شكلها حتكون تاريخية

Quote: مناظير تِلت التلاتة كم؟! زهير السراج [email protected] لا أحد من المختصين في الطرق والجسور، يريد أن يسأل والي الخرطوم «تلت التلاتة كم»!! لا المجلس الهندسي، ولا الجمعية الهندسية، ولا اتحاد المهندسين ولا كليات الهندسة في الجامعات السودانية، ولا معهد بحوث البناء والطرق، ولا بيوت الخبرة في مجال تشييد الطرق والجسور، ولا المهندسين!! لا أحد من هؤلاء يريد أن يسأل الوالي، أو حتى يكتب في الصحف عن أفاعيل الوالي في طرق وجسور ولاية الخرطوم، فهو يفعل ما يريد، وقتما يريد، بالطريقة التي يريد.. بدون اعتبار لمواصفات فنية او ادارية أو مالية، وكأن ولاية الخرطوم وطرقها ماركة مسجلة له، وكأن المنصب الذي يشغله احدى شركاته الخاصة، يتصرف فيها بما يحلو له!! ولم يكن غريباً أن تكون النتيجة هي تلك الأخاديد والمستنقعات والتصدعات الأرضية، التي تمتد على طول الخرطوم وعرضها، ويطلق عليها الوالي زوراً وبهتاناً اسم «طرق أسفلت»، ثم يجد من يحرق له البخور ويكتب بدون حياء أو خجل عن «ثورة الطرق» في ولاية الخرطوم التي يقودها والي الخرطوم.. وهي «ثورة» لم تستطع الصمود لحظة واحدة امام اول امطار تنهمر على ولاية الخرطوم، وتكشف عورة هذه الطرق، وسوءاتها وهشاشتها، وضعف مواصفاتها، وجهالة وضعف الشركات التي كُلفت بتنفيذها. والمسؤول الأول والأخير عن ذلك هو الوالي الذي حاول أن يتملص من مسؤولياته قبل بضعة اسابيع، وألقى باللوم على قلة خبرة الشركات الهندسية والمهندسين السودانيين في تشييد الطرق.. عندما سأله الزميل احمد عمرابي بصحيفة «أخبار اليوم» عن تصدع «طريق العرضة» الذي لم يمر على إعادة تشييده وافتتاحه امام حركة السير غير أسابيع قليلة!! وللاسف الشديد.. لم يجد الوالي من يرد عليه من الجهات التي ذكرتها أعلاه.. واستطيع القول بكل وضوح، وأنا مرتاح الضمير والبال.. ان كل الذين يجلسون على قمة تلك الجهات، اثبتوا بما لا يدع مجالاً للشك، ضعفهم وقلة حيلتهم وعدم قدرتهم على تحمل أمانة المسؤولية المهنية التي قبلوا حملها.. ولم يحافظوا عليها!! والدليل على ذلك.. الصمت المريب الذي يواجهون به تصرفات الوالي والأساليب التي يتبعها في منح امتيازات تشييد الطرق لشركات فقيرة فنياً وادارياً ومالياً، لدرجة أن الوالي نفسه الذي اختار هذه الشركات لتنفيذ الطرق، شن عليها هجوماً في مؤتمر صحفي ووصفها بالضعف المهني وقلة الخبرة.. وكأن هذا يعفيه من مسؤولية اختيار هذه الشركات، وتجاوزه للوائح والاجراءات الحكومية المعروفة!! لقد كتبت اكثر من مرة في هذا المكان، وقلت للوالي ولبعض مرؤوسيه في أكثر من مناسبة.. أن معظم الطرق يتم تشييدها بمواصفات ضعيفة جداً، فتنهار باسرع مما يتوقع اي احد.. وكان الرد الجاهز على لسان الوالي ومرؤوسيه «بأن الامكانيات لا تسمح بتشييد طرق بمواصفات جيدة، وأن الطرق التي ننشئها، هي طرق قليلة التكلفة». اي باختصار.. طرق هشة وضعيفة ولا وجود فيها لمصارف مياه أو مجارٍ، أو جزر، أو انارة، أو مداخل أو مخارج، أو علامات مرورية، ولا تصلح حتى لسير عربات الكارو والدراجات، دعك من العربات والشاحنات الثقيلة.. وهي قابلة للذوبان والتصدع والتحول الى مستنقعات وأخاديد مع هطول اول امطار الخريف، بل قبل ذلك، وهي تحتاج الى صيانة مستمرة فتصبح أعلى تكلفة من الشوارع ذات المواصفات الممتازة، وتعوق حركة المرور، وتعرض أرواح الناس للخطر، وتضيع الوقت، وتهلك المركبات، وتزيد استهلاك البنزين وقطع الغيار. إن انهيار وتصدع الطرق في ولاية الخرطوم، جريمة لا تقل بأية حال من الأحوال عن انهيار عمارة الرباط.. وإذا كان وزير الداخلية، قد تحمل المسؤولية، واستقال من منصبه بكل جرأة وشجاعة، فماذا ينتظر والي الخرطوم؟ وماذا ينتظر الذين بإمكانهم أن يقيلوه ويحاسبوه؟! إنني أضع هذا الملف أمام الحكومة الانتقالية.. وأتمنى أن يكون أول المهام التي يضطلع بها النائب الأول الجديد!!