|
Re: مصفاة الجيلى ما تزال تبث سمومها على البشر/ إقرأ هذا المقال للخبير د. الجرافى (Re: هشام المجمر)
|
Quote: قاطع الجمار علاء الدين شاموق [email protected] كتب أحدهم قبل فترة في أحد مواقع الانترنت السودانية عن جدوى الصرف الصحي، وأهميته، وحتميته، وإهمال الدولة لهذه البنية التحتية الرئيسية التي ينبغي توفرها في أي دولة محترمة ومتحضرة، وقال كاتب المقال بمرارة في آخره : أنّى لمن عاش عمره يقطع الجمار في الفيافي أن يدرك أهمية الصرف الصحي ؟
توقفت عند العبارة الأخيرة ملياً، فهذه العبارة تحمل من البلاغة الكثير، عقلية قاطع الجمار هذه – وهذه العبارة ليست عبارة كوميدية بل هي عبارةٌ استطاعت أن تصف الحالة بدقة بالغة – لم تكن حكراً على من يرفضون أو يماطلون في تأسيس شبكة للصرف الصحي، بل إن هذه العقلية تتمدد لتشمل كل المتحكمين في شأن تطوير مرافق البلاد وبنيتها التحتية.
فمن عاش حياته معتمداً على حمار أو عربة كارو في تنقلاته حتى بلغ من الكبر عتياً لن يعلم مهماً بذلنا من جهد معنى ان يكون لدينا نظام مواصلات محترم، نظيف، وآدمي، يمكن الاعتماد عليه، ناهيك أن يدرك معنى ان يكون لدينا شبكة مترو أنفاق متطورة في عاصمتنا كغيرها من عواصم الدنيا.
ومن عاش عمراً مديداً داخل هذه البلاد التي تحكمها قوانين العصر الحجري فحتماً لن يدرك معنى كلمة (High Way) الذي لم يره في حياته التي أمضاها دون أن يعلم أنه يعيش حالة من البؤس والفاقة الحضارية، وسيظن ان شارعاً مثل شارع الشهيد عبيد ختم هو قمة التطور العالمي في مجال صناعة الطرق وتعبيدها، وربما رأي جسر الإنقاذ على النيل الأبيض فأيقن اننا صرنا في مصاف الدول الصناعية العظمى، وهذا كله هراء رخيص.
أما النظافة، فهي كارثة لا تحتاج إلى وصف، وقاطع الجمار يريد أن يقنعنا أنه ليس بالإمكان أنظف مما كان، رغم ان شوارعنا، مدراسنا، جوامعنا، مصانعنا، مكاتبنا، ترزح تحت أكوام القمامة والأوساخ، دون أن يطرف جفن لمسئول في هذه الدولة.
هذا في الصيف، أما في الخريف فإن نقيق الضفادع وكمنجات الجنادب وطنين الناموس، كلها تشكل بانوراما موسيقية رائعة لا يطيب لقاطع الجمار أن ينام دون أن يستمع إليها كل مساء، أما متلازمات هذه الموسيقى من ملاريا وتايفويد ودسنتاريا وإسهال مائي (وهذه من أجل الرقيب)، فكلها أقدار الله وليس للنظافة علاقة بها.
التعليم، الصحة، الضرائب، الزكاة، المياه، الكهرباء، الهاتف، الدفاع، الأمن، إلخ، كلها باتت تدار بعقلية قاطع الجمار، ذلك الشخص الذي لا يملك سوى الحد الأدنى، ولا يريد سوى الحد الأدنى، ولا يعلم ان هناك غير هذا الحد الأدنى، ولا يدرك بشاعة الحد الأدنى، ولا يظن أن غيره من الناس لا يقبلون بهذا الحد الأدنى، ولو خيّر بين الحد الأدنى والأعلى لختار – لفساد ذوقه – الحد الأدنى، والأسوأ من كل ما سبق : انه يظن أن الحد الأدنى هو الحد الأعلى !
