السيد / عثمان محمد السلام عليكم ورحمة الله وبركاته : إذا تجرد شخص متفحص قادر على فك الطلاسم .. ووقف على مسافة بعيدة وتعمق في الأوضاع السياسية الراهنة في السودان .. ثم إذا تعمق في أسباب تلك الوقفة المخلخلة للشعب السوداني رغم ويلات الحياة سوف يكتشف شيئاَ عجيبا للغاية ،، فإن التركيبة الحالية للنظام القائم في السودان معقدة بذلك القدر من التعقيد .. وهي وضعية تختلف كلياَ عن جميع الأوضاع السياسية في تلك البلاد التي شهدت انتفاضات الربيع العربي ،، فهذا النظام القائم في السودان منذ أول وهلة هو نظام ذو تركيبة مزدوجة ،، فهو ليس بنظام عسكري صرف وليس بنظام مدني صرف ،، وتلك إشكالية تحد كثيراَ في خلق النزاعات بين فئات عسكرية صرفة وفئات مدنية صرفة ،، ويزيد الأمور تعقيداَ إذا علمنا أن الجانب المدني في النظام القائم يتكون من حزب سياسي عريق ذو خبرة واسعة في المناورات السياسية منذ خمسينات القرن العشرين .. وأفراد ذلك الحزب المتمرس كانوا يشكلون الطاقة الأولى في تحريك الشوارع عند اللزوم في يوم من الأيام .
فإذن العلة الأساسية في عدم تحرك الشعب السوداني تكمن في تلك الطاقة العظيمة الذكية المفقودة .. حقيقة أكيدة رغم مرارتها وقسوتها إذا أبينا أو رضينا .. فالعلة تتمثل في قوة عسكرية طاغية وفي غطاء حزبي فاعل للغاية ،، ولذلك فإن أسهل الطرق التي تسقط نظام البشير هو حدوث انشقاق عميق بين الجيش السوداني الذي يمثل القوة الداعمة وبين حزب المؤتمر الوطني .. وفي تلك الحالة سوف نجد الشارع السوداني قد تحرك فجأة وبقوة لا مثيل لها ،، حيث تلك المقدرة التنظيمية لذلك الحزب ،، والتي تجيد تحريك الجماهير والشارع في أية لحظة .. وهي نفس تلك القوة الجبارة التي كانت تحرك الجماهير في جميع دول الربيع العربي .. فزنقة زنقة أراد بها القذافي تلك الجماعات الإسلامية ثم دفع الثمن غالياَ ،، وهنـا كلام عمر حسن البشير :
( الداير يجي السلام طوعا أهلا والما بيجي نحن بنجيهو هنا.. كان في غابة نمرقو كان في كركور نمرقو وكان في جبل بنَّزِلو) ! .
لو كان ذلك الكلام موجهاّ في يوم من الأيام لجماعات الإخوان المسلمين في السودان أو لحزب المؤتمر الوطني صدقني فإن ذلك البشر ما كان يجد الراحة والنوم حتى ولو كان بقوة فرعون وهامان .. ولكان الآن خارج الحكم في السودان .. أو كان في حروب دموية طاحنة لا أول لها ولا آخر كما هو الحال بالنسبة لبشار الأسد ،، وهنا تتجلى مقدرة تلك الجماعات في معظم الدول العربية والإسلامية ،، وهي حقائق وحقائق لو قبلناها أو أبيناها .
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة