مقال لطيف مع (قناع) في شتم محسن خالد !!!

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-19-2024, 11:03 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مكتبة الاديب محسن خالد(محسن خالد)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
12-10-2005, 03:04 AM

عبد الله إبراهيم الطاهر
<aعبد الله إبراهيم الطاهر
تاريخ التسجيل: 04-19-2005
مجموع المشاركات: 616

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
محسن خالد الكاتب الغول: الكلمات هي حربنا ضد الحرب، وهل ينجح في التحدي حتى النهاية؟!!! (Re: عبد الله إبراهيم الطاهر)

    هذا هو الحوار الذي تحدث عنه علي يس ... والذي نشر بمجلة أوراق جديدة في عددها الأخير (العدد الخامس نوفمبر 2005م) ...

    محسن خالد الكاتب الغول:
    الكلمات هي حربنا ضد الحرب
    هل ينجح في التحدي حتى النهاية؟!!!



    الخرطوم – عبد الله إبراهيم الطاهر

    * لم تنالني من فكرة الأُسرة، إلا أبسط أُعطيتها
    * البتر -القطع -الحذف –الجذ.. كلها أفعال تعود إلى عصر السكين الحجرية
    * كما حَبِطت محاولات "إسحق فضل الله" و"علي يس" في قتل هذا العمل، فقد حَبِطت محاولات الطيب مصطفى
    * هذه هي الملاحظة الأساسية التي خرج بها قاص عبقري مثل عيسى الحلو من "تيموليلت"
    * الكتابات "اللافتية" في النقد شواهد على مقبرة
    * كان الشريف يوسف الهندي مُعجَباً بجَلَدي على القراءة ولعلّي كنتُ أمنح غَيْبة ابنه الراحل معنىً سامياً
    * على الرواية أن تشبه مطبّات القَدَر المترّبصة، وسفاهة الأيام التي لا تنقطع
    * "إحداثيات الإنسان" كان عملاً يتقصّد الذهنية بأكثر من غيرها



    هو كاتب تشتغل عليه الكتابة منذ أيام الطفولة كما يقول، له معايير مختلفة في تكنيك الكتابة عبر منهاج إفترع له إسم "شكلانية الأسس" بإعتباره المنهج الملازم للكتابة في مستوياتها وروح ذاتها ... اللغة الروائية والقصصية لديه كائن مميز ومسكون بروح عميقة الأثر بشكل جاذب يحيلك إلى التفكير بروية أفاده حفظه للقرآن من التمكن من نواصي اللغة وإمتلاكها، يتناول في كتاباته المسكوت عنه، يلامس محكات ممنوعة وإن كانت تسكن بين ثنايا تركيبة مجتمع متفاوت فيه المحافظ وفيه المنفلت، إختلف حوله الناس، بعض كتاباته في الإنترنت حُجِبت في السودان، وكتبه لا تزال محظورة وإن كانت قد وجدت رواجاً خارج السودان، إلتقيته في إمارة أبوظبي هادئ، عميق التفكير لا يعطيك ذلك الإنطباع الذي يمكن أن تخرج به بعد أن تقرأ له نصاً قصصياً أو روائياً، مختلف ومؤتلف في نفس اللحظة بين يدي القلم مشاكس وعلى مقربة منك مهذب بلا إفتعال... تقوم حياته على القراءة والكتابة، بعد ليلٍ مسهد حتى بعد الفجر وجدته في الحادية عشر بين دفتي كتاب تلمع عيناه كما تركته، له الله هذا الشاب وهو يقود حرباً بالكلمات فهل ينجح في التحدي حتى النهاية؟، عبر الإنترنت تلمسنا مع الروائي السوداني محسن خالد بعضاً من القضايا والذكريات لتكون مبتدأ حوار أوسع.


    هناك مقوله تقول فيما معناه "حدثني عن بيئة ما أنهارها طقسها جبالها أنهارها أقل لك من يكون إنسان هذه البيئة"، البيئة تلعب دوراً مهماً في التكوين الفكري للفرد وتنشئته، ما يقدم قراءة جيدة له، قراءة للبيئة التي وُلِد بها محسن خالد، وتأثيراتها المستقبلية في تكوينه الفكري؟
    هذا الكلام أظنّه يشبه فلاسفة المجتمع والبيئة، الذين سأُقَدّرهم أكثر حين يحدّدون أنّ مثل هذا الكلام يؤثّر على نوعيات كذا وكذا من الناس. حالياً البشري في طريقه لتقبّل الدنيا كلها كحقيبة فارغة في رحلة سفره الداخلية، على الأقل أنا من هذه النوعية. ولي كتاب بعنوان "الحنين بوصفه الموطن"، الموطن هو أنا، والحنين هو اللعبة المطلقة مهما تبدّلت أنا أو تبدّل المكان، تبقى الملاحظة هي أنَّ الحنين جزئية الإنسان نفسه وليس المكان، كما هو جزئية اللحظة الزمانية أكثر منه جزئية الرقعة من المكان.
    بأي حال، الإنسان هو الواقعة التي تحدث بين الزمن والمكان، ولا بُدّ للمكان أن يخفت بفعل أمكنة كثيرة إن عَرَّض الشخص لها نفسه بإخلاص شجاع، يبقى حاصل أنَّ الزمن هو المُطَارِد الأكثر لؤماً، وتبقى تاريخية أنني من مواليد الريف الشمالي، شندي-المسيكتاب، ولا أتذكّر من جهتنا سوى النهر والمقبرة، أما تراكيب الصور الأخرى، فغالباً تختلط بالأوقات وبأناس بعينهم، آمالهم، طموحاتهم، إحباطاتهم، وبشوارد هنا وهناك من مجمل سجلات وجودهم الداخلي، أمّا البحث عن جهتنا بأعماقي كمسألة يمكن أن ينحشر فيها الكيلومتر بتوقعّاته، فستُتْعِب من يتتبّعها كمكان أكثر مما أتعبت "طروادة-Troy" مخرج فيلمها "فولفغانج بيترسين" في تصوّرها كمكان، هل تلاحظ! طروادة المكان مضت، ولكن أقاصيص إنسانها بقيت سالمة في ماعون الحكاية، فلم تُحَوِّج الناس بعد ذلك إلى حفريات وعلماء أركيولوجي.
    في التنشئة الاجتماعية تُشَكِّل الأسرة الصغيرة العالم الذي يأخذ منه الفرد كل ثقافة المجتمع، أسرة محسن خالد، علاقته بالوالد والوالدة والإخوة، تأثيراتهم فيه، فكرة العائلة أو الأُسرة الكبيرة؟
    يبدو أنَّ الأمور معكوسة معي، فأنا لم تنالني من فكرة الأُسرة، إلا أبسط أُعطيتها، وهي تحالف الذكر والأنثى لإنجاب كائن ثالث، أعني تواطؤ أُمي وأبي على إنجابي، فأبي قد تركني يتيماً دون أن أراه، وبعد أعوام قليلة أصبحتُ عَجيَّاً بفقدي لأُمي،..
    هكذا بدأتُ آخذ حياتي –الحُرّة- بجرعة أكبر منذ البداية، لعبة أن تكون مسؤولاً عن نفسك-الطفل، التي قادتني إلى المسؤولية و"الحرية" في آن، فبينما الأطفال الآخرون كانوا يُزاولون الطفولة المنزلية المرعيّة جيداً، كنت أنا خارج القطيع، في مواجهة أسئلة أكثر تعقيداً من مرحلتي –كنتُ الخارجي، وكنتُ أنظر إلى أُسريتهم ومنازلهم من موقعي ذلك بعوامل من الريبة كثيرة، ربما تمنيت الفطائر بأيديهم، ما تُعِدّه أُمهاتهم، ولكن إحساس الإنجاز في عيونهم، ولمعة أعينهم بإحساس الوصول، بعد أكل الفطائر، كانت تحبطني برؤيتي للكائن يتحوّل إلى بهيمة شَبِعة ومنتهية إلى منام عاطل، غير قلقة ومتطلعة، إحباطي تجاه ذلك كان أكثر من إحباطي في الحصول على شطيرة منهم.
    إذن تصبح الإجابة على سؤالك: لا فكرة معي، أو معي الإجابة كلها التي ليس بوسع أحد صياغتها في كلمات فَقْد مناسبة.
    أمَّا ثقافة المجتمع فقد نظرت إليها أبداً بعيني الخارجي الصغير ذلكم، وببيت الأُحيمر السعدي: عوى الذئبُ فاستأنستُ بالذئب إذ عوى... وصوَّت إنسانٌ فكدتُ أطير،..
    الدراسة الأكاديمية... المراحل، أيضاً تأثيرها في تكوين محسن خالد؟
    البداية هنا كانت للخلوة بالطبع، ثم المرحلة المنزلية التي تزامنت مع الابتدائية، التي قرأتها بقريتي "المسيكتاب"، وكانت ثرية جداً، فقد قرأتُ فيها من نوعية الكتب المُبسّطة "دون كيشوت" وهو أوّل كتاب قرأته بالإنجليزية المعدّة لتدريب الأطفال، و"خطابات طاحونتي"، و"أنَّا كاريننا"، و"أحدب نوتردام"، و"قصة مدينتين"، و"المدفع"، بالإضافة لجمهورية كاملة من الألغاز وكتب الأطفال، وهي نفسها المرحلة التي قرأت في أُخرياتها "عُرس الزين"، ليجرّني نحو باقي أعمال الطيب صالح، وثابرت فيها كثيراً مع "الغصن الذهبي" لفرايزر و"كليلة ودمنة" ثم دخلت الحديقة نفسها من باب الشعر مع "حكايات الحيوان" لأحمد شوقي، وربما لذلك تنامت أوهام الشاعر بداخلي. أمّا الصدمة الحقيقية على صعيد اللغة فقد جاءتني من قراءتي لديوان محمد نجيب محمد علي "ضد الإحباط". وبحلول مرحلة دراسة المتوسِّط التي تلقيتها أيضاً بالمسيكتاب، أصبحت قارئاً محترفاً وأكثر نشاطاً. ثم جاءت الثانوية بالمدرسة الأهلية شندي، القسم الداخلي، وهنا بدأ الالتفات الحقيقي للأشياء وللمعرفة، وللمكتبة الإنجليزية الضخمة بالمدرسة، وهنا جاء "فرانسيس بيكون" و"باشلر"، وقد قرأتهما على نحو خاص. أمَّا الجامعة فهي مرحلة جئتها بنضج ووعي معقولين، وإن كانت ذهنيتي تعاني من سقفيات ما، تَمَّ بعد ذلك التطهُّر منها وترك العقل يركض ما وسعه الفضاء. هذا حدث في جامعة الجزيرة كلية الاقتصاد والتنمية الريفية.
    متى أحسَّ محسن خالد بأنه يرغب في أن "يستحضر" أفكاره نصوصاً مكتوبة؟ وما هو النوع الكتابي الذي بدأ به "الشعر، القصة، الرواية"؟ وفي أي واحد منها يجد نفسه محسن خالد؟
    الأمور ليست واضحة في ذهني تماماً، يبدو أنَّها حين بدأت بشكل جدّي بدأت بالمسرح الشعري، فقد كنتُ متأثِّراً جداً بمسرحية "العبادي". وعلى هذا الغرار في المدرسة الابتدائية أنجزت مسرحيتي "شنحيب". ثم تحلُّ مرحلة أخرى أصبح فيها شاعراً مضحكاً بأكثر من بهلوانياتي في المسرح الشعري. وحتى في بدايات مرحلة نضجي كنتُ أكتب الشعر بالعامية، وربما أنا فيها معقول المستوى، وإن جاءت كتأثّرات بقراءات مدشّنة جيداً. وربما برعب الاكتشاف نفسه، الذي يعرف به الإنسان رجلاً كان أو إمراة، أنَّه أصبح بالغاً، بقفزة الماء الأخضر مباغتةً من جسده، وبقفز الكائن من مرحلة عدمه، إلى كائن آخر بوسعه أن يورّث حياته لآخرين، وأن يصل حاضره بماضي السلالة، بهذا الرعب كله، بدأت أكتب "إحداثيات الإنسان" و"الحياة السرية للأشياء" في وقت واحد، ومزّقت ديوانيْ شعر والتزمتُ جادّة الحكي، والروايتان ابتدرتاني تنزُّلاً منذ الثانوية.
