع الإنجليز ضد الإيطاليين في واقعة "كرن" الشهيرة، على الحدود الإثيوبية. وزار مصر وبقي فيها لبعض الوقت لا أدري مدته ولا تاريخه. كان رجلاً متعلماً ووسيماً ومحبوباً في المكان. وهو لا يشبه أحداً من أحفاده مطلقاً. وهؤلاء الأحفاد ينحصرون في أخويّ من جهة أمي "الحاج والحسين" وإخوتي من خالتي عائشة. فهو لم ينجب ذكراً ولم يمتد العمر بابنته الثالثة "نورا". طردوه من الجيش بتهمة الثورية ضد الإنجليز وتحت غطاء ستعرفه بنفسك لاحقاً. فعندما عاد الرجل لقومه كان له رأي مختلف في الحياة كلها.
    جَدتي "الحرم" كانت تتفادى أسئلتي حول الرجل. بعد إلحاح وضغط مني حكت عنه:
    رجل أبيض اللون وعالٍ كالجمال. يضع ملفحته فوق كتفه ومعها تبروقة الصلاة، مصنوعة من جلد طري ومدبوغ بشكل ناعم ومرقق. وفي يده اليمنى على الدوام مسبحة وركوة لماء وضوئه. ركوة تشبه أباريق الفخار النوبية وتختلف عنها بنقوش الخط العربي التي يكتبها الأنصاري بنفسه. ويحمل في يده اليسرى كوكابه الذي رآه الناس كثيراً وهو يصرع به الجاموس البري كما ولو أنه جرو. كل القرية متأكدة من بأس الرجل وسطوة كوكابه. لأنهم شاهدوه وهو يخرج بضربة واحدة منه "بنت الأمين" التي انهد عليها بناء الساقية القديمة. ثم حبستها حبال الللّس الغليظة والتواريق بين جدار البئر وعيدان الساقية المتشابكة. قالوا بمبالغاتهم الريفية: لم يضرب بكوكابه جدار الساقية، لا، بل نخسه كأنه يخرج علقة من أذنه. سدّ الرجل بجسمه الفاره فضاء المسجد أمام المجتمعين بداخله، ثم سألهم بصوته الخشن وببحته المعروفة قائلاً:
    - أتعرفون مَن أنا؟
    ضحكوا لنكتته وأجابوه مداعبين:
    - أبداً، لا نعرف. تفضل يا ود الأنصاري.
    لم يجلس، بل أعادها عليهم:
    - أحقاً لا تعرفون مَن أنا؟
    فيهم رجل يحب المزحة، أجابه:
    - نعرف. ولكن هذا الصباح لا. مَنْ صرتَ؟
    قال لهم ود الأنصاري:
    - هذا الصباح جاءني البيان.
    سألوه:
    - أية بيان؟
    أجابهم:
    - بيان نبي الله عيسى. عيسى آخر الزمان.
    سأله أحدهم:
    - ماله عيسى؟
    أجابه ود الأنصاري:
    - أنا هو، بشراه. أنا الموفد. كتاب وبرق نبي الله عيسى.
    أخيراً عرفوا أن المسألة ليست مزحة. همهموا مع بعضهم وتعوذوا بالله. كان معهم رجلاً عرف عنه ميله للفروسية وإدعاء القوة. الآخرون شعروا بأن الرجل أصابه شيء ووجموا غير مصدقين. أما هذا الرجل الشديد فقد قال لود الأنصاري:
    - أنت لا تحترمنا كرجال. هذه فروسية منك أم ماذا؟
    تجاوزه عبد الله الأنصاري وأضاف:
    - الله غالب. إن كنتم لا تصدقوني فالله غالب.
    كررها عليه الرجل:
    - يا زول أسكت. هذه فروسية منك وعدم احترام.
    التفت ناحيته الأنصاري:
    - هي كذلك. مَنْ أفرسُ مني؟
    أجابه الرجل:
    - حواء والدة.
    ردّ عليه الأنصاري:
    - ولدتني أنا، ثمَّ مَنْ؟ ما عداي تغوَّطَت.
    واتجه ود الأنصاري ناحية المنبر بعجلة. يرتجف من الغضب. وضع ركوته ومصلاته فوق المنبر. وظل الكوكاب في يده اليسرى لأنه أعسر. أعاد عليهم من مكانه:
    - أنا نبي الله عيسى وفارس. مَن فيكم الله لينكر إرسالي؟
    كاد الغضب أن يُكَفِّر الرجل الآخر أيضاً، نهض وأجابه:
    - أنا. أبو جهل. تعرفني؟
    أجابه الأنصاري كنبي سابق وأقدم قليلاً:
    - النبي محمد غلب أبا جهل. نار الله في الدنيا قبل الآخرة.
    طبعاً باقي الحوار من هنا يقطع مسافته الكوكاب. يمشيها على ساقين، كوكاب وكوكاب. ولكن المجتمعين في المسجد أمسكوا بالرجل الآخر. حاول رجل ثانٍ غير الذي شاجر الأنصاري أن يتقدم لمناصرة الأول لأنه صديقه، ولكنهم أمسكوا به هو أيضاً. عبد الله الأنصاري أصابه مكروه ولا شك، ولا داعي لأن يأذيهم في رجلين دون قضية.
    محمد التلب صديق الأنصاري أخذ يهدئ صديقه ويبكي لما ألمّ به. ثم تمكنوا من تهدئة الأنصاري أخيراً وذهبوا به إلى بيته. جاؤوا به عند زوجته الحرم جدتي وكانت ترضع طفلتها الراحلة نورا. أدخلوه وأخبروها سراً بما حدث في المسجد. هو انصرف إلى صلاته. لا أدري على أية مِلّة. ولكنه على كل حال انشغل بصلاته ولم يكترث لجلبة الأهل الذين تدفقوا على المنزل.
    ثم قالت جدتي بأنه رفض العلاج واختفى من عندها ذات ليلة وإلى الأبد.
    وبوصفي روائياً أقول إن القصة هكذا فيها فراغ. هذه ليست نهاية تخدعني بها جدتي. ألححت عليها من جديد فتذكرت تتمة من ناحية أخرى:
    في أواخر الستينات قابل عبد الله الأنصاري رجلٌ اسمه "عثمان عبد الله". وبعث معه ود الأنصاري هدايا لابنتيه البتول أمي وخالتي عائشة. فقد أخبره عثمان عبد الله بوفاة ابنته نورا. كما أخبرهم بأن الرجل يمتهن بيع الكتب في شوارع الخرطوم. ثم لقيه بعد ذلك أخوا جدتي الحرم "المبارك وفضل المولى". بالمصادفة وحدها، فهما لم يقصدانه لأنه كان يتنقل من مكان لآخر. طبعاً ود الأنصاري لن يتعرف على فضل المولى لأنه كان صغيراً حينما غادر هو البلد. عرف المبارك الشهير بلقب "الكير" ِوتجاهلهما معاً. أخبر الكير أخاه بأن الرجل ذاك هو عبد الله الأنصاري زوج أختهم المفقود. وانطلقا ناحيته بتعجل وشكك. سأله الكير محيياً:
    - كيف الحال يا ابن العم؟
    تأمله الرجل طويلاً ثم أجابه:
    - طَيِّب.
    يتمادى معه الكير بحذر. فهو يعرف طبع الرجل وهو مَن زوجه لأخته الحرم. يسأله الكير:
    - كأنني رأيتك من قبل!؟
    أجابه الرجل:
    - من قبل؟ لا، لم ترني. لم أكن موجوداً. من قبل كان المنتهى ومن قبل كان الماء ثم العرش.
    الكير خلط هذه العبارة، يحفظ كلماتها جيداً، ولكنه قدّم فيها وأخَّر. تحققت من ترتيبها هذا من فضل المولى، فهو أصغر وأدهى قليلاً. طبعاً أنا مثلك، أريد حقيقة ذلك الرجل المدعي. ولكن الكير ليس بوسعه أن يدير لنا حوراً يكشف شيئاً. لن يفاوضه في مسألة كهذه، سأله مباشرة:
    - ألست عبد الله الأنصاري؟
    - لست عبد الله ولست شيطاناً. أنا الموفد. ما الذي تريده مني؟
    - أريدك أن تأتي معنا.
    - لن آتي. الذي يمشي منا لا يأتي.
    أجابه الكير بكلام غامض:
    - كلهم ماتوا إلا واحد.
    ردّ الأنصاري:
    - وإن يكن.
    لا زال الرجل حَيَّاً إذن، ولا زال رأيه معه بعد كل هذه السنين. تركه الرجلان وأسرعا مبتعدين. لقد قَرَّرا استدعاء الأشخاص الذين جاءوا معهم للخرطوم. سيحضرون الرجال وعربتهم ويأخذونه بالقوة. عندما عادوا وجدوا أن الرجل قد جمع كتبه واختفى كآخر مرة يراه فيها أحد.
    فَكَّرت أن ذلك الرجل كان مستهبلاً كبيراً. يبتز البسطاء والمساكين أمثال فضل المولى والكير بعبارات طلسمية وغامضة. سألت جدتي الحرم ثم فضل المولى:
    ما الذي يعنيه الكير من قوله: كلهم ماتوا إلا واحد؟
    جدتي هزت رأسها بالنفي، وفضل المولى استهبلني قائلاً:
    - لماذا تسأل؟ كلنا لا نعرف.
    هذه العبارة هي لا تعني شيئاً، ويمكنني أن أكشفها لك الآن. لست محتاجاً لابتزازك وتشويقك. ولكن رائحة الجريمة فيها قادتني إلى كنز كنت أجهله تماماً.
    قلت سأسأل الكير صاحبها عن تفسيرها إذن. ذهبت إليه في بيته مساءً. أجابني بعد مراوغات كثيرة ابتكرتها للدخول في الموضوع. سألني مستنكراً:
    - هل أنا قلت ذلك!؟
    نعم قلت.
    - هل كنت معنا أنت؟
    - أبداً، ولكنك قلت ولا تريد إخباري، لماذا؟
    - لا أُريد إخبارك إذن، أتطلبني شيئاً؟ ولماذا أخبرك؟ ما الذي يهمك أنت؟
    - لن تتهرب مني هكذا؟
    قام بتطوير طريقة تهربه. كان يحلب بقرته، ولا تنسى أنه جَدي خال أمي. يعني في لغة الريف هو ولي أمر. وهكذا هي ولايتهم للأمر، لم أتعرف عليها إلا في مواقف كهذه. طَبَقَ الحبل في يده ولوَّح لي بصريمته التي تستخدم في وثاق وتثبيت الجواميس للحلب. ثم أجابني:
    - ستتركني أحلب عشاء أولادي أم لا؟
    تركته فوراً. لو أرسل ذلك الحبل ناحيتي فلن يتوقف بعدها. هو معروف بإتقانه لهذه المسألة. عدت لجدتي المسكينة وجَدَّدت التفاوض معها. ولكنها رفضت مطلق الرفض أن تشرح لي ما قاله أخوها. ربما سئمتهم وسئمت سرهم التافه ذلك الذي يخبئونه بإجماع كعوراتهم. سألت جدتي هكذا، عرضاً وعن طريق الملل والمصادفة البحتة:
    - ألم تكن له كتب يقرأ فيها؟
    - كانت له، يقرأ ليلاً ونهاراً بلا توقف.
    شعرت بالضجر يغادرني دفعة واحدة. سألتها بلهفة المدمن ونهيته:
    - لم يخبرني أحد من قبل، لماذا؟ كلكم دين حجر، وأين هي الآن؟
    - عند أخته عائشة.
    وانطلقت ناحية منزل عائشة عدواً. الوقت مساء أقرب للّيل. منزلها كقلاع المماليك القديمة. يقع على ربوة عالية وتحيط بها الأشجار قريباً من النهر. لماذا لم تخطر أخته عائشة على بالي من قبل!؟ انتبهت لأول مرة أن خالتي عائشة تحمل اسم أخته عائشة. دلالة مودة وعلاقة خاصة بينهما ولا بد. ولكن بعد كل هذه العقود من الزمان؟ لا أظن أنني سأجد شيئاً. وجدتها تلف تبغها وتدخن تحت أشجارها بهدوء وعدم اهتمام. رفعت صوتي بالسلام. لأنَّ صياح الطيور ورفيفها على الشجر عند المساء يفرض ذلك. التفتت نحوي ورحَّبت بي من ناحية نسبها هي:
    - أهلاً يا ولدي، حبابك، حباب ود البتول بنت عبد الله أخوي. آسفة يا ولدي، السجائر هذه لأن معي "أولاد ماما".
    وهذا قبيل من الجن، "أولاد ماما". معروف أنها غاوية "زار" وعَرَّافة لها شأن. قلت لنفسي: إن لم تخبرني عائشة هذه فلن يخبرني بعدها أحد. ولكن الكتب أهم لي من كشف لغز الواحد الذي لم يمت ذلك. الكتب ستخبرني بالذي يجهلونه جميعاً. سنرى الكتب أولاً وبعدها سأثير حماستها كي تتدفق في الحديث عن أخيها. فهو أخوها بأي حال ولن تتحدث عنه بحياد أصهاره. ناورتها وناورتها حتى بلغنا مسألة الكتب. تعنتت جداً في البداية ووافقت بعد تحجج وطول بال. صبرت عليها حتى امتزج التعاطف في عينيها بالصرامة ثم قالت لي بشكل قاطع:
    - أنت فقط. لأنك حنين وتسأل عن جدك.
    الليل ترامى أكثر. وصياح الطيور أخذ يتباعد وينطمس. قلت لها بخفوت:
    - شكراً، أنت أيضاً حنينة يا جدتي. ألم يكن يشبهك؟
    لم تجبني، بل اشترطت عليّ أيضاً فوق شرط "أنت فقط"، قائلة:
    - ولن تأخذ شيئاً.
    - طبعاً. مفروض كل حاجاته تكون معك أنت وحدك.
    لم أكن أبتزها. امرأة حفظت هذه الأشياء لأربعينات السنين تستحق بالفعل تمثالاً. حتى لو كانت أشياء تافهة وخراء. هذه بقية وأثارة مما تركوا وأرشفة تاريخ. فلو أنه بقي مع جدتي الحرم لأشعلت به نار الكسرة. الرجل كان يعرف هذا جيداً. الكتب لعائشة وبناته للحرم. الحرم ستكفيها غريزة الأم للحفاظ على مسألة كهذه. ولا بد أنه اكتشف في عائشة مواهب أخرى.
    قادتني لمخزن كالدهليز. أطلال من الحجر ولا تصله الكهرباء مع باقي المنزل. دخلناه بفانوس كيروسين قديم. عيدان السقف أصبحت بُنِّية اللون من أثر المطر والسوس. تسندها انثناءات الصخر المقوسة بمهارة. لولاها لسقط المخزن على الأرض. فتحت بمفتاح تعلقه في عنقها سحارة تسد المخزن من أوله وحتى قريب آخره. وأنا مدمن، فلا بد أن يخونني الصبر. أسرعت أعاونها في إزاحة الغطاء الخشبي الثقيل. الرجل غطى أشياءه بشرائح شجر السرهيت وألياف غريبة. تابوت فراعنة. أبعدت محروقات الفخار التي حشرها بين الكتب والخشب. قالت لي عندما رأت تهافتي الشهواني:
    - تعوَّذ بالله يا ولدي. كتبه هذه "عِلِم مفارقين". يا حليلو أخوي.
    بدت لي كلمة "مفارقين" رهيبة ومؤثرة تحت ضغط ذلك الجو. خصوصاً أن أول مخطوطة سللتها وقَرَّبتها من ضوء الفانوس كانت عبارة عن مُستلات ومرويات من بطون كتب لـ"الزمرة"، الكتاب المفقود، لابن الراوندي. ثم "هياكل الأنوار" للسهروردي. "الآجرومية". "اللزوميات ورسالة الغفران" للمعري. "فضيلة المعتزلة" لأبي عمرو الجاحظ. "تهذيب الأخلاق" لمسكويه. "كتاب النفس والروح وقواهما" فخر الدين الرازي. "فصل في مرض القلوب وشفائها" مخطوطة زاهية منقولة باليد من مجموعة فتاوى شيخ الإسلام أحمد بن تيمية. "الأخلاق والسير في مداواة النفوس" لابن حزم الظاهري، وله أيضاً "طوق الحمامة"، فالعشق هو موضوع المتصوفة الأساسي في الحياة. "الطواسين" للحلاج. نقولات عن "الفتوحات المكية" لمحي الدين بن عربي. الأشعري، الطحاوي، المفسر أبو السعود، ابن عطاء السكندري. "فضيحة المعتزلة" رَدْ ابن الراوندي على الجاحظ في "فضيلة المعتزلة". "العواصم من القواصم" في نقاش الفتنة بين علي ومعاوية لأبي بكر بن العربي. "إحياء علوم الدين" للغزالي. هيا لن نستمر في مثل هذا التعديد، قلت لك مخزناً بكامله. ذاك وكذا وكذا، يم من المعرفة. القاموس. أردتك أن تعرف الخط الذي ستسير فيه اهتمامات الرجل وكتبه فحسب.
    المخطوطات مبهرة لحد الجنون وأكثر من الكتب. وأكثر محافظة منها. لأنه نقلها على جلود وحوش دبغها وعالجها بنفسه. أما من أين نقلها؟ فلا أعرف. ولكنه عمل مع الجيش الإنجليزي كما أسلفت وكانت له جولات في مصر كما أسلفت. خط عربي مذهل ومُبَقَّع بأحبار ملونة. لن يبزه في الخط العربي إلا التشكيلي "شبرين". لأنَّ تعاليم ابن مقلة وابن البوَّاب موجودة بداخل مكتبته والرجل تجاوزها بالفعل. بحثه عن طريق سماوي جديد واضح حتى في تناوله للخط العربي في ذلكم الزمن.
    انفعلت وغَطَّاني الجلال. جلال المعرفة ورهبتها المحيرة والشيطانية. "عِلِم مفارقين" أخذت تتمشى بداخل رأسي كسيقان العناكب. تساءلت: هل كنت سأكتفي بكون الرجل مجنوناً وانتهى الأمر؟ آهٍ لو فعلتها أنا بالذات! هذا الكلام كله لمن كان يدخره؟ لمن كان يحرق يديه بنار الفخار ويدميهما بالنقل ولعنته؟ لجدتي الحرم!؟ لاخوتها حفظة الأسرار!؟ لي أنا طبعاً ولا أحد غيري. مجنون وانتهى الأمر؟ يا للأسف. ربما هو مجنون، ولكن لماذا؟ وكيف؟
    أخذت أقهقه. تذكرت الرجل الذي أجاب جدي قائلاً:
    - أنا. أبو جهل. تعرفني؟
    كان الرجل أُمياً لو تعرف. هذا كل ما أخبروني به عن مشاجر الأنصاري، أما اسمه فلا أعرفه. قتلوه إذن كما قتلوا "محمود محمد طه" و"التيجاني يوسف بشير" و "معاوية نور" و "أبو ذكرى" و "مايكوفسكي". وبددوه بطريقة غامضة كما بَدَّد الجهل المتآمر "غارسيا لوركا" من قبل.
    عشقت الموفد. أعجبني فيه الرجل المتوحد مع الكتب. والمشحون بالمعرفة لحد المروق من الجهة الأخرى. أثَّرت فيَّ كتبه وفكرة ما تمنحه المعرفة من طاقة جنونية. أظن أنَّ "بيان" الأنصاري بداخل ذلك المسجد الذي لا يدخله إلا الشتاء والصيف، كان أهم حدث يدخل تاريخ التفكير في ذلك الريف القاحل. لا خوف ولا خجل. الحياة مخاضة واحدة، والرجل أيضاً. قلت لجدتي عائشة:
    - هذا الرجل أهلي وحده. عداه لا أهل لي.
    وجَدَتها عائشة فرصة كي تصفي مشاحنات قديمة، دارت بينها وبين جدتي الحرم أيام كان ذلك الرجل يعاني. قالت لي:
    - حبوبتك الحرم كانت تظنه مجنوناً.
    - ومن هي الحرم هذه لتظن أو لا تظن!؟ أكانت لها مكتبة كهذه تقرأ فيها كي نناقش آراءها بخصوص العقل وعدمه؟ هنا الحديث للمعارف وليس لجمع البامية واللوبيا كي نقبل لها شهادة.
    أكَّدتُ لها وفي بالي أشياء أخرى:
    - قلت لك هذا الرجل أهلي وحده.
    تَبَسَّمتْ، سألتني:
    - كيف؟ وجدك خالد ود عمر؛ جدودك أهل العلم؟
    - هذا قَبَّاض سمك. أريد هذا النبي وحده.
    ضحكت وهي تتمايل. أعجبها تنصلي عن أهل جدتي الحرم ثم عن أهل أبي. جَعلتُها تنال منهم. فهم أهل سؤدد أكثر من أهلها. بقي معي أخوها وحده. أرادت أن أشتم لها أهل أبي ثانية. لم تسمع. أضافت:
    - ولكن الناس ينادونك بالأنصاري أم بالعمرابي؟
    - الناس لا يعرفون اسمي. ولكن أبو صلاح شيخ الحيران كان ينادينني بود خالد.
    قالت وهي مبسوطة:
    - مَخيَّر.
    - نعم مَخيَّر.
    في الحقيقة لو كانوا ينادونني بأبي "محمد" لقبلت. فقد كان هو أيضاً رجلاً عالماً ومتيناً. ولكنه كان سلفياً. فلا بد أنه كانت تنقصه دينامية التفكير الفني. على عكس التصوف. ولو نادوني بجدي "عمر" فهذا أيضاً عالم كبير وسأقبل. وحتى لو نادوني بأبيه أحمد فهو أيضاً معرفي وسأُقِرَّهم. كلهم باسلون وعلماء قرآن وفقه وإعراب وسيشرفوني. أما أبوهم الكبير الفكي "الحسين" والفكي سودنة لكلمة الفقيه، فهذا جبل يراه القاصي والداني. السودان كله يعرفه. وهو مدفون في "المسيكتاب جنوب" جوار الشلال السادس. حيث عَلَّموا القرآن والفقه واللغة ونقشوا أنسابهم العربية على صخور الشلال ورقدوا. اسمي الكامل هكذا: عبد المحسن محمد خالد عمر أحمد الحسين. والناس لم يختاروا لي من هذا الاسم الطويل كله إلا "خالد". الذي تعلم الكتابة والقراءة فقط ثم هرب من خلوة أبيه. هذا الفاشل الذي سيرافقني في كتبي الفاشلة. ليكن يا قَبَّاض السمك، لو فشلت أنا أيضاً فسيكون مصيرنا مركب وريح.
    وأنا أيضاً كنت أريد حماسة عائشة، وهاهي تَحَمَّست. أضفت مراوغاً:
    - أظنهم ظلموه؟
    - ظُلم الحسن والحسين يا ولدي.
    - هنالك قصة يخبئها جدي الكير الأسود، لا أعرف ما هي.
    - ألم يخبرك بها؟
    - لم يخبرني.
    - هؤلاء لن يهمهم إلا انقطاع المصاريف عن أختهم وبناتها.
    قامت بإشعال سيجارة جديدة ثم أخذت بيدي قائلة:
    - تعال. أنت يا ولدي حنين وسأخبرك بالقصة كلها.
    كانت حكاية فارغة كموضوع يتكتمون عليه. ولكن تَذَكَّر أنها تمسهم وما هي من ابتكار الراديو. وإن كانت لا تخلو من دلالات بالنسبة لروائي سخيف مثلي. هم أرادوا جميعاً وحتى عائشة أخته أن أظل جاهلاً بأسماء الأشخاص الذين تضمهم القصة. وحتى هذا اليوم أنا لا أعرفهم. كأنما عرفوا أنني سأصبح مهووساً ذات يوم بنوع من الكتابة لا يعترف بالتكتم. وخيراً فعلوا. كنت سأكتب لك أسماءهم هنا واحداً واحداً. وليمت حفدتهم ضغينة/ جراء ذلك. ماذا سنفعل بتَرَب أبي جهل، الذين شَرَّدوا من يحفظ السهروردي؟ مَن يخط مخزناً من المعرفة بيديه؟
    قالت إن الرجل الذي شاجر أخاها في المسجد وصاحبه. جلبا رجلين آخرين وقصدوا جدي حيث يتعبد. كان يتعبد تحت شجرة حراز ضخمة مجاورة للنهر وقريبة من مكان تُلقى فيه الأوساخ. الرجل كان قد حسم أمره مع الناس واختار مكاناً منعزلاً وقصياً. وهم قصدوه هناك بدافع تأديبه على وقاحته في المسجد والانتقام منه. نادى فيه الرجل الذي شاجره من بعيد:
    - استعد يا ود الأنصاري. الرجال قاصداك.
    أجابه جدي:
    - الرجال بتقصد الرجال. أنا واحد لكن موفد. حبابكم.
    ثم وضع الكتاب والمسبحة من يديه واخترط كوكابه. ها.. هيح، ها.. هيح، كما تُلَخِّص جدتي المعركة.
    ثلاثة منهم أصيبوا وفروا من وجهه قبل أن يُعطبهم. أمَّا الرابع صاحب المشكلة الأساسي فقد امتاز عليهم بعاهة دائمة. وفوق ذلك لامهم الناس ووبخوهم على فعلتهم ولم يعودوهم في مصابهم كما تقول جدتي. ولذلك رَوَّجوا أنه كان مقعياً على الأوساخ يلتهم جيفة مرمية هناك. وهم حاولوا منعه وكان كوكابه معه ولم يكن معهم شيء. فهاج الرجل لكرامته والتقط كوكابه وقطع المسافة لبيت مشاجره الأساسي عدواً. قالت إنَّه كان يضج ويُرَدِّد مع نفسه: أنا الموفد أضرب أعزلاً من غير سلاح؟ أنا الطاهر آكل الجيف؟ وبصفعة واحدة جعل الباب الخارجي لبيت خصمه يَتَلَّفت من دون حيطان. كان الوقت ليلاً. وصاح ود الأنصاري من الخارج:
    - يا فلان، يا فلان، أنا لا أقاتل وسط النساء والأطفال. خذ كوكابك وأمشي نادي رفاقتك. أجلبوا حرابكم وخيلكم. الحقيقة غير وعدالة الله غير. إما أنتم وإما أنا. وإلا سأتركها لكم ولا أعود إليها أبداً ما دمتم أحياء.
