|
Re: الخرطوم عاصمة مظلومة بقلم العوض المسلمي (Re: العوض المسلمي)
|
تلك حقيقة يجهلها الكثيرون ، وهي حقيقة لا تتجلى لمن يتواجد دائماَ بالعاصمة السودانية ، ولكن القادم من خارج البلاد بعد طول غيبة يلاحظ من أول نظرة أن الخرطوم ( عاصمة السودان ) هي من أقبح العواصم في العالم ، والقباحة لا تتمثل فقط في تلك الأوساخ والنفايات في كل الشوارع والطرق والأزقة ، ولا تتمثل فقط في تلك المجاري في جميع انحناء العاصمة السودانية ، تلك المجاري القذرة الكالحة القبيحة المليئة بشتى أنواع الأوساخ والمياه الراكضة المتعفنة ، والمليئة بجثث الحيوانات النافقة وفضلات البشر ، ولكن القباحة تتمثل في الصورة العامة للمدن الثلاثة التي تشكل العاصمة السودانية ، وأولى علامات تلك القباحة تتمثل في تلك الأعمدة الكثيرة القبيحة التي تحمل الأسلاك في شوارع وأزقة العاصمة السودانية ، وقد شاءت الظروف أن نتواجد في بلاد الغربة لأكثر من أربعين عاماَ ، وخلال تلك الفترة واكبنا وشاهدنا كيف يتم تطوير وتجميل وتحسين صور العواصم في العالم بواسطة الخبراء ، ومن أولى خطوات تجميل العواصم هي إزالة تلك الأعمدة الكثيرة التي تشوه صور العواصم ، والتي تحمل أنواع الأسلاك بطريقة عشوائية بدائية قبيحة للغاية ، ويتم إزالتها كلياَ ليتحول نظام تحميل الأسلاك إلى طريقة الكوابل الأرضية ، فالعالم يتخلص سريعا من تلك الأعمدة التي تحدث تلك التشويهات العشوائية القبيحة ، ويستبدلها بنظام الكوابل الأرضية ، وبعد ذلك لا تتبقى من مظاهر الأعمدة إلا تلك الأعمدة الضرورية في الشوارع العامة والفرعية ، تلك الأعمدة المعدنية الجميلة التي تحمل فوق أكتافها فقط لمبات الإضاءة الضرورية دون أية إشارات للأسلاك ، وتلك هي الحالة السائدة الآن في معظم مدن وعواصم العالم .
أما ذلك الإنسان القادم للخرطوم ( عاصمة السودان ) من الخارج لأول مرة فإنه ينزعج جداَ من تلك الأعداد الهائلة للأعمدة العشوائية الأسمنتية وغير الأسمنتية ، وتلك الأعمدة قبيحة في شكلها وقبيحة في كثرتها وتوفرها ، ثم قبيحة بتلك الأسلاك العشوائية الكثيرة التي تحملها ، تلك الأسلاك الموصولة بطريقة بلدية بدائية متخلفة للغاية !! .. والذي يشاهد الخرطوم لأول مرة يحس بأنه يعيش في مدينة في العصور الوسطى وليست في القرن الحادي والعشرين !! وتلك الصورة المقيتة الكالحة تتمثل في كل شوارع وطرق وأزقة وأحياء العاصمة السودانية بطريقة تستجلب الغثيان !! ، وهنالك حقيقة أخرى مؤلمة فإن القائمين بأمر تحسين وتجميل العاصمة السودانية هم أجهل الناس عن جماليات المدن في العالم ، مجرد هواة وضعتهم ظروف التوظيف في تلك الخانات ، وكما أشرت أنت فالأجدر أن نخرج من تلك النظرة السودانية البدائية لمفهوم تجميل المدن ، ذلك الاجتهاد المتواضع البدائي لمفهوم التجميل ونتجه للخبرة العالمية وعندها سوف نستدرك أننا في مؤخرة الشعوب حين نتعامل في قضايا تجميل المدن والعواصم !! ، أما في مجال النظافة فالأفضل الاستعانة بالعمالة الأجنبية التي تلتزم بشروط العمل والخدمة ، ونتخلص من تلك العمالة الوطنية التي أصبحت عالة على النظافة ، وهي تلك الأيدي السودانية التي تعمل حاليا في نظافة ونقل النفايات ، وتلك الأيدي الوطنية قد فشلت فشلاَ كبيراَ في السنوات الأخيرة ، وتحولت إلى مجموعة متمردة ليست لديها نزعة الاجتهاد في نظافة المدن بقدر اجتهادها في إظهار التأفف والشكوى ، وهي تلك الأيدي التي بدأت أخيراَ توسخ الشوارع أكثر من نظافتها ، وكل عامل نظافة لديه جرابه الخاص المتعلق في عربة النفايات وكل عامل يجتهد في جميع علب البلاستيك وجمع المفيد من الخردة والنفايات !! ، والأكثر من ذلك فإن تلك الأيدي إذا تمكنت تأخذ أكياس الأهالي من جوالات الخيش لمنفعتها الخاصة وترفض أن تعيدها لأصحابها !! .. وأصحاب البيوت لا توزع لهم الأكياس البلاستيكية ، وإذا اجتهدوا في شراء جوالات الخيش لاستخدامها في نقل النفايات مرات ومرات يجدون ذلك النوع من السلب من عمال النفايات أنفسهم !! ، وبالصراحة فإن التعامل مع عمال نقل النفايات حالياَ فيه الكثير من المشاكل ، فتلك الأيدي السودانية بدأت تزدري الناس في الآونة الأخيرة ، وبدأت تسبب المشاكل عند التعامل المباشر معهم ، وعلى ذلك فإن الكثير من الناس يفضلون رمي النفايات في الطرق العامة بأنفسهم حتى لا يتعرضوا لمضايقات عمال النظافة ، وأكيد أن العمالة الأجنبية سوف تلتزم بشروط العمل ، وسوف تلتزم بنظافة المدن على الوجه المطلوب .
|
|
|
|
|
|