    "الكتاب ماعون للمحو مثلما هو ماعون للكتابة" كيف يتأسس النص عند محسن خالد وفقاً لهذا القول؟
    الكتابة عندي هي الخروج في صيد،.. الأفكار، الصور، الأخيلة، العواطف، خزائن الأيام ورفوف العابر،...
    الخروج في صيد لغتك الفردية من بين قطيع اللغة الوحشي وقطيعها العاطل،...
    أنا أقتفي أثر الكتابة ليس من أجل احترافها، وإنما من أجل متعتها ومجانيتها، ولكي أكون وفيَّاً لطفولتي،..
    "الكتاب ماعونٌ للمحو مثلما هو ماعونٌ للكتابة"، هي الجُمْلة التي شرعت بشروطها في كتابة سيرة صديقتي "تيموليلت" الليسبيان، مطبوخة مع سيرتي، العمل الذي راج بسرعة مدهشة ومُرْبِكَة في آن، ربما تشريع دِرفتيْ هذه المقولة نَبَّه الناس إلى المقهي على طرفها الآخر، مقهى المحو، فالناس لسنين وَهْمٍ طِوَال افترضوا في الكتاب مقهى كتابة فحسب، والأمر يتضح أكثر "وتُهَجِّج نارُه" مع موضوعة كالسيرة الذاتية،..
    عن كتابة سيرتي أظلُّ الخارجي في نصها أبداً، وإنْ أنا وتدها في نفس الافتراض،..
    الوتد ينهض في حر الأرض أو بردها –بالخارج- لأجل تصالب خيمة غيره، من هم بالداخل، وإن يبقى هو الوتد، تتصالب الأشياء به على الدوام،..
    القصص أنا على الدوام أنظر إليها من حيث تفتقر هي إلى الترابط، لأنّني سأبني حكايةً لها ولن أروي أحداثها، أمَّا الاقتراب من القصة من حيث هي مترابطة ويمكن تعبئتها في فيلم تسلسلي، فهذا اقتراب لرواية صحفي أو مراسل حربي، الروائي الأمثل لا بُدّ له أن يُفَكّر في المسألة على نحو آخر، وغير إعلامي أو دعائي. الروائي يُعبئ الجُمَل، الجُمل الموقوتة لتنفجر واحدة بعد الأخرى، في طريقٍ تترصّده مفاجآت البارود كلها، شبح التفريغ، والتعبئة بمرحلة صادمة ومتشظية في كل آن، ما يفعله الانفجار بالضبط لو كنّا نذكر.. وهذه هي الملاحظة الأساسية التي خرج بها قاص عبقري وعريق مثل عيسى الحلو من رواية "تيموليلت".
    وكانتباهة في ناحية أخرى، لا بُدّ من تفكيك اللحظة من الزمان، فهذا شيءٌ مهم بالنسبة للروائي، هناك لحظة تصلح للرواية، وهناك لحظة متوفية، اللحظة في ساعة حائط على جدار الغرفة، لا تناظر أبداً تلك اللحظة من ساعة المحطة وهي تمر على قلب حبيب منتظر، قُل لي إنَّك تضبط كتابتك دائماً على اللحظات في ساعة المحطة، وأنا سأقول لك إنَّ كتبك ستبقى على الدوام حيَّة ومتقدة.
    والرواية لديَّ بدون خلاصات، كرواية رجلين يتساومان حول مسألة غامضة بكل سرور، وبكل ما في الغموض من غواية وطرافة، أحدهما يقول لرفيقه، أنا معي روح عصفور، فقل لي ما معك؟ ويرد الآخر، بأنَّه مفلس، ولكن الفضاء كله في جيبه هو، إن اتفق هذان الرجلان فمعهما عصفورٌ وفضاء، وإن استمرا مختلفَيْن وفي عبثهما القديم! فأيضاً معهما عصفورٌ وفضاء.
    الرواية أوَّل ما يجب سلخها عنه، هو مخطّطات الإخباريين القُدامى من الأعراب، الرواية لديّ حيث لا حكايات، فقط جذب لحية الحكاية، البناء الدرامي، التصاعدي، أو التطوري، يبدو خِفّة عقل لم يعد الناس ساذجين لها بالحد الكافي لتتبعها، عليك أن تلعب لعبة عفوية جداً، لعبة مجاورة لتفاصيل الشخص الداخلية ونهنهات روحه، لعبة ونَّاسة أكثر من كونها متسيّدة حكاية، كي تفغر فم الدماغ والخيال لأجل أن يركض بداخلهما دم لا أكثر، وذلك يتم بتجريد الأحداث من الاتجاه والنوايا والقصدية، وفي نفس الوقت بجعلها قابلة للامتلاء بأي قصدية يمكن أن تعترض طريقها، عليك أن تلعب بكل شيء، دون أن تخشى من الضياع وعدم الوصول، على الرواية أن تشبه مطبّات القَدَر المترّبصة على الدوام، وسفاهة الأيام التي لا تنقطع.
    "الرواية منطقها الوحيد أنَّها رواية"، هكذا يقول الرجل الأميبي من إحداثيات الإنسان، فأنت تزهو باللغة المنحوتة مثلما تزهو باللغة العاطلة، وتتفرعن في الصور يا صديقي، تتفرعن في الصور لإنتاج يوم الزينة بكامل فراعنته وأنبيائه وتحدياته، عالمٌ من الظلال عليه أن ينهض، والسراديب خلف الجُمَل كلها عليها أن تطول، حُجُرات خلفية إثر حُجُرات، دون نهاية.
    تخيّل أن رجلاً يُعِدُّ بيتاً كاملاً بما في ذلك الحديقة والشارع المجاور، من إطارات لصور ولوحات غائبة، ثم يُكَرِّس باقي عمره بعد ذلك في تجريب ملء الإطارات بالصور واللوحات، يملأ ويُفَرّغ، لتعمر لحظاتُ بيتِه بالإيحاءات كلها، بصدفة الذي هو دائم، بدوام الذي هو صدفة، وجوه دائمة في تعابيرها، دوام النيل في طريقه، وجوه تائقة لتعابيرها، تَوْق النيل لوصوله الكلي، بحيث يلتفت خلفه، ولا يرى له ذَنَباً ينجرُّ من ورائه، والمطر يبقى أبداً هو الخائن للُّعبة كي تستمر، والخائن الأبدي للجملة هو الجملة نفسها، الكلام يخون دمه على الدوام.
    بأي حال، الكاتب والكتابة كلاهما يتحقّقان عبر مراحل، يبدأان بمرحلة الكاتب الرخو والكتابة الرخوة، التي لا يكاد فيها القلم أحياناً يُبين كثيراً. ثم يجتهدان أكثر، كلاهما، الكاتب والكتابة، ليبلغا مرحلة (الإمتاع والمؤانسة) استلافاً للتسمية من ذلك الكتاب القديم.
    ثم تأتي المرحلة الأكثر أهمية، والتي يطلِّق فيها الكاتب الكتابة، ويفرزان معيشتهما كما نقول بالسوداني، ويصبح بوسع الكاتب أن يجدّد الكتابة نفسها، وأن يتعامل معها من خارجها، بهدف "إعادة خَلْقها" وليس ترقية أبنيتها ورؤاها وصورها فحسب، أعني حين يصبح بوسع الكاتب أن يحذف ويضيف إلى مجمل تراثها.
    ثم يعود الكاتب للالتحام مع الكتابة من جديد، ولكن لكي يكتبها بكتابته ويُعَبِّر عنها بلغته –لغة كهفه الخاص- التي اصطادها بعيداً عن لغة الكتابة التي هي كيلةٌ من دقيق التموين في مواعين الجميع، وهي المرحلة التي يصبح فيها الكاتب الفلاني جسد وروح كتابته، وليس أن تصبح الكتابة المتداولة روح وجسد الكاتب فلان، هذه كتابة ستُفضي بالشخص في النهاية إلى صحيفة وليس إلى رواية، هكذا لا جديد، ولا غيلان كتابة، وهذا التمرحل هو ما قصدته كثيراً بكوني أسعى لأن أكون غولاً في الكتابة، الكاتب الغول.
    في مناقشاتي معك كنت قد ذكرت لك (وفي الصوفية "الطبقات" كأنه مجموع روايات كُتب بلغة هي هجين مثلما يكتب الآن محسن خالد... وود ضيف الله في زمانه فلتةٌ أحدثت الضجيج)،... مثلاً في تيموليلت الكتابة الهجين ظاهرة جداً وموزعة "هجينيتها" بين اللهجة المغربية وحنين محسن خالد للّهجة السودانية الممعنة حتى في دارجيتها... وإن كانتْ لا تُوجد في "إحداثيات الإنسان"، بل بالعكس العربية الصافية تحَدَّث عبرها حتى شخوصك الشعبيين جداً... كيف تفسر ذلك؟ وأيهما أجمل عندك الكتابة بالفصيح "الفصيح المتوسط إن صح التعبير" أم الهجين؟
    أولوية اللغة، أو نوعها، موزّعة بين اختيار الراوي لها، وبين إملاءات رسم الشخصية حسب مكوّناتها الثقافية وقدراتها دون شك، هذا من ناحية مهمة وإن ليست شَرْطِيَّة وحاسمة، أمَّا الناحية الأخرى الأكثر ضرورة فهي أنّ الموضوع وهمٌ من أساسه. أو دعنا نقل إنّه وهم متعلّق باللغة العربية تحديداً، لأنّها لغة منفصمة بين لسان فصيح وآخر دارجي-تفاهمي. وأنا أهدف من هذه الإشارة إلى سَوْق الموضوع لينتهي بتقديرات الراوي نفسه للمسألة. وأكبر دليل على أنَّ الموضوع -وهم خالص- يتضح عندما نقوم بترجمة هذه الكتب إلى لغات ثانية، فلو أنَّ إحدى الشخصيات في العمل قالت: "أنا مدّلي علي ساقيتي"، أنا وأنت فقط سنعرف أنَّ المتحدث هو مزارع من شمال السودان بحكم أننا سودانيان وبوسعنا معرفة لغة مزارع شمال السودان عن لغة الأدروب عن لغة الشوايقة عن لغة غرب السودان، عن لغة شخصية بوسعها أن تتحدث الفصيح وتقول نفس العبارة السالفة على نحو: "أنا ذاهب إلى حقلي قُرب النهر"، والعبارتان حين نقوم بنقلهما إلى الإنجليزية تُعطيان معنىً واحداً، بدون أي محددات فكرية أو نفسية -تاريخية، -جغرافية، -حضارية، حول الشخصية القائلة، إذن مسألة اللغة هذه هي مجرّد أوهام إقليمية، السؤال هو: ما هي المحددات الكونية للشخصية، المحددات التي لا علاقة لها باللغة وإنما بالروح، لا بالجغرافية وإنما بالزمان، لا علاقة لها بمستويات الشخصية وإنما بنواة الشخصية، المحددات الكونية والفاصلة، والتي تنهض في الجهة المعاكسة للمدرسة "الوجودية" وهذه هي اللعبة بالضبط التي تعتمدها رواية "إحداثيات الإنسان"، ونظرتي إلى هذه الرواية تختلف عن نظرتي تجاه أعمالي الأخرى، "الحياة السرية للأشياء"، "تيموليلت"، "المرور أمام النشنكة"، "قسيس الطبيعة"، "كلب السجَّان". "إحداثيات الإنسان" كان عملاً يتقصّد الذهنية بأكثر من غيرها، وفي تقديري أنَّه عملٌ يؤسِّس لنوع مهم من الرواية تفتقر إليه الكتابة السودانية، وهي الكتابة المفكّرة، هذه مسألة مهمة لإنتاج آليات إنتاج الأدمغة نفسها، كما هو الحال مع كُتّاب مثل "سارتر" و"كامو" و"ألدوس هكسلي"، وكتابات مثل "زرادشت" و"فارتر" و"يوليسيس" و"التحوُّلات"، أما "الرواية –القص" فمسألة أسهل من ذلكم بكثير، لذا أنا احتجت في "إحداثيات الإنسان"، العالية الطموح، للّغة التي يمكن الاتفاق على قوانين فهمها وكتابتها-الفصيح، مع أنني في تداعيات شخوص نَفْس الرواية سعيت بقدر المستطاع إلى المناوبة بين هذا وذاك. أمَّا رواية "تيموليلت" وغيرها من الأعمال فأنا كنت بصدد الذهنية وظرفية الحكي في نفس الوقت-البيئة-الجمالية- بأكثر من التركيز على جهة واحدة. وكَعَارض لي هنا أقول إن "الحياة السرية للأشياء" كُتِبَت أيضاً بفصيح صافٍ، وإن هو مختزل لأبعد الحدود، هناك لعبة اختزال اللغة الكلاسيكية، بمعنى عرضها في أقرب وجه فصيح يمكنها به أن تشبه العامية، أي مصّها كسُمّ من لدغ الشوارع، لتشفى بمجرّد قناع عافية قاموسية.