    سألتها أنا مشاكساً وجاهلاً:
    - الحقيقة غير وماذا؟
    أجابتني بضجر وتعالٍ:
    - يعني الحقيقة شيء وعدالة الله شيء.
    - وماذا يعني بهذا الكلام؟
    أنا سأعرف لا حقاً من كتبه. أما هي فتركتها عند إجابتها:
    - شِنْ خبرني يا ولدي؟ المهم إنهم أبوا يطالعوه واندسوا في صَلَبَة نسوانن.
    ونَفَّذ الرجل وعده أو عقابه لنفسه. أنا توقفت عند روحه الثورية رغم تصوفها. الشق الخفي والمجهول من الفكر الصوفي. لم يكن أبداً الصوفي المسكين من نوع: "العفو عافية والكون مُنَظَّم". كان متصوفاً أكثر من الشق المستخدم من التصوف. وحتى مفاهيمه للفروسية كانت خاصة به. أنا لا أعرف أصلاً في عادات "الجعليين" لكون الشخص يهج من دياره لو رفض خصمه منازلته. أو ربما هنالك أشخاص أكبر وأدرى مني بهذه المسألة. على كل حال لست متأكداً. أُرَجِّح أن يكون قد تَوَصَّل للجانب الثوري المغمد في طيات الفكر الصوفي. لأنني قرأت له بعض التعليقات على كتاب الطواسين يذهب الرجل فيها إلى أن الحلاج قاتل أعداءه بتقديم نفسه للقتل كما فعل سقراط، وكما تبعهما محمود محمد طه.
    في ذات تاريخ متقدم. خرج المصلون من المسجد بعد صلاة العصر. أحدهم له عاهة معتبرة. كنت أراه يجر نفسه جَرَّاً. قلت مع نفسي: أهذا الزمن يا ربي أم كوكاب أجدادي؟ كلاهما قاهر وباسل ويطبع نفسه في البني آدم بعجنه عجناً. هذا الرجل لا بد حَطَّمه كوكاب الموفد. كنا في محل الخياطة التابع لجدي فضل المولى. وكان هو يراقب تأملي للرجل. استطاع أن يحدس تفكيري كما هو. سألني:
    - ما الذي تبحث عنه في العجوز؟
    - أريد أن أرى درب كوكاب جدي.
    - لن تعثر عليه.
    - لم أطلب منك أن تخبرني.
    تأملني بشماتة ثم أضاف:
    - أقسم لك أن الرجل الذي تقصده كان أول من مات منهم.
    سأعيد عليك أبيات قديمة دون أي تدخل حالي من قبلي. فما عادت تهمني ولا عدت أعتقدها. ما يهمني أنها كانت الفترة التي أمدتني مطالعاتها بكتابات من هذا النوع:
    يا ربي ماذا أُسْمِـــعُك وفيك مني مسامــع
    ينحو لخلقي بعضُ أمرك فالله بيني وبينك ضائع
    الله بيني وبينك ما انوجد الله عندي وعندك ساطع
    الله واحد فوق قسمتــه وفيـها قبلاً شائــع
    الله مـا كان وما يكون فالروح فكرٌ، صانـع


    محسن خالد
    مدينة السوكي 1992م
                  

العنوان الكاتب Date
تموليلت: سيرة وحَجَر محسن خالد01-10-05, 01:46 PM
  Re: تيموليلت: المغربية السحاقية، الفاتنة وصيّادة الفتيات المعتمد01-10-05, 11:07 PM
    Re: تيموليلت: المغربية السحاقية، الفاتنة وصيّادة الفتيات خالد أحمد عمر01-10-05, 11:58 PM
      Re: تيموليلت: المغربية السحاقية، الفاتنة وصيّادة الفتيات مصطفى عجب01-11-05, 00:10 AM
      Re: تيموليلت: المغربية السحاقية، الفاتنة وصيّادة الفتيات Lubna Taha07-16-05, 06:25 AM
      Re: تيموليلت: المغربية السحاقية، الفاتنة وصيّادة الفتيات Lubna Taha07-16-05, 06:26 AM
      Re: تيموليلت: المغربية السحاقية، الفاتنة وصيّادة الفتيات Lubna Taha07-16-05, 06:26 AM
      Re: تيموليلت: المغربية السحاقية، الفاتنة وصيّادة الفتيات Lubna Taha07-16-05, 06:27 AM
      Re: تيموليلت: المغربية السحاقية، الفاتنة وصيّادة الفتيات Lubna Taha07-16-05, 06:27 AM
      Re: تيموليلت: المغربية السحاقية، الفاتنة وصيّادة الفتيات Lubna Taha07-16-05, 06:28 AM
  Re: تيموليلت: المغربية السحاقية، الفاتنة وصيّادة الفتيات aboalkonfod01-11-05, 00:18 AM
    Re: تيموليلت: المغربية السحاقية، الفاتنة وصيّادة الفتيات عاطف عبدالله01-11-05, 00:27 AM
      Re: تيموليلت: المغربية السحاقية، الفاتنة وصيّادة الفتيات بدري الياس01-11-05, 05:04 AM
        Re: تيموليلت: المغربية السحاقية، الفاتنة وصيّادة الفتيات محسن خالد01-11-05, 08:45 AM
          Re: تيموليلت: المغربية السحاقية، الفاتنة وصيّادة الفتيات محسن خالد01-12-05, 05:50 AM
            Re: تيموليلت: المغربية السحاقية، الفاتنة وصيّادة الفتيات أسامة معاوية الطيب01-12-05, 10:26 AM
              Re: تيموليلت: المغربية السحاقية، الفاتنة وصيّادة الفتيات Abo Amna01-12-05, 04:25 PM
            Re: تيموليلت: المغربية السحاقية، الفاتنة وصيّادة الفتيات aboalkonfod01-16-05, 11:27 PM
  تيموليلت محسن خالد01-13-05, 03:31 AM
  البيضاء هشام المجمر01-13-05, 05:21 AM
    Re: البيضاء حبيب نورة01-13-05, 06:00 AM
      Re: البيضاء محسن خالد01-13-05, 12:13 PM
        Re: البيضاء bayan01-14-05, 01:35 AM
          Re: البيضاء sympatico01-14-05, 03:48 AM
            Re: البيضاء Tumadir01-14-05, 04:15 AM
  Re: تيموليلت: المغربية السحاقية، الفاتنة وصيّادة الفتيات fadlabi01-14-05, 04:29 AM
  Re: تيموليلت: المغربية السحاقية، الفاتنة وصيّادة الفتيات WadAker01-14-05, 09:29 AM
    Re: تيموليلت: المغربية السحاقية، الفاتنة وصيّادة الفتيات صلاح نور01-14-05, 10:29 AM
      Re: تيموليلت: المغربية السحاقية، الفاتنة وصيّادة الفتيات TahaElham01-14-05, 10:50 AM
  ندعو لك بعاجل الشفاء هشام المجمر01-15-05, 01:56 AM
    Re: ندعو لك بعاجل الشفاء عاطف عبدالله01-15-05, 07:45 AM
  محسن يخرج من المستشفى بعد إجراء جراحة صغيرة هشام المجمر01-15-05, 10:02 PM
    Re: محسن يخرج من المستشفى بعد إجراء جراحة صغيرة bayan01-15-05, 10:48 PM
  Re: تيموليلت: المغربية السحاقية، الفاتنة وصيّادة الفتيات aboalkonfod01-16-05, 11:40 PM
    Re: تيموليلت: المغربية السحاقية، الفاتنة وصيّادة الفتيات محسن خالد01-17-05, 08:44 AM
      Re: تيموليلت: المغربية السحاقية، الفاتنة وصيّادة الفتيات bayan01-17-05, 09:16 AM
        Re: تيموليلت: المغربية السحاقية، الفاتنة وصيّادة الفتيات Isam Widaa01-17-05, 09:38 AM
        Re: تيموليلت: المغربية السحاقية، الفاتنة وصيّادة الفتيات محسن خالد01-17-05, 09:46 AM
  Re: تيموليلت: المغربية السحاقية، الفاتنة وصيّادة الفتيات Fadel Alhillo01-17-05, 09:34 AM
  Re: تيموليلت: المغربية السحاقية، الفاتنة وصيّادة الفتيات WadAker01-17-05, 09:45 AM
    Re: تيموليلت: المغربية السحاقية، الفاتنة وصيّادة الفتيات محسن خالد01-17-05, 04:20 PM
  تيموليلت: يتسلسل محسن خالد01-17-05, 04:36 PM
  حسناء هشام المجمر01-17-05, 10:25 PM
    Re: حسناء محسن خالد01-18-05, 03:28 PM
  يتسلسل محسن خالد01-18-05, 03:38 PM
  (أعيش إجمالاً ليس أهم عندي من عيش نزوة صغيرة لي كهذه) محسن خالد01-19-05, 10:06 AM
    Re: (أعيش إجمالاً ليس أهم عندي من عيش نزوة صغيرة لي كهذه) عاطف عبدالله01-20-05, 09:00 AM
  (أعيش إجمالاً ليس أهم عندي من عيش نزوة صغيرة لي كهذه) محسن خالد01-20-05, 06:36 AM
  Re: تيموليلت: المغربية السحاقية، الفاتنة وصيّادة الفتيات منوت01-20-05, 11:37 AM
    Re: تيموليلت: المغربية السحاقية، الفاتنة وصيّادة الفتيات محسن خالد01-21-05, 04:06 AM
      Re: تيموليلت: المغربية السحاقية، الفاتنة وصيّادة الفتيات محسن خالد01-22-05, 06:18 AM
      Re: تيموليلت: المغربية السحاقية، الفاتنة وصيّادة الفتيات Sabri Elshareef07-16-06, 10:12 AM
      Re: تيموليلت: المغربية السحاقية، الفاتنة وصيّادة الفتيات عبدالله الشقليني09-25-06, 06:06 AM
  يتسلسل: تيموليلت محسن خالد01-22-05, 10:01 AM
    Re: يتسلسل: تيموليلت شادية عبد المنعم02-28-06, 05:41 AM
  Re: تيموليلت: المغربية السحاقية، الفاتنة وصيّادة الفتيات AlRa7mabi01-22-05, 11:06 AM
  Re: تيموليلت: المغربية السحاقية، الفاتنة وصيّادة الفتيات منوت01-22-05, 01:43 PM
  زوغة حلوة هشام المجمر01-22-05, 11:11 PM
    زوغة حلوة محسن خالد01-24-05, 04:53 AM
  Re: تيموليلت: المغربية السحاقية، الفاتنة وصيّادة الفتيات WadAker01-24-05, 09:46 AM
    Re: تيموليلت: المغربية السحاقية، الفاتنة وصيّادة الفتيات محمد خليفة محمد جميل01-24-05, 02:22 PM
      Re: تيموليلت: المغربية السحاقية، الفاتنة وصيّادة الفتيات Ishraga Mustafa01-24-05, 03:58 PM
        Re: تيموليلت: المغربية السحاقية، الفاتنة وصيّادة الفتيات yumna guta01-24-05, 08:50 PM
  البيضاء هشام المجمر01-24-05, 10:15 PM
    تيموليلت محسن خالد01-25-05, 12:24 PM
  Re: تيموليلت: المغربية السحاقية، الفاتنة وصيّادة الفتيات مريم بنت الحسين01-25-05, 12:34 PM
    تيموليلت: المغربية السحاقية، الفاتنة وصيّادة الفتيات محسن خالد01-25-05, 01:04 PM
  Re: تيموليلت: المغربية السحاقية، الفاتنة وصيّادة الفتيات 3mk-Tango01-25-05, 02:27 PM
  Re: تيموليلت: المغربية السحاقية، الفاتنة وصيّادة الفتيات Abomihyar01-25-05, 07:14 PM
  Re: تيموليلت: المغربية السحاقية، الفاتنة وصيّادة الفتيات منوت01-25-05, 10:45 PM
    Re: تيموليلت: المغربية السحاقية، الفاتنة وصيّادة الفتيات الجندرية01-25-05, 11:30 PM
  Re: تيموليلت: المغربية السحاقية، الفاتنة وصيّادة الفتيات abas01-25-05, 11:49 PM
    Re: تيموليلت: المغربية السحاقية، الفاتنة وصيّادة الفتيات محسن خالد01-26-05, 05:36 AM
    Re: تيموليلت: المغربية السحاقية، الفاتنة وصيّادة الفتيات محسن خالد01-26-05, 05:36 AM
  Re: تيموليلت: المغربية السحاقية، الفاتنة وصيّادة الفتيات منوت01-26-05, 01:34 PM
    Re: تيموليلت: المغربية السحاقية، الفاتنة وصيّادة الفتيات برهان تاج الدين01-26-05, 06:35 PM
  Re: تيموليلت: المغربية السحاقية، الفاتنة وصيّادة الفتيات الجندرية01-26-05, 11:04 PM
  البيضاء هشام المجمر01-27-05, 01:30 AM
    تيموليلت (الجمال غول الجمال) محسن خالد01-27-05, 02:18 AM
      تيموليلت (الجمال غول الجمال) محسن خالد01-27-05, 04:02 AM
        Re: تيموليلت (الجمال غول الجمال) kabaros01-27-05, 04:24 AM
          Re: تيموليلت (الجمال غول الجمال) محسن خالد01-27-05, 09:33 AM
  Re: تيموليلت: المغربية السحاقية، الفاتنة وصيّادة الفتيات السمندل01-27-05, 05:56 AM
    Re: تيموليلت: المغربية السحاقية، الفاتنة وصيّادة الفتيات محسن خالد01-27-05, 08:25 AM
      Re: تيموليلت: المغربية السحاقية، الفاتنة وصيّادة الفتيات فتحي الصديق01-27-05, 10:37 AM
        Re: تيموليلت: المغربية السحاقية، الفاتنة وصيّادة الفتيات الوليد محمد الامين01-28-05, 03:54 AM
          تيموليلت: (الجمال غول الجمال) محسن خالد01-29-05, 00:17 AM
          تيموليلت: (الجمال غول الجمال) محسن خالد01-29-05, 00:18 AM
      Re: تيموليلت: المغربية السحاقية، الفاتنة وصيّادة الفتيات nashaat elemam06-17-05, 09:12 AM
      Re: تيموليلت: المغربية السحاقية، الفاتنة وصيّادة الفتيات بخاري بشير07-12-05, 12:51 PM
  Re: تيموليلت: المغربية السحاقية، الفاتنة وصيّادة الفتيات السمندل01-29-05, 06:47 AM
    Re: تيموليلت: المغربية السحاقية، الفاتنة وصيّادة الفتيات محسن خالد01-29-05, 08:40 AM
    Re: تيموليلت: المغربية السحاقية، الفاتنة وصيّادة الفتيات طارق جبريل10-15-05, 00:16 AM
  Re: تيموليلت: المغربية السحاقية، الفاتنة وصيّادة الفتيات منوت01-29-05, 09:30 AM
    Re: تيموليلت: المغربية السحاقية، الفاتنة وصيّادة الفتيات Balla Musa01-29-05, 09:53 AM
      تيموليلت: المغربية السحاقية، الفاتنة وصيّادة الفتيات محسن خالد01-29-05, 10:25 AM
    تيموليلت: المغربية السحاقية، الفاتنة وصيّادة الفتيات محسن خالد01-29-05, 12:27 PM
      Re: تيموليلت: المغربية السحاقية، الفاتنة وصيّادة الفتيات Balla Musa01-29-05, 08:18 PM
  Re: تيموليلت: المغربية السحاقية، الفاتنة وصيّادة الفتيات محمد السر01-29-05, 11:17 PM
    Re: تيموليلت: المغربية السحاقية، الفاتنة وصيّادة الفتيات محسن خالد01-30-05, 04:29 AM
      Re: تيموليلت: المغربية السحاقية، الفاتنة وصيّادة الفتيات محسن خالد01-30-05, 04:41 AM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de