قاطع الجمار هو ذلك الشخص الذي يحطم معايير الجودة ولا يؤمن بها، ولا يميز بين الجودة وعدمها، ولا يرفض الجودة لارتفاع تكلفتها، لا، أبداً، - فهو يدفع الكثير مقابل ألا جودة - بل هو يرفضها لأسباب أخرى من بينها : التعود على الرداءة، وعدم الرغبة في التجديد، والخوف من المجهول، الكسل وعدم الرغبة في العمل، وأخيراً الجهل المقيم.
أما أسوأ ما في الأمر هو اللامبالاة، فلو أن قاطع الجمار ادرك ان هناك خطأ ما فربما – أقول ربما والله أعلم – حاول إصلاحه، وهذا حسن ظنٍ مني، إلا أن الكارثة تكمن في أنه فقد حتى القدرة على الرؤية والإدراك السليم، فما نراه قمامةً يراه صاحبي رياضاً خضراء، وما نراه شوارع ترابية بائسة يظنه طرقاً بالغة الكمال، إلخ.
أقترح على قاطع الجمار أن يخرج في إجازة طويلة، ولتكن ثلاثة أعوام مثلاً، يجوب فيها أنحاء العالم - على حسابي وحساب بقية دافعي الضرائب - وينظر إلى أي مدى من الرقي والحضارة وصل العالم ونحن في غيابة الجب نائمون، ويرى بعينيه أن العالم لا ينفق معشار ما ننفقه من ثروات للحصول على خدمات وسلع هي أفضل مما لدينا بمراحل.
حكمة اليوم : إن الجَاموسَ إذا كَبُرَ في السِّنِ ثخُنَ جِلدُهُ فباتَ لا يُدمِيهِ جَرُّ الشَوكِ ولا ضَربُ السِياطْ. |
نقلا عن سودانايل
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
مصفاة الجيلى ما تزال تبث سمومها على البشر/ إقرأ هذا المقال للخبير د. الجرافى | هشام المجمر | 04-15-07, 11:12 AM |
Re: مصفاة الجيلى ما تزال تبث سمومها على البشر/ إقرأ هذا المقال للخبير د. الجرافى | هشام المجمر | 04-15-07, 11:15 AM |
Re: مصفاة الجيلى ما تزال تبث سمومها على البشر/ إقرأ هذا المقال للخبير د. الجرافى | هشام المجمر | 04-15-07, 11:43 AM |
Re: مصفاة الجيلى ما تزال تبث سمومها على البشر/ إقرأ هذا المقال للخبير د. الجرافى | الجيلى أحمد | 04-15-07, 11:48 AM |
Re: مصفاة الجيلى ما تزال تبث سمومها على البشر/ إقرأ هذا المقال للخبير د. الجرافى | هشام المجمر | 04-15-07, 12:27 PM |
Re: مصفاة الجيلى ما تزال تبث سمومها على البشر/ إقرأ هذا المقال للخبير د. الجرافى | هشام المجمر | 04-15-07, 01:08 PM |
Re: مصفاة الجيلى ما تزال تبث سمومها على البشر/ إقرأ هذا المقال للخبير د. الجرافى | Mohamed Elgadi | 04-16-07, 00:19 AM |
Re: مصفاة الجيلى ما تزال تبث سمومها على البشر/ إقرأ هذا المقال للخبير د. الجرافى | هشام المجمر | 04-16-07, 06:41 AM |
Re: مصفاة الجيلى ما تزال تبث سمومها على البشر/ إقرأ هذا المقال للخبير د. الجرافى | هشام المجمر | 04-17-07, 05:35 AM |
Re: مصفاة الجيلى ما تزال تبث سمومها على البشر/ إقرأ هذا المقال للخبير د. الجرافى | NEWSUDANI | 04-17-07, 06:36 AM |
Re: مصفاة الجيلى ما تزال تبث سمومها على البشر/ إقرأ هذا المقال للخبير د. الجرافى | هشام المجمر | 04-17-07, 06:52 AM |
Re: مصفاة الجيلى ما تزال تبث سمومها على البشر/ إقرأ هذا المقال للخبير د. الجرافى | هشام المجمر | 04-17-07, 06:54 AM |
Re: مصفاة الجيلى ما تزال تبث سمومها على البشر/ إقرأ هذا المقال للخبير د. الجرافى | هشام المجمر | 04-17-07, 07:31 AM |
|
|
|