    القراءات الحرة... اتجاهاتها، تأثيراتها، وهل هناك منهج مُعَيَّن للقراءة؟
    لا أدري كيف أُجيب على هذا السؤال، لأنني أبكرتُ في عملية التعلُّم كما هو الحال مع كل العباقرة طبعاً، وهنا موقفٌ للمزحة، فكل من يعدّون معه حواراً من اللامعين لن يعفي الناس من هذه البادئة، ومن بادئة الإبكار في ممارسة إبداعه أيَّاً كان نوعه، لنقل إنني لم أكن أقلَّ شأناً من هؤلاء اللامعين، وإنني أُدخلت الخلوة باكراً من ناحية أُمي، لأحفظ وأجوّد القرآن، هذا بصدد العربي، أمَّا من ناحية الإنجليزية فلحسن الحظ قدّ علمّني ابن خال أمي "محمد فضل المولى" بدايات الإنجليزية وأنا في مطالع الابتدائي، ثم أكمل معي الشوط ابن خالي أنا "مُحي الدين محمد المك" لأنني كنتُ الحوار الذي غلب شيخه محمد فضل المولى بأسرع مما كان يُتصوَّر، إذن أصبحتُ بحاجة لمن يُلقمني حجراً، فكان مُحي الدين الذي ما يزال أبرع مني ومن أهلها أنفسهم.
    مجلات الأطفال بجميع أنواعها وألغازها كانت أعلاف طفولتي، وآداب الإنجليزية أو الآداب المنقولة إليها من الروسية وغيرها من اللغات -فقد كوّنت مكتبة ضخمة أيام عيشي بذاك الريف البعيد- بالإضافة لكتب الطيب صالح، التي كنتُ مشهوراً بحملي لها في جيوبي وقراءتها على الناس في أي مجمع أجده، النساء على وجه التحديد كُنّ يطالبنني بإعادة مشهد "الزين" في المستشفى، لا أدري لماذا؟ ربما هي الحاجة للحنان. هكذا كانت تعثّراتي الأولى على الدرب الذي ما يزال يتمطّط. أمَّا الحادثات الأربع والأوضح في توجيهي من ناحية القراءة فأُولاها هي مروري بمكتبة في الخُرطوم كانت تُجْرَد مخازِنُها، وبسعر تافه جداً حصلتُ منها على معظم منجزات الأدب الروسي، بوشكين ودستوفسكي وتشيخوف وإلكسندر كوبرين وفالنتين راسبوتين وليف تولستوي وألكسي تولستوي ومكسيم جوركي وشيلخوف وإيفان غونتشاروف وتورغنيف وكورلنكو ومايكوفسكي وسيرجي يسنن وأنَّا أخماتوفا، وتمنيتُ في تلك الفترة أن أكون مثل المترجمَيْن "سامي الدروبي" و"أبوبكر يوسف"، وأن أتزوّج روسية بيضاء كناستاسيا فيلوبفنا، بشرط أن تكون رائقة. وتأكَّدت الفكرة في رأسي جيداً حينما بلغت مطالع الثانوي وقرأت "حكاية البنت التي طارت عصافيرها"، وذلك الإهداء الفارط الحزن والجمال من بشرى الفاضل لـ"لودملا".
    الحادثة الثانية هي ذهابي إلى مدني في زيارة وتعرُّفي بـ"عمر السنوسي" وبمكتبته الضخمة حينها، وهذا الرجل أوَّل من وجَّهني وتناول أعمالي بالدراسة الجادة، مع أنني كنت صغيراً جداً، ولا أكاد أقفز فوق مرحلة المتوسطة. بمساعدة هذا الصديق وتحت ظلال مكتبته يمكنك أن تقول إنني بدأت أعي ما أنا فيه، وما أنا منذورٌ له، لقد جعلني أقرأ وأستوعب في تلك السن أعمالاً مثل "نظرية الأدب.. لأوستن وارن ورينيه ويليك"، "المنهج والمصطلح.. خلدون الشمعة"، "النقطة والدائرة.. طَرَّاد الكبيسي"، "الشعرية العربية الحديثة.. شربل داغر"، "ضرورة الفن"، و"الفن والمجتمع" و"دراسة في منابع الشعر الإنجليزي"، هذا الصديق عَرَّفني على اتجاهات النقد، ومن مكتبته تعرّفت على أعمال ماركيز في مجملها تقريباً، وكنتُ قد قرأت لماركيز "مائة عام من العزلة" و"الحُب في زمن الكوليرا" فقط، هنا وجدتُ تتمته ووجدت "جورجي أمادو"، "كارلوس فوينتس"، "خوسيه ساراماغو"، "وإيزابيل الليندي" و"نادين غورديمر"، "ريلكه"، "لوركا"، "ويليم بليك"، "طاغور"، "أوكتافيو باث"، "برنارد شو –بالعربي"، والذي لا يُحصى، في مكتبة شاسعة جلبها صاحبها من العراق بدل كل ما يجلبه المغتربون –عادة- من متاع، قيل لي إنَّ وحدات الأمن سرقت نصفها بعد رحيلي.
    الحادثة الثالثة هي مكتبة "الشيخ عبد الوهاب حاج علي" بالمسيكتاب، كُنَّا نذهب إليها أنا وصديقي "سفيان محمد عبد القادر" الذي عبد الوهاب يكون له جَدّه لأُمه، وهنا كانت المواجهة مع كتب التراث في أضخم احتشاد له أراه في مكتبة شخصية لفرد، كلُّ ما يخطر على قلبك، كان يدخل علينا ويشجّعنا: المباريك! فطرتو وألا لاهسي، العلم بدور البطن الملانة "عليه رحمة الله".. كَنَّا نُركّز على كتب الأدب والتاريخ أكثر من غيرها، مع وضع كتاب للبخاري أو "علي المديني" قريباً منَّا، تحسّباً لدخول الشيخ عبد الوهاب فقد كان يأتي ويقرأ معنا أحياناً، ونحن نُريد "مَسْخَة وطَمْسَة" صاحب العقد الفريد والمبرّد والأغاني وأقاصيص الطبري وابن كثير وابن الأثير و"ابن هشام -الطبعة التي أخرجها الزبير باشا حين اعتقاله بمصر"، ودواوين الشعراء في كلاسيكيات الطبعات المصرية القديمة، "خمريات أبي نوَّاس، بدون أي حذوفات –طبعة قديمة وأصلية"، وكتب أبي العلاء بتمامها، وخصوصاً رسالة الغفران التي كانت من صعوبتها كالعقاب، وإلى آخر أوراق التراث. وحين أعثر على مكتبة جَدّي "عبد الله الأنصاري –المُوفَد"، التي ستقودني إلى كتب تراث المتصوفة تحديداً، سأكون على علم بالكثير من هذه الكتب، هنا يمكنك أن تُراجع قصتي "المُوفَد". مكتبة أبي الشخصية وأجداده لم تفدني كثيراً، لأنَّها كانت تنحصر في كتب الدين الجافَّة –السلفية، وفي علوم اللغة تحديداً وباتساع لا يمكن الإحاطة به، لقد استفدت منها معرفياً، ولكن ليس فنيَّاً أو جمالياً، بما يقدح شَرَر الطاقة الغامضة في روح الكائن.
    الحادثة الرابعة هي مكتبة الشريف "يوسف عبد الرحمن الهندي"، الذي عشتُ في بيته كواحدٍ من أبنائه، فابن عمي وصهري عبد الرحمن بدر التمام كان زميلاً وأخاً وجاراً له في إدارة مشاريع النيل الأزرق الزراعية، وأنا مضّيت في تلك المكتبة ما يساوي مجموعه السنين، ولعلّها ومكتبة عمر السنوسي المكتبتان الأكثر تأثيراً في حياتي، فقد كانت مكتبة الشريف تتكوَّن من شقين، الشق الذي يكاد يُغَطِّي أهم مصادر كتابات التراث الأدبية والتاريخية والكتابات المعاصرة، وهذا الشق جمعه وأعدَّه الشريف يوسف بنفسه، أمَّا الشق الآخر فهو تغطية للآداب والفنون والفلسفة الغربية، وهذا جمعه وأعدّه "الراحل بدر الدين" ابن الشريف يوسف، وجاء بمعظمه من دول خارجية إما درس فيها أو قام بزيارتها. هنا تعرَّفت بتوسُّع وتركيز على كتب المدارس الفلسفية والأدبية والفنية، على "نيتشه"، "هايدغر"، "لاختنتريت -الموسيقى والحضارة"، "داروين"، "سيغموند فرويد، أدلر، يونج"، "كارل بوبر"، "أزوالد إشبينجلر"، "هنري باربوس"، "هيرمان هسّه"، "أرنولد توينبي"، "كولن ويلسون –في أعمال له لم أكن أعرفها، وهذا الرجل أنا كنتُ أُسمّيه صحفي الفكر، لأنَّ كتاباته تدلّك على الكتب المهمة التي يجب أن تُقرأ، كولن يتحدّث عن د. لورنس، وما عليك إلا البحث في مكتبة الراحل بدر الدين، كولن يناقش "مدام بوفاري"، وهاهو جوستاف فلوبير بهذا الرَّف. الشريف يوسف كان لا يقرأ بالمكتبة، بل يأتي فقط ليأخذ الكتب إلى غرفته، الأكثر اهتماماً بالقراءة في منزله كانت ابنته "ابتهاج"، ثم زوجته الفاضلة "طيبة"، كان الشريف يوسف يُعجَب بجَلَدي على القراءة والسهر كثيراً، لعلّي كنتُ أمنح لغَيْبة ابنه الراحل معنىً سامياً وذكرى مفيدة.
    ربما بعد هذه الفترة بقليل بدأت دراستي الجادة للنظريات العلمية، "النسبية"، "ميكانيكا الكم"، "الأنتروبيا"، "الجيشتالت"، "فيسولوجيا الدماغ"، "التحليل النفسي"، "المدرسة السلوكية"، على يديّ صديقيَّ "د. محمد قُرشي" و"د. السماني يحيى"، وللطرافة الأدبوعلمية فقد عَرَّفني د. محمد قرشي على ألدوس هكسلي، كما عَرَّفني د. السماني يحيى على "إيفو أندريتش"، مع أنني كنتُ دليلهما في هذه الناحية.
    ثم تتوسَّع حياتي الثقافية بعدها، بالسفر، وبالاحتكاك المباشر بأكابر المثقفين العرب والأجانب خارج السودان، ومن ثم يتخذ الاطلاع والقراءة شكل المشاجرة وما هو حياتي ويومي، لتصبح تلك الفكرة العَطِرة والحالمة، حول الكتب والكتابة والاطلاع، أزمة عيش.. جهة عمل.. مغالبة ميول وأهواء.. افتراضات لأُعطيات تافهة تمنحها الثقافة.. فما أزال أُكافح وأتمسّك ما وسعتني الحيلة بتلك الرهبة الخافتة، الشيطانية و"المِفَارِقَة"، التي تمنحها الكتب، ما يجعل الأمور كلها تدور مع شَيْمَة الصلاة على الجبين.
    ما هو موقف محسن خالد فيما يردده البعض حول كتاباته، لدرجة الاتهام المبطَّن، وهو خلاف يقوم في الأصل حول قضية موجودة أصلاً ومختلف حولها وهي معالجة الجنس في الأدب؟
    الأمر كما أشرتَ إليه يا عبد الله، هو مُكَرَّر وقديم، والحديث فيه يُصيبُ بمَلَلِه المتحدث والمستمع، وبميزان واحد، يُجْلِس أحدهما في كفّة الميمنة والأخر حيث لا يجد إلا كفّته الأخرى والمعلومة، لا رغبة لديَّ في إضجار نفسي والقارئ، أنا قلت: "الكلمات هي حربنا ضد الحرب"، و"الكلمة لا يعترضها أحد"، التاريخ من قبل أفتى بذلك، والانترنت خُلقِت خصوصاً لتأكيد هذه المقولة، الإيمان بأي شيء كان -بعد الآن- لن تحميه بطراركية أو إماموية، ومهما بلغت سلطاتها، إلا بقدر ما يستطيع ذلك الإيمان أن يحمي نفسه بداخل الشخص. البتر -القطع -الحذف –الجذ.. كلها أفعال تعود إلى عصر السكين الحجرية، وإنسان كهوفها، إنسان ما قبل الآدمي، "النياندرسيال مان" و"الكروماجنون".
    الخلافات التي حدثت حول "إحداثيات الإنسان" فيها كثير من الإجحاف خاصة وأن الرواية لم تكتمل فصولها بعد، ألا تعتقد أن تلك مشكلة وهي أن يُقَدِّم الروائي جزءاً من عمل لم يكتمل، بمعنى أن تلك مغامرة من قبل الكاتب؟
    لا، أنت خلطتَ في الأمر، أنا قلتُ إنَّ المنشور منها هو (جزءٌ يسير) من العمل، ولم أقل إنها لم تكتمل بمعنى أنَّ أجواء البدايات للعمل لا يمكن للقارئ الحصول عليها، كلامي بخصوص القارئ الذي ينوي الاطّلاع على الأمر كله من الانترنت فحسب، هناك الجزء الأول مكتملاً ومطبوعاً، ولم يكلّف أحد نفسه عناء البحث عنه أو حتى وضعه في حساباته بأقلّ تقدير. ثم إنّ قرارات الطيب مصطفى –غير المثقّفة أو النقدية، بأي حال من الأحوال- تعنونت باسم أحد الفصول (الرجل الكلوروفيل) هذا صحيح، ولكن مع القليل من رواية (تيموليلت) وأيضاً من الحواشي التي لا دخل لها بالعملين مطلقاً، أما حاصل الحَجْر والمنع فقد وقع على كتابات "محسن خالد" كلها، بما فيها بوست (إصلاح الكتابة) المخصّص للحوار والإفادة حول اللغة العربية، بأي حال كما حَبِطت من قبل محاولات "إسحق فضل الله" و"علي يس" في قتل هذا العمل، وكذلك محاولات رقابات أخرى في بلدان عربية، فقد حَبِطت محاولات الطيب مصطفى. (الكلمة هي عصا موسى).
    كيف يمكن النظر إلى أمر النقد الأدبي في السودان؟ وما هي وجهة نظرك حوله؟
    النقد الآن في منظوره الكوني يعاني من ارتباك، ويعاني من تأخّر في ملاحقة الآداب والفنون، فتراكم الآداب والفنون والمعرفة بلغ حداً "جنونياً" و"مخيفاً"، جنونياً -لكونه بإمكانه أن يحتوي على أيِّ شيء، ومخيفاً –لكوننا لم نمارس عليه النقد لنعرف ما يحتويه، أما الذي هو رائج الآن وبكثرة من مقالات النقد، لاحظ أنَّه قلّت أعداد الكتب المخصَّصة للنقد، فقط هناك مقالات نقدية قديمة الآليات تلاحق أعمالاً –ليس بالضرورة أن تكون نافدة- ولكنها قطعاً "بائتة"، لكونها لم تُحظَ بالنقد في الوقت المناسب، نحن نتفرّج.
    بخصوص الساحة –النقدية- في السودان، هي بالتأكيد لن تفاجئ الساحة العالمية بابتكار مباغت، ربما معنا من النقَّاد العدد القليل، وهذه ليست الآفة ولا المشكلة، الآفة هي أنّ هذا العدد على قِلِّه يناقش كتاباً واحداً دون ملل، "موسم الهجرة إلى الشمال" إن أحببت أن أُسمّيه لك. هم بالطبع سينتظرون نُقّاد الخارج حتى يتناولوا أسماء جديدة مثل (أبّكر إسماعيل) أو (بركة ساكن) أو (محسن خالد)، ليأتوا هم بعد ذلك كالبكتريا التي تعقب الطاعِم، فلا يخرجون إلا بما يخرج به متسقِّط الفضلات، وإن كانوا أذكياء بالفعل ومظلومين من قبل شخص مستهبل ومتجنّي مثلي، فليلعبوا لعبة جديدة ومعاكسة لمرَّة واحدة في حياتهم.
    بأي حال تبقى تلك الكتابات العارضة أو "اللافتية" كما أُسميها، "غير المتخصصة"، كنوع من أنواع إبداء "المحبّة" أو "الكُره" تجاه المنتوج الفني أو الأدبي، والتي أصبح إعرابها في غياب النقد الحقيقي في محل "شواهد" على مقبرة النقد.
    الذي أقوله لنقادنا، إنَّ فضاء الكتابة العربية تحديداً، لم يغفر لكم أن كان منكم "الطيب صالح"، وليس بالغباء الذي يجعله يرتكب ذنباً جديداً.
                  

العنوان الكاتب Date
مقال لطيف مع (قناع) في شتم محسن خالد !!! عبد الله إبراهيم الطاهر12-06-05, 07:56 AM
  Re: مقال لطيف مع (قناع) في شتم محسن خالد !!! محسن خالد12-06-05, 11:03 AM
    Re: مقال لطيف مع (قناع) في شتم محسن خالد !!! Eng. Mohammed al sayed12-06-05, 02:14 PM
      Re: مقال لطيف مع (قناع) في شتم محسن خالد !!! محمد عيد الله12-07-05, 00:01 AM
      Re: مقال لطيف مع (قناع) في شتم محسن خالد !!! عاطف عبدالله12-07-05, 00:17 AM
  Re: مقال لطيف مع (قناع) في شتم محسن خالد !!! عبد الله إبراهيم الطاهر12-07-05, 01:01 AM
    Re: مقال لطيف مع (قناع) في شتم محسن خالد !!! nadus200012-07-05, 02:04 AM
    Re: مقال لطيف مع (قناع) في شتم محسن خالد !!! عادل ابراهيم عبدالله12-07-05, 02:43 AM
  Re: مقال لطيف مع (قناع) في شتم محسن خالد !!! عبد الله إبراهيم الطاهر12-07-05, 02:09 AM
    Re: مقال لطيف مع (قناع) في شتم محسن خالد !!! خدر12-07-05, 04:46 AM
  فليسهر القوم جراها!! عبدالغني كرم الله بشير12-07-05, 05:06 AM
  Re: مقال لطيف مع (قناع) في شتم محسن خالد !!! esam gabralla12-07-05, 05:15 AM
    Re: مقال لطيف مع (قناع) في شتم محسن خالد !!! الصادق اسماعيل12-07-05, 06:43 AM
      Re: مقال لطيف مع (قناع) في شتم محسن خالد !!! بدري الياس12-07-05, 08:00 AM
        Re: مقال لطيف مع (قناع) في شتم محسن خالد !!! خدر12-08-05, 03:21 AM
          Re: مقال لطيف مع (قناع) في شتم محسن خالد !!! خدر12-08-05, 03:29 AM
  Re: مقال لطيف مع (قناع) في شتم محسن خالد !!! nashaat elemam12-08-05, 03:55 AM
    Re: مقال لطيف مع (قناع) في شتم محسن خالد !!! محسن خالد12-08-05, 05:21 AM
      Re: مقال لطيف مع (قناع) في شتم محسن خالد !!! محسن خالد12-08-05, 05:40 AM
  Re: مقال لطيف مع (قناع) في شتم محسن خالد !!! عبد الله إبراهيم الطاهر12-08-05, 05:29 AM
  Re: مقال لطيف مع (قناع) في شتم محسن خالد !!! خضر حسين خليل12-08-05, 06:19 AM
    Re: مقال لطيف مع (قناع) في شتم محسن خالد !!! عبد الله إبراهيم الطاهر12-08-05, 06:47 AM
  Re: مقال لطيف مع (قناع) في شتم محسن خالد !!! عبد الله إبراهيم الطاهر12-08-05, 06:32 AM
    Re: مقال لطيف مع (قناع) في شتم محسن خالد !!! محسن خالد12-08-05, 09:29 AM
      Re: مقال لطيف مع (قناع) في شتم محسن خالد !!! محسن خالد12-08-05, 10:00 AM
  لم أغرق، في التفاصيل أعلاه، كثيرا.... عبدالغني كرم الله بشير12-09-05, 02:17 AM
  Re: مقال لطيف مع (قناع) في شتم محسن خالد !!! عبد الله إبراهيم الطاهر12-10-05, 02:18 AM
  محسن خالد الكاتب الغول: الكلمات هي حربنا ضد الحرب، وهل ينجح في التحدي حتى النهاية؟!!! عبد الله إبراهيم الطاهر12-10-05, 03:04 AM
    Re: محسن خالد الكاتب الغول: الكلمات هي حربنا ضد الحرب، وهل ينجح في التحدي حتى النهاية؟!!! خالد عويس12-10-05, 09:08 AM
  Re: مقال لطيف مع (قناع) في شتم محسن خالد !!! عبد الله إبراهيم الطاهر12-11-05, 01:47 AM
  أخوي عبد الله.. عبدالغني كرم الله بشير12-11-05, 02:59 AM
  Re: مقال لطيف مع (قناع) في شتم محسن خالد !!! عبد الله إبراهيم الطاهر12-11-05, 04:21 AM
    Re: مقال لطيف مع (قناع) في شتم محسن خالد !!! محسن خالد12-11-05, 03:37 PM
      Re: مقال لطيف مع (قناع) في شتم محسن خالد !!! Tumadir12-12-05, 05:47 AM
        Re: مقال لطيف مع (قناع) في شتم محسن خالد !!! محسن خالد12-12-05, 08:10 AM
          Re: مقال لطيف مع (قناع) في شتم محسن خالد !!! محسن خالد12-12-05, 09:14 AM
  Re: مقال لطيف مع (قناع) في شتم محسن خالد !!! عبد الله إبراهيم الطاهر12-13-05, 03:30 AM
  Re: مقال لطيف مع (قناع) في شتم محسن خالد !!! عبد الله إبراهيم الطاهر12-13-05, 03:55 AM
  Re: مقال لطيف مع (قناع) في شتم محسن خالد !!! هميمة12-14-05, 01:30 AM
  شنو السادية بتاعتكم دي... عبدالغني كرم الله بشير12-14-05, 02:09 AM
  Re: مقال لطيف مع (قناع) في شتم محسن خالد !!! عبد الله إبراهيم الطاهر12-14-05, 02:59 AM
  Re: مقال لطيف مع (قناع) في شتم محسن خالد !!! عبد الله إبراهيم الطاهر12-15-05, 06:45 AM
  Re: مقال لطيف مع (قناع) في شتم محسن خالد !!! عبد الله إبراهيم الطاهر12-17-05, 01:54 AM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de