|
Re: نِدَاء الوطن: في الذكرى 59 للاستقلال/ ~ بَلّة البكري (Re: بَلّة البكري)
|
بسم الله الرحمن الرحيم
زرعنـا السـنوات الطويلة وكان الحصاد هـو الهــواء !!
المعضلة الكبرى في هذا الوطن منذ أول يوم في الاستقلال أن خطوات الوفاق بين أهلها بدأت هشة ضعيفة التماسك .. فكان ذلك التناحر بين الفئات السياسية التي كانت تتنافس بضراوة فيما بينها .. في الوقت الذي فيه هي كانت تكافح وتناضل ضد المستعر .. فهنالك تلك النزاعات والأصوات التي كانت تنادي بالاتجاهات المتفرقة .. فالبعض كان ينادي بالسودان للسودانيين بالخارطة القائمة .. والبعض الآخر كان ينادي بشعار السودان بمعية الوحدة مع الشمال المصري .. وللبعض كانت أجندات أخرى فكرية أو عقائدية .. ولحظة الاستقلال جاءت وتلك الخلافات على أشدها .. وبالرغم من أن تلك الخلافات الجوهرية قد حسمت من داخل البرلمان يوم أن طغى شعار ( السودان للسودانيين ) ثم ذلك العلم الذي رفرف عالياَ فوق السارية السودانية إلا أن تلك الخلافات لم تنتهي أبداَ في مسار السودان الطويل .. بل مع الأسف الشديد ظلت تلك الخلافات تنحر كالسوس في جسد الوطن السوداني متخطياَ مفهوم الوطن الواحد .. ليكون الإخلاص بين أبناء السودان لتك الانتماءات الجهوية والفئوية والطائفية .. وأولى ويلات تلك الأخطاء الخلافية جرت يوم أن انتقمت الأحزاب الكبيرة من بعضها بتسليم زمام الدولة لزمرة عسكرية انتقاماَ للخصم المتنافس .. ومن تلك اللحظات بدأت في السيرة طرف جديد وهو الطرف العسكري في المسار .. فأصبح السجال فيما بعد بين الحكومات العسكرية المتسلطة وبين الحكومات الحزبية الباهتة الضعيفة الهزيلة .. ورب ضارة نافعة فإذا جاز لنا أن نقر بالقليل من الانجازات التي تمت في السنوات الطويلة بعد الاستقلال فانها تمت في ظلال العسكر ولا نجد أثراَ يذكر في ظلال تلك الأحزاب التي تسببت في تدخل العسكر .. ومع ذلك فالحكم هنا ليس للتفاضل بين هؤلاء وهؤلاء .. فلو جاز لنا أن نحكم في ذلك لقلنا ( حريقة في هؤلاء وحريقة في هؤلاء ) .. فلم يجد الشعب السوداني نعمة الأحوال في أي ظل من الظلال .. بل تراجع السودان في كل المسارات بذلك المنوال المخزي كما جاء في مقالكم .. ونال الشعب السوداني الويلات تلو الويلات في كل زوايا الأحوال . ............................... ثم نعود لسيرة الإخفاقات التي لازمت السودان بعد الاستقلال .. كان يفترض أن تنتهي تلك الخلافات الهامشية بين أبناء السودان بعد تقرير المصير مباشرة في ظل خارطة السودان الجديد .. كما كان يفترض أن تقوم مشورة قومية عامة لجميع مناطق ( السودان الجديد ) لتحديد مسار الدولة الجديدة .. بموجب دستور يحدد الهوية ويحدد الكيفية الانتمائية للأقاليم المتفرقة والكيفية الإدارية والإنمائية والاقتصادية .. ولكن بدلاَ من ذلك جرت الأمور بطريقة عفوية سودانية بحتة لا تقوم على أسس واضحة .. وتلك العفوية في المسار هي التي جلبت الإخفاقات تلو الإخفاقات .. وطوال سنوات ما بعد الاستقلال الكل يحس بالمظلمة في شأنه وشأن منطقته ثم يرمي الآخرين بالسيطرة والمنفعة .. وتلك فرية كاذبة ظالمة .. لأن الحقيقة العارية تؤكد أن جميع مناطق السودان بدون استثناء تواجه التخلف والتأخر في كل المسارات .. وأبناء السودان اليوم في حاجة شديدة إلى جلسة هادئة ومراجعة خط السير في المستقبل بمنتهى الروية والهدوء بالقدر الذي يفتح الأبواب على مصارعيه ويفتح الصدور دون غل أو مشاحنات .. وكمثال هنالك النمط الأثيوبي الذي يخير كل المناطق أن تقرر بما تريد صراحةَ .. دون ذلك التشنج ودون ذلك التعصب ودون تلك المشاحنات .. وفي النهاية فإن مصالح الأطراف سوف تلتقي عند منتصف الطريق بإذن الله .. وبذلك القدر الذي يطال الجميع .. ويجب أن يتوقف الجميع عن تلك المهاترات التي تجرح ولا تفيد أحداَ .. بل هي تضر بالقدر الذي تؤجج الأحقاد .
|
|
|
|
|
|
|
تعليقات قراء سودانيزاونلاين دوت كم على هذا الموضوع:
at FaceBook
|
|