وأتمنى دوام المقيل هنا ، فهو أفضل للجميع . عندما جئنا بفيدوعام 1948 عن أمدرمان أعلى المقال ، لم يكن بين أيدينا صورة متحركة أكثر قدماً . وطبيعة القرية / المدينة ، أو مدينة التُراب كما شاع اسمها ، فهي قرية ومدينة ، أسهم الإنكليز في بقائها قرية ، نكاية فيها وفي أهلها. واقتلعوا رفات المهدي المدفون في القبة ، وأشعلوا النار في العظام ورموها في النيل، وأرسل كتشنر جمجمة محمد أحمد المهدي لإنكلترا لتكون مطفأة للسيجاير !. استبشع الإنكليز ذلك الفعل وأعادوا الجمجمة . حظيت الخرطوم بجلّ اهتمام المستعمرين ، فكانت طرقها تشبه العلم الإنكليزي بعد إعادة تأهيلها . ولمن يدرسون التاريخ فإن الخرطوم في زمن التركية السابقة ، كانت فيها مراقص ، ومنتديات ترفيهية وكانت مدينة "بربر" هي حاضرة المدن أيام التركية ، وكذلك مدينة" حلفا ". لسنا هنا بصدد ، تميّز أمدرمان ، أو نشر الثقافة العرقية التي عادت مع الإنقاذ للأسف الشديد ، ولكن صارت المدن كل مدن السودان مرتع أوساخ ، أوضح واليها أنه لا يمكن نظافة العاصمة ، والعاصمة تشمل الخرطوم وبحري وأم درمان !!. ورغم ذلك بقي والياً! ذكرنا سابقاً أننا بصدد إحياء تاريخ المدن ، وذكرنا أن العنوان الذي يوضح أن مدينة أم درمان بعيون ساكنيها . ولم نزكّيها على مدن أو قُرى السودان الأخرى . ومن يري إعادة تاريخ المدن التي يسكنها الناس ، فليبتدروا ملفات عن ذلك التاريخ وهي مهمة ليست بالعسيرة ولكنها تحتاج الصبر . أم درمان هي مدينة التُراب ، لم تدخلها شبكة مجاري في تاريخها ، وقد شملت شبكة المجاري جزء من الخرطوم – الخرطوم القديمة - ، وقليل من شبكة المجاري بحري . ولم تتطور مجاري الخرطوم إلا قليلاً بإنشاء مصفى المجاري بمنطقة سوبا . لسنا في مباراة بين المُدن ، ولا لمقارنتها ببعض ، لأن السودان كله غطس في بركة سوداء مظلمة ، وقد تدهورت أشباه المُدن السودانية عما كانت في الخمسينات أو ستينات القرن العشرين . تراجعت المدن ، ولا تغرنّكم العمارات والشقق ، فبلد بلا صرف صحي حديث ، وغياب صرف الأمطار وضعف خدمات الكهرباء وتلوث مياه الشرب لهو كارثة حقيقية ، كانت تعيشها أوروبا عند الثورة الصناعية ، ونحن ليس لدينا ثورة صناعية ، فماء مصانع بحري تذهب للنيل الأزرق ، ونفايات صناعة الخرطوم تذهب للنيل الأبيض ، وتلوثت مياه الشُرب! . وأهل السلطة هم الذين لا يحسون بهذا المستنقع لأنهم أوساخ بشرية لا يعرفون الصالح من الطالح . والبقعة بناسها وعُشرتهم الطيبة هي التي عنها نتحدث . لقد ذكرت أن الخرطوم زاخرة بتاريخها الفني ، وبحري كذلك ، ويمكن لأهل بحري وسكانها والخرطوم وسكانها فتح ملفات كثيرة عن تاريخهما وأمجادهما ما وسعتهم الحيلة في بيان ذلك . فنحن لم نُشر إلى أن المدن الأخرى ليست لها قيمة. وأكثر فائدة أن تذكروا قيمة تلك المدن وسكانها ، وهي في نظري أكثر فائدة من ذمّ أم درمان . على أية حال ألف مرحب بكم ، حللتم سهلاً ، ولو كانت هنالك ( مشاريب ) كما يقول السوريون الجُدد التي قدموا للأرض الفوضى السودان ، لكنا سقيناكم موجبات الضيافة . ولكن الملفات السماوية ليس فيها خيراً من الكلام الطيّب. *
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة